كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

لَمْ يَحْصُلْ لِلْقَاضِي رِيبَةٌ فِي قَوْلِهِمَا لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ غ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ نَائِيًا عَنْهُ تَعَذَّرَ ذَلِكَ ) إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي اسْتِخْلَافِهِ وَيَقُولُ اسْتَخْلِفْ عَنِّي ( قَوْلُهُ بَعْدَ فِسْقِ الْأَصْلِ ) أَوْ رِدَّتِهِ خَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ مَا لَوْ فَسَقَ بَعْدَ عَمَلِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِمَا فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ .
( قَوْلُهُ ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْأَصْلِ ) مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْقَاضِي بِمَوْتٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ فِسْقٍ وَتَقَلَّدَ غَيْرُهُ مَكَانَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُ كِتَابٍ إلَى غَيْرِهِ كَالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْمَعْزُولِ لَا يَحْكُمُ بِهَا الْمُوَلَّى بَعْدَهُ وَيَحْكِي فِي الْبَحْرِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا بِخُرَاسَانَ قَالَ إنَّ الْكِتَابَ يَخْرُجُ بِمَوْتِ الْكَاتِبِ عَنْ أَنْ يَكُونَ بَيِّنَةٌ قَالَ وَهَذَا غَلَطٌ وَقَالَ شُرَيْحٌ : إذَا مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ عُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ غَيْرُهُ وَوَصَلَ الْكِتَابُ إلَيْهِ أَوْ وَصَلَ فِي حَيَاةِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إلَى قَاضٍ آخَرَ قَبِلَهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَتَعَيَّنُ قَاضٍ ، وَإِنْ عَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ ( قَوْلُهُ فَإِذَا شَهِدَ عَلَى الْمَوْصُوفِ ) قَالَ فِي الْحَاوِي .
: إذَا وَقَفَ الْقَاضِي عَلَى عُنْوَانِهِ وَخَتَمَهُ سَأَلَ الشَّاهِدَيْنِ عَنْهُ قَبْلَ فَضِّهِ سُؤَالَ اسْتِخْبَارٍ فَإِذَا أَخْبَرَاهُ فَضَّهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَفُضَّهُ وَيَقْرَأَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ فَإِذَا قَرَأَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ جَازَ وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ جَوَازِ فَضَّهُ وَقِرَاءَتِهِ قَبْلَ حُضُورِ الْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ فَإِذَا قَرَأَهُ الْقَاضِي سَأَلَ الشَّاهِدَيْنِ سُؤَالَ شَهَادَةٍ لَا سُؤَالَ اسْتِخْبَارٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا إلَّا بِحُضُورِ الْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ بِحَقٍّ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ

إذَا وَصَلَ الْكِتَابُ إلَى الْقَاضِي يَجِبُ أَنْ يَحْضُرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ وَإِلَّا فَيَشْهَدَانِ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ وَخَتْمَهُ حَكَمَ فِيهِ لِفُلَانٍ بِكَذَا عَلَى هَذَا وَأَشْهَدَنَا بِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَا وَإِنَّهُ كَانَ عَلَى الْقَضَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ .
( قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِمَا أَنْكَرَهُ ) جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى حَسَبِ الْجَوَابِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَوْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ أَوْ الْبَرَاءَةِ لَمْ يُجِبْهُ ؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ قَدْ حَلَّفَهُ وَلَوْ طَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى عَدَالَةِ شُهُودِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ لَمْ يُجِبْهُ أَوْ عَلَى أَنْ لَا وِلَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا شَرِكَةَ أُجِيبَ إلَيْهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمَحْكُومِ لَهُ دُونَ الْحَاكِمِ ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ الَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ الْمَحْكُومُ لَهُ ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ ) مِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَقَرَّ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحَقُّ كَمَا لَوْ كَتَبَ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَأَقَرَّ أَنَّهُ الْمُسَمَّى وَأَنْكَرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يُحْضِرَ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا كَذَلِكَ الْحُجَّةُ إذَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَتْ مُعَاصَرَتُهُ لَهُ لِتَمَكُّنِ مُعَامَلَتِهِ ) قَيَّدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْمُعَاصَرَةَ بِمَا إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ عَامِلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ ر قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالتَّقْيِيدُ بِإِمْكَانِ الْمُعَامَلَةِ مُتَعَيِّنٌ سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ وَكُلُّ مَا لَا

يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْمُكَلَّفِ وَكَانَ الْمُوَافِقُ صَغِيرًا طِفْلًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْحَقَّ ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ : وَغَيْرُهُ قِيلَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ أَلَكَ بَيِّنَةٌ تُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَإِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَةِ حَكَمَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا كَتَبَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى الْكَاتِبِ وَذَكَرُوا مَا سَاقَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا أَحْسَنُ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَةَ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَالرَّافِعِيُّ يَقُولُ : بِذَلِكَ وَلَكِنْ الْإِيضَاحُ أَوْلَى ( قَوْلُهُ لِيَأْخُذَ مِنْ الشُّهُودِ مَا يَدْرَأُ الْإِشْكَالَ فِيهِ ) يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى كِتَابَةِ الصِّفَةِ الْمُمَيِّزَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَنَا مِنْ حُكْمٍ مُسْتَأْنَفٍ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِالصِّفَةِ الزَّائِدَةِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْحُكْمِ عَلَى مَا قَدَّرْنَاهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ( قَوْلُهُ طُولِبَ بِهِ وَخُلِّصَ الْأَوَّلُ ) إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُدَّعِي ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مُبْهَمٍ ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَا بِالْإِشَارَةِ وَلَا بِالصِّفَةِ الْكَامِلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقْصَى الْوَصْفَ وَظَهَرَ اشْتِرَاكٌ عَلَى النُّدُورِ ( قَوْلُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَيْثُ حَلَّ مِنْ الْبِلَادِ

( فَصْلٌ ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ وَأَنْهَى سَمَاعَ الْحُجَّةِ ) الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى ( إلَى قَاضٍ آخَرَ مُشَافَهَةً ) لَهُ بِهِ ( لَمْ يَجُزْ ) لَهُ الْحُكْمُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إنْهَاءَ سَمَاعِهَا نُقِلَ لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ فَكَمَا لَا يُحْكَمُ بِالْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ الشُّهُودُ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَازَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ( أَوْ مُكَاتَبَةً جَازَ ) الْحُكْمُ بِهِ ( حَيْثُ ) تَكُونُ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ بِحَيْثُ ( يَسْمَعُ ) فِيهَا ( الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ ) بِخِلَافِ الْكِتَابِ بِالْحُكْمِ يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ وَيُسَمَّى كِتَابُ سَمَاعِهَا كِتَابَ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَكِتَابَ الثَّبْتِ أَيْ تَثْبِيتُ الْحُجَّةِ ( بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِنَائِبِهِ اسْمَعْ الْبَيِّنَةَ ) بَعْدَ الدَّعْوَى ( وَانْهَهَا إلَيَّ ) فَفَعَلَ ( فَإِنَّ الْأَشْبَهَ الْجَوَازُ ) أَيْ جَوَازُ حُكْمِ مُنِيبِهِ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ النِّيَابَةِ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالنَّائِبِ ، وَهُوَ يَقْتَضِي الِاعْتِدَادَ بِسَمَاعِهِ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ وَمُقَابِلُ الْأَشْبَهِ عَدَمُ الْجَوَازِ كَإِنْهَاءِ أَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ فِي الْبَلَدِ إلَى الْآخَرِ لِإِمْكَانِ حُضُورِ الشُّهُودِ عِنْدَهُ ( وَلِيُبَيِّنَ ) الْقَاضِي الْكَاتِبُ ( الْحُجَّةَ ) أَهِيَ بَيِّنَةٌ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَوْ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ لِيَعْرِفَهَا الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فَقَدْ لَا يَرَى بَعْضَ ذَلِكَ حُجَّةً ( وَيُسَمِّي لَهُ الشُّهُودَ لِيَبْحَثَ عَنْهُمْ ) .
وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمْ وَيُعَدِّلَهُمْ ؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلَدِهِمْ أَعْرَفُ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَى الثَّانِي الْبَحْثُ وَالتَّعْدِيلُ وَإِذَا عَدَّلَهُمْ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لِلثَّانِي إعَادَةُ التَّعْدِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ

مَحَلُّهُ فِي الْقَاضِي الْمُوَافِقِ فِي الْمَذْهَبِ فِي التَّعْدِيلِ لَا الْمُخَالِفِ وَفِي نُسْخَةٍ وَلِيَبْحَثَ بِالْوَاوِ ( فَلَوْ عَدَّلَهُمْ ) الْكَاتِبُ ( وَسَكَتَ عَنْ تَسْمِيَتِهِمْ كَفَى ) كَمَا فِي الْحُكْمِ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلِلْخَصْمِ تَجْرِيحُهَا ) أَيْ الْحُجَّةِ وَالْأَوْلَى تَجْرِيحُهُمْ ( وَيُمْهِلُ لَهُ ) أَيْ لِتَجْرِيحِهِمْ أَيْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ ( ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إذَا اسْتَمْهَلَ لَهُ ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ لَا يَعْظُمُ ضَرَرُ الْمُدَّعِي بِتَأْخِيرِ الْحُكْمِ فِيهَا وَبِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاجَةٌ إلَيْهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي أَوْ قَضَيْت الْحَقَّ وَاسْتُمْهِلَ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ ( لَا ) إنْ اسْتَمْهَلَ ( لِيَذْهَبَ إلَى الْكَاتِبِ وَيَجْرَحَهُمْ عِنْدَهُ ) أَوْ لِيَأْتِيَ مِنْ بَلَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أُخْرَى دَافِعَةٍ فَلَا يُمْهَلُ ( بَلْ يُسَلِّمُ الْمَالَ ) لِلْمُدَّعِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ مُطْلَقًا سَدًّا لِلْبَابِ ( فَإِنْ أَقَامَ دَافِعًا اسْتَرَدَّ ) مَا سَلَّمَهُ ( فَلَوْ سَأَلَ ) الْخَصْمُ ( وَالْكَاتِبُ بِالْحُكْمِ تَحْلِيفَهُ ) أَيْ الْمُدَّعِي ( أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَى ) مِنْهُ الْحَقَّ أَوْ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ ( فَهَلْ يُجَابُ ) إلَيْهِ .
كَمَا لَوْ ادَّعَى عِنْدَهُ ابْتِدَاءً أَوْ لَا ؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ حَلَّفَهُ ( وَجْهَانِ ) أَرْجَحُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِي وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرِهِمْ نَعَمْ إنْ ادَّعَى إيقَاعَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِلَا شَكٍّ ( أَوْ ) سَأَلَ تَحْلِيفَهُ ( أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَدَاوَةَ الشُّهُودِ لَهُ أُجِيبَ ) إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمِنْ هُنَا زَادَ الْمُصَنِّفُ يَعْلَمُ عَلَى

قَوْلِ أَصْلِهِ أَوْ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّهُودِ ( أَوْ ) تَحْلِيفَهُ ( أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَمْ يُجَبْ ) بَلْ يَكْفِي تَعْدِيلُ الْحَاكِمِ إيَّاهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِسْقَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الْكَاتِبُ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ ) كَأَنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَتَيَسَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إلَخْ ) قَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ بَيْنَ الْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ لَوْ حَضَرُوا فِي بُعْدِ الْمَسَافَةِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكِتَابِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِمَا اقْتَضَاهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَتَّى يَسْمَعَ الشَّهَادَةَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ حَيْثُ خَصَّ جَوَازَ الْمُكَاتَبَةِ مَعَ الْقُرْبِ وَالْعَمَلِ بِالْمُشَافَهَةِ بِفَقْدِ شُهُودِ الْأَصْلِ أَوْ غَيْبَتِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَقْلُ شَهَادَةٍ لَا حُكْمٌ بِأَدَائِهَا وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ : وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ بِلَا شَكٍّ مُنَزَّلٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَعَدَمُ الْعَمَلِ مَعَ مُصَاحَبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ لَهُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَعْمَلَ بِهِ ، وَإِنْ وُجِدَ الْبُعْدُ وَحِينَئِذٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ سُهُولَةُ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ فَلَوْ مَاتُوا أَوْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُمْ عِنْدَهُ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْمَسَافَةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَجُوزُ كِتَابُ الْقَاضِي بِالسَّمَاعِ مَعَ الْبُعْدِ وَالْقُرْبِ وَحَصَلَ أَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْكِتَابِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بَلْ الضَّابِطُ مَا ذَكَرْنَاهُ .
( قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمْ وَيُعَدِّلَهُمْ ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُعَدِّلَهُمَا أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَعَلِمَ الْكَاتِبُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْدِيلُهُمَا هُنَاكَ إمَّا لِعَدَمِ مَنْ يَعْرِفُهُمَا ثُمَّ لِبُعْدِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ

فَالْوَجْهُ وُجُوبُ تَعْدِيلِهِمَا بِبَلَدِهِمَا ثُمَّ الْمُكَاتَبَةُ بِمَا شَهِدَا بِهِ غ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْله قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) : أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ ) يُشْبِهُ أَنَّهُ مُرَادُ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الْمَنْعَ بِالْأَمْرِ بِطُولٍ فَلَوْ فَعَلْنَا هَذَا وَالظَّنُّ بِالْقَاضِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَمْ يَأْلُ جَهْدًا وَلَمْ يُقَصِّرْ لَبَطَلَ أَثَرُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَرَأَيْت فِي الْعُمْدَةِ لِلْفُورَانِيِّ فَإِنْ قَالَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحِهِمْ فَلَهُ ذَلِكَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُثْبِتَ أَوَّلًا أَنَّ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحِهِمْ فَإِنْ اسْتَمْهَلَ مُدَّةً لِيَخْرُجَ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَيُنْجِزَ كِتَابًا بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ هَا هُنَا عَلَى الْجَرْحِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ ا هـ وَقَالَ فِي الْإِبَانَةِ : إذَا اسْتَمْهَلَ حَتَّى يَذْهَبَ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبُ وَيُبَيِّنَ الشُّهُودَ بِالْجَرْحِ يُمْهَلُ غ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ دَافِعًا اسْتَرَدَّ مَا سَلَّمَهُ ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَنَّهُ عَلَى حُجَّتِهِ مِنْ قَادِحٍ فِي الْبَيِّنَةِ بِجَرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ الْمُعَارَضَةِ بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عَلَى إبْرَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ ( قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِي ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ أَوْ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَدَاوَةَ الشُّهُودِ ) أَوْ أَنَّ فِيهِمْ رِقًّا أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ النَّسَبِ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ أَوْ أَنَّهُمْ يَجُرُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِهَا نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُونَ بِهَا عَنْهُمْ ضَرَرًا ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِسْقَهُمْ ) أَيْ أَوْ

كَذِبَهُمْ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ لَنَفَعَهُ

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبٍ وَهَذَا فِي الْأَعْيَانِ ) ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَّصِفُ بِالْغَيْبَةِ وَالْحُضُورِ ( أَمَّا الدَّيْنُ وَنَحْوُ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ ) مِنْ رَجْعَةٍ وَإِثْبَاتِ وَكَالَةٍ وَنَحْوِهِمَا ( فَلَا يُوصَفُ بِغَيْبَةٍ وَلَا حُضُورٍ ) لَا فِي الدَّعْوَى بِهَا وَلَا فِي غَيْرِهَا ( ثُمَّ الْعَيْنُ ) الْمُدَّعَاةُ ( الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ إنْ كَانَتْ مِمَّا تُعْرَفُ ) بِأَنْ يُؤْمَنَ اشْتِبَاهُهَا ( كَالْعَقَارِ ) الْمَعْرُوفِ وَيُعْتَمَدُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَيَعْرِفُهُ ) الْمُدَّعِي ( بِذِكْرِ الْبُقْعَةِ وَالسِّكَّةِ وَالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ ) عَلَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى ( وَكَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ ) الْمَعْرُوفَيْنِ ( بِالشُّهْرَةِ سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بِهَا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ دُونَهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى .
( وَمَا لَا شُهْرَةَ لَهُ ) كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ ( تُسْمَعُ فِيهِ الْأَوْصَافُ ) أَيْ الدَّعْوَى بِهِ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَوْصَافِ ( أَيْضًا لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا كَمَا فِي الْعَقَارِ وَكَمَا تُسْمَعُ عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ اعْتِمَادًا عَلَى الصِّفَةِ ( لَا لِلْحُكْمِ ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَ خَطَرِ الِاشْتِبَاهِ وَالْجَهَالَةِ بَعِيدٌ ( فَيَصِفُهَا ) أَيْ الْعَيْنَ الْغَائِبَةَ ( الْمُدَّعَى ) بِهَا ( بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَبِالْقِيمَةِ ) عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( قَالُوا وَالرَّكْنُ فِي ) تَعْرِيفِ ( الْمِثْلِيَّاتِ الْوَصْفُ ) أَيْ ذِكْرُهُ ( وَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُسْتَحَبٌّ وَفِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ ) الْأَمْرُ ( بِالْعَكْسِ ) أَيْ الرَّكْنُ فِي تَعْرِيفِهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَذِكْرُ الْوَصْفِ مُسْتَحَبٌّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ وُجُوبِ وَصْفِ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً هُوَ فِي عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهَا

مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ بِتَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ وَثَمَّ بِوَصْفِ السَّلَمِ وَالْمُصَنِّفُ كَبَعْضِهِمْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْعَيْنَ فِي الْبَابَيْنِ وَاحِدَةٌ فَعَبَّرَ هُنَا بِمَا عَبَّرُوا بِهِ ثَمَّ مِنْ اعْتِبَارِ وَصْفِهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ ( وَيَكْتُبُ ) الْقَاضِي ( بِذَلِكَ ) أَيْ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ ( إلَى قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ) ثَمَّ ( عَيْنٌ أُخْرَى بِتِلْكَ الصِّفَاتِ ) الْمَذْكُورَةِ ( بَعَثَ ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ ( بِالْعَيْنِ إلَيَّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِيَشْهَدُوا ) أَيْ الشُّهُودُ عِنْدَهُ ( عَلَى عَيْنِهَا ) وَيَبْعَثُهَا لَهُ ( عَلَى يَدِ الْمُدَّعِي ) لَا الْخَصْمِ لِمَا فِي بَعْثِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ .
( وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِبَدَنَةٍ ) لَا بِقِيمَتِهَا احْتِيَاطًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( وَيَخْتِمُ عَلَى الْعَيْنِ ) عِنْدَ تَسْلِيمِهَا لَهُ ( بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا تُبْدَلَ ) بِمَا لَا يَسْتَرِيبُ الشُّهُودُ فِي أَنَّهَا لَهُ ( فَإِنْ كَانَ ) الْمُدَّعَى بِهِ ( عَبْدًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةً وَخَتَمَ عَلَيْهَا وَالْخَتْمُ مُسْتَحَبٌّ وَالْكَفِيلُ وَاجِبٌ أَوْ ) كَانَ ( جَارِيَةً ) لَا يَحِلُّ لِلْمُدَّعِي الْخَلْوَةَ بِهَا ( فَكَذَلِكَ ) الْحُكْمُ ( لَكِنْ يَبْعَثُ بِهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ ) فِي الرُّفْقَةِ لَا عَلَى يَدِ الْمُدَّعِي ( فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهَا ) أَيْ الْعَيْنِ الْمَبْعُوثِ بِهَا إلَى الْكَاتِبِ عِنْدَهُ ( حَكَمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ) فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْخَصْمِ بِمُؤْنَةِ الْإِحْضَارِ ( وَكَتَبَ بِذَلِكَ لِيَبْرَأَ الْكَفِيلُ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَكَتَبَ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ ( وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا ) بِعَيْنِهَا ( فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ ) وَالْإِحْضَارِ لَهَا إلَى الْخَصْمِ لِتَعَدِّيهِ ( وَأُجْرَةُ الْعَيْنِ ) لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ ( وَتَسَامَحُوا ) أَيْ الْأَصْحَابُ ( فِي أُجْرَةِ مَا أُحْضِرَ فِي الْبَلَدِ ) لِزَمَنِ الْإِحْضَارِ وَالرَّدِّ فَلَمْ يُوجِبُوهَا لِلْخَصْمِ ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ

يُتَسَامَحُ بِهِ تَوْفِيرًا لِمَجْلِسِ الْقَاضِي وَمُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ فِي تَرْكِ الْمُضَايَقَةِ مَعَ عَدَمِ زِيَادَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ وَلَا يَجِبُ لِلْخَصْمِ أُجْرَةُ مَنْفَعَتِهِ ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ لِلْمُسَامَحَةِ بِمِثْلِهِ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ عَيْنٌ أُخْرَى بِتِلْكَ الصِّفَاتِ فَقَدْ صَارَ الْقَضَاءُ مُبْهَمًا وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي الْبَلَدِ وَإِحْضَارُهَا مُتَيَسِّرٌ فَإِنَّهَا تُحْضَرُ لِتَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا ) إذْ بِذَلِكَ يَتَوَصَّلُ الْمُدَّعِي إلَى حَقِّهِ فَوَجَبَ إحْضَارُهَا كَمَا يَجِبُ عَلَى الْخَصْمِ الْحُضُورُ عِنْدَ الطَّلَبِ ( وَلَا تُسْمَعُ ) الْبَيِّنَةُ ( عَلَى الْأَوْصَافِ ) كَمَا فِي الْخَصْمِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ فِي الْبَلَدِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ ( وَأَمَّا الْعَقَارُ فَيُوصَفُ وَيُحَدَّدُ ) فِي الدَّعْوَى وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِتِلْكَ الْحُدُودِ إذْ لَا يَتَيَسَّرُ إحْضَارُهُ ( وَقَدْ تَكْفِي شُهْرَتُهُ ) عَنْ تَحْدِيدِهِ ( وَيُحْكَمُ بِهِ ) لِلْمُدَّعِي كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ ( وَكَذَا الْعَبْدُ ) مَثَلًا ( الْمَشْهُورُ ) لِلنَّاسِ ( لَا يُحْتَاجُ إلَى إحْضَارِهِ ) كَمَا مَرَّ فِي الْعَقَارِ ( وَكَذَا إنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي ) وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ ( بِنَاءً عَلَى جَوَازِ حُكْمِهِ بِعِلْمِهِ فَإِنْ كَانَتْ ) حُجَّتُهُ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا ( بَيِّنَةً أُحْضِرَ ) لِتُشَاهِدَهُ الْبَيِّنَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ وَتَبِعَ فِي هَذِهِ أَصْلَهُ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْعَبْدِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِلَا إحْضَارٍ ثُمَّ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّ هَذَا بَعِيدٌ فِيمَا إذَا جُهِلَ وَصْفُهُ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ لَكِنْ أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ بِوَصْفٍ لَا

يَحْصُلُ لِلْقَاضِي بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَوْصُوفِ مَعَهُ دُونَ مَا إذَا حَصَلَتْ بِهِ كَمَا هُنَا ( وَمَا تَعَسَّرَ إحْضَارُهُ لِثِقَلٍ ) فِيهِ ( أَوْ إثْبَاتٍ ) لَهُ ( فِي جِدَارٍ ) أَوْ أَرْضٍ وَضَرَّ قَلْعُهُ ( وَصَفَهُ الْمُدَّعِي ) إنْ أَمْكَنَ وَصْفُهُ .
( ثُمَّ يَأْتِيهِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُهُ حَضَرَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِلدَّعْوَى عَلَى عَيْنِهِ ( وَكَذَا إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ الْعَقَارَ دُونَ الْحُدُودِ يُحْضِرُهُ ) هُوَ ( أَوْ نَائِبُهُ ) لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ ( فَإِنْ وَافَقَتْ الْحُدُودُ ) مَا ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي ( فِي الدَّعْوَى حَكَمَ لَهُ ) وَإِلَّا فَلَا ( ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ ) الْمُدَّعَاةَ بِأَنْ أَنْكَرَ اشْتِمَالَ يَدِهِ عَلَيْهَا ( وَحَلَفَ فَلَهُ ) أَيْ لِلْمُدَّعِي ( أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا فَلَعَلَّهَا بَلَغَتْ ، وَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( وَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ ) حِينَ أَنْكَرَ ( وَلَمْ يُحْضِرْ الْعَيْنَ حُبِسَ ) لِإِحْضَارِهَا ( فَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ ) لَهَا ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ( لِئَلَّا يَخْلُدَ عَلَيْهِ الْحَبْسُ ) مَعَ إمْكَانِ صِدْقِهِ ( وَيُسَلِّمُ الْقِيمَةَ ) عَنْهَا ( فَإِنْ غَصَبَهُ عَيْنًا أَوْ أَعْطَاهُ ) إيَّاهَا ( لِيَبِيعَهَا ) فَطَالَبَهُ بِهَا ( فَجَحَدَهَا وَلَمْ يَدْرِ أَبَاقِيَةٌ هِيَ ) فَيُطَالِبُهُ بِهَا ( أَمْ لَا ) فَيُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهَا فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ بِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا فِي الثَّانِيَةِ ( فَقَالَ ) فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِهَا ( ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا إلَّا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ قِيمَتُهَا إنْ تَلِفَتْ أَوْ ثَمَنُهَا إنْ بَاعَهَا سُمِعَتْ ) دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً لِلْحَاجَةِ وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا أَعْطَاهَا لَهُ لِيَبِيعَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا ، وَفِيهِ نَظَرٌ فِيمَا إذَا أَعْطَاهَا لَهُ لِيَبِيعَهَا بِدُونِ قِيمَتِهَا .
( فَإِنْ ) أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَذَاكَ ، وَإِنْ ( أَنْكَرَ

حَلَفَ ) يَمِينًا ( أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا قِيمَتُهَا وَلَا ثَمَنُهَا فَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي ( فَقِيلَ يَحْلِفُ كَمَا ادَّعَى ) أَيْ عَلَى التَّرَدُّدِ ( وَقِيلَ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ ) فِي حَلِفِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي أَوَائِلِ الدَّعَاوَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الدَّعْوَى بِالْقِيمَةِ مَحَلُّهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَدَّعِي فِيهِ بِالْمِثْلِ وَيُرَتِّبُ عَلَيْهِ حُكْمَهُ ( وَمَنْ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَلَهُ قِيمَتُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ )

( قَوْلُهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبٍ ) لَا فَرْقَ فِي مَسَائِلِ هَذَا الطَّرَفِ بَيْنَ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَغَيْبَتِهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ ( قَوْلُهُ وَالْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ ) إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ إلَّا بِهَا فَلَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ وَلَوْ بِوَاحِدٍ كَفَى بَلْ لَوْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِاسْمٍ تَنْفَرِدُ بِهِ كَدَارِ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ كَفَى ذِكْرُهُ ( قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ ذِكْرُ مَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ بِذِكْرِ حَدٍّ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ مَشْهُورًا لَا يَشْتَبِهُ لَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِهِ قَوْلُهُ لَا لِلْحُكْمِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : إنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي الْعَيْنَ الَّتِي شَهِدَ بِهَا الشُّهُودُ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْغَائِبَةُ مِمَّا هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ مِنْ ضَالَّةٍ أَوْ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ فَيَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَائِمَةٌ دَافِعَةٌ لِلتُّهْمَةِ وَأَنْ تَشْهَدَ بِمِلْكِ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ عَلَى إقْرَارِ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهَا فَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ حَكَمَ جَزْمًا فَإِنْ أَنْكَرَ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ اشْتِمَالَ يَدِهِ عَلَى عَيْنٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ أَوْ غُرْمِ بَدَلِهَا .
( قَوْلُهُ قَالُوا وَالرَّكْنُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْوَصْفُ ) قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا فَقَدْ أَجْمَعَ الْأَصْحَابُ عَلَى تَصْحِيحِ الدَّعْوَى ثُمَّ شَرَطُوا الْمُبَالَغَةَ فِي الْوَصْفِ وَذَلِكَ هَيِّنٌ فِي الْعَقَارِ ، وَهُوَ بِذِكْرِ الْمَحَلِّ مِنْ الْبَلَدِ وَالسِّكَّةِ مِنْهَا وَذِكْرِ مَوْضِعِ الدَّارِ مِنْ السِّكَّةِ وَأَنَّهَا الدَّارُ الْأُولَى أَوْ غَيْرُهَا عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ صَدْرِ السِّكَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً ثُمَّ التَّعَرُّضُ لِلْحُدُودِ وَيُنْهَى الْأَمْرُ إلَى غَايَةٍ تُفِيدُ الْيَقِينَ فِي

التَّعْيِينِ ا هـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ التَّعَرُّضِ لِجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ ، وَهُوَ غَرِيبٌ ( قَوْلُهُ كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ بِتَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ إلَخْ ) وَفَرَّقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بَيْنَ الْمُبَالَغَةِ هُنَا وَبَابِ السَّلَمِ بِأَنَّ الْإِفْرَاطَ وَالتَّنَاهِي فِيهِ يُفْضِي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي السَّلَمِ وَالْإِمْعَانُ فِي الْوَصْفِ فِي الْأَعْيَانِ يَزِيدُهَا وُضُوحًا وَتِبْيَانًا ( قَوْلُهُ مِنْ اعْتِبَارِ وَصْفِهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا الْكَلَامُ فِي غَيْرِ النَّقْدِ فَأَمَّا النَّقْدُ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَكَوْنُهُ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرًا ( قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِبَدَنِهِ ) أَيْ وُجُوبًا ( قَوْلُهُ لَكِنْ يَبْعَثُ بِهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ ) بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ ( قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ ) ، وَهِيَ مَا زَادَ بِسَبَبِ السَّفَرِ حَتَّى لَا تَنْدَرِجَ فِيهِ النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ .
( قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْعَيْنِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ ) لِأَنَّهُ عَطَّلَ مَنْفَعَتَهَا عَلَى صَاحِبِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَعَلَّهُمْ جَرَوْا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الْخُصُومَةُ يَكُونُ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ فَلَوْ اتَّفَقَ تَقَارُبُ عَمَلَيْ الْقَاضِيَيْنِ بِحَيْثُ تَنْفَصِلُ الْقَضِيَّةُ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ وَقَدْ يَزِيدُ زَمَنُ تَعْطِيلِ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ بِالْبَلَدِ عَلَى زَمَنِ تَعْطِيلِ الْمُحْضَرَةِ مِنْ عَمَلِ قَاضٍ آخَرَ إمَّا لِإِحْضَارِ الشُّهُودِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِيَشْهَدُوا بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ وَإِمَّا لِاسْتِزْكَائِهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَوَقَّفُ إنْهَاءُ الْخُصُومَةِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِمِثْلِ الْعَيْنِ الْمُحْضَرَةِ أُجْرَةٌ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْحَاضِرَةِ بِالْبَلَدِ وَالْمُحْضَرَةِ مِنْ بَلَدٍ أَوْ عَمَلٍ

آخَرَ لِظُهُورِ التَّفْوِيتِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَوْ يُقَالُ إنْ أَفْضَى التَّعْطِيلُ إلَى تَفْوِيتِ مَنْفَعَةٍ لَهَا وَقَعَ وَجَبَ غُرْمُهَا فِي الْحَالَيْنِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَلْزَمَ الْحَاكِمُ الْخَصْمَ بِإِحْضَارِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ لِيُشَخِّصَهَا الشُّهُودُ أَمَّا لَوْ أَحْضَرَهَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِحَالٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أُجْرَةَ الْمُحْضَرَةِ إنَّمَا وَجَبَتْ لِرَفْعِ يَدِ صَاحِبِهَا عَنْهَا بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ فِي الْبَلَدِ غ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَيْنُ إذَا كَانَتْ فِي الْبَلَدِ ) أَوْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى فِي عَمَلِ الْقَاضِي .
( قَوْلُهُ وَإِحْضَارُهَا مُتَيَسِّرٌ فَإِنَّهَا تَحْضُرُ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي يَتَيَسَّرُ إحْضَارُهُ يَعْرِفُهُ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودُ وَيُشَخِّصُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي ثِيَابٍ مُشْتَبِهَةٍ كَالنَّصَّافِيِّ وَالْبَعْلَبَكِّيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ الْمُدَّعِي فَلَا يَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِحْضَارِهَا ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُشَخِّصْ شَيْئًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ : فِي الْكِرْبَاسِ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ إذْ الْمُنْكِرُ لَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُ الْكِرْبَاسِ ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَاثَلُ ، وَإِنْ أُحْضِرَ أَيْ لِأَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي أُحْضِرَتْ لَمْ تَقَعْ الدَّعْوَى بِهَا مُشَخَّصَةً فَالتَّمَاثُلُ حَاصِلٌ ، وَإِنْ حَصَلَ الْإِحْضَارُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ الْمُشَخَّصَةِ فِي الدَّعْوَى إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهَا لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْتِبَاسٌ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهُ بِالْوَصْفِ كَأَذْرُعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي فِي يَدِ هَذَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْكِرْبَاسِ فَقَالَ فِي يَدِي أَلْفُ ذِرَاعٍ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي قَالَ فَأَحْضِرْ مِنْهَا أَيَّهَا فَهَذَا قِسْمٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى التَّعْيِينِ وَلَا يُكَلَّفُ إحْضَارَ عَيْنٍ إلَّا أَنْ يُصَادِفَ الْمُدَّعِي عَيْنًا فِي يَدِ

