كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

وَهُوَ مَا يُتَغَابَنُ بِهِ ( فِي الْعُرْفِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ لَا بِثَمَانِيَةٍ وَيَخْتَلِفُ الْعُرْفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ ) مِنْ الْأَمْوَالِ فَلَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْعَشَرَةُ إنْ سُومِحَ بِهَا فِي الْمِائَةِ فَلَا يُسَامَحُ بِالْمِائَةِ فِي الْأَلْفِ ، وَلَا بِالْأَلْفِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ ( وَلَا يَصِحُّ ) بَيْعُ الْوَكِيلِ ( بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ وَجَدَ زِيَادَةً ) لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا بِأَنْ وُجِدَ رَاغِبٌ بِهَا مَوْثُوقٌ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْمَصْلَحَةِ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاغِبُ مُمَاطِلًا ، وَلَا مُتَجَوِّهًا وَلَا مَالُهُ أَوْ كَسْبُهُ حَرَامٌ ( وَالْفَسْخُ ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ( لِأَجْلِهَا ذَكَرْنَاهُ فِي ) بَيْعِ عَدْلٍ ( الرَّهْنَ ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثَمَّ ( فَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الصَّيْفِ فِي شِرَاءِ جَمْدٍ لَمْ يَشْتَرِهِ فِي الشِّتَاءِ ) وَلَا فِي الصَّيْفِ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ ( لِمُقْتَضَى الْقَرِينَةِ ) ( فَرْعٌ ) قَوْلُهُ : ( بِعْ بِكَمْ شِئْت إذْنٌ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ ) فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِهِ ( فَقَطْ ) فَلَا يَبِيعُ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ .
( وَ ) قَوْلُهُ بِعْ ( بِمَا شِئْت ) أَوْ بِمَا تَيَسَّرَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ( إذْنٌ فِي الْعَرْضِ ) فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِهِ لَا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَا بِالنَّسِيئَةِ ( وَ ) قَوْلُهُ بِعْ ( كَيْفَ شِئْت إذْنٌ فِي النَّسِيئَةِ ) فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِهَا لَا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ ( وَ ) قَوْلُهُ : بِعْ ( بِمَا عَزَّ وَهَانَ إذْنٌ فِي الْغَبْنِ ) الْفَاحِشِ ( وَالْعَرْضِ ) فَيَبِيعُ بِهِمَا لَا بِالنَّسِيئَةِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ كَمْ لِلْعَدَدِ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَمَا لِلْجِنْسِ فَشَمِلَ النَّقْدَ ، وَالْعَرَضَ لَكِنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ لَمَّا قَرَنَ بِعَزْوِهَا شَمِلَ عُرْفًا الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ أَيْضًا ، وَكَيْف لِلْحَالِ فَشَمِلَ الْحَالَ وَالْمُؤَجَّلَ ، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي مَا تَبَعًا لِلْقَاضِي

وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي النِّكَاحِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فَلْيَكُنْ هُوَ الصَّحِيحَ إلَّا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ ) ( قَوْلُهُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُوَكِّلِ ) عُمُومًا وَخُصُوصًا وَإِطْلَاقًا وَتَقْيِيدًا ( قَوْلُهُ وَالْقَرِينَةُ ) أَيْ الْحَالِيَّةُ أَوْ الْمَقَالِيَّةُ ( قَوْلُهُ وَلْيَبِعْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَخْ ) لَوْ وَكَّلَهُ بِصُلْحِ مُعَاوَضَةٍ لَمْ يُصَالِحْ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ ، وَإِنْ كَانَ صُلْحَ حَطِيطَةٍ وَجَبَ بَيَانُ مَا يُصَالَحُ عَلَيْهِ كَالْإِبْرَاءِ ، وَلَوْ وَكَّلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِصُلْحِ الْحَطِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ : اُجْتُهِدَ فِي تَقْلِيلِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَانْتِقَاصِهِ مَا أَمْكَنَ ( قَوْلُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ) هُوَ نِهَايَةُ رَغَبَاتِ الْمُشْتَرِينَ ، وَإِنْ قَالَ بِقَلِيلِ الثَّمَنِ وَكَثِيرِهِ ( قَوْلُهُ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ) ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَلِأَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْحُلُولَ وَكَوْنَهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَكَذَلِكَ الْإِطْلَاقُ فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ : لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ لَيْلًا فَإِنْ كَانَ الرَّاغِبُونَ فِيهِ مِثْلَ النَّهَارِ صَحَّ ، وَإِلَّا فَلَا ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ : جَازَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْفُلُوسُ لَهَا حُكْمُ الْعُرُوضِ إنْ رَاجَعْت رَوَاجَ النُّقُودِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ عَرَضٍ وَنَقْدٍ إلَخْ ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْبَيْعِ التِّجَارَةَ ، فَإِنْ قَصَدَهَا فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ صَحِيحٌ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ الْمَبِيعَ ) أَيْ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّسْلِيمِ ، وَلَوْ مِثْلِيًّا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ هُنَا ، وَقَدْ جَزَمَ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ ، وَلَوْ مِثْلِيًّا ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ نَحْوِ صَفْحَةٍ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُوَافِقُهُ ، وَوَجْهُهُ إنْ غَرِمَ الْوَكِيلُ

الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ فَلِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِهَا وَبَيْنَ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ ، فَإِنْ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِهِ ، وَغَرِمَهُ فَذَاكَ ، وَإِنْ طَالَبَ الْوَكِيلُ بِالْقِيمَةِ ، وَأَخَذَهَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهَا ، وَلِلْمُوَكِّلِ الْمُطَالَبَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَلِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ الْقِيمَةِ حِينَئِذٍ كا ( قَوْلُهُ : وَلَا يَضُرُّ غَبْنٌ يَسِيرٌ فِي الْعُرْفِ ) ؛ لِأَنَّ الْبُيُوعَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمُغَابَنَاتِ الْيَسِيرَةِ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاغِبُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفَسْخُ ) فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهُ انْفَسَخَ وَكَتَبَ أَيْضًا الِانْفِسَاخُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوَكِّلُ الْمُشْتَرِيَ ، وَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَالَ بَاذِلِ الزِّيَادَةِ حَرَامٌ ، وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ مُضْطَرًّا ، وَبَاذِلُ الزِّيَادَةِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ ، وَإِلَّا فَلَا انْفِسَاخَ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الكوهكيلوني : لَفْظُهُمْ لَا يَدُلُّ عَلَى تَعْمِيمِ الْحُكْمِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ، وَظَنِّي أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ ثُمَّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ظَهَرَ مَنْ يَبِيعُ مِنْهُ أَمْثَلَ مَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِهِ الْأَوَّلُ يَنْفَسِخُ ، وَلَفْظُهُ : لَوْلَا تَصْرِيحُهُ فِي الْعُجَابِ دَلَّ عَلَى التَّعْمِيمِ ( قَوْلُهُ : وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِيمَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ اشْتَرَى مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ الْبَالِغِينَ ) الرُّشَدَاءِ ( أَوْ مُكَاتَبِهِ جَازَ ) كَمَا يَجُوزُ مِنْ صَدِيقِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَضَاءَ مَنْ شَاءَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَفْوِيضُهُ إلَى أُصُولِهِ وَلَا فُرُوعِهِ ؛ لِأَنَّ لَنَا هُنَا مَرَدًّا ظَاهِرًا ، وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ ( وَلَا يَجُوزُ ) بَيْعُهُ ، وَلَا شِرَاؤُهُ ( مِنْ نَفْسِهِ وَطِفْلِهِ ) وَنَحْوٍ مِنْ مَحَاجِيرِهِ ( وَلَوْ أَذِنَ ) لَهُ فِيهِ لَتَضَادَّ غَرَضَيْ الِاسْتِرْخَاصِ لَهُمْ وَالِاسْتِقْصَاءِ لِلْمُوَكِّلِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَوَازِ اتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ وَإِنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَهَبَ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ لِاتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ كَمَا يَأْتِي ، وَالتَّرْجِيحُ فِي صُورَةِ الْإِذْنِ فِي الطِّفْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ فِي الْهِبَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ ) وَالدَّيْنِ ( مِنْ نَفْسِهِ ) لَا يَجُوزُ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا لِذَلِكَ ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ مَنْعِ تَوْكِيلِ السَّارِقِ فِي الْقَطْعِ سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ ، وَقَدْ يُحْمَلُ الْحَدُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ هَذَا ( أَوْ يُوَكِّلُ فِي الطَّرَفَيْنِ ) مِنْ عَقْدٍ وَنَحْوِهِ كَمُخَاصَمَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا ( وَلَهُ اخْتِيَارُ طَرَفٍ ) مِنْهُمَا فَيَأْتِي بِهِ ( وَيَصِحُّ ) تَوَكُّلُهُ ( فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ ( وَ ) فِي ( إعْتَاقِهَا ) أَيْ نَفْسَهُ ( وَ ) فِي ( الْعَفْوِ عَنْهَا ) مِنْ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ .
( فَرْعٌ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً جَازَ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ ) عَمَلًا بِالْإِذْنِ ( وَ ) إذَا لَمْ يُبَيِّنْهَا لَهُ ( يُعْتَمَدُ الْعُرْفُ ) فِي مِثْلِ الْمَبِيعِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمَعْهُودِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ اُعْتُمِدَ ( الْأَنْفَعُ لِلْمُوَكِّلِ ) ثُمَّ

يَتَخَيَّرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي النَّقْدَيْنِ ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ مِنْ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً وُجُوبُهُ هُنَا ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي ( وَلَا يُطَالَبُ ) الْمُشْتَرِي ( بِالثَّمَنِ ) إذَا حَلَّ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ حِينَئِذٍ إلَّا بِإِذْنٍ مُسْتَأْنَفٍ ( بَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ ) لِلْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ ؛ إذْ لَا حَبْسَ بِالْمُؤَجَّلِ ( أَوْ ) وَكَّلَهُ ( فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ الْحَالِّ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْبَيْعِ هَذَا ( إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ ) الْمُوَكِّلُ مِنْ قَبْضِهِ ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ ( وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ ) وُجُوبًا إنْ كَانَ بِيَدِهِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي وَلَا حَقَّ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمَّا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِمَا ( وَلَوْ قَالَ ) لَهُ ( امْنَعْ الْمَبِيعَ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي ( فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ ) ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْحَقِّ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّ إثْبَاتَ يَدِهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ .
( وَصَحَّ الْبَيْعُ بِالْإِذْنِ ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ فَسَدَتْ إلَى آخِرِهِ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( لَا تُسَلِّمْ ) أَيْ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي ( لَمْ تَفْسُدْ ) أَيْ الْوَكَالَةُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ أَصْلِ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بَلْ مِنْ تَسْلِيمِهِ بِنَفْسِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَقَوْلِهِ امْنَعْهُ مِنْهُ ( وَ ) عَلَى هَذَا ( يُسَلَّمُ ) الْمَبِيعُ وَفِي نُسْخَةٍ يُسَلِّمُهُ أَيْ يُسَلِّمُهُ الْمُوَكِّلُ لِلْمُشْتَرِي ( عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْوَكِيلِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ

( قَوْلُهُ : فَرْعٌ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ ) أَيْ أَوْ الْوَصِيُّ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ ) أَيْ وَقَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَنَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ أَوْ قَالَ لَهُ بِعْ بِمَا تَرَاهُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ ( قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ ) أَيْ بِغَيْرِ جِهَةِ الْأُبُوَّة فَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ وَقَدَّرَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ وَمَنَعَ مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ إذْ لَا تُهْمَةَ وَلَا تُوَلِّي الطَّرَفَيْنِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ فس قَالَ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ ( قَوْلُهُ : وَالتَّرْجِيحُ فِي صُورَةِ الْإِذْنِ فِي الطِّفْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ ) سَيَأْتِي هُنَاكَ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ قَالَ : لَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا ( قَوْلُهُ : وَقَدْ يُحْمَلُ الْحَدُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ هَذَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ وَإِعْتَاقِهَا وَالْعَفْوِ عَنْهَا ) وَيَجِبُ تَعْجِيلُهُ فَإِنْ أَخَّرَ لَمْ يَصِحَّ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ نَفْسِهِ فَوَجْهَانِ كَمَا فِي تَوْكِيلِهِ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ مَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِمَ يَجُزْ إلَّا عَلَى شَيْءٍ تَكُونُ قِيمَتُهُ قَدْرَ الدَّيْنِ ( قَوْلُهُ : وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ إذَا حَلَّ إلَخْ ) قَالَ صَاحِبُ الْمُعِينِ هَذَا إذَا عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا ، وَإِلَّا فَيَقْبِضُ الثَّمَنَ قَطْعًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ بَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ ) وَعَلَيْهِ بَيَانُ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُوَكِّلُ ( قَوْلُهُ : وَيُسَلَّمُ الْمَبِيعُ بَعْدَهُ ) بَلْ لِلْمُشْتَرِي

الِاسْتِقْلَالُ بِقَبْضِهِ حِينَئِذٍ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي ، وَلَا حَقَّ يَتَعَلَّقُ بِهِ ) أَمَّا الْوَكِيلُ فِي الْهِبَةِ فَلَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ قَطْعًا

( فَرْعٌ وَإِنْ سَلَّمَ ) الْوَكِيلُ ( الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ الْحَالِّ غَرِمَ الْوَكِيلُ الْقِيمَةَ ) أَيْ قِيمَةَ الْمَبِيعِ يَوْمَ التَّسْلِيمِ لِتَقْصِيرِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ الْقَاضِي : وَمَعَ هَذَا لِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِاسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ بَاقِيًا ( ثُمَّ ) بَعْدَ غُرْمِهِ الْقِيمَةَ ( إنْ قَبَضَهُ ) أَيْ الثَّمَنَ ( سَلَّمَهُ ) لِلْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ ( وَاسْتَرَدَّ مَا غَرِمَ ) لَهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا غَرِمَ لِلْحَيْلُولَةِ ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غُرْمِ الْقِيمَةِ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَالُوهُ فِي ضَمَانِ الْحَيْلُولَةِ ( وَمَنْ وَكَّلَ فِي إثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا ( وَكَذَا عَكْسُهُ ) بِأَنْ وَكَّلَ فِي اسْتِيفَاءِ حَقٍّ لَمْ يُثْبِتْهُ إذَا أَنْكَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَقْتَضِي الْآخَرَ ، وَقَدْ يَرْضَاهُ الْمُوَكِّلُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَوْ قَالَ لَهُ : بِعْ نَصِيبِي مِنْ كَذَا أَوْ قَاسِمْ شُرَكَائِي ، أَوْ خُذْ بِالشُّفْعَةِ فَأَنْكَرَ الْخَصْمُ مِلْكَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِثْبَاتُ

( قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا سَلَّمَهُ مُخْتَارًا أَمَّا لَوْ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ، وَكَانَ الْحَاكِمُ يَرَى ذَلِكَ مَذْهَبًا بِالدَّلِيلِ أَوْ تَقْلِيدًا مُعْتَبَرًا فَلَا ضَمَانَ .
ا هـ .
وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الأنبوردي أَنَّهُ الْأَشْبَهُ ثُمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَلْزَمَهُ جَهْلًا أَوْ عُدْوَانًا أَوْ أَكْرَهَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرُهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَتَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ كُرْهًا فَيَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : هَذَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَالُوهُ فِي ضَمَانِ الْحَيْلُولَةِ ) وَلِلْمُوَكِّلِ التَّصَرُّفُ فِيهَا ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي الثَّمَنِ وَلَوْ أَخَذَ الزُّيُوفَ غَرِمَ الْقِيمَةَ حَتَّى يَدْفَعَ السَّلِيمَ ( قَوْلُهُ وَمَنْ وَكَّلَ فِي إثْبَاتِ حَقٍّ لَهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ ، وَكَذَا عَكْسُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ لَفْظًا وَلَا عُرْفًا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَاهُ لِلْإِثْبَاتِ دُونَ الْقَبْضِ لِانْتِفَاءِ أَمَانَتِهِ وَلِلْقَبْضِ دُونَ الْإِثْبَاتِ لِقُصُورِ حُجَّتِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ وَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ ) وَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ ( فَلَهُ تَسْلِيمُهُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ ) لَا قَبْلَهُ كَنَظِيرِهِ فِي أَمْرِهِ لَهُ بِالْبَيْعِ وَإِعْطَائِهِ الْمَبِيعَ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( اشْتَرَى مَعِيبًا عَالِمًا ) بِعَيْبِهِ ( وَلَوْ بِتَعْيِينِ الْمُوَكِّلِ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْمُوَكِّلِ ) وَإِنْ سَاوَى الثَّمَنَ نَظَرًا لِلْعُرْفِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِعَيْبِ مَا عَيَّنَهُ وَقَعَ لَهُ ( وَبَطَلَ ) الشِّرَاءُ ( إنْ كَانَ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ ) لِتَقْصِيرِ الْوَكِيلِ مَعَ شِرَائِهِ بِمَا ذُكِرَ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ عَيْبَهُ فِيمَا إذَا عَيَّنَهُ ( وَقَعَ عَنْ الْوَكِيلِ ) لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ ( وَلَوْ سَاوَى الثَّمَنَ ) ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ وَلَا عُذْرَ ؛ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي إلَّا السَّلِيمَ مِنْ الْعَيْبِ ، وَيُخَالِفُ عَامِلَ الْقِرَاضِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ الرِّبْحُ ، وَقَدْ يُتَوَقَّعُ فِي شِرَاءِ الْمَعِيبِ وَهُنَا الْمَقْصُودُ الِاقْتِنَاءُ ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ هُنَا الرِّبْحَ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَشَرِيكِ التِّجَارَةِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا ، وَبِهِ جَزَمَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ
( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ هُنَا الرِّبْحَ جَازَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ اشْتَرَاهُ جَاهِلًا ) بِعَيْبِهِ ( وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ لَمْ يُسَاوِ الثَّمَنَ ) كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ جَاهِلًا ، وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِأَنَّ الْغَبْنَ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَيَتَضَرَّرُ الْمُوَكِّلُ ( وَلِلْمُوَكِّلِ ) حِينَئِذٍ ( وَكَذَا الْوَكِيلُ الرَّدُّ ) لِلْمَبِيعِ أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَلِأَنَّهُ الْمَالِكُ وَالضَّرَرُ لَاحِقٌ بِهِ ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ فَلِأَنَّهُ نَائِبُهُ ؛ وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَهُ فَقَدْ لَا يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ فَيَتَعَذَّرُ الرَّدُّ لِكَوْنِهِ فَوْرِيًّا وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّا إذَا لَمْ نُجَوِّزْهُ لَهُ كَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا أَثَرَ لِتَأْخِيرِهِ وَ بِأَنَّ مَنْ لَهُ الرَّدُّ قَدْ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ فَهَلَّا كَانَ مُشَاوَرَتُهُ الْمُوَكِّلَ عُذْرًا ، وَبِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَلَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمُوَكِّلِ إذَا سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ نَوَاهُ ، وَيُجَابُ عَنْ إشْكَالِهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِ لَا يُنَافِي مَقْصُودَ التَّعْلِيلِ ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا اسْتَقَلَّ بِالْبَيْعِ عَنْ مُوَكِّلِهِ اسْتَقَلَّ بِتَوَابِعِهِ فَلَا يُعَدُّ التَّأْخِيرُ لِلْمُشَاوَرَةِ عُذْرًا ، وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ فَلَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمُوَكِّلِ إذَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ أَوْ نَوَاهُ لَا يَسْتَلْزِمُ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْوَكِيلِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَرُدَّهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ يَقُولَ اخْتَرْت رَدَّهُ وَلَوْ سُلِّمَ اسْتِلْزَامُهُ لَهُ فَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ عَنْهُ إذَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ دُونَ مَا إذَا كَذَّبَهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا كَذَّبَهُ يَرُدُّ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ ( لَا إنْ اشْتَرَى ) الْمَعِيبَ ( بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ ) فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْعَيْبِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ لَهُ بِحَالٍ فَلَا يَتَضَرَّرُ بِهِ ( فَإِنْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَرَضِيَ بِهِ الْمُوَكِّلُ أَوْ قَصَّرَ ) فِي الرَّدِّ ( لَمْ يَرُدَّهُ

الْوَكِيلُ ) بِخِلَافِ نَظِيرِ الْأُولَى فِي الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْوَكِيلِ وَبِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لَحْظَةً فِي الرِّبْحِ ، وَقَوْلُهُ : أَوْ قَصَّرَ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْوَكِيلُ أَوْ قَصَّرَ ) فِي الرَّدِّ ( رَدَّهُ الْمُوَكِّلُ ) لِبَقَاءِ حَقِّهِ هَذَا ( إنْ سَمَّاهُ ) الْوَكِيلُ فِي الشِّرَاءِ ( أَوْ نَوَاهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ ، وَإِلَّا وَقَعَ ) الشِّرَاءُ ( لِلْوَكِيلِ ) ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمُوَكِّلُ فَانْصَرَفَ إلَيْهِ

( قَوْلُهُ : وَإِنْ اشْتَرَاهُ جَاهِلًا وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ ) لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ لِإِطْلَاقِهِ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ لِجَهْلِهِ ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمَالِكِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي عَبْدًا سَلِيمًا لَمْ يَقَعْ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَتُمْكِنَهُ مَعْرِفَتُهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ ( قَوْلُهُ : وَلِلْمُوَكِّلِ ) وَكَذَا الْوَكِيلُ الرَّدُّ كَذَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقَبْضِ ( قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّا إذَا لَمْ نُجَوِّزْهُ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُنَازَعُ فِي بَعْضِ الْأَسْئِلَةِ ، وَيُسَلَّمُ بَعْضُهَا إذَا تُؤُمِّلَ أَيْ وَهُوَ أَنْ يُمْكِنَ تَوْجِيهُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ بِمَا وَجَّهَهُ فِي الْوَسِيطِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ أَخَّرَ الرَّدَّ فَرُبَّمَا لَا يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ تَتَعَلَّقُ الْعُهْدَةُ بِهِ إذَا كَذَّبَهُ الْبَائِعُ فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ ، وَتَوْجِيهُ الْأُولَى أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْعَقْدِ وَمَصَالِحِهِ فَمِلْكُهُ الْوَكِيلَ كَالْفَسْخِ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِلَا سَبَبٍ وَوَجَّهَهُ فِي الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهَا ظَلَامَةٌ حَصَلَتْ بِعَقْدٍ فَجَازَ لَهُ دَفْعُهَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ ، وَطَرَدَ الْمُتَوَلِّي الْخِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ لَا غَبْنَ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَا ظَلَامَةَ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى اسْتِدْرَاكِهَا ، وَحَكَاهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِقَدْرِ الثَّمَنِ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ ، وَوَجْهُ عَدَمِ الرَّدِّ بِأَنَّ فِيهِ إحْبَاطَ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِيَّةِ عَلَيْهِ قَالَ : وَتَوَقَّعَ الْوَكِيلُ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرْضَهُ الْمُوَكِّلُ لَا يُعَارِضُ تَأَخُّرَ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ عَنْ مِلْكِ الزِّيَادَةِ الَّتِي يُحْبِطُهَا رَدُّهُ ( قَوْلُهُ

: لَا يُنَافِي مَقْصُودَ التَّعْلِيلِ ) إذْ مَقْصُودُهُ أَنَّ لِلْوَكِيلِ الرَّدَّ مِنْهُ ( قَوْلُهُ : أَوْ يَقُولُ : اخْتَرْت رَدَّهُ ) قَالَ شَيْخُنَا : أَيْ لَا أَرْضَاهُ فَيَرْتَدُّ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ ، وَلَا يُرْفَعُ بِهِ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ إنْ رَدَّ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مُبْطِلٌ لِرَدِّهِ ارْتَفَعَ الْعَقْدُ ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ لِلْوَكِيلِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ الْبَائِعُ ) لِلْوَكِيلِ : ( أَخِّرْ الرَّدَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ لَمْ تَلْزَمْهُ ) إجَابَتُهُ لِتَضَرُّرِهِ وَلِأَنَّهُ حَقُّهُ ( فَإِنْ فَعَلَ ) أَيْ أَخَّرَ الرَّدَّ ( فَقَدْ قَصَّرَ ) فَلَا رَدَّ لَهُ وَالشِّرَاءُ وَاقِعٌ لِلْمُوَكِّلِ وَلَهُ الرَّدُّ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ ضَرُورَةَ أَنَّهُمْ مُتَصَادِقُونَ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهُ وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ الْبَغَوِيّ فَقَالَ : الْمَبِيعُ لِلْوَكِيلِ ، وَرَدَّهُ الْأَصْلُ بِمَا ذُكِرَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ : الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ ، وَلَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ تَقْصُرُ عَنْ مُرَادِهِ ، وَقَوْلُهُ : حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ أَيْ بِزَعْمِك انْتَهَى ( فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِالْعَيْبِ وَاحْتَمَلَ ) رِضَاهُ بِهِ بِاحْتِمَالِ بُلُوغِ الْخَبَرِ إلَيْهِ ( فَحَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) بِرِضَا الْمُوَكِّلِ ( رَدَّ ) الْمَبِيعَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ ( فَلَوْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ ) فِي دَعْوَاهُ ( فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ مِنْهُ لِمُوَافَقَتِهِ إيَّاهُ عَلَى الرِّضَا قَبْلَ الرَّدِّ ( وَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ ) وَحَلَفَ الْبَائِعُ ( لَمْ يَرُدَّ ) أَيْ الْوَكِيلُ لِتَقْصِيرِهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ إنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ فَذَاكَ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَلَهُ الرَّدُّ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ

( قَوْلُهُ : وَهَذَا مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَصَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ ) كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ ادَّعَى الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الْمُوَكِّلِ بِإِبْطَالِ الْوَكِيلِ فَبِتَأْخِيرِهِ أَوْلَى ، وَلَمْ يُورِدْ الْخُوَارِزْمِيَّ صَاحِبُ الْبَغَوِيّ فِي الْكَافِي سِوَاهُ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ لَمْ يَرُدَّ ) لِتَقْصِيرِهِ بِالنُّكُولِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَفِيهِ الْإِشْكَالُ السَّابِقُ يَعْنِي أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ الرَّدَّ ، وَلَوْ رَضِيَ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ ، وَالْبَائِعُ هُنَا مُصَدِّقٌ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْإِشْكَالُ هُنَا لِتَضَمُّنِ نُكُولِ الْوَكِيلِ إقْرَارَهُ بِرِضَا مُوَكِّلِهِ بِهِ ، وَهُوَ تَقْصِيرٌ فَيَلْزَمُ بِالْعَقْدِ ، وَلَا رَدَّ لِمُوَكِّلِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْبَائِعِ نَاجِزًا بِالْوَكِيلِ

( فَرْعٌ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَ ) عَلَى ( الْمُوَكِّلِ ) ثُمَّ الْوَكِيلُ إذَا رُدَّ عَلَيْهِ يَرُدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ ( وَلَوْ حَطَّ الْوَكِيلُ الْأَرْشَ ) مِنْ الثَّمَنِ لِلْعَيْبِ ( لَمْ يَنْحَطَّ ) لِتَضَمُّنِهِ الْإِبْرَاءَ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَار فَيَنْحَطُّ إنْ رَأَى الْوَكِيلُ فِيهِ مَصْلَحَةً بِأَنْ كَانَ فِي السِّلْعَةِ رِبْحٌ وَخَافَ إنْ لَمْ يَحُطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ فَسْخَ الْمُشْتَرِي ( فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ قَدَّمَ الْعَيْبَ ) وَزَعَمَ حُدُوثَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ( وَاعْتَرَفَ ) بِهِ ( الْوَكِيلُ لَزِمَهُ وَحْدَهُ ) أَيْ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ لَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَرُدُّ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ( وَلَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ رَدُّهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَا رَدَّ لَهُ كَمَا مَرَّ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ
( قَوْلُهُ لِتَضَمُّنِهِ الْإِبْرَاءَ بِلَا إذْنٍ ) صُورَتُهُ الْحَطُّ بِالتَّرَاضِي ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إلَخْ ) إقْدَامُهُ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ لَا يُقْصَدُ فِيهِ مَا يُقْصَدُ فِي عَبْدِ الْخِدْمَةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ

( فَرْعٌ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ ( فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ ) إذْ تَفْوِيضُ مِثْلِ ذَلِكَ إلَيْهِ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الِاسْتِنَابَةُ ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ التَّوْكِيلِ عِنْدَ جَهْلِ الْمُوَكِّلِ بِحَالِهِ ، أَوْ اعْتِقَادِهِ خِلَافَ مَا هُوَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ( فَلَوْ كَثُرَ ) الْمُوَكَّلُ فِيهِ ، وَلَمْ يُمْكِنْ الْوَكِيلَ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِهِ ( وَكَّلَ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ ) الْإِتْيَانُ بِهِ لِدُعَاءِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا فِيمَا يُمْكِنُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ وَلَا ضَرُورَةَ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ عَادَةً وَلَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ بِسَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِنْ طَرَأَ الْعَجْزُ فَلَا خِلَافًا لِلْجُورِيِّ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَكَطُرُقِ الْعَجْزِ مَا لَوْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ حَالَ تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَلَهُ التَّوْكِيلُ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ ( فَإِنْ قَالَ لَهُ : وَكِّلْ عَنْ نَفْسِك ) فَوَكَّلَ ( كَانَ الْوَكِيلُ وَكِيلَهُ ) عَمَلًا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ ( فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ ) لَهُ ( وَانْعِزَالُهُ ) بِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ ( وَكَذَا ) يَنْعَزِلُ ( بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ ) لَهُ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ كَمَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ وَلِأَنَّهُ فَرْعُ فَرْعِهِ فَيَكُونُ فَرْعَهُ ( أَوْ ) قَالَهُ لَهُ ( وَكِّلْ عَنِّي فَهُمَا وَكِيلَانِ ) لَهُ .
( وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك ) أَمَّا الْأَوَّلُ فِيهِمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فِي الْأَوَّلِ فَعَمَلًا بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ تَوْكِيلَ الثَّانِي لَهُ تَصَرُّفٌ وَقَعَ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَوَقَعَ عَنْهُ فَلَهُ فِيهِمَا عَزْلُ أَيِّهِمَا شَاءَ ، وَلَا يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ ( فَلَوْ وَكَّلَهُ ) فِيهِمَا ( عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ فَسَقَ ) الْوَكِيلُ الثَّانِي فِيهِمَا (

