كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( فَصْلٌ ) لَوْ ( نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ مَعًا ) كَأَنْ زَوَّجَهُ بِهِمَا أَبُو أَبَوَيْهِمَا أَوْ مُعْتِقُهُمَا أَوْ وَكِيلُ وَلِيِّهِمَا ( أَوْ خَالَعَهُمَا ) مَعًا ( عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ فَسَدَ الْعِوَضُ ) لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبِيدَ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ( لَا النِّكَاحُ وَالْبَيْنُونَةُ ) فَلَا يَفْسُدَانِ لِأَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ فِيهِمَا لَا يَقْتَضِي فَسَادَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مُعَاوَضَةً مَحْضَةً ( وَرَجَعَ ) فِيهِمَا ( إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ) لِكُلٍّ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهُمَا خَمْرًا ( وَكَذَا ) يَفْسُدُ الْعِوَضُ وَيَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ( لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَيْهِ ) مِنْ رَجُلَيْنِ ( بِعِوَضٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتَا ) أَيْ الْمُزَوَّجَتَانِ لِوَاحِدٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ ( أَمَتَيْنِ لِسَيِّدٍ ) وَاحِدٍ ( لَمْ يَفْسُدْ ) أَيْ الْعِوَضُ ( لِاتِّحَادِ الْمُسْتَحِقِّ ) فِي هَذِهِ وَتَعَدُّدِهِ فِي تِلْكَ .
( السَّبَبُ الرَّابِعُ أَنْ يَتَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ ) أَيْ الصَّدَاقِ ( رَفْعَ النِّكَاحِ أَوْ رَفْعَ الصَّدَاقِ فَالْأَوَّلُ ) مِثَالُهُ ( أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي نِكَاحِ حُرَّةٍ ) بِصَدَاقٍ ( وَالصَّدَاقُ رَقَبَتُهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ ) لِأَنَّهُ قَارَنَهُ بِمَا يُضَادُّهُ وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَتْ زَوْجَهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ فَيَرْتَفِعُ الصَّدَاقُ وَكَالْحُرَّةِ الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ ( فَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْمُعَيَّنَةُ لِنِكَاحِ عَبْدِهِ ( أَمَةً صَحَّ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ ) لِأَنَّ الْمَهْرَ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا ( فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا قَدْ تَزَوَّجَ ) بِإِذْنِهِ ( فَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ ) لِلْمَهْرِ حُكْمُهُ ( أَنَّ الْمُسْتَرَدَّ ) مِنْ الْمَهْرِ ( لِلْمُشْتَرِي كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ ) هُنَا ( لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فَإِنْ أَعْتَقَ مَالِكُ الْأَمَةِ الْعَبْدَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ) الْعَبْدُ ( قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( أَوْ ارْتَدَّتْ ) قَبْلَهُ ( فَعَلَى الْمُعْتِقِ لِلْعَتِيقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي

صُورَةِ الطَّلَاقِ وَجَمِيعُهُ ) الْأَوْلَى وَجَمِيعُهَا ( فِي ) صُورَةِ ( الرِّدَّةِ ) وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِقِيمَةِ نِصْفِهِ لَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ دُونَهُ .
( وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ ) فِيمَا ذَكَرَهُ ( بَلْ بَاعَهُ كَانَ عَلَيْهِ ذَلِكَ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ النِّصْفِ وَالْجَمِيعِ ( لِلْمُشْتَرِي ) لِأَنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ أَبَدًا لِمَنْ لَهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الطَّلَاقِ أَوْ الِانْفِسَاخِ ( وَلَوْ بَاعَ الْأَمَةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ) الْعَبْدُ ( أَوْ فَسَخَتْ ) نِكَاحَهَا بِعَيْبٍ قَبْلَ الدُّخُولِ ( بَقِيَ الْعَبْدُ لَهُ ) أَيْ لِبَائِعِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ( وَمِثَالُ الْقِسْمِ الثَّانِي ) وَهُوَ أَنْ يَتَضَمَّنَ إثْبَاتُ الصَّدَاقِ رَفْعَهُ ( أَنْ يَكُونَ لَهُ ) أَيْ لِرَجُلٍ ( وَلَدٌ حُرٌّ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُ بَيْعَهَا ) كَأَنْ وَلَدَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ دُونَهَا ( فَيُزَوِّجُهُ بِامْرَأَةٍ وَيُصْدِقُهَا أُمَّهُ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَفْسُدُ وَيَجِبُ ) لِلْمَرْأَةِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) وَذَلِكَ ( لِأَنَّا إنْ ) أَيْ لَوْ صَحَّحْنَاهُ ( دَخَلَتْ ) الْأَمَةُ ( أَوَّلًا فِي مِلْكِ الِابْنِ وَعَتَقَتْ ) عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ انْتِقَالُهَا إلَى الْمَرْأَةِ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدَ أَبَوَيْهَا صَدَاقًا لَهَا ( وَمَتَى تَبَرَّعَ ) الْوَالِدُ ( عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِالصَّدَاقِ أَوْ اشْتَرَى لَهُ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ وَسَلَّمَهُ عَنْهُ ثُمَّ طَلَّقَ ) قَبْلَ الدُّخُولِ ( أَوْ رَدَّ ) الْمَبِيعَ ( بِعَيْبٍ عَادَ النِّصْفُ ) أَيْ نِصْفُ الصَّدَاقِ فِي الْأُولَى ( أَوْ الثَّمَنُ ) فِي الثَّانِيَةِ ( إلَى الِابْنِ وَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ فِيهِ فَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ ) عَنْ الزَّوْجِ ( أَوْ ) وَالِدٌ ( عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ عَادَ إلَيْهِمَا ) لَا إلَى الْمُتَبَرِّعِ عَنْهُ .
وَتَقَدَّمَ أَوَاخِرَ بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَغَيْرِهِ ( السَّبَبُ الْخَامِسُ الْوَلِيُّ ) أَيْ تَفْرِيطُهُ ( فَإِنْ زَوَّجَ الْمُجْبَرَةَ بِالْإِجْبَارِ ) بِأَنْ زَوَّجَ بِنْتَه الْمَجْنُونَةَ أَوْ

الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْكَبِيرَةَ بِغَيْرِ إذْنِهَا ( بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ) بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ ( أَوْ قَبْلَ ) النِّكَاحِ ( لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ لَا مِنْ مَالِ الْأَبِ بِأَكْثَرَ ) مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ ( بَطَلَ الْمُسَمَّى ) لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِيهِ ( وَصَحَّ النِّكَاحُ ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْمَهْرِ وَلَوْ قَبْلَهُ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ صَحَّ الْمُسَمَّى عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا لِأَنَّ الْمَجْعُولَ صَدَاقًا يَكُنْ مِلْكًا لِلِابْنِ حَتَّى يَفُوتَ عَلَيْهِ وَالتَّبَرُّعُ بِهِ إنَّمَا حَصَلَ فِي ضِمْنِ تَبَرُّعِ الْأَبِ فَلَوْ أَلْغَى فَاتَ عَلَى الِابْنِ وَلَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَالِهِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي وَالسَّرَخْسِيُّ فَسَادَهُ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ ثُمَّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ وَأَيَّدَهُ الْأَصْلُ بِمَنْعِهِ إعْتَاقَهُ عَنْهُ عَبْدَ نَفْسِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ .
وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَ طِفْلِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا وَذَكَرَهُ الْقَاضِي هُنَاكَ وَالْبَنْدَنِيجِيّ فِي الْأَيْمَانِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي عَبْدِ طِفْلِهِ فَفِي عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْلَى وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ

قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتَا أَمَتَيْنِ لِسَيِّدٍ لَمْ يَفْسُدْ إلَخْ ) أَوْ زَوَّجَ بِنْتَه وَأَمَتَهَا بِإِذْنِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ عَبْدٍ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ ( قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي نِكَاحِ حُرَّةٍ وَالصَّدَاقُ رَقَبَتُهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّحْقِيقُ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَالصَّدَاقِ ثُمَّ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ جَزْمًا وَكَمَا فِي إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَائِدَتُهُ فِي التَّعْلِيقَاتِ وَنَحْوِهَا ا هـ التَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِمَا لِاقْتِرَانِ الْعَقْدِ بِمَا يُنَافِيهِ وَلِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُقْتَضَى وَالْمَانِعُ قُدِّمَ الْمَانِعُ وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِالْبَيْعِ وَالرَّجْعَةِ مَا يُنَافِيهِمَا لِأَنَّ إعْتَاقَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ نَافِذٌ وَطَلَاقُ الرَّجْعِيَّةِ وَاقِعٌ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ دُونَهُ ) لَيْسَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ أَحَدُ أَبَوَيْهَا صَدَاقًا لَهَا ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهَا عَلَقَةٌ فِي الْمَهْرِ بِالْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْهُ نَظَرْنَا إلَى جِهَتِهَا وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الِاخْتِلَافِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَصْدَقْتُك أَبَاك فَقَالَتْ بَلْ أُمِّي أَوْ عَكْسُهُ .
( قَوْلُهُ وَمَتَى تَبَرَّعَ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ ) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ ( قَوْلُهُ عَادَ النِّصْفُ أَوْ الثَّمَنُ إلَى الِابْنِ ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا إذَا أَصْدَقَ الْأَبُ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ قَدْرًا فِي ذِمَّةِ الْأَبِ ثُمَّ بَلَغَ الِابْنُ وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ نَقْدِ الصَّدَاقِ مَا حُكْمُهُ فَأَجَابَ تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ عَلَى الْأَبِ النِّصْفَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْفِقْهُ أَنَّ الِابْنَ يَسْتَحِقُّ عَلَى أَبِيهِ النِّصْفَ الْبَاقِي وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى الْقَدِيمِ إذَا قُلْنَا أَنَّ الْأَبَ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا لَا ضَامِنًا وَهَذَا مِنْ الدَّقَائِقِ اللَّطِيفَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ

لَوْ فَسَخَتْ بِعَيْبِهِ لَمْ يَسْقُطْ الصَّدَاقُ عَنْ الْأَبِ بَلْ يَكُونُ جَمِيعُهُ مُسْتَحَقًّا لِلِابْنِ ا هـ وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ بِأَنَّ الْكُلَّ لِلْوَلَدِ لَكِنَّ فِي كَلَامِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الدَّفْعِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِمَا تَقَرَّرَ ( قَوْلُهُ بِأَنْ زَوَّجَ الْمُجْبَرَةَ بِالْإِجْبَارِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ) لَوْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِأَكْثَرَ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ إذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً تَزِيدُ عَلَى مَصْلَحَةِ الزِّيَادَةِ الْمَبْذُولَةِ .
وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ الْمَجْنُون ) أَيْ أَوْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ( قَوْلُهُ وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ ( قَوْلُهُ وَبِهَذَا قَطَعَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ ) وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَالتَّرْغِيبِ وَقَالَ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الِابْنِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَقَالَ ابْنِ أَبِي الدَّمِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ فَإِنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِلطِّفْلِ بِقَرِيبِهِ الَّذِي يُعْتِقُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الْقَبُولُ فَإِذَا قِيلَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا نَظَرَ لِتَوَقُّعِ النَّفَقَةِ فِي ثَانِي الْحَالِ قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِي هَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ) لَوْ صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( عَقَدُوا سِرًّا بِأَلْفٍ و ) أَعَادُوهُ ( جَهْرًا بِأَلْفَيْنِ ) تَجَمُّلًا ( لَزِمَ الْأَلْفُ ) أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى أَلْفٍ سِرًّا ثُمَّ عَقَدُوا بِأَلْفَيْنِ جَهْرًا لَزِمَ الْأَلْفَانِ اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حُمِلَ نَصُّ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ وَفِي آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ ( أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى تَسْمِيَةِ الْأَلْفِ بِأَلْفَيْنِ ) بِأَنْ عَبَّرُوا بِهِمَا عَنْهَا ( وَعَقَدُوا بِهِمَا لَزِمَا ) لِجَرَيَانِ اللَّفْظِ الصَّرِيحِ بِهِمَا ( أَوْ عَقَدُوا بِهِمَا عَلَى أَنْ لَا يَلْزَمَ إلَّا أَلْفٌ صَحَّ ) النِّكَاحُ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِمَا مَرَّ ( السَّبَبُ السَّادِسُ الْمُخَالَفَةُ ) لِلْأَمْرِ ( فَمَتَى قَدَّرْنَ ) أَيْ لِلْمَرْأَةِ ( أَلْفًا ) مَثَلًا ( فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ أَوْ وَكِيلُهُ بِدُونِهِ أَوْ بِلَا مَهْرٍ ) أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ أَطْلَقَ ( أَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ ) بِأَنْ لَمْ تُقَدِّرْ مَهْرًا ( فَزَوَّجَهَا ) مَنْ ذُكِرَ ( بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِلَا مَهْرٍ ) أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ ( أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّدَاقِ .
نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَمَّى دُونَ تَسْمِيَتِهَا لَكِنَّهُ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُضَيِّعَ الزَّائِدَ عَلَيْهَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَوْ طَرَدَ فِي الرَّشِيدَةِ لَمْ يَبْعُدْ ( وَإِنْ قَالَتْ ) لِلْوَلِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ ( زَوِّجْنِيهِ ) أَيْ الْخَاطِبَ ( بِمَا شَاءَ فَفَعَلَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ جَهِلَ ) لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا مَا شَاءَهُ الْخَاطِبُ ( وَإِلَّا فا ) لْوَاجِبُ ( الْمُسَمَّى ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَتْ بِمَا شِئْت أَوْ بِمَا شِئْت أَنَا ( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) الْوَلِيُّ ( لِلْوَكِيلِ زَوِّجْهَا مَنْ شَاءَتْ بِمَا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِكَمْ ( شَاءَتْ فَرَضِيَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَمَهْرٍ ) فَزَوَّجَهَا بِهِ ( صَحَّ ) النِّكَاحُ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ أَنَا وَكِيلُ ) فُلَانٍ ( الْغَائِبِ )

مَثَلًا فِي قَبُولِ نِكَاحِ فُلَانَةَ بِكَذَا ( فَصَدَّقَهُ الْوَلِيُّ وَالْمَرْأَةُ فَتَزَوَّجَ لَهُ وَضَمِنَ الصَّدَاقَ فَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ ) الْوَكَالَةَ ( وَحَلَفَ لَزِمَ الْوَكِيلَ نِصْفُ مَا ضَمِنَ ) لِأَنَّ الْمَالَ ثَابِتٌ عَلَيْهِمَا بِزَعْمِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ وَأَنَا ضَامِنُهُ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو يَجُوزُ لِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ .
( وَإِنْ قَالَ ) الْوَلِيُّ ( لِوَكِيلِهِ ) أَيْ لِمَنْ يُرِيدُ تَوْكِيلَهُ وَكَّلْتُك فِي تَزْوِيجِ بِنْتِي فُلَانًا لَكِنْ ( لَا تُزَوِّجْهُ إنْ لَمْ يُكْفَلْ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ( لَمْ تَصِحَّ الْوَكَالَةُ لِاشْتِرَاطِهِ الْكَفَالَةَ قَبْلَ الْعَقْدِ ) وَحَذَفَ مِنْ الْأَصْلِ هُنَا شَيْئًا لِذِكْرِهِ لَهُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ ( وَإِنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْهَا بِأَلْفٍ وَجَارِيَةٍ وَلَمْ يَصِفْهَا ) بَلْ أَوْ وَصَفَهَا ( فَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ فَقَطْ أَوْ قَالَ ) لَهُ ( زَوِّجْهَا بِمَجْهُولٍ أَوْ خَمْرٍ فَزَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ ) أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ ( صَحَّ ) النِّكَاحُ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) وَقَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَصِحَّ أَيْ النِّكَاحُ تَبِعَ فِيهِ كَالرَّافِعِيِّ طَرِيقَةَ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَوَكَّلَ الْأَمْرَ فِيهِ إلَى مَا قَرَّرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّ طَرِيقَةَ الْعِرَاقِيِّينَ أَصَحُّ فَعَدَلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا قَالَهُ لِيُوَافِقَ مُرَادَهُ

( قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَمَّى دُونَ تَسْمِيَتِهَا إلَخْ ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ عِبَارَتَهَا فِي الْمَالِ لَغْوٌ فَكَانَ الْوَلِيُّ مُبْتَدِئًا بِمَا سَمَّاهُ فَيَجِبُ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُسْلِمٌ لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ أَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَرَتَّبَهُ عَلَى تَسْمِيَةٍ لَمْ تُعْتَبَرْ فَلَغَا مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهَا ( فَرْعٌ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مِنْ فُلَانٍ إنْ رَدَّ عَلَيَّ ثِيَابِي فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ إنْ رَدَّ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا لَمْ يَصِحَّ التَّزْوِيجُ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ فُلَانٍ إنْ كَانَ يَتَزَوَّجُنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ كَلَامُهُ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَنَقَصَ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُنَا مُعَلَّقٌ عَلَى مَا ذَكَرْته فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ فَقَدْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ إذْ كَأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي بِشَرْطِ كَذَا وَإِلَّا فَلَمْ آذَنْك فِي تَزْوِيجِي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الرَّافِعِيِّ فَالْإِذْنُ مِنْهَا غَيْرُ مُعَلَّقٍ غَيْرَ أَنَّهَا أَمَرَتْهُ بِشَيْءٍ وَخَالَفَهُ فَرَجَعَتْ إلَى الْمَرَدِّ .
( تَنْبِيهٌ ) جَرَتْ عَادَةُ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجُوا الصَّغَائِرَ بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ مِنْ تَحْصِيلِ كُفْءٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَالِ الصَّغِيرِ بِالْمُؤَجَّلِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُهَا حَتَّى يَأْخُذَ عَلَى الصَّدَاقِ رَهْنًا أَوْ ضَامِنًا لِئَلَّا تَفُوتَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ بِلَا مُقَابِلٍ فِي الْحَالِ وَهَذَا كَمَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يَصُوغَ لَهَا الْحُلِيَّ مِنْ مَالِهَا وَيَتَّخِذَ لَهَا الْمُصْبِغَاتِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَالِيَّةُ تَنْقُصُ لِأَنَّ

ذَلِكَ مِمَّا يُرَغِّبُ الْأَزْوَاجَ فِيهَا ت وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّفْوِيضِ ) وَهُوَ جَعْلُ الْأَمْرِ إلَى غَيْرِهِ وَيُقَالُ الْإِهْمَالُ وَمِنْهُ لَا يُصْلِحُ النَّاسَ فَوْضَى وَسُمِّيَتْ الْمَرْأَةُ مُفَوِّضَةً بِكَسْرِ الْوَاوِ لِتَفْوِيضِهَا أَمْرَهَا إلَى الزَّوْجِ أَوْ إلَى الْوَلِيِّ بِلَا مَهْرٍ أَوْ لِأَنَّهَا أَهْمَلَتْ الْمَهْرَ وَمُفَوَّضَةً بِفَتْحِهَا لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَوَّضَ أَمْرَهَا إلَى الزَّوْجِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ ( وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي صُورَتِهِ ) وَهُوَ ضَرْبَانِ تَفْوِيضُ مَهْرٍ بِأَنْ تَقُولَ زَوِّجْنِيهِ بِمَا شَاءَ أَوْ بِمَا شِئْت أَوْ بِمَا شِئْت أَنَا وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ وَتَفْوِيضُ بُضْعٍ ( وَهُوَ أَنْ تَأْذَنَ الرَّشِيدَةُ فِي تَزْوِيجِهَا بِلَا مَهْرٍ فَيُزَوِّجُهَا نَافِيًا لِلْمَهْرِ أَوْ سَاكِتًا عَنْهُ ) بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ تَبَرُّعٌ ( وَيُسْتَفَادُ بِتَفْوِيضِ سَفِيهَةٍ إذْنُهَا ) فِي النِّكَاحِ ( وَلَيْسَ سُكُوتُ الْآذِنَةِ عَنْ الْمَهْرِ تَفْوِيضًا ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يُعْقَدُ غَالِبًا بِمَهْرٍ فَيُحْمَلُ الْإِذْنُ عَلَى الْعَادَةِ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ زَوِّجْنِي بِمَهْرٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ .
( وَقَالَ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَادَّعَى ( فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ ) وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ نَصًّا قَاطِعًا وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى وَالنَّصُّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ قَاطِعًا بَلْ يَحْتَمِلُ جِدًّا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ ( وَسُكُوتُ السَّيِّدِ ) عَنْ مَهْرِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ ( عِنْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضٌ ) لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ فِي الْعَقْدِ يُشْعِرُ بِرِضَاهُ بِدُونِهِ بِخِلَافِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَلِيِّ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَالشَّرْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ لَهَا بِالْمَصْلَحَةِ ( وَلَوْ زَوَّجَهَا ) الْوَلِيُّ ( بِإِذْنِهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ ) لَهَا ( وَإِنْ وَطِئَ صَحَّ ) النِّكَاحُ كَمَا لَوْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَهَلْ تَبْقَى مُفَوِّضَةً ) وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا بِإِلْغَاءِ النَّفْيِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ( أَوْ ) لَا ؟ فَ (

تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ ) بِالْعَقْدِ وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ فَاسِدًا ( وَجْهَانِ ) وَبِالثَّانِي قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ كَمَا فِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ إيرَادِ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ الْمَذْهَبُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ وَلَا نَفَقَةَ ) لَهَا ( أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ ) لَهَا ( وَتُعْطِيَهُ ) أَيْ وَتُعْطِيَ زَوْجَهَا ( أَلْفًا ) وَقَدْ أَذِنَتْ بِذَلِكَ ( فَمُفَوِّضَةٌ ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي التَّفْوِيضِ ( وَإِنْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقَدْ أَذِنَتْ أَنْ تُزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ ( صَحَّ الْمُسَمَّى أَوْ ) زَوَّجَهَا ( بِدُونِهِ فَمُفَوِّضَةٌ ) فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِالْعَقْدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ عَجِيبٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى تَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّفْوِيضِ ) ( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ تَأْذَنَ الرَّشِيدَةُ ) يَعْنِي الْمَالِكَةَ لِأَمْرِهَا وَلَوْ سَفِهَتْ بَعْدَ رُشْدِهَا ( قَوْلُهُ نَافِيًا لِلْمَهْرِ أَوْ سَاكِتًا عَنْهُ ) أَيْ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ ( قَوْلُهُ وَسُكُوتُ السَّيِّدِ عَنْ مَهْرِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ ) وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إذَا قُلْنَا بِأَنَّ مَهْرَهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَأَمَةِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ وَأَمَةِ الْقِرَاضِ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَالُ قِرَاضٍ وَقَوْلُهُ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ مَهْرَهَا لِلْمُوصَى لَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَلِيِّ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ إلَخْ ) وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَذْكُرُ الْمَهْرَ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ تَفْوِيضًا وَلَا كَذَلِكَ السَّيِّدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَخْلُفُهُ فَعُدَّ تَفْوِيضًا ا هـ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ فِي التَّزْوِيجِ وَأَطْلَقَتْ إذْنَهَا وَلَمْ تَذْكُرْ الْمَهْرَ نَافِيَةً وَلَا مُثْبِتَةً فَإِذْنُهَا الْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ وِفَاقًا وَهُوَ بِمَثَابَةِ إذْنِ مَالِكِ الْمَتَاعِ فِي بَيْعِ مَتَاعِهِ ا هـ وَسَكَتَ عَلَيْهِ ( تَنْبِيهٌ ) مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ تَفْوِيضَ الْمُكَاتَبَةِ بِرِضَا السَّيِّدِ صَحِيحٌ كَتَبَرُّعِهَا بِإِذْنِهِ وَأَنَّ تَفْوِيضَ الْمَرِيضَةِ يَصِحُّ إنْ صَحَّتْ وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ تَبَرُّعًا فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ شَيْخُنَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّفْوِيضَ فِي مَرَضِهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ لَا يُقَالُ يَجِبُ لَهَا بِالْمَوْتِ الْمَهْرُ فَلَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَشَبَهِهَا .
( قَوْلُهُ وَهَلْ تَبْقَى مُفَوِّضَةً ) وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي

الْأَنْوَارِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا فَهُوَ الْأَصَحُّ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَجَّهَهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ إنَّمَا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ حَيْثُ ذَكَرَ مُسَمًّى دُونَ مَا إذَا فَوَّضَ بِزِيَادَةِ النَّفْيِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ كَانَ أَبْلَغَ فِي التَّفْوِيضِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ النَّفَقَةِ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمُسَمَّى لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَكَمَا لَا يَقْتَضِي هَذَا الْفَسَادَ عِنْدَ التَّفْوِيضِ فَكَذَا اشْتِرَاطُ نَفْيِ الْمَهْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَهَا بِدُونِهِ ) أَيْ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْبَغَوِيّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ إلَخْ ) الْعَجِيبُ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ الْفَاسِدَةَ كَلَا تَسْمِيَةٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ وَالتَّسْمِيَةُ الْفَاسِدَةُ إنَّمَا تَقْتَضِي وُجُوبَ مَهْرِ مِثْلٍ بِالْعَقْدِ فِي غَيْرِ التَّفْوِيضِ .

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ ) أَيْ التَّفْوِيضِ ( فَلِلْمُفَوِّضَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ ) لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ مُفَوِّضَةً ثُمَّ أَسْلَمَا وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ بِحَالٍ ثُمَّ وَطِئَ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ ( لَا بِالْعَقْدِ ) إذْ لَوْ وَجَبَ بِهِ لِتَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا الْمُتْعَةُ ( أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ وَلِأَنَّ { يَرْوُعَ بِنْتَ وَاشِقٍ نَكَحَتْ بِلَا مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ ( أَكْثَرُ مَا كَانَ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ وَكَذَا فِي ) صُورَةِ ( الْمَوْتِ فِي وَجْهٍ و ) مَهْرِهَا ( يَوْمَ الْمَوْتِ فِي وَجْهٍ وَيَوْمَ الْوَطْءِ فِي وَجْهٍ ) وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ أَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْإِتْلَافُ فَوَجَبَ الْأَكْثَرُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ وَيَنْبَغِي فِيهَا اعْتِبَارُ يَوْمِ الْعَقْدِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهَا هُنَا لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارَ يَوْمِ الْعَقْدِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ عَنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِينَ ( وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ ) لِلزَّوْجِ ( بِالْفَرْضِ ) لِمَهْرٍ ( قَبْلَ الْمَسِيسِ وَحَبْسِ نَفْسِهَا لَهُ ) أَيْ لِلْفَرْضِ

لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا ( وَكَذَا ) لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا ( لِلتَّسْلِيمِ ) أَيْ تَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ ( وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ فَلَا مَهْرَ لَهَا ) أَيْ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ .
( فَرْعٌ الْمَفْرُوضُ مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا ) وَزَائِدٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَاهِلَيْنِ بِقَدْرِهِ كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً وَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيَشْتَرِطَ الْعِلْمَ بِهِ بَلْ الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا ( فَإِنْ امْتَنَعَ ) الزَّوْجُ مِنْ الْفَرْضِ لَهَا ( أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا ) عَلَى قَدْرٍ ( فَرَضَ الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا ) كَمَا فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ ( لَا مُؤَجَّلًا ) وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ ( وَإِنْ رَضِيَتْ ) بِذَلِكَ لِأَنَّ مَنْصِبَهُ الْإِلْزَامُ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ( وَلَهَا ) إذَا فَرَضَهُ حَالًّا ( تَأْخِيرُهُ ) أَيْ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا ( وَلَا اعْتِبَارَ بِتَفَاوُتٍ يَسِيرٍ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ ) فِي قَدْرِ الْمَهْرِ ( وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْقَاضِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) حَتَّى لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصَ عَنْهُ إلَّا بِالتَّفَاوُتِ الْيَسِيرِ ( لَا رِضَاهُمَا ) بِمَا فَرَضَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ فَرْضَهُ حُكْمٌ مِنْهُ وَحُكْمُهُ لَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَا الْخَصْمَيْنِ .
( وَلَوْ فَرَضَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ

( قَوْلُهُ فَلِلْمُفَوِّضَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ لَا بِالْعَقْدِ ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ الْعَقْدُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ الْمَهْرُ أَوْ مَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ وَذَلِكَ الْوَاجِبُ يَتَعَيَّنُ إمَّا بِتَرَاضِيهِمَا وَإِمَّا بِالْوَطْءِ وَإِمَّا بِالْمَوْتِ فَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ شَرْطٌ وَالْعَقْدُ سَبَبٌ وَالْوَاجِبُ مُبْهَمٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ ( قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجُهَ إلَخْ ) الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِهِ إذْ الْبُضْعُ قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْمُقَرَّرُ وَهُوَ الْمَوْتُ كَالْوَطْءِ وَمَتَى اخْتَلَفَ النَّقْدُ اُعْتُبِرَ فِيهِ حَالَةُ الْوُجُوبِ ( قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ مُؤَجَّلًا ) لَيْسَ لَنَا دَيْنٌ يَتَأَجَّلُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ إلَّا هَذَا لِاسْتِنَادِهِ إلَى عَقْدٍ ( قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا إلَخْ ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا فَرَضَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ قَدَّرَهُ عَرْضًا فَإِنْ فَرَضَ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا أَثَرَ لِرِضَاهَا قَالَ ابْنُ دَاوُد عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ فَرَضَ لَهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا امْتِنَاعَ لَهَا لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهَا أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَيَفْرِضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ .
قُلْت وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ كَانَ الْمَفْرُوضُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبَ وَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ رِضَاهَا بِهِ قَالَ ابْنُ دَاوُد وَلَا يَزِيدُ الْقَاضِي عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ إلَّا بِرِضَاهَا فَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ شَيْئًا قَلِيلًا نَفَذَ حُكْمُهُ وَأَرَادَ الْمُقَلِّدُ الَّذِي يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ إذَا وَجَدَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فَرَضَ الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ إلَخْ ) هَلْ يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ وَقْتَ الْفَرْضِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَنُسِبَ الْأَوَّلُ لِابْنِ سُرَيْجٍ وَالثَّانِي لِابْنِ خَيْرَانَ

وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِصِفَتِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا وَقْتَ الْوَطْءِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ يَسْتَنِدُ إلَى حَالَةِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي لِابْنِ خَيْرَانَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ تَرْجِيحُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ إتْلَافٌ حِسِّيٌّ وَالْمَوْتَ إتْلَافٌ شَرْعِيٌّ وَفَرْضُ الْحَاكِمِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا ( قَوْلُهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا إلَخْ ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ فِي نَاحِيَةٍ بِفَرْضِ الثِّيَابِ أَوْ غَيْرِهَا قُضِيَ لَهَا بِهِ ا هـ فَلَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ يَتَعَامَلُونَ بِهِ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيَنْظُرَ فِي أُمُورٍ مِنْهَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ بِبَلَدٍ وَكَانَا حَالَ طَلَبِ الْفَرْضِ بِغَيْرِهِ وَنَقْدُ الْبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفٌ أَوْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ عِنْدَ الْعَقْدِ نَوْعًا وَعِنْدَ الْفَرْضِ نَوْعًا غَيْرَهُ أَوْ جِنْسًا آخَرَ وَمِنْهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ بَلْ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ فَمَا الَّذِي يَفْرِضُهُ الْقَاضِي أَهُوَ مَا يُسَمَّى مِنْهَا لِنِسَائِهَا أَوْ مَا يَرَاهُ مِنْهَا أَوْ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا لِيَتَّفِقَا عَلَى نَقْدٍ مِنْهَا فَيَفْرِضُ مِنْهُ فَإِنْ تَنَازَعَا قَدَّرَ بِاجْتِهَادِهِ مَا يَرَاهُ مِنْهَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا ( قَوْلُهُ وَلَوْ فَرَضَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ ) يَنْبَغِي إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ سَيِّدَ الزَّوْجِ أَنْ يَصِحَّ الْفَرْضُ مِنْ مَالِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فَرْعًا لَهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُ الْوَلِيُّ يَفْرِضُ عَنْ مَحْجُورِ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ يَبْطُلُ إبْرَاؤُهَا ) عَنْ الْمَهْرِ ( وَإِسْقَاطُ الْفَرْضِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَلِوَطْءٍ ) فِيهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَأَمَّا الثَّانِي فَكَإِسْقَاطِ زَوْجَةِ الْمُوَلَّى حَقَّهَا مِنْ مُطَالَبَةِ زَوْجِهَا ( وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمُتْعَةِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ ) لِأَنَّهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَبَعْدَهُ إبْرَاءٌ عَنْ مَجْهُولٍ ( وَإِذَا فَسَدَ الْمُسَمَّى ) كَأَنْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا ( فَأَبْرَأَتْ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهِيَ تَعْرِفُهُ صَحَّ ) الْإِبْرَاءُ وَإِنْ جَهِلَتْهُ لَمْ يَصِحَّ ( وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَتَبَقَّتْ أَلْفًا ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ أَلْفٍ ( فَأَبْرَأَتْهُ ) أَيْ زَوْجَهَا ( مِنْ أَلْفَيْنِ نَفَذَ ) إبْرَاؤُهَا وَقَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَبَضَتْ أَلْفًا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ أَلْفٍ إلَى أَلْفَيْنِ فَإِنْ بَانَ مَهْرُهَا أَلْفًا أَوْ فَوْقَهُ إلَى أَلْفَيْنِ فَالْبَرَاءَةُ حَاصِلَةٌ وَإِنْ بَانَ فَوْقَ الْأَلْفَيْنِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ وَحَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ أَلْفَيْنِ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الضَّمَانِ فَلِهَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ .
( وَإِنْ أَعْطَاهَا ) أَيْ دَفَعَ لَهَا زَوْجُهَا ( أَلْفَيْنِ وَمَلَّكَهَا مَا فَوْقَ الْأَلْفِ إلَى أَلْفَيْنِ مَلَكَتْهُ ) أَيْ مَلَكَتْ ذَلِكَ إنْ بَانَ مَهْرُهَا أَلْفًا أَوْ فَوْقَ أَلْفٍ إلَى أَلْفَيْنِ ( فَإِنْ بَانَ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ رَدَّتْ ) إلَيْهِ ( تَكْمِلَةَ الْأَلْفِ ) أَيْ قَدْرَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ مَهْرِهَا وَالْأَلْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّمْلِيكِ وَمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ مِنْ صِحَّةِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَلْفَيْنِ جَارٍ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ عَشَرَةٍ فِيمَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْته مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ وَأَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ تِسْعَةٍ فَيَنْبَغِي إسْقَاطُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَلْفَيْنِ ( فَرْعٌ لَوْ أَبْرَأَهُ ) مِنْ دَيْنٍ ( ظَانًّا أَنْ لَا دَيْنَ لَهُ ) عَلَيْهِ ( صَحَّ ) الْإِبْرَاءُ كَمَا لَوْ بَاعَ

مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا ( وَيَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ ) بِمَعْنَى الْبَرَاءَةِ ( مِنْهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( بِلَفْظِ التَّحْلِيلِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ وَالْعَفْوِ ) وَالتَّمْلِيكِ ( وَ ) يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ ( مِنْهُ بِمَا يُمَلِّكُ الْأَعْيَانَ ) أَيْ بِلَفْظٍ صَالِحٍ لِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ ( فَإِنْ تَلِفَتْ ) أَيْ الْعَيْنُ الْمَدْفُوعَةُ إلَى الزَّوْجَةِ وَصَارَ الْحَاصِلُ دَيْنًا ( فَبِالْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ ) يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ .
( قَوْلُهُ وَمَلَّكَهَا مَا فَوْقَ الْأَلْفِ إلَى أَلْفَيْنِ مَلَكَتْهُ ) أَيْ مَا فَوْقَ أَلْفٍ إلَى أَلْفَيْنِ فَتَمْلِكُهُ مَا عَدَا وَاحِدًا إذْ الْغَايَة لَا تَدْخُلُ .
( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ إلَخْ ) أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ ظَانًّا أَنَّهُ لِغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَالْعَفْوُ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ ) وَلَا يَجُوزُ التَّمْلِيكُ بِلَفْظِ الْعَفْوِ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ

( فَصْلٌ الْمَفْرُوضُ الصَّحِيحُ يَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ) كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً ( لَا ) الْمَفْرُوضُ ( الْفَاسِدُ ) كَخَمْرٍ فَلَا يَتَشَطَّرُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِهِ بَعْدَ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ الْمَفْرُوضِ بِالْكُلِّيَّةِ ( بِخِلَافِ فَاسِدِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ ) لِعَدَمِ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ الْعِوَضِ ( فَرْعٌ يُحْكَمُ فِي ذِمِّيَّةٍ فَوَّضَتْ ) بُضْعَهَا فِي نِكَاحِهَا ذِمِّيًّا ( بِحُكْمِنَا ) فِينَا ( عِنْدَ التَّرَافُعِ ) إلَيْنَا وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِيَحْكُمُ
( قَوْلُهُ نَحْكُمُ فِي ذِمِّيَّةٍ فَوَّضَتْ بِحُكْمِنَا عِنْدَ التَّرَافُعِ إلَيْنَا ) لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ وَالشَّارِحُ أَوَّلَ الطَّرَفَ الثَّانِيَ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْحَرْبِيِّينَ وَلَا تَرَافُعَ مِنْهُمْ إلَيْنَا وَقَدْ حَصَلَ الْإِتْلَافُ وَهُوَ حَرْبِيٌّ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الذِّمِّيَّيْنِ إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا فَنَحْكُمُ عَلَيْهِمَا بِحُكْمِنَا لَا مَحَالَةَ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الْحَرْبِيِّينَ وَعَلَى وُجُوبِهِ فِي الذِّمِّيِّينَ .