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَدَّعِيهَا ا هـ وَمُرَادُ الْإِمَامِ أَنَّ تَكْلِيفَهُ إحْضَارُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ صِفَةِ تَمْيِيزٍ لَا وَجْهَ لَهُ ، وَكَذَلِكَ تَكْلِيفُهُ إحْضَارَ جَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى عُسْرٍ وَمَشَقَّةٍ .
( قَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْأَوْصَافِ ) أَفْهَمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِالصِّفَةِ جَوَازَ الدَّعْوَى بِهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ وَالدَّعْوَى بِالْعَبْدِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِعَيْنِهِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْوَصْفِ لَا مَحَالَةَ إذْ قَدْ لَا يَقْدِرُ الْمُدَّعِي عَلَى إحْضَارِ الْعَبْدِ ، وَهُوَ فِي يَدِ الْخَصْمِ وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ شَهَادَةٍ بِصِفَةٍ يُخَالِفُهُ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ عَبْدًا بِصِفَةِ كَذَا فَمَاتَ الْعَبْدُ اسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ أَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تُشِيرُ إلَيْهِ فِي الْغَيْبَةِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِأَنْ عَلِمْت أَنَّ الْقَاضِيَ رَآهُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ رُؤْيَةً يَتَمَيَّزُ بِهَا عِنْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَشَهِدَتْ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي رَآهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ قَالَ وَأَيْضًا فَقَدْ يُقَالُ الْمَمْنُوعُ إلَخْ ( قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ دُونَ مَا إذَا حَصَلَتْ بِهِ كَمَا هُنَا ) وَقَالَ الْحُسْبَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَبْدَ الْمَعْرُوفَ بَيْنَ النَّاسِ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْقَاضِي فَيَجُوزُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَجْهًا وَاحِدًا أَيْ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ قَالَ وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ الْخَصْمَ الْمُتَعَيِّنَ إذَا لَمْ يَحْضُرْ فَسَمَاعُ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ لِلْجَهَالَةِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْمَسْلَكُ الْأَقْرَبُ وَلَا يَتَحَقَّقُ

فِي الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ ( قَوْلُهُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ حِينَ أَنْكَرَ ) صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ فِي يَدِهِ مِثْلَهُ أَوْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ بِمَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي مِنْ عَيْنٍ تَشَخَّصَتْ لَهُ فِي وَقْتٍ كَمَا تَقَدَّمَ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ ) الْمَارِّ فِي الْوَدِيعَةِ ( قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهَا ) إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً حَيَّةً يَلْزَمُهُ رَدُّهَا فِي مَكَانِ الدَّعْوَى ( قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنُهَا إنْ بَاعَهَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ أَوْ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ تَلَفًا لَا يَقْتَضِي تَضْمِينَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ جَامِعَةً لِذَلِكَ وَالْقَاضِي إنَّمَا يَسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَرْدُودَةَ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْإِلْزَامَ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَلَوْ أَتَى بِبَقِيَّةِ الِاحْتِمَالَاتِ لَمْ يَسْمَعْهَا الْحَاكِمُ ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا لَا إلْزَامَ فِيهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ إلَخْ ) هُوَ تَمْثِيلٌ جَرَيَا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَوْ الْمِثْلِيِّ إذَا ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ وَلِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ

( فَرْعٌ لَوْ كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا وَالْعَيْنُ غَائِبَةً ) عَنْ الْبَلَدِ ( سَمِعَ ) الْقَاضِي ( الْبَيِّنَةَ وَلَا يَحْكُمُ ) بِهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْخَصْمُ غَائِبًا أَيْضًا ( بَلْ يَأْمُرُهُ ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( بِإِحْضَارِهَا إلَى مَجْلِسِهِ ) لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْخَصْمِ ( فَإِنْ أُحْضِرَتْ وَلَمْ يَشْهَدُوا ) بِهَا ( لِلْمُدَّعِي لَزِمَهُ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ ) وَالرَّدِّ ( وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ) لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ غَائِبًا أَيْضًا

( الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى ) شَخْصٌ ( عَلَى غَائِبٍ فِي الْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ ) مَجْلِسَ الْحُكْمِ ( لَمْ يَجُزْ ) أَيْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَيْ سَمَاعُهَا بَلْ وَلَا سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ وَلَا الْحُكْمُ عَلَيْهِ لِسُهُولَةِ إحْضَارِهِ وَلِيَأْمَنَ الْحَاكِمُ خَطَأَ الْبَيِّنَةِ فِيهِ ؛ وَلِأَنَّ أَمْرَ الْقَضَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَصْلِ بِأَقْرَبِ الطُّرُقِ وَلَوْ أُحْضِرَ رُبَّمَا أَقَرَّ فَيُغْنِي عَنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالنَّظَرِ فِيهَا ( وَكَذَا ) لَا يَجُوزُ عَلَى مَنْ ( عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى ) الْآتِي بَيَانُهَا فِي الطَّرَفِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَبْوَابِ الشَّهَادَاتِ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ ( فَإِنْ تَعَزَّرَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( أَوْ اخْتَفَى سُمِعَتْ ) عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَإِلَّا اتَّخَذَ النَّاسُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ الْحُقُوقِ ( وَهَلْ يَحْلِفُ لَهُ ) الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ ( كَالْغَائِبِ ) أَوْ لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْحُضُورِ ( وَجْهَانِ ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ ؛ لِأَنَّ هَذَا احْتِيَاطٌ لِلْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ ذَلِكَ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِلَى تَرْجِيحِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ ( وَقَوَّى الْمَنْعُ قُدْرَتَهُ عَلَى الْحُضُورِ ) فَلَا عُذْرَ لَهُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ ( فَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْ الْغَائِبِ وَكِيلٌ ) نَصَّبَهُ بِنَفْسِهِ ( فَهَلْ يَحْتَاجُ حُضُورُهُ ) يَعْنِي طَلَبَهُ ( فِي تَحْلِيفِ الْخَصْمِ ) أَيْ فَهَلْ يَحْتَاجُ فِي تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي إذَا قُلْنَا بِهِ إلَى طَلَبِ الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ حِينَئِذٍ مِنْ وَظِيفَةِ الْوَكِيلِ أَوْ لَا كَالْمُوَكِّلِ ( فِيهِ تَرَدُّدٌ ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ

الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ ) ( قَوْلُهُ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ ) بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي ( قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ ) الْأَشْبَهُ تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا كَانَ جَمِيعُ الْبَلَدِ فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ الْخَصْمِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَكَمَا لَوْ كَانَ خَارِجَ الْبَلَدِ ( قَوْلُهُ وَلْيَأْمَنْ الْحَاكِمُ خَطَأَ الْبَيِّنَةِ فِيهِ ) وَلْيَطْعَنْ الْخَصْمُ فِيهِمْ إنْ وَجَدَ مَطْعَنًا وَلِيَمْتَنِعُوا إنْ كَانُوا كَذَبَةً حَيَاءً مِنْهُ أَوْ خَوْفًا ( قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى ) فَإِنْ كَانَ فَوْقَهَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْخَصْمُ الْخَارِجُ عَنْ الْبَلَدِ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا فَالْبُعْدُ وَالْقُرْبُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمَ وَيُكَاتِبَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ اخْتَفَى سُمِعَتْ ) أَلْحَقَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِالْغَائِبِ وَالْمُسْتَتِرِ مَا إذَا أَحْضَرَ الْخَصْمُ خَصْمَهُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ ثُمَّ هَرَبَ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ أَوْ بَعْدَمَا سَمِعَهَا وَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَأَلْحَقَ فِي الْأَشْرَافِ وَغَيْرِهِ الْأَخْرَسَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْكُلُّ صَحِيحٌ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( قَوْلُهُ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
( قَوْلُهُ وَإِلَى تَرْجِيحِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي إرْشَادِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَمْشِيَتِهِ وَصَحَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ التَّحْلِيفَ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ شَيْخُنَا وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( قَوْلُهُ أَوَّلًا كَالْمُوَكِّلِ ) فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبِهِ ، وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُخْتَفٍ مِنْهُ ( قَوْلُهُ

فِيهِ تَرَدُّدٌ ) لَكِنَّهُمَا ذَكَرَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي تَوْجِيهِ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ تَعَلَّقَ الْمُدَّعِي بِرَجُلٍ وَقَالَ أَنْتَ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلِي عَلَيْهِمْ كَذَا وَادْعِي عَلَيْك وَأُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِك أَنَّ لِلْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لِيَسْتَغْنِيَ عَنْ ضَمِّ الْيَمِينِ إلَى الْبَيِّنَةِ وَلِيَكُونَ الْقَضَاءُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ التَّحْلِيفِ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ لَمْ أَفْهَمْ هَذَا الْخِلَافَ فَإِنَّ الْغَائِبَ إذَا كَانَ لَهُ وَكِيلٌ فَالْحُكْمُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يَمِينَ فِيهِ جَزْمًا وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ : يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلُهُ حَاضِرًا ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ الْمُسَوِّغَةَ لِلْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ مَوْجُودَةٌ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْوَكِيلِ حَاضِرًا لِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْغَائِبِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا غَابَ الْغَيْبَةَ الَّتِي يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ بِسَبَبِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِنْ كَانَ وَكِيلُ الْغَائِبِ حَاضِرًا وَفِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَقَالَ زَوْجُ السُّلْطَانِ أَوْ وَكِيلُ الْغَائِبِ ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الْمُخْتَصَرِ الْمُنَبِّهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : يَجُوزُ لِلْقَاضِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) أَيْ تَبَعًا لِلْعَبَّادِيِّ وَالْهَرَوِيِّ وَقَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ

( فَصْلُ مَنْ اسْتَعْدَى الْقَاضِيَ عَلَى خَصْمٍ ) مِنْ أَعْدَى يُعْدِي أَيْ يُزِيلُ الْعُدْوَانَ أَيْ مَنْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَ خَصْمٍ لَهُ ( فِي الْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ أَحْضَرَهُ ) وُجُوبًا إلَى مَجْلِسِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْمُرُوآتِ ( فَيَبْعَثُ إلَيْهِ بِخَتْمٍ مِنْ طِينٍ رَطْبٍ ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَعْتَادُ بِدَفْعِهِ إلَى الْمُدَّعِي لِيَعْرِضَهُ عَلَيْهِ وَلْيَكُنْ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ أَجَابَ الْقَاضِي فُلَانًا وَقَدْ هُجِرَ هَذَا فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فَالْأَوْلَى مَا اُعْتِيدَ مِنْ الْكِتَابَةِ فِي كَاغَدٍ ( أَوْ ) يَبْعَثُ إلَيْهِ ( بِأَحَدِ أَعْوَانِهِ ) الْمُرَتَّبِينَ عَلَى بَابِهِ ( وَأُجْرَتُهُمْ ) أَيْ أَعْوَانِهِ ( عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يُرْزَقُوا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ ثَمَّ الْإِحْضَارُ قَدْ يَكُونُ بِخَتْمٍ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ بِشَخْصٍ مِنْ الْأَعْوَانِ الْمُرَتَّبِينَ عَلَى بَابِهِ فَإِنْ بَعَثَ بِالْخَتْمِ فَلَمْ يُجِبْ بَعَثَ إلَيْهِ الْعَوْنَ انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ مَنْ أَحْضَرَهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْحُضُورِ بِبَعْثِ الْخَتْمِ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ ( فَإِنْ ثَبَتَ ) عِنْدَهُ ( امْتِنَاعُهُ ) مِنْ الْحُضُورِ ( بِلَا عُذْرٍ ) أَوْ سُوءِ أَدَبِهِ بِكَسْرِ الْخَتْمِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ بِقَوْلِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ ( أَحْضَرَهُ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ وَعَلَيْهِ ) حِينَئِذٍ ( مُؤْنَتُهُمْ لِامْتِنَاعِهِ ثُمَّ يُعَزِّرُهُ بِمَا رَأَى ) مِنْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْ تَعْزِيرِهِ إنْ رَآهُ .
( فَإِنْ اخْتَفَى نُودِيَ ) بِإِذْنِ الْقَاضِي ( عَلَى بَابِهِ ) أَيْ بَابِ دَارِهِ أَنَّهُ ( إنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَى الثَّلَاثَةِ ) مِنْ الْأَيَّامِ ( سَمَّرَ بَابَهُ ) أَوْ خَتَمَ عَلَيْهِ ( فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ) بَعْدَ الثَّلَاثِ ( وَطَلَبَ الْخَصْمُ تَسْمِيرَهُ ) أَوْ خَتْمَهُ ( أَجَابَهُ ) إلَيْهِ ( إنْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُ أَنَّهَا دَارُهُ ) وَلَا يُرْفَعُ الْمِسْمَارُ أَوْ الْخَتْمُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ

الْحُكْمِ ثُمَّ مَحَلُّ التَّسْمِيرِ أَوْ الْخَتْمِ إذَا كَانَ لَا يَأْوِيهَا غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ وَلَا إلَى إخْرَاجِ مَنْ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( فَإِنْ عَرَفَ مَوْضِعَهُ بَعَثَ ) إلَيْهِ نِسَاءً أَوْ صِبْيَانًا أَوْ خُصْيَانًا قَالَ فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْ فَيُقَدَّمُ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخُصْيَانُ ( يَهْجُمُونَ ) الدَّارَ وَيُفَتِّشُونَ ( عَلَيْهِ ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ : وَيَبْعَثُ مَعَهُمْ عَدْلَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ فَإِذَا دَخَلُوهَا وَقَفَ الرِّجَالُ فِي الصَّحْنِ وَأَخَذَ غَيْرُهُمْ فِي التَّفْتِيشِ قَالُوا وَلَا هُجُومَ فِي الْحُدُودِ إلَّا فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِذَا تَعَذَّرَ حُضُورُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ حَكَمَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَهَلْ يُجْعَلُ امْتِنَاعُهُ كَالنُّكُولِ فِي رَدِّ الْيَمِينِ ؟ الْأَشْبَهُ نَعَمْ لَكِنْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ إعَادَةِ النِّدَاءِ عَلَى بَابِهِ ثَانِيًا بِأَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ بَعْدَ النِّدَاءِ الثَّانِي حُكِمَ بِنُكُولِهِ ( وَإِنْ امْتَنَعَ ) مِنْ الْحُضُورِ ( لِعُذْرٍ كَخَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ حَبْسِهِ وَمَرَضٍ بَعَثَ إلَيْهِ نَائِبَهُ ) لِيَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ ( أَوْ وَكَّلَ الْمَعْذُورُ ) مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ .
( وَيَبْعَثُ ) إلَيْهِ الْقَاضِي ( مَنْ يُحَلِّفُهُ ) إنْ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَعْرُوفِ النَّسَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا سَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ كَالْغَيْبَةِ فِي سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ فَكَذَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ قَالَ : وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْبَغَوِيّ ( وَأَمَّا إنْ كَانَ ) الْخَصْمُ ( خَارِجَ الْبَلَدِ ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ) أَيْ الْقَاضِي ( وَثَمَّ نَائِبٌ ) عَنْهُ ( كَتَبَ إلَيْهِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ ) أَيْ بِأَنَّهُ سَمِعَهَا ( وَلَمْ يُحْضِرْهُ ) لِمَا فِي إحْضَارِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ ثَمَّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ

ذَلِكَ إذَا كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِمَا مَرَّ أَنَّ الْكِتَابَ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى ( وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ ) لَهُ نَائِبٌ ( وَهُنَاكَ مَنْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا بِصُلْحٍ وَنَحْوِهِ ) وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْعَقْلِ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَتَوَسَّطُ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُحْضِرُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ إحْضَارِهِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَا مَنْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا ( أَحْضَرَهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَدْعَى الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ وَلِئَلَّا يُتَّخَذَ السَّفَرُ طَرِيقًا لِإِبْطَالِ الْحُقُوقِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَيْهِ جَرَى جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَبَعًا لِلْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يُحْضِرُهُ إلَّا إذَا كَانَ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى فَأَقَلَّ ( وَلَكِنْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ جِهَةِ دَعْوَاهُ لِئَلَّا يُتْعِبَهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ ) كَذِمِّيٍّ أَرَادَ مُطَالَبَةَ مُسْلِمٍ بِضَمَانِ خَمْرٍ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَحْثِ فِي إحْضَارِهِ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَلَا مُؤْنَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ .
( وَكَذَا الْمَرْأَةُ ) غَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي يُحْضِرُهَا الْقَاضِي ( وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا مَحْرَمًا ) لَهَا ( أَوْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ لِتَخْرُجَ مَعَهُمْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ ) كَمَا فِي الْحَجِّ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَتَرْجِيحُ اشْتِرَاطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ مَنْ اسْتَعْدَى الْقَاضِيَ عَلَى خَصْمٍ ) أَيْ أَهَلَّ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْجَوَابِ عَنْهَا ( قَوْلُهُ أَحْضَرَهُ وُجُوبًا ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ الْقَاضِي كَذِبَهُ فَإِنْ عَلِمَهُ لَمْ يُحْضِرْهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَأَنْ يُلْزِمَهُ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا فَلَوْ اسْتَعْدَى مُعَاهِدٌ عَلَى مُعَاهِدٍ لَمْ يَلْزَمْ الْحَاكِمَ إحْضَارُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَأَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَحْضُرُ عَنْهُ وَيُحَاكِمُ فَلَا تَوَقُّفَ فِي أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ ، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْمُخَدَّرَةِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْذُورِ إنْ وُكِّلَ لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ إلَّا لِلتَّحْلِيفِ وَفِي الزَّوَائِدِ عَنْ الْعُدَّةِ أَنَّ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَانَةِ وَتَوَهَّمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمُسْتَعِدِّي يَقْصِدُ ابْتِذَالَهُ وَأَذَاهُ لَا يُحْضِرُهُ وَلَكِنْ يُنْفِذُ إلَيْهِ مَنْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ تَنْزِيلًا لِصِيَانَتِهِ مَنْزِلَةَ الْمُخَدَّرَةِ وَجَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَلَوْ اسْتَعْدَى رَبُّ الدَّيْنِ الْمَدِينَ إلَى حُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَفِي الزَّوَائِدِ إلَخْ .
( قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى مَا اُعْتِيدَ إلَخْ ) لِأَنَّهُ لَوْ فُعِلَ لَاسْتُهْجِنَ لِغَرَابَتِهِ وَعَدَمُ الْعَهْدِ بِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ يَبْعَثُ إلَيْهِ بِأَحَدٍ مِنْ أَعْوَانِهِ ) فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ يُرْسِلُ الْخَتْمَ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعَثَ إلَيْهِ الْعَوْنَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ فَإِنَّ الطَّالِبَ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِأَخْذِ الْعَوْنِ أُجْرَتَهُ مِنْهُ ا هـ أَيْ فَإِنَّ أُجْرَةَ الْعَوْنِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فس وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ مَحْمُولٌ

عَلَى التَّنْوِيعِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي قَالَ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ مَا يُؤَدَّى بِهِ الِاجْتِهَادُ إلَيْهِ مِنْ قُوَّةِ الْخَتْمِ وَضَعْفِهِ وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ الْعَوْنَ إلَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْمَجِيءِ بِالْخَتْمِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ التَّخْيِيرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ مَنْ أَحْضَرَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَحْضَرَهُ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ ) اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَعْثُ عَوْنِ السُّلْطَانِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ فَقَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ مَنْ يَلْزَمُ جَعْلُهُ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ حَتَّى يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ أَبَى الْمَجِيءَ وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ يُعَزِّرُهُ بِمَا رَأَى ) لَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاضِيَ الطَّالِبَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْجَوْرِ بِرِشْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْحُضُورِ ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِعْسَارِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ لَحُبِسَ وَطَالَ حَبْسُهُ غ قَالَ شَيْخُنَا : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عُذْرًا أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا قَبْلَهُ كا وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسَعُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ الْأَشْبَهُ نَعَمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَظْهَرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَحْضَرَهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ يُقِيمُهَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَطْلُوبِ مِنْهُ

إحْضَارُهُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ وَفَصْلُ الْقَضِيَّةِ فَلَا يُجِيبُهُ إلَى الْإِحْضَارِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَافِي إنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْجَاجَرْمِيُّ فِي الْإِيضَاحِ إنَّهُ الْأَصَحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي النِّهَايَةِ هُنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُعَدَّى الْقَاضِي عَلَى الْخَصْمِ إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ مِنْ جِهَتِهِ لَمْ يُعَدَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْهُ أَصْلًا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا الْمُدَّعِي وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ أَرَادَ الْقَضَاءَ قَضَى وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ دُونَ حُضُورِ الْخَصْمِ اسْتَحْضَرَهُ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَبَلَغَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَالْغَرَضُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُعَدَّى فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ ، وَإِنْ زَادَتْ الْمَسَافَةُ فَلَا إعْدَاءَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهُ ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُدَّعِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِغَيْبَتِهِ ( قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا مَحْرَمًا إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي لَا يَتَعَيَّنُ الْبَعْث بَلْ يَأْمُرُ بِإِحْضَارِهَا مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ وَكَذَا وَاحِدَةٌ ( قَوْلُهُ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ وَيَسْتَوْفِي ) أَيْ الْقَاضِي ( لِمَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ مِنْ مَالِهِ ) الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذَا طَلَبَهُ الْمُدَّعِي ( وَلَا يُطَالِبُهُ ) الْقَاضِي ( بِكَفِيلٍ ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِلْغَائِبِ دَافِعٌ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدَّافِعِ ( وَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ ) فِي عُقُوبَةٍ ( لِلَّهِ ) تَعَالَى ( وَيَحْكُمُ بِهَا لِلْآدَمِيِّ ) كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَيْضًا فَكَتَبَ الْقَاضِي بَعْدَ حُكْمِهِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ لِيَأْخُذَهُ بِالْعُقُوبَةِ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَيَسْتَوْفِي لِمَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ إلَخْ ) حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَحَكَمَ بِهِ فَإِنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُجْبَرْ الْحَاضِرُ عَلَى دَفْعِ مُقَابِلِهِ لِلْغَائِبِ فَإِنْ أُجْبِرَ كَالزَّوْجَةِ تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا الْحَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يُوفِيهَا الْقَاضِي مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ وَمِثْلُهُ دَعْوَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ الْحَاضِرِ حَقٌّ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَالٍ وُجِدَ لِلْغَائِبِ وَهُنَاكَ بَائِعٌ لَهُ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُوفِي مُدَّعِي الدَّيْنِ مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَيُجِيبُ طَالِبُ الْحَجْرِ إلَى مُدَّعَاهُ وَلَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ قَرِيبٍ قُدِّمَتْ نَفَقَتُهُمَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّمَ ذَلِكَ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَغَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَهُنَاكَ فَضْلَةٌ فَهَلْ لِلْقَاضِي بِطَلَبِ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِأَخْذِ مُسْتَحِقِّهِمَا بِطَرِيقِهِ لِيُوفِيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : مَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ

( فَصْلٌ يَلْغُو الْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ ) إذَا ( تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا عَزْلٌ ) لِلْحَاكِمِ بِأَنْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ فَعُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ ثَانِيًا لِبُطْلَانِ السَّمَاعِ بِالْعَزْلِ بَلْ تَجِبُ الِاسْتِعَادَةُ ( لَا خُرُوجَ ) لَهُ ( عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ) قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْغُو حُكْمُهُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى مَحَلِّهَا لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ وَإِنَّمَا فُقِدَ شَرْطُ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ ( وَإِنْ سُمِعَتْ ) بَيِّنَةٌ ( عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ أَوْ ) عَلَى ( صَبِيٍّ فَبَلَغَ ) عَاقِلًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا ( لَمْ تُعَدْ ) أَيْ لَمْ يَجِبْ اسْتِعَادَتُهَا بِخِلَافِ شُهُودِ الْأَصْلِ إذَا حَضَرُوا بَعْدَ مَا شَهِدَ شُهُودُ الْفَرْعِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا يُقْضَى بِشَهَادَتِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ بَدَلٌ وَلَا حُكْمَ لِلْبَدَلِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ ( وَمُكِّنَ ) الْغَائِبُ بَعْدَ قُدُومِهِ وَالصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَاقِلًا ( مِنْ الْجَرْحِ ) لِلْبَيِّنَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُ شَهَادَتَهَا عَلَيْهِ كَعَدَاوَةٍ ( فَإِنْ قَدِمَ ) الْغَائِبُ ( أَوْ بَلَغَ ) الصَّبِيُّ عَاقِلًا ( وَقَدْ حَكَمَ ) بِالْبَيِّنَةِ ( فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ ) فِي إقَامَتِهَا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَجَرْحِ الشُّهُودِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ سَفِيهًا لِدَوَامِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا ( فَإِنْ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِفِسْقِ الشَّاهِدِ أَرَّخَ ) فِسْقَهُ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ أَوْ بِمَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ ( لِأَنَّ الْفِسْقَ يَحْدُثُ ) فَلَوْ أُطْلِقَ احْتَمَلَ حُدُوثَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَتَعْبِيرُهُ بَأَرَّخَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بَأَرَّخَ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ

( قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ الِاسْتِعَادَةُ ) ، وَإِنْ قُلْنَا لَهُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ عَلَى صَبِيٍّ فَبَلَغَ أَوْ مَجْنُونٍ فَأَفَاقَ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ الْمُرَادُ بُلُوغَهُ رَشِيدًا أَمَّا لَوْ بَلَغَ سَفِيهًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْلُغْ إذْ الْعِبْرَةُ بِالْوَلِيِّ كَمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا لَمْ تُعَدْ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّ حُكْمَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إعْلَامِهِ بِالشَّهَادَةِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ قُدِّمَ الْغَائِبُ ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ كَوْنَهُ حَاضِرًا عِنْدَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ ( قَوْلُهُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ ) أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ ( قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْحَاكِمُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلُ الْمُخَدَّرَةِ ، وَهِيَ مَنْ لَا تَصِيرُ مُتَبَذِّلَةً فِي الْخُرُوجِ لِلْحَاجَاتِ ) الْمُتَكَرِّرَةِ كَشِرَاءِ خُبْزٍ وَقُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا لَا لِضَرُورَةٍ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا قَلِيلًا لِحَاجَةٍ كَعَزَاءٍ وَزِيَارَةٍ وَحَمَّامٍ ( لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ ) إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ ( كَالْمَرِيضِ ) قَالُوا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَتَوَكَّلْ } أَوْ ( يَبْعَثُ ) الْقَاضِي ( إلَيْهَا ) نَائِبَهُ ( فَتُجِيبُ مِنْ وَرَاءِ السَّتْرِ إنْ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ أَنَّهَا هِيَ أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ مَحَارِمِهَا أَنَّهَا هِيَ وَإِلَّا تَلَفَّفَتْ ) بِمِلْحَفَةٍ ( وَخَرَجَتْ ) مِنْ السِّتْرِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّخْدِيرِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ نِسَائِهِمْ التَّخْدِيرُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهَا وَاسْتَثْنَى مَعَ الْمُخَدَّرَةِ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَيْنِهِ وَكَانَ حُضُورُهُ يُعَطِّلُ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ أَخْذًا مِنْ فَتْوَى الْغَزَالِيِّ بِعَدَمِ حَبْسِهِ وَتُكَلَّفُ الْمُخَدَّرَةُ حُضُورَ الْجَامِعِ لِلتَّحْلِيفِ إذَا اقْتَضَى الْحَالُ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا ( وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ وَكَّلَ لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ إلَّا لِلتَّحْلِيفِ )

( فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمُخَدَّرَةُ إلَخْ ) لَوْ كَانَتْ بَرْزَةً ثُمَّ لَزِمَتْ التَّخْدِيرَ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ لَا تَصِيرُ مُخَدَّرَةً حَتَّى تَمْضِيَ لَهَا سَنَةٌ كَمَا فِي الْفَاسِقِ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ ) أَيْ لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ ( قَوْلُهُ فَتُوَكِّلُ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهَا ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ سَمَاعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُخَدَّرَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَرِيضِ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَالتَّخْدِيرَ كَالْغَيْبَةِ فِي سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ فَكَذَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِمَا وَبِهِمَا صَرَّحَ فِي التَّهْذِيبِ وَالْكَافِي أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ ) وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْقَاضِي

( فَصْلُ لَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي غَيْرِ ) مَحَلِّ ( وِلَايَتِهِ ، وَإِنْ حَضَرَ الْخَاطِبُ وَرَضِيَتْ ) ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ لِحَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ حَاضِرٌ وَالْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِهِ ( وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ مَالٌ غَائِبٌ ) عَنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ قَاضِي بَلَدِهِ ( تَوَلَّى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ حِفْظَهُ ) وَتَعَهُّدَهُ ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ تَرْتَبِطُ بِمَالِهِ ( وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِلتِّجَارَةِ ) وَالِاسْتِمْنَاءِ وَلَا يُنَصِّبُ قَيِّمًا لَهُمَا ( بَلْ ذَلِكَ لِقَاضِي بَلَدِ الْيَتِيمِ ) ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ فِي النِّكَاحِ فَكَذَا فِي الْمَالِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَغَيْرُهُمَا وَرَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ فَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْعَدْلِ الْأَمِينِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ قَاضِي بَلَدِ مَالِهِ إحْضَارَهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ فِيهِ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِيهِ ثَمَّ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ عَقَارًا وَيَجِبُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إسْعَافَهُ بِذَلِكَ وَكَالْيَتِيمِ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ لَا يُزَوِّجُ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَحَلِّ الْوِلَايَةِ نَفْسُ الْبَلَدِ الْمُحِيطِ بِهَا السُّوَرُ أَوْ الْبِنَاءُ الْمُتَّصِلُ دُونَ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ فَعَلَى هَذَا لَوْ زَوَّجَ الْقَاضِي امْرَأَةً فِي الْبَلَدِ وَهُوَ بِالْمَزَارِعِ أَوْ الْبَسَاتِينِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْحُكَّامِ يَتَسَاهَلُ فِي ذَلِكَ وَالْأَحْوَطُ تَرْكُهُ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْبَلْدَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ فِي سُوقِ كَذَا لَا يَبِيعُ فِي غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ اسْمَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَتَنَاوَلُ الْمَزَارِعَ أَوْ لَا وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّنَاوُلِ وَلَوْ اسْتَنَابَ شَخْصًا فِي بَلَدِهِ وَاسْتَنَابَهُ قَاضٍ آخَرُ فِي أُخْرَى فَهَلْ لَهُ أَنْ يُحْضِرَ خَصْمًا أَوْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً فِي إحْدَى الْبَلْدَتَيْنِ ، وَهُوَ فِي الْأُخْرَى يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ تَصَرُّفِهِ وَيَحْتَمِلُ تَخْرِيجَهُ عَلَى تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مُلَفَّقَةٌ ثُمَّ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِالْجَدِّ زَوَّجَ أَوْ بِالْعَمِّ فَلَا ؛ لِأَنَّ الَّذِي اسْتَنَابَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَفَرْعُهُ أَوْلَى وَلَوْ أَقْدَمَ الْقَاضِي عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ يَعْتَقِدُهَا فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِقْدَامِ يَفْسُقُ وَيَخْرُجُ عَنْ الْوِلَايَةِ ر لَا يَفْسُقُ بِهِ وَيَصِحُّ وَقَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُحْضِرَ خَصْمًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّنَاوُلِ قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّ وِلَايَةِ الْقَاضِي يَشْمَلُ بِلَادَهَا وَقُرَاهَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ وَالْبَادِيَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ قَالُوا وَلَوْ نَادَاهُ فِي طَرَفَيْ وِلَايَتَيْهِمَا أَمْضَاهُ ( قَوْلُهُ وَإِنْ حَضَرَا بِخَاطِبٍ وَرَضِيَتْ ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ لِلْحَاكِمِ فِي

