كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

الْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ لَا يُخَالِفُهُ وَالثَّانِيَةِ قَصْدِ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا الرَّافِعِيُّ وَالْمُتَوَلِّي لَا يُخَالِفُهُ .
فَأَمَّا الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ مَعَ قَصْدِ التَّعَدُّدِ كَمَا فَعَلَهُ النَّوَوِيُّ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الطَّرِيقَيْنِ وَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ جَارٍ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا فَصَلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَقَالَ هُنَاكَ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ مَقْصُودَانِ وَقَالَ لَوْ جَمَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبُولِ فَقَالَ قَبِلْت فِيهِمَا فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ فَيُقَالُ لَهُ قَدْ جَعَلْت الْمَذْهَبَ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا فَصَلَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَفْصِلْ الْمُشْتَرِي تَنْزِيلًا لِلْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ الْمُتَقَدِّمِ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْعَقْدُ هُنَا لِتَرَتُّبِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ الْجَامِعِ لَا يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ التَّتِمَّةِ صَرَّحَ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا أَوْجَبَهُ الْبَائِعُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَذْهَبِ إذْ فِيهَا قَبِلْت فِيهِمَا وَوَازِنُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَقُولَ قَبِلْت فِيهِمَا بِأَلْفٍ لِأَنَّا نَقُولُ النَّظَرُ فِي التَّعْلِيلِ إلَى تَرَتُّبِ قَبُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى إيجَابِ الْبَائِعِ وَلَا نَظَرَ إلَى مُخَالَفَةِ اللَّفْظِ فِي الِاتِّحَادِ وَالتَّعَدُّدِ وَذَلِكَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلِهَذَا صَارَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَذْهَبِ إلَى الْإِبْطَالِ وَهُوَ نَظِيرُ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَتِنَا

( فَرْعٌ لَوْ قَالَ بِعْتُك ) هَذَا بِكَذَا ( إنْ شِئْت فَقَالَ اشْتَرَيْت ) أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا إنْ شِئْت فَقَالَ بِعْتُك انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَلَا يَضُرُّ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ تَصْرِيحُ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَلَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ شِئْت لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ لَفْظَ الْمَشِيئَةِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّمْلِيكِ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ ثُمَّ قَالَ فَتَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ انْتَهَى وَقَدْ يُحْمَلُ النَّصُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته مِنْك بِكَذَا فَقَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت قَالَ الْإِمَامُ لَا يَصِحُّ لِاقْتِضَاءِ التَّعْلِيقِ وُجُودِ شَيْءٍ بَعْدَهُ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت لَا يَصِحُّ أَيْضًا إذْ يَبْعُدُ حَمْلُ الْمَشِيئَةِ عَلَى اسْتِدْعَاءِ الْقَبُولِ وَقَدْ سَبَقَ فَيَتَعَيَّنُ إرَادَتُهَا نَفْسُهَا فَيَكُونُ تَعْلِيقًا مَحْضًا وَهُوَ مُبْطِلٌ ( أَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ ) لِلْبَائِعِ ( بِعْت ) هَذَا ( بِكَذَا فَقَالَ نَعَمْ ) أَوْ بِعْت ( وَقَالَ لِلْآخَرِ اشْتَرَيْت فَقَالَ نَعَمْ ) أَوْ اشْتَرَيْت ( انْعَقَدَ ) الْبَيْعُ لِوُجُودِ الصِّيغَةِ وَالتَّرَاضِي ( وَالْأَخْرَسُ يُشِيرُ أَوْ يَكْتُبُ ) بِالْعَقْدِ وَالْحِلِّ لِلْمُعَالَجَةِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ يَصِحُّ بَيْعُ الْأَخْرَسِ وَشِرَاؤُهُ بِالْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَسَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَيْضًا ذِكْرُ الْإِشَارَةِ وَأَنَّهُ إنْ فَهِمَهَا الْفَطِنُ وَغَيْرُهُ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ فَقَطْ فَكِنَايَةٌ
( قَوْلُهُ إنْ شِئْت ) مِثْلُ شِئْت رَضِيت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ اخْتَرْت أَوْ أَرَدْت وَلَوْ قَدَّمَ لَفْظَ الْمَشِيئَةِ لَمْ يَصِحَّ ( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ إلَخْ ) وَإِنْ لَمْ يَأْمُرَاهُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ بِالْعَقْدِ وَالْحَلِّ لِلْمُعَالَجَةِ ) خَرَجَ بِذَلِكَ شَهَادَتُهُ وَعَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِهَا وَعَدَمُ الْحِنْثِ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْكَلَامِ

( فَرْعٌ وَإِنْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ مَثَلًا فَفَعَلَ حَصَلَ الْبَيْعُ ضِمْنًا ) بِمَا ذُكِرَ مِنْ الِالْتِمَاسِ وَالْجَوَابِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِكَذَا فَقَالَ قَبِلْت صَحَّ بِخِلَافِ النِّكَاحِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَقُولَ قَبِلْت نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا
( قَوْلُهُ احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ ) قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ قَصْدِ الْجَوَابِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفِي الْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ لَوْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ بِاشْتَرَيْتُ جَوَابَك فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ كَالْخُلْعِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ بِهَا بِالْبَيْعِ وَيَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ لَمْ أَقْصِدْ بِاشْتَرَيْتُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا بِأَنْ قَصَدْت غَيْرَهُ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ جَوَابِهِ

( الْأَمْرُ الثَّانِي ) مِمَّا اُعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ( أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدِ ) مُوجِبًا أَوْ قَابِلًا ( وَشَرْطُهُ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ وَالِاخْتِيَارِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ صَبِيٍّ وَإِنْ قَصَدَ اخْتِبَارَهُ ) بِهِ وَلَا بَيْعُ مَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلَوْ بِغِبْطَةٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ وَتَعْبِيرُهُ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّكْلِيفِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى الْعَاقِدَانِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الْعَقْدِ إلَى تَمَامِهِ فَلَوْ جُنَّ أَحَدُهُمَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ ( وَلَا ) يَصِحُّ بَيْعُ ( مُكْرَهٍ ) لِآيَةِ { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } وَلِخَبَرِ { إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ } ( إلَّا ) بَيْعَ مُكْرَهٍ ( بِحَقِّ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيُكْرِهُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ) كَالشِّرَاءِ لِمَا أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَإِلَّا بَيْعُهُ مَالِ الْمُكْرَهِ لَهُ فَيَصِحُّ قَالَهُ الْقَاضِي كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالْبَيْعِ وَشِرَاءِ مَا أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ

( قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مُكْرَهٍ ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى الْأَسِيرُ مِنْ الْحَرْبِيِّ شَيْئًا مُكْرَهًا وَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَجْنَبِيٌّ الْوَكِيلَ عَلَى بَيْعِ مَا وُكِّلَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ذَكَرُوا فِي الطَّلَاقِ أَنَّ الْمُكْرَهَ بِغَيْرِ حَقٍّ إذَا نَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ وَيَصِيرُ الصَّرِيحُ كِنَايَةً وَيَنْبَغِي مَجِيئُهُ هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ كَالشِّرَاءِ لَمَّا أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ ) أَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُ وَلِيَّهُ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِأَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَامْتَنَعَ فَلَهُ أَنْ يُكْرِهَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ الْوَاجِبِ أَوْ اُضْطُرَّ النَّاسُ إلَى الطَّعَامِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ مَا يَفْضُلُ عَنْ قُوتِ عِيَالِهِ فِي سُنَّتِهِمْ فَلِلسُّلْطَانِ إكْرَاهُهُ عَلَى بَيْعِ الْفَاضِلِ عَنْهُمْ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَإِذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ بِصَبْغِهِ وَرَغِبَ مَالِكُ الثَّوْبِ فِي بَيْعِهِ فَالْمَنْقُولُ فِي بَابِ الْغَصْبِ أَنَّ الْغَاصِبَ يُجْبَرُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ ر .
( تَنْبِيهٌ ) لَا أَثَرَ لِلْقَوْلِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ لِنُدُورِهِ وَالتَّصَرُّفَاتُ الْوَاقِعَةُ لِلَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِكْرَاهُ وَلَا أَثَرَ لِفِعْلِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا الْحَدَثُ وَالتَّحَوُّلُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَتَرْكُ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّضَاعُ الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّغْرِيمُ عِنْدَ الِانْفِسَاخِ وَالْقَتْلُ وَإِتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ أَكْلُهُ أَوْ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ وَإِكْرَاهُ مَجُوسِيٍّ مُسْلِمًا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ أَوْ مُحْرِمٍ حَلَالًا عَلَى ذَبْحِ صَيْدٍ أَوْ عَلَى رَمْيِهِ أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ عَلَى الرَّمْيِ أَوْ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ زَوْجَةِ ابْنِهِ فَهَلْ

يَنْفَسِخُ نِكَاحُ ابْنِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي الْمَجْنُونِ يَطَأُ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَحْبَلَهَا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِشَرِيكِهِ الْمُكْرَهِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ الْحَامِلُ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى غُسْلِ مَيِّتٍ صَحَّ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى غَسْلِ نَجَاسَةٍ أَوْ دَبْغِ جِلْدِ مَيْتَةٍ طَهُرَا وَكَذَا تَخْلِيلُ الْخَمْرِ بِلَا عَيْنٍ وَمَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ فِي حَالِ الطَّوَاعِيَةِ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَمَا لَا فَلَا

( وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُصَادَرِ ) مِنْ جِهَةِ ظَالِمٍ بِأَنْ بَاعَ مَالَهُ لِدَفْعِ الْأَذَى الَّذِي نَالَهُ لِأَنَّهُ لَا كِرَاءَ فِيهِ وَمَقْصُودُ مَنْ صَادَرَهُ تَحْصِيلُ الْمَالِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ ( وَ ) يَصِحُّ عَقْدُ ( السَّكْرَانِ ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ الَّذِي هُوَ خِطَابُ الْوَضْعِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْجُمُعَةِ
( قَوْلُهُ تَحْصِيلُ الْمَالِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ سِوَى الْبَيْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ

( فَرْعٌ وَإِنْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ ) أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ ( مَا ابْتَاعَ أَوْ مَا اقْتَرَضَ مِنْ رَشِيدٍ وَأَقْبَضَهُ ) لَهُ ( لَمْ يَضْمَنْ ) فِي الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْمِقْبَضَ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَغْرَمُ بَعْدَ الْبُلُوغِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ ( أَوْ مِنْ ) صَبِيٍّ ( مِثْلِهِ ) وَلَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيَّانِ ( ضَمِنَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( مَا قَبَضَ ) مِنْ الْآخَرِ ( وَإِنْ كَانَ ) ذَلِكَ ( بِإِذْنِ الْوَلِيَّيْنِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ ) لِوُجُودِ التَّسْلِيطِ مِنْهُمَا ( وَعَلَى الْبَائِعِ ) لِلصَّبِيِّ ( رَدُّ الثَّمَنِ ) الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ ( إلَى وَلِيِّهِ ) وَعَلَى وَلِيِّهِ اسْتِرْدَادُهُ ( فَلَوْ سَلَّمَهُ ) الْأَنْسَبُ رَدُّهُ ( إلَى الصَّبِيِّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَهُوَ ) مِلْكٌ ( لِلصَّبِيِّ لَمْ يَبْرَأْ ) مِنْهُ ( أَوْ لِلْوَلِيِّ ) وَقَدْ أَذِنَ ( بَرِئَ ) قَالَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ قَوْلِنَا لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لِلصَّبِيِّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَصْلَحَةٍ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَمَلْبَسٍ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ بَرِئَ ( وَإِنْ قَالَ ) شَخْصٌ لِمَنْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ ( سَلِّمْ إلَى الصَّبِيِّ وَدِيعَتِي أَوْ قَدْرَ دَيْنِي ) الَّذِي ( عَلَيْك أَوْ أَلْقِهِمَا فِي الْبَحْرِ فَامْتَثَلَ بَرِئَ مِنْ الْوَدِيعَةِ ) لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَهُ فِي حَقِّهِ الْمُتَعَيَّنِ ( لَا ) مِنْ ( الدَّيْنِ ) لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ فِي مَعْنَى الْوَدِيعَةِ كُلُّ مَا هُوَ مُتَعَيَّنٌ كَمُعَارٍ وَمَغْصُوبٍ وَالسَّفِيهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَالصَّبِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ ( وَلَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ دِينَارٌ فَأَعْطَاهُ لِنَقَّادٍ يَنْقُدُهُ ) أَوْ مَتَاعٌ فَأَعْطَاهُ لِمُقَوِّمٍ يُقَوِّمُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( ضَمِنَ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَى وَلِيِّهِ أَوْ ) كَانَ ذَلِكَ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ لِغَيْرِ الصَّبِيِّ أَيْ لِكَامِلٍ ( فَإِلَى ) أَيٍّ فَيَضْمَنُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَى ( مَالِكِهِ ) وَكَالْوَلِيِّ

وَالْمَالِكِ وَكِيلُهُمَا أَيْ وَيُقَالُ الرَّدُّ إلَيْهِ رَدَّ إلَيْهِمَا
( قَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ) فِي بَابِ الْإِقْرَارِ هُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ ( قَوْلُهُ أَوْ لِلْوَلِيِّ وَقَدْ أَذِنَ بَرِئَ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ كَانَ الْمِلْكُ لِلْوَلِيِّ وَقَدْ أَذِنَ فِي تَسْلِيمِهِ لِلصَّبِيِّ ( قَوْلُهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَصْلَحَةٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ الْقِهَا فِي الْبَحْرِ ) أَيْ أَوْ النَّارِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ مَا أَمَرَهُ فِي حَقِّهِ الْمُتَعَيِّنِ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَرَاءَةَ وَإِنْ حَصَلَتْ فَالتَّسْلِيمُ حَرَامٌ كَالْإِلْقَاءِ فِي النَّارِ وَحِينَئِذٍ لَوْ امْتَنَعَ الْمُودَعُ مِنْ دَفْعِهَا إلَى الصَّبِيِّ فَتَلِفَتْ لَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ شَرْعًا قَوْلُهُ ضَمِنَ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ إلَى وَلِيِّهِ ) لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ

( فَرْعٌ لَوْ أَوْصَلَ صَبِيٌّ هَدِيَّةً ) إلَى غَيْرِهِ ( وَقَالَ هَذِهِ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ أَخْبَرَ فِي الْإِذْنِ ) الْأَوْلَى بِالْإِذْنِ ( بِالدُّخُولِ ) إلَى دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا ( عَمِلَ بِخَبَرِهِ مَعَ ) مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ الظَّنَّ مِنْ ( قَرِينَةٍ أَوْ أَمْنِ قَوْلِهِ ) لِاعْتِمَادِ السَّلَفِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْفَاسِقُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ
( قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَ فِي الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ أَوْ أَخْبَرَ بِالْإِذْنِ بِالدُّخُولِ

( فَصْلٌ الْكَافِرُ لَا يَتَمَلَّكُ ) بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلِهِ رَقِيقًا ( مُسْلِمًا لِنَفْسِهِ ) وَلَا لِمِثْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْمُسْلِمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } أَمَّا تَمَلُّكُهُ لِمُسْلِمٍ فَجَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُ بِمَا سَيَأْتِي مَعَ عَدَمِ إيهَامِ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ لِمِثْلِهِ ( وَلَا ) يَتَمَلَّكُ ( مُرْتَدًّا ) لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْأَصْلِ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ لِلْكَافِرِ الْخِلَافُ فِي قَتْلِهِ بِالذِّمِّيِّ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ قَتْلُهُ بِهِ ( إلَّا إنْ كَانَ إذَا مَلَكَهُ عَتَقَ ) عَلَيْهِ ( كَأَنْ اشْتَرَى فَرْعَهُ أَوْ أَصْلَهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ ) أَوْ قَالَ لِمَالِكِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَجَابَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَيَصِحُّ ) تَمَلُّكُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ فَلَا إذْلَالَ وَفِي عَدِّ الثَّانِيَةِ مِنْ ذَلِكَ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الْقَبُولَ فِيهَا فِدَاءٌ لَا شِرَاءٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ عِتْقِهِ كَانَ أَعَمَّ ( لَا إنْ اشْتَرَى مُسْلِمًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ ( وَإِنْ وَكَّلَهُ مُسْلِمٌ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ ) فَاشْتَرَاهُ لَهُ ( صَحَّ وَوَقَعَ ) الْمِلْكُ ( لَهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ ) فِي الْعَقْدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ أَوَّلًا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُفَارِقُ مَنْعَ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِالتَّعَبُّدِ لِحُرْمَةِ الْإِبْضَاعِ وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ بِخِلَافِ مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا يَتَمَلَّكُ مُصْحَفًا وَحَدِيثًا ) أَيْ وَلَا كُتُبَ حَدِيثٍ ( وَ ) لَا ( كُتُبَ فِقْهٍ فِيهَا آثَارٌ ) لِلسَّلَفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ لَهَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ

يُقَالَ كُتُبَ عِلْمٍ وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْآثَارِ تَعْظِيمًا لِلْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ قَالَ ابْنُهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ وَتَعْلِيلُهُ يُفِيدُ جَوَازَ تَمَلُّكِهِ كُتُبِ عُلُومٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ مِنْ تَمَلُّكِ مَا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِالشَّرْعِ كَكُتُبِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّمَلُّكِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالشِّرَاءِ
( قَوْلُهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ ) أَوْ شَهِدَ بِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ( قَوْلُهُ وَفِي عَدِّ الثَّانِيَةِ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ ( قَوْلُهُ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ ) فَكَأَنَّهُ مَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ فِي نِكَاحِهَا أَصْلًا وَنِيَابَةً ( قَوْلُهُ وَلَا يَتَمَلَّكُ مُصْحَفًا ) لِقَوْلِهِ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ } قَالَ سُلَيْمٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنْعَ لِئَلَّا يَمَسُّوهُ فَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ لَا يَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي بَيْعِ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ وَغَيْرُهُ وَقَدْ فَرَّقُوا فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ بَيْنَهُمَا ا هـ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ يُفِيدُ جَوَازَ تَمَلُّكِهِ كُتُبًا غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ لِلْكَافِرِ اسْتِئْجَارُ الْمُسْلِمِ ) حُرًّا أَوْ رَقِيقًا ( وَلَوْ إجَارَةَ عَيْنٍ ) وَلَهُ اسْتِئْجَارُ مُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا تَسَلُّطٌ تَامٌّ وَإِنَّمَا يَسْتَوْفِي مَنْفَعَتَهُ بِعِوَضٍ وَقَدْ آجَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ نَفْسَهُ لِكَافِرٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَعْمَالِ الْمُمْتَهِنَةِ أَمَّا الْمُمْتَهِنَةُ كَإِزَاحَةِ قَاذُورَاتِهِ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا ( وَلَهُ ارْتِهَانُهُ ) أَيْ الرَّقِيقُ الْمُسْلِمُ ( وَارْتِهَانُ مُصْحَفٍ ) لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ اسْتِيثَاقٍ ( وَتُرْفَعُ يَدُهُ ) عَنْهُمَا ( فَيُوضَعَانِ عِنْدَ عَدْلٍ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَسَلَّمُهُمَا أَوَّلًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يُسَلَّمُ أَوَّلًا لِلْعَدْلِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ احْتِمَالَيْنِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُسَلَّمُ إلَيْهِ الرَّقِيقُ ثُمَّ يُنْزَعُ حَالًا إذْ لَا مَحْذُورَ كَمَا فِي إيدَاعِهِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُصْحَفِ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ فَلَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَمَا قَالَهُ مُتَّجَهٌ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ لِلْكَافِرِ اسْتِئْجَار الْمُسْلِمِ ) لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيَسْتَكْسِبُ لَهُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَنَافِعِ فَإِنْ قُلْنَا تُزَالُ فِيهَا فَهُنَا أَوْلَى لَا سِيَّمَا فِي الْوَصِيَّةِ الْمُؤَبَّدَةِ لِأَنَّ الذَّالَ فِيهِ أَشَدُّ لِتَأَبُّدِ الْمَنْفَعَةِ ر وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( وَقَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا ) قَالَ شَيْخُنَا يَرُدُّ مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ الْمَحْذُورَ زَائِلٌ مُطْلَقًا بِإِجْبَارِهِ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ مَنَافِعِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) قَالَ لِمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِعْتُكُمَا هَذَا الْمُسْلِمَ أَوْ الْمُصْحَفَ فَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الصَّبِيَّةَ مِنْ رَجُلَيْنِ تَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا وَلَا تَحِلُّ لِلْآخَرِ فِيمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَيُحْتَمَلُ الصِّحَّةُ فِي نِصْفِهِ لِلْمُسْلِمِ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ الثَّانِي .

( وَيُؤَجِّرُ ) الْكَافِرُ وُجُوبًا ( الْأَجِيرَ ) الْمُسْلِمَ لِمُسْلِمٍ لِيُزِيلَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْ الرَّقَبَةِ فِيمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ لَا يَجِبُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِجَارَةِ الْعَيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ دُونَ إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِيهَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ ( وَيُكْرَهُ ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ ( إجَارَةُ عَيْنِ الْمُسْلِمِ وَإِعَارَتُهُ ) لَهُ صِيَانَةً عَنْ الْإِذْلَالِ وَكَرَاهَةُ إعَارَتِهِ لَهُ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الْعَارِيَّةِ وَذَكَرَ هُنَا جَوَازَ إيدَاعِهِ عِنْدَهُ وَخَرَجَ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا دَيْنٌ عَلَى الْأَجِيرِ وَلَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ
( قَوْلُهُ ذَكَرَ هُنَا جَوَازَ إيدَاعِهِ عِنْدَهُ ) قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ السُّبْكِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيدَاعُ الْمُصْحَفِ عِنْدَهُ قُلْت وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ إفْسَادِهَا وَالْإِعَارَةُ مِثْلُهُ وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِمَنْعِ دَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى مَنْ يَجْلِدُهُ وَقَالَ لَا يُدْفَعُ الْمُصْحَفُ وَالتَّفَاسِيرُ وَكُتُبُ الْحَدِيثِ إلَى كَافِرٍ لَا يُرْجَى إسْلَامُهُ وَيُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ

( فَرْعٌ لَوْ نَسَخَ الْكَافِرُ مُصْحَفًا ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ ) أَوْ أَمَتُهُ ( أَمَرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهُ ) بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ غَيْرِهَا دَفْعًا لِلْإِهَانَةِ وَالْإِذْلَالِ وَقَطْعًا لِسَلْطَنَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا يَحْكُمُ بِزَوَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ تَحْتَ كَافِرٍ إذْ مِلْكُ النِّكَاحِ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ فَتَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَهَلْ يَكْفِي وَقْفُهُ عَلَى ذِمِّيٍّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكْفِ وَلَمْ يَصِحَّ أَوْ لَهُ تَعَالَى فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْإِجَارَةِ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّا هُنَاكَ نَأْمُرُهُ بِالْإِجَارَةِ وَهُوَ هُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّهُ إنْ أَجَّرَهُ مُدَّةَ عُمْرِهِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ الْبَعْضَ لَزِمَ أَنْ يَبْقَى الْبَعْضُ الْآخَرُ عَلَى مِلْكِهِ ( فَلَا يَكْفِي رَهْنُهُ وَإِجَارَتُهُ ) وَتَزْوِيجُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ الِاسْتِقْلَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَوْ يَصِحُّ لَكِنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْحَيْلُولَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ( وَتَكْفِي الْكِتَابَةُ ) لَهُ وَإِنْ لَمْ يَزَلْ بِهَا الْمِلْكُ لِإِفَادَتِهَا الِاسْتِقْلَالِ ( فَإِنْ بَاعَهُ ) وَكَانَ ( مَعِيبًا أَوْ ) بَاعَهُ ( بِمَعِيبٍ أَوْ وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ أَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي ) بِالثَّمَنِ ( أَوْ اسْتَقَالَ أَحَدُهُمَا ) الْآخَرُ ( فَلَهُ ) أَيْ لِلْمُوجِبِ ( أَوْ لِلْمُشْتَرِي ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ( الْإِقَالَةُ وَالِاسْتِرْدَادُ ) الشَّامِلُ لِلرَّدِّ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ دُخُولَ مُسْلِمٍ فِي مِلْكِ كَافِرٍ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْفَسْخَ يَقْطَعُ الْعَقْدَ وَيَجْعَلُ الْأَمْرَ كَمَا كَانَ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ بِالْفَسْخِ فِي الرَّدِّ يَقَعُ قَهْرًا ( وَلَهُ تَعْجِيزُهُ فِي الْكِتَابَةِ ) إنْ عَجَزَ عَنْ النُّجُومِ كَمَا لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي أَوْ نَحْوِهِ

( قَوْلُهُ وَهَلْ يَكْفِي وَقْفُهُ عَلَى ذِمِّيٍّ ) قَالَ فِي الْقُوتِ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ا هـ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِغَيْرِ اللَّهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ مَاتَ ) الْكَافِرُ عَنْ رَقِيقٍ مُسْلِمٍ ( وَرِثَهُ وَلَدُهُ الْكَافِرُ ) لِأَنَّ الْإِرْثَ قَهْرِيٌّ وَيُؤْمَرُ بِمَا كَانَ يُؤْمَرُ بِهِ مُوَرِّثُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ صَارَ لِوَارِثِهِ وَهِيَ أَعَمُّ وَكَالرَّقِيقِ الْمُصْحَفُ وَنَحْوُهُ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَحْمِلُهُ ( فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ) مَالِكُهُ ( مَنْ يَشْتَرِيهِ ) بِثَمَنِ الْمِثْلِ ( أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَيَسْتَكْسِبُ ) هُوَ ( لَهُ ) وَمَا قَرَّرَتْهُ مِنْ أَنَّ ضَمِيرَ يَجِدْ رَاجِعٌ لِلْمَالِكِ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ لَكِنَّ الْأَصْلَ جَعْلُهُ رَاجِعًا لِلْحَاكِمِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ امْتَنَعَ مَالِكُهُ مِمَّا أُمِرَ بِهِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ كَمَا يَبِيعُ مَالَ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَبَرَ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَيَسْتَكْسِبُ لَهُ وَتُؤْخَذُ نَفَقَتُهُ مِنْهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ أَكْثَرُ فَائِدَةً قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَأْجَرِ إذَا أَمَرْنَاهُ بِالْإِزَالَةِ فَامْتَنَعَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْحَاكِمُ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُفْسَخُ فَإِنْ قُلْت هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَيْعُ أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابَتِهِ كَالْمَالِكِ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ بَيْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَصْلَحَةِ الْمَالِكِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ حَالًّا ( كَمُسْتَوْلَدَتِهِ ) فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَتَسْتَكْسِبُ لَهُ فِي يَدِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَوْ نَحْوَهَا ( حِينَ تَسْلَمُ إذْ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا ) وَلَا يُكَلَّفُ إعْتَاقُهَا لِلْإِجْحَافِ وَلَا بَيْعَ مُدَبَّرِهِ إذَا أَسْلَمَ لِإِبْطَالِ حَقِّهِ مِنْ الْعِتْقِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ كَالْقِنِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ كَالْمُدَبَّرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إذَا طَلَبَ بَيْعَ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ نَفْسِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْمَالِكِ بِتَأَخُّرِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ نَعَمْ إنْ طَلَبَ غَيْرُهُ افْتِدَاءَهَا مِنْهُ

بِقَدْرِ قِيمَتِهَا فَالظَّاهِرُ إجْبَارُهُ
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِرْثَ قَهْرِيٌّ ) قَدْ أَنْهَى بَعْضُهُمْ صُوَرَ دُخُولِ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً إلَى نَحْوِ الْخَمْسِينَ مَسْأَلَةً وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَسْبَابُ دُخُولِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً ثَلَاثَةٌ مَا يُفِيدُ الْمِلْكَ الْقَهْرِيَّ وَالْفَسْخُ وَاسْتِعْقَابُ الْعِتْقِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ الْحَاكِمُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا ( قَوْلُهُ وَالْمَاوَرْدِيُّ كَالْمُدَبَّرِ ) جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِقُوَّةِ حَقِّ الْعِتْقِ فِي الْمُدَبَّرِ وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ ( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إجْبَارُهُ ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهَا وَهُوَ لَا يَصِحُّ

( فَرْعٌ وَلَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ ) رَقِيقًا ( كَافِرًا فَأَسْلَمَ ) الرَّقِيقُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ ) أَيْ الْعَقْدُ كَ إبَاقِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ الْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ قَبْلَ قَبْضِهِ لِزَوَالِ الْمَالِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ ( وَيَقْبِضُ ) هـ ( لَهُ الْحَاكِمُ ) وَلَا يَقْبِضُهُ هُوَ لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَى الْمُسْلِمِ ( ثُمَّ يُبَاعُ ) الْأَوْلَى وَالْأَنْسَبُ بِعِبَارَةِ أَصْلِهِ ثُمَّ يُزَالُ عَنْهُ مِلْكُهُ وَإِنَّمَا قَبَضَهُ لَهُ الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إلَّا بِالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَلَيْسَا بِمُتَعَيَّنَيْنِ عَلَيْهِ
( قَوْلُهُ فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ وَالْبَائِعُ كَافِرٌ فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ ) أَيْ وَالْغَزَالِيُّ ( فَرْعٌ ) أَمَةٌ كَافِرَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْمَرَ مَالِكُهَا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا إنْ قُلْنَا أَنَّ الْحَمْلَ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ

( الْأَمْرُ الثَّالِثُ صَلَاحِيَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ) لِلْبَيْعِ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ( شُرُوطٌ ) خَمْسَةٌ ( الْأَوَّلُ الطَّهَارَةُ ) لَهُ ( فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَجَسِ الْعَيْنِ ) سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ بِالِاسْتِحَالَةِ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ أَمْ لَا ( كَالسِّرْجِينِ ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا ( وَالْكَلْبِ وَلَوْ مُعَلَّمًا ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَقَالَ إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ } وَقِيسَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا ( وَلَا ) بَيْعُ ( مَائِعٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَوْ دُهْنًا وَمَاءً وَصَبْغًا ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَجَسِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ بَيْعُهُ لَمَا أَمَرَ بِإِرَاقَةِ السَّمْنِ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ كَمَا مَرَّ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا فَأَرِيقُوهُ } وَلَا أَثَرَ لِإِمْكَانِ تَطْهِيرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِالْمُكَاثَرَةِ لِأَنَّهُ كَالْخَمْرِ يُمْكِنُ طُهْرُهُ بِالتَّخَلُّلِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِالصَّبْغِ الْمُتَنَجِّسِ فِي صَبْغِ شَيْءٍ بِهِ وَإِنْ طَهُرَ الْمَصْبُوغُ بِهِ بِالْغُسْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( مَعَ أَنَّهُ يَطْهُرُ الْمَصْبُوغُ بِهِ بِالْغُسْلِ ) وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ مَائِعٍ مُتَنَجِّسٍ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْآجِرِ الْمَعْجُونِ بِالزِّبْلِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ فَسَادُ بَيْعِ الدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ بِهِ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ تَبَعًا لِلطَّاهِرِ مِنْهَا كَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ فَاغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهَا كَالْحَيَوَانِ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَبِبَاطِنِهِ النَّجَاسَةُ وَيَنْزِلُ كَلَامُهُمْ عَلَى بَيْعِ الْآجِرِ مُنْفَرِدًا أَمَّا بَيْعُ مُتَنَجِّسٍ يُمْكِنُ طُهْرُهُ بِالْغُسْلِ كَثَوْبٍ تَنَجَّسَ بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا مِنْهُ فَيَصِحُّ ( وَيَصِحُّ بَيْعُ الْقَزِّ وَفِيهِ

الدُّودُ ) وَلَوْ مَيِّتًا لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ كَالْحَيَوَانِ بِبَاطِنِهِ النَّجَاسَةِ وَيُبَاعُ جُزَافًا وَزْنًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَالدُّودُ فِيهِ كَنَوَى التَّمْرِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ لَا يَجُوزُ وَزْنًا وَحُمِلَ عَلَى بَيْعِهِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ وَالْجَهَالَةُ مَعَهَا تَقِلُّ بِخِلَافِ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ سَلَمٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ وَالْغَرَرَ وَمَعَهُ يَكْثُرُ ( وَ ) يَصِحُّ بَيْعُ ( بِزْرِ الْقَزِّ ) وَهُوَ الْبَيْضُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ دُودُ الْقَزِّ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ ( وَ ) بَيْعُ ( فَأْرَةِ الْمِسْكِ ) بِنَاءً عَلَى طَهَارَتِهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ ( وَلَوْ تَصَدَّقَ بِالدُّهْنِ ) الْمُتَنَجِّسِ ( لِلِاسْتِصْبَاحِ ) بِهِ مَثَلًا عَلَى إرَادَةِ نَقْلِ الْيَدِ لَا التَّمْلِيكِ ( جَازَ ) وَكَالتَّصَدُّقِ الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَالدُّهْنِ الْكَلْبُ وَالسِّرْقِينَ وَنَحْوُهُمَا ( وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِمَنْ يَصِيدُ ) بِهِ ( أَوْ يَحْفَظُ بِهِ نَحْوَ الْمَاشِيَةِ ) كَزَرْعٍ وَدَرْبٍ وَشَجَرٍ وَنَفْسِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ ( لَا قَبْلَ شِرَائِهَا ) أَيْ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوِهَا يَعْنِي تَمَلُّكَهَا فَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِغَيْرِ مَالِكِهَا لِيَحْفَظَهَا بِهِ إذَا مَلَكَهَا وَلَا غَيْرَ صَيَّادٍ لِيَصْطَادَ بِهِ إذَا أَرَادَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْفَهْدِ كَالْقِرْدِ وَالْفِيلِ وَغَيْرِهِمَا ( وَيَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجَرْوِ ) الَّذِي يُتَوَقَّعُ تَعْلِيمُهُ ( لِذَلِكَ ) أَيْ لِلصَّيْدِ وَلِحِفْظِ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوِهِمَا لَا قَبْلَ تَمَلُّكِهَا وَالْجَرْوُ بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَلَدُ الْكَلْبِ وَالسَّبُعِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ ( وَ ) يَجُوزُ ( اقْتِنَاءُ السِّرْجِينَ لِلزِّرَاعَةِ ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ السِّرْجِينِ وَتَرْبِيَةُ الزَّرْعِ بِهِ