( فَصْلٌ حَيْثُ أَوْجَبْنَا مَهْرَ الْمِثْلِ فَهُوَ مَا يَرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا ) عَادَةً ( مِنْ ) نِسَاءِ ( عَصَبَاتِهَا ) وَهُنَّ الْمَنْسُوبَاتُ إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ كَالْأُخْتِ وَبِنْتِ الْأَخِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ ( وَإِنْ مُتْنَ فَتُرَاعَى ) الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى فَتُقَدَّمُ ( الْأَخَوَاتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ مِنْ الْأَبِ ) ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذَلِكَ ( عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ ) فِي الْأَقْرَبِيَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ فُقِدْنَ ) أَيْ نِسَاءُ عَصَبَاتِهَا ( أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ ) أَوْ جُهِلَ مَهْرُهُنَّ ( فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ ) تُقَدَّمُ ( الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى مِنْ الْجِهَاتِ وَكَذَا مِنْ الْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ كَجَدَّاتٍ ) وَخَالَاتٍ .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُقَدَّمُ مِنْ نِسَاءِ الْأَرْحَامِ الْأُمُّ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْجَدَّاتُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخْوَالِ وَعَلَى هَذَا قَالَ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ فَأَوْجُهٌ ثَالِثُهَا التَّسْوِيَةُ ( ثُمَّ ) إنْ تَعَذَّرَتْ نِسَاءُ الْأَرْحَامِ اُعْتُبِرَتْ ( الْأَجَانِبُ ) أَيْ الْأَجْنَبِيَّاتُ ( وَتُرَاعَى الْمُمَاثَلَةُ ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُنَّ ( فِي النَّسَبِ ) لِأَنَّهُ الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ لِلْمَهْرِ ( وَفِي الْأَمَةِ ) أَمَةٌ ( مِثْلُهَا فِي خِسَّةِ السَّيِّدِ وَشَرَفِهِ ) وَفِي الْعَتِيقَةِ عَتِيقَةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْعَرَبِيَّةِ عَرَبِيَّةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْبَدْوِيَّةِ بَدْوِيَّةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْقَرَوِيَّةِ قَرَوِيَّةٌ مِثْلُهَا ( وَتُعْتَبَرُ الْبَلَدُ ) لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فَلَوْ كُنَّ بِبَلْدَتَيْنِ وَهِيَ بِأَحَدِهِمَا اُعْتُبِرَ بِمَنْ بِبَلْدَتِهَا ( لَكِنْ نِسَاؤُهَا ) أَيْ نِسَاءُ عَصَبَاتِهَا ( وَإِنْ غِبْنَ ) عَنْ بَلَدِهَا ( يُقَدَّمْنَ عَلَى نِسَاءِ بَلَدِهَا ) الْأَجْنَبِيَّاتِ ( نَعَمْ مَنْ سَاكَنَهَا مِنْهُنَّ فِي الْبَلَدِ ) أَيْ بَلَدِهَا قَبْلَ انْتِقَالِهَا إلَى الْأُخْرَى ( قُدِّمَ عَلَيْهِنَّ ) إذَا لَمْ يُسَاكِنْهَا فِي بَلَدِهَا وَهَذَا مِنْ

زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُهَا إلَى بَلَدِهَا .
( وَيُرَاعَى ) مَعَ ذَلِكَ ( الْعِفَّةُ وَالْجَمَالُ وَسَائِرُ الْخِصَالِ الْمَقْصُودَةِ ) أَيْ الْمُرَغِّبَةِ ( وَلَوْ يَسَارًا ) كَبَكَارَةٍ وَفَصَاحَةٍ وَسِنٍّ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا ( فَإِنْ فَضَّلَتْهُنَّ أَوْ نَقَصَتْ ) عَنْهُنَّ بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُرَغِّبَةِ ( فُرِضَ ) الْمَهْرُ ( اللَّائِقُ بِالْحَالِ وَإِنْ سَامَحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَصَبَةِ ) بِبَعْضِ مَهْرِهَا ( لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا ) اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَاقِيَاتِ الْمُسَامَحَةُ ( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ ( لِنَقْصِ نَسَبٍ يُفَتِّرُ الرَّغْبَةَ ) فَتُعْتَبَرُ الْمُسَامَحَةُ ( وَإِنْ كُنَّ ) كُلُّهُنَّ أَوْ غَالِبُهُنَّ ( يُسَامِحْنَ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ اعْتَبَرْنَاهُ ) فَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِمُسَامَحَةِ الْعَشِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ خَفَّفْنَا مَهْرَ هَذِهِ فِي حَقِّ الْعَشِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَكَذَا لَوْ سَامَحْنَ لِلشَّرِيفِ دُونَ غَيْرِهِ ( وَيَجِبُ ) مَهْرُ الْمِثْلِ ( حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ) كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ ( فَإِنْ اعْتَدْنَ التَّأْجِيلَ ) فِي جَمِيعِ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ ( نَقَصَ لِلتَّعْجِيلِ بِقَدْرِهِ ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِالْأَجَلِ ( وَيُعْتَبَرُ مَهْرُهَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ ) كَالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ ( لَا ) يَوْمَ ( الْعَقْدِ ) إذْ لَا حُرْمَةَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ .

قَوْلُهُ فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ إلَخْ ) الْمُدْلِيَةُ بِالْأَبَوَيْنِ تُقَدَّمُ فِي الِاعْتِبَارِ عَلَى الْمُدْلِيَةِ بِالْأَبِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ وَكَتَبَ أَيْضًا مُرَادُهُ بِالْأَرْحَامِ هُنَا قَرَابَاتُ الْأُمِّ لَا ذَوُو الْأَرْحَامِ الْمَذْكُورُونَ فِي الْفَرَائِضِ لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ لَيْسَتْ مِنْهُنَّ قَطْعًا ( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ ( قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ مِنْ نِسَاءِ الْأَرْحَامِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ جَيِّدٌ ( قَوْلُهُ وَفِي الْعَتِيقَةِ عَتِيقَةٌ مِثْلُهَا ) أَيْ مِثْلُ مَوَالِيهَا فِي الدَّرَجَةِ ( قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْبَلَدُ ) فَإِنْ عُدِمَ نِسَاءُ بَلَدِهَا فَأَقْرَبُ الْبِلَادِ ( قَوْلُهُ الْأَجْنَبِيَّاتُ ) حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ أَنَّهُنَّ يُقَدَّمْنَ عَلَى نِسَاءِ الْأَرْحَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ عِصَابَتِهَا أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ أَوْ جُهِلَ مَهْرُهُنَّ فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيُعْتَبَرُ أَوَّلًا بِنِسَاءِ عَصَبَاتِهَا وَإِنْ كُنَّ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى أَوْ مُتْنَ ( قَوْلُهُ وَيُرَاعَى الْعِفَّةُ وَالْجَمَالُ إلَخْ ) .
وَقَالَ الْفَارِقِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَابْنُ يُونُسَ يُعْتَبَرُ الْمَهْرُ بِحَالِ الزَّوْجِ أَيْضًا مِنْ الْيَسَارِ وَالْعِلْمِ وَالْعِفَّةِ وَالنَّسَبِ فَقَدْ يُخَفَّفُ عَنْ الْعَالِمِ وَالْعَفِيفِ وَيَثْقُلُ عَلَى غَيْرِهِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الشَّامِلِ وَالِاسْتِقْصَاءِ فَعَلَى هَذَا إذَا وُجِدَ مِنْ النِّسَاءِ الْمُعْتَبَرَاتِ مَنْ بِصِفَتِهَا وَزَوْجُهَا مِثْلُ زَوْجِهَا فِي الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ اُعْتُبِرَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ بِهَا

( فَرْعٌ لَا يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا لَمْ يُؤَدَّ الْمَهْرُ قَبْلَ التَّعَدُّدِ ( إلَّا إنْ تَعَدَّدَتْ ) أَيْ الشُّبْهَةُ كَأَنْ وَطِئَ امْرَأَةً مَرَّةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى بِنِكَاحٍ آخَرَ فَاسِدٍ أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْوَاقِعَ ثُمَّ ظَنَّهَا مَرَّةً أُخْرَى زَوْجَتَهُ فَوَطِئَهَا أَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَمَرَّةً أُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى فَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ لِتَعَدُّدِ سَبَبِهِ ( لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ فِي الْوَطَآتِ ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْوَطْأَةُ الْوَاقِعَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَوَجَبَ ذَلِكَ الْمَهْرُ فَالْوَطَآتُ الْبَاقِيَةُ إذَا لَمْ تَقْتَضِ زِيَادَةً لَا تُوجِبُ نَقَصَانَا ( وَيَتَعَدَّدُ ) الْمَهْرُ ( بِالْإِكْرَاهِ ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ إذْ الْمُوجِبُ لَهُ الْإِتْلَافُ وَقَدْ تَعَدَّدَ بِلَا اتِّحَادِ شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ ( وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ ) بِغَيْرِ إحْبَالٍ ( أَوْ ) الْجَارِيَةَ ( الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ مُكَاتَبَتَهُ مِرَارًا لَمْ يَتَعَدَّد الْمَهْرُ ) بِالشَّرْطِ السَّابِقِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّ شُبْهَتَيْ الْإِعْفَافِ وَامْلِكْ بِعَمَّانَ الْوَطَآتِ .

( قَوْلُهُ لَا يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكْرَهَةً ( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا لَمْ إلَخْ ) مَا قَالَهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ غ ( قَوْلُهُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ فِي الْوَطَآتِ ) الْمُرَادُ بِالتَّكَرُّرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنْ يَحْصُلَ بِكُلِّ مَرَّةٍ قَضَاءُ الْوَطَرِ مَعَ تَعَدُّدِ الْأَزْمِنَةِ فَلَوْ كَانَ يَنْزِعُ وَيَعُودُ وَالْأَفْعَالُ مُتَوَاصِلَةٌ وَلَمْ يَقْضِ الْوَطَرَ إلَّا آخِرًا فَهُوَ وِقَاعٌ وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ د ( قَوْلُهُ بِغَيْرِ إحْبَالٍ ) أَوْ بِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ ( قَوْلُهُ أَوْ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ ) أَوْ مُطَلَّقَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ .
( قَوْلُهُ أَوْ مُكَاتَبَتَهُ ) مَحَلُّهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ فَتُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالتَّعْجِيزِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَتَخْتَارُ الْمَهْرَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَوَطِئَهَا مَرَّةً أُخْرَى خُيِّرَتْ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَهْرَ وَجَبَ لَهَا مَهْرٌ آخَرُ وَهَكَذَا سَائِرُ الْوَطَآتِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُ عِبَارَتِهِ فِي ذَلِكَ وَكُلَّمَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ أَرْبَعَةٌ ) ( الْأَوَّلُ فِي مَوْضِعِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ فَيَعُودُ لِلزَّوْجِ نِصْفُ ) كُلٍّ مِنْ ( الْمُسَمَّى وَالْمَفْرُوضِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَبْرَأُ مِنْهُ إنْ كَانَ دَيْنًا وَلَوْ لَمْ يَخْتَرْهُ ) أَيْ الزَّوْجُ النِّصْفَ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ قَاضٍ ( بِالطَّلَاقِ ) وَلَوْ خَلَعَا ( قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ بَاشَرَتْهُ ) الزَّوْجَةُ ( بِتَفْوِيضِهِ ) أَيْ الطَّلَاقِ ( إلَيْهَا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } وَقِيسَ بِالطَّلَاقِ غَيْرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْفُرْقَةِ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ ارْتِفَاعِ الْعَقْدِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ سُقُوطُ كُلِّ الْعِوَضِ كَمَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَةَ كَالْمُسَلَّمَةِ لِزَوْجِهَا بِالْعَقْدِ مِنْ وَجْهٍ لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ الَّتِي يَمْلِكُهَا بِالنِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبْضٍ فَاسْتَقَرَّ لِذَلِكَ بَعْضُ الْعِوَضِ وَسَقَطَ بَعْضُهُ لِعَدَمِ اتِّصَالِهِ بِالْمَقْصُودِ ( و ) يَعُودُ إلَيْهِ ذَلِكَ ( بِكُلِّ فُرْقَةٍ لَا بِسَبَبٍ مِنْهَا كَأَنْ ارْتَدَّ ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا كَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ كَالْخُلْعِ وَصَحَّحَ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ خِلَافَهُ .
وَكَذَا الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ وَالْعِرَاقِيُّ بِحَسَبِ مَا فَهِمَا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُتْعَةِ وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَفِي وُجُوبِهَا وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي التَّشْطِيرِ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ فَجَعَلَا التَّصْحِيحَ رَاجِعًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْمُتْعَةِ فَقَطْ وَلِهَذَا عَبَّرَ الْقَمُولِيِّ بِقَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ ذَكَرَ فِي التَّشْطِيرِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ فَعَزْوُ الزَّرْكَشِيّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَصْحِيحَ التَّشْطِيرِ لِلرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْمُتْعَةِ وَهْمٌ ( أَوْ أَرْضَعَتْهُ أُمُّهَا وَنَحْوُهُ ) كَأَنْ أَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ بِنْتُهُ ( أَوْ وَطِئَهَا أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ بِشُبْهَةٍ فَإِنْ

كَانَتْ ) أَيْ الْفُرْقَةُ ( بِسَبَبٍ مِنْهَا كَإِسْلَامِهَا ) وَلَوْ تَبَعًا ( وَرِدَّتِهَا وَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا وَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ ) الْأُخْرَى الصَّغِيرَةَ ( عَادَ ) إلَيْهِ ( الْجَمِيعُ ) لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ الْمُعَوَّضَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَقَطَ الْعِوَضُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ قُلْت لِمَ جَعَلْتُمْ عَيْبَهَا كَفَسْخِهَا لِكَوْنِهِ سَبَبَ الْفَسْخِ وَلَمْ تَجْعَلُوا عَيْبَهُ كَفَسْخِهِ قُلْنَا الزَّوْجُ بَذَلَ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا فَإِذَا كَانَتْ مَعِيبَةً فَالْفَسْخُ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إذْ لَمْ تُسَلِّمْ لَهُ حَقَّهُ وَالزَّوْجَةُ لَمْ تَبْذُلْ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ وَالْعِوَضُ الَّذِي مَلَكَتْهُ سَلِيمٌ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا فَسْخَ لَهَا إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ أَثْبَتَ لَهَا الْفَسْخَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا فَإِذَا اخْتَارَتْهُ لَزِمَهَا رَدُّ الْبَدَلِ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ .
( وَكَذَا لَوْ اشْتَرَتْهُ ) يَعُودُ إلَيْهِ الْجَمِيعُ بِمَعْنَى يَسْقُطُ عَنْهُ ( فَلَوْ اشْتَرَاهَا تَشَطَّرَ ) الصَّدَاقُ ( وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنْ لَا تَشْطِيرَ لَغَا الشَّرْطُ ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَنَفَى الْوَلَاءَ ( فَإِنْ نَقَصَ ) الصَّدَاقُ ( فِي يَدِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَوْ بِلَا عُدْوَانٍ ضَمِنَتْ ) لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَنْ مُعَاوَضَةٍ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ ( وَلَوْ ادَّعَتْ حُدُوثَهُ ) أَيْ النَّقْصِ ( قَبْلَ الطَّلَاقِ ) فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ( صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ

الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ ) ( قَوْلُهُ فَيَعُودُ لِلزَّوْجِ نِصْفُ الْمُسَمَّى إلَخْ ) سَبَقَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا عَلَى مُسَمًّى صَحِيحٍ ثُمَّ مَنَعَهَا إيَّاهُ قَهْرًا وَتَمَلَّكَا ثُمَّ أَسْلَمَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَحِينَئِذٍ لَوْ طَلَّقَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَطْرَ إذْ لَا مَهْرَ غ ( قَوْلُهُ بِالطَّلَاقِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَتَعَجَّبُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ يَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ يَدْخُلُ فِيهِ الرَّجْعِيُّ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ قَبْلَ الدُّخُولِ ا هـ وَأُجِيبَ بِتَصَوُّرِ الرَّجْعَةِ بِلَا دُخُولٍ بِاسْتِدْخَالِهَا الْمَاءَ .
( قَوْلُهُ وَيَعُودُ إلَيْهَا ذَلِكَ بِكُلِّ فُرْقَةٍ ) أَيْ فِي الْحَيَاةِ احْتِرَازًا عَنْ الْفُرْقَةِ بِالْمَوْتِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مُقَرَّرٌ لِلْمَهْرِ وَمِنْ صُوَرِهِ مَا لَوْ مُسِخَ أَحَدُهُمَا حَجَرًا أَمَّا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ حَيَوَانًا فَفِي التَّدْرِيبِ أَنَّهُ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ لِلزَّوْجِ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ تَمَلُّكِهِ وَلَا لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ حَيٌّ فَيَبْقَى لِلزَّوْجَةِ قَالَهُ تَخْرِيجًا قَالَ وَيُحْتَمَلُ تَنْزِيلُ مَسْخِهِ حَيَوَانًا مَنْزِلَةَ الْمَوْتِ فَيَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى ا هـ وَتُنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بِمَسْخِ أَحَدِهِمَا حَيَوَانًا بَعْدَ الدُّخُولِ مُتَّجَهٌ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَكُنْ مَسْخُ أَحَدِهِمَا حَيَوَانًا بَعْدَ الدُّخُولِ كَالرِّدَّةِ فَيُنْتَظَرُ عَوْدُهُ إنْسَانًا فِي الْعِدَّةِ قُلْنَا يُفَارِقُ الرِّدَّةَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ الْإِنْسَانِيَّةِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَعَوْدُهُ لَيْسَ إلَى اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَالثَّانِي اطِّرَادُ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِعَدَمِ عَوْدِ الْمَسِيخِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَكَثِيرًا مَا يَعُودُ إنْ قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ مُسِخَ بَعْضُهُ جَمَادًا وَبَعْضُهُ حَيَوَانًا فَهَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَمْوَاتِ أَمْ الْأَحْيَاءِ الْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْأَعْلَى فَإِنْ كَانَ جَمَادًا فَمَيِّتٌ وَإِلَّا

فَحَيٌّ كا وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ إنَّهُ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَتُنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بِمَسْخِ أَحَدِهِمَا إلَخْ .
( قَوْلُهُ أَوْ مَعَهَا كَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ خِلَافَهُ ) أَيْ لِأَنَّ جَانِبَهَا هُوَ الْمُغَلَّبُ فِي الْمَهْرِ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْمُتْعَةِ فَقَطْ إلَخْ ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَالْمَانِعُ مِنْ شَطْرِهِ كَوْنُ الْفُرْقَةِ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا فَقَطْ وَالْفُرْقَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا بِسَبَبِهِمَا فَغَلَّبُوا جَانِبَهُ وَالْمُتْعَةُ إنَّمَا تَجِبُ بِالْفُرْقَةِ فَاعْتَبَرُوا كَوْنَهَا لَا مِنْهَا وَلَا بِسَبَبٍ مِنْهَا وَ مِنْهُمَا تَغْلِيبًا لِجَانِبِهَا ( قَوْلُهُ أَوْ أَرْضَعَتْهُ أُمُّهَا ) أَيْ أَوْ بِنْتُهَا ( قَوْلُهُ كَإِسْلَامِهَا وَلَوْ تَبَعًا ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى مُبَاشِرِ الْإِسْلَامِ أَيْ مِنْ أُصُولِهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ نِكَاحَ غَيْرِهِ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّضَاعِ الْوَاجِبِ ( قَوْلُهُ وَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ ) أَيْ أَوْ بِإِعْسَارِهِ بِمَهْرِهَا أَوْ نَفَقَتِهَا أَوْ كِسْوَتِهَا ( قَوْلُهُ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا إلَخْ ) لَوْ مُسِخَتْ حَيَوَانًا حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا وَعَادَ كُلُّ الْمَهْرِ إلَى الزَّوْجِ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ وَلَا فَرْقَ فِي فَسْخِهِ بِعَيْبِهَا بَيْنَ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ وَالْحَادِثِ بَعْدَهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ .
( قَوْلُهُ وَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى الصَّغِيرَةَ ) أَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فَارْتَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ رَضَاعًا حَرَّمَهَا ( قَوْلُهُ بِمَعْنًى سَقَطَ عَنْهُ ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنًا لَمْ يُقْبَضْ ( قَوْلُهُ فَلَوْ اشْتَرَاهَا تَشَطَّرَ الشِّرَاءُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ) مِثَالٌ وَالضَّابِطُ الْمَالِكُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَشَطُّرِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ أَنَّ الْمُسَمَّى وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَقَدْ جَرَى فِي مِلْكِ

الْبَائِعِ فَإِذَا مَلَكَهَا الزَّوْجُ تَشَطَّرَ فَالْمُتْعَةُ إنَّمَا تَجِبُ بِالشِّرَاءِ وَإِنَّمَا حَصَلَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ فَكَيْفَ نُوجِبُهَا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي تَغَيُّرِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَإِنْ تَلِفَ رَجَعَ ) الزَّوْجُ ( بِنِصْفِ قِيمَتِهِ لَا قِيمَةِ نِصْفِهِ ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَبِنِصْفِ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِنَّمَا رَجَعَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ لَا بِقِيمَةِ النِّصْفِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَنَّ التَّشْقِيصَ عَيْبٌ كَذَا قَالَهُ فِي الْأَصْلِ هُنَا قَبْلَ الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَقَالَ إنَّ الْغَزَالِيَّ تَسَاهَلَ فِي تَعْبِيرِهِ بِقِيمَةِ النِّصْفِ انْتَهَى .
وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَاهَلْ فِي ذَلِكَ بَلْ قَصَدَهُ كَإِمَامِهِ بَلْ قَالَ إمَامُهُ إنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ تَسَاهُلًا وَمُرَادُهُمْ قِيمَةُ النِّصْفِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْفُرْقَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَقَدْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ فَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ وَهِيَ قِيمَةُ النِّصْفِ لَا نِصْفُ الْقِيمَةِ وَقَدْ أَنْكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْوَصَايَا عَلَى الرَّافِعِيِّ تَعْبِيرَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ لَكِنَّهُ تَبِعَهُ هُنَا وَصَوَّبَ قَوْلَهُ رِعَايَةً لِلزَّوْجِ كَمَا رُوعِيَتْ الزَّوْجَةُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا وَقَدْ نَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْجُمْهُورَ قَدْ عَبَّرُوا بِكُلٍّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ وَكَذَا الْغَزَالِيُّ فَإِنَّهُ عَبَّرَ فِي وَجِيزِهِ بِمَا مَرَّ وَفِي بَسِيطِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَهَذَا مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُؤَدَّاهُمَا عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ بِأَنْ يُرَادَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ نِصْفُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ النِّصْفَيْنِ مُنْفَرِدًا لَا مُنْضَمًّا إلَى الْآخَرِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ النِّصْفِ أَوْ بِأَنْ يُرَادَ بِقِيمَةِ النِّصْفِ قِيمَتُهُ مُنْضَمًّا لَا مُنْفَرِدًا فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ ( وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا ) بِحَالِهِ ( فَلَيْسَ لَهَا إبْدَالُهُ وَلَوْ أَدَّاهُ ) لَهَا ( عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ ) مِنْ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ بِالْفُرْقَةِ .
( وَإِنْ تَغَيَّرَ ) بِغَيْرِ تَلَفِهِ ( فَقَدْ يَكُونُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ بِهِمَا الْأَوَّلُ النَّقْصُ فَنُقْصَانُ الْوَصْفِ ) كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ ( فِي يَدِهَا

يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِهِ ) أَيْ الصَّدَاقِ أَوْ نِصْفِهِ ( مَعِيبًا ) كَتَعَيُّبِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ( وَأَخْذِ قِيمَتِهِ سَلِيمًا ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَأَخْذِ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ ( فَإِنْ حَدَثَ ) النَّقْصُ ( فِي يَدِهِ قَبْلَ قَبْضِهَا ) لَهُ وَرَضِيَتْ بِهِ أَخَذَهُ ( نَاقِصًا بِلَا أَرْشٍ ) لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ ( نَعَمْ لَوْ حَصَلَ ) النَّقْصُ ( بِجِنَايَةٍ وَأَخَذَتْ أَرْشَهَا ) بَلْ أَوْ لَمْ تَأْخُذْهُ ( فَلَهُ ) مَعَ مَا ذُكِرَ ( نِصْفُهُ ) أَيْ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْفَائِتِ ( فَإِذَا تَلِفَ الْبَعْضُ فِي يَدِهَا كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أَخَذَ ) هُوَ فِيمَا إذَا تَشَطَّرَ الصَّدَاقُ ( نِصْفَ الْمَوْجُودِ وَنِصْفَ بَدَلِ الْمَفْقُودِ الثَّانِي الزِّيَادَةِ فَالْمُنْفَصِلَةِ ) كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالْكَسْبِ ( لَهَا ) سَوَاءٌ أَحَدَثَتْ فِي يَدِهَا أَمْ فِي يَدِ الزَّوْجِ ( وَيَرْجِعُ ) هُوَ ( بِنِصْفِ الْأَصْلِ إلَّا فِي جَارِيَةٍ وَلَدَتْ ) فَلَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِهَا ( لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ ( فَتُجْعَلُ كَالتَّالِفَةِ ) فَيَرْجِعُ إلَى قِيمَةِ نِصْفِهَا ( وَأَمَّا ) الزِّيَادَةُ ( الْمُتَّصِلَةُ كَالسِّمَنِ وَالصَّنْعَةِ فَلِلزَّوْجَةِ ) فِيهَا ( الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ تُسَلِّمَهُ ) أَيْ نِصْفَ الْأَصْلِ ( زَائِدًا أَوْ ) أَنْ تُسَلِّمَ ( قِيمَتَهُ غَيْرَ زَائِدٍ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ لَا أَثَرَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ ) فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ ( لَا هُنَا لِأَنَّ هَذَا الْعَوْدَ ابْتِدَاءُ تَمَلُّكٍ ) لَا فَسْخٌ بِخِلَافِ الْعَوْدِ فِي غَيْرِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُ فَسْخٌ .
وَهُوَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ حِينِهِ فَإِنْ رَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ فَكَأَنَّهُ لَا عَقْدَ أَوْ مِنْ حِينِهِ فَالْفَسْخُ مُشْبِهٌ بِالْعَقْدِ وَالزِّيَادَةُ تَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الْعَقْدِ فَكَذَا فِي الْفَسْخِ ( وَلِهَذَا ) أَيْ لِكَوْنِ الْعَوْدِ هُنَا ابْتِدَاءَ تَمَلُّكٍ لَا فَسْخًا ( لَوْ سَلَّمَ عَبْدٌ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ مِنْ كَسْبِهِ فَعَتَقَ ثُمَّ طَلَّقَ ) قَبْلَ الدُّخُولِ ( عَادَ النِّصْفُ إلَيْهِ لَا

إلَى السَّيِّدِ وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهَا بِفَلَسٍ ) ثُمَّ طَلُقَتْ ( اُعْتُبِرَ مَعَ رِضَاهَا رِضَا الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ انْتَفَى الرِّضَا الْمَذْكُورُ ( ضَارِبُ الزَّوْجِ ) مَعَ الْغُرَمَاءِ ( وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ الْكُلُّ ) أَيْ كُلُّ الصَّدَاقِ ( نَظَرَتْ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَرِدَّتِهَا ) وَالرَّضَاعِ ( فَكَذَلِكَ ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي عَوْدِ النِّصْفِ مِمَّا حَدَثَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ ( أَوْ ) بِسَبَبٍ ( مُقَارِنٍ كَعَيْبِ أَحَدِهِمَا أَخَذَهُ بِزِيَادَتِهِ ) الْمُتَّصِلَةِ وَكَالْمُقَارِنِ فِيمَا يَظْهَرُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ لِتَسَلُّطِ الزَّوْجِ عَلَى الْفَسْخِ قَبْلَهَا .
( الثَّالِثُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ وَهُمَا إمَّا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَكِبَرِ الْعَبْدِ ) فَنَقْصُهُ مِنْ حَيْثُ الْحُسْنِ وَالْقِيمَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّغِيرَ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا يَعْرِفُ الْغَوَائِلَ وَيَقْبَلُ التَّأْدِيبَ وَالرِّيَاضَةَ وَزِيَادَتُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَقْوَى عَلَى الشَّدَائِدِ وَالْأَسْفَارِ وَأَحْفَظُ لِمَا يُسْتَحْفَظُ ( وَكِبَرُ الشَّجَرَةِ ) فَنَقْصُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا ( تَقِلُّ ثَمَرَتُهَا و ) زِيَادَتُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ( يَكْثُرُ حَطَبُهَا وَكَالْحَبَلِ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ ) فَالزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ تَوَقُّعُ الْوَلَدِ وَالنَّقْصُ لِلضَّعْفِ حَالًّا وَلِلْخَطَرِ مَآلًا خُصُوصًا فِي الْأَمَةِ وَلِأَنَّهُ يُفْسِدُ لَحْمَ الْمَأْكُولَةِ ( أَوْ بِسَبَبَيْنِ كَأَنْ اعْوَرَّ ) الْعَبْدُ ( وَتَعَلَّمَ صَنْعَةً مَقْصُودَةً فَلِكُلٍّ ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ ( الْخِيَارُ وَإِنْ نَقَصَتْ بِهَا ) أَيْ بِالزِّيَادَةِ ( الْقِيمَةُ فَإِنْ تَرَاضَيَا بِالرَّدِّ ) لِنِصْفِ الْعَيْنِ ( فَلَا زِيَادَةَ ) عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِهِ فَالْقِيمَةُ خَالِيَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَلَا تُجْبَرُ هِيَ عَلَى رَدِّ نِصْفِ الْعَيْنِ لِلزِّيَادَةِ وَلَا هُوَ عَلَى قَبُولِهِ لِلنَّقْصِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ خِيَارٌ لَهُ أَوْ لَهَا لَمْ يَمْلِكْ الزَّوْجُ الْمَهْرَ أَوْ نِصْفَهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذُو الِاخْتِيَارِ ( فَرْعٌ الْحَرْثُ زِيَادَةٌ فِي أَرْضِ الزَّرْعِ ) لِأَنَّهُ