تَزْوِيجِهَا ، وَهِيَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ إلَى غَيْرِهَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْعَقْدُ فَلَوْ عَادَتْ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَهَلْ يَكْفِي إذْنُهَا السَّابِقُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ آخَرَ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ فَلِقَاضِي بَلَدِهِ الْعَدْلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ النَّاشِرِيُّ ) سَأَلْت عَنْ وَقْفٍ فِي بَلَدٍ عَلَى قِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَلِكُلِّ بَلَدٍ قَاضٍ وَاقْتَضَى الْأَمْرُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ لِلْقَاضِي فَهَلْ يَكُونُ قَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ أَوْ قَاضِي بَلَدِ الْمَيِّتِ فَأَجَبْت بِأَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ الْمَيِّتِ هُوَ النَّاظِرُ قِيَاسًا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجَعَلْت الْمَيِّتَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ الْحَاكِمُ ظُهُورًا كُلِّيًّا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَيًّا

( وَلِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْغَائِبِ مِنْ ثِقَةٍ لِيَحْفَظَهُ بِالذِّمَّةِ ) أَيْ فِيهَا ( وَ ) لَهُ ( بَيْعُ حَيَوَانِهِ لِخَوْفِ هَلَاكِهِ وَنَحْوِهِ ) كَغَصْبِهِ سَوَاءٌ فِيهِ مَالُ الْيَتِيمِ الْغَائِبِ وَغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَ ) لَهُ ( تَأْجِيرُهُ ) أَيْ إجَارَتُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَيُؤَجِّرُهُ ( إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى أَقَلِّ زَمَنٍ يُسْتَأْجَرُ فِيهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ إذَا أَمْكَنَ لِتَوَقُّعِ قُدُومِ الْغَائِبِ وَحَاجَتِهِ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ قَالَ الْقَفَّالُ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ أَجَرَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَلِأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي كَانَ بِنِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ ( وَمَالَ مَنْ لَا تُرْجَى مَعْرِفَتُهُ لَهُ ) أَيْ لِلْقَاضِي ( بَيْعُهُ وَصَرْفُهُ ) أَيْ صَرْفُ ثَمَنِهِ ( فِي الْمَصَالِحِ وَلَهُ حِفْظُهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ صَرْفُهُ فِي الْمَصَالِحِ لَا حِفْظُهُ ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلنَّهْبِ وَمَدِّ أَيْدِي الظَّلَمَةِ إلَيْهِ

( قَوْلُهُ كَغَصْبِهِ أَوْ كَانَتْ لَهُ مُؤْنَةٌ تَلْحَقُهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْحِفْظِ وَالتَّعَهُّدِ وَنَحْوِهِمَا عِنْدَ خَوْفِ الضَّيَاعِ أَوْ التَّلَفِ وَقَدْ أَوْضَحَ الْقَفَّالُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْفَتَاوَى فَقَالَ إذَا غَابَ رَجُلٌ فَأَخْبَرَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ غَائِبٌ وَمَالُهُ ضَائِعٌ كَانَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا فِيمَا لَهُ يَتَعَهَّدُهُ وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ بَيْعُهُ وَلَا الِاتِّجَارُ فِيهِ وَلَا الْأَخْذُ لِلْغَائِبِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِمَّا يَضِيعُ كَالْبِطِّيخِ وَالْبَقْلِ فَلِلْقَيِّمِ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ أَيْ يَأْذَنُ الْحَاكِمُ إذَا كَانَ الصَّلَاحُ فِي بَيْعِهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْقَفَّالُ إنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَى رَجُلٌ عَلَى عَقَارِ الْغَائِبِ أَوْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَأَخْبَرَ مُحْتَسِبَ الْحَاكِمِ بِذَلِكَ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا يَدَّعِي لِيُخْرِجَ الْحَاكِمُ الشَّيْءَ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ فَجَحَدَهُ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا لِيَدَّعِيَ عَلَى الْمَدِينِ وَيَنْتَزِعَ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَيَّ وُفِّيَ إلَّا أَنَّهُ خِيفَ عَلَيْهِ الْفَلْسُ فَلِلْحَاكِمِ نَصْبُ قَيِّمٍ لِاسْتِيفَائِهِ كَيْ لَا يَتْلَفَ بِفَلَسِهِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَيَّ وُفِّيَ فَغَابَ أَيْ وَلَمْ يَخْشَ فَلْسَ الْمَدْيُونِ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا لِيَسْتَوْفِيَهُ ا هـ وَقَدْ سَأَلْت عَمَّنْ غَابَ وَتَرَكَ دُيُونًا عَلَى النَّاسِ وَجَاوَزَتْ غَيْبَتُهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَكَانٌ وَقَدْ خَافَتْ وَرَثَتُهُ عَلَى دُيُونِهِ الْفَوَاتَ فَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْحَاكِمَ يُنَصِّبُ عَدْلًا يَسْتَوْفِيهَا وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْهَا وَاسْتَنْبَطْت ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ عَثَرْت عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ هَذَا فَحَمِدْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غ وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ إنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

وَكَذَا قَوْلُهُ وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْحَاكِمَ إلَخْ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْإِجَارَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ر كَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا إلَخْ قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ إلَخْ ) بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَأَكَلَهُ ظَالِمٌ أَوْ خَائِنٌ غ

( فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ يَنْفُذُ كِتَابُ قَاضِي الْبُغَاةَ ) أَيْ يُقْبَلُ كَكِتَابِ قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ ( وَلِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْحُكْمُ كَالْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا بَأْسَ بِهَا وَمِثْلُهَا الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا كَأَنْ أَذِنَ ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فِي الْإِفْرَاجِ عَنْ خَصْمٍ مَحْبُوسٍ فِي مَحَلِّهَا بِسُؤَالِ خَصْمِهِ ( وَقَوْلُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ ) الْمُوَكِّلِ فِي الْخُصُومَةِ ( كُنْت عَزَلْت وَكِيلِي ) قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ ( لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ ) ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ ( بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ لَهُ ) إذَا قَالَ ذَلِكَ يَبْطُلُ الْحُكْمُ ( لِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ بَاطِلٌ وَلَيْسَ لِمَنْ تَحَمَّلَ إشْهَادَهُ بِكِتَابِ حُكْمٍ ) أَرْسَلَهُ بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ ( وَخَرَجَ بِهِ أَنْ يَتَخَلَّفَ ) فِي الطَّرِيقِ عَنْ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ ( إلَّا أَنْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ) بِأَنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ شَاهِدَيْنِ يَحْضُرَانِ بِالْكِتَابِ وَيَشْهَدَانِ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ ( أَوْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَ قَاضٍ ) فَيُمْضِيهِ ( وَيَكْتُبُ ) بِهِ ( لَهُ ) أَيْ لِلْقَاضِي الْمَقْصُودِ ( فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ) قَاضِيًا وَلَا شُهُودًا ( وَطَلَبَ أُجْرَةً ) لِخُرُوجِهِ إلَى الْقَاضِي الْمَقْصُودِ ( لَمْ يُعْطَ غَيْرَ النَّفَقَةِ وَكِرَاءِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ سُؤَالِهِ ذَلِكَ ) أَيْ الْأُجْرَةَ ( قَبْلَ الْخُرُوجِ ) مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَيُعْطَاهَا ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا ذُكِرَ ( فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ ) وَالْقَنَاعَةُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إشْهَادِ غَيْرِهِ وَهُنَا لِتَحَمُّلِ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ ( ، وَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْحَقَّ مِنْ الْخَصْمِ وَسَأَلَهُ ) الْخَصْمُ ( الْإِشْهَادَ ) عَلَى الْمُدَّعِي ( بِذَلِكَ أَجَابَهُ )

وُجُوبًا ( وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ ) كِتَابًا بِقَبْضِهِ ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يُطَالَبُ بِإِلْزَامِ مَا حَكَمَ بِهِ وَثَبَتَ عِنْدَهُ ( وَلَا أَنْ يُعْطِيَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ ) يَعْنِي الْكِتَابَ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْحَقُّ ( كَمَا لَا يَلْزَمُ مَنْ اسْتَوْفَى مِنْ غَرِيمِهِ ) مَا لَهُ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ أَوْ مَنْ بَاعَ غَيْرُهُ شَيْئًا لَهُ بِهِ حُجَّةٌ ( أَنْ يُعْطِيَهُ الْحُجَّةَ ) ؛ لِأَنَّهَا غَالِبًا تَكُونُ مِلْكَهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ اسْتِحْقَاقٌ فَيَحْتَاجُ إلَيْهَا
( قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا إلَخْ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِمَنْ يَحْكُمُ نِيَابَةً عَنْهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يُعْطِيَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ ) لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِلْكَهُ قَالُوا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْوَرَقَةُ مِلْكَهُ فَلَهُ غَرَضٌ فِي إمْسَاكِهِ لِتَذْكَارِ الشُّهُودِ فَرُبَّمَا احْتَاجَ إلَى شَهَادَتِهِمْ

( كِتَابُ الْقِسْمَةِ ) هِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ } الْآيَةَ وَخَبَرُ { الشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ } { وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا } رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا فَقَدْ يَتَبَرَّم الشَّرِيكُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَوْ يَقْصِدُ الِاسْتِبْدَادَ بِالتَّصَرُّفِ ( وَتَصِحُّ ) الْقِسْمَةُ ( مِنْ الشُّرَكَاءِ ) بِأَنْفُسِهِمْ وَمَنْصُوبِهِمْ ( بِالتَّرَاضِي ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ ( وَمَنْ نَصَّبُوهُ لَهَا وَكِيلٌ لَهُمْ ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ وَتَصِحُّ مِنْ الْإِمَامِ وَمَنْصُوبِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ وَكَّلَ بَعْضُهُمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْسِمَ عَنْهُ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ إنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَفْرِزَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَحْتَاطَ لِمُوَكِّلِهِ وَفِي هَذَا لَا يُمْكِنُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ ، وَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ جُزْءًا وَاحِدًا جَازَ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ وَلِمُوَكِّلِهِ ( وَعَلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ ) وَلَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا ( نُصِّبَ قَاسِمٌ فَأَكْثَرُ ) فِي كُلِّ بَلَدٍ ( بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَيُرْزَقُونَ ) حِينَئِذٍ ( مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ( إنْ كَانَ ) فِيهِ سَعَةٌ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بَلْ الْمَسْأَلَةُ كُلُّهَا تَقَدَّمَتْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَعَةٌ أَوْ وَجَدَ مُتَبَرِّعًا ( فَلَا يُنَصِّبُ ) قَاسِمًا ( إلَّا لِمَنْ سَأَلَ ) نَصَّبَهُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَأُجْرَتُهُ ) حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يُنَصِّبُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَصَّبَهُ بِسُؤَالِهِمْ ( عَلَيْهِمْ ) سَوَاءٌ طَلَبُوا كُلُّهُمْ الْقِسْمَةَ أَمْ بَعْضُهُمْ ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَهُمْ ( وَلَا

يُعَيِّنُ قَاسِمًا ) إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ ( لِئَلَّا يُغَالِيَ فِي الْأُجْرَةِ ) وَلِئَلَّا يُوَاطِئَهُ بَعْضُهُمْ فَيَحِيفَ بَلْ يَدَعُ النَّاسَ لِيَسْتَأْجِرُوا مَنْ شَاءُوا وَمَنَعَهُ مِنْ التَّعْيِينِ قَالَ الْقَاضِي عَلَى جِهَةِ التَّحْرِيمِ وَالْفُورَانِيُّ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ

( كِتَابُ الْقِسْمَةِ ) ( قَوْلُهُ وَمَنْ نَصَّبُوهُ لَهَا وَكِيلٌ لَهُمْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي مَغْصُوبِهِمْ الرُّشْدُ فَلَا يَصِحُّ صُدُورُ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ ا هـ وَالْعَدَالَةِ إنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ جَوَازُ نَصْبِ الشُّرَكَاءِ امْرَأَةً وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ يَجُوزُ كَوْنُهُ عَبْدًا وَفَاسِقًا وَامْرَأَةً لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِالْمَرْأَةِ الْجُرْجَانِيُّ ( قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ إلَخْ ) فَيَجُوزُ كَوْنُهُ فَاسِقًا وَامْرَأَةً وَهَذَا إذَا كَانُوا مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ فَقَاسَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ قَيِّمُهُ حَيْثُ تَجُوزُ فَلَا بُدَّ فِي الْمَنْصُوبِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا بِكُلِّ حَالٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي لِيُنَصِّبَ قَاسِمًا بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ إنْ وَكَّلَهُ إلَخْ ) ، وَإِنْ وَكَّلَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ أَحَدَهُمْ عَلَى أَنْ يَقْسِمَ عَنْهُمْ وَيَرَى فِيمَا أَخَذَهُ بِالْقِسْمَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكِيلًا عَنْ نَفْسِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ أَوْ يُوَكِّلُ بَعْضُهُمْ رَجُلًا لِجَمِيعِ حُقُوقِهِمْ بِالْقِسْمَةِ جُزْءًا وَاحِدًا ( قَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ ) الرَّاجِحُ أَنَّ نَصَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ وَاجِبٌ ( قَوْلُهُ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِمْ ) وَفَارَقَ الْقَاضِي بِأَنَّ لِلْقَاسِمِ عَمَلًا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ فَصَارَ كَصَانِعِ الْأَعْمَالِ فِي جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَالْقَضَاءُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَبِأَنَّ فِي الْقَضَاءِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْقِسْمَةُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْمُسْتَحَقَّةِ فَجَازَ لِلْقَاسِمِ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مَا إذَا طَلَبَ مِنْ مَنْصُوبِ الْقَاضِي

الْقِسْمَةَ فَقَسَمَ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ أُجْرَةٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا عُرِفَ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ فِي دَفْعِ ثَوْبٍ إلَى قَصَّارٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فِيمَا إذَا لَمْ يَجْرِ لِلْأُجْرَةِ ذِكْرٌ إنْ أَمَرَ بِهَا الْحَاكِمُ وَجَبَ لِلْقَاسِمِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَصَّارِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَالْأَرْجَحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَقَدْ أَطْلَقَ الرُّويَانِيُّ فِي الْكَافِي الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَلَوْ جَرَى ذِكْرُ الْأُجْرَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ لَزِمَ الذَّاكِرَ مَا خَصَّهُ وَيَخْرُجُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى الْخِلَافِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَالْفُورَانِيُّ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ ) هُوَ الْأَصَحُّ بَلْ تَقَدَّمَ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ يُنْدَبُ عَدَمُ التَّعْيِينِ

( وَالشَّرْطُ فِيمَنْ يُنَصِّبُهُ وَكَذَا ) فِي ( مَنْ حَكَّمُوهُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَدْلًا ذَكَرًا ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ كَالْحَاكِمِ وَحَذَفَ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ مُكَلَّفًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْعَدْلِ ( يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَالْمِسَاحَةَ ) ؛ لِأَنَّهَا آلَةُ الْقِسْمَةِ كَمَا أَنَّ الْفِقْهَ آلَةُ الْقَضَاءِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ضَابِطًا سَمِيعًا بَصِيرًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَفِيفًا عَنْ الطَّمَعِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأُمِّ ( لَا ) أَنْ يَعْرِفَ ( التَّقْوِيمَ ) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ فِي أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فَقَدْ جَزَمَ بِاسْتِحْبَابِهِ الْقَاضِيَانِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا رَجَعَ إلَى إخْبَارِ عَدْلَيْنِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَرَدَّ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ الْمُعْتَمَدُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي قِسْمَتَيْ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ( وَيُجْزِئُ ) أَيْ يَكْفِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ ( قَاسِمٌ فِي كُلِّ بَلَدٍ ) كَالْوَزَّانِ وَالْكَيَّالِ مِنْ جِهَةِ اسْتِنَادِهِ إلَى عَمَلٍ مَحْسُوسٍ هَذَا ( إنْ كَفَى ) وَالْأَزْيَدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ ( فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ ) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الْمُقَوَّمِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ ( وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ الْقَاسِمِ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ فَيَعْمَلُ ) فِيهِ ( بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ ) وَيَقْسِمُ بِنَفْسِهِ ( وَلِلْقَاضِي الْحُكْمُ فِي التَّقْوِيمِ بِعِلْمِهِ ) كَمَا يَحْكُمُ بِهِ فِي غَيْرِهِ

( قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) أَيْ نَاطِقًا وَعِبَارَةُ التَّرْغِيبِ وَمَنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي يُشْتَرَطُ فِيهِ صِفَاتُ الْقُضَاةِ وَزِيَادَةُ عِلْمِ الْحِسَابِ وَكَيْفِيَّةُ الْقِسْمَةِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ : هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ ( قَوْلُهُ وَالْفُورَانِيُّ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ مَا نَصُّهُ قَدَّمَ الشَّارِحُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي جَامِعِ آدَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ تَعْيِينُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ آخِرًا ( قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ ) أَيْ ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَرْصٌ أَوْ كَانَ فِيهَا مَالُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ ) هَذَا فِي مَأْذُونِ الْحَاكِمِ أَمَّا الْقِسْمَةُ الْجَارِيَةُ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ دُونَ إذْنِ الْحَاكِمِ فَيُحْمَلُونَ فِي الْعَدَدِ عَلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ وَلَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ قَوْلَ هَذَا الْقَاسِمِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَائِبٍ عَنْهُ وَلَا يَسْمَعُ شَهَادَتَهُ ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَهَادَةً مُحَقَّقَةً وَإِنَّمَا هِيَ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ( قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ ) أَوْ بِعِلْمِهِ

( فَرْعٌ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ ) الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ بِهَا وَأَطْلَقُوهَا مُوَزَّعَةً ( عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ ) لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ ( فَاسِدَةً أَوْ ) الْقِسْمَةُ ( بِغَيْرِ عَقْدٍ ) بِأَنْ اقْتَصَرُوا عَلَى نَصْبِهِ لَهَا وَقُلْنَا الْأُجْرَةُ وَاجِبَةٌ ( أَوْ بِإِخْبَارٍ مِنْ الْقَاضِي ) وَلَوْ مِنْ مَنْصُوبِهِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ الْمِلْكِ كَالنَّفَقَةِ ( وَإِنْ قَدَّرَ ) لَهُ ( كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( لِنَفْسِهِ ) أَيْ عَلَيْهَا ( أُجْرَةَ جَازَ ) فَلَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مَا الْتَزَمَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسَاوِيًا لِأُجْرَةِ مِثْلِ حِصَّتِهِ أَمْ لَا ( وَلِيَسْتَأْجِرُوا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ ) كَأَنْ يَقُولُوا اسْتَأْجَرْنَاك لِتَقْسِمَ بَيْنَنَا كَذَا بِدِينَارٍ عَلَى فُلَانٍ وَدِينَارَيْنِ عَلَى فُلَانٍ ( أَوْ يُوَكِّلُوا مَنْ يَعْقِدُ ) لَهُمْ كَذَلِكَ ( فَلَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( بِعَقْدٍ ) لِإِفْرَازِ نَصِيبِهِ ( وَتَرَتَّبُوا ) أَوْ لَمْ يَتَرَتَّبُوا فِيمَا يَظْهَرُ ( لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ ) فَيَصِحُّ ذَلِكَ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَعْقِدَ أَحَدُهُمْ وَيَكُونَ حِينَئِذٍ أَصِيلًا وَوَكِيلًا وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى عَقْدِ الْبَاقِينَ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بِدُونِ رِضَاهُمْ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ يَصِحُّ فِيمَا قَالَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَاقُونَ ؛ لِأَنَّ كُلًّا عَقَدَ لِنَفْسِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الْمَعْرُوفُ الصِّحَّةُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ ( وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ) فِي الْقِسْمَةِ ( غِبْطَةٌ ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ إلَيْهَا وَاجِبَةٌ وَالْأُجْرَةُ مِنْ الْمُؤَنِ التَّابِعَةِ لَهَا ( وَعَلَى الْوَلِيِّ طَلَبُ الْقِسْمَةِ لَهُ حَيْثُ ) كَانَ لَهُ فِيهَا ( غِبْطَةٌ ) وَإِلَّا فَلَا يَطْلُبُهَا ،

وَإِنْ طَلَبَهَا الشَّرِيكُ أُجِيبَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ فِيهَا غِبْطَةٌ وَكَالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ

( قَوْلُهُ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ ) إنْ تَعَذَّرَ الْقَاسِمُ قَسَمَ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ بِالْعَمَلِ فَفِي الْفَاسِدَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا إذْ الْعَمَلُ مَجْهُولٌ فَلَا يُوَزَّعُ عَلَيْهِ ( فَرْعٌ ) لَوْ طَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ جَازَ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ لَا أَنْ يَقْسِمَ ( قَوْلُهُ لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ) لِأَنَّهُ قَدْ يَقِلُّ سَهْمُ أَحَدِهِمَا كَسَهْمٍ مِنْ مِائَةٍ فَلَوْ أُلْزِمَ نِصْفَ الْأُجْرَةِ لَجَازَ أَنْ يَسْتَوْعِبَ قِيمَةَ مِلْكِهِ وَهَذَا مَدْفُوعٌ فِي الْعُقُولِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَا رَاعِيًا لِيَرْعَى لَهُمَا مِائَةَ شَاةٍ بَيْنَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا عُشْرُهَا فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ ( قَوْلُهُ وَتَرَتَّبُوا ) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ ( قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَرَتَّبُوا فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفُرُوعِهِ ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مَا صَوَّرَهُ الْإِمَامُ قَالَ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الطَّلَبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ إطْلَاقِ الْجَوَازِ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَأْجَرُوهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ بِالِاسْتِئْجَارِ فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ أَوْ عَلَى صُورَةِ الْإِجْبَارِ وَفِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ أَجَّرْت نَفْسِي مِنْك لِإِفْرَازِ نَصِيبِك ، وَهُوَ النِّصْفُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَلَى كَذَا صَحَّ إنْ رَضِيَ الْبَاقُونَ بِالْقِسْمَةِ أَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَحْتَاجُ إلَى رِضَاهُمْ فَأَمَّا حَيْثُ تَحْتَاجُ إلَى الرِّضَا وَلَمْ يَرْضَوْا بَعْدُ فَعَقْدُهُ فَاسِدٌ ( قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَأَمَّا الْغَائِبُ فَتُجْعَلُ الْأُجْرَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِنَصِيبِهِ فِي مَالِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ غِبْطَةٌ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ لِلطَّالِبِ

إنْ قُمْت بِالْأُجْرَةِ قَسَمْت لَك وَإِلَّا فَلَا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَيَقْسِمُ الْقَاضِي عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الشُّفْعَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ بَيْتُ الْمَالِ قَسَمَ وَجَعَلَ الْأُجْرَةَ الْمُخْتَصَّةَ بِنَصِيبِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ قَالَ ، وَأَمَّا قِسْمَةُ الْوَقْفِ عَنْ الطَّلْقِ حَيْثُ أُجْبِرْنَا عَلَيْهَا وَكَانَ عَلَى الْوَقْفِ ضَرَرٌ فِي ذَلِكَ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا مِنْ الْوَقْفِ كَمَا فِي الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ فَتُجْعَلُ الْأُجْرَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا مِنْ الْوَقْفِ

( فَصْلُ يُمْنَعُونَ مِنْ قِسْمَةِ عَيْنٍ تَتْلَفُ ) مَنْفَعَتُهَا ( بِهَا كَجَوْهَرَةٍ ) وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ وَزَوْجَيْ خُفٍّ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ ؛ لِأَنَّهَا سَفَهٌ وَالتَّقْيِيدُ بِالنَّفَاسَةِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلتَّنْبِيهِ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْعِرَاقِيُّ ( وَإِنْ نَقَصَهَا كَسَيْفٍ يُكْسَرُ لَمْ يُجِبْهُمْ ) إلَيْهَا الْإِمَامُ لِذَلِكَ ( وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ) مِنْ قِسْمَتِهَا بِأَنْفُسِهِمْ كَمَا لَوْ هَدَمُوا الْجِدَارَ وَاقْتَسَمُوا نَقْضَهُ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِعَدَمِ إجَابَةِ الْإِمَامِ إلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ يُصَانُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مُلْزَمٌ بِخِلَافِ الْمَالِكِ ( وَكَذَا ) لَا يُجِيبُهُمْ وَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ قِسْمَةِ ( مَا يُبْطِلُ مَقْصُودَهُ ) بِهَا ( كَحَمَّامٍ صَغِيرٍ ) لَا يَنْقَسِمُ لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ وَذِكْرُ عَدَمِ مَنْعِهِمْ مِنْهَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ انْقَسَمَ ) بِأَنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ ( أَجَابَهُمْ ) إلَيْهَا وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ ( وَلَوْ احْتَاجَ إلَى إحْدَاثِ بِئْرٍ أَوْ مُسْتَوْقَدٍ ) لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ مَعَ تَيَسُّرِ تَدَارُكِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِأَمْرٍ قَرِيبٍ ( وَلَوْ كَانَ نَصِيبُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ ) الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا ( الْعُشْرُ وَ ) هُوَ ( لَا يَكْفِيهِ مَسْكَنًا ) لَوْ قُسِمَتْ ( فَلِصَاحِبِهِ لَا لَهُ طَلَبُ الْقِسْمَةِ ) وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا إنْ طَلَبَهَا صَاحِبُهُ وَذَلِكَ ( لِأَنَّ طَلَبَهُ ) لَهَا ( تَعَنُّتٌ ) وَتَضْيِيعٌ لِمَالِهِ وَصَاحِبُهُ مَعْذُورٌ ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِحِصَّتِهِ وَضَرَرُ صَاحِبِ الْعُشْرِ نَشَأَ مِنْ قِلَّةِ نَصِيبِهِ لَا مِنْ مُجَرَّدِ الْقِسْمَةِ ( وَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا لِوَاحِدٍ وَنِصْفٌ ) آخَرُ ( لِخَمْسَةٍ فَطَلَبَ صَاحِبُ النِّصْفِ الْقِسْمَةَ ) أُجِيبَ وَحِينَئِذٍ ( فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ) أَيْ مِنْ الْخَمْسَةِ ( الْقِسْمَةُ تَبَعًا لَهُ ) ، وَإِنْ كَانَ الْعُشْرُ الَّذِي لِكُلٍّ مِنْهُمْ لَا يَصْلُحُ مَسْكَنًا لَهُ ؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ فَائِدَةً لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ ( وَلَوْ بَقِيَ حَقُّهُمْ ) أَيْ الْخَمْسَةِ (

مَشَاعًا ثُمَّ طَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْقِسْمَةَ لَمْ يُجْبَرُوا ) أَيْ الْبَاقُونَ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا تَضُرُّ الْجَمِيعَ ( وَإِنْ طَلَبَ أَوَّلًا الْخَمْسَةُ إفْرَازَ نَصِيبِهِمْ مَشَاعًا أَوْ كَانَتْ ) أَيْ الدَّارُ ( لِعَشَرَةٍ فَطَلَبَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ إفْرَازَ نَصِيبِهِمْ مَشَاعًا أُجِيبُوا ) إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِنَصِيبِهِمْ كَمَا كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا مُطْلَقَ الِانْتِفَاعِ لِعِظَمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَنَافِعِ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ يُمْنَعُونَ مِنْ قِسْمَةِ عَيْنٍ تَتْلَفُ كَجَوْهَرَةٍ ) لَوْ كَانَ لَهُمْ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي كَسْرِهَا لِيَسْتَعْمِلُوهَا فِي دَوَاءٍ أَوْ كُحْلٍ لَمْ يُمْنَعُوا قَطْعًا ( قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْعِرَاقِيُّ ) عِبَارَتُهُ وَقَوْلُ التَّنْبِيهِ كَالْجَوَاهِرِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَجَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ لِاقْتِضَائِهِ تَخْصِيصَ الْمَنْعِ مِنْ قِسْمَةِ الْجَوَاهِرِ بِمَا إذَا كَانَتْ نَفِيسَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ جَوْهَرَةً غَيْرَ نَفِيسَةٍ مِنْ بَلُّورٍ أَوْ زُجَاجٍ لَمْ يُجْبِرْ الْقَاضِي عَلَى قِسْمَتِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مِمَّنْ صَرَّحَ بِالزُّجَاجِ الْفُورَانِيُّ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِحُصُولِ الضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ بِأَنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ أَمْكَنَ جَعْلُ نَصِيبٍ مِنْهُ ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ حَمَّامًا دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ طَلَبَ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ الْقِسْمَةَ أُجِيبَ أَوْ صَاحِبُ الْأَقَلِّ فَلَا وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي عُشْرِ دَارٍ لَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى شَاهِدٌ لَهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ مَعَ تَيَسُّرِ تَدَارُكِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فَلَا إجْبَارَ قَطْعًا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَخْرَجْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قُلْت ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فَقَدْ يَكُونُ الْحَمَّامُ يَلِي وَقْفًا أَوْ شَارِعًا أَوْ مِلْكًا لَا يَسْمَحُ بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ فَقَالَ لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا طَرِيقٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى طَرِيقٍ قَالَ أَصْحَابُنَا لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَائِطٌ يَقْدِرُ عَلَى فَتْحِ بَابِ دَارِهِ فِيهِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ ر ( قَوْلُهُ فَلِصَاحِبِهِ لَا لَهُ طَلَبُ الْقِسْمَةِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا ) مَحَلُّ عَدَمِ الْإِجْبَارِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْعُشْرِ مَكَانٌ يَضُمُّهُ إلَى عُشْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَصْلُحُ الْمَجْمُوعُ لِلسُّكْنَى أُجِيبَ إلَى الْقِسْمَةِ لِانْتِفَاءِ التَّعَنُّتِ فِي طَلَبِهِ

ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَوَّلًا يَكُونُ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِنَقْضِ نَصِيبِهِ بِأَنْ يَبْنِي بِهِ أَوْ بِبَيْعِهِ لِنَفَاسَتِهِ وَعَدَمِ نَقْصٍ لَهُ بِأَنْ يَقَعَ فِي قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَشَمِلَ إجْبَارُ صَاحِبِ الْعُشْرِ بِطَلَبِ صَاحِبِ التِّسْعَةِ أَعْشَارٍ مَا إذَا كَانَتْ لَا تَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَأَمْكَنَ ضَمُّهَا إلَى مَا جَاوَرَهَا مِنْ مِلْكِهِ بِحَيْثُ إذَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ صَلُحَتْ لِلسُّكْنَى

( فَصْلٌ الْقِسْمَةُ الْجَائِزَةُ أَنْوَاعٌ ) ثَلَاثَةٌ ( أَحَدُهَا ) الْقِسْمَةُ ( بِالْإِجْزَاءِ وَتُسَمَّى قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ ) وَقِسْمَةُ الْإِفْرَازِ ، وَهِيَ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى رَدٍّ وَلَا إلَى تَقْوِيمٍ ( كَالْمِثْلِيَّاتِ ) مِنْ حُبُوبٍ وَدَرَاهِمَ وَأَدْهَانٍ وَنَحْوِهَا ( وَأَرْضٌ مُسْتَوِيَةُ الْأَجْزَاءِ وَدَارٌ مُتَّفِقَةُ الْأَبْنِيَةِ فَقِسْمَتُهَا قِسْمَةُ إجْبَارٍ ) إذْ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَنْصِبَاءُ مُتَفَاوِتَةً إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهَا ( فَتُعَدَّلُ السِّهَامُ ) فِي الْمَكِيلِ كَيْلًا وَالْمَوْزُونُ وَزْنًا وَالْمَذْرُوعُ ذَرْعًا ( بِعَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ إنْ اسْتَوَتْ ) كَالْإِثْلَاثِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ ( وَيَكْتُبُ الْأَسْمَاءَ ) لِتَخْرُجَ عَلَى الْأَجْزَاءِ ( أَوْ الْأَجْزَاءَ مُمَيَّزَةً بِالْحُدُودِ أَوْ الْجِهَةِ وَنَحْوِهَا ) لِتَخْرُجَ عَلَى الْأَسْمَاءِ ( فِي رِقَاعٍ وَتُجْعَلُ فِي بَنَادِقَ صِغَارٍ مُسْتَوِيَةٍ ) وَزْنًا وَشَكْلًا مِنْ طِينٍ مُجَفَّفٍ أَوْ شَمْعٍ أَوْ نَحْوِهِ وَذَلِكَ لِئَلَّا تَسْبِقَ الْيَدُ لِإِخْرَاجِ الْكَبِيرَةِ وَتَرَدَّدَ الْجُوَيْنِيُّ فِي وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ وَرَجَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَدَمَهُ وَقَوْلُهُ صِغَارٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ وَنَقَلَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَاعُ بِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ كَدَوَاةٍ وَقَلَمٍ وَحَصَاةٍ .
ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ إذْ لَا حَيْفَ بِذَلِكَ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالِ وَأَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ ( وَتُعْطَى ) الرِّقَاعُ الْمُدْرَجَةَ فِي الْبَنَادِقِ ( مَنْ لَمْ يَحْضُرْ ) الْكِتَابَةَ وَالْإِدْرَاجَ بِأَنْ تُجْعَلَ فِي حَجْرِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَذَلِكَ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ إذْ الْقَصْدُ سَتْرُهَا عَنْ الْمَخْرَجِ حَتَّى لَا يَتَوَجَّهَ إلَيْهِ تُهْمَةٌ وَمِنْ ثَمَّ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ قَلِيلَ الْفَطِنَةِ لِتَبْعُدَ الْحِيلَةُ ( وَصَبِيٌّ وَنَحْوُهُ ) كَعَجَمِيٍّ ( أَوْلَى ) بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ ( وَتَعْيِينُ مَنْ يَبْدَأُ بِهِ