لَمْ يَعْزِلْهُ إلَّا الْمُوَكِّلُ ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ اسْتَنِبْ فَاسْتَنَابَ فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ لَا عَنْ مُنِيبِهِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْوَكِيلُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إنَابَةِ الْغَيْرِ ثَمَّ إعَانَتُهُ فَكَانَ هُوَ الْمُرَادَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَكَانَ الْمُرَادُ الْمُوَكِّلَ ( وَحَيْثُ مَلَكَ ) الْوَكِيلُ ( التَّوْكِيلَ اُشْتُرِطَ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا ) رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُوَكِّلِ ( إلَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ ) الْمُوَكِّلُ غَيْرَهُ فَيُوَكِّلُهُ لِإِذْنِهِ فِيهِ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ فِسْقَ الْمُعَيَّنِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مُعَيَّنٍ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ : وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّعْيِينِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّمَ فَقَالَ : وَكِّلْ مَنْ شِئْت لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْأَمِينِ لَكِنَّهُمْ قَالُوا فِي النِّكَاحِ : إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ : زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت جَازَ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْأَكْفَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيَاسُهُ الْجَوَازُ هُنَا بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَصِحُّ وَلَا خِيَارَ لَهَا وَهُنَا يُسْتَدْرَكُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَ الْفَاسِقَ فَبَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا يَصِحُّ أَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا ثَبَتَ الْخِيَارُ ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّوْكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ حِفْظُهَا ، وَتَحْصِيلُ مَقَاصِدِ الْمُوَكِّلِ فِيهَا ، وَهَذَا يُنَافِيهِ تَوْكِيلُ الْفَاسِقِ بِخِلَافِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّهَا صِفَةُ كَمَالٍ وَقَدْ تُسَامِحُ الْمَرْأَة بِتَرْكِهَا لِحَاجَةِ الْقُوتِ أَوْ غَيْرِهِ .
وَقَدْ يَكُونُ غَيْرُ الْكُفْءِ أَصْلَحَ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا إنَّمَا قَصَدَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ النَّظَرِ لَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا فَزَادَ فِسْقُهُ فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ

كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ زَادَ فَاسِقٌ عِدْلَ الرَّهْنِ ( فَرْعٌ لَيْسَ قَوْلُهُ لِلْوَكِيلِ ) فِي تَوْكِيلِهِ بِشَيْءٍ ( افْعَلْ ) فِيهِ ( مَا شِئْت ) أَوْ وَكِّلْ مَا تَصْنَعُ فِيهِ جَائِزٌ ( إذْنًا فِي التَّوْكِيلِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا شِئْت مِنْ التَّوْكِيلِ وَمَا شِئْت مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَلَا يُوَكَّلُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ كَمَا لَا يَهَبُ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يُحْسِنُهُ إلَخْ ) حَيْثُ وُكِّلَ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ يَعْجَزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ فَإِنَّمَا يُوَكِّلُ عَنْ مُوَكِّلِهِ فَإِنْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ بَطَلَ عَلَى الْأَصَحِّ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ عَنْ مُوَكِّلِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَقَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ التَّوْكِيلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ كَثُرَ وَكَّلَ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ ) بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَوْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ بِكُلْفَةِ عَظِيمَةٍ ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْعَجْزِ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى التَّوْكِيلِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ دُونَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أُبْقِيَ اللَّفْظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَصُرِفَ عَنْ مُقْتَضَاهُ فِي الْمَعْجُوزِ عَنْهُ لِأَجْلِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَ مَا لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي بَيْعِهِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ وَكِّلْ عَنِّي فَهُمَا وَكِيلَانِ ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك شَمِلَ مَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ شَخْصًا وَمَا إذَا عَيَّنَ ( قَوْلُهُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَوْلَى ) فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِهِ كُلَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ نَائِبٌ عَنْهُمْ وَلِهَذَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ وَعَلَيْهِ وَالْغَرَضُ مِنْ الِاسْتِنَابَةِ مُعَاوَنَتُهُ ( قَوْلُهُ : وَالْوَكِيلُ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ ) فَحَمَلَ الْإِطْلَاقَ عَلَى إرَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ وَحَيْثُ مَلَكَ التَّوْكِيلَ اُشْتُرِطَ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا اقْتَصَرَا عَلَى الْأَمَانَةِ زَادَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ وَكَافِيًا ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَئِمَّةِ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْوَصِيِّ ، وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَى الْعَاجِزِ ، وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إتْيَانَ الْمُوَكِّلِ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ وَكِّلْ مَنْ شِئْت ( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ ) أَيْ فِي

مَالِ نَفْسِهِ ( قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّعْيِينِ أَنَّهُ لَوْ عَمَّمَ فَقَالَ وَكِّلْ مَنْ شِئْت لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْأَمِينِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ ) وَبِأَنَّ بِضْعَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِ الْوَكِيلِ فَلَا يُخْشَى فَوَاتُهُ ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَمْتَنِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ ، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ مَدْخَلٌ فِيهِ ( قَوْلُهُ : فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَرْعٌ لَيْسَ قَوْلُهُ لِلْوَكِيلِ افْعَلْ مَا شِئْت إذْنًا فِي التَّوْكِيلِ ) لَوْ قَالَ : جَعَلْت لَك أَنْ تُوَكِّلَ فِي بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَا تَبِعْهَا بِنَفْسِك فَقِيَاسُ الْمَنْعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ إذَا قَالَتْ أَذِنْت لَك فِي التَّوْكِيلِ وَلَا تُزَوِّجْنِي بِنَفْسِك أَنْ لَا يَصِحَّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهِ

( فَصْلٌ فِي التَّقْيِيدِ لِلْوَكَالَةِ ) لَوْ ( قَالَ : بِعْ مِنْ زَيْدٍ لَمْ يَبِعْ مِنْ عَمْرٍو ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ تَخْصِيصُهُ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ ، وَرُبَّمَا كَانَ مَالُهُ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرِّبْحِ ، وَأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي التَّعْيِينِ إلَّا ذَلِكَ فَالْمُتَّجَهُ جَوَازُ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( أَوْ ) قَالَ ( بِعْ أَوْ أَعْتِقْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ) مَثَلًا ( لَمْ يَجُزْ ) لَهُ الْبَيْعُ أَوْ الْعِتْقُ ( قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ ) مُرَاعَاةً لِتَخْصِيصِ الْمُوَكِّلِ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ انْحِصَارُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ ذَلِكَ فِي مِثْلِهِ مِنْ جُمُعَةٍ أُخْرَى ( وَكَذَا الطَّلَاقُ ) إذَا قُيِّدَ بِيَوْمٍ لَا يَقَعُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ لِمَا مَرَّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ نَقْلًا عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ وَأَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الدَّارَكِيِّ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِيهِ مُطَلَّقَةٌ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ وَمَا قَالَهُ الدَّارَكِيُّ غَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِنَظَائِرِهِ ( وَإِنْ عَيَّنَ لِلْبَيْعِ مَكَانًا ) كَبَلَدٍ وَسُوقٍ ( تَعَيَّنَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ) لَهُ فِي ذَلِكَ ( غَرَضٌ ) ظَاهِرٌ كَكَثْرَةِ الرَّاغِبِينَ وَجَوْدَةِ النَّقْدِ لِمَا مَرَّ ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَعَيُّنِ الْمَكَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ ظَاهِرٌ ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : الرَّاجِحُ عَدَمُ التَّعْيِينِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَمْعٌ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ ( فَإِنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمَكَانُ إلَّا إنْ نَهَاهُ ) عَنْ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْبَيْعُ فِيهِ ( وَإِنْ عَيَّنَ لِلْبَيْعِ بَلَدًا ) أَوْ سُوقًا ( فَنَقَلَهُ ) أَيْ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ ( إلَى غَيْرِهِ ضَمِنَ الْمُثَمَّنَ وَالثَّمَنَ ) وَإِنْ قَبَضَهُ وَعَادَ بِهِ

كَنَظِيرِهِ مِنْ الْقِرَاضِ لِلْمُخَالَفَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : بَلْ لَوْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ فِي الْبَيْعِ فِي بَلَدٍ فَلْيَبِعْ فِيهِ فَإِنْ نَقَلَ ضَمِنَ ( فُرُوعٌ ) لَوْ قَالَ : اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ قَدْ بَاعَهُ فَلِلْوَكِيلِ شِرَاؤُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي ، وَلَوْ قَالَ : طَلِّقْ زَوْجَتِي ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَلِلْوَكِيلِ طَلَاقُهَا أَيْضًا فِي الْعِدَّةِ قَالَهُمَا الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ لَيْلًا فَإِنْ كَانَ الرَّاغِبُونَ فِيهِ مِثْلَ النَّهَارِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ

( فَصْلٌ فِي التَّقْيِيدِ ) ( قَوْلُهُ : نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرِّبْحِ إلَخْ ) أَيْ لِكَوْنِ الْمُعَيِّنِ يَرْغَبُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ كَقَوْلِ التَّاجِرِ لِغُلَامِهِ بِعْ ذَا عَلَى السُّلْطَانِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) وَغَيْرُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرْشَدَهُ إلَى الرَّاغِبُ فِي السِّلْعَةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ غَيْرِهِ ع ( فُرُوعٌ ) مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَحَدُهَا : قَالَ : اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ ، وَكَانَ فُلَانٌ قَدْ بَاعَهُ فَلِلْوَكِيلِ شِرَاؤُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي ، وَلَوْ قَالَ : طَلِّقْ زَوْجَتِي ثُمَّ طَلِّقْهَا فَلِلْوَكِيلِ طَلَاقُهَا أَيْضًا فِي الْعِدَّةِ وَسَيَأْتِيَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الثَّانِي : قَالَ : احْمِلْ هَذَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَبِعْهُ فِيهِ فَحَمَلَ إلَى الْمَوْضِعِ وَرَدَّهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالرَّدِّ فَإِنْ حَمَلَهُ ثَانِيًا ، فَبَاعَهُ صَحَّ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ رَدَّهُ إلَى الْمَالِكِ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بَاقٍ الثَّالِثُ : وَكَّلَهُ فِي الصَّيْفِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ ثَلْجًا فَجَاءَ الشِّتَاءُ قَبْلَ الشِّرَاءِ ، فَأَرَادَ فِي الصَّيْفِ الثَّانِي الشِّرَاءَ لَمْ يَجُزْ لِلْعَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ النَّوْعَ الَّذِي وَكَّلَ فِي شِرَائِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ شِرَاءِ الْوَكِيلِ لَهُ ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالرَّدِّ قَالَ شَيْخُنَا : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الضَّمَانِ بِالرَّدِّ عِنْدَ قِيَامِ قَرِينَةٍ تُشْعِرُ بِعَدَمِ رِضَا مَالِكِهِ بِعَوْدِهِ ، ( قَوْلُهُ : وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ : لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ جَمْدًا فِي الصَّيْفِ فَجَاءَ الشِّتَاءُ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شِرَاؤُهُ فِي الصَّيْفِ الْآتِي ( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الدَّارَكِيِّ ) ضَبَطَ بِالْقَلَمِ الدَّالَ بِالْفَتْحِ وَكَذَا الرَّاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِي قَوْلِهِ وَمَا

قَالَهُ الدَّارَكِيُّ غَرِيبٌ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ عَيَّنَ لِلْبَيْعِ مَكَانًا تَعَيَّنَ ) وَلَوْ بَاعَ فِي غَيْرِهِ صَحَّ ، وَفَائِدَةُ الْمَنْعِ صَيْرُورَتُهُ ضَامِنًا فَقَطْ ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ صِحَّةَ بَيْعِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةٍ يَتَأَتَّى فِيهَا الْوُصُولُ إلَى الْمَأْذُونِ فِيهَا ( قَوْلُهُ : هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمَكَانُ ) وَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ الْبَيْعَ بِالْمُعَيَّنِ مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِالزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ بَيْعُهُ بِالْمُعَيَّنِ مَعَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ لَا مَعَ تَوَهُّمِهَا ( قَوْلُهُ قَالَهُمَا الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لَهُ ( بِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَنْقُصْ ) عَنْهَا لِلْمُخَالَفَةِ فَلَا يَبِيعُ إلَّا بِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ عُرْفًا مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ النَّقْصِ ( فَلَوْ بَذَلَ رَاغِبٌ أَكْثَرَ ) مِنْ مِائَةٍ ( لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمِائَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْغِبْطَةِ ( إلَّا إنْ نَهَاهُ ) عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا ( أَوْ عَيَّنَ شَخْصًا ) بِأَنْ قَالَ : بِعْهُ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ فَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا لِمَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قُصِدَ إرْفَاقُ الْمُعَيَّنِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْخُلْعِ بِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُلْعَ يَقَعُ غَالِبًا عَنْ شِقَاقٍ ، وَذَلِكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ ، وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمِائَةُ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ : ( اشْتَرِ بِمِائَةٍ لَمْ يَزِدْ ) عَلَيْهَا فَلَا يَشْتَرِي إلَّا بِهَا أَوْ بِأَقَلَّ إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ الشِّرَاءِ بِأَقَلَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( نَعَمْ ) لَهُ أَنْ ( يَشْتَرِيَ مِنْ الْمُعَيَّنِ ) فِي نَحْوِ قَوْلِهِ : اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بِمِائَةٍ ( بِأَقَلَّ مِنْ الْمِائَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ) كَمَا مَرَّ آنِفًا ، وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ مُمْكِنًا مِنْ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ كَانَ تَعْيِينُهُ ظَاهِرًا فِي قَصْدِ إرْفَاقِهِ ، وَشِرَاءُ الْمُعَيَّنِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ ضَعُفَ احْتِمَالُ ذَلِكَ الْقَصْدِ ، وَظَهَرَ قَصْدُ التَّعْرِيفِ ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مِنْ أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبْضِ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ فَلَا يَجُوزُ قَبْضُ مَا نُهِيَ عَنْهُ ، وَفِي الشِّرَاءِ مَأْمُورٌ بِدَفْعِ مِائَةٍ ، وَدَفْعُ الْوَكِيلِ بَعْضَ الْمَأْمُورِ بِهِ جَائِزٌ نَقَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا

إذَا مَنَعَهُ مِنْ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمِائَةِ مَعَ انْتِفَاءِ مَا ذَكَرَهُ ، وَبِمَا لَوْ قَالَ : بِعْ بِمِائَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَبْضُ الزَّائِدِ إذَا جَازَ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَبِأَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ : بِعْهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مَعَ وُجُودِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ
( قَوْلُهُ : قَالَ بِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهَا ) أَيْ وَلَوْ بِمُحْتَمَلٍ كَحَبَّةٍ ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنَ مِثْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مِائَةً ( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ نَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا ) ؛ لِأَنَّ النُّطْقَ أَبْطَلَ حُكْمَ الْعُرْفِ ( قَوْلُهُ : أَوْ عَيَّنَ شَخْصًا ) بِأَنْ قَالَ : بِعْهُ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ ، وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الزِّيَادَةِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَ الْمُعَيَّنِ فِي الثَّانِيَةِ ) قَالَ الْغَزَالِيُّ : إلَّا إذَا عُلِمَ خِلَافُهُ بِالْقَرِينَةِ كَأَنْ قَالَ : بِعْهُ لَهُ بِمِائَةٍ وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسِينَ ( قَوْلُهُ : وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُلْعَ يَقَعُ غَالِبًا عَنْ شِقَاقٍ إلَخْ ) وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمُغَابَنَةِ تَارَةً وَالْمُحَابَاةِ أُخْرَى ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهِ التَّخَلُّصُ وَالِاسْتِقْلَالُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ ع ، وَلِأَنَّ تَعْيِينَهَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ : اشْتَرِ لِي عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ ( قَوْلُهُ : وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْمِائَةُ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَخْ ) كَلَامُهُمْ فِيهِ عَلَى إطْلَاقِهِ ( قَوْلُهُ وَاشْتَرِ بِمِائَةٍ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا ، وَلَوْ حَبَّةً ) فَإِنْ اشْتَرَى بِمِائَةٍ وَحَبَّةٍ وَعَقَدَ بِالْعَيْنِ بَطَلَ ، وَإِنْ عَقَدَ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ سَمَّى الْمُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ ، أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ ( قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لَهُ ( لَا تَبِعْ أَوْ لَا تَشْتَرِ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ ) مَثَلًا ( فَاشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُوَ مِائَةٌ أَوْ دُونَهَا لَا أَكْثَرُ جَازَ ) لِإِتْيَانِهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ : ( بِعْ بِمِائَةٍ لَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ لَمْ يَجُزْ النَّقْصُ عَنْ الْمِائَةِ وَلَا اسْتِكْمَالُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ ، وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا ) أَيْ عَلَى الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ، وَيَجُوزُ مَا عَدَاهُ ، وَلَوْ قَالَ : اشْتَرِ بِمِائَةٍ لَا بِخَمْسِينَ جَازَ الشِّرَاءُ بِالْمِائَةِ وَبِمَا بَيْنَهَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ لَا بِمَا عَدَا ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ
( قَوْلُهُ قَالَ : لَا تَبِعْ أَوْ لَا تَشْتَرِ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ إلَخْ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، قَالَ : لَا تَبِعْ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ بَاعَ بِهَا أَوْ بِدُونِهَا ، وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ أَوْ اشْتَرِ بِمِائَةٍ فَلَهُ النَّقْصُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ : ادْفَعْ هَذَا لِمَنْ رَأَيْتُهُ أَوَّلًا فَرَأَى رَجُلًا فَأَبَى قَبْضَهُ فَفِي جَوَازِ دَفْعَهُ لِمَنْ رَآهُ ثَانِيًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ جَوَازِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لَهُ ( بِعْ مُؤَجَّلًا ) وَبَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الْأَجَلِ أَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُعْتَادِ ( فَبَاعَ حَالًّا أَوْ بِأَجَلٍ دُونَ الْمُقَدَّرِ ) لَفْظًا أَوْ عَادَةً ( بِقِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ ) بِالْأَجَلِ الْمُقَدَّرِ ( أَوْ ) بَاعَ ( بِمَا رَسَمَ ) بِهِ الْمُوَكِّلُ ( وَلَا غَرَضَ لَهُ ) فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ فِيهِمَا ( صَحَّ ) ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ بِالْمُقَدَّرِ أَوْ بِمَا رُسِمَ بِهِ الْمُوَكِّلُ أَوْ بَاعَ بِهِمَا ، وَلِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ كَأَنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يَأْمَنُ مَنْ نَحْوِ نَهْبٍ أَوْ كَانَ لِحِفْظِهِ مُؤْنَةٌ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجَلِ الْمُقَدَّرِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الْمُشْتَرِيَ ( فَلَا ) يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ ، وَفِي الثَّانِي فَوَّتَ عَلَيْهِ غَرَضَهُ ( وَكَذَا لَوْ قَالَ ) لَهُ : ( اشْتَرِ حَالًّا فَاشْتَرَى مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ حَالًّا ) صَحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا أَوْ بِقِيمَتِهِ مُؤَجَّلًا لَمْ يَصِحَّ لِلْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ وَمَا قَدَّرْتُهُ مِنْ الشَّرْطِ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْغَرَضِ وَعَدَمِهِ كَمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يُؤْمَنُ النَّهْبُ وَالسَّرِقَةُ أَوْ كَانَ لِحِفْظِهِ مُؤْنَةٌ فِي الْحَالِّ ، قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مُطْلَقًا نَسِيئَةً بِثَمَنِ مِثْلِهِ نَقْدًا جَازَ ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَلِلْمُوَكِّلِ تَفْرِيغُ ذِمَّتِهِ بِالتَّعْجِيلِ انْتَهَى وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ : أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ إلَى شَهْرٍ فَاشْتَرَى إلَى شَهْرَيْنِ
قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ بِهِمَا وَلِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَيْهِمَا حَالًّا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ غُرَمَاءُ يَأْخُذُونَهُ إذَا وَجَدُوهُ فِي يَدِهِ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ

( فَرْعٌ إذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَاةٍ مَوْصُوفَةٍ بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى ) بِهِ ( شَاتَيْنِ تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ دِينَارًا صَحَّ ) الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ غَرَضَهُ وَزَادَ خَيْرًا وَيَشْهَدُ لَهُ خَبَرُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقُ فِي الْبَيْعِ ( وَكَذَا ) يَصِحُّ ( إنْ سَاوَتْ إحْدَاهُمَا دِينَارًا ) دُونَ الْآخَرِ لِمَا مَرَّ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسَاوِ إحْدَاهُمَا دِينَارًا ( فَلَا ) يَصِحُّ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا جَمِيعًا عَلَيْهِ لِفَوَاتِ مَا وُكِّلَ فِيهِ ( وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا ) وَلَوْ بِدِينَارٍ لِيَأْتِيَ بِهِ ، وَبِالْأُخْرَى إلَى الْمُوَكِّلِ ، وَإِنْ فَعَلَ عُرْوَةُ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ ، وَأَمَّا عُرْوَةُ فَلَعَلَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِ مَا رَآهُ مَصْلَحَةً مِنْ مَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْوَكَالَةُ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ تَبَعًا لِبَيْعِ مَا هُوَ مَالِكُهُ صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ
( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا إلَخْ ) ثُمَّ إنْ اشْتَرَاهُمَا بِعَيْنِ الدِّينَارِ لَمْ يَصِحَّ ، وَإِلَّا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ ، وَإِنْ سَمَّى الْمُوَكِّلَ

( فَرْعٌ مَتَى قَالَ ) لَهُ ( بِعْ الْعَبْدَ بِمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِمِائَةٍ وَثَوْبٍ أَوْ ) وَ ( دِينَارٍ صَحَّ ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ غَرَضَهُ ، وَزَادَ خَيْرًا وَقَوْله وَثَوْبٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ أَصْلُهُ وَثَوْبٍ يُسَاوِي مِائَةً ( وَلَوْ قَالَ بِعْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لَمْ يَصِحَّ ) إذْ الْمَأْتِيُّ بِهِ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ

( فَصْلٌ وَإِقْرَارُ الْوَكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ بِالِاعْتِرَافِ ) مِنْ مُوَكِّلِهِ بِمَا يُبْطِلُ حَقَّهُ مِنْ قَبْضٍ وَتَأْجِيلٍ ( وَنَحْوِهِ ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَا قَدَّرْتُهُ آخِرًا أَوْ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى : " إقْرَارُ الْوَكِيلِ " أَيْ وَنَحْوُ الْإِقْرَارِ بِمَا ذُكِرَ كَالْإِبْرَاءِ وَالْمُصَالَحَةِ ( لَا يَصِحُّ ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْخُصُومَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَفْعَلُ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِمُوَكِّلِهِ ( وَيَنْعَزِلُ ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ لِتَضَمُّنِهِ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّهُ ظَالِمٌ فِي الْخُصُومَةِ ( وَلَا يَنْعَزِلُ بِإِبْرَائِهِ الْخَصْمَ ) وَلَا بِمُصَالَحَتِهِ لَهُ ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَضَمَّنَانِ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ : وَيَنْعَزِلُ بِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ ، وَوَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِالْحَقِّ ( وَوَكِيلُ الْمُدَّعِي يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتُ ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً ( بِالْعَدَالَةِ ) لَهَا ( وَيُحَلِّفُ الْخَصْمَ ، وَيَطْلُبُ الْحُكْمَ ) وَيَفْعَلُ سَائِرَ مَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى الْإِثْبَاتِ كَالدَّعْوَى ( وَوَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ وَيَطْعَنُ فِي الشُّهُودِ وَيُدَافِعُ جَهْدَهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْدِيلُهُ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ فِي كَوْنِهِ قَاطِعًا لِلْخُصُومَةِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ بِالِاخْتِيَارِ فَلَوْ عَدَلَ انْعَزَلَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَا لَهُ ) فِيمَا لَيْسَ وَكِيلًا فِيهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ( لَا فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِثْبَاتِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ ( فَلَوْ عُزِلَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ قُبِلَتْ ) شَهَادَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَا انْتَصَبَ خَصْمًا وَلَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ حَقًّا فَهُوَ كَمَا لَوْ شُهِدَ لَهُ فِي غَيْرِهَا ( لَا ) إنْ عُزِلَ ( بَعْدَهَا ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِإِظْهَارِ صِدْقِهِ ( وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ

الْحِفْظِ ) لِمَتَاعِهِ ( أَوْ غَيْرِهِمَا ) كَبَيْعٍ وَطَلَاقٍ وَوِصَايَةٍ ( لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا ) بِالِاسْتِقْلَالِ ( إلَّا بِإِذْنٍ ) فِيهِ مِنْ الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِ أَحَدِهِمَا ( فَرْعٌ تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِاعْتِرَافِ الْخَصْمِ ) كَالْبَيِّنَةِ بَلْ أَوْلَى فَلَهُ مُخَاصَمَتُهُ لَكِنْ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْوَكَالَةِ كَمَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ كَالنِّكَاحِ يَنْعَقِدُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ بِشَهَادَةِ مَسْتُورِي الْعَدَالَةِ ، وَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ الْمَجْحُودُ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ ( وَلَهُ الِامْتِنَاعُ عَلَيْهِ ) أَيْ وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ ( كَالْمَدْيُونِ ) حَيْثُ ( يَعْتَرِفُ لِلْوَكِيلِ ) أَيْ لِمُدَّعِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ ( وَلَا بَيِّنَةَ ) فَإِنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ إقْبَاضِهِ الدَّيْنَ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَتَهُ بِوَكَالَتِهِ لِاحْتِمَالِ تَكْذِيبِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَفَائِدَةُ جَوَازِ الْمُخَاصَمَةِ مَعَ جَوَازِ الِامْتِنَاعِ مِنْهَا إلْزَامُ الْحَقِّ لِلْمُوَكِّلِ لَا دَفْعُهُ لِلْوَكِيلِ قُلْت : وَلَعَلَّ مِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ لَا يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ فِي إلْزَامِهِ الْخَصْمَ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ إلَى إعَادَةِ الدَّعْوَى أَمَّا لَوْ كَذَّبَهُ الْخَصْمُ فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ فَلَا يُخَاصِمُهُ نَعَمْ لِمُدَّعِيهَا تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَفَصَّلَ الْقَاضِي فَقَالَ : لَهُ تَحْلِيفُهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُ الْحَقِّ إلَيْهِ ، وَكَلَامُ الْهَرَوِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْأَمْرَيْنِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ( وَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ ) وَلَوْ بِالْبَلَدِ ( وَلَوْ لَمْ يَنْصِبْ الْقَاضِي مُسَخَّرًا ) بِفَتْحِ الْخَاءِ يَنُوبُ عَنْ

الْغَائِبِ لِيُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تَقَدُّمُ دَعْوَى حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْخَصْمِ فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ عَلَيْهِ ( وَلَا يَنْعَزِلُ مَنْ وُكِّلَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي ) بِخُصُومَةٍ ( بِانْقِضَائِهِ ) أَيْ الْمَجْلِسِ ( لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عِنْدَ الْقَاضِي مَجْهُولًا ) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ اسْمُهُ ، وَلَا نَسَبُهُ ( وَغَابَ ) عَنْهُ ( أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّ الَّذِي وَكَّلَهُ هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ) لِتَجُوزَ مُخَاصَمَتُهُ عَنْهُ ، وَالْحُكْمُ بِالدَّفْعِ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَحْتَجْ فِيمَا ذُكِرَ إلَى هَذَا الْإِثْبَاتِ قَالَ الْقَاضِي : وَإِذَا سَمِعَ الْقَاضِي دَعْوَى الْوَكِيلِ قَبْلَ إثْبَاتِهِ الْوَكَالَةَ ظَانًّا أَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ وَكَالَتَهُ اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى ( وَلَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْمَالَ فِي وَجْهِ وَكِيلِ الْغَائِبِ فَحَضَرَ وَادَّعَى عَزْلَهُ ) أَوْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ ( لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ

( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ بِالِاخْتِيَارِ ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُ مُكَذِّبَةٌ لَدَعْوَاهُ ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ بَعْدَ أَنْ خَاصَمَ قَوْلُهُ أَيْ وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ إلَخْ ) صَرَّحَ بِهَذَا الْقَاضِي فِي تَعْلِيلِهِ وَالرَّافِعِيُّ فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ ( قَوْلُهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً بِوَكَالَتِهِ وَيَحْكُمَ الْقَاضِي بِهَا ) لَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي : أَجِبْ فَهُوَ حُكْمٌ بِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْأَمْرَيْنِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْمَدْيُونِ يَعْتَرِفُ لِلْوَكِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ مُنْكِرِ وَكَالَتِهِ ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فَإِنَّهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِهَا لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ ( قَوْلُهُ : وَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ إلَخْ ) وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلَيْ الْوَكِيلِ أَوْ فَرْعِيِّهِ ، وَفِي أَصْلِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فَرْعِيِّهِ لَهُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ عَدَمُ قَبُولِهَا ، وَيُقْبَلَانِ عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ ) أَوْ شِرَاءٍ ( فَاسِدٍ ) كَأَنْ قَالَ : بِعْ ، أَوْ اشْتَرِ إلَى وَقْتِ الْعَطَاءِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ ( لَغَا ) فَلَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ ، وَلَا الْفَاسِدَ لِمَنْعِ الشَّرْعِ مِنْهُ لَا يُقَالُ : قَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ ، وَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فَلِمَ لَمْ يَصِحَّ هُنَا قُلْنَا هُنَاكَ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ وَهُنَا نَهَاهُ عَنْهُ ضِمْنًا ( أَوْ ) وَكَّلَهُ ( فِي الْخُلْعِ أَوْ الْعَفْوِ ) أَيْ الصُّلْحِ ( عَنْ الدَّمِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ) أَوْ نَحْوِهِمَا ( فَفَعَلَ صَحَّ ) الْخُلْعُ أَوْ الْعَفْوُ ، وَفَسَدَ الْعِوَضُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْمُوَكِّلُ بَدَلَ الْبِضْعِ وَالدَّمِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ ( وَمَهْرُ الْمِثْلِ ) أَيْ فِي الْأُولَى كَمَا لَوْ فَعَلَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِوَضِ صَحِيحٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُلْعِ وَالْقِصَاصِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ صَحَّ لَا أَنَّا نُصَحِّحُ التَّوْكِيلَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ عَلَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالصِّحَّةِ تَوَسُّعًا سَلِمَ مِنْهُ تَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِالْحُصُولِ ( فَلَوْ خَالَفَ ) مُوَكِّلَهُ كَأَنْ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى خَمْرٍ فَخَالَفَهُ ( وَعَقَدَ عَلَى غَيْرِهِ ) كَخِنْزِيرٍ أَوْ مَالٍ ( لَغَا ) لِلْمُخَالَفَةِ فَتَبْقَى الزَّوْجِيَّةُ وَالْقِصَاصُ كَمَا كَانَا وَمَا ذُكِرَ فِي الصُّورَتَيْنِ يَجْرِي فِي النِّكَاحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَلَوْ جَرَى فِي الْكِتَابَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ عِنْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ الْمَذْكُورَةِ ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ حِينَئِذٍ يُنْصَبُ إلَى مَحْضِ التَّعْلِيقِ ، وَالتَّوْكِيلُ فِي التَّعْلِيقِ بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّوْكِيلُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا غَيْرُ مَرْعِيٍّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ فِيهَا عَنْ النُّجُومِ بَرِئَ وَعَتَقَ عَنْ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا

لَوْ أَبْرَأَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا عِتْقَ فِيهَا إلَّا بِحُصُولِ الصِّفَةِ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَصِّلَهُ الْوَكِيلُ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ لَغَا ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَاسِدٍ فَاشْتَرَاهُ ، وَسَلَّمَهُ لِلْمُوَكِّلِ هَلْ يَسْقُطُ الضَّمَانُ ، وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً وَوَطِئَهَا الْمُوَكِّلُ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ حُرًّا ، وَتَجِبَ قِيمَتُهُ ، فِيهِ نَظَرٌ ( قَوْلُهُ : عَلَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْحِصَّةِ تَوَسُّعًا إلَخْ ) سَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ حَيْثُ بَانَتْ ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْفَسَادِ عِوَضُهُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُهُ وَلَوْ جَرَى فِي الْكِتَابَةِ فَالظَّاهِرُ إلَخْ الظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالَهُ ؛ إذْ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ ، وَإِنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ فِيهَا التَّعْلِيقَ كَمَا أَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَقَدْ يُغَلَّبُ