يُهَيِّئُهَا لِلزَّرْعِ الْمُعَدَّةِ لَهُ ( وَهُوَ نَقْصٌ فِي أَرْضِ الْبِنَاءِ ) لِأَنَّهُ يُشْعِثُهَا ( فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِالنَّاقِصَةِ أُجْبِرَتْ ) عَلَى تَسْلِيمِهَا لَهُ لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ .
( وَالزَّرْعُ نَقْصٌ ) فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي قُوَّتَهَا غَالِبًا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ نِصْفِ الْعَيْنِ وَتَرْكِ الزَّرْعِ إلَى الْحَصَادِ فَذَاكَ قَالَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ إبْقَاؤُهُ بِلَا أُجْرَةٍ لِأَنَّهَا زَرَعَتْ مِلْكَهَا الْخَالِصَ وَإِنْ رَغِبَ فِيهِ الزَّوْجُ وَامْتَنَعَتْ أُجْبِرَتْ عَلَيْهِ أَوْ رَغِبَتْ هِيَ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ فَلَوْ قَالَتْ خُذْ نِصْفَ الْأَرْضِ وَنِصْفَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرْ لِأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ مِنْ عَيْنِ الصَّدَاقِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ هَذَا فِي كَلَامِهِ ( فَإِنْ طَلُقَتْ بَعْدَ الْحَصَادِ ، وَالْعِمَارَةُ ) لِلْأَرْضِ ( قَائِمَةٌ ) بِأَنْ كَانَ بِهَا أَثَرُهَا وَكَانَتْ تَصْلُحُ لِمَا لَا تَصِحُّ لَهُ قَبْلَ الزَّرْعِ ( فَزِيَادَةٌ مَحْضَةٌ ) فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِرِضَاهَا

قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَاهَلْ فِي ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْفُرْقَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَخْ ) وَقَوْلُهُمْ إنَّ التَّشْقِيصَ عَيْبٌ مُسْلَمٌ لَكِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ شَرْعًا إلَّا الشِّقْصُ وَلَمْ تُتْلِفْهُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَيَجِبُ نِصْفُ الْقِيمَةِ عَلَى الشَّرِيكِ إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرَكُ الْمُتَقَوِّمَ أَوْ غَصَبَهُ وَتَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ نَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ .
( قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْجُمْهُورَ إلَخْ ) إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً لَهُ نَصَّفَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَلِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ ( قَوْلُهُ فَنُقْصَانُ الْوَصْفِ فِي يَدِهَا يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارَ ) لَوْ قَالَ الزَّوْجُ حَدَثَ النَّقْصُ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَعَلَيْك الضَّمَانُ فَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهُ وَلَا ضَمَانَ فَأَيُّهُمَا الْمُصَدَّقُ ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَرْأَةُ قَالَ شَيْخُنَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ضَمَانِهَا ( قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ حَصَلَ بِجِنَايَةٍ ) أَيْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي يَدِ الزَّوْجِ أَوْ فِي يَدِهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ فِي يَدِهَا ( قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا الْعَوْدَ ابْتِدَاءُ تَمَلُّكٍ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الزَّوْجَ مُتَّهَمٌ بِالطَّلَاقِ وَلَا كَذَلِكَ الْبَائِعُ لِفَلَسِ الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ فَسْخٌ وَهُوَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ إلَخْ ) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُمَا لَوْ تَقَايَلَا فِي الصَّدَاقِ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجِ بِزِيَادَتِهِ وَإِطْلَاقُهُمْ يُنَافِيهِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ سَبَبٌ عَارِضٌ كَرِدَّتِهَا إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَبْقَى لِلزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا ارْتَفَعَ بِعَارِضٍ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ رِدَّتِهِ أَوْ رِدَّتِهَا يُنْقَضُ الْفَرْقُ السَّابِقُ الَّذِي فَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى مَا قَدَّرُوهُ مِنْ

الْحُكْمِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْعَارِضَ أَمْرٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا عَلَقَةَ لَهُ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ هُنَا وَبِخِلَافِ الرُّجُوعِ بِسَبَبِ الْفَلَسِ فَإِنَّهُ بِسَبَبِ عَلَقَةٍ فِي الْعَقْدِ وَهِيَ الثَّمَنُ وَبِخِلَافِ رُجُوعِ الْوَالِدِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ ثَابِتٌ مِنْ أَصْلِ الْهِبَةِ بِخِلَافِ حُدُوثِ الرَّضَاعِ وَالرِّدَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ قَضَاءٌ شَرْعِيٌّ لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ .
( قَوْلُهُ كَعَيْبِ أَحَدِهِمَا إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَرَادَ بِعَيْبِهِ أَوْ عَيْبِهَا الْمُقَارَنَيْنِ أَوْ الْحَادِثَيْنِ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي أَنَّ الْعَقْدَ قَارَنَهُ سَبَبُ الْفَسْخِ وَهُوَ إمَّا وُجُودُ الْعَيْبِ أَوْ شَرْطُ اسْتِمْرَارِ السَّلَامَةِ قَوْلُهُ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ إلَخْ ) وَطُولِ النَّخْلَةِ إذْ لَمْ نَقُلْ ثَمَرَتُهَا زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ وَلَا تُرَدُّ هَذِهِ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِكِبَرِ الشَّجَرَةِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ قُرْبُهَا مِنْ الْهَرَمِ ( قَوْلُهُ وَكَالْحَبَلِ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ ) فَرَّقَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي خِيَارِ النَّقْصِ فِي الْبَيْعِ فَجَعَلَهُ عَيْبًا فِي الْأَمَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ ( قَوْلُهُ الْحَرْثُ زِيَادَةٌ فِي أَرْضِ الزَّرْعِ ) اعْلَمْ أَنَّ حَرْثَ الْأَرْضِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّرَاعَةِ قَدْ يَكُونُ نَقْصًا لِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ كَمَا يَقُولُهُ الْأَكْثَرُونَ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ زِيَادَةٌ بَلْ هُوَ خَارِجٌ عَلَى الْغَالِبِ قَوْلُهُ

( فَصْلٌ الْغِرَاسُ نَقْصٌ ) فِي الْأَرْضِ ( كَالزَّرْعِ ) فَلَوْ طَلَّقَهَا وَالْأَرْضُ مَزْرُوعَةٌ أَوْ مَغْرُوسَةٌ فَبَادَرَتْ بِالْقَلْعِ فَإِنْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ لِضَعْفِهَا بِهِمَا وَهُوَ الْغَالِبُ فَهُوَ عَلَى خِيَرَتِهِ وَإِلَّا انْحَصَرَ حَقُّهُ فِي الْأَرْضِ ( وَالثَّمَرَةِ بَعْدَ التَّأْبِيرِ أَوْ تَنَاثُرِ نَوْرٍ انْعَقَدَ ثَمَرُهُ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً وَقَبْلَهُمَا مُتَّصِلَةٌ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا .
وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ انْعَقَدَ ثَمَرُهُ وَقَالَ أَوْ تَنَاثَرَ نَوْرُهَا كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ ( فَلَوْ رَضِيَتْ بِتَرْكِ الْمُتَّصِلَةِ لَا ) الثَّمَرَةِ ( الْمُؤَبَّرَةِ ) لِلزَّوْجِ ( أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ النَّخْلِ ) فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْمُؤَبَّرَةِ لِانْفِصَالِهَا ( وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا قَطْعَ الْمُؤَبَّرَةِ لِيَرْجِعَ فِي النِّصْفِ ) أَيْ نِصْفِ الشَّجَرِ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي خَالِصِ مِلْكِهَا فَتَتَمَكَّنُ مِنْ تَرْبِيَتِهَا وَإِبْقَائِهَا إلَى الْجَدَادِ ( وَلَا لَهَا تَكْلِيفُهُ الرُّجُوعَ ) فِي نِصْفِ الشَّجَرِ ( وَإِبْقَاءِ ثَمَرَتِهَا إلَى الْجَدَادِ بَلْ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ ) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الشَّجَرِ خَالِيًا وَلِأَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ مُعَجَّلًا فَلَا يُؤَجَّلُ ( فَإِنْ قَالَتْ ) لَهُ ( ارْجِعْ وَأَنَا أَقْلَعُ الثَّمَرَ عَنْ الشَّجَرِ أَوْ الشَّجَرَ وَالزَّرْعَ عَنْ الْأَرْضِ ) أَوْ بَادَرَتْ بِقَلْعِ ذَلِكَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ إنْ لَمْ يَحْدُثْ ) بِقَلْعِ ذَلِكَ ( نَقْصٌ ) فِي الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ ( وَلَمْ يَطُلْ لِقَلْعِهِ مُدَّةٌ ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ قَلْعِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَمَتَى بَذَلَتْ لَهُ الزَّرْعَ أَوْ الثَّمَرَةَ ) الْمُؤَبَّرَةَ ( لِيَرْجِعَ ) هُوَ ( فِي الشَّجَرِ ) فِي الثَّانِيَةِ ( وَالْأَرْضِ ) فِي الْأُولَى ( لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ ) وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ لَا الْمُؤَبَّرَة .
( وَلَوْ رَضِيَ بِتَرْكِ زَرْعِهَا إلَى الْحَصَادِ أَوْ الثَّمَرَةِ إلَى الْجَدَادِ مَجَّانًا ) لِيَرْجِعَ فِي

نِصْفِ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ ( أُجْبِرَتْ ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِهِمَا كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِيهِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ إجْبَارِهَا ( هُمَا فِي السَّقْيِ كَشَرِيكَيْنِ فِي الشَّجَرِ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالثَّمَرِ ) وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ ( وَلَيْسَ لَهَا تَكْلِيفُهُ التَّأْخِيرَ ) أَيْ تَأْخِيرَ الرُّجُوعِ ( إلَى الْحَصَادِ ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ أَوْ الْقِيمَةَ فِي الْحَالِ فَلَا يُؤَخَّرُ إلَّا بِرِضَاهُ وَأَرَادَ بِالْحَصَادِ مَا يَشْمَلُ الْجَدَادَ ( فَإِنْ أَخَّرَ ) بِأَنْ قَالَ أُؤَخِّرُ الرُّجُوعَ إلَى الْحَصَادِ ( فَلَهَا الِامْتِنَاعُ وَإِنْ بَرَّأَهَا عَنْ الضَّمَانِ ) بِأَنْ قَالَ أَرْجِعُ وَيَكُونُ نَصِيبِي وَدِيعَةً عِنْدَك وَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ ضَمَانِهِ لِأَنَّ نَصِيبَهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ ضَمَانِ الْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ ( وَالتَّأْخِيرُ ) أَيْ وَتَأْخِيرُ الرُّجُوعِ إلَى الْحَصَادِ ( بِالتَّرَاضِي جَائِزٌ ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا ( وَلَا يَلْزَمُ ) فَلَوْ بَدَا لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ عَمَّا رَضِيَ بِهِ جَازَ لِأَنَّ ذَلِكَ وَعْدٌ فَلَا يَلْزَمُ وَمِثْلُ ذَلِكَ التَّرَاضِي عَلَى الرُّجُوعِ فِي نِصْفِ الشَّجَرِ فِي الْحَالِّ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ .
.
( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْدُثْ نَقْصٌ ) وَلَمْ تَطُلْ لِقَلْعِهِ مُدَّةٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا بَادَرْت بِقَطْعِ ثِمَارِهَا وَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ نَقْصًا فِي النَّخْلِ عَاجِلًا وَلَا مُتَوَقَّعًا رَجَعَ الشَّطْرُ إلَى الزَّوْجِ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَطْعُ قَبْلَ الطَّلَاقِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَ بِتَرْكِ زَرْعِهَا إلَى الْحَصَادِ إلَخْ ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ كَالْحِصْرِمِ هَلْ يُكَلِّفُهَا قَطْعَهُ كَذَلِكَ أَمْ لَهَا تَأْخِيرُهُ إلَى الْجُذَاذِ إطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ الثَّانِيَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ قو

( فَرْعٌ ) لَوْ أَصْدَقَهَا ( نَخْلَةً ) مَعَ ثَمَرَتِهَا ( مُؤَبَّرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ) وَلَمْ يَزِدْ الصَّدَاقَ ( رَجَعَ فِي نِصْفِ الْجَمِيعِ وَإِنْ جُدَّتْ ) الثَّمَرَةُ أَيْ قُطِعَتْ لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَدَاقٌ ( وَكَذَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْكُلِّ مَنْ أَصْدَقَ ) زَوْجَتَهُ نَخْلَةً ( مُطْلِعَةً ) ثَمَرَتُهَا ( وَطَلَّقَ ) هَا ( وَهِيَ مُطْلِعَةٌ فَإِنْ أَبَّرْتَهَا ) الْأَوْلَى أَبَّرَتْ ( ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجَعَ فِي نِصْفِ الشَّجَرَةِ وَكَذَا الثَّمَرَةُ ) أَيْ نِصْفُهَا كَذَلِكَ ( إنْ رَضِيَتْ ) لِأَنَّهَا قَدْ زَادَتْ ( وَإِلَّا أَخَذَ نِصْفَ الشَّجَرِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الطَّلْعِ )
( قَوْلُهُ رَجَعَ فِي نِصْفِ الْجَمِيعِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهَا قَهْرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ تَحْصُلْ فِي الثَّمَرَةِ زِيَادَةٌ مَا لَوْ حَصَلَتْ بِأَنْ كَانَتْ أَوَّلًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَدْ بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا بِكِبَرِهَا أَوْ بَعْدَ جُذَاذِهَا فَلَا رُجُوعَ قَهْرًا كَمَا يُوهِمُهُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَمُرَادُهُمَا أَنَّ الصَّدَاقَ هُوَ الشَّجَرَةُ وَالثَّمَرَةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِهِمَا بِطَرِيقَةِ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَرَّتهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا إلَخْ ) أَمَّا إذَا أَصْدَقَهَا نَخْلَةً وَثَمَرَتُهَا مُؤَبَّرَةٌ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ

( فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَهَا حَامِلًا ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ جَارِيَةً حَامِلًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ( رَجَعَ فِي نِصْفِهَا حَامِلًا ) لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَدَاقٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ .
( فَإِنْ وَلَدَتْ ) قَبْلَ طَلَاقِهَا ( فَلَهُ حَقٌّ فِي ) نِصْفِ ( الْوَلَدِ ) كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ ( لَكِنْ لَهَا الْخِيَارُ ) فِيهِ ( لِزِيَادَتِهِ بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ سَمَحَتْ ) بِأَخْذِ الزَّوْجِ نِصْفَهُ مَعَ نِصْفِ أُمِّهِ ( أَخَذَ نِصْفَهَا وَلَوْ كَانَتْ ) أَيْ الْحَامِلُ جَارِيَةً ( وَإِنْ لَمْ تَسْمَحْ ) بِهِ ( فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ نِصْفِ الْأُمِّ ) إنْ كَانَتْ جَارِيَةً ( بَلْ ) أَخْذُ ( نِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الِانْفِصَالِ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ ) بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ يَوْمَ الِانْفِصَالِ قَيْدٌ لِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَقَطْ لَا قِيمَتِهِمَا مَعًا عَكْسُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتِ إمْكَانِ التَّقْوِيمِ ( وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ التَّفْرِيقُ ) بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِ مُمَيِّزًا ( أَخَذَ نِصْفَهَا ) مَعَ نِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا لَمْ تَسْمَحْ بِنِصْفِهِ ( فَإِنْ نَقَصَتْ ) قِيمَتُهَا ( بِالْوِلَادَةِ فِي يَدِ ) هَا ( فَلَهُ الْخِيَارُ ) إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ ( أَوْ ) نَقَصَتْ ( فِي يَدِهِ أَخَذَهُ ) أَيْ نِصْفَهَا ( نَاقِصًا ) مَعَ قِيمَةِ نِصْفِهِ .
( وَإِنْ أَصْدَقَهَا حَائِلًا فَحَمَلَتْ فِي يَدِهِ وَوَلَدَتْ فِي يَدِهَا ) وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا ( فَهَلْ النَّقْصُ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَهَا الْخِيَارُ ) لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ فِي يَدِهِ ( أَمْ مِنْ ضَمَانِهَا وَالْخِيَارُ لَهُ ) لِأَنَّ النَّقْصَ حَصَلَ عِنْدَهَا ( وَجْهَانِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَا يَخْفَى نَظَائِرُهُمَا أَيْ كَقَتْلِ الْمَبِيعِ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ عَلَى قَبْضِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ ( وَالْوَلَدُ لَهَا ) لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهَا وَالْقَوْلُ فِي الْأُمِّ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الْإِصْدَاقِ وَوَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا

( قَوْلُهُ عَكْسُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ ) هُوَ ظَرْفٌ لَهُمَا بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِهِمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي حَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ فَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتَيْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ ( قَوْلُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ حَمْلَ النَّقْصِ عَلَى مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَائِلًا وَحَامِلًا أَمَّا نَقْصُ الْوِلَادَةِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعَيْبِ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهَا لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا الْمَوْتَ ثَمَّ مِنْ الْحَمْلِ مَنْزِلَةَ الْمَوْتِ بِالْمَرَضِ

( فَرْعٌ لَوْ أَصْدَقَهَا حُلِيًّا فَكَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ ) حُلِيًّا عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ( لَمْ يَرْجِعْ ) فِيهِ الزَّوْجُ ( إلَّا بِرِضَاهَا ) لِزِيَادَتِهِ بِالصَّنْعَةِ عِنْدَهَا وَالْمَوْجُودُ قَبْلَهَا كَانَ مِثْلَهَا لَا عَيْنَهَا أَوْ عَلَى هَيْئَةٍ أُخْرَى فَالْحَاصِلُ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَنَقْصٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ إلَى نِصْفِهِ جَازَ وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ نِصْفُ الْقِيمَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَكَذَا نَحْوُ جَارِيَةٍ هَزَلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ ) عِنْدَهَا كَعَبْدٍ نَسِيَ صَنْعَتَهُ ثُمَّ تَعَلَّمَهَا عِنْدَهَا فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَّا بِرِضَاهَا كَذَلِكَ .
( وَيَرْجِعُ فِي عَبْدٍ عَمِيَ ثُمَّ أَبْصَرَ ) عِنْدَهَا كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فِي يَدِهَا ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ ثُمَّ فَارَقَهَا ( فَلَوْ لَمْ تَرْضَ ) الزَّوْجَةُ ( فِي الْحُلِيِّ الْمُعَادِ ) بِرُجُوعِ الزَّوْجِ ( رَجَعَ بِنِصْفِ وَزْنِهِ تِبْرًا وَنِصْفِ قِيمَةِ صَنْعَتِهِ ) وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا ( مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ) وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا وَهَذَا وَجْهٌ فِي الْأَصْلِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْحُلِيِّ بِهَيْئَتِهِ الَّتِي كَانَتْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَيُفَارِقُ الْغَصْبَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ أَتْلَفَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَكَلَّفْنَاهُ رَدَّ مِثْلِهِ مَعَ الْأُجْرَةِ وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا كَسَرَتْ مِلْكَ نَفْسِهَا وَفِي مَعْنَى كَسْرِهَا لَهُ انْكِسَارُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ ( وَلَوْ كَانَ ) الْمُصَدَّقُ ( إنَاءَ ذَهَبٍ ) أَوْ فِضَّةٍ فَكَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ أَوْ لَمْ تُعِدْهُ ( لَمْ يَرْجِعْ ) مَعَ نِصْفِهِ ( بِالْأُجْرَةِ ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْهُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِصَنْعَتِهِ ( وَلَوْ نَسِيَتْ الْمَغْصُوبَةُ الْغِنَاءَ ) الَّذِي تَعَلَّمَتْهُ قَبْلَ الْغَصْبِ أَوْ بَعْدَهُ ( لَمْ يَضْمَنْهُ الْغَاصِبُ وَإِنْ صَحَّ شِرَاؤُهَا بِزِيَادَةٍ لِلْغِنَاءِ ) عَلَى قِيمَتِهَا بِلَا غِنَاءٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فَلَا عِبْرَةَ بِفَوَاتِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي

الْغَصْبِ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى غِنَاءٍ يَخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةَ وَمَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ صِحَّةِ الشِّرَاءِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ .
( قَوْلُهُ وَهَذَا وَجْهٌ فِي الْأَصْلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ الْأَصَحُّ فِيهِ إلَخْ ) فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ مَا عَزَاهُ فِي الْخَادِمِ إلَيْهَا أَحَدُهُمَا وَهِيَ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَنَظْمُ الْكِتَابِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ تَرْجِيحُ الثَّانِي ا هـ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ عَبَّرَ النَّسَائِيّ فِي الْمُنْتَقَيْ بِقَوْلِهِ وَجْهَانِ أَوْفَقُهُمَا لِمَا فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ مِثْلُ نِصْفِهِ تِبْرٌ أَوْ نِصْفُ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَصْحِيحَ الْأَوَّلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فِي أَصْلِهَا أَوْ أَنَّهُ تَرَكَهُ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلِهَذَا جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي

( فَصْلٌ لَوْ أَصْدَقَهَا ) أَيْ كَافِرٌ كَافِرَةً ( خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا ( وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِأَنَّ الْخَمْرَةَ لَا تَصْلُحُ صَدَاقًا وَلَا عِبْرَةَ بِذِكْرِهَا إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ التَّرَافُعِ ( أَوْ ) تَخَلَّلَتْ قَالَ فِي الْبَيَانِ بِلَا عِلَاجٍ أَيْ بِعَيْنٍ ( فِي يَدِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ ) أَوْ التَّرَافُعِ ( ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ كُلٍّ مِنْ التَّخَلُّلِ وَالْإِسْلَامِ أَوْ التَّرَافُعِ ( أَوْ ارْتَدَّ ) بَعْدَهُ ( رَجَعَ بِنِصْفِ الْخَلِّ ) إنْ بَقِيَ ( أَوْ بِمِثْلِ نِصْفِهِ إنْ تَلِفَ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ ) وَإِفْرَادُ هَذَا بِالذِّكْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي ( وَإِنْ كَانَ ) الْمُصْدَقُ ( جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَتْهُ ) بَعْدَمَا قَبَضَتْهُ ( ثُمَّ أَسْلَمَا ) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا ( وَ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( طَلَّقَهَا ) قَبْلَ الدُّخُولِ ( رَجَعَ ) فِي نِصْفِهِ كَمَا لَوْ تَخَلَّلَ الْخَمْرُ فِي يَدِهَا .
وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّمَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هَذَا التَّصْحِيحَ بَحْثًا فَقَالَ ذَكَرْنَا فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْأَصَحَّ كَوْنُ الْجِلْدِ لِلْمَالِكِ لَا لِلْغَاصِبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ أَظْهَرَ هُنَا أَيْضًا وَهُوَ بَحْثٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ فِعْلَ الْغَاصِبِ مُحَرَّمٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إخْرَاجِ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْمَالِكُ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا رَهَنَ شَاةً فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَدَبَغَ جِلْدَهَا لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِالْمُعَالَجَةِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ ( لَا إنْ تَلِفَ ) الْجِلْدُ فِي يَدِهَا ( قَبْلَ الطَّلَاقِ ) وَبَعْدَ الدَّبْغِ فَلَا يَرْجِعُ ( لِأَنَّ الْجِلْدَ مُتَقَوِّمٌ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَقْتَ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ ) بِخِلَافِ الْخَلِّ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ ( وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ تَخَلَّلَ ثُمَّ أَسْلَمَا ) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا ( وَجَبَ ) عَلَيْهِ لَهَا (

قِيمَةُ الْعَصِيرِ ) لِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَخَلُّلٍ ( وَفِيهِ نَظَرٌ ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ لَا يَسْتَقِيمُ إيجَابُ قِيمَةِ الْعَصِيرِ فَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى هَذَا فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَحِينَئِذٍ فَتَتَخَيَّرُ الزَّوْجَةُ هُنَا لِأَنَّ الصَّدَاقَ فِي يَدِ الزَّوْجِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ عَقْدٍ بَلْ بَقَاءُ الْعَقْدِ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعَ كَافِرٍ وَانْقِلَابُهُ خَمْرًا وَقَعَ فِي الْكُفْرِ أَيْضًا فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُمْ انْتَهَى .
فَعَلَيْهِ إنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَالْحِلُّ لَا قِيمَةُ الْعَصِيرِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إيجَابُهَا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ ( وَلَوْ قَبَضَتْهُ خَمْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ أَسْلَمَا ) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا ( فَلَا رُجُوعَ لَهُ ) لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ وَمَنْعِ إمْسَاكِ الْخَمْرِ فِي الْإِسْلَامِ ( فَإِنْ تَخَلَّلَتْ فِي يَدِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ) قَبْلَ الدُّخُولِ ( رَجَعَ فِي نِصْفِهِ ) إنْ بَقِيَ ( أَوْ ) فِي ( مِثْلِهِ إنْ تَلِفَ ) وَلَوْ بِإِتْلَافِهَا ( وَإِنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ دُخُولٍ ) بِهَا ( فَالْقَوْلُ فِي الْكُلِّ هُنَا مِنْ الْخَلِّ وَالْجَدِّ كَالْقَوْلِ فِي النِّصْفِ هُنَاكَ ) أَيْ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الدُّخُولِ

( قَوْلُهُ رَجَعَ بِنِصْفِ الْخَلِّ أَوْ بِمِثْلِ نِصْفِهِ إلَخْ ) لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ إذَا جَرَتْ مِنْ كَافِرٍ فَاسِدَةٌ فَهِيَ مُجْرَاةٌ مَجْرَى الصَّحِيحَةِ فَإِذَا كَانَتْ وَقْتَ الْإِسْلَامِ خَلًّا لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهَا كَمَا نَقُولُ فِي الْمَنْكُوحَةِ إذَا كَانَ الْمُفْسِدُ زَائِلًا وَقْتَ الْإِسْلَامِ ( قَوْلُهُ فَدَبَغَ جِلْدَهَا لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ عَوْدِ الْجِلْدِ رَهْنًا وَبَيْنَ الرُّجُوعِ فِيهِ هُنَا وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ لَا إنْ تَلِفَ الْجِلْدُ فِي يَدِهَا ) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا ( قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ ) قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى الصَّوَابِ فَقَالَ وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ عَادَ خَلًّا ثُمَّ أَسْلَمَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا لَزِمَهَا قَبْضُهُ .
ا هـ .
فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْكَبِيرِ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاسِخٍ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عَقِبَهُ وَلَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا فَصَارَ خَلًّا عِنْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى نِصْفِ الْخَلِّ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الرُّجُوعُ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هَذِهِ إلَى الْعَيْنِ وَلَا يَرْجِعُ ثَمَّ ر وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى هَذَا فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَخْ ) إنَّمَا جَعَلُوا عَوْدَ الْمَالِيَّةِ فِي الْبَيْعِ كَدَوَامِهَا تَحَرُّزًا عَنْ بُطْلَانِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِخُرُوجِ الصَّدَاقِ عَنْ الْمَالِيَّةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مُقْتَضِيًا لِانْفِسَاخِ الصَّدَاقِ حَتَّى يَجِبَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لِعَوْدِ مَالِيَّتِهِ وَلَمْ يُخَيِّرُوهَا لِتَرْجِعَ فِي الْخَلِّ إنْ لَمْ تَفْسَخْ الصَّدَاقَ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ غَيْرُ الْمَالِيَّةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ وَإِيجَابُهُمْ قِيمَةَ الْعَصِيرِ لَا مِثْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَصِيرٍ خَالَطَهُ مَاءٌ لِيَكُونَ مُتَقَوِّمًا .
( قَوْلُهُ رَجَعَ فِي نِصْفِهِ إنْ بَقِيَ ) لِأَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ

الْقِيمَةِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً ( قَوْلُهُ أَوْ فِي مِثْلِهِ إنْ تَلِفَ ) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا

( فَصْلٌ كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ ) كَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَخِيَاطَةٍ وَخِدْمَةٍ وَبِنَاءٍ ( يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا ) كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهُ ثَمَنًا ( فَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ ) مِنْ الْقُرْآنِ ( أَوْ جُزْءٍ ) مِنْهُ بِنَفْسِهِ ( اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ ) أَيْ الْمُصْدَقِ .
( وَ ) اُشْتُرِطَ ( عِلْمُ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِالْمَشْرُوطِ ) تَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَعْلَمَا عَيْنَهُ وَسُهُولَتَهُ أَوْ صُعُوبَتَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ ( وَكَّلَا ) أَوْ أَحَدُهُمَا مَنْ يُعَلِّمُهُ ( وَلَا يَكْفِي ) حِينَئِذٍ ( التَّقْدِيرُ بِالْإِشَارَةِ إلَى ) الْمَكْتُوبِ فِي ( أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ ) بِأَنْ يُقَالَ تَعَلَّمَهَا مِنْ هُنَا إلَى هُنَا إذْ لَا تُعْرَفُ بِهِ سُهُولَتُهُ وَصُعُوبَتُهُ وَاسْتَشْكَلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ الْكَفِيلِ الْمَشْرُوطَ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ جُهِلَتْ حَقِيقَتُهُ مِنْ الْإِعْسَارِ وَالْمَطْلِ وَضِدِّهِمَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَاحْتَطْنَا لَهُ وَالْكَفِيلُ تَوْثِقَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَخَفَّ أَمْرُهُ ( وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْحَرْفِ ) الَّذِي يُعَلِّمُهُ لَهَا كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ أَوْ أَبِي عُمَرَ وَكَمَا فِي الْإِجَارَةِ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ أَرَادَ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَنَسَبَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى الْبَغْدَادِيِّينَ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ يُعَلِّمُهَا مَا غَلَبَ عَلَى قِرَاءَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ ( فَإِنْ عَيَّنَهُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْحَرْفَ ( كَحَرْفِ نَافِعٍ تَعَيَّنَ ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ ( فَإِنْ خَالَفَ وَعَلَّمَهَا حَرْفَ أَبِي عُمَرَ فَمُتَطَوِّعٌ بِهِ وَيَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ الْحَرْفِ الْمُعَيَّنِ ) وَهُوَ حَرْفُ نَافِعٍ عَمَلًا بِالشَّرْطِ .
( وَإِنْ أَصْدَقَهَا التَّعْلِيمَ ) لِقُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ ( شَهْرًا جَازَ ) كَمَا فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا لَا تَعْلِيمِ ( سُورَةٍ فِي شَهْرٍ ) فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي الِاسْتِئْجَارِ لِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ الْيَوْمَ ( وَلَا مَا لَا

كُلْفَةَ فِيهِ كَتَعْلِيمِ لَحْظَةٍ أَوْ كَلِمَةٍ ) ك ثُمَّ نَظَرَ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ ( وَيَصِحُّ الْإِصْدَاقُ بِتَعْلِيمِ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ تَعَيَّنَ ) الزَّوْجُ ( لِلتَّعْلِيمِ ) كَأَنْ أَسْلَمَتْ وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ ( لَا ) بِتَعْلِيمِ ( الشَّهَادَتَيْنِ فِي نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ وَلَا بِأَدَاءِ شَهَادَةٍ ) لَهَا عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ فَلَوْ كَانَتْ لَا تَتَعَلَّمُ الشَّهَادَتَيْنِ إلَّا بِكُلْفَةٍ أَوْ كَانَ مَحَلُّ الْقَاضِي الْمُؤَدَّى عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ بَعِيدًا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مَرْكُوبٍ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( فَلَوْ لَمْ يُحْسِنْ ) الزَّوْجُ ( التَّعْلِيمَ ) لِمَا شُرِطَ تَعْلِيمُهُ ( لَمْ يَجُزْ ) إصْدَاقُهُ ( إلَّا فِي الذِّمَّةِ ) لِعَجْزِهِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَيَأْمُرُ فِيهِ غَيْرَهُ بِتَعْلِيمِهَا أَوْ يَتَعَلَّمُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ إصْدَاقُ مَا لَا يُمْكِنُ الْقِيَامُ بِهِ .
( وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ثُمَّ يُعَلِّمَهَا لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ الْعَمَلَ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهِ وَالْأَعْيَانُ لَا تُؤَجَّلُ ( وَلَوْ أَبْدَلَا مَنْفَعَةً بِمَنْفَعَةٍ فِي عَقْدٍ مُجَدَّدٍ جَازَ ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ قَبَضَهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ بِمَنْفَعَتِهَا دَابَّةً وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِي الْمَنْفَعَةِ الْعَيْنِيَّةِ بِخِلَافِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ إذْ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لِامْتِنَاعِهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ ( وَلَوْ أَرَادَتْ تَعْلِيمَ غَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ ) أَيْ الزَّوْجَ الْإِجَابَةُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْحِفْظِ وَالْفَهْمِ ( وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ عَبْدِهَا ) أَوْ خِتَانَهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( جَازَ ) لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا ( لَا ) تَعْلِيمَ ( وَلَدِهَا ) فَلَا يَجُوزُ إصْدَاقُهُ لَهُمَا كَمَا لَوْ شَرَطَ الصَّدَاقَ لَهُ ( إلَّا إنْ لَزِمَهَا تَعْلِيمُ الْوَلَدِ ) فَيَجُوزُ كَالْعَبْدِ ( وَإِذَا تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ لِبَلَادَةٍ نَادِرَةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَلَّمَهَا غَيْرُهُ ) أَوْ مَاتَتْ أَوْ

مَاتَ الزَّوْجُ وَالشَّرْطُ أَنْ يُعَلِّمَ بِنَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ ( وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ) كَمَا لَوْ تَلِفَ الصَّدَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَحَلُّهُ فِي الطَّلَاقِ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَيَجِبُ النِّصْفُ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَّمَهَا عَطْفٌ عَلَى تَعَذَّرَ وَجَعَلَهُ الْأَصْلُ مِثَالًا لِلتَّعَذُّرِ فَالْمُوَافِقُ أَنْ يَقُولَ أَوْ تَعْلِيمَ غَيْرِهِ لَهَا .
( وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) فِي ( أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّمْهَا ) وَإِنْ أَحْسَنَتْ التَّعَلُّمَ وَادَّعَتْ حُصُولَهُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصَّدَاقِ وَرُبَّمَا تَعَلَّمَتْ مِنْ غَيْرِهِ ( فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهَا ) وَقَبْلَ الدُّخُولِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ ) لِلتَّعْلِيمِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَأَقْبَضَهَا فَتَلِفَتْ عِنْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْنِ ( أَوْ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَلَا يُؤْمَنُ الْوُقُوعُ فِي التُّهْمَةِ وَالْخَلْوَةُ لِمُحَرَّمَةٍ لَوْ جَوَّزْنَا التَّعْلِيمَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ وَلَيْسَ سَمَاعُ الْحَدِيثِ كَذَلِكَ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَضَاعَ وَلِلتَّعْلِيمِ بَدَلٌ يَعْدِلُ إلَيْهِ انْتَهَى وَفَارَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةَ حَيْثُ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهَا لِلتَّعْلِيمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَدْ تَعَلَّقَتْ آمَالُهُ بِالْآخَرِ وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا نَوْعُ وُدٍّ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فَامْتَنَعَ التَّعْلِيمُ لِقُرْبِ الْفِتْنَةِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّ قُوَّةَ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّعْلِيمِ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ .
وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي يُبِيحُ النَّظَرَ هُوَ التَّعْلِيمُ الْوَاجِبُ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَمَا هُنَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ وَأَفْهَمَ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَحْرُمْ الْخَلْوَةُ بِهَا كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا

تُشْتَهَى أَوْ صَارَتْ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ أَوْ نَكَحَهَا ثَانِيًا لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّعْلِيمُ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَذُّرِ مَا يَشْمَلُ التَّعَسُّرَ وَإِلَّا فَالتَّعْلِيمُ مُمْكِنٌ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بِحَضْرَةِ مَنْ تَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَيَسَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ كَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فَقَدْ يُقَالُ لَا تَعَذُّرَ وَهُوَ مَا فِي النِّهَايَةِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ بَقَاءُ التَّعَذُّرِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ مَنْ تَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ قَدْ لَا يَرْضَى بِالْحُضُورِ أَوْ يَرْضَى لَكِنْ بِأُجْرَةٍ وَذَلِكَ خِلَافُ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فَيَتَعَذَّرُ التَّعْلِيمُ ( وَإِنْ أَصْدَقَ كِتَابِيَّةً تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ ( صَحَّ إنْ تَوَقَّعَ إسْلَامَهَا وَإِلَّا فَسَدَ ) لِجَوَازِ تَعْلِيمِهِ لَهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي خَوْفًا مِنْ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهَا مَا لَا يَلِيقُ بِحُرْمَتِهِ ( كَتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ ) لَهَا أَوْ لِمُسْلِمَةٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ إذْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِتَبْدِيلِهِ .
( أَوْ أَصْدَقَ التَّوْرَاةَ ) أَوْ الْإِنْجِيلَ ( كِتَابِيَّةً فَأَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ التَّعْلِيمِ فَلَا شَيْءَ لَهَا ) سِوَاهُ ( أَوْ قَبْلَهُ فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) يَجِبُ لَهَا كَمَا فِي الْخَمْرِ ( وَإِنْ أَصْدَقَهَا ) أَيْ الْمَرْأَةَ ( تَعْلِيمَ فِقْهٍ أَوْ شِعْرٍ ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ ( لَا هَجْوٍ أَوْ ) أَصْدَقَهَا ( رَدَّ عَبْدِهَا مِنْ مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ جَازَ ) بِخِلَافِ تَعْلِيمِ الْمَحْجُورِ وَنَحْوِهِ وَرَدِّ عَبْدِهَا مِنْ مَوْضِعٍ مَجْهُولٍ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَإِذَا صَحَّ الصَّدَاقُ فِي رَدِّ عَبْدِهَا ( فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ رَدِّهِ ) وَقَبْلَ الدُّخُولِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ أَوْ قَبْلَهُ رَدَّهُ إلَى نِصْفِ الطَّرِيقِ ) بِاعْتِبَارِ الْمُؤْنَةِ ( وَسَلَّمَهُ ) هُنَاكَ ( لِحَاكِمٍ وَنَحْوِهِ ) كَوَلِيٍّ أَوْ وَكِيلٍ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ) هُنَاكَ ( مَنْ

يَقْبِضُهُ ) مِنْهُ ( رَدَّهُ إلَيْهَا وَلَهُ ) عَلَيْهَا ( نِصْفُ الْأُجْرَةِ ) إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ ( فَإِنْ عَادَ ) الْعَبْدُ ( بِنَفْسِهِ أَوْ رَدَّ ) أَيْ أَوْ بِرَدِّ ( غَيْرِهِ ) أَوْ مَاتَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) أَيْ نِصْفُهُ ( لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ أَوْ تَزَوَّجَ ) هَا ( عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ ) مَعْلُومٍ .
( فَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ عَجَزَ هُوَ ) أَيْ الزَّوْجُ كَأَنْ سَقَطَتْ يَدُهُ أَوْ مَاتَ ( وَالْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ) لَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ ( فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ ) وَقَبْلَ الدُّخُولِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ قَبْلَهَا خَاطَ نِصْفَهُ إنْ ضُبِطَ ) فِعْلُ الْخِيَاطَةِ فِيهِ ( وَإِلَّا فَعَلَيْهِ ) لَهَا ( نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَصْدَقَهَا الْعَفْوَ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ عَلَيْهَا جَازَ ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَقْصُودٌ لَا إنْ أَصْدَقَهَا الْعَفْوَ ( عَنْ حَدِّ قَذْفٍ و ) عَنْ ( شُفْعَةٍ ) فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ( وَلَا ) يَجُوزُ ( جَعْلُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( طَلَاقَ أُخْرَى أَوْ جَعْلُ بُضْعِ أَمَتِهِ صَدَاقًا ) لِمَنْكُوحَةٍ فِيهِمَا وَلَوْ قَالَ أَوْ بُضْعٍ كَانَ أَوْلَى

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الصَّدَاقَ رَدَّ عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ جَمَلِهَا الشَّارِدِ وَمَكَانُهُمَا مَعْرُوفٌ صَحَّ وَيَكُونُ إجَارَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ حِينَئِذٍ بَاطِلٌ وَالْمُعَاقَدَةُ عَلَيْهِ جَعَالَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَالصَّدَاقُ لَازِمٌ فَتَنَافَيَا وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَعَلِمَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ بِالْمَشْرُوطِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِعِلْمِ الْوَلِيِّ عَنْ عِلْمِ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ الرَّشِيدَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهَا فَتَأَمَّلْهُ .
قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّهُ وَكِيلُهَا وَالْأَعْوَاضُ يَكْفِي فِيهَا عِلْمُ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُوَكِّلُ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا أَذِنَتْهُ لِيَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي نَظِيرِ تَعْلِيمِ كَذَا لَهَا كا ( قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ إلَخْ ) يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُشَاهَدَةَ الْكَفِيلِ تُفِيدُ إذْ الظَّاهِرُ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ بِخِلَافِ مُشَاهَدَةِ الْمَكْتُوبِ ( قَوْلُهُ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إيرَادُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَمُتَطَوِّعٌ بِهِ ) لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَ مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَلَا تَضَمُّنَ لَهُ ( قَوْلُهُ وَلَا مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ ) كَتَعْلِيمِ لَحْظَةٍ أَوْ كَلِمَةٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَهِيَ الْكَوْثَرُ ثَلَاثُ آيَاتٍ فَصَاعِدًا لِيَكُونَ قَدْرَ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْإِعْجَازُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْإِعْجَازُ وَتَعَيُّنُ الْقُرْآنِ يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( وَقَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَحْسُنْ التَّعْلِيمُ لَمَا شَرَطَ تَعْلِيمَهُ ) بِأَنْ لَمْ يَحْفَظْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُعَلِّمَهَا إيَّاهُ مِنْ الْمُصْحَفِ .

( قَوْلُهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا ) أَيْ خِتَانُهُ كَذَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا بِتَضْبِيبٍ ( قَوْلُهُ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي تَعْلِيمِ عَبْدِهَا وُجُوبَهُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ فِي وَلَدِهَا وَخِتَانِ عَبْدِهَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ وَلَدِهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا صَدَاقٌ كَمَا لَوْ شَرَطَ الصَّدَاقَ لِوَلَدِهَا وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ غُلَامِهَا قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَصِحُّ كَالْوَلَدِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يَصِحُّ وَهَذَا أَصَحُّ وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا تَعْلِيمُ الْوَلَدِ أَوْ خِتَانُ عَبْدٍ فَشَرَطَتْهُ صَدَاقًا جَازَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْوُجُوبِ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ ( قَوْلُهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا ) أَيْ خِتَانُهُ ( قَوْلُهُ أَوْ طَلَاق ) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَبَانَتْ قَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ بَانَتْ الْفِرَاقَ بَيْنَهُمَا لِيَتَنَاوَلَ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ وَالْبَائِنَ وَالْفَسْخَ وَالِانْفِسَاخَ لِأَنَّ إرَادَةَ الْبَيْنُونَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُخَالِفَةٌ لِظَوَاهِرِ الْكُتُبِ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا لَفْظُ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ قَالَ الكوهكيلوني وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَذُّرُ لِإِمْكَانِ عَوْدِ الْمَحَلِّ وَحُصُولِ التَّعْلِيمِ .
( قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ ) مَحَلُّهُ إذَا الْتَزَمَ تَعْلِيمَهَا بِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ الْتَزَمَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَهُ تَحْصِيلُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مَا أَصْدَقَهُ إيَّاهَا مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ النِّسَاءِ وَلَا يَتَعَذَّرُ قَطْعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيمِهَا جَمِيعَ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِ شَطْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالنَّظَرُ فِيمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُعَلِّمُهَا مَا أَصْدَقَهَا إيَّاهُ غَيْرُهُ وَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهَا كَالْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَمَعْرِفَةِ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِجَوَازِ التَّعَلُّمِ مَعَ التَّحَرُّزِ مِنْ الْخَلْوَةِ لِمَسِيسِ

الْحَاجَةِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ ) وَقِيلَ الْقَصْدُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْلِيمِ الْأَمْرَدُ خَاصَّةً أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَفْقِدُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مِنْ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَلَا يَجُوزُ نَظَرُ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا لِلتَّعْلِيمِ وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ التَّعَذُّرَ بِالتُّهْمَةِ الْحَاصِلَةِ بِتَعْلِيمِ الْمَنْطِق فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ أَعْظَمُ مِنْ تُهْمَةِ الْأَجْنَبِيِّ ( قَوْلُهُ أَوْ صَارَتْ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ ) أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِنْتَهَا مَثَلًا ( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَيَسَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَالْمَجْلِسَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْمَجْلِسُ مِثَالٌ لِلزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَقَدْ يُقَالُ لَا تَعَذُّرَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ أَوْ أَصْدَقَهَا الْعَفْوَ ) عَنْ قِصَاصٍ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى عَبْدِهَا

( فَصْلُ الْخِيَارِ الثَّابِتِ هُنَا ) لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَهُمَا ( لِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ ) فِي الصَّدَاقِ ( عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الْهِبَةِ وَلَا يَمْلِكُ ) الزَّوْجُ الصَّدَاقَ أَوْ نِصْفَهُ ( قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الرُّجُوعَ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِاعْتِبَارِ التَّخْيِيرِ وَالتَّوَافُقِ مَعْنًى .
( لَكِنْ عِنْدَ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ ) لَهَا ( نُكَلِّفُهَا الِاخْتِيَارَ ) فَلَا تُمَكَّنُ مِنْ تَأْخِيرِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي طَلَبِهِ تَعْيِينُ الْعَيْنِ وَلَا الْقِيمَةِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُنَاقِضُ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إلَيْهَا بَلْ يُطَالِبُهَا بِحَقِّهِ عِنْدَهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ امْتَنَعَتْ ) مِنْ الِاخْتِيَارِ ( لَمْ تُحْبَسْ ) لَهُ ( وَنُزِعَتْ مِنْهَا الْعَيْنُ ) وَمُنِعَتْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا ( فَإِنْ أَصَرَّتْ ) عَلَى الِامْتِنَاعِ وَكَانَ نِصْفُ الْقِيمَةِ دُونَ نِصْفِ الْعَيْنِ لِلزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ ( بِيعَ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ ( بِقَدْرِ الْوَاجِبِ ) مِنْ الْقِيمَةِ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ بَاعَ ) الْقَاضِي ( الْجَمِيعَ وَتُعْطَى ) هِيَ ( الزَّائِدَ ) عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ ( فَإِنْ اسْتَوَى نِصْفُ الْعَيْنِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ أَعْطَى نِصْفَ الْعَيْنِ ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ ظَاهِرًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِعْطَاءِ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ بِهِ الْقَاضِي وَفِيهِ نَظَرٌ ( وَإِنْ اسْتَحَقَّ ) الزَّوْجُ ( الرُّجُوعَ ) بِالصَّدَاقِ أَوْ نِصْفِهِ بِأَنْ لَمْ يَزِدْ ( اسْتَقَلَّ بِهِ ) وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِيمَا لَوْ دَبَّرَتْ الصَّدَاقَ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا فَيَسْتَقِلُّ الزَّوْجُ بِالرُّجُوعِ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ .
( فَرْعٌ حَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ ) فِي الصَّدَاقِ الْمُتَقَوِّمِ لِتَلَفِهِ أَوْ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهَا أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فِيهِ ( فَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتَيْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ و ) يَوْمِ ( الْقَبْضِ ) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهَا لَا تَعَلُّقَ لِلزَّوْجِ بِهَا وَالنَّقْصُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ

عَلَيْهَا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ أَيْضًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِنْ تَعْبِيرِ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ ( وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَزَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْمُفْتِي بِهِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ النَّصَّ مَفْرُوضٌ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ الْحَاصِلَيْنِ بَيْنَ الْقَبْضِ وَالتَّلَفِ وَالْكَلَامُ هُنَا مَفْرُوضٌ فِي الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ ( وَلَوْ تَلِفَ ) الصَّدَاقُ ( بَعْدَ الطَّلَاقِ فِي يَدِهَا ضَمِنَتْهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ ) لِأَنَّ مِلْكَهُ تَلِفَ تَحْتَ يَدِ ضَامِنِهِ كَالْمَبِيعِ التَّالِفِ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ .

( فَصْلٌ الْخِيَارُ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ وَمُنِعَتْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا .
) لِأَنَّ عَلَقَةَ الزَّوْجِ فِيهَا فَوْقَ عَلَقَةِ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ وَالْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِعْطَاءِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ بِهِ الْقَاضِي ) لِأَنَّ مُدْرِكَهُ بِالِاجْتِهَادِ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ إلَخْ ) الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ عَنْ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ سَاوَتْ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا أَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْقِيمَتَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا .
وَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ إنَّهُ يُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَةٍ مِنْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ إلَى الْقَبْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ ضَمِنَتْهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ ) هَذَا إنْ لَمْ تَمْنَعْهُ مِنْهُ بَعْدَ طَلَبِهِ وَإِلَّا ضَمِنَتْهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الكوهكيلوني وَظَنِّي أَنَّهُ إنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَرَجَعَ إلَى كُلٍّ الْمَهْرُ وَأَبَتْ وَلَمْ يَزِدْ ثَمَنُ الْكُلِّ عَلَى كُلِّ الْقِيمَةِ قَضَى الْحَاكِمُ لَهُ بِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ مِنْهُ عَلَى قِيمَتِهِ قَضَى لَهُ بِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ وَأَوْفَقَ لِلْعُمُومِ فِي قَوْلِهِ بَيْعُ مَا يَفِي بِهِ

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ التَّشْطِيرِ ) لِلصَّدَاقِ ( بَعْدَ التَّصَرُّفِ ) مِنْ الزَّوْجَةِ فِيهِ ( فَزَوَالُ مِلْكِهَا عَنْهُ ) بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ( لَا إنْ عَادَ ) إلَيْهَا ( كَتَلَفِهِ فَيَرْجِعُ ) الزَّوْجُ ( إلَى ) نِصْفِ ( الْبَدَلِ ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ إلَيْهَا فَلَهُ نِصْفُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَلِ فَالْعَيْنُ أَوْلَى مِنْهُ وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَعَادَ إلَيْهَا مَعَ طَلَاقِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَخْذِهِ الْبَدَلَ وَالْأَوْلَى وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفُهِمَ بِالْأُولَى أَنَّهَا لَوْ كَاتَبَتْهُ ثُمَّ عَجَّزَ نَفْسَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ كَانَ لَهُ الْعَوْدُ فِي نِصْفِهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُ تَصَرُّفِهَا بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ ( وَكَذَا مَرْهُونٌ إنْ قَبَضَ كَالْمَوْهُوبِ وَمَبِيعٍ بِخِيَارٍ حَكَمْنَا بِانْتِقَالِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَى نِصْفِ الْبَدَلِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ إلَّا فِي الْمَرْهُونِ فَلِتَعَلُّقِ الْحَقِّ اللَّازِمِ بِهِ بِخِلَافِ مَرْهُونٍ وَمَوْهُوبٍ لَمْ يُقْبَضَا وَمَبِيعٍ بِخِيَارٍ لَمْ يُحْكَمْ فِيهِ بِانْتِقَالِهِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْعَاقِدَيْنِ أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَلَهُ نِصْفُ الْعَيْنِ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ وَذِكْرُ حُكْمِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( ثُمَّ الْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ ) مِنْهَا لِلصَّدَاقِ ( عَيْبٌ ) لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِمَا فَيَتَخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ رُجُوعِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَرُجُوعِهِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ ( فَإِنْ صَبَرَ ) فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالتَّزْوِيجِ بِأَنْ قَالَ مَعَ اخْتِيَارِهِ رُجُوعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي صُورَتِهِ أَنَا أَصْبِرُ إلَى انْقِضَاءِ

مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ ( فَلَهَا الِامْتِنَاعُ ) لِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَطَرِ الضَّمَانِ ( حَتَّى يَقْبِضَ ) هُوَ ( الْمُسْتَأْجَرَ وَالْمَرْهُونَ ) وَالْمُزَوِّجُ ( وَيُسَلِّمَهَا ) أَيْ الْعَيْنَ الْمُصَدَّقَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ لَهَا ( لِتَبْرَأَ ) أَيْ الزَّوْجَةُ مِنْ الضَّمَانِ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ حِينَئِذٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ فِي صُورَتِهِ فِي نِصْفِهَا وَمَا فَسَّرْت بِهِ ضَمِيرَ يُسَلِّمُهَا هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ وَيَجُوزُ عَوْدُهُ عَلَى الزَّوْجَةِ أَيْ وَيُسَلِّمُهَا أَيْ الصَّدَاقَ ( أَوْ تُعْطِيهِ ) مَعْطُوفٌ عَلَى يَقْبِضُ أَيْ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ لِتُقْبِضَ الزَّوْجَ مَا ذُكِرَ إلَى آخِرِهِ أَوْ لِتُعْطِيَهُ ( نِصْفَ الْقِيمَةِ وَلَوْ وَصَّتْ بِعِتْقِ الْعَبْدِ ) الْمُصْدَقِ ( رَجَعَ فِيهِ ) الزَّوْجُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ بِحَقٍّ لَازِمٍ .
( وَكَذَا ) يَرْجِعُ فِيهِ ( لَوْ دَبَّرَتْهُ أَوْ عَلَّقَتْ عِتْقَهُ ) بِصِفَةٍ ( وَهِيَ مُعْسِرَةٌ ) فِيهِمَا لِذَلِكَ ( لَا مُوسِرَةٌ ) لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ مَعَ قُدْرَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْوَفَاءِ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَالرُّجُوعِ بِقُوَّتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهِ لَا يُفَوِّتُ حَقَّ الزَّوْجِ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَصْرِيحُهُ بِالتَّرْجِيحِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعْسِرَةِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ فِي نِصْفِهِ بَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْمُدَبَّرِ ( وَلَا يَمْنَعُ التَّدْبِيرُ فَسْخَ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ وَلَا رُجُوعَ ) الْأَصْلِ ( الْوَاهِبِ ) فِي هِبَتِهِ لِفَرْعِهِ لِقُوَّةِ الْفَسْخِ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ مَحْضٌ وَمَنْعُ الرُّجُوعِ فِي الْوَاهِبِ يُفَوِّتُ الْحَقَّ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الصَّدَاقِ فِيهِمَا ( وَلَوْ طَلَّقَهَا ) قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَهُوَ مُحْرِمٌ وَالصَّدَاقُ صَيْدٌ عَادَ إلَيْهِ نِصْفُهُ ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَنْشَأُ لِاجْتِلَابِ الْمِلْكِ فَأَشْبَهَ الْإِرْثَ ( وَلَمْ يَلْزَمْ ) بَلْ لَمْ يَجُزْ ( إرْسَالُهُ لِلشَّرِكَةِ ) وَلَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ

الدُّخُولِ رَجَعَ الصَّيْدُ إلَى مِلْكِهِ وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ .

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ النَّظَرِ ) ( قَوْلُهُ فَزَالَ مِلْكُهَا عَنْهُ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُمْكِنُ اسْتِرْجَاعُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا أَوْ أَفْلَسَ مُشْتَرِيهِ وَهُوَ بَاقٍ بِعَيْنِهِ يُمْكِنُهَا الرُّجُوعُ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَحْجُورَةً لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ وَقَدْ أَفْلَسَ مُشْتَرِيهِ وَكَانَ الْحَظُّ لَهَا فِي الرُّجُوعِ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ اسْتِرْجَاعُهُ وَرَدُّ نِصْفِهِ عَلَى الزَّوْجِ أَخْذًا بِالْأَحَظِّ لَهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ قو ( قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمَرْهُونِ فَلِتَعَلُّقِ الْحَقِّ اللَّازِمِ بِهِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُرْتَهِنُ فَلَوْ رَهَنَتْهُ عِنْدَ الزَّوْجِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا فَإِذَا طَلَّقَهَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ النِّصْفُ إلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ انْفَسَخَ الرَّهْنُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَتْ الْعَيْنَ مِنْهُ فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا الزَّوْجُ إنْ كَانَتْ أَمَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا فِكَاكُ الرَّهْنِ جَزْمًا وَرَأَيْت فِي حَوَاشِي الْوَسِيطِ لِابْنِ السِّكْرِيِّ ذَكَرَ فِيهِ وَجْهَيْنِ نَعَمْ يَظْهَرُ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّ الْمَحْجُورَةِ الْفَكُّ وَالتَّسْلِيمُ إذَا كَانَ حَظُّهَا ظَاهِرًا فِيهِ ( قَوْلُهُ وَرُجُوعُهُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ ) بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي التَّحَالُفِ لِأَنَّ الْعَوْدَ بِالطَّلَاقِ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعَلُّقَ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ كَرَهْنِهِ غ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ مَعَ قُدْرَةِ الزَّوْجَةِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ قُرْبَةٌ مُتَعَلِّقٌ بِهَا غَرَضٌ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقِيمَةِ .
( قَوْلُهُ وَتَصْرِيحُهُ بِالتَّرْجِيحِ وَالتَّقْيِيدِ إلَخْ ) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَغَيْرُهُ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا

كَانَتْ مُوسِرَةً تَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَجَعَ إلَى نِصْفِ الْعَبْدِ قَطْعًا ( قَوْلُهُ وَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ فِي نِصْفِهِ بَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا إلَخْ ) وَلَوْ بَاعَتْ الْمُدَبَّرَ ثُمَّ مَلَكَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهُ تَرْكُ الْعَيْنِ وَطَلَبُ نِصْفِ الْقِيمَةِ خَوْفًا مِنْ حُكْمِ قَاضٍ بِبُطْلَانِ الرُّجُوعِ وَالْبَيْعِ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مُدَبَّرٌ فَعَلَّقْنَاهُ بِالْقِيمَةِ فَزَالَ التَّدْبِيرُ قَبْلَ أَخْذِهَا فَفِي الرُّجُوعِ إلَى نِصْفِهِ وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ وَالصَّدَاقُ نَاقِصٌ أَوْ زَائِلٌ عَنْ مِلْكِهَا فَزَالَ النَّقْصُ وَعَادَ الْمِلْكُ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَالتَّعْلِيقُ بِصِفَةٍ كَالتَّدْبِيرِ وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ إلَخْ أَصَحُّهُمَا الرُّجُوعُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ إلَخْ ) لَوْ أَصْدَقَ الْكَافِرُ كَافِرَةً عَبْدًا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَادَ إلَيْهِ نِصْفُهُ

( فَصْلٌ الْوَلِيُّ لَا يَعْفُو عَنْ صَدَاقٍ ) لِمُوَلِّيَتِهِ وَلَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ ( مُطْلَقًا ) أَيْ مُجْبِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَوْ بَعْدَهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا دَيْنًا كَانَ الصَّدَاقُ أَوْ عَيْنًا كَسَائِرِ دُيُونِهَا وَحُقُوقِهَا ( وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) فِي قَوْله تَعَالَى إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ ( الزَّوْجُ ) يَعْفُو عَنْ حَقِّهِ لِيُسَلِّمَ لَهَا كُلَّ الْمَهْرِ لَا الْوَلِيُّ إذْ لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ عُقْدَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ بِيَدِ الزَّوْجِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِهَا بِالْفُرْقَةِ ( فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا ) فِي ذِمَّتِهِ أَوْ ذِمَّتِهَا بِأَنْ قَبَضَتْهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهَا ( فَالتَّبَرُّعُ بِهِ ) مِنْ مُسْتَحِقِّهِ ( يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْعَفْوِ وَالْإِسْقَاطِ وَالتَّرْكِ ) وَالتَّحْلِيلِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَةِ ( وَكَذَا ) بِلَفْظِ ( الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ ) مَعَ ذَلِكَ ( قَبُولٌ ) مِنْ الْمَدِينِ اعْتِمَادًا عَلَى حَقِيقَةِ التَّصَرُّفِ وَهِيَ الْإِسْقَاطُ .
( وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ عَيْنًا اُشْتُرِطَ ) فِي التَّبَرُّعِ بِهِ ( التَّمْلِيكُ ) بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ( وَالْإِقْبَاضُ ) إنْ كَانَ حَاضِرًا فِي يَدِ الْمُتَبَرِّعِ ( أَوْ إمْكَانُهُ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ ) أَيْ الْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهِ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ غَائِبٌ وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ ( وَيُجْزِئُ ) أَيْ يَكْفِي فِي التَّبَرُّعِ بِالْعَيْنِ ( لَفْظُ الْعَفْوِ ) لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ كَمَا يَكْفِي لَفْظُ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ ( لَا ) لَفْظُ ( الْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهِ ) كَالْإِسْقَاطِ

.
( قَوْلُهُ فَالتَّبَرُّعُ بِهِ يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ مِنْ الصُّوَرِ صُورَةٌ فِي السَّلَمِ فِي الضَّمَانِ وَصُورَةٌ فِي الْإِجَارَةِ وَصُورَةٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَصُورَةٌ فِي الْقَرْضِ وَصُورَةٌ فِي النَّفَقَاتِ وَصُورَةٌ فِي اللُّقَطَةِ وَصُورَةٌ فِي كُلِّ ضَمَانٍ فِيهِ الْقَرَارُ وَصُورَةٌ فِي الْمَوَارِيث

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِيمَنْ وَهَبَتْ صَدَاقَهَا ) لِزَوْجِهَا ( ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَوَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِنِصْفِ الْبَدَلِ ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ عَنْ غَيْرِ جِهَتِهِ فَأَشْبَهَ لَوْ مَلَكَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلِأَنَّهَا صَرَفَتْهَا بِتَصَرُّفِهَا إلَى جِهَةِ مَصْلَحَتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَتْهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْهِبَةُ بِلَفْظِهَا أَمْ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ أَوْ الْعَفْوِ وَإِنَّمَا اُسْتُعْمِلَ الْعَفْوُ فِي هِبَةِ الْمَهْرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي هِبَةِ غَيْرِهِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ .
( وَلَوْ شَرَطَتْ ) فِي هِبَتِهَا لَهُ ( أَنْ لَا يَرْجِعَ ) فِي الْبَدَلِ ( إنْ طَلَّقَ فَسَدَتْ الْهِبَةُ ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ ( فَرْعٌ إذَا وَهَبَتْهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ ) ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِنِصْفِ الْبَاقِي وَبَدَلِ رُبُعِ الْكُلِّ ) لِأَنَّ الْهِبَةَ وَرَدَتْ عَلَى مُطْلَقِ النِّصْفِ فَيُشِيعُ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ وَمَا أَبْقَتْهُ ( وَمَتَى كَانَ ) الصَّدَاقُ ( دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ ) مِنْهُ ( أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ) ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ( لَمْ يَرْجِعْ ) عَلَيْهَا بِشَيْءٍ بِخِلَافِ هِبَةِ الْعَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا فِي الدَّيْنِ لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ مَالًا وَلَمْ تَتَحَصَّلْ عَلَى شَيْءٍ بِخِلَافِهَا فِي هِبَةِ الْعَيْنِ ( فَإِنْ سَلَّمَهُ ) أَيْ الدَّيْنَ أَيْ بَذَلَهُ لَهَا ( ثُمَّ وَهَبَتْهُ ) لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ( فَكَالْمُعَيَّنِ ) أَيْ فَكَهِبَةِ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ ( وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ النِّصْفِ ) ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ( فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الْبَاقِي أَمْ يَلْزَمُهُ لَهَا ) الْبَاقِي فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَيَكُونُ مَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ مَحْسُوبًا عَنْ حَقِّهِ كَأَنَّهَا عَجَّلَتْهُ ( وَجْهَانِ ) .
أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا رَجَّحُوهُ فِي هِبَةِ نِصْفِ الْعَيْنِ عَلَى

الْقَوْلِ بِأَنَّ هِبَتَهَا كُلَّهَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ التَّعْبِيرُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي بِأَلْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ غَلَطٌ وَصَوَابُهُ نِصْفُ الْبَاقِي كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَبِهِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ كَمَا رَأَيْت ( وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ ) الْمُشْتَرِي ( بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فَرَدَّهُ طَالَبَ بِالْبَدَلِ ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّدَاقِ ( وَأَبْرَاؤُهُ ) أَيْ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِيَ فِي ذَلِكَ ( عَنْ ثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ كَالْإِبْرَاءِ عَنْ صَدَاقٍ فِي الذِّمَّةِ ) فَلَا رُجُوعَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ حَصَلَ فَسْخٌ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي نِصْفِ الثَّمَنِ وَنِصْفِ الصَّدَاقِ وَالْأَمْرُ سَهْلٌ ( فَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ عُشْرِ الثَّمَنِ وَوَجَدَ ) الْمُشْتَرِي ( بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَرْشُهُ الْعُشْرُ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ ) بِحُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَهُ ( طَالَبَ ) الْبَائِعُ ( بِالْأَرْشِ ) وَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ مَا أُبْرِئَ عَنْهُ ( وَمَتَى شَهِدُوا لَهُ ) أَيْ لِشَخْصٍ ( بِعَيْنٍ ) ادَّعَاهَا عَلَى غَيْرِهِ ( ثُمَّ وَهَبَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَجَعَ الشُّهُودُ ) بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ شَهَادَتِهِمْ ( لَمْ يَغْرَمُوا ) لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَقُولُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ بَلْ يَزْعُمُ دَوَامَ الْمِلْكِ السَّابِقِ بِخِلَافِهِ فِي هِبَةِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ زَالَ حَقِيقَةً وَعَادَ بِالْهِبَةِ .

قَوْلُهُ وَوَهَبَتْهَا لَهُ ) أَيْ بَعْدَمَا قَبَضَتْهَا أَمَّا إذَا وَهَبَتْهَا قَبْلَ قَبْضِهَا وَقُلْنَا بِضَمَانِ الْعَقْدِ فَكَهِبَةِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ وَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهَا كَذَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ كَلَامَهُمَا يُخَالِفُهُ فَقَدْ وَهِمَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَرَدَتْ عَلَى مُطْلَقِ النِّصْفِ إلَخْ ) هَذَا قَوْلُ الْإِشَاعَةِ وَقَدْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ وَالرَّهْنِ قَوْلَ الْحَصْرِ وَحَكَيَا فِي الْعِتْقِ فِي شُرُوطِ السِّرَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُحْمَلُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا مَا يَمْلِكُ وَفِي الْإِقْرَارِ عَلَى الْإِشَاعَةِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَأَجَابَ بِهِ الْغَزَالِيُّ .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى التَّفْصِيلِ لِقُوَّةِ مَدْرَكِهِ أَوْ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَهُوَ الْحَقُّ لِكَوْنِهِ قَوْلَ الْأَكْثَرِينَ وَأَمَّا الْحَصْرُ مُطْلَقًا فَلَا وَجْهَ لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رُبَّمَا يَخْتَلِفُ التَّرْجِيحُ بِاخْتِلَافِ مَأْخَذٍ أَوْ قَرِينَةٍ أَوْ عُرْفٍ وَإِنْ اتَّحَدَ التَّصْوِيرُ وَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ وَالنَّظَرِ فِي الْمَأْخَذِ ( قَوْلُهُ وَمَتَى كَانَ دَيْنُهُ فَأَبْرَأَتْهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَدَيْنًا كَأَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا وَأَلْفًا فِي ذِمَّتِهِ فَوَهَبَتْ لَهُ الْعَبْدَ وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْحُكْمُ فِي الْعَيْنِ عَلَى مَا مَضَى لَوْ كَانَ كُلُّهُ عَيْنًا وَالْحُكْمُ فِي الدَّيْنِ عَلَى مَا مَضَى لَوْ كَانَ كُلُّهُ دَيْنًا ( قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( خَالَعَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ اسْتَحَقَّهُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى الصَّدَاقِ كُلِّهِ صَحَّ فِي نَصِيبِهَا فَقَطْ ) أَيْ دُونَ نَصِيبِهِ ( لَكِنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ التَّشْطِيرَ وَإِذَا ) الْأَوْلَى فَإِذَا ( فُسِخَ ) عِوَضُ الْخُلْعِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى النِّصْفِ الْبَاقِي لَهَا ) بَعْدَ الْفُرْقَةِ ( صَارَ الْكُلُّ ) أَيْ كُلُّ الصَّدَاقِ ( لَهُ ) نِصْفُهُ بِعِوَضِ الْخُلْعِ وَنِصْفُهُ بِالتَّشْطِيرِ ( وَمَتَى أَطْلَقَ ) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي لَهَا أَوْ غَيْره ( وَقَعَ ) الْعِوَضُ ( مُشْتَرَكًا ) بَيْنَهُمَا لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ وَكَأَنَّهُ خَالَعَ عَلَى نِصْفِ نَصِيبِهَا وَنِصْفِ نَصِيبِهِ فَيَصِحُّ فِي نِصْفِ نَصِيبِهَا فَقَطْ ( فَلَهَا ) عَلَيْهِ ( رُبُعُ الْمُسَمَّى وَلَهُ ) عَلَيْهَا ( ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ ) بِحُكْمِ التَّشْطِيرِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ ( وَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ) بِحُكْمِ مَا فَسَدَ مِنْ الْخُلْعِ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لَا تَبِعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ صَحَّ وَمَعْنَاهُ عَلَى مَا يَبْقَى لَهَا ) مِنْهُ .