) مِنْ الْأَسْمَاءِ أَوْ الْأَجْزَاءِ مُفَوَّضٌ ( إلَى ) نَظَرِ ( الْقَاسِمِ ) حَسْمًا لِلنِّزَاعِ فَيَقِفُ أَوَّلًا عَلَى أَيِّ طَرَفٍ شَاءَ وَيُسَمِّي أَيَّ شَرِيكٍ شَاءَ أَوْ أَيَّ جُزْءٍ شَاءَ ( وَيَأْمُرُهُ ) أَيْ الْقَاسِمُ مَنْ يُخْرِجُ الرِّقَاعَ ( إنْ كَتَبَ فِيهَا الْأَسْمَاءَ بِالْوَضْعِ ) لِرُقْعَةٍ ( عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ ) فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَخَذَهُ ( ثُمَّ ) لِأُخْرَى عَلَى ( مَا يَلِيهِ ) إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ مِنْ الْبَقِيَّةِ أَخَذَهُ ( أَوْ ) إنْ كَتَبَ ( الْأَجْزَاءَ فَبِالْوَضْعِ ) أَيْ فَيَأْمُرُهُ بِوَضْعِ رُقْعَةٍ ( عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ ) أُخْرَى عَلَى ( عَمْرٍو ) إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ ( فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً تَعَيَّنَ الثَّالِثُ لِلثَّالِثِ ) بِلَا وَضْعٍ ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ زِيدَ فِي الْوَضْعِ لِمَا عَدَا الْأَخِيرِ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَوْ اثْنَيْنِ تَعَيَّنَ الثَّانِي لِلثَّانِي بِلَا وَضْعٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ أَيْ كِتَابَةَ الْأَجْزَاءِ فِي الْإِقْرَاعِ ؛ لِأَنَّهَا أَحْوَطُ .
( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ كَنِصْفٍ وَسُدُسٍ وَثُلُثٍ ) فِي أَرْضٍ ( جُزِّئَتْ ) أَيْ الْأَرْضُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ ، وَهُوَ السُّدُسُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُزِّئَتْ عَلَى الْأَكْثَرِ فَتُجْعَلُ ( سِتَّةَ أَجْزَاءٍ ) وَيُقْسَمُ كَمَا مَرَّ وَيُحْتَرَزُ عَنْ تَفْرِيقِ حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ( وَالْأَوْلَى ) فِي الْكِتَابَةِ حِينَئِذٍ ( أَنْ يَكْتُبَ الْأَسْمَاءَ ) فِي رِقَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي ( وَيَخْرُجُ عَلَى الْأَجْزَاءِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَكَسَ فَقَدْ يَخْرُجُ الْجَزَاءُ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَيَتَنَازَعُونَ فِي أَنَّهُ يَأْخُذُ مَعَهُ السَّهْمَيْنِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ يَخْرُجُ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ فَيُفَرَّقُ مِلْكُ أَحَدِ شَرِيكَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَا قَالَهُ أَوْلَى لَا وَاجِبًا ؛ لِأَنَّ التَّنَازُعَ قَدْ يُمْنَعُ بِمَا سَيَأْتِي وَبِاتِّبَاعِ نَظَرِ الْقَاسِمِ كَمَا فِيمَنْ يَبْدَأُ

بِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ أَوْ الْأَجْزَاءِ ( وَيَجْعَلُ ) أَيْ يَكْتُبُ ( الْأَسْمَاءَ فِي ثَلَاثِ رِقَاعٍ ) وَيُخْرِجُ رُقْعَةً عَلَى الْجَزَاءِ الْأَوَّلِ ( فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ أَخَذَهُ ثُمَّ إنْ خَرَجَ الثَّانِي ) الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الرُّقْعَةُ الثَّانِيَةُ ( لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ وَمَا يَلِيهِ ) ، وَهُوَ الثَّالِثُ ( وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِصَاحِبِ النِّصْفِ ، وَإِنْ خَرَجَ ) الْأَوَّلُ ( لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَخَذَ الثَّلَاثَةَ الْأُولَى ثُمَّ إنْ خَرَجَ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ وَمَا يَلِيهِ ) ، وَهُوَ الْخَامِسُ ( وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِصَاحِبِ السُّدُسِ ) وَإِنْ خَرَجَ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ أَخَذَهُ وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ، وَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ لَمْ يَخْفَ الْحُكْمُ ( وَيَجُوزُ كَتْبُ الْأَسْمَاءِ فِي سِتِّ رِقَاعٍ ) اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ فِي ثَلَاثٍ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ فِي ثِنْتَيْنِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ فِي وَاحِدَةٍ .
وَيَخْرُجُ عَلَى مَا ذُكِرَ ( وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ ) زَائِدَةٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ ( إلَّا سُرْعَةُ خُرُوجِ اسْمِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ ) وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ حَيْفًا لِتَسَاوِي السِّهَامِ فَجَازَ ذَلِكَ أَيْضًا بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الْمُخْتَارُ الْمَنْصُوصُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ مَزِيَّةً بِكَثْرَةِ الْمِلْكِ فَكَانَ لَهُمَا مَزِيَّةٌ بِكَثْرَةِ الرِّقَاعِ ( فَإِنْ كُتِبَتْ الْأَجْزَاءُ فَلَا بُدَّ مِنْ ) إثْبَاتِهَا فِي ( سِتِّ رِقَاعٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثُ رِقَاعٍ وَ ) لِصَاحِبِ ( الثُّلُثِ ثِنْتَانِ ) وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ التَّفْرِيقِ بِأَنْ لَا يَبْدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ ( فَإِنْ بَدَأَ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ فَخَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَخَذَ الثَّلَاثَةَ وَلَاءً ، وَإِنْ خَرَجَ لَهُ الثَّانِي أَخَذَهُ وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ ) وَلَوْ قَالَ فَكَذَلِكَ كَانَ أَخْصَرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِعْطَاؤُهُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ تَحَكُّمٌ فَلَمْ لَا أُعْطِي السَّهْمَانِ مِمَّا بَعْدَهُ

وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْبَاقِي لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ نَظِيرَ هَذَا فِي أَمْثِلَةٍ أَوْ يُقَالُ لَا يَتَعَيَّنُ هَذَا بَلْ يُتْبَعُ نَظَرُ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي نَظَائِرَ لَهُ ( أَوْ ) خَرَجَ لَهُ ( الثَّالِثُ ) فَفِي الْأَصْلِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَيَخْرُجُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَخَذَهُمَا وَأَخَذَ صَاحِبُ النِّصْفِ الثَّالِثَ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ أَوْ الْخَامِسَ أَخَذَهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ قَالَ وَأَهْمَلَ بَاقِيَ الِاحْتِمَالَاتِ ثُمَّ بَحَثَ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ لَهُ الثَّالِثُ ( أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ ) ثُمَّ يَخْرُجُ بِاسْمِ الْآخَرَيْنِ ( أَوْ الرَّابِعَ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ .
وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَخِيرَيْنِ ) الْوَجْهُ وَالْأَخِيرَانِ ( لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَوْ الْخَامِسَ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ وَتَعَيَّنَ السَّادِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ ) وَالْأَوَّلَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ تَحَكُّمٌ بِلَا دَلِيلٍ إذْ يُقَالُ لَهُ لِمَ لَا قُلْت فِي الْأُولَى أَخَذَهُ مَعَ الثَّانِي وَالرَّابِعِ وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَخِيرَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَوْ أَخَذَهُ مَعَ اثْنَيْنِ بَعْدَهُ وَيَتَعَيَّنُ الْأَخِيرُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَوَّلَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَلِمَ لَا قُلْت فِي الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَعَ الثَّالِثِ وَالْخَامِسِ وَيَتَعَيَّنُ الْأَخِيرُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَوَّلَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَلِمَ لَا قُلْت فِي الثَّالِثَةِ أَخَذَهُ مَعَ الرَّابِعِ وَالسَّادِسِ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ لَا سِيَّمَا وَهَذَا الطَّرِيقُ يُؤَدِّي إلَى الْإِقْرَاعِ بَيْنَ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ هُوَ ( أَوْ ) خَرَجَ لَهُ ( السَّادِسُ أَخَذَهُ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ ثُمَّ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( يُخْرِجُ رُقْعَةً أُخْرَى بِاسْمِ أَحَدِهِمَا ) أَيْ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ ( وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ ) فَإِنَّهُ إنْ بَدَأَ

مِنْهُمَا بِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَخَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَخَذَهُمَا وَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ لِلْآخَرِ أَوْ الثَّالِثُ أَخَذَهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ لِلْآخَرِ أَوْ بِصَاحِبِ السُّدُسِ فَخَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّالِثُ أَخَذَهُ وَتَعَيَّنَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لِلْآخَرِ ، وَإِنْ خَرَجَ لَهُ الثَّانِي لَمْ يُعْطِهِ لِلتَّفْرِيقِ ( ، وَإِنْ بَدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ أَوْ بِصَاحِبِ الثُّلُثِ يَبْنِي عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ) فَإِنْ خَرَجَ لِصَاحِبِ السُّدُسِ الْأَوَّلِ أَوْ السَّادِسِ أَخَذَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ بِاسْمِ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ أَوْ الثَّالِثُ أَوْ الرَّابِعُ أَخَذَهُ وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلَانِ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَانِ فِي الثَّانِيَةِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَالْبَقِيَّةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَوْ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسِ لَمْ يُعْطِهِ لِلتَّفْرِيقِ .
وَهَذَا الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ التَّفْرِيقِ بِأَنْ لَا يَبْدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ ، وَإِنْ خَرَجَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَخَذَهُمَا أَوْ الْخَامِسِ أَوْ السَّادِسِ فَكَذَلِكَ ثُمَّ يَخْرُجُ بِاسْمِ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ ، وَإِنْ خَرَجَ لَهُ الثَّالِثُ أَخَذَهُ مَعَ الثَّانِي وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَوْ الرَّابِعُ أَخَذَهُ مَعَ الْخَامِسِ وَتَعَيَّنَ السَّادِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هُنَا طَرِيقَةً أُخْرَى حَذَفَهَا فِي الرَّوْضَةِ لِطُولِهَا ثُمَّ الْقُرْعَةُ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ لَا تَخْتَصُّ بِقِسْمَةِ الْإِجْزَاءِ وَكَمَا تَجُوزُ بِالرِّقَاعِ الْمُدْرَجَةِ فِي الْبَنَادِقِ تَجُوزُ بِالْأَقْلَامِ وَالْعَصَا وَالْحَصَى وَنَحْوِهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ الْقِسْمَةُ الْجَائِزَةُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ ) طَرِيقُ الْحَصْرِ أَنَّ الْمَقْسُومَ إمَّا أَنْ تَتَسَاوَى الْأَنْصِبَاءُ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ وَالْقِيمَةُ أَوْ لَا فَإِنْ تَسَاوَتْ فَهِيَ قِسْمَةُ الْإِجْزَاءِ ، وَإِنْ لَمْ تَتَسَاوَ فَإِمَّا أَنْ يَحْتَاجَ فِي التَّسْوِيَةِ إلَى إعْطَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ الْمُشْتَرِكِ مِنْ الْمُتَقَاسِمِينَ أَوْ لَا فَإِنْ اُحْتِيجَ فَهِيَ قِسْمَةُ الرَّدِّ وَإِلَّا فَهِيَ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ ( قَوْلُهُ مُتَّفِقَةُ الْأَبْنِيَةِ ) الْمُرَادُ بِاتِّفَاقِ الْأَبْنِيَةِ فِي الدَّارِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَكُونَ فِي شَرْقِيِّ الدَّارِ صُفَّةٌ وَبَيْتٌ وَكَذَا فِي غَرْبَيْهَا وَالْعَرْصَةُ يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا فَتَشْتَمِلُ كُلَّ حِصَّةٍ عَلَى مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ فَإِنْ قِيلَ قَطَعَ الْأَصْحَابُ بِالْقَوْلِ بِالْإِجْبَارِ عَلَى قِسْمَةِ الدُّورِ وَأَبْنِيَتُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَالْعِمَارَةُ فِيهَا تَتَفَاوَتُ وَذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى مَا بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْحَيَوَانِ مِنْ التَّفَاوُتِ قُلْنَا لَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ إذَا كَانَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بَيْتٌ وَصُفَّةٌ وَالْجَانِبُ الْغَرْبِيُّ مِثْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ وَالْعَرْصَةُ يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا فَيُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ كَدَارَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ مُتَقَابِلَتَيْنِ فِي سِكَّةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ التَّعْدِيلِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَغْرَاضُ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِتَخْرِيجِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّعْدِيلِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَدَمَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ أَيْضًا ( قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْعِتْقِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَوْرَثَ رِيبَةً بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِسَبَبِ الِاخْتِلَافِ إذْ قَدْ يَصِيرُ قَرِينَةً تُبَيِّنُ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ وَيُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى مَطْلُوبِهِ كا ( قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ )

كَأَنْ تُوضَعُ بِالْأَرْضِ وَتُغَطَّى بِثَوْبِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ عَكَسَ فَقَدْ يَخْرُجُ الْجُزْءُ الرَّابِعُ إلَخْ ) أَجَابَ عَنْهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَقَرَّرَ بَيْنَهُمْ قَبْلَ إخْرَاجِ الْقُرْعَةِ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ السَّهْمُ الرَّابِعُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ كَانَ لَهُ مَعَ السَّهْمَيْنِ قَبْلَهُ أَوْ السَّهْمَيْنِ بَعْدَهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِعْطَاؤُهُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ تَحَكُّمٌ ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِكَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إذْ كَلَامُهُمَا مِثَالٌ لِمَا لَا يَقْتَضِي تَفْرِيقَ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَالْمَحْذُورُ إنَّمَا هُوَ التَّفْرِيقُ الْمَذْكُورُ كا ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي نَظَائِرَ لَهُ ) إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا عَلِمْنَا الطَّرِيقَ الْأَوَّلَ أَخَذَ الْجَمِيعُ بِالْقِسْمَةِ ( قَوْلُهُ إذْ يُقَالُ لَهُ لِمَ قُلْت إلَخْ ) فَإِنْ قَبِلَ رَاعَى مَا تُمْكِنُ مَعَهُ الْقُرْعَةُ فِي الْجَمِيعِ وَقَدَّمَهُ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ قُلْنَا قَدْ سَلَكَ عَكْسُ ذَلِكَ عِنْدَ خُرُوجِ الْخَامِسِ ( قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا وَهَذِهِ الطَّرِيقُ يُؤَدِّي إلَخْ ) كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ عِنْدَ خُرُوجِ الثَّالِثِ

( فَصْلٌ ) تُنْقَضُ ( قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لِلْغَلَطِ ) وَلِلْحَيْفِ بِأَنْ ادَّعَاهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَبَيَّنَهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِجَوْرِ الْقَاضِي أَوْ كَذِبِ الشُّهُودِ ( وَمَنْ ادَّعَاهُ مِنْهُمْ مُجْمَلًا ) بِأَنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ ( لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ فَإِنْ بُيِّنَ لَمْ يَحْلِفْ الْقَاسِمُ ) الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي كَمَا لَا يَحْلِفُ الْقَاضِي أَنَّهُ لَمْ يَظْلِمْ وَالشَّاهِدُ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ ( بَلْ يَمْسَحُهَا ) أَيْ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ ( قَاسِمَانِ ) حَاذِقَانِ وَيَعْرِفَانِ الْحَالَ ( وَيَشْهَدَانِ ) وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَأَلْحَقَ السَّرَخْسِيُّ بِشَهَادَتِهِمَا مَا إذَا عَرَفَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَلْفَ ذِرَاعٍ وَمَسَحَ مَا أَخَذَهُ فَإِذَا هُوَ سَبْعُمِائَةِ ذِرَاعٍ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَعِلْمَ الْحَاكِمِ وَإِقْرَارَ الْخَصْمِ وَيَمِينَ الرَّدِّ كَالشَّاهِدَيْنِ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ وَسَتَأْتِي الْأَخِيرَةُ فِي كَلَامِهِ ( وَلَهُ ) إذَا ادَّعَاهُ وَبَيَّنَهُ وَلَمْ يُقِمْ حُجَّةً ( تَحْلِيفُ ) بَقِيَّةِ ( الشُّرَكَاءِ ) ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى خَصْمِهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِنَفْعِهِ فَأَنْكَرَ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ ( وَمَنْ نَكَلَ ) مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ ( نُقِضَتْ ) أَيْ الْقِسْمَةُ ( فِي حَقِّهِ ) دُونَ حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْحَالِفِينَ ( إنْ حَلَفَ خَصْمُهُ ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ ( وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ ) أَيْ بَقِيَّتِهِمْ ( الْبَيِّنَةُ بِصِحَّتِهَا ) أَيْ الْقِسْمَةِ .
وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ الْقَاسِمَ لَا يُحْسِنُ الْقِسْمَةَ وَالْمِسَاحَةَ وَالْحِسَابَ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّتُهَا ( وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ الْقَاسِمُ لَمْ تُنْقَضْ ) أَيْ الْقِسْمَةُ ( إنْ كَذَّبُوهُ ) أَوْ سَكَتُوا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ( وَرَدَّ الْأُجْرَةَ ) لِاعْتِرَافِهِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا ، وَإِنْ صَدَّقُوهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ ( كَالْقَاضِي يَعْتَرِفُ بِالْغَلَطِ ) أَوْ الْحَيْفِ فِي الْحُكْمِ ( إنْ صَدَّقَهُ الْخَصْمُ ) الْمَحْكُومُ لَهُ ( رَدَّ

الْمَالَ ) الْمَحْكُومَ بِهِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) فَلَا وَ ( غَرِمَ الْقَاضِي ) لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بَدَلَ مَا حَكَمَ بِهِ ( وَأَمَّا قِسْمَةُ التَّرَاضِي ) بِأَنْ نَصَّبَ الشَّرِيكَانِ قَاسِمًا قَسَمَ بَيْنَهُمَا أَوْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا ( فَإِنْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ ، وَهِيَ قِسْمَةُ إفْرَازٍ ) وَادَّعَى أَحَدُهُمَا غَلَطًا أَوْ حَيْفًا ( نُقِضَتْ إنْ ثَبَتَ الْغَلَطُ ) أَوْ الْحَيْفُ إذْ لَا إفْرَازَ مَعَ التَّفَاوُتِ وَحَلَفَ الْخَصْمُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) وَهِيَ قِسْمَةُ ( بَيْعٍ فَلَا ) تُنْقَضُ وَلَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ أَوْ الْحَيْفِ ، وَإِنْ تَحَقَّقَ كَمَا لَا أَثَرَ لِلْغَبْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِرِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ بِتَرْكِهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ فِي قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ فَلَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ ، وَهِيَ قِسْمَةُ إفْرَازٍ وَبَيْعٍ وَقُلْنَا إنَّهَا قِسْمَةُ إفْرَازٍ أَوْ بَيْعٍ كَانَ أَوْلَى مَعَ أَنَّهُ مَاشٍ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى مَا يَأْتِي تَحْرِيرُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ تُنْقَضْ ، وَإِنْ ثَبَتَ الْغَلَطُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ بَيْعٌ فَلَا بَيَانَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي النَّوْعَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا الْفَصْلِ عَنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ

( فَصْلٌ تُنْقَضُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لِلْغَلَطِ ) ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ صَدَّقُوهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ ) لَوْ صَدَّقَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَأَنْكَرَ بَعْضٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْقَاضِي غَلَطَهُ فَهَلْ يَغْرَمُ لِمَنْ صَدَّقَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ قَوْلُهُ نُقِضَتْ إنْ ثَبَتَ الْغَلَطُ ) أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الزَّائِدَ أَوْ عَلِمَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِمَصِيرِهِ لِشَرِيكِهِ أَوْ رَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الشَّرِيكِ رِضًا أَوْ رَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ أَمْرٌ يَلْزَمُ بِهِ التَّمْلِيكُ الْمَذْكُورُ فَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِهِ وَرَضِيَ بِمَصِيرِهِ لِشَرِيكِهِ وَرَضِيَ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ وَحَصَلَ الْأَمْرُ الْمُلْزِمُ ، وَهُوَ الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ الْمُسْتَوِيَانِ فِي النَّصِيبِ عَلَى تَفَاوُتٍ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّفَاوُتِ أَنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ وَبَحَثَ فِيهِ الْإِمَامُ وَنَازَعْنَاهُ فِيهِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ أَوْ ، وَهِيَ قِسْمَةُ بَيْعٍ فَلَا ) مَحَلُّهُ مَا إذَا جَرَى لَفْظُ الْبَيْعِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ قُلْنَا إفْرَازٌ قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الْبَسِيطِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّفْضِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا فَإِنْ قَالَ إنَّمَا رَضِيت لِاعْتِقَادِي أَنَّ مَا خَرَجَتْ الْقِسْمَةُ بِهِ هُوَ الَّذِي لِي وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَسَبَبُ غَلْطَى مَجِيءُ كِتَابِ وَكِيلِي بِقَدْرٍ فَخَرَجَ بِخِلَافِهِ أَوْ كَانَتْ لِي شَرِكَةٌ فِي مَكَان آخَرَ فَغَلِطْت مِنْهُ إلَى هَذَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ بَلْ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا مُقْتَضَاهُ أَنَّ الشُّرَكَاءَ لَوْ اعْتَرَفُوا بِمَا

ادَّعَاهُ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَهَذَا خَرْقٌ عَظِيمٌ وَلَيْسَ هَذَا كَالْغَبْنِ فَإِنَّهُ لَمَّا رَضِيَ هُنَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُهُ مَكْشُوفًا لَهُ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِعَدَمِ النَّقْضِ مَعَ اعْتِرَافِ الْغَرِيمِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ مُقْتَضَى التَّوْجِيهِ بِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ وَلَوْ اعْتَرَفُوا بِالْغَلَطِ لَمْ يُفِدْهُ اعْتِرَافُهُمْ شَيْئًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْوَسِيطِ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا تُنْقَضُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِغَبْنٍ وَهَذَا يُتَّجَهُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا بَيْعٌ فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْغَبْنِ هَذَا قُلْنَا الْكَلَامَ فِي التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْغَبْنِ هَذَا لِأَنَّهُ فِي الْغَبْنِ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَّا إلَى مُجَرَّدِ تَخْمِينٍ وَهُنَا اسْتَنَدَ إلَى قِسْمَةٍ بِقُرْعَةٍ ظَنَّ أَنَّهَا عَلَى الْعَدْلِ فَلَا يَكُونُ رِضَاهُ مَعَ الِاسْتِنَادِ الْمَذْكُورِ نَاقِلًا لِلزِّيَادَةِ عَنْ مِلْكِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ بَيْعٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( ظَهَرَ ) أَيْ حَدَثَ بَرْدٌ بِعَيْبٍ أَوْ بِتَرَدٍّ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا أَوْ نَحْوَهُ ( بَعْدَ الْقِسْمَةِ ) لِلتَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ( دَيْنٌ ، وَهِيَ إفْرَازٌ بِيعَتْ الْأَنْصِبَاءُ فِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يُوَفُّوا ) الدَّيْنَ فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ ، وَإِنْ وَفَّوْهُ فَصَحِيحَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ ( أَوْ ) ، وَهِيَ ( بَيْعٌ بَطَلَتْ ) وَبِيعَتْ الْأَنْصِبَاءُ إنْ لَمْ يُوَفُّوا الدَّيْنَ وَإِلَّا صَحَّتْ ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً لَهُمْ ظَاهِرًا وَ يَأْتِي فِي عِبَارَتِهِ مَا قَدَّمْته قُبَيْلَ الْفَصْلِ فَعَلَى كَوْنِ كَلَامِهِ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ لَوْ قَالَ ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ دَيْنٌ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يُوَفُّوا السَّلَمَ مِنْ ذَلِكَ وَلَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ ( وَإِنْ اسْتَحَقَّ ) بَعْدَ الْقِسْمَةِ ( بَعْضَ مَشَاعٍ ) مِنْ الْمَقْسُومِ كَثُلُثٍ ( بَطَلَتْ ) فِي الْجَمِيعِ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِ الْقِسْمَةِ ، وَهُوَ التَّمْيِيزُ وَلِظُهُورِ انْفِرَادِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ بِالْقِسْمَةِ ( وَمُقْتَضَى مَا فِي الْأَصْلِ ) أَيْ الرَّوْضَةِ ( الصِّحَّةُ ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ إذَا جَمَعَ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ لَا يَصِحُّ لِرُجُوعِ الشَّافِعِيِّ إلَيْهِ آخِرًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ فَوَهْمٌ بَلْ الَّذِي فِيهَا أَنَّهَا تَبْطُلُ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا قَوْلَانِ بِلَا تَرْجِيحِ وَفَاتِهِ بَيَانُ الرَّاجِحِ مِمَّا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَالْمُحَرَّرُ وَتَبِعَهُ هُوَ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّ فِي الْبَاقِي قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْقِسْمَةِ فِيهِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ ( أَوْ ) بَعْضُ ( مُعَيَّنٍ وَاسْتَوَيَا ) أَيْ الشَّرِيكَانِ ( فِيهِ صَحَّتْ ) فِي الْبَاقِي ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَصَلَ إلَى حَقِّهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِيهِ

بِأَنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِهِ أَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ أَكْثَرَ ( بَطَلَتْ ) فِي الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ مَا يَبْقَى لِكُلٍّ لَا يَكُونُ قَدْرَ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمَا إلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ وَتَعُودُ الْإِشَاعَةُ نَعَمْ لَوْ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ عَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَخَذَهَا مِنْهُ الْكُفَّارُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ رُدَّتْ لِصَاحِبِهَا وَعُوِّضَ عَنْهَا مَنْ وَقَعَتْ فِي نَصِيبِهِ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ وَلَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي بَابِهِ ( أَوْ ظَهَرَتْ ) بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ ( وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ ) فِي الذِّمَّةِ ( فَكَدَيْنٍ ) ظَهَرَ عَلَى التَّرِكَةِ ( أَوْ ) وَصِيَّةٍ ( بِجُزْءٍ شَائِعٍ أَوْ مُعَيَّنٍ فَكَالْمُسْتَحَقِّ ) فِي حُكْمِهِ السَّابِقِ ثُمَّ ظُهُورُ الدَّيْنِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَدَعْوَى الْغَلَطِ لَا تَخْتَصُّ بِقِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ عَلَى مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ بَلْ تَعُمُّ أَنْوَاعَ الْقِسْمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

( قَوْلُهُ وَإِلَّا صَحَّتْ لِأَنَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً لَهُمْ ظَاهِرًا ) لَوْ أَبْقَى الشَّارِحُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ظَهَرَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ يَحْتَجْ كَلَامُهُ إلَى تَقْيِيدٍ فَإِنَّ صُورَتَهَا أَنَّ الدَّيْنَ لَزِمَهُ فِي حَيَاتِهِ ( قَوْلُهُ وَلَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ نَشَأَ مِنْ تَفْسِيرٍ ظَهَرَ بِحَدَثٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ أَنَّهُ اتَّضَحَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَفِيًّا عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانَ ظَهَرَ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ بِمَعْنًى حَدَثَ لِأَجْلِ حُكْمِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ ( قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ ) الْإِسْنَوِيُّ يَمْنَعُ تَخْرِيجَهَا عَلَى خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ( قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ صِحَّةَ الْقِسْمَةِ فِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ ) الْمُرَادُ بُطْلَانُهَا فِي الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَبِالِاسْتِحْقَاقِ يَتَبَيَّنُ أَنْ لَا قِسْمَةَ ( قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ عَيْنٌ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يُسْتَثْنَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْقِسْمَةَ لَا تَجْرِي عَلَى حَسَبِ الْقِسْمَةِ فِي الْمُشْتَرِكَاتِ الشَّرِكَةُ الْحَقِيقَةُ بَلْ التَّصَرُّفُ فِيهَا لِلْإِمَامِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي بَابِهِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا بِرَدٍّ وَنَحْوِهِ فَلَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ بَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ وَفِي صِحَّتِهِ فِي مِلْكِ الشَّرِيكِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ عِوَضُ الزَّائِدِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ

النَّوْعُ ( الثَّانِي قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ بِالْقِيمَةِ فِيمَا لَا يَتَعَدَّدُ كَأَرْضٍ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا ) بِاخْتِلَافِهَا فِي قُوَّةِ الْإِنْبَاتِ وَالْقُرْبِ مِنْ الْمَاءِ وَفِي أَنَّ بَعْضَهَا يُسْقَى بِالنَّهْرِ وَبَعْضَهَا بِالنَّاضِحِ ( فَيَكُونُ مَثَلًا قِيمَةُ ثُلُثِهَا لِجَوْدَتِهِ كَقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا فَتُجَزَّأُ ) الْأَرْضُ ( عَلَى أَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ ) إنْ اخْتَلَفَتْ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ فَتُجَزَّأُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ ( بِالْقِيمَةِ لَا الْمِسَاحَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَمَا مَرَّ ( وَتُوَزَّعُ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ عَلَى قَدْرِ مِسَاحَةِ الْمَأْخُوذِ لَا ) مِسَاحَةِ ( النَّصِيبِ ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْكَثِيرِ أَكْثَرُ ( فَهَذَا ) الْأَوْلَى وَهَذَا أَيْ النَّوْعُ ( قِسْمَةٌ بِالْإِجْبَارِ ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا أُجْبِرَ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ إلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ بِالتَّسَاوِي فِي الْإِجْزَاءِ هَذَا ( إذَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ ) وَإِلَّا فَلَا إجْبَارَ كَمَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي أَرْضَيْنِ يُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْإِجْزَاءِ لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ فِي قِسْمَتِهَا عَلَى التَّعْدِيلِ ( وَكَذَا بُسْتَانٌ بَعْضُهُ عِنَبٌ وَبَعْضُهُ نَخْلٌ وَدَارٌ بَعْضُهَا آجُرٌّ وَبَعْضُهَا خَشَبٌ وَطِينٌ ) وَنَحْوُهُمَا مِمَّا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ يَجْرِي فِيهِ الْإِجْبَارُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَةُ كُلِّ جِنْسٍ وَحْدَهُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِمَا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ لِاخْتِلَافِ صِفَتِهِ .
( وَأَمَّا الْمُتَعَدِّدُ فَمَا لَا يَنْقَسِمُ آحَادُهُ كَدَكَاكِينَ ) صِغَارٍ ( مُتَلَاصِقَةٍ ) وَتُسَمَّى عَضَائِدَ ( فَتُقَسَّمُ أَعْيَانُهَا إجْبَارًا ) لِلْحَاجَةِ وَكَالْخَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ ( فَإِنْ انْقَسَمَتْ الدُّورُ أَوْ الدَّكَاكِينُ الْمُتَعَدِّدَةُ ) الْمُتَسَاوِيَةُ الْقِيمَةِ وَطَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ بِأَنْ يُجْعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ دَارٌ أَوْ دُكَّانٌ ( فَلَا إجْبَارَ ) سَوَاءٌ تَجَاوَرَتْ الدُّورُ وَالدَّكَاكِينُ أَمْ تَبَاعَدَتْ

لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ وَالْأَبْنِيَةِ كَالْجِنْسَيْنِ ( ، وَأَمَّا الْأَرَاضِي فَلَا إجْبَارَ فِيهَا إلَّا إنْ تَلَاصَقَتْ وَاتَّحَدَ الشُّرْبُ وَالطَّرِيقُ ) فَيُجْبَرُ فِيهَا فَمَحَلُّ عَدَمِ الْإِجْبَارِ فِيهَا إذَا تَفَرَّقَتْ أَوْ تَلَاصَقَتْ وَلَمْ يَتَّحِدْ الْمَشْرَبُ وَالطَّرِيقُ ( وَالْمُتَعَدِّدُ ) إنْ كَانَ ( مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَعَبِيدٍ وَثِيَابٍ وَشَجَرٍ إنْ أَمْكَنَ التَّسْوِيَةُ ) فِيهَا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ ( وَلَوْ بِالْقِيمَةِ ) كَمَا لَوْ أَمْكَنَتْ بِالْعَدَدِ وَالْقِيمَةِ ( أُجْبِرَ ) الْمُمْتَنِعُ ( عَلَيْهَا ) أَيْ عَلَى قِسْمَتِهَا أَعْيَانًا ( كَثَلَاثَةِ أَعْبُدَ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهَا ) الْأَوْلَى أَحَدُهُمْ ( مِائَةٌ وَ ) قِيمَةُ ( الْآخَرَيْنِ مِائَةٌ ) وَكَثَلَاثَةِ أَعْبُدَ مُتَسَاوِيَةِ الْقِيمَةِ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ لِقِلَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا عِنْدَ إمْكَانِ التَّسْوِيَةِ عَدَدٌ أَوْ قِيمَةٌ بِخِلَافِ الدُّورِ وَإِلْحَاقًا لِلتَّسْوِيَةِ فِي الْقِيمَةِ بِالتَّسْوِيَةِ فِي الْعَدَدِ وَالْقِيمَةِ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِهَا .
وَمَا ذَكَرَهُ فِيهَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْأَكْثَرُونَ مَنْعُ الْإِجْبَارِ فِيهَا ( بِخِلَافِ عَبْدَيْنِ ) بَيْنَ اثْنَيْنِ ( قِيمَةُ ثُلُثَيْ أَحَدِهِمَا يَعْدِلُ قِيمَةَ ثُلُثِهِ مَعَ الْآخَرِ ) كَأَنْ سَاوَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ ثَلَثَمِائَةٍ وَالثَّانِي مِائَةً فَلَا إجْبَارَ فِي قِسْمَتِهِمَا ( لِعَدَمِ ارْتِفَاعِ الشَّرِكَةِ ) بِالْكُلِّيَّةِ .
( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْوَاعُ ) وَالْأَجْنَاسُ الْمَفْهُومَةُ بِالْأَوْلَى كَعَبْدَيْنِ تُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ وَكَعَبْدٍ وَثَوْبٍ ( فَلَا إجْبَارَ ) فِي قِسْمَتِهَا ( وَلَوْ اخْتَلَطَتْ ) وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ كَتَمْرٍ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِهَا ( وَاللَّبَنُ إنْ اسْتَوَتْ قَوَالِبُهُ فَمُتَشَابِهَاتٌ ) أَيْ فَقِسْمَتُهُ قِسْمَةُ الْمُتَشَابِهَاتِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَالتَّعْدِيلُ ) أَيْ فَقِسْمَتُهُ قِسْمَةُ تَعْدِيلٍ فَيَأْتِي فِيهَا

الْإِجْبَارُ ( وَيُجْبَرُ ) الْمُمْتَنِعُ ( عَلَى قِسْمَةِ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ ) مِنْ دَارٍ ( أَمْكَنَ ) قِسْمَتُهَا ( لَا ) عَلَى ( قِسْمَةِ أَحَدِهِمَا ) فَقَطْ ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَقْتَسِمَانِ الْآخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقَعُ مَا يُحَاذِي نَصِيبَ هَذَا لِذَاكَ ( أَوْ ) عَلَى ( جَعْلِهِ لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ لِآخَرَ ) ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ تَابِعٌ وَالسُّفْلَ مَتْبُوعٌ فَلَا يُجْعَلُ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ تَابِعًا وَالْآخَرُ مَتْبُوعًا ؛ وَلِأَنَّ الْعُلُوَّ مَعَ السُّفْلِ كَدَارَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْلُحُ سَكَنًا وَقَالَ فِي الْأَصْلِ : وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ تُمْكِنُ الْقِسْمَةُ عُلُوًّا وَسُفْلًا فَجُعِلَ الْعُلُوُّ لِأَحَدِهِمَا وَالسُّفْلُ لِلْآخَرِ مِنْ جُمْلَةِ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ شَأْنَ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ انْقِطَاعُ الْعَلَقَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَهُنَا مُنْتَفٍ فَإِنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ لَوْ أَرَادَ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ نَازَعَهُ صَاحِبُ السُّفْلِ وَصَاحِبُ السُّفْلِ لَوْ أَرَادَ الْحَفْرَ تَحْتَ بِنَائِهِ نَازَعَهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ

( النَّوْعُ الثَّانِي فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ ) ( قَوْلُهُ فَهَذِهِ قِسْمَةٌ بِالْإِجْبَارِ ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي أَشْجَارٍ نَابِتَةٍ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ مُحْتَكَرَةٍ وَهُمَا فِي الْمَنْفَعَةِ عَلَى نِسْبَةِ حَقِّهِمَا فِي الْمِلْكِ وَكَانَتْ الْأَشْجَارُ لَا تُقْسَمُ إلَّا بِالتَّعْدِيلِ قَالَ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَا إجْبَارَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنْ تَقَعَ أَشْجَارُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ أُجْبِرَ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا بِلَا ضَرَرٍ إلَّا كَذَلِكَ كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ ( فَرْعٌ ) مَتَى أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ أُجِيبَ طَالِبُ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ ( قَوْلُهُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِمَا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ ) لِاخْتِلَافِ صِفَتِهِ لَوْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ لَامْتَنَعَ الْإِجْبَارُ فِي الْبُسْتَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأَشْجَارِ الْمُخْتَلِفَةِ وَفِي الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحِيطَانِ وَالْأَجْذَاعِ وَالْأَبْوَابِ ، وَهُوَ شَأْنُ الْبَسَاتِينِ وَالدُّورِ غَالِبًا وَيَنْجَرُّ ذَلِكَ إلَى أَنْ لَا تَثْبُتَ فِيهَا الشُّفْعَةُ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ بَعِيدٌ ( قَوْلُهُ فَتُقْسَمُ أَعْيَانُهَا إجْبَارًا ) قَالَ الْجِيلِيُّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْقِيمَةُ بِالْقِسْمَةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ جَزْمًا ( قَوْلُهُ فَلَا إجْبَارَ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ الدَّارَيْنِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ لَهُمَا بِمِلْكِ الْقَرْيَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا وَشَرِكَتُهُمَا بِالنِّصْفِ وَمَلَكَا قِسْمَةَ الْقَرْيَةِ وَاقْتَضَتْ الْقِسْمَةُ نِصْفَيْنِ جُعِلَ كُلُّ دَارٍ نَصِيبًا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا خَارِجٌ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي صُورَةِ الْقَرْيَةِ .
( قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ ) هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ احْتَجُّوا لَهُ { بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزَّأَ الْعَبِيدَ السِّتَّةَ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ الرَّجُلُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثَلَاثَةَ

أَجْزَاءٍ وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ } قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَهَذَا مَا نُصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا ( قَوْلُهُ فَلَا إجْبَارَ فِي قِسْمَتِهَا ) شَمِلَ عَدَمَ الْإِجْبَارِ عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ مَا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ مَنَافِعُهُ قِيمَةً قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ ) عِبَارَتُهُ عَلَّلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ مَنْعَ الْإِجْبَارِ بِأَنَّ أَصْلَ الْحُكْمِ أَنَّ مَنْ مَلَكَ السُّفْلَ مَلَكَ مَا تَحْتَهُ وَمَا فَوْقَهُ مِنْ الْهَوَاءِ فَإِذَا أَعْطَى هَذَا سُفْلًا لَا هَوَاءَ لَهُ وَهَذَا عُلُوًّا لَا سُفْلَ لَهُ فَقَدْ أَعْطَى كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ أَصْلِ مَا يَمْلِكُ النَّاسُ أَيْ وَوَضْعُ الْقِسْمَةِ التَّمْيِيزُ وَقَدْ أَجْمَعَ الْأَصْحَابُ فِيمَا أَعْلَمُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ التَّعْدِيلِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ تَقْطَعُ الْعَلَقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتِرَاضُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْقِسْمَةِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَوْ أُجْبِرْنَا عَلَيْهِ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعَلَقُ وَالِاعْتِرَاضَاتُ بَيْنَهُمَا إذْ لَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى عُلُوِّهِ لَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ صَاحِبُ السُّفْلِ بِأَنَّ مَا تُحْدِثُهُ يُثْقِلُ بِنَائِي وَبَغْلَتَهُ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَى أَرْضِ الْعُلْوِ شَيْئًا ثَقِيلًا أَوْ يَتَّدِ فِيهِ وَتَدًا لَنَازَعَهُ وَمَنَعَهُ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَحْفِرَ تَحْتَ بِنَائِهِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ جِدَارَك الْحَامِلَ لِعُلُوِّي وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رَمْزٌ إلَى الْفَرْقِ أَيْضًا .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا كَانَ بَيْنَهَا قَرْيَةٌ ذَاتُ مَسَاكِنَ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْسِمَ جَمِيعَ الْقَرْيَةِ وَطَلَبَ الْآخَرُ أَنْ يَقْسِمَ كُلَّ مَسْكَنٍ مِنْهَا قُسِّمَتْ الْقَرْيَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهَا بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ مَسَاكِنِهِ

لِأَنَّ الْقَرْيَةَ حَاوِيَةٌ لِمَسَاكِنِهَا كَالدَّارِ الْجَامِعَةِ لِبُيُوتِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الْإِجْبَارُ عَلَى بَيْتٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ الْقَرْيَةُ

( النَّوْعُ الثَّالِثُ قِسْمَةُ الرَّدِّ بِأَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْأَرْضِ بِئْرٌ أَوْ شَجَرٌ ) أَوْ بَيْتٌ ( تَتَعَذَّرُ قِسْمَتُهُ ) وَلَيْسَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مَا يُعَادِلُهُ إلَّا بِضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ مِنْ خَارِجٍ فَيَرُدُّ مَنْ يَأْخُذُهُ بِالْقِسْمَةِ قِسْطَ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا وَلَهُ النِّصْفُ رَدَّ خَمْسَمِائَةٍ ( وَكُلُّ مَا لَا يُمْكِنُ تَعْدِيلُهُ إلَّا بِرَدٍّ فَلَا إجْبَارَ ) فِيهِ ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْلِيكًا لِمَا لَا شَرِكَةَ فِيهِ فَكَانَ كَغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَبْدَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَالْآخَرِ خَمْسُمِائَةٍ وَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ آخِذُ النَّفِيسِ مِائَتَيْنِ لِيَسْتَوِيَا فَلَا إجْبَارَ ( وَلَوْ تَرَاضَيَا بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا النَّفِيسَ وَيَرُدَّ ) عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ ( جَازَ ) ، وَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ ( ، وَهِيَ ) أَيْ قِسْمَةُ الرَّدِّ ( بَيْعٌ وَكَذَا قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ وَإِنْ أُجْبِرَ عَلَيْهَا ) كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِبَعْضِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ بِمَا كَانَ لِلْآخَرِ وَإِنَّمَا دَخَلَ الثَّانِيَةَ الْإِجْبَارُ لِلْحَاجَةِ كَمَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَ الْمَدْيُونِ جَبْرًا ( وَقِسْمَةُ الْإِجْزَاءِ إفْرَازٌ ) لِلْحَقِّ لَا بَيْعٌ قَالُوا ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ وَلَمَا جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقُرْعَةِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا إفْرَازًا أَنَّ الْقُرْعَةَ تُبَيِّنُ أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَانَ مِلْكَهُ ( وَقِيلَ بَيْعٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ ) إفْرَازٌ فِيمَا كَانَ يَمْلِكُهُ هُوَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَإِنَّمَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ لِلْحَاجَةِ ( فَمَا صَارَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( نِصْفُهُ مَبِيعٌ وَنِصْفُهُ مُفْرَزٌ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ ) وَهَذَا الْقَوْلُ جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ أَصْلِهِ لَهُ فِي بَابَيْ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ وَالرِّبَا ، وَهُوَ قَوِيٌّ قَالَ فِي الْأَصْلِ : ثُمَّ قِيلَ الْقَوْلَانِ فِيمَا

إذَا جَرَتْ الْقِسْمَةُ إجْبَارًا فَإِنْ جَرَتْ بِالتَّرَاضِي فَبَيْعٌ قَطْعًا وَقِيلَ الْقَوْلَانِ فِي الْحَالَيْنِ قَالَ الْبَغَوِيّ : وَالْأَصَحُّ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : هَذَا غَلَطٌ عَلَى الْبَغَوِيّ فَإِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَهْذِيبِهِ الطَّرِيقَ الثَّانِيَ لَكِنَّهُ انْعَكَسَ عَلَى الرَّافِعِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْأَصَحُّ الثَّانِي ، وَهُوَ الصَّوَابُ

( النَّوْعُ الثَّالِثُ قِسْمَةُ الرَّدِّ ) ( قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا لَا يُمْكِنُ تَعْدِيلُهُ إلَّا بِرَدٍّ فَلَا إجْبَارَ ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الرَّدَّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِدَفْعِ مَالٍ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَأْبَاهُ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ر ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ ) الْأَوْلَى بِالْغَايَةِ ، وَإِنْ حَكَّمَا الْقُرْعَةَ فَفِي الْحَاوِي أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالْقُرْعَةِ فِيهَا فَفِي جَوَازِ الْإِقْرَاعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَلَيْسَ فِي الْبَيْعِ إقْرَاعٌ وَالثَّانِي يَجُوزُ الْإِقْرَاعُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْقِسْمَةِ وَاعْتِبَارًا بِالْمُرَاضَاةِ ( قَوْلُهُ ، وَهِيَ بَيْعٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْقَدْرُ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ فِي مُقَابِلِهِ رَدٌّ فَإِنَّ الَّذِي لَهُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْإِشَاعَةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ بَيْعٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَبِيعًا لَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَائِعًا مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْزَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ ا هـ وَحَيْثُ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَا تَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَقُومُ الرِّضَا مَقَامَهُمَا ( قَوْلُهُ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ ) أَيْ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَلَمَا جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقُرْعَةِ ) وَلَثَبَتَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ لَلشَّرِيك الثَّالِثِ كَمَا إذَا تَقَاسَمَ شَرِيكَانِ حِصَّتَهُمَا وَتَرَكَا حِصَّتَهُ مَعَ أَحَدِهِمَا بِرِضَاهُ ( قَوْلُهُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا إفْرَازًا إلَخْ ) كَالْمَالِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ الْمَقْبُوضَةُ دَيْنًا وَلَا يَجْعَلُهَا عِوَضًا عَنْ الدَّيْنِ إذْ لَوْ قَدَّرْنَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ قَبْضُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ امْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَثَبَتَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ لَلشَّرِيكِ الثَّالِثِ كَمَا إذَا تَقَاسَمَ شَرِيكَاهُ

حِصَّتَهُمَا وَتَرَكَا حِصَّتَهُ مَعَ أَحَدِهِمَا بِرِضَاهُ ( قَوْلُهُ ، وَهُوَ قَوِيٌّ ) قَالَ شَيْخُنَا بَلْ هُوَ الْأَوْجَهُ كا ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ ) أَيْ وَالرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ

( فَرْعٌ وَحَيْثُ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ ) فَاقْتَسَمَا رِبَوِيًّا ( اُشْتُرِطَ فِي الرِّبَوِيِّ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَامْتَنَعَتْ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَمَا عَقَدَتْ النَّارُ أَجْزَاءَهُ ) كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الرِّبَا وَقَوْلُهُ ( وَنَحْوِهِ ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ ( وَإِنْ قُلْنَا ) هِيَ ( إفْرَازٌ جَازَ لَهُمْ ) أَيْ الشُّرَكَاءِ ( ذَلِكَ ) يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ ( وَيُقْسَمُ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ فِي الْإِفْرَازِ ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ ( وَلَوْ ) كَانَتْ قِسْمَتُهُمَا ( عَلَى الشَّجَرِ ) خَرْصًا ( لَا غَيْرَهُمَا ) مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ فَلَا يُقْسَمُ ( عَلَى الشَّجَرِ ) ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَدْخُلُهُ ( وَتُقْسَمُ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَحْدَهَا وَلَوْ إجْبَارًا ) سَوَاءٌ كَانَ الزَّرْعُ بَذْرًا بَعْدُ أَمْ قَصِيلًا أَمْ حَبًّا مُشْتَدًّا ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الْقُمَاشِ فِي الدَّارِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا بِخِلَافِهِمَا ( أَوْ مَعَ الزَّرْعِ قَصِيلًا بِتَرَاضٍ ) مِنْ الشُّرَكَاءِ ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ حِينَئِذٍ مَعْلُومٌ مُشَاهَدٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِتَرَاضٍ أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِي ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ قَالَ وَلَمْ يُوَجِّهُوهُ بِمُقَنَّعٍ ( لَا ) الزَّرْعَ ( وَحْدَهُ وَلَا مَعَهَا ، وَهُوَ بَذْرٌ ) بَعْدُ ( أَوْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ ) فَلَا يُقْسَمُ .
( وَإِنْ جَعَلْنَاهَا إفْرَازًا ) كَمَا لَوْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى قِسْمَةُ مَجْهُولٍ وَفِي الْآخِرَتَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ قِسْمَةُ مَجْهُولٍ وَمَعْلُومٍ وَعَلَى الثَّانِي بَيْعُ طَعَامٍ وَأَرْضٍ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ ( وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي قِسْمَةٍ هِيَ بَيْعٌ لَا إفْرَازٌ ) وَقَوْلُهُ ( بَلْ تَلْغُو ) إيضَاحٌ ( وَتُصَحَّحُ ) الْقِسْمَةُ ( فِي مَمْلُوكٍ عَنْ وَقْفٍ إنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ لَا ) إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ مُطْلَقًا أَوْ إفْرَازٌ ( وَفِيهَا رَدٌّ مِنْ الْمَالِكِ ) فَلَا تَصِحُّ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْوَقْفِ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَالِكَ

يَأْخُذُ بِإِزَاءِ مِلْكِهِ جُزْءًا مِنْ الْوَقْفِ فَعُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا تَصِحُّ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا رَدٌّ أَوْ كَانَ فِيهَا رَدٌّ مِنْ أَرْبَابِ الْوَقْفِ ( وَلَغَتْ ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ ( قِسْمَةُ وَقْفٍ فَقَطْ ) أَيْ لَا عَنْ مِلْكٍ بِأَنْ قَسَمَ بَيْنَ أَرْبَابِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَغْيِيرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا صَدَرَ الْوَقْفُ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ صَدَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ كَمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مَعَ الْمِلْكِ وَذَلِكَ رَاجِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَأَفْتَيْت بِهِ انْتَهَى وَكَلَامُهُ مُتَدَافِعٌ فِيمَا إذَا صَدَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلَيْنِ أَوْ عَكْسِهِ .
وَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ بِمُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْجَوَازُ وَفِي الثَّانِي عَدَمُهُ ( وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ ) قِسْمَةِ ( الْإِجْبَارِ ) ، وَهِيَ الْقِسْمَةُ الْوَاقِعَةُ بِالتَّرَاضِي مِنْ قِسْمَةِ الرَّدِّ وَغَيْرِهَا ، وَإِنْ تَوَلَّاهَا مَنْصُوبُ الْحَاكِمِ ( التَّرَاضِي قَبْلَ الْقُرْعَةِ ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَبَعْدَهَا ) أَمَّا فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ فَلِأَنَّهَا بَيْعٌ ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالْقُرْعَةِ فَاشْتُرِطَ التَّرَاضِي بَعْدَهَا كَمَا اُشْتُرِطَ قَبْلَهَا ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا مِمَّا يَقَعُ بِالتَّرَاضِي فَقِيَاسًا عَلَيْهَا بِجَامِعِ اشْتِرَاطِ التَّرَاضِي قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ كَأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَالْآخَرُ الْآخَرَ أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْخَسِيسَ وَالْآخَرُ النَّفِيسَ وَيَرُدَّ زَائِدَ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرَاضٍ ثَانٍ أَمَّا قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الرِّضَا لَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا ( وَيَكْفِي ) فِي التَّرَاضِي بِالْقِسْمَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ ( رَضِينَا بِهَا وَنَحْوِهِ ) كَرَضِينَا بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ وَبِمَا جَرَى ؛ لِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَنِيطَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ رَضِيت ( وَلَا يُشْتَرَطُ ) فِي الْقِسْمَةِ ( بَيْعٌ وَلَا تَمْلِيكٌ ) أَيْ التَّلَفُّظُ

بِهِمَا ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا
قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ إلَخْ ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ مَنْعُهَا فِي قِسْمَتَيْ الرَّدِّ وَالتَّعْدِيلِ لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ وَجَوَازُهَا فِي قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ ؛ لِأَنَّهَا إفْرَازٌ ( قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ لَمْ تَجُزْ ، وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازُ حَقٍّ نُظِرَ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا قَدْ تَمَيَّزَ حُكْمُهُ عَنْ حُكْمِ الْوَقْفِ لِكَوْنِ بَعْضِهِ مِلْكًا وَبَعْضِهِ وَقْفًا أَوْ بَعْضِهِ وَقْفًا لَزِيدَ عَلَى سَبِيلٍ وَبَعْضِهِ وَقْفًا لِعَمْرٍو عَلَى سَبِيلٍ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ فِيهِ وَجَازَتْ لِتَمَيُّزِ حُكْمِ الْبَعْضَيْنِ ثُمَّ إذَا تَمَّتْ الْقِسْمَةُ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِأَهْلِ الْوَقْفِ فِي الْحَالِ وَلِمَنْ يُفْضَى إلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ فِيمَا جَمِيعُهُ وَقْفٌ وَاحِدٌ عَلَى سَبِيلٍ وَاحِدٍ فَفِي جَوَازِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَجُوزُ إذَا قِيلَ إنَّ رَقَبَةَ الْوَقْفِ لَا تُمْلَكُ وَالثَّانِي تَجُوزُ إذَا قِيلَ رَقَبَةُ الْوَقْفِ تُمْلَكُ ثُمَّ هِيَ لَازِمَةٌ لِلْمُتَقَاسِمِينَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْبُطُونِ ا هـ وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا تَجُوزُ هُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ وَيَكْفِي رَضِينَا بِهَا ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا صَارَ إلَيْهِ بِالْقُرْعَةِ قَبْلَ رِضَاهُ ( قَوْلُهُ كَرَضِينَا بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ ) أَوْ بِهَذَا

( فَصْلٌ تُقَسَّمُ الْمَنَافِعُ ) بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ كَمَا تُقَسَّمُ الْأَعْيَانُ ( مُهَايَأَةً ) أَيْ مُنَاوَبَةً مُيَاوَمَةً ( وَمُشَاهَرَةً وَمُسَانَهَةً ) وَيُقَالُ مُسَانَاةً وَمُسَانِيَةً ( وَعَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَزْرَعَ هَذَا مَكَانًا ) مِنْ الْمُشْتَرَكِ ( وَهَذَا مَكَانًا ) آخَرَ مِنْهُ ( لَكِنْ لَا إجْبَارَ فِي الْمُنْقَسِمِ وَغَيْرِهِ ) مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي طُلِبَتْ قِسْمَةُ مَنَافِعِهَا فَلَا تُقْسَمُ إلَّا بِالتَّوَافُقِ ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ تُعَجِّلُ حَقَّ أَحَدِهِمَا وَتُؤَخِّرُ حَقَّ الْآخَرِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ وَلِأَنَّ انْفِرَادَ أَحَدِهِمَا بِالْمَنْفَعَةِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُعَاوَضَةٍ وَالْمُعَاوَضَةُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْإِجْبَارِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِحَقِّ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ أَمَّا الْمَمْلُوكَةُ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهَا .
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ إذْ لَا حَقَّ لِلشَّرِكَةِ فِي الْعَيْنِ قَالَ وَيَدُلُّ لِلْإِجْبَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا ( فَإِنْ تَرَاضَيَا بِالْمُهَايَأَةِ وَتَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ ) بِأَحَدِهِمَا ( أُقْرِعَ ) بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِيهَا ( فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ) عَنْهَا ( بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا لَزِمَ الْمُسْتَوْفِيَ ) لِلْآخَرِ ( نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَى كَمَا إذَا تَلِفَتْ ) أَيْ الْعَيْنُ الْمُسْتَوْفِي أَحَدُهُمَا مَنْفَعَتَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَوْفَى نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ( فَإِنْ تَمَانَعَا ) أَيْ تَنَازَعَا فِي الْمُهَايَأَةِ ( وَأَصَرَّا ) عَلَى ذَلِكَ ( أَجَرَهَا ) أَيْ الْعَيْنَ ( الْقَاضِي لَهُمَا ) بِمَعْنًى عَلَيْهِمَا وَوَزَّعَ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةٍ تُؤْجَرُ تِلْكَ الْعَيْنُ فِيهَا عَادَةً إذْ قَدْ

يَتَّفِقَانِ عَنْ قُرْبٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَلَا يَبِيعُهَا عَلَيْهِمَا ) ؛ لِأَنَّهُمَا كَامِلَانِ وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِمَا فِيهَا ( وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ اسْتَأْجَرَا أَرْضًا ) مَثَلًا ( فِي الْمُهَايَأَةِ وَالنِّزَاعِ وَتَأْجِيرُ ) أَيْ إجَارَةِ ( الْقَاضِي لَهُمَا ) بِمَعْنًى عَلَيْهِمَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَا أَرْضًا وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ الْخِلَافُ فِي الْإِجْبَارِ .
( وَإِنْ اقْتَسَمَاهَا بِالتَّرَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبٌ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ بَلْ لَهُمَا ) الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ بَلْ لِلْآخَرِ ( الْفَسْخُ ) لِلْقِسْمَةِ وَثُبُوتِ الْفَسْخِ لِلْآخَرِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ بَحْثِ الْقَاضِي ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَكَلَامُهُ آخِرَ الْبَابِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَإِنْ جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ فِي عَبْدٍ ) مَثَلًا ( مُشْتَرَكٍ ) بَيْنَهُمَا ( فَقَدْ بَيَّنَّا فِي ) بَابِ ( اللُّقَطَةِ بِأَنَّ ) الْبَاءَ زَائِدَةٌ أَيْ أَنَّ ( الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ كَاللُّقَطَةِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا ) كَالْوَصِيَّةِ ( تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ ) كَالْأَكْسَابِ الْعَامَّةِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَنَحْوِهِمَا ( وَكَذَا ) يَدْخُلُ فِيهَا ( الْمُؤَنُ النَّادِرَةُ كَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ ) كَالْمُؤَنِ الْعَامَّةِ فَتَكُونُ الْأَكْسَابُ لِذِي النَّوْبَةِ وَالْمُؤَنُ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ ( وَيُرَاعَى فِي الْكِسْوَةِ قَدْرُ الْمُهَايَأَةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَتْ مُيَاوَمَةً فَرْعٌ لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي ثَمَرِ الشَّجَرِ ) لِيَكُونَ لِهَذَا عَامًا وَلِهَذَا عَامًا ( وَ ) لَا فِي ( لَبَنِ الشَّاةِ ) لِيَحْلُبَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رِبَوِيٌّ مَجْهُولٌ ( وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَنْ يُبِيحَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( لِصَاحِبِهِ مُدَّةً ) وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ لِضَرُورَةِ الشَّرِكَةِ مَعَ تَسَامُحِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ تُقْسَمُ الْمَنَافِعُ مُهَايَأَةً إلَخْ ) إذَا تَهَايَآ فَالنَّفَقَةُ الْمُعْتَادَةُ عَلَى الْعَيْنِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا كَالنَّفَقَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ عَلَى ذِي النَّوْبَةِ وَالْمُؤَنِ النَّادِرَةِ كَالْفِطْرَةِ وَأُجْرَةِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالطَّبِيبِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَوُجِدَ أَنَّ الرِّكَازَ فِي زَمَنِ الْمُهَايَأَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِذِي النَّوْبَةِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْمُؤَنُ النَّادِرَةُ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ قَالَ وَيَدُلُّ لِلْإِجْبَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ ) يُمْنَعُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ هُنَاكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) قَالَ وَهَلْ تَتَوَقَّفُ الْمِلْكِيَّةُ لَهُمَا عَلَى بَيِّنَةٍ أَمْ يَكْفِي تَصَادُقُهُمْ عَلَيْهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمْ بِالتَّصَادُقِ كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْكَامِلَيْنِ الْمُطْلَقَيْ التَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَلَوْ تَمَانَعَ الْوَلِيُّ وَالشَّرِيكُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُ عَلَيْهِمَا جَزْمًا إذَا قُلْنَا يُؤَجِّرُ عَلَى الرَّشِيدِ مِنْ حَيْثُ لَا يَجِدُ رَاغِبًا فِي اسْتِئْجَارِ نَصِيبِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِمُفْرَدِهِ وَلَوْ طَلَبَ الرَّشِيدُ الْمُهَايَأَةَ وَلَا حَظَّ لِلْمَحْجُورِ فِيهَا لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ إجَابَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَيْفَ الْحَالُ إذَا لَمْ تُمْكِنُ إجَارَةُ نَصِيبِهِ بِمُفْرَدِهِ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ جَمِيعِهِ شَيْئًا

( فَصْلٌ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ ) جَمَاعَةً ( إلَى قِسْمَةِ ) شَيْءٍ ( مُشْتَرَكٍ ) بَيْنَهُمْ ( حَتَّى يُثْبِتُوا ) أَيْ يُقِيمُوا ( عِنْدَهُ ) بَيِّنَةً ( بِالْمِلْكِ لَهُمْ ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَإِذَا قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ فَقَدْ يَدَّعُونَ الْمِلْكَ مُحْتَجِّينَ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِالْمُوجِبِ بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِ الْعَاقِدِينَ بِالْبَيْعِ وَلَا بِمُجَرَّدِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا بِمَا صَدَرَ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قِيلَ هُنَا يَأْتِي هُنَاكَ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ فَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَى إجَابَةِ الْقَاضِي لَهُمْ إذَا أَثْبَتُوا عِنْدَهُ الْمِلْكَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقَامُ وَتُسْمَعُ عَلَى خَصْمٍ وَلَا خَصْمَ هُنَا وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُمْ خَصْمٌ غَائِبٌ فَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ لِيَحْكُمَ لَهُمْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ وَخَرَجَ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ إثْبَاتُ الْيَدِ ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَسْتَفِدْ بِهِ شَيْئًا غَيْرَ الَّذِي عَرَفَهُ وَإِثْبَاتُ الِابْتِيَاعِ أَوْ نَحْوِهِ ؛ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ أَوْ نَحْوِهِ كَيَدِهِمْ ( سَوَاءٌ ) فِي عَدَمِ إجَابَتِهِ لَهُمْ ( اتَّفَقُوا ) عَلَى طَلَبِ الْقِسْمَةِ ( أَوْ تَنَازَعُوا ) فِيهِ ( وَيُقْبَلُ ) فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ ( شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ ) كَمَا يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدَانِ قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ ( لَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ ) إنَّمَا ( شُرِعَتْ لِتَرُدَّ ) عَلَى الْخَصْمِ ( عِنْدَ النُّكُولِ وَلَا مَرَدَّ لَهَا ) هُنَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْخَصْمِ وَقِيلَ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ : بِالثَّانِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ الصَّوَابُ

S( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ نَعَمْ يَظْهَرُ الْجَوَازُ إذَا قَسَمَ وَبَيَّنَ مُسْتَنِدَ قِسْمَتِهِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ حِينَئِذٍ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْبَهْجَةِ بِقَوْلِهِ وَبَاغِيهَا أَجِبْ إلَى آخِرِهِ إذْ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كا ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْغَزِّيِّ مَسْأَلَةٌ تَقَعُ كَثِيرًا ، وَهِيَ أَنْ يُخَلِّفَ الْمَيِّتُ أَعْيَانَا مِنْ قُمَاشٍ وَنُحَاسٍ وَغَيْرِهِمَا وَبَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبٌ وَيَطْلُبُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِي خَشَبٍ جَاءَ أَوْ إنْ قَطَعَهُ وَبَعْضُ الشُّرَكَاءِ غَائِبٌ فَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ الْحَاضِرِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَطْعِهِ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ خِيفَ مِنْ إبْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ فَوَاتُ شَيْءٍ قَطَعَ بِالْحَاكِمِ ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ حِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَتْ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لِلْمُمَاثَلَةِ بِأَنْ تَسَاوَتْ أَعْيَانُهُ فِي الْقِيمَةِ أَوْ لَمْ تُمْكِنْ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ أَعْيَانِهِ وَأَمْكَنَتْ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ بِأَنْ تَعَدَّلَ الْأَعْيَانُ بِالْقِيمَةِ قَسَمَهُ الْحَاكِمُ عَنْ الْغَائِبِ مَعَ وَلِيِّ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ يَتِيمًا وَحَفِظَ نَصِيبَ الْغَائِبِ إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُ نَصِيبِ الْغَائِبِ مِنْ الْخَشَبِ بِيعَ كُلُّهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فِيهِ لِعَدَمِ تَمَاثُلِهِ وَإِمْكَانِ تَعْدِيلِهِ وَوَجَدْنَا مَنْ يَشْتَرِي نَصِيبَ الْأَيْتَامِ مَشَاعًا بِيعَ وَحْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُسَاوِيَ ثَمَنَ مِثْلِهِ لَوْ بِيعَ مَعَ الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَلَا وَيُبَاعُ الْجَمِيعُ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُشْتَرِكَ دَائِرٌ بَيْنَ أَقْسَامِ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يَخْلُو عَنْ ضَرَرٍ فَتَعَيَّنَ أَهْوَنُهَا وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي نَظَائِرِهِ ، وَهُوَ مَا لَا إجْبَارَ فِي قِسْمَتِهِ فَقِيلَ يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ وَقِيلَ يُعَطَّلُ عَلَى الشُّرَكَاءِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقِيلَ يُبَاعُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُؤَجَّرُ عَلَى الشُّرَكَاءِ وَالْإِجْبَارُ

