كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا ، وَبِإِطْلَاقِ الْآيَاتِ فَإِنَّهَا تَقْضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِازْدِحَامِ وَغَيْرِهِ ، وَتَخْصِيصُ بَعْضِهِمْ بِالنَّقْصِ تَحَكُّمٌ ( وَمِنْهَا النَّاقِضَةُ ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ ، أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ ، وَلِلْأَخَوَيْنِ اثْنَانِ ) لُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَنْقُضُ أَحَدَ أَصْلَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ إنْ أَعْطَاهَا الثُّلُثَ لَزِمَ الْعَوْلُ ، أَوْ السُّدُسَ لَزِمَ الْحَجْبُ بِأَخَوَيْنِ ، وَهُوَ يَمْنَعُ الْحُكْمَيْنِ ، فَالتَّمْثِيلُ بِهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى أَحَدِ أَصْلَيْهِ ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ تُحْجَبُ بِاثْنَيْنِ فَلَا عَوْلَ وَلَا نَقْضَ .
( وَمِنْهَا الدِّينَارِيَّةُ ) الْكُبْرَى ( وَهِيَ زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَابْنَتَانِ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا وَأُخْتٌ ) كُلُّهُمْ ( مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ ) أَصْلُهَا ( مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ ، وَلِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ ، وَلِلْإِخْوَةِ وَالْأُخْتِ مَا بَقِيَ وَهُوَ سَهْمٌ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّمِائَةٍ ، لِلْأُخْتِ مِنْهَا وَاحِدٌ ) وَلِلْإِخْوَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ أَخٍ سَهْمَانِ ، وَلِلْبِنْتَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ ، وَلِلْأُمِّ مِائَةٌ ، وَلِلزَّوْجَةِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ ، وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ ، وَبِالرِّكَابِيَّةِ ، وَبِالشَّاكِيَةِ ؛ لِأَنَّ شُرَيْحًا قَضَى فِيهَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَكَانَتْ التَّرِكَةُ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ تَرْضَ بِهِ الْأُخْتُ وَمَضَتْ لِعَلِيٍّ تَشْتَكِي شُرَيْحًا فَوَجَدَتْهُ رَاكِبًا فَأَمْسَكَتْ رِكَابَهُ وَقَالَتْ لَهُ : إنَّ أَخِي تَرَكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ فَأَعْطَانِي مِنْهَا شُرَيْحٌ دِينَارًا وَاحِدًا ، فَقَالَ عَلِيٌّ : لَعَلَّ أَخَاكِ تَرَكَ زَوْجَةً وَأُمًّا وَابْنَتَيْنِ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا وَأَنْتِ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَقَالَ : ذَلِكَ حَقُّكِ وَلَمْ يَظْلِمْكِ شُرَيْحٌ شَيْئًا .
وَتُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْعَامِرِيَّةِ ؛ لِأَنَّ الْأُخْتَ سَأَلَتْ أَيْضًا عَامِرًا الشَّعْبِيَّ عَنْهَا فَأَجَابَ بِذَلِكَ ، وَلَهُ مُلَقَّبَاتٌ أُخَرُ نَبَّهْتُ عَلَى بَعْضِهَا فِي

مَنْهَجِ الْوُصُولِ ، مِنْهَا الْمَأْمُونِيَّةُ ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ ، وَهِيَ أَبَوَانِ وَبِنْتَانِ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا عَمَّنْ فِيهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، وَلُقِّبَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَ عَنْهَا يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ ، فَقَالَ : الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ ؟ فَقَالَ الْمَأْمُونُ إذْ عَرَفْتَ الْفَرْقَ عَرَفْتَ الْجَوَابَ ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَالْأَبُ وَارِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّهُ أَبُو أُمٍّ ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي نِهَايَتِهِ مِنْ الْمُلَقَّبَاتِ بِضْعَ عَشْرَةَ ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ أَكْثَرَ الْفَرْضِيُّونَ مِنْ الْمُلَقَّبَاتِ وَلَا نِهَايَةَ لَهَا وَلَا حَسْمَ لِأَبْوَابِهَا ، يَعْنِي مِنْ الْمَشْهُورِ وَغَيْرِهَا .

( فَصْلٌ فِي الْمُعَايَاةِ ) هِيَ أَنْ تَأْتِيَ بِشَيْءٍ لَا يُهْتَدَى لَهُ .
قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ .
( الْمُعَايَاةُ ) كَأَنْ ( قَالَتْ حُبْلَى ) لِقَوْمٍ يَقْتَسِمُونَ تَرِكَةً : لَا تَعْجَلُوا فَإِنِّي حُبْلَى ( إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا وَلَوْ مَعَ أُنْثَى وَرِثَ دُونَهَا أَوْ أُنْثَى فَلَا ) تَرِثُ ( فَهِيَ كُلُّ زَوْجَةِ عَصَبَةٍ ) كَأَخٍ وَعَمٍّ ( غَيْرَ الْأَبِ وَالِابْنِ ) إذْ وَلَدُ زَوْجَةِ الْأَبِ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ، وَوَلَدُ زَوْجَةِ الِابْنِ ابْنُ ابْنٍ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يَرِثُ مَا لَمْ يَكُنْ حَاجِبٌ ( وَإِنْ قَالَتْ : إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى وَرِثَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( لَا ) إنْ وَلَدَتْ ( أُنْثَى فَقَطْ ) فَلَا تَرِثُ ( فَهِيَ زَوْجَةُ أَبٍ ، وَهُنَاكَ ) مِنْ الْوَرَثَةِ ( أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ ، أَوْ زَوْجَةُ ابْنٍ ، وَهُنَاكَ بِنْتَا صُلْبٍ ) لِسُقُوطِ فَرْضِ الْأُنْثَى بِاسْتِغْرَاقِ الْأُخْتَيْنِ فِي الْأُولَى ، وَالْبِنْتَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ الثُّلُثَيْنِ ( وَإِنْ قَالَتْ إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا ) وَلَوْ مَعَ أُنْثَى ( لَمْ يَرِثْ ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا ( أَوْ أُنْثَى وَرِثَتْ فَهِيَ زَوْجَةٌ ابْنٍ وَهُنَاكَ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتٌ أَوْ زَوْجَةُ أَبٍ وَهُنَاكَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ ) لِأَنَّ الْأُنْثَى فِيهِمَا لَهَا فَرْضٌ فَيُعَالُ لَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَيَسْقُطُ بِالِاسْتِغْرَاقِ ( وَإِنْ قَالَتْ إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَمْ يَرِثْ وَإِنْ وَلَدْتُهُمَا وَرِثَا فَهِيَ زَوْجَةُ أَبٍ مَعَ أُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَجَدٍّ ) إذْ مَعَهُمَا يَفْضُلُ بَعْدَ أَخْذِ الْأُخْتِ فَرْضَهَا شَيْءٌ فَيَكُونُ مَعَهُ بِخِلَافِهِ مَعَ أَحَدِهِمَا ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ مَعَ وَهُنَاكَ ( نَوْعٌ آخَرُ ، قَالَتْ : إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا وَرِثَ وَوَرِثْتُ أَوْ أُنْثَى لَمْ تَرِثْ وَلَمْ أَرِثْ فَهِيَ بِنْتُ ابْنِ الْمَيِّتِ ، وَزَوْجَةُ ابْنِ ابْنِهِ الْآخَرِ وَهُنَاكَ بِنْتَا صُلْبٍ ) لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَهُنَاكَ بِنْتَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ فَالْبَاقِي بَعْدَ الثُّلُثَيْنِ بَيْنَ الْقَائِلَةِ وَابْنِهَا أَثْلَاثًا ، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَلَا شَيْءَ

لَهُمَا لِاسْتِغْرَاقِ الثُّلُثَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَصَّبِ ( أَوْ ) قَالَتْ : ( إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا ) وَلَوْ مَعَ أُنْثَى ( لَمْ يَرِثْ ) وَاحِدٌ مِنْهُمَا ( وَلَمْ أَرِثْ ، أَوْ أُنْثَى وَرِثَتَا ، فَهِيَ بِنْتُ ابْنِ ابْنِ الْمَيِّتَةِ وَزَوْجَةُ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ ، وَهُنَاكَ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ ) لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فُرِضَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ ذَكَرًا ( وَإِنْ قَالَتْ : إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا فَلِيَ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لَهُ ، أَوْ أُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَنَا سَوَاءٌ ، أَوْ مَيِّتًا فَلِيَ الْكُلُّ ، فَهِيَ امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ عَتِيقَهَا فَأَحْبَلَهَا وَمَاتَ ) وَإِنْ قَالَتْ : إنْ وَلَدْتُ ذَكَرًا وَرِثَ وَلَمْ أَرِثْ أَوْ أُنْثَى وَرِثْتُ دُونَهَا ، فَهِيَ امْرَأَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا أَوْ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَتْ أَخَا الْعَتِيقِ فَأَحْبَلَهَا وَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ الْعَتِيقُ .
( نَوْعٌ آخَرُ : قَالَ ) رَجُلٌ ( إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي الْغَائِبَةُ حَيَّةً وَرِثَتْ دُونِي أَوْ مَيِّتَةً وَرِثْتُ أَنَا ، فَهُوَ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَهِيَ أُخْتُهُ لِأُمِّهِ وَهُنَاكَ أُمٌّ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَرِثَتْ السُّدُسَ الْبَاقِيَ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِحَجْبِهِ بِالِاسْتِغْرَاقِ ، أَوْ مَيِّتَةً وَرِثَتْ الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ ، وَيَصِحُّ الْجَوَابُ أَيْضًا بِامْرَأَةٍ خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ قَدْ نَكَحَ إحْدَاهُمَا وَهِيَ الْغَائِبَةُ ( وَإِنْ قَالَ : إنْ كَانَتْ ) أَيْ الْغَائِبَةُ ( حَيَّةً وَرِثْتُ دُونَهَا أَوْ مَيِّتَةً فَلَا شَيْءَ لَنَا فَهَذَا أَخُو امْرَأَةٍ لِأَبِيهَا مَاتَتْ وَقَدْ نَكَحَ أُخْتَهَا مِنْ أُمِّهَا ) وَهِيَ الْغَائِبَةُ ( وَبَاقِي الْوَرَثَةِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ ) لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ ، أَوْ مَيِّتَةً فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ ، وَإِنْ قَالَ : إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَرِثْنَا أَوْ مَيِّتَةً لَمْ أَرِثْ فَهُوَ ابْنُ عَمِّ الْمَيِّتَةِ ، وَزَوْجُ بِنْتِهَا

الْغَائِبَةِ وَهُنَاكَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخٌ لِأُمٍّ .
( نَوْعٌ آخَرُ : امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا أَخَذَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَأُخْرَى وَزَوْجُهَا أَخَذَا الرُّبُعَ ، صُورَتُهُ : أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْرَى لِأُمٍّ وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ هُوَ زَوْجُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ ، وَالْآخَرُ زَوْجُ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ ، فَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ النِّصْفُ وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي بَيْنَ ابْنَيْ الْعَمِّ ) بِالسَّوِيَّةِ .
( زَوْجَانِ أَخَذَا ثُلُثَيْ الْمَالِ ، وَآخَرَانِ ) أَخَذَا ( ثُلُثَهُ ، صُورَتُهُ : أَبَوَانِ وَبِنْتُ ابْنٍ فِي نِكَاحِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ ) لَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ ابْنٍ الْأَخِيرَةَ صَحَّ أَيْضًا .
( رَجُلٌ وَبِنْتُهُ وَرِثَا مَالًا نِصْفَيْنِ ، صُورَتُهُ : امْرَأَةٌ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمٍّ ) أَوْ مُعْتَقٌ ( وَ ) عَنْ ( بِنْتٍ مِنْهُ ) رَجُلٌ وَابْنُهُ وَرِثَا مَالًا نِصْفَيْنِ ، صُورَتُهُ : رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَهُ لِبِنْتِ أَخِيهِ وَمَاتَتْ .
( رَجُلٌ وَزَوْجَتَاهُ وَرِثُوا الْمَالَ أَثْلَاثًا ، صُورَتُهُ : بِنْتَا ابْنَيْنِ فِي نِكَاحِ ابْنِ أَخٍ أَوْ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ آخَرَ ، زَوْجَةٌ وَسَبْعَةُ إخْوَةٍ لَهَا وَرِثُوا مَالًا بِالسَّوِيَّةِ ، صُورَتُهُ : نَكَحَ ابْنُ رَجُلٍ أُمَّ امْرَأَتِهِ فَأَوْلَدَهَا سَبْعَةً وَمَاتَ الرَّجُلُ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ ، فَلِزَوْجَتِهِ الثُّمُنُ ، وَلِبَنِي ابْنِهِ السَّبْعَةِ الْبَاقِي ) أَخَوَانِ لِأَبَوَيْنِ وَرِثَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَالْآخَرُ رُبْعَهُ ، صُورَتُهُ : ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا زَوْجٌ .
نَوْعٌ آخَرُ : امْرَأَةٌ وَرِثَتْ أَرْبَعَةَ أَزْوَاجٍ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَحَصَلَ لَهَا نِصْفُ أَمْوَالِهِمْ ، هُمْ أَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ كَانَ لَهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا ، لِلْأَوَّلِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلثَّانِي سِتَّةٌ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ وَلِلرَّابِعِ دِينَارٌ ، فَنَصِيبُهَا مِنْ الْأَوَّلِ دِينَارَانِ ، وَمِنْ الثَّانِي كَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ سِتَّةً وَأَصَابَهُ مِنْ الْأَوَّلِ دِينَارَانِ ، وَمِنْ الثَّالِثِ كَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ ثَلَاثَةً وَأَصَابَهُ مِنْ الْأَوَّلِ دِينَارَانِ ، وَمِنْ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ ،

وَمِنْ الرَّابِعِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ لَهُ دِينَارًا وَأَصَابَهُ مِنْ الْأَوَّلِ دِينَارَانِ وَمِنْ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ وَمِنْ الثَّالِثِ سِتَّةٌ فَيَجْتَمِعُ لَهَا تِسْعَةٌ وَهَذَا النَّوْعُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مَعَ نَوْعٍ آخَرَ وَفَصْلٍ يَشْتَمِلُ عَلَى الْقَرَابَاتِ الْمُشْتَبِهَةِ مِنْهَا رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمُّ الْآخَرِ هُمَا رَجُلَانِ نَكَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا أُمَّ الْآخَرِ فَوُلِدَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنٌ فَكُلٌّ ابْنُ عَمِّ الْآخَرِ لِأُمِّهِ وَمِنْهَا رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا خَالُ الْآخَرِ هُمَا رَجُلَانِ نَكَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنْتَ الْآخَرِ فَوُلِدَ لَهُمَا ابْنَانِ فَكُلُّ ابْنٍ خَالُ الْآخَرِ وَمِنْهَا رَجُلٌ وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ ابْنِ أَخِي عَمِّ أَبِيهِ فَهَذَا ابْنُ عَمِّ أَبِي الْمَيِّتِ لِأَنَّ ابْنَ أَخِي عَمِّ الْأَبِ هُوَ الْأَبُ فَابْنُ عَمِّهِ هُوَ ابْنُ عَمِّ الْأَبِ

( كِتَابُ الْوَصَايَا ) جَمْعُ وَصِيَّةٍ بِمَعْنَى إيصَاءٍ يُقَالُ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا وَوَصَّيْت لَهُ وَأَوْصَى إلَيْهِ إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا وَهِيَ لُغَةً الْإِيصَالُ مِنْ وَصَّى الشَّيْءَ بِكَذَا وَصَلَهُ بِهِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ وَشَرْعًا تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَلَا تَعْلِيقِ عِتْقٍ وَإِنْ الْتَحَقَا بِهَا حُكْمًا كَالتَّبَرُّعِ الْمُنْجَزِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُلْتَحِقَ بِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ } وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ } أَيْ مَا الْجَزْمُ أَوْ مَا الْمَعْرُوفُ مِنْ الْأَخْلَاقِ إلَّا هَذَا فَقَدْ يُفَاجِئُهُ الْمَوْتُ وَكَخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ { الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ الْوَصِيَّةَ مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ وَتُقًى وَشَهَادَةٍ وَمَاتَ مَغْفُورًا لَهُ }
كِتَابُ الْوَصَايَا ) ذَكَرَهَا إثْرَ الْفَرَائِضِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّعَلُّقِ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَتَقْدِيمُهَا أَنْسَبُ ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُوصِي ثُمَّ يَمُوتُ فَنُقَسِّمُ تَرِكَتَهُ .
ا هـ .
وَيُجَابُ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْوَصَايَا عَنْ الْفَرَائِضِ أَنْسَبُ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَلْزَمُ وَلَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا إذَا كَانَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْمَالِ وَلَا مَعْرِفَةُ قَدْرِ ثُلُثِهِ الَّذِي تُنَفَّذُ فِيهِ وَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَةُ الْوَارِثِ لَهَا إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ

وَكَانَتْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ وَاجِبَةً لِلْأَقَارِبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ } الْآيَةُ ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهَا بِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ وَبَقِيَ اسْتِحْبَابُهَا فِي الثُّلُثِ فَأَقَلَّ لِغَيْرِ الْوَارِثِ لِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْآتِي ( الْوَصِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلَّهِ ) تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَحَجٍّ ( أَوْ ) حَقٌّ ( لِآدَمِيَّيْنِ ) كَوَدِيعَةٍ وَمَغْصُوبٍ ( بِلَا شُهُودٍ ) بِالْحَقِّ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِهِ شُهُودٌ فَلَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُمْ كِتْمَانُهُ كَالْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي لَكِنَّ الْقِيَاسَ تَخْرِيجُهُ عَلَى تَوْكِيلِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ فَقَضَاءُ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ فَيُكْتَفَى فِيهِ بِذَلِكَ أَيْ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مَالِيًّا وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْحَقِّ فِي جَانِبِ الْآدَمِيِّينَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ فِيهِ بِالدَّيْنِ .
( وَهِيَ بِالتَّطَوُّعِ ) أَيْ بِمَا يُتَطَوَّعُ بِهِ ( مُسْتَحَبَّةٌ وَلَوْ قَلَّ الْمَالُ وَكَثُرَ الْعِيَالُ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ مَا يُعَارِضُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ فَقَالَ وَالتَّدْبِيرُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ دُونَ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ فِي أَظْهَرِ الْأَوْجُهِ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ قَالَ وَمُرَادُهُ أَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَكُونُ إلَّا قُرْبَةً وَالْإِيصَاءُ قَدْ يَكُونُ قُرْبَةً كَمَا فِي مِثَالِنَا وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالْإِيصَاءِ لِلْأَغْنِيَاءِ ( وَصَدَقَتُهُ صَحِيحًا ثُمَّ حَيًّا أَفْضَلُ ) مِنْ صَدَقَتِهِ مَرِيضًا وَبَعْدَ الْمَوْتِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ تَأْمُلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ } قُلْت لِفُلَانٍ كَذَا وَأَفَادَ بِثُمَّ أَنَّ صَدَقَةَ الصَّحِيحِ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ الْمَرِيضِ .
(

فَالْوَصِيَّةُ لِلْأَقْرَبِ غَيْرِ الْوَارِثِ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ ذِي رَضَاعٍ ثُمَّ صِهْرٍ ثُمَّ ) ذِي ( وَلَاءٍ ثُمَّ ) ذِي ( جِوَارٍ أَفْضَلُ ) مِنْهَا لِغَيْرِهِ كَمَا فِي الصَّدَقَةِ الْمُنْجَزَةِ وَتَقَدَّمَ فِيهَا أَنَّ الْقَرِيبَ الْبَعِيدَ يُقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ الْأَجْنَبِيِّ وَأَنَّ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالْمُحْتَاجِينَ مِمَّنْ ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَنْبَغِي مَجِيئُهُمَا هُنَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْأَوَّلِ أَمَّا الْوَارِثُ فَلَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَحَارِمِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ وَعِبَارَتُهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَيُقَدِّمَ مِنْهُمْ الْمَحَارِمَ ثُمَّ غَيْرَ الْمَحَارِمِ ثُمَّ يُقَدِّمَ بِالرَّضَاعِ إلَى آخِرِهِ
( قَوْلُهُ : أَوْ حَقٌّ لِآدَمِيِّينَ كَوَدِيعَةٍ إلَخْ ) وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فِي الْحَالِ كَمَا سَيَأْتِي .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ : وَغَيْرُهُ إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُمْ كِتْمَانَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : فَيَكْتَفِي فِيهِ بِذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْإِيصَاءَ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ ) يَعْنِي لَيْسَ بِقُرْبَةٍ نَاجِزَةٍ وَإِلَّا فَالْمُوصَى بِهِ قُرْبَةٌ قَطْعًا ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ الْحَثُّ أَوْ الْمَنْعُ ، وَالْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ قُرْبَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَكَمَا أَنَّ الْمَنْذُورَ يَكُونُ قُرْبَةً قَطْعًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } وَنَفْسُ النَّذْرِ لَا يَكُونُ قُرْبَةً حَتَّى اُخْتُلِفَ فِي كَرَاهَتِهِ لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ .

( وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ ) مُوصٍ وَمُوصًى لَهُ وَمُوصًى بِهِ وَصِيغَةٌ ( الْأَوَّلُ الْمُوصِي وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ ) وَالِاخْتِيَارُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبَرُّعٌ ( فَتَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ ) وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ ( لَا ) مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا السَّكْرَانَ وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ وَ ( عَبْدٍ مُكَاتَبٍ ) لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ ( وَلَوْ مَاتَ حُرًّا ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ بُطْلَانُ وَصِيَّةِ الْمُبَعَّضِ وَقِيَاسُ كَوْنِهِ يُورَثُ الصِّحَّةُ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ ، انْتَهَى .
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ وَالْمُبَعَّضُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ .
( وَتَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ ) وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ( كَالْمُسْلِمِ ) فَيُوصِي بِمَا يُتَمَوَّلُ أَوْ يُقْتَنَى ، لَا بِخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا سَوَاءٌ أَوْصَى لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ يَعْنِي النَّوَوِيَّ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْمُرْتَدِّ وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ كَافِرًا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ أَوْ زَائِلٌ ، قُلْتُ : بَلْ هُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ كَغَيْرِهِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ .

ت ( قَوْلُهُ : وَالْحُرِّيَّةُ ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ وَصِيَّةِ الْمُبَعَّضِ وَالْخَطَّابِيَّةُ فِي الْبَحْرِ وَابْنُ السَّرَّاجِ فِي شَرْحِهِ وَالْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ وَغَيْرُهُمْ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ بِدَلِيلِ قَبُولِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَةِ وَنُفُوذِ طَلَاقِهِ وَلِاحْتِيَاجِهِ إلَى الثَّوَابِ ، وَفَقْدِ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ الْحَجْرُ لِأَجْلِهِ ( قَوْلُهُ : لَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ ) وَفِي مَعْنَاهُمَا مَنْ عَايَنَ الْمَوْتَ إذْ لَا قَوْلَ لَهُ ( قَوْلُهُ : وَعَبْدٍ وَمُكَاتَبٍ ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْوَصِيَّةَ حَيْثُ التَّوَارُثُ وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ ( قَوْلُهُ : لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ ) أَيْ : فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا صَحَّتْ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْكِتَابَةِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَقِيَاسُ كَوْنِهِ يُورَثُ الصِّحَّةُ .
.
.
إلَخْ ) أَيْ كَمَا يَهَبُ وَيَعْتِقُ ، وَكَتَبَ أَيْضًا : جَزَمَ بِصِحَّتِهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَالْخَطَّابِيَّةُ وَابْنُ السَّرَّاجِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَمَنْ كَانَ حُرًّا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ سُبِيَ وَاسْتُرِقَّ ، وَكَانَ الْمَالُ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ فَالظَّاهِرُ بَقَاءُ الْوَصِيَّةِ .
قَوْلُهُ : وَالْمُبَعَّضُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ ) يَمْنَعُ كَوْنَهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِأَنَّهُ إنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ زَالَ رِقُّهُ بِالْمَوْتِ ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ أَوْ زَائِلٌ ) فَالرَّاجِحُ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ

( الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُوصَى لَهُ ، فَلَا تَصِحُّ فِي مَعْصِيَةٍ كَذِمِّيٍّ أَوْصَى بِبِنَاءِ كَنِيسَةٍ ) يُتَعَبَّدُ فِيهَا ( أَوْ إسْرَاجِهَا تَعْظِيمًا ) لَهَا أَوْ بِكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَقِرَاءَتِهِمَا وَنَحْوِهَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ الْوَصِيَّةِ تَدَارُكُ مَا فَاتَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مِنْ الْإِحْسَانِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَةِ مَعْصِيَةٍ وَإِنَّمَا تَكُونُ مِنْ جِهَةِ قُرْبَةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ مُبَاحٍ لَا يَظْهَرُ فِيهِ قُرْبَةٌ كَالْأَغْنِيَاءِ ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ : تَعْظِيمًا مَا لَوْ قَصَدَ بِإِسْرَاجِهَا انْتِفَاعَ الْمُقِيمِينَ أَوْ الْمُجْتَازِينَ بِالضَّوْءِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ ( وَتَصِحُّ ) مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ ( بِعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ ) لِمَا فِيهَا مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ ( وَقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ ) لِمَا فِيهَا مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهَا .
قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِر : وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ يُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ وَالْقَنَاطِرُ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمَشَاهِدِ إذَا كَانَ فِي الدَّفْنِ فِي مَوَاضِعَ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ لِمَنْ دَفَنَهُمْ فِيهَا لَا بِنَاءُ الْقُبُورِ نَفْسِهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلَا فِعْلُهُ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعِمَارَتِهَا رَدُّ التُّرَابِ فِيهَا وَمُلَازَمَتُهَا خَوْفًا مِنْ الْوَحْشِ ، وَالْقِرَاءَةُ عِنْدَهَا وَإِعْلَامُ الزَّائِرِينَ بِهَا كَيْ لَا تَنْدَرِسَ انْتَهَى .
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُتَبَادَرُ ( وَ ) تَصِحُّ ( لِفَكِّ الْكُفَّارِ مِنْ أَسْرِنَا ) لِأَنَّ الْمُفَادَاةَ جَائِزَةٌ ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالْأُسَارَى أَوْلَى ( وَ ) تَصِحُّ ( بِبِنَاءِ رِبَاطٍ أَوْ دَارٍ يَسْكُنُهَا أَوْ يَسْتَغِلُّهَا الذِّمِّيُّونَ ) لِأَنَّ صَرْفَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَسْكُنُهُ أَوْ يَسْتَغِلُّهُ .

( قَوْلُهُ : وَقِرَاءَتُهُمَا وَنَحْوُهَا ) كَكِتَابَةِ أَحْكَامِ شَرِيعَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَكُتُبِ النُّجُومِ وَالْفَلْسَفَةِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الْمُحَرَّمَةِ وَدُهْنِ سِرَاجِ الْكَنِيسَةِ وَإِنْ قَصَدَ انْتِفَاعَ الْمُقِيمِينَ وَالْمُجَاوِرِينَ بِضَوْئِهِ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى تَعَبُّدِهِمْ وَتَعْظِيمِ الْكَنِيسَةِ ( قَوْلَهُ : وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ أَنْ يُبْنَى عَلَى قُبُورِهِمْ الْقِبَابُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ، وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ ، وَكَلَامُهُ فِي الْوَسِيطِ فِي زَكَاةِ النَّقْدِ يُشِيرُ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِأَهْلِ الْحَرْبِ ) أَيْ الْمُعَيَّنِينَ مِنْهُمْ ( قَوْلُهُ : وَبِبِنَاءِ رِبَاطٍ .
.
.
إلَخْ ) شَرَطَ السُّبْكِيُّ أَنْ لَا يُسَمِّيَهَا كَنِيسَةً وَإِلَّا بَطَلَ قَطْعًا وَيُشْعِرُ بِذَلِكَ تَعْبِيرُهُمَا بِالرِّبَاطِ ( قَوْلُهُ : يَسْكُنُهَا أَوْ يَسْتَغِلُّهَا الذِّمِّيُّونَ ) لَوْ قَالَ : لِنُزُولِ الْمَارَّةِ وَالتَّعَبُّدِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا بُطْلَانُهَا

( فَصْلٌ : وَتَصِحُّ لِمُعَيَّنٍ يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمِلْكُ ) وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ ( كَالْحَمْلِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً كَمَا يَرِثُ بَلْ أَوْلَى لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَا يَرِثُ كَالْمُكَاتَبِ ( لَا ) إنْ انْفَصَلَ ( مَيِّتًا وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ ) وَأَوْجَبْنَا الْغُرَّةَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَا يَرِثُ ( وَ ) يُشْتَرَطُ ( أَنْ يُعْلَمَ وُجُودُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ بِانْفِصَالِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) مِنْهَا ( وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ إذَا لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا ) لِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَفِي تَقْدِيرِ الزِّنَا إسَاءَةُ ظَنٍّ ، نَعَمْ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا قَطُّ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ فَإِنْ انْفَصَلَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَكَانَتْ فِرَاشًا لِمَنْ ذَكَرَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لَهُ لِعَدَمِ وُجُودِهِ عِنْدَهَا فِي الْأُولَى ، وَاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا فِي الثَّانِيَةِ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عِنْدَهَا ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إلْحَاقِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ بِمَا فَوْقَهَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ مِنْ إلْحَاقِهَا بِمَا دُونَهَا ، وَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إلْحَاقِ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ بِمَا فَوْقَهَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ لَكِنْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إلْحَاقَهَا بِمَا دُونَهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ زَمَنٍ يَسَعُ لَحْظَتَيْ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعِدَدِ ( فَإِنْ أَوْصَى لِلْحَمْلِ ) أَيْ : لِحَمْلِ فُلَانَةَ ( مِنْ زَيْدٍ اُشْتُرِطَ أَيْضًا لُحُوقُهُ بِهِ وَعَدَمُ نَفْيِهِ ) عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَلْتَحِقْ بِهِ بِأَنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ زَوَالِ الْفِرَاشِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ

أَوْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ فَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ لَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِحَمْلِ فُلَانَةَ ( فَإِنْ أَتَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِوَلَدٍ ثُمَّ بَعْدَهُ لِدُونِهَا مِنْ الْوِلَادَةِ بِآخَرَ اسْتَحَقَّا ) هَا ، وَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْمَرْأَةُ فِرَاشٌ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ .
( فَرْعٌ : يَقْبَلُ ) الْوَصِيَّةَ ( لِلْحَمْلِ وَلِيُّهُ ) وَلَوْ وَصِيًّا ( بَعْدَ الِانْفِصَالِ ) حَيًّا ( لَا قَبْلَهُ ) فَلَوْ قَبِلَ قَبْلَهُ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي وُجُودَهُ حَالَةَ الْقَبُولِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِغَائِبٍ بِشَيْءٍ فَبَلَغَهُ فَقَبِلَ وَلَمْ يَدْرِ بِمَوْتِ الْمُوصِي ، وَقِيلَ يَكْفِي كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ عَزْوُ تَصْحِيحِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ ، وَفَارَقَ مَا نَظَرَ بِهِ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ ( وَلَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ يَحْدُثُ لَمْ تَصِحَّ ) الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ مَوْتِ الْمُوصِي لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا تَمْلِيكٌ ، وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ مُمْتَنِعٌ وَلِأَنَّهُ لَا مُتَعَلَّقَ لِلْعَقْدِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْوَقْفَ عَلَى مَسْجِدٍ سَيُبْنَى .