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُتْعَةِ ) هِيَ اسْمٌ لِلْمَالِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ دَفْعُهُ لِامْرَأَتِهِ بِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهَا ( وَيَسْتَوِي فِيهَا الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ ) وَالْمُبَعَّضُ ( وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ ) وَالْمُبَعَّضَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ ( وَلَا تَجِبُ بِالْمَوْتِ ) لِأَنَّهَا مُتَفَجِّعَةٌ لَا مُسْتَوْحِشَةٌ ( وَلَا لِفُرْقَةٍ ) بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ ( قَبْلَ الدُّخُولِ إلَّا لِمُفَوِّضَةٍ لَمْ تَسْتَحِقَّ مَهْرًا ) بِأَنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ فَتَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ قَالَ تَعَالَى { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ } وَلِأَنَّ الْمُفَوِّضَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ فَتَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ لِلْإِيحَاشِ بِخِلَافِ مَنْ وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ بِتَسْمِيَةٍ أَوْ بِفَرْضٍ فِي التَّفْوِيضِ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيَكْفِي شَطْرُ مَهْرِهَا لِلْإِيحَاشِ وَالِابْتِذَالِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَل لَهَا سِوَاهُ بِقَوْلِهِ { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } ( وَتَجِبُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا بِالطَّلَاقِ وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا ) لِعُمُومِ { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ } وَخُصُوصِ { فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ } وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَخَلَ بِهِنَّ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ بُضْعِهَا وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا الزَّوْجُ فَيَجِبُ لِلْإِيحَاشِ مُتْعَةٌ .
( و ) تَجِبُ ( بِكُلِّ فُرْقَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَطَلَاقِ وَوَطْءِ أَبِيهِ ) أَوْ ابْنِهِ زَوْجَتَهُ ( بِشُبْهَةٍ ) وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ ( لَا فُرْقَةَ مِنْهَا كَالْفَسْخِ ) مِنْهَا ( بِعَيْبِهِ وَلَا ) فُرْقَةٍ ( بِسَبَبٍ مِنْهَا كَرِدَّتِهَا وَعِتْقِهَا ) وَعَيْبِهَا ( وَإِسْلَامِهَا وَإِسْلَامِ أَبِ صَغِيرَةٍ ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا كَمَا لَا يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلِانْتِفَاءِ الْإِيحَاشِ ( وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا ) لَا مُتْعَةَ لَهَا كَذَلِكَ وَتُفَارِقُ التَّشْطِيرَ بِأَنَّ

مِلْكَهَا لِلصَّدَاقِ سَابِقٌ عَلَى الرِّدَّةِ بِخِلَافِ الْمُتْعَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فِرَاقٌ مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْحِيَازَةِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ قَالَ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ ( أَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَإِنْ اسْتَدْعَى الزَّوْجُ شِرَاءَهَا لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِرَاقِ فَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا لَهُ لَأَوْجَبْنَاهَا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ تَجِبْ بِخِلَافِ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ لِلْبَائِعِ .
( وَتَجِبُ ) الْمُتْعَةُ ( لِسَيِّدِ ) الزَّوْجَةِ ( الْأَمَةِ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ ) كَالْمَهْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ فَارَقَهَا لَا مُتْعَةَ كَمَا لَا مَهْرَ
الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمُتْعَةِ ( قَوْلُهُ ) ( فَتَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ ) لِلْإِيحَاشِ وَلِأَنَّ تَطْلِيقَهَا يُؤَذِّنُ بِخَلَلٍ فَتَقِلُّ فِيهَا الرَّغَبَاتُ فَجَبَرْنَا ذَلِكَ بِالْمُتْعَةِ ( قَوْلُهُ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ ) بِأَنْ تَكُونَ أُمُّهُ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا بِعَبْدٍ مُفَوِّضَةً أَوْ ابْنَةُ كَافِرٍ زَوْجُهَا كَافِرٌ مُفَوِّضَةً وَعِنْدَهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوِّضَةِ ( قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ ) فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالِاخْتِيَارِ ( قَوْلُهُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ ) هُوَ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ

( فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ ) فِي فَرْضِ الْمُتْعَةِ ( ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا ) أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ ( وَأَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ ( فَلَوْ بَلَغَتْهُ أَوْ جَاوَزَتْهُ جَازَ ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا تَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِوُضُوحِهِ قُلْت وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ اسْتِحْبَابِ أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيُجْزِئُ مُتَمَوَّلٌ تَرَاضِيًا عَلَيْهِ ) كَمَا فِي الْمَهْرِ ( فَلَوْ تَنَازَعَا ) فِي قَدْرِهَا ( فَعَلَى قَدْرِ حَالَيْهِمَا ) مِنْ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَنَسَبِهَا وَصِفَاتِهَا تُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ } ( بِتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ ) بِاجْتِهَادِهِ .
( قَوْلُهُ الْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا ) أَيْ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْهَا ( قَوْلُهُ وَأَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ ) قَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ لَا يُبْلِغُهَا الْقَاضِي نِصْفَ الْمَهْرِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا تَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِوُضُوحِهِ ) إذْ لَا يَصِحُّ اجْتِهَادٌ يُؤَدِّي إلَى مُسَاوَاةِ مَا يَجِبُ لَهَا بِسَبَبِ الْإِيحَاشِ لِمَا يُرَغِّبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا لِلنِّكَاحِ لِأَنَّ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ فِي فَرْضِ الْحَاكِمِ إيَّاهَا وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَشْهَدُ لَهُ مِنْهَا أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ وَلَا بِحُكُومَةِ عُضْوٍ مُقَدَّرَهُ وَلَا بِالرَّضْخِ السَّهْمَ

( الْبَابُ السَّادِسُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ ) ( فَإِنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( أَوْ وَارِثَاهُمَا ) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ ( فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ ) وَكَانَ مُدَّعَى الزَّوْجِ الْأَقَلَّ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ نَكَحْتنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ بِخَمْسِمِائَةٍ ( أَوْ ) فِي ( صِفَتِهِ ) الشَّامِلَةِ لِجِنْسِهِ كَأَنْ قَالَتْ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَتْ بِأَلْفٍ صَحِيحَةٍ فَقَالَ بِمُكَسَّرَةٍ ( تَحَالَفَا كَمَا فِي الْبَيْعِ ) سَوَاءٌ اخْتَلَفَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَحْلِفَانِ ( عَلَى الْبَتِّ ) فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ ( إلَّا الْوَارِثَ فِي النَّفْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ نَفْيُ ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ ( الْعِلْمِ ) عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ فَيَقُولُ وَارِثُ الزَّوْجِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي نَكَحَهَا بِأَلْفٍ إنَّمَا نَكَحَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَقُولُ وَارِثُ الزَّوْجَةِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ نَكَحَ مُوَرِّثَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ إنَّمَا نَكَحَهَا بِأَلْفٍ ( ثُمَّ نَفْسَخُ ) الصَّدَاقَ ( وَيَجِبُ ) لَهَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْ ) لِمَصِيرِ الصَّدَاقِ بِالتَّحَالُفِ مَجْهُولًا ( فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مُسَمًّى ) وَكَانَ فَوْقَ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَتْهُ أَوْ دُونَهُ فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ ( وَأَنْكَرَ الْآخَرُ التَّسْمِيَةَ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا تَحَالَفَا ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْقَدْرِ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يَقُولُ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْآخَرَ يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ دُونَهُ عَلَى مَا عُرِفَ وَكَذَا يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَّعَى الزَّوْجَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( وَإِنْ ادَّعَاهُ ) أَيْ التَّفْوِيضَ ( فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ ) مِنْ جَانِبٍ ( وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ ) مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ

تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ وَكَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَظَاهِرٌ كَمَا قِيلَ إنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ .
( وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفْوِيضَ وَالْآخَرُ السُّكُوتَ عَنْ الْمَهْرِ صُدِّقَ الْآخَرُ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّفْوِيضِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا قَدَّمْته آنِفًا وَإِذَا حَكَمْنَا بِالتَّحَالُفِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ حَكَمْنَا لِلْحَالِفِ وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً حَكَمْنَا بِهَا ( وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) مُخْتَلِفَتَيْنِ ( بِقَدْرِهِ ) أَيْ الْمَهْرِ ( فَيَتَعَارَضَانِ ) حَتَّى يَتَسَاقَطَا فَيَتَحَالَفَا ( أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَجْهَانِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ ( وَلَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ وَمَهْرَ الْمِثْلِ فَاعْتَرَفَ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ ) أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( طُولِبَ بِالْبَيَانِ ) لِمَهْرٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ مَثَلًا فَلِلْقَاضِي فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا تَحْلِفُ وَيَثْبُتُ لَهَا الْمَهْرُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا طُولِبَ بِبَيَانِهِ ( لِيَتَحَالَفَا ) إنْ ادَّعَتْ زِيَادَةً عَلَى مَا بَيَّنَهُ ( فَإِنْ أَصَرَّ ) عَلَى الْإِنْكَارِ ( حَلَفَتْ ) يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا وَقَضَى لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا ابْتِدَاءً لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يُعْقَدُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَتَوَجَّهُ التَّحَالُفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ وَنَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدَّعِ قَدْرًا .
( وَإِنْ

ادَّعَتْ ) عَلَيْهِ مَعَ النِّكَاحِ ( مُسَمَّى قَدْرِ الْمَهْرِ فَقَالَ لَا أَدْرِي ) أَوْ سَكَتَ ( كُلِّفَ الْبَيَانَ ) لِمَهْرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ ( فَإِنْ أَصَرَّ ) عَلَى الْإِنْكَارِ ( حَلَفَتْ ) يَمِينَ الرَّدِّ ( وَقُضِيَ لَهَا ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ كُلِّفَ الْبَيَانَ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مَعَ حَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ قَالَ الْإِمَامُ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا قَالَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ لَهَا ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ يَعْنِي بَعْدَ دَعْوَاهَا عَلَيْهِ النِّكَاحَ وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ عَلِقَتْ بِهِ مِنْهُ فِيهِ هَذَا وَلَدِي مِنْهَا لَزِمَهُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ إذَا حَلَفَتْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ ظَاهِرٌ أَوْ قِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الْبَيَانَ إذَا أَنْكَرَ فَإِنْ أَصَرَّ حَلَفَتْ انْتَهَى فَتَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ إنَّمَا هُوَ فِي الَّتِي حَذَفَهَا كَاَلَّتِي ذَكَرَهَا أَوَّلًا لَا فِي الَّتِي ذَكَرَهَا ثَانِيًا وَفَارَقَتْهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى فِيهَا مَعْلُومٌ فَكَانَتْ كَنَظَائِرِهَا بِخِلَافِهِ فِيهِمَا لَكِنَّهُ جَزَمَ كَأَصْلِهِ فِيهَا فِي بَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهَا الْمَهْرُ لِإِقْرَارِهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ وَهَذَا هُوَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى حَذْفِهَا هُنَا .
( وَإِنْ ادَّعَتْ مُسَمًّى عَلَى الْوَارِثِ ) لِلزَّوْجِ ( فَقَالَ لَا أَدْرِي ) أَوْ سَكَتَ ( حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَوَجَبَ ) لَهَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِأَنَّ تَعَذُّرَ مَعْرِفَةِ الْمُسَمَّى كَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكَلَّفْ الْبَيَانَ كَمَا فِي دَعْوَاهَا عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا عَقَدَ بِهِ غَالِبًا ( وَالزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ يَتَحَالَفَانِ ) لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْعَاقِدُ وَلَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الْمَهْرِ فَكَانَ اخْتِلَافُهُ مَعَ الزَّوْجِ كَاخْتِلَافِ الْبَالِغَةِ

مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ فَلَا يَبْعُدُ تَحْلِيفُهُ وَفَائِدَةُ التَّحَالُفِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكُلُ الزَّوْجُ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ فَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْفَائِدَةُ تَحْصُلُ بِتَحْلِيفِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ مَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَلِّيهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَنَكَلَ لَا يَحْلِفُ وَإِنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ لِأَنَّهُ حَلَّفَهُ هُنَاكَ مُطْلَقًا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ فَهُوَ حَلِفٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُقْبَلُ النِّيَابَةُ وَهُنَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا فَهُوَ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالْمَهْرُ يَثْبُتُ ضِمْنًا .
( وَإِنَّمَا يَتَحَالَفَانِ إذَا ادَّعَى وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ الزِّيَادَةَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَاعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) بِدُونِهِ وَإِنْ نَقَصَ الْوَلِيُّ ( وَكَذَا إذَا اعْتَرَفَ ) الزَّوْجُ ( بِقَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَكْثَرَ فَلَا تَحَالُفَ لِئَلَّا يَرْجِعَ ) الْوَاجِبُ ( إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ فِي هَذَا كُلِّهِ ) الْأَوْلَى فِيهِ ( إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَذَا قَالُوهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الزَّوْجِ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ رَجَاءَ أَنْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ وَإِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ ثَبَتَ مَا قَالَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ وَذَكَرَ الزَّوْجُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَتَحَالَفَا بَلْ يُؤْخَذُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ فِيهَا عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ فِيهَا ( فَإِنْ نَكَلَ الْوَلِيُّ فَهَلْ يُقْضَى ) بِيَمِينِ صَاحِبِهِ ( أَوْ يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّبِيَّةِ ) فَلَعَلَّهَا تَحْلِفُ ( وَجْهَانِ ) رَجَّحَ مِنْهُمَا

الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ .
( وَتَحْلِفُ صَغِيرَةٌ بَلَغَتْ ) عَاقِلَةٌ ( قَبْلَ التَّحَالُفِ ) لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ فَلَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ ( وَيَجْرِي هَذَا ) الْحُكْمُ ( فِي ) اخْتِلَافِ الْمَرْأَةِ مَعَ ( وَلِيِّ الصَّغِيرِ وَفِي ) اخْتِلَافِ ( وَلِيِّ ) أَيْ وَلِيِّ الزَّوْجَيْنِ ( الصَّغِيرَيْنِ وَلَا يَحْلِفُ مُجْبِرُ الْبَالِغَةِ ) الْعَاقِلَةِ بَلْ هِيَ الَّتِي تَحْلِفُ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ وَكَالْمُجْبِرِ غَيْرُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( بِخِلَافِ الْوَكِيلَيْنِ ) فِي الْعَقْدِ الْمَالِيِّ كَالْبَيْعِ فَيَحْلِفَانِ لِأَنَّهُمَا الْعَاقِدَانِ بِخِلَافِ الْمُوَكِّلَيْنِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ ( وَلَا ) يَحْلِفُ ( وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ فِيمَا لَمْ يُنْشِئْهُ ) فَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهَا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ هُوَ يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِنْشَائِهِ ( بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) إنْ أَنْكَرَ وَلَمْ يَنْكُلْ ( وَلَا يُقْضَى بِنُكُولٍ ) مِنْهُ إنْ نَكَلَ بَلْ يَتَوَقَّفُ ( حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ ) أَوْ الصَّبِيَّةُ ( وَيَحْلِفُ ) وَكَالصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ ( وَإِنْ أَثْبَتَتْ ) بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ ( أَنَّهُ نَكَحَهَا أَمْسِ بِأَلْفٍ وَالْيَوْمَ بِأَلْفٍ لَزِمَاهُ ) لِإِمْكَانِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ كَانَ بِتَخَلُّلِهِمَا خُلْعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَرُّضِ لِتَخَلُّلِ الْفُرْقَةِ لِاسْتِلْزَامِ الثَّانِي لَهَا وَلَا لِلْوَطْءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الْمُسَمَّى فِي كُلِّ عَقْدٍ إلَى بَيَانِ الْمُسْقِطِ .
( فَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْوَطْءِ ) فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ ( وَيَشْطُرُ ) مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَلْفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ تَصْدِيقِهِ ( أَوْ ) ادَّعَى ( أَنَّ ) الْعَقْدَ ( الثَّانِيَ تَجْدِيدٌ لِلْأَوَّلِ ) لَا عَقْدٌ آخَرُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ

الظَّاهِرِ وَ ( حَلَّفَهَا ) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ لِإِمْكَانِهِ ( وَثَبَتَ لَهُ طَلْقَتَانِ ) بِمَعْنَى أَنَّهَا تَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَفِي عِبَارَتِهِ إجْحَافٌ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُطَالِبُ مِنْ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ إلَّا بِالنِّصْفِ وَتَكُونُ مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَلَوْ ادَّعَى فِي النِّكَاحِ الثَّانِي الطَّلَاقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَقَنَعَ مِنْهُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ الثَّانِي أَيْضًا ( وَإِنْ قَالَتْ ) حُرَّةٌ لِمَنْ يَمْلِكُ أَبَوَيْهَا وَنَكَحَهَا بِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا ( أَصْدَقْتنِي أُمِّي فَقَالَ بَلْ أَبَاك تَحَالَفَا ) كَمَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ وَفَسْخِ عَقْدِ الصَّدَاقِ .
( وَوَجَبَ ) لَهَا عَلَيْهِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ لَا إنْ نَكَلَا أَوْ نَكَلَتْ ) وَحَلَفَ هُوَ فَلَا يَجِبُ لَهَا مَهْرٌ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ الرَّدِّ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا ( وَعَتَقَ الْأَبُ ) دُونَ الْأُمِّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا ( بِإِقْرَارِهِ ) أَيْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَةُ الْأَبِ لِأَنَّهَا لَمْ تُفَوِّتْهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعْتُك أَبَاك فَأَنْكَرَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ ( وَوَقَفَ وَلَاؤُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ لَهَا وَهِيَ تُنْكِرُ وَلَا تُعْتَقُ الْأُمُّ إلَّا إنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ ) فَتُعْتَقُ الْأُمُّ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّهَا صَدَاقٌ بِيَمِينِ الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا ( وَإِنْ قَالَ أَصْدَقْتُك أَبَاك وَنِصْفَ أُمِّك فَقَالَتْ بَلْ ) أَصَدَقْتنِي كِلَيْهِمَا ( وَتَحَالَفَا ) وَفُسِخَ عَقْدُ الصَّدَاقِ ( فَلَهَا ) عَلَيْهِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهَا قِيمَةُ الْأَبِ وَنِصْفُ ) قِيمَةِ ( الْأُمِّ وَكَذَا ) قِيمَةُ ( بَاقِيهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى كَوْنِ الْأَبِ وَنِصْفِ الْأُمِّ صَدَاقًا فَعَتَقَا وَبِالتَّحَالُفِ ) مَعَ الْفَسْخِ ( رَجَعَا إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَغَرِمَتْ قِيمَتَهُمَا ) لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى

رَدِّ الْعِتْقِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَتَحَالَفَا .
( فَإِنْ حَلَفَ ) هُوَ ( وَنَكَلَتْ ) هِيَ عَتَقَ الْأَبُ وَنِصْفُ الْأُمِّ ( وَلَمْ يَسْرِ ) الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهَا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُعْسِرَةً كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَعَلَيْهَا لِأَنَّا حَكَمْنَا بِيَمِينِهِ أَنَّ الصَّدَاقَ هُوَ الْأَبُ وَنِصْفُ الْأُمِّ ( أَوْ حَلَفَتْ دُونَهُ عَتَقَا ) لِحُكْمِنَا بِأَنَّهُمَا صَدَاقٌ ( وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ قَالَتْ ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَصْدَقْتُك أَبَاك وَنِصْفَ أُمِّك ( بَلْ ) أَصَدَقْتنِي ( الْأُمَّ وَنِصْفَ الْأَبِ وَتَحَالَفَا ) وَفُسِخَ عَقْدُ الصَّدَاقِ ( فَلَهَا ) عَلَيْهِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ وَعِتْقُ نِصْفِ الْأَبِ مَجَّانًا ) بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ ( وَنِصْفِ الْأُمِّ بِالسِّرَايَةِ ) إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُوسِرَةً كَمَا فِي الْأَصْلِ ( فَتَغْرَمُ قِيمَتَهُ ) أَيْ نِصْفِ الْأُمِّ ( وَ ) عَتَقَ ( بَاقِيهِمَا بِاتِّفَاقِهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى دُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا قِيمَةُ مَا عَتَقَ مِنْ الْأُمِّ وَقِيمَةُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ قِيمَةِ الْأَبِ كُلِّهِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَتَقَ كُلَّهُ عَلَيْهَا بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا وَالزَّوْجَةُ تَزْعُمُ أَنَّ نِصْفَهُ عَتَقَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَنِصْفَهُ الْآخَرَ عَتَقَ عَلَيْهَا بِالسِّرَايَةِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى عِتْقِهِ كُلِّهِ لَكِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ .
وَالِاخْتِلَافُ فِي الْجِهَةِ لَا يَضُرُّ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ نِصْفَهُ الْآخَرَ لَمْ يُعْتَقْ بِالسِّرَايَةِ بِإِقْرَارِهِ كَنِصْفِهِ الَّذِي غَرِمَتْ قِيمَتَهُ لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تُوَافِقْهُ عَلَيْهِ لَمْ تَغْرَمْ قِيمَتَهُ إذْ لَا صُنْعَ مِنْهَا فِيهِ ( وَإِنْ أَعْطَاهَا مَالًا فَقَالَتْ ) أَعْطَيْتنِيهِ هَدِيَّةً ( وَقَالَ ) بَلْ ( صَدَاقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) الْمُعْطَى ( مِنْ جِنْسِهِ ) أَيْ الصَّدَاقِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لَفْظٌ وَاخْتَلَفَا فِيمَا نَوَاهُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ

بِكَيْفِيَّةِ إزَالَةِ مِلْكِهِ وَبِنِيَّتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ وَقَعَ عَنْهُ وَإِلَّا فَإِنْ رَضِيَا بِبَيْعِهِ بِالصَّدَاقِ فَذَاكَ وَإِلَّا اسْتَرَدَّهُ وَأَدَّى الصَّدَاقَ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَلَهُ الْبَدَلُ عَلَيْهَا وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقَاصِّ انْتَهَى وَالْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ وُجِدَ فِي نُسَخِهِ ( وَإِنْ أَعْطَى غَيْرُ غَرِيمٍ ) أَيْ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ ( شَيْئًا وَقَالَ أَعْطَيْتُك إيَّاهُ بِعِوَضٍ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ نُسَوِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ فَيُقَالُ إنَّهُ أَعْرَفُ بِكَيْفَيْهِ إزَالَةِ مِلْكِهِ أَوْ يُقَالُ كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا عِوَضَ عَلَى الْمُعْطَى لَهُ فَالْأَصْلُ أَنْ يَبْقَى الصَّدَاقُ وَلَا يَصِيرَ عِوَضًا عَنْ الْمُعْطَى انْتَهَى .
وَيُجَابُ بِأَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَقِلٌّ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَبِقَصْدِهِ وَبِأَنَّهُ يُرِيدُ إبْرَاءَ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مُعْطِي مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهِمَا ( وَتُسْمَعُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ إلَى وَلِيِّ صَغِيرَةٍ ) وَمَجْنُونَةٍ ( وَسَفِيهَةٍ لَا ) إلَى وَلِيِّ ( رَشِيدَةٍ ) وَلَوْ بِكْرًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ ( إلَّا إنْ ادَّعَى إذْنَهَا نُطْقًا ) فَتُسْمَعُ عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ الصَّرِيحِ لَهُ فِي الْقَبْضِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَنْكُوحَةِ صُدِّقَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( فِيمَا نَفَاهُ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي عَقْدَيْنِ ( وَإِنْ كَانَ ) الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِهَا كَأَنْ ( قَالَ ) لِامْرَأَتَيْنِ ( تَزَوَّجْتهمَا بِأَلْفٍ فَقَالَتْ إحْدَاهُمَا بَلْ أَنَا ) فَقَطْ ( بِأَلْفِ تَحَالَفَا ) لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَى نِكَاحِهَا ( وَأَمَّا الْأُخْرَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ ) الْأَوْلَى قَوْلُهَا أَيْ فِي نَفْيِ النِّكَاحِ ( وَإِنْ أَصْدَقَهَا جَارِيَةً وَوَطِئَهَا ) عَالِمًا بِالْحَالِ ( قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ ) أَيْ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّهَا هَلْ تَمْلِكُ قَبْلَ

الدُّخُولِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ أَوْ نِصْفَهُ فَقَطْ وَعَلَّلَهُ الْأَصْلُ بِهَذَا وَبِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْفَى مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى الْعَوَامّ ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا مَا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ بِالْعَقْدِ فَعَلَى الثَّانِي يُحَدُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَرْجِيحٌ فِي هَذَا الْمَبْنِيِّ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْحَدُّ قَالَ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ الثَّانِي وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ شُبْهَةَ الْعُلَمَاءِ مَوْجُودَةٌ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَالرَّاجِحُ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَلُزُومُ الْحَدِّ مُفَرَّعٌ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي أَوْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى شَيْءٍ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ ( أَوْ بَعْدَهُ حُدَّ وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِ مِلْكِهَا ) لِلْجَارِيَةِ بِالدُّخُولِ ( إلَّا مِنْ قَرِيبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ ) أَوْ مِمَّنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ

( الْبَابُ السَّادِسُ فِي الِاخْتِلَافِ ) ( قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ ) فَلَوْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ أَوْ نَحْوِهِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَلَا تَحَالُفَ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ ( قَوْلُهُ إلَّا الْوَارِثَ فِي النَّفْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ نَفْيُ الْعِلْمِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ أَحْسَنَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فَقَالَ فِي الْوَارِثِ عِنْدِي إنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا لِأَنَّ مَنْ قَطَعَ بِأَلْفٍ قَطَعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ أَلْفَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِأَلْفَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ وَلَقَدْ نَكَحَهَا بِأَلْفٍ و يَجُوزُ أَنَّهُ جَرَى عَقْدَانِ وَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقَطْعِ بِالنَّفْيِ بِخِلَافِ الْعَاقِدِ نَفْسِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ اعْتَبَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى لَاكْتَفَى فِي التَّحَالُفِ بِيَمِينِ الْإِثْبَاتِ فِي جَانِبٍ وَبِيَمِينِ النَّفْيِ فِي جَانِبٍ آخَرَ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ بَاعَ بِأَلْفٍ كَانَ قَاطِعًا بِأَنَّهُ مَا بَاعَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَكَذَا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ ( قَوْلُهُ ثُمَّ يُفْسَخُ الصَّدَاقُ ) وَإِذَا فُسِخَ فَهَلْ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ فَسَخَاهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ الصَّادِقُ مِنْهُمَا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ الْكَاذِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ بَاطِنًا هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ ( قَوْلُهُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِأَنَّ التَّحَالُفَ يُسْقِطُ اعْتِبَارَ الْمُسَمَّى فَصَارَ الِاعْتِبَارُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ مُعَيَّنًا ( قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ كَمَا قِيلَ أَنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ إلَخْ ) مَا قِيلَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِامْتِنَاعِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ حِينَئِذٍ بِفَرْضِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِدَعْوَاهُ مُسَمَّى دُونَهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَقَدْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ

الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مَعَ حَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَخْ ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ صَحِيحٌ وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّيْخَيْنِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا وَقِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَى آخِرِهِ مِنْ كَلَامِهِمَا لَا حِكَايَةً لِكَلَامِ الْإِمَامِ فَيَكُونُ رَاجِعًا إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا يُؤَثِّرُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ صَرِيحٌ فِيهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا وَمَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ مَهْرًا مُسَمًّى يُسَاوِيهِ أَوْ ادَّعَاهُ الْوَلِيُّ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَدَّعِ التَّفْوِيضَ أَوْ قَالَ فُلَانٌ ابْنِي مِنْ فُلَانَةَ كُلِّفَ بِبَيَانِ الْمَهْرِ فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ تَحَالَفَا وَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يَذْكُرْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا وَقُضِيَ لَهَا .
وَقَالَ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي وَإِنْ ادَّعَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ فَالْمُسَمَّى كَذَلِكَ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ الْمَهْرَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِنِكَاحٍ لَا مَهْرٍ كُلِّفَ الْبَيَانَ وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي نُكَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ ادَّعَتْ مَهْرًا وَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ دُونَهُ كُلِّفَ بِالْبَيَانِ لَكَانَ أَوْلَى ( قَوْلُهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ وُجُوبُ أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ إلَخْ ) وَالْمَرْأَةُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرِ ( قَوْلُهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْفَائِدَةُ إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا تَحَالَفَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَقَطْ إذَا

تَرَجَّحَ جَانِبُهُ قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ ) هَذَا مُرَادُهُمْ بِلَا شَكٍّ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا نَفَوْا التَّحَالُفَ وَقَدْ تَنَاوَلَتْهُ قَاعِدَتُهُمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ وَأَنْكَرَ حَلَفَ .
( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ فِيهَا ) هُوَ كَمَا قَالَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ التَّحَالُفُ هُنَا بَعِيدٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الصُّورَةِ قَبْلَهَا وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ ( قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ إلَخْ ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَرْجِيحِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قُلْت صَحَّحَ الْإِمَامُ ثَانِيَهُمَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ ) أَيْ وَ الْأَذْرَعِيُّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا الْعَاقِدَانِ ) أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا أَحْكَامُ الْعَقْدِ وَلَا كَذَلِكَ وَلِيُّ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَلِفِ مُوَلِّيهِ لِلضَّرُورَةِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ إلَخْ ) لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِطِفْلِهِ إرْثًا وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَقَالَ أَقَبَضْته لِلْمُوَرِّثِ أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ بَلْ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ فِي الْحَالِ ( قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارِهِ إلَخْ ) أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي ( تَنْبِيهٌ ) زَوَّجَ الْحَاكِمُ امْرَأَةً ظَانًّا بُلُوغَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا إرْثَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ صُدِّقَ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا عِنْدَ الْعَقْدِ .
وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً وَمَاتَتْ فَطَلَبَ الْوَارِثُ مَهْرَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ كُنْت طِفْلًا عِنْدَ الْعَقْدِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى بُلُوغِهِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ قُبِلَتْ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ وَقَالَ كُنْت صَغِيرًا فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لِأَنَّ

النِّكَاحَ لَا يَقَعُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ ا هـ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّغَرِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ ( قَوْلُهُ وَعَتَقَ الْأَبُ بِإِقْرَارِهِ إلَخْ ) يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ هَذَا الْأَبِ قَدْرَ مَا سَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَاهُمَا كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ فِي نَظِيرِهَا قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ إلَخْ ) الْفَرْقُ أَظْهَرُ ( قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( كِتَابُ الْوَلِيمَةِ ) مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَهِيَ تَقَعُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ يُتَّخَذُ لِسُرُورٍ حَادِثٍ مِنْ عُرْسٍ وَإِمْلَاكٍ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا مُطْلَقَةً فِي الْعُرْسِ أَشْهُرُ وَفِي غَيْرِهِ تُقَيَّدُ فَيُقَالُ وَلِيمَةُ خِتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَهِيَ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ ) أَيْ الْإِمْلَاكِ وَهُوَ الْعَقْدُ ( وَلِيمَةٌ ) وَإِمْلَاكٍ وشندخي ( وَهِيَ آكَدُهَا ) أَيْ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ آكَدُ الْوَلَائِمِ ( وَلِلْخِتَانِ إعْذَارٌ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ ( وَلِلْوِلَادَةِ عَقِيقَةٌ وَلِلسَّلَامَةِ مِنْ الطَّلْقِ خُرْسٌ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَيُقَالُ بِالصَّادِ ( وَلِلْقُدُومِ ) مِنْ السَّفَرِ ( نَقِيعَةٌ ) مِنْ النَّقْعِ وَهُوَ الْغُبَارُ أَوْ النَّحْرُ أَوْ الْقَتْلُ ( وَهِيَ مَا ) أَيْ طَعَامٌ ( يُصْنَعُ لَهُ ) أَيْ لِلْقُدُومِ سَوَاءٌ أَصَنَعَهُ الْقَادِمُ أَمْ صَنَعَهُ غَيْرُهُ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ لَكِنْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ هُنَا ذَكَرَ ذَلِكَ قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي لَكِنْ صَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ ( وَلِلْبِنَاءِ وَكِيرَةٌ ) مِنْ الْوَكْرِ وَهُوَ الْمَأْوَى ( وَلِلْمُصِيبَةِ وَضِيمَةٌ ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ الْوَلَائِمِ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ السُّرُورِ وَعَلَيْهِ مَشَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ .
لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ السُّرُورِ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ ( وَبِلَا سَبَبٍ مَأْدُبَةٌ ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَلِحِفْظِ الْقُرْآنِ حِذَاقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ ( وَالْكُلُّ مُسْتَحَبٌّ ) وَدَلِيلُ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ إخْبَارُ الْبُخَارِيِّ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَأَنَّهُ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ } وَأَنَّهُ { قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ تَزَوَّجَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ } وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلنَّدَبِ قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَسَائِرِ الْوَلَائِمِ

وَلِأَنَّهُ أَمَرَ فِيهِ بِالشَّاةِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ لَوَجَبَتْ وَهِيَ لَا تَجِبُ إجْمَاعًا لَا عَيْنًا وَلَا كِفَايَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ وَلِيمَةِ الْخِتَانِ مَحَلُّهُ فِي خِتَانِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يُخْفَى وَيُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُهُ لِلنِّسَاءِ فِيمَا بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً قَالَ وَأَطْلَقُوا اسْتِحْبَابَ الْوَلِيمَةِ لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ أَمَّا مَنْ غَابَ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةً إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي الْقَرِيبَةِ فَكَالْحَاضِرِ ( وَأَقَلُّهَا لِلْمُتَمَكِّنِ شَاةٌ وَلِغَيْرِهِ مَا قَدَرَ ) عَلَيْهِ .
قَالَ النَّسَائِيّ وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْكَمَالِ شَاةٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ

( كِتَابُ الْوَلِيمَةِ ) ( قَوْلُهُ وَهِيَ لِدَعْوَةِ الْعُرْسِ وَلِيمَةٌ ) مُرَادُهُ بِالْعُرْسِ الدُّخُولُ لَكِنَّهُ فِي الشَّرْعِ عَبَّرَ بِالْإِمْلَاكِ وَفَسَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالنِّكَاحِ وَوَلِيمَةُ الْأَمْلَاكِ غَيْرُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمِّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ الْأَصْحَابُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ لِلتَّسَرِّي وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اصْطَفَى صَفِيَّةَ وَاخْتَلَى بِهَا قَالَ الصَّحَابَةُ وَهُمْ يَأْكُلُونَ هَلْ هِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِنْ الْإِمَاءِ قَالُوا إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا حَجَبَهَا عَلِمُوا أَنَّهَا مِنْهُنَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَلِيمَةَ كَانَتْ مَشْرُوعَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَوْلَمَ عَلَى مَارِيَةَ د وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَقْدُ ) تُطْلَقُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ أَيْضًا عَلَى وَلِيمَةِ الدُّخُولِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ ا هـ قَالَ شَيْخُنَا وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْعَقْدِ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصَّوَابُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَشَنْدَخِي ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالدَّالِ وَضَمِّهِمَا وَسُكُونِ النُّونِ كَذَا ضُبِطَ بِالْقَلَمِ ( قَوْلُهُ وَهِيَ آكَدُهَا ) لَوْ عَرَّسَ عَلَى أَرْبَعٍ دَفْعَةً كَفَى لَهُنَّ وَلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَوْ جَدَّدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَالظَّاهِرُ تَجَدُّدُ الِاسْتِحْبَابُ وَقَوْلُهُ كَفَى لَهُنَّ وَلِيمَةٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ ( قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلنَّدَبِ ) قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ } ( قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تَجِبُ إجْمَاعًا لَا عَيْنًا وَلَا كِفَايَةً ) لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمُحْتَاجِينَ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَأَطْلَقُوا اسْتِحْبَابَ الْوَلِيمَةِ لِلْقُدُومِ

مِنْ السَّفَرِ ) بِأَنْ يُصْنَعَ لَهُ طَعَامٌ أَوْ يَصْنَعَهُ هُوَ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ النَّسَائِيّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ كَمَالُ السُّنَّةِ إلَّا بِمَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ ( قَوْلُهُ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ ) لَوْ نَكَحَ أَرْبَعًا مَعًا فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَلِيمَةٌ أَمْ تَكْفِي وَلِيمَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَالْعُقُودِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْ الطَّعَامِ الْوَلِيمَةَ عَنْ الْكُلِّ كَفَى فَإِنْ قُلْت لَوْ نَكَحَ الْيَوْمَ وَاحِدَةً فَأَوْلَمَ ثُمَّ غَدًا ثَانِيَةً فَأَوْلَمَ ثُمَّ فِي الثَّالِثِ ثَالِثَةً فَأَوْلَمَ لَهَا هَلْ تَجِبُ الْإِجَابَةُ فِي الثَّلَاثِ قُلْت الظَّاهِرُ نَعَمْ أَنَّ كُلَّ وَلِيمَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا لَوْ تَطَاوَلَ الْفَصْلُ .
وَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا مَا لَوْ نَكَحَ وَاحِدَةً وَأَوْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا غَدًا وَأَوْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا فِي الثَّالِثِ وَأَوْلَمَ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ ثَانِيًا عَلَى مَنْ أَجَابَ أَوَّلًا أَمَّا لَوْ نَكَحَ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَأَوْلَمَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ أَوْ لَا وَكَذَا لَوْ نَكَحَهُنَّ مُرَتَّبًا وَلَمْ تَتَخَلَّلْ الْوَلِيمَةُ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَحُصُولُ الْغَرَضِ بِالْوَلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ وَاتِّحَادِ الْعَقْدِ فِي الْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ وَقَوْلُهُ أَمْ تَكْفِي وَلِيمَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ إلَخْ وَكَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ قُلْت الظَّاهِرُ نَعَمْ وَكَذَا قَوْلُهُ أَيْضًا فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي

الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ

( فَرْعٌ الْإِجَابَةُ ) إلَى الدَّعْوَةِ ( فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ إنْ لَمْ يَرْضَ ) صَاحِبُهَا ( بِالْعُذْرِ ) أَيْ بِعُذْرِ الْمَدْعُوِّ ( فَرْضُ عَيْنٍ وَ ) فِي ( غَيْرِهَا مُسْتَحَبَّةٌ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا } وَخَبَرِ مُسْلِمٍ { شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ تُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَتَتْرُكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ } قَالُوا وَالْمُرَادُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا { إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ } لَكِنْ فِيهِ أَيْضًا { مَنْ دُعِيَ إلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ } وَفِي أَبِي دَاوُد { إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ } وَقَضِيَّتُهُمَا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي سَائِرِ الْوَلَائِمِ وَبِهِ أَجَابَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ وُجُوبِهَا فِي غَيْرِ الْعُرْسِ أَنَّ { عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ دُعِيَ إلَى خِتَانٍ فَلَمْ يُجِبْ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ يُدْعَى لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِعُذْرِهِ الَّذِي اعْتَذَرَ لَهُ بِهِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ الْقَاضِي لِشُغْلِهِ بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَوْ تُسْتَحَبُّ ( بِشُرُوطٍ ) مِنْهَا ( أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا ) فَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْمَوَدَّةِ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُسْتَقْذَرُ طَعَامُهُ لِاحْتِمَالِ نَجَاسَتِهِ وَفَسَادِ تَصَرُّفِهِ ( وَ ) لِهَذَا ( لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ كَاسْتِحْبَابِ إجَابَةِ الْمُسْلِمِ ) فِيمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ إجَابَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ ( وَإِنْ كُرِهَتْ مُخَالَطَتُهُ ) وَيُعْتَبَرُ فِي الْوُجُوبِ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا فَلَوْ دَعَا مُسْلِمٌ كَافِرًا لَمْ

تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ .
ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ( وَأَنْ لَا يَخُصَّ ) بِالدَّعْوَةِ ( الْأَغْنِيَاءَ ) وَلَا غَيْرَهُمْ بَلْ يَعُمُّ عَشِيرَتَهُ أَوْ جِيرَانَهُ أَوْ أَهْلَ حِرْفَتِهِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ لِخَبَرِ شَرُّ الطَّعَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ النَّاسِ لِتَعَذُّرِهِ بَلْ لَوْ كَثُرَتْ عَشِيرَتُهُ أَوْ نَحْوُهَا وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ أَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُهَا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ عُمُومِ الدَّعْوَى بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ ( وَ ) أَنْ ( لَا يَطْلُبَهُ طَمَعًا ) فِي جَاهِهِ أَوْ لِإِعَانَتِهِ عَلَى بَاطِلٍ ( أَوْ خَوْفًا مِنْهُ ) لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ بَلْ لِلتَّوَدُّدِ وَالتَّقَرُّبِ وَكَذَا لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ ( وَأَنْ يُعَيِّنَ الْمَدْعُوَّ ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ ( لَا إنْ نَادَى فِي النَّاسِ ) كَأَنْ فَتَحَ الْبَابَ وَقَالَ لِيَحْضُرَ مَنْ أَرَادَ أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُدْعُ مَنْ شِئْت فَلَا تُطْلَبُ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَدْعُوِّ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ حِينَئِذٍ لَا يُورِثُ وَحْشَةً ( وَأَنْ يَدْعُوَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ ) أَيْ فِيهِ فَلَوْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْأَوَّلِ .
( وَتُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِي ثُمَّ تُكْرَهُ ) فِيمَا بَعْدَهُ فَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِث رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ } نَعَمْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِيعَابُ النَّاسِ فِي الْأَوَّلِ لِكَثْرَتِهِمْ أَوْ صِغَرِ مَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ كَوَلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ دُعِيَ النَّاسُ إلَيْهَا أَفْوَاجًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ أَوْلَمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَالْيَوْمِ الثَّانِي فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ

فَلَا تُطْلَبُ إجَابَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِ مَالِهِ لَا بِإِتْلَافِهِ نَعَمْ إنْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَأَنْ لَا يَحْضُرَ ) هُنَاكَ ( مَنْ يُؤْذِي ) الْمَدْعُوَّ ( أَوْ تَقْبُحُ مُجَالَسَتُهُ ) كَالْأَرَاذِلِ فَإِنْ كَانَ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَذِّي فِي الْأَوَّلِ وَالْغَضَاضَةِ فِي الثَّانِي .
وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ وَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ( فَلَوْ كَانَ مُنْكَرٌ ) كَفَرْشِ الْحَرِيرِ فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لِلرِّجَالِ وَفَرْشِ جُلُودِ نُمُورٍ بَقِيَ وَبَرُهَا كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَصُورَةُ الْحَيَوَانِ الْمَرْفُوعَةِ ) كَأَنْ كَانَتْ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ ثِيَابٍ مَلْبُوسَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ ( لَا ) صُوَرُ ( الشَّجَرِ وَالْقَمَرَيْنِ حَرُمَ الْحُضُورُ ) لِأَنَّ الْحُضُورَ حِينَئِذٍ كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ صُوَرِ الشَّجَرِ وَالْقَمَرَيْنِ لِأَنَّهُ يَحِلُّ تَصْوِيرُهَا كَمَا سَيَأْتِي هَذَا ( إنْ لَمْ يَزُلْ ) أَيْ الْمُنْكَرُ ( لِأَجْلِهِ ) أَيْ الْمَدْعُوِّ فَإِنْ كَانَ يَزُولُ لِأَجْلِهِ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ دُخُولُ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَجْهَانِ وَبِالتَّحْرِيمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَبِالْكَرَاهَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ .
وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ انْتَهَى وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنْ حَكَى فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ التَّحْرِيمَ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدُّخُولِ غَيْرُ

مَسْأَلَةِ الْحُضُورِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَكَصُوَرِ الْحَيَوَانِ فِي ذَلِكَ فُرُشُ الْحَرِيرِ كَمَا يُومِئُ إلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ ( وَلَا بَأْسَ بِصُوَرٍ مَبْسُوطَةٍ ) كَأَنْ كَانَتْ عَلَى بُسُطٍ ( تُدَاسُ أَوْ ) مَخَادِرَ ( يُتَّكَأُ عَلَيْهَا أَوْ ) بِصُوَرٍ ( مُمْتَهَنَةٍ بِالِاسْتِعْمَالِ ) لِمَحَلِّهَا ( كَطَبَقٍ وَقَصْعَةٍ وَكَذَا إنْ ) كَانَتْ مُرْتَفِعَةً لَكِنْ ( قُطِعَ رَأْسُهَا ) لِأَنَّ مَا يُدَاسُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ لَا يُشْبِهُ حَيَوَانًا فِيهِ رُوحٌ بِخِلَافِ الْمَنْصُوبِ فَإِنَّهُ مُرْتَفِعٌ يُشْبِهُ الْأَصْنَامَ

( قَوْلُهُ الْإِجَابَةُ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ إلَخْ ) وُجُوبُ الْإِجَابَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ السَّلَامِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُمَا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ إلَخْ ) ضَعِيفٌ .
( قَوْلُهُ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِعُذْرِهِ الَّذِي اعْتَذَرَ لَهُ بِهِ إلَخْ ) وَإِنْ عَلِمَهُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ فَوَجْهَانِ ( قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ الْقَاضِي إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ فِي مَعْنَاهُ كُلُّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى رَعِيَّتِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَحْضُرُ الْقَاضِي وَلِيمَةَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَالَ خُصُومَتِهِمَا وَلَا وَلِيمَتَهُمَا وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهُ وَلِيمَةَ غَيْرِهِمَا بِشَرْطِ التَّعْمِيمِ وَفِي الْعُرْسِ آكَدُ فَإِنْ كَثُرَتْ وَقَطَعَتْهُ عَنْ الْحُكْمِ تَرَكَ الْجَمِيعَ وَلَا بَأْسَ بِتَخْصِيصِهِ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِإِجَابَتِهِ وَيُكْرَهُ فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لَهُ خَاصَّةً أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ لَا مَا اُتُّخِذَ لِلْعُلَمَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ أَوْ لِلْجِيرَانِ وَهُوَ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا ) أَيْ مُكَلَّفًا حُرًّا رَشِيدًا وَطَعَامُهُ مُبَاحًا قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَأَنْ لَا يَكُونَ ظَالِمًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا أَوْ مُتَكَلِّفًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّاعِي حُرًّا رَشِيدًا وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ أَوْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ .
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ وَقَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ هُوَ كَمَا قَالَ ( قَوْلُهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ

) الْإِضَافَةُ فِيهِ إضَافَةٌ إلَى الْمَفْعُولِ ( قَوْلُهُ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا ) أَيْ وَكَوْنُهُ حُرًّا فَفِي الْعَبْدِ يُعْتَبَرُ إذْنُ سَيِّدِهِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ كَوْنِ الدَّعْوَةِ وَقْتَ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ وَلَمْ نَرَ لِلْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِوَقْتِهَا ثُمَّ نَقَلَ اسْتِنْبَاطَ وَالِدِهِ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ اتِّسَاعُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَغَيْرُ مَعْذُورٍ بِمُرَخَّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ مُكَلَّفًا رَشِيدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرُدَ يَخَافُ رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً وَقَالَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَجِيرًا إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلِ شَرَعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ .
( وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ أَوْلَمَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَحْضُرُ مَنْ يُؤْذِي الْمَدْعُوَّ ) فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ عَدُوٌّ لَهُ أَوْ دَعَاهُ عَدُوٌّ لَهُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ فِيهِمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ دِينِيَّةً كَانَتْ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ عُذْرًا ( قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ مُنْكَرٌ إلَخْ ) شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ مُنْكَرٌ كَمَا فِي النَّبِيذِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ كَانُوا يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِي حِلِّهِ فَلَا يُنْكَرُ قَالَ ابْنُ كَجٍّ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ اجْتِهَادٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْحُضُورُ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ كَمَا فِي الْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ .
( قَوْلُهُ

كَفُرُشِ الْحَرِيرِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ سَبَقَ عَنْ نَقْلِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ بَسَطَ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ شَيْئًا جَازَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ كَالْحَشْوَةِ فَقَدْ يُقَالُ يَحْضُرُ وَيُفْرَشُ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْقَفَّالِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ الْمَنْعَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ( قَوْلُهُ وَصُوَرُ الْحَيَوَانِ إلَخْ ) وَمَغْصُوبٌ وَمَسْرُوقٌ وَكَلْبٌ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ وَالْأَعْمَى حُكْمُهُ فِي دُخُولِ هَذَا الْبَيْتِ حُكْمُ الْبَصِيرِ وَعَدَّ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُبْتَدِعٌ يَدْعُو إلَى بِدْعَتِهِ وَلَا يَقْدِرُ الْمَدْعُوُّ عَلَى رَدِّهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَضْحَكُ بِالْكَذِبِ وَالْفُحْشِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ آنِيَةُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي طَعَامِ الدَّعْوَةِ أَوْ شَرَابِهَا فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ وُجُودَهَا وَإِنْ لَمْ تُسْتَعْمَلْ لِتَحْرِيمِ اقْتِنَائِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَقِيَاسُهُ أَنَّ كُلَّ مَا حَرُمَ اقْتِنَاؤُهُ كَانَ وُجُودُهُ هُنَاكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْإِجَابَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ إذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُهُ وَالْجُلُوسُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَةِ مُطْلَقًا .
( قَوْلُهُ أَوْ ثِيَابٌ مَلْبُوسَةٌ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مُنْكَرًا فِي كَوْنِهَا مَلْبُوسَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا يُرَادُ لِلُّبْسِ سَوَاءٌ كَانَ مَلْبُوسًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ مُعَلَّقًا أَوْ مَوْضُوعًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا ( قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ أَوْ مُمْتَهَنَةٍ بِالِاسْتِعْمَالِ ) تَرَدَّدَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي الْإِبْرِيقِ لِكَوْنِهِ مُمْتَهَنًا بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ لَا يُجْعَلُ

عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَالَ إلَى الْمَنْعِ فَقَالَ إنَّهُ الْمُتَّجِهُ وَعِنْدِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُنْكَرُ لِامْتِهَانِهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُعَامَلَةِ وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلَمْ تَحْدُثْ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ إلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ ( قَوْلُهُ كَطَبَقٍ وَقَصْعَةٍ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ نُقِشَتْ صُورَةٌ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَالْقِيَاسُ الْتِحَاقُهُ بِالثَّوْبِ لِامْتِهَانِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَطَعَ رَأْسَهَا ) قَالَ الكوهكيلوني وَكَذَا حُكْمُ مَا صُوِّرَ بِلَا رَأْسٍ وَأَمَّا الرُّءُوسُ بِلَا أَبْدَانٍ فَهَلْ تَحْرُمُ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالْحُرْمَةُ أَرْجَحُ ا هـ هُوَ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ لَا نَظِيرَ لَهُ إنْ جَوَّزْنَاهُ جَازَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ

( وَإِنْ حَضَرَ الْمُنْكَرَ جَاهِلًا ) بِهِ ( نَهَاهُمْ ) أَيْ مُرْتَكِبِيهِ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ ( لَا ) إنْ كَانُوا ( شَرَبَةَ نَبِيذٍ يَعْتَقِدُونَهُ ) أَيْ حِلَّهُ فَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ كَالْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ .
( فَإِنْ أَصَرُّوا ) عَلَى ارْتِكَابِهِمْ الْمُنْكَرَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ ( خَرَجَ ) وُجُوبًا ( فَإِنْ تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ ) كَأَنْ كَانَ لَيْلًا وَخَافَ ( قَعَدَ كَارِهًا ) بِقَلْبِهِ وَلَا يَسْتَمِعُ لِمَا يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ ( كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي جِوَارِ بَيْتِهِ ) لَا يَلْزَمُهُ التَّحَوُّلُ وَإِنْ بَلَغَهُ الصَّوْتُ ( وَلَا يَحْرُمُ الدُّخُولُ ) لِمَكَانِ الْوَلِيمَةِ ( وَفِي الْمَمَرِّ صُورَةٌ بَلْ لَا يُكْرَهُ ) دُخُولُهُ وَلَا ( دُخُولُ حَمَّامٍ بِبَابِهِ صُوَرٌ ) لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ مَحَلِّ الْحُضُورِ فَكَانَتْ كَالْخَارِجَةِ عَنْ الْمَنْزِلِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا بَأْسَ بِتَصْوِيرِ الْقَمَرَيْنِ وَالشَّجَرِ ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا رُوحَ لَهُ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا قَالَ لَهُ الْمُصَوِّرُ لَا أَعْرِفُ صَنْعَةً غَيْرَهَا قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فَصَوِّرْ مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ التَّصْوِيرِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْلُ اقْتَصَرَ عَلَى التَّصْرِيحِ بِحُكْمِ الصُّوَرِ .
قَوْلُهُ فَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ شَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ الْمَدْعُوُّ هُوَ الْقَاضِي أَوْ مَنْ نُصِبَ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَهُوَ يَرَى الْحَدَّ فِيهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ وُجُوبًا ) شَمَلَ مَا لَوْ بَسَطَ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ شَيْئًا وَجَلَسَ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ كَأَنْ كَانَ لَيْلًا وَخَافَ ) أَوْ خَافَ مِنْ سَطْوَةِ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ

( فَرْعٌ وَيَحْرُمُ التَّصْوِيرُ ) لِلْحَيَوَانِ ( وَلَوْ فِي أَرْضٍ وَثَوْبٍ وَإِنْ تُسُومِحَ بِدَوْسِ مُصَوَّرٍ ) إنْ اتَّفَقَ تَصْوِيرٌ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُصَوِّرِينَ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَاسْتَثْنَى لَعِبَ الْبَنَاتِ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ ( وَلَا أُجْرَةَ لَهُ ) أَيْ لِلتَّصْوِيرِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ
قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ التَّصْوِيرُ لِلْحَيَوَانِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرَ مِثْلَهُ كَإِنْسَانٍ لَهُ جَنَاحٌ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ ا هـ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَوِّرَ وَجْهَ إنْسَانٍ بِلَا بَدَنٍ .
وَقَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى لَعِبَ الْبَنَاتِ إلَخْ ) وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَتَابَعَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ

( فَصْلٌ ) إذَا دَعَاهُ جَمَاعَةٌ ( يُجِيبُ الْأَسْبَقَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ رَحِمًا ثُمَّ ) الْأَقْرَبَ ( دَارًا ) كَمَا فِي الصَّدَقَةِ ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ ( وَعَلَى الصَّائِمِ الْحُضُورُ ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ } أَيْ فَلْيَدْعُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ { فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ } وَإِذَا دُعِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ .
( فَإِنْ كَانَ ) الصَّوْمُ ( نَفْلًا فَإِفْطَارُهُ لِلْمُجَاوَرَةِ ) يَعْنِي لِجَبْرِ خَاطِرِ الدَّاعِي ( أَفْضَلُ ) مِنْ إمْسَاكِهِ وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمْسَكَ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ وَقَالَ إنِّي صَائِمٌ قَالَ لَهُ يَتَكَلَّفُ لَك أَخُوك الْمُسْلِمُ وَتَقُولُ إنِّي صَائِمٌ أَفْطِرْ ثُمَّ اقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ أَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ الْحُكْمَ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْمَرَاوِزَةِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا شَقَّ عَلَيْهِ إمْسَاكُهُ وَإِلَّا فَالْمُسْتَحَبُّ إمْسَاكُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِلْمُجَاوَرَةِ ( وَلَوْ أَمْسَكَ الْمُفْطِرُ ) عَنْ الْأَكْلِ ( لَمْ يَحْرُمْ ) بَلْ يَجُوزُ لَهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْأَكْلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَصْحِيحُ وُجُوبِ الْأَكْلِ ( وَيَحْرُمُ ) عَلَى الصَّائِمِ ( الْإِفْطَارُ مِنْ ) صَوْمِ ( فَرْضٍ وَلَوْ تَوَسَّعَ وَقْتُهُ ) كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَقَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ ( وَالْمَرْأَةُ تُجِيبُهَا الْمَرْأَةُ وَكَذَا ) يُجِيبُهَا ( الرَّجُلُ لَا مَعَ خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ ) فَلَا يُجِيبُهَا إلَى طَعَامٍ مُطْلَقًا ( أَوْ ) مَعَ عَدَمِ الْخَلْوَةِ فَلَا يُجِيبُهَا ( إلَى طَعَامٍ خَاصٍّ بِهِ ) كَأَنْ جَلَسَتْ بِبَيْتٍ وَبَعَثَتْ لَهُ الطَّعَامَ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْ دَارِهَا ( خَوْفَ الْفِتْنَةِ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ .
فَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَضْرَابُهُ

يَزُورُونَ رَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةَ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهَا فَإِنْ وُجِدَ رَجُلٌ كَسُفْيَانَ وَامْرَأَةٌ كَرَابِعَةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْإِجَابَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِلْمَرْأَةِ إذْنُ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ لِلْمَدْعُوِّ ( وَيُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ ) كَمَا تُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُ ( فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ طَعَامَهُ حَرَامٌ حَرُمَتْ ) إجَابَتُهُ .
( قَوْلُهُ وَعَلَى الصَّائِمِ الْحُضُورُ ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُ مَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَةُ فِي نَهَار رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ قَالَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ إلَّا رُؤْيَةَ طَعَامِهِ وَالْقُعُودُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشِقٌّ فَإِنْ أَرَادَ هَذَا فَلْيَدْعُهُمْ عِنْدَ الْغُرُوبِ قَالَ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْمَرَاوِزَةِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اشْتَقَّ عَلَيْهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَخْ ) وَاخْتَارَهُ فِي تَصْحِيحِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ لَمْ أَجِدْ مَنْ وَافَقَهُ عَلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِلْمَرْأَةِ ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي إجَابَةِ الرَّجُلِ ( قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ كَانَ الدَّاعِي حُرًّا رَشِيدًا وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَوْ كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ أَوْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ التَّقْرِيبُ ) أَيْ تَقْرِيبُ الْمُضِيفِ الطَّعَامَ ( لِلضَّيْفِ إذْنٌ ) لَهُ فِي الْأَكْلِ ( وَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ ) إلَى مَنْزِلِهِ ( فَلْيَأْكُلْ اكْتِفَاءً ) بِالْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ فِي الطُّرُقِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ لَفْظِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ( لَا إنْ انْتَظَرُوا ) أَيْ الْمُضِيفُونَ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ انْتَظَرَ أَيْ الْمُضِيفُ ( غَيْرَهُ ) فَلَا يَأْكُلُ ( إلَّا بِإِذْنٍ ) لَفْظًا أَوْ بِحُضُورِ الْغَيْرِ لِاقْتِضَاءِ الْقَرِينَةِ عَدَمَ الْأَكْلِ بِدُونِ ذَلِكَ .
( وَيَمْلِكُ مَا الْتَقَمَهُ ) بِالْتِقَامِهِ أَيْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحُهُ وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ الْقَاضِي وَالْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي تَرْجِيحُ أَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِازْدِرَاءِ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَهُ ( وَلَا يُطْعِمُ هِرَّةً ) وَلَا سَائِلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( إلَّا إنْ عَلِمَ رِضَاهُ ) بِهِ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُبِيحُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ عُرْفًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فَقَوْلُهُمْ وَيَمْلِكُهُ أَيْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِنَفْسِهِ كَالْعَارِيَّةِ لَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَيْنَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُفَارِقُ مُقَابِلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَإِنَّمَا هُوَ إتْلَافٌ بِإِذْنِ الْمَالِكِ .

( قَوْلُهُ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَشَرْحِ ابْن الْمُلَقِّن وَالنُّكَتِ أَنَّهُ رَجَّحَ فِي الصَّغِيرِ الْمِلْكَ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَهُوَ سَهْوٌ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ثُمَّ قِيلَ يُمْلَكُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِيلَ بِالْأَخْذِ وَقِيلَ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَقِيلَ بِالِازْدِرَاءِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ الْمِلْكِ قَبْلَهُ رَجَّحَ مِنْهَا الْأَوَّلَ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا رَأَيْته فِيمَا لَا أُحْصِي مِنْ نُسْخَةٍ مِنْهُ انْتَهَى فس قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ لَا تَجُوزُ إبَاحَتُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ أَمَّا هُوَ فَإِنَّمَا يَأْكُلُهُ إتْلَافٌ بِإِذْنِ مَالِكِهِ .

( وَلِلضَّيْفِ تَلْقِيمُ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُفَاضِلَ ) الْمُضِيفُ ( طَعَامَهُمَا ) فَلَيْسَ لِمَنْ خُصَّ بِنَوْعٍ أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ سَوَاءٌ خُصَّ بِالنَّوْعِ الْعَالِي أَمْ بِالسَّافِلِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَيُكْرَهُ ) لِلْمُضِيفِ ( تَفَاضُلُهُ ) لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ الْخَاطِرِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الشِّبَعِ وَإِنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ كَانَ الضَّيْفُ يَأْكُلُ كَعَشْرَةٍ مَثَلًا وَمُضِيفُهُ جَاهِلٌ بِحَالِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي الْمِقْدَارِ قَالَ وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَأَكَلَ لُقَمًا كِبَارًا مُسْرِعًا حَتَّى يَأْكُلَ أَكْثَرَ الطَّعَامِ وَيَحْرِمَ أَصْحَابَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ
( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ وَالْأَضْمَنُ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَيَحْرُمُ التَّطَفُّلُ ) وَهُوَ حُضُورُ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا إذَا عَلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ .
وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِالدَّعْوَةِ الْخَاصَّةِ أَمَّا الْعَامَّةُ كَأَنْ فَتَحَ الْبَابَ لِيَدْخُلَ مَنْ شَاءَ فَلَا تَطَفُّلَ وَالطُّفَيْلِيُّ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّطَفُّلِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى طُفَيْلٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَأْتِي الْوَلَائِمَ بِلَا دَعْوَةٍ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ طُفَيْلُ الْأَعْرَاسِ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلضَّيْفِ ( حَمْلُ مَا عَلِمَ رِضَاهُ ) أَيْ الْمُضِيفِ ( بِهِ لَا إنْ شَكَّ ) فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْمَأْخُوذِ وَجِنْسِهِ وَبِحَالِ الْمُضِيفِ وَالدَّعْوَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِذَا عَلِمَ رِضَاهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ عَنْ طَوْعٍ لَا عَنْ حَيَاءٍ ( وَلَهُ الشُّرْبُ مِنْ السِّقَايَاتِ ) الْمَوْضُوعَةِ فِي الطُّرُقِ لِلْعُرْفِ
.
( قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِالدَّعْوَةِ الْخَاصَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ ) فِي آدَابِ الْأَكْلِ ( تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ ) وَلَوْ مِنْ جُنُبٍ وَحَائِضٍ ( قَبْلَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ) لِلْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْأَكْلِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الشُّرْبُ وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
( وَهِيَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ ) إذَا أَتَى بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ كَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ( وَ ) مَعَ ذَلِكَ ( يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ ) بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ كَفَرْضِهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْ الْكُلِّ لَا مِنْ الْبَعْضِ فَقَطْ ( فَإِنْ تَرَكَهَا ) وَلَوْ عَمْدًا ( أَوَّلَهُ قَالَ ) فِي أَثْنَائِهِ ( بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ ) كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ أَيْضًا وَلَوْ سَمَّى مَعَ كُلِّ لُقْمَةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى لَا يَشْغَلَهُ الشَّرَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( الْحَمْدُ بَعْدَ ذَلِكَ ) أَيْ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْأَطْعِمَةِ ( جَهْرًا فِيهِمَا ) أَيْ فِي الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ رُفْقَتُهُ ( لِيُقْتَدَى بِهِ ) فِيهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْجَهْرِ فِي الْحَمْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا بِرِفْعَةِ بِالِابْتِدَاءِ وَنَصْبِهِ بِالِاخْتِصَاصِ أَوْ النِّدَاءِ أَوْ جَرِّهِ بِالْبَدَلِ مِنْ لِلَّهِ .
( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ) لَكِنَّ الْمَالِكَ يَبْتَدِئُ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَيَتَأَخَّرُ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ لِيَدْعُوَا النَّاسَ إلَى كَرْمِهِ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( الْأَكْلُ بِالثَّلَاثِ ) مِنْ الْأَصَابِعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( وَالدُّعَاءُ لِلْمُضِيفِ بِالْمَأْثُورِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ ) كَأَنْ يَقُولَ أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ وَقُرَيْشٍ ذَكَرَهُ

الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ
( قَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْأَكْلِ ) يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِيَكُونَ قُرْبَةً مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ لَا مِنْ حُظُوظِ النُّفُوسِ

( وَيَكْرَهُ الْأَكْلُ مُتَّكِئًا ) لِخَبَرِ { أَنَا لَا آكُلُ مُتَّكِئًا } قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُتَّكِئُ هُنَا الْجَالِسُ مُعْتَمَدًا عَلَى وَطَاءٍ تَحْتَهُ كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الْإِكْثَارَ مِنْ الطَّعَامِ وَأَشَارَ غَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبِهِ وَمِثْلُهُ الْمَضْجَعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( وَ ) يُكْرَهُ الْأَكْلُ ( مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَمِنْ الْوَسَطِ ) وَالْأَعْلَى ( لَا نَحْوُ الْفَاكِهَةِ ) مِمَّا يُتَنَقَّلُ بِهِ .
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ ( وَيُكْرَهُ تَقْرِيبُ فَمِهِ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الطَّعَامِ ( بِحَيْثُ يَقَعُ مِنْ فَمِهِ إلَيْهِ شَيْءٌ وَذَمُّهُ ) لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَيُكْرَهُ نَفْضُ يَدِهِ فِي الْقَصْعَةِ ( لَا قَوْلُهُ لَا أَشْتَهِيهِ ) أَوْ مَا اعْتَدْت أَكْلَهُ فَلَا يُكْرَهُ لِخَبَرِ الضَّبِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ ( وَيُكْرَهُ الْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ حَالَ أَكْلِهِمْ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ( وَقَرْنِ ثَمَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا ) كَعِنَبَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرُّفَقَاءِ ( وَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَالتَّنَفُّسِ وَالنَّفْخِ فِي الْإِنَاءِ ) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ( وَالشُّرْبُ قَاعِدًا أَوْلَى ) مِنْهُ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَالشُّرْبُ قَائِمًا بِلَا عُذْرٍ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ وَأَمَّا شُرْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَرِبَ قَائِمًا عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا أَنْ يَتَقَيَّأَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ } .
( وَ ) الشُّرْبُ ( مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ مَكْرُوهٌ ) لِلنَّهْيِ عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ أَيْ الْقِرْبَةِ وَلِأَنَّهُ يَقْذُرُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُنْتِنُهُ قِيلَ وَلِئَلَّا يَدْخُلَ فِي جَوْفِهِ مُؤْذٍ يَكُونُ فِي الْقِرْبَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ وَرُدَّ بِالشُّرْبِ مِنْ الْإِبْرِيقِ وَنَحْوِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ بِلَا عُذْرٍ فِي