هُنَا مُتَعَذِّرٌ وَمَا ذُكِرَ قَبْلَهَا فَتَعَيَّنَ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ الْبَيْعُ .
ا هـ .
إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُشْتَرِكَ إذَا كَانَ أَجْنَاسًا أَوْ أَنْوَاعًا لَا إجْبَارَ فِيهِ فَمَتَى اشْتَمَلَتْ التَّرِكَةُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ تَعَيَّنَ الْبَيْعُ بِطَلَبِ الْحَاضِرِ فَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ وَتَمَاثَلَتْ الْقِيمَةُ أَوْ لَمْ تَتَمَاثَلْ وَأَمْكَنَ التَّعْدِيلُ أُجْبِرَ عَلَى قِسْمَتِهَا بِشَرْطِ أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّرِكَةُ عَنْ الْجَمِيعِ فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ التَّعْدِيلُ إلَّا بِعَيْنٍ وَبَعْضِ أُخْرَى فَلَا إجْبَارَ وَيَتَعَيَّنُ الْبَيْعُ ( قَوْلُهُ بِحُجَّتَيْنِ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي ) لِأَنَّهَا قِسْمَةُ إجْبَارٍ وَفِعْلُ الْقَاضِي لَهَا حُكْمٌ وَالْحُكْمُ بِدُونِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَا يُتَّجَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْحَاكِمِ إثْبَاتٌ لِمِلْكِهِمَا وَالْيَدُ تُوجِبُ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قِيلَ هُنَا يَأْتِي هُنَاكَ ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ إفْرَازَ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ وَصَيْرُورَتَهُ مُعَيَّنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ شَائِعًا وَقَدْ لَا يَكُونُ الطَّالِبُونَ مَالِكِينَ لِذَلِكَ فَيَكُونُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَوْ الْمُوجِبِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْ غَيْرِ الْحَاكِمِ وَرَجَعَ إلَيْهِ فَقَدْ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ وَقَدْ يَحْكُمُ بِمُوجِبِهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَلَمْ يَتَصَرَّفْ الْحَاكِمُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ع قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ ) قَالَ شَيْخُنَا ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

( فَصْلٌ قَوْلُ الْقَاسِمِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ حَالَ وِلَايَتِهِ قَسَمْت كَقَوْلِ الْقَاضِي ) ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ ( حَكَمْت ) فَيُقْبَلُ ( وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ بَلْ لَا تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا ذَكَرَ فِعْلَهُ ( وَلَوْ ) تَقَاسَمَا ثُمَّ ( تَنَازَعَا ) فِي بَيْتٍ أَوْ قِطْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ ( وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذَا ) مِنْ نَصِيبِي ( وَلَا بَيِّنَةَ ) لَهُمَا أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ ( تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ ) أَيْ الْقِسْمَةُ كَالْمُتَبَايِعِينَ ( قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ) فَإِنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ فِيمَا تَنَازَعَا فِيهِ ( حَلَفَ ذُو الْيَدِ ) ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ اعْتَرَفَ لَهُ بِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ ( وَلِمَنْ اطَّلَعَ ) مِنْهُمَا ( عَلَى عَيْبٍ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَفْسَخَ ) الْقِسْمَةَ كَالْبَيْعِ ( وَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الدُّيُونِ ) الْمُشْتَرَكَةِ ( فِي الذِّمَمِ ) ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ أَوْ إفْرَازُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إفْرَازُ مَا فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ قَبْضِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ لِأَحَدِهِمَا وَمَا فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو لِلْآخَرِ لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدٌ مِنْهُمَا بِمَا قَبَضَهُ

( فَصْلُ قَوْلِ الْقَاسِمِ ) ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( خَاتِمَةٌ ) تَقَاسَمَا دَارًا وَبَابُهَا دَاخِلٌ فِي قِسْمِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ يَسْتَطْرِقُ إلَى نَصِيبِهِ مِنْ بَابٍ يَفْتَحُهُ إلَى الشَّارِعِ فَمَنَعَهُ السُّلْطَانُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ لَهُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ إنْ لَمْ يُمَكِّنْهُ شَرِيكُهُ مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ ؛ لِأَنَّ الْغَيْرَ ظَلَمَهُ بِمَنْعِهِ قَالَ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِكُلِّ قِسْمٍ بَابٌ إلَى شَارِعٍ فَمَنَعَ أَحَدُهُمَا ظَالِمٌ أَنَّهُ لَهُ الْفَسْخُ ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا ا هـ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ عِنْدَ تَمْكِينِ الشَّرِيكِ عَدَمُ الْفَسْخِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي التَّفَرُّدِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ إذْ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ تَنَازَعَ شَرِيكَانِ فِي بَيْتٍ وَنَحْوِهِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذَا مِنْ نَصِيبِي وَلَا بَيِّنَةَ تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ عَلَى مَا فِيهِ النِّزَاعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَهَذَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْقِسْمَةَ وَأَنْكَرَهَا الْبَاقُونَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِقَاسِمِ الْحَاكِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّافِي ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ رَجَعَ هُوَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ شَاهِدٌ وَلَوْ قَسَمَ إجْبَارًا وَهُوَ عَلَى وِلَايَتِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ قَسَمْت كَقَوْلِ الْحَاكِمِ فِي حَالِ وِلَايَتِهِ حَكَمْت وَإِلَّا لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ا هـ وَالْفَرْعَانِ الْأَخِيرَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

( كِتَابُ الشَّهَادَاتِ ) الْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ } وقَوْله تَعَالَى { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ } وَخَبَرُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ عَنْ الشَّهَادَةِ فَقَالَ لِلسَّائِلِ تَرَى الشَّمْسَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادُهُ ( وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَشَرْطِ الشَّاهِدِ ) أَيْ شُرُوطُهُ ثَمَانِيَةٌ ( إسْلَامٌ ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ ( وَلَوْ عَلَى كَافِرٍ ) لِآيَةِ { وَاسْتَشْهِدُوا } وقَوْله تَعَالَى { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ رِجَالِنَا وَلَيْسَ بِعَدْلٍ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } أَيْ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ ( وَتَكْلِيفٌ ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَالْإِقْرَارِ بَلْ أَوْلَى ( وَحُرِّيَّةٌ كَامِلَةٌ ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ فِيهِ رِقٌّ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ إذْ فِي الشَّهَادَاتِ نُفُوذُ قَوْلٍ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَلِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَلَا لِأَدَائِهَا ( وَعَدَالَةٌ ) فَلَا تُقْبَلُ مِنْ فَاسِقٍ لِآيَةِ { وَاسْتَشْهِدُوا } وَلِقَوْلِهِ { مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ } وَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِمَرَضِيٍّ وَلِقَوْلِهِ { إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } ( وَمُرُوءَةٌ وَنُطْقٌ وَعَدَمُ تُهْمَةٍ ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ لَا مُرُوءَةَ لَهُ وَلَا نُطْقَ وَلَا مِمَّنْ يُتَّهَمُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي كَلَامِهِ وَالْأَصْلُ سَالِمٌ مِنْ تَكْرَارِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ( وَكَذَا عَدَمُ حَجْرٍ بِسَفَهٍ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ

( كِتَابُ الشَّهَادَاتِ ) ( قَوْلُهُ وَأَخْبَارٌ إلَخْ ) وَأَمَّا خَبَرُ أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمْ الْحُقُوقَ وَيَدْفَعُ بِهِمْ الظُّلْمَ فَرَوَاهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيِّ فِي الْمِيزَانِ إنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ ( قَوْلُهُ وَحُرِّيَّةٌ ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِسْلَامِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَبِالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ شَهِدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْإِسْلَامِ وَالْإِتْيَانِ بِمَا يُنَافِيهِ وَقَبْلَ ظُهُورِ حُرِّيَّتِهِ بِغَيْرِ الدَّارِ لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الشَّهَادَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إذْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ انْكَشَفَ الْحَالُ فِي إسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَنْكَشِفُ الْحَالُ فِي حُرِّيَّتِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَقَدْ يَظْهَرُ انْكِشَافُهُ وَقَدْ لَا يَظْهَرُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ { إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } ) وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ { لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ } ( قَوْلُهُ وَمُرُوءَةٌ ) بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ ( قَوْلُهُ وَنُطْقٌ ) وَتَيَقُّظٌ ( قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ مِمَّا لَا مُرُوءَةَ لَهُ ) لِأَنَّ حِفْظَهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَوُفُورِ الْعَقْلِ وَطَرْحِهَا إمَّا لِخَبَلٍ أَوْ قِلَّةِ حَيَاءٍ مُبَالَاةٌ بِنَفْسِهِ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْمُرُوءَةِ هُنَا غَلَبَتُهَا عَلَى أَضْدَادِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الطَّاعَاتِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ السَّفَهَ فِي الْمَالِ مُشْعِرٌ بِخَلَلٍ فِي الْعَقْلِ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِيمَا سَلَفَ وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ لَوْ أَشْعَرَ بِذَلِكَ لِعَبْدٍ حِجْرَ جُنُونٍ وَلَمَّا وَلِيَ النِّكَاحَ لَكِنَّهُ يَلِيهِ عَلَى وَجْهٍ جَيِّدٍ وَقَدْ يَقُولُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إشْعَارُهُ بِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى ثُبُوتِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَئِنْ قَالَ ذَلِكَ قُلْنَا فَلَيْسَ

مُنْدَرِجًا فِيمَا سَلَفَ انْتَهَى وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي الْوِصَايَةِ مُوَافِقٌ لِلصَّيْمَرِيِّ فَإِنَّهُمَا اشْتَرَطَا فِي الْوَصِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ثُمَّ قَالَا وَحَصَرُوا الشُّرُوطَ جَمِيعًا بِلَفْظٍ مُخْتَصَرٍ فَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ بِحَيْثُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ انْتَهَى

( وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا ( وَعَدَمُ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ ) وَلَوْ عَلَى نَوْعٍ كَمَا سَيَأْتِي وَفَسَّرَ جَمَاعَةٌ الْكَبِيرَةَ بِأَنَّهَا مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ ( فَعَدُّوا مِنْ الْكَبَائِرِ الْقَتْلَ ) أَيْ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بِخِلَافِ الْخَطَأِ ( وَالزِّنَا ) بِالزَّايِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَصْدِيقَهَا { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ .
.
} الْآيَةَ ( وَاللِّوَاطَ ) لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَاءِ النَّسْلِ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ كَالزِّنَا زَادَ الْبَغَوِيّ وَإِتْيَانَ الْبَهَائِمِ ( وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَإِنْ قَلَّ ) وَلَمْ يُسْكِرْ وَالْمُسْكِرُ وَلَوْ بِغَيْرِ الْخَمْرِ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا لِمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَمَّا شُرْبُ مَا لَا يُسْكِرُ لِقِلَّتِهِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ فَصَغِيرَةٌ ( وَالسَّرِقَةَ ) قَالَ تَعَالَى { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } نَعَمْ سَرِقَةُ الشَّيْءِ الْقَلِيلِ صَغِيرَةٌ قَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَّا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مِسْكِينًا لَا غِنَى بِهِ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ كَبِيرَةً ( وَالْقَذْفَ ) زَادَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ الْبَاطِلَ قَالَ تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } الْآيَةَ نَعَمْ قَالَ الْحَلِيمِيُّ قَذْفُ الصَّغِيرَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَالْحُرَّةِ الْمُتَهَتِّكَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ فِي قَذْفِهِنَّ دُونَهُ فِي الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ الْمُسْتَتِرَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ بِحَيْثُ لَا

يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ لِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ أَمَّا قَذْفُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَمُبَاحٌ وَكَذَا جَرْحُ الرَّاوِي وَالشَّاهِدِ بِالزِّنَا إذَا عُلِمَ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ ( وَشَهَادَةَ الزُّورِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهَا فِي خَبَرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي خَبَرٍ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ ( وَغَصْبَ الْمَالِ ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ } وَقَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِمَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ رُبْعَ مِثْقَالٍ كَمَا يُقْطَعُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ وَخَرَجَ بِغَصْبِ الْمَالِ غَصْبُ غَيْرِهِ كَغَصْبِ كَلْبٍ فَصَغِيرَةٌ .
( وَالْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ أَيْ الْمُهْلِكَاتِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نَعَمْ يَجِبُ إذَا زَادَ الْعَدُوُّ عَلَى مِثْلَيْهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةٍ فِي الْعَدُوِّ لِانْتِفَاءِ إعْزَازِ الدِّينِ بِثُبُوتِهِ ( وَأَكْلَ الرِّبَا ) لِآيَةِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا } وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ ( وَ ) أَكْلَ ( مَالِ الْيَتِيمِ ) قَالَ تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى } الْآيَةَ وَقَدْ عَدَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ ( وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُ فِي خَبَرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي آخَرَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَأَمَّا خَبَرُهُمَا { الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ } وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ { عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ } فَلَا بُدَّ لِأَنَّ عَلَى أَنَّهُمَا كَالْوَالِدَيْنِ فِي الْعُقُوقِ ( وَالْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْدًا )

الْخَبَرُ { مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَمَّا الْكَذِبُ عَلَى غَيْرِهِ فَصَغِيرَةٌ ( وَكِتْمَانَ الشَّهَادَةِ بِلَا عُذْرٍ ) قَالَ تَعَالَى { وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } بِخِلَافِهِ بِعُذْرٍ ( وَالْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ عُدْوَانًا ) لِأَنَّ صَوْمَهُ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَفِطْرُهُ يُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهِ بِالدِّينِ بِخِلَافِ الْإِفْطَارِ فِيهِ بِعُذْرٍ ( وَالْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ } وَخَبَرِ مُسْلِمٍ { مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ } ( وَقَطْعَ الرَّحِمِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ } قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَةٍ يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ ( وَالْخِيَانَةَ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ ) لِغَيْرِ الشَّيْءِ التَّافِهِ قَالَ تَعَالَى { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } الْآيَةَ وَالْكَيْلُ يَشْمَلُ الذَّرْعَ عُرْفًا أَمَّا لِلتَّافِهِ فَصَغِيرَةٌ ( وَتَقْدِيمَ الصَّلَاةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ { مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ } وَأَوْلَى بِذَلِكَ تَرْكُهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ بِعُذْرٍ كَسَفَرٍ ( وَضَرْبَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ } إلَى آخِرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي التَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ لِلْمَضْرُوبِ رَحِمٌ وَقَرَابَةٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ مُعْتَبَرٌ قَالَ وَأَطْلَقَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْخَدْشَةَ وَالضَّرْبَةَ

وَالضَّرْبَتَيْنِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَقَدْ يُفْصَلُ بَيْنَ مَضْرُوبٍ وَمَضْرُوبٍ مِنْ حَيْثُ الْقُوَّةِ وَضِدِّهَا وَالشَّرَفِ وَالدَّنَاءَةِ .
( وَسَبَّ الصَّحَابَةِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ } وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ { أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ } إلَى آخِرِهِ الْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ السَّابِّينَ نَزَّلَهُمْ لِسَبِّهِمْ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِمْ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِمْ حَيْثُ عَلَّلَ بِمَا ذَكَرَهُ أَمَّا سَبُّ غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَصَغِيرَةٌ وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ } مَعْنَاهُ تَكْرَارُ السَّبِّ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى طَاعَاتِهِ ( وَأَخْذَ الرِّشْوَةِ ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ ( وَالدِّيَاثَةَ ) بِالْمُثَلَّثَةِ لِخَبَرِ { ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالدَّيُّوثُ وَرَجْلَةُ النِّسَاءِ } رَوَاهُ الذَّهَبِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ ( وَالْقِيَادَةَ ) قِيَاسٌ عَلَى الدِّيَاثَةِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمَا فِي الطَّلَاقِ ( وَالسِّعَايَةَ عِنْدَ السُّلْطَانِ ) وَهِيَ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِ لِيَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ فِي غَيْرِهِ بِمَا يُؤْذِيهِ بِهِ وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ خَبَرُ السَّاعِي مُثَلِّثٌ أَيْ مُهْلِكٌ بِسِعَايَتِهِ نَفْسَهُ وَالْمَسْعَى بِهِ وَإِلَيْهِ .
( وَمَنْعَ الزَّكَاةِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إلَّا إذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ } إلَى آخِرِهِ ( وَتَرْكَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ ) عَلَيْهِمَا لِآيَةِ { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ

دَاوُد } وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُنْكَرِ بِالْكَبِيرَةِ ( وَالسِّحْرَ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ ( وَنِسْيَانَ الْقُرْآنِ ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ { عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا } قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَتَكَلَّمَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ ( وَإِحْرَاقَ حَيَوَانٍ ) إذْ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا خَالِقُهَا ( وَامْتِنَاعَهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ ( مِنْ زَوْجِهَا بِلَا سَبَبٍ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ } ( وَالْيَأْسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { إنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } ( وَأَمْنُ مَكْرِهِ ) تَعَالَى بِالِاسْتِرْسَالِ فِي الْمَعَاصِي وَالِاتِّكَالِ عَلَى الْعَفْوِ قَالَ تَعَالَى { فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } ( وَالظِّهَارَ ) قَالَ تَعَالَى فِيهِ { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا } أَيْ حَيْثُ شَبَّهُوا الزَّوْجَةَ بِالْأُمِّ فِي التَّحْرِيمِ ( وَأَكْلَ لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ بِلَا عُذْرٍ ) قَالَ تَعَالَى { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا } الْآيَةَ .
( وَنَمِيمَةً ) وَهِيَ نَقْلُ بَعْضِ كَلَامِ النَّاسِ إلَى بَعْضٍ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ } أَمَّا نَقْلُ الْكَلَامِ نَصِيحَةً لِلْمَنْقُولِ إلَيْهِ فَوَاجِبٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةِ { يَا مُوسَى إنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِك لِيَقْتُلُوكَ } ( وَالْوَقْعَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ ) لِشِدَّةِ احْتِرَامِهِمْ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ الْغَيْبَةُ صَغِيرَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلِلتَّوَقُّفِ مَجَالٌ فِي بَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ كَقَطْعِ الرَّحِمِ وَتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى إطْلَاقِهِمْ وَنِسْيَانِ الْقُرْآنِ وَإِحْرَاقِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ أَشَارَ

الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ إلَى مِثْلِ هَذَا التَّوَقُّفِ انْتَهَى وَلَيْسَتْ الْكَبَائِرُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذُكِرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِهَا وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ زَادَ الْبُخَارِيُّ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَمُسْلِمٌ بَدَّلَهَا وَقَوْلُ الزُّورِ } وَخَبَرُهُمَا { اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ } فَمَحْمُولَانِ عَلَى بَيَانِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْهَا وَقْتَ ذِكْرِهِ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هِيَ إلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ يَعْنِي بِاعْتِبَارِ أَصْنَافِ أَنْوَاعِهَا ( وَقِيلَ إنَّ الْكَبِيرَةَ هِيَ الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا أَمْيَلُ وَأَنَّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ ) أَيْ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا الرِّبَا وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ وَشَهَادَةَ الزُّورِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا حَدَّ فِيهَا وَقَالَ الْإِمَامُ هِيَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَالْمُرَادُ بِهَا بِقَرِينَةِ التَّعَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ الْكَبَائِرِ الِاعْتِقَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْبِدَعُ فَإِنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِهَا مَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ ( وَمِنْ الصَّغَائِرِ ) جَمْعُ صَغِيرَةٍ وَهِيَ كُلُّ ذَنْبٍ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ .
( النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ وَغَيْبَةٌ ) لِلْمُسِرِّ فِسْقَهُ ( وَاسْتِمَاعُهَا ) بِخِلَافِ الْمُعْلِنِ لَا تَحْرُمُ غَيْبَتُهُ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْفَاسِقِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ غَيْبَتُهُ كَبِيرَةً وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْوُقُوعِ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ

كَمَا مَرَّ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَحْسَنُ مِنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَإِنْ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ وَاسْتِمَاعُهَا أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهَا وَلَا يَسْمَعُهَا ( وَكَذِبٌ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ ) وَقَدْ لَا يَكُونُ صَغِيرَةً كَإِنْ كَذَبَ فِي شِعْرِهِ بِمَدْحٍ وَإِطْرَاءٍ وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ غَرَضَ الشَّاعِرِ إظْهَارُ الصَّنْعَةِ لَا التَّحْقِيقُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَخَرَجَ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَالضَّرَرِ مَا لَوْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْكَذِبِ فَيَصِيرُ كَبِيرَةً لَكِنَّهُ مَعَ الضَّرَرِ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا بَلْ قَدْ يَكُونُ كَبِيرَةً كَالْكَذِبِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ لَا يَكُونُ بَلْ الْمُوَافِقُ لِتَعْرِيفِ الْكَبِيرَةِ بِأَنَّهَا الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا ( وَإِشْرَافٌ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ وَهَجْرُ مُسْلِمٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَا سَبَبٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الشِّقَاقِ .
وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ جَوَازَهُ فِي الثَّلَاثِ بِلَا سَبَبٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ( وَكَثْرَةُ خُصُومَاتٍ ) وَإِنْ كَانَ مُكْثِرُهَا مُحِقًّا ( لَا إنْ رَاعَى حَقَّ الشَّرْعِ ) فِيهَا فَلَيْسَتْ صَغِيرَةً ( وَضَحِكٌ فِي الصَّلَاةِ وَنِيَاحَةٌ وَشَقُّ جَيْبٍ لِمُصِيبَةٍ وَتَبَخْتُرٌ ) فِي الْمَشْيِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ عَدَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ إلَّا لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ تَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ ( وَجُلُوسٌ بَيْنَ فُسَّاقٍ إينَاسًا لَهُمْ وَإِدْخَالُ مَجَانِينَ وَنَجَاسَةٍ وَكَذَا إدْخَالُ صِبْيَانَ يَغْلِبُ تَنْجِيسُهُمْ الْمَسْجِدَ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ تَنْجِيسُ الصِّبْيَانِ لَهُ ( كُرِهَ ) وَمِثْلُهُمْ فِي هَذَا الْمَجَانِينُ

وَعَلَى عَدَمِ الْغَلَبَةِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ الْكَرَاهَةَ فِي إدْخَالِهِمَا الْمَسْجِدَ وَلَا يُنَافِي تَحْرِيمُ إدْخَالِهِمَا إيَّاهُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ إدْخَالِهِمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِيُحْرِمَ عَنْهُمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ وَيَطُوفُوا بِهِمْ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِ الْإِدْخَالِ لِحَاجَةِ الْعِبَادَةِ الْجَوَازُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ( وَإِمَامَةُ مَنْ ) أَيْ قَوْمٍ ( يَكْرَهُونَهُ لِعَيْبٍ فِيهِ ) تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ ( وَاسْتِعْمَالُ نَجَسٍ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَالثَّوْبُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ثُمَّ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ( وَالتَّغَوُّطُ مُسْتَقْبِلًا ) الْقِبْلَةَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ ( وَ ) التَّغَوُّطُ ( فِي الطَّرِيقِ ) تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ مَعَ مَا فِيهِ ( وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ حَتَّى كَشْفُ الْعَوْرَةِ ) وَلَوْ ( فِي خَلْوَةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ) وَمِنْ ذَلِكَ الْقُبْلَةُ لِلصَّائِمِ الَّتِي تَحْرُمُ شَهْوَتُهُ وَالْوِصَالُ فِي الصَّوْمِ وَالِاسْتِمْنَاءُ وَمُبَاشَرَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِغَيْرِ جِمَاعٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا أَمْثِلَةً كَثِيرَةً وَبِالْجُمْلَةِ ( فَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغَائِرِ وَلَوْ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ ) بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ .
( قَالَ الْجُمْهُورُ مَنْ غَلَبَتْ طَاعَتُهُ مَعَاصِيَهُ كَانَ عَدْلًا وَعَكْسُهُ ) وَهُوَ مَنْ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ فَاسِقٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا

( قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إلَخْ ) هَذَا نَفْسُ الْعَدَالَةِ لَا شَرْطٌ فِيهَا ( قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ ) لِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ بِرَدِّ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى رَدِّهَا فِي سَائِرِ الْكَبَائِرِ وَفِي مَعْنَاهَا الْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغَائِرِ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالتَّهَاوُنِ بِأَمْرِ الدِّيَانَةِ وَمِثْلُهُ لَا يَخَافُ وُقُوعَ الْكَذِبِ مِنْهُ وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرَةِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعْرِ إنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا الْمُوبِقَاتُ ( قَوْلُهُ وَفَسَّرَ جَمَاعَةٌ الْكَبِيرَةَ بِأَنَّهَا مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَمْثَلُ قَالَا وَهُوَ مَا يُوجَدُ لِأَكْثَرِهِمْ وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ ( تَنْبِيهٌ ) أَمَّا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مَرْفُوعًا { مَا مِنَّا إلَّا مَنْ عَصَى أَوْ هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ إلَّا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا } فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ { النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ إلَّا أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ لَيْسَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا } فَلَا يُغْتَرَّ بِذِكْرِ أَصْحَابِنَا لَهُ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَاءِ النَّسْلِ ) وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ لُوطٍ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ بِسَبَبِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ ) ضَعِيفٌ .
( قَوْلُهُ وَالْقَذْفَ ) لَوْ أَقَامَ الْقَاذِفُ بَيِّنَةً بِزِنَا الْمَقْذُوفِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ حَلَفَ الْقَاذِفُ لِنُكُولِهِ أَوْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ لِقَذْفِهَا لَمْ يَفْسُقْ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا

أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ ( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ إذَا كَانَ صَادِقًا فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَفِيهِ نَظَرٌ لِلْجَرَاءَةِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْفُجُورِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْحَدِّ فِطَامًا عَنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَالظَّاهِرُ قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } وَهَذَا رَمْيٌ لِمُحْصَنَةٍ ( قَوْلُهُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ ) وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ الْمُتَجَاهِرِ بِذَلِكَ فِي وَجْهِ الْمَقْذُوفِ أَوْ مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ بَلْ يُعَاقَبُ عِقَابَ الْكَاذِبِينَ غَيْرِ الْمُصِرِّينَ قُلْت وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ فِي الْخَلْوَةِ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ لِصِدْقِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْلُغْ الْمَقْذُوفَ الْقَذْفُ الَّذِي جَهَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ انْتِفَاءِ مَفْسَدَةِ التَّأَذِّي وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَوْ بَلَغَهُ لَكَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْقَذْفِ فِي الْخَلْوَةِ إلَى أَنْ قَالَ وَأَمَّا قَذْفُهُ فِي الْخَلْوَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إجْرَائِهِ عَلَى لِسَانِهِ وَبَيْنَ إجْرَائِهِ عَلَى قَلْبِهِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَغَصْبَ الْمَالِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ أَيْ الْغَصْبَ مُسْتَحِلًّا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ كَانَ كَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ كَانَ فَاسِقًا وَغَصْبُ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَحَكَى عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ وَفِي ثُبُوتِهَا نَظَرٌ .
( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ ) وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ { قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَشَاهِدَهُ

وَكَاتِبَهُ } وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ { دِرْهَمُ رِبًا يَأْكُلُهُ ابْنُ آدَمَ أَشَدُّ عِنْدَ اللَّهِ إثْمًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً } وَلِخَبَرِ الْحَاكِمُ { الرِّبَا سَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ } ( قَوْلُهُ وَقَطْعَ الرَّحِمِ ) الرَّحِمُ كُلُّ قَرَابَةٍ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا وَقِيلَ كُلُّ قَرَابَةٍ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ جِدًّا وَقِيلَ كُلُّ قَرَابَةٍ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَهَلْ تَخْتَصُّ الْقَطِيعَةُ بِالْإِسَاءَةِ أَوْ تَتَعَدَّى إلَى تَرْكِ الْإِحْسَانِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ وَسَبَّ الصَّحَابَةِ ) كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ صَحَابِيٍّ عِنْدَ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي } إلَخْ ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْيَأْسُ مِنْ بُلُوغِ مَنْ بَعْدَهُمْ مَرْتَبَةَ أَحَدِهِمْ فِي الْفَضْلِ فَإِنَّ هَذَا الْمَفْرُوضَ مِنْ مِلْكِ الْإِنْسَانِ ذَهَبًا بِقَدْرِ أُحُدٍ مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ لَمْ يَتَّفِقْ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ وَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَإِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ لَا يَبْلُغُ الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابَ الْوَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ إذَا تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مُدٍّ وَلَوْ مِنْ شَعِيرٍ وَذَلِكَ بِالتَّقْرِيبِ رُبْعُ قَدَحٍ مِصْرِيٍّ وَذَلِكَ إذَا طُحِنَ وَعُجِنَ لَا يَبْلُغُ رَغِيفًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَجِدْ فِي مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ أَبْلَغَ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُنْكَرِ بِالْكَبِيرَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَيُقَالُ إنْ كَانَ كَبِيرَةً فَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ كَبِيرَةٌ وَإِنْ كَانَ صَغِيرَةً فَالسُّكُوتُ صَغِيرَةٌ وَكَذَلِكَ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ إذَا قُلْنَا إنَّ الْوَاجِبَاتِ تَتَفَاوَتُ وَالظَّاهِرُ تَفَاوُتُهَا وَقَوْلُهُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (

قَوْلُهُ وَنِسْيَانَ الْقُرْآنِ ) مَحِلُّهُ إذَا كَانَ نِسْيَانُهُ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا ع ( قَوْلُهُ وَإِحْرَاقَ حَيَوَانٍ ) وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالْبَقِّ وَالْبُرْغُوثِ ( فَرْعٌ ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَتْلُ الْهَوَامِّ الَّذِي لَيْسَ بِمُؤْذٍ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ { امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا } وَيَلْحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا وَكَذَلِكَ التَّصْوِيرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا ثَبَتَ لَعْنُ فَاعِلِهِ قَوْلُهُ فَمَحْمُولَانِ ) أَيْ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ الْكَبَائِرُ الْحَاضِرَةُ وَخَبَرُهُمَا اجْتَنِبُوا إلَى آخِرِهِ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ الْكَبِيرَةُ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ رَأَيْت لِشَيْخِنَا الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيِّ جُزْءًا عَدَّ فِيهِ الْكَبَائِرَ وَأَحْسَبُهُ بَلَغَ فِيهَا إلَى نَحْوِ الْأَرْبَعِمِائَةِ أَوْ دُونَهَا أَوْ فَوْقَهَا وَأَنَا بَعِيدُ الْعَهْدِ بِهِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ الْكَبَائِرُ كُلُّهَا لَا تُعْرَفُ أَيْ لَا تَنْحَصِرُ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ إلَى تَرْجِيحِ وَهَذَا أَمْيَلُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ أَمْثَلُ .
( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ كُلُّ جَرِيمَةٍ إلَخْ ) هَذَا بِظَاهِرِهِ يَتَنَاوَلُ صَغِيرَةَ الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِثَمَرَةٍ وَالْإِمَامُ إنَّمَا ضَبَطَ بِهِ مَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ مِنْ الْمَعَاصِي الشَّامِلَ لِتِلْكَ الْكَبِيرَةِ فَقَطْ نَعَمْ هُوَ أَشْمَلُ مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَقَالَ الْبَارِزِيُّ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ كُلُّ ذَنْبٍ قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ عُلِمَ أَنَّ مَفْسَدَتَهُ كَمَفْسَدَةِ مَا قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مَفْسَدَتِهِ أَوْ أَشْعَرَ بِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهِ فِي دِينِهِ إشْعَارَ أَصْغَرِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ ( قَوْلُهُ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ ) أَيْ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ فَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلْعَدَالَةِ ( قَوْلُهُ وَمِنْ الصَّغَائِرِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّ لُبْسَ الرَّجُلِ