( قَوْلُهُ : وَتَصِحُّ لِمُعَيَّنٍ يُتَصَوَّرُ لَهُ الْمِلْكُ ) وَلَوْ بِفِعْلِ وَلِيِّهِ أَوْ بِإِذْنِهِ ( قَوْلُهُ : كَالْحَمْلِ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا ) مِنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا ( قَوْلُهُ : لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَفِي تَقْدِيرِ الزِّنَا إلَخْ ) قَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَاسِقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَكِنْ لَمْ نَرَ مَنْ قَالَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْفَاجِرَةِ وَالْعَفِيفَةِ ع قَالَ شَيْخُنَا : أَيْ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْفَرْقِ ( قَوْلُهُ : نَعَمْ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا : رَاجِعٌ لِمَا سِوَى انْفِصَالِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمَّا انْفِصَالُهُ لِدُونِهَا فَيَسْتَحِقُّ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا فِرَاشٌ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِ حِينَئِذٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّنَةَ فَمَا فَوْقَهَا لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَا فِرَاشَ أَيْ قَائِمٌ بِالْفِعْلِ أَمَّا بَقَاءُ الْفِرَاشِ فَلَا لُحُوقَ مَعَهُ لِمَا زَادَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِاحْتِمَالِ الْحُدُوثِ ( قَوْلُهُ : قَالَهُ السُّبْكِيُّ ) تَفَقُّهًا لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ .
، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ : لَيْسَتْ فِرَاشًا أَيْ قَائِمًا أَمَّا كَوْنُهَا كَانَتْ فِرَاشًا فَلَا بُدَّ مِنْهُ ع ( قَوْلُهُ : وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ ) وَفِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا يَدُلُّ لَهُ ( قَوْلُهُ : وَاحْتَمَلَ حُدُوثُهُ ) أَيْ مَعَهَا أَوْ ( قَوْلُهُ : مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ مِنْ إلْحَاقِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ) وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلنَّصِّ ( قَوْلُهُ : كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعَدَدِ فِي مَحَالَّ أُخَرَ ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ لَحْظَةَ الْوَطْءِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُقَارَنَةِ فَالسِّتَّةُ مُلْحَقَةٌ عَلَى هَذَا بِمَا فَوْقَهَا كَمَا لَوْ قَالُوهُ هُنَا وَعَلَى الْأَوَّلِ بِمَا دُونَهَا كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَحَالِّ الْأُخَرِ ، بِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا صَحِيحٌ وَأَنَّ هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ التَّصْوِيبَ سَهْوٌ .
ش ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَتَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ

الْوَصِيَّةِ بِوَلَدٍ إلَخْ ) أَوْصَى بِحَمْلٍ لِحَمْلٍ فَإِنْ وُلِدَا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ تَصِحَّ وَكَذَا إنْ وُلِدَ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ .
د .
( قَوْلُهُ كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ إلَخْ ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِقُوَّةِ التَّرَدُّدِ هُنَا بِسَبَبِ كَوْنِهِ فِي وُجُودِ الْمُوصَى لَهُ هَذَا ، وَلَكِنَّ الْقِيَاسَ الصِّحَّةُ فِي قَبُولِ الْوَلِيِّ لِلْحَمْلِ وَقَبُولِ الْغَائِبِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، قَالَ الْفَتِيُّ إنَّ تَرْجِيحَ صِحَّةِ الْقَبُولِ يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قَالُوا : يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ إذَا أَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَيَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ لَهُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لِلْحَمْلِ إلَّا إذَا كَانَ مَلَكَهُ ، وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبُولِ فَتَلَازَمَا وَلَمْ يَتَنَبَّهْ الْإِسْنَوِيُّ لِهَذَا .

( فَصْلٌ : الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِهِ ) أَيْ : تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ لِتَصِحَّ ( لَكِنْ يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَبْدِ ) لَهَا ( وَلَا يَكْفِي قَبُولُ السَّيِّدِ ) لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَلْ مَعَ الْعَبْدِ ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْقَبُولِ كَطِفْلٍ فَهَلْ يَقْبَلُ السَّيِّدُ كَوَلِيِّ الْحُرِّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ ؟ أَوْ يُوقَفُ الْحَالُ إلَى تَأَهُّلِهِ لِلْقَبُولِ ؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ، قُلْتُ : وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ ( وَيَتَبَيَّنُ بِالْقَبُولِ ) مِنْ الْعَبْدِ ( الْمِلْكُ ) لِسَيِّدِهِ ( بِالْمَوْتِ ، وَلَوْ نَهَاهُ سَيِّدُهُ ) عَنْ الْقَبُولِ كَمَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْخُلْعِ فَخَالَعَ ، ثُمَّ مَحَلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُوصِي تَمْلِيكَهُ فَإِنْ قَصَدَهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ : لَمْ تَصِحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَقْفِ ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا مُنْتَظَرٌ فَقَدْ يُعْتَقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَكُونُ لَهُ ، أَوَلَا فَلِمَالِكِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّهُ نَاجِزٌ وَلَيْسَ الْعَبْدُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ ، وَقَضِيَّةُ فَرْقِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : وَقَفْتُ هَذَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ ، وَقَصَدَ تَمْلِيكَهُ صَحَّ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مُنْتَظَرٌ وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُمْ بِالْوَقْفِ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ ( فَإِنْ أَعْتَقَهُ ) سَيِّدُهُ ( أَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ الْقَبُولِ فَالْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ وَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمَلُّكٌ بِالْمَوْتِ أَوْ مَوْقُوفَةٌ ( أَوْ ) أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ ( قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْمِلْكُ بِالْقَبُولِ لِلْمُشْتَرِي ) فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لَهُ وَقْتَ الْمِلْكِ ( أَوْ لِلْعَتِيقِ ) فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ حُرٌّ وَقْتَ الْمِلْكِ فَلَوْ أَعْتَقَ بَعْضَهُ أَوْ بَاعَهُ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِمُبَعَّضٍ وَلَا مُهَايَأَةَ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ بَيْنَهُ

وَبَيْنَ سَيِّدِهِ أَنَّهُ هُنَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي الْأُولَى وَبَيْنَ سَيِّدِهِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ ( فَرْعٌ : لَوْ أَوْصَى أَوْ وَهَبَ لِمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ لِأَجْنَبِيٍّ ) وَلَوْ وَارِثًا وَلَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً ( قَاسَمَهُ السَّيِّدُ ) كَمَا لَوْ احْتَشَّ أَوْ احْتَطَبَ ( فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً فَلِصَاحِبِ ) أَيْ فَمِلْكُ الْجَمِيعِ لِصَاحِبِ ( النَّوْبَةِ ) الْكَائِنَةِ ( يَوْمَ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ ) يَوْمَ ( الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ ) لَا يَوْمَ الْقَبُولِ وَلَا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْهِبَةِ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَلْزَمُ بِيَوْمِ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ وَبِيَوْمِ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ فِي الْوَصِيَّةِ بِيَوْمِ الْمَوْتِ كَمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي اللُّقَطَةِ بِيَوْمِ الِالْتِقَاطِ لِكَوْنِهِ يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْمِلْكُ ( وَلَوْ خَصَّ بِهَا ) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ الْهِبَةِ ( نِصْفَهُ الْحُرَّ أَوْ الرَّقِيقَ تَخَصَّصَ ) بِهَا تَنْزِيلًا لِتَخْصِيصِهِ مَنْزِلَةَ الْمُهَايَأَةِ ، فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلسَّيِّدِ إنْ خَصَّ بِهَا نِصْفَهُ الرَّقِيقَ ، وَلَهُ إنْ خَصَّ نِصْفَهُ الْحُرَّ ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْهِبَةِ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ نُفِّذَتْ ) بِالْمُعْجَمَةِ الْوَصِيَّةُ ( فِي ثُلُثِ رَقَبَتِهِ ) لِأَنَّهُ مِنْ مَالِهِ وَعَتَقَ ذَلِكَ الثُّلُثُ ( وَبَاقِي الثُّلُثِ ) مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ ( وَصِيَّةٌ لِمَنْ بَعْضُهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ ) وَبَعْضُهُ حُرٌّ ( وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَهُوَ لَهُ أَوْ بَاعَهُ فَلِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا ) بِأَنْ مَاتَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ ( فَوَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا ( وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ) مِنْ مَالِهِ ( وَشَرَطَ تَقْدِيمَ عِتْقِهِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ : تَقْدِيمُ رَقَبَتِهِ ، وَكُلُّ صَحِيحٍ ( فَازَ ) مَعَ عِتْقِهِ ( بِبَاقِي الثُّلُثِ ، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ ) لِأَنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ فَتَصِيرُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَقْتَهُ (

وَمُكَاتَبِهِ ) لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْمِلْكِ ( وَمُدَبَّرِهِ ) كَالْقِنِّ ( فَإِنْ أُعْتِقَ الْمُكَاتَبُ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا ) بِأَنْ عَجَزَ وَرُقَّ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي ( فَوَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لَهُ وَقْتَ الْمِلْكِ ( أَوْ ) عَتَقَ ( الْمُدَبَّرُ وَخَرَجَ ) عِتْقُهُ ( مَعَ وَصِيَّتِهِ مِنْ الثُّلُثِ اسْتَحَقَّهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا أَحَدُهُمَا ) كَأَنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ يُسَاوِي مِائَةً وَالْوَصِيَّةُ لَهُ بِمِائَةٍ وَلَهُ غَيْرُهُمَا مِائَةٌ ( قُدِّمَ الْعِتْقُ ) فَيُعْتَقُ كُلُّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ ( وَإِنْ لَمْ يَفِ ) الثُّلُثُ ( بِالْمُدَبَّرِ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَصَارَتْ الْوَصِيَّةُ لِمَنْ بَعْضُهُ لِلْوَارِثِ ) وَبَعْضُهُ حُرٌّ .

( قَوْلُهُ : الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إلَخْ ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ ( قَوْلُهُ : نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْقَبُولِ كَطِفْلٍ ) أَيْ وَمَجْنُونٍ ( قَوْلُهُ : قُلْتُ : وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّ السَّيِّدَ يُحْرِمُ عَنْ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ أَنْ يُقْبَلَ هُنَا ع ( قَوْلُهُ : وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ .
.
.
إلَخْ ) مُقْتَضَى فَرْقِهِ بُطْلَانُهَا إنْ لَمْ يَعْتِقْ لَا أَنَّهَا تَكُونُ لِمَالِكِهِ كَمَا ذَكَرَهُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ كا ( قَوْلُهُ : فَيَكُونُ لَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَوْ لِلْعَتِيقِ فِي الْأُولَى ) هَذَا إذَا عَتَقَ جَمِيعُهُ فَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِمُبَعَّضٍ وَلَا مُهَايَأَةَ أَنَّ الْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمَا أَنْ يَسْتَحِقَّ هُنَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ وَالْبَاقِي لِلسَّيِّدِ وَلَوْ أَوْصَى لِحُرٍّ فَرُقَّ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ لِسَيِّدِهِ مُطْلَقًا بَلْ مَتَى عَتَقَ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي كَانَتْ لِوَرَثَتِهِ عَلَى قَوْلٍ ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ تَكُونُ فَيْئًا عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ اُسْتُرِقَّ بَعْدَ نَقْضِ أَمَانِهِ .
ر ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ حُرٌّ وَقْتَ الْمِلْكِ ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ حُرٌّ حِينَئِذٍ ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَتَقَ بِوُجُودِ صِفَةٍ قَارَنَتْ مَوْتَ سَيِّدِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُوصِي مَلَكَ الْمُوصَى بِهِ وَكَذَا إذَا قَارَنَ عِتْقُهُ مَوْتَ الْمُوصِي إذَا كَانَ غَيْرَهُ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ إلَخْ ) لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ : أَوْصَيْتُ لَكَ بِرَقَبَتِكَ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ كَالْوَصِيَّةِ ، أَوْ وَهَبْتُ لَكَ أَوْ مَلَّكْتُكَ رَقَبَتَكَ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ فَوْرًا إلَّا إنْ نَوَى عِتْقَهُ فَيُعْتِقُ بِلَا قَبُولٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَصِيِّهِ : أَعْتِقْهُ ، فَفَعَلَ ، وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ ، فَلَوْ قُتِلَ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَهَلْ يَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ مِثْلَهُ كَالْأُضْحِيَّةِ أَوْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ ، وَالرَّاجِحُ مِنْهُ

بُطْلَانُهَا .
قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ فَتَصِيرُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَقْتَهُ ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ، وَمِنْ مَسْأَلَةِ وَصِيَّتِهِ لِمُدَبَّرِهِ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِرَقِيقِ غَيْرِهِ ثُمَّ قَارَنَ عِتْقُهُ مَوْتَ الْمُوصِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ .

( فَصْلٌ : الْوَصِيَّةُ لِدَابَّةِ غَيْرِهِ بَاطِلَةٌ ) سَوَاءٌ أَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَمْ أَطْلَقَ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ لَا تُمَلَّكُ وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ يُخَاطِبُ وَيَتَأَتَّى قَبُولُهُ ، وَقَدْ يُعْتَقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بِخِلَافِهَا .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لَهَا بَلْ أَوْلَى أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ( فَإِنْ فَسَّرَ ) الْوَصِيَّةَ لَهَا ( بِعَلَفِهَا ) أَيْ بِالصَّرْفِ فِيهِ ( فَوَصِيَّةٌ لِمَالِكِهَا ) لِأَنَّ عَلَفَهَا عَلَيْهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا ( كَالْوَصِيَّةِ لِعِمَارَةِ دَارِهِ ) فَإِنَّهَا لَهُ لِأَنَّ عِمَارَتَهَا عَلَيْهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا ( وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ ) لَهَا فِيهِمَا كَسَائِرِ الْوَصَايَا ( ثُمَّ يَتَعَيَّنُ ) صَرْفُهُ فِي الْأُولَى لِعَلَفِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ لِلْعِمَارَةِ فِيمَا يَظْهَرُ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْوَصِيِّ ( فَيَتَوَلَّى الْإِنْفَاقَ ) عَلَيْهَا ( الْوَصِيُّ ) أَوْ نَائِبُهُ مِنْ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ ( ثُمَّ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ ) كَذَلِكَ ( فَلَوْ بَاعَهَا ) مَالِكُهَا ( انْتَقَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُشْتَرِي ) كَمَا فِي الْعَبْدِ وَهَذَا قَوْلُ النَّوَوِيِّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ هِيَ لِلْبَائِعِ ، قَالَ السُّبْكِيُّ : وَهُوَ الْحَقُّ إنْ انْتَقَلَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ قِيَاسُ الْعَبْدِ فِي التَّقْدِيرَيْنِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا ، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدَّابَّةَ يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ لَهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ ، لَكِنَّ قَوْلَهُ : كَمَا فِي الْعَبْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِالتَّفْصِيلِ ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَبِلَ الْبَائِعُ ثُمَّ بَاعَ الدَّابَّةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ صَرْفُ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا ، وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ .

( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الصِّحَّةُ وَيُصْرَفُ فِي عَلَفِهَا ( قَوْلُهُ : فَإِنْ فَسَّرَ بِعَلَفِهَا .
.
.
إلَخْ ) لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ رُوجِعَ وَرَثَتُهُ فَإِنْ قَالُوا : أَرَادُوا الْعَلَفَ صَحَّتْ أَوْ التَّمْلِيكَ حَلَفُوا أَوْ بَطَلَتْ ، فَإِنْ قَالُوا : لَا نَدْرِي مَا أَرَادَ فَكَمَا لَوْ قَالَ : أَوْصَيْتُ لَهَا وَلَا نِيَّةَ فَتَبْطُلُ ، كَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْعُدَّةِ ، وَفِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ لَوْ قَالَ : يُصْرَفُ ثُلُثُ مَالِي إلَى عَلَفِ بَهِيمَةِ فُلَانٍ صَحَّ وَكَانَ لِمَالِكِهَا إنْ قَبِلَهَا ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا الْوَصِيُّ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَارِثُ : أَرَادَ تَمْلِيكَ الْبَهِيمَةِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ : أَرَادَ تَمْلِيكِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ .
فس ( قَوْلُهُ : فَوَصِيَّتُهَا لِمَالِكِهَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا يُعْصَى عَلَيْهَا كَفَرَسِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُحَارِبِ لِأَهْلِ الْعَدْلِ .
( قَوْلُهُ : ثُمَّ يَتَعَيَّنُ لِعَلَفِهَا ) قَالَ فِي الْعُبَابِ : وَإِنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا لِآخَرَ ( قَوْلُهُ : وَفِي الثَّانِيَةِ لِلْعِمَارَةِ فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الرَّافِعِيُّ هِيَ لِلْبَائِعِ ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّوَوِيِّ إلَخْ ) فَإِنْ قِيلَ : مَا تَفْقَهُهُ مَرْدُودٌ فَإِنَّ انْتِقَالهَا عَنْ مِلْكِهِ كَمَوْتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ غَرَضِ الْمُوصِي فِيهِ تَعَذُّرٌ ( قَوْلُهُ : يَقْتَضِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِالتَّفْصِيلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ ) بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لِلدَّابَّةِ إذْ لَا عُرْفَ فِيهَا وَالْمِلْكُ مُتَعَذَّرٌ فَبَطَلَتْ

( فَرْعٌ : وَإِنْ أَوْصَى لِلْمَسْجِدِ ) بِشَيْءٍ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ ثُمَّ ( صُرِفَ فِي عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ ) لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَصْرِفُهُ قَيِّمُهُ فِي أَهَمِّهَا بِاجْتِهَادِهِ ( وَلَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَهُ ) فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ : وَيَصِيرُ مِلْكًا لَهُ بِالْقَبُولِ

( فَصْلٌ : تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَافِرٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا ) كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّاءَ أَجْرٌ } وَتُخَالِفُ الْوَقْفَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَاعْتُبِرَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّوَامُ كَمَا اُعْتُبِرَ فِي الْمَوْقُوفِ ، وَلِأَنَّ مَعْنَى التَّمْلِيكِ هُنَا أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْوَقْفِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ وَالتَّصَرُّفَ كَيْفَ شَاءَ بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ، وَمَحَلُّ صِحَّتِهَا لِلْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَمُتْ عَلَى رِدَّتِهِ ، وَالْكَلَامُ فِي الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ الْمُعَيَّنَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ ، فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْوَقْفِ ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِمَنْ يُحَارِبُ أَوْ يَرْتَدُّ ( وَكَذَا الْقَاتِلُ ) وَلَوْ تَعَدِّيًا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِأَنْ أَوْصَى لِجَارِحِهِ ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ أَوْ لِإِنْسَانٍ فَقَتَلَهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِصِيغَةٍ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ ، وَأَمَّا خَبَرُ { لَيْسَ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةٌ } فَضَعِيفٌ ، وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى وَصِيَّتِهِ لِمَنْ يَقْتُلُهُ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ كَمَا يَأْتِي ( وَ ) كَذَا تَصِحُّ ( لِعَبْدِهِ ) أَيْ عَبْدِ قَاتِلِهِ ، وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ ، مِمَّا قَبْلَهَا فَإِنَّهَا فِي الْمَعْنَى وَصِيَّةٌ لِقَاتِلِهِ إنْ لَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِنْ سَيِّدِهِ إلَى غَيْرِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَصِيَّةٌ لِمَالِكِهِ ، وَتَسْمِيَةُ الْوَصِيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ يَصِيرُ قَاتِلًا أَوْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَتْ إذْ ذَاكَ وَصِيَّةً لِقَاتِلٍ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ ( وَ ) تَصِحُّ ( لِعَبْدٍ قَتَلَهُ ) وَهِيَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلِهِ إنْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِهِ

وَإِلَّا فَلَا ، وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ أَيْضًا مِمَّا مَرَّ ( لَا ) إنْ أَوْصَى ( لِمَنْ يَقْتُلُهُ ) فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَصَرَّحَ بِهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ : وَمُرْتَدًّا ) لَوْ قَبِلَهَا ثُمَّ مَاتَ مُرْتَدًّا لَمْ يُعْتَدَّ بِقَبُولِهِ وَكَانَ الْمُوصَى بِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُوصِي .
نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ .
( قَوْلُهُ : كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ) فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِمُصْحَفٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِرَقِيقٍ مُسْلِمٍ ( قَوْلُهُ : فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ ) وَلَا لِلْحَرْبِيِّ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ ( قَوْلُهُ : لَا لِمَنْ يَقْتُلُهُ ) أَيْ تَعَدِّيًا ( قَوْلُهُ : وَيُؤْخَذُ مِنْهَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ إلَخْ ) مِثْلُهُ مَنْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ بِحَقٍّ

( فَرْعٌ : تُعْتَقُ مُسْتَوْلَدَةٌ وَمُدَبَّرَةٌ قَتَلَا السَّيِّدَ ) وَإِنْ اسْتَعْجَلَا لِأَنَّ الْحَظَّ لَهُ فِي تَعْجِيلِ الْحُرِّيَّةِ ؛ وَلِأَنَّ الْإِحْبَالَ كَالْإِعْتَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّرِيكَ إذَا أَحْبَلَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ يَسْرِي لِلِاسْتِيلَادِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَالْإِعْتَاقُ لَا يَقْدَحُ فِيهِ الْقَتْلُ فَكَذَا الِاسْتِيلَادُ .
( وَيَحِلُّ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لِلْقَاتِلِ ) عَلَى قَتِيلِهِ وَإِنْ اسْتَعْجَلَ ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ لَهُ الْآنَ فِي تَعْجِيلِ بَرَاءَتِهِ .

( فَصْلٌ : الْوَصِيَّةُ ) لِغَيْرِ الْوَارِثِ ( بِالزِّيَادَةِ عَنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ فَبَاطِلَةٌ ) لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ ( وَإِلَّا فَمَوْقُوفَةٌ ) فِي الزَّائِدِ ( عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ ) إنْ كَانُوا حَائِزِينَ فَإِنْ أَجَازُوا صَحَّتْ وَإِنْ رَدُّوا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ لِأَنَّ حَقَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا حَائِزِينَ فَبَاطِلَةٌ فِي قَدْرِ مَا يَخُصُّ غَيْرَهُمْ مِنْ الزَّائِدِ ( وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ ) وَلَوْ بِدُونِ الثُّلُثِ بَاطِلَةٌ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ الْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا فَمَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ } قَالَ الذَّهَبِيُّ : إنَّهُ صَالِحُ الْإِسْنَادِ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : إنَّ عَطَاءً غَيْرُ قَوِيٍّ وَلَمْ يُدْرِكْ ابْنَ عَبَّاسٍ ( فَإِنْ أَجَازُوا فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ ) وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ إجَازَتَهُمْ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ ثُمَّ الْإِجَازَةُ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ ( وَوَلَاءُ مَنْ أَجَازُوا عِتْقَهُ ) الْحَاصِلُ بِالْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ ثَابِتٌ ( لِلْمَيِّتِ ) يَسْتَحِقُّهُ ذُكُورُ الْعَصَبَةِ ، وَقَوْلُ الْأَصْلِ : يَرِثُهُ ذُكُورُ الْعَصَبَةِ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ .

قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ إلَخْ ) قَالَ الدَّارِمِيُّ ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّائِدُ مِمَّا لِلسُّلْطَانِ إعْطَاؤُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ ( قَوْلُهُ : إنْ كَانُوا حَائِزِينَ ) مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ كَمَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ : لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْمِلْكَ وَحَقُّ الْوَارِثِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي ثَانِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ بَرَأَ صَحَّ .
( قَوْلُهُ : ثُمَّ الْإِجَازَةُ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ ) لَوْ كَانَ الْوَارِثُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ إجَازَتِهِ ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ ، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ الْآنَ وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ نَقْلٌ .
( قَوْلُهُ : فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ ) لَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِيمَا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا مَحْجُورًا هَلْ نَقُولُ هِيَ بَاطِلَةٌ أَوْ تُوقَفُ إلَى تَأَهُّلِهِ فَيَرُدُّ أَوْ يُجِيزُ أَوْ يَرُدُّهَا وَلِيُّهُ نَظَرًا لَهُ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ وَالْأَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ الْوَقْفُ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِضْرَارٌ بَيِّنٌ بِالْوَارِثِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ بِغَالِبِ التَّرِكَةِ أَوْ بِجَمِيعِهَا وَحَاجَةِ الْوَارِثِ ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ الْبُطْلَانُ ، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ الْوَقْفُ إلَى التَّأَهُّلِ ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ ، أَمَّا كَوْنُهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَبَعِيدٌ وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِالْبُطْلَانِ فِي الْحَالِ فِيمَا أُحْصَى غ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ : وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجِيزِ مَا لَمْ يَقْبِضْ فَإِنْ أَقْبَضَ صَارَ ضَامِنًا لِقَدْرِ مَا أَجَازَ مِنْ الزِّيَادَةِ .
ا هـ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ أَوْ بَالِغٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعْتُوهٌ لَمْ يَجُزْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْئًا جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنْ

الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ وَلَوْ أَجَازَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ فِي مَالِهِ فَإِنْ وُجِدَ فِي يَدَيْ مَنْ أُجِيزَ لَهُ أُخِذَ مِنْ يَدَيْهِ وَكَانَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَبِيعَ مَنْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ مَا أُعْطِيَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ مَا لَا يَمْلِكُ .
ا هـ .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ : حَاصِلُهُ : أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُجِيزَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ وَلَا يَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا بِخِلَافِ الرَّشِيدِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ .
( وَقَوْلُهُ : وَالْأَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ الْوَقْفُ ) هُوَ الرَّاجِحُ

( فَرْعٌ : الْهِبَةُ لِلْوَارِثِ ) وَإِبْرَاؤُهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ ( فِي الْمَرَضِ كَالْوَصِيَّةِ لَهُ ) فِيمَا مَرَّ ، وَلَوْ قَالَ : أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِي بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّتْ ، وَإِذَا قَبِلَ لَزِمَ دَفْعُهَا إلَيْهِ ، قِيلَ : وَهِيَ حِيلَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ ( وَلَا أَثَرَ لِلْإِجَازَةِ ) وَالرَّدِّ مِنْ الْوَرَثَةِ لِلْوَصِيَّةِ ( قَبْلَ مَوْتِهِ ) أَيْ الْمُوصِي ، فَلَوْ أَجَازُوا قَبْلَهُ فَلَهُمْ الرَّدُّ بَعْدَهُ وَبِالْعَكْسِ إذْ لَا حَقَّ قِبَلَهُ لَهُمْ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ فَلَا أَثَرَ لِلْإِجَازَةِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ( وَلَا ) وَفِي نُسْخَةٍ : وَكَذَا ، أَيْ وَلَا أَثَرَ لَهَا ( مَعَ جَهْلِ قَدْرِ الْمَالِ ) كَالْإِبْرَاءِ عَنْ مَجْهُولٍ ( نَعَمْ إنْ كَانَتْ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ ( بِعَبْدٍ ) مَثَلًا مُعَيَّنٍ وَقَالُوا بَعْدَ إجَازَتِهِمْ : ظَنَنَّا كَثْرَةَ الْمَالِ وَأَنَّ الْعَبْدَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهِ فَبَانَ قِلَّتُهُ أَوْ تَلَفُ بَعْضِهِ أَوْ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ ( صَحَّتْ ) إجَازَتُهُمْ فِيهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومٌ وَالْجَهَالَةُ فِي غَيْرِهِ ، وَقِيلَ : يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ بِيَمِينِهِمْ وَلَا يَلْزَمُهُمْ إلَّا الثُّلُثُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمُشَاعِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ ( وَإِنْ ادَّعَى ) الْمُجِيزُ ( الْجَهْلَ بِالتَّرِكَةِ ) أَيْ بِقَدْرِهَا ( فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ ) بِأَنْ قَالَ : كُنْتُ اعْتَقَدْتُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ( فِي دَعْوَى الْجَهْلِ وَتُنَفَّذُ ) الْوَصِيَّةُ ( فِيمَا ظَنَّهُ ) هَذَا ( إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِعِلْمِهِ ) بِقَدْرِ الْمَالِ ( عِنْدَ الْإِجَازَةِ ) وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ فَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ عِنْدَ الْإِجَازَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَنْفِيذٌ .

( قَوْلُهُ : وَلَا مَعَ جَهْلِ قَدْرِ الْمَالِ ) لَوْ أَجَازَ عَالِمًا بِمِقْدَارِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ فَقَالَ الْمُجِيزُ إنَّمَا أَجَزْتُ ظَنًّا أَنِّي حَائِزٌ مَثَلًا وَالْآنَ فَقَدْ بَانَ لِي شَرِيكٌ فِي التَّرِكَةِ وَأَنَّ نَصِيبِي مِنْهَا الشَّطْرُ مَثَلًا فَهَلْ يُؤَثِّرُ ذَلِكَ ؟ لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ غ وَلَا شَكَّ فِي بُطْلَانِ الْإِجَازَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ ، وَأَمَّا جَمِيعُ نَصِيبِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ تَبْطُلُ الْإِجَازَةُ فِي نِصْفِ نَصِيبِهِ فِي مِثَالِنَا هَذَا ، وَلِلْمُوصَى لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِالْوَارِثِ الْآخَرِ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ بِيَمِينِهِمْ إلَخْ ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ ) وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ : إنَّهُ الصَّحِيحُ ، وَصَحَّحَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ

( فَرْعٌ ) الْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ بِيَوْمِ الْمَوْتِ فَلَوْ ( أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ ) كَأَخٍ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ ( فَصَارَ وَارِثًا ) بِأَنْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ مَعَهُ ( فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ ) فَتَبْطُلُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَتُوقَفُ عَلَى الْإِجَازَةِ ( أَوْ عَكْسِهِ ) بِأَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ كَأَخٍ فَصَارَ غَيْرَ وَارِثٍ بِأَنْ حَدَثَ لِلْمُوصِي ابْنٌ ( صَحَّتْ ) فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ .

( وَإِذَا أَوْصَى لِلْوَرَثَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ) مِنْ الْمِيرَاثِ مُشَاعًا كَأَنْ أَوْصَى لِكُلٍّ مِنْ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ لِابْنِهِ الْحَائِزِ بِجَمِيعِهِ ( بَطَلَتْ ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا وَصِيَّةٍ ( وَلَوْ خَصَّ كُلًّا ) مِنْهُمْ ( بِعَيْنٍ ) هِيَ ( قَدْرُ حِصَّتِهِ ) مِنْ الْمِيرَاثِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنِينَ وَثَلَاثُ دُورٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِائَةٌ ، وَأَوْصَى لِكُلٍّ بِوَاحِدَةٍ ( اُشْتُرِطَتْ الْإِجَازَةُ ) لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الِاعْتِبَارِ وَمَنَافِعِهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ إبْدَالُ مَالِ الْغَيْرِ بِمِثْلِهِ .
قَوْلُهُ : اُشْتُرِطَتْ الْإِجَازَةُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ ) وَإِنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ مِثْلِيَّةً

( وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِبَيْعِ الْعَيْنِ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ ) لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالْقَدْرِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا كَمَا تَصِحُّ بِالْقَدْرِ ( وَلَوْ أَوْصَى لَكُلٍّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَوَارِثٍ بِثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ ) مَثَلًا مِنْ مَالِهِ ( وَرَدَّ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ ) عَلَى الثُّلُثِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِ رَدِّهِمْ بِإِحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ ( فَثُلُثٌ لِلْأَجْنَبِيِّ ) فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ بِالْوَصِيَّةِ فَإِنْ رَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ فَقَطْ فَلِلْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثُ فِي الْأُولَى وَالنِّصْفُ فِي الثَّانِيَةِ ، أَوْ وَصِيَّةَ الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ فَلَهُ الثُّلُثُ فِيهِمَا وَلِلْوَارِثِ الثُّلُثُ أَوْ النِّصْفُ ( وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ ) الْوَصِيَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا ( نُفِّذَتْ ) إجَازَتُهُ ( فِي حَقِّهِ ) فَقَطْ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ نُفِّذَ فِي حَقِّهِ ) لَوْ تَرَكَ بِنْتًا وَزَوْجَةً وَعَمًّا وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ الْفَرْضِ فَلِزَيْدٍ الثُّمُنُ إنْ أَجَازَ الْعَمُّ وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ ، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ بِالْفَرْضِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهُمْ كَمَا فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالنِّهَايَةِ ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ : فِيمَا إذَا قَالَ الْمُوصِي : لَا يُضَامُ فُلَانٌ إنَّمَا يُفْرَضُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَجَازَ مَنْ عَلَيْهِ الضَّيْمُ .

( فَرْعٌ : وَإِنْ ) أَوْصَى ( لِوَارِثٍ ) مِنْ وَرَثَتِهِ بِشَيْءٍ ( وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ) قَدْرِ ( نَصِيبِهِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ ) أَوْ بَقِيَّتُهُمْ الْوَصِيَّةَ لَهُ الشَّيْءُ وَ ( قَاسَمَهُمْ فِي الْبَاقِي ) .

( فَرْعٌ : لَوْ وَقَفَ الْمَرِيضُ دَارِهِ عَلَى ابْنٍ ) لَهُ حَائِزٍ لِمِيرَاثِهِ ( أَوْ ) عَلَى ( ابْنٍ وَبِنْتٍ ) لَهُ حَائِزَيْنِ ( أَثْلَاثًا ) بِحَسَبِ إرْثِهِمَا لَهَا ( وَاحْتَمَلَهَا الثُّلُثُ صَحَّ ) الْوَقْفُ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ إبْطَالُهُ وَلَا إبْطَالُ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ نَافِذٌ ، فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَطْعِ حَقِّ الْوَارِثِ عَنْ الثُّلُثِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَمَكُّنُهُ مِنْ وَقْفِهِ عَلَيْهِ أَوْلَى ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهَا الثُّلُثُ بِأَنْ زَادَتْ عَلَيْهِ ( فَلَهُ ) أَيْ لِلِابْنِ فِي الْأُولَى ( أَوْ لَهُمَا ) أَيْ لَهُ وَلِلْبِنْتِ فِي الثَّانِيَةِ ( إبْطَالُ الزَّائِدِ ) عَلَى الثُّلُثِ إذْ لَيْسَ لِلْمَرِيضِ تَفْوِيتُهُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَجَازَ وَلَزِمَ الْوَقْفُ ( فَإِنْ وَقَفَهُ ) أَيْ الْعَقَارَ الْمَفْهُومَ مِنْ الدَّارِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَصْلِهِ وَقَفَهَا ( عَلَيْهِمَا ) أَيْ الِابْنِ وَالْبِنْتِ ( نِصْفَيْنِ وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهُ ) فَإِنْ رَضِيَ الِابْنُ فَذَاكَ وَإِلَّا ( فَلَيْسَ لِلْبِنْتِ إلَّا نِصْفُ مَا لِلِابْنِ ) لِأَنَّ لَهُ مِثْلَيْهَا ( فَلَهُمَا إبْطَالُ الْوَقْفِ فِي الرُّبُعِ ) إذْ لِلِابْنِ إبْطَالُ السُّدُسِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَيُبْطِلُ الْأَخُ السُّدُسَ فَقَطْ ) لِأَنَّهُ تَمَامُ حَقِّهِ إذْ حَقُّهُ مُنْحَصِرٌ فِي ثُلُثَيْ الدَّارِ وَيَبْقَى نِصْفُهَا وَقْفًا عَلَيْهِ ، وَلَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى ثُلُثِهَا لِأَنَّهُ حَقُّهَا ( وَيَبْقَى ثُلُثُ الدَّارِ وَقْفًا عَلَيْهَا ) لِأَنَّهُ بِقَدْرِ إرْثِهَا هَذَا ( إنْ أَجَازَتْ ) وَإِلَّا فَيَبْقَى لَهَا الرُّبُعُ فَقَطْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ : ( وَلَهَا إبْطَالُ نِصْفِ السُّدُسِ ) لِتَأْخُذَهُ إرْثًا ( وَيَصِيرُ مَا أَبْطَلَاهُ ) وَهُوَ الرُّبُعُ الْحَاصِلُ مِنْ السُّدُسِ وَنِصْفِهِ ( مِلْكًا بَيْنَهُمَا ) أَثْلَاثًا وَالْبَاقِي وَقْفًا عَلَيْهِمَا ، كَذَلِكَ لَوْ وَقَفَهَا عَلَى ابْنِهِ وَزَوْجَتِهِ الْحَائِزَيْنِ نِصْفَيْنِ فَلِلِابْنِ إبْطَالُ تَتِمَّةِ حَقِّهِ فَقَطْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الدَّارِ ، وَيَبْقَى ثُمُنُهَا وَقْفًا عَلَيْهَا إنْ أَجَازَتْ وَنِصْفُهَا وَقْفًا عَلَى

الِابْنِ وَلَهَا إبْطَالُ ثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ ثُمُنِهَا ( فَإِنْ وَقَفَ ثُلُثَهَا عَلَى الِابْنِ وَثُلُثَيْهَا عَلَى الْبِنْتِ فَقَدْ نَقَصَ ) الْمُوصِي ( الِابْنَ نِصْفَ نَصِيبِهِ ) وَهُوَ ثُلُثُهَا لِأَنَّ نَصِيبَهُ ثُلُثَاهَا ( وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَنْقُصَ الْبِنْتَ كَذَلِكَ فَلِلِابْنِ الْخِيَارُ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ ) لِأَنَّهُ تَتِمَّةُ حَقِّهِ ( وَلَهَا الْخِيَارُ فِي السُّدُسِ ) لِمَا مَرَّ فِي نِصْفِهِ .

( قَوْلُهُ : لَوْ وَقَفَ الْمَرِيضُ دَارِهِ عَلَى ابْنٍ حَائِزٍ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ : ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا أَنْجَزَ الْوَقْفَ فِي مَرَضِهِ وَكَانَ الِابْنُ طِفْلًا فَقَبِلَهُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ فَأَرَادَ الِابْنُ الرَّدَّ أَوْ الْإِجَازَةَ ، لَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَقَبِلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ الرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ إذْ الْإِجَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ هِيَ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَلَهُ أَوْ لَهُمَا إبْطَالُ الزَّائِدِ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ صَغِيرًا فَإِنَّ لَهُ الرَّدَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا .
.
.
إلَخْ ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ قَبْلَ انْفِكَاكِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ إذَا مَاتَ وَبِيعَ فِي الدَّيْنِ فَذَاكَ وَإِنْ فُكَّ الرَّهْنُ فَلِلْمُوصَى لَهُ أَخْذُهُ وَلَا يَمْنَعُ الرَّهْنُ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا وَلَا فِي الرَّهْنِ ، وَالْمَنْعُ فِي الرَّهْنِ إنَّمَا هُوَ مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مَعَ الْإِقْبَاضِ أَوْ مَا يُزْحِمُ الْمُرْتَهِنَ فِي مَقْصُودِ الرَّهْنِ وَهُوَ الرَّهْنُ عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ مَا وَقَعَ فِيهِ قِلَّةُ رَغْبَةٍ وَهُوَ التَّزْوِيجُ وَالْإِيصَاءُ لَيْسَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ : فَتَصْدُقُ بِالْكَرَاهَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَوْصَى الْمُشْتَرِي لِشَخْصٍ بِمَا اشْتَرَاهُ وَمَاتَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْوَارِثِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ ، أَمَّا الْوَارِثُ فَلِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَهُ لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ ، فَتَفُوتُ الْوَصِيَّةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُصْدِرْ الْعَقْدَ مَعَهُ وَلَيْسَ بِوَارِثٍ لِلْحُقُوقِ .
ا هـ .
مَا تَفْقَهُهُ مَرْدُودٌ إذْ الْخِيَارُ يَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ فَلَا يَمْنَعُ

مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُوصَى بِهِ ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ ) فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِدَمٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ ، وَلَا بِمِزْمَارٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ شَرْعًا ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ كَالْمَعْدُومَةِ ( وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ ) فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالزَّائِدِ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ ، وَهَلِ الْوَصِيَّةُ بِهِ مَكْرُوهَةٌ أَوْ حَرَامٌ وَإِنْ صَحَّتْ بِشَرْطِهَا ؟ فِيهِ خِلَافٌ ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ قَبْلَ ذَلِكَ : وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَتَصْدُقُ بِالْكَرَاهَةِ ، وَعَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ ، وَبِالْحُرْمَةِ ، وَعَلَيْهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ : جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتُ : فَالشَّطْرُ ؟ قَالَ : لَا .
قُلْتُ : فَالثُّلُثُ ؟ قَالَ : الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ .
} ( وَأَنْ يَقْبَلَ النَّقْلَ ) مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ ( فَلَا تَصِحُّ ) الْوَصِيَّةُ ( بِقِصَاصٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ ) إذَا لَمْ تَبْطُلْ بِالتَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ كَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَحَدِّ قَذْفٍ وَإِنْ قَبِلَتْ الِانْتِقَالَ بِالْإِرْثِ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ ، نَعَمْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْقِصَاصِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ فِي الْمَرَضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ ( بَلْ إنْ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ شِقْصٍ ) مِنْ عَقَارٍ ( فَأَوْصَى بِهِ بَقِيَتْ لِلْوَارِثِ ) وَالشِّقْصُ لِلْمُوصَى لَهُ ، نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَبْطُلُ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إذْ يَتَبَيَّنُ بِالْقَبُولِ

أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْمُوصِي عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ لِعَدَمِ الشَّرِكَةِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى مِلْكِهِ انْتَهَى .
فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الشُّفْعَةُ لِلْمُوصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى تَبَيُّنِ الْمِلْكِ بِالْقَبُولِ فِيهِ نَظَرٌ ، وَلَوْ قَالُوا بَدَلَ " فَأَوْصَى بِهِ " : " فَأَوْصَى بِبَعْضِهِ " لَسَلِمُوا مِنْ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ .
.
.
إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّ حَقَّهَا ثَبَتَ لِلْمُوَرِّثِ وَيَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ انْتِقَالُ الْعَيْنِ كا ( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَوْصَى بِحَمْلٍ إلَخْ ) يُشْتَرَطُ انْفِصَالَهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْبَهَائِمِ ، فَلَوْ قَالَ : أَوْصَيْتُ بِحَمْلِهَا وَكَانَتْ حِينَئِذٍ غَيْرَ حَامِلٍ لَا تَصِحُّ ( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الظَّاهِرُ الْعُمُومُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَبَنَى الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا هَذِهِ هَلْ تَعُمُّ أَوْ لَا ؟ وَفِيهَا خِلَافٌ ، فَمَنْ قَالَ بِعُمُومِهَا كَالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ صَحَّحَهَا بِكُلِّ السِّنِينَ وَمَنْ قَالَ لَا تَعُمُّ قَالَ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً ، وَقَوْلُهُ : فَمَنْ قَالَ بِعُمُومِهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ : وَإِنْ أَوْصَى بِحَمْلٍ وَلَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ جَازَ ) ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا جَوَّزَتْ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا وُجُوهٌ مِنْ الْغَرَرِ ، فَكَمَا تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ ، ثُمَّ إنْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ هَذَا الْعَامَ أَوْ كُلَّ عَامٍ فَذَاكَ ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ : أَوْصَيْتُ بِمَا تَحْمِلُهُ فَهَلْ يَعُمُّ كُلَّ عَامٍ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ ؟ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الظَّاهِرُ الْعُمُومُ ( وَيَصِحُّ الْقَبُولُ ) لِلْوَصِيَّةِ بِالْحَمْلِ ( قَبْلَ الْوَضْعِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ ( وَلَا تَبْطُلُ ) الْوَصِيَّةُ ( بِانْفِصَالِهِ ) مِنْ الْأَمَةِ ( مَيِّتًا مَضْمُونًا ) لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مُقَوَّمًا فَتُنَفَّذُ فِي بَدَلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ فَانْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ بَهِيمَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ ، وَمَا يَغْرَمُهُ الْجَانِي لِلْوَارِثِ ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَنِينِهَا بَدَلُ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَمَا نَقَصَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ بَدَلُهُ .
( قَوْلُهُ : وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ بَهِيمَةٍ إلَخْ ) لِيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ ذَبَحَ الْوَارِثُ أَوْ غَيْرُهُ الْبَهِيمَةَ الْمُوصَى بِحَمْلِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ وَضْعِهَا فَإِنَّ الْجَنِينَ يَكُونُ مَأْكُولًا فَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَذُبِحَ غ

( وَتَجُوزُ ) الْوَصِيَّةُ ( بِتَمْرٍ وَصُوفٍ وَلَبَنٍ ) وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ وَرِيشٍ ( سَتَحْدُثُ ) كَالْحَمْلِ ، وَتَصِحُّ ( بِمَنَافِعِ عَيْنٍ ) كَعَبْدٍ وَدَارٍ وَثَوْبٍ ( دُونَهَا ) مُؤَبَّدَةٍ وَمُؤَقَّتَةٍ لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ مُقَابَلَةٌ بِالْعِوَضِ فَأَشْبَهَتْ الْأَعْيَانَ .
( قَوْلُهُ : وَتَجُوزُ بِثَمَرَةٍ ) لَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ مَرَّتَيْنِ كَانَتْ الثَّانِيَةُ لِلْوَارِثِ ( قَوْلُهُ : وَتَصِحُّ بِمَنَافِعِ عَيْنٍ دُونَهَا ) فَتَصِحُّ بِالْعَيْنِ لِوَاحِدٍ وَبِالْمَنْفَعَةِ لِآخَرَ فَلَوْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ وَرَدَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ عَادَتْ إلَى الْوَرَثَةِ لَا إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخَانِ لِلْمَسْأَلَةِ ، قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْخِلَافُ مُحْتَمَلٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، أَمَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنَّ الرَّقَبَةَ مَسْلُوبَةُ الْمَنْفَعَةِ فَيُجْزَمُ بِهِ فش

( وَتَتَأَبَّدُ ) الْوَصِيَّةُ ( إنْ أُطْلِقَ ) عَقْدُهَا بِأَنْ لَمْ تُؤَبَّدْ وَلَمْ تُؤَقَّتْ .
( فَرْعٌ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : لَوْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ أَمَتِي ذَكَرًا فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ أَوْ أُنْثَى فَوَصِيَّةٌ لِعَمْرٍو جَازَ وَكَانَ عَلَى مَا قَالَ سَوَاءٌ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ ، وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى ، فَقِيلَ : لَا حَقَّ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَقِيلَ : إنَّهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا ، حَتَّى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ : وَتَصِحُّ بِمَا يَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ كَالْآبِقِ ) وَالْمَغْصُوبِ وَالطَّيْرِ الْمُفْلِتِ ( وَ ) تَصِحُّ ( بِالْمَجْهُولِ كَعَبْدٍ ) وَثَوْبٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى عَبْدَهُ ثُلُثَ مَالِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ ، وَقَدْ لَا يَعْرِفُ حِينَئِذٍ ثُلُثَ مَالِهِ لِكَثْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ ( فَرْعٌ : تَصِحُّ ) الْوَصِيَّةُ ( بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ ) لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ فَاحْتَمَلَتْ الْإِبْهَامَ ( وَالتَّعْيِينُ ) لِلْمُبْهَمِ مِنْهُمَا وَاجِبٌ ( عَلَى الْوَارِثِ وَلَوْ قَالَ : أَوْصَيْتُ بِهَذَا الْأَلْفِ ) مَثَلًا ( لِأَحَدِ ) هَذَيْنِ ( الرَّجُلَيْنِ لَمْ تَصِحَّ ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ فِي الْمُوصَى بِهِ مَا لَمْ يُحْتَمَلْ فِي الْمُوصَى لَهُ ( أَوْ ) قَالَ ( أَعْطُوا هَذَا الْأَلْفَ أَحَدَهُمَا صَحَّ ) كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ : بِعْهُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ .
( قَوْلُهُ : كَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ إلَخْ ) وَالْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ ( قَوْلُهُ : فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ ) لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَخْلُفُ الْمَيِّتَ فِي ثُلُثِهِ كَمَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِي ثُلُثَيْهِ فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَخْلُفَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ جَازَ أَنْ يَخْلُفَهُ الْمُوصَى لَهُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ أَعْطُوا هَذَا الْأَلْفَ أَحَدَهُمَا صَحَّ ) قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْخَيْرَ لِلْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى ، وَأَيْضًا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْطُوا بَعْدَ مَوْتِي كَذَا لِكَذَا لَمْ يُمْلَكْ بِالْقَبُولِ وَحْدَهُ بَلْ بِإِعْطَاءِ الْوَارِثِ ، وَلَا كَذَلِكَ لَفْظُ أَوْصَيْتُ

( فَصْلٌ : تَصِحُّ ) الْوَصِيَّةُ ( بِنَجِسٍ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَكَلْبِ صَيْدٍ وَلَوْ جَرْوًا ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ كَمَا مَرَّ ( يُرْجَى ) الِانْتِفَاعُ بِهِ ( وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَشَحْمِ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ السُّفُنِ ) لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا وَانْتِقَالِهَا مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ بِالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ اسْتَحْكَمَتْ الْخَمْرُ وَلَيْسَ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا إلَّا بِصُنْعِ آدَمِيٍّ فَالْأَشْبَهُ فِيمَا نَظُنُّهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا .
انْتَهَى .
وَقَدْ يُقَالُ : لَمَّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَا يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا لِمَنَافِعَ قَدْ تَعْرِضُ مِنْ إطْفَاءِ نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْكَلْبِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ فِي صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةِ زَرْعٍ أَوْ نَعَمٍ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ نَعَمٍ وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ اقْتِنَاؤُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ( لَا بِمَا لَا يَحِلُّ ) الِانْتِفَاعُ بِهِ ( كَخِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ ) غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ ( وَكَلْبٍ عَقُورٍ ) .
( قَوْلُهُ : شَحْمِ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ السُّفُنِ ) وَمَيْتَةٍ لِإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ وَلَوْ مَيْتَةَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ يُقَالُ لِمَا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُوصَى لَهُ بِالْكَلْبِ إلَخْ ) فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ أَهْلِ بَعْضِهَا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ مَا يَصْلُحُ لَهُ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْوَارِثُ ؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا ثَانِيهِمَا ، وَبِتَرْجِيحِهِ أَشْعَرَ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ) وَتَبِعْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ وَيُنْقَلُ الْيَدُ فِيهِ لِمَنْ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ

( فَصْلٌ : وَتَصِحُّ ) الْوَصِيَّةُ ( بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِرَّةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا ( وَلَوْ أَوْصَى بِالْمُكَاتَبِ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَبِعَبْدِ غَيْرِهِ إنْ مَلَكَهُ صَحَّ ) لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ فَبِهَذَيْنِ أَوْلَى وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ صُورَتَهُمَا أَنْ يَقُولَ : أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا الْمُكَاتَبِ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ إنْ مَلَكْتُهُ ، وَسَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا الْمُكَاتَبِ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي هَذِهِ : الظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ يَقْتَضِيهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ ( وَالْوَصِيَّةُ بِالسِّلَاحِ لِحَرْبِيٍّ وَالْمُصْحَفِ ) وَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالصَّنَمِ ( لِكَافِرٍ كَالْبَيْعِ مِنْهُ ) فَلَا تَصِحُّ .
( قَوْلُهُ : وَسَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَالْوَصِيَّةُ بِالسِّلَاحِ لِحَرْبِيٍّ إلَخْ ) الدَّاخِلُ بِأَمَانٍ كَالتَّاجِرِ وَالرَّسُولِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَرْبِيِّ فِي ذَلِكَ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ أَعْطُوهُ كَلْبًا مِنْ كِلَابِي أَوْ مِنْ مَالِي وَلَهُ ) عِنْدَ مَوْتِهِ ( كِلَابٌ يُنْتَفَعُ ) أَيْ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ ( بِهَا أُعْطِيَ ) وَاحِدًا مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْكَلْبُ مَالًا فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْمُنْتَفَعَ بِهِ مِنْ الْكِلَابِ يُقْتَنَى وَتَعْتَوِرُهُ الْأَيْدِي كَالْأَمْوَالِ فَقَدْ يُسْتَعَارُ لَهُ اسْمُ الْمَالِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كِلَابٌ كَذَلِكَ ( بَطَلَتْ ) وَصِيَّتُهُ لِتَعَذُّرِ شِرَاءِ كَلْبٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ مُتَبَرِّعٌ وَأَرَادَ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ جَازَ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ ( وَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ ( قَالَ : أَعْطُوهُ كِلَابِي وَلَا مَالَ لَهُ أُعْطِيَ ثُلُثَهَا ) فَقَطْ كَالْمَالِ ( عَدَدًا ) لَا قِيمَةً إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا مَعَ تَوَسُّعِهِمْ فِي الْبَابِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْصَى بِاثْنَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ نُفِّذَتْ فِي وَاحِدٍ وَثُلُثٍ ، وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ نُفِّذَتْ فِي ثُلُثِهِ ( وَفِي أَجْنَاسٍ كَكِلَابٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَشَحْمِ مَيْتَةٍ ) إذَا ( أَوْصَى بِوَاحِدٍ مِنْهَا يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِفَرْضِ الْقِيمَةِ ) لَا بِالْعَدَدِ وَلَا بِالْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ لَا تَنَاسُبَ بَيْنَ الرُّءُوسِ وَلَا الْمَنْفَعَةِ ( وَإِنْ أَوْصَى بِهَذِهِ ) الْأَجْنَاسِ ( كُلِّهَا وَلَهُ مَالٌ وَإِنْ قَلَّ أُعْطِيَهَا ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ الْمُوصَى بِهِ وَالْمَالُ وَإِنْ قَلَّ خَيْرٌ مِمَّا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ ( وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَبِالْكِلَابِ ) مَثَلًا ( لِعَمْرٍو لَمْ يُعْطَ ) عَمْرٌو ( إلَّا ثُلُثَهَا ) لِأَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ حَظُّهُمْ بِسَبَبِ الثُّلُثِ الَّذِي نُفِّذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى فِي وَصِيَّةِ غَيْرِ الْمُتَمَوِّلِ .

( فَصْلٌ : قَالَ أَعْطُوهُ كَلْبًا إلَخْ ) ( قَوْلُهُ : أُعْطِيَ وَاحِدًا مِنْهَا ) أَيْ بِخِيَرَةَ الْوَارِثِ ( قَوْلُهُ : كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةُ بَطَلَتْ بِالْمَوْتِ لِعَدَمِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حِينَئِذٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَا شَاة لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ

( فَصْلٌ وَإِنْ أَوْصَى بِطَبْلِ لَهْوٍ أَوْ عُودِهِ صَحَّتْ ) وَصِيَّتُهُ بِهِمَا ( إنْ صَلَحَا لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ وَإِنْ غُيِّرَتْ الْهَيْئَةُ ) حَمْلًا عَلَى الْمُبَاحِ ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْمُوصِي : أَرَدْتُ بِهِ الِانْتِفَاعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ مَعْمُولٌ لَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَقَوْلُهُ : كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا سُمِّيَ اللَّهْوُ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَوْ قَالَ : أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذَا وَلَمْ يُسَمِّهِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَصِحَّ وَيُعْطَى لَهُ مُفَصَّلًا مَمْنُوعٌ ، وَإِنْ نَسَبَاهُ لِلْمَاوَرْدِيِّ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذَلِكَ مَعَ مَا ذُكِرَ ( بَطَلَتْ وَلَوْ نَفِيسًا ) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَلَا نَظَرَ لِمَا يُتَرَقَّبُ مِنْ الْمَنَافِعِ بَعْدَ زَوَالِ اسْمِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِطَبْلٍ أَوْ عُودٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَاسْمُ الطَّبْلِ يَقَعُ عَلَى طَبْلِ الْحَرْبِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلتَّهْوِيلِ ، وَعَلَى طَبْلِ الْحَجِيجِ وَالْقَوَافِلِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلْإِعْلَامِ بِالنُّزُولِ وَالِارْتِحَالِ ، وَعَلَى طَبْلِ الْعَطَّارِينَ وَهُوَ سَفَطٌ لَهُمْ ، وَعَلَى طَبْلِ اللَّهْوِ كَالطَّبْلِ الَّذِي يَضْرِبُ بِهِ الْمُخَنَّثُونَ وَسَطُهُ ضَيِّقٌ وَطَرَفَاهُ وَاسِعَانِ .
( قَوْلُهُ : لَمْ تَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَخْ ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فِي الطَّبْلِ وَغَيْرِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْمَسَاكِينِ أَوْ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ وَكَانَ رُضَاضُهُ مَالًا فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ ، وَتَنْزِيلٍ الْوَصِيَّةِ عَلَى رُضَاضِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ غ وَقَوْلُهُ : يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ : إنَّمَا تُنَفَّذُ ) الْوَصِيَّةُ قَهْرًا ( فِي الثُّلُثِ وَإِنْ أَوْصَى فِي الصِّحَّةِ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ تَعَالَى أَعْطَى الْعَبْدَ ثُلُثَ مَالِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ ( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ ) شَيْئًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْثَرَ الثُّلُثَ ، قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَقِيلَ : إنْ كَانَ وَرَثَتُهُ أَغْنِيَاءَ اسْتَوْفَى الثُّلُثَ وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ النَّقْصُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( وَالِاعْتِبَارُ ) فِي كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ ثُلُثَ الْمَالِ ( بِيَوْمِ الْمَوْتِ ) لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا تَمَلُّكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ ( فَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ كَثُرَ ) أَوْ تَلِفَ ثُمَّ كَسَبَ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ثُمَّ كَسَبَهُ ( لَزِمَهُ ) يَعْنِي وَارِثَهُ ( ثُلُثُهُ ) وَلَوْ أَوْصَى بِقَدْرِ الثُّلُثِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَفِ بِهِ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ افْتَقَرَ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الزَّائِدِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَوَفَّى بِهِ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهَا ( وَلَا تُنَفَّذُ ) الْوَصِيَّةُ ( إلَّا فِي الثُّلُثِ الْفَاضِلِ عَنْ الدَّيْنِ ) لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ ( فَإِنْ ) كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلَمْ تُنَفَّذْ الْوَصِيَّةُ فِي شَيْءٍ لَكِنْ يُحْكَمُ بِانْعِقَادِهَا حَتَّى لَوْ ( أُبْرِئَ ) مِنْ الدَّيْنِ ( أَوْ قَضَاهُ ) عَنْهُ ( آخَرُ فَكَانَ لَا دَيْنَ ) فَتُنَفَّذُ .
( فَرْعٌ : التَّبَرُّعَاتُ الْمُنَجَّزَةُ ) كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَعِتْقٍ ( فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ مُتَّصِلٍ بِالْمَوْتِ ) مُعْتَبَرَةٌ ( مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ ، وَخَرَجَ بِالْمَرَضِ التَّبَرُّعَاتُ الْمُنَجَّزَةُ فِي الصِّحَّةِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، نَعَمْ لَوْ وَهَبَ شَيْئًا فِي صِحَّتِهِ وَأَقْبَضَهُ فِي مَرَضِهِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا سَيَأْتِي ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تُمَلَّكُ

بِالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ ، وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ يُعْتَبَرُ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ فِي الْمُنَجَّزِ ، وَبِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِمَعْرِفَةِ الثُّلُثِ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا فِي الْمَرَضِ قِيمَةَ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَفِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ قِيمَةَ يَوْمِ الْمَوْتِ ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَفِيمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَقَلُّ قِيمَةٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ ، أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ ، وَمِثَالُ ذَلِكَ جَارٍ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ .
( قَوْلُهُ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ ) تُكْرَهُ الْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى الْأَصَحِّ .
، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ الْوَارِثِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُضَادَّةِ وَتَضْيِيعِ الْمَالِ إذْ لَا ثَوَابَ مَعَ هَذَا الْقَصْدِ الْمَذْمُومِ ( قَوْلُهُ : هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ ( قَوْلُهُ : وَالِاعْتِبَارُ بِيَوْمِ الْمَوْتِ ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ { إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ } قَوْلُهُ : لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ ) وَالْقَائِلُ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ يَوْمُ النَّذْرِ ، رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ اللُّزُومِ فَهُوَ نَظِيرُ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ ( قَوْلُهُ : كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَعِتْقٍ ) يُسْتَثْنَى مِنْ الْعِتْقِ عِتْقُ أُمِّ وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ

( فَصْلٌ : فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ ، فَإِنْ انْتَهَى ) الشَّخْصُ ( إلَى ) حَالِ ( الْقَطْعِ بِالْمَوْتِ ) مِنْ ذَلِكَ ( عَاجِلًا كَمَنْ شَخَصَ بَصَرُهُ ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ ، أَيْ فَتْحِ عَيْنِهِ بِغَيْرِ تَحْرِيكِ جَفْنٍ ( وَبَلَغَتْ رُوحُهُ الْحَنْجَرَةَ ) أَيْ الْحُلْقُومَ ( فِي النَّزْعِ أَوْ ذُبِحَ أَوْ شُقَّ بَطْنُهُ وَأَخْرَجَتْ حُشْوَتُهُ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا ، أَيْ : أَمْعَاؤُهُ ( أَوْ غَرِقَ فَغَمَرَهُ الْمَاءُ وَهُوَ غَيْرُ سَابِحٍ ) أَيْ غَيْرُ مُحْسِنِ السِّبَاحَةِ ( فَلَا عِبْرَةَ ) فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهَا ( بِوَصِيَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ ) وَغَيْرِهِمَا ( فَهُوَ كَالْمَيِّتِ ) عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ ( وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْمَرِيضِ ( فِي غَيْرِ الثُّلُثِ لِمَرَضٍ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا كَالْقُولَنْجِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا ، وَهُوَ أَنْ يَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا تَنْزِلُ وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إنْ أَصَابَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا ( وَذَاتِ الْجَنْبِ ) وَتُسَمَّى ذَاتَ الْخَاصِرَةِ ، وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَوْفِ وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ ، وَذَلِكَ وَقْتَ الْهَلَاكِ ، وَمِنْ عَلَامَتِهَا الْحُمَّى اللَّازِمَةُ وَالْوَجَعُ النَّاحِسُ تَحْتَ الْأَضْلَاعِ وَضِيقُ النَّفَسِ وَتَوَاتُرُهُ وَالسُّعَالُ ( وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ ( وَالْإِسْهَالِ الْمُتَوَاتِرِ ) أَيْ الْمُتَتَابِعِ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ ( لَا إسْهَالِ يَوْمَيْنِ ) أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ .
( إلَّا أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ عَدَمُ اسْتِمْسَاكٍ وَخُرُوجُ طَعَامٍ غَيْرِ مُسْتَحِيلٍ أَوْ زَحِيرٌ مَعَهُ وَجَعٌ ) وَشِدَّةٌ بِلَا تَقَطُّعٍ لِلْخَارِجِ ( أَوْ ) مَعَهُ (