( فَرْعٌ ) فِي مُخَالَفَتِهِ مُوَكِّلَهُ لَوْ ( أَعْطَاهُ أَلْفًا وَقَالَ ) لَهُ ( اشْتَرِ ) كَذَا ( بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ ) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ لِيَنْقُدَ الْأَلْفُ فِي الثَّمَنِ ( لَمْ يَقَعْ ) أَيْ الشِّرَاءُ ( لِلْمُوَكِّلِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ حَتَّى لَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ بِغَيْرِهِ فَأَتَى بِمَا لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ فَيُطَالَبُ بِغَيْرِهِ بَلْ لَمْ يَقَعْ لِلْوَكِيلِ ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ وَخَرَجَ بِعَيْنِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ : اشْتَرِ بِهَذَا أَوْ بِهِ أَوْ نَحْوَهُ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ فِيمَا ذُكِرَ لِمُوَكِّلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا وَقَالَ : اشْتَرِ بِهِ شَاة فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ جَزَمَ الْإِمَامُ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ ( وَكَذَا عَكْسُهُ ) بِأَنْ قَالَ : اشْتَرِ بِهِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ اُنْقُدْهُ عَنْ الثَّمَنِ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُرِيدُ تَحْصِيلَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ ، وَإِنْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ وَلَا لِلْوَكِيلِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : بِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَبَاعَ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ ( وَلَوْ أَطْلَقَ ) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ بِعَيْنِهِ وَلَا فِي الذِّمَّةِ ( تَخَيَّرَ ) بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ ، وَفِي الذِّمَّةِ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمَا .
( فَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ ) وَقَدْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالشِّرَاءِ فِيهَا ، أَوْ أُطْلِقَ ( وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ إنْ سَلِمَ الثَّمَنُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ ) وَكَانَ أَمَرَهُ بِتَسْلِيمِ الْأَلْفِ فِي الثَّمَنِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ ( فَمُتَبَرِّعٌ ) بِذَلِكَ ( لَا يَرْجِعُ بِهِ ) وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْأَلْفِ إلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَسْلِيمِهِ فِي الثَّمَنِ فَيَرْجِعُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالشِّرَاءِ

حِينَئِذٍ يَتَضَمَّنُ أَمْرَهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتَهُ بِالثَّمَنِ وَالْعُهْدَةِ ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ : إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مُشْكِلٌ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَا دُفِعَ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ كَضَيَاعِ مِفْتَاحِ صُنْدُوقِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ أَرْهَقَ بِالْحَاكِمِ إلَى دَفْعٍ وَلَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى مَحَلِّ الْمَدْفُوعِ لَهُ فَأَدَّى مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ رَجْعَ مَمْنُوعٍ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ أَدَّى عَنْهُ لِيَرْجِعَ أَوْ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْحَاكِمَ ( وَإِنْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ ) قَرْضًا عَلَيْهِ ( فِيمَا أَعْطَاهُ الْمُوَكِّلُ ) لَهُ ( ثُمَّ اشْتَرَى لَهُ بِغَيْرِهِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ ) بَلْ عَنْ الْوَكِيلِ لِانْعِزَالِهِ ظَاهِرًا بِتَلَفِ مَا وُكِّلَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ سَوَاءٌ أَقَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ : اشْتَرِ بِعَيْنِهِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي آخِرِ الْحُكْمِ الثَّالِثِ ( فَإِنْ عَادَ ) إلَيْهِ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ ( وَاشْتَرَى لَهُ ) أَيْ لِمُوَكِّلِهِ ( بِهِ جَازَ ) أَيْ وَقَعَ لَهُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ انْعِزَالِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِتَعَدِّيهِ ثُمَّ لَا يَضْمَنُ مَا اشْتَرَاهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ فَلَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ عَادَ الضَّمَانُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيمَا عَادَ إلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَتَزَوَّجَ لَهُ امْرَأَةً فَتَزَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِمُوَكِّلِهِ ، وَأَقُولُ : لَا مُخَالَفَةَ ؛ لِأَنَّهُ بِتَزَوُّجِهِ لَهَا انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ وَهُنَا لَمْ يَنْعَزِلْ بِتَصَرُّفِهِ لِبَقَاءِ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ

( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَ ) كَأَنْ قَالَ : اشْتَرِ بِهَذَا ( قَوْلُهُ تَخَيَّرَ ) أَيْ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ رِعَايَةُ الْأَغْبَطِ لِمُوَكِّلِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ اشْتَرَى ) أَيْ بِالْعَيْنِ وَسَمَّى الْمُوَكِّلَ أَوْ نَوَاهُ أَوْ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ وَوَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ ، وَإِنْ قَالَ : اشْتَرَيْت لِنَفْسِي بَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ إلَخْ ( قَوْلُهُ وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ ) سَوَاءٌ أَسَمَّاهُ أَمْ نَوَاهُ أَمْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ وَقَعَ لَهُ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ ( قَوْلُهُ فَمُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ ) ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِتَسْلِيمِ الْأَلْفِ فِي الثَّمَنِ مُتَضَمِّنٌ لِنَهْيِهِ عَنْ بَذْلِهِ مِنْ مَالِهِ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ : إنَّ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَحَدُ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فِي مُطَالَبَةِ الْوَكِيلِ ؛ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْوَكِيلَ كَضَامِنٍ ، وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ ( قَوْلُهُ : سَوَاءٌ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ : اشْتَرِ بِعَيْنِهِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ إلَخْ ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَهُ : اشْتَرِ بِعَيْنِهِ

( فَصْلٌ يُشْتَرَطُ ) فِي الصِّيغَةِ ( أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ ) لِلْوَكِيلِ ( بِعْتُك أَوْ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك ) فَيَقُولُ اشْتَرَيْت لِمُوَكِّلِي أَوْ نَحْوِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِعْتُك لِمُوَكِّلِك مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( فَإِنْ قَالَ بِعْت مُوَكِّلَك ) فَقَالَ اشْتَرَيْت لَهُ ( لَمْ يَصِحَّ ) الشِّرَاءُ وَإِنْ وَقَعَ التَّصَرُّف عَلَى وَفْقِ الْإِذْنِ لِعَدَمِ الْخِطَابِ ( بِخِلَافِ ) نَظِيرِهِ فِي ( النِّكَاحِ ) يَصِحُّ بِذَلِكَ بَلْ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ فِيهِ سِفَارَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا فِي الْبَيْعِ إذْ لَهُ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمَجْلِسِ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا بِالْمُتَعَاقِدِينَ فَاعْتُبِرَ جَرَيَانُ الْخِطَابِ بَيْنَهُمَا ( وَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ ) الْبَيْعُ ( بِخِلَافِ ) نَظِيرِهِ فِي ( النِّكَاحِ ) يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَقْلَ الْمِلْكِ وَالْبَيْعُ يَقْبَلُهُ وَلِهَذَا يَقُولُ وَكِيلُ النِّكَاحِ زَوِّجْ مُوَكِّلِي وَلَا يَقُولُ زَوِّجْنِي لِمُوَكِّلِي وَفِي الْبَيْعِ يَقُولُ بِعْنِي لِمُوَكِّلِي وَلَا يَقُولُ بِعْ مُوَكِّلِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ الْبَيْعِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ لَا يَتَعَاطَى الشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ كَالسُّلْطَانِ صَحَّ الْبَيْعُ مِنْ وَكِيلِهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا يَقْصِدُ بِقَوْلِهِ بِعْ هَذَا لِلسُّلْطَانِ مَثَلًا ذَلِكَ لَا مُخَاطَبَتَهُ بِالْبَيْعِ .
قَالَ : وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى الْعَقْدُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْدِرُ فِيهِ دُخُولُ الْمِلْكِ فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ صَحَّ ( وَعِنْدَ الْمُخَالَفَةِ ) أَيْ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مُوَكِّلَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ ( إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ كَذَا بِعَيْنِ هَذِهِ الْمِائَةِ فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مِائَةٍ أُخْرَى مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ ( بَطَلَ ) الشِّرَاءُ لِلْمُخَالَفَةِ ( أَوْ ) اشْتَرَى ( فِي

ذِمَّتِهِ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِهِ بِخَمْسَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ( وَقَعَ لِلْوَكِيلِ وَلَوْ سَمَّى الْمُوَكِّلَ ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَمِّهِ فَالْخِطَابُ مَعَهُ وَنِيَّتُهُ لَاغِيَةٌ لِلْمُخَالَفَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك فَقَالَ اشْتَرَيْته لِمُوَكِّلِي فَلِأَنَّ التَّسْمِيَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ فَإِذَا سَمَّاهُ وَتَعَذَّرَ صَرْفُ الْعَقْدِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ .
( فَرْعٌ وَكِيلُ الْمُتَّهَبِ يُسَمِّيهِ ) وُجُوبًا ( فِي الْقَبُولِ ) وَإِلَّا فَيَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ لِجَرَيَانِ الْخِطَابِ مَعَهُ أَيْ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْمُوَكِّلِ ( وَلَا تُجْزِئُ النِّيَّةُ ) فِي وُقُوعِ الْعَقْدِ لِمُوَكِّلِهِ ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يُسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ نَوَاهُ الْوَاهِبُ أَيْضًا وَقَعَ عَنْهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ( بِخِلَافِ الشِّرَاءِ ) لَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى وَكِيلِ الْمُشْتَرِي تَسْمِيَتُهُ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْعِوَضُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَلَيْسَ لَنَا مَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ الْمُوَكِّلِ إلَّا ثَلَاثَ صُوَرٍ : صُورَةُ الْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ وَمَا لَوْ وُكِّلَ عَبْدٌ لِيَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : اشْتَرَيْت نَفْسِي صَرِيحٌ فِي اقْتِضَاءِ الْعِتْقِ لَا يَنْدَفِعُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ نَعَمْ الْقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْهِبَةِ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِعَارَةِ وَالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا عِوَضَ فِيهِ انْتَهَى وَلَا يَنْحَصِرُ ذَلِكَ فِيمَا لَا عِوَضَ فِيهِ فَقَدْ أَوْجَبُوا ذِكْرَهُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا مَثَلًا فَفَعَلَ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْعَبْدُ غَيْرَهُ لِيَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ فَفَعَلَ وَسَتَأْتِيَانِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَاهِبَ لَوْ قَالَ لِلْمُخَاطَبِ : وَهَبْتُك فَقَالَ : قَبِلْت لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ ، وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ إنَّمَا أَوْجَبَ لِلْوَكِيلِ وَقَصَدَهُ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ أَقْوَى مِنْ النِّيَّةِ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ

شَيْئًا بِنِيَّةِ الثَّوَابِ لَمْ تَلْزَمْهُ إثَابَةٌ لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِهِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَقَدْ يُقَالُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ : إنَّهُ لَوْ قَالَ : بِعْتُك هَذَا بِدِرْهَمٍ ، وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا مَثَلًا فَقَالَ : قَبِلْت وَنَوَى الشِّرَاءَ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ إنَّمَا سَمَحَ بِبَيْعِهِ بِدِرْهَمٍ لِلْمُخَاطَبِ خَاصَّةً لَا لِغَيْرِهِ انْتَهَى ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْهِبَةَ وَقَعَتْ هُنَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِهَا فِيمَا ذُكِرَ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ إلَخْ ) لَوْ قَالَ : بِعْنِي هَذَا لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ بِعْتُك قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا ( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بِعْت مُوَكِّلَك ) أَوْ بِعْتُك لِنَفْسِك ( قَوْلُهُ وَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ) أَيْ وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ وَصَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ ، وَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ رَغْبَتُهُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَلَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ فَإِنْ قَالَ بِعْ مِنْ وَكِيلِ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ زَيْدٍ فَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا ، وَاَلَّذِي يُظْهِرُ الْبُطْلَانَ أَيْ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَنْقُولِ إلَّا إذَا لُمِحَ الْمَعْنَى ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ إلَخْ ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَعَ هَذَا مِنْ أَيْتَامِ زَيْدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبَيْعِ لِوَلِيِّهِمْ ، وَلَا نَقُولُ التَّوْكِيلُ فَاسِدٌ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْمُخَالَفَةِ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ ) أَيْ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يَقْصِدُ بِتَبَرُّعِهِ الْمُخَاطَبَ ( قَوْلُهُ : نَعَمْ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْهِبَةِ يَجْرِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَغَيْرُهَا مِمَّا لَا عِوَضَ فِيهِ ) أَيْ كَالْحَوَالَةِ وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَالْقِرَاضِ ، وَفِي الْأَمَانَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِمَنْ قَبِلَهَا أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مُقَامَهُ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَاهِبَ إلَخْ ) التَّعْلِيلُ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَا سِيَّمَا وَلَمْ

تَقَعْ مُطَابَقَةٌ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ، وَيُعْلِمُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ : بِعْتُك بِكَذَا وَأَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ الْمُوَكِّلَ فَقَالَ : قَبِلْت ذَلِكَ لِمُوَكِّلِي صَحَّ فَإِنْ قَصَدَ الْمَالِكُ إيقَاعَهُ لِلْوَكِيلِ لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ الْمُطَابَقَةِ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ شَيْئًا بِنِيَّةِ الثَّوَابِ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ

( الْحُكْمُ الثَّانِي ) مِنْ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ ( الْأَمَانَةُ وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ فَكَانَتْ يَدُهُ كَيَدِهِ وَلِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ ، وَالضَّمَانُ مُنَافٍ لَهُ وَمُنَفِّرٌ عَنْهُ ( فَإِنْ تَعَدَّى فِي الْعَيْنِ ) بِرُكُوبٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( ضَمِنَهَا ) بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ فِيهِمَا ( وَلَمْ يَنْعَزِلْ ) بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ ، وَالْأَمَانَةُ حُكْمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا ارْتِفَاعُ أَصْلِهَا كَالرَّهْنِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا ائْتِمَانٌ مَحْضٌ نَعَمْ إنْ كَانَ وَكِيلًا لِوَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَغَيْرُهُ فَالْمُتَّجَهُ انْعِزَالُهُ كَالْوَصِيِّ يَفْسُقُ ؛ إذْ لَا يَجُوزُ إبْقَاءُ مَالٍ مَحْجُورٍ بِيَدِ غَيْرِ عَدْلٍ ، وَمَا قَالُوهُ مَرْدُودٌ ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَمْنَعُ الْوَكَالَةَ ، وَإِنْ مَنَعَ الْوِلَايَةَ نَعَمْ الْمَمْنُوعُ بَقَاءُ الْمَالِ بِيَدِهِ ( فَإِنْ عَاوَضَ بِهَا ) أَيْ اعْتَاضَ بِالْعَيْنِ الَّتِي تَعَدَّى فِيهَا غَيْرُهَا ( فَالْعِوَضُ ) وَهُوَ غَيْرُهَا ( أَمَانَةٌ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ وَزَالَ عَنْهُ ضَمَانُ الْعَيْنِ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُعْتَاضِ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ ( فَإِنْ رُدَّتْ ) عَلَيْهِ ( بِعَيْبٍ عَادَ الضَّمَانُ ) لِعَوْدِ الْيَدِ ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ : لَا نَصَّ فِيهِ ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَعُودُ الضَّمَانُ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ جُبِرَ إلَّا إنْ اسْتَرَدَّهُ اخْتِيَارًا انْتَهَى وَالْمُعْتَمَدُ عَوْدُ الضَّمَانِ وَالْفَسْخِ ، وَأَنَّ رَفْعَ الْعَقْدِ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ أَصْلِهِ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ

تَعَدَّى بِسَفَرِهِ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ ، وَبَاعَهُ فِيهِ ضَمِنَ ثَمَنَهُ ، وَإِنْ تَسَلَّمَهُ وَعَادَ مِنْ سَفَرِهِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَالْعِوَضُ أَمَانَةٌ ( فَرْعٌ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ ) الْمَالَ إذَا طَالَبَهُ الْمُوَكِّلُ بِرَدِّهِ ( بِالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّخْلِيَةِ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ كَالْمُودِعِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَكَوْنِهِ فِي الْحَمَّامِ أَوْ مَشْغُولًا بِطَعَامٍ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ ضَمِنَ ، وَإِنَّمَا جَازَ التَّأْخِيرُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ قَالَ : وَهُوَ مُنْقَدِحٌ إذَا كَانَ التَّلَفُ بِسَبَبِ التَّأْخِيرِ انْتَهَى فَيَكُونُ مَا نَقَلَهُ مَعَ مَا قُيِّدَ بِهِ تَقْيِيدًا لِكَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالرَّاجِحُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ لِمَا سَتَعْرِفُهُ فِي الْوَدِيعَةِ

( قَوْلُهُ : فَإِنْ تَعَدَّى فِي الْعَيْنِ بِرُكُوبٍ إلَخْ ) وَمِنْ التَّعَدِّي أَنْ يَضِيعَ مِنْهُ الْمَالُ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ ضَاعَ ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَهُ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ نَسِيَهُ ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا لِيُسَلِّمَهُ إلَى غَرِيمِهِ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ : احْفَظْهُ لِي ، وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الدَّافِعِ لَا مِنْ ضَمَانِ الْغَرِيمِ ( قَوْلُهُ ضَمِنَهَا ) ثُمَّ إنْ ادَّعَى تَلَفَهَا قَالَ الْقَفَّالُ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهَا ، وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ : لَمْ يُقْبَلْ ، وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ مَحْمَلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ تَلَفَهَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَمْ يُعْلَمْ ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا ادَّعَاهُ بِظَاهِرٍ لَمْ يُعْلَمْ ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَنْعَزِلْ بِذَلِكَ ) قَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ قَدْ قَرَّرُوا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ فِيمَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَيُجَابُ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَالَةُ أَوْ يُقَالُ : لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعَدِّي الْفِسْقُ فَإِنْ حَصَلَ بِهِ فِسْقٌ انْعَزَلَ ش ( قَوْلُهُ : وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا ارْتِفَاعُ أَصْلِهَا ) كَالرَّهْنِ فَلَا يُرْفَعُ مَقْصُودُهُ ، وَهُوَ التَّوَثُّقُ بِبُطْلَانِ حُكْمِهِ ، وَهُوَ الْأَمَانَةُ ( قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ انْعِزَالُهُ كَالْوَصِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَمَا قَالُوهُ مَرْدُودٌ إلَخْ ) رَدُّهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فَاسِقًا فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ فِيمَا الْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِيهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَكَوْنِهِ فِي الْحَمَّامِ أَوْ مَشْغُولًا بِطَعَامٍ لَمْ يُضْمَنْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الْحُكْمُ الثَّالِثُ فِي الْعُهْدَةِ الْمِلْكِ ) لِلْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ فِي عَقْدِ الْوَكِيلِ ( يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ ) كَمَا فِي شِرَاءِ الْأَبِ لِطِفْلِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً لَعَتَقَ عَلَيْهِ أَبُوهُ إذَا اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ وَلَا يُعْتَقُ قَطْعًا ( لَكِنَّ أَحْكَامَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْخِيَارِ وَالتَّقَابُضِ وَنَحْوِهِمَا ) كَالرُّؤْيَةِ وَالتَّفَرُّقِ ( تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ ) دُونَ الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً ( فَلَهُ الْفَسْخُ ) بِخِيَارَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ ( وَإِنْ أَجَازَ الْمُوَكِّلُ ) بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ لَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ إذَا رَضِيَ بِهِ الْمُوَكِّلُ ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ وَلَيْسَ مَنُوطًا بِاسْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَمَا نِيطَ بِهِ فِي الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ بِخَبَرِ { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا } وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ بِالْقِيَاسِ عَلَى خِيَارِ الْمَجْلِسِ ، وَشُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَالثَّمَنُ فِي يَدِهِ طُولِبَ ) بِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ ، وَالْعُرْفُ يَقْتَضِيهِ ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ بِأَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ وَيُسَلِّمَهُ لِلْبَائِعِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ ( فَلَا ) يُطَالَبُ بِهِ .
( إنْ اشْتَرَى بِمُعَيَّنٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ ، وَحَقُّ الْبَائِعِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ ( وَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ فَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُمَا ) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ أَيْ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ( إنْ صَدَقَ الْوَكِيلُ ) فِي وَكَالَتِهِ ( وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْوَكِيلِ ) أَوْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ فِي الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ لَكِنَّ الْوَكِيلَ نَائِبُهُ وَوَقَعَ الْعَقْدُ مَعَهُ لِذَلِكَ جَوَّزْنَا مُطَالَبَتَهُمَا وَقِيلَ

إنْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ لَمْ يُطَالَبْ وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ كَمَا لَوْ قَبِلَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ لَا يَصِيرُ مُلْتَزِمًا لِلْمَهْرِ قَالَ السُّبْكِيُّ : وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا مِنْ أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُوَكِّلِ ، وَالثَّمَنُ بِيَدِ الْوَكِيلِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ لَكِنَّ قَوْلَهُ : وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْوَكِيلِ لَا يَصْلُحُ غَايَةً لِمَا قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ قِسْمٌ فِي الظَّاهِرِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا أَمَّا لَوْ كَذَّبَهُ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَهْوَ وَكِيلٌ أَمْ لَا فَيُطَالِبُهُ فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ مَعَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا وَلِيُّ الطِّفْلِ إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْعَقْدِ كَانَ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ ، وَلَا يَضْمَنُهُ الطِّفْلُ فِي ذِمَّتِهِ لَكِنْ يَنْقُدُهُ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ ، وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ شِرَاءَ الْوَلِيِّ لَازِمٌ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ ضَمَانُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ انْتَهَى ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ضَمَانِ الْمُوَكِّلِ الثَّمَنَ وَعَدَمِ ضَمَانِ الطِّفْلِ لَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْوَلِيُّ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَذِنَ بِخِلَافِ الطِّفْلِ وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأُسْقِطَ مِنْ كَلَامِهِ الْفَرْقُ السَّابِقُ .
( وَالْوَكِيلُ فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ الْغُرْمِ ) أَيْ غُرْمِهِ لِلْبَائِعِ ( وَبَعْدَهُ كَالضَّامِنِ ) وَالْمُوَكِّلُ كَالْأَصِيلِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ إلَّا بَعْدَ غُرْمِهِ وَبَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي الْأَدَاءِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ مَا يَشْتَرِي بِهِ وَأَمَرَهُ بِتَسْلِيمِهِ فِي الثَّمَنِ ، وَإِلَّا فَالْوَكَالَةُ تَكْفِي عَنْ الْإِذْنِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ وَإِذَا غَرِمَ الْوَكِيلُ رَجَعَ

عَلَى الْمُوَكِّلِ كَالضَّامِنِ بِالْإِذْنِ ( وَلَوْ اسْتَحَقَّ مَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بُعْدَ تَلَفِهِ ) وَلَوْ ( فِي يَدِهِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ وَالْوَكِيلِ وَكَذَا الْمُوَكِّلُ ) بِبَدَلِهِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ غَاصِبُهُ الْأَوَّلُ حَقِيقَةً وَالْآخَرَانِ حُكْمًا ( وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا غَرِمَ الْبَائِعُ أَوْ الْوَكِيلُ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِتَلَفِ الْعَيْنِ تَحْتَ يَدِ أَمِينِهِ فَكَأَنَّهَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ إذَا سَلَّمَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ فِيمَا ذُكِرَ فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا عِنْدَ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ الْمَنْعُ وَعِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ كَذَلِكَ إنْ اُسْتُحِقَّ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ لِانْقِضَاءِ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ ( أَوْ ) اُسْتُحِقَّ ( مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ ) وَلَوْ ( فِي يَدِهِ ) وَالْمُشْتَرِي مُعْتَرِفٌ بِالْوَكَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( طُولِبَا ) أَيْ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ ( بِهِ ) أَيْ بِالثَّمَنِ لِمَا مَرَّ فِي مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ لَهُمَا ( وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ) لِمَا مَرَّ ( وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَقَبَضَهُ ) وَدَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ ( وَخَرَجَ مُسْتَحِقُّهُ أَوْ رَدَّهُ الْمُوَكِّلُ بِعَيْبٍ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي ) بِالثَّمَنِ لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ .
( وَ ) مُطَالَبَةُ ( الْوَكِيلِ ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلِّمًا لِلْمَبِيعِ قَبْلَ أَخْذِ عِوَضِهِ ( وَهَلْ يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ ( أَمْ بِالثَّمَنِ ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ انْتَقَلَ مِنْهَا إلَيْهِ بِالْبَيْعِ ( وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَصْلُهُ بَعْدُ وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ فَصْلٍ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ ( فَإِنْ قُلْنَا ) يُطَالِبُهُ ( بِالْقِيمَةِ فَأَخَذَهَا ) مِنْهُ ( طَالَبَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ وَ ) إذَا أَخَذَهُ مِنْهُ ( دَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ وَاسْتَرَدَّ )

مِنْهُ ( الْقِيمَةَ ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُخِذَتْ لِلْحَيْلُولَةِ ( وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ ) شَيْئًا ( بِمُعَيَّنٍ ) يَعْنِي بِعَيْنِ مَالِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ ( فَتَلِفَ ) فِي يَدِهِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ الشِّرَاءِ ( انْعَزَلَ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ ) كَمَا فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ ( أَوْ ) أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا ( فِي الذِّمَّةِ ) وَلَوْ مَعَ الْأَمْرِ بِصَرْفِ مَا دَفَعَ إلَيْهِ فِي الثَّمَنِ فَفَعَلَ ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَهُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ قَبْلَهُ ( لَمْ يَنْفَسِخْ ) أَيْ الْعَقْدُ ( وَلِمَنْ يَقَعُ ) أَيْ الْعَقْدُ ( فِيهِ خِلَافٌ ) قِيلَ لِلْوَكِيلِ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَقِيلَ لِلْمُوَكِّلِ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَدْفُوعِ وَقِيلَ يُقَالُ لَهُ إنْ أَرَدْتَهُ فَادْفَعْ مِثْلَ الْمَدْفُوعِ ، وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْ الْوَكِيلِ ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْمَرَاوِزَةِ جَرَى عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فَالْوَكِيلُ يَنْعَزِلُ بِتَلَفِ الْمَدْفُوعِ سَوَاءٌ أَقَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ .
قُلْت : كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَقَطَعَ فِي الْحَاوِي بِأَنَّهُ إذَا قَالَ : اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَتَلِفَ انْفَسَخَتْ الْوَكَالَةُ وَانْعَزَلَ فَإِذَا اشْتَرَى بَعْدَهُ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ انْتَهَى وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا وَصَرَّحُوا إلَّا ابْنَ الصَّبَّاغِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا كَنَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ : وَلَوْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ إلَى آخِرِهِ لَكِنَّهُ كَأَصْلِهِ جَرَى فِي تِلْكَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ ( فَرْعٌ الْمَقْبُوضُ ) لِلْوَكِيلِ ( بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ ) سَوَاءٌ أَتَلِفَ فِي يَدِهِ ، أَمْ فِي يَدِ مُوَكِّلِهِ لِوَضْعِ

يَدِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ ، وَفِي نُسْخَةٍ يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ إنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ( وَيَرْجِعُ ) إذَا غَرِمَ ( عَلَى الْمُوَكِّلِ ) ؛ لِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَقَالَ : لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْفَاسِدَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ ، وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ فَلَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ ، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَبِأَنَّ يَدَهُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ كَيَدِ مُوَكِّلِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَامِلَةٌ لِمَسْأَلَتَيْ الِاسْتِحْقَاقِ السَّابِقَتَيْنِ ( فَرْعٌ وَكِيلُ الْمُسْتَقْرِضِ كَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي فَيُطَالَبُ وَيَرْجِعُ بَعْدَ الْغُرْمِ ) عَلَى الْمُوَكِّلِ

( قَوْلُهُ الْمِلْكُ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَهُ : اشْتَرِ لِي كَذَا بِدَرَاهِمِك فَفَعَلَ حَصَلَ الْمِلْكُ لِلْآمِرِ ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِيَغْرَمَ لَهُ الْمُوَكِّلُ ( قَوْلُهُ : كَمَا فِي شِرَاءِ الْأَبِ لِطِفْلِهِ ) وَكَمَا أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي ابْتِدَاءً ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَنُوطًا بِاسْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَخْ ) إذْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ حَرِيمُ الْعَقْدِ جَعَلَهُ الشَّرْعُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ ، وَالْعَقْدُ لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ فَلِذَلِكَ اخْتَصَّ حُكْمُ الْمَجْلِسِ بِمُتَوَلِّي الْعَقْدِ ، وَإِنْ كَانَ مُوَكِّلُهُ مَعَهُ ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْعَقْدِ مُنْقَطِعٌ عَنْهُ يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِهِ فَلَا عُذْرَ فِي إثْبَاتِهِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ ( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنْ لَهُ ذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى مَا ظَنَّهُ رَقِيقًا فَبَانَ حُرًّا بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ فَهَلْ لِلْمُوَكِّلِ تَغْرِيمُهُ يُنْظَرُ إنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ تَغْرِيمُ الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ بِإِذْنِهِ وَلِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ مَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ قِسْمٌ فِي الظَّاهِرِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا ) هُوَ غَايَةٌ لِمَا قَبْلَهُ إذْ قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَى بِمُعَيَّنٍ بَلْ هُوَ مُسْتَأْنَفٌ ( قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحَقَّ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَلَهُ مُطَالَبَتَهُ ) الْأَصَحُّ أَنْ لَهُ مُطَالَبَتَهُ بِهِ مُطْلَقًا ( قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحَقَّ مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ وَلَوْ فِي يَدِهِ إلَخْ ) لَوْ خَرَجَ مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ ، وَتَلَفُهُ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ فَفِي مُطَالَبَتِهِ الْوَكِيلَ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصَحَّ الْمُطَالَبَةُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ

مَنْصُوبًا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فِي الْأَصَحِّ ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ ، وَهُوَ لَا يُطَالَبُ فَكَذَا نَائِبُهُ قَوْلُهُ وَقِيلَ لِلْمُوَكِّلِ ) وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَدْفُوعِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَخْ ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تِلْكَ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ وَهَذِهِ فِيمَا إذَا أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّة فَانْدَفَعَتْ دَعْوَى التَّنَاقُضِ فِيهِمَا

( الْحُكْمُ الرَّابِعُ الْجَوَازُ ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ فَلَا تَلْزَمُ لِلْإِضْرَارِ ( فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ إنْ لَمْ يَكُنْ ) عَقْدُ الْوَكَالَةِ ( بِاسْتِئْجَارٍ ) فَإِنْ كَانَ بِاسْتِئْجَارٍ بِأَنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَقْبَلُ الْعَزْلَ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ عُقِدَتْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ وَشُرِطَ فِيهَا جُعْلٌ مَعْلُومٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ : أَمْكَنَ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا وَهَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ نَقَلَهُمَا الرُّويَانِيُّ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْغَالِبَةِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ قَالَ ) الْوَكِيلُ ( عَزَلْت نَفْسِي أَوْ فَسَخْت الْوَكَالَةَ أَوْ خَرَجْت مِنْهَا أَوْ نَحْوَهُ ) كَأَبْطَلْتُهَا ( أَوْ عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ فَسَخَهَا ) بِقَوْلِهِ : فَسَخْتهَا أَوْ نَقَضْتهَا أَوْ أَزَلْتهَا أَوْ صَرَفْتهَا أَوْ رَفَعْتهَا أَوْ نَحْوَهَا ( وَعَلِمَ ) الْوَكِيلُ بِالْعَزْلِ أَوْ الْفَسْخِ ( وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ ) بِهِ ( انْعَزَلَ ) وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ الْمُوَكِّلِ صِيغَةَ أَمْرٍ كَ بِعْ وَأَعْتِقْ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِزَالِهِ بِعَزْلِهِ نَفْسَهُ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِيمَا ذُكِرَ عِلْمُ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرِّضَا فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْعِلْمِ كَالطَّلَاقِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جُنَّ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْقَاضِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِعِلْمِهِ لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِهِ وَبِخِلَافِ النَّسْخِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ .
وَهُوَ يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ إذْ لَا تَكْلِيفَ بِمُحَالٍ بِخِلَافِ الْعَزْلِ وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاعْتِدَادَ بِالْعِبَادَةِ حَقٌّ لِلَّهِ - تَعَالَى ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - شَرَطَ الْعِلْمَ