الْيَدِ ( وَيُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ عَلَى الطَّعَامِ ) لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( لَعْقُ الْإِنَاءِ وَالْأَصَابِعِ وَأَكْلِ سَاقِطٍ ) مِنْ اللُّقَمِ وَنَحْوِهَا إذَا ( لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ ) تَنَجَّسَ ( وَلَمْ يَتَعَذَّرْ تَطْهِيرُهُ ) وَطَهُرَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( مُؤَاكَلَةُ عَبِيدٍ وَصِغَارِهِ ) وَزَوْجَاتِهِ ( وَأَنْ لَا يَخُصَّ نَفْسَهُ بِطَعَامٍ إلَّا لِعُذْرٍ ) كَدَوَاءٍ ( بَلْ يُؤْثِرُهُمْ ) عَلَى نَفْسِهِ بِفَاخِرِ الطَّعَامِ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ وَخُبْزٍ لَيِّنٍ أَوْ طَيِّبٍ ( وَلَا يَقُومُ ) عَنْ الطَّعَامِ ( وَغَيْرُهُ يَأْكُلُ ) مَا دَامَ يَظُنُّ بِهِ حَاجَةً إلَى الْأَكْلِ ( وَأَنْ يُرَحِّبَ بِضَيْفِهِ وَيُكْرِمَهُ ) كَمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ .
وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَتَلَقَّطَ فُتَاتَ الطَّعَامِ وَأَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِضَيْفِهِ وَلِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ إذَا رَفَعَ يَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ كُلْ وَيُكَرِّرُهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ اكْتَفَى مِنْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَأَنْ يَتَخَلَّلَ وَلَا يَبْتَلِعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَسْنَانِهِ بِالْخِلَالِ بَلْ يَرْمِيهِ وَيَتَمَضْمَضُ بِخِلَافِ مَا يَجْمَعُهُ بِلِسَانِهِ مِنْ بَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَبْتَلِعُهُ وَأَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ أَكْلِهِ اللَّحْمَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ الْخُبْزِ حَتَّى يَسُدَّ الْخَلَلَ وَأَنْ لَا يَشُمَّ الطَّعَامَ وَلَا يَأْكُلَهُ حَارًّا حَتَّى يَبْرُدَ وَأَنْ يُرَاعِيَ أَسْفَلَ الْكُوزِ حَتَّى لَا يَنْقُطَ وَأَنْ يَنْظُرَ فِي الْكُوزِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ وَلَا يَتَجَشَّأَ فِيهِ بَلْ يُنَحِّيهِ عَنْ فَمِهِ بِالْحَمْدِ وَيَرُدُّهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ بِالتَّسْمِيَةِ فِي أَوَائِلِهَا وَبِالْحَمْدِ فِي أَوَاخِرِهَا وَيَقُولَ فِي آخِرِ الْأَوَّلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَيَزِيدَ فِي الثَّانِي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي الثَّالِثِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمِنْ آدَابِ

الْمُضِيفِ أَنْ يُشَيِّعَ الضَّيْفَ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَمِنْ آدَابِ الضَّيْفِ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَأَنْ لَا يَجْلِسَ فِي مُقَابَلَةِ حُجْرَةِ النِّسَاءِ وَسُتْرَتِهِنَّ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الطَّعَامُ .
وَيَنْبَغِي لِلْآكِلِ أَنْ يُقَدِّمَ الْفَاكِهَةَ ثُمَّ اللَّحْمَ ثُمَّ الْحَلَاوَةَ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْفَاكِهَةُ لِأَنَّهَا أَسْرَعُ اسْتِحَالَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَائِدَةِ بَقْلٌ وَقَدْ ذَكَرْت زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ

( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ إذَا كَانَ الْمُؤَاكِلُ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَسْتَقْذِرُهُ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِيَدِ الْآكِلِ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ قُرُوحٌ أَوْ نَحْوُهَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَرْنِ ثَمَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ فَالْقِرَانُ حَرَامٌ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَيَحْصُلُ الرِّضَا بِالتَّصْرِيحِ بِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ قَرِينَةٍ أَوْ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِهِ وَمَتَى شَكَّ فِي رِضَاهُمْ فَحَرَامٌ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِأَحَدِهِمْ اُشْتُرِطَ رِضَاهُ فَإِنْ قَرَنَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَحَرَامٌ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيَحْصُلُ الْجَوَازُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ أَحَدُهُمَا إذَا قَرَنَ الْمَالِكُونَ ثَانِيَهَا إذَا سَامَحُوا بِذَلِكَ ثَالِثُهَا إذَا كَانَ الْقَارِنُ هُوَ الْمَالِكَ ( وَقَوْلُهُ الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ فِيهَا لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إذْ خِلَافُ الْأَوْلَى هُوَ الْمَكْرُوهُ إذَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ لَكِنَّهُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ لَا يُكْرَهُ ( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَقُومُ عَنْ الطَّعَامِ إلَخْ ) يَعْنِي وَلَا يَتْرُكُ الْأَكْلَ .
( قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ ) وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ بِهِ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ لِجَعْلِهِ أَهْلًا لِتَضْيِيفِهِ ش

( فَصْلٌ يَجُوزُ نَثْرُ السُّكَّرِ وَالدَّنَانِيرِ ) وَنَحْوِهِمَا كَلَوْزٍ وَجَوْزٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَدَرَاهِمَ ( فِي إمْلَاكٍ أَوْ خِتَانٍ ) وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ ( وَتَرْكُهُ أَوْلَى ) لِأَنَّهُ سَبَبٌ إلَى مَا يُشْبِهُ النَّهْيَ ( وَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ ) لِذَلِكَ ( وَتَرْكُهُ أَوْلَى ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّهْيَ ( إلَّا إذَا لَمْ يُؤْثِرُ النَّاثِرُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) بِأَنْ عَرَفَ مِنْهُ الْمُلْتَقِطُ ذَلِكَ ( وَلَمْ يُزْرِ ) الِالْتِقَاطُ فِي مُرُوءَتِهِ فَلَا يَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى هَذَا مَا فِي الْأَصْلِ وَلَا يُخَالِفُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ .
وَالْجُمْهُورُ عَلَى كَرَاهَةِ النَّثْرِ وَالِالْتِقَاطِ إنْ حُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى ( وَلَوْ أَخَذَهُ اللَّاقِطُ أَوْ بَسَطَ لَهُ ) حِجْرَهُ مَثَلًا ( فَوَقَعَ بِحِجْرِهِ مَلَكَهُ ) بِالْأَخْذِ وَالْوُقُوعِ فِيمَا ذُكِرَ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ ( وَلَوْ سَقَطَ ) مِنْهُ ( بَعْدَ أَخْذِهِ ) كَمَا لَوْ أَفْلَتَ الصَّيْدُ عَقِيبَ وُقُوعِهِ فِي الشَّبَكَةِ ( فَلَوْ أَخَذَ غَيْرَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّيْدِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ وَقَعَ فِي ثَوْبِهِ بِلَا قَصْدٍ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ ) فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ نَعَمْ إنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِيهِ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ لَهُ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَحَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلُ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَ فَرْخَةَ غَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا دَخَلَ السَّمَكُ مَعَ الْمَاءِ حَوْضَهُ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الثَّلْجُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْمَحْيِيَّ يَمْلِكُ وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَيْلُهُمْ إلَى الْمَنْعِ أَكْثَرُ لِأَنَّ الْمُتَحَجِّرَ غَيْرُ مَالِكٍ فَلَيْسَ الْإِحْيَاءُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّوَرِ انْتَهَى ( لَا إنْ سَقَطَ ) مِنْ ثَوْبِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْقُضْهُ

فَلَيْسَ أَوْلَى بِهِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالْفِعْلِ .
( وَالْأَخْذُ ) لَهُ ( مِنْ الْهَوَاءِ ) بِإِزَارٍ وَغَيْرِهِ ( مَكْرُوهٌ مُمَلَّكٌ وَالصَّبِيُّ يَمْلِكُ مَا الْتَقَطَهُ ) وَالسَّيِّدُ يَمْلِكُ مَا الْتَقَطَهُ رَقِيقُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ
قَوْلُهُ وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إنْ حُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى ) قَدْ قَدَّمْت أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى هُوَ الْمَكْرُوهُ إذَا كَانَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ ( قَوْلُهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ أَوْ الْوُقُوعِ فِيهِ إلَخْ ) شَمَلَ الصَّبِيَّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ كَمَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَيْلُهُمْ إلَى الْمَنْعِ أَكْثَرُ ) فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّوَرِ ) الْأَصَحُّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ كَالْإِحْيَاءِ مَا عَدَا صُورَةَ النِّثَارِ لِقُوَّةِ الِاسْتِيلَاءِ فِيهَا .

( كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ وَفِيهِ بَابَانِ ) ( الْأَوَّلُ فِي الْعِشْرَةِ وَالْقَسْمِ ) النِّكَاحُ مَنَاطُ حُقُوقِ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ كَالطَّاعَةِ وَمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَحُقُوقُهَا عَلَيْهِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ تَعَالَى { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وَالْمُرَادُ تَمَاثُلُهُمَا فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَقَالَ تَعَالَى { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } ( فَعَلَى الزَّوْجَيْنِ الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ ) وَتَحْصُلُ ( بِكَفِّ الْأَذَى وَالتَّخَرُّجِ ) بِمَعْنَى الْخُرُوجِ ( عَنْ الْحَقِّ بِالرِّضَا ) بِأَنْ يُؤَدِّيَهُ رَاضِيًا طَلْقَ الْوَجْهِ ( وَفِيهِ أَطْرَافٌ ) خَمْسَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَسْمِ ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا ( فَلَا حَقَّ ) فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ ( لِلْوَاحِدَةِ وَ ) لَكِنْ ( يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا ) بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا وَيُحْصِنَهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ .
( وَأَقَلُّهُ ) أَيْ مَا يَحْصُلُ بِهِ عَدَمُ التَّعْطِيلِ ( لَيْلَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ ) اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ كَسُكْنَى الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلِأَنَّ فِي دَاعِيَةِ الطَّبْعِ مَا يُغْنِي عَنْ إيجَابِهِ ( وَلَا ) حَقَّ فِيهِ عَلَيْهِ ( لِلْأَكْثَرِ ) مِنْ وَاحِدَةٍ ( إلَّا إنْ بَاتَ مَعَ زَوْجَتِهِ ) مِنْهُنَّ ( لَا أَمَةٍ فَتَسْتَحِقُّ الْبَاقِيَاتُ مِثْلُهَا ) { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وَخَبَرِ { إذَا كَانَتْ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ أَبَاتَ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ بِقُرْعَةٍ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا لِذَلِكَ أَمَّا لَوْ بَاتَ مَعَ أَمَةٍ فَلَا تَسْتَحِقُّ الْبَاقِيَاتُ الْقَسْمُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي ( وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْجِمَاعِ وَ ) بَقِيَّةِ ( الِاسْتِمْتَاعِ مُسْتَحَبَّةٌ ) لَا وَاجِبَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالنَّشَاطِ

وَالشَّهْوَةِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا ( وَلَا يُؤَاخِذُ بِمَيْلِ الْقَلْبِ ) إلَى بَعْضِهِنَّ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ .
وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَلَوْ قَسَمَ بَيْنَهُنَّ مُدَّةً وَسَوَّى ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ جَازَ كَالِابْتِدَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

( كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالْقَسْمِ وَالشِّقَاقِ ) ( قَوْلُهُ فَعَلَى الزَّوْجَيْنِ الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ إلَخْ ) قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ لَوْ ظَهَرَ زِنَاهَا حَلَّ لَهُ مَنْعُ قَسْمِهَا وَحُقُوقِهَا لِتَفْتَدِي مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ ( قَوْلُهُ فَلَا حَقَّ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ ) اسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الزَّوْجَةِ الْمَظْلُومَةِ فِي الْقَسْمِ فَلَوْ بَانَ مِنْهُ اللَّوَاتِي ظَلَمَ لَهُنَّ فَفِي الْبَسِيطِ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا قَالَ وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ الْمَظْلُومَ لَهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَرَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ مُسْتَنِدًا إلَى الْبَسِيطِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُوَ الْمُتَّجَهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَظْلُومَ بِسَبَبِهَا قَدْ اسْتَوْفَتْ نَوْبَةَ الْمَظْلُومَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَلِهَذَا يَقُولُ الْأَصْحَابُ إنَّهَا الْمَظْلُومُ لَهَا وَحَصَلَ لِلْمَظْلُومَةِ الْغَيْرَةُ وَالْوَحْشَةُ وَالْمَرْعِيُّ فِي رَدِّ الظُّلَامَاتِ الْمُمَاثَلَةُ وَهَذِهِ الظُّلَامَةُ لَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُمَاثَلَةُ أَنْ تُؤْخَذَ نَوْبَةُ الْمَظْلُومِ لَهَا فَتُعْطَى لِلْمَظْلُومَةِ .
وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُعَارِضُ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا بَاتَ عِنْدَ الْمَظْلُومِ بِهَا فَقَدْ حَصَلَ الظُّلْمُ مِنْ الزَّوْجِ وَحَصَلَ الظُّلْمُ مِنْ الضَّرَّةِ أَيْضًا وَبَرَاءُ ذِمَّةِ الضَّرَّةِ لَا تُمْكِنُ إلَّا بِالْقَضَاءِ مِنْ نَوْبَتِهَا بَعْدَ النِّكَاحِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ تُمْكِنُ بِالْمَبِيتِ فِي حَالِ بَيْنُونَةِ الضَّرَّةِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ إذَا بَاتَ عِنْدَهَا ثُمَّ عَادَتْ الضَّرَّةُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَبِيتُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَكَيْفَ كَانَ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نِكَاحُ الضَّرَّةِ لِيُوَفِّيَ مِنْ نَوْبَتِهَا

حَقَّ الْمَظْلُومَةِ وَإِذَا خَطَبَ الضَّرَّةَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا إجَابَةُ خِطْبَتِهِ لِتَوْفِيَةِ حَقِّ الْمَظْلُومَةِ وَلَيْسَ لَنَا نِكَاحٌ تَجِبُ إجَابَةُ الْخَاطِبِ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا هَذَا

( فَصْلٌ ) ( لَا قَسْمَ لِلْإِمَاءِ ) وَلَوْ مُتَوَلِّدَاتٍ قَالَ تَعَالَى { فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ ( وَ ) لَكِنْ ( يُسْتَحَبُّ الْعَدْلُ بَيْنَهُنَّ ) لِئَلَّا يَحْقِدَ بَعْضُهُنَّ عَلَى بَعْضٍ ( وَعَدَمُ التَّعْطِيلِ ) لَهُنَّ لِيَأْمَنَ الْوُقُوعَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي ( وَيَقْسِمُ لِذَوَاتِ الْأَعْذَارِ ) مِنْ الزَّوْجَاتِ كَمَا يَقْسِمُ لِغَيْرِهِنَّ ( كَالرَّتْقَاءِ ) وَالْقَرْنَاءِ وَالْحَائِضِ وَالْجَذْمَاءِ وَالْبَرْصَاءِ ( وَالْمَجْنُونَةِ إنْ أُمِنَتْ ) أَيْ أُمِنَ شَرُّهَا .
( وَ ) يَقْسِمُ ( لِلْمُرَاهِقَةِ وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا ) وَالْمَوْلَى مِنْهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأُنْسُ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ التَّخْصِيصِ الْمُوحِشِ لَا الِاسْتِمْتَاعُ ( لَا مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ ) لِتَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ بِهَا ( وَ ) لَا ( نَاشِزَةٍ ) كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهِ أَوْ أَرَادَ الدُّخُولَ إلَيْهَا فَأَغْلَقَتْ الْبَابَ وَمَنَعَتْهُ فَلَا قَسْمَ لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ ( وَ ) لَا ( مُدَّعِيَةٍ لِلطَّلَاقِ ) هَذِهِ أَدْخَلَهَا الْأَصْلُ فِي النَّاشِزَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَمُدَّعِيَةٍ لِلطَّلَاقِ لِوَافِقِهِ ( - وَنُشُوزُ الْمَجْنُونَةِ يُسْقِطُ حَقَّهَا ) مِنْ الْقَسْمِ كَنُشُوزِ الْعَاقِلَةِ لَكِنَّهَا لَا تَأْثَمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَالْأَوْلَى ) لِلزَّوْجِ فِي الْقَسْمِ عَلَى زَوْجَاتِهِ ( أَنْ يَطُوفَ عَلَيْهِنَّ ) اقْتِدَاءً بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَوْنًا لَهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ ( وَلَهُ أَنْ يَسْتَدْعِيَ بِهِنَّ ) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ بِأَنْ يَدْعُوهُنَّ إلَى مَسْكَنِهِ ( لَا إلَى مَنْزِلِ إحْدَاهُنَّ ) فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا ( وَلَا يَأْتِي بَعْضًا ) مِنْهُنَّ ( وَيَدْعُو بَعْضًا ) إلَى مَسْكَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْصِيصِ .
وَالنَّصُّ عَلَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ مِمَّا يَأْتِي

( فَإِنْ أَقْرَعَ ) بَيْنَهُنَّ ( لِمَنْ تُدْعَى ) إلَيْهِ ( أَوْ بَعْدَ بَيْتِ الْمَدْعُوَّةِ أَوْ كَانَتْ عَجُوزًا وَتِلْكَ ) أَيْ الَّتِي يَأْتِيهَا ( شَابَّةً فَحَلَفَ عَلَيْهَا فَلَهُ ذَلِكَ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ دُعَاءِ بَعْضِهِنَّ بِالْقُرْعَةِ وَإِتْيَانِ قَرِيبَةِ الْبَيْتِ وَالشَّابَّةِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَالْمُسَافِرَةِ بِبَعْضِهِنَّ بِالْقُرْعَةِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِي الْإِتْيَانِ إلَى الْبَعِيدَةِ وَلِخَوْفِهِ عَلَى الشَّابَّةِ ( فَإِنْ اشْتَغَلَتْ عَنْ الْإِجَابَةِ ) إلَى دُعَائِهِ لَهَا ( لِحَاجَتِهَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ ) لِمُخَالَفَتِهَا الْوَاجِبَ ( أَوْ ) اشْتَغَلَتْ عَنْهَا ( لِمَرَضٍ فَحَمْلُهَا ) إلَيْهِ إنْ أَرَادَ وَاجِبٌ ( عَلَيْهِ وَإِنْ سَافَرَتْ ) دُونَهُ وَلَوْ لِحَاجَتِهِ ( سَقَطَ حَقُّهَا لَا ) إنْ سَافَرَتْ ( لِحَاجَتِهِ بِإِذْنِهِ فَيَقْضِي ) لَهَا مَا فَاتَهَا ( مِنْ حَقِّ الْبَاقِيَاتِ )

قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ ) لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلِهَذَا لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِالْعُنَّةِ .
( قَوْلُهُ وَالْحَائِضُ ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ ( قَوْلُهُ وَالْبَرْصَاءُ ) أَيْ وَالْمَرِيضَةُ وَاسْتَثْنَى فِي الْحَوَاشِي وَغَيْرِهَا مِنْ اسْتِحْقَاقِهَا الْقَسْمَ مَا لَوْ سَافَرَ بِنِسَائِهِ فَتَخَلَّفَتْ وَاحِدَةٌ لِمَرَضٍ فَلَا قَسْمَ لَهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( وَقَوْلُهُ وَنُشُوزُ الْمَجْنُونَةِ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ إلَخْ ) وَهَذَا يُفْهِمُ أَنَّ الْقَسْمَ دَائِرٌ مَعَ النَّفَقَةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّدْرِيبِ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ اسْتَحَقَّهَا مِنْ زَوْجَةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ اسْتَحَقَّتْهُ كَالْمُحْرِمَةِ وَالْمَوْلَى مِنْهَا وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَمَنْ لَا فَلَا كَالْمَحْبُوسَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ وَالْأَمَةِ الَّتِي لَمْ تُسْلَمْ نَهَارًا وَالْحُرَّةِ الْمُلْحَقَةِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْأَوَّلِ مَسْأَلَةُ الْمَاوَرْدِيِّ السَّابِقَةِ وَأَضَافَ إلَيْهَا تَخْرِيجًا الْمَجْنُونَةَ الَّتِي يَخَافُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ لَهَا وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا نُشُوزٌ وَلَا امْتِنَاعٌ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ لَهُ فَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا بَحْثًا وَقَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِأَنْ يَدْعُوهُنَّ إلَى مَسْكَنِهِ ) لَوْ كَانَ فِي نِسَائِهِ امْرَأَةٌ ذَاتُ قَدْرٍ وَخَفَرٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ فَلَا تَلْزَمُهَا إجَابَتُهُ إلَى مَسْكَنِهِ وَعَلَيْهِ الْقَسْمُ لَهَا فِي بَيْتِهَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ النِّهَايَةِ وَنُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ .
لَكِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ سَافَرَتْ سَقَطَ حَقُّهَا ) هَذَا حَيْثُ لَا عُذْرَ فَلَوْ اُضْطُرَّتْ كَمَا لَوْ خَرَجَتْ الْقَرْيَةُ وَارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَلَمْ تُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ عَنْهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهَذَا نَاشِزًا قو وَقَوْلُهُ فَلَا

يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهَذَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ ) ( وَيَقْسِمُ ) الزَّوْجُ ( الْمُرَاهِقُ ) كَالْبَالِغِ ( فَإِنْ جَارَ ) فِي قَسْمِهِ ( أَثِمَ الْوَلِيُّ أَوْ ) جَارَ فِيهِ ( السَّفِيهُ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ ( وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الطَّوَافُ بِالْمَجْنُونِ ) عَلَيْهِنَّ سَوَاءٌ أَمِنَ مِنْهُ الضَّرَرَ أَمْ لَا ( إلَّا إنْ طُولِبَ بِقَضَاءِ قَسْمٍ ) وَقَعَ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ الطَّوَافُ بِهِ عَلَيْهِنَّ قَضَاءً لِحَقِّهِنَّ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ طُولِبَ مَا لَوْ لَمْ يُطَالَبْ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُنَّ التَّأْخِيرَ إلَى إفَاقَتِهِ لِتَتِمَّ الْمُؤَانَسَةُ ( أَوْ ) إنْ ( كَانَ الْجِمَاعُ يَنْفَعُهُ ) بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ ( أَوْ مَالَ عَلَيْهِ ) بِمَيْلِهِ إلَى النِّسَاءِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَطُوفَ بِهِ عَلَيْهِنَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَنْزِلِهِ أَوْ يَطُوفَ بِهِ عَلَى بَعْضِهِنَّ وَيَدْعُوَ بَعْضَهُنَّ بِحَسَبِ مَا يَرَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي الْعَاقِلِ ( فَإِنْ ضَرَّهُ ) الْجِمَاعُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ ( وَجَبَ ) عَلَى وَلِيِّهِ ( مَنْعُهُ ) مِنْهُ ( فَإِنْ تَقَطَّعَ الْجُنُونُ وَانْضَبَطَ ) كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ ( فَأَيَّامُهُ ) أَيْ الْجُنُونِ ( كَالْغَيْبَةِ ) أَيْ كَأَيَّامِهَا فَتُطْرَحُ وَيَقْسِمُ فِي أَيَّامِ إفَاقَتِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ فِي الْجُنُونِ عِنْدَ وَاحِدَةٍ فَلَا قَضَاءَ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ .
ثُمَّ قَالَ وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ وَجْهًا أَنَّهُ يَقْضِي لِلْبَاقِيَاتِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُرَاعَى الْقَسْمُ فِي أَيَّامِ الْإِفَاقَةِ وَيُرَاعِيهِ الْوَلِيُّ فِي أَيَّامِ الْجُنُونِ وَتَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَنَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَهَذَا حَسَنٌ انْتَهَى .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ هُوَ مَا حَكَاهُ أَبُو الْفَرَجِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ( وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ ) جُنُونُهُ ( وَأَبَاتهُ الْوَلِيُّ فِي الْجُنُونِ مَعَ وَاحِدَةٍ وَأَفَاقَ فِي نَوْبَةِ

الْأُخْرَى قَضَى مَا جَرَى فِي الْجُنُونِ ) لِنَقْصِهِ ( الطَّرَفَ الثَّانِيَ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ ) لِلْقَسْمِ ( وَعَلَيْهِ أَفْرَادُ كُلٍّ ) مِنْهُنَّ ( بِمَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا وَلَوْ بِحُجُرَاتٍ تَمَيَّزَتْ مَرَافِقُهُنَّ ) كَمُسْتَرَاحٍ وَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمُرَقًّى إلَيْهِ ( مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ ) أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ وَلَوْ لَيْلَةً وَاحِدَةً إلَّا بِرِضَاهُنَّ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ .
وَمِثْلُهُ السُّرِّيَّةُ مَعَ الزَّوْجَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَ الرُّويَانِيُّ وَلَهُ جَمْعُ إمَائِهِ بِمَسْكَنٍ وَخَرَجَ بِتَمَيُّزِ مَرَافِقِهِنَّ مَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ فَكَالْمَسْكَنِ الْوَاحِدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَإِنَّ أَفْرَادَ كُلٍّ بِخَيْمَةٍ وَمَرَافِقَ مِمَّا يَشُقُّ وَيَعْظُمُ ضَرَرُهُ مَعَ أَنَّ ضَرَرَهُنَّ لَا يَتَأَبَّدُ فَيُحْتَمَلُ ( وَالْعُلْوُ وَالسُّفْلُ إنْ تَمَيَّزَتْ الْمَرَافِقُ مَسْكَنَانِ فَإِنْ رَضِينَ بِمَسْكَنٍ جَازَ ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ .

( قَوْلُهُ وَيُقْسِمُ الْمُرَاهِقُ فَإِنْ جَارَ أَثِمَ الْوَلِيُّ ) وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ وَلَا يُزَوَّجُ لِلْمُعَاشَرَةِ عَادَةً فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ لِعَدَمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْقَسْمِ ا هـ وَ الظَّاهِرُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَطَلَبَتْ الْبَاقِيَاتُ لِحُصُولِ الْأُنْسِ بِالصَّبِيِّ كَالْمَجْنُونِ وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ س وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ السَّفِيهُ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ إلَخْ ) صُورَتُهُ أَنْ يَطْرَأَ سَفَهُهُ أَوْ يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ .
( قَوْلُهُ بِحَسَبِ مَا يَرَى ) لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ إذَا كَانَ عَاقِلًا فَكَذَلِكَ وَلِيُّهُ فِي هَذَا الْحَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُخَاطَبُ بِمَا يُخَاطَبُ بِهِ الزَّوْجُ لَوْ كَانَ عَاقِلًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَنَّ مَحَلَّ طَوَافِهِ بِهِ إذَا أَمِنَ ضَرَرَهُ ( قَوْلُهُ وَهَذَا حَسَنٌ ) ظَاهِرُهُ الْمُخَالَفَةُ كَمَا فَهِمَهَا مَنْ نَقَلَ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ الْجُنُونِ أَوْ لَمْ يَمِلْ إلَى النِّسَاءِ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي عَلَى عَكْسِهِ وَقَوْلُهُ بَلْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( الطَّرَفُ الثَّانِي ) ( قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُنَّ ) إذَا جَمَعَهُنَّ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِرِضَاهُنَّ كُرِهَ لَهُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ وَسُوءُ عِشْرَةٍ وَلَوْ طَلَبَهَا لَمْ تَلْزَمْهَا الْإِجَابَةُ وَلَا تَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ ) وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى

فَلَا يَلْزَمُهَا الِاشْتِرَاكُ فِيهَا كَمَا لَا يَلْزَمُهَا الِاشْتِرَاكُ فِي كِسْوَةٍ وَاحِدَةٍ يَتَنَاوَبَانِهَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا لَا يَعْدُوهَا .
( قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ السُّرِّيَّةُ مَعَ الزَّوْجَةِ ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا بِمَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَرْضَ يَصِيرُ الْمَسْكَنُ غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ فَقَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَسُرِّيَّةٌ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي بَيْتٍ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ السَّفَرَ لَيْسَ مَحَلَّ السُّكْنَى فَهُوَ مُرَادُهُمْ وَإِنْ أَطْلَقُوا ش

( فَصْلٌ عِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ ) لِأَنَّهُ وَقْتُ السُّكُونِ ( وَالنَّهَارُ تَابِعٌ ) لَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمَعَاشِ قَالَ تَعَالَى { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا } وَقَالَ { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا } ( تَقَدَّمَ ) النَّهَارُ ( أَوْ تَأَخَّرَ ) أَيْ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ قَبْلَ اللَّيْلَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ التَّوَارِيخُ الشَّرْعِيَّةُ فَإِنَّ أَوَّلَ الْأَشْهُرِ اللَّيَالِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْوَجْهُ فِي دُخُولِهِ لِذَاتِ النَّوْبَةِ لَيْلًا اعْتِبَارُ الْعُرْفِ لَا بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا .
( وَنَحْوُ الْأَتُّونِيِّ ) كَالْحَارِسِ لَيْلًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَهُوَ وَقَّادُ الْحَمَّامِ نِسْبَةٌ إلَى الْأَتُّونِ وَهُوَ الَّذِي يُوقَدُ بِهِ النَّارُ ( نَهَارُهُ لَيْلُهُ ) فَهُوَ عِمَادُ قَسْمِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِ وَاللَّيْلُ تَابِعٌ لَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ مَعَاشِهِ ( وَ ) عِمَادُ الْقَسْمِ ( لِلْمُسَافِرِ وَقْتُ النُّزُولِ وَلَوْ نَهَارًا ) قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْخَلْوَةُ إلَّا حَالَةَ السَّيْرِ بِأَنْ كَانَا بِمِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَحَالَةُ النُّزُولِ يَكُونُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي خَيْمَةٍ مَثَلًا كَانَ عِمَادُ قَسْمِهِ حَالَةَ السَّيْرِ دُونَ حَالَةِ النُّزُولِ حَتَّى يَلْزَمَهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ ( وَالدُّخُولُ ) لِمَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ اللَّيْلُ ( عَلَى امْرَأَةٍ فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا حَرَامٌ وَلَوْ لِحَاجَةٍ ) كَعِيَادَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ ذَاتِ النَّوْبَةِ ( إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ ) وَلَوْ ظَنًّا قَالَ الْغَزَالِيُّ أَوْ احْتِمَالًا وَكَحَرِيقٍ فَيَجُوزُ دُخُولُهُ لِتَبَيُّنِ الْحَالِ لِعُذْرِهِ ( وَيَقْضِي ) لِذَاتِ النَّوْبَةِ بِقَدْرِ مَا مَكَثَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا ( إنْ طَالَ ) الزَّمَنُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِي بِالدُّخُولِ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ فَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ فَلَا

قَضَاءَ ( كَالْمُتَعَدِّي ) بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَقْضِي إنْ طَالَ الزَّمَنُ .
( وَلَوْ جَامَعَ ) مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا ( عَصَى ) بِتَعَدِّيهِ بِالدُّخُولِ فِي صُوَرِ التَّعَدِّي وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ قَالَ الْإِمَامُ وَاللَّائِقُ بِالتَّحْقِيقِ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ الْجِمَاعُ بِالتَّحْرِيمِ وَيُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ لَا إلَى مَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ لَا لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ ( وَقَضَى الْمُدَّةَ ) دُونَ الْجِمَاعِ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّشَاطِ كَمَا مَرَّ ( لَا إنْ قَصُرَتْ ) فَلَا يَقْضِيهَا وَيُعْرَفُ طُولُ الزَّمَنِ وَقِصَرُهُ بِالْعُرْفِ

( قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ فِي دُخُولِهِ لِذَاتِ النَّوْبَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ ) لِأَنَّ الْخَلْوَةَ تُمْكِنُ وَقْتَ السَّيْرِ ( قَوْلُهُ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَا بِمِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا ) أَوْ خَانٍ أَوْ صَحْرَاءَ ( قَوْلُهُ كَانَ عِمَادُ قَسْمِهِ حَالَةَ السَّيْرِ إلَخْ ) وَهَذَا وَاضِحٌ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي سَفِينَةٍ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ فَالْكَبِيرَةُ كَالدَّارِ ذَاتِ الْبُيُوتِ وَالصَّغِيرَةُ كَالْبَيْتِ الْوَاحِدِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ أَوْ احْتِمَالًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إنْ طَالَ الزَّمَنُ ) أَيْ عُرْفًا ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْصِ بِالدُّخُولِ ) أَيْ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ فَلَا قَضَاءَ ) لَوْ كَانَ مَنْزِلُهَا بَعِيدًا يَمْضِي فِي ذَهَابِهِ إلَيْهِ وَعَوْدِهِ مِنْهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ عِنْدَهَا بَلْ وَلَا مُكْثَ أَصْلًا وَقَوْلُهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ قَضَاءِ مَا فَوَّتَهُ عَلَى صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ مِنْ لَيْلَتِهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَرَفَهُ إلَى ضَرَّةٍ أُخْرَى بَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهَا لَكِنَّهُ لَا يَقْضِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ

( فَرْعٌ لَا يَجِبُ ) عَلَيْهِ ( أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي الْإِقَامَةِ ) فِي الْبَيْتِ ( نَهَارًا ) لِأَنَّهُ زَمَنُ الِانْتِشَارِ فَقَدْ يَقِلُّ فِي يَوْمٍ وَيَكْثُرُ فِي آخَرَ وَالضَّبْطُ فِيهِ عُسْرٌ بِخِلَافِ اللَّيْلِ ( لَكِنْ لَا يَدْخُلُ ) أَيْ لَا يَجُوزُ دُخُولُهُ ( عَلَى الْأُخْرَى فِيهِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَعِيَادَةٍ وَوَضْعِ مَتَاعٍ ) وَأَخْذِهِ وَتَعَرُّفِ خَبَرٍ وَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ اسْتَمْتَعَ ) عِنْدَ دُخُولِهِ لِحَاجَةٍ ( بِغَيْرِ الْجِمَاعِ جَازَ ) لِخَبَرِ عَائِشَةَ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الَّتِي فِي نَوْبَتِهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ أَمَّا الْجِمَاعُ فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهِ ( وَلَا يَخُصُّ وَاحِدَةً بِالدُّخُولِ ) عَلَيْهَا بِأَنْ يَعْتَادَ الدُّخُولَ عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ غَيْرِهَا ( وَلَوْ دَخَلَ ) عَلَيْهَا ( بِلَا حَاجَةٍ قَضَى ) لِتَعَدِّيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا طَالَ الزَّمَنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي قَضَاءِ اللَّيْلِ فَإِنْ دَخَلَ لِحَاجَةٍ فَلَا قَضَاءَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ النَّهَارَ تَابِعٌ مَعَ وُجُودِ الْحَاجَةِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ مَحَلُّهُ فِي دُخُولِهِ بِلَا حَاجَةٍ هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ عِمَادُ قَسْمِهِ اللَّيْلُ أَمَّا غَيْرُهُ فَبِالْعَكْسِ .
( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ إلَخْ ) فَإِنْ طَوَّلَهُ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ أَيْ وَالشَّامِلِ وَالْبَيَانِ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَوْ جُمْهُورِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ أَنْ يُقِيمَ فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَرِضَتْ أَوْ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ وَلَا مُتَعَهِّدَ ) لَهَا ( فَلَهُ تَمْرِيضُهَا ) فِي الْأُولَى ( وَالْمَبِيتُ عِنْدَهَا ) فِي الثَّانِيَةِ لَيَالِيَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ ( وَيَقْضِي ) لِغَيْرِهَا إنْ بَرِئَتْ ( وَلَا يُوَالِيهِ ) أَيْ الْقَضَاءُ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الْأُخْرَيَات تِلْكَ اللَّيَالِيَ وَلَاءً ( بَلْ يُفَرِّقُهُ فَيَجْعَلُ النُّوَبَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) فَأَقَلَّ حَتَّى يُتِمُّ الْقَضَاءَ وَإِنَّمَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مِقْدَارِ النُّوَبِ فِي الْقَسْمِ ثَلَاثُ لَيَالٍ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَوْ كَانَتْ تَنْتِينَ ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَرِيضَتَانِ وَلَا مُتَعَهِّدَ لَهُمَا ( مَرَّضَهُمَا بِالْقَسْمِ ) أَيْ يَقْسِمُ اللَّيَالِيَ عَلَيْهِمَا وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّمْرِيضِ ( لَا الْقُرْعَةُ ) نَفْيٌ لِمَا قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ يُمَرِّضُهُمَا بِالْقُرْعَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي السَّفَرِ ( وَقَضَى لِلْبَاقِيَاتِ ) إنْ بَرِئَتَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ مَاتَتْ الْمَرِيضَةُ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَقَدْ سَقَطَتْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَلَا مُتَعَهِّدَ مَا إذَا كَانَ لَهَا مُتَعَهِّدٌ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَهَا إلَّا فِي نَوْبَتِهَا .
( قَوْلُهُ وَيَقْضِي ) وَلَا يُوَالِيهِ أَيْ الْقَضَاءَ لِكُلٍّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ

( فَرْعٌ لَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً اللَّيْلَ ) أَيْ فِيهِ ( دُونَ النَّهَارِ وَتَارَةً عَكْسَهُ لَمْ يَجْزِهِ نَهَارُهُ عَنْ لَيْلِهِ ) وَلَا عَكْسُهُ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ ( فَصْلٌ لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ أَقَلَّ مِنْ لَيْلَةٍ ) لِمَا فِي تَبْعِيضِهَا مِنْ تَنْغِيصِ الْعَيْشِ وَلِعُسْرِ ضَبْطِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ وَمِنْ هُنَا لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَأَمَّا طَوَافُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى رِضَاهُنَّ ( وَهِيَ ) أَيْ اللَّيْلَةُ أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا ( أَفْضَلُ ) اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَقْرُبَ عَهْدُهُ بِهِنَّ ( وَلَا ) يَجُوزُ الْقَسْمُ ( أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ ) وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ لِأَنَّ فِيهِ إيحَاشًا وَهَجْرًا لَهُنَّ ( إلَّا بِرِضَاهُنَّ ) فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ ( وَلْيُقْرِعْ لِلِابْتِدَاءِ ) بِالْقَسْمِ وُجُوبًا تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ ( ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إنْ كُنَّ أَرْبَعًا ) مَرَّةً بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَثَانِيَةً بَيْنَ الثَّلَاثِ وَثَالِثَةً بَيْنَ الْبَاقِيَتَيْنِ ( وَيُرَاعَى تَرْتِيبُهَا ) أَيْ الْمَرَّاتُ إذَا تَمَّتْ النُّوَبُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ .
( فَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ أَثِمَ وَأَقْرَعَ بَيْنَ الثَّلَاثِ ثُمَّ ) إذَا تَمَّتْ النُّوَبُ ( أَعَادَهَا ) أَيْ الْقُرْعَةَ ( لِلْجَمِيعِ ) وَكَأَنَّهُ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَعَادِ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لِلْجَمِيعِ مِنْ زِيَادَتِهِ

( قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ أَقَلَّ مِنْ لَيْلَةٍ ) مِثْلُهَا النَّهَارُ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ عِمَادُ قَسْمِهِ كَالْحَارِسِ ( قَوْلُهُ وَلْيُقْرِعْ لِلِابْتِدَاءِ ) قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ قَضَاءُ مَا دُونَ لَيْلَةٍ لِاثْنَتَيْنِ وَالطَّوَافُ عَلَى الْجَمِيعِ فِي سَاعَةٍ وَلَا تَقُلْ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ع وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْإِقْرَاعِ إذَا لَمْ يَرْضَيْنَ بِتَقْدِيمِ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ قَضَاءُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ لِلْجَمِيعِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَبِهِ صَرَّحَ شَارِحُ الْهَادِي .