تَقَطُّعٌ ) لِلْخَارِجِ ( أَوْ ) يُضَمُّ إلَيْهِ ( دَمٌ ) يَخْرُجُ ( مِنْ نَحْوِ كَبِدٍ ) مِنْ الْأَعْضَاءِ الشَّرِيفَةِ ( لَا مِنْ نَحْوِ بَوَاسِيرَ أَوْ ) إلَّا أَنْ ( يُعَجِّلَ وَيَمْنَعَ النَّوْمَ ) فَمَخُوفٌ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ إسْهَالٍ يَخْرُجُ مَعَهُ دَمٌ مِنْ نَحْوِ بَوَاسِيرَ ( وَكَالْفَالِجِ فِي ابْتِدَائِهِ ) بِخِلَافِ دَوَامِهِ لَيْسَ مَخُوفًا سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ ارْتِعَاشٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَهُوَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ : اسْتِرْخَاءُ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا .
وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ ، وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ وَالْبَلْغَمِ .
فَإِذَا هَاجَ رُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَأَهْلَكَ ( لَا السِّلِّ ) بِكَسْرِ السِّينِ لَا بِفَتْحِهَا كَمَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَدَنُ فِي النُّقْصَانِ وَالِاصْفِرَارِ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ ( مُطْلَقًا ) أَيْ لَا فِي ابْتِدَائِهِ وَلَا فِي انْتِهَائِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ صَاحِبُهُ غَالِبًا لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا فَيَكُونُ كَالشَّيْخُوخَةِ وَالْهَرَمِ ( وَكَالْحُمَّى الشَّدِيدَةِ الْمُطْبِقَةِ ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا ، أَيْ الْمُلَازِمَةِ الَّتِي لَا تَبْرَحُ لِأَنَّ إطْبَاقَهَا يُذْهِبُ الْقُوَّةَ الَّتِي هِيَ قِوَامُ الْحَيَاةِ ، وَمَحَلُّ كَوْنِهَا مَخُوفَةً إذَا زَادَتْ عَلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ .
( أَوْ ) حُمَّى ( الْوَرْدِ ) بِكَسْرِ الْوَاوِ ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ ( أَوْ ) حُمَّى ( الثِّلْثِ ) بِكَسْرِ الثَّاءِ ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا ( أَوْ حُمَّى الْأَخَوَيْنِ ) وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ ( أَوْ ) حُمَّى ( الْغِبِّ ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا ( لَا ) حُمَّى ( الرِّبْعِ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ يَأْخُذُ قُوَّةً فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ ( وَلَا حُمَّى يَوْمٍ

أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا إنْ اتَّصَلَ بِهَا قَبْلَ الْعَرَقِ مَوْتٌ فَقَدْ بَانَتْ مَخُوفَةً ) بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا بَعْدَ الْعَرَقِ لِأَنَّ أَثَرَهَا زَالَ بِالْعَرَقِ ، وَالْمَوْتِ بِسَبَبٍ آخَرَ ( وَالدِّقُّ ) بِكَسْرِ الدَّالِ ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ وَلَا يَمْتَدُّ مَعَهُ حَيَاةٌ غَالِبًا ( مَخُوفٌ ، وَمِنْ الْمَخُوفِ هَيَجَانُ ) الْمِرَّةِ ( الصَّفْرَاءِ أَوْ الْبَلْغَمِ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْبَلْغَمِ ( وَالدَّمِ ) بِأَنْ يَثُورَ وَيَنْصَبَّ إلَى عُضْوٍ كَيَدٍ وَرِجْلٍ فَيُخَمَّرُ وَيَنْفَتِحُ ( وَ ) مِنْ الْمَخُوفِ ( الطَّاعُونُ ) وَهُوَ هَيَجَانُ الدَّمِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ وَانْتِفَاخُهُ ، وَيُقَالُ : نَبْرٌ مُؤْلِمٌ جِدًّا يَخْرُجُ غَالِبًا مِنْ الْآبَاطِ مَعَ لَهِيبٍ وَخَفَقَانٍ وَقَيْءٍ وَنَحْوِهِ .
( وَ ) مِنْهُ ( الْجِرَاحَةُ إنْ كَانَتْ ) نَافِذَةً ( إلَى الْجَوْفِ أَوْ ) كَانَتْ ( عَلَى مَقْتَلٍ أَوْ ) فِي ( مَوْضِعٍ كَثِيرِ اللَّحْم أَوْ ) حَصَلَ ( مَعَهَا ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ تَآكُلٌ أَوْ تَوَرُّمٌ وَ ) مِنْهُ الْقَيْءُ ( الدَّائِمُ أَوْ ) الْمَصْحُوبُ ( بِخَلْطٍ ) مِنْ الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ ( أَوْ دَمٍ ، وَ ) مِنْهُ ( الْبِرْسَامُ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ، وَهُوَ وَرَمٌ فِي حِجَابِ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ يَصْعَدُ أَثَرُهُ إلَى الدِّمَاغِ ( لَا وَجَعُ الْعَيْنِ وَالضِّرْسِ وَ ) لَا ( الصُّدَاعُ ) وَالْجَرَبُ وَنَحْوُهَا فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً ( وَأُلْحِقَ بِالْمَخُوفِ ) مِنْ الْأَمْرَاضِ ( الْتِحَامُ ) أَيْ اخْتِلَاطُ ( قِتَالِ مُتَكَافِئَيْنِ ) أَوْ قَرِيبَيْنِ مِنْ التَّكَافُؤِ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ سَوَاءٌ أَكَانَا مُسْلِمَيْنِ أَمْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُسْلِمًا وَكَافِرًا بِخِلَافِ قِتَالٍ بِغَيْرِ الْتِحَامٍ وَإِنْ تَرَامَيَا بِالنُّشَّابِ وَالْحِرَابِ أَوْ بِالْتِحَامٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَغْلِبُ الْآخَرَ لَكِنْ هَذَا مَحِلُّهُ فِي حَقِّ الْغَالِبِ فَقَطْ .
( وَالتَّقْدِيمُ لِلرَّجْمِ ) فِي الزِّنَا أَوْ لِلْقَتْلِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْإِقْرَارِ ( وَهَيَجَانُ الْبَحْرِ بِالرِّيحِ ) بِخِلَافِ هَيَجَانِهِ بِلَا رِيحٍ ( وَأَسْرُ كَافِرٍ ) أَوْ غَيْرِهِ ( يَعْتَادُ الْقَتْلَ )

لِلْأَسْرَى بِخِلَافِ أَسْرِ مَنْ لَا يَعْتَادُهُ كَالرُّومِ ( وَكَذَا ) يُلْحَقُ بِهِ ( التَّقْدِيمُ لِلْقِصَاصِ ) بِخِلَافِ الْحَبْسِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ، ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : مُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ إذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا أَوْ حُبِسَ لِيُقْتَلَ لَزِمَتْهُ الْوَصِيَّةُ بِهَا إذْ الْحَبْسُ لِلْقَتْلِ كَالتَّقْدِيمِ لَهُ ، انْتَهَى .
وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَلْحَقُوهُ ثَمَّ بِالْمَخُوفِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْغَيْرِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ هُنَا حَقًّا لِلْغَيْرِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ بِأَنَّ مَعْنَى الْحَبْسِ ثَمَّ التَّقْدِيمُ لِلْقَتْلِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ لَهُ ( وَكَذَا ) يَلْحَقُ بِهِ ( ظُهُورُ طَاعُونٍ وَفَاشِيُّ وَبَاءٍ ) فِي الْبُقْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبَا الْمُتَبَرِّعَ ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطَّاعُونِ .
وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ الطَّاعُونُ : الْمَرَضُ الْعَامُّ وَالْوَبَاءُ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ فَتَنْفَسِدُ مِنْهُ الْأَمْزِجَةُ ، فَجَعَلَ الْوَبَاءَ قِسْمًا مِنْ الطَّاعُونِ ، وَهُوَ مَمْدُودٌ وَمَقْصُورٌ ، وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ الطَّاعُونَ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ أَنْوَاعٌ ، وَقِيلَ : الْوَبَاءُ الْمَرَضُ الْعَامُّ ، وَقِيلَ : الْمَوْتُ الذَّرِيعُ ، أَيْ السَّرِيعُ ( وَ ) كَذَا ( الطَّلْقُ ) وَيَمْتَدُّ خَوْفُهُ ( إلَى انْفِصَالِ الْمَشِيمَةِ ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ ( أَوْ ) إلَى زَوَالِ مَا حَصَلَ بِالْوِلَادَةِ فِيمَا لَوْ ( انْفَصَلَتْ ) أَيْ الْمَشِيمَةُ ( وَحَصَلَ مِنْ الْوِلَادَةِ جُرْحٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ وَرَمٌ لَا ) حَالَ الْحَمْلِ ( قَبْلَ الطَّلْقِ وَلَا إلْقَاءُ عَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ ) فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهَا الْهَلَاكُ كَمَا يُخَافُ مِنْ وِلَادَةِ الْمُتَخَلِّقِ ( وَمَوْتُ الْجَنِينِ ) فِي الْجَوْفِ ( مَخُوفٌ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَعَهُ وَجَعٌ شَدِيدٌ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ ، وَلِمَ لَا يُرَاجَعُ الْأَطِبَّاءُ ( وَمَا أَشْكَلَ ) مِنْ

الْأَمْرَاضِ فَلَمْ يُدْرَ أَمَخُوفٌ هُوَ أَمْ لَا ( رُوجِعَ فِيهِ طَبِيبَانِ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ حُقُوقُ آدَمِيِّينَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ فَاعْتُبِرَتْ الشَّهَادَةُ فَيُعْتَبَرُ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ ( ذَكَرَانِ ) فِيمَا لَا يَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا ( فَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ ) غَالِبًا ( فَأَرْبَعٌ ) أَيْ فَيَكْفِي فِيهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ( أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ) لَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ ثُمَّ بِالْأَكْثَرِ عَدَدًا ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ ( وَالْقَوْلُ فِي كَوْنِهِ غَيْرِ مَخُوفٍ ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَبَرِّعِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ : كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ غَيْرَ مَخُوفٍ ( قَوْلُ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَخُوفِ وَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا طَبِيبَانِ ، ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ : كَانَ الْمَرَضُ حُمَّى مُطْبِقَةً وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى غَيْرُ طَبِيبَيْنِ ، نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ .

( فَصْلٌ : بَيَانُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ : وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْمَرِيضِ مِنْ التَّبَرُّعِ الْمُنَجَّزِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْقُولَنْجِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ سَمَّاهُ الْعَوَامُّ قُولِنْجَا ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَهُوَ مَرَضٌ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ تَكَرَّرَ لَهُ .
( قَوْلُهُ : وَالْإِسْهَالُ الْمُتَوَاتِرُ ) وَلَوْ لَحْظَةً ( قَوْلُهُ : لَا إسْهَالُ يَوْمَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا ) وَلَمْ يَتَوَاتَرْ ( قَوْلُهُ : إلَّا السِّلَّ ) قَالَ السَّبْتِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَسِيطِ : لَعَلَّ وَجَعَ الِاسْتِسْقَاءِ كَوَجَعِ السِّلِّ ( قَوْلُهُ : بِكَسْرِ السِّينِ ) أَوْ بِضَمِّهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ ( قَوْلُهُ لَا الرِّبْعِ ) وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْمُثَلَّثَةَ قَوْلُهُ وَالْقَيْءُ الدَّائِمُ إلَخْ ) الْقَيْءُ إنْ كَانَ مَعَهُ دَمٌ أَوْ بَلْغَمٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَخْلَاطِ فَمَخُوفٌ وَإِلَّا فَغَيْرُ مَخُوفٍ إلَّا إذَا دَامَ ( قَوْلُهُ : وَهَيَجَانُ الْبَحْرِ بِالرِّيحِ ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ رَاكِبِ السَّفِينَةِ مَنْ يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ النَّجَاةُ بِذَلِكَ ع وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْأَنْهَارَ الْعَظِيمَةَ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ مِثْلُ الْبَحْرِ ، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَهُ سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ أَوْ أَسَدٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ ذَلِكَ بِهِ لَكِنَّهُ يُدْرِكُهُ لَا مَحَالَةَ أَوْ كَانَ بِمَفَازَةٍ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ وَاشْتَدَّ جُوعُهُ وَعَطَشُهُ ( قَوْلُهُ : وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ ثَمَّ بِالْمَخُوفِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ وَقْتَ التَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ وَقْتُ دَهْشَةٍ فَلَوْ قُلْنَا لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْوَصِيَّةَ إلَيْهِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَضَمِنَاهُ لَمْ نُوَفِّ لَهُ بِعُذْرِ الدَّهْشَةِ وَإِنْ قُلْنَا يُؤَخِّرُ ثُمَّ إذَا تَرَكَ لَا يَضْمَنُ لَكُنَّا مُضَيِّعِينَ لِحَقِّ مَالِكِ الْوَدِيعَةِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جُعِلَ وَقْتُ وَصِيَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ

الْأَصْحَابُ ، وَأَمَّا كَوْنُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُحْسَبُ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَلِأَنَّ بَدَنَهُ صَحِيحٌ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ الْهَلَاكِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ ذَلِكَ فَكَانَ تَبَرُّعُهُ فِيهِ مِنْ الثُّلُثِ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا ظُهُورُ طَاعُونٍ إلَخْ ) وَفِي الْكَافِي : وَإِذَا وَقَعَ فِي الْبَلَدِ فِي أَمْثَالِهِ فَهُوَ مَخُوفٌ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ : فِي أَمْثَالِهِ قَيْدٌ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَا شَاهَدْنَاهُ ، قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَهُ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا الطَّلْقُ ) لِعِظَمِ الْأَمْرِ وَلِهَذَا جُعِلَ مَوْتُهَا شَهَادَةً ( قَوْلُهُ : رُوجِعَ فِيهِ طَبِيبَانِ إلَخْ ) وَالْأَصَحُّ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ كَمَا تُقْبَلُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْي ، وَقَوْلُهُ : وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ ( قَوْلُهُ : أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ بِمِنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ ) لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْ غَامِضِ الْعِلْمِ مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ

( فَرْعٌ : وَإِنْ بَرِئَ ) الْمَرِيضُ الْمُتَبَرِّعُ فِي مَرَضِهِ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ ( مِنْ ) مَرَضِهِ ( الْمَخُوفِ نُفِّذَ تَبَرُّعِهِ ) وَتَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا ( أَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ ) كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ( لَمْ يُنَفَّذْ ) تَبَرُّعُهُ بِالزَّائِدِ بِدُونِ إجَازَةٍ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ مَخُوفٌ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَوَجَعِ ضِرْسٍ نُفِّذَ تَبَرُّعُهُ وَحُمِلَ مَوْتُهُ عَلَى الْفَجْأَةِ ، وَبِهَذِهِ يَتَفَارَقُ الْمَرَضَانِ الْمَخُوفُ وَغَيْرُهُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فِي الْمَرَضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ : هَذَا الْمَرَضُ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ فَمَخُوفٌ ، أَوْ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ نَادِرًا فَلَا ، ثُمَّ اُسْتُشْكِلَ الْأَوَّلُ بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلْقِ ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا ( وَالْقَتْلُ ) وَالْمَوْتُ بِسُقُوطٍ مِنْ سَطْحٍ أَوْ نَحْوِهِ ( فِي ) الْمَرَضِ ( الْمَخُوفِ كَالْمَوْتِ بِهِ ) فَيُعْتَبَرُ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُزِلْ الْمَرَضَ وَإِنَّمَا عَجَّلَ مَا كَانَ مُنْتَظَرًا .
قَوْلُهُ : أَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ إلَخْ ) فَإِنْ قِيلَ : مَا الْفَائِدَةُ فِي حُكْمِنَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ مَعَ أَنَّهُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ أُلْحِقَ بِالْمَخُوفِ ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ إذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ أَوْ غَرِقَ أَوْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَخُوفًا ثُمَّ قُتِلَ أَوْ غَرِقَ أَوْ سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ .

( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ التَّبَرُّعِ الْمَحْسُوبِ مِنْ الثُّلُثِ ( إنَّمَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ مَا أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ ) كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ ( أَوْ ) عَنْ ( اخْتِصَاصِهِ ) كَكَلْبِ صَيْدٍ وَسَرْجِينٍ ( مَجَّانًا ) بِخِلَافِ مَا أَزَالَهُ بِعِوَضٍ عَلَى مَا يَأْتِي ( فَدُيُونُ اللَّهِ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ ، وَدُيُونُ الْآدَمِيِّينَ تَخْرُجُ ) بَعْدَ مَوْتِهِ ( مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ) وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْذُلْهَا مَجَّانًا ( وَلَوْ أَوْصَى بِتَقْدِيمِ غَرِيمٍ ) بِدَيْنِهِ عَلَى غَرِيمٍ آخَرَ ( لَمْ تُنَفَّذْ ) وَصِيَّتُهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّعَلُّقِ بِغَيْرِ التَّرِكَةِ فَفِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا إجْحَافٌ بِالْآخَرِ .
وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَقَضَاءُ الْمَرِيضِ دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ عَنْ نَذْرٍ يُنَفَّذُ ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ ( وَلَا ) الْأَوْلَى فَلَا ( يُزَاحِمُهُ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِجَمِيعِ الدُّيُونِ ، وَكَذَا ) يُنَفَّذُ ( الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَبَاعَ لِوَارِثِهِ أَمْ لِغَرِيمِهِ أَمْ لِغَيْرِهِمَا إذْ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِلْأَجْنَبِيِّ ( فَإِنْ حَابَى الْوَارِثَ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَوَصِيَّةٌ ) يَعْنِي فَالزَّائِدُ عَلَى مَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ وَصِيَّةٌ ( لَهُ ) .
فَلَا يُنَفَّذُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ ( أَوْ ) حَابَى ( غَيْرَهُ ) بِذَلِكَ ( حُسِبَتْ ) أَيْ الْمُحَابَاةُ الزَّائِدَةُ عَلَى مَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ ( مِنْ الثُّلُثِ ) فَإِنْ حَابَاهُمَا بِمَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ حُسِبَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ، وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ كُلُّ الثَّمَنِ فِي ) وَفِي نُسْخَةٍ : مِنْ بَيْعِ شَيْءٍ بِثَمَنٍ ( مُؤَجَّلٍ ) حَيْثُ ( بَاعَهُ وَمَاتَ قَبْلَ حُلُولِهِ وَإِنْ

كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْيَدِ عَلَى الْوَرَثَةِ ، وَتَفْوِيتُ الْيَدِ مُلْحَقٌ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ بِالْحَيْلُولَةِ كَمَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُ الْيَدِ عَلَيْهِمْ كَمَا لَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُ الْمَالِ .
( فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ الثُّلُثُ وَرَدَّ الْوَارِثُ مَا زَادَ ) عَلَيْهِ ( فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَالْإِجَازَةِ فِي الثُّلُثِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِتَشْقِيصِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ ( فَلَوْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَزِدْ بِهِ ) أَيْ بِفِعْلِهِ الْإِجَازَةَ ( الْمَالُ ) الَّذِي صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ لِانْقِطَاعِ الْبَيْعِ بِالرَّدِّ ( وَلَوْ نَكَحَهَا ) أَيْ الْمَرِيضُ امْرَأَةً ( بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَوَرِثَتْهُ فَالزَّائِدُ ) عَلَيْهِ ( وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ ) فَلَا تُنَفَّذُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ ( وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ وَارِثَةٍ ) كَذِمِّيَّةٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَكَمُكَاتَبَةٍ ( فَمِنْ الثُّلُثِ ) يُحْسَبُ الزَّائِدُ ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ نُفِّذَ التَّبَرُّعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ إذْ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّبَرُّعِ وَالْإِرْثِ ( فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَإِنْ وَسِعَ الثُّلُثُ الزِّيَادَةَ أَخَذَتْهَا ) وَرَثَتُهَا وَارِثًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ لَا لِذَلِكَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسَعْ الزِّيَادَةِ وَوَرِثَهَا الزَّوْجُ ( حَصَلَ الدُّورُ ) .
لِأَنَّهُ يَرِثُ مِنْهَا فَيَزِيدُ مَالُهُ فَيَزِيدُ مَا يَنْفُذُ مِنْ التَّبَرُّعِ فَيَزِيدُ مَا يَرِثُهُ فَيُسْتَخْرَجُ بِطَرِيقَةِ فَلَوْ أَصْدَقَهَا فِي مَرَضِهِ مِائَةً ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَرْبَعُونَ فَمَاتَتْ قَبْلَهُ وَلَا مَالَ لَهُمَا غَيْرُ الصَّدَاقِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا أَرْبَعُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَلَهَا شَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ يَبْقَى مَعَ الزَّوْجِ سِتُّونَ إلَّا شَيْئًا وَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ نِصْفُ مَالِهَا عِشْرُونَ وَنِصْفُ شَيْءٍ فَالْمَبْلَغُ ثَمَانُونَ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ضَعْفَ الْمُحَابَاةِ فَبَعْدَ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ

يَعْدِلُ ثَمَانُونَ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ ، فَالشَّيْءُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ ، فَلَهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ : أَرْبَعُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْبَاقِي مُحَابَاةً ، يَبْقَى مَعَهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ، فَيَجْتَمِعُ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ ضِعْفَ الْمُحَابَاةِ ، أَمَّا إذَا نَكَحَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ ( وَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْمَرِيضَةُ بِأَقَلَّ ) مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ( وَوَرِثَهَا ) الزَّوْجُ ( فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ ) فَلِبَقِيَّةِ وَرَثَتِهَا طَلَبُ تَكْمِيلِ مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَإِنْ لَمْ يَرِثْهَا ) كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهَا أَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ ( لَمْ يُعْتَبَرْ النَّقْصُ مِنْ الثُّلُثِ ) .
فَلَا يُكَمَّلُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً مِنْهَا فِي حَقِّهِ وَإِرْثًا دُونَهُ غَيْرُ وَارِثٍ .
( لِأَنَّهَا ) فِي الثَّانِيَة ( لَمْ تُفَوِّتْ ) شَيْئًا ( بَلْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْكَسْبِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ لِلْوَارِثِ وَانْتِفَاعُهُ بِهِ وَالْبُضْعَ لَيْسَ كَذَلِكَ ، انْتَهَى .
وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصْلُحُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ بَلْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي مَنْعِ رَدِّ هَذِهِ الْمُحَابَاةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يُقَالَ : خَصَّتْ الْمَرْأَةُ وَارِثًا بِتَبَرُّعٍ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتُ مَالٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَبَرَّعَتْ بِخِدْمَتِهِ ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّهَا فِي الْأُولَى خَصَّتْ وَارِثًا بِزِيَادَةٍ فَافْتَقَرَتْ إلَى الْإِجَازَةِ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ .
( وَمِنْ الْمُحَابَاةِ إعَارَةُ الْمَرِيضِ عَبْدَهُ لِلْخِدْمَةِ ) حَتَّى لَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا وَلَوْ فِي مَرَضِهِ وَاسْتَرَدَّ الْعَيْنَ اُعْتُبِرَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ الثُّلُثِ لِكَوْنِهَا تَبَرُّعًا بِمَا تَمْتَدُّ إلَيْهِ أَطْمَاعُ الْوَرَثَةِ ، وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِإِعَارَتِهِ ( لَا ) إعَارَتُهُ ( نَفْسِهِ ) وَلِإِعَارَتِهِ لَهَا كَمَا فُهِمَ

بِالْأُولَى ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَكُونَانِ مِنْ الْمُحَابَاةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا امْتِنَاعٌ مِنْ التَّحْصِيلِ لَا تَفْوِيتٌ لِلْحَاصِلِ ، وَلَا مَطْمَعَ لِلْوَرَثَةِ فِي عَمَلِهِ ( وَإِنْ أَجَّرَ ) الْمَرِيضُ ( عَبْدَهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ ) مُعْتَبَرٌ ( مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَا ) يُعْتَبَرُ مِنْهُ ( قِيمَةُ مَنْ كَاتَبَهُ ) أَوْ أَوْصَى بِكِتَابِهِ ( فِي الْمَرَضِ ) .
وَإِنْ كَاتَبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قَبَضَ النُّجُومَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ قَابَلَ مِلْكَهُ بِمِلْكِهِ الَّذِي هُوَ كَسْبٌ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَفْوِيتٌ لَا مُعَاوَضَةٌ ، وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً فَالْعِوَضُ مُؤَخَّرٌ كَالْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ ( لَا ) فِي ( الصِّحَّةِ ) فَلَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ قَبَضَ النُّجُومَ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ ( نَعَمْ إنْ أَبْرَأَهُ ) سَيِّدُهُ مِنْ النُّجُومِ ( أَوْ أَعْتَقَهُ ) أَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ ( فِي الْمَرَضِ فَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ النُّجُومِ وَ ) مِنْ ( الْقِيمَةِ ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النُّجُومَ فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا تَبَرُّعٌ مِنْ السَّيِّدِ فِي صِحَّتِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهِ ، أَوْ الْقِيمَةَ فَرُبَّمَا كَانَ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ فَلَا يَبْقَى لَهُمْ إلَّا الرَّقَبَةُ وَهِيَ قَدْرُ الْقِيمَةِ .
( وَإِنْ أَوْلَدَهَا ) أَيْ أَمَتَهُ وَلَوْ ( فِي الْمَرَضِ أَوْ قَالَ ) صَحِيحٌ ( لِعَبْدِهِ : أَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَرِضَ مَوْتِي بِيَوْمٍ ) مَثَلًا ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ ( أَوْ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ) مَثَلًا ( وَمَرِضَ دُونَهُ ) أَيْ دُونَ الشَّهْرِ وَمَاتَ ( لَمْ يُعْتَبَرْ ) ذَلِكَ ( مِنْ الثُّلُثِ ) بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ إيلَادَهُ فِي الْمَرَضِ كَاسْتِهْلَاكِهِ الْأَطْعِمَةَ اللَّذِيذَةَ وَالثِّيَابَ النَّفِيسَةَ ، وَإِعْتَاقُهُ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ ( وَإِنْ مَرِضَ شَهْرًا ) فَأَكْثَرَ ( فَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ ) الْمُعَلَّقُ بِهَا الْعِتْقُ فِي الصِّحَّةِ ( فِي الْمَرَضِ ، وَفِيهِ قَوْلَانِ ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ

الثُّلُثِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ التَّدْبِيرِ .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : فَإِنْ حَابَى الْوَارِثُ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فَوَصِيَّةٌ ) أَيْ فَمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ وَصِيَّةٌ ( قَوْلُهُ : صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) وَهُوَ مَدْلُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ( قَوْلُهُ : وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ كُلُّ الثَّمَنِ فِي مُؤَجَّلٍ بَاعَهُ وَمَاتَ قَبْلَ حُلُولِهِ إلَخْ ) لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَارِثًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا خُذُوا مِنِّي الثَّمَنَ حَالًا أُجِيبَ إلَيْهِ خَرَّجْتَهُ مِنْ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا ( قَوْلُهُ : وَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْمَرِيضَةُ بِأَقَلَّ إلَخْ ) لَوْ زَوَّجَ الْمَرِيضُ أَمَتَهُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ نَقُولُ هُوَ كَمَا لَوْ نُكِحَتْ الْمَرِيضَةُ مَنْ لَا يَرِثُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَكُونُ النُّقْصَانُ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ ؟ أَوْ نَقُولُ : هُوَ كَمَا لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُحْسَبُ التَّفَاوُتُ مِنْ الثُّلُثِ ؟ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهَا تَنْقُصُ بِالتَّزْوِيجِ قِيمَتُهَا ، فَإِذَا حَسَبْنَا مِنْ الثُّلُثِ مَا يَكُونُ الْمَحْسُوبُ ؟ هَذَا كُلُّهُ فِيهِ نَظَرٌ ، وَالْأَقْيَسُ أَنْ يَحْسَبَ النُّقْصَانُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ .
قَوْلُهُ : وَالْجَوَابُ بِأَنَّهَا فِي الْأُولَى إلَخْ ) يُؤَيِّدُ الْجَوَابَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِكُلِّ وَارِثٍ بِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حَظِّهِ اُحْتِيجَ إلَى الْإِجَازَةِ وَلَوْ بَاعَهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهَا ، فَعُلِمَ أَنَّ الْإِجَازَةَ قَدْ تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ حَيْثُ لَا تَفْوِيتَ كا ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُنَاوِيِّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ أَضْعَفُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّ فِيهَا طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ لِتَغَيُّرِ الْفُرُوضِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ وَارِثًا ضَيَّعَتْ عَلَيْهِمْ حِصَّتُهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا فَقَدْ حَصَّلَتْ لَهُمْ بَعْضَ الْمَهْرِ وَلَمْ

تُضَيِّعُ عَلَيْهِمْ شَيْئًا ( فَرْعٌ ) : سُئِلَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ عَنْ شَخْصٍ أَوْصَى بِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِمَسْطُورٍ بِأَنَّهُ أَوْفَاهُ لَا يُكَلِّفُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَكْتَفِي بِحَلِفِهِ هَلْ يَلْزَمُ وَرَثَتَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَيَعْمَلُ الْحَاكِمُ بِهِ أَمْ لَا ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ وَصِيَّتَهُ بِذَلِكَ لَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الشَّرْعِ فِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ الِاكْتِفَاءُ مِنْ الْمُدَّعِي لِلْوَفَاءِ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ وَلَا يُمْكِنُ الْحَاكِمَ إلْزَامُهُ الْعَمَلَ بِذَلِكَ ، فَإِنْ قِيلَ : هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِكُلِّ مِنْ أَصْحَابِ الْمَسَاطِيرِ بِقَدْرِهَا إنْ ادَّعَى الْوَفَاءَ وَحَلَفُوا ، قُلْتُ : فَلْيَكُنْ ذَلِكَ فِيمَا إذَا عَيَّنَ شَخْصًا وَقَدَّرَ مُدَّعَاهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ .
، وَإِذَا أَوْصَى بِمَجْهُولٍ فَإِنَّ تَفْسِيرَهُ لِلْوَرَثَةِ ، فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ وَصِيَّةً نَافِذَةً مِنْ الثُّلُث وَمُتَوَقِّفَةً عَلَى الْإِجَازَةِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حِكَايَةً عَنْ الرُّويَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ ( قَوْلُهُ يُنَفَّذُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنَجَّزَةِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ احْتِسَابِ الثُّلُثِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّبَرُّعَاتِ وَلَمْ يُوَضِّحْ حَالَ الْقِيَمِ الْمُخْتَلِفَةِ وَاَلَّذِي ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ نُقَوِّمُهُ مِنْ الْعَبِيدِ لِلْعِتْقِ نَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعِتْقِ وَمَنْ نُقَوِّمُهُ لِلرِّقِّ نَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ حَالَ امْتِدَادِ يَدِ الْوَارِثِ إلَيْهِ ، وَلَمْ أَجِدْ لَهُمْ فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ كَلَامًا ، وَقَدْ بَسَطَ فِيهِ كَلَامًا عِنْدَ الْكَلَامِ فِي الدَّوْرِيَّاتِ فِي زِيَادَةِ قِيمَةِ الْعَتِيقِ وَنَقْصِهَا ، وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ تَبَعَا لِأُصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ قَبْلَ الطَّرَفِ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْقُرْعَةِ ، وَقَالَ هُنَاكَ : إنْ حَدَثَ النَّقْصُ بَعْدَ مَوْتِ