فِي الْأَحْكَامِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ بِالْمُسْتَحِيلِ ، وَالْعُقُودُ حَقٌّ لِلْمُوَكِّلِ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِلْمَ ( وَلَا يُصَدَّقُ ) مُوَكِّلُهُ ( بَعْدَ التَّصَرُّفِ ) فِي قَوْلِهِ كُنْت عَزَلْته ( إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى عَزْلِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَصُورَتُهُ إذَا أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الْعَزْلَ فَإِنْ وَافَقَهُ لَكِنْ قَالَ كَانَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَهُوَ كَدَعْوَى الزَّوْجِ تَقَدُّمَ الرَّجْعَةِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ انْتَهَى ، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّالِثِ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ فَلَا يُصَدَّقُ الْمُوَكِّلُ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ ، وَلَوْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِعَزْلِهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَهُ لِبَقَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ : إنَّهُ يَضْمَنُهُ كَالْوَكِيلِ إذَا قَتَلَ بَعْدَ الْعَفْوِ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّاشِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ ( وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبِالْحَجْرِ عَلَيْهِ ) بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ جُنُونٍ ( فِيمَا لَا يَنْفُذُ مِنْهُ وَبِالْإِغْمَاءِ ) لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ .
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِانْعِزَالٍ بَلْ تَنْتَهِي الْوَكَالَةُ بِهِ كَالنِّكَاحِ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ لَا يَنْعَزِلُ بِإِغْمَاءِ الْمُوَكِّلِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ بَعْدَ تَوَكُّلِهِ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ لَا يَصِحُّ قَبُولُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَيَنْعَزِلُ أَيْضًا بِالْفِسْقِ فِيمَا الْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِيهِ ( وَبِخُرُوجِ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ ) أَوْ بِالشِّرَاءِ بِهِ ( عَنْ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ) كَالْهِبَةِ مَعَ

الْقَبْضِ ( وَكَذَا بِتَزْوِيجِ الْجَارِيَةِ وَالْإِجَارَةِ ) لِإِشْعَارِهِمَا بِالنَّدَمِ عَلَى الْبَيْعِ وَخَرَجَ بِالْجَارِيَةِ الْعَبْدُ ( لَا بِالتَّوْكِيلِ ) وَكِيلٌ ( آخَرُ ) وَلَا بِالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( وَفِي انْعِزَالِهِ بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ ) الْمُوَكِّلِ بِبَيْعِهَا أَيْ بِطَحْنِ الْمُوَكِّلِ لَهَا ( وَجْهَانِ ) قَالَ الْمُتَوَلِّي : أَصْلُهُمَا مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَأَكَلَهَا بَعْدَ الطَّحْنِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الِانْعِزَالِ ، وَوَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ بِبُطْلَانِ اسْمِ الْحِنْطَةِ وَإِشْعَارِ طَحْنِهَا بِالْإِمْسَاكِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا عِلَّتَانِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَرْكِيبِ الْعِلَّةِ ، وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ الْحِنْطَةِ كَأَنْ قَالَ : وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ هَذَا لَمْ يَكُنْ عَزْلًا ، وَقَضِيَّةُ الثَّانِي خِلَافُهُ ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : قَالَ ابْنُ كَجٍّ : وَيَنْعَزِلُ بِالرَّهْنِ مَعَ الْقَبْضِ وَكَذَا بِالْكِتَابَةِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالتَّدْبِيرَ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ عَزْلٌ ( وَلَوْ رَدَّهَا ) أَيْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ ( ارْتَدَّتْ بِخِلَافِ الْمُبَاحِ لَهُ ) طَعَامٌ ( إذَا رَدَّ الْإِبَاحَةَ ) لَا تَرْتَدُّ .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّ هَذَا مَقْطُوعٌ بِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِي ارْتِدَادَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرُ ( وَلَوْ وَكَّلَ عَبْدَهُ ) فِي تَصَرُّفٍ وَلَوْ بِصِيغَةِ عَقْدٍ كَ وَكَّلْتُكَ ( ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ ) أَوْ كَاتَبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( انْعَزَلَ ) لِأَنَّ إذْنَ سَيِّدِهِ لَهُ اسْتِخْدَامٌ لَا تَوْكِيلٌ ، وَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ قَبْلَ عِتْقِهِ : عَزَلْت نَفْسِي لَغَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ( لَا عَبْدُ غَيْرِهِ ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ ( لَكِنَّ الْعَبْدَ ) أَيْ عَبْدَ غَيْرِهِ ، وَإِنْ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ (

يَعْصِي ) بِهِ ( إنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مُشْتَرِيَهُ ) فِيهِ ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ ( وَلَوْ جَحَدَ أَحَدُهُمَا الْوَكَالَةَ عَامِدًا وَلَا غَرَضَ ) لَهُ فِي الْجَحْدِ مِنْ خَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ ( فَهُوَ عَزْلٌ ) ؛ لِأَنَّ الْجَحْدَ حِينَئِذٍ رَدٌّ لَهَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ نَسِيَهَا أَوْ جَحَدَهَا لِغَرَضٍ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ حِينَ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِقَبُولِهِ لَهَا ( فَلَا ) عَزْلَ وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ جَحْدَيْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ تَبِعَ فِيهِ الرَّوْضَةُ لَكِنَّهُ أَطْلَقَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ جَحْدَ الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ ، وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ عَلَى مَا هُنَا وَالرَّافِعِيُّ لَمَّا ذَكَرَ التَّفْصِيلَ فِي جَحْدِ الْوَكِيلِ قَالَ : وَأَوْرَدَ فِي النِّهَايَةِ قَرِيبًا مِنْهُ فِي جَحْدِ الْمُوَكِّلِ انْتَهَى ، وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ جَحْدَ الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ أَوْ لَا أَصَحُّهُمَا : لَا ، وَأَشْهَرُهُمَا : نَعَمْ .
ثُمَّ أَبْدَى التَّفْصِيلَ احْتِمَالًا وَبِالْأَشْهَرِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ : إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ انْتَهَى ، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَقْوَى عَلَى رَفْعِ الْوَكَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ غَالِبًا وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَظِّ فِيهَا لَهُ وَبِأَنَّ جَحْدَ الْوَكِيلِ قَدْ يَجِبُ حِفْظًا لِمَالِ مُوَكِّلِهِ فَجُعِلَ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ جَحْدِ الْمُوَكِّلِ الْمَالِكِ ، وَأُلْحِقَ بِهِ جَحْدُ الْمُوَكِّلِ النَّائِبِ عَنْ غَيْرِهِ ( وَإِنْ عَزَلَ ) الْمُوَكِّلُ ( أَحَدَ وَكِيلَيْهِ ) مُبْهَمًا ( لَمْ يَتَصَرَّفَا ) أَيْ لَمْ يَتَصَرَّفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، وَلَوْ تَصَرَّفَ لَمْ يَنْفُذْ ( حَتَّى يُبَيِّنَ ) يَعْنِي يُعَيِّنَ لِلشَّكِّ فِي أَهْلِيَّتِهِ

( قَوْلُهُ : فَلَا تَلْزَمُ لِلْإِضْرَارِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِ مَا وَكَّلَ فِيهِ أَوْ فِي تَوْكِيلٍ آخَرَ ، وَالْوَكِيلُ قَدْ لَا يَتَفَرَّغُ فَيَكُونُ اللُّزُومُ مُضِرًّا بِهِمَا ( قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَزْلُ ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ إرْفَاقٍ عَلَى تَصَرُّفٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا تَقْدِيرُ عَمَلٍ وَلَا زَمَنٍ فَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا كَالْجَعَالَةِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ غَابَ الْمُوَكِّلُ وَعَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَاسْتَهْلَكَ الْمَالَ قَاضٍ جَائِرٌ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْوَكَالَةِ إلَى حُضُورِ مُوَكِّلِهِ أَوْ أَمْنِهِ عَلَى الْمَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيِّ ا هـ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللُّزُومِ مُتَعَيَّنٌ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَمْكَنَ بِتَخْرِيجِهِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ ، وَوَضْعُهَا الْجَوَازُ ، وَالْإِجَارَةُ لَيْسَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهَا نَائِبًا عَنْ الْمُؤَجِّرِ فَلَمْ يَتَّفِقْ اللَّفْظُ وَلَا الْمَعْنَى ( قَوْلُهُ : وَصُحِّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ ، وَجَزَمَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ السِّرَاجِ وَغَيْرُهُمَا ( قَوْلُهُ كَأَبْطَلْتُهَا ) ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَزْلِ أَبْطَلَ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ ( قَوْلُهُ : وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جَنَى أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ ) وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ إعْتَاقِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ أَوَأَعْتَقَهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ ، وَانْعَزَلَ الْوَكِيلُ ضِمْنًا ، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ بُلُوغُ الْخَبَرِ فِي الْعَزْلِ الضِّمْنِيِّ فَفِي صَرِيحِ الْعَزْلِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِهِ ) أَيْ فَيَعْظُمُ الضَّرَرُ بِنَقْضِ الْأَحْكَامِ وَفَسَادِ الْأَنْكِحَةِ

وَإِبْطَالِ التَّصَرُّفَاتِ الْعَامَّةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَكِيلِ ا هـ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّ الْوَكِيلَ الْعَامَّ كَوَكِيلِ السُّلْطَانِ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ لِعُمُومِ نَظَرِهِ كَالْقَاضِي وَلَمْ يَذْكُرُوهُ فس الْأَحْسَنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ الْإِمَامِ ع قَالَ شَيْخُنَا : الْأَوْجَهُ أَنَّ الْحَاكِمَ وَلَوْ فِي قَضِيَّةٍ خَاصَّةٍ لَا يَكُونُ كَالْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مِنْ شَأْنِهِ مَا تَقَرَّرَ وَأَنَّ الْوَكِيلَ الْعَامَّ كَالْخَاصِّ كا ( قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الْفَسْخِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ ) أَيْ وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْفِعْلِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفٌ ، وَهُوَ يَعْتَمِدُ الْعِلْمَ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : إنَّهُ لَا يَصِحُّ بِنَاءُ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ يُكْتَفَى فِيهِ إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ الِاعْتِقَادِ وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا مَعَ الْإِمْكَانِ ، وَلَا إمْكَانَ مَعَ الْجَهْلِ بِوُرُودِ النَّاسِخِ ، وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي أَنْ يَعْلَمَ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَهُ ( تَنْبِيهٌ ) وَلَوْ عَزَلَ الْمُودِعُ الْمُودَعَ لَمْ يَنْعَزِلْ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ أَنَّ الْمُودِعَ أَمِينٌ ، وَالْوَكِيلُ مُتَصَرِّفٌ ، وَالْعَزْلُ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَنْعَزِلْ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ وَلَوْ وَكَّلَ عَشَرَةً ثُمَّ قَالَ : عَزَلْت أَكْثَرَهُمْ انْعَزَلَ سِتَّةٌ ، وَإِذَا عَيَّنَهُمْ فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ نُفُوذِهِ قَالَ شَيْخُنَا : مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ التَّصَرُّفَ الصَّادِرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ التَّعْيِينِ لَا يَنْفُذُ ؛ إذْ مَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ ) قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا

عَنْ بَعْضِهِمْ أَنْ يَضْمَنَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ ( قَوْلُهُ أَوْ فَلَسٌ ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا لَا يَنْفُذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ الِانْعِزَالِ بِحَجْرِ الْفَلَسِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ لَا لِلْوَكِيلِ نَعَمْ يُتَصَوَّرُ فِيهِ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كَذَا بِثَوْبٍ ، فَإِنَّ الثَّوْبَ يَكُونُ قَرْضًا عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِذَا حَجَرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْفَلَسِ هُنَا انْعَزَلَ ( قَوْلُهُ : لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَارَنَ مَنْعَ الِانْعِقَادِ ، فَإِذَا طَرَأَ قَطْعُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ سَكِرَ أَحَدُهُمَا ، أَوْ ارْتَدَّ أَوْ نَامَ لَمْ يَنْعَزِلْ .
( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَالصَّوَابُ : أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِانْعِزَالٍ إلَخْ ) لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ فِي غَيْرِ التَّعَالِيقِ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : فَائِدَةُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِهِ انْعِزَالُ مَنْ وَكَّلَهُ عَنْ نَفْسِهِ ( قَوْلُهُ : وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يُوهِمُ إلَخْ ) كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ لَا يُوهِمُهُ بَلْ يُفْهِمُ صِحَّةَ قَبُولِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْهُ بِتَوَكُّلِهِ لِغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ : وَبِخُرُوجِ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ عَنْ الْمِلْكِ إلَخْ ) لِاسْتِحَالَةِ بَقَاءِ الْوِلَايَةِ ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْإِجَارَةُ ) أَيْ وَإِنْ جَازَ بَيْعُ الْمُؤَجِّرِ ؛ لِأَنَّ مُرِيدَ الْبَيْعِ لَا يُؤَجِّرُ غَالِبًا لِقُلِّهِ الرَّغَبَاتِ ( قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجَارِيَةِ الْعَبْدُ ) أَفَادَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الِانْعِزَالَ بِتَزْوِيجِ الْعَبْدِ الْمُوَكَّلِ فِي بَيْعِهِ بِالْأَوْلَى ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَخَرَجَ بِالْجَارِيَةِ الْعَبْدُ أَيْ لَفْظًا لَا حُكْمًا فَهُوَ مُلْحَقٌ بِهَا بِالْأَوْلَى كَمَا تَقَرَّرَ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الِانْعِزَالِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ ) الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَطَحْنُ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ كَطَحْنِهِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفِي فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ وُجُودُ عِلَّةِ مَنْ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ :

وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرُ ) قَالَ الْإِمَامُ : لَا أَعْرِفُ خِلَافًا أَنَّ مَنْ أَبَاحَ لِغَيْرِهِ طَعَامًا فَقَالَ الْمُبَاحُ لَهُ : رَدَدْت الْإِبَاحَةَ ، وَكَانَ الْمُبِيحُ لَهُ مُسْتَمِرًّا عَلَى إبَاحَتِهِ فَلِلْمُبَاحِ لَهُ الِاسْتِبَاحَةُ ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ رَدَدْت الْإِبَاحَةَ ( قَوْلُهُ لَكِنَّ الْعَبْدَ يَعْصِي إلَخْ ) أَيْ إنْ احْتَاجَ فِيهِ إلَى تَرَدُّدٍ وَسَعَى بِمَنْعِ الْخِدْمَةِ ، وَإِلَّا فَلَا يَعْصِي إذْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى عَبْدِهِ فِي تَصَرُّفٍ لَا يَضَادُّ الْخِدْمَةَ ، وَلَا يَمْنَعُهَا ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَا يَتْعَبُ فِيهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ السَّيِّدُ مِنْ مَنْعِهِ مِنْهُ ، وَلَا يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ ( قَوْلُهُ : إنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مُشْتَرِيهِ ) أَيْ فِيمَا يَفْتَقِرُ فِيهِ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ بِأَنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْلَالُ بِمِثْلِهِ كَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ نَسِيَهَا ) أَيْ أَوْ جَهِلَهَا ( قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَإِذَا عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ لَمْ يَتَصَرَّفَا حَتَّى يُبَيِّنَ ) أَوْ أَكْثَرَ الْوُكَلَاءِ الْعَشَرَةِ أَيْ عَلَى الِاجْتِمَاعِ انْعَزَلَ سِتَّةٌ وَإِذَا عَيَّنَهُمْ فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ وَإِذَا وَكَّلَ زَيْدًا بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ قَالَ وَكَّلْت عَمْرًا بِمَا وَكَّلْت بِهِ زَيْدًا فَقِيلَ هُوَ عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ وَالْأَصَحُّ لَا

( مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ إنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ فَبَاعَ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ ) بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ ( لَمْ يَبِعْ ثَانِيًا ) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قَبْلَ بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَعَ زِيَادَةِ تَقْيِيدٍ فَلَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى مَا هُنَاكَ كَانَ أَوْلَى مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ
( قَوْلُهُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ ) أَيْ كَخِيَارِ شَرْطٍ مَأْذُونٍ فِيهِ ( قَوْلُهُ لَمْ يَبِعْ ثَانِيًا ) أَيْ لِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلِهِ عَنْ الْمَبِيعِ بِبَيْعِهِ الْمَذْكُورِ

( وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِمُبَايَعَةٍ ) أَيْ مُعَاقَدَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ ( وَلَهُ شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُوَكِّلِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَكِّلَهُ

( وَإِنْ أَمَرَهُ بِاشْتِرَاطِهِ ) أَيْ الْخِيَارِ ( لَمْ يَنْعَقِدْ ) بِعَقْدِهِ ( مُطْلَقًا ) لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ

( فَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ شِرَائِهِ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى بَعْضِهِ ) وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ فِي بَعْضِهِ لِضَرَرِ التَّبْعِيضِ ، وَإِنْ فُرِضَتْ فِيهِ غِبْطَةٌ نَعَمْ إنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَبَاعَ الْبَعْضَ بِمَا قَدَّرَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : صَحَّ ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا فَلِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِبَيْعِ الْجَمِيعِ بِمِائَةٍ رَضِيَ بِبَيْعِ الْبَعْضِ بِمِائَةٍ ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِيمَةِ فَقَالَ : يُسْتَثْنَى مَا إذَا بَاعَ الْبَعْضَ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ انْتَهَى ، وَهُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَمِيعِ أَلْفًا ، وَقَالَ : بِعْهُ بِأَلْفَيْنِ فَبَاعَ بَعْضَهُ بِأَلْفٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا الصِّحَّةَ
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةٍ فَبَاعَ بَعْضَهُ مِنْهُ بِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَصَدَ تَخْصِيصَ الشِّرَاءِ فِي الْمُعَيَّنِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُقَدَّرِ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ ( قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا الصِّحَّةَ ) كَلَامُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا مَعَ تَقْدِيرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ

( أَوْ ) أَمَرَهُ ( أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ ) أَيْ بِالْعَبْدِ ( ثَوْبًا فَاشْتَرَا ) هـ ( بِبَعْضِهِ جَازَ ) ؛ لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِشِرَاءِ الثَّوْبِ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ فَبِبَعْضِهِ أَشَدُّ رِضًا نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْبَائِعَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِقَصْدِهِ مُحَابَاتَهُ

( فَإِنْ قَالَ بِعْ ) هَذِهِ ( الْأَعْبُدَ ) أَوْ اشْتَرِهِمْ ( فَرَّقَ ) هُمْ فِي عُقُودٍ ( وَجَمَعَ ) هُمْ فِي عَقْدٍ أَيْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ ؛ إذْ لَا ضَرَرَ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَحَظُّ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ : عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ الْأَحَظَّ مِنْهُمَا فَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ ( فَإِنْ قَالَ ) : بِعْهُمْ أَوْ اشْتَرِهِمْ ( صَفْقَةً لَمْ يُفَرِّقْهَا ) لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ ( أَوْ ) قَالَ : بِعْهُمْ ( بِأَلْفٍ لَمْ يَبِعْ وَاحِدًا بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ ) لِجَوَازِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ أَحَدٌ الْبَاقِينَ بِبَاقِي الْأَلْفِ فَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ صَحَّ ، وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا قَدَّمْتُهُ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي ( ثُمَّ لَهُ بَيْعُ الْبَاقِينَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ) وَالتَّصْرِيحُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَظُّ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( اُطْلُبْ حَقِّي مِنْ زَيْدٍ فَمَاتَ ) زَيْدٌ ( لَمْ يُطَالِبْ وَارِثَهُ ) لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ ( أَوْ ) اُطْلُبْ حَقِّي ( الَّذِي عَلَى زَيْدٍ طَالَبَهُمْ ) أَيْ وَرَثَتَهُ وَلَوْ قَالَ طَالَبَهُ كَانَ أَنْسَبَ بِمَا قَبْلَهُ ( فَإِنْ لَمْ يَمُتْ جَازَ ) لَهُ ( الْقَبْضُ مِنْ وَكِيلِهِ ) كَيْفَ كَانَ ؛ لِأَنَّ دَفْعَ وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجُوزُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ

( وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ مُؤَجَّلًا ) فَبَاعَ ( فَعَلَيْهِ بَيَانُ الْغُرْمِ ) لِئَلَّا يَكُونَ مُضَيِّعًا لِحَقِّهِ ( لَا مُطَالَبَتَهُ ) فَلَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنٍ

( وَإِنْ قَالَ : أَعْطِ هَذَا الذَّهَبَ صَائِغًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ تَنْبِيهٍ ) بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْمُوَكِّلِ لَهُ بِتَبْيِينِهِ ( صَارَ ضَامِنًا لَهُ ) حَتَّى لَوْ بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ الصَّائِغِ ضَمِنَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ وَالِامْتِنَاعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَمْ يَضْمَنْ
( قَوْلُهُ إنْ قَالَ أَعْطِ هَذَا الذَّهَبَ صَائِغًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ امْتَنَعَ إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ امْتِنَاعُهُ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ إلَخْ ) مَا تَفَقُّهُهُ وَاضِحٌ وَلَكِنَّ كَلَامَهُمْ غَيْرُ شَامِلٍ لَهُ

( وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَيَّ لَمْ يَصِحَّ الْتِزَامُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَلَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَلَوْ بَاعَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ مَالِكِ الْمَبِيعِ نَعَمْ إنْ تَوَلَّى الْآمِرُ الْعَقْدَ صَحَّ لَكِنْ إنْ تَوَلَّاهُ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي لَهُ ، وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ فِيهِمَا ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ فِي الْأُولَى نَقَلَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إلَّا اسْتِحْقَاقَ الرُّجُوعِ فَسَكَتَ عَنْهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ ( أَوْ ) قَالَ : بِعْهُ مِنْهُ ( بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ ) لَك ( فَهَذَا وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ ) فَلَوْ بَاعَ صَحَّ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ

( أَوْ ) قَالَ ( اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا ) مَثَلًا ( فَفَعَلَ مَلَكَهُ الْآمِرُ ) وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ إلَيْهِ فِي الثَّوْبِ قَرْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَلَا يَكْفِي هُنَا نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ كَمَا فِي الْأَصْلِ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيع ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا ثَمَّ لَكِنْ شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهِ مَا لَيْسَ مُرَادًا كَمَا بَيَّنْتُهُ ثَمَّ ( وَرَجَعَ الْمَأْمُورُ ) عَلَى الْآمِرِ ( بِقِيمَةِ الثَّوْبِ ) وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ، وَإِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ قَرْضٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَرْضًا حَقِيقِيًّا بَلْ تَقْدِيرِيٌّ ( وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ غَرِمَ الثَّمَنَ ) مِنْ مَالِهِ ( حَبْسُ الْمَبِيعِ ) لِيَغْرَمَ لَهُ مُوَكِّلُهُ ( وَإِنْ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ ) عَلَيْهِ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ
( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا مَثَلًا إلَخْ ) أَيْ أَوْ بِدَرَاهِمِك وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَكَالَةٌ فِيهِ قَرْضٌ فَيَجُوزُ ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الثَّمَنِ وَيُغْتَفَرُ الْجَهَالَةُ بِالْمُقْرِضِ قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مَعَ أَنَّهُ قَرْضٌ إلَخْ ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ .
ا هـ .
وَأَشَارَ بِهِ إلَى الْخِلَافِ فِي الْقَرْضِ الْمُتَقَوِّمِ هَلْ الْوَاجِبُ الْمِثْلُ الصُّورِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الْقِيمَةُ فَالْوَاجِبُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْمِثْلُ لَا الْقِيمَةُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَالْحِجَازِيِّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِبَدَلِهِ

( وَإِنْ قَالَ ) الْمَدْيُونُ ( لِوَكِيلِ غَرِيمِهِ خُذْ ) هَذَا ( وَاقْضِهِ ) بِهِ ( صَارَ وَكِيلًا لِلْمَدْيُونِ ) فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مَا دَامَ بِيَدِ الْوَكِيلِ ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ بَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَدْيُونِ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ ( خُذْ ) هـ ( عَمَّا تُطَالِبُنِي بِهِ لِغَرِيمِي ) فَأَخَذَهُ ( بَرِئَ ) الْمَدْيُونُ وَلَا اسْتِرْدَادَ لَهُ ( وَكَذَا ) يَبْرَأُ ( لَوْ قَالَ ) لَهُ ( خُذْهُ قَضَاءً ) لِدَيْنِ غَرِيمِي وَفِي نُسْخَةٍ خُذْهُ قَضَاءً أَيْ الْغَرِيمَ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ غَرِيمُهُ فِي إرَادَةِ التَّوْكِيلِ صُدِّقَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ صَرَّحَ أَصْلُهُ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ فِيهِ الْمَدْيُونُ بِيَمِينِهِ
( قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِوَكِيلِ غَرِيمِهِ : خُذْ هَذَا وَاقْضِهِ بِهِ ) أَيْ أَوْ ادْفَعْهُ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ غَرِيمُهُ إلَخْ ) لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا قَضِيَّتُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ

( وَإِنْ أَعْطَى ) شَخْصٌ ( وَكِيلَهُ ) شَيْئًا ( لِيَتَصَدَّقَ ) بِهِ ( فَنَوَى ) التَّصَدُّقَ ( عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ لِلْآمِرِ ) وَلَغَتْ النِّيَّةُ

( وَلَوْ وَكَّلْت ) أَنْت ( عَبْدًا يَشْتَرِي لَك نَفْسَهُ ) أَوْ مَالًا آخَرَ مِنْ سَيِّدِهِ ( صَحَّ ) كَمَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ ، ( وَلَزِمَهُ التَّصْرِيحُ بِاسْمِك ) بِأَنْ يَقُولَ : اشْتَرَيْت نَفْسِي أَوْ كَذَا مِنْك لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ ( كَمَا يَلْزَمُك التَّصْرِيحُ بِاسْمِهِ إنْ وَكَّلَك فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ ) بِأَنْ تَقُولَ : اشْتَرَيْت عَبْدَك مِنْك لَهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالِاسْمِ فِيهِمَا ( وَقَعَ عَقْدُهُ لَهُ ) لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ الْعِتْقَ فَلَا يَنْدَفِعُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ ( وَ ) وَقَعَ ( عَقْدُك لَك ) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ لَا يَرْضَى بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ الْإِعْتَاقَ قَبْلَ تَوْفِيرِ الثَّمَنِ وَصَوَّرَ الْقَفَّالُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى بِأَنْ يُوَكِّلَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ إذْنٌ لَهُ فِي الشِّرَاءِ
( قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ : اشْتَرَيْت نَفْسِي إلَخْ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ تَقَدُّمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَخْ ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ

( وَلَوْ قَالَ أَسْلِمْ لِي فِي كَذَا ) وَأَدِّ رَأْسَ الْمَالِ ( مِنْ مَالِك وَارْجِعْ عَلَيَّ ) بِهِ فَفَعَلَ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْإِقْبَاضِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْضٌ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ : اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَدَيْنِهِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَبِأَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الْآمِرِ لَا تَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ التَّقْدِيرِيَّةَ لَا تُعْطَى حُكْمَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَقَّقَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُضَيَّقِ فِيهَا ، وَهَذَا كَمَا أَنَّا فِي بَابِ الرِّبَا لَا نَكْتَفِي بِالْمُمَاثَلَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ فَكَذَا هُنَا لَا نَكْتَفِي بِالْقَبْضِ التَّقْدِيرِيِّ وَلِهَذَا لَوْ أَحَالَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكْفِ كَمَا مَرَّ وَفِي النَّفْسِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ

( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ : أَسْلِمْ كَذَا مِنْ مَالِك إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ : لَكِنْ لَوْ قَالَ اسْتَلِفْ لِي كَذَا فِي الذِّمَّةِ وَأَسْلِمْهُ لِي فِي كُرٍّ مِنْ طَعَامٍ فَلَمَّا تَمَّ قَالَ : اقْضِ هَذَا الثَّمَنَ عَنِّي مِنْ مَالِك فَفَعَلَ صَحَّ ( فَرْعٌ ) وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فِي بَيْعٍ وَقَالَا : لَا تَبِعْ إلَّا بِحَضْرَةِ فُلَانٍ أَوْ بِعْ بِحَضْرَتِهِ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْبَتِهِ بَطَلَ وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ عُيِّنَ الْعَبْدُ ، أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ وَبَرِئَ مِنْ دَيْنِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ تَلِفَ مِنْ ضَمَانِ الْآمِرِ ، وَلَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا فَأَخَذَ الْوَكِيلُ فَرَسًا ، وَبَعَثَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى يَدِ ثَالِثٍ وَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالِاسْتِيَامِ فَاسْتَامَ وَبَعَثَهُ ضَمِنَهُ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ وَلَوْ رَكِبَهُ الثَّالِثُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمُوَكِّلُ وَاسْتَامَ بِنَفْسِهِ وَبَعَثَ ضِمْنَ وَلَوْ رَكِبَهُ الثَّالِثُ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْبَعْثِ بِلَا اسْتِيَامٍ ، وَلَمْ يَرْكَبْ الثَّالِثُ فَلَا ضَمَانَ ، وَإِنْ رَكِبَ الثَّالِثُ ضَمِنَ .
وَلَوْ قَالَ : رَكِبْت بِالْإِذْنِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ، وَلَوْ دَفَعَ شَيْئًا إلَى آخَرَ لِيَحْمِلَهُ إلَى بَلَدٍ وَيَبِيعَهُ ، وَرَدَّهُ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ ثَانِيًا بِلَا رَدٍّ إلَى الْمَالِكِ ، وَلَا إذْنٍ جَدِيدٍ صَارَ ضَامِنًا وَلَوْ بَاعَ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ دَفَعَ دِينَارًا إلَى آخَرَ لِيَدْفَعَهُ لِغَرِيمِهِ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ احْفَظْهُ لِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الدَّافِعِ لَا مِنْ ضَمَانِ الْغَرِيمِ ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ لِلْمَدْيُونِ : اشْتَرِ كُلَّ يَوْمٍ شَعِيرًا بِدِرْهَمٍ ، وَأَطْعِمْهُ حِمَارِي فَقَالَ الْمَأْمُورُ : اشْتَرَيْت وَأَطْعَمْت ، وَأَنْكَرَ الْآمِرُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَوْ دَفَعَ دَابَّةً إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهَا فَرَكِبَهَا لِلِانْتِفَاعِ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ

دَفَعَ ثَوْبًا إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَلَبِسَهُ أَوْ ارْتَدَى بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ يَخَافُ الضَّيَاعَ لَوْ لَمْ يَلْبَسْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى بَزَّازٍ لِيَبِيعَهُ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ إلَى الدَّلَّالِ لِيَعْرِضَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا فِي ذِمَّتِك فَاشْتَرَى صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ كَتَبَ عَلَيْهِ الْأَصَحُّ عَدَمُ وُقُوعِهِ لِلْمُوَكِّلِ

( وَإِذَا أَبْرَأَ وَكِيلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَبْرَأْ ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ، وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَبْرَ وَوَجْهُهُ أَنْ يُقَدَّرَ دُخُولُ الْجَازِمِ بَعْدَ إبْدَالِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ : لَسْت وَكِيلًا ، وَالسَّلَمُ لَك ) وَأَبْرَأْتنِي مِنْهُ ( نَفَذَ الْإِبْرَاءُ ظَاهِرًا أَوْ تَعَطَّلَ ) بِذَلِكَ ( حَقُّ الْمُسْلِمِ وَغَرِمَ ) لَهُ ( الْوَكِيلُ بِرَأْسِ الْمَالِ ) أَيْ قِيمَتَهُ ( لِلْحَيْلُولَةِ ) فَلَا يَغْرَمُ بَدَلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَيْ لَا يَكُونَ اعْتِيَاضًا عَنْهُ

( وَإِنْ قَالَ : اشْتَرِ لِي طَعَامًا حُمِلَ ) فِي كُلِّ مَكَان ( عَلَى الْعُرْفِ ) فِيهِ ( إنْ كَانَ ) فِيهِ عُرْفٌ كَالْحِنْطَةِ بِمَكَّةَ ، أَوْ مِصْرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ كَمَا فِي طَبَرِسْتَانَ لَمْ يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي مَجْهُولٍ

( وَإِنْ قَالَ أَبْرِي غُرَمَائِي ) وَكَانَ مِنْ غُرَمَائِهِ ( لَمْ يُبْرِ نَفْسَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ أَمْرِ الْمُخَاطِبِ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ شِئْت فَأَبْرِ نَفْسَك فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ وُكِّلَ الْمَدْيُونُ بِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) قَالَ ( أُعْطِ ثُلُثِي لِلْفُقَرَاءِ أَوْ ) أَعْطِهِ ( نَفْسَك إنْ شِئْت لَمْ يُعْطِ نَفْسَهُ ) لِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ ( لِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ ) ، قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِأَوْ أَنَّ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ ، وَلَا حَرَجَ ، وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهَا لِلتَّخْيِيرِ فَيَكُونُ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً فَيُوَافِقُ قَوْلَ الْأَصْلِ ، وَلَوْ قَالَ فَرِّقْ ثُلُثِي عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِنْ شِئْت أَنْ تَضَعَهُ فِي نَفْسِك فَافْعَلْ فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ الْمَنْعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا أَمَّا النَّقْلُ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَرَجَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَأَمَّا التَّوْجِيهُ فَالرَّافِعِيُّ وَجَّهَ الْحُكْمَ ثَمَّ بِتَوْجِيهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : تَضَادُّ الْغَرَضَيْنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا بَلْ فِيهِ وَفَاءٌ بِمَقْصُودِ الْآذِنِ ، وَالثَّانِي : اتِّحَادُ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ ، وَهُوَ مُنْتَفٍ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَوْكِيلٌ فِي صِيغَةِ عَقْدٍ فَيُؤَدِّي إلَى الِاتِّحَادِ ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا
( قَوْلُهُ لِتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ ) أَيْ الْإِقْبَاضَ وَالْقَبْضَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ الْآتِي

( وَإِنْ قَالَ : بِعْ هَذَا ثُمَّ هَذَا لَزِمَهُ التَّرْتِيبُ ) امْتِثَالًا لِأَمْرِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ عَكَسَ فَسَدَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَكَانَ كَالْعَدَمِ ، وَصَحَّ الثَّانِي كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوَّلًا ، وَهَلْ لَهُ بَيْعُ الْآخَرِ بَعْدُ ، فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ ( وَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ جُعْلَهُ ) إنْ شَرَطَ لَهُ مُوَكِّلُهُ جُعْلًا ( وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ ) أَيْ الثَّمَنُ ( مَعَهُ ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْعَمَلِ وَقَدْ عَمِلَ
قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ نَعَمْ ) هُوَ وَاضِحٌ

( وَإِنْ بَلَغَهُ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ وَصَدَّقَ ) الْمُخْبِرَ ( تَصَرَّفَ ) بِالْوَكَالَةِ جَوَازًا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْحَاكِمُ قَوْلَ الْمُخْبِرِ ( لَا إنْ كَذَّبَ ) الْمُخْبِرَ فَلَا يَتَصَرَّفُ بِالْوَكَالَةِ ( وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ ) عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ وَكَذَا إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ بَلْ تَرَدَّدَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ ( وَإِنْ سَأَلَ ) الْوَكِيلُ ( مِنْ الْمُوَكِّلِ الْإِشْهَادَ ) عَلَى نَفْسِهِ بِتَوْكِيلِهِ فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ ( حَيْثُ يُضْمَنُ ) يَعْنِي فِيمَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ ( بِجُحُودِهِ ) أَيْ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبْضِ الْمَالِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ ( لَزِمَهُ ) بَعْدَ التَّصَرُّفِ أَوْ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ بِجُحُودِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ كَإِثْبَاتِ الْحَقِّ وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَمُقَاسَمَةِ الشَّرِيكِ ( فَلَا ) يَلْزَمُهُ

( قَوْلُهُ لَا إنْ كَذَبَ الْمُخْبِرُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَضْمُونِ الْخَبَرِ ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَسْبِقَ دَعْوَاهُ الْوَكَالَةُ وَطَلَبَ الشَّهَادَةَ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لَوْ تَعَلَّقَ بِشَخْصٍ وَقَالَ : أَنْت وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَقَالَ : لَا أَعْلَمُ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَكَالَتِهِ فِي الْأَصَحِّ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقٌّ لَهُ فَكَيْفَ تُقَامُ بِهَا بَيِّنَةٌ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُورُ لَهُ قَدْ ادَّعَى غَيْرَ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى الْوَكَالَةَ لَا يُمْكِنُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ بِصِدْقِ الشَّاهِدَيْنِ وَكَذِبِهِمَا وَبِأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا عِنْدَ زَيْدٍ خَبَرٌ ، وَعِنْدَ الْحَاكِمِ شَهَادَةٌ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ حِسْبَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ عَمْرًا الْغَائِبَ وَكَّلَ زَيْدًا فَإِذَا رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا لِلْمُبَادَرَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى زَيْدٍ الْعَمَلُ بِالْوَكَالَةِ بِخَبَرِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ خُصُوصِ الشَّهَادَةِ بُطْلَانُ عُمُومِ كَوْنِ ذَلِكَ خَبَرًا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لِزَيْدٍ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى الْوَكَالَةِ وَيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ فَرْعٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ عَدْلٌ وَاحِدٌ ، وَشَهِدَ فَرَدَّهُ الْحَاكِمُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِ زَيْدٍ صِدْقُهُ جَازَ ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي التَّوْكِيلِ يَجُوزُ كَمَا قَالُوهُ فِي نَقْلِ الْإِذْنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ ، وَإِنَّمَا مَثَّلَ الرَّافِعِيُّ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لِكَوْنِهَا وِلَايَةً

( وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ لِيَطَأَهَا لَمْ يَشْتَرِ لَهُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ ) كَأُخْتِهِ وَأُخْتِ مَوْطُوءَتِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَنْ يُعَيِّنَهَا لِذِكْرِهِ لَهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَنْسَبِ بِهِ

( الْبَابُ الثَّالِثِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ وَصِفَتِهَا ) ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ) أَصْلِ ( الْوَكَالَةِ ) كَأَنْ قَالَ وَكَّلْتنِي فِي كَذَا فَأَنْكَرَ ( أَوْ فِي صِفَتِهَا ) كَأَنْ قَالَ وَكَّلْتنِي فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ الشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ فَقَالَ بَلْ نَقْدًا أَوْ بِعَشَرَةٍ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْوَكِيلُ ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ مِنْهُ .
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الِاخْتِلَافِ ) ( قَوْلُهُ : فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ ) صُورَةٌ لِمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْإِخْلَافُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ فَيُخَاصِمُهُ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْخُصُومَةِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَكَالَةَ فَأَنْكَرَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ انْعَزَلَ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْفَارِقِيِّ ، وَهُوَ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الصَّادِرِ ) ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي شَيْءٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهَا بِجُعْلٍ أَمْ لَا فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ إنَّمَا أَذِنْت بِعَشَرَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) لِمَا مَرَّ ( وَبَطَلَ الشِّرَاءُ إنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ ، وَ ) كَانَ ( الشِّرَاءُ لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ وَسَمَّاهُ ) الْوَكِيلُ ( فِي الْعَقْدِ ، وَقَالَ ) فِيهِ ( الْمَالُ لَهُ وَكَذَا ) يَبْطُلُ الشِّرَاءُ ( إنْ نَوَاهُ ) الْأَوْفَقُ بِكَلَامٍ أَصْلُهُ إنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِي الْعَقْدِ ، وَقَالَ بَعْدَهُ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ ( وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الْأُولَى وَبِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوَكِّلِ وَثَبَتَ بِيَمِينِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَبْقَى الْجَارِيَةُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ مُلْحَقَةٌ بِمَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ بَطَلَ أَيْضًا ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى وَكَالَتِهِ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا فَالْجَارِيَةُ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ التَّلَطُّفُ الْآتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ .
( وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ ) فِيمَا قَالَ بِأَنْ قَالَ لَسْت وَكِيلًا فِي الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ ( وَحَلَفَ ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ ( فَيُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ ) لِلشِّرَاءِ ( ظَاهِرًا لِلْوَكِيلِ وَيُسَلِّمُ لَهُ ) أَيْ لِلْبَائِعِ ( الْوَكِيلُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ وَيَرُدُّ لِلْمُوَكِّلِ مِثْلَ مَالِهِ ) الَّذِي سَلَّمَهُ لِلْبَائِعِ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ مَا قَدَّرْته بَعْدُ وَحَلَفَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحَلِفُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى حَسْبِ الْجَوَابِ ، وَهُوَ إنَّمَا أَجَابَ بِالْبَتِّ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَيْضًا الِاقْتِصَارُ عَلَى تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ الْوَكَالَةِ

مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَهَا وَاعْتَرَفَ بِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ كَانَ كَافِيًا فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ فَيَنْبَغِي الْحَلِفُ عَلَيْهِمَا كَمَا يُجِيبُ بِهِمَا بَلْ يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى الْمَالِ وَحْدَهُ لِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْإِثْبَاتَ إذَا اسْتَلْزَمَ النَّفْيَ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَحْلِيفَهُ عَلَى الْبَتِّ يَسْتَلْزِمُ مَحْذُورًا ، وَهُوَ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ الْغَيْرِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَسْت وَكِيلًا فِيمَا ذُكِرَ أَنَّ غَيْرَك لَمْ يُوَكِّلْك وَأُجِيبَ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْمَالُ لِلْوَكِيلِ بِمُقْتَضَى الْأَصْلِ ، وَهُوَ ثُبُوتُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ لِلْغَيْرِ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ ( وَإِنْ كَانَ ) الشِّرَاءُ لَهُ ( فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّهِ ) الْوَكِيلُ فِي الْعَقْدِ ( بَلْ نَوَاهُ ، وَقَعَ لَهُ ) أَيْ لِلْوَكِيلِ ( ظَاهِرًا ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَطَلَ الشِّرَاءُ كَنَظِيرِهِ الْآتِي وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلُ فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ ذَلِكَ ( وَإِنْ سَمَّاهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ ) فِي تَسْمِيَتِهِ ( بَطَلَ ) الشِّرَاءُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْغَيْرِ ، وَقَدْ ثَبَتَ بِيَمِينِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ بَلْ كَذَّبَهُ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ مُبْطِلٌ فِي تَسْمِيَتِهِ أَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ ( وَقَعَ ) الشِّرَاءُ ( لَهُ ) أَيْ لِلْوَكِيلِ ( ظَاهِرًا ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ صَادِقًا فَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ بَاطِنًا ) وَلِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ الثَّمَنُ ( أَوْ ) كَانَ ( كَاذِبًا وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ فَالْمِلْكُ لَهُ أَوْ بِالْعَيْنِ فَلِلْبَائِعِ ) الْمِلْكُ ( وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ ) حَيْثُ حَكَمَ بِالشِّرَاءِ

لِلْوَكِيلِ ( أَنْ يَرْفُقَ بِالْمُوَكِّلِ ) أَيْ يَتَلَطَّفَ بِهِ ( فَيَبِيعَهَا ) أَيْ الْجَارِيَةَ ( مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ ( بِالْعِشْرِينِ ) فَإِذَا قَبِلَ الْبَيْعَ مَلَكَهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَذَا فِي الْأَصْلِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهَا ظَاهِرًا فَقَطْ ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ كَذِبِ الْوَكِيلِ فَالْجَارِيَةُ لَيْسَتْ لَهُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا بَلْ لِلْبَائِعِ فَيَحْتَاجُ فِيهِ الْحَاكِمُ إلَى تَلَطُّفِهِ بِالْبَائِعِ أَيْضًا ، وَكَذَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِعِشْرِينَ فَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ ، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ ( وَلَا يَكُونُ ) بَيْعُ الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورُ ( إقْرَارًا ) بِمَا قَالَهُ الْوَكِيلُ وَلَوْ أُخِّرَ هَذَا عَمَّا بَعْدَهُ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ لَشَمَلَهُ أَيْضًا لَكِنَّ حُكْمُهُ مَفْهُومٌ مِنْ الْأَوَّلِ بِالْأَوْلَى ( وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ إنْ كُنْت أَذِنْت لَك ) فِي شِرَائِهَا ( بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكهَا بِعِشْرِينَ ) فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبِلْت ( صَحَّ ) الشِّرَاءُ ( وَاحْتُمِلَ ) هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْمَبِيعِ ( لِلضَّرُورَةِ ) ؛ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ بِعْتُك إنْ كَانَ مِلْكِي وَيُفَارِقُ عَدَمَ صِحَّةِ النِّكَاحِ فِيمَا لَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَقَالَ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَبِأَنَّهُ نَزَعَ عِرْقًا مِنْ الْعِبَادَةِ .
( فَلَوْ امْتَنَعَ ) الْمُوَكِّلُ مِنْ الْإِجَابَةِ أَوْ لَمْ يَرْفُقْ بِهِ الْحَاكِمُ فَقَدْ ظَفِرَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ ، وَهُوَ الْجَارِيَةُ ( فَلَهُ بَيْعُهَا ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ ( وَأَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا وَكَذَا إنْ اشْتَرَى جَارِيَةً ، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ ) إنَّمَا ( أَمَرْت بِغَيْرِهَا ) فَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَرَّرَ .

( قَوْلُهُ : فَرْعٌ اشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِعِشْرِينَ ) أَيْ ، وَهِيَ تُسَاوِي عِشْرِينَ فَأَكْثَرَ ( قَوْلُهُ : وَكَانَ الشِّرَاءُ لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ ) مِثْلَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَالِهِ مَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْته لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ ( قَوْلُهُ : نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ ) ، وَهُوَ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ وَحَلَفَ إلَخْ ) وَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَا عَلَى الدَّعْوَى حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً وَإِنْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالدَّعْوَى سُمِعَتْ فَإِنْ نَكَلَ فِي الصُّورَتَيْنِ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ لَا الْوَكِيلُ ( قَوْلُهُ وَحُذِفَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ مَا قَدَّرْته بَعْدُ وَحَلَفَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ إلَخْ ) أَجَابَ الْغَزِّيِّ عَنْهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ عَمَلَهُ بِالْوَكَالَةِ ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ حِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا أَمَّا إذَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَا فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى .
ا هـ .
وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَلِفَ مُطَابِقٌ لِلْجَوَابِ فَإِنَّهُ أَجَابَ بِنَفْيِ التَّوْكِيلِ ، وَالْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ فَقَالَ أَبْرَأَنِي حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ ( قَوْلُهُ ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا ادَّعَى ثُبُوتَ الْوَكَالَةِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى لِزَيْدٍ بِعَيْنِ مَالِهِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْت لِنَفْسِك وَالْمَالُ لَك كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِنَفْيِ الْأَمْرَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يُوَكِّلْك زَيْدٌ وَلَمْ يُعْطِك مَالًا ، وَإِذَا كَانَ الْإِثْبَاتُ مُسْتَلْزِمَ النَّفْيِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مَشْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ وَادَّعَى الْبَائِعُ إنَّك شَرَيْت لِنَفْسِك ، وَأَنْكَرَ

الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ إذْ النِّيَّةُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ فَلِذَلِكَ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ لَا عَلَى نَفْيِ الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ .
( قَوْلُهُ : وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ ) جَزَمَ الْقَمُولِيُّ بِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْته لَهُ وَالْمَالُ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْمُوَكِّلِ وَثُبُوتِ كَوْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَنَازَعَهُ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ سَمَّاهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَطَلَ ) مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ عَنْ الْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ الْمُخَالِفِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَسُمِّيَ الْمُوَكِّلُ وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ فَإِذَا سَمَّاهُ وَلَمْ يُمْكِنْ صَرْفُهُ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ فَإِنَّهَا مَفْرُوضَةٌ هُنَا فِي تَصْدِيقِهِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْغَيْرِ ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بَلْ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ هُنَاكَ ( قَوْلُهُ : وَاحْتُمِلَ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْبَيْعِ لِلضَّرُورَةِ ) هَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا خَرَجَتْ عَنْ قَاعِدَةِ الْبَيْعِ بِالتَّعْلِيقِ كَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ وَلَا شَرْطٍ لِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِأَنَّهَا لِلْوَكِيلِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ لِغَيْرِ الْوَكِيلِ وَلِذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ ( قَوْلُهُ : فَلَهُ بَيْعُهَا ، وَأَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهَا ) ، وَأَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيَأْخُذَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ ثُمَّ يَرُدَّهَا

لِلْمُوَكِّلِ ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ كَاذِبًا وَاشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ غُرْمٌ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ مَالَهُ وَتَعَذَّرَ الرَّدُّ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ ) الْوَكِيلُ ( مُؤَجَّلًا ) وَزَعَمَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ صُدِّقَ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ كَمَا مَرَّ ( وَ ) إذَا ( حَلَفَ الْمُوَكِّلُ ) أَنَّهُ ( مَا أَذِنَ لَهُ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي ) ، وَقَدْ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ أَنَّهُ ( مَا عَلِمَهُ وَكِيلًا أَوْ ) لَمْ يَحْلِفْ لَكِنْ ( نَكَلَ الْمُوَكِّلُ عَنْ ) الْيَمِينِ ( الْمَرْدُودَةِ ) عَلَيْهِ مِنْ الْمُشْتَرِي ( قُرِّرَ الْبَيْعُ ) لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَ ) إذَا قُرِّرَ الْبَيْعُ فِيمَا ذُكِرَ ( غَرِمَ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ الْقِيمَةَ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ( وَعِنْدَ الْحُلُولِ ) لِلْأَجَلِ إذَا لَمْ يَرْجِعْ الْوَكِيلُ عَنْ قَوْلِ الْأَوَّلِ ( يُطَالَبُ ) الْمُشْتَرِي ( بِالثَّمَنِ ) فَلَا يُطَالِبُهُ قَبْلَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِمُقْتَضَى تَصَرُّفِهِ ( وَيَسْتَوْفِي مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ ( مَا غَرِمَ ) لِلْمُوَكِّلِ ( فَإِنْ زَادَ ) الثَّمَنُ عَلَى مَا غَرِمَ ( فَهُوَ مُقِرٌّ بِالزَّائِدِ لِمَنْ لَا يَدَّعِيهِ ) ، وَهُوَ الْمُوَكِّلُ ( وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ ) فِي الْإِقْرَارِ ( وَإِنْ رَجَعَ الْوَكِيلُ ) عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ( وَصَدَّقَ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ فَهُوَ مُوجَبٌ عَقْدِهِ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِيمَا يَلْزَمُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْغَيْرِ أَوْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ ، وَهِيَ مَا غَرِمَهُ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَرَفَ آخِرًا بِفَسَادِ الْعَقْدِ ( وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ وَصَدَّقَ الْمُوَكِّلَ ) فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ فِي الْبَيْعِ مُؤَجَّلًا ( أَوْ كَذَّبَهُ وَحَلَفَ الْمُوَكِّلُ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ ) فَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ فَإِنْ تَلِفَ فَالْمُوَكِّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ غَرَّمَ الْوَكِيلَ لِتَعَدِّيهِ ، وَإِنْ شَاءَ غَرَّمَ الْمُشْتَرِيَ ، وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ

لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُوَكِّلُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ الْعَقْدُ لَهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ .
( قَوْلُهُ : وَإِذَا حَلَفَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي مَا عَلِمَهُ وَكِيلًا ) أَيْ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ وَلَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُ بِهِ قُبِلَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُنْكِرِ ( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) سَيَأْتِي هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ( قَوْلُهُ : صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ) قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( ادَّعَى الْوَكِيلُ التَّصَرُّفَ ) كَمَا أَذِنَ الْمُوَكِّلُ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ تَصَرُّفَهُ ( فَالْقَوْلُ بَعْدَ عَزْلِهِ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ ) بِيَمِينِهِ ( وَكَذَا قَبْلَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّصَرُّفِ ؛ وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْأُولَى غَيْرُ مَالِكٍ لِلتَّصَرُّفِ ( وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى التَّصَرُّفِ ) وَلَكِنْ ( قَالَ ) الْمُوَكِّلُ ( عَزَلْتُك قَبْلَهُ ) ، وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ بَعْدَهُ ( فَكَدَعْوَى ) الْمُطَلِّقِ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا ( أَنَّهُ رَاجَعَ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ( وَهِيَ تُنْكِرُهَا ) أَيْ تُنْكِرُ الْمُرَاجَعَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَفِي نُسْخَةٍ ، وَقَالَتْ بَعْدَهَا فَيُقَالُ إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْعَزْلِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ ، وَقَالَ الْوَكِيلُ بِعْت قَبْلَهُ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ فِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْبَيْعَ قَبْلُ ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْبَيْعِ وَاخْتَلَفَا فِي الْعَزْلِ فَالْمُصَدَّقُ الْوَكِيلُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ بَلْ اقْتَصَرَا عَلَى تَقْدِيمِ الْبَيْعِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْ الْعَزْلِ صُدِّقَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى ، وَلَوْ وَقَعَ كَلَامُهُمَا مَعًا صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَبَاعَ وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْإِذْنِ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعْت قَبْلَ الْبَيْعِ ، وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ بَعْدَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ وَضْعُهُ التَّصَرُّفُ مِنْ حَيْثُ الْوَكَالَةُ فَقَوِيَ جَانِبُهُ فَصُدِّقَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ مِنْ حَيْثُ الرَّهْنِيَّةُ لَيْسَ وَضْعُهُ ذَلِكَ بَلْ وَضْعُهُ وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا لَيْسَتْ شَبِيهَةً بِمَسْأَلَةِ الرَّجْعَةِ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِزَوْجٍ آخَرَ ، وَهُنَا حَصَلَ التَّصَرُّفُ وَتَعَلَّقَ الْحَقُّ بِثَالِثٍ لَا يُؤَثِّرُ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُوَكِّلِ مَعَ الْوَكِيلِ لَا فِيهِ مَعَ الْمُشْتَرِي .
(

وَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ بِعْت عَلَى ) بِمَعْنَى مِنْ ( زَيْدٍ فَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ ) الْبَيْعَ ( وَصَدَّقَ زَيْدٌ الْمُوَكِّلَ حُكِمَ بِالْبَيْعِ ) مِنْهُ ( وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) أَيْ زَيْدٍ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّصَرُّفِ ) ؛ وَلِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ ( قَوْلُهُ بِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ ) وَجْهُ تَصْدِيقِهِ أَنَّ الْأَصْلَ لَا بَيْعَ قَبْلَ الرُّجُوعِ وَلَا رُجُوعَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَتَعَارَضَانِ وَسُلِّمَ أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ .

( فَرْعٌ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَلَوْ بِجُعْلٍ مَقْبُولٌ ) بِيَمِينِهِ ( فِي ) دَعْوَى ( التَّلَفِ وَرَدِّ الْمُعَوَّضِ وَالْعِوَضِ عَلَى الْمُوَكِّلِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي ؛ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِلَا جُعْلٍ فَقَدْ أُخِذَ الْمَالُ لِمَحْضِ غَرَضِ الْمَالِكِ كَالْمُودَعِ أَوْ بِجُعْلِ فُلَانَةَ إنَّمَا أَخْذُ الْعَيْنِ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِفَاعِهِ هُوَ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ فِيهَا لَا بِهَا نَفْسِهَا ( وَ ) فِي دَعْوَى الرَّدِّ ( عَلَى رَسُولِهِ ) بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ رَسُولِهِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الرَّدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ .

( قَوْلُهُ : فَرْعُ قَوْلِ الْوَكِيلِ إلَخْ ) دَخَلَ فِي عِبَارَتِهِ الْوَكِيلُ الَّذِي هُوَ ضَامِنٌ لِمُوَكِّلِهِ دَيْنًا وَبِهِ أَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ وَجَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ قَالَ وَلَا يُتَخَيَّلُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ الدَّيْنَ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ ثُبُوتُ قَبْضِهِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّ وَكِيلَهُ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ : وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِجُعْلٍ ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِجُعْلٍ إلَى الْخِلَافِ لَكِنَّهُ فِي الرَّدِّ لَا التَّلَفِ ( قَوْلُهُ : فِي دَعْوَى التَّلَفِ ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُودَعِ ( قَوْلُهُ : وَرَدِّ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إذَا ادَّعَى الرَّدَّ مَعَ بَقَاءِ وِلَايَتِهِ أَمَّا لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عَزْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ : إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَهُوَ مُتَابِعٌ لِشَيْخِهِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ فَإِنَّهُ قَالَ : إنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ مَحَلُّهُ حَالَ قِيَامِ الْوَكَالَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَزْلِ فَلَا وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ الْفَرْقِ .
ا هـ .
وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُودَعِ ، وَهُوَ نَظِيرُهُ وَكُتِبَ عَلَى قَوْلِ السُّبْكِيّ وَيَعْضُدُهُ قَوْلُ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّ قَيِّمَ الْوَقْفِ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ : فِي الِاسْتِدَانَةِ مَا دَامَ قَيِّمًا فَإِذَا انْعَزَلَ لَا يُقْبَلُ .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَكَتَبَ أَيْضًا مَحَلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ إذَا لَمْ تَبْطُلْ أَمَانَتُهُ أَمَّا لَوْ طَالَبَهُ الْمُوَكِّلُ فَقَالَ مَا قَبَضْته مِنْك فَأَقَامَ الْمُوَكِّلُ بَيِّنَةً بِقَبْضِهِ فَقَالَ رَدَدْته إلَيْك أَوْ تَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ : فِي الرَّدِّ وَدَعْوَى الْجَابِي تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ لِلَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الْجِبَايَةِ مَقْبُولٌ وَكُتِبَ أَيْضًا مِثْلُ الْوَكِيلِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ كُلُّ أَمِينٍ

ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَاهُ عَلَى غَيْرِهِ قَوْلُهُ : وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ إلَخْ ) لَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الدَّفْعِ إلَى رَسُولِهِ فَهَلْ يَغْرَمُ الْوَكِيلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ التَّرْجِيحِ فِي نَظَائِرِهِ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ الْوَكِيلُ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ قَبَضْته وَتَلِفَ ) فِي يَدِي أَوْ دَفَعْته إلَى مُوَكِّلِي ( فَكَذَّبَهُ ) الْمُوَكِّلُ ( حَلَفَ الْمُوَكِّلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) بِقَبْضِ الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ ( وَ ) إذَا حَلَفَ ( طَالَبَ الْغَرِيمَ ) بِالدَّيْنِ ( وَلَا رُجُوعَ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْوَكِيلِ ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ .

( وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ وَادَّعَى قَبْضَ الثَّمَنِ وَتَلِفَ ) فِي يَدِهِ أَوْ دَفَعَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ فَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ ( فَإِنْ كَانَ ) اخْتِلَافُهُمَا ( قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ ) بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا ( أَوْ بَعْدَهُ وَالثَّمَنُ حَالٌّ صُدِّقَ الْوَكِيلُ ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَدَّعِي خِيَانَتَهُ بِالتَّسْلِيمِ ) لِلْمَبِيعِ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ طَالَبْتُك بِرَدِّ الْمَالِ فَامْتَنَعْت مُقَصِّرًا إلَى أَنْ تَلِفَ ، وَقَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تُطَالِبْنِي أَوْ لَمْ أُقَصِّرْ ( بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي إقْبَاضِهِ ) لِلْمَبِيعِ ( قَبْلُ ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ( أَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ ) بَعْدَ الْأَجَلِ فَالْمُصَدَّقُ الْمُوَكِّلُ لِعَدَمِ خِيَانَةِ الْوَكِيلِ بِالتَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ ( فَإِذَا ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( حَلَفَ ) فِيمَا صُدِّقَ فِيهِ ( فَفِي بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي ) مِنْ الثَّمَنِ ( وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ نَعَمْ ؛ لِأَنَّا قَبِلْنَا قَوْلَ الْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَكَيْفَ نُوجِبُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي قَالَ ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ لَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ ، وَإِنَّمَا قَبِلْنَا قَوْلَ الْوَكِيلِ فِي حَقِّهِ لِائْتِمَانِهِ إيَّاهُ وَعَلَى نَقْلِ هَذَا اقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ( فَإِنْ خَرَجَ ) الْمَبِيعُ ( مُسْتَحَقًّا رَجَعَ ) الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ ( عَلَى الْوَكِيلِ ) ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْمُوَكِّلِ لِإِنْكَارِهِ قَبْضَ الثَّمَنِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْعُهْدَةِ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةَ كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مَا هُنَا يُخَالِفُ مَا هُنَاكَ .
( وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّ بِيَمِينِهِ ) الَّتِي

دَفَعَتْ عَنْهُ الْغُرْمَ ( لَا تُثْبِتُ لَهُ حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ ، وَإِنْ بَانَ ) الْمَبِيعُ ( مَعِيبًا وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ وَغَرَّمَهُ ) الثَّمَنَ ( لَمْ يَرْجِعْ ) بِهِ ( عَلَى الْوَكِيلِ ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا ( وَكَذَا عَكْسُهُ ) بِأَنْ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ وَغَرَّمَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِنَا الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ أَنْ نُثْبِتَ لَهُ بِهَا حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَتَيْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ جَارٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ ، وَهُوَ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ تَغْرِيمٌ عَلَى الثَّانِي وَفِي نُسْخَةٍ ، وَإِنْ قُلْنَا بِبَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي وَبِأَنَّ مَعِيبًا إلَى آخِرِهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ قَدَّمَهُ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا ، وَقَدَّمَ مِنْهُمَا الثَّانِيَةَ .
وَالْوَجْهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ تَفْرِيعُهَا بِالْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَصِحُّ اخْتِصَاصُ تَفْرِيعِهَا بِهِ نَظَرًا لِجَوَازِ التَّغْرِيمِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الثَّانِي لَكِنَّ التَّغْرِيمَ لَيْسَ هُوَ الْحُكْمُ الْمَطْلُوبُ .

( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَدَّعِي خِيَانَتَهُ إلَخْ ) يُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّسْلِيمِ تَصْدِيقُ الْمُوَكِّلِ فِيمَا إذَا وَجَدْنَا السِّلْعَةَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ، وَلَكِنْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ انْتَزَعَهَا مِنْ وَكِيلِهِ ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الرَّافِعِيُّ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْعُهْدَةِ إلَخْ ) إيضَاحُهُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَاكَ فِيمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ دَعْوَى قَبْضٍ ، وَإِنْكَارٍ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَتَلِفَ ، وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَهُنَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ ، وَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ الرُّجُوعُ عَلَى شَخْصٍ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضٍ ، وَلَا إقْبَاضٍ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِنَا الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ بِيَمِينِهِ إلَخْ ) هَذَا أَصْلٌ بَنِي الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ مَسَائِلَ كَثِيرَةً ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ يَمِينٍ كَانَتْ لِدَفْعِ شَيْءٍ لَا تَتَعَدَّى إلَى إثْبَاتِ غَيْرِهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ مَوْجُودًا .
وَمِنْ نَظَائِرِهَا مَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ حُدُوثَ الْعَيْبِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ وَصَدَّقْنَا الْبَائِعَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ حَصَلَ انْفِسَاخٌ بِتَحَالُفٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَخْذِ الْأَرْشِ ، وَمَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ وَطِئَ فِي صُورَةٍ لِعُنَّةٍ فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْفَسْخِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْوَطْءِ فَإِذَا حَلَفَ ثُمَّ طَلَّقَ ، وَأَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ .

( وَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ ) لِلْوَكِيلِ ( قَبَضْت الثَّمَنَ ) فَادْفَعْهُ لِي فَأَنْكَرَ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهِ ( وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي لِاعْتِرَافِهِ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ لَكِنْ إنْ تَعَدَّى الْوَكِيلُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ غَرَّمَهُ ) الْمُوَكِّلُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ لِلْحَيْلُولَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِكَوْنِ الْقِيمَةِ قَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي لَا يُسْتَحَقُّ غَيْرُهُ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ ) بِمَالٍ دَفَعَهُ لَهُ ( فَقَضَاهُ فِي غَيْبَتِهِ ) بِدَعْوَاهُ ( فَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ ) صُدِّقَ الْغَرِيمُ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْ الْوَكِيلَ حَتَّى يَلْزَمَهُ تَصْدِيقُهُ ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ ، وَإِذَا حَلَفَ طَالَبَ الْمُوَكِّلَ بِحَقِّهِ لَا الْوَكِيلَ ، وَإِذَا أَخَذَ مِنْهُ ( ضَمِنَ ) الْوَكِيلُ ( لِلْمُوَكِّلِ ) ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْقَضَاءِ ( إذَا لَمْ يَشْهَدْ ) بِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ ( لَا إنْ دَفَعَ ) الْوَكِيلُ ( بِحَضْرَتِهِ ) فَلَا يَضْمَنُ لَهُ شَيْئًا لِنِسْبَةِ التَّقْصِيرِ حِينَئِذٍ إلَى الْمُوَكِّلِ ( وَالْقَوْلُ ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ دَفَعَ بِحَضْرَتِهِ ( قَوْلُ الْمُوَكِّلِ ) بِيَمِينِهِ فِي ( أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَضْرَةِ .

( وَإِنْ أَشْهَدَ ) الْوَكِيلُ شُهُودًا ( وَغَابُوا ) أَوْ مَاتُوا أَوْ جُنُّوا أَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا أَوْ مَسْتُورِينَ فَبَانَ فِسْقُهُمْ ( فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي رُجُوعِ الضَّامِنِ ) عَلَى الْأَصِيلِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْإِشْهَادِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْغَرِيمُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ ( وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الْيَتِيمِ ) وَلَوْ حَاكِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ( رَدَّ مَالِهِ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ ، وَهُوَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ تَصْدِيقُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَيِّمِ الْيَتِيمِ وَالْوَصِيِّ لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّ الْجَدَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْأَبُ مَعَ وَلَدِهِ كَذَلِكَ وَالسَّفِيهُ وَالْمَجْنُونُ كَالْيَتِيمِ وَالرُّشْدُ وَالْإِفَاقَةُ كَالْبُلُوغِ .
( وَلَوْ امْتَنَعَ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ ) كَالْمُودِعِ وَالْوَكِيلِ وَلَوْ بِجُعْلٍ ( مِنْ التَّسْلِيمِ ) أَيْ تَسْلِيمِ الْمَالِ لِمَالِكِهِ ( إلَّا بِالْإِشْهَادِ ) عَلَيْهِ بِالرَّدِّ ( لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ ( وَلِلْغَاصِبِ ، وَ ) كُلِّ ( مَنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ) فِي الرَّدِّ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمَدِينِ ( الِامْتِنَاعُ ) مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يَشْهَدَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّدِّ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ بِالرَّدِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ هَذَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ صَحَّحَ الْبَغَوِيّ الِامْتِنَاعَ ، وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِعَدَمِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْمَرَاوِزَةُ وَالْمَاوَرْدِيُّ مَعَ أَنَّهُ عِرَاقِيٌّ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاسْتُشْكِلَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ لِلْغَاصِبِ بِوُجُوبِ التَّوْبَةِ

عَلَى الْفَوْرِ ، وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الرَّدِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ يَسِيرٌ فَاغْتُفِرَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ مَاتُوا أَوْ جُنُّوا ) أَيْ أَوْ فَسَقُوا قَوْلُهُ : قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : فِي الْإِشْهَادِ ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ حَاكِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْقَاضِي الْعَدْلِ الْأَمِينِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَمِينِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ .
( قَوْلُهُ : وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ ) أَيْ كَالدَّارِمِيِّ ( قَوْلُهُ : لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ) فَإِنْ أَخَّرَ لِلْإِشْهَادِ ضَمِنَ ( قَوْلُهُ : صَحَّحَ الْبَغَوِيّ الِامْتِنَاعَ ) وَجَزَمَ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِتَرْجِيحِهِ ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهَا وَيُرَجَّحُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ يَرَى الِاسْتِفْصَالَ كَالْمَالِكِيِّ فَيَسْأَلُهُ هَلْ غَصَبْت أَمْ لَا ( قَوْلُهُ : وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِعَدَمِهِ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ .

( فَصْلٌ : مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ فِي يَدِهِ عَيْنٌ لِغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا ) الْأَوْلَى تَسْلِيمُهُ أَيْ أَحَدِهِمَا أَوْ تَسْلِيمُهُمَا ( لِمَنْ صَدَّقَهُ ) فِي دَعْوَاهُ ( بِأَنَّهُ وَارِثٌ ) لِلْمُسْتَحَقِّ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ ( أَوْ مُحْتَالٌ ) مِنْهُ ( أَوْ وَصِيٌّ ) لَهُ ( أَوْ مُوصًى لَهُ ) مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ بَيِّنَةً لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ حَقَّهُ ( لَا إنْ أَنْكَرَ ) ذَلِكَ ، الْأَوْلَى لَا إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ بِلَا بَيِّنَةٍ ( وَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ لِلْوَكِيلِ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً ) بِوَكَالَتِهِ ، وَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَيْهَا لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا ( لَكِنْ يَجُوزُ ) لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ ( إنْ صَدَّقَهُ ) عَلَيْهَا ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مِلْكَهُ أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ( فَإِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ ) الْحَقَّ ( وَأَنْكَرَ ) الْمُسْتَحِقُّ ( وَكَالَتَهُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا ) وَبَقِيَتْ أَخَذَهَا أَوْ أَخَذَهَا الدَّافِعُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ .
( وَ ) إنْ ( تَلِفَتْ طَالَبَ بِهَا ) أَيْ بِبَدَلِهَا ( مَنْ شَاءَ ) مِنْهُمَا ( ثُمَّ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ) بِهِ إذَا غَرِمَهُ ( لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّ الظَّالِمَ غَيْرُهُمَا ) فَلَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى ظَالِمِهِ ( إلَّا إنْ قَصَّرَ الْقَابِضُ ) لَهَا ( فَتَلِفَتْ وَغَرِمَ ) الْمُسْتَحَقَّ ( الدَّافِعُ ) لَهَا ( فَإِنَّهُ ) أَيْ الدَّافِعُ ( يَرْجِعُ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْقَابِضِ ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عِنْدَهُ وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْمُسْتَحِقُّ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْهُ وَمَالُهُ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ فَيَسْتَوْفِيهِ بِحَقِّهِ وَزَادَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ عَلَى الْقَابِضِ لَوْ أَنْكَرَ الْمَالِكُ أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ حِينَئِذٍ .
( وَإِنْ كَانَ ) الْحَقُّ ( دَيْنًا لَمْ يُطَالِبْ ) بِهِ الْمُسْتَحِقُّ ( إلَّا غَرِيمَهُ )

فَلَا يُطَالِبُ الْقَابِضَ ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ بِزَعْمِهِ وَالْمَقْبُوضُ لَيْسَ حَقَّهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَالُ الْمَدْيُونِ ( فَإِنْ أَلْزَمَ ) الْغَرِيمَ ( تَسْلِيمَهُ ) لِلْمُسْتَحِقِّ ( ثَانِيًا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ، وَإِذَا غَرِمَهُ ( فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْقَابِضِ ) لَهُ إنْ بَقِيَ وَصَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي زَعْمِهِ ( لِأَنَّهُ مَالُ مَنْ ظَلَمَهُ ) ، وَقَدْ ظَفِرَ بِهِ ( فَإِنْ تَلِفَ ) فَإِنْ كَانَ ( بِلَا تَفْرِيطٍ ) مِنْهُ ( لَمْ يَغْرَمْهُ ) ، وَإِلَّا غَرِمَهُ ( هَذَا ) كُلُّهُ ( إنْ صَرَّحَ بِتَصْدِيقِهِ ) فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةَ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَصْدِيقِهِ بَلْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ ( فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ ) أَيْ مُطَالَبَتُهُ ( وَالرُّجُوعُ ) عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا ( وَإِنْ بَانَ الْمُسْتَحِقُّ ) فِي صُورَةِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُوصَى لَهُ ( حَيًّا وَطَالَبَهُ ) أَيْ الْغَرِيمُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَغَرَّمَهُ ( رَجَعَ ) الْغَرِيمُ ( عَلَى الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُوصَى لَهُ ) بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِمْ بِخِلَافِ صُورَةِ الْوَكَالَةِ لَا رُجُوعَ فِيهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ ، وَإِنْكَارُ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَرْفَعُ تَصْدِيقَهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ ثُمَّ جَحَدَ ، وَهُنَا بِخِلَافِهِ ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَكَالْوَكَالَةِ فِي ذَلِكَ الْحَوَالَةُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَجَحْدُ الْمُحِيلِ الْحَوَالَةَ كَجَحْدِ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّافِعَ مُصَدِّقٌ لِلْقَابِضِ عَلَى أَنَّ مَا قَبَضَهُ صَارَ لَهُ بِالْحَوَالَةِ وَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَلَمَهُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ فَتُخَالِفُ الْحَوَالَةُ الْوَكَالَةَ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَطَالَبَهُ ، وَقَوْلَ أَصْلِهِ وَغَرَّمَهُ لَيْسَا عَلَى إطْلَاقِهِمَا ، وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُمَا فِي الْعَيْنِ ، وَإِنْ تَلِفَ أَمَّا فِي الدَّيْنِ

فَيَنْبَغِي رُجُوعُ الْغَرِيمِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَمْ يُغَرِّمْهُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مِلْكُهُ .
( قَوْلُهُ : لِمَنْ صَدَّقَهُ بِأَنَّهُ وَارِثٌ ) أَيْ أَوْ مَالِكُ اللُّقَطَةِ ( قَوْلُهُ : وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ ) أَيْ ، وَهُوَ رَشِيدٌ ( فَرْعٌ ) قَالَ لَك عَلَى فُلَانٍ الْمَيِّتِ أَلْفٌ دَيْنٌ ، وَلَهُ فِي يَدِي أَلْفٌ ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ قَالَ الْقَفَّالُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَالِ إلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ إرْثًا يُسْتَحَقُّ بِالدَّيْنِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّ بِإِرْثٍ وَبَيْنَ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ ( قَوْلُهُ : أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَخْ ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَصَرَّفَ فِيهِ بِتَسْلِيمِهِ لِوَكِيلِ مَالِكِهِ عِنْدَهُ وَبِأَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ عَقَبَهُ بِرَدِّهِ ، وَكَتَبَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فَإِنْ غَلَبَ جَازَ ( قَوْلُهُ : فَلَا يُطَالِبُ الْقَابِضَ ) بَاقِيًا عِنْدَهُ أَوْ تَالِفًا ( قَوْلُهُ : وَكَالْوَكَالَةِ فِي ذَلِكَ الْحَوَالَةُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَارِثِ ثُمَّ بَانَ حَيَاةُ الْمَالِكِ غَرَّمَ الدَّافِعَ وَرَجَعَ بِالْمَدْفُوعِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْحَوَالَةِ قَوْلُهُ : لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّافِعَ مُصَدِّقٌ لِلْقَابِضِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ : وَإِنْ صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِجُحُودِ الْوَكَالَةِ أَوْ الْقَبْضِ ) مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْغَرِيمِ فَأَقَامَ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا يُخَالِفُ جُحُودَهُ ( ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِقَبْلِ الْجُحُودِ ( أَوْ التَّلَفِ قَبْلَ الْجُحُودِ لَمْ يُصَدَّقْ ) لِمَصِيرِهِ خَائِنًا ( بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ وَنَحْوِهِ ) كَقَوْلِهِ مَا لَك عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ كَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِمَّا يَأْتِي إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ ( فَلَوْ أَقَامَ الْمُصَرِّحُ ) بِجُحُودِ مَا ذُكِرَ ( بَيِّنَةً ) بِمَا ادَّعَاهُ ( سُمِعَتْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي لَسَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ فَكَذَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ ( وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْجُحُودِ التَّلَفَ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ التَّلَفَ بَعْدَ الْجُحُودِ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ فِي الْحَبْسِ ) وَلِتَنْقَطِعَ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ بِرَدِّ الْعَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِخِيَانَتِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْغَاصِبُ التَّلَفَ وَمَا عَلَّلَ بِهِ هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا عَلَّلْتُ بِهِ هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَازِمًا لِلثَّانِي .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْجُحُودِ التَّلَفَ إلَخْ ) لَوْ اعْتَرَفَ بِالْأَصْلِ وَقَالَ أَرُدُّ أَوْ أَدْفَعُ دَفْعًا آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ تَالِفًا ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى التَّلَفِ السَّابِقِ سُمِعَتْ وَحَلَفَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا وَسَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ .

( فَرْعٌ : لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْخِيَانَةِ حَتَّى يُبَيِّنَهَا ) بِأَنْ يُبَيِّنَ مَا خَانَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْت بِعَشَرَةٍ وَمَا دَفَعْت إلَّا خَمْسَةً
( قَوْلُهُ : لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْخِيَانَةِ حَتَّى يُبَيِّنَهَا إلَخْ ) لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ طَالَبَتْك بِرَدِّ الْمَالِ أَوْ بِالثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ فَامْتَنَعْت مُقَصِّرًا إلَى أَنْ تَلِفَ وَقَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تَطْلُبْ ، وَلَمْ أَكُ مُقَصِّرًا أَوْ مُتَمَسِّكًا مِنْ الرَّدِّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ، وَلَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى آخَرَ لِيُودَعَهُ غَيْرَهُ ثُمَّ جَاءَ وَطَالَبَهُ فَأَنْكَرَ تَسْلِيمَ الْوَكِيلِ إلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ، وَلَوْ سَلَّمَ مَالًا إلَى آخَرَ وَقَالَ اقْضِ بِهِ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَيَّ كَانَ لِلدَّائِنِ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى وَقَالَ اشْتَرَيْت لَك وَقَالَ بَلْ لِنَفْسِك صُدِّقَ الْوَكِيلُ ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَكَالَةً ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَضَاهُ أَلْفًا ، وَلَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ فَبَيِّنَةُ الْقَضَاءِ أَوْلَى .
وَلَوْ أَنْكَرَ الْقَرْضَ مِنْ أَصْلِهِ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْإِقْرَاضِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ فَبَيِّنَةُ الْإِقْرَاضِ أَوْلَى وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ .

( فَصْلٌ : وَلَوْ صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ ) بِقَبْضِ دَيْنٍ أَوْ اسْتِرْدَادِ وَدِيعَةٍ أَوْ نَحْوِهِ ( مُدَّعِيَ التَّسْلِيمِ إلَى وَكِيلِهِ الْمُنْكِرِ ) لِذَلِكَ ( لَمْ يُغَرِّمْهُ ) أَيْ الْمُوَكِّلُ مُدَّعِيَ التَّسْلِيمِ ( بِتَرْكِهِ الْإِشْهَادَ ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ تَرَكَ الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ الْإِشْهَادَ حَيْثُ يُغَرِّمُهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا تَرَكَهُ غَرِمَ بِخِلَافِ الْغَرِيمِ ( وَيَجُوزُ عَقْدُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ ) وَنَحْوِهِمَا ( بِالْمُصَادَفَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ ) بِهِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ الْعَقْدِ ( إنْ كَذَّبَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ ) بِأَنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ مَأْذُونًا فِيهِ ( لَمْ يُؤَثِّرْ ، وَإِنْ وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي ) فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّكْذِيبِ ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ ( إلَّا إنْ أَقَامَ ) الْمُشْتَرِي ( بَيِّنَةً بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا ) لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ فَيُؤَثِّرُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ لَهُ .

( قَوْلُهُ : بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ إلَخْ ) وَبِأَنَّ حَقَّ الْوَدِيعَةِ الْإِخْفَاءُ بِخِلَافِ أَدَاءِ الْحَقِّ ( قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ عَقْدُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ بِالْمُصَادَقَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ بِهِ ) ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي الْعُقُودِ عَلَى قَوْلِ الْعَاقِدِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ بِالْمُدَافَعَةِ وَتَعَذُّرِ الْإِثْبَاتِ عِنْد أَنْفُسِهِمْ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجِ بِالْوَكَالَةِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ ، وَكَذَا عِلْمُ الْوَلِيِّ بِوَكَالَةِ وَكِيلِ الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ فَإِنَّهُ بِمَعْزِلٍ مِنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْإِذْنَ أَوْ أَقَرَّ بِهِ ، وَأَقَامَ الْعَاقِدُ بَيِّنَةً عَلَى إنْكَارِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ حُكِمَ فِي النِّكَاحِ بِالْبُطْلَانِ وَسُقُوطِ الصِّدْقِ إذَا حَلَفَ وَفِي خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ كَاذِبًا وَفِي الْبَيْعِ بِوُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ وَفِي صُورَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ التَّوْكِيلَ انْدَفَعَ النِّكَاحُ وَيَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ ، وَلَا يُصَدَّقُ بِالْيَمِينِ لِسُقُوطِهِ .

( كِتَابُ الْإِقْرَارِ ) هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ يَقِرُّ قَرَارًا إذَا ثَبَتَ وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَيُسَمَّى اعْتِرَافًا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ } وَفُسِّرَتْ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ ، وَقَوْلُهُ { أَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا } ، وَقَوْلُهُ { وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ } إلَى قَوْلِهِ { فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ } أَيْ فَلْيُقِرَّ بِالْحَقِّ دَلَّ أَوَّلُهُ عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِ الرَّشِيدِ عَلَى نَفْسِهِ وَآخِرُهُ عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى مُوَلِّيهِ ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { اُغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا } وَالْقِيَاسُ لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَأَنْ نَقْبَلَ الْإِقْرَارَ أَوْلَى .

( كِتَابُ الْإِقْرَارِ ) .
( قَوْلُهُ وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ ) أَيْ عَلَى الْمُخْبِرِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَدَعْوَى أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَشَهَادَةٌ ، وَهَذِهِ أَقْسَامُ الْخَبَرِ عَنْ خَاصٍّ وَضَبَطَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِضَابِطٍ آخَرَ ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ إنْ كَانَ ضَارًّا لِقَائِلِهِ فَهُوَ الْإِقْرَارُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَارًّا بِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَافِعًا لَهُ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ الدَّعْوَى وَالثَّانِي الشَّهَادَةُ .
ا هـ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي الْإِخْبَارُ عَنْ عَامٍّ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِغَيْرِهِ وَيَنْحَصِرُ أَيْضًا فِي ثَلَاثَةٍ الرِّوَايَةُ وَالْحُكْمُ وَالْفَتْوَى ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ مَحْسُوسٍ فَهُوَ الرِّوَايَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَهُوَ الْحُكْمُ ، وَإِلَّا فَالْفَتْوَى ( قَوْلُهُ : لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَأَنْ نَقْبَلَ الْإِقْرَارَ أَوْلَى ) لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْحَاكِمُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُكِمَ بِالْإِقْرَارِ وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ .

( وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْمُقِرُّ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ صَبِيٍّ وَزَائِلِ الْعَقْلِ بِعُذْرٍ ) كَشُرْبِ دَوَاءٍ ، وَإِكْرَاهٍ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ ، وَإِغْمَاءٍ ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُمَا مُلْغَاةٌ ( وَسَنَذْكُرُ السَّكْرَانَ ) أَيْ حُكْمَهُ ( فِي ) كِتَابِ ( الطَّلَاقِ ) .
( قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ الْمُقِرُّ ) فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مُخْتَارًا ، وَأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ حِسٌّ ، وَلَا شَرْعٌ .

( تَنْبِيهٌ ) مَنْ قَدَرَ عَلَى الْإِنْشَاءِ قَدَرَ عَلَى الْإِقْرَارِ وَمَنْ لَا فَلَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالتَّصَرُّفِ إذَا أَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ فَلَا يَنْفُذُ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْشَاؤُهُ وَمِنْ الثَّانِي إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ وَالْمَجْهُولِ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ رِقِّهِ وَبِنَسَبِهِ وَالْمُفْلِسِ بِبَيْعِ الْأَعْيَانِ وَالْأَعْمَى بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَالْوَارِثِ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ وَالْمَرِيضِ بِأَنَّهُ كَانَ وَهَبَ وَارِثَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَصِحُّ إقْرَارُهُمْ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يُمْكِنُهُمْ إنْشَاؤُهُ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُمْ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ هُوَ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَبِالْعَكْسِ أَيْ ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَهُ بَاطِنًا فَهُوَ مِلْكُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالتَّصَرُّفِ إذَا أَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ ) ، وَإِقْرَارُ وَلِيِّ الثَّيِّبِ بِنِكَاحِهَا ( قَوْلُهُ : فَلَا يَنْفُذُ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْشَاؤُهُ ) فَيُزَادُ فِي الْحَدِّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَشَارَ الْوَلِيُّ إلَى عَيْنٍ لِمَحْجُورِهِ ، وَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِ مَحْجُورِهِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ السَّبَبَ فِي الْأَصَحِّ ، وَلَوْ بَاعَهَا صَحَّ قَطْعًا ( قَوْلُهُ : وَالْمَرِيضِ بِأَنَّهُ كَانَ وَهَبَ وَارِثَهُ ، وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ ) ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا كَانَتْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ أَنَّهُ ، وَهَبَ أَجْنَبِيًّا ، وَأَقْبَضَهُ فِي الصِّحَّةِ .

( وَيُصَدَّقُ ) الشَّخْصُ ( فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ ) الْمُمْكِنِ فِي الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ ( أَوْ الْحَيْضِ الْمُمْكِنِ ) فِي الْأُنْثَى ( بِلَا يَمِينٍ ) فِيهِمَا ، وَإِنْ فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَالَ شِئْت وَنُوَزِّعُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا شَاءَ غَيْرَ الْعِتْقِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ ؛ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْيَمِينِ ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا ؛ لِأَنَّ يَمِينَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ ( وَلَا يُقْبَلُ ) قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ ( بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا ) لِإِمْكَانِهَا وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعًا فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ ( وَلَوْ طَلَبَ غَازٍ سَهْمَهُ ) عَنْ الْمُقَاتَلَةِ ( وَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ حَلَفَ ) وُجُوبًا إنْ اُتُّهِمَ وَأَخَذَ السَّهْمَ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الدَّعَاوَى وَحَكَى فِيهِ أَصْلَهُ هُنَا وَجْهَيْنِ بِلَا تَصْحِيحٍ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَحْلِيفَهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ السَّهْمَ بِعَدَمِ تَحْلِيفِهِ لِثُبُوتِ الْبُلُوغِ ، وَإِنْ فُرِضَتْ مُخَاصَمَةٌ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُولَى فِي وُجُوبِ الْبُلُوغِ فِي الْحَالِ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي وُجُودِهِ فِيمَا مَضَى ؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّ تَنَازُعَ الصَّبِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فِي بُلُوغِهِ حَالَةَ الْحَرْبِ .

( قَوْلُهُ : وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ ) الْمُرَادُ بِالِاحْتِلَامِ الْإِنْزَالُ فِي يَقَظَةٍ أَوْ مَنَامٍ ( قَوْلُهُ : مَا لَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ ) فَقَالَ شِئْت فَإِنَّ الْمَشِيئَةَ ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْصُلُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ لَكِنَّ إرَادَةَ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ اللَّافِظِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ شِئْت وَيَقُولُ نَوَيْت بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَةِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ ، وَإِرَادَةُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَقَدْ يَقُولُ شِئْت ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ شَاءَ عَدَمَ الْوُقُوعِ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُقْبَلُ بِالسِّنِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا ) قَالَ الْقَفَّالُ ، وَلَا يُقْبَلُ إلَّا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَنَّهُ بَالِغٌ ، وَلَمْ يُعَيِّنَ بِأَيِّ وَجْهٍ بَلَغَ سُمِعَتْ ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ بَالِغٌ بِالسِّنِّ لَزِمَ الْبَيَانُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَقَوْلُهُ سَمِعْت أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : لَزِمَ الْبَيَانِ ( قَوْلُهُ فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إلَخْ ) أَصَحُّهُمَا قَبُولُهُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ طَلَبَ غَازٍ سَهْمَهُ ) عَنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ طَلَبَ وَلَدُ الْمُرْتَزِقِ إثْبَاتَ سَهْمِهِ فِي الدِّيوَانِ ( قَوْلُهُ وَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ حَلَفَ ) سَأَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ أَسْلَمَ ، وَلَهُ فَرْعٌ يُمْكِنُ بُلُوغُهُ بِالِاحْتِلَامِ فَادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ الِاحْتِلَامَ فَهَلْ يَحْلِفُ أَمْ لَا فَأَجَابَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي تَحْلِيفِهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي وَلَدِ الْمُرْتَزِقِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ أَرْجَحُهُمَا التَّحْلِيفُ فَإِنْ نَكَلَ قَضَى بِإِسْلَامِهِ لَا بِالنُّكُولِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ .
( فَرْعٌ ) لَوْ بَاعَ شَيْئًا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ صَغِيرٌ

وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْلِفَ ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُقِرٌّ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا حِينَئِذٍ حَلَفَ .
وَقَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَنْبَغِي إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْعَقْدِ يُكَذِّبُ دَعْوَاهُ الصِّبَا ( قَوْلُهُ : وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأُولَى إلَخْ ) جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُك ، وَأَنْت الْآنَ صَبِيٌّ فَقَالَ بَلْ أَنَا بَالِغٌ لَمْ يَحْلِفْ ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُعْتَرِفٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ يَمِينِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى مُعَامَلَتِهِ كَانَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا لِعَدَمِ صِحَّةِ دَعْوَاهُ الصِّبَا فَأَشْبَهَ الْمَرْأَةَ إذَا أَذِنَتْ فِي النِّكَاحِ ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرَّمٌ فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهَا ، وَكَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا بِخِلَافِ الْغَازِي الَّذِي حَضَرَ الْوَقْعَةَ إذَا ادَّعَى السَّهْمَ فَإِنَّا لَمْ نُحَلِّفْهُ عَلَى الصِّبَا ، وَلَا عَلَى الْبُلُوغِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْبُلُوغِ مَقْبُولٌ ، وَإِنَّمَا حَلَّفْنَاهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ السَّهْمِ احْتِيَاطًا وَيَمِينُهُ مُوَافِقَةٌ لِدَعْوَاهُ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَتَصْحِيحُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْطَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِالْبُلُوغِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَالْحِيَازَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ قَطْعًا أَوْ يُعْكَسُ التَّصْحِيحُ .
ا هـ .

( وَإِقْرَارُ الْمُفْلِسِ مَقْبُولٌ ) فِيمَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ ( كَمَا سَبَقَ ) فِي بَابِهِ وَفِي نُسْخَةٍ مَقْبُولٌ فِي النِّكَاحِ ، وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى لِشُمُولِهَا غَيْرَ النِّكَاحِ كَمَا سَبَقَ .

ثُمَّ ( لَا ) إقْرَارُ ( السَّفِيهِ ) فَلَا يَصِحُّ بِمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَجْرِ ( وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِالنِّكَاحِ ) لِمَنْ صَدَّقَهَا كَالرَّشِيدَةِ إذْ لَا أَثَرَ لِلسَّفَهِ فِي النِّكَاحِ مِنْ جَانِبِهَا وَسَيَأْتِي فِيهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَيُفَارِقُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ إقْرَارَ السَّفِيهِ بِأَنَّ فِي إقْرَارِهَا تَحْصِيلَ مَالٍ وَفِي إقْرَارِهِ تَفْوِيتَ مَالٍ .
( قَوْلُهُ : وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِالنِّكَاحِ ) بِأَنْ تَقُولَ زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيٌّ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ وَرِضَايَ إنْ كَانَ شَرْطًا .