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمُسَاوَاةِ ) بَيْنَ الزَّوْجَاتِ ( فَتَجِبُ ) الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُنَّ فَيَحْرُمُ التَّفْضِيلُ وَإِنْ تَرَجَّحَتْ وَاحِدَةٌ بِشَرَفٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِاسْتِوَائِهِنَّ فِي مَقَاصِدِ النِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ ( إلَّا أَنَّ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً ) رَوَاهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مُرْسَلًا وَعَضَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْقَسْمَ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا عَلَى النِّصْفِ إذْ لَا تَسْلَمُ لَهُ إلَّا لَيْلًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثًا وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَنِصْفًا وَالْمُبَعَّضَةُ كَالْأَمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ .
( فَإِنْ عَتَقَتْ فِي ) اللَّيْلَةِ ( الْأُولَى مِنْ لَيْلَتَيْ الْحُرَّةِ وَ ) كَانَتْ ( الْبُدَاءَةُ بِالْحُرَّةِ فَالثَّانِيَةُ ) مِنْ لَيْلَتِهَا ( لِلْعَتِيقَةِ ) ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا هَذَا إنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ لَهَا عَلَى لَيْلَةٍ وَإِلَّا فَلَهُ تَوْفِيَةُ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَإِقَامَةُ مِثْلِهِمَا عِنْدَ الْعَتِيقَةِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ قَالَ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَضُرُّ بِهِ لَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ فَلَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يُقَلِّلَ أَوْ يُكْثِرَ بَعْدَ الْوَفَاءِ بِالتَّسْوِيَةِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ غَيْرُهُ وَالثَّلَاثُ كَاللَّيْلَتَيْنِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( أَوْ ) عَتَقَتْ ( فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا فَإِنْ أَتَمَّهَا ) وَلَهُ ذَلِكَ لِلْمَشَقَّةِ فِي خُرُوجِهِ لَيْلًا ( بَاتَ مَعَ الْعَتِيقَةِ لَيْلَتَيْنِ لَا إنْ خَرَجَ حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ الْعِتْقِ ( إلَى مَسْجِدٍ أَوْ إلَى الْعَتِيقَةِ ) أَوْ نَحْوِهِمَا كَبَيْتِ صَدِيقٍ وَبَاتَ ثَمَّ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ مَضَى مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَلْ قَدْ أَحْسَنَ بِخُرُوجِهِ إلَى الْعَتِيقَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنْ اللَّيْلَةِ إنْ كَانَ حَقًّا لِلْحُرَّةِ فَيَجِبُ إذَا

أَكْمَلَ اللَّيْلَةَ أَنْ لَا يَقْضِيَ جَمِيعَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لَهَا فَيَجِبُ أَنْ يَقْضِيَهُ إذَا خَرَجَ فَوْرًا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَقْضِيَ جَمِيعَهَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ نِصْفَيْ اللَّيْلَةِ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَالسَّبْعَةِ فِي حَقِّ الزِّفَافِ لِلثَّيِّبِ فَالثَّلَاثُ حَقٌّ لَهَا وَإِذَا أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا قَضَى الْجَمِيعَ .
فَكَذَا إذَا أَقَامَ النِّصْفَ الثَّانِيَ قَضَاهُ مَعَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الثَّانِي فَيَجِبُ أَنْ يَقْضِيَهُ إذَا خَرَجَ فَوْرًا مَرْدُودٌ أَيْضًا فَإِنَّ الْعِتْقَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَا يُثْبِتُ لَهَا اسْتِحْقَاقُ نَظِيرِ النِّصْفِ الْمَقْسُومِ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدَيْنِ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثَاهُ فَالْمُهَايَأَةُ بَيْنَهُمَا تَكُونُ يَوْمَيْنِ وَيَوْمًا فَإِذَا اشْتَرَى صَاحِبُ الثُّلُثِ السُّدُسَ مِنْ الْآخَرِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمَيْنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مَا مَضَى وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَنْ طَلَبَتْ مِنْهُ تَمَامَ اللَّيْلَةِ وَإِلَّا فَيَقْتَضِي الزَّائِدَ فَقَطْ ( وَإِنْ عَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا لَا بَعْدَ تَمَامِهَا زَادَهَا لَيْلَةً ) لِالْتِحَاقِهَا بِالْحُرَّةِ قَبْلَ الْوَفَاءِ فَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَمَامِهَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا وَلَا أَثَرَ لِعِتْقِهِمَا فِي يَوْمِهَا لِأَنَّهُ تَابِعٌ ( وَإِنْ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِالْأَمَةِ وَعَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا فَكَالْحُرَّةِ ) فَيُتِمُّهَا ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا ( أَوْ عَتَقَتْ بَعْدَ تَمَامِهَا أَوْ فِي الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ ) ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَمَةَ قَدْ اسْتَوْفَتْ لَيْلَتَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَتَسْتَوْفِي الْحُرَّةُ بِإِزَائِهَا لَيْلَتَيْنِ .
وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَمَنَعَ الْبَغَوِيّ إيفَاءَ اللَّيْلَتَيْنِ وَقَالَ إنْ عَتَقَتْ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا أَتَمَّهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حَالًا وَعَلَى نَحْوِهِ جَرَى الشَّيْخُ أَبُو

حَامِدٍ وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ لِمُسَاوَاتِهَا الْحُرَّةَ قَبْلَ إيفَائِهَا كَذَا نَقَلَ الْأَصْلُ ذَلِكَ بِلَا تَرْجِيحٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّحِيحُ الثَّانِي فَقَدْ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْجَدِيدِ مَا يُخَالِفُهُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِنَصٍّ فِي الْأُمِّ وَاسْتَشْكَلَ الْمَاوَرْدِيُّ النَّصَّ بِأَنَّ عِتْقَ الْأَمَةِ يُوجِبُ تَكْمِيلَ حَقِّهَا وَلَا يُوجِبُ نُقْصَانَ حَقِّ غَيْرِهَا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْحُرَّةُ عَلَى حَقِّهَا وَتَسْتَقْبِلُ زِيَادَةَ الْأَمَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا قَالَ فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ بِعِتْقِهَا حَتَّى مَرَّ عَلَيْهَا أَدْوَارٌ وَهُوَ يَقْسِمُ لَهَا قَسْمَ الْإِمَاءِ لَمْ يَقْضِ لَهَا مَا مَضَى وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا انْتَهَى وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ عِنْدَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ .

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ ) ( قَوْلُهُ إذْ لَا تُسْلَمُ لَهُ إلَّا لَيْلًا ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ النَّهَارَ مُسْتَحَقٌّ لِلسَّيِّدِ لَوْ طَلَبَهَا فِيهِ وَالْخَاصُّ بِالزَّوْجِ اللَّيْلُ وَإِلَّا فَشَرْطُ اسْتِحْقَاقِهَا الْقَسْمُ تَسْلِيمُهَا لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُقَدَّرَ الَّذِي يَضْرِبُهُ لَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ وَلَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى النَّوْبَةِ الَّتِي قَدْ قَدَّرَهَا أَوَّلًا بِالِاتِّفَاقِ وَإِنَّمَا سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَيِّدَ إلَخْ ) التَّشْبِيهُ فِي مُجَرَّدِ قَضَائِهِ الْكَثِيرَ دُونَ الْقَلِيلِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ عَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا ) لَوْ قَالَ فِي أَصْلِهَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ نَهَارًا .
( قَوْلُهُ وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ إلَخْ ) أَيْ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ ( قَوْلُهُ وَالْغَزَالِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ وَمَنَعَ الْبَغَوِيّ إيفَاءَ اللَّيْلَتَيْنِ وَقَالَ إلَخْ ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ فَسَوَّى بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْبُدَاءَةُ بِالْحُرَّةِ أَوْ بِالْأَمَةِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْأَمَةَ حَيْثُ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهَا قَدْ اسْتَوْفَتْ لَيْلَتَهَا وَهِيَ أَمَةٌ فَتُسْتَوْفَى الْحُرَّةُ بِإِزَائِهَا لَيْلَتَيْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْحَاوِي ا هـ ( قَوْلُهُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِنَصٍّ فِي الْأُمِّ ) عِبَارَتُهُ وَيَقْسِمُ لِلْحُرَّةِ يَوْمَيْنِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ فَإِنْ عَتَقَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَدَارَ إلَى الْحُرَّةِ أَوْ الْحَرَائِرِ وَقَسَمَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهَا يَوْمًا يَوْمًا بَدَأَ فِي ذَلِكَ بِالْأَمَةِ قَبْلَ الْحَرَائِرِ أَوْ بِالْحَرَائِرِ قَبْلَ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْسِمْ

لَهُنَّ يَوْمَيْنِ يَوْمَيْنِ حَتَّى صَارَتْ الْأَمَةُ كَالْحَرَائِرِ الَّتِي لَهَا مَا لَهُنَّ ( قَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَا يَجِبُ قَسْمٌ لِأَمَةٍ لَا نَفَقَةٌ لَهَا ) بِأَنْ لَمْ تُسَلَّمْ لَهُ تَسْلِيمًا تَامًّا ( فَإِنْ اسْتَحَقَّتْهَا بِأَنْ سُلِّمَتْ لَهُ ) لَيْلًا وَنَهَارًا ( فَحَقُّ الْقَسْمِ لَهَا لَا لِسَيِّدِهَا ) فَهِيَ الَّتِي تَمْلِكُ إسْقَاطَهُ بِهِبَتِهِ لِزَوْجِهَا أَوْ لِضَرَّتِهَا لَا سَيِّدُهَا لِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَظِّ فِي الْقَسْمِ لَهَا كَمَا أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ لَهَا لَا لَهُ ( وَإِنْ سَافَرَ بِهَا السَّيِّدُ وَقَدْ اسْتَحَقَّتْ لَيْلَةً ) بِأَنْ قَسَمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ ثُمَّ سَافَرَ سَيِّدُهَا بِهَا ( قَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تَسْقُطُ ) بَلْ عَلَى الزَّوْجِ قَضَاؤُهَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ لِأَنَّ الْفَوَاتَ حَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا فَعُذِرَتْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي وَنَصُّ الْأُمِّ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا وَذَكَرَهُ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إلَيْهِ بِعَزْوِهِ إلَى الْمُتَوَلِّي ( فَصْلٌ وَإِنْ جَدَّدَ عَلَيْهِنَّ زَوْجَةً وَلَوْ أَمَةً ) أَوْ كَافِرَةً .
( وَيُتَصَوَّرُ ) جَمْعُ الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ ( فِي عَبْدٍ وَكَذَا ) فِي ( حُرٍّ تَحْتَهُ رَتْقَاءُ ) أَوْ غَيْرُهَا مِمَّنْ لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ أَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ وَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا حُرَّةً ( أَقَامَ ) وُجُوبًا ( عِنْدَ الْبِكْرِ ) الَّتِي جَدَّدَهَا ( سَبْعًا وَ ) عِنْدَ ( الثَّيِّبِ الَّتِي إذْنُهَا النُّطْقُ ثَلَاثًا ) لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ { سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ { مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ قَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ } وَالْمَعْنَى فِيهِ زَوَالُ الْحِشْمَةِ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا سَوَّى بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ وَزِيدَ لِلْبِكْرِ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ وَالْحِكْمَةُ فِي الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِ أَنَّ الثَّلَاثَ مُغْتَفَرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَالسَّبْعُ عَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَمَا

زَادَ عَلَيْهَا تَكْرَارٌ وَقَوْلُهُ وَكَذَا حُرٌّ تَحْتَهُ رَتْقَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَدَخَلَ فِي الثَّيِّبِ الْمَذْكُورَةُ مَنْ كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ وَطْءٍ شُبْهَةٍ وَخَرَجَ بِهَا مَنْ حَصَلَتْ ثُيُوبَتُهَا بِمَرَضٍ أَوْ وَثْبَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( مُتَوَالِيَاتٍ ) صِفَةٌ لِلسَّبْعِ وَلِلثَّلَاثِ وَاعْتُبِرَ تَوَالِيهَا لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمُفَرَّقِ .
( فَلَوْ فَرَّقَهَا لَمْ تُحْسَبْ وَقَضَاهَا ) لَهَا ( مُتَوَالِيًا وَقَضَى ) بَعْدَ ذَلِكَ ( لِلْأُخْرَيَاتِ مَا فَرَّقَ وَيُسْتَحَبُّ تَخْيِيرُ الثَّيِّبِ مِنْ ثَلَاثٍ وَلَا قَضَاءَ وَسَبْعٍ وَيَقْضِيهِنَّ ) كَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَيْثُ قَالَ لَهَا { إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت } أَيْ بِالْقَسْمِ الْأَوَّلِ بِلَا قَضَاءٍ وَإِلَّا لَقَالَ وَثَلَّثْت عِنْدَهُنَّ كَمَا قَالَ وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ رَوَاهُ مَالِكٌ وَكَذَا مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ ( فَإِنْ سَبَّعَ ) لَهَا ( بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا ) أَيْ طَلَبَهَا ( أَوْ اخْتَارَتْ دُونَ سَبْعٍ لَمْ يَقْضِ إلَّا مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ ) لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي الْحَقِّ الْمَشْرُوعِ لِغَيْرِهَا وَإِنْ سَبَّعَ لَهَا بِاخْتِيَارِهَا قَضَى جَمِيعَ السَّبْعِ لِلْأُخْرَيَاتِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَلِأَنَّهَا طَمِعَتْ فِي الْحَقِّ الْمَشْرُوعِ لِغَيْرِهَا فَبَطَلَ حَقُّهَا وَشُبِّهَ فِي التَّمِّ بِبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ ( وَإِنْ طَلَبَتْ الْبِكْرُ عَشْرًا ) مَثَلًا ( لَمْ تُعْطَ ) مَطْلُوبَهَا ( فَإِنْ أَجَابَهَا قَضَى الثَّلَاثَ فَقَطْ ) .

( قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تَسْقُطُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْفَوَاتَ حَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا فَعُذِرَتْ ) وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ أَيْضًا مَا لَوْ خَرِبَ الْبَلَدُ وَانْجَلَى أَهْلُهُ وَلَمْ تُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ وَقَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدْ يَأْتِي فِي الْحُرَّةِ إذَا أُكْرِهَتْ عَلَى الْخُرُوجِ وَقَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ أَيْضًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ إلَخْ ( قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي ) عِبَارَتُهُ الْعَبْدُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ امْرَأَتَانِ فَأَقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثُمَّ سَافَرَ بِهِ مَوْلَاهُ فَإِذَا رَجَعَ لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ الَّذِي فَوَّتَ نَوْبَتَهَا وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا سَافَرَ بِهَا مَوْلَاهَا فَبَعْدَ مَا رَدَّهَا إلَى الزَّوْجِ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَقْضِيَ لَهَا نَوْبَتَهَا وَمَا فَاتَ عَنْهَا بِغَيْبَتِهَا ( قَوْلُهُ وَيُتَصَوَّرُ فِي عَبْدٍ ) أَيْ أَوْ مُبَعَّضٍ ( قَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ إلَخْ ) أَوْ تَزَوَّجَ بِلَقِيطَةٍ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ ( قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ زَوَالُ الْحِشْمَةِ إلَخْ ) ذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ مَيْلُ النَّفْسِ لِلْجَدِيدَةِ فَلَا يَلْحَقُهُنَّ بِاخْتِصَاصِهَا بِأَيَّامِ مِثْلِهَا غَضَاضَةٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِصُورَةِ الظُّلْمِ ( قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهَا مَنْ حَصَلَتْ ثُيُوبَتُهَا بِمَرَضٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِلْمَأْتِيَّةِ فِي دُبُرِهَا وَقَدْ أَلْحَقُوهَا هُنَاكَ بِالْبِكْرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا أَنَّ لَهَا فِي الزِّفَافِ حَقُّ الْبِكْرِ قَطْعًا وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَخْيِيرُ الثَّيِّبِ بَيْنَ ثَلَاثٍ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْخَبَّازِ لَيْتَ شَعْرِي مَا حُكْمُ التَّتْمِينِ بِطَلَبِهَا ( قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَّعَ لَهَا بِاخْتِيَارِهَا إلَخْ ) فَاخْتِيَارُهَا لِلسَّبْعِ مُتَضَمَّنٌ لِلْعَفْوِ عَنْ الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ حَقُّهَا لِأَنَّ التَّخْيِيرَ

إنَّمَا وَقَعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ قَضَاءُ السَّبْعِ

( فَرْعٌ لَا يَتَجَدَّدُ حَقُّ الزِّفَافِ لِرَجْعِيَّةٍ ) لِبَقَائِهَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَقَدْ وَافَاهَا حَقُّهَا ( بِخِلَافِ الْبَائِنِ ) يَتَجَدَّدُ حَقُّ زِفَافِهَا لِعَوْدِ الْجِهَةِ ( وَ ) بِخِلَافِ ( مُفْتَرَشَةِ سَيِّدِهَا أَعْتَقَهَا ) ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَيَجِبُ لَهَا حَقُّ الزِّفَافِ ( وَإِنْ زُفَّتَا مَعًا وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ أَقْرَعَ ) بَيْنَهُمَا ( لِلِابْتِدَاءِ لِحَقِّ الزِّفَافِ ) فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا قَدَّمَهَا بِجَمِيعِ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ فَإِنْ زُفَّتَا مُرَتَّبًا أَدَّى حَقَّ الْأُولَى أَوَّلًا ( وَلَا يَثْبُتُ حَقُّهُ ) أَيْ الزِّفَافُ ( إلَّا لِمَنْ فِي نِكَاحِهِ أُخْرَى يَبِيتُ مَعَهَا بَلْ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ ثَلَاثٌ لَا يَبِيتُ مَعَهُنَّ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الزِّفَافِ لِلرَّابِعَةِ ) كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ابْتِدَاءً وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْأَصْلِ وَلَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِهِ غَيْرُهُمَا وَجَبَ لَهُمَا حَقُّ الزِّفَافِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْقَسَمَ نَعَمْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَقْوَى الْمُخْتَارُ وُجُوبُهُ مُطْلَقًا لِخَبَرِ أَنَسٍ لَكِنْ رَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ طُرُقًا فِيهَا الصَّرَاحَةُ بِمَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَكْثَرُ غَيْرُ الَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُطْلَقَةُ مُقَيَّدَةً بِتِلْكَ الرِّوَايَاتِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ بَلْ بِقَوْلِهِ حَتَّى كَانَ أَقْعَدَ .

( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَائِنِ يَتَجَدَّدُ إلَخْ ) شَمَلَ مَا لَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْبِكْرِ ثَلَاثًا وَافْتَضَّهَا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا فَإِنَّهُ يُوَافِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهَا وَهُوَ أَرْبَعُ لَيَالٍ ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ فَإِنْ قِيلَ مُوَالَاةُ مُدَّةِ الزِّفَافِ وَاجِبَةٌ وَقَدْ فَاتَتْ هُنَا فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُوَالَاةَ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ مُمْكِنَةٌ لَا عُذْرَ فِي تَرْكِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِنَا قَالَ شَيْخُنَا .
وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ حَيْثُ ذَكَرَ لُزُومَ حَقِّ الزِّفَافِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ فَلَهَا ثَلَاثٌ إنْ قُلْنَا بِتَحَدُّدِ حَقِّ الزِّفَافِ وَأَرْبَعٌ تَتِمَّةُ حَقِّهَا الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَجَدُّدِهِ إذْ قَوْلُهُ فَلَهَا ثَلَاثٌ أَيْ بِسَبَبِ الْعَقْدِ الثَّانِي وَأَمَّا لِلْأَرْبَعِ فَسَكَتَ عَنْهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَهَا إنَّ حَقَّهُ يَقْتَضِي بِلَا خِلَافٍ وَمِمَّا ذَكَرَهُ فِيهَا عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ تَجَدُّدِهِ فَيَقْضِي الرَّبُّ تَتِمَّةَ الْأَوَّلِ فَأَفَادَ أَنَّ قَضَاءَهَا لَازِمٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ طُرُقًا فِيهَا الصَّرَاحَةُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( زُفَّتْ جَدِيدَةٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ قَدْ وَفَّاهُمَا ) حَقَّهُمَا ( وَفَّى الْجَدِيدَةَ ) حَقَّهَا ( وَاسْتَأْنَفَ ) بَعْدَ ذَلِكَ الْقَسْمَ بَيْنَ الْجَمِيعِ ( بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ بَقِيَتْ لَيْلَةٌ لِأَحَدِهِمَا بَدَأَ بِالْجَدِيدَةِ ثُمَّ وَفَّى الْقَدِيمَةَ لَيْلَتَهَا ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ نِصْفَ لَيْلَةٍ ) لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْقَسْمِ ( وَيَخْرُجُ الْمَسْجِدَ ) أَوْ نَحْوُهُ أَيْ إلَيْهِ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ ( ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ ) بَيْنَ الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ
( قَوْلُهُ وَفِي الْجَدِيدَةِ حَقُّهَا ) لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ وَحَقُّ الْقَدِيمَةِ مُسْتَحَقٌّ بِالْفِعْلِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ أَقْوَى وَآكَدُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْقَسْمِ ) أَيْ وَحِصَّةُ كُلٍّ مِنْ الثِّنْتَيْنِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمَذْكُورَةِ نِصْفُهَا فَيَبِيتُ مَعَهَا نِصْفَ لَيْلَةٍ .

( فَرْعٌ لَا يَتَخَلَّفُ ) بِسَبَبِ حَقِّ الزِّفَافِ ( عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجَمَاعَاتِ وَلِسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ ) كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ ( مُدَّةَ الزِّفَافِ إلَّا لَيْلًا ) فَيَتَخَلَّفُ وُجُوبًا تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ شَاذَّةٌ لِبَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَضِيَّةُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ اللَّيْلَ كَالنَّهَارِ فِي اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ .
وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ الْجُوَيْنِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ نَعَمْ الْعَادَةُ جَارِيَةُ بِزِيَادَةِ الْإِقَامَةِ فِي مُدَّةِ الزِّفَافِ عَلَى أَيَّامِ الْقَسْمِ فَيُرَاعَى ذَلِكَ ( وَأَمَّا لَيَالِي الْقَسْمِ ) فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ لِذَلِكَ وَعَدَمِهِ بِأَنْ يَخْرُجَ فِي لَيْلَةِ الْجَمِيعِ أَوْ لَا يَخْرُجَ أَصْلًا ( فَإِنْ خَصَّ لَيْلَةَ بَعْضِهِنَّ بِالْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ أَثِمَ )
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ شَاذَّةٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الظُّلْمِ وَالْقَضَاءِ فَمَنْ تَحْتَهُ ثَلَاثٌ فَطَافَ عَلَى امْرَأَتَيْنِ ) مِنْهُنَّ ( عِشْرِينَ لَيْلَةً ) إمَّا عَشْرًا عِنْدَ هَذِهِ ثُمَّ عَشْرًا عِنْدَ هَذِهِ وَأَمَّا لَيْلَةً لَيْلَةً إلَى تَمَامِ الْعَشْرِ ( فَلِيَقْضِ الْمَظْلُومَةَ عَشْرًا مُتَوَالِيَةً ) فَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقًا وَإِنْ فَرَّقَ الْمَظْلُومَةَ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ دَفْعَةً كَالدَّيْنِ ( إلَّا أَنْ يُزَوِّجَ جَدِيدَةً أَوْ قُدِّمَتْ ) زَوْجَةٌ لَهُ ( غَائِبَةٌ ) عَقِبَ مُضِيِّ الْعِشْرِينَ ( فَيَبْدَأُ ) لِلْجَدِيدَةِ ( بِحَقِّ الزِّفَافِ ) مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ لَا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهَا .
( فَإِذَا أَرَادَ قَضَاءَ ) حَقِّ ( الْمَظْلُومَةِ قَسَمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ بِالْقُرْعَةِ فَيَجْعَلُ لِلْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ لَيْلَةً وَلِلْمَظْلُومَةِ ثَلَاثًا لَيْلَتَهَا وَلَيْلَتَيْ الْأُخْرَيَيْنِ ) يَفْعَلُ ذَلِكَ ( ثَلَاثَ نُوَبٍ ) وَحِينَئِذٍ فَقَدْ وَفَّاهَا تِسْعًا وَبَقِيَ لَهَا لَيْلَةٌ ( فَإِنْ ) كَانَ ( بَدَأَ بِالْمَظْلُومَةِ وَفَّى الْجَدِيدَةَ ) أَوْ الْقَادِمَةَ ( لَيْلَتَهَا ) لِتَمَامِ الْقَسْمِ ( ثُمَّ أَوْفَى الْمَظْلُومَةَ اللَّيْلَةَ الْعَاشِرَةَ ) الَّتِي بَقِيَتْ لَهَا ( وَيَبْقَى لِلْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ فِي مُقَابِلَتِهَا ) أَيْ لَيْلَةٍ الْمَظْلُومَةِ ( ثُلُثُ لَيْلَةٍ ) لِأَنَّ حَقَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ وَحِصَّةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُلُثُهَا ( فَيَبِيتُهَا ) أَيْ اللَّيْلَةَ أَيْ ثُلُثَهَا ( مَعَهَا ) فَلَوْ قَالَ فَيَبِيتُهُ كَانَ أَوْلَى ( ثُمَّ يَخْرُجُ ) مِنْ عِنْدِهَا ( وَيَنْفَرِدُ ) عَنْ زَوْجَاتِهِ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ ( ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ لِلْجَمِيعِ ) بِالْقُرْعَةِ ( وَإِنْ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ وَإِنْ بَدَأَ ( بِالْجَدِيدَةِ ) أَوْ بِالْقَادِمَةِ ( وَتَمَّتْ التِّسْعُ ) لِلْمَظْلُومَةِ هَذَا إيضَاحٌ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ .
( فَيَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ ) أَوْ الْقَادِمَةِ ( ثُلُثَ لَيْلَةٍ ) وَيَخْرُجُ بَقِيَّتَهَا ( ثُمَّ ) يَبِيتُ ( لَيْلَةً عِنْدَ الْمَظْلُومَةِ ثُمَّ

يُعَادُ الْقَسْمُ ) لِلْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ ( بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ) أَيْ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ الْمَظْلُومِ بِهِمَا ( فَهَلْ يَقْضِي الْمَظْلُومَةَ خَمْسًا ) فَقَطْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي الْعَشْرَ مِنْ حَقِّهِمَا وَقَدْ بَطَلَ حَقُّ إحْدَاهُمَا ( أَوْ عَشْرًا ) تَسْوِيَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَاقِيَةِ ( وَجْهَانِ ) نَقَلَ الْأَصْلُ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالثَّانِي عَنْ الْبَغَوِيّ وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِصَارِهِ كَلَامَ الرَّوْضَةِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهُمْ إنَّ الْقَضَاءَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ بِهَا وَإِنْ بَاتَهُ فِي حَالِ فُرْقَتِهَا عَنْ الْمَظْلُومِ لَا يُحْسَبُ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُوَافِقُ كَلَامَ الْأَكْثَرِينَ فِي صُوَرِ الْفَصْلِ

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الظُّلْمِ وَالْقَضَاءِ ) ( قَوْلُهُ فَمَنْ تَحْتَهُ ثَلَاثٌ فَطَافَ عَلَى امْرَأَتَيْنِ عِشْرِينَ لَيْلَةً إلَخْ ) قَالَ فِي الْأُمِّ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَتَرَكَ الْقَسْمَ لِإِحْدَاهُنَّ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً قَسَمَ لَهَا عَشْرًا قَالَ الْأَصْحَابُ صُورَتُهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ الثَّلَاثِ عَشْرًا عَشْرًا أَوْ يُعَطِّلَ الْعَشْرَ لِرَابِعَةٍ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَ وَاحِدَةٍ فِيهَا أَمَّا لَوْ وَزَّعَ الْأَرْبَعِينَ عَلَى الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ فَحِصَّةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَثُلُثٌ فَيَقْسِمُ لِلرَّابِعَةِ مِثْلَ ذَلِكَ وَضَعَّفَ فِي الشَّامِلِ مَا حَمَلَ الْأَصْحَابُ النَّصَّ عَلَيْهِ قَالَ وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ لِأَنَّا نَعْلَمُ بِذَلِكَ كَمْ أَقَامَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَقَامَ عِنْدَهُنَّ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَلِمَا قَالَهُ عِنْدِي وَجْهٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ بِالْقَضَاءِ عَشْرٌ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَعَهُنَّ فِي الْأَرْبَعِينَ مَا كَانَتْ حِصَّتُهَا إلَّا عَشْرًا فَاَلَّذِي تَسْتَحِقُّهُ قَضَاءُ عَشْرٍ كَمَا قَالَ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَثُلُثٌ تَسْتَحِقُّهَا أَدَاءً لِأَنَّ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَهَا فِيهِ قَسْمٌ فَتَكُونُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ أَدَاءً لَا قَضَاءً وَتَابَعَهُ الْعِمْرَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا يَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ فَيَبْدَأُ لِلْجَدِيدَةِ بِحَقِّ الزِّفَافِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ قَسْمَ الْجَدِيدَةِ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ وَذَلِكَ الْقَسْمُ مُسْتَحَقٌّ بِالْفِعْلِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ أَقْوَى وَآكَدُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي ( قَوْلُهُ فَهَلْ يَقْضِي الْمَظْلُومَةَ خَمْسًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70