الْمُعْتِقِ وَقَبْلَ الْإِقْرَاعِ قَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَ الْوَارِثُ مَقْصُورَ الْيَدِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ .
ا هـ

( فَرْعٌ ) : لَوْ ( بَاعَ بِمُحَابَاةٍ ) بِشَرْطِ الْخِيَارِ ( ثُمَّ مَرِضَ وَأَجَازَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) أَوْ تَرَكَ الْفَسْخَ فِيهَا عَامِدًا ( إنْ قُلْنَا : الْمِلْكُ ) فِيهَا ( لِلْبَائِعِ فَمِنْ الثُّلُثِ ) يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ الْعَقْدَ فِي الْمَرَضِ بِاخْتِيَارِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ وَهَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَقْبَضَ فِي الْمَرَض ( وَإِلَّا فَكَمَنْ اشْتَرَى ) شَيْئًا ( بِمُحَابَاةٍ ثُمَّ مَرِضَ وَوَجَدَهُ مَعِيبًا وَلَمْ يَرُدَّهُ ) مَعَ الْإِمْكَانِ فَلَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ ( لِأَنَّهُ ) لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ بَلْ ( امْتِنَاعٌ مِنْ الْكَسْبِ فَقَطْ ) فَصَارَ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ عِنْدَهُ وَمَرِضَ الْبَائِعُ فَلَمْ يَفْسَخْ الْبَائِعُ ، وَكَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ بِعَيْبِهَا فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ وَاسْتَقَرَّ الْمَهْرُ وَخَرَجَ وَكَالْعَاصُوِي مَا لَوْ فَسَخَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، أَمَّا لَوْ تَرَكَ الْأَمْرَيْنِ فَقَالَ فِي الْأَصْلِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ : إنَّ الْمُحَابَاةَ تُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ الْعَقْدَ فِي مَرَضِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ وَهَبَ فِي الصِّحَّةِ وَأَقْبَضَ فِي الْمَرَضِ ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ : إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا إذَا قُلْنَا : الْمِلْكُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَتَرَكَ الْفَسْخَ عَامِدًا لَا نَاسِيًا ( نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ ) لِلْمَعِيبِ عَلَى الْمُشْتَرِي ( فَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَرْشِ تَفْوِيتٌ ) لَهُ ( يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَلِلْإِقَالَةِ حُكْمُ الْبَيْعِ ) فِي أَنَّ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ فِيهَا مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ ( وَالْخُلْعُ فِي الْمَرَضِ ) مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ ( يَأْتِي ) بَيَانُهُ ( فِي ) كِتَابِ ( الْخُلْعِ ) إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( فَصْلٌ : يُنَفَّذُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ ) الْمُرَتَّبَةِ ( الْمُنَجَّزَةِ ) فِي مَرَضِ الْمَوْتِ كَإِعْتَاقٍ وَإِبْرَاءٍ وَوَقْفٍ وَصَدَقَةٍ ( الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ ) مِنْهَا حَيْثُ يَتِمُّ الثُّلُثُ عِنْدَ ضِيقِهِ عَنْهَا ( وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ ) مِنْهَا ( عَتَقَا ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَازِمٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَنْفِيذٍ ثُمَّ يَبْقَى بَاقِي تَبَرُّعَاتِهِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ كَمَا مَرَّ ( وَلَا أَثَرَ لِهِبَةٍ بِلَا مُحَابَاةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ ) فَلَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا تَأَخَّرَ عَنْهَا مِنْ نَحْوِ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مُحَابَاةٍ فِي بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ الْمُحَابَاةِ فِي بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ .
( وَإِنْ أَبْرَأَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ دَفْعَةً ) كَأَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ : أَبْرَأْتُكُمْ مِنْ دُيُونِي أَوْ وَهَبْتُكُمْ هَذَا أَوْ قَالَ لِعَبِيدِهِ : أَعْتَقَتُكُمْ ( أَوْ فَعَلَ الْجَمِيعَ ) أَيْ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةَ وَالْإِعْتَاقَ ( بِوُكَلَاءَ ) لَهُ ( دَفْعَةً اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ ثُمَّ يُقَسَّطُ بِهَا ) أَيْ بِاعْتِبَارِهَا ( الثُّلُثُ ) عَلَى الْجَمِيعِ ( فِي غَيْرِ الْعِتْقِ ) إذْ لَا مَزِيَّةَ فِيهِ ، وَلَا إقْرَاعَ إذْ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّمْلِيكُ وَالتَّشْقِيصُ لَا يُنَافِيهِ ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ كَمَا سَيَأْتِي ، وَدَخَلَ فِي غَيْر الْعِتْقِ الْعِتْقُ مَعَ غَيْرِهِ فَيُقَسَّطُ عَلَيْهِمَا ثُمَّ مَا يَخُصُّ الْعِتْقَ يُقْرَعُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَيُقْرَعُ فِي الْعِتْقِ لِيَعْتِقَ الْقَارِعُ ) وَلَا تُوَزَّعُ الْحُرِّيَّةُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَدَعَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً } وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَخْلِيصُ الشَّخْصِ مِنْ الرِّقِّ وَتَكْمِيلُ حَالِهِ وَالتَّشْقِيصُ يُنَافِيهِ .
( وَإِنْ فَضَلَ ) مِنْ الثُّلُثِ ( شَيْءٌ ) بَعْدَ عِتْقِ الْقَارِعِ ( فَبَعْضُ الْآخَرِ ) مِنْ الْأَرِقَّاءِ يُعْتَقُ بِقُرْعَةٍ

فَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً مُتَسَاوِينَ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى وَاحِدٍ عَتَقَ وَأَقْرَعَ لِيَعْتِقَ بَعْضَ آخَرَ ( وَالْكِتَابَةُ ) مَعَ الْهِبَةِ وَسَائِرِ الْوَصَايَا ( كَالْعِتْقِ ) لِأَنَّهَا لَا تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا بَلْ يَسْتَوِي بَيْنَهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ تَرْتِيبٌ وَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إنْ كَانَ تَرْتِيبٌ ( وَإِنْ عَلَّقَ ) التَّبَرُّعَاتِ ( بِالْمَوْتِ ) مُرَتَّبَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ كَقَوْلِهِ : إذَا مِتُّ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَوْ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ ( فَالْأَوَّلُ ) مِنْهُمَا فِي الْمَرْتَبَةِ ( كَالْآخِرِ وَإِنْ كَانَ ) الْآخَرُ ( عَتَقَا ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وَقْتِ نَفَاذِ عِتْقِهِمَا وَهُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ .
وَيَأْتِي الْإِقْرَاعُ وَالتَّقْسِيطُ هُنَا أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ أَقْرَعَ ، أَوْ غَيْرُهُ قَسَّطَ الثُّلُثَ عَلَى الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ ، أَوْ هُوَ وَغَيْرُهُ قُسِّطَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِهَا فَقَطْ أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ ، فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَلِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَكَانَتْ قِيمَةُ سَالِمٍ مِائَةً وَالثُّلُثُ مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهُ وَلِزَيْدٍ خَمْسُونَ ، لَكِنْ لَوْ دَبَّرَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ قَدَّمَ عِتْقَهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْبَابِ ( نَعَمْ إنْ ) اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَأَنْ ( قَالَ أَعْتِقُوا بَعْدَ مَوْتِي سَالِمًا ثُمَّ غَانِمًا تَرَتَّبَ ) فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَرْتِيبٌ وَلَا مَعِيَّةَ فِي الْعِتْقِ فَالْأَصَحُّ فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ لَا يُقْرَعُ بَلْ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ بَعْضُهُ أَمَّا لَوْ وَقَعَتْ تَبَرُّعَاتٌ مُنَجَّزَةٌ وَمُعَلَّقَةٌ بِالْمَوْتِ فَتُقَدَّمُ الْمُنَجَّزَةُ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ نَاجِزًا وَلِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لَا يَمْلِكُ الْمَرِيضُ الرُّجُوعَ فِيهَا وَهَذَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ كَلَامِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ .
وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدًا وَأَوْصَى بِعِتْقِ ) أَيْ إعْتَاقِ ( آخَرَ

فَهُمَا سَوَاءٌ ) وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عِتْقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ وَقْتَ اسْتِحْقَاقِهِمَا وَاحِدٌ ( وَقَوْلُهُ فِي ) التَّبَرُّعِ ( الْمُنَجَّزِ : سَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ تَرْتِيبٌ لَا ) قَوْلُهُ فِيهِ : ( سَالِمٌ وَغَانِمٌ حُرَّانِ ) فَلَوْ عُلِّقَ عِتْقَهُمَا بِالْمَوْتِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ أَقَالَ : إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ أَمْ قَالَ : فَهُمَا حُرَّانِ ( وَلَوْ قَالَ : إنْ أَعْتَقْتُ سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ ) وَلَوْ زَادَ : فِي حَالِ إعْتَاقِي سَالِمًا ( فَأَعْتَقَ سَالِمًا ) فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ( وَهُوَ الثُّلُثُ ) فَأَقَلُّ ، عِبَارَةُ الْأَصْلِ : وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُهُمَا ( عَتَقَ ) سَالِمٌ لِسَبْقِهِ ( بِلَا قُرْعَةٍ إذْ لَا فَائِدَةَ ) فِيهَا بَلْ قَدْ تَكُونُ مَضَرَّةً لِأَنَّا لَوْ أَقْرَعْنَا أَمْكَنَ خُرُوجُ الْقُرْعَةِ بِالْحُرِّيَّةِ لِغَانِمٍ فَيَلْزَمُهُ إرْقَاقُ سَالِمٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ غَانِمٍ أَمَّا إذَا خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ فَيُعْتَقَانِ ، أَوْ خَرَجَ بَعْضُ سَالِمٍ عَتَقَ الْبَعْضُ ، أَوْ سَالِمٌ وَبَعْضُ غَانِمٍ عَتَقَ سَالِمٌ وَبَعْضُ غَانِمٍ .
وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسَائِلَ تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِهِ لَهَا فِي الْعِتْقِ ( فَإِنْ قَالَ : إنْ تَزَوَّجْتُ فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَزَوَّجَ فِي الْمَرَضِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الزِّيَادَةَ ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مَحْسُوبَةٌ ( مِنْ الثُّلُثِ ) فَإِنْ خَرَجَتْ الزِّيَادَةُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ نُفِّذَا وَإِلَّا ( فَيُقَدَّمُ الْمَهْرُ عَلَى الْعِتْقِ ) قَالَ فِي الْأَصْل : كَذَا ذَكَرُوهُ تَوْجِيهًا بِأَنَّ الْمَهْرَ أَسْبَقُ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالنِّكَاحِ وَالْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ، لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِنَا إنَّ الْمُرَتَّبَ وَالْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا وَلَا يَتَلَاحَقَانِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ أَنْ لَا يُقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بَلْ يُوَزَّعُ الثُّلُثُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ ( فَإِنْ قَالَ : أَنْت حُرٌّ ) إنْ تَزَوَّجْتَ ( حَالَ تَزْوِيجِي وُزِّعَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا ) أَيْ عَلَى

الزِّيَادَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ ، وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْعَبْدَيْنِ حَيْثُ لَا يُوَزَّعُ فِيهِ كَمَا لَا يُقْرَعُ بِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا مُعَلَّقٌ بِالنِّكَاحِ وَالتَّوْزِيعُ لَا يَرْفَعُ النِّكَاحَ .
وَهُنَاكَ عِتْقُ غَانِمٍ مُعَلَّقٌ بِعِتْقِ سَالِمٍ كَامِلًا وَالتَّوْزِيعُ يَمْنَعُ مِنْ تَكْمِيلِ عِتْقِ سَالِمٍ فَلَا يُمْكِنُ إعْتَاقُ شَيْءٍ مِنْ غَانِمٍ .

قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إلَخْ ) لِقُوَّتِهِ وَنُفُوذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى إجَازَةٍ بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّ نُفُوذَهُ يَتَعَلَّقُ بِإِجَازَتِهِمْ ( قَوْلُهُ : أَوْ فَعَلَ الْجَمِيعَ بِوُكَلَاءَ أَوْ بِنَفْسِهِ ) بِأَنْ يُقَالَ لَهُ : أَبْرَأْتَ وَوَهَبْتَ وَأَعْتَقْتَ وَوَقَفْتَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ( قَوْلُهُ : فَالْأَوَّلُ مِنْهَا كَالْأَخْذِ إلَخْ ) قَالَ الْقُونَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُوصِي إذَا اعْتَبَرَ وُقُوعَ التَّبَرُّعَاتِ الْمُوصَى بِهَا مُرَتَّبَةً بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَقْدِيمِ مَا قَدَّمَهُ ، وَنَظَرُهُ قَوِيٌّ ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ : إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ غَانِمٌ ثُمَّ نَافِعٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِيمَا مَثَلُوا بِهِ هُنَاكَ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَفْقِ اعْتِبَارِهِ بِخِلَافِهَا هُنَا .
ش وَكَتَبَ أَيْضًا : قَدْ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مُرَتَّبَةً مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُوقِعْهَا دَفْعَةً لَا أَنَّهُ أَتَى فِيهَا بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ كَثُمَّ فَانْدَفَعَ نَظَرُ الْقُوَنِويِّ وَكَتَبَ أَيْضًا : أَمَّا لَوْ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَقْدِيمِ مَا قَدَّمَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُهُ مَا إذَا عَطَفَ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ كَأَنْ قَالَ : إذَا مِتُّ فَسَعْدٌ حُرٌّ ثُمَّ بَكْرٌ ثُمَّ غَانِمٌ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ .
( قَوْلُهُ : لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِنَا : إنَّ الْمُرَتَّبَ وَالْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا إلَخْ ) وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ : إنْ تَزَوَّجْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فِي حَالِ تَزْوِيجِي بِأَنَّهُ يُوَزَّعُ الثُّلُثُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَرَتُّبٌ زَمَانِيٌّ ، قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ الْحُكْمِ وَالتَّوْجِيهِ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ بِتَقَدُّمِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ فِي الزَّمَانِ ، وَمَا قَالُوهُ فِي حَالِ تَزْوِيجِي

صَحِيحٌ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الْفَرْقِ صَحِيحٌ ، قُلْتُ : وَلَكَ أَنْ تَقُولَ : يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ هَاهُنَا بِالتَّوْزِيعِ وَلَا يُخْرَجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمَعْلُولَ مَعَ الْعِلَّةِ أَوْ بَعْدهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ كَمَا هُوَ جَارٍ فِي التَّعْلِيقَاتِ فَهُوَ جَارٍ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهَا هَلْ وَجَدَ الِانْعِقَادُ مَعَ اللَّفْظِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ : إنْ قُلْنَا الْمَعْلُولُ مَعَ الْعِلَّةِ فَالْعِتْقُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْمَهْرُ وُجِدَ الْكُلُّ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إذْ عِلَّةُ التَّزْوِيجِ اللَّفْظُ وَعِلَّةُ الْعِتْقِ وَالْمَهْرِ التَّزْوِيجُ وَقَدْ وُجِدَ الْكُلُّ دَفْعَةً وَاحِدَةً ، وَكَذَلِكَ قُلْنَا بِتَرْتِيبِ الْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ فَإِنَّ الْعِتْقَ وَلُزُومَ الْمَهْرِ يُوجَدَانِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ فَإِنَّهُمَا مَعْلُولَانِ لَهُ وَزَمَانُهُمَا وَاحِدٌ ، نَعَمْ قَدْ يُقَالُ : مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إنَّ الْمَعْلُولَ مَعَ الْعِلَّةِ فِي الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهَا فِي الْعِلَلِ الْوَضْعِيَّةِ .
وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُوجَدَ التَّزْوِيجُ وَلُزُومُ الْمَهْرِ مَعَ اللَّفْظِ ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ بَعْدَهُ

( وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهَا ) أَيْ أَمَتِهِ الْحَامِلِ ( بِعِتْقِ نِصْفِ حَمْلِهَا فَأَعْتَقَ النِّصْفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ سَرَى ) الْعِتْقُ ( إلَى بَاقِيهِ وَعَتَقَتْ ) أُمُّهُ بِالتَّعْلِيقِ ، هَذَا إنْ احْتَمَلَهُمَا الثُّلُثُ وَإِلَّا ( فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ بَاقِي الثُّلُثِ إلَّا نِصْفَهُ الْآخَرَ أَوْ الْأُمَّ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَمْلِ ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ ( مِثْلَيْ قِيمَتِهَا ) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَقِيمَتُهُ مِائَةً وَمَالُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ ( أُقْرِعَ ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَاقِي الْحَمْلِ ( فَإِنْ خَرَجَتْ ) أَيْ الْقُرْعَةُ ( لِبَاقِي الْحَمْلِ عَتَقَ ) جَمِيعُهُ ( دُونَهَا أَوْ ) خَرَجَتْ ( لَهَا عَتَقَ نِصْفُهَا وَنِصْفُ بَاقِيهِ ) وَإِنَّمَا لَمْ تَعْتِقْ كُلُّهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْهَا يَتْبَعُ عِتْقُهُ عِتْقَهَا فَتُوَزَّعُ بَقِيَّةُ الثُّلُثِ وَهِيَ خَمْسُونَ عَلَى الْأُمِّ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي بِالسَّوِيَّةِ فَيَعْتِقُ مِنْهَا نِصْفُهَا وَمِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ ( أَوْ ) خَرَجَتْ ( لَهَا وَقِيمَتُهَا كَقِيمَتِهِ ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي الْمِثَالِ مِائَةً ( عَتَقَ ثُلُثُهَا وَثُلُثُ الْبَاقِي مِنْهُ ) تَوْزِيعًا لِلْخَمْسِينَ عَلَيْهَا وَعَلَى نِصْفِ بَاقِيهِ أَثْلَاثًا ، فَثُلُثُهَا ثُلُثَا الْخَمْسِينَ وَثُلُثُ بَاقِيهِ ثُلُثُهَا الْبَاقِي وَهُوَ سُدُسُ جُمْلَتِهِ فَيَعْتِقُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَمِنْهُ الثُّلُثَانِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَوْصَى لَهُ ) غَيْرُهُ ( بِعَيْنٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ ) فَأَكْثَرُ ( وَهِيَ حَاضِرَةٌ وَبَاقِي الْمَالِ غَائِبٌ مَلَكَ ) الْمُوصَى لَهُ ( ثُلُثَ ) الْمَالِ ( الْحَاضِرِ ) فَقَطْ لِجَوَازِ تَلَفِ الْغَائِبِ وَعَدَمِ إجَازَةِ الْوَارِثِ ( وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ ) أَيْ فِي ثُلُثِهِ وَكَذَا فِي بَاقِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يَحْضُرَ مِنْ الْغَائِبِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْحَاضِرُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ تَسَلُّطَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ يَتْلَفُ الْغَائِبُ فَلَا يَصِلُ إلَى حَقِّهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ الْوَرَثَةُ عَلَى ثُلُثَيْ الْحَاضِرِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ : ( كَمَنْعِ الْوَرَثَةِ مِنْ تَصَرُّفِهِمْ فِي بَاقِيهِ ) لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ فَيَخْلُصُ لَهُمْ حَقُّهُمْ وَلِلْمُوصَى لَهُ حَقُّهُ ( فَإِنْ تَصَرَّفُوا ) فِي بَاقِيهِ ( وَبَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ فَكَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ) وَهُوَ ( يَظُنُّهُ حَيًّا ) فَيَصِحُّ وَإِنْ بَانَ سَالِمًا وَعَادَ إلَيْهِمْ تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ تَصَرُّفِهِمْ .

م ( قَوْلُهُ وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ ) لَوْ أَطْلَقُوا لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الثُّلُثِ صَحَّ ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ دُفِعَ إلَيْهِ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا نُضَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ حَاضِرَةٌ وَخَمْسُونَ غَائِبَةٌ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِخَمْسِينَ مِنْ الْحَاضِرَةِ وَمَاتَ وَقَبْلَ الْوَصِيَّةِ أُعْطِيَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَالْوَرَثَةُ خَمْسُونَ وَتُوقَفُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ الْمَوْقُوفُ ، وَإِنْ تَلِفَ الْغَائِبُ قُسِّمَتْ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ أَثْلَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ ( قَوْلُهُ : كَمَنْعِ الْوَرَثَةِ مِنْ بَاقِيهِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِخَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ لِلْغَيْبَةِ وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُوصَيْ بِهِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَتَصَرُّفُهُمْ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ

( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ ، كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا وَكَذَا أَعْطُوهُ أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ ) كَذَا ( أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُ ) أَوْ جَعَلْتُهُ لَهُ أَوْ مَلَّكْتُهُ لَهُ أَوْ هُوَ لَهُ ( بَعْدَ مَوْتِي ، وَقَوْلُهُ : هُوَ لَهُ ) بِدُونِ بَعْدَ مَوْتِي ( إقْرَارٌ ) وَلَا يَجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ لِبُعْدِهِ ( فَإِنْ زَادَ ) فِيهِ ( مِنْ مَالِي فَكِنَايَةُ وَصِيَّةٍ ) لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إقْرَارُهُ مَعَ احْتِمَالِ الْهِبَةِ النَّاجِزَةِ وَالْوَصِيَّةِ ( وَكَذَا ) قَوْلُهُ ( عَبْدِي هَذَا لَهُ ) لِذَلِكَ ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( عَيَّنْتُهُ لَهُ ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّعْيِينَ لِلتَّمْلِيكِ بِالْوَصِيَّةِ وَالتَّعْيِينَ لِلْإِعَارَةِ ( لَا ) قَوْلُهُ ( وَهَبْتُ لَهُ ) بِدُونِ بَعْدَ مَوْتِي فَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً ( وَلَوْ نَوَى الْوَصِيَّةَ ) لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضِعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ زَادَ مِنْ مَالِي فَكِنَايَةُ وَصِيَّةٍ ) لَوْ قَالَ : ثُلُثُ مَالِيّ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا لِإِضَافَةِ الْمَالِ إلَيْهِ ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى : وَلَا وَصِيَّةً أَيْضًا ، وَقَالَ الزَّجَّاجِيُّ فِي زِيَادَةِ الْمِفْتَاحِ : هُوَ وَصِيَّةٌ لِلْفُقَرَاءِ .
ا هـ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كِنَايَةُ وَصِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ : هَذَا الْعَبْدُ لِلْفُقَرَاءِ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوَى النَّذْرِ وَمِنْ تَعْلِيلِ الْقَاضِي هُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ إلَخْ ) فَإِنْ قَبِلَ مُتَّصِلًا انْعَقَدَ هِبَةً

( وَالْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابَةِ كِنَايَةٌ ) وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ صَرِيحًا ( وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا نُطْقًا ) بِأَنْ قَالَ : نَوَيْتُ بِهَا الْوَصِيَّةَ لِفُلَانٍ ( أَوْ ) اعْتَرَفَ بِهَا ( وَارِثُهُ ) بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى ( فَلَوْ كَتَبَ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَهُوَ نَاطِقٌ وَأَشْهَدَ ) جَمَاعَةً ( أَنَّ الْكِتَابَةَ خَطُّهُ وَمَا فِيهِ وَصِيَّتُهُ وَلَمْ يُطْلِعْهُمْ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى مَا فِيهِ ( لَمْ تَنْعَقِدْ ) وَصِيَّتُهُ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ : أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا فَأَشَارَ أَنْ نَعَمْ ، وَخَرَجَ بِالنَّاطِقِ غَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ .

( فَرْعٌ : مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ فَوَصِيَّتُهُ ) صَحِيحَةٌ ( بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ ) كَالْبَيْعِ وَرُوِيَ أَنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ الْعَاصِي أُصْمِتَتْ فَقِيلَ لَهَا : لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا ؟ فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ ، فَجَعَلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ : كُلُّ مَنْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِي شَيْئًا فَأَعْطُوهُ لَهُ وَلَا تُطَالِبُوهُ بِالْحُجَّةِ فَادَّعَى اثْنَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِحَقَّيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْقَدْرِ وَلَا حُجَّةَ كَانَ كَالْوَصِيَّةِ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْوِفَاقِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا ، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَفِي الْأَشْرَافِ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ : مَا يَدَّعِيهِ فُلَانٌ فَصَدِّقُوهُ فَمَاتَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ : هَذَا إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ وَتَعْيِينُهُ لِلْوَرَثَةِ ، نَقَلَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ .

( فَصْلٌ : وَأَمَّا الْقَبُولُ فَيَجِبُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمُعَيَّنٍ ) كَالْهِبَةِ .
فَلَوْ قَبِلَ بَعْضَ الْمُوصَى بِهِ فَفِيهِ احْتِمَالَاتٌ لِلْغَزَالِيِّ وَنَظِيرُهُ الْهِبَةُ ، وَالْأَرْجَحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ ، لَكِنَّ الْقَبُولَ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَأْتِي فَهِيَ دُونَهَا وَدَخَلَ فِي الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدُ الْمَحْصُورُ كَبَنِي زَيْدٍ فَيَتَعَيَّنُ قَبُولُهُمْ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَيْرَ آدَمِيٍّ كَمَسْجِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُ الْمُعَيَّنِ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ بِالْعِتْقِ بِغَيْرِ لَفْظِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبُولُ اللَّفْظِيُّ ، وَيُشْبِهُ الِاكْتِفَاءَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْأَخْذُ ، كَالْهَدِيَّةِ ( لَا ) فِي الْوَصِيَّةِ ( لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ ) وَالْقَبِيلَةِ كَالْهَاشِمِيَّةِ والمطلبية وَالْعَلَوِيَّةِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا الْقَبُولُ لِتَعَذُّرِهِ كَمَا فِي الْوَقْفِ بَلْ تَلْزَمُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَوْتِ وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَسَيَأْتِي ( وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْمَوْتِ ) لِلْمُوصِي ( قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ ) لِلْوَصِيَّةِ فَلِمَنْ قَبِلَ فِي الْحَيَاةِ الرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالْعَكْسِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابُ مِلْكٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَأَشْبَهَ إسْقَاطَ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ ( وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْعُقُودِ النَّاجِزَةِ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا ارْتِبَاطُ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَ الْفَوْرَ لَاشْتُرِطَ عَقِبَ الْإِيجَابِ وَيُفَارِقُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُمَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَيَبْطُلَانِ بِالتَّأْخِيرِ ( وَيَصِحُّ الرَّدُّ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ لَا بَعْدَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ ) الْمُوصَى لَهُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ

لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ حَصَلَ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ كَمَا فِي الْبَيْعِ ، فَإِنْ رَاضَى الْوَرَثَةَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ مِنْهُ لَهُمْ ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّدِّ قَبْلَ الْقَبْضِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ ، وَخَالَفَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ فَصَحَّحَ الصِّحَّةَ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَتِمَّ ، وَرَدَّ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ : وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ تَبِعَ الْبَغَوِيّ فِي التَّرْجِيحِ .

قَوْلُهُ : فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ قَيِّمِ الْمَسْجِدِ فِيمَا نَظُنُّهُ فس وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَبُولُ اللَّفْظِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْمَوْتِ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ ) مِنْ خَصَائِصِ الْوَصِيَّةِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ مُوجِبِهَا وَلَا بِجُنُونِهِ وَلَا بِإِغْمَائِهِ .
، قَالَ الْجِيلِيُّ لَا يَدْخُلُ الْمُوصَيْ بِهِ فِي مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَاخْتِيَارِهِ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ : إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ أُعْتِقَ شَاءَ أَوْ أَبَى ، وَإِذَا أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ قُضِيَ عَنْهُ شَاءَ الدَّائِنُ أَوْ أَبَى ، وَكَذَا إذَا أَوْصَى بِفِدَاءِ أَسِيرٍ ، وَإِذَا أَوْصَى بِإِبْرَاءِ زَيْدٍ مِنْ دَيْنِهِ أُبَرِّئَ مِنْهُ وَإِنْ أَبَى .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا عَدَّدَهُ نَظَرٌ ، وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَوْ أَوْصَى لِسَفِيهٍ أَوْ نَحْوِهِ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ لَهُ وَلِيُّهُ بِشَرْطِهِ مَثَلًا أَوْ أَبَى ، وَإِذَا أَوْصَى لِعَبْدٍ بِشَيْءٍ فَقَبِلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ ، وَأُلْحِقَ بِهَذَا مَا نَظْفَرُ بِهِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ ) قَضِيَّةُ كَوْنِهِ عَلَى التَّرَاخِي تَرْكُهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ حَتَّى يَشَاءَ ، وَقَدْ يَتَضَرَّرُ الْوَارِثُ بِذَلِكَ ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ فَإِنْ أَبَى حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ ، وَقَدْ صَحِّحُوا فِي صِحَّةِ الشُّفْعَةِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ وَلَمْ يَعْفُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ بِالْأَخْذِ أَوْ الْعَفْوِ ، وَقَدْ خَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ التَّرَاخِيَ هُنَا بِمَا إذَا لَمْ تُقَسَّمْ التَّرِكَةُ وَتُنَفَّذْ الْوَصَايَا فَإِنْ .
عَلِمَ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَبُولُهُ عَلَى الْفَوْرِ جَزْمًا ، فَإِنْ قَبِلَ وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ ، وَذَكَرَهُ غَيْرُ الْمَاوَرْدِيِّ أَيْضًا ع : هَذَا

كُلُّهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلرَّشِيدِ أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَظُّ لَهُ فِي الرَّدِّ رَدَّ الْوَلِيُّ أَوْ فِي الْقَبُولِ وَفِي التَّأْخِيرِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ غَلَّةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ أَوْ دَرٍّ أَوْ فَسَادِ الْمُوصَى بِهِ وَنَحْو ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْقَبُولِ وَلَا يَسُوغُ التَّأْخِيرُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ غ ( قَوْلُهُ : وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّدِّ قَبْلَ الْقَبْضِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ ) لِأَنَّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ بِبُطْلَانِ الرَّدِّ فَقَالَ : وَتَمَامُ الْمِيرَاثِ أَنْ يَمُوتَ الْمُورِثُ قَبَضَهُ الْوَارِثُ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ قَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ ، وَتَمَامُ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَقْبَلَهَا الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا ( قَوْلُهُ : الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ) عِبَارَتُهَا : إذَا قَبْلَهُ فَقَدْ مَلَكَ فَإِنْ رَدَّهُ صَحَّ وَيَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى .
ا هـ .
وَلَيْسَ الرَّدُّ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّمَامِ امْتِنَاعُ الرَّدِّ فَقَدْ يُرَدُّ بِعَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ بَعْدَ التَّمَامِ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الرَّدِّ

( وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَيْنٍ وَلِآخَرَ بِمَنْفَعَتِهَا فَرَدَّهَا ) الْآخَرُ ( رَجَعَتْ لِلْوَرَثَةِ لَا لِصَاحِبِ الْعَيْنِ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِهَا ( وَإِنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ ) أَيْ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ ( بَعْدَ خِدْمَةِ زَيْدٍ سَنَةً فَرَدَّهَا ) أَيْ الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ ( لَمْ يَعْتِقْ قَبْلَ السَّنَةِ ) كَمَا لَوْ لَمْ يَرُدَّهَا ( وَلِلْوَارِثِ مُطَالَبَةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقَبُولِ أَوْ بِالرَّدِّ ) إذَا لَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا ، فَإِنْ امْتَنَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ ، أَمَّا لَوْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ الْقَبُولِ لِمَحْجُورِهِ وَكَانَ الْحَظُّ لَهُ فِيهِ فَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْبَلُ وَلَا يَحْكُمُ بِالرَّدِّ ( فَإِنْ مَاتَ ) الْمُوصَى لَهُ ( قَبْلَ ) مَوْتِ ( الْمُوصِي بَطَلَتْ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ الْبُطْلَانِ ( أَوْ ) مَاتَ ( بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ ) وَالرَّدِّ ( قَبِلَ وَارِثُهُ ) أَوْ رَدَّ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ ، لَا يُقَالُ بَلْ تَلْزَمُ بِالْمَوْتِ بِغَيْرِ قَبُولٍ لِأَنَّا نَقُولُ وَارِثُ الْمُوصَى لَهُ فَرْعٌ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْأَصْلُ بِغَيْرِ قَبُولٍ فَالْفَرْعُ أَوْلَى ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ : وَقَبْلَ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ كَانَ وَارِثَهُ طِفْلًا فَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الْهِبَةِ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ حَظُّهُ فِي الْقَبُولِ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَبُولُ لَهُ ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْوَارِثِ الْوَارِثَ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ حَتَّى لَوْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ خَاصٍّ قَامَ الْإِمَامُ مَقَامَهُ ، فَإِذَا قَبِلَ كَانَ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَبِهِ صَرَّحَ الزَّبِيلِيُّ .