لِلْحَرِيرِ صَغِيرَةٌ ( قَوْلُهُ وَقَدْ لَا يَكُونُ صَغِيرَةً إلَخْ ) وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَأَمْثِلَتُهُ وَاضِحَةٌ ( قَوْلُهُ تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ هَذِهِ فِي كَرَاهَةِ كُلِّهِمْ وَتِلْكَ فِي كَرَاهَةِ أَكْثَرِهِمْ وَكَتَبَ أَيْضًا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي تِلْكَ لِلتَّنْزِيهِ وَفِي هَذِهِ لِلتَّحْرِيمِ ( قَوْلُهُ وَمُبَاشَرَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ ) أَيْ وَالشُّرْبُ مِنْ إنَاءٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَالتَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ وَلُبْسُ الْحَرِيرِ وَالْجُلُوسُ لِلرِّجَالِ وَسَمَاعُ الْأَوْتَارِ وَالْمَعَازِفِ وَالْمِزْمَارِ الْعِرَاقِيِّ قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا ) كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَعَلَى هَذَا لَا تَضُرُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ إذْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ .
ا هـ .
وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى أَنْوَاعٍ إذَا غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ فِي الْغَلَبَةِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مُدَّةَ الْعُمُرِ فَالْمُسْتَقْبَلُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ذَهَبَ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا

( فَرْعٌ يُكْرَهُ الشِّطْرَنْجُ ) أَيْ اللَّعِبُ بِهِ وَهُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ فَتْحَهُ وَاحْتُجَّ لِإِبَاحَةِ اللَّعِبِ بِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَبِأَنَّ فِيهِ تَدْبِيرُ الْحُرُوبِ وَلِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّ صَرْفَ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي وَبِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِهِ فَقَالَ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ( فَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ قِمَارٌ ) بِأَنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( أَوْ فُحْشٌ ) أَوْ لَعِبٌ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ ( أَوْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ عَمْدًا وَكَذَا ) تَأْخِيرُهَا عَنْهُ ( سَهْوًا لِلَّعِبِ بِهِ ) بِأَنْ شَغَلَهُ اللَّعِبُ بِهِ حَتَّى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ غَافِلٌ ( وَتَكَرَّرَ ) ذَلِكَ مِنْهُ ( فَحَرَامٌ ) لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ وَيُفَارِقُ حُكْمَ السَّهْوِ مَعَ التَّكَرُّرِ هُنَا مَا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سَاهِيًا مِرَارًا بِأَنَّهُ هُنَا شَغَلَ نَفْسَهُ بِمَا فَاتَتْ بِهِ الصَّلَاةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْصِيَةِ الْغَافِلِ ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدَ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ أَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَادَ إلَى مَا عَلِمَ إنَّهُ يُوَرِّثُهُ الْغَفْلَةَ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ شَغْلَ النَّفْسِ بِالْمُبَاحِ يَفْجَؤُهَا وَلَا قُدْرَةَ عَلَى دَفْعِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِأَنَّ مَا شَغَلَهَا بِهِ هُنَا مَكْرُوهٌ وَثَمَّ مُبَاحٌ ( فَإِنْ خَرَّجَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ لِمَنْ غَلَبَ ) أَيْ لِيَبْذُلَهُ إنْ غَلَبَ وَيُمْسِكَهُ إنْ غَلَبَ أَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُمَا ( فَلَيْسَ بِقِمَارٍ بَلْ مُسَابَقَةٌ فَاسِدَةٌ ) لِأَنَّهُ مُسَابَقَةٌ عَلَى غَيْرِ آلَةٍ فَقَالَ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ حَرَامٌ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ

( قَوْلُهُ وَاحْتَجَّ لِإِبَاحَتِهِ إلَخْ ) وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ إذَا سَلِمَ الْمَالُ مِنْ الْخُسْرَانِ وَاللِّسَانُ مِنْ الْبُهْتَانِ وَالصَّلَاةُ مِنْ النِّسْيَانِ فَهُوَ أُنْسٌ بَيْنَ الْخِلَّانِ فَلَا يُوصَفُ بِالْحِرْمَانِ ( قَوْلُهُ فَقَالَ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ إلَخْ ) إنَّمَا أَنْكَرَهَا كَرَاهَةً لَهَا لَا لِحَظْرِهَا وَإِلَّا لَرَفَعَهَا وَمَنَعَهُمْ مِنْهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَمِعُوا الْأَذَانَ وَهُمْ يَتَشَاغَلُونَ بِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَخِفُّونَ بِهَجْرِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَقِيلَ إنَّ الشِّطْرَنْجَ إذْ ذَاكَ كَانَتْ صُوَرًا عَلَى صُورَةِ الْأَفِيلَةِ وَالْأَفْرَاسِ وَالرَّجَّالَةِ فَكَرِهَهَا لِذَلِكَ ( قَوْلُهُ بِأَنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ) مَحِلُّهُ مَا إذَا كَانَا قَرِيبًا مِنْ التَّكَافُؤِ فَإِنْ قُطِعَ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ فَيَغْنَمَ أَوْ يُغْلَبَ فَيَغْرَمَ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ ( قَوْلُهُ أَوْ لَعِبَ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى انْتِهَاكِ الْحُرْمَةِ وَالْجَرَاءَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ رَجُلَانِ وَقْتَ النِّدَاءِ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَالثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّ مَسْأَلَتَنَا أَخَفُّ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْبَيْعِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ وَتَحْرِيمَ لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ وَإِنَّمَا الْحَرَامُ فِعْلُهُ مَعَ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَمْ تَحْصُلْ الْمُعَانَةُ عَلَيْهِ إنَّمَا حَصَلَتْ عَلَى مَعْصِيَةٍ .
( فَرْعٌ ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَسَأَلْت الْوَالِدَ أَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَسْقِيَ غَيْرَهُ الْخَمْرَ إذَا كَانَ الشَّارِبُ يَظُنُّهُ غَيْرَ خَمْرٍ وَالسَّاقِي يَعْرِفُ أَنَّهُ خَمْرٌ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْت لِمَ مَعَ أَنَّ السَّاقِيَ لَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يُعِنْ

عَلَى مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ الشَّارِبَ لَمْ يَأْثَمْ فَقَالَ لِأَنَّهُ حَقَّقَ الْمَفْسَدَةَ ( قَوْلُهُ وَتَكَرَّرَ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ رَاجِعٌ لِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ سَهْوًا ( قَوْلُهُ فَحَرَامٌ لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ ) فَالْمُحَرَّمُ هُوَ الْمُقْتَرِنُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالشِّطْرَنْجُ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدُ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ ) إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَاحَ الْمُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَيُفَرَّقُ بِالتَّغْلِيظِ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْمَكْرُوهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَكْرُوهَ وَالْتَزَمَ الطَّرْدَ غ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِضَابِطِ التَّكْرَارِ وَعِبَارَةُ سَلِيمٍ فِي الْمُجَرَّدِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَمْ يَقْدَحْ فَإِنْ تَكَرَّرَ رُدَّتْ ا هـ ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ ) وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا إذَا نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَامَ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ بِالنَّوْمِ وَأَخْرَجَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَجْهُ الْمُشَابَهَةِ أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ مَتَى اشْتَغَلَ بِهِ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ م وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّ تَعْصِيَةَ الْغَافِلِ اللَّاهِي إذَا كَانَ بِسَبَبٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَدْ جَرَّبَهُ وَعَرَفَ أَنَّهُ تُوقِعُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ ( قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ إلَخْ ) فَإِنْ أَخَذَهُ فَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَفِي الْكَافِي لِلرُّويَانِيِّ أَنَّهُ خَطَأٌ بِتَأْوِيلٍ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا إنْ أَخَذَهُ قَهْرًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ

( وَالنَّرْدُ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاللَّعِبُ بِالنَّرْدِ ( حَرَامٌ ) لِخَبَرِ { مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ { فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ } أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَفَارَقَ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ بِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يُخْرِجُهُ الْكَعْبَانِ أَيْ الْحَصَى وَنَحْوُهُ فَهُوَ كَالْأَزْلَامِ وَفِي الشِّطْرَنْجِ عَلَى الْفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ وَإِنَّهُ يَنْفَعُ فِي تَدْبِيرِ الْحَرْبِ ( وَهُوَ صَغِيرَةٌ وَالْحَزَّةُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ وَهِيَ قِطْعَةُ خَشَبٍ يُحْفَرُ فِيهَا حُفَرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ يُجْعَلُ فِيهَا حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا وَتُسَمَّى بِالْمُنَقِّلَةِ وَقَدْ تُسَمَّى بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ ( وَالْفَرَقُ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ وَيُقَالُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهُوَ أَنْ يُخَطَّ فِي الْأَرْضِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ وَيُجْعَلَ فِي وَسَطِهِ خَطَّانِ كَالصَّلِيبِ وَيُجْعَلَ عَلَى رُءُوسِ الْخُطُوطِ حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا ( كَالنَّرْدِ ) فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِهِ وَقِيلَ كَالشِّطْرَنْجِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ مَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى إخْرَاجِ الْكَعْبَيْنِ فَكَالنَّرْدِ أَوْ عَلَى الْفِكْرِ فَكَالشِّطْرَنْجِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ فِيهِمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى الْفِكْرِ لَا عَلَى شَيْءٍ يُرْمَى

( قَوْلُهُ وَالنَّرْدُ ) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ صَغِيرَةٌ ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّعِبِ مَجَّانًا غ ر وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْبَغِي تَصْحِيحُهُ ( قَوْلُهُ وَالْقَرَقُ بِفَتْحِ الْقَافِ إلَخْ ) يُسَمَّى فِي هَذَا الزَّمَانِ إدْرِيسَ ( قَوْلُهُ كَالنَّرْدِ فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِهِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْحَاوِي وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَأَنَّهُ يُفَسَّقُ بِهِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَهَكَذَا اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ الْمُفَوِّضَةُ إلَى الْكِعَابِ وَمَا ضَاهَاهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى جَعْلِهِمَا كَالنَّرْدِ اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْحَاوِي وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَهَكَذَا اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ الْمُفَوِّضَةُ إلَى الْكِعَابِ وَمَا ضَاهَاهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ قُلْت وَقَضِيَّةُ هَذَا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِمَا تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ الطَّابَ وَالدُّكَّ فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ فِيهِ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ الْقُضْبَانُ الْأَرْبَعَةُ غ وَمِمَّا أَظْهَرَهُ الْمَرَدَةُ لِلتَّرْكِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ أَوْرَاقًا مُقَصَّصَةً مُزَوَّقَةً بِأَنْوَاعٍ مِنْ النُّقُوشِ يُسَمُّونَهَا كَنَجَفَةٍ يَلْعَبُونَ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى عِوَضٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقِمَارٌ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالنَّرْدِ وَنَحْوِهِ لِمَا سَبَقَ مِنْ التَّوْجِيهِ غ ر وَقَوْلُهُ قُلْت وَقَضِيَّةُ هَذَا إلَخْ تَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الظَّاهِرَ التَّحْرِيمُ

( فَرْعٌ اتِّخَاذُ الْحَمَامِ ) لِلْبَيْضِ أَوْ الْفَرْخِ أَوْ الْأُنْسِ أَوْ حَمْلِ الْكُتُبِ ( مُبَاحٌ وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِهِ ) بِالتَّطْيِيرِ وَالْمُسَابَقَةِ وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ ( فَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ قِمَارٌ ) أَوْ نَحْوُهُ ( رُدَّتْ الشَّهَادَةُ ) بِهِ كَالشِّطْرَنْجِ فِيهِمَا
( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِهِ ) قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَيَحْرُمُ التَّحْرِيشُ بَيْنَ الْكِلَابِ وَالدُّيُوكِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيلَامِ الْحَيَوَانِ بِلَا فَائِدَةٍ وَقَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي أَدَبِ الشُّهُودِ وَيَحْرُمُ تَرْقِيصُ الْقُرُودِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لَهُمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْهِرَاشُ بَيْنَ الدِّيكَيْنِ وَالنِّطَاحُ بَيْنَ الْكَبْشَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى الْحَرَامِ وَكَذَلِكَ عَلَى مَنْ يَلْعَبُ بِالْعُصْفُورِ وَيَجْمَعُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالْحَاثِّ وَمَشْيُ الْبَهْلَوَانِ عَلَى الْحَبْلِ وَاللَّعِبُ بِالْجُلُودِ الْمُقَصَّصَةِ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ الْمُسَمَّى بِخَيَالِ الظِّلِّ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلَّعِبِ بِالْحَيَّاتِ وَمَشْيُ الْبَهْلَوَانِ كَرُكُوبِ الْبَحْرِ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ

( فَرْعٌ الْغِنَاءُ ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ ( وَسَمَاعُهُ ) يَعْنِي اسْتِمَاعَهُ ( بِلَا آلَةٍ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( مَكْرُوهٌ ) لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ } قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ هُوَ الْغِنَاءُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَرَّمَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ { قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جِوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ وَهَذَا عِيدُنَا } ( وَ ) اسْتِمَاعُهُ بِلَا آلَةٍ ( مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ أَشَدُّ ) كَرَاهَةً ( فَإِنْ خِيفَ ) مِنْ اسْتِمَاعِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ أَمْرَدَ ( فِتْنَةٌ فَحَرَامٌ قَطْعًا وَالْحِدَاءُ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَالْمَدِّ وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رَجَزٍ وَغَيْرِهِ ( مُبَاحٌ ) بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مَنْدُوبٌ لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَنْشِيطِهَا لِلسَّيْرِ وَتَنْشِيطِ النُّفُوسِ وَإِيقَاظِ النُّوَامِ ( وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مَسْنُونٌ ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ ( وَلَا بَأْسَ بِالْإِدَارَةِ ) لِلْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ قِطْعَةً ثُمَّ الْبَعْضُ قِطْعَةً بَعْدَهَا .
قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْدِيدِ الْآيَةِ لِلتَّدَبُّرِ وَلَا بِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَةِ فِي الْقِرَاءَةِ ( وَ ) لَا ( قِرَاءَتِهِ بِالْأَلْحَانِ ) إنْ لَمْ يُفْرِطْ ( فَإِنْ أَفْرَطَ ) فِي الْمَدِّ وَالْإِشْبَاعِ ( حَتَّى وَلَّدَ ) حُرُوفًا ( أَوْ أَسْقَطَ حُرُوفًا ) بِأَنْ وَلَّدَهَا ( مِنْ الْحَرَكَاتِ ) فَتَوَلَّدَ مِنْ الْفَتْحَةِ أَلِفٌ وَمِنْ الضَّمَّةِ وَاوٌ وَمِنْ الْكَسْرَةِ يَاءٌ أَوْ أَدْغَمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ ( حَرُمَ ) وَيُفَسَّقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ

الْمُسْتَمِعُ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ( وَيُسَنُّ تَرْتِيلُهُ وَتَدَبُّرُهُ ) لِلْقِرَاءَةِ وَالْبُكَاءُ عِنْدَهَا ( وَاسْتِمَاعُ ) شَخْصٍ ( حَسَنِ الصَّوْتِ ) كَمَا مَرَّتْ فِي الْأَحْدَاثِ ( وَالْمُدَارَسَةُ ) وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ لِخَبَرِ { مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُسَنُّ الْجُلُوسُ فِي حِلَقِ الْقِرَاءَةِ ( وَأَمَّا الْغِنَاءُ عَلَى الْآلَةِ الْمُطْرِبَةِ كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ وَسَائِرٍ الْمَعَازِفِ ) أَيْ الْمَلَاهِي ( وَالْأَوْتَارِ ) وَمَا يُضْرَبُ بِهِ ( وَالْمِزْمَارِ ) الْعِرَاقِيِّ وَهُوَ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْأَوْتَارِ ( وَكَذَا الْيَرَاعُ ) وَهُوَ الشَّبَّابَةُ ( فَحَرَامٌ ) اسْتِعْمَالُهُ وَاسْتِمَاعُهُ وَكَمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ الْآلَاتِ وَاِتِّخَاذُهَا لِأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ وَهِيَ مُطْرِبَةٌ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّ الْيَرَاعِ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ وَعَطْفُ الْمَعَازِفِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَطْفُ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِالْعَكْسِ وَمِنْهَا الصَّنْجُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بِهِ ذُو الْأَوْتَارِ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ .
( وَضَرْبُ الدُّفِّ ) بِضَمِّ الدَّالِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا ( مُبَاحٌ فِي الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ وَغَيْرِهِمَا ) مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ كَعِيدٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ ( وَلَوْ كَانَ بِجَلَاجِلَ ) لِأَخْبَارٍ وَرَدَتْ بِحِلِّ الضَّرْبِ بِهِ كَخَبَرِ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ وَخَبَرِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ جَاءَتْهُ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ

يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْت إنْ رَدَّك اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْك بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت نَذَرْت فَأَوْفِ بِنَذْرِك } رَوَاهُمَا ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُمَا وَتَرْجِيحُ الْإِبَاحَةِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْجَلَاجِلِ الصُّنُوجُ جَمْعُ صَنْجٍ وَهُوَ الْحِلَقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ الدُّفِّ وَالدَّوَائِرِ الْعِرَاضِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَائِرَةِ الدُّفِّ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الضَّرْبَ بِالدُّفِّ وَفِيهِ صَنْجٌ أَشَدُّ إطْرَابًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ مَمْنُوعٌ ( وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الطُّبُولِ إلَّا الْكُوبَةَ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ مُتَّسِعُ الطَّرَفَيْنِ لِخَبَرِ { إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْمَعْنِيُّ فِيهِ التَّشَبُّهُ بِمَنْ يَعْتَادُ ضَرْبَهُ وَهُمْ الْمُخَنَّثُونَ قَالَهُ الْإِمَامُ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَالْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ هُوَ التَّحْرِيمُ فِيمَا عَدَا الدُّفَّ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ قَيَّدُوهُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ قَالَ وَمَنْ أَطْلَقَ التَّحْرِيمَ أَرَادَ بِهِ اللَّهْوَ أَيْ فَالْمُرَادُ إلَّا الْكُوبَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ الطُّبُولِ الَّتِي تُرَادُ لِلَّهْوِ .
( وَيَحْرُمُ الصَّفَّاقَتَانِ ) وَهُمَا مِنْ صُفْرٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَيُسَمَّيَانِ بِالصَّنْجِ أَيْضًا ( لِأَنَّهُمَا مِنْ عَادَةِ الْمُخَنَّثِينَ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَبِالْمُثَلَّثَةِ ( وَطُبُولُ لَعِبِ الصِّبْيَانِ كَالدُّفُوفِ ) فَهِيَ مُبَاحَةٌ ( وَالضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى الْوَسَائِدِ مَكْرُوهٌ ) غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَدُ عَنْ الْغِنَاءِ وَلَا يُطْرِبُ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ ( وَالرَّقْصُ ) بِلَا تَكَسُّرٍ ( مُبَاحٌ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ {

إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا حَتَّى تَنْظُرَ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَيَزْفِنُونَ وَالزَّفْنُ الرَّقْصُ } لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَوْ اعْوِجَاجٍ وَعَلَى الْإِبَاحَةِ الَّتِي صَرَّحَ بِهَا الْمُصَنِّفُ الْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَهِيَ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا وَقَالَ الْقَفَّالُ بِالْكَرَاهَةِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مُحْتَمِلَةٌ لَهَا حَيْثُ قَالَ وَالرَّقْصُ لَيْسَ بِحَرَامٍ ( وَبِالتَّكَسُّرِ حَرَامٌ وَلَوْ مِنْ النِّسَاءِ ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَفْعَالَ الْمُخَنَّثِينَ

( قَوْلُهُ الْغِنَاءُ وَسَمَاعُهُ بِلَا آلَةٍ مَكْرُوهٌ ) وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهُ صِنَاعَةً وَالْقِيَاسُ فِي الْغِنَاءِ الْمَضْمُومِ لِلْآلَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي الْغِنَاءِ وَلَا يَخْفَى تَحْرِيمُهُ حَيْثُ كَانَ السَّمَاعُ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمْرَدَ وَخَشِيَ الْفِتْنَةَ فِيهِمَا ( قَوْلُهُ فَإِنْ خِيفَ فِتْنَةً فَحَرَامٌ ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالْغَصْبِ وَالصَّدَاقِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِلَا آلَةٍ تَحْرِيمَهُ مَعَ الْآلَةِ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنَّ الْقِيَاسَ تَحْرِيمُ الْآلَةِ فَقَطْ وَبَقَاءُ الْغِنَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الشِّطْرَنْجِ ( قَوْلُهُ أَوْ أَمْرَدَ ) أَيْ جَمِيلٍ ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ) وَقَالَ الشَّاشِيُّ فِي الْحِيلَةِ فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ فَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَحَظَرَهَا آخَرُونَ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ التَّفْصِيلَ وَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ بِأَلْحَانٍ لَا تُغَيِّرُ الْحُرُوفَ عَنْ نَظْمِهَا جَازَ وَإِنْ غَيَّرَتْ الْحُرُوفَ إلَى الزِّيَادَةِ فِيهَا لَمْ تَجُزْ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ مُسْتَحَبَّةٌ مَا لَمْ يُزِلْ حَرْفًا عَنْ حَرَكَتِهِ أَوْ يُسْقِطُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ ( قَوْلُهُ وَسَائِرِ الْمَعَازِفِ ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ { لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحُرَّ وَالْخَمْرَ وَالْحَرِيرَ وَالْمَعَازِفَ } وَلِأَنَّهَا تَدْعُو إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِهِ وَلِأَنَّ التَّشَبُّهَ بِأَهْلِ الْمَعَاصِي حَرَامٌ وَمِنْ الْمَعَازِفِ الرَّبَابُ وَالْجُنْكُ وَالْكَمَنْجَةُ .
( قَوْلُهُ وَكَذَا الْيَرَاعُ ) وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيَزْعُمُ أَنَّ الشَّبَّابَةَ حَلَالٌ وَيَحْكِيهِ وَجْهًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا بِحُرْمَةِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَزَامِيرِ وَالشَّبَّابَةُ مِنْهَا بَلْ هِيَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهَا بِالتَّحْرِيمِ فَقَدْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إنَّهَا مِنْ أَعْلَى الْمَزَامِيرِ وَكُلُّ مَا لِأَجْلِهِ

حُرِّمَتْ الْمَزَامِيرُ مَوْجُودٌ فِيهَا وَزِيَادَةً فَتَكُونُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ ( قُلْت ) وَمَا قَالَهُ حَقٌّ وَاضِحٌ وَالْمُنَازَعَةُ فِيهِ مُكَابَرَةٌ غ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ حَالَةِ التَّدَاوِي فَإِنَّ بَعْضَ الْأَمْرَاضِ يَنْجَحُ فِيهِ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ مِنْ آلَاتِ الطَّرِبِ فَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَجْوِيزُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَقَاصَرُ عَنْ التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ وَلُبْسِ الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ ر ( قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ ذُو الْأَوْتَارِ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ ) مَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدُ إنَّ الضَّرْبَ بِالصَّفَاقَتَيْنِ حَرَامٌ وَالصَّنْجُ الْعَرَبِيُّ كَالصَّفَاقَتَيْنِ فِيمَا أَحْسَبُهُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الصَّنْجُ هُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْ صُفْرٍ يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُخْتَصٌّ بِالْعَرَبِ وَذُو الْأَوْتَارِ مُخْتَصٌّ بِالْعَجَمِ وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى النَّوْعَيْنِ لَا كَمَا زَعَمَهُ الْبَارِزِيُّ غ ( قَوْلُهُ وَضَرْبُ الدُّفِّ مُبَاحٌ فِي الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ ) زَادَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِيهِمَا فَإِنَّ مَدَارَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى الْجَوَازِ حَدِيثُ أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ وَهُوَ يَقْتَضِي زِيَادَةً عَلَى الْجَوَازِ .
ا هـ .
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ هُوَ مُسْتَحَبٌّ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ يَعْنِي وَلِيمَةَ الْعُرْسِ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ لِلْبَغَوِيِّ إنَّ إعْلَانَ النِّكَاحِ وَضَرْبَ الدُّفِّ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ ا هـ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَقَوْلُهُ زَادَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ ) هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا ر وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْإِبَاحَةِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ

) ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْجَوَازُ وَلَوْ انْضَمَّ إلَيْهِ الْيَرَاعُ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ اجْتِمَاعُ الدُّفِّ وَالشَّبَّابَةُ حَرَامٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ حِلُّهُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَهُوَ غَيْرُ مُوَافَقٍ عَلَيْهِ بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُنْفَرِدَةً تَجْوِيزُهَا مُجْتَمِعَةً وَبِهِ صَرَّحَ أَحْمَدُ الْغَزَالِيُّ أَخُو حُجَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ وَنَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفِهِ فِي السَّمَاعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَصَحَّ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُمَا سَيِّدَا الْمُتَأَخِّرِينَ عِلْمًا وَوَرَعًا .
ا هـ .
وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حِلِّ الدُّفِّ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ وَضَعَّفَ قَوْلَ الْحَلِيمِيِّ إنَّ إبَاحَتَهُ تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ .
( قَوْلُهُ وَالْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ هُوَ التَّحْرِيمُ فِيمَا عَدَا الدُّفَّ ) وَذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْحَلِيِميُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْحُسَيْنُ الطَّبَرِيُّ فِي الْعُدَّةِ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَالسُّهْرَوَرْدِي فِي الذَّخِيرَةِ وَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَمُجَلِّي وَنَقَلَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَرَوَى الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ الصَّفَّاقَتَانِ ) وَالتَّصْفِيقُ بِالْيَدِ لِلرِّجَالِ لِلَّهْوِ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ زَرْكَشِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَفَّالُ بِالْكَرَاهَةِ إلَخْ ) وَأَشَارَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ إلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَحْوَالِ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِوَجْدٍ فَمُبَاحٌ لَهُمْ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ

( فَرْعٌ الشِّعْرُ ) أَيْ إنْشَاؤُهُ وَ ( إنْشَادُهُ ) وَاسْتِمَاعُهُ أَيْ كُلٌّ مِنْهَا ( مُبَاحٌ ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إلَيْهِمْ مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( لَا الْهِجَاءُ ) بِالْمَدِّ فَلَيْسَ بِمُبَاحٍ وَلَوْ هِجَاءً بِمَا هُوَ صَادِقٌ فِيهِ لِلْإِيذَاءِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ خَبَرَ مُسْلِمٍ { لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا } ( فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا هَجَا بِمَا يُفَسَّقُ بِهِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إثْمٌ حَاكَى الْهَجْوَ كَإِثْمِ مُنْشَئِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَهْجُوُّ مَعْرُوفًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ أَنَّ إثْمَ الْحَاكِي أَعْظَمُ مِنْ إثْمِ الْمُنْشِئِ إذَا كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ سِرًّا فَأَذَاعَهُ وَهَتَكَ بِهِ سِتْرَ الْمَهْجُوِّ .
( وَفِي التَّعْرِيضِ بِهِ تَرَدُّدٌ ) فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِهِ جَزَمَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهَا تُرَدُّ بِهِ بَلْ رَجَّحَهُ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيضُ هَجْوًا كَالتَّصْرِيحِ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ لَيْسَ التَّعْرِيضُ هَجْوًا انْتَهَى وَمَحِلُّ تَحْرِيمِ الْهِجَاءِ إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ أَيْ غَيْرِ مَعْصُومٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ حَسَّانًا بِهِجَاءِ الْكُفَّارِ وَمِنْ هُنَا صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدِعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ هَجْوِ الْكَافِرِ الْمُعِينِ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الْإِبْعَادُ مِنْ الْخَيْرِ وَلَاعِنُهُ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَهُ مِنْهُ فَقَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ بِخِلَافِ الْهَجْوِ .
(

وَالتَّشْبِيبُ بِمُعَيَّنَةٍ ) وَهُوَ ذِكْرُ صِفَاتِهَا مِنْ طُولٍ وَقِصَرٍ وَصُدْغٍ وَغَيْرِهَا ( وَوَصْفٌ ) أَيْ أَوْ وَصْفُ ( أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ مُسْقِطٌ لِلْمَرْأَةِ ) فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بَلْ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لِلْإِيذَاءِ وَالْإِشْهَارِ بِمَا لَا يَلِيقُ وَهَتْكِ السِّتْرِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى خِلَافِهِ فَقَالَ وَمَنْ شَبَّبَ فَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُشَبِّبَ بِامْرَأَتِهِ وَجَارِيَتِهِ وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَدَمُ رَدِّ الشَّهَادَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَزَادَ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّصَّ الْمَذْكُورَ لَا يُرَدُّ بِهِ ذَلِكَ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَا لَيْسَ حَقُّهُ الْإِخْفَاءَ مِنْ وَصْفِ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ ( وَالْغُلَامُ ) فِيمَا ذُكِرَ ( كَالْمَرْأَةِ إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَعْشَقُهُ ) فَيُشْتَرَطُ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ تَعْيِينُ الْغُلَامِ ( فَإِنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِيهِ ) أَيْ فِي شِعْرِهِ ( وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ ) وَإِلَّا فَلَا كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ ( وَإِنْ قَصَدَ بِهِ إظْهَارَ الصِّفَةِ لَا إيهَامَ الصِّدْقِ ) فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَالصَّيْدَلَانِيِّ قَالَا لِأَنَّ الْكَاذِبَ يُوهِمُ الْكَذِبَ صِدْقًا بِخِلَافِ الشَّاعِرِ ( وَالتَّشَبُّبُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ صَنْعَةٌ ) وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ مَعَ الْكَثْرَةِ بَنَاهُ الْأَصْلُ عَلَى ضَعِيفٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْقَلِيلِ ( وَلَيْسَ ذِكْرُ امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ كَلَيْلَى تَعْيِينًا ) التَّمْثِيلُ بِلَيْلَى مِنْ زِيَادَتِهِ

قَوْلُهُ الشِّعْرُ وَإِنْشَادُهُ مُبَاحٌ ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ نَوْعَانِ مَا حَذَّرَ مِنْ الْآخِرَةِ وَمَا حَثَّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ( قَوْلُهُ لَا الْهِجَاءُ فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ ) لِأَنَّهُ يُحْفَظُ عَنْهُ وَيُنْشَدُ كُلَّ وَقْتٍ فَيَحْصُلُ بِهِ التَّأَذِّي لِلْمَهْجُوِّ وَوَلَدِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ النَّظْمِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إثْمُ حَاكِي الْهَجْوِ كَإِثْمِ مُنْشَئِهِ إذَا اسْتَوَيَا ) أَمَّا لَوْ أَنْشَأَهُ وَلَمْ يُذِعْهُ وَأَذَاعَهُ الْحَاكِي وَأَشْهَرَهُ فَهُوَ أَشَدُّ مَأْثَمًا بِلَا شَكٍّ غ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ جَزَمَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهَا تُرَدُّ بِهِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ ) أَيْ غَيْرِ مَعْصُومٍ جَازَ فَصَّلَ بَعْضُهُمْ فِي الْكَافِرِ بَيْنَ مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ أَوْ مَيِّتٍ يَتَأَذَّى لِهَجْوِهِ أَهْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الذِّمِّيِّينَ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ فَصَّلَ بَعْضُهُمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِلْأَذْرَعِيِّ نَظَرٌ فِي حَرْبِيٍّ مَيِّتٍ يَتَأَذَّى بَهِجُوهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ قَالَ شَيْخُنَا لَيْسَ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ تَحْرِيمُهُ إلَّا لِقَصْدِ زَجْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتُوبُ وَتَبْقَى عَلَيْهِ وَصْمَةُ الشَّعْرِ السَّابِقِ ( قَوْلُهُ وَوَصْفُ أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ إلَخْ ) قَالَ الْفَتَى جَعَلَ وَصْفَ الْأَعْضَاءِ فِي الْمُعَيَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُسْقِطٌ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَعَبَّرْت بِالصَّوَابِ وَقُلْت وَالتَّشْبِيبُ بِمُعَيَّنَةٍ أَوْ يَصِفُ أَعْضَاءً بَاطِنَةً وَلَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ مُسْقِطٌ لِلْمُرُوءَةِ .
( قَوْلُهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا ) وَهُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَدَمُ رَدِّ الشَّهَادَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ ) قَالَ

الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يُسْقِطُ مُرُوءَتَهُ مِنْ ذِكْرِ مَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ ( قَوْلُهُ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْكَذِبِ فِيهِ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الشِّعْرُ الْمَحْظُورُ بِالْكَذِبِ وَالْفُحْشِ هُمَا جَرْحٌ فِي حَقِّ قَائِلِهِ وَأَمَّا مُنْشِدُهُ فَإِنْ حَكَاهُ اضْطِرَارًا لَمْ يَكُنْ جَرْحًا أَوْ اخْتِيَارًا كَانَ جَرْحًا وَقَدْ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ إنَّهُ لَا تَحْرُمُ رِوَايَةُ شِعْرِ الْهَجْوِ فَإِنَّ الْمَغَازِيَ رُوِيَ فِيهَا قَصَائِدُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ هَجَوْا الصَّحَابَةَ وَأَذِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْرِ الَّذِي تَقَاوَلُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَغَيْرِهِمَا إلَّا قَصِيدَةَ أُمَيَّةَ بْنِ الصَّلْتِ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ غَيْرَ الْإِيذَاءِ كَشِعْرِ أَهْلِ الزَّمَانِ وَدَأْبِ أَهْلِ اللَّعِبِ وَالْبَطَالَةِ ر ( قَوْلُهُ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْقَلِيلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَلَيْلَى ) وَلَبَنَى وَدُعْدَى وَسُعْدَى وَسَلْمَى وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَدَّ إلَى الْإِمَامِ إلَخْ ) وَلِهَذَا لَوْ غَصَبَهَا وَوَطِئَهَا فِي ظَنِّهِ ثُمَّ بَانَتْ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَسَقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَلَوْ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ لَمْ تُرَدَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدَّ آكَدُ مِنْ الْفِسْقِ وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ الْفِسْقُ بِالتَّوْبَةِ دُونَ الْحَدِّ وَأَيْضًا الْغَرَضُ بِالْحَدِّ الرَّدْعُ فَيُرْدَعُ عَنْ قَلِيلِهِ لِئَلَّا يَدْعُوَ إلَى الْإِسْكَارِ وَهُوَ لِلْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ اعْتِقَادُهُ وَالشَّهَادَةُ مَآخِذُهَا لِثِقَةٍ بِهِ وَمُعْتَقِدُ الْحِلِّ مَوْثُوقٌ بِهِ

( فَرْعٌ شُرْبُ الْخَمْرِ ) عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ ( يُوجِبُ الْحَدَّ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ وَإِنْ قَلَّ ) الْمَشْرُوبُ وَلَمْ يُسْكِرْ كَمَا مَرَّ ( وَتُرَدُّ شَهَادَةُ بَائِعِهَا وَمُشْتَرِيهَا ) لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَتَدَاوٍ أَوْ قَصْدِ تَخَلُّلٍ ( لَا مُمْسِكِهَا فَرُبَّمَا قَصَدَ ) بِإِمْسَاكِهَا ( التَّخْلِيلَ ) أَوْ التَّخَلُّلَ وَلَا عَاصِرِهَا وَمُعْتَصِرِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ شُرْبَهَا أَوْ الْإِعَانَةَ عَلَيْهِ ( وَالْمَطْبُوخُ مِنْهَا كَالنَّبِيذِ ) فَإِذَا شَرِبَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْقَدْرَ الْمُسْكِرَ حُدَّ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ( فَلَوْ شَرِبَ مِنْهُ قَدْرًا لَا يُسْكِرُ وَاعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ ) كَالْحَنَفِيِّ ( حُدَّ وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ ) لِأَنَّ الْحَدَّ إلَى الْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ اعْتِقَادُهُ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ يَعْتَمِدُ اعْتِقَادَ الشَّاهِدِ وَلِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَشُرْبُ مَا ذُكِرَ يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ لِسُقُوطِ الثِّقَةِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ التَّحْرِيمَ ( وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ ) حُدَّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَ ( رُدَّتْ ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ لَمْ يُؤْمَنْ جَرَاءَتُهُ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ ( وَمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ ) وَهُوَ ( يَعْتَقِدُهَا أَجْنَبِيَّةً رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَا ) مَنْ وَطِئَ ( أَجْنَبِيَّةً ) وَهُوَ ( يَظُنُّهَا أَمَتَهُ ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ فِيهِمَا وَتَعْبِيرُهُ أَوَّلًا بِالِاعْتِقَادِ وَثَانِيًا بِالظَّنِّ تَفَنُّنٌ ( وَإِنْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ ) نَكَحَ ( نِكَاحَ مُتْعَةٍ وَوَطِئَ ) فِيهِمَا وَهُوَ ( يَعْتَقِدُ الْحِلَّ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ أَوْ الْحُرْمَةَ رُدَّتْ ) لِذَلِكَ .
( وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مُلْتَقِطِ النِّثَارِ وَإِنْ كُرِهَ ) الْتِقَاطُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ عِنْدَ جَمَاعَةٍ ( وَتُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَ الدَّعْوَةِ بِلَا نِدَاءٍ أَوْ ضَرُورَةٍ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ اسْتِحْلَالَ صَاحِبِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مُحَرَّمًا وَإِنَّمَا

اُشْتُرِطَ التَّعَوُّدُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ حَتَّى يَمْنَعَهُ صَاحِبُ الطَّعَامِ فَإِذَا تَعَوَّدَ صَارَ دَنَاءَةً وَقِلَّةَ مُرُوءَةٍ ( لَا دَعْوَةِ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَهَا لِأَنَّهُ طَعَامٌ عَامٌّ

( الشَّرْطُ الْخَامِسُ الْمُرُوءَةُ وَهِيَ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ ) وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ الْمُرُوءَةُ تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْبُلْدَانِ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ ( فَتَرْكُهَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ ) لِأَنَّهُ إمَّا نَقْصُ عَقْلٍ أَوْ قِلَّةُ مُبَالَاةٍ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ تَبْطُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ وَتَرْكُهَا ( مِثْلَ أَنْ يَلْبِسَ الْفَقِيهُ لِبْسَ الْعَرَبِيِّ أَوْ التَّاجِرُ ثَوْبَ الْجَمَّالِ وَيَتَرَدَّدَا فِيهِ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُمَا لُبْسَهُ فِيهِ وَ ) مِثْلُ فِعْلِ ( كُلِّ مَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ ضُحْكَةً ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ ثَانِيهِ أَيْ يُضْحَكُ مِنْهُ كَأَنْ يَتَعَمَّمُ الْجَمَّالُ وَيَتَطَيْلَسَ وَيَرْكَبَ بَغْلَةً مُثَمَّنَةً وَيَطُوفَ فِي السُّوقِ ( وَ ) مِثْلُ ( الْمَشْيِ فِي السُّوقِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ ) أَوْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ ( مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ وَأَكْلُ غَيْرِ السُّوقِيِّ فِي السُّوقِ ) لِغَيْرِ جُوعٍ شَدِيدٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَغَوِيّ ( وَشُرْبِهِ مِنْ سِقَايَاتِهِ لَا ) شُرْبِهِ مِنْهَا ( لِعَطَشٍ شَدِيدٍ ) بِخِلَافِ السُّوقِيِّ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ ( وَمَدِّ الرِّجْلِ عِنْدَ النَّاسِ ) بِلَا ضَرُورَةٍ وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْتَشِمُهُ فَلَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ إخْوَانِهِ أَوْ نَحْوِهِمْ كَتَلَامِذَتِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ ( وَتَقْبِيلِ أَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَتِهِمْ ) .
وَأَمَّا تَقْبِيلُ ابْنِ عُمَرَ أَمَتَهُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَكَأَنَّهُ تَقْبِيلُ اسْتِحْسَانٍ لَا تَمْنَعُ أَوْ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ أَوْ لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَضُرُّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ ( أَوْ حِكَايَةِ مَا يَفْعَلُهُ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ ) تَقَدَّمَ كَرَاهَةُ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي

الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ ( وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْحِكَايَاتِ الْمُضْحِكَةِ وَ ) مِنْ ( سُوءِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْمُعَامِلِينَ ) وَالْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ ( وَ ) مِنْ ( الْمُضَايَقَةِ فِي الْيَسِيرِ ) الَّذِي لَا يُسْتَقْصَى فِيهِ ( وَالْإِكْبَابِ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ وَالْحَمَامِ وَالْغِنَاءِ وَسَمَاعِهِ ) أَيْ اسْتِمَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ ( وَكَذَا ) الْإِكْبَابُ عَلَى ( إنْشَادِ الشِّعْرِ وَاسْتِنْشَادِهِ حَتَّى يَتْرُكَ بِهِ مُهِمَّاتِهِ وَ ) مِثْلَ ( اتِّخَاذِ جَارِيَةٍ وَغُلَامٍ لِيُغَنِّيَا لِلنَّاسِ ) وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ ( وَ ) مِثْلُ الْإِكْبَابِ عَلَى ( الرَّقْصِ وَ ) عَلَى ( الضَّرْبِ بِالدُّفِّ وَيَرْجِعُ فِي الْإِكْثَارِ ) مِمَّا ذُكِرَ ( إلَى الْعَادَةِ وَالشُّخُوصِ ) إذْ يُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ قَدْرٌ لَا يُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِ ( وَلِلْأَمْكِنَةِ ) وَالْأَزْمِنَةِ فِيهِ ( تَأْثِيرٌ فَلَيْسَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ ) مَثَلًا ( فِي الْخَلْوَةِ مِرَارًا كَالسُّوقِ وَالطُّرُقِ ) أَيْ كَاللَّعِبِ فِيهِمَا ( مَرَّةً ) فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ مَا ذُكِرَ بِالْكَثْرَةِ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِيمَا عَدَاهُ لَكِنْ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْكُلِّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ .
ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يُعَدُّ خَارِمًا لَهَا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرِهِ فَالْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ السُّوقِيِّ مَرَّةً فِي السُّوقِ لَيْسَ كَالْمَشْيِ فِيهِ مَكْشُوفًا ( وَالتَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ قَدْ لَا يَزْرِي بِمَنْ يَلِيقُ بِهِ ) فَلَا يَكُونُ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ هَذَا فِي الشِّعْرِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَفِي الْغِنَاءِ بَحَثَهُ وَقَالَ إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا كَانَ لَا يُتَقَصَّى إذَا مُدِحَ وَلَا يُذَمُّ إذَا مَنَعَ بَلْ يَقْبَلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَرُدَّ الثَّانِي بِأَنَّ الْوَجْهَ إبْقَاءُ كَلَامِ

الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنْ ذَلِكَ وَضِيعٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ مُسَلِّمٌ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا ذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ ( وَحَمْلُ الْمَاءِ وَالْأَطْعِمَةِ إلَى الْبَيْتِ شُحًّا لَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ ) التَّارِكِينَ لِلتَّكَلُّفِ ( قِلُّ ) بِمَعْنَى قِلَّةٍ أَيْ خَرْمُ ( مُرُوءَةٍ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ) بِخِلَافِ مَنْ يَلِيقُ بِهِ وَمَنْ يَفْعَلُهُ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ ( وَالتَّقَشُّفُ فِي الْأَكْلِ ) وَاللِّبْسِ ( كَذَلِكَ ) فَيُخِلُّ بِمُرُوءَةِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ إنْ فَعَلَهُ شُحًّا لَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْحِرَفِ ) الْمُبَاحَةِ ( الدَّنِيئَةِ ) بِالْهَمْزِ ( إنْ لَاقَتْ بِهِمْ ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ آبَائِهِمْ ( كَحَجَّامٍ وَكَنَّاسٍ وَدَبَّاغٍ وَكَذَا مَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ إنْ حَافَظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا فِي ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ وَحَارِسٍ وَحَمَّامِيٍّ وَإِسْكَافٍ وَقَصَّابٍ وَحَائِكٍ ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا حِرَفٌ مُبَاحَةٌ وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا وَلَوْ رَدَدْنَا شَهَادَةَ أَرْبَابِهَا لَمْ نَأْمَنْ أَنْ يَتْرُكُوهَا فَيَعُمُّ الضَّرَرُ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ( وَلَيْسَ الصَّبَّاغُ وَالصَّائِغُ مِنْهُمْ ) قَضِيَّتُهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِهِمَا حِرْفَتُهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُمَا كَالْمَذْكُورِينَ لَكِنَّهُمَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ ( وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الصَّنَائِعِ ) الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا ( الْكَذِبَ وَخُلْفَ الْوَعْدِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ ) ( تَنْبِيهٌ ) التَّوْبَةُ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ سُنَّةٌ كَمَا فِي الْمَعَاصِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ ( فَرْعٌ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَتَسْبِيحَاتِ الصَّلَاةِ تَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ ) لِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَإِشْعَارِهِ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْمُهِمَّاتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ فِي الْحَاضِرِ أَمَّا مَنْ يُدِيمُ

السَّفَرَ كَالْمَلَّاحِ وَالْمُكَارَى وَبَعْضِ التُّجَّارِ فَلَا ( وَكَذَا ) يَقْدَحُ فِيهَا مُدَاوَمَةُ ( مُنَادَمَةِ مُسْتَحِلِّ النَّبِيذِ مَعَ السُّفَهَاءِ وَ ) كَذَا ( كَثْرَةُ شُرْبِهِ ) إيَّاهُ ( مَعَهُمْ ) لِإِخْلَالِ ذَلِكَ بِالْمُرُوءَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا ) كَثْرَةُ ( السُّؤَالِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ طَافَ ) مُكْثِرُهُ ( بِالْأَبْوَابِ ) فَلَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَسْبٍ مُبَاحٍ يَكْفِيهِ لِحِلِّ الْمَسْأَلَةِ لَهُ حِينَئِذٍ ( إلَّا إنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِي دَعْوَى الْحَاجَةِ أَوْ أَخْذِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ ) أَخْذُهُ فَيَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الثَّانِيَةِ قَلِيلًا اُعْتُبِرَ التَّكَرُّرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ

( قَوْلُهُ تَخَلُّقُهُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ إلَخْ ) فِي رِعَايَةِ مَنَاهِجِ الشَّرْعِ وَآدَابِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ وَكَتَبَ أَيْضًا اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ خُلُقُ أَمْثَالِهِ حَلْقَ اللِّحَى كَالْقَلَنْدَرِيَّ مَعَ فَقْدِ الْمُرُوءَةِ فِيهِمْ وَقَدْ يَرْتَقِي عَنْ خُلُقِ أَمْثَالِهِ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ ذُو مُرُوءَةٍ وَإِنَّهُ يَشْمَلُ فِعْلَ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ مَعَ أَنَّ الْمُرُوءَةَ زَائِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَارَ أَنَّهَا صَوْنُ النَّفْسِ عَنْ تَعَاطِي مُبَاحَاتٍ أَوْ مَكْرُوهَاتٍ غَيْرِ لَائِقَةٍ بِفَاعِلِهَا عُرْفًا أَوْ دَالَّةٍ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يَهْتَمُّ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْمُرُوءَةُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءُ وَالتَّوَاضُعُ وَالنُّسُكُ ثُمَّ جَوَّزَ الْبُلْقِينِيُّ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُرُوءَةِ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَقَسَّمَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُرُوءَةَ إلَى شَرْطٍ فِي الْعَدَالَةِ وَهُوَ مُجَانَبَةُ مَا سَخُفَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُؤْذِي أَوْ الْمُضْحِكِ وَتَرْكُ مَا مُكَاتَبُهُ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي يَلْهُو بِهِ وَغَيْرُ شَرْطٍ فِيهَا وَهُوَ الْإِفْضَالُ بِالْمَالِ وَالطَّعَامِ وَالْمُسَاعَدَةُ بِالنَّفْسِ وَالْجَاهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَهْلِ الصِّيَانَةِ دُونَ أَهْلِ الْبِذْلَةِ فِي مَلْبَسِهِ وَمَأْكَلِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ نَشَأَ عَلَيْهَا مِنْ صِغَرِهِ لَمْ تَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ وَإِلَّا قَدَحَتْ وَقِيلَ إنْ اخْتَصَّتْ بِالدِّينِ قَدَحَتْ أَوْ بِالدُّنْيَا فَلَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ وَقَوْلُهُ ثُمَّ جَوَّزَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَتَرَدَّدَا فِيهِ فِي مَوَاضِعَ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُمَا لُبْسَهُ فِيهِ ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ لُبْسَهُ فِي الْبَيْتِ لُبْسٌ كَذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا يَنْتَابُهُ النَّاسُ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالتَّرَدُّدِ فِي

الْبَلَدِ فَلَوْ اعْتَادَ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ وَجَاءَ إلَى بَلَدٍ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ فِيهَا فَهَلْ يَتْبَعُ عَادَةَ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ أَوْ يُتْرَكُ عَلَى سَجِيَّتِهِ الثَّانِي أَظْهَرُ قَالَ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ لَا يُعْتَادُ لِمَنْ لَمْ يَعْتَدِهِ فِي بَلَدِهِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَمَّا كَشْفُ الْعَوْرَةِ فَحَرَامٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : الْوُقُوفُ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ فِي السُّوقِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ بِبَابِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَلِيقُ بِهِ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ فِي السُّوقِ ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا وَقَيَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ بِنَصَبِ مَائِدَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَصْبِ مَائِدَةٍ وَغَيْرِهِ قَاعِدًا كَانَ أَوْ قَائِمًا مَاشِيًا كَانَ أَوْ رَاكِبًا لِأَنَّهُ خِلَافُ عَادَةِ الْمُرُوءَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ تَكَرُّرًا دَالًّا عَلَى قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَعِبَارَةُ الْوَسِيطِ الْأَكْلُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَطْرُوقًا فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فِي السُّوقِ مَوْجُودٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّوفِيِّ الْمُتَزَهِّدِ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَغَوِيّ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَقْبِيلِ أَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَتِهِمْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ النَّاسُ الَّذِينَ يُسْتَحْيَا مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَالتَّقْبِيلُ الَّذِي يُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ فَلَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ بِحَضْرَةِ زَوْجَاتٍ لَهُ غَيْرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ وَمَا يُعْتَادُ مِنْ تَقْبِيلِ الْعَرُوسِ لَيْلَةَ جَلَائِهَا فِي عَدِّهِ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ تَوَقُّفٌ لِأَنَّ

اعْتِبَارَ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ عَنْ مَقَامِ الِاسْتِحْيَاءِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ .
ا هـ .
وَفِي مَعْنَى الْقُبْلَةِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِمْتَاعِ كَالصَّدْرِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ النَّاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْحِكَايَاتِ إلَخْ ) يَقْتَضِي أَنَّ مَا عَدَاهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْإِكْثَارِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ ( فَرْعٌ ) خِضَابُ اللِّحْيَةِ بِالسَّوَادِ سَفَهٌ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَكَذَا نَتْفُهَا إبْقَاءً لِلْمُرُوءَةِ أَوْ عَيْنًا بَعْدَ تَكَامُلِهَا أَوْ تَدَيُّنًا كَالْقَلَنْدَرِيَّ وَنَتْفُ إبِطِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَالتَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ ) مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَأَنْ يَأْخُذ وَلَا يَكْتُبَ ( قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قُلُّ مُرُوءَةٍ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا .
( قَوْلُهُ إنْ لَاقَتْ بِهِمْ ) أَوْ أَجْبَرَهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِالْمُبَاحَةِ غَيْرُهَا كَحِرْفَةٍ الْمُنَجِّمِ وَالْعَرَّافِ وَالْكُهَّانِ وَالْمُصَوِّرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لِأَنَّ شِعَارَهُمْ التَّلْبِيسُ عَلَى الْعَامَّةِ وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ بَاطِلَةٌ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ وَلَا يَكْتُبُ فَإِنَّ نُفُوسَ شُرَكَائِهِ لَا تَطِيبُ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَسْلَمُ طَرِيقٍ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَرَقُ مُشْتَرَكٍ وَيَكْتُبُ وَيُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَمَنِ الْوَرَقِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَكَانَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْكِنَانِيُّ يَسْتَشْكِلُ

جَعْلَهُمْ الْحِرَفَ الدَّنِيَّةَ مِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ مَعَ جَعْلِهِمْ الْحِرَفَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَنْزِلُ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ ر ( قَوْلُهُ وَخُلْفُ الْوَعْدِ ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَلْحَقُوا ذَلِكَ بِالْفِسْقِ ( قَوْلُهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ الْفِسْقِ إلَخْ ) قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ تَرَكَ السُّنَنَ وَاشْتَغَلَ بِقَضَاءِ الْفَرَائِضِ فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ الْوِتْرَ أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَوْ غَيْرَهُمَا فَلَا ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الشَّرْطُ السَّادِسُ عَدَمُ التُّهْمَةِ فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ نَفْعًا أَوْ دَفَعَ ) بِهَا عَنْهُ ( ضَرَرًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَلَا تُقْبَلُ ) شَهَادَةُ أَحَدٍ ( لِعَبْدِهِ ) الْمَأْذُونِ لَهُ وَغَيْرِهِ ( وَمُكَاتَبِهِ وَمُوَرِّثِهِ وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ ) وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ تَرِكَتُهُ الدُّيُونَ ( أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ ) وَذَلِكَ لِلتُّهْمَةِ ( وَتُقْبَلُ ) شَهَادَتُهُ لِغَرِيمِهِ الْمُوسِرِ وَكَذَا الْمُعْسِرُ ( قَبْلَ الْحَجْرِ ) عَلَيْهِ ( وَالْمَوْتِ ) لِغَرِيمِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِذِمَّتِهِ لَا بِعَيْنِ أَمْوَالِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَالْمَوْتِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَتُرَدُّ شَهَادَةُ وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ ) بِجُعْلٍ وَبِدُونِهِ وَقَيِّمٍ ( فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ ) كُلٌّ مِنْهُمْ لِمَنْ قَامَ هُوَ مَقَامَهُ لِاقْتِضَاءِ شَهَادَتِهِ سَلْطَنَةَ التَّصَرُّفِ فِيمَا شَهِدَ بِهِ وَمَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ مَرَّتْ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْوَكَالَةِ وَذِكْرُ الْوَلِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَ ) تُرَدُّ شَهَادَةُ ( ضَامِنٍ شَهِدَ بِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ ) أَيْ مِمَّا ضَمِنَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهَا الْغُرْمَ عَنْ نَفْسِهِ ( وَ ) شَهَادَةُ ( شَرِيكٍ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ ) مَثَلًا ( بَيْنَنَا ) فَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَلِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ الصِّحَّةُ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ دُونَ نَصِيبِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِفَرْعِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَمَا بَحَثَهُ يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّصْوِيرِ أَيْضًا فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمَطْلَبِ .
( فَإِنْ شَهِدَ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ وَحْدَهُ قُبِلَتْ ) إذْ لَا تُهْمَةَ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ وَارِثٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ فَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُشَارَكَةُ الْآخَرِ فِيمَا يَقْبِضُهُ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الشَّهَادَةَ

لَلشَّرِيك غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَا شَهِدَ بِهِ لِشَرِيكِهِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ شَيْءٍ لَهُ فِيهِ لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا سُمِعَتْ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ ( وَلَا ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ ( بِبَيْعِ شِقْصٍ ) مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي بِشِرَائِهِ وَ ( لَهُ فِيهِ شُفْعَةٌ ) لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ وَمِثْلُهُ شَهَادَتُهُ بِالشِّرَاءِ صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ إدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ( لَا ) شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ ( بَعْدَ الْعَفْوِ ) عَنْهَا لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهَا قَبْلَ شَهَادَتِهِ ( وَلَا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ ) إذْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَلَا تُهْمَةَ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تُهْمَةِ الْخَلَاصِ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ ( وَتُرَدُّ شَهَادَةُ وَارِثٍ بِجَرْحِ مُوَرِّثِهِ ) عِنْدَهَا ( قَبْلَ الِانْدِمَالِ ) وَإِنْ انْدَمَلَ بَعْدَهَا لِلتُّهْمَةِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ أَخَذَ الْأَرْشَ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَدَخَلَ فِي كَوْنِهِ مُوَرِّثًا لَهُ عِنْدَ شَهَادَتِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَخُو الْجَرِيحِ وَهُوَ وَارِثٌ لَهُ ثُمَّ وُلِدَ لِلْجَرِيحِ ابْنٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ .
وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ وَلِلْجَرِيحِ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ثُمَّ إنْ صَارَ وَارِثًا وَقَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ لَمْ يُنْقَضْ كَمَا لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ أَوْ لَا فَلَا يُحْكَمُ بِهَا وَخَرَجَ بِقَبْلِ الِانْدِمَالِ الْمَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ هُنَا شَهَادَتُهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الْجَرِيحُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْجَرْحِ وَادَّعَى بِهِ عَلَى الْجَارِحِ وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِأَرْشِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فَشَهِدَ لَهُ وَارِثُ الْجَرِيحِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ ( لَا ) شَهَادَتُهُ ( بِمَالٍ لَهُ ) أَيْ لِمُوَرِّثِهِ وَلَيْسَ بَعْضًا لَهُ فَتُقْبَلُ ( وَلَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ مَجْرُوحٌ )

وَلَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَفَارَقَ شَهَادَتَهُ بِالْجَرْحِ بِأَنَّ الْجَرْحَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ ( وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَدِيعِ وَالْمُرْتَهِنِ بِهِمَا ) أَيْ الْوَدِيعَةِ وَالْمَرْهُونِ ( لِلْمُودَعِ وَالرَّاهِنِ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَدِيمُ الْيَدَ لِنَفْسِهِ ( وَتُقْبَلُ ) شَهَادَتُهُ بِهِمَا ( لِغَيْرِهِمَا ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ ( وَلَا ) تُقْبَلُ ( شَهَادَةُ غَاصِبٍ ) عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ( بِالْمَغْصُوبِ لِأَجْنَبِيٍّ ) لِفِسْقِهِ وَلِتُهْمَتِهِ بِدَفْعِ الضَّمَانِ وَمُؤْنَةِ الرَّدِّ عَنْهُ ( فَإِنْ شُهِدَ ) لَهُ بِهِ ( بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالرَّدِّ ) لَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَا بَعْدَ ( التَّلَفِ ) لَهُ ( قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّلَفِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَرْدُودَ بَعْدَ أَنْ جَنَى فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَةً مَضْمُونَةً كَالتَّالِفِ فِيمَا ذُكِرَ وَالتَّصْرِيحُ بِبَعْدَ التَّوْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا ) شَهَادَةُ ( مُشْتَرٍ شِرَاءً فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ ) لِلْمَبِيعِ ( بِالْمِلْكِ ) فِيهِ ( لِغَيْرِ خَصْمِهِ ) أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ ( إلَّا بَعْدَ الرَّدِّ ) لَهُ لِمَا ذُكِرَ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا شَهَادَةُ مُشْتَرٍ ) شِرَاءً صَحِيحًا ( لِبَائِعٍ ) بِالْمَبِيعِ ( إنْ ) فُسِخَ الْبَيْعُ كَأَنْ ( رَدَّ ) عَلَيْهِ ( بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ ) أَوْ خِيَارٍ ( لِاسْتِبْقَائِهِ الْغَلَّةَ ) لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ تَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ .
( وَلَوْ أَثْبَتَ رَجُلٌ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِإِخْوَةِ مَيِّتٍ لَهُ دَيْنٌ ) عَلَى شَخْصٍ ( فَشَهِدَ الْمَدْيُونُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَمْ تُقْبَلْ ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مَا عَلَيْهِ لِلْأَخِ إلَى مَنْ شَهِدَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ شَهَادَتُهُ ( وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ) أَيْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ ( بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَمَنْ أَوْصَى لَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يُقَالُ تُقْبَلُ

شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا دُونَ حَقِّهِمَا لِقِصَرِ التُّهْمَةِ عَلَيْهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَدْيُونِ بِمَوْتِ الْغَرِيمِ ) وَهُوَ الدَّائِنُ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَا يُنْظَرُ هُنَا إلَى نَقْلِ الْحَقِّ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ وَكَأَنَّهُ هُوَ ( لَا ) شَهَادَةُ ( الْعَاقِلَةِ ) وَلَوْ فُقَرَاءَ ( وَالْغُرَمَاءِ بِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِقَتْلٍ خَطَأٍ ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ الْعَاقِلَةَ ( وَدَيْنٍ ) أَيْ وَبِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِدَيْنٍ آخَرَ ( عَلَى الْمُفْلِسِ ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ تُهْمَةُ دَفْعِ ضَرَرِ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ وَمُزَاحَمَةِ الْغُرَمَاءِ أَمَّا شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقٍ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِقَتْلٍ عَمْدًا وَبِإِقْرَارٍ بِقَتْلٍ وَلَوْ خَطَأً فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ تَحَمُّلِهِمْ الْعَقْلَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ شَهَادَةَ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ بِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِمَالٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْيَتِيمِ ( فَإِنَّ شَهِدَ ) شَخْصٌ ( بِوَصِيَّةٍ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ بِوَصِيَّةٍ أَيْضًا .
وَلَوْ ) كَانَتْ الْوَصِيَّتَانِ ( مِنْ تَرِكَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ ) أَيْ قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ لِانْفِصَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى بِغَيْرِ تُهْمَةٍ وَاحْتِمَالُ الْمُوَاطَأَةِ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا ( كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ الْقَافِلَةِ لِبَعْضٍ عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ ) بِمِثْلِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ الْبَعْضُ الْآخَرُ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ إذَا نَسَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا شَهِدَ بِهِ إلَى الْآخَرِ بِأَنْ يَقُولَ أَخَذُوا مَالَ هَذَا فَإِنْ نَسَبَهُ إلَيْهِمَا مَعًا كَقَوْلِهِ أَخَذُوا مَالَنَا لَمْ تُقْبَلَا لِلتُّهْمَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ الْفُقَرَاءِ أَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهٍ لِلْفُقَرَاءِ قُبِلَتْ أَوْ بِثُلُثِ مَالِهِ لَنَا لَمْ تُقْبَلْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَبُولُهَا بِمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ فُقَرَاءُ سِوَى الشَّاهِدَيْنِ

ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالْقَبُولِ فَهَلْ يَدْخُلُ الشَّاهِدَانِ فِي الْوَصِيَّةِ فِيهِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ تَبَعًا لِغَيْرِهِمَا وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِحْقَاقُهُمَا بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِمَا قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِأَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ فِيهَا وَمَا بَحَثَهُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الدَّمِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونُوا غَيْرَ مَحْصُورَيْنِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا قَلُّوا وَكَثُرَ الْمُوصَى بِهِ وَفِي اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ وَقْفَةٌ تُتَلَقَّى مِنْ كَلَامٍ لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ الرِّفْعَةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْوَقْفِ

قَوْلُهُ الشَّرْطُ السَّادِسُ عَدَمُ التُّهْمَةِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَدْنَى أَنْ لَا تَرْتَابُوا } وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ { لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ظَنِينٍ } وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ { لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ وَلَا ذِي الْحِنَّةِ } ثُمَّ قَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالظِّنَّةُ التُّهْمَةُ وَالْحِنَّةُ الْعَدَاوَةُ ( قَوْلُهُ فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ إلَخْ ) كَذَا لَوْ جَرَّ إلَى أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ دَفَعَ عَنْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِلْأَصْلِ الَّذِي ضِمْنُهُ ابْنُهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَا يُقَالُ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا شَهِدَ لَهُمَا بِهِ مَقْصُودًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَ الْخُنْثَى بِمَالٍ لَوْ كَانَ ذَكَرًا لَكَانَ يَسْتَحِقُّ فِيهِ كَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَذْكُورِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَتَّضِحُ ذُكُورَتُهُ فَتَكُونُ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ .
( قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ لِعَبْدِهِ ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ شَهَادَتَهُ لَهُ عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ فَتُقْبَلُ قَالَهُ تَخْرِيجًا قَالَ وَلَوْ شَهِدَ لِعَبْدِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ تَسَلَّمَتْ مِنْهُ الصَّدَاقَ مِنْ كَسْبِهِ فِي أَيَّامِ بَائِعِهِ أَوْ مُشْتَرِيهِ وَقُلْنَا إنَّهُ يَعُودُ لِلْبَائِعِ كُلُّهُ بِالْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ شَطْرُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي أَيَّامِ بَائِعِهِ خِلَافًا لِلْمُصَحَّحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الصَّدَاقِ قَالَ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ لَوْ شَهِدَ لَهُ الْوَارِثُ عَلَى شَخْصٍ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً قُبِلَتْ وَإِنْ كَانَ عَبْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا وَلَوْ اسْتَلْحَقَ عَبْدُهُ لَقِيطًا وَقُلْنَا لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فَشَهِدَ لَهُ مَالِكُهُ قُبِلَتْ ( قَوْلُهُ وَمُكَاتَبِهِ ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ وُجِدَ تَبَعًا كَمَا لَوْ شَهِدَ بِشِرَاءِ شِقْصٍ فِيهِ شُفْعَةٌ لِمُكَاتَبِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ تُقْبَلُ قَالَ الْإِمَامُ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70