( وَ ) يُقْبَلُ إقْرَارُ ( الرَّشِيدِ بِجِنَايَتِهِ فِي الصِّغَرِ ) كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ عَنْ الْمَحْجُورِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَالْمُقْتَرَضِ وَالْمَبِيعِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاخَذَ بِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْجِنَايَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِإِتْلَافِهِ مَالًا .
قَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ ) مَا بَحَثَهُ وَاضِحٌ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ ( قَوْلُهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاخَذَ بِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَالٍ وَكَذَّبَهُ ) الْأَوْلَى وَلَمْ يُصَدِّقْهُ ( السَّيِّدُ اخْتَصَّ ) أَيْ الْمَالُ أَيْ نَفْسُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَوْ بَاقِيَةً ( بِذِمَّتِهِ ) يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ لَا بِرَقَبَتِهِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ ( إلَّا ) إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ وَأَقَرَّ ( بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ وَصَرَّحَ بِهَا الْمَأْذُونُ ) لَهُ ( قَبْلَ الْحَجْرِ ) عَلَيْهِ فَلَا يَخْتَصُّ بِذِمَّتِهِ بَلْ يُؤَدِّيهِ مِنْ كَسْبِهِ وَمَا فِي يَدِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إقْرَارَ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَلَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ ، وَإِقْرَارَ الْمَأْذُونِ لَهُ بِمَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْقَرْضِ ، وَإِقْرَارَهُ الْمُطْلَقَ بِأَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَمْ يُعَيِّنْ جِهَتَهُ ، وَإِقْرَارَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ فَمَا أَقَرَّ بِهِ فِيهَا مُخْتَصٌّ بِذِمَّتِهِ فَلَا يُقْبَلُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي حَقِّ سَيِّدِهِ ، وَإِنَّمَا قُبِلَ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنٍ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ وَيُطَالَبُ بِهِ أَيْضًا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ ، وَهُوَ حَاصِلٌ قَطْعًا عَنْ قُرْبٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْإِقْرَارِ الْمُطْلَقِ مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ ، وَإِلَّا فَلْيُرَاجَعْ لِقَبُولِ إقْرَارِهِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمُفْلِسِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ السَّيِّدُ فَإِقْرَارُهُ مَقْبُولٌ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ وَأَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لِتَقْصِيرِ مُعَامَلَةٍ ، ( وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بِمُوجِبِ الْحَدِّ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ كَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ ( وَ ) مُوجِبِ ( الْقِصَاصِ ) كَقَتْلٍ ، وَقَطْعِ طَرَفٍ ( مَقْبُولٌ ) مِنْهُ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ نَفْسٍ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْآلَامِ ؛ وَلِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَطَعَ عَبْدًا بِإِقْرَارِهِ

( وَالدَّعْوَى ) تَكُونُ ( عَلَيْهِ فِيهِ ) أَيْ فِيمَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ ( وَحَيْثُ ) أَيْ وَمَا ( لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ ) بِهِ كَالْمَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ إذَا صَدَّقَهُ السَّيِّدُ ( فَالدَّعْوَى ) فِيهِ ( عَلَى السَّيِّدِ ) ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْمَالُ حَقُّهُ ( إلَّا أَنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ فَتُسْمَعُ ) الدَّعْوَى ( عَلَيْهِمَا ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّعَاوَى نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ سَيَأْتِي فِيهِ ثَمَّ مَزِيدُ كَلَامٍ .

( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِمَالٍ إلَخْ ) لَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ وَبَانَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا صَحَّ الْإِقْرَارُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ( قَوْلُهُ إلَّا بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ ) فِي نُسْخَةٍ غَيْرِ قَرْضٍ .
ا هـ .
وَمِثْلُ الْقَرْضِ الشِّرَاءُ فَاسِدًا ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ ( قَوْلُهُ ، وَإِقْرَارَ الْمَأْذُونِ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْقَرْضِ إلَخْ ) اسْتَشْكَلَهُ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ إنْ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَالْقَرْضُ فَاسِدٌ أَوْ لِلتِّجَارَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ .
ا هـ .
كَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ اقْتَرَضَهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ ) فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ حَقِّ السَّيِّدِ ( قَوْلُهُ : مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمُفْلِسِ ) أَجَابَ عَنْهُ الْقَايَاتِيُّ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ ( قَوْلُهُ : أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ السَّيِّدُ ) أَيْ ، وَلَمْ يَكُنْ مَرْهُونًا ، وَلَا جَانِيًا ( قَوْلُهُ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لِتَقْصِيرِ مُعَامِلِهِ ) أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ صَغِيرًا أَوْ نَحْوَهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْبَدَلُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
( تَنْبِيهٌ ) الْقَاعِدَةُ أَنَّ ضَمَانَ الْمَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَبْدِ إنْ وَجَبَ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَإِبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ، وَإِنْ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ دُونَ سَيِّدِهِ كَبَدَلِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ كَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ ، وَإِنْ وَجَبَ بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ وَالسَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تِجَارَةً كَالنِّكَاحِ وَالضَّمَانِ وَالشِّرَاءِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ أَكْسَابِهِ ، وَمَالِ تِجَارَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ تِجَارَةً تَعَلَّقَ بِرَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ ، وَأَكْسَابِهِ .
( قَوْلُهُ : وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْبَغَوِيّ ) ،

وَهُوَ الْأَصَحُّ

( فَلَوْ ) أَقَرَّ بِقِصَاصٍ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ ( عَفَا الْمُقْتَصُّ بِمَالٍ تَعَلَّقَ ) الْمَالُ ( بِرَقَبَتِهِ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِالْعُقُوبَةِ وَالْمَالُ ثَبَتَ بِالْعَفْوِ وَاحْتِمَالُ تُهْمَةِ الْمُوَاطَأَةِ أَضْعَفَتْهُ الْمُخَاطَرَةُ .

( وَإِذَا أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ تُوجِبُ الْقَطْعَ قُطِعَ ) كَمَا مَرَّ ( وَلَمْ يُنْزَعْ الْمَالُ ) الْمَسْرُوقُ ( مِنْ يَدِهِ ) وَلَا مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ إنْ كَانَ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( إلَّا بِتَصْدِيقِ سَيِّدِهِ ) فَيُنْزَعُ كَمَا لَوْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ ( فَإِنْ تَلِفَ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ ) لِتَعَلُّقِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ فِدَاءَهُ ( وَلَا يُتْبَعُ بَعْدَ الْعِتْقِ ) عَلَى الْجَدِيدِ ( بِمَا زَادَ ) مِنْ الْمَالِ ( عَنْ قِيمَتِهِ ) إنْ زَادَ إذْ لَا يَجْتَمِعُ التَّعَلُّقُ بِالرَّقَبَةِ مَعَ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ بَلْ بِالذِّمَّةِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ كَمَا مَرَّ .

( وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ ) وَأَقَرَّ بِدَيْنِ إتْلَافٍ ( يَلْزَمُهُ نِصْفُ مَا أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ ) وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فَيَتَعَلَّقَ نِصْفُ مَا أَقَرَّ بِهِ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَحَيْثُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ قُبِلَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ وَقُضِيَ مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَإِلَّا فَإِقْرَارُهُ كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ .
وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ إلَى الْعِتْقِ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُخِّرَتْ فِي كَامِلِ الرِّقِّ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَالْمُبَعَّضُ يَمْلِكُ .
( قَوْلُهُ : وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ إلَخْ ) إقْرَارُ الْمُكَاتَبِ فِي الْبَدَنِ وَالْمَالِ كَالْحُرِّ وَيُؤَدِّيهِ مِمَّا فِي يَدِهِ فَإِنْ عَجَزَ نَفْسُهُ ، وَلَا مَالَ مَعَهُ فَدُيُونُ مُعَامَلَاتِهِ يُؤَدِّيهَا بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ فِي رَقَبَتِهِ تُؤَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ ( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ إلَخْ ) مَا بَحَثَهُ مَرْدُودٌ إذْ مَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ فِي نِصْفِهِ الرَّقِيقِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا مَلَكَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ .

( فَرْعٌ : لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى عَبْدِهِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ كَقَتْلٍ ، وَقَطْعِ طَرَفٍ وَزِنًا ( وَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ وَيُقْبَلُ ) إقْرَارُهُ عَلَيْهِ ( بِدَيْنِ جِنَايَةٍ وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ) فَلَوْ بِيعَ فِيهِ وَبَقِيَ شَيْءٌ لَمْ يُطَالِبْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ ، وَإِنْ صَدَّقَهُ ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ أَنَّهُ يُطَالِبُ بِهِ إنْ صَدَّقَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَدِيمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ .
( قَوْلُهُ : لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى عَبْدِهِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ فِي اللَّطِيفِ : إقْرَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ وَعَلَى غَيْرِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَهُوَ إذَا أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِوَارِثٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ ، وَلَحِقَ مَنْ أَقَرُّوا عَلَيْهِ قَالَ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ أَوْ قَطَعَ أَوْ سَرَقَ فَإِنَّ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ضَرَرَ سَيِّدِهِ .

( وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِإِتْلَافٍ ) لِمَالٍ لِغَيْرِهِ ( قَبْلَهُ يَلْزَمُهُ ) بِهِ الْمَالُ لَا سَيِّدَهُ ( وَ ) لَوْ ثَبَتَ ( بِالْبَيِّنَةِ ) أَنَّهُ كَانَ جَنَى ( يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ ، وَالْأَرْشُ وَالدَّعْوَى ) عَلَى الْعَبْدِ ( بِمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ ) كَدَيْنِ مُعَامَلَةٍ ( كَالدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ ) فَلَا تُسْمَعُ وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ التَّشْبِيهَ فِي عَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ .

( فَرْعٌ : يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ ) مَرَضَ الْمَوْتِ بِالنِّكَاحِ وَمُوجِبِ الْعُقُوبَاتِ وَبِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ ( لِلْأَجْنَبِيِّ ) كَالصَّحِيحِ ( وَيُسَاوِي ) إقْرَارُهُ ( الْبَيِّنَةَ ) فِي الْقَبُولِ ( وَكَذَا ) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ ( لِلْوَارِثِ ) وَيُسَاوِي الْبَيِّنَةَ كَالصَّحِيحِ ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُحِقٌّ وَلَا يَقْصِدُ حِرْمَانَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ يَصْدُقُ فِيهَا الْكَذُوبُ وَيَتُوبُ فِيهَا الْفَاجِرُ ، وَالتَّصْرِيحُ بِذَكَرِهِ مُسَاوَاةَ إقْرَارِهِ لِلْبَيِّنَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ ) كَانَ إقْرَارُهُ لَهُ ( بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ ) لَهُ ( فِي الصِّحَّةِ ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِتَحْصِيلِ الْبَرَاءَةِ بِتَقْدِيرِ صِدْقِهِ وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ أَيْضًا بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ فِي الْمَرَضِ لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ كَمَا سَيُعْلَمُ فِي الْوَصِيَّةِ .

( قَوْلُهُ : فَرْعٌ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَيُسَاوِي الْبَيِّنَةَ ، وَكَذَا لِلْوَارِثِ ) أَيْ كَإِقْرَارِ الزَّوْجَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كَانَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ أَنْ يُقِرَّ لِي بِهِ لِكَوْنِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَبَطَلَ ع وَبِهَذَا أَفْتَيْت ، وَإِنْ قَالَ الْقَفَّالُ لَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ تَحْلِيفَ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ .
ا هـ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ مِلْكُهُ لِلْعَيْنِ فِي حَالَةِ مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهَا مُطْلَقًا وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ عَنْ هِبَةٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ عَنْ مُعَاوَضَةٍ لَا مُحَابَاةَ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُعَاوَضَةِ ، وَهِيَ نَظِيرُ الْأَبِ يُقِرُّ لِوَلَدِهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ يُفَسِّرُهُ بِالْهِبَةِ لِيَرْجِعَ فِيهِ فَيُقْبَلُ فِي الْأَصَحِّ حَمْلًا لِلْإِقْرَارِ عَلَى أَضْعَفِ الْمِلْكَيْنِ ، وَأَدْنَى السَّبَبَيْنِ .
( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُحِقٌّ إلَخْ ) ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ لَنَفَذَ ، وَكَذَا فِي الْمَرَضِ كَالْأَجْنَبِيِّ ، وَلَا تُهْمَةَ فَإِنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى الْآخِرَةِ فَهُوَ أَدْعَى لِصِدْقِهِ ، وَإِنْ سَلَّمَ فَالتُّهْمَةُ أَيْضًا مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا أَقَرَّ لِأَخِيهِ ، وَلَا وَلَدَ لَهُ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ ، وَقَدْ سَلَّمَ الْخَصْمُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لَهُ وَمُنْتَفِيَةٌ عَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِأَخِيهِ ، وَلَهُ ، وَلَدٌ فَمَاتَ وَصَارَ الْأَخُ وَارِثَهُ وَقَالَ إنَّ الْإِقْرَارَ يَبْطُلُ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ لَهُ فِي الصِّحَّةِ ) فَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصِّحَّةِ بَلْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ ، وَهَبَ وَارِثَهُ كَذَا أَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ عُرِفَ أَنَّهَا كَانَتْ لِلْمَرِيضِ هَذِهِ مِلْكٌ لِوَارِثِي نَزَلَ ذَلِكَ عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ .

( وَلَا يُقَدَّمُ ) فِيمَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ وَفِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ ( إقْرَارُ الصِّحَّةِ ) عَلَى إقْرَارِ الْمَرَضِ بَلْ يَتَسَاوَيَانِ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ ( بَلْ لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ ) عَلَى الْمُوَرِّثِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ لِآخَرَ ( أَوْ حَدَثَ ضَمَانٌ ) لِإِنْسَانٍ عَلَيْهِ ( مِنْ حَفْرٍ تَعَدَّى بِهِ حَيًّا شَارَكَ صَاحِبَهُ ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الدَّيْنِ وَالضَّمَانِ ( الْغُرَمَاءَ ) ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ فِعْلُ الْمَرِيضِ ، وَإِقْرَارُ وَارِثِهِ كَإِقْرَارِهِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْتَغْرِقًا أَمْ لَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ فِي الْإِرْثِ ، وَهُمَا مُسْتَغْرِقَانِ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ ، وَهِيَ مُصَدِّقَةٌ لَهُ ضَارَبَتْ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ الدَّيْنِ مَعَ أَصْحَابِ الدُّيُونِ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ صَدَرَ مِمَّنْ عِبَارَتُهُ نَافِذَةٌ فِي سَبْعَةِ أَثْمَانٍ فَعَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهَا كَعَمَلِ عِبَارَةِ الْحَائِزِ فِي الْكُلِّ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِمُشَارِكِهِ إلَخْ ) وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ ، وَهُوَ مِنْ النَّفَائِسِ .

( وَإِنْ صَدَّقَ الْوَارِثُ ) فِيمَا لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الْمُوَرِّثَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ مَثَلًا وَآخَرُ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ ( مُدَّعِيَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ أَوْ بِالْعَكْسِ ) بِأَنْ صَدَّقَ مُدَّعِيَ الدَّيْنِ ثُمَّ مُدَّعِيَ الْوَصِيَّةِ ( أَوْ صَدَّقَهُمَا مَعًا قُدِّمَ الدَّيْنُ ) عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ ثَبَتَا بِالْبَيِّنَةِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ .

( وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ ) لِإِنْسَانٍ ( بِدَيْنٍ ) وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا ( ثُمَّ ) لِآخَرَ ( بِعَيْنٍ قُدِّمَ صَاحِبُهَا ) كَعَكْسِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ ؛ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ لَا يَتَضَمَّنُ حَجْرًا فِي الْعَيْنِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِنُفُوذِ التَّبَرُّعَاتِ مِنْ الْمَرِيضِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صُرِّحَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ نَعَمْ لَوْ قَضَى فِي مَرَضِهِ دُيُونَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ الْمَالُ بِجَمِيعِ الدُّيُونِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ ( أَوْ ) أَقَرَّ ( بِإِعْتَاقِ أَخِيهِ فِي الصِّحَّةِ عَتَقَ وَوَرِثَ ) إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ غَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ( أَوْ ) أَقَرَّ ( بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ ) لِتَرِكَتِهِ ( عَتَقَ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَبَرُّعٌ .
( قَوْلُهُ : فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ ) بِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } جَعَلَ الْإِكْرَاهَ مُسْقِطًا لِحُكْمِ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى مَا عَدَاهُ وَصُورَةُ إقْرَارِهِ أَنْ يُضْرَبَ لِيُقِرَّ ( فَلَوْ ضُرِبَ لِيُصَدَّقَ ) فِي الْقَضِيَّةِ ( فَأَقَرَّ ) حَالَ الضَّرْبِ أَوْ بَعْدَهُ ( لَزِمَهُ ) مَا أَقَرَّ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَهُنَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيُصَدَّقَ وَلَا يَنْحَصِرُ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ ( وَ ) لَكِنْ ( يُكْرَهُ إلْزَامُهُ حَتَّى يُرَاجِعَ وَيُقِرَّ ثَانِيًا ) نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ ذَلِكَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ ، وَقَبُولُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ مُشْكِلٌ ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُكْرَهِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مُكْرَهًا وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْته ثُمَّ قَالَ ، وَقَبُولُ إقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ فِيهِ نَظَرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعَادَةُ الضَّرْبِ إنْ لَمْ يُقِرَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ إقْرَارِهِ فِي الْحَالَيْنِ ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ فِي هَذِهِ الْأَمْصَارِ مَعَ ظُلْمِ الْوُلَاةِ وَشِدَّةِ جَرَاءَتِهِمْ عَلَى الْعُقُوبَاتِ ، وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَبَالَغَ فَقَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ .
( قَوْلُهُ : ثُمَّ قَالَ وَقَبُولُ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا انْحَصَرَ الصِّدْقُ فِيهِ وَعَلِمَهُ الْمُكْرِهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَلِّيهِ إلَّا بِهِ قَالَ الْعَلَائِيُّ : وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ أَثَرٌ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : فَقَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ حَالَ الضَّرْبِ أَوْ بَعْدَهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ ضُرِبَ ثَانِيًا .

( الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُقَرُّ لَهُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الِاسْتِحْقَاقِ ) لِلْمُقَرِّ بِهِ ( فَالْإِقْرَارُ لِلدَّابَّةِ ) كَأَنْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةِ أَوْ لِدَابَّةِ فُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا ( بَاطِلٌ ) نَعَمْ لَوْ أَضَافَهُ إلَى مُمْكِنٍ كَالْإِقْرَارِ بِمَالٍ مِنْ وَصِيَّةٍ وَنَحْوِهَا صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي الْمَمْلُوكَةِ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِخَيْلٍ مُسَبَّلَةٍ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَالْإِقْرَارِ لِمُقْبَرَةٍ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَّةٍ ، وَقَفَ عَلَيْهَا أَوْ وَصِيَّةٍ لَهَا ، وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ ( فَلَوْ قَالَ عَلَيَّ لِمَالِكِهَا ) أَيْ الدَّابَّةِ ( بِسَبَبِهَا أَلْفٌ ) مَثَلًا ( قُبِلَ ) وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا أَوْ اسْتَعْمَلَهَا مُتَعَدِّيًا وَيَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِمَالِكِهَا حِينَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِمَالِكِهَا لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ لِمَالِكِهَا فِي الْحَالِ وَلَا لِمَالِكِهَا مُطْلَقًا بِأَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ فَأَتْلَفَتْ لِإِنْسَانٍ شَيْئًا بَلْ يُسْأَلُ وَيُحْكَمُ بِمُوجِبِ بَيَانِهِ ، وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ بِسَبَبِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذُكِرَ .

( قَوْلُهُ : وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُقَرِّ بِهِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِدُونِهِ كَذِبٌ ( قَوْلُهُ فَالْإِقْرَارُ لِلدَّابَّةِ بَاطِلٌ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا ، وَلَا تَسْتَحِقُّهُ ( قَوْلُهُ : فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ ) كَالْمَاوَرْدِيِّ ( قَوْلُهُ : وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا إلَخْ ) أَوْ جَنَتْ عَلَى مَالِ الْمَالِكِ فِي حَالِ رُكُوبِ الْمُقِرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَيَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِمَالِكِهَا حِينَ الْإِقْرَارِ ) ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ ، وَإِنْ اُحْتُمِلَ أَنْ يُرِيدَ مَالِكًا آخَرَ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ تَدُلَّ الْحَالُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا أَوْ اتَّهَبَهَا أَوْ قَبِلَ الْوَصِيَّةِ بِهَا فَقَالَ قَائِلٌ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ ذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى مَالِكِهَا الْآنَ قَطْعًا ( قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِمَالِكِهَا إلَخْ ) اعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْإِمَامَ نَقَلَ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى مَالِكِهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُقَرَّ لَهُ وَظَاهِرُ الْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ يُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ .
ا هـ .
وَحِينَئِذٍ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مُوَافِقٌ لِبَحْثِ الْإِمَامِ دُونَ مَنْقُولِهِ .

( وَالْإِقْرَارُ لِلْعَبْدِ إقْرَارٌ لِلسَّيِّدِ ) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ أَوْ اكْتَرَاهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ مُتَعَدِّيًا وَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ كَالْإِضَافَةِ فِي الْهِبَةِ وَسَائِرِ الْإِنْشَاءَاتِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَقَضِيَّةُ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لِسَيِّدِهِ مَا أُقِرَّ بِهِ لَهُ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ اسْتِنَادُهُ إلَى أَمْرٍ فِي حَالِ رِقِّ ذَلِكَ السَّيِّدِ فَقَدْ يَكُونُ ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهِ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهِ وَكُفْرِهِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ فَكَيْفَ يُصْرَفُ لِسَيِّدِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فِي حَالِ رِقِّ غَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَلَوْ رَدَّ الْقِنُّ الْإِقْرَارَ وَكَانَ مَأْذُونًا لَهُ ارْتَدَّ ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قَالُوهُ الْمُكَاتَبُ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ وَالْمَوْقُوفُ فَيَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ بِنِسْبَتَيْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَيَخْتَصَّ بِذِي النَّوْبَةِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ .

( قَوْلُهُ : وَالْإِقْرَارُ لِلْعَبْدِ إقْرَارٌ لِلسَّيِّدِ ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ لِعَبِيدٍ مَوْقُوفِينَ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ كَمَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ رِبَاطًا أَوْ غَيْرِهِمَا إذْ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَالْإِيصَاءُ لَهُمْ صَحِيحَانِ وَيُصْرَفُ فِي مُؤَنِهِمْ ، وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا بَيَّنَ جِهَةَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ الْمُسَبَّلَةِ ، وَأَوْلَى ( قَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّةُ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ ، وَلَوْ رَدَّ الْقِنُّ الْإِقْرَارَ إلَخْ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُ مَا قَالَاهُ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْقَمُولِيِّ فِي جَوَاهِرِهِ ، وَهِيَ وَلَوْ رَدَّ الْعَبْدُ الْإِقْرَارَ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا ارْتَدَّ ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ .
ا هـ .
فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِذْنِ فِي الرَّدِّ فَلَا إشْكَالَ ، وَكَذَا إنْ حُمِلَ عَلَى إقْرَارٍ بِقِصَاصٍ أَوْ نَحْوِهِ .
( فَرْعٌ ) قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالتَّذْكَارِ ، وَلَوْ أَقَرَّ لِعَبْدٍ بِالنِّكَاحِ أَوْ الْقِصَاصِ صَحَّ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لِلسَّيِّدِ وَقَالَ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَصْدِيقِهِ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ ( قَوْلُهُ : وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ ) الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى تَفْسِيرِهِ فَقَدْ يَكُونُ لِمَالِكِ رَقَبَتِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ .

( وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلٍ ) بِشَيْءٍ ( وَأَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُمْكِنُ فِي حَقِّهِ ( لَزِمَهُ ) ؛ لِأَنَّ مَا أَسْنَدَهُ إلَيْهِ مُمْكِنٌ ( وَكَذَا ) يَلْزَمُهُ ( إذَا أَطْلَقَ ) أَيْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى شَيْءٍ حَمْلًا عَلَى الْجِهَةِ الْمُمْكِنَةِ فِي حَقِّهِ ( لَا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ بَاطِلَةٍ كَالْبَيْعِ ) وَالْإِقْرَاضِ كَقَوْلِهِ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا أَوْ أَقْرَضَنِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِكَذِبِهِ ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ فِيهِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَطَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ جَزَمَ بِهَا أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَطَرِيقَةُ الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ ذَكَرَهَا الْمَرَاوِزَةُ وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مَمْنُوعٌ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَطَعَ بِإِلْغَاءِ الْإِقْرَارِ وَمَا عَزَاهُ لِلْمُحَرِّرِ بَنَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرِّرِ ، وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فَلَغْوٌ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ فَالْإِقْرَارُ لَغْوٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُرَادُهُ فَالْإِسْنَادُ لَغْوٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ .
وَإِذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ ( فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ ) وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أُسْنِدَ إلَيْهِ ( وَيَكُونُ ) الْمُقَرُّ بِهِ فِيمَا إذَا أَسْنَدَهُ إلَى ذَلِكَ ( لِلْوَرَثَةِ ) أَيْ وَرَثَةِ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي أَوْ لِغَيْرِهِمْ مِمَّا أُسْنِدَ إلَيْهِ ، وَإِنْ أَطْلَقَهُ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ( أَوْ ) انْفَصَلَ ( حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ اسْتَحَقَّ ) ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وُجُودَهُ يَوْمَئِذٍ ، وَقَوْلُهُمْ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ صَوَابُهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حِينِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْحَمْلِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ

مَعَ عَدَمِهِ عِنْدَ السَّبَبِ لَا يُفِيدُ ( وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ ) صَوَابُهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ ( إنْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ فِرَاشًا ) لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ أَوْ لَا سَبَبَ يُحَالُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لِتَيَقُّنِ عَدَمِهِ يَوْمَئِذٍ ( فَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى ) وَاحِدَةً ( وَهُوَ ) أَيْ الْمُقَرُّ بِهِ ( إرْثٌ مِنْ أَبٍ ) لَهَا مَثَلًا ( أُعْطِيت النِّصْفَ أَوْ ) وَلَدَتْ ( ذَكَرًا ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُقَرُّ بِهِ إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً ( أَوْ ) وَلَدَتْ أُنْثَى وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَالْمُقَرُّ بِهِ ( وَصِيَّةً فَالْكُلُّ ) لِلْوَلَدِ ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ إنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ وَأَثْلَاثًا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ وَاقْتَضَتْ جِهَتُهُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَتْ التَّسْوِيَةَ كَوَلَدَيْ أُمٍّ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الثُّلُثِ .
( وَفِي مُطْلَقِ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ ) لِلْحَمْلِ إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بَلْ ( يُسْتَفْهَمُ ) الْمُقِرُّ عَنْ الْجِهَةِ وَيُحْكَمُ بِمُقْتَضَاهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ لِهَذَا الِاسْتِفْهَامِ طَالِبٌ مُعَيَّنٌ وَكَانَ الْقَاضِي يَسْتَفْهِمُ حِسْبَةً لِيَصِلَ الْحَقُّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ ( فَإِنْ مَاتَ ) الْمُقِرُّ ( قَبْلَ الْبَيَانِ فَكَمَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ فَرَدَّهُ ) أَيْ فَيَبْطُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَمَّا إذَا انْفَصَلَ حَيًّا لِلْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فَالْكُلُّ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، وَإِنْ انْفَصَلَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَهُوَ لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ حَيٌّ وَمَيِّتٌ فَالْمَيِّتُ كَالْمَعْدُومِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُسْنَدَ إلَى جِهَةٍ بَاطِلَةٍ إذَا قُلْنَا بِصِحَّتِهِ كَالْإِقْرَارِ الْمُطْلَقِ فِيمَا ذُكِرَ ( أَوْ ) مُطْلَقِ الْإِقْرَارِ ( بِالْإِرْثِ ، وَقَدْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى سُئِلَ ) الْمُقِرُّ ( عَنْ

جِهَةِ الْإِرْثِ ) وَحُكِمَ بِمُقْتَضَاهَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَابْنُ الصَّبَّاغِ .
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا نُقِلَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَلَمْ يُورِدْ الْبَغَوِيّ وَالْفُورَانِيُّ سِوَاهُ وَوَجَّهَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ التَّسَاوِي حَتَّى يُعْلَمَ سَبَبُ التَّفَاضُلِ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) سُؤَالُهُ ( سُوِّيَ بَيْنَهُمَا ) .

( قَوْلُهُ : وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ اسْتَدَنْته أَوْ غَصَبْته ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْهُ ، وَلَا مِنْ أَبِيهِ ( قَوْلُهُ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا أَوْ أَقْرَضَنِيهِ إلَخْ ) فَإِنْ قَدَّمَ ذِكْرَ السَّبَبِ فَقَالَ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ ابْتَعْته مِنْ الْحَمْلِ عَلَى أَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا ( قَوْلُهُ : وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ يَشْهَدُ لِمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ ( قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ ) ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَقْوَى ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالزَّرْكَشِيُّ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعَجِيبٌ مِنْ فَهْمِ الْمُصَنِّفِ عَلَى جَلَالَتِهِ خِلَافَهُ .
( تَنْبِيهٌ ) وَلَوْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ بِمَالٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِحَمْلٍ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ : مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ ) أَيْ إنْ لَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الْمُدَّةُ مِنْهُ ( قَوْلُهُ : مِنْ حِينِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ ) فَالِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِرَاثَةِ بِوَقْتِ الْإِيصَاءِ فِي صُورَةِ الْوَصِيَّةِ ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَفِي تَجْرِيدِ ابْنِ كَجٍّ قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَجَازَ أَنْ يَكُونَ حَلَقَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَجَازَ أَنْ يَكُونَ حَلَقَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ ) أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فِي الْمُدَّةِ .
( قَوْلُهُ : وَكَانَ الْقَاضِي يَسْتَفْهِمُ حِسْبَةً إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ مُطَالَبَةِ الْحَاكِمِ بِالتَّفْسِيرِ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا بَيْتَ الْمَالِ أَوْ بَيْتَ الْمَالِ وَغَيْرَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِفْسَارُ لِيَجُوزَ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ تَعَذَّرَ سَوَّى بَيْنَهُمَا ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ فِيمَا لَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ مَا يُؤَيِّدُهُ .

( فَرْعٌ : وَإِنْ أَقَرَّ بِحَمْلِ دَابَّةٍ ) مِنْ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ ( فَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ ) أَوْ نَحْوِهَا كَوَقْفٍ ( صَحَّ وَكَذَا إذَا أَطْلَقَ ) أَيْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى شَيْءٍ ( لَا ) إنْ أَسْنَدَهُ ( إلَى جِهَةٍ فَاسِدَةٍ ) لِمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ لَهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ ، وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ أَسْنَدَ إلَى جِهَةٍ بَاطِلَةٍ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ قَوْلَانِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْإِسْنَادِ إلَى فَاسِدٍ طَرِيقَانِ فَمَا قِيلَ إنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ ثُمَّ عَلَى الصِّحَّةِ ، وَهُنَا عَلَى الْمَنْعِ لَا يَقْتَضِي اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ ( وَانْفِصَالِهِ ) هُنَا ( لِلْإِمْكَانِ عَلَى مَا سَبَقَ ) ثُمَّ ( وَسُئِلَ عَنْ حَمْلِ الْبَهِيمَةِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ ) بِهِ ( وَلَوْ أَقَرَّ ) مَعَ إقْرَارِهِ بِهِ لِوَاحِدٍ ( بِالْأُمِّ لِآخَرَ جَازَ ) الْإِقْرَارَانِ .

( وَإِقْرَارُهُ لِمَسْجِدٍ وَمَقْبَرَةٍ ) وَنَحْوِهِمَا كَرِبَاطٍ ( كَإِقْرَارِهِ لِحَمْلٍ إذْ لَهُمَا غَلَّةُ الْوَقْفِ ) وَنَحْوُهَا كَالْوَصِيَّةِ وَأَفَادَ بِالتَّعْلِيلِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لِكَنِيسَةٍ أَوْ بِيعَةٍ بَاطِلٌ بِكُلِّ حَالٍ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَالَ لِهَذَا الْمَيِّتِ عَلَيَّ كَذَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُخْتَصَرِ جَوَازُ الْإِقْرَارِ بِتَقْدِيرِ كَانَ لَهُ عَلَيَّ .
( قَوْلُهُ : فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُخْتَصَرِ جَوَازُ الْإِقْرَارِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَذَا صَحَّ ، وَكَانَ إقْرَارَ الْوَارِثَةِ وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَرِكَةٌ .

( فَصْلٌ : يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ( عَدَمُ تَكْذِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ ) الْمُقِرَّ ( فَلَوْ كَذَّبَهُ ) فِيهِ ( بَطَلَ ) فِي حَقِّهِ ( وَتُرِكَ ) الْمُقَرُّ بِهِ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا ( مَعَ الْمُقِرِّ ) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ ظَاهِرًا وَالْإِقْرَارُ الطَّارِئُ عَارَضَهُ التَّكْذِيبُ فَسَقَطَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَذَّبَهُ فِي الْأَصْلِ فَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ ثَمَنِ أَمَةٍ فَالْأَصَحُّ لُزُومُهُ وَلَا يَضُرُّ التَّحَالُفُ فِي الْجِهَةِ ثُمَّ إذَا بَطَلَ إقْرَارُهُ بِالتَّكْذِيبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ خَلَا الْوَطْءَ لِاعْتِرَافِهِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ حَتَّى يَرْجِعَ .
انْتَهَى .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ظَانًّا أَنَّ الْمَالَ لِلْمُقَرِّ لَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ ، وَإِلَّا فَلَا ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ ( صَدَّقَهُ ) بَعْدَ تَكْذِيبِهِ ( لَمْ يَنْزِعْ ) مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ يَدِهِ ( إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ ) ؛ لِأَنَّ نَفْيَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُطَابَقَةِ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ فَإِنَّ نَفْيَهُ لَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِالِالْتِزَامِ فَكَانَ أَضْعَفَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَكْذِيبَ وَارِثِ الْمُقَرِّ لَهُ كَتَكْذِيبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ لِمَيِّتٍ أَوْ لِمَنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَكَذَّبَهُ الْوَارِثُ لَمْ يَصِحَّ أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَيَصِحُّ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ عَلَى الْمَرْهُونِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ فَإِنَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْمَالِكِ صَحَّ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ بِأَرْشِهَا .

( قَوْلُهُ : لِأَنَّ يَدَهُ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ ظَاهِرًا إلَخْ ) ؛ وَلِأَنَّا لَا نَعْرِفُ مَالِكَهُ وَنَرَاهُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَهُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِحِفْظِهِ قَالَ الْقَمُولِيُّ .
وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنَّ يَدَهُ يَدُ مِلْكٍ ، وَهُوَ مَا فِي الْمُهَذَّبِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ عِنْدَ رُجُوعِهِ عَنْ التَّكْذِيبِ .
وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ يَدَهُ يَدُ اسْتِحْفَاظٍ ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ ، وَقَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا يَتَوَقَّفُ فِيهِ ع ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَشْجَارًا ، وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ أَوْ حَيَوَانًا ، وَلَهُ نَمَاءٌ أَوْ كَسْبٌ لِمَنْ يَكُونُ ، وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ظَانًّا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَكْذِيبَ وَارِثِ الْمُقَرِّ لَهُ كَتَكْذِيبِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَيَنْزِعُ الْقَاضِي ) مِنْ الْمُقِرِّ ( عَيْنًا أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ ) بِأَنْ قَالَ بِيَدِي مَالٌ لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَالٍ ضَائِعٍ فَهُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ لِرَجُلٍ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لِفَسَادِ الصِّيغَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَا هُنَا فِي الْعَيْنِ وَمَا هُنَاكَ فِي الدَّيْنِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ أَجَابَ بِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَا هُنَا فِي الْعَيْنِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ إنْكَارِ الْمُقَرِّ لَهُ ) بَلْ أَوْ بَعْدَهُ ( وَقَالَ كَذَبْت ) فِي الْإِقْرَارِ ( أَوْ غَلِطْت ) فِيهِ ( صَحَّ رُجُوعُهُ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالَ يُتْرَكُ بِيَدِهِ ، وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ بِالتَّكْذِيبِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ ( وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ فَرَدَّهُ ) أَيْ أَنْكَرَهُ ( لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ إلَّا بِيَقِينٍ بِخِلَافِ اللَّقِيطِ فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِالدَّارِ فَإِذَا أَقَرَّ وَنَفَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ ( وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَعَيَّنَهُ فَرَدَّهُ وَعَيَّنَ الْآخَرَ لَمْ يُصَدَّقْ ) فِيمَا عَيَّنَهُ ( إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) وَصَارَ مُكَذِّبًا لِلْمُقِرِّ فِيمَا عَيَّنَهُ لَهُ ( أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ ، وَكَذَّبَهُ سَقَطَا ) وَفِي نُسْخَةٍ سَقَطَ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ الْإِقْرَارُ فِي حَقِّهِ ( وَكَذَا حَدُّ سَرِقَةٍ وَفِي الْمَالِ مَا مَرَّ ) مِنْ أَنَّهُ يُتْرَكُ بِيَدِ الْمُقِرِّ ( وَإِنْ أَقَرَّتْ ) لَهُ امْرَأَةٌ ( بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ سَقَطَ فِي حَقِّهِ ) قَالَ الْمُتَوَلِّي حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدُ وَادَّعَى نِكَاحَهَا لَمْ تُسْمَعْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ نِكَاحًا مُجَدَّدًا وَكَأَنَّهُ اُحْتِيجَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لَهَا فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِعَبْدٍ فَرَدَّهُ لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَقَامَ ) مَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ ( بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ غَرِيمِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ ) لَهُ ( وَأَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ ) الْوَاقِعِ ( بَعْدَ ذَلِكَ ) أَيْ بَعْدَ إقَامَةِ بَيِّنَتِهِ ( بِعَدَمِهِ ) أَيْ الِاسْتِيفَاءِ ( سُمِعَتْ ) بَيِّنَتُهُ ( وَطَالَبَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ الْغَرِيمِ بِالِاسْتِيفَاءِ فَقَدْ قَامَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ كَذَّبَهُ فَيَبْطُلُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ وَيَبْقَى الْحَقُّ عَلَى مَنْ لَزِمَهُ ( وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ ) أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْمَجْهُولِينَ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ مَالٌ لِوَاحِدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْإِقْرَارُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمُعَيَّنٍ فَكَذَّبَهُ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا طَالِبَ لَهُ فَيَبْقَى بِيَدِهِ ( فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ أَنَا هُوَ ) أَيْ الْمُرَادُ بِالْإِقْرَارِ ( لَمْ يُصَدَّقْ ) بَلْ الْمُصَدِّقُ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مُعَيَّنًا نَوْعَ تَعْيِينٍ بِحَيْثُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الدَّعْوَى وَالطَّلَبُ كَقَوْلِهِ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَيَّ كَذَا .

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُقَرُّ بِهِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ ) حِينَ يُقِرُّ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ إزَالَةَ مِلْكٍ بَلْ إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى الْخَبَرِ ( فَإِنْ قَالَ دَارِي ) أَوْ دَارِي هَذِهِ أَوْ ثَوْبِي ( أَوْ ثَوْبِي هَذَا لِزَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ ) ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَيُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ سَابِقٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ وَلَوْ قَالَ الدَّارُ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي أَوْ وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي مِلْكٌ لِزَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِقْرَارَ فَيَصِحَّ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَارِي لِفُلَانٍ وَأَرَادَ الْإِقْرَارَ ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ إضَافَةَ سُكْنَى ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فِي الْأُولَيَيْنِ إذْ لَمْ يَرُدَّهُ بِأَنَّ الْمِلْكَيْنِ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِقَاعِدَةِ الْبَابِ مِنْ الْأَخْذِ بِالْيَقِينِ كَمَا سَيَأْتِي عَدَمُ الصِّحَّةِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ عِنْدَ إطْلَاقِهِ وَيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي لَهُ لِلتَّنَاقُضِ الصَّرِيحِ ( أَوْ ) قَالَ ( مَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي ) لِفُلَانٍ ( صَحَّ ) إذْ لَا مُنَافَاةَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ وَيَلْبَسُ مِلْكَ غَيْرِهِ ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَلْبُوسِي مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَكَذَا يَصِحُّ إنْ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت ) بِهِ ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرَهُ لَغْوٌ فَيُطْرَحُ آخِرُهُ وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ كَمَا لَوْ قَالَ هُوَ لَهُ لَيْسَ لَهُ وَلَوْ عَكَسَ بِأَنْ قَالَ هُوَ مِلْكِي هُوَ لِفُلَانٍ أَوْ هُوَ لِي وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقْرَرْت صَحَّ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ ( وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ هَكَذَا ) أَيْ

بِأَنَّ زَيْدًا أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُ عَمْرٍو وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقَرَّ بِهِ ( لَمْ تُقْبَلْ ) وَفَارَقَتْ الْمُقِرَّ بِأَنَّهَا تَشْهَدُ عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا إذَا لَمْ يَتَنَاقَضْ وَالْمُقِرُّ يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ فَيُؤَاخَذُ بِمَا يَصِحُّ مِنْ كَلَامِهِ .
( وَقَوْلُهُ دَيْنِي ) الَّذِي ( عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو بَاطِلٌ ) لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ دَارِي أَوْ ثَوْبِي لِزَيْدٍ ( أَوْ ) قَالَ الدَّيْنُ ( الَّذِي كَتَبْته عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو صَحِيحٌ ) فَلَعَلَّهُ كَانَ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْمُعَامَلَةِ الَّتِي أَوْجَبَتْ الدَّيْنَ ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِزِيَادَةِ لَفْظَةِ لِي حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ فَهُوَ إقْرَارٌ صَحِيحٌ ، وَقَيَّدَ فِي التَّهْذِيبِ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِالْكَذِبِ ( لَا فِي نَحْوِ صَدَاقٍ وَخُلْعٍ وَ ) أَرْشِ ( جِنَايَةٍ عَقِبَ ثُبُوتِهَا ) لِلْمُقِرِّ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالصَّدَاقِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَلَا إقْرَارُ الزَّوْجِ بِبَدَلِ الْخُلْعِ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ وَلَا إقْرَارُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَقِبَ ثُبُوتِ الثَّلَاثَةِ لَهُمْ بِحَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ جَرَيَانُ نَاقِلٍ ، وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالَهُ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ حَتَّى وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَقِبَ عِتْقِهِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لَمْ يَصِحَّ إذْ أَهْلِيَّةُ الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ إلَّا فِي الْحَالِ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا مَا يُوجِبُ الْمَالَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ إذَا اُحْتُمِلَ تَصَوُّرُ الْمِلْكِ لَهُ قَبْلَ الرِّقِّ أَمَّا السَّيِّدُ فَقَدْ يُقَالُ إذَا مَلَكَهُ سَقَطَ دَيْنُهُ عَنْهُ ، وَإِذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ بِقَوْلِهِ الدَّيْنُ الَّذِي كَتَبْته عَلَى

زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَطَالَبَ عَمْرٌو زَيْدًا فَأَنْكَرَ ( فَإِنْ شَاءَ عَمْرٌو أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِإِقْرَارِهِ ) أَيْ الْمُقِرِّ ( أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى زَيْدٍ لَهُ يَثْبُتُ عَلَى زَيْدٍ ) أَيْ يُقِيمُ بَيِّنَةً عَلَيْهِ ( بِالدَّيْنِ ) الْمُقَرِّ بِهِ ( وَإِنْ شَاءَ عَكَسَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ ثُمَّ بَيِّنَةً بِالْإِقْرَارِ .

( قَوْلُهُ : الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُقَرُّ بِهِ ) حَدُّ الْمُقَرِّ بِهِ مَا جَازَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ ، وَقِيلَ مَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْقَمُولِيُّ ، وَهُوَ أَصَحُّ ( قَوْلُهُ : أَوْ نَوَى هَذَا لِزَيْدٍ ) أَيْ أَوْ مَالِي مَالُهُ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكِيَّةَ إلَخْ ) أَيْ ، وَمَا أَتَى بِهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ( قَوْلُهُ : فَيُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِ لِغَيْرِهِ ) يَعْنِي ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِزَيْدٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَهُ مَا يُلْغِيهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : دَارِي أَوْ دَارِي هَذِهِ أَوْ ثَوْبِي أَوْ ثَوْبِي هَذَا فَبَطَلَ لِأَجْلِ ذَلِكَ ، وَنَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ طَرْحُ الشَّكِّ ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ وَعَدَمُ النَّظَرِ إلَى الْغَلَبَةِ فَظَاهِرُ الْإِضَافَةِ عِنْدَهُ تُحْمَلُ عَلَى الْمِلْكِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِدُخُولِ دَارٍ يَمْلِكُهَا ، وَمَعَ الْحَمْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ يُنَاقِضُ آخِرُ الْكَلَامِ أَوَّلَهُ وَآخِرُهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ فَأُلْغِيَ ( قَوْلُهُ : وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فِي الْأُولَيَيْنِ ) هُمَا ، وَلَوْ قَالَ الدَّارُ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي أَوْ وَرِثْتهَا ع ( قَوْلُهُ فَيُطْرَحُ آخِرُهُ وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ إذْ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا صِفَةً لِلْأُخْرَى ( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ ) وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ هَكَذَا لَمْ يُقْبَلْ ) لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَثُبُوتِهِ ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ حَالَ الْإِقْرَارِ تُنَافِيهِ ( قَوْلُهُ : وَفَارَقَتْ الْمُقِرَّ بِأَنَّهَا تَشْهَدُ عَلَى غَيْرِهَا إلَخْ ) وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ إلَى أَنْ أَقَرَّ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَذَا قَالَ الْهَرَوِيُّ فِي

الْأَشْرَافِ ( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي كَتَبْته عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو صَحِيحٌ ) حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ لَمْ يَنْفَكَّ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَقَلَ الدَّيْنُ بِالْحَوَالَةِ ( قَوْلُهُ ، وَقَيَّدَ فِي التَّهْذِيبِ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَا فِي نَحْوِ صَدَاقٍ إلَخْ ) كَالْمُتْعَةِ وَالْحُكُومَةِ وَالْمَهْرِ الْوَاجِبِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَأُجْرَةِ بَدَنِ الْحُرِّ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَكُسْوَتِهَا ، وَقَالَ الْقَفَّالُ إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ آخَرَ فَالْجُمْلَةُ أَنَّ كُلَّ مَالٍ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَصْلِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي أَصْلِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهِ فَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ إلَخْ ) أَيْ الْحُرَّةِ ( قَوْلُهُ : فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ ) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا ( قَوْلُهُ : عَقِبَ ثُبُوتِ الثَّلَاثَةِ لَهُمْ ) بِحَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ جَرَيَانُ نَاقِلٍ ، وَكَذَا سَائِرُ الدُّيُونِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُقَالُ عَلَيْهِ لَيْسَتْ سَائِرُ الدُّيُونِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ وَقَعَتْ الْمُعَامَلَةُ مَعَهُ فِي الظَّاهِرِ وَكِيلًا فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ لَهُ فِي الْبَاطِنِ فَيَصِحُّ أَنْ يُقِرَّ بِهِ عَقِبَ الْمُعَامَلَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِمَالِ جَرَيَانِ نَاقِلٍ .
( فُرُوعٌ ) لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ فَادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ لَمْ تُسْمَعْ ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ ، وَقَدْ اشْتَرَيْته مِنْهُ أَوْ جَاءَ بَعْدَ زَمَانٍ يُحْتَمَلُ الشِّرَاءُ وَادَّعَى سُمِعَتْ ، قَالَ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى ، وَلَوْ قُسِمَتْ تَرِكَةٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي الْمَجْلِسِ بِمَا يَخُصُّهُ لِآخَرَ بَطَلَ ، وَلَوْ ادَّعَى مِلْكِيَّةَ شَيْءٍ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِإِنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الْإِقْرَارَيْنِ مَا يَتَضَمَّنُ نَقْلَ الْمِلْكِ فَإِقْرَارُهُ مَقْبُولٌ ( قَوْلُهُ : أَمَّا السَّيِّدُ فَقَدْ يُقَالُ إذَا

مَلَكَهُ سَقَطَ دَيْنُهُ عَنْهُ ) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُهُمْ فِي سُقُوطِ دَيْنِ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ تَفْصِيلٍ أَمَّا سُقُوطُ دَيْنٍ لِعَبْدٍ عَلَى مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَفِي كَلَامِهِمْ فِي السِّيَرِ مَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ السُّقُوطِ كا .

( فَرْعٌ : لَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ ) أَيْ الْمُقِرِّ ( بِمَا فِي يَدِ الْغَيْرِ حَتَّى يَصِيرَ فِي يَدِهِ ) إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ بِثُبُوتِ مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا ، وَإِلَّا كَانَ كَلَامُهُ إمَّا دَعْوَى عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ شَهَادَةٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا لَكِنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ ( فَإِنْ كَانَ قَالَ هَذَا ، وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ رَهْنُ زَيْدٍ ) أَيْ مَرْهُونٌ عِنْدَهُ ( فَحَصَلَ فِي يَدِهِ بَيْعٌ فِي دَيْنِ زَيْدٍ ) عَمَلَا بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهُ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ ( وَإِنْ قَالَ ) فِي عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ( هُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ) صَحَّ تَنْزِيلًا لِلْعَقْدِ عَلَى قَوْلِ مَنْ صَدَّقَهُ الشَّرْعُ ، وَهُوَ الْبَائِعُ لِكَوْنِهِ ذَا يَدٍ أَوْ اسْتِنْقَاذًا لِلْعَبْدِ مِنْ أَسْرِ الرِّقِّ ، وَإِذَا صَحَّ شِرَاؤُهُ ( نَظَرْت فَإِنْ ) كَانَ ( قَالَ أَعْتَقَهُ ) مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ ( عَتَقَ وَكَانَ ذَلِكَ ) الشِّرَاءُ ( مِنْهُ فِدَاءً ) لِلْعَبْدِ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الشِّرَاءِ ( وَمِنْ الْبَائِعِ بَيْعًا ) عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ ( فَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَانِ ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ ( وَالْفَسْخُ بِالْعَيْبِ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا فَدَاهُ ) فَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْبَائِعُ بَاعَ وَثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ فَلَوْ رَدَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَرَدَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ لَا يَسْتَرِدُّ الْعَبْدَ بَلْ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عِتْقِهِ .
( وَوَلَاؤُهُ ) فِيمَا ذُكِرَ ( مَوْقُوفٌ ) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِعِتْقِهِ وَالْمُشْتَرِيَ لَمْ يُعْتِقْهُ ( فَإِنْ مَاتَ ) الْعَبْدُ (

بِلَا وَارِثٍ ) بِغَيْرِ الْوَلَاءِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً ( فَصَدَّقَ الْبَائِعُ ) الْمُشْتَرِيَ ( بِعِتْقِهِ وَرِثَهُ ) الْبَائِعُ ( وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي ، وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ ( فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي ) إنْ كَانَ ؛ لِأَنَّهُ إمَّا كَاذِبٌ فِي حُرِّيَّتِهِ فَكُلُّ الْكَسْبِ لَهُ أَوْ صَادِقٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ إرْثًا بِالْوَلَاءِ ، وَقَدْ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ مِنْهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ ، وَقَدْ ظَفِرَ بِمَا لَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْمَبْذُولِ فِدْيَةً وَقُرْبَةً كَمَا لَوْ فُدِيَ أَسِيرٌ بِيَدِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ اسْتَوْلَيْنَا عَلَى بِلَادِهِمْ وَوَجَدَ الْبَاذِلُ عَيْنَ مَالِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا فَلَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ مَا يَخُصُّهُ وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ يَرِثُ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَأَنْ كَانَ أَخًا لِلْعَبْدِ لَمْ يَرِثْ بَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَإِنْ كَانَ قَالَ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ حُرٌّ ) بِعِتْقِ غَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ( قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَهُوَ افْتِدَاءٌ ) مِنْهُ أَيْضًا وَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ ( فَإِنْ مَاتَ ) وَخَلَّفَ مَالًا وَوَرَثَةً ( فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ أَوْ ) لَمْ يُخَلِّفْ وَرَثَةً فَمَالُهُ ( لِبَيْتِ الْمَالِ ) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ ، وَإِطْلَاقُهُ الْوَرَثَةَ هُنَا أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ أَصْلِهِ لَهُمْ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ لِصِدْقِ كَلَامِ أَصْلِهِ حِينَئِذٍ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ أَصْلًا وَبِمَا إذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ بِالْوَلَاءِ ، وَهَذَا الثَّانِي لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ فِيهِ بِأَنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ بَلْ

يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَفْصَلَ الْمُقِرُّ وَيُعْمَلَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ صَارَ كَعَتِيقٍ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَارِثٌ بِالْوَلَاءِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ .
ثُمَّ قَالَ : وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ حُرِّ الْأَصْلِ أَمَّا فِي الْأُخْرَى فَإِنْ أَضَافَ إلَى ذَلِكَ أَنَّك اشْتَرَيْته وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ أَوْ تَعْلَمُ وَلَمْ تَعْمَلْ بِعِلْمِك فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَدْرَ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بَدَلَ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِثُمَّ عَلِمْت وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهِمَا بِقَوْلِهِمَا وَأَنْتَ إلَى آخِرِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ لَا قَدْرَ الثَّمَنِ ( وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ ) أَيْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ ( اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ ) إنْ كَانَ سَلَّمَهُ لَهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَّمَهُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرِّيَّةَ فِي زَعْمِهِ ، وَقَدْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَعِتْقُهُ ، وَقَعَ قَبْضًا وَلَوْ قَالَ إنَّهُ حُرٌّ فَيَنْبَغِي اسْتِفْسَارُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ .

( قَوْلُهُ : تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ ) خَرَجَ بِهِ الْمَرْهُونُ وَنَحْوُهُ ، وَمَا فِي يَدِهِ لِغَيْرِهِ كَمَحْجُورِهِ وَوَقْفٌ هُوَ نَاظِرُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ مَسَائِلُ .
الْأُولَى : مَا إذَا بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَ الْغَائِبِ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ ثُمَّ قَدِمَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّدَاقِ عَنْ النَّصِّ وَحَكَى قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ .
الثَّانِيَةُ : مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ قَالَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْإِقْرَارِ .
الثَّالِثَةُ : وَهَبَ لِوَلَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ أَقْبَضَهُ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِآخَرَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَاهِبِ رُجُوعٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعُلِمَ مِنْهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ قَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ) أَيْ لِنَفْسِهِ شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا ، وَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا قَوْلُهُ : فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ ) شَمِلَ قَوْلُهُ تَرِكَتِهِ مَا اكْتَسَبَهُ ، وَمَا وَرِثَهُ مِنْ أَقَارِبِهِ بِالْحُرِّيَّةِ الظَّاهِرَةِ ، وَمَا مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِحُضُورِهِ الْوَقْعَةَ أَوْ مِنْ الزَّكَاةِ بِسَبَبِ الْفَقْرِ ( قَوْلُهُ : أَوْ صَادِقٌ فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ إلَخْ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْبَائِعُ وَوَرِثَهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَأْخُذُ كُلَّ التَّرِكَةِ ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ .
(

تَنْبِيهٌ ) لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِحُرِّيَّتِهِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُقِرِّ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ حَتَّى تَكُونَ أَكْسَابُهُ فِي حَالَةِ الرَّهْنِ أَوْ الْجِنَايَةِ ، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا أَوْ حَدَثَ مَا يُوجِبُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ كَانَتْ الْمَنَافِعُ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَبَنَاهَا مَسْجِدًا فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَاهَا وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ قِيمَتُهَا ، وَلَوْ شَهِدَ لِرَجُلٍ بِضَيْعَةٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِنَفْسِهِ ، وَلَهُ شَرِيكٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ يَجِبُ بِالْعَقْدِ لَا بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي ، وَحَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَحَقُّ الشَّفِيعِ أَسْبَقُ ؛ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ مَلَكَهُ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِهِ ؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي الزِّيَادَاتِ ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِهَذَا الْعَبْدِ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، وَأَنَّهُ قُبِلَ فَادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَهُ الْوَارِثُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بِهِ بَيِّنَةً ، وَبِيعَ الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَارِثُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَوْ وَرِثَهُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَخْذَهُ مِنْهُ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ لَمْ يُخَلِّفْ وَرَثَةً فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَنْبَغِي إطْلَاقُ أَنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ فِي صُورَةِ أَعْتَقَهُ غَيْرُك بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْصِلَ الْمُقِرُّ وَيَعْمَلَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ صَارَ كَعَتِيقٍ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَارِثٌ بِالْوَلَاءِ .
ثَانِيهِمَا قَوْلُهُ :

وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ يَنْبَغِي فِي صُورَةِ أَعْتَقَهُ غَيْرُك إنْ أَضَافَ إلَى ذَلِكَ إنَّك اشْتَرَيْته ، وَأَنْتَ لَا تَدْرِي وَظُلِمْت بِأَخْذِ الثَّمَنِ ثُمَّ عَلِمْت ، وَلَمْ تَعْمَلْ بِمُقْتَضَاهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَدْرَ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقُّ التَّرِكَةِ غَيْرَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ لِمَا تَقَدَّمَ ( قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ .
( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهِمَا ، وَأَنْتَ إلَخْ ) ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ كَانَ بِيَدِ كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَبْدٌ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ قَدْ أَعْتَقْت عَبْدَك فَأَنْكَرَ ثُمَّ تَبَادَلَا أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِالْآخِرِ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ فِدَاءٌ صَحَّ أَوْ بَيْعٌ فَحَكَى أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ لِاعْتِقَادِهِمَا وُرُودَ الْعَقْدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَحَكَى أَبُو سَهْلٍ الْأَبِيوَرْدِيُّ الصِّحَّةَ حَكَاهُ عَنْهُ الْمُتَوَلِّي فِي الصُّلْحِ .
انْتَهَى .
وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ صِحَّتِهِ وَيَكُونُ فِدَاءٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ عَبْدَ الْآخَرِ حُرٌّ لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ ، وَقَضِيَّةُ تَرْجِيحِ صِحَّتِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ فَاسْتَأْجَرَهَا أَوْ نَكَحَهَا لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ ) فِي الْأُولَى ( وَ ) لَزِمَهُ ( الْمَهْرُ ) فِي الثَّانِيَةِ ( وَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا ) بِغَيْرِ رِضَاهَا ( وَكَذَا ) لَيْسَ لَهُ ( وَطْؤُهَا إلَّا إنْ كَانَ نَكَحَهَا بِإِذْنِهَا ، وَهُوَ ) أَيْ سَيِّدُهَا ( عِنْدَهُ وَلِيٌّ بِالْوَلَاءِ ) أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ أَعْتَقْتهَا أَوْ أَعْتَقَهَا مَنْ انْجَرَّ إلَيْك مِنْهُ الْوَلَاءُ أَوْ كَانَ أَخَاهَا مَثَلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَوَاءٌ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَمْ لَا أَيْ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهَا ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تُبَاحُ لَهُ الْأَمَةُ ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَهَا يُسْتَرَقُّونَ كَأُمِّهِمْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ بِإِذْنِهَا مَا لَوْ نَكَحَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فَلَا يَصِحُّ ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهَا نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ الْفِدَاءَ الْمُطْلَقَ ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ صِحَّتُهَا مِنْ جِهَةِ مُطَالَبَةِ الْمُكْتَرِي بِالْأُجْرَةِ دُونَ حِلِّ انْتِفَاعِهِ لَا مَانِعَ مِنْهَا ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ فِدَاءٌ مِنْ جِهَةِ الْمُكْتَرِي فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَالْفِدَاءُ كَمَا يَكُونُ فِي الرَّقَبَةِ يَكُونُ فِي الْمَنْفَعَةِ .

( قَوْلُهُ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَوَاءٌ إلَخْ ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى الْآيِسَةِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ ظَاهِرًا ( قَوْلُهُ ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ : قَالَ السُّبْكِيُّ صِحَّتُهَا مِنْ جِهَةِ مُطَالَبَةِ الْمُكْتَرِي بِالْأُجْرَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ الْمُرَادُ إلْزَامَهُ الْأُجْرَةَ مُؤَاخَذَةً لَهُ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ بِأَنْ يَأْذَنَ لَهَا سَيِّدُهَا بِأَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا

( وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ عَمْرًا غَصَبَ عَبْدًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ) مِنْ عَمْرٍو ( صَحَّ ) الشِّرَاءُ اسْتِنْقَاذًا لِمِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا يُسْتَنْقَذُ الْحُرُّ ، وَقَوْلُهُ ( وَأَخَذَهُ ) أَيْ الْعَبْدَ ( زَيْدٌ ) مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ ، وَقَالُوا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَانِ ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَثْبُتَانِ لِمَنْ يَطْلُبُ بِالشِّرَاءِ مِلْكًا لِنَفْسِهِ أَيْ أَوْ لِمُسْتَنِيبِهِ ، وَقَالَ إنَّهُ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ .

( فَرْعٌ لَوْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ لِزَيْدٍ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ لِعَمْرٍو سُلِّمَ لِزَيْدٍ ) ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ لَا فِي يَدِ نَفْسِهِ ( فَإِنْ أَعْتَقَهُ ) زَيْدٌ ( فَوَلَاؤُهُ لَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ فَلَيْسَ لِعَمْرٍو تَسَلُّمُ رَقَبَتِهِ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ وَلَاءِ زَيْدٍ ( وَهَلْ أَكْسَابُهُ ) الْحَاصِلَةُ بَعْدَ عِتْقِهِ ( لِعَمْرٍو ) أَوْ لَا ؟ فِيهِ ( وَجْهَانِ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْأَكْسَابَ ) أَيْ اسْتِحْقَاقَهَا ( فَرْعُ الرِّقِّ ) وَلَمْ يَثْبُتْ فَهِيَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْعَتِيقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ .
( قَوْلُهُ : وَجْهُ الْمَنْعِ إلَخْ ) ، وَهُوَ أَصَحُّهُمَا ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ لِئَلَّا يَتَجَدَّدَ رِقٌّ بَعْدَ عِتْقٍ ؛ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِالرِّقِّ .

( الرُّكْنُ الرَّابِعُ : الصِّيغَةُ فِي الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ ) ظَاهِرًا ( عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي ) كَقَوْلِهِ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي كَذَا ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُمَا عُرْفًا لَكِنَّهُمْ قَبِلُوا التَّفْسِيرَ فِي عَلَيَّ الْوَدِيعَةِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَ ) لِلْإِقْرَارِ ( بِالْعَيْنِ عِنْدِي وَمَعِي ) وَلَدَيَّ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا لِلْعَيْنِ أَنَّهَا تُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْوَدِيعَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى الْمَرَاتِبِ حَتَّى وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً وَتَلِفَتْ أَوْ رَدَّهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَا مَعْنَى لِاقْتِصَارِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْوَدِيعَةِ بَلْ التَّفْسِيرُ بِالْمَغْصُوبَةِ كَذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي التَّفْسِيرِ بَلْ فِي أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى مَاذَا ( وَ ) لِلْإِقْرَارِ ( بِهِمَا لِزَيْدٍ كَذَا فِي قِبَلِي ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ لِصَلَاحِيَّتِهِ لَهُمَا ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ بَحْثًا بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لِلدَّيْنِ وَسَبَقَهُمَا إلَى مَا بَحْثَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ ، وَهُوَ قَوِيٌّ .
وَلَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : إنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ كَعَلَيَّ ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا لَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ وَلَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْعَيْنِ وَآخَرَ عَلَى الدَّيْنِ كَأَنْ قَالَ لَهُ وَمَعِي عَشَرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ لِفُلَانٍ كَذَا صِيغَةُ إقْرَارٍ وَجَّهَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ اللَّامَ تَدُلُّ لِلْمِلْكِ قَالَ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لَهُ إنْ كَانَ بِيَدِهِ وَانْتَقَلَ إلَيْهَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70