( قَوْلُهُ : فَالْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْمُوصِي ) أَوْ مَعَهُ ( قَوْلُهُ : قَبِلَ وَارِثُهُ أَوْ سَيِّدُهُ ) وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْقَابِلِ إلَّا الْوَصِيَّةُ ( قَوْلُهُ : يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَبُولُ لَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ : الْمِلْكُ ) لِلْمُوصَى لَهُ ( فِي الْوَصِيَّةِ مَوْقُوفٌ ، فَإِنْ قَبِلَ تَبَيَّنَاهُ ) أَيْ : الْمِلْكَ لَهُ ( مِنْ ) وَقْتِ ( الْمَوْتِ ) وَإِنْ رَدَّ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لِلْوَارِثِ مِنْ وَقْتئِذٍ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالْقَبُولِ ، وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ إذْ لَوْ مَلَكَ بِالْمَوْتِ لَمَا ارْتَدَّ بِالرَّدِّ كَالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْقَبُولِ فَقَبْلَهُ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ لِلْوَارِثِ وَيَتَلَقَّاهُ عَنْهُ الْمُوصَى لَهُ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ فَتَعَيَّنَ وَقْفُهُ ( أَمَّا الْمُوصَى بِعِتْقِهِ فَمِلْكُهُ ) أَيْ فَالْمِلْكُ فِيهِ ( لِلْوَارِثِ حَتَّى يُعْتَقَ ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ الْعِتْقِ تَمْلِيكٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَيَبْعُدُ الْحُكْمُ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِهَا بِالْعِتْقِ ( وَالْفَوَائِدُ ) الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمُوصَيْ بِهِ كَكَسْبٍ وَثَمَرَةٍ وَنَتَاجٍ ( وَالنَّفَقَةُ ) وَسَائِرِ الْمُؤَنِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا ( وَالْفِطْرَةُ ) أَيْ فِطْرَةُ الرَّقِيقِ الْمُوصَيْ بِهِ ( تَتْبَعُ الْمِلْكَ ) فَإِنْ حَدَثَتْ الْفَوَائِدُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهِيَ مِلْكٌ لِلْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ إنْ قَبِلَ ، وَلِلْوَارِثِ إنْ رَدَّ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ أَكْسَابَ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لِلْوَارِثِ ، لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ قِيلَ : إنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُوصَى لَهُ ، وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لِلْعَبْدِ لِتَقَرَّ ، وَاسْتِحْقَاقُهُ الْعِتْقَ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ ، وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْجُرْجَانِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ ( وَيُطَالَبُ الْمُوصَى لَهُ ) بِعَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ ( بَعْدَ الْمَوْتِ بِالنَّفَقَةِ ) لَهُ ( إنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَرُدَّ ) كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مُطَلِّقُ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مِنْ التَّعْيِينِ ، فَإِنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ رَدَّ ، وَلَوْ قَالَ : أَعْطَوْا فُلَانًا كَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَالْمِلْكُ فِيهِ إلَى الْإِعْطَاءِ لِلْوَارِثِ ، وَلَوْ

أَوْصَى بِوَقْفِ شَيْءٍ فَتَأَخَّرَ وَقْفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَصَلَ مِنْهُ رِيعٌ كَانَ لِلْوَارِثِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لِمُسْتَحِقِّ الْوَقْفِ .
فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ الْمِلْكُ فِي الْوَصِيَّةِ مَوْقُوفٌ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا قَالَ : أَعْطُوهُ كَذَا إذَا مِتُّ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْإِعْطَاءِ ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا يَكْفِي فِي الْخَلْعِ ( قَوْلُهُ : وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لِلْعَبْدِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ رَدَّ ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ كَالْمُتَحَجِّرِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ ، قُلْتُ : وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ مِنْ الْقَبُولِ لِلطِّفْلِ وَنَحْوِهِ وَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ أَنْ يَقْبَلَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْإِبْطَالِ ، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ ، وَكَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ .
غ ( قَوْلُهُ : فَالْمِلْكُ فِيهِ إلَى الْإِعْطَاءِ ) هَلْ يَكْتَفِي بِهِ مَعَ الْأَخْذِ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُمَا مِنْ الْقَبُولِ ؟ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ، وَيَتَّجِهُ أَنْ يَكْتَفِي فِي الْإِعْطَاءِ بِالْوَضْعِ عِنْدَهُ .
ا ش ( قَوْلُهُ : كَانَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ : إنَّهُ الْأَشْبَهُ ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ الْوَقْفِ ، قَالَ الدَّمِيرِيِّ : وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَنْ مَاتَ وَلَهُ عَقَارٌ لَهُ أُجْرَةٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فَشَرَعَ الْوَارِثُ يَسْتَغِلُّ ذَلِكَ مُدَّةً ثُمَّ أَثْبَتَ الدَّيْنَ وَأَخَذَ أَصْحَابُ الْعَقَارِ وَبَقِيَ لَهُمْ شَيْءٌ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا أَخَذَهُ وَشَبَّهَهَا الْقَمُولِيِّ بِكَسْبِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْإِعْتَاقِ .
ا هـ

( وَإِنْ أَوْصَى بِأَمَتِهِ لِزَوْجِهَا الْحُرِّ فَقَبْلَ ) الْوَصِيَّةِ ( تَبَيَّنَ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ مِنْ ) وَقْتِ ( الْمَوْتِ ) وَإِنْ رَدَّ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ ( وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَالزَّوْجُ وَارِثٌ ) لِلْمُوصِي ( وَقَبِلَ لَمْ يَنْفَسِخْ ) أَيْ النِّكَاحُ ، وَإِنْ رَدَّ انْفَسَخَ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِ زَوْجِهَا هَذَا ، إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ ( فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَوْصَى بِهَا لِوَارِثٍ آخَرَ ) لَهُ ( وَأَجَازَ الزَّوْجُ ) الْوَصِيَّةَ فِيهِمَا ( فَكَذَلِكَ ) أَيْ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ تَنْفِيذٌ لِمَا فَعَلَهُ الْمُوصِي لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجُزْ انْفَسَخَ لِدُخُولِ شَيْءٍ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ ( فَرْعٌ ) : لَوْ ( أَوْصَى بِأَمَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجِهَا لِزَوْجِهَا وَلِابْنٍ لَهَا حُرَّيْنِ مُوسِرَيْنِ ) وَمَاتَ ( وَقَبِلَا ) الْوَصِيَّةَ ( مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَخَرَجَتْ ) كُلُّهَا ( مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ عَنْ الِابْنِ ) نِصْفُهَا ( بِالْمِلْكِ ، وَ ) الْبَاقِي بِحَقِّ ( السِّرَايَةِ وَلَزِمَهُ لِلزَّوْجِ قِيمَةُ نِصْفِهَا ) لَا نِصْفُ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَتْلَفَ نِصْفَهَا وَالْأَوَّلُ أَقَلُّ مِنْ الثَّانِي ( وَعَتَقَ الْحَمْلُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ ) أَمَّا نَصِيبُ الزَّوْجِ فَلِأَنَّهُ وَلَدُهُ ، وَأَمَّا نَصِيبُ الِابْنِ فَلِأَنَّ الْأُمَّ عَتَقَتْ عَلَيْهِ ، وَالْعِتْقُ يَسْرِي مِنْ الْحَامِلِ إلَى مَا يَمْلِكُهُ الْمُعْتِقُ مِنْ حَمْلِهَا ( وَلَا تَقْوِيمَ عَلَى أَحَدِهِمَا ) فِي نَصِيبِ الْآخَرِ ( لِأَنَّهُ ) أَيْ الْحَمْلُ ( عَتَقَ دَفْعَةً وَهُوَ لَهُمَا ) فَأَشْبَهَ مَا إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ أَبَاهُمَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِمَا وَلَا تَقْوِيمَ ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ قَبُولُهُمَا مُرَتَّبًا بِقَبُولِهِمَا مَعًا فِيمَا ذُكِرَ ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمِلْكِ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَقْتُ الْقَبُولِ ( فَإِنْ قَبِلَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ عَتَقَ ) عَلَيْهِ ( الْحَمْلُ ) نِصْفُهُ بِالْمِلْكِ وَنِصْفُهُ بِالسَّرَايَةِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ أُمِّهِ ( وَلَا تَتْبَعُهُ الْأُمُّ ) فِي الْعِتْقِ

سِرَايَةً ( كَمَا يَتْبَعُهَا ) لِأَنَّ الْحَمْلَ تَبَعٌ لَهَا وَلَيْسَتْ تَبَعًا لَهُ ( وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ الزَّوْجُ ( قِيمَةُ نِصْفِهِ ) أَيْ الْحَمْلِ ( لِوَرَثَةِ الْمُوصِي ، وَإِنْ قَبِلَ الِابْنُ وَحْدَهُ عَتَقَا عَلَيْهِ وَغَرِمَ قِيمَةَ نِصْفِهَا ) حَامِلًا ( لِوَرَثَةِ الْمُوصِي ) .

( قَوْلُهُ : وَعَتَقَ الْحَمْلُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : فِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عِتْقَ نَصِيبِ الزَّوْجِ فِي الْحَمْلِ تَقْرِيبٌ عَلَى مِلْكِهِ لَهُ ، وَمِلْكُهُ لِلْحَمْلِ مُقَارِنٌ لِمِلْكِ الْحَامِلِ ، وَعِتْقُ نَصِيبِ الِابْنِ مِنْ الْحَمْلِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مِلْكِ الْأُمِّ وَبَعْدَ عِتْقِهَا فَإِنَّ عِتْقَ نَصِيبِهِ مِنْ الْأُمِّ مُتَرَتِّبٌ عَلَى مِلْكِهِ لِذَلِكَ ، وَعِتْقُ الْحَمْلِ مُتَرَتِّبٌ عَلَى عِتْقِ الْأُمِّ تَبَعِيَّةً لَا أَنَّهُ عَتَقَ مَعَهَا بَلْ تَابِعٌ لَهَا .
، وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا فَعِتْقُ الزَّوْجِ لِنَصِيبِهِ مِنْ الْحَمْلِ السَّابِقِ عَلَى عِتْقِ الِابْنِ لَهُ فَلْيُقَوَّمْ عَلَى الزَّوْجِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْبَحْثِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ كَبِيرَةً فَأَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ وَأَبُو الصَّغِيرِ مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ النِّكَاحَ يَبْطُلُ ، وَيُنْسَبُ ذَلِكَ إلَى الْبَغَوِيّ وَوَجَّهَهُ أَنَّ إسْلَامَ الْوَلَدِ يَحْصُلُ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ فَيُقَوَّمُ إسْلَامُهَا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ ، وَقَالَ هُنَاكَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ لَكِنَّ تَرَتُّبَ إسْلَامِ الْوَلَدِ عَلَى إسْلَامِ الْأَبِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ فَلَا يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إسْلَامِهَا عَلَى الزَّوْجِ ، وَمَا جَزَمَا بِهِ هُنَا يَشْهَدُ لِاسْتِدْرَاكِهِمَا هُنَاكَ ، بَلْ قَدْ يُقَالُ : إنَّ الْمَعِيَّةَ هُنَا أَوْلَى ، وَالتَّحْقِيقُ التَّرْتِيبُ هُنَاكَ فَإِنَّ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَتُهُمْ بِإِيمَانٍ } فَلَمْ يَحْكُمْ بِالتَّبَعِيَّةِ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ الْإِيمَانِ لِلْأُصُولِ ، وَهَذَا يَظْهَرُ بِالزَّمَانِ ، وَقَدْ يَظْهَرُ هُنَا أَيْضًا ، وَيَقْرُبُ هَذَا مِنْ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ وَالشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَالسَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ هَلْ بَيْنَهُمَا تَرَتُّبٌ أَمْ لَا ، وَذَاكَ مَعْرُوفٌ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ .
قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ ،

وَلَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الصَّدَاقِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْغَزَالِيِّ فَلْيُنْظَرْ هُنَاكَ .
( فَرْعٌ ) لَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ : لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا دُونَ الْأَلْفِ فَهَلْ نَقُولُ : يُرَاعَى الْعَدَدُ فَيُقَسَّطُ الْخَارِجُ عَلَى أَلْفٍ ؟ أَوْ نَقُولُ : إعْطَاءُ الدِّرْهَمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَقْصُودٌ وَالْعَدَدُ إنَّمَا جَاءَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ ؟ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ ، وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمِلَةٌ ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُدْفَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي ، وَمَا فَضَلَ مِنْ شِقْصِ دِرْهَمٍ يُعْطَى لِشَخْصٍ .

( فَصْلٌ : وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ ) لِلْوَصِيَّةِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ رَدَّ فَذَاكَ ، أَوْ قَبِلَ بَانَ أَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَقْتَ الْمَوْتِ ( وَإِنْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ فَأَوْصَى بِهِ لِأَجْنَبِيٍّ ) وَقَبِلَهُ ( مَلَكَهُ ) وَلَا يَعْتِقُ عَلَى أَخِيهِ ( وَلَوْ وَرِثَهُ أَخُوهُ ) لِئَلَّا تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ ( وَلَوْ أَوْصَى بِزَيْدٍ لِابْنِهِ وَمَاتَ ) زَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَ ( قَبْلَ الْقَبُولِ فَقَبِلَ الْوَارِثُ ) عَنْهُ ( فَهُوَ كَقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ فِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَنْهُ وَ ) حِينَئِذٍ يُنْظَرُ ( إنْ كَانَ الْوَارِثُ أَخًا ) لِلْمُوصَى لَهُ ( وَالْمُوصَى بِهِ يَحْجُبُهُ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ : فَإِنْ كَانَ الْقَابِلُ مِمَّنْ يَحْجُبُهُ الْمُوصَى بِهِ كَالْأَخِ ( لَمْ يَرِثْ لِأَنَّهُ ) لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الْأَخَ وَأَخْرَجَهُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَيَبْطُلُ قَبُولُهُ ، وَذَلِكَ ( يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ عِتْقِهِ ) فَلَا يَرِثُ ( وَكَذَا ) لَا يَرِثُ ( إنْ لَمْ يَحْجُبْهُ ) كَابْنٍ آخَرَ ( لِلدَّوْرِ فِي بَعْضِهِ ) وَإِنْ قَبِلَ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَخَرَجَ الْقَابِلُ عَنْ كَوْنِهِ حَائِزًا فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ إلَّا فِي حِصَّتِهِ إرْثَهُ ، وَقَبُولُ الْمُوصِي بِهِ مَا بَقِيَ مُتَعَذِّرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ تَوَقُّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى قَبُولِهِ ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ فَلَا يَعْتِقُ كُلُّهُ فَلَا يَرِثُ فَتَوْرِيثُهُ عَلَى تَقْدِيرَيْ الْحَجْبِ وَعَدَمِهِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ ، وَيُفَارِقُ إقْرَارَ الِابْنِ بِابْنٍ آخَرَ بِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ مُقِرَّانِ بِأَنَّهُمَا ابْنَا الْمَيِّتِ فَوَرِثَا الْمَالَ ، وَهُنَا الْعِتْقُ فِي جَمِيعِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِقَبُولِ مَنْ يَحُوزُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْمَقْبُولِ فِي الْقَبُولِ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ حَائِزًا بَطَلَ الْقَبُولُ مِنْ أَصْلِهِ ( فَرْعٌ : مَتَى أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ

فَقَبِلَا ) الْوَصِيَّةَ ( عَتَقَ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا وَرَدَّ الْآخَرُ عَتَقَ ) مِنْهُ ( نِصْفُهُ ثُمَّ يُقَوَّمُ الْبَاقِي عَلَى التَّرِكَةِ مِنْ نَصِيبِ الْقَابِلِ فَقَطْ إنْ وَفَّى بِهِ ) نَصِيبُهُ ( وَإِلَّا فَلَا ) تَقْوِيمَ إلَّا إنْ وَفَّى بِبَعْضِ الْبَاقِي فَيُقَوَّمُ بِقَدْرِهِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِيَسَارِهِ فِي نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ فَلَا يَكُونُ التَّقْوِيمُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى غَيْرِ الْقَابِلِ لِأَنَّ سَبَبَ الْعِتْقِ الْقَبُولُ ، وَاَلَّذِي لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ ، وَاعْتَرَضَهُ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ فَهُوَ مُعْتَرَفٌ بِعِتْقِ نَصِيبِ الْقَابِلِ وَاقْتِضَائِهِ التَّقْوِيمَ ، وَالتَّقْوِيمُ كَدَيْنٍ يَلْحَقُ التَّرِكَةَ ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ دَيْنٍ يَلْحَقُ التَّرِكَةَ يَلْزَمُ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ بَلْ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَخْتَصَّ السَّبَبُ بِبَعْضِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ بِبَعْضِهِمْ كَإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ مَعَ إنْكَارِ الْبَاقِي ، وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقِسْمِ ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي الْعِتْقِ : إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمَيِّتِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ، كَذَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّقْوِيمَ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الْوَارِثِ لَا عَلَى الْمَيِّتِ ( وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِيمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِبَعْضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَمَاتَ ) قَبْلَ الْقَبُولِ ( وَقَبِلَ وَارِثُهُ ) كَانَ الْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرَ هَذَا كَأَصْلِهِ عَنْ قَوْلِهِ : ( ثُمَّ وَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنْهُ لِلْمَيِّتِ ، وَهَلْ يَخْتَصُّ ) بِهِ ( الْقَابِلُ ) لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِإِكْسَابِهِ أَوْ يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُ الْقَابِلِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْإِرْثِ ؟ ( وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ الثَّانِي ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ .

( وَإِنْ أَوْصَى بِأَمَتِهِ لِابْنِهَا مِنْ غَيْرِهِ ) وَمَاتَ ( فَلَمْ يَحْتَمِلْهَا الثُّلُثُ فَأَعْتَقَ الْوَارِثُ ) وَلَوْ مُعْسِرًا ( الزَّائِدَ ) عَلَيْهِ ( ثُمَّ قَبِلَ الِابْنُ ) الْوَصِيَّةَ ( تَبَيَّنَ عِتْقُ مَا قَبْلَهُ مِنْ ) وَقْتِ ( الْمَوْتِ وَ ) تَبَيَّنَ ( بُطْلَانُ عِتْقِ الْوَارِثِ وَيُقَوَّمُ نَصِيبُهُ عَلَى الِابْنِ ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا اسْتِنَادَ عِتْقِهِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ ، وَعِتْقُ الْوَارِثِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْإِعْتَاقِ ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الِابْنُ الْوَصِيَّةَ تَبَيَّنَّا أَنَّ جَمِيعَهَا لِلْوَارِثِ فَيَسْرِي الْعِتْقُ مِنْ الْبَعْضِ الَّذِي أَعْتَقَهُ إلَى الْبَاقِي أَمَّا إذَا احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ وَقَبِلَ الِابْنُ الْوَصِيَّةَ عَتَقَتْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ رَدَّهَا بَقِيَتْ لِلْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهَا الثُّلُثُ وَلَمْ يُعْتِقْ الْوَارِثُ الزَّائِدَ فَالْجَوَابُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ وَالزَّائِدُ ، كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَوَارِثُ الْمُوصِي ابْنٌ ) لَهُ ( آخَرُ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ ) بِنِكَاحٍ فَإِنْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ عَتَقَتْ عَلَى الْوَارِثِ وَإِلَّا فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ ( وَأَجَازَ ) الْوَارِثُ ( الزَّائِدَ ) مِنْهُمَا عَلَى الثُّلُثِ ( عَتَقَتْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الزَّائِدَ ( فَالزَّائِدُ يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ وَلَا يُقَوَّمُ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ) أَمَّا عَلَى الْوَارِثِ فَلِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْإِرْثِ وَعِتْقُ الشِّقْصِ الْمَمْلُوكِ بِالْإِرْثِ لَا يَقْتَضِي السِّرَايَةَ ، وَأَمَّا عَلَى الْآخَرِ فَلِأَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ عَتَقَ مَعَ عِتْقِ نَصِيبِهِ وَلَا تَقْوِيمَ فِيهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبَاهُ ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ( فَقَبِلَ الْأَبُ ) أَوْ نَحْوُهُ الْوَصِيَّةَ ( قَبْلَ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ) إنْ كَانَ مُوسِرًا النِّصْفُ بِالْمِلْكِ وَالْبَاقِي بِالسَّرَايَةِ ( وَغَرِمَ لَهُ قِيمَةَ نِصْفِهِ ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْأَجْنَبِيُّ كَانَ الْغُرْمُ لِوَارِثِ الْمُوصِي ( وَكَذَا إنْ قَبِلَ بَعْدَ الْأَجْنَبِيِّ ) وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ عَتَقَ عَلَى الْأَبِ وَغَرِمَ لِلْأَجْنَبِيِّ قِيمَةَ نِصْفِهِ لَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ .

( فَصْلٌ : حَمْلُ ) الْأَمَةِ ( الْمُوصَى بِهَا الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْوَصِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَقَلِّهَا مِنْ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ ( وَصِيَّةٌ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَ وَصِيَّةً إنْ كَانَتْ أَمَةً ذَاتَ فِرَاشٍ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا ( وَالْحَمْلُ الْحَادِثُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ مِلْكٌ لِلْمُوصَى لَهُ إنْ قَبِلَ ) الْوَصِيَّةَ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ ( وَالْحَادِثُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُوصِي إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَكَذَا بَعْدَهُ ) لِذَلِكَ ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ : وَإِنْ ( كَانَ الْحَمْلُ مِنْ أَمَةِ زَوْجُهَا الْمُوصَى لَهُ ) بِهَا ( وَقَبِلَ ) الْوَصِيَّةَ ( فَالْحَادِثُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَتَبَيَّنُ انْعِقَادُهُ حُرًّا ) لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ ( وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ ) لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ إمْكَانُ الْإِصَابَةِ لَا حَقِيقَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَ ) الْحَمْلُ ( الْمَوْجُودُ حَالَ الْوَصِيَّةِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ ، وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ ) لِأَنَّهَا عَلَقَتْ مِنْهُ بِرَقِيقٍ ( وَلَوْ مَاتَ ) الْمُوصَى لَهُ بِهَا ( قَبْلَ الْقَبُولِ ) وَالرَّدِّ ( قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ ) فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَإِنْ ) الْأَوْلَى فَإِنْ ( قَبِلُوا ) أَيْ وَرَثَتُهُ ( فَالْقَوْلُ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَالْحُكْمُ ( فِي حُرِّيَّةِ الْحَمْلِ كَمَا سَبَقَ ) فِي قَبُولِ مُوَرِّثِهِمْ ( وَ ) لَكِنْ ( لَا يَرِثُ مَعَهُمْ كَمَا بَيَّنَّاهُ ) قُبَيْلَ فَرْعِ مَتَى أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ( وَإِنْ رَدُّوا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ) كَمَا لَوْ رَدَّ مُوَرِّثُهُمْ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي وَالْحَمْلُ دَاخِلٌ فِي الْوَصِيَّةِ اُعْتُبِرَ يَوْمَ الْمَوْتِ قِيمَتُهَا حَامِلًا مِنْ الثُّلُثِ ) لَوْ أَخَّرَ الظَّرْفَ كَانَ أَوْلَى ، وَلَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُمَا مَعًا مِنْ

الثُّلُثِ ( أَوْ غَيْرُ دَاخِلٍ ) فِيهَا سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ أَمْ لِوَارِثِهِ أَمْ لِلْمُوصِي ( فَحَائِلًا ) تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْمَوْتِ ، وَإِذَا قَوَّمْنَاهُمَا فَخَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ فَذَاكَ ( وَلَوْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا نُفِّذَتْ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ ( فِيمَا يَحْتَمِلُهُ ) الثُّلُثُ ( مِنْهُمَا عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ ، وَلِسَائِرِ الْحَيَوَانِ حُكْمُ الْأَمَةِ ) فِيمَا ذُكِرَ ( وَيُرْجَعُ فِي مُدَّةِ حَمْلِهَا ) أَيْ الْحَامِلِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ ( إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ ) لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ
قَوْلُهُ : حَمْلُ الْمُوصَى بِهَا الْمَوْجُودُ إلَخْ ) لَوْ أَوْصَى بِالشَّجَرَةِ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ دَخَلَتْ فِي الْوَصِيَّةِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ ) ( وَتَنْقَسِمُ ) إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ ( لَفْظِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ وَحِسَابِيَّةٌ .
الْقَسَمُ الْأَوَّلُ : اللَّفْظِيَّةُ ، وَفِيهِ طَرَفَانِ : الْأَوَّلُ فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى بِهِ ، فَالْحَمْلُ يَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَحْدَهُ ، وَ ) يَصِحُّ ( بِالْحَامِلِ دُونَهُ ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِيهِمَا ، فَعُلِمَ أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ ( وَلَوْ أَطْلَقَ ) الْوَصِيَّةَ بِهَا ( تَبِعَهَا ) حَمْلُهَا الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا فِي الْبَيْع ، قَالَ فِي الْأَصْل عَقِبَ هَذَا : وَلَا يَبْعُدُ الْفَتْوَى بِالْمَنْعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ فَيَتْبَعُ وَيُفْرَدُ بِالْوَصِيَّةِ فَلَا يَتْبَعُ ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَنْزِيلُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ ، وَلِأَنَّهَا عَقْدٌ ضَعِيفٌ فَلَا تُسْتَتْبَعُ .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَرْدُودٌ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِدُخُولِ الْبِنَاءِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ إمْكَانٍ إفْرَادِهِ بِالْبَيْعِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا تَنْزِيلُهَا عَلَى الْمُتَيَقَّنِ أَوْ الظَّاهِرِ الْقَرِيبِ مِنْهُ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَمَنْقُوضٌ بِالرَّهْنِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّ الْحَمْلَ يَدْخُلُ فِيهِ ، وَيُؤَيِّدُ دُخُولَهُ هُنَا دُخُولُهُ فِي الْعِتْقِ .
( وَالْوَصِيَّةُ بِالطَّبْلِ تُحْمَلُ عَلَى ) الطَّبْلِ ( الْمُبَاحِ ) كَطَبْلِ حَرْبٍ وَحَجِيجٍ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الصِّحَّةِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الثَّوَابَ ( فَإِنْ قَالَ ) : أَعْطَوْهُ طَبْلًا ( مِنْ طُبُولِي وَلَا مُبَاحَ فِيهَا ) وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْمُبَاحِ ( بَطَلَتْ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِيهَا مُبَاحٌ تَصِحُّ وَتُحْمَلُ عَلَيْهِ ( أَوْ قَالَ ) : أَعْطُوهُ طَبْلًا ( مِنْ مَالِي ) وَلَيْسَ لَهُ طَبْلٌ مُبَاحٌ ( اُشْتُرِيَ لَهُ ) طَبْلٌ ( مُبَاحٌ .
فَرْعٌ ) : لَوْ ( أَوْصَى لَهُ بِدُفٍّ لَهُ جَلَاجِلُ وَحَرَّمْنَاهَا ) عَلَى وَجْهٍ ( دُفِعَ ) إلَيْهِ ( دُونَهَا

، فَإِنْ نَصَّ عَلَيْهَا نُزِعَتْ ) مِنْهُ ( وَأُعْطِيَهَا ) أَيْضًا ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : كَيْفَ يَسْتَقِيمُ تَصْحِيحُ الْوَصِيَّةِ فِيهِمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا يَصْلُحَانِ لِلْمُبَاحِ ( وَإِنْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَعْوَادُ بِنَاءٍ وَقِسِيٌّ أُعْطِيَ وَاحِدًا ) مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ( فَلَوْ كَانَ فِيهَا أَعْوَادُ لَهْوٍ تَصْلُحُ لِمُبَاحٍ فَكَذَلِكَ ) أَيْ يُعْطَى وَاحِدًا مِنْ الْجَمِيع ؛ لِأَنَّ أَعْوَادَ اللَّهْوِ لَمَّا صَلَحَتْ لِمُبَاحٍ صَارَ لَهَا أُسْوَةٌ بِغَيْرِهَا ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَقِيلَ : يَتَعَيَّنُ إعْطَاءُ عُودٍ مِنْهَا إذْ كَيْفَ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا الْإِطْلَاقُ إذَا لَمْ تَصْلُحْ لِمُبَاحٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ دُونَ مَا إذَا صَلَحَتْ لَهُ ، وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ - وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ ، وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّ الْإِطْلَاقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ لِمُبَاحٍ دُونَ مَا إذَا صَلُحَتْ لَهُ لِمُشَارَكَتِهَا الْمُبَاحَ حِينَئِذٍ ( أَوْ لَا ) تَصْلُحُ لِمُبَاحٍ ( حُمِلَ عَلَيْهَا ) أَيْ عَلَى أَعْوَادِ اللَّهْوِ ( وَبَطَلَتْ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ إذْ لَا يُقْصَدُ الِانْتِفَاعُ بِهَا شَرْعًا ، وَفَارَقَ عَدَمَ بُطْلَانِهَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطُّبُولِ بِأَنَّ مُطْلَقَ الْعُودِ يَنْصَرِفُ إلَى عُودِ اللَّهْوِ ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَرْجُوحٌ ، وَالطَّبْلُ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ وُقُوعًا وَاحِدًا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ ظُهُورَ اسْمِ الْعُودِ فِي عُودِ اللَّهْوِ وَيَقُولَ : بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْوَادِ ، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَكَذَا لَوْ أَوْصَى ) لَهُ ( بِعُودِ وَلَا عُودَ لَهُ اُشْتُرِيَ لَهُ عُودُ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ وَأُعْطِيَهُ ) عِبَارَةُ الْأَصْل : وَلَوْ أَوْصَى بِعُودٍ وَلَا عُودَ لَهُ فَمُقْتَضَى تَنْزِيلِ مُطْلَقِ الْعُودِ عَلَى عُودِ اللَّهْوِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ ، أَوْ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ

عُودُ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ ، وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يَشْتَرِي مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي مَالِهِ أَمْكَنَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بِالْعُودِ بِهِ .
انْتَهَى .
فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُضِفْ الْعُودَ إلَى عِيدَانِهِ كَانَ إلَى الصِّحَّةِ أَقْرَبَ ، وَإِذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعُودِ أُعْطِيَهُ ( دُونَ الْوَتَرِ وَالْمِضْرَابِ ) وَهُوَ مَا يُضْرَبُ بِهِ الْعُودُ وَتَوَابِعُهُمَا كَالْمَلَاوِي الَّتِي يُلْوَى عَلَيْهَا الْأَوْتَارُ وَالْحِمَارُ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُرَكَّبُ عَلَيْهَا الْأَوْتَارُ ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى عُودًا بِدُونِهَا ، قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلَوْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عُودُ لَهْوٍ وَعُودُ بِنَاءٍ وَعُودُ قِسِيٍّ فَإِنْ حَمَلْنَا لَفْظَ الْعِيدَانِ عَلَى هَذِهِ الْآحَادِ فَقَدْ حَمَلْنَا الْمُشْتَرَكَ عَلَى مَعَانِيهِ مَعًا وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَهْلِ الْأُصُولِ ، فَإِنْ مُنِعَ فَهَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عُودَ لَهْوٍ أَوْ لَا عُودَ لَهُ زَادَ النَّوَوِيُّ : قُلْتُ : مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَمْلُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ .
انْتَهَى .
لَكِنَّهُ خَالَفَهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ فِيمَا لَوْ قَالَ : إنْ رَأَيْتَ عَيْنًا فَأَنْت حُرٌّ ، فَرَجَّحَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُحْمِلُ عَلَى مَعَانِيهِ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( فِي الْمِزْمَارِ ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ ( إنْ صَلُحَ لِمُبَاحٍ ) دُونَ مَا إذَا لَمْ يَصْلُحْ لَهُ ، وَإِذَا صَحَّتْ ( لَا يُعْطَى ) الْمُوصَى لَهُ بِهِ ( الْمُجَمِّعَ ) أَيْ ( الْمَوْضُوعَ بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعْطِي الْمِزْمَارَ بِهَيْئَتِهِ ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ : يَجِبُ أَنْ يُفْصَلَ مِنْ غَيْرِ تَرْضِيضٍ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ اللَّهْوِ ثُمَّ يُعْطَاهُ ( وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَوْسٍ حُمِلَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ ) وَهِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا النَّبْلُ وَهِيَ

السِّهَامُ الصِّغَارُ الْعَرَبِيَّةُ ( وَ ) عَلَى ( الْفَارِسِيَّةِ ) وَهِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا النُّشَّابُ ( وَ ) عَلَى ( قَوْسِ الْحُسْبَانِ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ( وَهِيَ الَّتِي لَهَا سِهَامٌ صِغَارٌ ) تُرْمَى لِمَجْرًى فِيهَا ، فَالْحُسْبَانُ اسْمٌ لِلسِّهَامِ الصِّغَارِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ هُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمُسَابَقَةِ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْقَوْسِ الْمَذْكُورَةِ ( لَا ) عَلَى ( قَوْسِ بُنْدُقٍ وَ ) لَا قَوْسِ ( نَدْفٍ ) لِاشْتِهَارِ الْقَوْسِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلُ دُونَ هَذَيْنِ .
وَالْبُنْدُقُ يُسَمَّى بِالْجُلَاهِقِ بِضَمِّ الْجِيمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّ الْجَلَاهِقُ اسْمٌ لِقَوْسِ الْبُنْدُقِ ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ ( إلَّا أَنْ قَالَ ) : أَعْطُوهُ ( مَا يُسَمَّى قَوْسًا ) فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَلْ يُعْطَى وَاحِدَةً مِنْ الْجَمِيعِ ( وَلَوْ قَالَ ) : أَعْطُوهُ قَوْسًا ( مِنْ قِسِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا هُمَا ) أَيْ قَوْسَا الْبُنْدُقِ وَالنَّدْفِ ( تَعَيَّنَ الْبُنْدُقُ ) أَيْ قَوْسُهُ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ إلَيْهَا أَسْبَقُ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَحَدُهُمَا حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لِلتَّقْيِيدِ بِالْإِضَافَةِ ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ( فَإِنْ بَيَّنَ الْغَرَضَ اُتُّبِعَ ، بِأَنْ قَالَ : لِيَنْدِفَ ) بِهَا ( أَوْ يَرْمِيَ بِهَا الطَّيْرَ ) أَوْ يُقَاتِلَ بِهَا .
( فَرْعٌ : لَوْ أَوْصَى بِقَوْسٍ ) أَوْ طَبْلٍ ( لَمْ يَدْخُلْ الْوَتَرُ ) فِي الْقَوْسِ ( وَلَا الْجِلْدُ الزَّائِدُ فِيهَا ) أَيْ فِي الطَّبْلِ إذَا كَانَ ( يُسَمَّى الطَّبْلُ ) أَيْ طَبْلًا ( دُونَهُ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَارِجٌ عَنْ الْمُسَمَّى ، وَكَمَا لَا يَدْخُلُ السَّرْجُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالدَّابَّةِ ( وَيَدْخُلُ النَّصْلُ وَالرِّيشُ فِي اسْمِ السَّهْمِ ) لِثُبُوتِهِمَا فِيهِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ ) ( قَوْلُهُ .
وَلَوْ أَطْلَقَ تَبِعَهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَا مُبَاحَ فِيهَا بَطَلَتْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ مِنْ أَهْلِهِ ، وَيَعْتَقِدُ إبَاحَتُهُ ، وَبَيَّنَ غَيْرُهُ ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهِ لِأَهْلِ الْبَطَالَةِ وَالْمَلَاهِي أَنْ يُقَالَ بِالْفَسَادِ ، وَإِنْ أَوْصَى بِهِ وَهُوَ مِمَّا يُتَمَوَّلُ رُضَاضُهُ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ أَنْ يَصِحَّ ، وَيُنَزَّلُ عَلَى إرَادَةِ الرُّضَاضِ طَلَبًا لِلثَّوَابِ وَتَكْفِيرًا لِمَا سَلَفَ مِنْهُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا فِي الطَّبْلِ وَغَيْرِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فِيمَا فِيمَا إذَا أَوْصَى بِهِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ ، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ لِمَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَكَانَ رُضَاضُهُ مَالًا أَنْ يَصِحَّ قَطْعًا ، وَتُنَزَّلُ الْوَصِيَّةُ عَلَى رُضَاضِهِ أَوْ جَوْهَرِهِ وَمَالِيَّتِهِ ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَوْضِعَ الْفَسَادِ مَا إذَا سُمِّيَ الطَّبْلُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ بِاسْمِهِ ، أَمَّا لَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ هَذَا أَوْ هَذَا الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ أَوْ النُّحَاسَ أَوْ الْخَشَبَ أَوْ هَذِهِ الْعَيْنَ أَنَّهُ يَصِحُّ ، فَتُفْصَلُ وَيُعْطَاهَا ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : لِأَنَّ الْإِضَافَةَ حَيْثُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ عِيدَانِ اللَّهْوِ صَرَفْت اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ عِيدَانِ اللَّهْوِ فَمَنَعْت الظُّهُورَ ، وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعُودٍ وَلَمْ يُضِفْ ذَلِكَ إلَى عِيدَانِهِ وَلَا عِيدَانَ لَهُ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لِوُجُودِ الظُّهُورِ فِي عُودِ اللَّهْوِ وَعَدَمِ مَا يَمْنَعُ صَرْفَهُ عَنْهُ .
قَوْلُهُ : فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ) قَالَ شَيْخُنَا : وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُ مَا أَطْلَقُوهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ آلَةِ اللَّهْوِ ، أَيْ حَيْثُ لَمْ

يَصْلُحْ لِمُبَاحٍ مَعَ بَقَاءِ اسْمِهِ وَلَوْ مَعَ تَغْيِيرٍ يَسِيرٍ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعْطَى الْمِزْمَارَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ قَالَ ) : أَعْطُوهُ ( شَاةً مِنْ شِيَاهِي ) أَوْ مِنْ غَنَمِي ( أَوْ ) مِنْ ( مَالِي أَجْزَأَتْ ) شَاةٌ ( مَعِيبَةٌ وَمَرِيضَةٌ مَعْزًا وَضَأْنًا وَلَوْ ذَكَرًا ) وَصَغِيرَ الْجُثَّةِ لِصِدْقِ اسْمِهَا بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ كَالْإِنْسَانِ ، وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ ، وَلِهَذَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الذَّكَرِ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ ، وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الذَّكَرَ لَا يَدْخُلُ هُنَا لِلْعُرْفِ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ بَاقِيهِمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، قَالَ : وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ بِأَنَّ الشَّاةَ ثَمَّ مَحْمُولَةٌ عَلَى اللُّغَةِ ، وَهُنَا عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، وَإِنَّمَا جَوَّزُوا الْمَعِيبَ هُنَا وَإِنْ اقْتَضَى الْإِطْلَاقُ السَّلَامَةَ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا زِيَادَةَ فِيهَا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا - بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا ( لَا سَخْلَةً وَعَنَاقًا ) لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ بِهِمَا لِصِغَرِ سِنِّهِمَا ، كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ ، لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَالْغَزَالِيُّ عَنْهُمْ خَلَا الصَّيْدَلَانِيَّ إجْزَاءَهُمَا ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ .
وَالسَّخْلَةُ .
وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً ، وَالْعَنَاقُ : الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ كَذَلِكَ ، وَكَالْعَنَاقِ الْجَدْيُ كَمَا شَمِلَتْهُ السَّخْلَةُ ، وَلَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِهَا كَفَى عَنْ ذِكْرِ الْعَنَاقِ وَالْجَدْيِ ( وَفِي قَوْلِهِ ) أَعْطُوهُ شَاةً ( مِنْ مَالِي لَا تَتَعَيَّنُ ) الشَّاةُ ( فِي غَنَمِهِ ) فَيَجُوزُ إعْطَاؤُهَا عَلَى غَيْرِ صِفَةِ غَنَمِهِ ( بِخِلَافِ ) قَوْلِهِ : أَعْطُوهُ شَاةً ( مِنْ شِيَاهِي ) أَوْ مِنْ غَنَمِي يَتَعَيَّنُ الشَّاةُ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِهَا ( فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ) فِي هَذِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ ( شَاةٌ بَطَلَتْ ) وَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ

مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ مَالِي وَلَا شِيَاهَ لَهُ فَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بَلْ يُشْتَرَى لَهُ مِنْ مَالِهِ شَاةٌ .
( وَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ : وَإِنْ ( قَالَ اشْتَرَوْا لَهُ شَاةً تَعَيَّنَتْ سَلِيمَةً ) لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ ( بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ ) شَاةً لَا تَتَعَيَّنُ السَّلِيمَةُ لِمَا مَرَّ ( وَإِنْ قَالَ ) : أَعْطُوهُ شَاةً ( يَحْلِبُهَا ) أَوْ يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا ( تَعَيَّنَتْ أُنْثَى ) مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ ( أَوْ يُنْزِيهَا ) عَلَى غَنَمِهِ ( تَعَيَّنَ كَبْشٌ أَوْ تَيْسٌ ) وَالنَّعْجَةُ تُقَالُ ( لِلْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْكَبْشُ لِلذَّكَرِ مِنْهَا وَالتَّيْسُ لِلذَّكَرِ مِنْ الْمَعْزِ ) تَخْصِيصُ الْكَبْشِ بِكَوْنِهِ مِنْ الضَّأْنِ وَالتَّيْسِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمَعْزِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ كَالْإِسْنَوِيِّ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ .
( فَرْعٌ : لَوْ قَالَ ) : أَعْطُوهُ ( شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ أُعْطِيَ مِنْهَا ) وَاحِدَةً ( لِأَنَّهَا تُسَمَّى شِيَاهَ الْبَرِّ ) وَهَذَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ الْأَصْحَاب ، لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : إنَّهُ الْأَصَحُّ ( وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ النَّاقَةَ وَالْجَمَلَ الْبَخَاتِيَّ وَالْعِرَابَ وَالْمَعِيبَ ) وَالسَّلِيمَ لِصِدْقِ اسْمِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا ، فَقَدْ سُمِعَ مِنْ الْعَرَبِ : حَلَبَ فُلَانٌ بَعِيرَهُ ، وَصَرَعَتْنِي بَعِيرِي ، وَالنَّاقَةُ لَا تَشْمَلُ الْجَمَلَ وَبِالْعَكْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .

( قَوْلُهُ : وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ ) لَا لِلتَّأْنِيثِ كَحَمَامٍ وَحَمَامَةٍ ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ : لَفْظُ الشَّاةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ ، وَلِهَذَا حُمِلَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ ، } قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي ( كِتَابِ الْأَعْدَادِ ) : وَإِنَّمَا أَفْرَدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الضَّأْنَ عَنْ الْمَعْزِ فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ وَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَجَعَلَهُمَا نَوْعَيْنِ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ وَالضَّحَايَا ، وَذَكَرَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ قِسْمًا وَاحِدًا ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا يَتَنَاتَجُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغَنَمُ ؛ ؛ لِأَنَّ الضَّأْنَ لَا يَطْرُقُ الْمَعْزَ ، وَالْمَعْزَ لَا يَطْرُقُ الضَّأْنَ ، فَجَرَى مَجْرَى الْجِنْسِ فِي النَّتَاجِ ؛ فَلِذَلِكَ قَسَمَهُمَا قِسْمَيْنِ .
ا هـ .
وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ : مَعْزًا وَضَأْنًا أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُمَا ، فَلَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ إعْطَاءَهُ أَرْنَبًا أَوْ ظَبْيًا لَمْ يُمَكَّنْ ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ قَبُولُهُ وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ شَاةٍ ، كَمَا ذَكَر ابْنُ عُصْفُورٍ أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ وَالنَّعَامِ وَحُمُرِ الْوَحْشِ ، وَسَبَبُهُ تَخْصِيصُ الْعُرْفِ بِالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا ) كَالزَّكَاةِ وَالْبَيْعِ ( قَوْلُهُ : وَالسَّخْلَةُ وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ إلَخْ ) قَالَ بَعْضُهُمْ : السَّخْلَةُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، ، وَالْعَنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهَا سَنَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا ) عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ جَرَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ فِي سَائِرِ صُوَرِ الشِّرَاءِ ( قَوْلُهُ : أَوْ يُنْزِيهَا تَعَيَّنَ كَبْشٌ إلَخْ ) أَوْ يُنْتَفَعُ بِصُوفِهَا فَضَائِنَةٌ ، أَوْ شَعْرِهَا فَعَنْزٌ ، وَهَكَذَا كُلُّ

وَصِيَّةٍ تَحْتَمِلُ أَشْيَاءَ إذَا اقْتَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِهَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ .
غ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ ) لَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَغَتْ شَمِلَ مَا إذَا كَانَ لَهُ ظِبَاءٌ ، وَهُوَ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الظِّبَاءَ قَدْ يُقَالُ لَهَا شِيَاهُ الْبِرِّ وَلَمْ يُقَلْ لَهَا غَنَمُ الْبَرِّ ( قَوْلُهُ : وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ النَّاقَةَ ) وَلَا يَشْمَلُ الْفَصِيلَ .

( فَرْعٌ : يَخْتَصُّ اسْمُ الثَّوْرِ بِالذَّكَرِ ) لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ لُغَةً وَعُرْفًا ( وَ ) اسْمُ ( الْبَقَرَةِ وَالْبَغْلَةِ بِالْأُنْثَى ) لِذَلِكَ ، وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ : إنَّ الْبَقَرَةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا ( وَ ) اسْمُ ( عَشْرِ بَقَرَاتٍ وَ ) عَشْرِ ( أَيْنُقٍ ) بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى النُّونِ ( بِالْإِنَاثِ ) بِنَاءً عَلَى اخْتِصَاصِ الْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ بِالْأُنْثَى ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالْبَقَرَاتِ وَالْأَيْنُقِ بَيْنَ تَعْبِيرِهِ بِعَشْرِ وَبِعَشَرَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَذَكْرُ الْعَشْرِ مِثَالٌ ( وَعَشْرٌ ) أَوْ عَشَرَةٌ ( مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمِ ) شَامِلٌ ( لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ، وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لِلذَّكَرِ ) لِأَنَّهُمْ مَيَّزُوا فَقَالُوا : كَلْبٌ وَكَلْبَةٌ وَحِمَارٌ وَحِمَارَةٌ ( وَيَدْخُلُ الْجَوَامِيسُ فِي اسْمِ الْبَقَرَةِ ) كَمَا يُكَمَّلُ بِهَا نُصُبُهَا ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَحْشُ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ غَيْرُهُ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاةِ .
انْتَهَى .
وَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ قَدْ يُشْكِلُ بِحِنْثِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِأَكْلِهِ لَحْمَ بَقَرٍ وَحْشِيٍّ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ ، وَمَا هُنَاكَ إنَّمَا يُبْنَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَضْطَرِبْ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبٌ ( وَاسْمُ الدَّابَّةِ يَتَنَاوَلُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ حَتَّى الذَّكَرَ وَالْمَعِيبَ وَالصَّغِيرَ ) فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ لِاشْتِهَارِهَا فِي ذَلِكَ عُرْفًا ، وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً لِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ ، وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَغْلَبُ مَا يُرْكَبُ ، قَالَ تَعَالَى { : وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا } وَالْمُرَادُ بِالْحِمَارِ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ ، هَذَا إنْ أُطْلِقَ ( فَإِنْ قَالَ ) : أَعْطُوهُ دَابَّةً ( لِيُقَاتِلَ ) أَوْ يَكُرَّ أَوْ يَفِرَّ ( عَلَيْهَا خَرَجَ ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (

غَيْرُ الْفَرَسِ ) فَيَتَعَيَّنُ الْفَرَسُ ( أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا خَرَجَ ) مِنْهَا ( الْبَغْلُ ، أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَرَجَ ) مِنْهَا ( الْفَرَسُ لَا بِرْذَوْنٌ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ ) فَلَا يَخْرُجُ ( أَوْ ) قَالَ : أَعْطُوهُ ( دَابَّةً لِظَهْرِهَا وَدَرِّهَا تَعَيَّنَتْ الْفَرَسُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَعْتَادُونَ شُرْبَ أَلْبَانِ الْخَيْلِ وَإِلَّا فَلَا ، فَتَتَعَيَّنُ الْبَقَرَةُ ، قُلْتُ : أَوْ النَّاقَةُ ( وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ ؛ إذْ قَالَ ) أَعْطُوهُ ( دَابَّةً لِلْحَمْلِ ) عَلَيْهَا ( دَخَلَ ) فِيهَا ( الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا ) وَأَمَّا الرَّافِعِيُّ فَضَعَّفَهُ بِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا الدَّابَّةَ عَلَى - - الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ لَا يَنْتَظِمُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِهَا بِقَيْدٍ أَوْ صِفَةٍ ( فَلَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي وَمَعَهُ دَابَّةٌ مِنْ جِنْسٍ ) مِنْ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ ( تَعَيَّنَتْ ، أَوْ دَابَّتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ ) مِنْهَا ( يُخَيَّرُ الْوَارِثُ ) بَيْنَهُمَا ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ) مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِهِ ( بَطَلَتْ ) وَصِيَّتُهُ ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ لَا بِيَوْمٍ الْوَصِيَّةِ ، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّعَمِ أَوْ نَحْوِهَا فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصِّحَّةُ ، وَيُعْطَى مِنْهَا لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ظِبَاءٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا كَمَا مَرَّ ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ .

( قَوْلُهُ : وَالْبَقَرَةُ وَالْبَغْلَةُ بِالْأُنْثَى ) لَا تَشْمَلُ الْبَقَرَةُ الْعِجْلَةَ وَلَا الثَّوْرُ الْعِجْلَ ( قَوْلُهُ : فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاةِ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : وَالْمَعِيبَ وَالصَّغِيرَ ) لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مَا لَا يُمْكِنُ رُكُوبُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَابَّةً أَيْ عُرْفًا ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إلَخْ ) عِبَارَتِهِ إذَا قَالَ : دَابَّةً يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْطَى فَرَسًا بَلْ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَشْرَبُ أَلْبَانَ الْخَيْلِ كَالتُّرْكِ ، وَهَذَا يَنْقَدِحُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا قَالَ : مِنْ دَوَابِّي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : دَخَلَ الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : بَلْ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إذَا قَالَ مِنْ دَوَابِّي لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ وَدَلَالَةِ الْعُرْفِ وَصِدْقِ اللُّغَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ .
ا هـ .
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : إذَا قَالَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَقَدْ اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الدَّابَّةِ مَا صَرَفَهُ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ خُصَّ بِالْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ الرُّكُوبُ إلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْحَمْلُ الْمَنْطُوقُ بِهِ فَيُنَزَّلُ عَلَى مَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ إمَّا عَامًّا كَالْإِبِلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ، أَوْ خَاصًّا كَالْبَقَرِ ، وَالْخَيْلِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ ( قَوْلُهُ : فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصِّحَّةُ إلَخْ ) جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ ( قَوْلُهُ : وَيُعْطَى مِنْهَا لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ ، قَالَ : وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْوَلَدِ عَلَيْهِمْ مَجَازًا لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْمَجَازُ بِمُقْتَضَى الْوَاقِعِ .

( وَالرَّقِيقُ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالْمَعِيبِ ) وَالسَّلِيمِ ( وَالصَّغِيرِ ) وَالْكَبِيرِ ( وَالْكَافِرِ ) وَالْمُسْلِمِ لِصِدْقِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ وَبِالْعَكْسِ كَمَا سَيَأْتِي ( فَإِنْ قَالَ ) : أَعْطُوهُ رَقِيقًا ( لِيُقَاتِلَ أَوْ لِيَخْدُمَهُ فِي السَّفَرِ أُعْطِيَ ذَكَرًا ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَصْلُحُ لِذَلِكَ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْأُولَى : وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا سَلِيمًا مِنْ الزَّمَانَةِ وَالْعَمَى وَنَحْوِهِمَا ، وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مِمَّا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الْخِدْمَةُ ، قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ رَقِيقًا يَخْدُمُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ ، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لَا مُطْلَقًا ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( أَوْ لِيَحْضُنَ وَلَدَهُ ) أَوْ لِيَتَمَتَّعَ بِهِ ( فَأُنْثَى ) ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَصْلُحُ لِلْحَضَانَةِ غَالِبًا وَلِلتَّمَتُّعِ .
( وَلَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي أَوْ ) مِنْ ( غَنَمِي أَوْ مِنْ حُبْشَانِ عَبِيدِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ أُعْطِيَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) لَهُ ( شَيْءٌ ) مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ الْمَوْتِ ( بَطَلَتْ ) وَصِيَّتُهُ ( فَلَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ اسْتَحَقَّ ) الْمُوصَى لَهُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ ( وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مِنْ غَيْر أَرِقَّائِهِ وَإِنْ تَرَاضَيَا ؛ لِأَنَّهُ صَلُحَ عَلَى ) الْوَجْهِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ عَنْ ( مَجْهُولٍ ) وَهُوَ بَاطِلٌ .
( فَرْعٌ ) : لَوْ ( أَوْصَى بِأَحَدِ عَبِيدِهِ فَقُتِلُوا ) وَلَوْ قَتْلًا مُضَمَّنًا أَوْ مَاتُوا ( أَوْ أَعْتَقَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ ) وَصِيَّتُهُ إذْ لَا عَبِيدَ لَهُ يَوْمَ الْمَوْتِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُمْ ( أَوْ ) قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا أَوْ أَعْتَقَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ ( إلَّا وَاحِدًا ) مِنْهُمْ ( تَعَيَّنَ ) لِلْوَصِيَّةِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِهِ ، وَلِأَنَّهُ

الْمَوْجُودُ ، وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ فَلَمْ يَبْقَ سِوَاهُ ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُمْسِكَ الَّذِي بَقِيَ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ مَقْتُولٍ ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوصِيَ بِأَحَدِ عَبِيدِهِ الْمَوْجُودِينَ ، فَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا إلَّا وَاحِدًا لَمْ يَتَعَيَّنْ حَتَّى لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ الْحَادِثِ ( وَإِنْ قُتِلُوا بَعْدَ الْمَوْتِ ) قَتْلًا مُضَمَّنًا ( وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِي الْقِيمَةِ ) فَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ بَعْدَ الْقَبُولِ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ تَخَيَّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ دَفْعِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ أَحَدِ الْمَقْتُولِينَ ( فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ أَوْ قُتِلَ ) قَتْلًا وَلَوْ غَيْرَ مُضَمَّنٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ ( فَلِلْوَارِثِ تَعْيِينُهُ لِلْوَصِيَّةِ وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ ( تَجْهِيزُهُ إنْ قَبِلَ ) وَتَكُونُ الْقِيمَةُ لَهُ فِي صُورَةِ الْقَتْلِ الْمُضَمَّنِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَصِيَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبُولِ .
( فَرْعٌ ) : لَوْ ( قَالَ : أَعْطُوهُ رَقِيقًا أَوْ رَقِيقًا مِنْ مَالِي لَمْ يَتَعَيَّنْ ) إعْطَاؤُهُ ( مِنْ أَرِقَّائِهِ ، وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ فَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ لَمْ يُعْطَ أَمَةً وَلَا خُنْثَى وَكَذَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ أَوْ خُنْثَى لَمْ يُعْطَ عَبْدًا وَلَا يُعْطَى خُنْثَى فِي الْأُولَى ، وَلَا أُنْثَى فِي الثَّانِيَةِ .

( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ صَلَحَ عَلَى مَجْهُولٍ ) " عَلَى " فِيهِ بِمَعْنَى " عَنْ " كَمَا فِي قَوْلِهِ : إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ ( قَوْلُهُ : قَتْلًا مُضَمَّنًا ) أَمَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ غَيْرَ مُضَمَّنٍ كَأَنْ قَتَلَهُمْ حَرْبِيٌّ أَوْ سَبُعٌ فَهُوَ كَالْمَوْتِ ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ : فَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ بَعْدَ الْقَبُولِ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إلَخْ ) وَفِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ قِيمَةَ أَقَلِّهِمْ ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ ، نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ طِفْلٌ أَوْ نَحْوُهُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ غ .
( قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ تَجْهِيزُهُ شَمِلَ مَا لَوْ عَيَّنَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ تَحْتَ يَدِهِ .

( فَصْلٌ ) : لَوْ ( أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ ) تَطَوُّعًا ( أَجْزَأَهُ ) إعْتَاقُ ( مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ ) كَمَا لَوْ قَالَ : أَعْطُوا فُلَانًا رَقِيقًا ( وَإِنْ أَوْصَى ) شَخْصًا ( أَنْ يَشْتَرِيَ بِثُلُثِهِ عَبْدًا وَيَعْتِقَهُ ) عَنْهُ ( فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ ) أَيْ الثُّلُثَ ( وَأَعْتَقَهُ ) عَنْهُ ( ثُمَّ ظَهَرَ ) عَلَيْهِ ( دَيْنٌ ) وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ ( بَطَلَ الشِّرَاءُ وَالْعِتْقُ ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَأَشْبَهَ التَّصَرُّفَ فِي الْمَرْهُونِ ( وَإِنْ اشْتَرَا ) هـ ( فِي ذِمَّتِهِ وَقَعَ ) الشِّرَاءُ ( عَنْهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ اعْتَمَدَ ذِمَّتَهُ فَوَقَعَ عَنْهُ ( وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَيِّتِ ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْهُ ( وَإِنْ قَالَ : أَعْتِقُوا ) عَنِّي ( ثُلُثِي رِقَابًا ) أَوْ اشْتَرُوا بِثُلُثِي رِقَابًا وَأَعْتِقُوهُمْ ( فَأَقَلُّهُ ) أَيْ أَقَلُّ عَدَدٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الرِّقَابِ ( ثَلَاثٌ ) ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ ، فَإِنْ وَفَّى الثُّلُثُ بِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ فُعِلَ ( وَالِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى ) مِنْ الِاسْتِقْلَالِ مَعَ الِاسْتِغْلَاءِ ، فَإِعْتَاقُ خَمْسِ رِقَابٍ مَثَلًا قَلِيلَةِ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ إعْتَاقِ أَرْبَعٍ مَثَلًا كَثِيرَةِ الْقِيمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ رَقَبَةٍ زَائِدَةٍ عَنْ الرِّقِّ ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ } وَلَا يَصْرِفُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إلَى رَقَبَتَيْنِ ( فَإِنْ صَرَفَهُ فِي اثْنَتَيْنِ غَرِمَ ثَالِثَةً ) بِأَقَلَّ مَا يَجِدُ بِهِ رَقَبَةً لَا بِثُلُثِ مَا نُفِّذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ كَمَا فِي دَفْعِ نَصِيبِ أَحَدِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ إلَى اثْنَيْنِ ( فَلَوْ لَمْ يَفِ إلَّا بِرَقَبَتَيْنِ وَشِقْصٍ ) مِنْ رَقَبَةٍ ( أَخَذَ ) رَقَبَتَيْنِ ( نَفِيسَتَيْنِ ) يَسْتَغْرِقُ ثَمَنُهُمَا الثُّلُثَ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا رَقَبَتَيْنِ وَشِقْصًا ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ : اشْتَرُوا بِثُلُثِي رَقَبَةً

وَأَعْتِقُوهَا فَلَمْ يَجِدْ بِهِ رَقَبَةً لَا يَشْتَرِي شِقْصًا ، وَلِأَنَّ نَفَاسَةَ الرَّقَبَةِ مَرْغُوبٌ فِيهَا وَقَدْ { سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَفْضَلِ الرِّقَابِ فَقَالَ : أَكْثَرُهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ .
وَعُورِضَ بِالْخَبَرِ السَّابِقِ ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ ذَاكَ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَ عَدَدُ الْخَسِيسِ وَالنَّفِيسِ ، وَهَذَا عَلَى مَا إذَا اتَّحَدَ ، أَوْ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى مَا إذَا تَيَسَّرَ تَكْمِيلُ الرِّقَابِ الْمُسْتَكْثِرَةِ ، وَهَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ .
( فَإِنْ فَضَلَ ) عَنْ أَنْفُسِ رَقَبَتَيْنِ وُجِدَتَا ( شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ ) لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِيهِ حِينَئِذٍ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي امْتِنَاعِ شِرَاءِ الشِّقْصِ بَيْنَ كَوْنِ بَاقِيهِ حُرًّا وَ كَوْنِهِ رَقِيقًا ، وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ ( وَإِنْ قَالَ : اصْرِفُوهُ ) أَيْ ثُلُثِي ( إلَى الْعِتْقِ اشْتَرَى الشِّقْصَ ) لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ صَرْفُ الثُّلُثِ إلَى الْعِتْقِ ، وَقَضِيَّةَ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَشْتَرِي الشِّقْصَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْمِيلِ ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ : يُشْتَرَى شِقْصٌ لَكِنْ التَّكْمِيلُ أَوْلَى إذَا أَمْكَنَ ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ وَالْبَارِزِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّكْمِيلِ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ : إنَّهُ الْأَقْرَبُ ، قُلْتُ بَلْ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ( وَإِنْ قَالَ : أَعْتِقُوا ) عَنِّي ( عَبْدًا ) تَأْخُذُونَهُ ( بِمِائَتَيْنِ وَالثُّلُثُ مِائَةٌ ) وَأَمْكَنَ أَخْذُنَا عَبْدًا بِهَا ( أَخَذْنَا بِهَا عَبْدًا ) وَأَعْتَقْنَاهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَخْرُجْ جَمِيعُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَتَعَيَّنُ إعْتَاقُ الْقَدْرِ الَّذِي يَخْرُجُ .