لَكِنْ يُكْرَهُ

( قَوْلُهُ وَلَهُ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ ) ذَكَرَ السَّيْرَجِيُّ فِي الطِّرَازِ الْمَذْهَبُ أَنَّ شُرُوطَ الْبَيْعِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ شَرْطًا ( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الطَّهَارَةُ ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمَائِعُ الْوَاقِعُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَعَافُ أَكْلَهُ وَشَمِلَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مُذْكَاةٌ وَمَيْتَةٌ أَوْ مَاءٌ وَبَوْلٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ ( قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ } إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ أَكْلُهُ وَمَا حُرِّمَ أَكْلُهُ حُرِّمَ بَيْعُهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَوْلُهُ وَلَوْ دُهْنًا ) فَرَّقَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الدُّهْنِ الْأَكْلُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مَعَ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ نَحْوِ الثَّوْبِ فَإِنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ مَوْجُودٌ مَعَ النَّجَاسَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ صِحَّةُ بَيْعِ دُهْنِ بِزْرِ الْكَتَّانِ وَإِنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِخِلَافِهِ ( فَرْعٌ ) السُّكَّرُ إذَا تَنَجَّسَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي قُبَيْلَ بَابِ السَّلَمِ بِأَوْرَاقٍ قَالَ شَيْخُنَا صُورَتُهُ أَنَّهُ تَنَجَّسَ قَبْلَ طَبْخِهِ وَانْعِقَادِهِ .
( قَوْلُهُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ بِالْمُكَاثَرَةِ ) وَالْكَثِيرُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ ( قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يَطْهُرُ الْمَصْبُوغُ بِهِ بِالْغَسْلِ ) لِعُسْرِ التَّطْهِيرِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ فَيَصِيرُ عُسْرُ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ كَعُسْرِ أَخْذِ السَّمَكِ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذٍ مِنْهُ إلَّا بِاحْتِمَالِ تَعَبٍ شَدِيدٍ وَكَعُسْرِ أَخْذِ الطَّائِرِ مِنْ

الدَّارِ الْفَجَّاءِ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا بِتَعَبٍ شَدِيدٍ وَالْأَصَحُّ فِيهِ الْمَنْعُ وَعُلِمَ أَنَّ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِنَجَسٍ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلتَّسَتُّرِ بِهِ وَإِنْ بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ صِحَّتَهُ ( قَوْلُهُ كَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ ) أَيْ وَالْعَرْصَةِ ( قَوْلُهُ يُمْكِنُ طُهْرُهُ بِالْغُسْلِ ) وَلَوْ مَعَ التُّرَابِ ( فَرْعٌ ) الْأَرْضُ الْمُسَمَّدَةُ بِالْعَذِرَةِ وَالنَّجَاسَاتِ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا إلَّا بِإِزَالَةِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ السَّمَادُ مِنْهَا وَالطَّاهِرُ مِنْهَا غَيْرُ مَرْئِيٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ صِحَّةُ بَيْعِهَا كَذَلِكَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهَا فَاغْتُفِرَ أَوْ بِالضَّرُورَةِ ( قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى بَيْعِهِ فِي الذِّمَّةِ ) لِأَنَّ الْوَزْنَ إذَا كَانَ لَا يَزِيدُ الْمَبِيعَ جَهَالَةً لَمْ يَمْتَنِعْ إلَّا فِي بَابِ الرِّبَا فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ الْمَكِيلَ وَزْنًا لَمْ يَجُزْ وَلَيْسَ الْقَزُّ بِرِبَوِيٍّ وَلَيْسَ الْعِلَّةُ فِيهِ جَهَالَةَ الْمَقْصُودِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَالدُّودُ الَّذِي فِي بَطْنِهِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ نَوَى التَّمْرِ فَكَمَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ جُزَافًا وَوَزْنًا كَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ مَا شُوهِدَ مِنْ الْقَزِّ جُزَافًا وَوَزْنًا وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مَجْهُولًا ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجَرْوِ إلَخْ ) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَسْلِ كَلْبٍ مُعَلَّمٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي التَّدْرِيبِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَا يَقْتَضِيهِ

( الشَّرْطُ الثَّانِي الِانْتِفَاعُ ) بِهِ شَرْعًا وَلَوْ فِي الْمَآلِ كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ ( فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا نَفْعَ بِهِ ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مَالًا فَأَخْذُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهِ مُمْتَنِعٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَعَدَمِ نَفْعِهِ ( إمَّا لِقِلَّتِهِ كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَزَبِيب ) وَلَا أَثَرَ لِضَمِّ ذَلِكَ إلَى مِثْلِهِ أَوْ وَضْعِهِ فِي الْفَخِّ وَمَعَ هَذَا يَحْرُمُ غَصْبُهُ ( وَيَجِبُ الرَّدُّ ) لَهُ ( فَإِنْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ ) إذْ لَا مَالِيَّةَ وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْخِلَالِ وَالْخِلَالَيْنِ مِنْ خَشَبِ الْغَيْرِ يُحْمَلُ عَلَى عِلْمِهِ بِرِضَا مَالِكِهِ ( وَإِمَّا لِخَسَّتِهِ كَالْحَشَرَاتِ ) وَهِيَ صِغَارٌ وَدَوَابُّ الْأَرْضِ كَالْخُنْفُسَاءِ ( وَالْفَأْرَةِ وَالنَّمْلِ ) وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُذْكَرُ مِنْ مَنَافِعِهَا فِي الْخَوَاصِّ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مَالًا وَبِمَا قَرَّرَتْهُ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ كَالْحَشَرَاتِ شَامِلٌ لِلْفَأْرَةِ وَالنَّمْلِ فَذَكَرَهُمَا بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ ( لَا الْعَلَقِ ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ ( لِلِامْتِصَاصِ ) أَيْ لِمَنْفَعَةِ امْتِصَاصِ الدَّمِ ( وَبَيْعُ غَيْرِ الْجَوَارِحِ ) الْمُعَلَّمَةِ ( مِنْ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ ) مِمَّا لَا نَفْعَ فِيهِ ( كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ ) غَيْرِ الْمَأْكُولِ ( بَاطِلٌ ) وَلَا نَظَرَ لِمَنْفَعَةِ الْجِلْدِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا لِمَنْفَعَةِ الرِّيشِ فِي النَّبْلِ وَلَا لِاقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ لِبَعْضِهَا لِلْهَيْبَةِ وَالسِّيَاسَةِ ( وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ ) مِنْ الْجَوَارِحِ وَغَيْرِهَا ( كَالْفَهْدِ ) لِلصَّيْدِ ( وَالْفِيلِ ) لِلْقِتَالِ ( وَالْقِرْدِ ) لِلْحِرَاسَةِ ( وَالنَّحْلِ ) لِلْعَسَلِ ( وَالْعَنْدَلِيبِ وَالطَّاوُسِ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهِ ) أَيْ الْعَنْدَلِيبِ ( وَلَوْنِهِ ) أَيْ الطَّاوُسِ وَلَا فَائِدَةَ لِعُدُولِهِ عَنْ تَمْثِيلِ أَصْلِهِ بِالزُّرْزُورِ إلَى تَمْثِيلِهِ بِالْعَنْدَلِيبِ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِمَا مَعًا فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ

أَكْلُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا يُزَادُ فِي ثَمَنِهِ لِأَجْلِ صَوْتِهِ أَوْ لَوْنِهِ يَصِحُّ بَيْعُهُ سَوَاءٌ حَلَّ أَكْلُهُ كَالْمَذْكُورَيْنِ أَمْ لَا كَالنَّهَّاسِ وَالصُّرَدِ لِصَوْتِهِمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالسَّبُعُ الَّذِي لَمْ يَصِدْ وَلَكِنْ يُرْجَى أَنْ يَتَعَلَّمَ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ تَعَلُّمِهِ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا وَالْأَرْجَحُ الْجَوَازُ ( وَ ) يَجُوزُ بَيْعُ ( الْعَبْدِ الزَّمَنِ ) لِأَنَّهُ يَتَقَرَّبُ بِعِتْقِهِ ( لَا الْحِمَارِ الزَّمَنِ ) وَلَا أَثَرَ لِمَنْفَعَةِ جِلْدِهِ إذَا مَاتَ
( قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا نَفْعَ بِهِ ) كَالْحِمَارِ الزَّمَنِ ( قَوْلُهُ كَحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَزَبِيبٍ ) لِكَوْنِهِمَا لَا قِيمَةَ لَهُمَا فَلَا يُعَدَّانِ مَالًا فِي الْعُرْفِ أَيْ يُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ دَعْوَى الْإِسْنَوِيِّ التَّنَاقُضُ بِمَا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ ( قَوْلُهُ كَالْحَشَرَاتِ ) أَمَّا الْحَشَرَاتُ الْمَأْكُولَةُ كَالضَّبِّ وَالْيَرْبُوعِ وَأُمِّ حُبَيْنٍ وَابْنِ عُرْسٍ وَالدُّلْدُلِ وَالْقُنْفُذِ وَالْوَبَرِ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا ( قَوْلُهُ لَا الْعَلَقُ إلَخْ ) مِثْلُهُ النَّمْلُ الْكَبِيرُ فِي الْبِلَادِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ فِيهَا لِسُمْكِ الْجِلْدِ وَالْتِئَامِهِ ( قَوْلُهُ كَالْأَسَدِ ) أَيْ وَالنَّمِرِ الَّذِي تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ ( قَوْلُهُ كَالْفَهْدِ ) وَنَمِرٌ مُعَلَّمٌ أَوْ يَتَأَتَّى تَعْلِيمُهُ وَهِرَّةٌ أَهْلِيَّةٌ ( قَوْلُهُ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ ) بِأَنَّهُمَا ذَكَرَا الْمَنْفَعَةَ الْعُظْمَى فِيهِمَا الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِشِرَائِهِمَا لَهَا وَهِيَ الصَّوْتُ وَاللَّوْنُ

( فَرْعٌ وَيَحْرُمُ بَيْعُ السُّمِّ ) إنْ قَتَلَ كَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ ( فَإِنْ نَفَعَ قَلِيلُهُ ) وَقَتَلَ كَثِيرُهُ ( كَالسَّقَمُونْيَا وَالْأَفْيُونِ جَازَ ) بَيْعُهُ

( فَرْعٌ آلَاتِ الْمَلَاهِي ) كَالْمِزْمَارِ وَالطُّنْبُورِ ( وَالصُّوَرِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَوْ كَانَتْ ذَهَبًا ) أَوْ فِضَّةً إذْ لَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا وَلِأَنَّهَا عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { بَيْعَ الْأَصْنَامِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( بَيْعُ النَّرْدِ ) كَالْمِزْمَارِ ( إلَّا أَنْ صَلَحَ بَيَادِقَ لِلشِّطْرَنْجِ ) فَيَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ ( وَيَصِحُّ بَيْعُ جَارِيَةِ الْغِنَاءِ وَكَبْشِ النِّطَاحِ وَدِيكِ الْهِرَاشِ وَلَوْ زَادَ الثَّمَنُ لِذَلِكَ ) قُصِدَ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَصَالَةُ الْحَيَوَانِ ( وَيُكْرَهُ بَيْعُ الشِّطْرَنْجِ وَيَصِحُّ بَيْعُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودَانِ وَلَا يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَالصُّوَرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْهُمَا لِأَنَّ آنِيَتَهُمَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهَا لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ تِلْكَ
( قَوْلُهُ وَقَدْ حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { بَيْعَ الْأَصْنَامِ } إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ كَانَتْ تَصْلُحُ لِمَنْفَعَةٍ وَلَوْ بِأَدْنَى تَغْيِيرٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ الصِّحَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ وَيُؤَيِّدُ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي بَيْعِ النَّرْدِ إذَا صَلَحَ لِبَيَادِقِ الشِّطْرَنْجِ جَازَ وَإِلَّا فَكَالْمِزْمَارِ ( قَوْلُهُ يَجُوزُ بَيْعُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) إذْ قَدْ يُقْصَدُ بِهَا إحْرَازُ الْمَالِ وَلِذَلِكَ جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ ( قَوْلُهُ يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهَا لِلْحَاجَةِ ) بِخِلَافِ تِلْكَ هَلْ يَلْحَقُ بَيْعُ الصُّلُبِ مِنْ النَّقْدَيْنِ بِالْأَوَانِي أَمْ بِالصَّنَمِ وَنَحْوِهِ فِيهِ نَظَرٌ .
ا هـ .
وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي قَالَ شَيْخُنَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ شِعَارُهُمْ الْمَخْصُوصَةُ بِتَعْظِيمِهِمْ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ

( فَرْعٌ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ وَالتُّرَابِ وَلَوْ ) كَانَ الْمَاءُ ( عِنْدَ النَّهْرِ وَ ) الْحَجَرُ عِنْدَ ( الْجَبَلِ وَ ) التُّرَابُ عِنْدَ ( الصَّحْرَاءِ ) لِظُهُورِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ تَحْصِيلُ مِثْلِهَا بِلَا تَعَبٍ وَلَا مُؤْنَةٍ ( وَ ) يَصِحُّ ( بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ ) لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فَأَشْبَهَ لَبَنَ الشَّاةِ وَمِثْلُهُ لَبَنُ الْآدَمِيِّينَ بِنَاءً عَلَى طَهَارَتِهِ

( الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْوِلَايَةُ ) لِلْعَاقِدِ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ كَوِلَايَةِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي وَالظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَالْمُلْتَقِطِ لِمَا يَخَافُ تَلَفَهُ ( فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ وَتَصَرُّفَاتُهُ ) أَيْ بَاقِيَهَا ( وَ ) تَصَرُّفَاتُ ( الْغَاصِبِ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( بَاطِلٌ ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلِخَبَرِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ { وَلَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِخَبَرِ { لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ( وَكَذَا شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ لِلْغَيْرِ بِعَيْنِ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ ) بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته لَهُ بِأَلْفٍ مَثَلًا فِي ذِمَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالشِّرَاءِ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لِيَقْرِنَهُ بِقِسْمِهِ الْآتِي وَقَوْلُهُ ( بَاطِلٌ ) إيضَاحٌ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ لِلْمُبَاشِرِ سَوَاءٌ قَالَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْوِلَايَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِكَوْنِ الْمِلْكِ لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ لِاقْتِضَائِهِ إخْرَاجِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَشِرَائِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ تَقْتَضِي إدْخَالَهُمَا لِأَنَّ الْقَائِلَ بِصِحَّتِهِمَا لَا يَقُولُ بِصِحَّتِهِمَا لِلْفُضُولِيِّ بَلْ لِمَنْ قَصَدَهُ ( وَإِنْ كَانَ ) الشِّرَاءُ لِلْغَيْرِ ( بِعَيْنِ مَالِ الْفُضُولِيِّ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ لَهُ سَوَاءٌ أَذِنَ ) لَهُ ( ذَلِكَ الْغَيْرُ وَسَمَّاهُ ) هُوَ فِي الْعَقْدِ ( أَمْ لَا ) مَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ وَسَمَّاهُ هُوَ وَاشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ هُنَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ تَسْمِيَةِ الْعَاقِدِ لِلْآذِنِ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْآذِنِ وَحِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ ثَمَنَ قَرْضٍ أَوْ هِبَةٍ وَالْمُرَجَّحُ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْآذِنِ وَأَنَّ الثَّمَنَ قَرْضٌ لِلْآذِنِ لَا هِبَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ

كَأَصْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَلَا تَقُومُ النِّيَّةُ هُنَا مَقَامَ التَّسْمِيَةِ ثُمَّ تَعْبِيرُهُ بِالْفُضُولِيِّ لَا يُنَاسِبُ ذِكْرَ الْإِذْنَ فَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ

( قَوْلُهُ بِمِلْكٍ ) حَقِيقَتُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا تَبَعَةٌ وَلَا غَرَامَةَ دُنْيَا وَلَا أُخْرَى وَقِيلَ مَعْنَى مُقَدَّرٍ فِي الْمَحَلِّ يَعْتَمِدُ الْمُكَلَّفَ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهٍ يَنْفِي التَّبَعِيَّةَ وَالْغَرَامَةَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَا قَبِلَ التَّصَرُّفَ فَهُوَ الْمَمْلُوكُ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ فَهُوَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ كَالْحَشَرَاتِ ( قَوْلُهُ وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ ) وَأَمَّا خَبَرُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ أَنَّهُ قَالَ { دَفَعَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا لِأَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَيْت بِهِ شَاتَيْنِ فَبِعْت إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجِئْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ وَذَكَرْت لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِي فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَةِ يَمِينِك } فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ الشَّاةَ وَسَلَّمَهَا وَعِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ ( قَوْلُهُ لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ إلَخْ ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ الْوَاقِعَ فَأُخْرِجَ بِقَوْلِهِ وَلَهُ الْوَاقِعُ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ عَلَى الْقَدِيمِ فَإِنَّ صِحَّتَهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَارَةِ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَقْفُ الْعُقُودِ الْمَنْسُوبُ إلَى الْقَدِيمِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِهِ الصِّحَّةُ وَالْمِلْكُ مِنْ حِينِ الْإِجَازَةِ .
ا هـ .
فَالرَّاجِحُ أَنَّ الصِّحَّةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَّا أَنَّ الصِّحَّةَ نَاجِزَةٌ وَالْمَوْقُوفُ الْمِلْكُ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ حَكَاهُ عَنْهُ كُلٌّ مِنْ الْعَلَائِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ فِي قَوَاعِدِهِ وَإِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الصِّحَّةَ نَاجِزَةٌ وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ هُوَ الْمِلْكُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْعَدَدِ فِي الْكَلَامِ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ يُفْهِمُ أَنَّ الِانْعِقَادَ مَوْقُوفٌ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ

الْعُبَابِ هُنَا ( قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ ) مَا ذَكَرَهُ هُنَا صُورَتُهُ أَنَّ الْغَيْرَ اقْتَصَرَ عَلَى إذْنِهِ لَهُ فِي الشِّرَاءِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي شِرَائِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَلِهَذَا عَبَّرَ فِيهِ بِالْفُضُولِيِّ وَمَا فِي الْوَكَالَةِ صُورَتُهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ وَحُكْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ

( فَرْعٌ وَإِذَا بَاعَ أَوْ أَبْرَأَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ ) مَثَلًا شَيْئًا ( أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ظَانًّا بَقَاءَهُ فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ بَاعَ عَبْدَ نَفْسِهِ ظَانًّا إبَاقَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ فَبَانَ ) أَنَّهُ ( قَدْ رَجَعَ ) مِنْ إبَاقِهِ ( أَوْ فَسْخَ ) كِتَابَتِهِ ( صَحَّ ) لِتَبَيُّنِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْعَاقِدِ وَالْوَقْفُ فِيهِ وَقْفُ تَبَيُّنٍ لَا وَقْفُ صِحَّةٍ وَيُخَالِفُ إخْرَاجَ زَكَاةِ الْمَالِ بِشَرْطِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِيهَا وَلَمْ يَبْنِهَا عَلَى أَصْلٍ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الرِّبَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ أَوْ أُخْتُهُ أَمْ لَا فَقَدْ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِخِلَافِهِ عَلَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّكَّ ثَمَّ فِي حِلِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُنَا الْعَاقِدُ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الرُّكْنِيَّةِ وَمَسْأَلَةُ الْإِبْرَاءِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقَدْ أَعَادَهَا فِي الضَّمَانِ تَبَعًا لِذِكْرِ الْأَصْلِ لَهَا ثَمَّ ( وَكَذَا ) يَصِحُّ ( لَوْ بَاعَ هَازِلًا ) لِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِوُقُوعِهِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لَهُ أَثَرٌ لَهُ خَطَأُ ظَنِّهِ وَهَذَا إعَادَةٌ فِي الطَّلَاقِ فِي ضِمْنِ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ ( أَوْ ) بَاعَ ( لِلتَّلْجِئَةِ ) بِأَنْ يَبِيعَ مَالَهُ لِصَدِيقِهِ خَوْفَ غَصْبٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَقَدْ تَوَافَقَا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ لَهُ لِيَرُدَّهُ إذَا أَمِنَ وَهَذَا كَمَا يُسَمَّى بَيْعُ التَّلْجِئَةِ يُسَمَّى بَيْعَ الْأَمَانَةِ ( وَقَوْلُهُ إنْ مَاتَ أَبَى فَقَدْ زَوَّجْتُك أَمَتَهُ بَاطِلٌ ) كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ زَوَّجْتُك أَمَتِي وَذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وَجَمِيعَ نَظَائِرِهَا أَنْ لَا يَعْلَمَا حَالَ التَّعْلِيقِ وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ

فِي قَوْلِهِ وَقَدْ بُشِّرَ بِبِنْتٍ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا
( قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُمْ احْتَاطُوا فِي النِّكَاحِ وَقَالُوا لَوْ تَزَوَّجَ الْخُنْثَى فَبَانَ رَجُلًا لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ مَنْ يَشُكُّ فِي كَوْنِهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فَبَانَتْ حَلَالًا لَهُ ا هـ وَيُجَابُ بِقُوَّةِ تَأْثِيرِ الشَّكِّ فِيمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ إذْ الزَّوْجَةُ مَعْقُودٌ عَلَيْهَا وَقِيلَ أَنَّ الزَّوْجَ كَذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ ( قَوْلُهُ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَخْ ) لَا يَخْتَصُّ هَذَا بِظَنِّ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ بَلْ الضَّابِطُ ظَنُّ فِقْدَانِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ أَوْ غَيْرُ طَاهِرٍ أَوْ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسَلُّمِهِ فَكَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَهَذَا مُرَادُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ ر ( قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الشَّكَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَقَدْ زَوَّجْتُك أَمَتَهُ ) أَيْ أَوْ بِعْتُكهَا ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الشَّرْطُ الرَّابِعُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ ) لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِسًّا وَشَرْعًا لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ وَلْيَخْرُجْ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَرَرُ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ مُتَضَادَّيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا وَقِيلَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ ( وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَأْسُ مِنْ التَّسْلِيمِ بَلْ ظُهُورُ التَّعَذُّرِ كَافٍ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَغْصُوبِ ) مِنْ غَيْرِ غَاصِبِهِ ( وَ ) لَا بَيْعُ ( الْآبِقِ ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِمَا حَالًّا نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَيْعُ ضِمْنِيًّا صَحَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَمِثْلُهُ بَيْعُ مَنْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ ( وَ ) لَا ( كِتَابَتُهُمَا ) لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّمَكُّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ ( وَإِنْ عَرَفَ مَوْضِعَهُمَا ) وَعَلِمَ أَنَّهُ يَصِلَهُمَا إذَا أَرَادَ لَكِنْ بِكُلْفَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فِيهِمَا لَكِنْ ذَكَرَهُ لِكِتَابَةِ الْآبِقِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّصَرُّفِ بَلْ الْمَغْصُوبُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ صَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ وَمِثْلُهُمَا فِي مَنْعِ بَيْعِهِمَا وَفِيمَا يَأْتِي الضَّالُّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَاسْتُشْكِلَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَنْعُ بَيْعِهِمْ بِأَنَّ إعْتَاقَهُمْ جَائِزٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي شِرَائِهِ مَنْفَعَةٌ إلَّا حُصُولُ الثَّوَابِ بِالْعِتْقِ كَالْعَبْدِ الزَّمَنِ صَحَّ بَيْعُهُ وَإِعْتَاقُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَكُونُ قَبْضًا قَالَ فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُ هَؤُلَاءِ إذَا كَانُوا زَمْنَى بَلْ مُطْلَقًا لِوُجُودِ مَنْفَعَةٍ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَصِحُّ لَهَا الشِّرَاءُ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الزَّمَنَ لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنْفَعَةٌ سِوَى الْعِتْقُ يَصِحُّ بَيْعُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِعَدَمِ قُدْرَةِ

الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِهِمْ لِيُمَلِّكَهُمْ لِغَيْرِهِ ( بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ وَالْعِتْقِ ) لِمَنْ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ ( فَإِنْ اشْتَرَاهُمَا قَادِرٌ عَلَيْهِمَا صَحَّ ) نَظَرًا إلَى وُصُولِهِ إلَيْهِمَا إلَّا أَنْ احْتَاجَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى مُؤْنَةٍ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَرَ الْبَائِعُ عَلَيْهِمَا صَحَّ بَيْعُهُمَا أَيْضًا كَالْمُودَعِ وَالْمُعَارِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبَيْعِ السَّمَكِ فِي الْبِرْكَةِ أَيْ وَشَقَّ تَحْصِيلُهُ مِنْهَا قَالَ وَهَذَا عِنْدِي لَا مِدْفَعَ لَهُ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي الْقَادِرِ عَلَيْهِمَا ( الْخِيَارَانِ جَهِلَ ) الْحَالَ وَقْتَ الْبَيْعِ ( أَوْ عَلِمَ ) بِهِ ( وَعَرَضَ مَانِعٌ ) أَيْ عَجَزَ عَنْ الْبَيْعِ لَا يَلْزَمُهُ كُلْفَةُ التَّحْصِيلِ وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ مَعَ الِاحْتِيَاجِ فِي التَّحْصِيلِ إلَى مُؤْنَتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَطْلَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ وَهَذَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ صُبْرَةً تَحْتَهَا دَكَّةٌ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَجْزِ صَدَقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ ( فَائِدَةٌ ) قَالَ الثَّعَالِبِيُّ لَا يُقَالُ لِلْعَبْدِ آبِقٌ إلَّا إذَا كَانَ ذَهَابُهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا كَدٍّ فِي الْعَمَلِ وَإِلَّا فَهُوَ هَارِبٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يُطْلِقُونَهُ عَلَيْهِمَا

( قَوْلُهُ عَلَى التَّسَلُّمِ ) حِكْمَةُ التَّعْبِيرِ بِالتَّسَلُّمِ بِضَمِّ اللَّامِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِعْلُ الْبَائِعِ وَلَيْسَتْ قُدْرَتُهُ بِشَرْطٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ لِلْقَادِرِ عَلَى انْتِزَاعِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا كِتَابَتُهُمَا ) صُورَةُ عَدَمِ صِحَّةِ كِتَابَتِهِمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنَا مِنْ التَّصَرُّفِ ( فَرْعٌ ) بَاعَ حَيَوَانًا فِي حَالِ صِيَالِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ مُهْدَرٌ قَالَهُ ابْنُ يَحْيَى فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ فَلَوْ بَاعَهُ فَصَالَ ثُمَّ عَادَ مُسْتَسْلِمًا عَادَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ عَادَ خَلًّا ( قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَنْعَ بَيْعِهِمْ إلَخْ ) الْفَرْقُ أَنَّ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَى بَعْضِ مَنَافِعِ الْعَبْدِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الزَّمَنِ فَإِنَّهُ قَدْ أَوْرَدَ الْعَقْدَ عَلَى كُلِّ مَنْفَعَةٍ لَهُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْبَيْعُ فِي الْعَبْدِ الزَّمَنِ إذَا كَانَ آبِقًا أَوْ مَغْصُوبًا لِأَنَّ الْعَبْدَ الزَّمَنَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي مَقَاصِدَ غَيْرِ الْعِتْقِ كَالْحِرَاسَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ وَهَذَا مِنْ الْوَاضِحَاتِ ( ت ) ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَرَ الْبَائِعُ عَلَيْهِمَا إلَخْ ) الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ تَحَقُّقُهَا فَلَوْ احْتَمَلَ قُدْرَتَهُ وَعَدَمَهَا لَمْ يَجُزْ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي كُنْت أَظُنُّ أَنِّي قَادِرٌ عَلَى قَبْضِهِ وَالْآنَ لَا أَقْدِرُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيُحْكَمُ بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ ا هـ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَهَذَا عِنْدِي لَا مِدْفَعَ لَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ هُوَ كَمَا قَالَ ( قَوْلُهُ إذْ الْبَيْعُ لَا يَلْزَمُهُ كُلْفَةُ التَّحْصِيلِ ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُؤْنَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَطْلَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ

هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الِاحْتِيَاجُ فِي تَسَلُّمِ الْمَبِيعِ إلَى مُؤْنَةٍ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَفِي تِلْكَ حَالَةُ الْعِلْمِ بِالدَّكَّةِ وَمَنَعَهَا تَخْمِينُ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ وَهِيَ مُنْتَقِيَةٌ حَالَ الْجَهْلِ بِهَا كَ

( وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ طَائِرٍ فِي الْهَوَاءِ وَإِنْ تَعَوَّدَ الْعَوْدَ ) إلَى مَحَلِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَلِأَنَّهُ لَا يَوْثُقُ بِهِ لِعَدَمِ عَقْلِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُرْسَلِ فِي حَاجَةٍ ( إلَّا النَّحْلَ الْمَوْثُوقَةُ أُمُّهُ ) بِأَنْ تَكُونَ فِي الْكُوَّارَةِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَفَارَقَ بَقِيَّةَ الطُّيُورِ بِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِالْجَوَارِحِ وَبِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ عَادَةً إلَّا مِمَّا يَرْعَاهُ فَلَوْ تَوَقَّفَ صِحَّةُ بَيْعِهِ عَلَى حَبْسِهِ لَرُبَّمَا أَضَرَّ بِهِ أَوْ تَعَذَّرَ بِهِ بَيْعُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الطُّيُورِ فَإِنَّهَا تُعْلَفُ وَتَقْيِيدُهُ النَّحْلِ بِمَا ذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأُمُّهُ يَعْسُوبُهُ وَهُوَ أَمِيرُهُ ( وَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الْكُوَّارَةِ أَوْ حَالَ خُرُوجِهِ ) مِنْهَا أَوْ دُخُولِهِ إلَيْهَا وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ وَالْكُوَّارَةُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْوَاوِ فِيهِمَا وَمَعَ تَخْفِيفِهَا فِي الْأَوَّلِ الْخَلِيَّةُ وَحُكِيَ أَيْضًا كَسْرُ الْكَافِ مَعَ تَخْفِيفِ الْوَاوِ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( بَيْعُ سَمَكٍ فِي مَاءٍ وَلَوْ فِي بِرْكَةٍ إنْ شَقَّ تَحْصِيلُهُ مِنْهَا ) لِعَدَمِ قُدْرَةِ تَسْلِيمِهِ ( لَا إنْ سَهُلَ ) تَحْصِيلُهُ ( وَلَمْ يَمْنَعْ الْمَاءُ رُؤْيَتَهُ ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ ( وَبُرْجُ الطَّائِرِ كَالْبِرْكَةِ لِلسَّمَكِ ) فَيَأْتِي فِي بَيْعِهِ فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا ( وَيَبْطُلُ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ لَا شَائِعٌ مِنْ نَحْوِ سَيْفٍ وَثَوْبٍ يَنْقُصُ بِقِطْعَةِ ) قِيمَةٍ أَوْ ( قِيمَةِ الْبَاقِي ) نَقْصًا يُحْتَفَلُ بِمِثْلِهِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا إذْ التَّسْلِيمُ فِيهِ إنَّمَا يُمْكِنُ بِالْقَطْعِ وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعُ مَالٍ وَهُوَ حَرَامٌ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَالُوهُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ بِأَنَّ التَّمْيِيزَ فِيهَا يَحْصُلُ بِنَصْبِ عَلَامَةٍ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ بِلَا ضَرَرٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ تَتَضَيَّقُ مَرَافِقُ الْأَرْضِ بِالْعَلَامَةِ وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ فَيَنْبَغِي إلْحَاقُهَا

بِالثَّوْبِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّقْصَ فِيهَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّوْبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ثَوْبٍ نَفِيسٍ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ ثُمَّ يُقَاطِعَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْقَطْعُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِحِلِّ الْبَيْعِ فَاحْتُمِلَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَة إلَى تَأْخِيرِهِ عَنْ الْبَيْعِ ( فَلَوْ كَانَ ) الْجُزْءُ ( مِمَّا لَا يَنْقُصُ ) بِقَطْعِهِ كَ كِرْبَاسٍ ( جَازَ ) الْبَيْعُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا لِذَلِكَ وَيَصِيرُ الْجُزْءُ مُشْتَرَكًا
( قَوْلُهُ لَا إنْ سَهُلَ تَحْصِيلُهُ ) أَيْ وَكَانَ يَمْلِكُهُ بِأَنْ اصْطَادَهُ وَأَلْقَاهُ فِيهَا أَوْ سَدَّ مَنْفَذَهَا بِنِيَّةِ أَخْذِهِ ( قَوْلُهُ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُوا لَهُ فَلَا يَشْتَرِيهِ وَالْمُوَاطَأَةُ لَا تَلْزَمُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُوَاطَأَةُ لَا تَلْزَمُهُ شَيْئًا مِنْ جَمَاعَةٍ لَوْ قَالُوا لِآخَرَ اذْبَحْ لَنَا شَاتَك هَذِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا فَذَبَحَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا فِي لَحْمٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ لِأَجْلِ هَذَا الْغَرَرِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُمْ إذْ لَمْ يَجْرِي شَيْءٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَمْ يَجْرِ عَقْدٌ صَحِيحٌ وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ أَبِي الْحَذَّاءِ فِي فَتَاوِيهِ وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي عُقَامَةَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً وَسَلِيمَةً ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَالِكُ مَنْ يَشْتَرِيَهَا لَزِمَهُمْ جَمِيعُ قِيمَتِهَا ( قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَأْخِيرٍ عَنْ الْمَبِيعِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ طَرِيقُ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مُشَاعًا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ

( وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ ) وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا بِتَفْرِيقِهِمَا ( إذْ لَا قَطْعَ ) هَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ جِذْعٍ مُعَيَّنٍ ) فِي بِنَاءٍ لِأَنَّ الْهَدْمَ يُوجِبُ النَّقْصَ وَلَا بَيْعُ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ ( مِنْ جِدَارٍ ) إنْ كَانَ ( فَوْقَهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ ) الْجِدَارُ ( قِطْعَةً وَاحِدَةً مِنْ نَحْوِ طِينٍ ) كَخَشَبٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِهَدْمِ مَا فَوْقَهُ فِي الْأُولَى وَهَدْمِ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ ( فَإِنْ كَانَ ) الْجِدَارُ ( مِنْ لَبَنٍ أَوْ آجِرٍ ) وَلَا شَيْءَ فَوْقَهُ ( وَجُعِلَتْ النِّهَايَةُ نِصْفَ السَّمَكِ ) أَيْ سَمَكَ اللَّبِنِ أَوْ الْآجِرِ ( فَكَذَلِكَ ) لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَذِكْرُ نِصْفِهِمَا مِثَالٌ فَغَيْرُهُ وَمِنْ الْكُسُورِ كَذَلِكَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُجْعَلْ النِّهَايَةُ نِصْفَ سَمَكِهِمَا أَوْ نَحْوَهُ بِأَنْ جُعِلَتْ نِصْفًا مِنْ صُفُوفِهِمَا ( صَحَّ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ مَوْضِعَ الشَّقِّ قِطْعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ طِينٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ رَفْعَ بَعْضِ الْجِدَارِ يُنْقِصُ قِيمَةَ الْبَاقِي فَلْيَفْسُدْ الْبَيْعُ كَبَيْعِ جِذْعٍ فِي بِنَاءٍ وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الطِّينَ الَّذِي بَيْنَ اللَّبِنَاتِ لَا قِيمَةَ لَهُ وَعَلَى الثَّانِي بِأَنَّ نَقْصَ الْقِيمَةِ مِنْ جِهَةِ انْفِرَادِهِ فَقَطْ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ بِخِلَافِ الْجِذْعِ فَإِنَّ إخْرَاجَهُ يُؤَثِّرُ ضَعْفًا فِي الْجِدَارِ
( قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِتَفْرِيقِهِمَا ) لِإِمْكَانِ تَلَافِي مَالِيَّةِ النَّقْصِ بِشِرَاءِ الْبَائِعِ مَا بَاعَهُ أَوْ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ وَمَالِيَّةُ النَّقْصِ فِي بَيْعِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِمَّا يَنْقُصُ بِقِطْعَةٍ ذَهَبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ لَا تَدَارُكَ لَهَا

( وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ فَصٍّ فِي خَاتَمٍ ) لِأَنَّ فَصْلَهُ يُوجِبُ النَّقْصَ ( وَ ) لَا يَصِحُّ ( بَيْعُ جُمْدٍ وَثَلْجٍ وَزْنًا وَهُوَ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( يَنْمَاعُ ) أَيْ يَسِيلُ ( قَبْلَ وَزْنِهِ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ فِي إنَاءٍ وَقَالَ بِعْتُك هَذَا وَلَمْ يَقُلْ الْجُمْدَ صَحَّ جَزْمًا وَإِنْ قَالَ الْجُمْدَ فَيُتَّجَهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَعَارُضِ الْإِشَارَةِ وَالْعِبَارَةِ وَرَدَ بِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يَجِيءُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْإِشَارَةِ وَالْعِبَارَةِ كَ بِعْتُك هَذِهِ الرَّمَكَةَ فَإِذَا هِيَ بَغْلَةٌ وَهُنَا مُتَّفِقَانِ فَإِنْ كَانَ جُمْدًا حَالَةَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا سَالَ بَعْدَهُ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ سَيَلَانِهِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ وَإِنْ زَالَ الِاسْمُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَيْضًا فَتَفَرَّخَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْجُمْدُ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَحَكَى ابْنُ قُرْقُولٍ فَتْحَهَا ثُمَّ صَوَّبَ السُّكُونَ قَالَ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَامِدُ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ
( قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ فَصٍّ فِي خَاتَمٍ ) وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ حَرِيمِ الْمَعْمُورِ دُونَهُ وَشِرْبِ الْأَرْضِ دُونَهَا قَوْلُهُ كَبِعْتُكَ هَذِهِ الرَّمَكَةَ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمَكَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ وَالْكَافِ قَالَ فِي الصَّحَّاحِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْبَرَاذِينِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِانْفِسَاخِ

( وَلَا ) يَصِحُّ ( بَيْعُ مَرْهُونٍ بَعْدَ الْقَبْضِ ) بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا ( وَكَذَا جَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ كَسَرِقَةِ دِرْهَمٍ ) أَيْ كَأَنْ سَرَقَ رَقِيقٌ دِرْهَمًا وَتَلِفَ وَكَأَنْ قَتَلَ غَيْرَهُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعَفَا عَلَى مَالٍ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ كَالْمَرْهُونِ وَأَوْلَى لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّهْنِ وَالتَّمْثِيلُ بِسَرِقَةِ الدِّرْهَمِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ ) وَلَوْ فِي رَقَبَتِهِ ( صَحَّ بَيْعُهُ ) لِأَنَّهُ تُرْجَى سَلَامَتُهُ بِالْعَفْوِ وَتَوَقُّعُ هَلَاكِهِ كَتَوَقُّعِ مَوْتِ الْمَرِيضِ ( وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُ مَنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ بَعْدَ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ الْفِدَاءِ ) وَلَا يَشْكُلُ بِصِحَّتِهِ الرُّجُوعُ عَنْ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ مَانِعَ الصِّحَّةِ زَالَ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ ( وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ ) بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءِ ( لَزِمَهُ ) الْمَالُ الَّذِي يَفْدِيهِ بِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ قَتَلَهُ ( فَإِنْ أَدَّاهُ فَذَاكَ ) وَاضِحٌ ( وَإِنْ تَعَذَّرَ ) وَلَوْ بِإِفْلَاسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ أَوْ مَوْتِهِ ( فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الْجِنَايَةِ ) لِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سَبَقَ حَقَّ الْمُشْتَرِي نَعَمْ إنْ أَسْقَطَ الْفَسْخُ حَقَّهُ كَأَنْ كَانَ وَارِثَ الْبَائِعِ فَلَا فَسْخَ إذْ بِهِ يَرْجِعُ الْعَبْدُ إلَى مِلْكِهِ فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ .
أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ بَلْ بِكَسْبِهِ كَأَنْ زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ أَوْ بِذِمَّتِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ اقْتَرَضَ قَرْضًا فَاسِدًا وَأَتْلَفَهُ وَأَقَرَّ بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ السَّيِّدُ وَلَا بَيِّنَةَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَمَرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ

وَكَانَ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الرَّقَبَةِ وَلَا تَعَلُّقَ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِهَا ( وَيَنْفُذُ عِتْقُ الْجَانِي ) الَّذِي تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ ( مِنْ ) مَالِكِهِ ( الْمُوسِرِ ) لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ مَعَ وُجُودِ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ ( لَا ) مِنْ ( الْمُعْسِرِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْحَقِّ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُ سِوَى الرَّقَبَةِ ( وَكَذَا اسْتِيلَادُ الْجَانِيَةِ ) الَّتِي تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ يَنْفُذُ مِنْ الْمُوسِرِ لَا مِنْ الْمُعْسِرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْمَالُ بِالرَّقَبَةِ فَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَالِاسْتِيلَادُ مُطْلَقًا كَالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ أَوْجَبَتْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ قِصَاصًا فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ عَفَا عَلَى مَالٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ عَلَى الْأَقْيَسِ وَإِنْ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نَظِيرِهِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْفِدَاءُ وَيَنْتَظِرُ يَسَارَهُ ( وَلَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ ) الَّذِي أَوْجَبَتْهُ جِنَايَةُ الْجَانِي ( بِالْوَلَدِ ) أَيْ بِوَلَدِهِ إذْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ ( وَلِلسَّيِّدِ فِدَاءُ الْجَانِي ) حَيْثُ فَدَاهُ ( بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ وَالْقِيمَةِ ) كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجِنَايَاتِ

( قَوْلُهُ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا ) لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ بَيْعِهِ مِنْ مُرْتَهِنِهِ وَنَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ لَكِنْ فِي الْبَسِيطِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ إذْنَهُ وَقَعَ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ قَالَ لِلرَّاهِنِ بِعْنِي الْمَرْهُونَ فَبَاعَهُ صَحَّ قَطْعًا وَيَلْحَقُ بِالْمَرْهُونِ كُلُّ عَيْنٍ اسْتَحَقَّ حَبْسَهَا ( قَوْلُهُ وَكَذَا جَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ إلَخْ ) لَوْ اشْتَرَاهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالٍ نَقُولُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْعِتْقِ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرَّهْنِ أَوْ لِقَوْلٍ يَنْفُذُ هُنَا لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْفِدَاءُ وَيُنْتَظَرُ يَسَارُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْيَسُ الثَّانِي .
ا هـ .
وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ ( فَرْعٌ ) لَوْ بَاعَ عَبْدًا وَطَرَأَتْ الْجِنَايَةُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ أَوْ مَوْقُوفٌ وَقْفًا ر وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا قَدْ تَعَدَّى بِحَفْرٍ وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ تَرَدَّى فِيهِ آدَمِيٌّ أَوْ بَهِيمَةٌ فَفِي تَبَيُّنِ فَسَادِ رَهْنِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ ( قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ) فَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ بِإِذْنِهِ صَحَّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّهْنِ ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ قُتِلَ فِي الْمُحَارَبَةِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ وَغَلَطَ مَنْ قَالَ غَيْرَهُ لَكِنْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ فِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ وَلَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ

مُعْسِرٌ ثُمَّ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالِ لَزِمَ سَيِّدَهُ فِدَاؤُهُ وَيُنْتَظَرُ يَسَارُهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُرْجَى سَلَامَتُهُ بِالْعَفْوِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ نَعَمْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا رَهَنَ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ ثُمَّ حَصَلَ الْعَفْوُ وَجْهَانِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَرْجِيحَ الْبُطْلَانِ فَلْيَذْكُرْ هُنَا مِثْلَهُ ( قَوْلُهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ الْفِدَاءَ ) وَإِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْحَقَّ الْبُطْلَانُ ( قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ عِتْقُ الْجَانِي إلَخْ ) فِي مَعْنَى الْعِتْقِ الْوَقْفُ وَبَيْعُهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ ر

( الشَّرْطُ الْخَامِسُ ) لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا ( الْعِلْمُ ) أَيْ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِهِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ ( بِالْعَيْنِ ) فِي الْمُعَيَّنِ ( وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ ) فِيمَا فِي الذِّمَّةِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ كَمَا مَرَّ ( فَبَيْعُ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ عَبْدِهِ الْمُخْتَلِطِ بِعَبِيدِ غَيْرِهِ وَ ) قَدْ ( جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْعَبِيدُ إلَّا وَاحِدًا بَاطِلٌ ) كَمَا فِي النِّكَاحِ سَوَاءٌ تَسَاوَتْ الْقِيَمُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَالَ وَلَك الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ أَمْ لَا ( وَبَيْعُ جُزْءٍ كَالرُّبُعِ مُشَاعًا ) مِنْ أَرْضٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ صُبْرَةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( أَوْ بَيْعُهُ ) شَيْئًا مِنْهَا ( إلَّا رُبُعًا مُشَاعًا صَحِيحٌ وَلَوْ ) بِيعَ الْجُزْءُ ( بِمِثْلِهِ كَبَيْعِ نِصْفِهِ مِنْ دَارٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ) وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفَانِ ( بِنِصْفِ صَاحِبِهِ أَوْ ) بَيْعِ ( نِصْفِهِ بِثُلُثَيْ نِصْفِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ ) الْمَجْمُوعُ بَيْنَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ ( أَثْلَاثًا وَفَائِدَتُهُ ) أَيْ تَصْحِيحُ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ ( سُقُوطُ الرُّجُوعِ ) بِهِ ( فِي هِبَةِ الْوَلَدِ وَ ) فِي ( الصَّدَاقِ ) إذَا طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي مَنْعِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ الْإِفْلَاسِ وَلَهُ فَوَائِدُ أُخَرُ أَشَارَ إلَيْهَا الْأَصْلُ وَذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِثُلُثَيْ نِصْفِ صَاحِبِهِ أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالثُّلُثِ مِنْ نِصْفِ صَاحِبِهِ ( وَإِنْ قَالَ بِعْتُك الثَّمَرَةَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ ) مَثَلًا ( إلَّا مَا يَخُصُّ أَلْفَانِ أَرَادَ ) بِمَا يَخُصُّهُ ( نِسْبَتَهُ مِنْ الثَّمَنِ ) إذَا وُزِّعَتْ الثَّمَرَةُ عَلَيْهِ صَحَّ وَكَانَ اسْتِثْنَاءً لِلثُّلُثِ ( أَوْ ) أَرَادَ بِهِ نِسْبَتَهُ مِنْ ( الْقِيمَةِ ) أَيْ مَا يُسَاوِي أَلْفًا عِنْدَ التَّقْوِيمِ ( فَلَا ) لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ أَوْ أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْبُطْلَانُ وَأَوْرَدَ عَلَى حَصْرِ الشُّرُوطِ فِي الْخَمْسَةِ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي حَرِيمِ الْمِلْكِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ وَأُجِيبُ

بِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ حَرِيمٍ لِلْمِلْكِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ رَاجِعٌ إلَى عَدَمِ قُدْرَةِ تَسْلِيمِهِ كَبَيْعِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ

( قَوْلُهُ الشَّرْطُ الْخَامِسُ الْعِلْمُ إلَخْ ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ حَقِيقَةً فَإِنَّ الظَّنَّ كَافٍ قَطْعًا وَلَا الظَّنَّ الْمُطَابِقَ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً رَآهَا وَهُوَ يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً بِثَمَنٍ كَثِيرٍ صَحَّ وَلَا خِيَارَ لَهُ قِيلَ الْأَحْسَنُ التَّعْبِيرُ بِالْمَعْرِفَةِ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا بِخِلَافِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالنَّسَبِ وَهَذَا قَرِيبٌ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَسْتَعْمِلُونَهَا اسْتِعْمَالَ الْمُتَرَادِفَيْنِ ( قَوْلُهُ أَيْ عِلْمَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إلَخْ ) حَتَّى لَوْ عَلِمَاهُ دُونَ غَيْرِهِمَا صَحَّ قَطْعًا نَعَمْ فِي السَّلَمِ لَا يَكْفِي عِلْمُهُمَا بِالصِّفَاتِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهَا غَيْرُهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْبَيْعِ يَقْطَعُ الْخُصُومَةَ وَفِي السَّلَمِ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ غَيْرِهِمَا لِيَرْجِعَ إلَيْهِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا ( قَوْلُهُ فَبَيْعُ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ إلَخْ ) لِلْغَرَرِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَجِدْ مَوْرِدًا يَتَأَثَّرُ بِهِ فِي الْحَالِ ( قَوْلُهُ كَبَيْعِ نِصْفِهِ مِنْ دَارٍ إلَخْ ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ قَوْلِهِ أَوْ بِنِصْفِ صَاحِبِهِ عَنْ قَوْلِهِ ثَلَاثًا ( قَوْلُهُ وَلَهُ فَوَائِدُ أُخَرُ ) أَشَارَ إلَيْهَا الْأَصْلُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَنَّهُ لَا يَبْقَى هَذَا النِّصْفُ عَلَى مِلْكِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ لَهُمَا شَرِيكٌ أَخَذَ فِيهِمَا بِالشُّفْعَةِ .
وَمِنْهَا انْعِزَالُ الْوَكِيلِ بِبَيْعِهِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ عَبْدًا قَدْ جَنَى عَلَى أَحَدِهِمَا جِنَايَةً تُعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ فَلَوْ بَاعَهُ سَقَطَتْ الْجِنَايَةُ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ مَرْهُونًا فَأَذِنَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِ فَبَاعَ كُلٌّ نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ فَوَجَدَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عَيْبًا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ وَمِنْهَا سُقُوطُ الزَّكَاةِ فِيهِ إنْ كَانَ زَكَوِيًّا وَمِنْهَا الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا لَوْ

كَاتَبَاهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ مِنْ صَاحِبِهِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ قَدْ حَلَفَ عَلَى عِتْقِهِ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَا قَدْ بَاعَاهُ ثُمَّ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ لِلْآخَرِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَانَ فَسْخًا وَمِنْهَا لَوْ كَانَ وَلَدَ جَانٍ جَازَ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ مِنْ صَاحِبِهِ دُونَ الْوَلَدِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ قَدْ دَبَّرَهُ بَطَلَ التَّدْبِيرُ وَمِنْهَا لَوْ كَانَا قَدْ اقْتَرَضَا الْعَيْنَ وَقُلْنَا لَا يُمْلَكُ الْقَرْضُ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ مَلَكَا الْعَيْنَ وَمِنْهَا سُقُوطُ الشُّفْعَةِ وَذَلِكَ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ هَهُنَا تَسْقُطُ وَمِنْهَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ ( قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ نِسْبَتَهُ مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ أَوْ الْقِيمَةِ فَلَا ) لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَرَدْنَا الْحَالَةَ الْأُولَى حَتَّى يَصِحَّ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَرَدْنَا الثَّانِيَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ الْآتِيَيْنِ ر وَقَوْلُهُ أَرَدْنَا الْحَالَةَ الْأُولَى حَتَّى يَصِحَّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِالدَّرَاهِمِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ حَتَّى يَصِحَّ وَجْهَانِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا فِيمَا إذَا عَلِمَا أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثٌ لِأَنَّ لَهُمَا مَرَدًّا يَرْجِعَانِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا ( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْبُطْلَانُ ) يَنْبَغِي الصِّحَّةُ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ الْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ

( فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مَثَلًا مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ ) أَوْ نَحْوِهِمَا ( وَذَرْعُهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا كَثَمَانِيَةِ مَثَلًا مَلَكَ ) الْمُشْتَرِي ( الثَّمَنَ ) أَيْ ثَمَنَهَا ( وَنَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ ) لِإِمْكَانِهَا حَتَّى لَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ وَلَا حَاجَةَ مَعَ الْكَافِ لِقَوْلِهِ مَثَلًا ( وَإِنْ أَرَادَ مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ ) الْبَيْعُ كَبَيْعِ شَاةٍ مِنْ قَطِيعٍ ( فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا أَرَادَا ) فَقَالَ الْبَائِعُ أَرَدْت مُعَيَّنًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مُشَاعًا أَوْ عَكْسَهُ ( صَدَقَ الْمُعَيِّنُ ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ مُطْلَقَ لَفْظِ الذِّرَاعِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنَى الْإِشَاعَةِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْقِرَاضِ أَنَّ قَوْلَهُ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَك صَحِيحٌ وَعَلَى أَنَّ نِصْفَهُ لِي بَاطِلٌ فَلَوْ قَالَ خُذْهُ قِرَاضًا بِالنِّصْفِ فَالْأَشْبَهُ فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ تَنْزِيلًا عَلَى شَرْطِ النِّصْفِ لِلْعَامِلِ وَكَلَامُ سُلَيْمٍ يُشِيرُ فِيهِ إلَى وَجْهَيْنِ ثُمَّ قَالَ سُلَيْمٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَقَالَ الْمَالِكُ أَرَدْت أَنَّ النِّصْفَ لِي وَادَّعَى الْعَامِلُ الْعَكْسَ صَدَقَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَهَذِهِ تُشْبِهُ مَسْأَلَتَنَا وَحُكْمُهَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ ( أَوْ ) ذَرْعُهُ ( غَيْرُ مَعْلُومٍ ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ( لَمْ يَصِحَّ ) الْبَيْعُ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ وَنَحْوَهُمَا تَتَفَاوَتُ غَالِبًا مَنْفَعَةً وَقِيمَةً وَالْإِشَاعَةُ مُتَعَذِّرَةٌ ( فَلَوْ عَيَّنَ ابْتِدَاءً مِنْ طَرَفٍ بِأَنْ قَالَ بِعْتُك ذِرَاعًا ) مَثَلًا ( مِنْ هُنَا فِي جَمِيعِ الْعَرْضِ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي ) الذِّرَاعُ ( فِي الطُّولِ ) أَوْ عَكْسَهُ ( صَحَّ ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ ابْتِدَاءً مِنْ الطَّرَفِ لَا يَصِحُّ وَسَكَتَ كَأَصْلِهِ عَنْ دُخُولِ الْحَدِّ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ جَزَمَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ خَطَّيْنِ وَقَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا الْخَطِّ إلَى هَذَا الْخَطِّ لَمْ

يَدْخُلْ الْخَطَّانِ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تَدْخُلُ الْحُدُودُ فِي الْعَقْدِ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا
( قَوْلُهُ لَمْ يَدْخُلْ الْخَطَّانِ فِي الْبَيْعِ ) قَدْ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الْإِقْرَارِ

( فَرْعٌ وَبَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ ) وَلَوْ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ ( صَحِيحٌ ) لِعِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فَلَا غَرَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَرَّقَ الصِّيعَانَ وَبَاعَ صَاعًا مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَفَاوَتَتْ فِي الْكَيْلِ فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ يَحْصُلُ بِهِ التَّبَايُنُ فَيَصِيرُ كُلُّ صَاعٍ أَصْلًا بِنَفْسِهِ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ تَصِيرُ الصُّبْرَةُ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَقَدْ تَمَاثَلَتْ أَجْزَاؤُهَا فَيَبْعُدُ الِاخْتِلَافُ فِيمَا يُؤَاخَذُ مِنْهَا وَهَذَا أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا وَزْنًا جَازَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ ( فَإِنْ عُلِمَتْ صِيعَانُهَا نَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَالشَّرِكَةِ ) لِإِمْكَانِهِمَا كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( وَإِنْ جُهِلَتْ صَحَّ ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا إلَّا صَاعًا لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ { وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ التِّرْمِذِيُّ إلَّا أَنْ تُعْلَمَ وَصَحَّحَهُ ( وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ ) صَاعًا ( مِنْ أَسْفَلِهَا ) وَوَسَطِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَرْئِيَّيْنِ إذْ الْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا أَيُّ صَاعٍ كَانَ لِتَعَذُّرِ الْإِشَاعَةِ وَرُؤْيَةُ ظَاهِرِهَا كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا كَمَا سَيَأْتِي ( فَلَوْ لَمْ يَبْقَ ) مِنْهَا ( غَيْرُهُ تَعَيَّنَ ) لِلْبَيْعِ بَلْ سَيَأْتِي فِي آخِرِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَنَّهُ لَوْ انْصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةٌ أُخْرَى ثُمَّ تَلِفَ الْكُلُّ إلَّا صَاعًا تَعَيَّنَ لِلْبَيْعِ وَهَذَا الْفَرْعُ مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْعَيْنِ فِي الْمُعَيَّنِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ صَحَّ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ أَوَّلِ الْفَرْعِ فَلَوْ حَذَفَهُ وَعَبَّرَ فِيمَا بَعْدَهُ بِالْفَاءِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ

( قَوْلُهُ وَلَوْ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ ) أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِطَيْنِ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ بَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ وَبُطْلَانُهُ فِي بَيْعِهَا إلَّا صَاعَانِ أَنَّا فِي بَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ نَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الصُّبْرَةِ غَيْرُ صَاعٍ نَزَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَلَوْ تَلِفَتْ إلَّا صَاعًا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي وَهَذَا يُقَلِّلُ الْغَرَرَ الَّذِي يَتَطَرَّقُ مِنْ جِهَةِ الْبُطْلَانِ وَفِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ إلَّا صَاعًا مِنْهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْرُ صَاعٍ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلَوْ تَلِفَتْ إلَّا صَاعًا بَطَلَ الْعَقْدُ ( قَوْلُهُ مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ ) لَوْ بَاعَهُ صَاعًا مِنْ بَاطِنِهَا لَمْ يَصِحَّ كَبَيْعِ الْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَشَبَّهَهُ بِالْأُنْمُوذَجِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ الْمَجْهُولَةِ وَنِصْفَ بَاقِيهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ صَحَّ خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ ( قَوْلُهُ وَإِنْ جُهِلَتْ صَحَّ لِمَا مَرَّ ) أَطْلَقَ الصِّحَّةَ مَعَ الْجَهْلِ بِجُمْلَتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا تَفِي بِالْقَدْرِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ قَالَ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَعْضَهَا وَإِنَّمَا الْمُغْتَفَرُ الْجَهَالَةُ فِي الزَّائِدِ وَهَذَا مُرَادُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحَا بِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ الشُّرُوطِ الَّتِي تُفْسِدُ الْبَيْعَ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَالذَّخَائِرِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا الْفَرْعُ مُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْعَيْنِ فِي الْمُعَيَّنِ ) الثَّانِيَةِ لَوْ اخْتَلَطَ حَمَامُ بُرْجٍ بِآخَرَ فَلِأَحَدِهِمَا الْبَيْعُ مِنْ صَاحِبِ الْآخَرِ فِي الْأَصَحِّ مَعَ الْجَهْلِ الثَّالِثَةُ لَوْ بَاعَ الْمَالَ الزَّكَوِيَّ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ الْبُطْلَانُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَالصِّحَّةُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ الْعَيْنُ الرَّابِعَةُ إذَا أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ ثُمَّ رَجَعَ

وَاتَّفَقَا عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ لِلْمُعَالَجَةِ الْخَامِسَةُ بَيْعُ الْفُقَّاعِ فِي كُوزِهِ وَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَاءِ وَشُرْبِ الدَّابَّةِ مِنْ الْحَوْضِ السَّادِسَةُ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَا يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْهَا فَبَاعَا جَمِيعًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ عَرَفَ نَصِيبَهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ يَصِحُّ إذَا جَوَّزْنَا تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ مَا تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ لَفْظًا مَعْلُومٌ قَالَ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ

( فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَهُ دَارًا ) وَفِي نُسْخَةٍ دَارَةً أَيْ قِطْعَةَ أَرْضٍ ( مَحْفُوفَةً بِمِلْكِهِ ) مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ( صَحَّ وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي ( الْمَمَرُّ حَيْثُ شَاءَ ) أَيْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ( وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ) بِعْتُكهَا ( بِحُقُوقِهَا ) لِتَوَقُّفِ النَّفْعِ عَلَيْهِ فَهُوَ كَبَيْعِهَا بِحُقُوقِهَا ( فَإِنْ شَرَطَ ) لَهُ ( الْمَمَرَّ مِنْ جَانِبٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ بَطَلَ الْعَقْدُ ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْجَوَانِبِ فَجَعَلَ إبْهَامَهُ كَإِبْهَامِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَهُ أَوْ أَثْبَتَهُ لَهُ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ ( وَكَذَا لَوْ نَفَاهُ ) أَيْ الْمَمَرَّ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ حَالًّا سَوَاءٌ أَمْكَنَ الْمُشْتَرِي تَحْصِيلَ مَمَرٍّ أَمْ لَا وَشَرَطَ الْبَغَوِيّ عَدَمَ إمْكَانِهِ ذَلِكَ ( وَإِنْ اشْتَرَى مَا ) أَيْ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ ( يَلِي مِلْكَهُ أَوْ الشَّارِعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُرُورُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ ) بَلْ يَمُرُّ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ الشَّارِعِ تَنْزِيلًا عَلَى الْعَادَةِ ( إلَّا إنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا ) فَيَمُرُّ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَهَذَا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ اسْتَثْنَى بَائِعُ الدَّارِ لِنَفْسِهِ بَيْتًا ) مِنْهَا ( فَلَهُ الْمَمَرُّ ) مِنْهَا إلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَّصِلْ الْبَيْتُ بِشَارِعٍ إنْ مَلَكَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي ( فَلَوْ نَفَاهُ ) أَيْ الْمَمَرَّ ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ) كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ صَحَّ الْبَيْعُ
( قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ الْبَيْتُ بِشَارِعٍ إلَخْ ) لَوْ اتَّصَلَتْ بِمَسْجِدٍ أَوْ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الدَّفْنِ فَهَلْ هُوَ كَالشَّارِعِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْمُتَّجَهُ فِي الْمَسْجِدِ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ دُونَ الْمَقْبَرَةِ .
ا هـ .
وَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي عَدَمُ الْإِلْحَاقِ فِيهِمَا

( فَصْلٌ وَمَا كَانَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ فِي الذِّمَّةِ ) وَهِيَ لُغَةً الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَاصْطِلَاحًا الذَّاتُ وَالنَّفْسُ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هِيَ مَعْنًى مُقَدَّرٌ فِي الْمَحَلِّ يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ لَهُ ذِمَّةٌ بَاقِيَةٌ لِأَنَّهُ مُلْزَمٌ بِالدَّيْنِ وَمُلْتَزِمٌ لَهُ انْتَهَى وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ خَرِبَتْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا خَرِبَتْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ خَاصَّةً ( اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ ) لِلْعَاقِدَيْنِ ( فَبَيْعُ مِلْءِ هَذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً وَالشِّرَاءُ بِوَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ ذَهَبًا ) وَلَمْ يَعْلَمَا الْمِقْدَارَ فِيهِمَا ( أَوْ بِأَلْفٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً بَاطِلٌ ) لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْعِوَضِ فَإِنْ عَيَّنَ الْحِنْطَةَ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك مِلْءَ هَذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي السَّلَمِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ ثُمَّ وَلِلْمَجْمُوعِ هُنَا وَصَوَّرَهُ بِالْكُوزِ فَقَالُوا لَوْ قَالَ بِعْتُك مِلْءَ هَذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَلَا غَرَرَ وَاسْتَشْكَلَهُ الْبَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْعِوَضِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ أَيْضًا كَمَا عَلِمَ مِمَّا مَرَّ فَلَوْ بَاعَ بِأَلْفٍ أَوْ بِنَقْدٍ مُطْلَقًا وَثَمَّ نُقُودٌ وَلَا غَالِبَ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ .
( وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِمَا ) أَيْ بِمِثْلِ مَا ( بَاعَ بِهِ فُلَانٌ ثَوْبَهُ ) مَثَلًا ( وَجَهِلَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَّا عَشْرَةَ دَرَاهِمَ ) لَا يَصِحُّ لِمَا مَرَّ ( إلَّا أَنْ عَرَفَا ) فِي الثَّانِيَةِ ( قِيمَةَ الدِّينَارِ دَرَاهِمَ وَقَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَصِحُّ ( وَيَجِبُ تَعْيِينُ نَوْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ) الْمَبِيعِ بِهَا ( لَفْظًا إنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهَا فَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ

مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَيَا وَاحِدَةً وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضَيْنِ هُنَا وَاجِبٌ فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ بِاللَّفْظِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَاكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِيمَا لَا يَجِبُ ذِكْرُهُ فَإِنْ اتَّفَقَتْ النُّقُودُ بِأَنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ قِيمَةً وَغَلَبَةً صَحَّ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَيُسَلِّمُ أَيَّهَا شَاءَ ( وَإِنْ غَلَبَ وَاحِدٌ ) مِنْهَا ( انْصَرَفَ إلَيْهِ ) الْعَقْدُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ ( وَإِنْ كَانَ فُلُوسًا ) وَسَمَّاهَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ النُّقُودِ وَجْهٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ الْعُرُوضِ وَسَيَذْكُرُهَا .
( وَكَذَا ) يَنْصَرِفُ إلَى الْغَالِبِ إنْ كَانَ ( مُكَسَّرًا أَوْ لَمْ تَتَفَاوَتْ قِيمَةً أَوْ ) كَانَ ( النِّصْفُ ) مَثَلًا ( صِحَاحًا وَالنِّصْفُ ) الْآخَرُ ( مُكَسَّرَةً ) وَإِنْ كَانَ يَعْهَدُ التَّعَامُلَ بِهَذِهِ مَرَّةً وَبِتِلْكَ أُخْرَى وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ وَسَلَّمَ أَيَّهمَا شَاءَ ( وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ مَغْشُوشًا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ وَلَوْ جَهِلَ قَدْرَ الْفِضَّةِ ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ ( فَإِنْ قُلْت ) أَيْ بَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ قِلَّةُ فِضَّةِ الْمَغْشُوشِ ( جِدًّا فَلَهُ الرَّدُّ ) إنْ اجْتَمَعَ مِنْهَا مَالِيَّةٌ لَوْ مُيِّزَتْ وَإِلَّا فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ ظَهَرَتْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( بِالْعَيْبِ ) إيضَاحٌ ( وَلَوْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِعَرَضٍ وَبَاعَ بِهِ كَصَاعِ حِنْطَةٍ انْصَرَفَ ) الْعَقْدُ ( إلَى الْغَالِبِ أَيْضًا ) كَالنَّقْدِ ( وَقِيمَةُ الْمُتْلَفِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ ) فِيمَا ذُكِرَ فَتَنْزِلُ عَلَى مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فَلَوْ كَانَ ثَمَّ نَقْدَانِ وَلَا غَالِبَ وَحَصَلَ تَنَازُعٌ عَيَّنَ الْقَاضِي وَاحِدًا لِلتَّقْوِيمِ ( وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ صِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ لَمْ يَصِحَّ ) الْبَيْعُ لِجَهْلِ النَّقْدَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً

( قَوْلُهُ فَبَيْعُ مِلْءِ هَذَا الْبَيْتِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ مِلْءِ هَذَا الْكُوزِ ) أَوْ بِمِلْءِ هَذَا الْكُوزِ ( قَوْلُهُ وَجَهِلَهُ أَحَدُهُمَا ) أَمَّا لَوْ عَلِمَاهُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمِثْلِيَّةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَخْطِرُ بِالْبَالِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا بَاعَ بِهِ فَلِأَنَّ ثَوْبَهُ قَدْ صَارَ لِلْمُشْتَرِي بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ بَاقٍ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى مِثْلِهِ إذَا قَصَدَهُ الْبَائِعُ ( قَوْلُهُ أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَصِحُّ ) شَمِلَتْ الصِّحَّةَ فِي الْأُولَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمِثْلِيَّةَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا ) إذْ الْبَيْعُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ يَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهِ بِخِلَافِ الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ غَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهَا انْصَرَفَ إلَيْهِ إلَخْ ) مَحَلُّهُ إذَا عَيَّنَ الْجِنْسَ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفِ مِثْقَالٍ مِنْ النَّقْدِ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الذَّهَبِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالْمُحَرَّرِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَوْ اتَّفَقَا فِي السِّرِّ عَلَى أَنْ يَتَبَايَعَا بِأَلْفٍ ثُمَّ عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْنِ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفَيْنِ كَالصَّدَاقِ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا ( فَرْعٌ ) لَوْ بَاعَ بِوَزْنِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ فِضَّةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا مَضْرُوبَةٌ أَوْ تِبْرٌ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ بَلْ يَبْطُلُ لِتَرَدُّدِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ( قَوْلُهُ وَسَمَّاهَا ) أَمَّا إذَا سَمَّى الدَّرَاهِمَ فَلَا قَالَ شَيْخُنَا فَذَكَرَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ لِيُفِيدَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ مُنْصَرِفَةٌ لِلشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ الْفِضَّةُ نَعَمْ لَوْ سَمَّى الدَّرَاهِمَ بِالْفُلُوسِ وَهُنَاكَ فُلُوسٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَفِيهَا غَالِبٌ نَزَلَ ذَلِكَ عَلَى

الْغَالِبِ ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ بِعْتُك دَارِي أَوْ دَارِي هَذِهِ وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ فِي حُدُودِهَا صَحَّ أَوْ بِعْتُك الدَّارَ الَّتِي فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ وَحَدَّدَهَا وَغَلِطَ فِي الْحُدُودِ بَطَلَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا رَأَيَاهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ

( فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ ) شَخْصًا شَيْئًا ( بِدِينَارٍ صَحِيحٍ فَأَعْطَاهُ صَحِيحَيْنِ بِوَزْنِهِ ) أَيْ الدِّينَارِ ( أَوْ عَكْسَهُ ) أَيْ بَاعَهُ بِدِينَارَيْنِ صَحِيحَيْنِ ( فَأَعْطَاهُ دِينَارًا ) صَحِيحًا ( بِوَزْنِهِمَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ ) لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَصُورَةُ الْعَكْسِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِيهَا فَأَعْطَاهُ دِينَارًا بِوَزْنِهِمَا ( لَا ) إنْ أَعْطَاهُ فِي الْأُولَى صَحِيحًا ( أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ ) كَأَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ دِينَارًا أَوْ نِصْفًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ( لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ إلَّا بِالتَّرَاضِي ) فَيَجُوزُ فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا كَسْرَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ ( وَإِنْ بَاعَ بِنِصْفِ مِثْقَالٍ أَخَذَ شِقًّا ) وَزْنُهُ نِصْفُ مِثْقَالٍ فَإِنْ سَلَّمَ إلَيْهِ صَحِيحًا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مِثْقَالٍ وَتَرَاضَيَا بِالشَّرِكَةِ فِيهِ جَازَ ( إلَّا أَنَّ شَرْطَ ) كَوْنِ النِّصْفِ ( مُدَوَّرًا ) فَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ شِقٍّ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ ( لَكِنْ إنْ نَذَرَ وُجُودَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ صَحَّ ثُمَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ اُسْتُبْدِلَ عَنْهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَاكَ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى قِيمَتِهِ حَالَةَ الِاسْتِبْدَالِ بِخِلَافِ نِصْفِ دِينَارٍ مُدَوَّرٍ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَرْجُ رَوَاجَ النُّقُودِ لَا يَدْرِي مَا قِيمَتُهُ وَالْجَهْلُ بِالْقِيمَةِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِعَدَمِ الِاسْتِبْدَالِ ( وَإِنْ بَاعَ ) شَخْصًا شَيْئًا ( بِنِصْفٍ ) مِنْ دِينَارٍ صَحِيحٍ ( ثُمَّ ) بَاعَهُ ( شَيْئًا آخَرَ بِنِصْفٍ ) كَذَلِكَ ( وَشَرَطَ فِي ) الْبَيْعِ ( الثَّانِي تَسْلِيمَ صَحِيحٍ عَنْهُمَا بَطَلَ ) الْبَيْعُ ( الثَّانِي ) لِلشَّرْطِ ( وَكَذَا الْأَوَّلُ إنْ كَانَ قَبْلَ لُزُومِهِ ) لِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ لُزُومِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ وَسَلَّمَ صَحِيحًا عَنْ النِّصْفَيْنِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا أَوْ قِطْعَتَيْنِ وَزْنُ

كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ جَازَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ قَوْلِهِمْ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا إذَا اتَّحَدَ الْمُسْتَحَقُّ فَلَوْ بَاعَ الْأَوَّلَ لِنَفْسِهِ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَكُونُ قَدْ زَادَ خَيْرًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِنِصْفَيْ دِينَارٍ لَزِمَهُ تَسْلِيمُ دِينَارٍ صَحِيحٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَثُلُثِ دِينَارٍ وَسُدُسِ دِينَارٍ فَلَا نُقِلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ الْمُضَافَ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ فَقَالَ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَسُدُسُ دِينَارٍ لَزِمَهُ دِينَارٌ صَحِيحٌ
( قَوْلُهُ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ إلَخْ ) أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ مِنْ هَذَا الدِّينَارِ فَإِنْ كَانَ وَزْنُهُ نِصْفَ دِينَارٍ أَخَذَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَالْبَاقِي لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَقَلَّ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَأَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّتِهِ

( فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ بِنَقْدٍ مَعْدُومٍ ) أَصْلًا وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ مَعْدُومٍ ( فِي الْبَلَدِ حَالًّا ) أَوْ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ نَقْلُهُ إلَى الْبَلَدِ بِالْوَجْهِ الْآتِي ( لَمْ يَصِحَّ ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ ( أَوْ إلَى أَجَلٍ يُمْكِنُ فِيهِ النَّقْلُ ) عَادَةً بِسُهُولَةٍ لِلْمُعَامَلَةِ ( صَحَّ ) ثُمَّ إنْ أَحْضَرَهُ بَعْدَ الْحُلُولِ فَذَاكَ ( فَلَوْ لَمْ يُحْضِرْهُ اُسْتُبْدِلَ ) عَنْهُ لِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهُ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ( وَكَذَا يَسْتَبْدِلُ لَوْ بَاعَ بِمَوْجُودٍ عَزِيزٍ فَلَمْ يَجِدْهُ وَلَيْسَ لَهُ ) فِيمَا إذَا عَقَدَ بِنَقْدٍ ( إلَّا النَّقْدُ الْوَاجِبُ بِالْعَقْدِ ) لِكَوْنِهِ عَيَّنَ فِيهِ أَوْ أَطْلَقَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ ( وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ ) كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ فَرَخُصَتْ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا

( فَرْعٌ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ أَوْ الْقَطِيعَ أَوْ الْأَرْضَ ) أَوْ الثَّوْبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( كُلَّ صَاعٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ ) مَثَلًا ( صَحَّ ) وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ لِلْعِلْمِ بِهِ تَفْصِيلًا وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِمَا رُقِمَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ بِأَنَّ الْغَرَرَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَا يُقَابِلُ كُلَّ صَاعٍ مَعْلُومِ الْقَدْرِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ ( وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَشْرِ شِيَاهٍ مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ ) وَإِنْ عَلِمَ عَدَدَ الْجُمْلَةِ ( بِخِلَافِ مِثْلِهِ مِنْ الصُّبْرَةِ وَالْأَرْضِ ) وَالثَّوْبِ لِاخْتِلَافِ قِيمَةِ الشِّيَاهِ فَلَا يَدْرِي كَمْ قِيمَةِ الْعَشَرَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا إلَّا الْإِشَاعَةُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ أَوْ أَرْضٍ وَذَرْعُهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا ( وَلَوْ قَالَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ ) مَثَلًا ( أَوْ كُلَّ صَاعٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ بِدِرْهَمٍ ) مَثَلًا ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ الْجُمْلَةَ بَلْ بَعْضَهَا الْمُحْتَمِلَ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَلَا يَعْلَمُ قَدْرَ الْمَبِيعِ تَحْقِيقًا وَلَا تَخْمِينًا ( أَوْ ) قَالَ ( بِعْتُكهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ) مَثَلًا ( كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ ) أَوْ قَالَ مِثْلَهُ فِي الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ ( صَحَّ إنْ وَافَقَ ) عَدَدُ الصِّيعَانِ أَوْ الْأَذْرُعِ الثَّمَنَ بِأَنْ خَرَجَ عَشْرٌ لِتُوَافِقَ جُمْلَةَ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلَهُ ( لَا أَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ ) فَلَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنِ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ .
وَلَا يَشْكُلُ بِمَا يَأْتِي فِي الرِّبَا مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ مُكَايَلَةً وَإِنْ خَرَجَتَا مُتَفَاضِلَتَيْنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا عُيِّنَتْ كَمِّيَّتُهُ فَإِذَا اخْتَلَّ عَنْهَا صَارَ مُبْهَمًا فَأَبْطَلَ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ لَمْ تُعَيَّنْ كَمِّيَّةُ صِيعَانِهِ وَالصُّبْرَةُ النَّاقِصَةُ قَدْ وَرَدَ الْبَيْعُ عَلَى

جَمِيعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً صَغِيرَةً بِقَدْرِهَا مِنْ كَبِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي ثَمَّ ( وَ ) قَوْلُهُ ( بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحِيحٌ ) فِي صَاعٍ فَقَطْ لِأَنَّهُ الْمَعْلُومُ ( أَوْ ) قَالَ ( بِعْتُكهَا وَهِيَ عَشَرَةُ ) مِنْ الْآصُعِ ( كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَلَا حَاجَةَ لِلْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَبِحِسَابِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَوُجِدَ فِي نُسْخَةٍ حَذْفُهَا فِي الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَبِعْتُك صَاعًا إلَى آخَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَتَعَرَّضَ لَهُ الْأَصْلُ فِي الْإِجَارَةِ ( وَبَيْعُ الصُّبْرَةِ وَالشِّرَاءُ بِهَا جُزَافًا ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ ( مَكْرُوهٌ ) لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ وَخَرَجَ بِالصُّبْرَةِ بَيْعُ الثَّوْبِ وَالْأَرْضِ مَجْهُولِي الذَّرْعِ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصُّبْرَةَ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا تَخْمِينًا غَالِبًا لِتَرَاكُمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِخِلَافِ الْآخَرَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالشِّرَاءُ بِهَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَالْبَيْعُ بِصُبْرَةِ الدَّرَاهِمِ

قَوْلُهُ بِمَا رَقَمَ عَلَيْهِ ) الرَّقْمُ الْكِتَابَةُ وَالْخَتْمُ وَرَقْمُ الثَّوْبِ كِتَابَةُ ثَمَنِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ بِعْتُكهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ إلَخْ ) صَوَّرَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلَ بِالتَّفْصِيلِ وَهَذَا التَّصْوِيرُ يُخْرِجُ مَا إذَا وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ وَلَهُ صُورَتَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُقَابِلَ الْأَجْزَاءَ بِالْأَجْزَاءِ بَلْ يُقَابِلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ فَيَقُولُ بِعْتُكهَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ فَتَخْرُجُ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً فَإِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النُّقْصَانِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَةُ عَكْسُهُ وَهُوَ أَنْ لَا يُقَابِلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ بَلْ يُقَابِلَ الْأَجْزَاءَ بِالْأَجْزَاءِ فَيَقُولَ بِعْتُكهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ فَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ الْأُولَى لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالصِّحَّةِ عِنْدَ النُّقْصَانِ وَخَرَجَ الزَّائِدُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الصُّورَةِ الْأُولَى ( قَوْلُهُ لِتُوَافِقَ جُمْلَةَ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلَهُ ) هَذَا فِيمَا لَا تَتَفَاوَتُ أَجْزَاؤُهُ كَالصَّاعِ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْحُزُمَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ حُزْمَةٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ بَيْعَهَا بِمِائَةٍ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الْمِائَةِ عَلَى الْحُزُمِ كُلِّهَا بِالْقِيمَةِ وَهِيَ تَتَفَاوَتُ ثُمَّ قَوْلُهُ كُلَّ حُزْمَةٍ بِدِرْهَمٍ يُنَاقِضُ أَوَّلَ الْكَلَامِ حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ كِتَابِ الْعِمَادِ الْفِقْهِيِّ قَالَ شَيْخُنَا قِيلَ يُؤْخَذُ ضَعْفُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ بَيْعِ الشِّيَاهِ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَطِيعِ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ لِيَكُونَ قَاضِيًا عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ فِي الشِّيَاهِ أَيْضًا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ بِدَلِيلِ

ذِكْرِهِمْ ذَلِكَ فِي الصُّبْرَةِ وَالْأَرْضِ وَالثَّوْبِ وَسُكُوتِهِمْ عَنْ الْجَمْعِ فِي الشِّيَاهِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصُّبْرَةَ إلَخْ ) لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَذْرُوعَ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَةِ جَمِيعِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَحِينَئِذٍ فَيَقِلُّ الْغَرَرُ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّ رُؤْيَةَ أَعْلَاهَا تَكْفِي ح

( فَرْعٌ بَيْعُ الْمُشَاهَدِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ كَصُبْرَةِ الطَّعَامِ وَالْبَيْعِ بِهِ ) أَيْ بِالْمُشَاهَدِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ ( كَصُبْرَةِ الدَّرَاهِمِ صَحِيحٌ ) وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُهَا اكْتِفَاءً بِالْمُشَاهَدَةِ ( فَإِنْ عَلِمَ ) أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ ( أَنَّ تَحْتَهَا دَكَّةٌ ) بِفَتْحِ الدَّالِ ( أَوْ ) مَوْضِعًا ( مُنْخَفِضًا أَوْ اخْتِلَافَ أَجْزَاءِ الظَّرْفِ ) الَّذِي فِيهِ الْعِوَضُ مِنْ نَحْوِ عَسَلٍ وَسَمْنٍ رِقَّةً وَغِلَظًا ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِمَنْعِهَا تَخْمِينِ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ نَعَمْ إنْ رَأَى ذَلِكَ قَبْلَ وَضْعِ الْعِوَضِ فِيهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّخْمِينِ ( وَإِنْ جَهِلَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَحَلَّ مُسْتَوٍ فَظَهَرَ خِلَافُهُ ( خُيِّرَ ) مَنْ لَحِقَهُ النَّقْصُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ بِالْعَيْبِ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ ( فَإِنْ بَاعَ الصُّبْرَةَ إلَّا صَاعًا وَصِيعَانُهَا مَعْلُومَةٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ التِّرْمِذِيُّ { إلَّا أَنْ تُعْلَمَ } وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ مَا وَرَاءَ الصَّاعِ وَهُوَ مَجْهُولٌ بِخِلَافِ بَيْعِ صَاعٍ مِنْهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَبِخِلَافِ بَيْعِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا لِأَنَّ الْعِيَانَ مُحِيطٌ بِظَاهِرِ الْمَبِيعِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ فَكَانَ أَقْدَرَ عَلَى تَخْمِينِ مِقْدَارِهِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ خَالَطَهُ أَعْيَانٌ أُخَرُ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّخْمِينِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إحَاطَةِ الْعِيَانِ بِجَمِيعِ جَوَانِبِ الْمَبِيعِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا وَلِذَلِكَ لَوْ عَايَنَ جَمِيعَ جَوَانِبِهِ وَلَمْ يُخَمِّنْ كَمْ هُوَ صَحَّ الْبَيْعُ قَطْعًا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ
( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا ) وَلَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ نِصْفَ الْبَاقِي بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهَالَةِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ أَوْ نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ الْبَاقِي صَحَّ

( فَصْلٌ وَأَمَّا الصِّفَةُ فَبَيْعُ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ ) أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأَعْيَانِ ( بَاطِلٌ وَإِنْ وَصَفَهُ بِأَوْصَافِ السَّلَمِ ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَلِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ وَأَمَّا خَبَرُ { مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ } فَضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ ( وَكَذَا ) لَا يَصِحُّ لِذَلِكَ ( إجَارَتُهُ وَرَهْنُهُ وَإِسْلَامُهُ ) أَيْ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ( وَهِبَتُهُ وَالصُّلْحُ عَنْهُ ) أَوْ عَلَيْهِ وَإِصْدَاقُهُ وَالِاخْتِلَاعُ بِهِ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مَعَ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالدِّيَةِ فِي الثَّالِثِ ( كَبَيْعِ الْأَعْمَى ) وَشِرَائِهِ وَإِجَارَتِهِ وَرَهْنِهِ وَهِبَتِهِ كَمَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِذَلِكَ ( وَالْأَعْمَى يُكَاتِبُ عَبْدَهُ ) تَغْلِيبٌ لِلْعِتْقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ شِرَائِهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَبَيْعِهِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ ( وَيَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ وَيَشْتَرِيَهَا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَقْبَلُ كِتَابَتَهَا وَإِنْ لَمْ يَرَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا بَلْ الْبَصِيرُ لَا يَرَى بَعْضَ نَفْسِهِ ( وَ ) أَنْ ( يَتَزَوَّجَ فَإِنْ زَوَّجَ ) مُوَلِّيَتَهُ ( أَوْ خَالَعَ أَوْ صَالَحَ عَنْ دَمٍ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ ) فِي الثَّلَاثَةِ ( بَطَلَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ الْبَدَلُ ) مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْأُولَى وَعَلَى قَابِلِ الْخُلْعِ فِي الثَّانِيَةِ وَمِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الثَّالِثَةِ وَذِكْرُ الثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيَجُوزُ ) لَهُ ( أَنْ يُسْلِمَ وَ ) أَنْ ( يُسْلِمَ إلَيْهِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ خُلِقَ أَعْمَى ) لِأَنَّ السَّلَمَ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ لَا الرُّؤْيَةَ وَلِأَنَّهُ يَعْرِفُ صِفَتَهُ بِالسَّمَاعِ وَيَتَخَيَّلُ مَا يُمَيِّزُهُ وَاعْتُبِرَ كَوْنُهُ فِي الذِّمَّةِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الْغَائِبِ ( وَيُوَكِّلُ ) غَيْرَهُ ( فِي إقْبَاضِهِ أَوْ قَبْضِهِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ )

لِأَنَّهُمَا لَا يَصِحَّانِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُسْتَحَقِّ وَغَيْرِهِ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ رَأْسَ الْمَالِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ قَبْلُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ الضَّمِيرُ أَنْ بَعْدَهُ ( وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ ) لِغَيْرِهِ ( فِيمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ ) مِنْ الْعُقُودِ ( لِلضَّرُورَةِ ) وَلَوْ اشْتَرَى بَصِيرٌ شَيْئًا ثُمَّ عَمِيَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَفِي الِانْفِسَاخِ وَجْهَانِ كَإِسْلَامِ الْمَبِيعِ مِنْ الْكَافِرِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ
( فَصْلٌ وَأَمَّا الصِّفَةُ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ فَبَيْعُ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ بَاطِلٌ ) لِأَنَّهُ بَاعَ عَيْنًا لَمْ يَرَ مِنْهَا شَيْئًا فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ بَاعَ النَّوَى فِي التَّمْرِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَفَهُ بِأَوْصَافِ السَّلَمِ ) لَا تَخَالُفَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ بِعْتُك انْعَقَدَ بَيْعًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا بَيْعُ عَيْنٍ مُمَيَّزَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَهَذَا وَاضِحٌ وَيَشْتَبِهُ عَلَى الضَّعَفَةِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ ) رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ { لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ } وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيُّ أَنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ وَاحْتَجَّ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَهِيَ شِرَاءُ الثَّوْبِ الْمَطْوِيِّ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ مَرْئِيٌّ فَلَأَنْ لَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ أَوْلَى وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ بُطْلَانَ بَيْعِ مَا لَمْ يَرَهُ الْعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ( قَوْلُهُ فَضَعِيفٌ ) قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بَلْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ شِرَائِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبَيْعُهُ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ ) وَالْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ فَإِنْ صَحَّ هَذَا جَرَى مِثْلُهُ فِي حَقِّ الْبَصِيرِ

( فُرُوعٌ الْأَوَّلُ ) يَجُوزُ ( لِلْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ الْعَقْدُ عَلَى مَا رَأَيَاهُ قَبْلَ الْعَمَى وَالْعَقْدِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا ) مِنْ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ إلَى الْعَقْدِ كَأَرَاضٍ وَأَوَانٍ وَحَدِيدٍ ( لَا مَا يَتَغَيَّرُ ) غَالِبًا كَأَطْعِمَةٍ يُسْرِعُ فَسَادُهَا وَبِيعَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ تَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا ( فَإِنْ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ ) عَلَى السَّوَاءِ كَالْحَيَوَانِ ( صَحَّ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنَّمَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ إذَا كَانَ حَالَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِلْأَوْصَافِ فَإِنْ نَسِيَهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ بَيْعُ غَائِبٍ وَهُوَ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرٌ وَبِهِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ النَّشَائِيُّ فِي نُكَتِهِ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ ( فَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فِي الصُّورَتَيْنِ ) أَيْ صُورَتَيْ مَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا وَمَا يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ ( فَلَهُ الْخِيَارُ ) لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ الْكَائِنَةِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا بَانَ فَوْتُ شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ بِمَثَابَةِ الْخَلْفِ فِي الشَّرْطِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّغَيُّرِ ) فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ بِحَالِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ تَغَيَّرَ ( صَدَقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عَمَلَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَدَعْوَى عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ

( قَوْلُهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا ) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَوْدَعَهُ مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا ثُمَّ لَقِيَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَصَارَفَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ شَاهَدَهَا عَنْ قُرْبٍ قَالَهُ فِي الْحَاوِي آخِرَ بَابِ الرِّبَا وَسَبَبُهُ أَنَّ الْقَبْضَ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْعَقْدِ فَأَشْبَهَ التَّأْجِيلَ ( قَوْلُهُ كَأَرْضٍ وَأَوَانٍ وَحَدِيدٍ ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِالرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْعَقْدِ ذَاكِرًا لِصِفَاتِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْبَحْرِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ جَمْعٍ مَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالنَّشَائِيِّ وَالْأَذْرَعِيِّ وَابْنِ السُّبْكِيّ ( فَرْعٌ ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ رَأَى الثِّمَارَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَمْ يَرَهَا هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ لَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَأَفْتَيْت بِالْبُطْلَانِ ( قَوْلُهُ كَالْحَيَوَانِ ) الْأَوْلَى فَإِنْ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا وَعِبَارَة الْأَنْوَارُ وَإِنْ احْتَمَلَ التَّغَيُّرَ وَعَدَمَهُ أَوْ كَانَ حَيَوَانًا وَمَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ التَّغَيُّرُ فِيهَا غَالِبًا صَحَّ ( قَوْلُهُ إذَا كَانَ حَالُ الْعَقْدِ ذَاكِرًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ ) وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُشِيرُ إلَيْهِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بَلْ مُشِيرٌ إلَيْهِ فَإِنَّ نِسْيَانَ الصِّفَاتِ يَجْعَلُ مَا سَبَقَ كَالْعَدَمِ وَالْمَعْنَى مَعْقُولٌ وَلَيْسَ بِمَحَلِّ تَعَبُّدٍ وَجَرَى عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي جَامِعِ الْمُخْتَصَرَاتِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ وَكَأَنَّ مَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ اكْتَفَى بِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ إذْ النَّاسِي لِلشَّيْءِ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَرْفَعُ الْحُكْمَ

السَّابِقَ كَمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ لِنِسْيَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَزْلًا لِلْوَكِيلِ وَمَا لَوْ نَسِيَ الصَّوْمَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَسِيَ الْإِحْرَامَ فَجَامَعَ وَمَا لَوْ رَأَى الْمَبِيعَ ثُمَّ صَرَفَ وَجْهَهُ وَاشْتَرَاهُ غَافِلًا عَنْ أَوْصَافِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ يُرِيدُ انْتِزَاعَ الثَّمَنِ مِنْ يَدِهِ فَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْأَصَحِّ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ( فَرْعٌ ) لَوْ رَأَى أَرْضًا وَأَجْرًا وَطِينًا ثُمَّ بَنَى بِهَا دَارًا فَاشْتَرَاهَا وَلَمْ يَرَهَا فَفِي الْبَحْرِ احْتِمَالَاتٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذِّبِ وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ قَالَ وَعَلَى هَذَا لَوْ رَأَى رَطْبًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ تَمْرًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ رَأَى سَخْلَةً أَوْ صَبِيًّا فَكَمُلَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَفِيهِ قَوْلَا بَيْعِ الْغَائِبِ قَالَهُ الْقَفَّالُ ( تَنْبِيهٌ ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ فِي شَيْئَيْنِ أَحَدِهِمَا دَلَالَةِ الْمَرْئِيِّ عَلَى الْبَاقِي وَكَوْنِهِ صَوَّانًا لَهُ وَيُضَافُ إلَيْهِمَا ثَالِثٌ وَهُوَ كَوْنُ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ تَابِعًا كَأَسَاسِ الْجِدَارِ وَطَيِّ الْآبَارِ وَمَغَارِسِ الْأَشْجَارِ

الْفَرْعُ ( الثَّانِي تَكْفِي رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِبَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ كَصُبْرَةِ الْحُبُوبِ وَالْأَدِقَّةِ وَالْجَوْزِ ) وَاللَّوْزِ ( وَأَعْلَى الْمَائِعَاتِ كَالدُّهْنِ وَالْخَلِّ فِي آنِيَتِهِمَا ) لِأَنَّهَا لَا تَتَفَاوَتُ غَالِبًا ( وَرَأْسِ وِعَاءِ الطَّعَامِ ) أَيْ وَالطَّعَامِ فِي رَأْسِ وِعَائِهِ ( وَقَوْصَرَّةِ التَّمْرِ ) أَيْ وَالتَّمْرُ فِي قَوْصَرَّتِهِ وَإِنْ الْتَصَقَتْ حَبَّاتُهُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالصَّادِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَا يُجْعَلُ فِيهِ التَّمْرُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمُرَادُهُ الْوِعَاءُ الَّذِي يُمْلَأُ تَمْرًا إلَيْنَا وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهِ لِيَنْكَبِسَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَجْوَةِ فِي مُعْظَمِ بِلَادِ مِصْرَ وَبِالْكَبِيسِ فِي صَعِيدِهَا ( وَكَذَا الْقُطْنُ ) وَلَوْ فِي عَدْلِهِ ( وَكَذَا رُؤْيَةُ الْحِنْطَةِ ) أَنْ نَحْوَهَا ( مِنْ كَوَّةٍ ) بِفَتْحِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا أَيْ طَاقَةً ( أَوْ بَابٍ مِنْ بَيْتٍ ) فَإِنَّهَا تَكْفِي ( إنْ عَرَفَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( عُمْقَهُ وَسِعَتَهُ وَإِلَّا فَلَا ) يَكْفِي فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا جُزَافًا وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ فَسَائِرُ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ كَذَلِكَ فَلَوْ ذَكَرُوهُ فِي الْجَمِيعِ كَانَ أَوْلَى بَلْ تَرْكُهُ أَصْلًا أَوْلَى لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْجَهْلُ بِالْمِقْدَارِ لَا عَدَمُ الرُّؤْيَةِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ ( وَالتَّمْرُ الْمُتَنَاثِرُ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ ) فِي أَنَّهُ يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ

الْفَرْعُ ( الثَّالِثُ أَرَاهُ ) شَخْصٌ ( أُنْمُوذَجَ الْمُتَمَاثِلِ ) أَيْ الْمُتَسَاوِيَ الْأَجْزَاءَ كَالْحُبُوبِ ( وَبَاعَهُ صَاعًا مِنْ مِثْلِهِ لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَالًا وَلَمْ يُرَاعِ شُرُوطَ السَّلَمِ وَلَا يَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ وَصْفِ السَّلَمِ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ وَالْأُنْمُوذَجُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِقْدَارٌ تُسَمِّيهِ السَّمَاسِرَةُ عَيْنًا ( وَلَوْ بَاعَهُ حِنْطَةً بِهَذَا الْبَيْتِ مَعَ الْأُنْمُوذَجِ ) صَفْقَةً وَاحِدَةً ( لَا دُونَهُ صَحَّ ) وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ خَلْطِهِ بِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مَمْنُوعٌ بَلْ الْبَغَوِيّ إنَّمَا أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ خَلَطَ بِهَا كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا رَأَى بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ قَالَ وَلَيْسَ كَصُبْرَةٍ رَأَى بَعْضَهَا لِتَمَيُّزِ الْمَرْئِيِّ هُنَا فَكَلَامُهُ مُخَالِفُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَمَّا إذَا بَاعَهَا دُونَهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ
( قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ إلَخْ ) مَا قَالَهُ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَلَبَ مُدًّا مِنْ اللَّبَنِ فَأَرَاهُ إيَّاهُ ثُمَّ بَاعَهُ مُدًّا مِمَّا فِي الضَّرْعِ فَقَدْ نَقَلُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ كَمَسْأَلَةِ الْأُنْمُوذَجِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إدْخَالُهُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ اللَّبَنِ إلَى الضَّرْعِ

( الرَّابِعُ لَا يَكْفِي فِي غَيْرِ الْمُتَمَاثِلِ كَالْبِطِّيخِ وَالسَّفَرْجَلِ وَسَلَّةِ الْعِنَبِ ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْخَوْخِ ( إلَّا رُؤْيَةُ الْجَمِيعِ ) لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا وَتُبَاعُ عَدَدًا فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الْعِنَبِ وَنَحْوُهُ فِي السَّلَّةِ يَشْكُلُ عَلَى التَّمْرِ فِي الْقَوْصَرَّةِ مَعَ أَنَّ إبْقَاءَهُ فِي سَلَّتِهِ مِنْ مَصَالِحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِهِ فَهُوَ الْأَشْبَهُ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ عَيْبٌ تَخَيَّرَ قَالَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَالْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ ( وَتَكْفِي رُؤْيَةُ الصِّوَان ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَ ضَمِّهَا أَيْ صَوَانِي بَاقِي الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ ( كَرُمَّانٍ وَبَيْضٍ فِي قِشْرِهِ وَجَوْزٍ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ ) فَتَكْفِي رُؤْيَةُ الْقِشْرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي إبْقَائِهِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ هُوَ عَلَيْهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْخُشْكِنَانِ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ جَوْزِ الْقُطْنِ وَجِلْدِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِمَا وَخَرَجَ بِالْأَسْفَلِ وَهُوَ الَّذِي يُكْسَرُ حَالَةَ الْأَكْلِ الْقِشْرُ الْأَعْلَى فَلَا يَكْفِي رُؤْيَتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِ مَا فِي دَاخِلِهِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَنْعَقِدْ الْأَسْفَلُ كَفَتْ وَصَحَّ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَأْكُولٌ ( لَا بَيْعُ اللُّبِّ مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ فِي قِشْرِهِمَا ( لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِكَسْرِ الْقِشْرِ فَتَنْقُصُ عَيْنُ الْبَيْعِ وَلَا ) بَيْعُ ( مَا رُئِيَ مِنْ وَرَاءِ قَارُورَةٍ ) لِانْتِفَاءِ تَمَامِ الْمَعْرِفَةِ وَصَلَاحِ إبْقَائِهِ فِيهَا ( بِخِلَافِ ) رُؤْيَةِ ( السَّمَكِ وَالْأَرْضِ تَحْتَ الْمَاءِ الصَّافِي إذْ بِهِ صَلَاحُهُمَا ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالتَّقْيِيدُ بِالصَّافِي يُشْعِرُ بِأَنَّ الْكَدِرَ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ

أَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهَا الرُّؤْيَةُ وَإِنَّ الْمَاءَ الْكَدِرَ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِ الْأَرْضِ فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي الرُّؤْيَةِ وَالتَّعْلِيلِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِبْطَالِ بِالْمَاءِ الْكَدِرِ أَوْ فِي عَدَمِهِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَوْسَعُ لِأَنَّهَا تَقْبَلُ التَّأْقِيتَ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَجَوَابُ الْأَذْرَعِيِّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ حَمْلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَتْ الرُّؤْيَةُ قَبْلَ أَنْ يَعْلُوَ الْمَاءُ الْأَرْضَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ هُنَاكَ
( قَوْلُهُ يَشْكُلُ عَلَى التَّمْرِ فِي الْقَوْصَرَّةِ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ إذْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ فِي بَقَاءِ التَّمْرِ فِي قَوْصَرَّتِهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْعِنَبِ فِي سَلَّتِهِ ( قَوْلُهُ كَرُمَّانٍ وَبَيْضٍ ) وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَطَلْعِ النَّخْلِ ( قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْخُشْكَانُ ) أَيْ وَالْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْقُطْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ تُلْحَقُ الْفُرُشُ وَاللُّحُفُ بِهَا فِيهِ وَقْفَةٌ .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ لِأَنَّ الْقُطْنَ فِيهَا مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْجُبَّةِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ بِالْقُطْنِ وَنَحْوِهَا وَلَعَلَّ اللُّحُفَ وَالْفُرُشَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ د ( قَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ هُنَاكَ ) كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَاكَ مُصَرِّحٌ بِتَصْحِيحِ إجَارَةِ الْأَرْضِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَاءُ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ لَهُ رُؤْيَةٌ حَيْثُ قَالَ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَطَعَ بِصِحَّةِ إجَارَتِهَا أَمَّا عِنْدَ حُصُولِ الرُّؤْيَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَحْصُلْ الرُّؤْيَةُ فَلِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ مَصْلَحَةِ الزِّرَاعَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُقَوِّي الْأَرْضَ وَيَقْطَعُ الْعُرُوقَ الْمُنْتَشِرَةَ فِيهَا فَأَشْبَهَ اسْتِتَارَ لُبِّ اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ بِقِشْرِهِمَا

( الْخَامِسُ يُشْتَرَطُ ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ( رُؤْيَةٌ ) لِلْمَبِيعِ ( تَلِيقُ ) بِهِ ( فَفِي الدَّارِ ) تُشْتَرَطُ ( رُؤْيَةُ السُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدْرَانِ دَاخِلًا وَخَارِجًا وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ ) إنْ كَانَا وَنُسْخَةُ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةُ إنَّمَا ذَكَرَتْ هَذَيْنِ فِي الْحَمَّامِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ( وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ مَجْرَى مَاءِ الرَّحَى ) أَيْ الْمَاءُ الَّذِي تَدُورُ بِهِ الرَّحَى هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ وَكَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي مَجْرَى الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ طَرِيقِ الدَّارِ أَيْضًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَتَضَمَّنُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهَا بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ طَرِيقِهَا إلَّا بِتَكَلُّفٍ ( وَفِي الْبُسْتَانِ ) تُشْتَرَطُ ( رُؤْيَةُ أَشْجَارِهِ وَجُدْرَانِهِ وَمَجْرَى مَائِهِ لَا ) رُؤْيَةُ ( أَسَاسِهَا ) أَيْ الْجُدْرَانِ وَلَا رُؤْيَةُ عُرُوقِ الْأَشْجَارِ وَنَحْوِهِمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ وَلَوْ رَأَى آلَاتِ بِنَاءِ الْحَمَّامِ وَأَرْضَهَا قَبْلَ بِنَائِهَا فَهَلْ تُغْنِي عَنْ رُؤْيَتِهَا فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ وَصَحَّحَ مِنْهُمَا الْمَنْعَ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَعْنِي الرُّويَانِيَّ وَعَلَى هَذَا لَا تُغْنِي فِي التَّمْرِ رُؤْيَتُهُ رَطْبًا كَمَا لَوْ رَأَى سَخْلَةً أَوْ صَبِيًّا فَكَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمَا بِلَا رُؤْيَةِ أُخْرَى كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ .
( وَفِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ ) تُشْتَرَطُ ( رُؤْيَةُ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ ) مِنْهُمَا إلَّا مَا يَأْتِي ( وَفِي الدَّابَّةِ ) تُشْتَرَطُ ( رُؤْيَةُ كُلِّهَا ) حَتَّى شَعْرِهَا فَيَجِبُ رَفْعُ السَّرْجِ وَالْإِكَافِ وَالْجُلِّ ( لَا إجْرَاؤُهَا ) لِيَعْرِفَ سَيْرَهَا فَلَا يُشْتَرَطُ ( وَلَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ اللِّسَانِ وَالْأَسْنَانِ فِي الْحَيَوَانِ ) وَلَوْ رَقِيقًا وَلَا تَرْجِيحَ فِي هَذِهِ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِنُسَخِ

الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ مَعَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْحَيَوَانِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ ( وَفِي الثَّوْبِ ) يُشْتَرَطُ ( نَشْرُهُ لِيَرَى الْجَمِيعَ وَلَوْ لَمْ يُنْشَرْ مِثْلُهُ ) إلَّا عِنْدَ الْقَطْعِ وَتُشْتَرَطُ ( رُؤْيَةُ وَجْهَيْ مَا يَخْتَلِفُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الثَّوْبِ بِأَنْ يَكُونَ صَفِيقًا كَدِيبَاجٍ مُنَقَّشٍ وَبُسُطٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَلِفُ وَجْهَاهُ كَ كِرْبَاسٍ فَتَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا ( وَفِي الْكُتُبِ ) كَالْمُصْحَفِ تُشْتَرَطُ ( رُؤْيَةُ جَمِيعِ أَوْرَاقِ الْمَكْتُوبِ وَالْبَيَاضِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ جَمِيعُ الْأَوْرَاقِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْوَرَقِ الْبَيَاضِ تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الطَّاقَاتِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَتَابَعُوهُ وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَى خِلَافِهِ فِي بَيْعِ الْكُتُبِ وَالْوَرَقِ وَالْمُخْتَارُ الِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَتِهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَالِاطِّلَاعُ عَلَى مُعْظَمِهِ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ عَيْبٌ تَخَيَّرَ وَفِي الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ بِقُطْنٍ وَنَحْوِهَا تَكْفِي رُؤْيَةُ وَجْهَيْهَا ( وَيَتَسَامَحُ فِي فُقَّاعِ الْكُوزِ ) فَلَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَلِأَنَّهُ تَشُقُّ رُؤْيَتُهُ وَلِأَنَّهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ يَتَسَامَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَلَيْسَ فِيهِ غَرَرٌ يَفُوتُ بِهِ مَقْصُودٌ مُعْتَبَرٌ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ يَفْتَحُ رَأْسَ الْكُوزِ فَيَنْظُرُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ

( قَوْلُهُ رُؤْيَةٌ تَلِيقُ بِهِ ) أَيْ عُرْفًا وَضَبَطَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَافِي بِأَنْ يَرَى مِنْ الْمَبِيعِ مَا يَخْتَلِفُ مُعْظَمُ الْمَالِيَّةِ بِاخْتِلَافِهِ ( قَوْلُهُ وَالسُّطُوحُ ) وَالْبُيُوتُ ( قَوْلُهُ هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ ) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ نُسَخِ الرَّوْضَةِ فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي الطَّرِيقِ وَمَجْرَى الْمَاءِ الَّذِي يَدُورُ بِهِ الرَّحَى وَجْهَانِ فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحٍ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فَزَادَ طَرِيقَةً وَتَصْحِيحًا كا ( قَوْلُهُ وَفِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ مَا سِوَى الْعَوْرَةِ ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ شِرَاؤُهَا كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْخِطْبَةِ ر ( قَوْلُهُ إلَّا مَا يَأْتِي ) لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوْجَ الْأَمَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْعَوْرَةِ لِأَنَّهَا سَاقِطَةٌ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ وَهَكَذَا الصَّغِيرَةُ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمَذْهَبُ الِاكْتِفَاءُ فِي الرَّقِيقِ بِالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ دُونَ الْبَاقِي ا هـ وَفِي التَّتِمَّةِ نَحْوُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَقْرَبُ رِعَايَةً لِلْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ قَالَ فِي الْخَادِمِ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَمَةِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِ فِي بَابِ النِّكَاحِ حَيْثُ رَجَّحَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ فِي مَنْعِ النَّظَرِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ النَّظَرُ إلَّا إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ ا هـ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ

( فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ قَبْلَ الْحَلْبِ ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ ( وَالْجَزِّ أَوْ الذَّكَاةِ ) وَإِنْ حُلِبَ مِنْ اللَّبَنِ شَيْءٌ وَرُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلِاخْتِلَاطِهِمَا بِالْحَادِثِ وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِ قَدْرِ اللَّبَنِ الْمَبِيعِ وَلِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الصُّوفِ إنَّمَا يُمْكِنُ بِاسْتِئْصَالِهِ وَهُوَ مُؤْلِمٌ لِلْحَيَوَانِ وَإِنْ شَرَطَ الْجَزَّ فَالْعَادَةُ فِي مِقْدَارِ الْمَجْزُوزِ مُخْتَلِفَةٌ وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ نَعَمْ إنْ قَبَضَ عَلَى قِطْعَةٍ وَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ صَحَّ قَطْعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِهَا عَبَّرَ فِي نُسْخَةٍ أَمَّا بَيْعُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَلْبِ وَالْجَزِّ أَوْ قَبْلَ الْجَزِّ وَبَعْدَ الذَّكَاةِ فَصَحِيحٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالصُّوفِ عَلَى الظُّهْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهَا تَقْبَلُ الْغَرَرَ وَالْجَهَالَةَ وَيَجُزُّ الصُّوفَ عَلَى الْعَادَةِ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَيَصْدُقُ فِي قَدْرِهِ بِيَمِينِهِ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( بَيْعُ الْمَذْبُوحِ أَوْ جِلْدِهِ أَوْ لَحْمِهِ قَبْلَ السَّلْخِ أَوْ السَّمْطِ ) فِي الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا مَسْلُوخٌ لَمْ يُنَقَّ جَوْفُهُ وَبِيعَ وَزْنًا فَإِنْ بِيعَ جَزًّا فَأَصْبَحَ بِخِلَافِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ لِقِلَّةِ مَا فِي جَوْفِهِ أَيْ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا أَمَّا بَيْعُ ذَلِكَ بَعْدَ السَّلْخِ وَالسَّمْطِ فَصَحِيحٌ لِأَنَّ الْجِلْدَ حِينَئِذٍ مَأْكُولٌ فَهُوَ كَالدَّجَاجَةِ الْمَذْبُوحَةِ وَأَوْ الْأَخِيرَةِ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَذْبُوحِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالشَّاهِ الْمَذْبُوحَةِ ( وَ ) لَا بَيْعُ ( الْأَكَارِعِ ) وَالرُّءُوسِ ( قَبْلَ الْإِبَانَةِ ) وَيَجُوزُ بَعْدَهَا نَيِّئَةً وَمَشْوِيَّةً وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ الْجِلْدِ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إذَا كَانَتْ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ

الْبَقَرِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الْبَيْعِ بَعْدَ الذَّبْحِ وَقَبْلَ السَّلْخِ لِأَنَّ جِلْدَهُ لَا يُؤْكَلُ مَسْلُوخًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ هَذَا فِي عُرْفِ بِلَادِهِ لَكِنْ جَرَتْ عَادَتُنَا بِسَمْطِ رُءُوسِ الْبَقَرِ فِي الْهَرَائِسِ فَهِيَ كَالْغَنَمِ
( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الصُّوفِ إنَّمَا يُمْكِنُ بِاسْتِئْصَالِهِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَهُ مِلْكَ الشَّاةِ كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِصُوفِ غَنَمِهِ ثُمَّ مَاتَ فَقَبِلَهُ زَيْدٌ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْوَارِثِ وَأَطْلَقَ أَنَّهُ يَصِحُّ

( فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مِسْكٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ ) لِجَهْلِ الْمَقْصُودِ ( كَلَبَنٍ ) أَوْ نَحْوِهِ ( مَخْلُوطٍ بِمَاءٍ ) أَوْ نَحْوِهِ وَمَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمِسْكِ إذَا خَالَطَهُ غَيْرُهُ لَا عَلَى وَجْهِ التَّرْكِيبِ فَإِنْ كَانَ مَعْجُونًا بِغَيْرِهِ كَالْغَالِيَةِ وَالنِّدِّ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ السَّلَمِ وَالتَّعْلِيلِ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْمُوعُهُمَا لَا الْمِسْكُ وَحْدَهُ وَيُقْتَضَى أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْرُ الْمِسْكِ فِي الْأُولَى وَاللَّبَنُ فِي الثَّانِيَةِ مَعْلُومًا صَحَّ الْبَيْعُ وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا عَنْ الْأَصْلِ كَلَامًا فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ لَمْ أَرَهُ فِيهِ ( أَوْ ) بَيْعُهُ ( فِي فَأْرَتِهِ ) مَعَهَا أَوْ دُونَهَا فَلَا يَصِحُّ ( وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَهَا ) كَاللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ ( نَعَمْ لَوْ ) رَآهُ خَارِجَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ رَدِّهِ إلَيْهَا أَوْ ( رَآهَا فَارِغَةً ثُمَّ مُلِئَتْ مِسْكًا ) لَمْ يَرَهُ ( ثُمَّ رَأَى رَأْسَهَا ) أَيْ رَأَى أَعْلَاهُ مِنْ رَأْسِهَا ( جَازَ ) وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ غَائِبٌ ( وَإِنْ بَاعَهُ السَّمْنَ وَظَرْفَهُ أَوْ الْمِسْكَ وَفَأْرَتَهُ كُلُّ رَطْلٍ أَوْ قِيرَاطٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا كَمَا لَوْ بَاعَ فَوَاكِهَ مُخْتَلِطَةً هَذَا ( إنْ عَرَفَا وَزْنَ كُلِّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَوَجَّهُوهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ بِأَنَّ الْبَيْعَ اشْتَمَلَ عَلَى اشْتِرَاطِ بَذْلِ مَالٍ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الظَّرْفَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ إلَّا أَنَّهُ مَضْمُومٌ فِي صَفْقَةِ الْمُتَمَوِّلِ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ تَمْرَةً وَثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَهُوَ صَحِيحٌ قَطْعًا مَمْنُوعٌ وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا زَعَمَهُ ( وَيَجُوزُ بَيْعُ حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ كَيْلًا وَوَزْنًا ) بَلْ وَجُزَافًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ إذْ لَا مَانِعَ ( وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَعْجُونَاتِ ) كَالنِّدِّ (

وَالْغَالِيَةِ ) وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ فِي السَّلَمِ وَفِي التَّحْرِيرِ ذَكَرَ الدُّهْنَ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ ( لَا ) بَيْعُ ( تُرَابٌ مَعْدِنٍ ) قَبْلَ تَمْيِيزِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ( وَ ) لَا تُرَابِ ( صَاغَةٍ ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَسْتُورٌ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ عَادَةً كَبَيْعِ اللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَلَا يُشْتَرَطُ الذَّوْقُ وَالشَّمُّ فِي مِثْلِ الْخَلِّ وَالْمِسْكِ وَلَا لَمْسِ الثِّيَابِ ) لِأَنَّ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ يَتَعَلَّقُ بِالرُّؤْيَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُهَا
قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِي الظَّرْفِ لَا الْمَظْرُوفُ نَفْسُهُ ( مِنْهُ )

( فَرْعٌ وَإِنْ رَأَى ثَوْبَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ قِيمَةً وَوَصْفًا وَقَدْرًا ) كَنِصْفَيْ كِرْبَاسٍ ( فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرَ غَائِبًا ) عَنْهُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْمَسْرُوقُ ( صَحَّ ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ ( لَا إنْ اخْتَلَفَتْ الْأَوْصَافُ ) الْمَذْكُورَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ لِجَهْلِ صِفَةِ الْمَبِيعِ وَلَمْ تُفِدْ الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ الْعِلْمَ بِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ الْمُخْتَلِطِ بِعَبِيدِ غَيْرِهِ وَلَا يَعْرِفُهُ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ ) كَأَنْ ادَّعَى الْبَائِعُ رُؤْيَةَ الْمُشْتَرَى فَأَنْكَرَهَا ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الْعَقْدِ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ وَهُوَ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِيهَا وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ نَافِيهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَأَيَّدَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذَّرِعَانِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَرَادَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مُشَاعًا صَدَقَ الْبَائِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ ظَاهِرٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالْبَصَرِ الظَّاهِرِ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا فَلَا يُؤَثِّرُ إنْكَارُهَا بِخِلَافِ الْإِرَادَةِ ( وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَالنَّقِيعِ ) بِالنُّونِ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا قُطِعَ لِدَوَاءٍ كَطَعَامٍ أُبِيحَ أَكْلُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُفَارِقُ هَذَا فِيمَا أُبِيحَ قَطْعُهُ لِدَوَاءٍ قَوْلَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ لَبَنَ الْأُضْحِيَّةَ الْمُعَيَّنَةِ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَيَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ بِأَنَّ مَا هُنَا إنَّمَا أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي مَعْنَى أَشْجَارِ الْحَرَمِ أَحْجَارُهُ وَتُرَابُهُ ( وَلَا ) يَجُوزُ بَيْعُ ( نَصِيبِهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي ) مِنْ نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ وَلِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ وَلِأَنَّ

الْجَارِيَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لِاخْتِلَاطِ غَيْرِ الْمَبِيعِ بِهِ فَطَرِيقَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْقَنَاةَ أَوْ سَهْمًا مِنْهَا فَإِذَا مَلَكَ الْقَرَارَ كَانَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ اشْتَرَى الْقَرَارَ مَعَ الْمَاءِ فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي آخِرَ الْبُيُوعِ الْمُنْهَى عَنْهَا .

( بَابُ الرِّبَا ) بِالْقَصْرِ وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ وَيُكْتَبُ بِهَا وَبِالْيَاءِ وَيُقَالُ فِيهِ الرَّمَاءُ بِالْمِيمِ وَالْمَدِّ هُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا وَرِبَا النَّسَاءِ وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ وَزَادَ الْمُتَوَلِّي رِبَا الْقَرْضِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ جَرُّ نَفْعٍ وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ لِرِبَا الْفَضْلِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَكُلٌّ مِنْهَا حَرَامٌ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَحَرَّمَ الرِّبَا } وَقَوْلُهُ { وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا } وَخَبَرُ مُسْلِمٍ { لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ } ( إنَّمَا يَحْرُمُ ) الرِّبَا ( فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) وَلَوْ حُلِيًّا وَإِنَاءً وَتِبْرًا ( لَا ) فِي الْفُلُوسِ وَإِنْ رَاجَتْ وَإِنَّمَا حَرُمَ فِيهِمَا ( لِعِلَّةِ الثَّمَنِيَّةِ الْغَالِبَةِ ) الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْفُلُوسِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ ( وَفِي الطُّعُومِ لِعِلَّةِ الطُّعْمِ ) بِضَمِّ الطَّاءِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ أَكَلَ ( وَإِنْ لَمْ يُكَلْ وَ ) لَمْ ( يُوزَنْ ) كَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَإِنَّمَا جَعَلَ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الطُّعْمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ فِي الْخَبَرِ الْآتِي الْحُكْمَ بِاسْمِ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَطْعُومِ .
وَالْمُعَلَّقُ بِالْمُشْتَقِّ مُعَلَّلٌ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ كَالْقَطْعِ وَالْجَلْدِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْمِ السَّارِقِ وَالزَّانِي وَالْمَطْعُومُ مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ غَالِبًا تَقَوُّتًا أَوْ تَأَدُّمًا أَوْ

تَفَكُّهًا أَوْ تَدَاوِيًا بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمَ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا نَادِرًا ( فَجَمِيعُ مَا يُؤْكَلُ ) أَيْ يُقْصَدُ أَكْلُهُ مِنْ ذَلِكَ ( غَالِبًا أَوْ نَادِرًا ) كَالْبَلُّوطِ وَالطُّرْثُوثِ وَحْدَهُ ( أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ بِالتَّدَاوِي رِبَوِيٌّ ) وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا الدَّوَاءَ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ الطَّعَامُ فِي الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ فِي الْعُرْفِ الْمَبْنِيَّةَ هِيَ عَلَيْهِ وَالْأَقْسَامُ الْمَذْكُورَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأَلْحَقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَعَلَى التَّمْرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفَكُّهُ وَالتَّأَدُّمُ فَأَلْحَقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأَلْحَقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ ( كَالْإِهْلِيلَجِ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا ( وَالسَّقَمُونْيَا ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْقَافِ وَضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ وَبِالْقَصْرِ ( وَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَالنَّوَوِيُّ بِكَسْرِهِمَا نِسْبَةً إلَى أَرْمِينِيَةَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ قَرْيَةٌ بِالرُّومِ .
وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ ( لَا سَائِرِ الطِّينِ ) كَالطِّينِ الْخُرَاسَانِيِّ فَلَيْسَ رِبَوِيًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْكَلُ سَفَهًا ( وَالزَّعْفَرَانِ وَالْمَاءِ ) الْعَذْبِ ( وَالْمُصْطَكَّا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَصْرِ ( وَالزَّنْجَبِيلِ ) وَاللِّبَانِ ( وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَالْوَرْدِ وَالْبَانِ ) وَنَحْوِهَا كَصَمْغٍ وَدُهْنِ خِرْوَعٍ ( رِبَوِيَّةٍ ) لِصِدْقِ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهَا ( لَا حُبِّ الْكِمَّانِ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا ( وَ ) لَا ( دُهْنِهِ وَلَا دُهْنِ سَمَكٍ ) وَلَا وَرْدٍ وَخِرْوَعٍ ( وَمَاءِ وَرْدٍ وَعُودٍ ) وَجِلْدٍ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لِلطُّعْمِ وَلَا رِبَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ

أَوْ الْبَهَائِمُ كَالْحَشِيشِ وَالتِّينِ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ ( وَلَا ) رِبَا ( فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ { وَقَدْ اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ بِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ }
( بَابُ الرِّبَا ) .
قَوْلُهُ بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا ) إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَعْنَى يَتَعَدَّاهُمَا لَمَا جَازَ إسْلَامُهُمَا فِي غَيْرِهِمَا وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ فَكَذَلِكَ الْمَلْزُومُ ( قَوْلُهُ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ ) فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبُرِّ مَا يَقْتَاتُهُ الْآدَمِيُّ فَأَلْحَقَ بِهِ كُلَّ مُقْتَاتٍ يَخْتَصُّ بِهِ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَالْقَصْدُ مِنْ الشَّعِيرِ جَرَيَانُهُ فِيمَا شَارَكَهُمْ بِهِ الْبَهَائِمُ فَأَلْحَقَ بِهِ الْقَوْلَ وَنَحْوَهُ ( قَوْلُهُ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ ) وَالْحَلْوَى ( قَوْلُهُ وَالنَّوَوِيُّ بِكَسْرِهِمَا ) وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ ( قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ فِيهِ أَكْلَ الْآدَمِيِّينَ فَفِيهِ الرِّبَا اعْتِبَارًا بِأَغْلَبِ حَالَتَيْهِ كَالشَّعِيرِ وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالَتَيْهِ أَكْلَ الْبَهَائِمِ فَلَا رِبَا فِيهِ كَالْعَلَفِ الرَّطْبِ وَإِنْ اسْتَوَتْ حَالَتَاهُ فَالصَّحِيحُ فِيهِ الرِّبَا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ بِهَذَا الْقِسْمِ مِثَالًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يَغْلِبُ أَكْلُ الْآدَمِيِّينَ لَهُ فَيَثْبُتُ فِيهِ الرِّبَا قَطْعًا ( قَوْلُهُ كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إلَخْ ) لَوْ بَاعَ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ أَوْ النَّقْدَ بِالنَّقْدِ بِلَفْظِ السَّلَمِ لَمْ يَصِحَّ فَإِنَّ السَّلَمَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالرِّبَوِيُّ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُهُمَا فَلَمَّا تَنَافَى الْمَوْضُوعَانِ بَطَلَ

( فَصْلٌ وَالرِّبَوِيَّاتُ بِعِلَّةٍ ) وَاحِدَةٍ ( إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ حَرُمَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمَدِّ أَيْ الْأَجَلُ ( وَالتَّفْرِيقُ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَلَوْ ) وَقَعَ الْعَقْدُ ( فِي دَارِ الْحَرْبِ ) رَوَى مُسْلِمٌ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَأَنَّهُ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ } أَيْ مُقَابَضَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ وَإِلَّا لَجَازَ تَأْخِيرُ التَّسْلِيمِ إلَى زَمَنِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَكْفِي الْحَوَالَةَ وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ ( وَيَكْفِي قَبْضُ الْوَكِيلِ ) فِي الْقَبْضِ عَنْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ( وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ ) وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فَقَبَضَ سَيِّدُهُ أَوْ وَكِيلًا فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ لَا يَكْفِي ( فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ حَلَّ التَّفَاضُلُ فَقَطْ ) وَشَرْطُ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعِلَّةُ ) فِي الرِّبَوِيَّيْنِ ( كَالذَّهَبِ وَالْحِنْطَةِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ) يَعْنِي الْعِوَضَيْنِ ( أَوْ كِلَاهُمَا غَيْرَ رِبَوِيٍّ ) كَذَهَبٍ وَثَوْبٍ وَعَبْدٍ وَثَوْبٍ ( حَلَّ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ وَالتَّفَرُّقُ قَبْلَ التَّقَابُضِ ) وَمَا اقْتَضَاهُ آخِرُ الْخَبَرِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُقَابَضَةً غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ

S( قَوْلُهُ حُرِّمَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ إلَخْ ) الْحُلُولُ وَالْمُمَاثَلَةُ وَالْعِلْمُ بِهَا شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَأَمَّا التَّقَابُضُ فَشَرْطٌ فِي الدَّوَامِ ر ( قَوْلُهُ فَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ وَلَا الْإِبْرَاءُ ) وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْفَسْخِ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْقَبْضِ وَنُقِضَ بِدَيْنِ السَّلَمِ وَالْكِتَابَةِ وَالصَّوَابُ تَعْلِيلُهُ بِلُزُومِ الدَّوْرِ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَامْتَنَعَ الْقَبْضُ وَإِذَا امْتَنَعَ الْقَبْضُ لَمْ يَصِحَّ ( قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ ) لَوْ أَحَالَ بِهِ عَلَى حَاضِرٍ مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبَضَهُ فِيهِ لَمْ يَكْفِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ ذَلِكَ الْجِنْسُ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لَهُ فَقَالَ عَوَّضْتُك مَا فِي ذِمَّتِك بِمَالِك عَلَى مَنْ عَقَدَ الصَّرْفَ ثُمَّ تَفَارَقَا لَمْ يَكْفِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا قَبْضُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَجْلِسِ ) إذَا قُلْنَا أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي إنَّمَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إذَا كَانَ مَعَ الْمُوَرِّثِ فِي الْمَجْلِسِ أَمَّا لَوْ عَلِمَ وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَهُنَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَحَضَرَ وَسَلَّمَ وَتَسَلَّمَ فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَكْرُوهِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ إلَخْ ) كُلُّ شَيْئَيْنِ جَمَعَهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ دُخُولُهُمَا فِي الرِّبَا وَيَشْتَرِكَانِ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ بِالِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَوِيِّ فَهُمَا جِنْسٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُمَا جِنْسَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا الضَّابِطُ لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ أَوَّلُ مَا قِيلَ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِاللُّحُومِ وَالْأَلْبَانِ

( فَرْعٌ حَيْثُ اشْتَرَطَ التَّقَابُضَ فَتَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ كَانَ ) تَفَرُّقُهُمَا ( عَنْ تَرَاضٍ ) وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ لِأَنَّ تَفَرُّقَهُمَا حِينَئِذٍ كَلَا تَفَرُّقٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذُهُ مِمَّا ذَكَرَ ثَمَّةَ وَاَلَّذِي قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُخْتَارِ وَالْمُكْرَهِ ثُمَّ اسْتَشْكَلُوهُ بِمَا ذَكَرَ ثَمَّةَ ثُمَّ قَالُوا فَإِنْ صَحَّ الْحُكْمَانِ فَلَعَلَّهُ لِضِيقِ بَابِ الرِّبَا أَوْ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ عَلَى بَابِهِ التَّعَبُّدُ أَوْ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُكْرَهِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا بَطَلَ الْعَقْدُ فَيَأْثَمَانِ بِالتَّفَرُّقِ إنْ كَانَ عَنْ تَرَاضٍ وَيَكُونُ رِبًا كَرِبَا النَّسِيئَةِ فَطَرِيقُهُمَا التَّفَاسُخُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ دَفْعًا لِلْإِثْمِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَالتَّخَايُرُ ) وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ ( قَبْلَ التَّقَابُضِ كَالتَّفَرُّقِ ) قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ ( يُبْطِلُ الْعَقْدَ الرِّبَوِيَّ ) هَذَا إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ أَخْذًا مِمَّا سَأَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ ( فَإِنْ قَبَضَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( الْبَعْضَ فَفِيهِ ) أَيْ مَا قَبَضَ ( قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ ) وَبَطَلَ الْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ ( تَنْبِيهٌ ) كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَأَنَّهُ يُبْطِلُهُ بِالتَّفَرُّقِ بِغَيْرِ تَقَابُضٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِيهِ عَدُّ كَثِيرِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ يَتَقَدَّمُ عَلَى مَشْرُوطِهِ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ شَرَطَهُ لِدَوَامِ الصِّحَّةِ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ حَيْثُ اشْتَرَطْنَا التَّقَابُضَ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الرِّبَا وَحَيْثُ شَرَطْنَا التَّقَابُضَ فَمَعْنَاهُ التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ كَمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا إلَخْ ) جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّفَرُّقِ بِالْإِكْرَاهِ قَبْلَ الْقَبْضِ هُنَا ( قَوْلُهُ وَالتَّخَايُرُ قَبْلَ التَّقَابُضِ كَالتَّفَرُّقِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الرِّبَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَإِذَا تَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَهُوَ كَالتَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ لِأَنَّ التَّخَايُرَ كَالتَّفَرُّقِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَبْطُلُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى يَدًا بِيَدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْخِيَارِ لَوْ أَجَازَ الْعَقْدَ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَلْغُو الْإِجَازَةُ فَيَبْقَى الْخِيَارُ وَالثَّانِي يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِمَا التَّقَابُضُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا يَجِيءُ هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فَيَبْطُلُ جَزْمًا إذْ الْإِجَازَةُ تَفَرُّقٌ حُكْمًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ التَّقَابُضُ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ التَّفَرُّقَ قَبْلَ التَّخَايُرِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ إنَّ إجَازَةَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُبْطِلَةٌ كَالتَّفَرُّقِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُبْطِلُهُ ) هَذَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ وَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَضْعِيفٌ لِكَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ تَقَابَضَا فِي الرِّبَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ إنْ كَانَ مَالٌ مِنْهُمَا فِي يَدِهِ صَدَقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ

وَإِلَّا فَصَاحِبُهُ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ ا هـ وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةَ

( فَرْعٌ الْحِيلَة فِي بَيْعِ ) الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَبَيْعِ ( ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مُتَفَاضِلًا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ وَيَشْتَرِي ) مِنْهُ ( بِهَا ) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعَرَضِ ( الذَّهَبَ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَيَجُوزُ ) وَلَوْ اتَّخَذَهُ عَادَةً ( وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَ ) لَمْ ( يَتَخَايَرَا لِتَضَمُّنِ الْبَيْعِ الثَّانِي إجَازَةِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ ) لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ خِيَارِ الْعَاقِدِ الْآخَرِ وَهَذَا كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِلَ خَيْبَرَ أَنْ يَبِيعَ الْجَمِيعَ وَهُوَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِهَا جَنِيبًا وَهُوَ أَجْوَدُ التَّمْرِ ( أَوْ ) أَنْ ( يُقْرِضَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( صَاحِبَهُ وَيُبْرِئَهُ أَوْ ) أَنْ ( يَتَوَاهَبَا أَوْ ) أَنْ ( يَهَبَ الْفَاضِلَ ) مَالِكُهُ ( لِصَاحِبِهِ ) بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْهُ مَا عَدَاهُ بِمَا يُسَاوِيهِ ( وَهَذَا ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحِيَلِ ( جَائِزٌ ) إذَا لَمْ يَشْرِطْ فِي بَيْعِهِ وَإِقْرَاضِهِ وَهِبَتِهِ مَا يَفْعَلُهُ الْآخَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ كَرِهَ قَصْدَهُ ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هَذِهِ الطُّرُقُ وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً عِنْدَنَا فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ إذَا نَوَيَا ذَلِكَ انْتَهَى وَوُجِّهَ بِأَنَّ كُلَّ شَرْطٍ أَفْسَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ الْعَقْدَ إذَا نَوَاهُ كُرِهَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُطَلِّقَهَا لَمْ يَنْعَقِدْ أَوْ بِقَصْدِ ذَلِكَ كُرِهَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَصْدِ وَالْعَقْدِ الَّذِي قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ثُمَّ هَذِهِ الطُّرُقُ لَيْسَتْ حِيَلًا فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُ حَرَامٌ بَلْ حِيَلٌ فِي تَمْلِيكِهِ لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ فَفِي عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ تَسَمُّحٌ

( فَرْعٌ وَإِنْ اشْتَرَى ) مِنْ غَيْرِهِ ( نِصْفًا شَائِعًا مِنْ دِينَارٍ ) قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ( بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ صَحَّ وَيُسَلِّمُهُ ) الْبَائِعُ ( إلَيْهِ لِيَقْبِضَهُ ) أَيْ النِّصْفَ ( وَيَكُونُ النِّصْفُ الثَّانِي أَمَانَةً ) فِي يَدِهِ ( بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةً فَوُجِدَتْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ ) فَإِنَّهُ ( يَضْمَنُ الزَّائِدَ ) لِلْمُعْطِي ( لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَقْرَضَهُ ) الْبَائِعُ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ ( تِلْكَ الْخَمْسَةَ ) بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ ( فَاشْتَرَى بِهَا النِّصْفَ الْآخَرَ ) مِنْ الدِّينَارِ ( جَازَ ) كَغَيْرِهَا ( وَإِنْ اشْتَرَى الْكُلَّ ) أَيْ كُلَّ الدِّينَارِ مِنْ غَيْرِهِ ( بِعَشَرَةٍ وَسَلَّمَ الْخَمْسَةَ ) أَيْ وَسَلَّمَهُ مِنْهُمَا خَمْسَةً ( ثُمَّ اسْتَقْرَضَهَا ) مِنْهُ وَرَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ الثَّمَنِ ( بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرْضَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ لَكِنَّ الثَّابِتَ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي اتَّفَقَتْ نُسَخُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى تَرْجِيحِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْقَرْضَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَقِيَاسًا عَلَى الصُّورَةِ السَّابِقَةِ وَعَلَى مَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ خَمْسَةً غَيْرَ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ فَإِنْ قُلْت تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بَاطِلٌ قُلْت مَحَلُّهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ لَا مَعَ الْعَاقِدِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ قُلْت قَرْضُ الثَّمَنِ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفٌ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَكُونُ إجَازَةً لِلْعَقْدِ وَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ فَيَبْطُلُ كَمَا مَرَّ قُلْت مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ

S( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ وَزَنَ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَأَخْطَأَ بِزِيَادَةِ عَشَرَةٍ كَانَتْ الْعَشَرَةُ مَضْمُونَةً عَلَى الْآخِذِ وَكَذَا لَوْ اقْتَرَضَ مِنْهُ فَوَزَنَ لَهُ مِائَةً وَعَشَرَةً ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ كَمَا مَرَّ ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يَصِحُّ الْأَدَاءُ عَنْهُ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِيهِ

( وَتُرَاعَى الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا يُكَالُ بِالْكَيْلِ ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِي الْوَزْنِ ( وَفِيمَا يُوزَنُ بِالْوَزْنِ ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِي الْكَيْلِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا غَالِبُ عَادَةِ الْحِجَازِ ( فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لِظُهُورِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ { الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ كَيْلًا بِكَيْلٍ } وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ { الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ } وَلَمْ يُرِدْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا مِكْيَالَ وَلَا مِيزَانَ إلَّا بِهِمَا لِجَوَازِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ بِغَيْرِهِمَا إجْمَاعًا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ بِهِمَا فَلَوْ أَحْدَثَ النَّاسُ خِلَافَ ذَلِكَ فَلَا اعْتِبَارَ بِأَحْدَاثِهِمْ ( فَيَحْرُمُ بَيْعُ الْبُرِّ بِالْبُرِّ ) بَلْ بَيْعُ كُلِّ رِبَوِيٍّ مَكِيلٍ بِمِثْلِهِ ( وَزْنًا ) وَبَيْعُ كُلِّ رِبَوِيٍّ مَوْزُونٍ بِمِثْلِهِ كَيْلًا ( وَالْمِلْحُ مَكِيلٌ ) إلَّا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَلَوْ كَانَ ) الْمِلْحُ ( قِطَعًا كِبَارًا فَالْمُمَاثَلَةُ ) فِيهِ وَفِي كُلِّ مَا يَتَجَافَى فِي الْكَيْلِ ( بِالْوَزْنِ ) نَظَرًا لِهَيْئَتِهِ فِي الْحَالِ ( وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ ) أَيْ عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَوْ كَانَ وَأَشْكَلَ ) حَالُهُ وَلَوْ بِنِسْيَانٍ ( أَوْ اُسْتُعْمِلَا ) أَيْ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ ( فِيهِ ) بِأَنْ كَانَ يُكَالُ مَرَّةً وَيُوزَنُ أُخْرَى ( سَوَاءٌ ) فَالْعِبْرَةُ بِعُرْفِ الْحِجَازِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ( وَكَانَ ) ذَلِكَ ( أَكْبَرَ ) جُرْمًا ( مِنْ التَّمْرِ ) كَالْجَوْزِ ( فَالْوَزْنُ ) إذَا لَمْ يَعْهَدْ الْكَيْلَ بِالْحِجَازِ فِيمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ ( أَوْ ) كَانَ ( مِثْلَهُ ) كَاللَّوْزِ ( أَوْ دُونَهُ فَعَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ الْآنَ ) أَيْ حَالَةَ الْبَيْعِ أَمَّا إذَا اُسْتُعْمِلَا فِيهِ وَغَلَبَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ الْمِكْيَالُ

الْمُعْتَادُ فِي عَصْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُحْدَثُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ الْكَيْلُ بِهِ كَقَصْعَةٍ وَيَكْفِي التَّسَاوِي بِكِفَّتَيْ الْمِيزَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ مَا فِي كُلِّ كِفَّةٍ وَقَدْ يَتَأَتَّى الْوَزْنُ بِالْمَاءِ أَنْ يُوضَعَ الشَّيْءُ بِظَرْفٍ وَيُلْقَى فِي الْمَاءِ وَيُنْظَرُ قَدْرَ غَوْصِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ وَزْنًا شَرْعِيًّا وَلَا عُرْفِيًّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا وَإِنْ كَفَى فِي الزَّكَاةِ وَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ عِنْدَنَا خِلَافُهُ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْقَصْعَةِ
( قَوْلُهُ وَفِيمَا يُوزَنُ بِالْوَزْنِ ) لَوْ بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ وَسَاوَاهُ فِي مِيزَانٍ وَنَقَصَ فِي آخَرَ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ مِنْ عَدَمِ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النِّصَابِ أَنْ لَا يَصِحَّ هُنَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ ( قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ ) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ مَوْجُودًا فِي عَهْدِهِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ ( قَوْلُهُ أَوْ كَانَ وَأَشْكَلَ ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ مَوْجُودًا بِالْحِجَازِ أَمْ لَمْ يَكُنْ أَوْ هَلْ كَانَ يُكَالُ فِيهِ أَوْ يُوزَنُ أَوْ هَلْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا أَوْ عُلِمَتْ الْغَلَبَةُ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ أَوْ عُلِمَتْ وَنُسِيَتْ ( قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي ) تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ الْأَسْبَقِ يُخَالِفُهُ ( قَوْلُهُ فَعَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ الْآنَ ) فَلَوْ قَدَّرَ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِي بَلَدٍ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا اُعْتُبِرَ بِأَشْبَهِ الْأَشْيَاءِ فِيهِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَخْذًا مِمَّا فِي التَّتِمَّةِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَفَى فِي الزَّكَاةِ وَأَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ بَابَ الرِّبَا ضَيِّقٌ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ فِيهِ مَمْنُوعٌ وَلِهَذَا لَا يَدْخُلُهُ التَّقْوِيمُ ( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي هُنَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ وَمَا لَا يُقَدَّرُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ ) كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ ( يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ) كَيْفَ شَاءَ وَأَمَّا بِجِنْسِهِ ( فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُجَفَّفُ ) كَالْبِطِّيخِ الَّذِي يُفْلَقُ وَكَذَا كُلُّ مَا يُجَفَّفُ مِنْ الثِّمَارِ ( وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا كَالْمِشْمِشِ ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا ( وَالْخَوْخِ وَالْكُمَّثْرَى الَّذِي يُفْلَقُ لَمْ يُبَعْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَالَةَ الرُّطُوبَةِ ) إذْ لَا كَمَالَ لَهُ ( وَيُبَاعُ ) بِهِ ( جَافًّا أَوْ ) كَانَ ( مِمَّا لَا يَتَجَفَّفُ كَالْقِثَّاءِ وَكَذَا الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ ) وَغَيْرُهُمَا ( مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي لَا تُجَفَّفُ ) كَرَطْبٍ لَا يَتَثَمَّرُ وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ ( لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ ) رَطْبًا نَعَمْ الزَّيْتُونُ لَا جَفَافَ لَهُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ بِمِثْلِهِ فِي قِشْرِهِ وَزْنًا ( فَإِنْ أَرَادَ ) شَرِيكَانِ ( قِسْمَةَ الرِّبَوِيِّ لَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَالْمَوْزُونُ كَيْلًا وَالرَّطْبُ وَالْعِنَبُ لَا يُقْسَمُ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( كَيْلًا وَلَا وَزْنًا وَلَا خَرْصًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ ) لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَنَّ قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ فَعَلَيْهِ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ
( قَوْلُهُ نَعَمْ الزَّيْتُونُ لَا جَفَافَ لَهُ إلَخْ ) أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ جَافٌّ وَتِلْكَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي فِيهِ إنَّمَا هِيَ الزَّيْتُ وَلَا مَائِيَّةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَائِيَّةٌ لَجَفَّ

ثَمَّ ( فَرْعٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ جُزَافًا وَ ) لَا ( تَخْمِينًا ) أَيْ حَزْرًا لِلتَّسَاوِي ( وَلَوْ خَرَجَا سَوَاءٌ ) { لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا تُعْلَمُ مَكِيلَتُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَالْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ فَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ قَالَهُ الْقَاضِي وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى كَيْلٍ ( فَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً بِصُبْرَةٍ ) مِنْ بُرٍّ أَوْ نَحْوِهِ ( مُكَايَلَةً ) أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ ( أَوْ ) صُبْرَةً بِصُبْرَةٍ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوِهَا ( مُوَازَنَةً ) أَوْ وَزْنًا بِوَزْنٍ ( صَحَّ إنْ تَسَاوَيَا ) لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ ( وَإِلَّا فَلَا ) لِأَنَّهُ قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَهُمَا مُتَفَاوِتَتَانِ ( وَيَصِحُّ بَيْعُ صُبْرَةٍ بِكَيْلِهَا ) فِيمَا يُكَالُ وَبِوَزْنِهَا فِيمَا يُوزَنُ ( مِنْ صُبْرَةٍ أَكْبَرَ مِنْهَا ) لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ ( فَلَوْ تَفَرَّقَا ) فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِيمَا إذَا صَحَّ الْبَيْعُ ( بَعْدَ قَبْضِ الْجُمْلَتَيْنِ وَقَبْلَ الْكَيْلِ ) أَوْ الْوَزْنِ ( جَازَ ) لِحُصُولِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ وَمَا فَضَلَ مِنْ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لِصَاحِبِهَا فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ هُنَا مَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ فَقَطْ لَا مَا يُفِيدُ التَّصَرُّفَ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي إنَّ قَبْضَ مَا بِيعَ مُقَدَّرًا إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّقْدِيرِ ( وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا جَازَ ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسَيْنِ ( فَإِنْ بَاعَهَا بِهَا مُكَايَلَةً ) أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ أَوْ صَاعًا بِصَاعٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ خَرَجَتَا سَوَاءً صَحَّ ( وَ ) إنْ ( تَفَاضَلَتَا وَسَمَحَ رَبُّ ) الْمَالِ ( الزَّائِدِ ) بِإِعْطَائِهِ ( أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصِ بِقَدْرِهِ ) مِنْ الزَّائِدِ ( أَقَرَّ ) الْبَيْعَ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ تَشَاحَّا ( فُسِخَ ) الْبَيْعُ وَتَقَدَّمَ مَا فِي جَوَابِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الصُّبْرَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلُّ صَاعٍ

بِدِرْهَمٍ
( قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ إلَخْ ) لَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا مِقْدَارَهَا وَأَخْبَرَ الْآخَرَ بِهِ فَصَدَّقَهُ فَكَمَا لَوْ عَلِمَاهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ ( قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ ) وَلِلْعِلْمِ بِهَا تَفْصِيلًا حَالَةَ الْعَقْدِ قَوْلُهُ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ هُنَا مَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ فَقَطْ إلَخْ ) قَبْضُ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ كَقَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَنَحْوِهِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَقَبْضُ الْعِوَضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الصَّرْفِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ فَهَذَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقْدِيرُ كَمَا صَحَّحُوهُ لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَدًا بِيَدٍ } وَلِدُخُولِهِ تَحْتَ مُقْتَضَى التَّسْلِيمِ وَلَيْسَ لِلتَّقْدِيرِ فِي الْقَبْضِ الْمُصَحَّحِ مَعْنًى وَإِنْ كَانَ لِاسْتِقْرَارِ الْبَيْعِ أَوْ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْقَابِضِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِ الْقَابِضِ فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقْدِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ

( فَصْلٌ فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِي جَانِبَيْ الصَّفْقَةِ ) أَيْ الْبَيْعَةِ ( رِبَوِيٌّ شَرْطُهُ التَّمَاثُلُ ) بِأَنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُ ( وَمَعَهُ جِنْسٌ آخَرُ ) وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ ( فِيهِمَا ) أَيْ الْجَانِبَيْنِ ( أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ ) مَعَهُ ( نَوْعٌ ) آخَرُ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا ( أَوْ ) مَعَهُ ( مَا يُخَالِفُهُ فِي الصِّفَةِ ) فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فِيهِ الْجِنْسُ ( كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهَا أَوْ بِمُدَّيْ عَجْوَةٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ وَ ) مُعَيَّنَةِ النَّوْعِ ( كَمُدَّيْ عَجْوَةٍ ) أَوْ مُدَّيْ صَيْحَانِيّ أَوْ مُدِّ عَجْوَةٍ وَمُدِّ صَيْحَانِيّ ( بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَ ) مُدِّ ( صَيْحَانِيّ وَ ) مَعِيَّةُ الصِّفَةِ ( كَمِائَتَيْ دِينَارٍ جَيِّدَةٍ أَوْ رَدِيئَةٍ ) أَوْ مِائَةِ دِينَارٍ جَيِّدَةٍ وَمِائَةٍ رَدِيئَةٍ ( أَوْ ) مِائَتَيْ دِينَارٍ ( صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ تَنْقُصُ ) قِيمَتُهَا عَنْ الصِّحَاحِ أَوْ مِائَةِ دِينَارٍ صِحَاحٍ وَمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ تَنْقُصُ ( بِمِائَةِ دِينَارٍ جَيِّدَةٍ وَمِائَةٍ رَدِيئَةٍ صَحِيحَةٍ وَمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ ) تَنْقُصُ .
فَإِذَا اشْتَمَلَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ { أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ تُبَاعُ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ } وَفِي رِوَايَةٍ { لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَلَ } وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَالِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ تَوْزِيعُ مَا فِي الْآخَرِ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي بَيْعِ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ وَسَيْفٍ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةٌ وَالسَّيْفِ خَمْسُونَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَالتَّوْزِيعُ هُنَا يُؤَدِّي إلَى الْمُفَاضَلَةِ أَوْ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَفِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ الَّذِي مَعَ

الدِّرْهَمِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لَزِمَتْ الْمُفَاضَلَةُ أَوْ مِثْلَهُ لَزِمَ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ فَالْمُدُّ ثُلُثَا طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا الْمُدَّيْنِ أَوْ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَالْمُدُّ ثُلُثُ طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثُ الْمُدَّيْنِ فَتَلْزَمُ الْمُفَاضَلَةُ أَوْ مِثْلَهُ فَالْمُمَاثَلَةُ مَجْهُولَةٌ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ وَالْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَشْكُلُ بِمَا سَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا دَيْنًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ جَازَ ثُمَّ الْأَكْثَرُونَ أَطْلَقُوا الْبُطْلَانَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ بَاعَهُ مُدًّا وَدِرْهَمًا بِمُدَّيْنِ بَطَلَ فِي الْمُدِّ الْمَضْمُومِ إلَى الدِّرْهَمِ وَفِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُدَّيْنِ وَفِي الْبَاقِي قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ .
قَالَ فِي الْأَصْلِ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ مَا لَوْ بَاعَهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ وَصَاعَ شَعِيرٍ بِصَاعَيْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعَيْ شَعِيرٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولًا عَلَى هَذَا انْتَهَى وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ فَوَاتِ شَرْطِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُنَا الْفَسَادُ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ فَأَشْبَهَ الْعَقْدَ عَلَى خَمْسِ نِسْوَةٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الْأَصْلِ وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ سَلِمَ فِي الْقَاعِدَةِ أَنَّ التَّقْسِيطَ لَا يُعْتَبَرُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ إذَا كَانَ الدِّرْهَمَانِ مِنْ ضَرْبٍ وَاحِدٍ وَالْمُدَّانِ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّقْسِيطُ لَزِمَ امْتِنَاعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى وَعَلَى هَذَا جَرَى الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَسَادَ هُنَا

لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالتَّقْسِيطِ إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لِلْفَسَادِ لَا لِلصِّحَّةِ ( نَعَمْ إنْ قَالَ فِي الْأَوَّلَةِ ) مِنْ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ ( بِعْتُك مُدًّا وَدِرْهَمًا بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ وَجَعَلَا الْمُدَّ ) مُقَابِلًا ( بِالْمُدِّ وَالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ أَوْ الْمُدِّ بِالدِّرْهَمِ أَوْ الدِّرْهَمِ بِالْمُدِّ صَحَّ ) لِاخْتِلَافِ الصَّفْقَةِ وَالْأَوَّلَةُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْكَثِيرُ الْأُولَى ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَإِنْ بَاعَ مُدَّ حِنْطَةٍ وَمُدَّ شَعِيرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ أَوْ مِلْحٍ جَازَ ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ ( وَشَرَطَ ) فِيهِ ( التَّقَابُضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ ) هَذَا مَعَ شُرُوطِهِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِذْ قَدْ ذَكَرَهُ فَلْيَذْكُرْ اشْتِرَاطَ الْحُلُولِ ( وَلَوْ بَاعَ صَاعَ بُرٍّ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ مُخْتَلَطًا بِمِثْلِهِ جَازَ وَكَذَا ) يَجُوزُ بَيْعُهُ ( بِجَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ إذْ التَّوْزِيعُ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِكْيَالِ وَلِخَلْطِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ ضَابِطٌ يَأْتِي قَرِيبًا

( فَصْلٌ فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ ) ( قَوْلُهُ كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ إلَخْ ) وَكَبَيْعِ سِمْسِمٍ بِدُهْنِهِ وَاللَّبَنِ بِالسَّمْنِ وَدِرْهَمِ فِضَّةٍ بِنِصْفِهِ وَنِصْفِ فُلُوسٍ ( قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ الِاتِّبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ ) أَرَادَ التَّفْصِيلَ بِالْعَقْدِ ( قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَقْدِ ) عُرْفًا وَشَرْعًا ( قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ ) قَالَ شَيْخُنَا يُقَالُ فِيهِ خَرَجَ بِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ ( قَوْلُهُ وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَرُدُّهُ مَا إذَا نَكَحَ خَمْسًا فِيهِنَّ أُخْتَانِ فَإِنَّ الْبُطْلَانَ يَخْتَصُّ بِهِمَا وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ فَلْيُنْظَرْ فِي ذَلِكَ ا هـ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَسَادَ هُنَا لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ ) لِلشَّيْخِ أَفْضَلُ الدَّيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ بَحْثٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ فَإِذَا قَصَدَ الْعَاقِدُ بَيْعَ كُلِّ جِنْسٍ بِخِلَافِهِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ فَلَنَا أَنْ نَمْنَعَ الْبُطْلَانَ ا هـ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّهُ إذَا نَصَّ فِي بَيْعِهِ عَلَى مُقَابَلَةِ الْمُدِّ بِالْمُدِّ وَالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ أَنَّهُ يَصِحُّ قَالَهُ السُّبْكِيُّ ( قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الصَّفْقَةِ ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ هُنَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي كَالِاتِّحَادِ قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ إلَخْ ) مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَتَعْلِيلِهِمْ التَّقْيِيدَ بِمَا ذَكَرَهُ كَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَوْجُودَةٌ مَعَ كَثْرَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِ تِلْكَ

( فَرْعٌ وَإِنْ ) ( بَاعَ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا زُوَانٌ ) بِضَمِّ الزَّايِ حَبٌّ أَسْوَدُ دَقِيقٌ ( أَوْ مَدَرٌ ) أَيْ طِينٌ صَغِيرٌ نَاشِفٌ أَوْ عُقْدَتَيْنِ ( أَوْ شَعِيرٌ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ أَثَّرَ فِي النَّقْصِ لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ الْمِكْيَالِ بِخِلَافِ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ( وَلَا يَضُرُّ قَلِيلُ تُرَابٍ وَ ) لَا ( دِقَاقُ تِبْنٍ ) لِدُخُولِهِمَا فِي تَضَاعِيفِ الْحِنْطَةِ فَلَا يَظْهَرَانِ فِي الْمِكْيَالِ ( وَيَضُرُّ مِثْلُهُ فِي الْوَزْنِ ) لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ ( وَإِنْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ مِنْ الْآخَرِ ) بِحَيْثُ ( لَا يَقْصِدُ إخْرَاجَهُ ) أَيْ إخْرَاجَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَبَّاتِ ( لِيُسْتَعْمَلَ شَعِيرًا أَوْ حِنْطَةً لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ بِتَأْثِيرِهِ فِي الْكَيْلِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَلَا بِتَمَوُّلِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِطْلَاقُهُمْ بُطْلَانِ بَيْعِ الْهَرَوِيِّ وَهُوَ نَقْدٌ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِ التِّبْرَيْنِ عَلَى الْخُلُوصِ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَثُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْأَوْجَهُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَإِنْ قَلَّ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ بِخِلَافِ الْكَيْلِ ( وَيَجُوزُ بَيْعُ حِنْطَةٍ بِشَعِيرٍ فِي سُنْبُلِهِ ) لِأَنَّهُ مَرْئِيٌّ وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ دَارًا وَقَدْ ظَهَرَ بِهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ لَمْ يَصِحَّ ) لِلرِّبَا لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ مَقْصُودٌ بِالْمُقَابَلَةِ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي بَابِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ ( فَلَوْ ظَهَرَ ) بِهَا الْمَعْدِنُ ( بَعْدَ الشِّرَاءِ ) جَازَ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً فَإِنْ قُلْت لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا قُلْت لَا أَثَرَ لَهُ فِي غَيْرِ التَّابِعِ أَمَّا التَّابِعُ فَقَدْ يَتَسَامَحُ بِجَهْلِهِ وَالْمَعْدِنُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَرْضِ كَالْحَمْلِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَاسْتُشْكِلَ جَوَازُ الْبَيْعِ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ كَهُوَ فِي الْإِنَاءِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ ذَاتَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنُ وَالْأَرْضُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَعْدِنَ ( أَوْ اشْتَرَى دَارًا بِدَارٍ وَفِيهِمَا بِئْرُ مَاءٍ جَازَ ) لِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ الْمَعْلُومِ وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ كَوْنَهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ دَارٍ فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى بَيْعِهِ لِاخْتِلَاطِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ لِلْبَائِعِ بِمَا يَحْدُثُ لِلْمُشْتَرِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ اُغْتُفِرَ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ اُعْتُبِرَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ أَنَّ التَّابِعَ إذَا صُرِّحَ بِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَالْحَمْلِ وَلَوْ سَلَّمَ عَدَمَ سُقُوطِهِ بِهِ

فَمَنْقُوضٌ بِبَيْعِ الْخَاتَمِ وَفَصِّهِ وَبِبَيْعِ الدَّارِ وَمَرَافِقِهَا الْمُتَّصِلَةِ بِهَا مِنْ سُلَّمٍ وَنَحْوِهِ ( لَا ) إنْ اشْتَرَى ( دَارًا مُوِّهَتْ ) أَيْ مُمَوَّهَةً ( بِذَهَبٍ ) تَمْوِيهًا ( يَتَحَصَّلُ مِنْهُ ) شَيْءٌ ( بِذَهَبٍ ) فَلَا يَصِحُّ لِلرِّبَا
( قَوْلُهُ فِي بَابِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ ) عِبَارَتُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِيهِ مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا ( قَوْلُهُ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً ) وَمَا فِي تُخُومِ الْأَرْضِ غَيْرِ مَلْمُوحٍ فِي الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يُعَدُّ مُفْسِدًا وَمِثْلُهُ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِمَاءٍ عَذْبٍ فَظَهَرَ مِنْهَا الْمَاءُ الْعَذْبُ بِالْحَفْرِ ( قَوْلُهُ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا ) مَمْنُوعٌ فَإِنَّ لِلْجَهْلِ أَثَرًا فِي تَصْحِيحِ الْعَقْدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ صُبْرَةً تَحْتَهَا دَكَّةٌ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ عَلِمَ بِهَا وَإِنْ جَهِلَ صَحَّ وَيَتَخَيَّرُ وَأَيْضًا فَالْإِبْطَالُ إنَّمَا حَصَلَ فِي بَيْعِ مَا فِيهِ مَعْدِنُ الذَّهَبِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ لِأَجْلِ مُقَابَلَتِهِ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ قَصْدًا وَهُوَ مَجْهُولٌ بِخِلَافِ حَالَةِ الْجَهْلِ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ مُقَابَلَةَ الدَّارِ لَا غَيْرُ ( قَوْلُهُ وَفِيهَا بِئْرُ مَاءٍ ) أَيْ عَذْبٍ فَإِنْ كَانَ مَالُهَا فَلَا رِبَا فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوبٍ ( قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْبَلَدِ بِحَيْثُ لَوْ قَصَدَ وَاحِدٌ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ بِئْرِ غَيْرِهِ لَا يَمْتَنِعُ فَلَا يَجْعَلْ لِلْمَاءِ حُكْمًا وَيَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا وَعَلَى هَذَا نَزَلَ قَوْلُهُمْ وَلَوْ بَاعَ دَارًا بِدَارٍ وَفِيهِمَا بِئْرَانِ صَحَّ الْبَيْعُ ( قَوْلُهُ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَخْ ) أَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَصِحُّ

( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ الْحَالِ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ ( تُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ حَالَ الْكَمَالِ ) لِلرِّبَوِيِّ وَذَلِكَ ( بِجَفَافِ الثِّمَارِ وَتَنْقِيَةِ الْحُبُوبِ ) تَنْقِيَتُهَا شَرْطٌ لِلْمُمَاثَلَةِ لَا لِلْكَمَالِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِجَفَافِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ ( وَبَقَاءُ الْهَيْئَةِ ) فِيهِمَا وَفِي غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَكُونَ الرِّبَوِيُّ مُتَهَيِّئًا لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ كَاللَّبَنِ أَوْ كَوْنِهِ بِهَيْئَةٍ يَتَأَتَّى مَعَهُ ادِّخَارُهُ كَالتَّمْرِ بِنَوَاهُ فَقَدْ { سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرَّطْبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَلَا إذًا } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ بِالْجَفَافِ وَقِيسَ بِالرَّطْبِ سَائِرُ الْمَطْعُومَاتِ الرِّبَوِيَّةِ ( فَلَا يُبَاعُ رَطْبُهَا بِرَطْبِهَا ) بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا ( مُطْلَقًا ) أَيْ ( سَوَاءٌ كَانَ لَهَا حَالَةُ جَفَافٍ ) كَتِينٍ وَمِشْمِشٍ وَخَوْخٍ وَرُمَّانٍ حَامِضٍ وَبِطِّيخٍ وَكُمَّثْرَى يُفْلَقَانِ ( أَمْ لَا ) كَالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِجَهْلِ قَدْرِ النَّقْصِ ( وَلَا ) يُبَاعُ ( رَطْبُهَا بِيَابِسِهَا ) لِذَلِكَ ( إلَّا فِي ) صُورَةِ ( الْعَرَايَا ) لِلرُّخْصَةِ فِيهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا وَفِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي بَيْعِ الطَّلْعِ بِالتَّمْرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا جَوَازُهُ فِي طَلْعِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ قَالَ الْإِمَامُ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَبَيْعُ الزَّيْتُونِ جَائِزٌ فَإِنَّهُ حَالَةُ كَمَالٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ قَصَبِ السُّكَّرِ بِمِثْلِهِ وَلَا بِالسُّكَّرِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي لَيْسَ لَهُ حَالَةُ جَفَافٍ ( كَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ وَرَطْبٍ لَا يَتَتَمَّرُ وَمَا لَا يَتَفَلَّقُ مِنْ الثِّمَارِ وَالرُّمَّانِ الْحُلْوِ وَنَحْوِهَا ) فَإِنَّهُ ( لَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ) وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَبْلَهُ وَلَا إلَى قَوْلِهِ

مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ عَقِبَهُ سَوَاءٌ إلَى آخِرِهِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ
( قَوْلُهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ بِالْجَفَافِ ) وَإِلَّا فَالنُّقْصَانُ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ قَوْلُهُ وَبَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتُونِ جَائِزٌ إلَخْ ) لِأَنَّهُ جَافٌّ وَتِلْكَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي هِيَ فِيهِ إنَّمَا هِيَ الزَّيْتُ وَلَا مَائِيَّةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَائِيَّةٌ لَجَفَّ ( قَوْلُهُ كَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ وَرَطْبٍ لَا يَتَتَمَّرُ ) فَلَوْ جَفَّ عَلَى خِلَافِ نُدُورٍ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ

( وَلَا تُبَاعُ حِنْطَةٌ ) مُطْلَقًا ( بِحِنْطَةٍ مَقْلِيَّةٍ ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهَا ( وَلَا ) بِحِنْطَةٍ ( مَبْلُولَةٍ وَإِنْ جَفَّتْ ) لِتَفَاوُتِ جَفَافِهَا وَمَقْلِيَّةٌ مِنْ قُلِيَتْ وَيُقَالُ مَقْلُوَّةٌ مِنْ قَلَوْت قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ ( وَيُبَاعُ جَدِيدٌ مِنْهَا لَا رُطُوبَةَ فِيهِ تُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ ) أَيْ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِيهِ ( بِعَتِيقٍ ) بِخِلَافِ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ تَنَاهِي جَفَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ وَبِخِلَافِ مَا فِيهِ رُطُوبَةُ يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِي الْكَيْلِ كَالْفَرِيكِ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ جَفَافُهُ فَهُوَ كَالْمَبْلُولِ ( وَلَا تُبَاعُ ) حِنْطَةٌ ( بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهَا ) وَلَا بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهَا ( كَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ وَالْفَالُوذَجِ وَفِيهِ النَّشَا وَالْمَصْلُ وَفِيهِ الدَّقِيقُ ) الْأَوْجَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَوْلُهُ الْأَصْلُ فَفِيهِ بِالْفَاءِ إذْ الْفَالُوذَجُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ النَّشَا وَالْمَصْلِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّقِيقِ وَيَجُوزُ جَعْلُ كُلٍّ مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَالًا لَازِمَةً ( وَلَا ) يُبَاعُ ( بَعْضُ هَذِهِ ) الْأَشْيَاءِ ( بِبَعْضٍ ) لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ حَالِ الْكَمَالِ ( وَلَيْسَتْ النُّخَالَةُ وَمَسُوسُ حِنْطَةٍ ) بِكَسْرِ الْوَاوِ ( ذَهَبَ لُبُّهَا بِرِبَوِيَّةٍ ) الْأَنْسَبُ بِرِبَوِيَّيْنِ فَيُبَاعُ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ وَبِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضِلًا
( قَوْلُهُ وَلَا بِحِنْطَةٍ مَبْلُولَةٍ ) مَا فُرِّكَ مِنْ سُنْبُلَةٍ قَبْلَ تَنَاهِي جَفَافِهِ كَالْمَبْلُولِ وَالْمُسَوِّسِ مِنْ الْحَبِّ إنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ لُبٌّ أَصْلًا جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ جَعْلُ كُلٍّ مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَالًّا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ قَدْ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَتَا كَمَالٍ ) فَأَكْثَرُ ( فَالسِّمْسِمُ ) بِكَسْرِ السِّينَيْنِ ( وَدُهْنُهُ وَكَسْبُهُ ) الْخَالِصُ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( كَامِلٌ ) فَلِلسِّمْسِمِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ كَوْنُهُ حَبًّا وَكَوْنُهُ دُهْنًا وَكَوْنُهُ كَسْبًا ( لَا طَحِينَتُهُ ) قَبْلَ اسْتِخْرَاجِ دُهْنِهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي الدَّقِيقِ وَأَمَّا دُهْنُهُ وَكَسْبُهُ ( فَيُبَاعُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ وَإِنْ خَالَطَ الدُّهْنَ مِلْحٌ ) أَوْ نَحْوُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَامِلٌ كَالسِّمْسِمِ كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِهِمَا الطَّحِينَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَلْطِ فَهِيَ كَالطَّحِينِ بَلْ عَيْنُهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( وَيَضُرُّ مَا ) أَيْ سِمْسِمٌ ( رُبِيَ بِالطِّيبِ ) مِنْ وَرْدٍ وَبَنَفْسَجٍ وَنَيْلُوفَرَ وَنَحْوِهَا ( دُهْنَهُ ) بِأَنْ اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ ثُمَّ طُرِحَتْ فِيهِ أَوْرَاقُ الطِّيبِ فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ اخْتِلَاطَهَا بِهِ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ التَّمَاثُلِ ( لَا ) إنْ رُبِيَ بِالطِّيبِ ( سِمْسِمُهُ ) أَيْ سِمْسِمُ الدُّهْنِ بِأَنْ طُرِحَ فِي الطِّيبِ ثُمَّ اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ الدُّهْنُ فَلَا يَضُرُّ فَيُبَاعُ بِمِثْلِهِ ( وَالْعِنَبُ يَكْمُلُ زَبِيبًا وَخَلًّا وَعَصِيرًا فَيُبَاعُ ) الزَّبِيبُ بِمِثْلِهِ وَيُبَاعُ ( الْعَصِيرُ ) الْمُسْتَخْرَجُ ( مِنْ ) كُلٍّ مِنْ ( الْعِنَبِ وَالرَّطْبِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالرُّمَّانِ وَسَائِرِ الْفَوَاكِهِ بِمِثْلِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلٍّ عَصِيرَيْ عِنَبٍ وَرَطْبٍ بِمِثْلِهِمَا ) أَيْ خَلُّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ ( كَيْلًا ) وَلَفْظُ عَصِيرَيْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى ( لَا خَلَّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ وَلَا خَلَّ تَمْرٍ بِخَلِّ رَطْبٍ ) لِأَنَّ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مَاءً فَيَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ ( وَلَا خَلَّ زَبِيبٍ بِخَلِّ تَمْرٍ وَلَا خَلَّ تَمْرٍ بِخَلِّ تَمْرٍ وَلَا خَلَّ زَبِيبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ ) لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْمَاءِ ( وَيُبَاعُ خَلُّ زَبِيبٍ بِخَلِّ رَطْبٍ وَخَلُّ تَمْرٍ بِخَلِّ عِنَبٍ ) لِأَنَّ الْمَاءَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْخَلَّيْنِ غَيْرُ

مُعْتَبَرَةٍ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ فَعُلِمَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ يُبَاعُ خَلُّ الرَّطْبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ إذْ لَا مَاءَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُمَا جِنْسَانِ
( قَوْلُهُ وَيَضُرُّ مَا رُبَى بِالطِّيبِ ) الْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ كُلُّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ السِّمْسِمِ ثُمَّ إنْ رُبَى السِّمْسِمُ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا وَإِنْ اسْتَخْرَجَ الدُّهْنَ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ أُصُولَهَا الشَّيْرَجُ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأُصُولِ فَإِذَا اتَّحَدَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ ( قَوْلُهُ وَالْعِنَبُ يَكْمُلُ زَبِيبًا وَخَلًّا إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَمِمَّا أَجْزِمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا امْتِنَاعُ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ وَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ ا هـ سَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَالرَّطْبُ يَكْمُلُ تَمْرًا وَخَلًّا وَعَصِيرًا وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ عَصِيرِ عِنَبٍ وَرَطْبٍ بِمِثْلِهِمَا مِثْلُهُمَا عَصِيرُ قَصَبِ السُّكَّرِ وَالرُّمَّانِ ( تَنْبِيهٌ ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَجْتَمِعُ مِنْ مَسَائِلِ الْخَلِّ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ وَالرَّطْبَ وَالْعِنَبَ وَالرُّمَّانَ وَالْقَصَبَ وَكُلٌّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ يُتَصَوَّرُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَبَيْعُهُ بِمَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ ( قَوْلُهُ وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْخَلَّيْنِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ إلَخْ ) وَيَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ خَلِّ عَصِيرِ الرُّمَّانِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ بِمِثْلِهِ

( فَرْعٌ وَيُبَاعُ اللَّبَنُ بِاللَّبَنِ كَيْلًا ) حَتَّى ( حَامِضُهُ بِحُلْوِهِ ) وَلَوْ رَائِبًا وَخَائِرًا وَلَا يُبَالِي بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنْ الْخَائِرِ أَكْثَرُ وَزْنًا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْكَيْلِ كَالْحِنْطَةِ الصُّلْبَةِ بِالرَّخْوَةِ لَكِنْ لَا يُبَاعُ الْحَلِيبُ إلَّا بَعْدَ سُكُوتِ رَغْوَتِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ ( مَا لَمْ يَغْلُ بِنَارٍ ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ بِهَا بِلَا غَلَيَانٍ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ ( وَيُبَاعُ السَّمْنُ بِالسَّمْنِ وَزْنًا ) وَقِيلَ كَيْلًا وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَزْنًا إنْ كَانَ جَامِدًا وَكَيْلًا إنْ كَانَ مَائِعًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا الْوَزْنُ وَلَمْ يُصَحِّحَا شَيْئًا لَكِنَّهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اسْتَحْسَنَ التَّوَسُّطَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ اللَّبَنَ يُكَالُ مَعَ أَنَّهُ مَائِعٌ
( قَوْلُهُ وَيُبَاعُ اللَّبَنُ بِاللَّبَنِ كَيْلًا ) مِثْلُهُ كُلُّ مَائِعٍ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَزْنًا إنْ كَانَ جَامِدًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي طَرْدُ ذَلِكَ فِي الْعَسَلِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ إلَخْ ) وَيَتَعَيَّنُ تَنْزِيلُ الْوَجْهَيْنِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ

( وَ ) يُبَاعُ ( الْمَخِيضُ بِالْمَخِيضِ إنْ لَمْ يُشْبِهْ ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا ( الْمَاءَ ) أَوْ نَحْوَهُ وَإِلَّا فَلَا يُبَاعُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ ( لَا الْأَقِطِ وَالْجُبْنِ وَالْمَصْلِ ) فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا ( بِمِثْلِهِ ) وَلَا بِاللَّبَنِ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ مُخَالَطَةِ شَيْءٍ إذْ الْأَقِطُ يُخَالِطُهُ الْمِلْحُ وَالْمَصْلُ يُخَالِطُهُ الدَّقِيقُ كَمَا مَرَّ وَالْجُبْنُ تُخَالِطُهُ الْإِنْفَحَةُ ( وَلَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالزُّبْدِ وَلَا بِالسَّمْنِ ) وَلَا بِاللَّبَنِ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ لِأَنَّ الزُّبْدَ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَخِيضٍ وَهُوَ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ
قَوْلُهُ وَيُبَاعُ الْمَخِيضُ بِالْمَخِيضِ إنْ لَمْ يُشْبِهْ الْمَاءَ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ يَسِيرٌ لَا يَكُونُ كَامِلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ وَهَكَذَا الْحَلِيبُ وَسَائِرُ الْأَلْبَانِ ا هـ سُئِلْت عَنْ اللَّبَنِ وَاللَّحْمِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَأَجَبْت بِأَنَّ اللَّبَنَ أَفْضَلُ لِأَوْجُهٍ مِنْهَا { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَخَذَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ الْقَدَحَ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ قَدْ أَصَبْت الْفِطْرَةَ } وَإِنَّ مِنْهُ اللَّبَأَ وَلَا يَعِيشُ الْوَلَدُ بِدُونِهِ غَالِبًا وَإِنَّ اللَّبَنَ مَنْشَأُ الْإِنْسَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَبِفُرُوعِهِ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ حَكَى الْجَلَالُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { سَيِّدُ إدَامِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ } فَلَعَلَّ الْوَالِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَسْتَحْضِرْ ذَلِكَ وَوَرَدَ أَيْضًا عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَفْضَلُ طَعَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ } ( قَوْلُهُ إذْ الْأَقِطُ يُخَالِطُهُ الْمِلْحُ ) إنْ كَانَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْرُوضٌ عَلَى النَّارِ لِلتَّأْثِيرِ

( فَرْعٌ وَلَا يُبَاعُ مَطْبُوخٌ وَلَا نَيْءٌ ) لِتَأَثُّرِهِ بِالنَّارِ فَيَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ اللَّحْمَ وَغَيْرَهُ وَالْمَشْوِيُّ فِي مَعْنَى الْمَطْبُوخِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلِلْمَعْقُودِ بِالنَّارِ كَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ ) وَهُوَ عَسَلُ الْقَصَبِ الْمُسَمَّى بِالْمُرْسَلِ ( وَاللِّبَا ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ ( حُكْمُ الْمَطْبُوخِ ) فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ أَصْلِهِ ( وَإِنَّمَا يُبَاعُ اللَّحْمُ بِاللَّحْمِ ) قَدِيدًا لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ بَعْدَ التَّقْدِيدِ كَالرَّطْبِ وَالْعِنَبِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْتَرَطُ تَنَاهِي جَفَافِهِ بِخِلَافِ التَّمْرِ أَيْ وَالْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا يُبَاعُ حَدِيثُ كُلٍّ مِنْهَا بَعْدَ جَفَافِهِ بِعَتِيقِهِ لِأَنَّهَا مَكِيلَةٌ وَبَاقِي الرُّطُوبَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْكَيْلِ بِخِلَافِهِ فِي اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ ( لَا رَطْبًا وَلَا مَمْلُوحًا ) الْأَوْلَى مُمَلَّحًا ( بِمِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ ) وَلَوْ كَانَ الْمُمَلَّحُ قَدِيدًا ( وَلَا يَضُرُّ الْعَرْضُ عَلَى النَّارِ لِلتَّصْفِيَةِ وَلَوْ عَسَلًا ) إذْ نَارُهَا لَيِّنَةٌ لَا تَعْقِدُ فَهِيَ كَالشَّمْسِ ( وَمِعْيَارُهُ ) أَيْ الْمَعْرُوضُ عَلَى النَّارِ لِلتَّصْفِيَةِ ( الْوَزْنُ وَلَا يُبَاعُ شَهْدٌ بِشَهْدٍ ) لِمَنْعِ الشَّمْعِ مَعْرِفَةِ التَّمَاثُلِ ( وَلَا بِعَسَلٍ ) لِلتَّفَاضُلِ ( وَيُبَاعُ الشَّمْعُ بِهِمَا ) لِأَنَّهُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ

( فَرْعٌ وَنَزْعُ الْعَظْمِ مِنْ اللَّحْمِ شَرْطٌ فِي بَيْعِهِ بِمِثْلِهِ ) وَلَا يَبْطُلُ كَمَالُهُ بِنَزْعِ عَظْمِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَقَائِهِ صَلَاحٌ ( وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ تَمْرٍ نُزِعَ نَوَاهُ بِمِثْلِهِ ) وَلَا بِغَيْرِ مَنْزُوعِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لِذَهَابِ كَمَالِهِ ) لِأَنَّهُ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ ( وَلَا يَضُرُّ نَزْعُهُ مِنْ ) نَحْوِ ( خَوْخٍ وَمِشْمِشٍ جُفِّفَ ) لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي تَجْفِيفِهِمَا
( قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ تَمْرٍ نُزِعَ نَوَاهُ ) أَيْ أَوْ زَبِيبٍ ( قَوْلُهُ نُزِعَ نَوَاهُ إلَخْ ) وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَرَضَ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ لَا نَوَى لَهُ صَحَّ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ لِكَمَالِهِ

( فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْجِنْسِيَّةِ الْمَشْرُوطُ فِيهَا التَّمَاثُلُ ) فِي بَيْعِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ ( فَلُحُومُ الْأَجْنَاسِ ) كَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ ( أَجْنَاسٌ ) كَأُصُولِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ الْبَقَرِ بِلَحْمِ الضَّأْنِ مُتَفَاضِلًا ( وَكَذَا أَلْبَانُهَا وَبُيُوضُهَا ) أَجْنَاسٌ وَبَيَاضُ الْبَيْضِ وَصِفَارُهُ جِنْسٌ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ ( وَالْإِبِلُ بَخْتَيْهَا وَعِرَاجُهَا جِنْسٌ ) لِتَنَاوُلِ الْإِبِلِ لَهُمَا ( وَالْبَقَرُ وَالْجَوَامِيُس ) الْأَوْلَى وَالْبَقَرُ جَوَامِيسَهَا وَعِرَابَهَا ( جِنْسٌ ) وَ ( لَيْسَ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْبَقَرِ ( الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ لِأَنَّ الْوَحْشِيَّ وَالْإِنْسِيَّ ) مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ ( جِنْسَانِ وَالضَّأْنُ وَالْمَعْزُ جِنْسٌ ) لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْغَنَمِ لَهُمَا ( وَالظَّبْيُ وَالْإِبِلُ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْوَعِلُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ تَيْسُ الْجَبَلِ وَيُقَالُ شَاتُه ( جِنْسٌ وَالطُّيُورُ أَجْنَاسٌ وَالْقُمْرِيُّ وَالْحَمَامُ وَكُلُّ ) أَيْ وَسَائِرُ ( مَا عَبَّ وَهَدَرَ جِنْسٌ ) وَقِيلَ أَجْنَاسٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَالْعَصَافِيرُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ جِنْسٌ وَالسُّمُوكُ ) الْمَعْرُوفَةُ ( جِنْسٌ وَبَقَرُ الْمَاءِ وَغَنَمُهُ وَغَيْرُهُمَا ) مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ ( أَجْنَاسٌ ) كَالْبَرِّيَّاتِ ( وَالْجَرَادُ لَيْسَ بِلَحْمٍ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالْقَلْبُ وَالْكِرْشُ وَالرِّئَةُ وَالْمُخُّ أَجْنَاسٌ ) وَلَوْ كَانَتْ مِنْ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ لِاخْتِلَافِ أَسْمَائِهَا وَصِفَاتِهَا ( وَلَيْسَ الْجِلْدُ رِبَوِيًّا فَيُبَاعُ الْجِلْدُ بِجِلْدَيْنِ ) .
وَمَحَلُّهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يُؤْكَلْ غَالِبًا بِأَنْ خَشُنَ وَغِلَظَ وَإِلَّا فَهُوَ رِبَوِيٌّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَنْعُهُمْ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يُدْبَغْ بِالْحَيَوَانِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَشَحْمُ الظَّهْرِ وَ ) شَحْمُ ( الْبَطْنِ وَالسَّنَامُ أَجْنَاسٌ وَكَذَا الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ ) جِنْسَانِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَالرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ مِنْ

جِنْسِ اللَّحْمِ قَدْ يُشْعِرُ بِخِلَافِهِ ( وَالْبِطِّيخُ ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا ( الْمَعْرُوفُ ) وَهُوَ الْأَصْفَرُ ( وَالْهِنْدِيُّ ) وَهُوَ الْأَخْضَرُ ( وَالْقِثَّاءُ ) وَالْخِيَارُ ( أَجْنَاسٌ ) لِاخْتِلَافِهَا صُورَةً وَطَعْمًا وَطَبْعًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالتَّمْرُ الْمَعْرُوفُ مَعَ التَّمْرِ الْهِنْدِيِّ جِنْسَانِ وَالْبُقُولُ كَ هِنْدِيًّا وَنُعْنُعٍ بِضَمِّ النُّونَيْنِ أَجْنَاسٌ ( وَالْأَدْهَانُ ) وَالْأَدِقَّةُ وَالْخُلُولُ ( أَجْنَاسٌ ) لَكِنَّ دُهْنَ الْبَانِ وَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَنَحْوِهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ أَصْلُهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّيْرَجُ وَزَيْتُ الزَّيْتُونِ وَزَيْتُ الْفُجْلِ جِنْسَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَدُهْنُ السِّمْسِمِ وَكَسْبُهُ جِنْسَانِ كَالسَّمْنِ وَمَخِيضِهِ وَعَصِيرٍ ) أَيْ وَكَعَصِيرِ ( الْعِنَبِ وَخَلِّهِ ) لِإِفْرَاطِ التَّفَاوُتِ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَالْمَقْصُودِ فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ جَوَّزَ بَيْعَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَشَبَّهَهُ بِبَيْعِ التَّمْرِ الطَّيِّبِ بِغَيْرِ الطَّيِّبِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا مُتَمَاثِلًا وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَا جِنْسَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ التَّمْرِ بِعَصِيرِ الرَّطْبِ وَكَذَا بِخَلِّهِ وَمِمَّا أَجْزِمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا امْتِنَاعُ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ وَإِنْ كَانَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ .
قَالَ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ بَعِيدٌ وَيَكْفِي فِي رَدِّهِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ مِنْ امْتِنَاعِ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالتَّمْرِ وَقَدْ سَوَّى هُوَ بَيْنَهُمَا ( وَالسُّكَّرُ وَالْفَانِيدُ جِنْسَانِ ) لِاخْتِلَافِ قَصَبِهِمَا لِأَنَّ الْفَانِيدَ يُتَّخَذُ مِنْ قَصَبٍ قَلِيلِ الْحَلَاوَةِ كَأَعَالِي الْعِيدَانِ وَالسُّكَّرَ يُطْبَخُ مِنْ أَسَافِلِهَا وَأَوْسَاطِهَا لِشِدَّةِ حَلَاوَتِهَا وَعَسَلُ الْقَصَبِ وَالْقَطَّارَةِ

جِنْسٌ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ( ثُمَّ السُّكَّرُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ ) مِنْ سُكَّرٍ أَحْمَرَ وَنَبَاتٍ وَطَبَرْزَدْ وَهُوَ السُّكَّرُ الْأَبْيَضُ ( جِنْسٌ ) لِاتِّحَادِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْقَصَبُ وَاخْتِلَافُ أَسْمَائِهَا لِاخْتِلَافِ نَوْعِهَا لَا جِنْسِهَا إذْ الْكُلُّ سُكَّرٌ
( فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْجِنْسِيَّةِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْغَنَمِ لَهُمَا ) أَمَّا لَحْمُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ بَقَرٍ وَغَنَمٍ مَثَلًا فَهَلْ يُجْعَلُ جِنْسًا بِرَأْسِهِ أَوْ يُجْعَلُ مَعَ لَحْمِ أَبَوَيْهِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ احْتِيَاطًا فَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِهِ بِلَحْمِهِمَا مُتَفَاضِلًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَظْهَرُ الثَّانِي لِضِيقِ بَابِ الرِّبَا ( قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( قَوْلُهُ لَكِنَّ دُهْنَ الْبَانِ وَالْوَرْدِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا جِنْسًا جَوَازُ بَيْعِهَا بِمِثْلِهَا لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ وَهُوَ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي صُورَةِ تَرْبِيَةِ الدُّهْنِ بِالطِّيبِ ( قَوْلُهُ وَدُهْنُ السِّمْسِمِ ) أَيْ أَوْ اللَّوْزِ قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ لَا يُبَاعُ الْحَيَوَانُ ) وَلَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا ( بِلَحْمٍ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ ) أَوْ جَرَادٍ ( فَيَسْتَوِي فِيهِ الْجِنْسُ ) كَغَنَمٍ بِلَحْمِ غَنَمٍ ( وَغَيْرِهِ ) كَبَقَرٍ بِلَحْمِ غَنَمٍ ( وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَيَوَانُ مَأْكُولًا ) كَمَا مَثَّلْنَا ( أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ ) كَحِمَارٍ وَعَبْدٍ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ الشَّاةُ بِاللَّحْمِ } رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ { وَنَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا وَالتِّرْمِذِيُّ مُسْنَدًا ( وَلَا ) يُبَاعُ الْحَيَوَانُ ( بِشَحْمٍ وَكَبِدٍ وَنَحْوِهِمَا ) كَ أَلْيَةٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ ( وَلَا بِجِلْدٍ لَمْ يُدْبَغْ ) وَكَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ غَالِبًا كَجِلْدِ سَمِيطٍ وَدِيبَاجٍ بِخِلَافِ مَا إذَا دُبِغَ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ غَالِبًا وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْحَيَوَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَمَّا بَيْعُ السَّمَكِ الْحَيِّ بِمِثْلِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا ابْتِلَاعَهُ حَيًّا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ

( قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا إلَخْ ) أَنْكَرَ الْمُزَنِيّ عَلَى الشَّافِعِيِّ اسْتِدْلَالَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ بِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِالْمُرْسَلِ وَرَدَّ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ إرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدِي حَسَنٌ فَقِيلَ لِأَنَّ مَرَاسِيلَهُ تُتُبِّعَتْ فَوُجِدَتْ مَسَانِيدَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَرَدَّهُ الْخَطِيبُ بِأَنَّ فِيهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ ثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا رَجَّحَ بِهِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بَلْ إرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا إذَا اُعْتُضِدَ بِأَحَدِ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ قِيَاسٍ أَوْ قَوْلِ صَحَابِيٍّ أَوْ فِعْلِهِ أَوْ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ أَوْ يَنْتَشِرُ مِنْ غَيْرِ دَافِعٍ لَهُ أَوْ يَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ الْعَصْرِ أَوْ لَا يُوجَدُ دَلَالَةٌ سِوَاهُ أَيْ أَوْ مُرْسَلٍ آخَرُ أَوْ مُسْنَدٍ ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالْحَيَوَانِ ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

( فَرْعٌ لَا يُبَاعُ رِبَوِيٌّ بِمَا اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ ) كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ ( فَبَيْعُ اللَّبَنِ بِالسَّمْنِ وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ وَبِالْكَسْبِ بَاطِلٌ ) كَبَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ فَإِنْ قِيلَ السِّمْسِمُ مَثَلًا جِنْسٌ بِرَأْسِهِ لَا أَنَّهُ دُهْنٌ وَكَسْبٌ وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ فَهَلَّا جَازَ بَيْعُهُ بِدُهْنِهِ أَيْضًا قُلْنَا مُجَانَسَةُ الْعِوَضَيْنِ فِي بَيْعِ السِّمْسِمِ بِمِثْلِهِ نَاجِزَةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ وَالنَّظَرِ إلَى مَا يَحْدُثُ فَعُدَّ جِنْسًا وَاحِدًا بِرَأْسِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ السِّمْسِمِ بِدُهْنِهِ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ الدُّهْنِ سِمْسِمًا وَلَا السِّمْسِمِ مُخَالِفًا لِلدُّهْنِ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَيْنَهُمَا مُجَانَسَةٌ وَهِيَ فِي الدُّهْنِيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى اعْتِبَارِهَا فَلَا يُعَدُّ جِنْسًا وَاحِدًا فَأَحْوَجُ إلَى التَّفْرِيقِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ ( وَكَذَا لُبُّ الْجَوْزِ ) أَيْ بَيْعُهُ ( بِدُهْنِهِ ) بَاطِلٌ ( وَيُبَاعُ الْجَوْزُ بِالْجَوْزِ وَزْنًا ) لِأَنَّهُ أَكْبَرُ جَرْمًا مِنْ التَّمْرِ ( وَاللَّوْزُ بِاللَّوْزِ كَيْلًا ) لِأَنَّهُ كَالتَّمْرِ لِمَا مَرَّ ( بِقِشْرِهِمَا ) أَيْ مَعَ قِشْرِهِمَا لِأَنَّ صَلَاحَهُمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَسَيَأْتِي فِي السَّلَمِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِهِ فِيهِمَا وَزْنًا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قِشْرُهُمَا غَالِبًا فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ هُنَا وَقَدْ قَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ نُقِلَ عَنْ النَّصِّ الْمَنْعُ لِاخْتِلَافِ قِشْرِهِمَا قَالَ وَحَكَى الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ .
( وَكَذَا ) يُبَاعُ ( لُبُّهُمَا بِلُبِّهِمَا ) أَيْ لُبَّيْ الْجَوْزِ بِلُبِّ الْجَوْزِ وَلُبُّ اللَّوْزِ بِلُبِّ اللَّوْزِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ يَمْنَعُ بَيْعَ مَنْزُوعِ النَّوَى بِمِثْلِهِ لِبُطْلَانِ كَمَالِهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حَالَةِ الِادِّخَارِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فَالْقِيَاسُ فِيهِمَا الْمَنْعُ وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ

انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَنْزُوعَ النَّوَى أَسْرَعُ فَسَادًا مِنْ لُبِّ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ( وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ مَعَ قِشْرِهِ بِالْبَيْضِ ) كَذَلِكَ ( وَزْنًا ) إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ كَبَيْضِ دَجَاجٍ بِمِثْلِهِ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ وَلَوْ جُزَافًا ( وَ ) يَجُوزُ بَيْعُ ( لَبَنِ شَاةٍ بِشَاةٍ حُلِبَ لَبَنُهَا فَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ ) يُقْصَدُ حَلْبُهُ لِكَثْرَتِهِ ( أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ ) مَأْكُولَةٍ ( بِذَاتِ لَبَنٍ ) كَذَلِكَ مِنْ جِنْسِهَا ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ الثَّمَنُ فِي مُقَابَلَتِهِ فِي الْمُصَرَّاةِ أَمَّا الْآدَمِيَّاتُ ذَوَاتُ اللَّبَنِ فَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّاشِيِّ الْجَوَازُ فِيهَا وَفُرِّقَ بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ فِي الضَّرْعِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ فَإِنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ ( وَلَوْ بَاعَ لَبَنَ بَقَرَةٍ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ صَحَّ ) لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ أَمَّا بَيْعُ ذَاتِ لَبَنٍ بِغَيْرِ ذَاتِ لَبَنٍ فَصَحِيحٌ ( وَبَيْعُ بَيْضٍ بِدَجَاجَةٍ كَبَيْعِ لَبَنٍ بِشَاةٍ ) فَإِنْ كَانَ فِي الدَّجَاجَةِ بَيْضٌ وَالْبَيْضُ الْمَبِيعُ بَيْضُ دَجَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ وَبَيْعُ دَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ بِدَجَاجَةٍ كَذَلِكَ بَاطِلٌ كَبَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا وَهُوَ مَا فِي التَّحْرِيرِ لِلْجُرْجَانِيِّ عَنْ الْبَحْرِ .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ صِحَّتُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ لَبُونٍ بِلَبُونٍ انْتَهَى وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِسُهُولَةٍ أَخْذُ اللَّبَنِ فَهُوَ كَالْمُنْفَصِلِ بِخِلَافِ الْبَيْضِ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَقْتَضِي صِحَّةَ بَيْعِ بَيْضِ دَجَاجَةٍ بِدَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُهُ

( قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ لَمْ يَصِحَّ ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْمَنْعِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ لَهُ بِأَنْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِلَبَنِ شَاةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُوصَى لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ر ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ ) وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ لَبَنَ آدَمِيَّةٍ بِلَبَنِ آدَمِيَّةٍ مُنْفَصِلٍ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُمَا صَارَا عَيْنَيْنِ ر

( بَابُ الْبُيُوعِ الْمُنْهَى عَنْهَا ) ( وَمُقْتَضَى النَّهْيِ الْفَسَادُ وَقَدْ يُحْكَمُ مَعَهُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ لِخُصُوصِيَّةِ الْبَيْعِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْمُفْسِدُ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ ) كَمَا مَرَّ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ قَسَّمَ النَّهْيَ قِسْمَيْنِ وَيُنَاسِبُهُ تَمْثِيلُهُ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا ذُكِرَ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ النَّهْيُ فِي بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ قَسَّمَ الْمُنْهَى عَنْهُ قِسْمَيْنِ وَلِهَذَا مَثَّلَهُ بِبَيْعِ مَا ذَكَرَ لَا بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَكُلٌّ صَحِيحٌ ( وَكَبَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَ ) بَيْعِ ( الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ وَ ) بَيْعِ ( الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا ( وَ ) بَيْعِ ( مَالِ الْغَيْرِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ( وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ( وَهُوَ بَيْعُ الْغَائِبِ أَوْ مَا سَيَمْلِكُهُ ) أَيْ مَا لَا يَمْلِكُهُ لِيَشْتَرِيَهُ فَيُسَلِّمَهُ ( وَبَيْعُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ ) لِمَا مَرَّ فِي شَرْطِ طَهَارَةِ الْمَبِيعِ ( وَبَيْعُ عَسْبِ الْفَحْلِ وَاسْتِئْجَارُهُ لِلضِّرَابِ ) لِأَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ضِرَابُهُ وَيُقَالُ مَاؤُهُ وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْخَبَرِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ أَيْ نَهَى عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ أَيْ بَدَلَ ذَلِكَ وَأَخْذَهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَضِرَابُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ ( فَإِنْ أَهْدَى لَهُ ) أَيْ لِمَالِكِهِ ( صَاحِبُ الْأُنْثَى ) شَيْئًا ( جَازَ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِعَارَةُ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ

بَابُ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا ) ( قَوْلُهُ وَقَدْ يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ مَعَهُ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مَسْأَلَتَانِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهِمَا مَعَ وُجُودِ النَّهْيِ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُمَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَبَيْعِ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ا هـ وَيُجَابُ بِأَنَّ بُطْلَانَهُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ لِخُصُوصِيَّةٍ وَهُوَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا ( مِنْهُ ) ( قَوْلُهُ لِأَمْرٍ آخَرَ ) أَيْ خَارِجٍ عَنْهُ غَيْرِ لَازِمٍ لَهُ ( قَوْلُهُ لِيُصْبِحَ النَّهْيُ ) إذْ الْعَسْبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّهْيُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ ( قَوْلُهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ ) وَفَارَقَ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَيْنٌ حَتَّى لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا يُلَقِّحُ بِهِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَهَهُنَا الْمَقْصُودُ الْمَاءُ وَالْمُؤَجِّرُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ

( وَبَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَهُوَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ ) أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا فَوَلَدَ وَلَدُهَا نِتَاجُ النِّتَاجِ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ يُقَالُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ نِتَاجًا أَيْ وَلَدَتْ ( أَوْ بَيْعُ وَلَدِ مَا تَلِدُهُ ) الدَّابَّةُ الْمَفْهُومَةُ مِنْ كَلَامِهِ وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ وَعَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ ( وَبَيْعُ الْمَلَاقِيحِ وَهُوَ ) بَيْعُ ( مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ ) مِنْ الْأَجِنَّةِ ( وَبَيْعُ الْمَضَامِينِ وَهُوَ ) بَيْعُ ( مَا فِي الْأَصْلَابِ ) لِلْفُحُولِ مِنْ الْمَاءِ لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْبَزَّارُ وَالْمَلَاقِيحُ جَمْعُ مُلْقُوحَةٍ وَهِيَ الْجَنِينُ وَالنَّاقَةُ الْحَامِلُ لَاقِحٌ وَالْمَضَامِينُ جَمْعُ مَضْمُونٍ بِمَعْنَى مُتَضَمِّنٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَضْمُونُ الْكِتَابِ كَذَا وَكَذَا وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَبَيْعُ الْمُلَامَسَةِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَهُوَ أَنْ يُكْتَفَى بِاللَّمْسِ عَنْ النَّظَرِ وَلَا خِيَارَ ) بَعْدَهُ بِأَنْ يَلْمِسَ ثَوْبًا لَمْ يَرَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ ( أَوْ يَجْعَلَ اللَّمْسَ بَيْعًا ) بِأَنْ يَقُولَ إذَا لَمَسْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ ( أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ ) بِأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ ( وَبَيْعُ الْمُنَابَذَةِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ نَبْذَ الْمَبِيعِ بَيْعًا أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ ) بِأَنْ يَقُولَ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي هَذَا بِمِائَةٍ فَيَأْخُذُهُ الْآخَرُ أَوْ يَقُولُ بِعْتُكَهُ بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْك لَزِمَ

الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ وَالْبُطْلَانُ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الصِّيغَةِ أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ
( قَوْلُهُ وَبَيْعُ حَبَلِ الْحَبَلَةِ ) فِيهِ مَجَازٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا إطْلَاقِ الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ الثَّانِي أَنَّهُ مَصْدَرٌ أُرِيدَ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ ) كَذَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ بِفَتْحِ النُّونِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَا فِي بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ مِنْ الْأَجِنَّةِ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَلَاقِيحَ اسْمٌ لِمَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَصَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ خَاصَّةً ( قَوْلُهُ بِأَنْ يَلْمِسَ ثَوْبًا لَمْ يَرَهُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ الْفَتْحِ فَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ وَلَا حَرْفُ حَلْقٍ ر ( قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي هَذَا إلَخْ ) أَوْ أَيِّ ثَوْبٍ نَبَذْته إلَيْك فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ

( وَبَيْعُ الْحَصَاةِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( وَهُوَ بَيْعُ مَا تُصِيبُهُ الْحَصَاةُ ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ ( أَوْ بَيْعُ مُدًى ) أَيْ غَايَةُ ( رَمْيَةٍ مِنْ الْأَرْضِ ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ مِنْ هُنَا إلَى مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْحَصَاةُ ( أَوْ يَجْعَلَ الرَّمْيَ بَيْعًا أَوْ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ ) بِأَنْ يَقُولَ إذَا رَمَيْت هَذَا الثَّوْبَ فَقَدْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا أَوْ يَقُولَ بِعْتُكَهُ عَلَى إنَّك بِالْخِيَارِ إلَى أَنْ أَرْمِيَ الْحَصَاةَ وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ ( وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ ( وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ الْعَبْدَ ) مَثَلًا ( عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ ) أَيْضًا الثَّوْبَ مَثَلًا ( أَوْ ) عَلَى أَنْ ( يَبِيعَهُ الْآخَرُ الثَّوْبَ أَوْ ) أَنْ ( يَبِيعَهُ إيَّاهُ ) أَيْ الْعَبْدَ ( بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ بِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً ) لِيَأْخُذَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ هُوَ أَوْ الْبَائِعُ وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ فِي الثَّالِثِ ( فَإِنْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ نَقْدًا وَبِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً أَوْ ) بَاعَ ( نِصْفَهُ بِأَلْفٍ وَنِصْفَهُ بِأَلْفَيْنِ صَحَّ لَا أَنْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ نِصْفَهُ بِسِتِّمِائَةٍ ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ بِالسَّوِيَّةِ وَآخِرَهُ يُنَاقِضُهُ ( وَبَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَسَيَأْتِي ) بَيَانُهُمَا فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ .
( وَبَيْعُ الْمَجْرِ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ ( وَهُوَ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَبِالرَّاءِ بَيْعُ ( مَا فِي الرَّحِمِ ) مِنْ الْأَجِنَّةِ فَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ ( وَقِيلَ هُوَ الرِّبَا وَقِيلَ ) هُوَ ( الْمُحَاقَلَةُ ) وَالْمُزَابَنَةُ ( وَبَيْعُ السِّنِينَ ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( وَهُوَ بَيْعُ ثَمَرَةِ النَّخْلِ سِنِينَ أَوْ

تَحْدِيدُ الْبَيْعِ كَبِعْتُكَ ) هَذَا ( سَنَتَيْنِ فَإِذَا انْقَضَتَا فَلَا بَيْعَ ) بَيْنَنَا وَالْبُطْلَانُ فِيهِ لِعَدَمِ الْبَيْعِ وَلِلتَّأْقِيتِ ( وَبَيْعُ الْعُرْبُونِ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ } أَيْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ ( وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْضَ الثَّمَنِ فَإِنْ فُسِخَ كَانَ هِبَةً ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً مِنْ غَيْرِهِ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةٌ لَهُ قَالَ وَيُفَسَّرُ أَيْضًا بِأَنْ يَدْفَعَ دَرَاهِمَ لِمَنْ يَصْنَعُ لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ إنْ رَضِيَهُ فَهِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَهِبَةٌ لَهُ وَالْبُطْلَانُ فِيهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ الْهِبَةِ ( وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ ( وَبَيْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ السِّلَاحِ ) لِأَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ فِي قَبْضَتِنَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِلدَّاخِلِ بِأَمَانٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ إمْسَاكُهُ عِنْدَهُ إلَى عَوْدِهِ وَلِأَنَّ الْأَمَانَ عَارِضٌ يَزُولُ ( إلَّا الْحَدِيدَ ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ سِلَاحًا .
فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ سِلَاحًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ مِنْهُمْ كَبَيْعِ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا وَسَيَأْتِي ( وَبَيْعُ الْعِنَبِ قَبْلَ أَنْ يَسْوَدَّ وَالْحَبِّ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَلَوْ ذُكِرَ هُنَا كَالْأَصْلِ مَقْرُونًا بِذِكْرِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَنْجُوَ مِنْ الْعَاهَةِ كَانَ أَنْسَبَ ( وَيَجُوزُ بَيْعِ الْهِرَّةِ ) الْأَهْلِيَّةِ ( وَالنَّهْيُ ) عَنْ ثَمَنِ الْهِرَّةِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ ( مُتَأَوَّلٌ ) أَيْ مَحْمُولٌ ( عَلَى الْوَحْشِيَّةِ ) إذْ لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةُ اسْتِئْنَاسِ

وَلَا غَيْرُهُ ( أَوْ الْكَرَاهَةُ ) فِيهِ ( لِلتَّنْزِيهِ ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّاسَ يَتَسَامَحُونَ بِهِ ( وَالنَّهْيُ ) أَيْ وَكَالنَّهْيِ ( عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ ( وَهُوَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَرْضِ وَ ) كَالنَّهْيِ ( عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ وَجَعَلَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْقَرْضِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَعِبَارَتُهُ وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ كَبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ انْتَهَى وَذَلِكَ كَأَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِائَةً أَوْ يَبِيعَهُ دَارًا مَثَلًا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرِفْقَ الْعَقْدِ الثَّانِي ثَمَنًا وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يَفْرِضَ التَّوْزِيعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْبَيْعُ

قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ ) قَالَ شَيْخُنَا وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ وَنِصْفَهَا بِأَرْبَعِمِائَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ بِعْتُك الدَّارَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهَا صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا إلَّا نِصْفَهَا ( قَوْلُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْط الْهِبَةِ ) وَشَرْطِ الرَّدِّ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَرْضَى ( قَوْلُهُ وَبَيْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ السِّلَاحَ ) الْخَيْلُ كَالسِّلَاحِ وَيَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ بَيْعُ ذَلِكَ مِنْ الذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ كَالْحَرْبِيِّ ع وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فِي رِسَالَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَخَافَ الْبُغَاةَ أَوْ الْقُطَّاعَ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ السَّيْفَ الْوَاحِدَ وَالسِّكِّينَ الْوَاحِدَةَ لِيَدْفَعَ بِهِ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَإِنَّهُ مِنْ زَادِ الْمُسَافِرِينَ قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا ) عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّلَاحِ كُلُّ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ فِي قَبْضَتِنَا ) نَعَمْ لَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَهُ مِنَّا وَيَدُسُّونَهُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الظَّاهِرُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ هَذَا اتِّجَاهٌ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ شِرَاءِ السِّلَاحِ فِي مُدَّةِ إقَامَتِهِ عِنْدَنَا لِلتِّجَارَةِ وَالْقِتَالُ كَدَفْعِ الصَّائِلِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوَهُ وَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ أُمِرَ بِبَيْعِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ حَمْلِهِ مَعَهُ فَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ سِلَاحًا إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِ الْأَصْحَابِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُمْ كُلُّ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى

قِتَالِنَا

( فَصْلٌ الشَّرْطُ إنْ اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ ) كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ ( فَوُجُودُهُ ) فِيهِ ( كَعَدَمِهِ ) فَيَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ تَأْكِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ ( وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَضٌ ) وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ ( كَشَرْطِ أَنْ يُلْبِسَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ ( الْحَرِيرَ أَوْ يُطْعِمَهُ الْهَرِيسَةَ ) لِأَنَّ ذِكْرَهُ لَا يُورِثُ تَنَازُعًا غَالِبًا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ إلْزَامَ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُصَلِّيَ النَّوَافِلَ أَوْ يَصُومَ شَهْرًا غَيْرَ رَمَضَانَ أَوْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ إلْزَامُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ فَسَادُ الْعَقْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ وَالْحَرِيرِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ تَصْرِيحًا بِالْبُطْلَانِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ التَّتِمَّةِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَقَالَ وَإِذَا بَاعَهُ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ الْبُطْلَانُ وَإِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهِ إلَّا عَلَى كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَعْدُودِينَ فِي الْمُصَنَّفَيْنِ لَا فِي أَصْحَابِ الْوُجُوهِ .
قَالَ وَقَدْ اخْتَارَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ لَا يَأْكُلُ إلَّا الْهَرِيسَةَ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِتَاءِ الْخِطَابِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُرِئَ بِالْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْإِفْسَادُ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ وَمَا قَالَاهُ بَعِيدٌ عَنْ السِّيَاقِ لَكِنَّهُ صَحِيحٌ نَقْلًا كَمَا بَيَّنْته وَأَجَابَ عَنْ

ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا فِي التَّتِمَّةِ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا وَمَسْأَلَتُنَا مَحَلُّهَا فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي الْجُمْلَةِ إذْ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ وَقَدْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَتَأَدَّى هِيَ بِبَعْضِهَا فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهَا فَأَشْبَهَ خِصَالَ الْكَفَّارَةِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهَا بِالتَّعْيِينِ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّقْدِيرِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ وَإِلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ أَدَمَيْنِ أَوْ نَوْعَيْنِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فَإِذَا شَرَطَ فَقَدْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَبْطَلَهُ قَالَ وَفِي التَّمْثِيلِ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ شَرْعًا إنْ كَانَ الْعَبْدُ بَالِغًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ سَيْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ

( فَصْلٌ الشَّرْطُ إنْ اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ) وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الشَّاشِيَّ فِي الْحِلْيَةِ حَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ فَسَادُ الْعَقْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ وَالْحَرِيرِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى ضَعْفِ الْعَبْدِ عَنْ الْخِدْمَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الصَّوْمَ قَوْلُهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ ) أَيْ وَابْنُ الْأُسْتَاذِ وَغَيْرُهُمْ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ ) فِي الْحِلْيَةِ لِلشَّاشِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ لَا غَرَضَ فِيهِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ بِعْتُك عَلَى أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ أَوْ تَقِفَ فِي الشَّمْسِ أَوْ تَأْكُلَ كَذَا وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الرَّجْعَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَطْعَمَهُ إلَّا كَذَا وَلَفْظُ الْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِشَرْطِ أَنْ لَا تُطْعِمَهُ إلَّا أَلَذُّ الْأَطْعِمَةِ أَنَّ هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَغْوٌ مُطْرَحٌ وَهُوَ يَرُدُّ مَا ذَكَرُوهُ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ ) إذْ مُقْتَضَاهُ تَقْدِيرُهَا بِالْكِفَايَةِ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ سَيْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ

( وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ نَظَرْت فَإِنْ كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ لَمْ يُبْطِلْهُ وَلَزِمَ سَوَاءٌ نَفَعَ الْمُشْتَرِيَ ) كَكَوْنِ الْمَبِيعِ كَاتِبًا ( أَوْ الْبَائِعَ ) كَرَهْنٍ بِالثَّمَنِ ( أَوْ كِلَيْهِمَا ) كَالْخِيَارِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ كَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا وَنَحْوَهُ فَفَاسِدٌ يُفْسِدُ الْبَيْعَ ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ كُلِّ شَرْطٍ لَكِنْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ تَأْدِيَتُهُ إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ قَدْ يَثُورُ بِسَبَبِهَا نِزَاعٌ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ وَقَدْ يُفْضِي إلَى فَوَاتِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ فَحَيْثُ انْتَفَى هَذَا الْمَعْنَى صَحَّ الشَّرْطُ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ نُصُوصٌ بِصِحَّتِهَا وَسَيَأْتِي وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( إلَّا الْعِتْقُ كَمَا سَيَأْتِي ) إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ ( فَإِذَا شَرَطَ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا أَوْ ضَمَانًا فَاسِدًا فَسَدَ الْبَيْعُ ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ ( كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْأَجَلِ إنْ بَاعَهُ بِمُعَيَّنٍ ) لِأَنَّ الْأَجَلَ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ ( أَوْ ) بَاعَهُ بِمَا ( فِي الذِّمَّةِ وَجُهِلَتْ مُدَّتُهُ ) أَيْ الْأَجَلُ كَقُدُومِ زَيْدٍ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ وَإِقْبَاضِ الْمَبِيعِ لِلْغَرَرِ ( أَوْ ) عُلِمَتْ لَكِنْ ( اُسْتُبْعِدَ بَقَاؤُهُ ) أَيْ الْبَائِعِ ( وَبَقَاءُ وَارِثِهِ إلَى انْتِهَائِهَا كَأَلْفِ سَنَةٍ ) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُمَا لَا يَبْقَيَانِ إلَيْهَا وَبِأَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمَدِينِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَخَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ لِاسْتِبْعَادِ مَا ذُكِرَ بَلْ لِاسْتِبْعَادِ بَقَاءِ الدُّنْيَا إلَيْهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ ( وَهُوَ مُشْكِلٌ ) لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ قَبْلَهَا بِمَوْتِ الْمَدِينِ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ أَيْ فَلَا يُؤَثِّرُ التَّأْجِيلُ بِهَا وَرَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ عَكْسُ مُرَادِ الرُّويَانِيِّ وَالرَّافِعِيِّ

لِأَنَّ مُرَادَهُمَا أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهَا فَاسِدٌ لِاسْتِحَالَتِهِ لِعِلْمِنَا بِسُقُوطِ الْأَجَلِ قَبْلَ تَمَامِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ ( وَتَأْجِيلُ بَدَلِ الْمُتْلَفِ وَ ) الدَّيْنِ ( الْحَالِّ ) وَالزِّيَادَةِ فِي الْأَجَلِ قَبْلَ حُلُولِهِ ( وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْوَصِيَّةِ ) بِأَنْ يُوصِيَ مَالِكُهُ بِتَأْجِيلِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ الْأَجَلِ فِيهِ مُدَّةً وَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَلْزَمُ وَرَثَتَهُ الْإِمْهَالُ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ تَلْزَمُ وَإِلَّا بِالنَّذْرِ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُطَالِبَ مَدِينِي شَهْرًا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَعَطْفُ الْمُصَنِّفِ الْحَالِ عَلَى بَدَلِ الْمُتْلَفِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ ( وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ ) لِأَنَّهُ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَالصِّفَةُ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ ( كَإِسْقَاطِ الصِّحَّةِ ) لِلدَّنَانِيرِ ( وَالْجَوْدَةِ ) لِلْبُرِّ فَإِنَّهُمَا لَا يَسْقُطَانِ بِإِسْقَاطِهِمَا ( أَوْ ) أَسْقَطَ ( الدَّائِنُ شَرْطَ الرَّهْنِ وَالضَّمِينَ سَقَطَ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ فَيُفْرَدُ شَرْطُهُ بِالْإِسْقَاطِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ

( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ إلَخْ ) الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْوَصْفِ الْمَقْصُودِ الَّذِي يَتَفَاوَتُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ صِحَّتِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ النِّهَايَةَ فِي الصِّفَةِ كَمَا قَالُوا فِي السَّلَمِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِشَرْطِ الْجَيِّدِ لَا الْأَجْوَدِ لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ شَيْئًا مَجْهُولًا ر ا ( قَوْلُهُ كَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ شَهْرٍ إلَخْ ) لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَاسْتَثْنَى الْمَنْفَعَةَ الْمُؤَجَّرَةَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ هَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْبَائِعِ ( قَوْلُهُ إلَّا الْعِتْقَ ) وَمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ ( قَوْلُهُ أَوْ ضَمَانًا ) أَيْ أَوْ أَجَلًا أَوْ خِيَارًا ( قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْأَجَلِ إلَخْ ) أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْكَفِيلِ ( قَوْلُهُ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ ) وَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ أَنَّهُ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَا شُرِعَ لَهُ ( قَوْلُهُ وَلَا بِالنَّذْرِ كَقَوْلِهِ إلَخْ ) فِي تَصْوِيرِهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الصُّورَةَ إنْ كَانَتْ فِي مُعْسِرٍ فَالْإِنْظَارُ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي مُوسِرٍ قَاصِدًا لِلْأَدَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِأَنَّ أَخْذَهُ مِنْهُ وَاجِبٌ وَلَا يَصِحُّ إبْطَالُ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ وَأُجِيبُ بِتَصْوِيرِهِ فِي مُوسِرٍ قَاصِدٍ لِلْإِمْهَالِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْأَدَاءِ عَنْ وَقْتِ الْحُلُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ بِمَا إذَا كَانَ مَا لَهُ غَائِبًا وَتَكُونُ فَائِدَتُهُ دَفْعَ الطَّلَبِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَيِّتًا فَلَا أَثَرَ لِنَذْرِ تَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَاجِبَةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤَثِّرُ النَّذْرُ حَتَّى لَوْ رَضِيَ الْوَارِثُ وَرَبُّ الدَّيْنِ

بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ نَعَمْ لَوْ أَنَّ النَّاذِرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاتَ فَهَلْ لِوَرَثَتِهِ الْمُطَالَبَةُ لِأَنَّ الدَّيْنَ حَالٌّ وَالنَّاذِرَ قَدْ مَاتَ وَهُمْ لَمْ يَنْذُرُوا أَوْ عَلَيْهِمْ الْإِمْهَالُ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ كَذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمْ الطَّلَبَ د وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّحْقِيقُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ بَلْ الْحُلُولُ مَوْجُودٌ وَامْتَنَعَ الطَّلَبُ لِعَارِضٍ كَالْإِعْسَارِ وَلَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ الْمَدْيُونُ قَبْلَ الْمُدَّةِ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ لَزِمَ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ أَوْ الْإِبْرَاءُ وَالْحِنْثُ إذَا حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ ا هـ وَلَهُ أَنْ يُحِيلَ بِهِ عَلَى الْمَدْيُونِ وَأَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُطَالِبُ بِهِ لِانْتِفَاءِ مُطَالَبَتِهِ لِلْمَدْيُونِ فِيهِمَا

( وَيَصِحُّ شَرْطُ ضَمِينٍ بِالثَّمَنِ ) عَلَى الْمُشْتَرِي ( أَوْ الْعُهْدَةِ ) عَلَى الْبَائِعِ ( وَ ) شَرْطُ ( رَهْنٍ ) بِالثَّمَنِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهِ ( مُعَيَّنَيْنِ ) أَيْ الضَّمِينَ وَالرَّهْنَ بِمَا سَيَأْتِي وَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا كَوْنُ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ لِيَخْرُجَ الْمُعَيَّنَ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَك بِهَا فُلَانٌ أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا فَلَا يَصِحُّ لِمَا مَرَّ فِي الْأَجَلِ وَكَالثَّمَنِ فِي ذَلِكَ الْمُثَمَّنُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَأَنْ شَرَطَ ضَمِينًا أَوْ رَهْنًا بِدَيْنٍ آخَرَ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَقْصُودٌ لَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ ( وَ ) يَصِحُّ شَرْعًا ( إشْهَادٌ ) لِمَا مَرَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ } ( وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ ) لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِمْ إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ بِأَيِّ شُهُودٍ كَانُوا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الضَّمِينِ وَالرَّهْنِ وَلَمْ يُبَالُوا بِكَوْنِ بَعْضِ الشُّهُودِ قَدْ يَكُونُ أَوْجَهَ وَقَوْلُهُ أَسْرَعُ قَبُولًا ( وَلَوْ عَيَّنُوا لَمْ يَتَعَيَّنُوا ) فَيَجُوزُ إبْدَالُهُمْ بِمِثْلِهِمْ أَوْ فَوْقِهِمْ فِي الصِّفَاتِ ( وَلَا ) يَجِبُ ( تَعْيِينُ حَافِظِ الرَّهْنِ ) أَيْ مَنْ يُجْعَلُ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ لِمَا مَرَّ فِي الشُّهُودِ ( بَلْ إنْ اتَّفَقَا ) عَلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ عَدْلٍ فَذَاكَ وَإِنْ ( تَشَاحَّا أُعْطَى عَدْلًا ) أَيْ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ فِي يَدِ عَدْلٍ ( وَيَكْفِي وَصْفُ السَّلَمِ فِي الرَّهْنِ ) كَمَا تَكْفِي فِيهِ الْمُشَاهَدَةُ ( لَا ) فِي ( الضَّمِينِ فَتُشْتَرَطُ مُشَاهَدَتُهُ أَوْ مَعْرِفَةُ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ ) بِذِكْرِهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قِيلَ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَصْفِ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ أَوْلَى مِنْهُ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَحْرَارَ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَقَدْ

يُنْتَقَضُ بِالضَّامِنِ الرَّقِيقِ وَالرَّهْنُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي بَقِيَّةِ الْفَصْلِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ
قَوْلُهُ وَيَصِحُّ شَرْطُ ضَمِينٍ بِالثَّمَنِ ) صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ بِشَرْطِ أَنْ تَكْفُلَ لِي فُلَانًا فَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ يَتَكَفَّلَ لِي فُلَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَّا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْمُشْتَرِي قَالَهُ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ وَذَكَرَ أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَعْضِ الْمُصَنَّفَاتِ قَالَ الْأَزْرَقُ فِي شَرْحِهِ لِلتَّنْبِيهِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ وَإِنْ كَانَ قَدْ شَاعَ بَيْنَ الطَّلَبَةِ عِنْدَنَا وَتَدَاوَلَهُ فُقَهَاءُ بَلَدِنَا وَهُوَ الَّذِي فِي حِفْظِي مِنْ مَشَايِخِي وَأَلْقَيْته عَلَى الطَّلَبَةِ وَأَوْعَيْتَهُ التَّلَامِذَةَ وَقَدْ رَجَعْت عَنْهُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ ) بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ وَلِأَنَّ الثِّقَاتِ يَتَفَاوَتُونَ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُنْقَضُ بِالضَّامِنِ الرَّقِيقُ ) الضَّامِنُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا وَجْهُ النَّقْضِ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْأَحْرَارَ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ يُفْهِمُ أَنَّ الْأَرِقَّاءَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْوَصْفُ بِمُوسِرٍ ثِقَةٍ وَالرَّقِيقُ مُعْسِرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ مُوسِرًا بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ فِي قَوْلٍ أَوْ يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ

( وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ غَيْرِ الْمَبِيعِ ) فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ رَهْنِ الْمَبِيعِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ رَهْنِ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ تَمَكُّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّصَرُّفِ وَهُوَ مُنَافٍ لَهُ سَوَاءٌ أَشَرَطَ أَنْ يَرْهَنَهُ إيَّاهُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَمْ قَبْلَهُ فَإِنْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ صَحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَكَالرَّهْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الضَّمِينُ فَلَوْ بَاعَ عَيْنًا لِاثْنَيْنِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اشْتِرَاطِ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي غَيْرِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَصْلَحَةِ عَقْدِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ ( فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ ) مَنْ عَيَّنَ لِلضَّمَانِ كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ ( أَوْ لَمْ يَشْهَدْ ) مَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادَ كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ لَمْ يَرْهَنْ مَا شَرَطَ رَهْنَهُ ( أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ ) أَوْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ أَوْ دَبَّرَهُ ( أَوْ بَانَ مَعِيبًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَهُ ) أَيْ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ ذَلِكَ ( الْخِيَارُ ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ لِفَوَاتِ مَا شَرَطَ لَهُ وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقْصٍ وَلَا يُجْبَرُ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا شُرِطَ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ وَلَا يَقُومُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَهُ أَمَّا إذَا تَلِفَ أَوْ تَعَيَّبَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لَهُ نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ كَرِدَّةٍ وَسَرِقَةٍ سَابِقَتَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ ( فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ حُدُوثَ الْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ ) وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَهُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ اسْتِدَامَةً لِلْبَيْعِ وَمَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُهُ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ صَدَقَ الْمُرْتَهِنُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قِدَمُهُ صَدَقَ الرَّاهِنُ بِلَا يَمِينٍ ( وَلَوْ عَلِمَ ) الْمُرْتَهِنُ ( بِالْعَيْبِ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ أَوْ تَعَيُّبِهِ مَقْبُوضًا ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ ( فَلَا خِيَارَ ) لَهُ

لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أَمْكَنَهُ رَدُّ الرَّهْنِ كَمَا أَخَذَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْهَلَاكُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ فَأَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَلَا أَرْشَ ) لَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ وَهَلَاكُ بَعْضِ الْمَرْهُونِ بَعْدَ قَبْضِهِ كَهَلَاكِ كُلِّهِ فَلَوْ ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ مَثَلًا وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَتَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ ( وَيَصِحُّ ) بَيْعُ الرَّقِيقِ ( بِشَرْطِ كَوْنِهِ كَاتِبًا أَوْ خَبَّازًا وَبِشَرْطِ الْخِيَارِ وَسَنَذْكُرُهُ ) فِي بَابِ الْخِيَارِ
( قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ رَهْنِ الْمَبِيعِ ) وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا لِأَنَّ قَضِيَّةَ الرَّهْنِ أَنَّهُ أَمَانَةٌ وَقَضِيَّةَ الْبَيْعِ أَنَّهُ مَضْمُونٌ فَتَتَنَاقَضُ الْأَحْكَامُ ( قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ مَنْ عُيِّنَ لِلضَّمَانِ إلَخْ ) سَكَتَ عَمَّا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ بِإِعْسَارٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَفَّلَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَغَيَّرَ قَبْلَهَا وَالْقِيَاسُ إلْحَاقُهُ بِالرَّهْنِ ح ( قَوْلُهُ أَوْ بَانَ مَعِيبًا قَبْلَ الْقَبْضِ إلَخْ ) أَيْ عَيْبًا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ لَا الْخِصَاءَ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِهِ لِلدَّيْنِ إنْ اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْعَدْلِ لَا إنْ رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَمْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ وَفِي إجْبَارِ الْبَائِعِ عَلَى قَبُولِ الرَّهْنِ إذَا بَذَلَهُ لِلْمُشْتَرِي وَجْهَانِ .
ا هـ .
أَوْجَهُهُمَا إجْبَارُهُ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ ) أَيْ جَهِلَهُ ( قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الرَّاهِنُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ ) وَهُوَ وَاضِحٌ

( وَيَفْسُدُ ) الْبَيْعُ ( بِشَرْطٍ فَاسِدٍ كَمَا إذَا بَاعَهُ دَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ عَبْدًا أَوْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا ) مَثَلًا ( فَإِنْ فَعَلَ ) بِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ وَأَتَيَا بِالْعَقْدَيْنِ ( فَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ ) كَمَا عُلِمَ ( وَكَذَا الثَّانِي إنْ جَهِلَ بُطْلَانَ الْأَوَّلِ ) بِأَنْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِهِ عَلَى حُكْمِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنْ عَلِمَا الْبُطْلَانَ صَحَّ ( وَإِنْ اشْتَرَى زَرْعًا أَوْ ثَوْبًا ) مَثَلًا بِعَشَرَةٍ ( بِشَرْطِ حَصْدِهِ وَخِيَاطَتِهِ لَهُ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ ) الشِّرَاءُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ لَهُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ سَوَاءٌ أَشَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى الْبَائِعِ أَمْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِالْبَائِعِ ( فَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ وَاسْتَأْجَرْتُك لِحَصْدِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَقَبِلَ ) بِأَنْ قَالَ بِعْت وَأَجَّرْت ( صَحَّ الْبَيْعُ وَحْدَهُ ) أَيْ دُونَ الْإِجَارَةِ ( لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ الْمِلْكِ ) لِمَحَلِّ الْعَمَلِ ( فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ فَقَوْلَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ ) فِي الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَلَا تَصْحِيحَ فِي الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَالَ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ جَمَعَهَا مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا بِأَنْ قَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقَبِلَ أَوْ اشْتَرَاهُ وَاسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ ( وَإِنْ اشْتَرَى حَطَبًا ) مَثَلًا ( عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ إيصَالِهِ مَنْزِلِهِ لَمْ يَصِحَّ ) وَإِنْ عَرَفَ مَنْزِلَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِشَرْطٍ ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) الْعَقْدَ ( صَحَّ وَإِنْ اُعْتِيدَ إيصَالُهُ ) مَنْزِلِهِ ( وَلَمْ يَجِبْ ) إيصَالُهُ إلَيْهِ بَلْ يُسَلِّمُهُ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ أَخَّرَ وَإِنْ اُعْتِيدَ عَمَّا بَعْدَهُ بِأَنْ قَالَ وَلَمْ يَجِبْ إيصَالُهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ كَانَ

أَوْلَى وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَجِبْ بِحَذْفِ الْوَاوِ فَيَكُونُ جَوَابًا لِمَا قَبْلَهُ
( قَوْلُهُ وَكَذَا الثَّانِي إلَخْ ) صَحَّحَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِيمَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ قَدِيمٍ لِظَنِّ صِحَّةِ شَرْطِهِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ الصِّحَّةَ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَيْعَ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَا يُؤَثِّرُ الظَّنُّ فِي صِحَّتِهِ فَإِنَّ الْمُؤَثِّرَ فِيهَا مُقَابَلَةُ الشَّرْطِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ الْمُؤَدَّى إلَى حُرِّ الْجَهَالَةِ إلَى الْبَاقِي ( قَوْلُهُ إنْ جَهِلَ بُطْلَانَ الْأَوَّلِ إلَخْ ) فَقَدْ أَتَى بِالْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى ظَنِّ وُجُوبِهَا عَلَيْهَا وَكَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَقَضَاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ إعْسَارِهِ فَبَانَ يَسَارُهُ أَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْبَائِنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا حَامِلٌ فَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ وَنَظَائِرُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ عَلَى حُكْمِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالشَّرْطِ أَوْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى صُورَةِ الْإِخْبَارِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ الْمِلْكِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى نِصْفَ بُسْتَانٍ وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي خِدْمَةَ النِّصْفِ الَّذِي لِلْبَائِعِ بِيَدِهِ فَعَمِلَ هَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً فَأَجَبْت بِالِاسْتِحْقَاقِ إذَا كَانَ إنَّمَا عَمِلَ عَلَى ظَنِّ حُصُولِ الْبَيْعِ لَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَهَا

( فَرْعٌ بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ ) مُطْلَقًا أَوْ عَنْ الْمُشْتَرِي ( صَحِيحٌ ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَشَرَطَ مَوَالِيهَا أَنْ تُعْتِقَهَا وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا لَهُمْ فَلَمْ يُنْكِرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا شَرْطَ الْوَلَاءِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ } الْحَدِيثَ ( لَا أَنْ شَرَطَهُ ) أَيْ إعْتَاقَهُ ( عَنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي ) مِنْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِ الْمَبِيعِ شَرْطُ إعْتَاقِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَشَرْطُ إعْتَاقِ بَعْضِهِ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةُ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ كَالْحَاوِي الصِّحَّةُ وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُعِينِ لِلْيَمَنِيِّ الْبُطْلَانُ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ وَلَمَّا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ لَهُ قَالَ إنْ صَحَّ فَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ وَفِي غَيْرِ مَنْ لَهُ بَاقِيَةٌ ( وَهُوَ ) أَيْ الِاعْتِقَادُ الْمَشْرُوطُ ( حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى ) كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ ( وَلَوْ امْتَنَعَ ) الْمُشْتَرِي مِنْ الْإِعْتَاقِ ( أُجْبِرَ ) أَيْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا عُرِفَ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ صَارَ كَالْمَوْلَى فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ .
كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ يَحْسِبُهُ حَتَّى يُعْتِقَهُ ( وَطَالَبَهُ الْبَائِعُ ) بِهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَى شَرْطِهِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ وَلِذَلِكَ قَدْ يُسَامِحُ فِي الثَّمَنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ

الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِسْبَةً لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَوْ جُنُونِهِ وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَوْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَنْ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى ( وَوَلَاؤُهُ ) أَيْ عِتْقُ الْعَبْدِ ( لِلْمُشْتَرِي ) إذَا أَعْتَقَهُ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ ( وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ ) عَنْهَا ( وَإِنْ أَذِنَ لَهُ ) فِيهِ ( الْبَائِعُ ) لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقِ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا يُعْتَقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ ( وَلِلْمُشْتَرِي اسْتِخْدَامُهُ ) وَإِكْسَابُهُ ( وَقِيمَتُهُ إنْ قُتِلَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ ) الْمَشْرُوطُ إعْتَاقُهَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَهُ وَلَا يُكَلِّفُ صَرْفَ قِيمَتِهِ إلَى شِرَاءِ رَقِيقٍ آخَرَ لِيُعْتِقَهُ وَلَوْ أَخَّرَ الظَّرْفَ عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْلَى وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ بِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ فَوْرًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا طَلَبَهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ ظَنَّ فَوَاتَهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ ( وَلَا يُجْزِئُ ) أَيْ يَكْفِي اسْتِيلَادُهَا ( عَنْ الْعِتْقِ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ ( وَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ) بِمَعْنَى مِنْ ( مَنْ يُعْتِقُهُ ) بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ إعْتَاقَهُ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ إعْتَاقَهُ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ وَفِي إجَارَتِهِ احْتِمَالَانِ لِلدَّارِمِيِّ صَحَّحَ مِنْهُمَا النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ الْمَنْعَ .
( فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي ( قَبْلَ عِتْقِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنُ ) الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ ( سَوَاءٌ قُلْنَا الْعِتْقُ حَقٌّ لِلَّهِ ) تَعَالَى ( أَوْ لِلْبَائِعِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ غَيْرَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ التَّفَاوُتِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ بِالثَّمَنِ وَالْفَسْخِ بِرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ ( وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ تَدْبِيرِهِ أَوْ تَعْلِيقِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70