( قَوْلُهُ : لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ تَطَوُّعَا ) خَرَجَ بِهِ الْعِتْقُ الْوَاجِبُ عَنْ الْكَفَّارَةِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْهُ ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ هُنَا صَرَّحَ بِعِتْقِهِ عَنْ الْمَيِّتِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ عِتْقِهِ عَنْ الْمُبَاشِرِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِهِ عَنْ الْمَيِّتِ ( قَوْلُهُ : وَالِاسْتِكْثَارُ مَعَ الِاسْتِرْخَاصِ أَوْلَى ) وَشِرَاءُ الرَّقَبَةِ الْمَضْرُورَةِ الْمُضَيَّقِ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْ الْمُرَفَّهَةِ عِنْدَ أَهْلِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَالِغَ أَوْلَى مِنْ الصَّغِيرِ ، وَأَنَّ الذَّكَرَ أَوْلَى مِنْ الْأُنْثَى قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ ) وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ أَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ فَلَا فَرْقَ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ ) سِيَاقُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِيمَا يَفْضُلُ عَنْ الرِّقَابِ الْكَوَامِلِ ( قَوْلُهُ : وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ : إنَّهُ الْأَقْرَبُ ) إذْ الشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ إلَى التَّخْلِيصِ مِنْ الرِّقِّ ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّشْقِيصُ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا عِنْدَ عَجْزِ الثُّلُثِ عَنْ التَّكْمِيلِ .

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى لَهُ : فَإِنْ أَوْصَى لِحَمْلِ هِنْدٍ ) بِكَذَا ( فَوَلَدَتْ ) وَلَدَيْنِ حَيَّيْنِ وَلَوْ ( ذَكَرًا وَأُنْثَى ) وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَبَيْنَهُمَا أَقُلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ( اسْتَوَيَا ) كَمَا لَوْ وَهَبَ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى شَيْئًا ، وَإِنَّمَا التَّفْضِيلُ فِي التَّوْرِيثِ بِالْعُصُوبَةِ ( أَوْ ) وَلَدَتْ ( حَيًّا وَمَيِّتًا فَلِلْحَيِّ ) مِنْهُمَا الْكُلُّ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْمَعْدُومِ بِدَلِيلِ الْبُطْلَانِ بِانْفِصَالِهِمَا مَيِّتَيْنِ ( فَإِنْ قَالَ : إنْ كَانَ حَمْلُهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا ذَكَرًا فَلَهُ كَذَا أَوْ أُنْثَى فَكَذَا ، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى ) جَمِيعًا ( فَلَا شَيْءَ لَهُمَا ) لِأَنَّ حَمْلَهَا جَمِيعَهُ لَيْسَ بِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى ( وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ قُسِّمَ ) الْمُوصَى بِهِ ( بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ قَالَ : إنْ كَانَ ) حَمْلُهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا ( ابْنًا فَلَهُ كَذَا ) أَوْ بِنْتًا فَكَذَا ( فَوَلَدَتْ ابْنَيْنِ ) أَوْ بِنْتَيْنِ ( فَلَا شَيْءَ لَهُمَا ) وَإِنَّمَا لَمْ يُقَسَّمْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا ( لِأَنَّ الذَّكَرَ ) وَالْأُنْثَى ( لِلْجِنْسِ ) فَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْعَدَدِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْبِنْت ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَلَيْسَ الْفَرْقُ بِوَاضِحٍ ، وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ ، وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ : بَلْ الْفَرْقُ وَاضِحٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ، وَفِيمَا قَالَهُ مِنْ وُضُوحٍ الْفَرْقِ نَظَرٌ .
( وَإِنْ قَالَ : إنْ وَلَدَتْ غُلَامًا أَوْ إنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ ) غُلَامٌ ( أَوْ إنْ كُنْتِ حَامِلًا بِغُلَامٍ فَلَهُ كَذَا ، أَوْ أُنْثَى فَكَذَا ، فَوَلَدَتْهُمَا أُعْطِيَاهُ ) أَيْ أُعْطِيَ كُلُّ مِنْهُمَا مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ ( وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ ) وَلَوْ مَعَ أُنْثَيَيْنِ ( أَعْطَى الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ ) وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِمُبْهَمٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى أُعْطِيَ الْأَقَلَّ ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَالْقِيَاسُ أَنَّا نُوقِفُ لَهُ تَمَامَ مَا جُعِلَ لِلذَّكَرِ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الذَّكَرِ بِالْآخَرِ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ قَالَ : إنْ وَلَدَتْ غُلَامًا فَلَهُ كَذَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً اسْتَحَقَّهُ الْغُلَامُ أَوْ غُلَامَيْنِ أَعْطَى الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ ) أَيْ أَوْ أُنْثَيَيْنِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ أُعْطِيَ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَوْصَى لِحَمْلِهَا أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا وَأَتَتْ بِذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ حَيْثُ يُقَسَّمُ أَنَّ حَمْلَهَا مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ وَ ( مَا ) عَامَّةٌ بِخِلَافِ النَّكِرَةِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهَا لِلتَّوْحِيدِ ( قَوْلُهُ : كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ الشَّخْصَيْنِ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ ) أَيْ بِلَفْظِ أَعْطُوا أَحَدَ الشَّخْصَيْنِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْهَامُ الْمُوصَى لَهُ إلَّا بِصِيغَةِ أَعْطُوا الْعَبْدَ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ فَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ هُنَا عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَالْقِيَاسُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ صُرِفَ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ) مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ لِخَبَرِ : { حَقُّ الْجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ قُدَّامًا وَخَلْفًا وَيَمِينًا وَشِمَالًا .
} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مُرْسَلًا ، وَلَهُ طُرُقٌ تُقَوِّيهِ ، فَيُصْرِفُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِ وَالْغَنِيِّ وَضِدِّهِمَا ( عَلَى عَدَدِ الدُّورِ لَا ) عَلَى عَدَدِ ( السُّكَّانِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ - وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَسَّمَ حِصَّةُ كُلِّ دَارٍ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ اسْتِيعَابِ الدُّورِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ ، وَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّ غَايَةَ الْجِوَارِ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ ، وَكَلَامُ الْبَيَانِ يُعَضِّدُهُ ، وَعَلَيْهِ يَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ .
انْتَهَى .
وَالْمُتَّجَهُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي جَارِ الدَّارِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى لِجِيرَانِ الْمَسْجِدِ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ ، وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي خَبَرِ { لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ } أَنَّ جَارَ الْمَسْجِدِ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ .
انْتَهَى .
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ ، وَمَا فِي الْخَبَرِ خَاصُّ بِحُكْمِ الصَّلَاةِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُوصِي دَارَانِ صُرِفَ إلَى جِيرَانِ أَكْثَرِهِمَا سُكْنَى لَهُ ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَإِلَى جِيرَانِهِمَا ، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ : وَيَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إلَى جِيرَانِ مَنْ كَانَ فِيهَا الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ ، وَاقْتَصَرَ الثَّانِي عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ .

( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ إلَخْ ) لَوْ رَدَّ بَعْضُ الْجِيرَانِ فَهَلْ يَرُدَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ ؟ أَوْ يَكُونُ الْمَرْدُودُ لِلْوَرَثَةِ ؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : إنْ أَوْجَبْنَا الِاسْتِيعَابَ كَانَ لِلْوَرَثَةِ وَإِلَّا فَلِبَقِيَّةِ الْجِيرَانِ .
غ وَقَوْلُهُ : فَهَلْ يَرُدَّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : صُرِفَ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا ) قَالَ الكوهكيلوني : لَا اعْتِبَارَ بِدَارٍ لَا سَاكِنَ بِهَا .
ا هـ .
الْعِبْرَةُ فِي الْجِوَارِ بِمِلْكِ الدَّارِ أَوْ بِالسُّكْنَى ؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي دَارٍ لِشَخْصٍ سَكَنَهَا غَيْرُهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ ، أَمَّا لَوْ سَكَنَهَا غَصْبًا فَلَا يَسْتَحِقُّ قَطْعًا ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْجِوَارِ حَالَةُ الْمَوْتِ ، وَقَوْلُهُ : أَوْ بِالسُّكْنَى أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ : وَعَدَدُ الدُّورِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ دَارًا .
ا هـ .
وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ دَارُ الْمُوصِي كَبِيرَةً فِي التَّرْبِيعِ فَيُسَامِتُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَكْثَرُ مِنْ دَارٍ لِصِغَرِ الْمُسَامِتِ لَهَا أَوْ يُسَامِتُهَا دَارَانِ ، وَقَدْ يَكُونُ لِدَارِهِ جِيرَانٌ فَوْقَهَا وَجِيرَانٌ تَحْتَهَا ( قَوْلُهُ : قَالَ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( أَوْ ) أَوْصَى ( لِلْقُرَّاءِ فَحَفَظَةِ الْقُرْآنِ ) يُصْرَفُ إلَيْهِمْ ( لَا ) إلَى حَفَظَةِ بَعْضِهِ وَلَا إلَى ( مَنْ قَرَأَ بِالْمَصَاحِفِ بِلَا حِفْظٍ ) لِلْعُرْفِ ( أَوْ ) أَوْصَى ( لِلْعُلَمَاءِ أَوْ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فَأَهْلُ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ الْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ ) يُصْرَفُ إلَيْهِمْ ( إنْ عَلِمَ ) أَهْلُ الْحَدِيثِ ( طُرُقَهُ وَمَتْنَهُ وَأَسْمَاءَ رِجَالِهِ ) وَالْمُرَادُ بِالْفَقِيهِ مَنْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ ، وَبِأَهْلِ التَّفْسِيرِ مَنْ يَعْرِفُ مَعَانِيَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَمَا أُرِيدَ بِهِ ( لَا الْمُعْرِبُونَ وَالْأُدَبَاءُ ) وَالْأَطِبَّاءُ وَالْمُنَجِّمُونَ وَالْمُعَبِّرُونَ وَالْحُسَّابُ وَالْمُهَنْدِسُونَ ( وَلَا الْمُتَكَلِّمُونَ ) وَلَا سُمَّاعُ الْحَدِيث الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِمَا مَرَّ ، وَذَلِكَ لِاشْتِهَارِ الْعُرْفِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ دُونَ غَيْرِهِمْ ، نَعَمْ اسْتَدْرَكَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْعِلْمُ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ وَلِيُمَيِّزَ بَيْنَ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ فَذَاكَ مِنْ أَجْلِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَقَدْ جَعَلُوهُ فِي كِتَابِ السَّيْرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّوَغُّلُ فِي شُبَهِهِ وَالْخَوْضُ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْفَلْسَفَةِ فَلَا ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ .
وَلِهَذَا قَالَ : لَأَنْ يَلْقَى الْعَبْدُ رَبَّهُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ .
قَالَ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ : وَالْمُرَادُ بِالْمُقْرِئِ التَّالِي ، أَمَّا الْعَالِمُ بِالرِّوَايَاتِ وَرِجَالِهَا فَكَالْعَالِمِ بِطُرُقِ الْحَدِيثِ ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيّ بَعْدَ أَنْ رَدَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ بِأَنَّ عِلْمَ الْقِرَاءَاتِ يَتَعَلَّقُ بِالْأَلْفَاظِ دُونَ الْمَعَانِي فَالْعَارِفُ بِهِ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعُلَمَاءِ ، وَبِأَنَّ التَّالِيَ قَارِئٌ لَا مُقْرِئٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَالْمُرَادُ بِالْأُدَبَاءِ النُّحَاةُ

وَاللُّغَوِيُّونَ ، وَقَدْ عَدَّ الزَّمَخْشَرِيّ الْأَدَبَ اثْنَيْ عَشَرَ عِلْمًا ( وَوَصْفُ الْفُقَهَاءِ ) وَالْمُتَفَقِّهَةِ ( وَالصُّوفِيَّةِ سَبَقَ ) بَيَانُهُ ( فِي الْوَقْفِ ، وَأَعْقَلُ النَّاسِ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا ) وَكَذَا أَكْيَسُ النَّاسِ ، قَالَهُ الْقَاضِي ( وَأَجْهَلُهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ ، فَإِنْ قَالَ ) : أَوْصَيْتُ لِأَجْهَلِهِمْ ( مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ ) أَيْ فَيُصْرَفُ إلَى مَنْ ( يَسُبُّ الصَّحَابَةَ ) وَقِيلَ : إلَى الْإِمَامِيَّةِ وَالْمُجَسِّمَةِ ، وَقِيلَ : إلَى مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُمْ إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْجِهَةِ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ .
وَقَدْ تَفَطَّنَ لِذَلِكَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فَقَالَ : وَيَنْبَغِي عَدَمُ صِحَّتِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَعْصِيَةِ كَمَا لَا تَصِحُّ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَبْخَلِ النَّاسِ قَالَ الْبَغَوِيّ : صُرِفَ إلَى مَانِعِ الزَّكَاةِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي هَذَا احْتِمَالًا ثُمَّ قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصْرَفَ إلَى مَنْ لَا يَقْرِي الضَّيْفَ ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَحْمَقِ النَّاسِ قَالَ الرُّويَانِيُّ : قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : تُصْرَفُ إلَى مَنْ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : عِنْدِي أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَسْفَهِ النَّاسِ ؛ لِأَنَّ الْحُمْقَ يَرْجِعُ إلَى الْفِعْلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ ، وَعَنْ الْقَاضِي : لَوْ أَوْصَى لِسَيِّدِ النَّاسِ صُرِفَ إلَى الْخَلِيفَةِ ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَّلَهُ - بِأَنَّ سَيِّدَ النَّاسِ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِمْ وَالْمُطَاعُ فِيهِمْ ، قَالَ : وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ صُرِفَ إلَى الْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ .

( قَوْلُهُ : أَوْ لِلْقُرَّاءِ فَحَفَظَةُ الْقُرْآنِ ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ حَفِظَهُ وَكَانَ يَغْلَطُ فِيهِ الْغَلَطَاتِ الْيَسِيرَةَ يُعَدُّ مِنْهُمْ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ .
غ ( قَوْلُهُ : أَوْ لِلْعُلَمَاءِ ) وَكَانَ أَنْبِيَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى يَقُومُونَ عَلَيْهِمْ بِشَرِيعَةِ مُوسَى وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ كَعُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، فَحَدِيثُ { عُلَمَاءُ أُمَّتِي كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ } مَعْنَاهُ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ { الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ } ( قَوْلُهُ فَأَهْلُ عُلُومِ الشَّرْعِ إلَخْ ) أَوْلَاهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ الْفُقَهَاءُ لِلْعُرْفِ فِيهِ حَتَّى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : لَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ صُرِفَ لِلْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ ( قَوْلُهُ : وَبِأَهْلِ التَّفْسِيرِ مَنْ يَعْرِفُ إلَخْ ) أَمَّا مَنْ عَرَفَ التَّفْسِيرَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَحْكَامَهُ فَلَا يُصْرَفُ لَهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ كَنَاقِلِ الْحَدِيثِ ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : الْفَقِيهُ مَنْ عَرَفَ أَحْكَامَ الشَّرْعِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ شَيْئًا ، وَالْمُرَادُ مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ دُونَ مَا إذَا عَرَفَ طَرَفًا مِنْهُ ، كَمَنْ يَعْرِفُ أَحْكَامَ الْحَيْضِ أَوْ الْفَرَائِضِ وَإِنْ سَمَّاهَا الشَّارِعُ نِصْفَ الْعِلْمِ ( قَوْلُهُ : وَمَا أُرِيدَ بِهِ مِنْ خَبَرٍ وَحُكْمٍ ) وَهُوَ بَحْرٌ لَا سَاحِلَ لَهُ وَكُلُّ عَالِمٍ يَأْخُذُ مِنْهُ عَلَى قَدْرِهِ ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ : قِسْمٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ ، وَقِسْمٍ يُدْرَكُ مِنْ دَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ بِوَاسِطَةِ عُلُومٍ أُخَرَ كَاللُّغَةِ وَغَيْرِهَا .
( وَقَوْلُهُ : فَالْعَارِفُ بِهِ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعُلَمَاءِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ عَدَّ الزَّمَخْشَرِيّ الْآدَابَ اثْنَيْ عَشْرَ عِلْمًا ) وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ : عِلْمُ اللُّغَةِ ، وَعِلْمُ الِاشْتِقَاقِ ، وَعِلْمُ التَّصْرِيفِ ، وَعِلْمُ النَّحْوِ ، وَعِلْمُ الْمَعَانِي ، وَعِلْمُ الْبَيَانِ ، وَعِلْمُ الْبَيْعِ ، وَعِلْمُ الْعَرُوضِ ، وَعِلْمُ الْقَوَافِي ، وَعِلْمُ قَرْضِ

الشِّعْرِ ، وَعِلْمُ إنْشَاءِ النَّثْرِ ، وَعِلْمُ الْخَطِّ ، وَعِلْمُ الْمُحَاضَرَاتِ ، وَمِنْهُ التَّوَارِيخُ ، وَعِلْمُ الْقِرَاءَاتِ ( قَوْلُهُ : وَوَصْفُ الْفُقَهَاءِ إلَخْ ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَنْ الْإِحْيَاءِ لِلْغَزَالِيِّ : لَوْ أَوْصَى بِمَالٍ لِلْفُقَهَاءِ دَخَلَ الْفَاضِلُ دُونَ الْمُبْتَدِئِ مِنْ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ ، وَلِلْمُتَوَسِّطِ بَيْنهُمَا دَرَجَاتٌ يَجْتَهِدُ الْمُفْتِي فِيهَا ، وَالْوَرَعُ لَهُ تَرْكُ الْأَخْذِ ، وَفِي فَوَائِدِ الرِّحْلَةِ لِابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الظَّاهِرِيَّةَ لَا يَسْتَحِقُّونَ مِنْ وَصِيَّةِ الْفُقَهَاءِ شَيْئًا ( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْقَاضِي ) قَالَ الْبَغَوِيّ : وَالزَّاهِدُ مَنْ لَا يَطْلُبُ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ ) قَالَ شَيْخُنَا : صُورَتُهُ أَنْ يُطْلِقَ الْوَصِيَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ جِهَةَ الْمَعْصِيَةِ فَهِيَ حَاصِلَةٌ بِاللَّازِمِ فَقَطْ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْبَغَوِيّ : صُرِفَ إلَى مَانِعِي الزَّكَاةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
قَوْلُهُ : وَإِنْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إلَخْ ) وَلَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ : لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا دُونَ الْأَلْفِ فَهَلْ نَقُولُ : يُرَاعَى الْعَدَدُ فَيُقَسَّطُ الْخَارِجُ عَلَى الْأَلْفِ ؟ أَوْ نَقُولُ : إعْطَاءُ الدِّرْهَمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَقْصُودٌ وَالْعَدَدُ إنَّمَا جَاءَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ ؟ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ ، وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمِلَةٌ ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُدْفَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي ، وَمَا فَضَلَ مِنْ شِقْصِ دِرْهَمٍ يُعْطَى لِشَخْصٍ .

( وَإِنْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَجَبَ لِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( النِّصْفُ ) فَلَا يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ( أَوْ لِأَحَدِهِمَا دَخَلَ ) فِيهِ ( الْآخَرُ ) فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمَا ( أَوْ لِلرِّقَابِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْنَافِ أَوْ لِلْعُلَمَاءِ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِيعَابُ بَلْ يُسْتَحَبُّ ) عِنْدَ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ إذَا فَرَّقَهَا الْمَالِكُ ( وَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ ) مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ، أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ ، وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ ( بِخِلَافِ بَنِي زَيْدٍ وَ ) بَنِي ( عَمْرٍو فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ اسْتِيعَابُهُمْ ) بِأَنْ يُقَسَّمَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ( وَإِنْ دَفَعَ لِاثْنَيْنِ غَرِمَ لِلثَّالِثِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ ) لِأَنَّهُ الَّذِي فَرَّطَ فِيهِ لَا الثُّلُثُ ( وَلَا يَصْرِفُهُ ) أَيْ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ لِلثَّالِثِ ( بَلْ يُسَلِّمُهُ لِلْقَاضِي لِيَصْرِفَهُ ) لَهُ بِنَفْسِهِ ( أَوْ يَرُدُّهُ ) الْقَاضِي ( إلَيْهِ لِيَدْفَعَهُ ) هُوَ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إذَا دَفَعَ لِاثْنَيْنِ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَى ثَلَاثَةٍ ، أَمَّا لَوْ ظَنَّ جَوَازَهُ لِجَهْلٍ أَوْ اعْتِقَادِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالدَّفْعِ لِثَالِثٍ ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ وَإِنْ أَخْطَأَ وَضَمَّنَّاهُ ، قَالَ : وَلَمْ يَذْكُرُوا الِاسْتِرْدَادَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمَا إذَا أَمْكَنَ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ إذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُعْسِرًا وَلَيْسَ كَالْمَالِكِ فِي دَفْعِ زَكَاتِهِ ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ مُتَبَرِّعٌ بِمَالِهِ ، وَالْوَصِيُّ هُنَا مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ .
( وَيَجُوزُ نَقْلُ الْمُوصَى بِهِ لِلْفُقَرَاءِ ) أَوْ الْمَسَاكِينِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ ( بِخِلَافِ الزَّكَاةِ ) لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ لَا تَمْتَدُّ إلَى الْوَصِيَّةِ امْتِدَادَهَا إلَى الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ ؛ إذْ الزَّكَاةُ مَطْمَحُ نَظَرِ الْفُقَرَاءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُوَظَّفَةٌ دَائِرَةٌ بِخِلَافِ

الْوَصِيَّةِ ، وَلِهَذَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهَا بِفُقَرَاءِ سَائِرِ الْبِلَادِ ( فَإِنْ رَقَّ الْمُكَاتَبُ ) بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ ( اُسْتُرِدَّ ) مِنْهُ ( الْمَالُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ سَيِّدِهِ .
فَرْعٌ ) لَوْ ( أَوْصَى لِفُقَرَاءِ بَلَدٍ ) بِعَيْنِهِ ( مَحْصُورِينَ اُشْتُرِطَ قَبُولٌ ) مِنْهُمْ ( وَاسْتِيعَابٌ ) لَهُمْ ( وَتَسْوِيَةٌ ) بَيْنَهُمْ لِتَعَيُّنِهِمْ ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِمُطْلَقِ الْفُقَرَاءِ ( أَوْ ) أَوْصَى ( لِسَبِيلِ الْبِرِّ أَوْ الْخَيْرِ ) أَوْ الثَّوَابِ ( فَكَمَا فِي الْوَقْفِ ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ، ثُمَّ ( فَإِنْ فَوَّضَ ) الْمُوصِي أَمْرَ الْوَصِيَّةِ ( إلَى الْوَصِيِّ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ رَأَيْتَ أَوْ فِيمَا أَرَاك اللَّهُ ( لَمْ يُعْطِ نَفْسَهُ ) وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا ، كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْبَيْعِ لَا يَبِيعُ لِنَفْسِهِ ( بَلْ أَقَارِبُ الْمُوصِي الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ ) مِنْهُ ( أَوْلَى ) بِالصَّرْفِ إلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ فِيهِمْ آكَدُ ( ثُمَّ ) الْأَوْلَى أَنْ يُصْرَفَ ( إلَى مَحَارِمِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ إلَى جِيرَانِهِ ) الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَمَّا أَقَارِبُهُ الَّذِينَ يَرِثُونَ مِنْهُ فَلَا يَصْرِفُ إلَيْهِمْ شَيْئًا وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إذْ لَا يُوصَى لَهُمْ عَادَةً ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ : وَيَمْتَنِعُ الصَّرْفُ إلَى عَبْدِ الْمُوصِي .

( قَوْلُهُ : أَوْ لِأَحَدِهِمَا دَخَلَ الْآخَرُ ) وَيَشْمَلُ الْفَقِيرُ الْمِسْكِينَ وَعَكْسُهُ ، الْمِسْكِينُ هُنَا غَيْرُ مِسْكِينِ الزَّكَاةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ هُنَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقَّ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِهِ ، فَالنَّظَرُ هُنَا إلَى الِاسْمِ فَقَطْ ، وَقِيلَ كَهُوَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيُشْبِهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ ظَاهِرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بَلْ أَقَارِبُ الْمُوصِي الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ أَوْلَى ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : هَذَا يُوهِمُ جَوَازَ الصَّرْفِ إلَى الْوَارِثِ ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى امْتِنَاعِهِ فَقَالَ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ وَارِثًا لِلْمَيِّتِ .
ا هـ .

( وَإِنْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ زَيْدٍ أَوْ رَحِمِهِ وَجَبَ اسْتِيعَابُهُمْ ) وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ ( إنْ انْحَصَرُوا ) لِتَعَيُّنِهِمْ ، فَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا فَكَالْوَصِيَّةِ لِلْعُلْوِيَّةِ وَسَيَأْتِي ( وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ) مِنْهُمْ ( إلَّا وَاحِدٌ أُعْطِيَ الْكُلَّ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ مَصْدَرٌ يُوصَفُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ ، وَعَلَّلَ الْإِمَامُ صُورَةَ الْجَمْعِ بِأَنَّ الْجَمْعَ لَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الصَّرْفُ إلَى جِهَةِ الْقَرَابَةِ ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : لَكِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ كَالْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ ( وَيَدْخُلُ ) فِي الْوَصِيَّةِ لِأَقَارِبِ زَيْدٍ أَوْ رَحِمِهِ ( الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ ، وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ ) وَالْمُسْلِمُ ( وَالْكَافِرُ ) وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى ، وَالْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ ؛ لِشُمُولِ الِاسْمِ لَهُمْ ( وَكَذَا ) يَدْخُلُ فِيهَا ( الْأَجْدَادُ ) وَالْجَدَّاتُ ( وَالْأَحْفَادُ كُلُّهُمْ لَا الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ عُرْفًا بِخِلَافِ مَنْ قَبْلَهُمْ ؛ إذْ قَرِيبُ الْإِنْسَانِ وَرَحِمُهُ مَنْ يَنْتَمِي إلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ ( وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلُ وَرَثَتُهُ ) بِقَرِينَةِ الشَّرْعِ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يُوصَى لَهُ عَادَةً ، وَقِيلَ : يَدْخُلُونَ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُمْ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ، وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِهِمْ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ جَمِيعُ - نَصِيبِ كُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ إجَازَةُ نَفْسِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ ، فَلَوْ قِيلَ يَدْخُلُ وَيُعْطَى نَصِيبَهُ كَانَ أَوْجَهَ وَأَنْسَبَ بِمَا لَوْ أَوْصَى لِأَهْلِهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي تِلْكَ لَا يَدْخُلُ أَوْ

يَدْخُلُ وَيَبْطُلُ نَصِيبُهُ ( وَالْمُعْتَبَرُ ) فِيمَا ذُكِرَ ( أَقْرَبُ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ ) الْمُوصِي لِأَقَارِبِهِ ( وَبَعْدَ ) الْجَدِّ ( قَبِيلَةٌ ) فَيَرْتَقِي فِي بَنِي الْأَعْمَامِ إلَيْهِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَلَا مَنْ فَوْقَهُ ( فَالْحَسَنِيُّونَ لَا يُشَارِكُهُمْ الْحُسَيْنِيُّونَ ) أَيْ فَالْوَصِيَّةُ لِأَقَارِبِ حَسَنِيٍّ لِأَوْلَادِ الْحَسَنِ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ وَأَوْلَادِ الْحُسَيْنِ ، وَلِأَقَارِبِ الشَّافِعِيِّ فِي زَمَنِهِ لِأَوْلَادِ شَافِعٍ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَأَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ ، أَوْ لِأَقَارِبِ مَنْ هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الشَّافِعِيِّ فِي زَمَنِنَا لِأَوْلَادِ الشَّافِعِيِّ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَأَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ .
وَقَوْلِي فِي الْأُولَى : فِي زَمَنِهِ تَبِعْتُ فِيهِ الْأَصْلَ وَغَيْرَهُ وَلَا حَاجَة إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافُ الْمُرَادِ ( وَيَسْتَوِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ قَرَابَةُ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَلَوْ كَانَ ) الْمُوصِي ( عَرَبِيًّا ) لِشُمُولِ الِاسْمِ ، وَقِيلَ : لَا يَدْخُلُ قَرَابَةُ الْأُمِّ إنْ كَانَ الْمُوصِي عَرَبِيًّا ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعُدُّهَا قَرَابَةً وَلَا يُفْتَخَرُ بِهَا ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ، لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ : الْأَقْوَى الدُّخُولُ ، وَأَجَابَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَتَوْجِيهُ عَدَمِ الدُّخُولِ بِمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَعْدٌ خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ } رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ( كَالرَّحِمِ ) فِي أَنَّهُ يَسْتَوِي فِي الْوَصِيَّةِ لَهَا قَرَابَةُ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِلَا خِلَافٍ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، إذْ لَفْظُ " الرَّحِمِ " لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفِ الْأَبِ ( وَإِنْ أَوْصَى لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ زَيْدٍ دَخَلَ فِيهَا الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ ) كَمَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمْ عِنْد عَدَمِهِمْ ؛ لِأَنَّ أَقْرَبَهُمْ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِزِيَادَةِ الْقَرَابَةِ ، وَهَؤُلَاءِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِمْ أَقَارِبُ عُرْفَا

.
( تُقَدَّمُ ) وَفِي نُسْخَةٍ : وَتُقَدَّمُ ( الذُّرِّيَّةُ مُطْلَقَا ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنْ أَوْلَادِ الْبَنِينَ أَمْ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ عَلَى الْآبَاءِ ( الْأَعْلَى ) مِنْهُمْ ( فَالْأَعْلَى ) لِقُوَّةِ عُصُوبَتِهِمْ وَإِرْثِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ ( ثُمَّ ) يُقَدَّمُ ( الْأَبَوَانِ ) عَلَى مَنْ فَوْقَهُمَا وَعَلَى الْحَوَاشِي ( وَالْأَخُ ) مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ ( يُقَدَّمُ عَلَى الْجَدِّ ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ لِقُوَّةِ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ عَلَى جِهَةِ الْأُبُوَّةِ كَمَا فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ إخْرَاجُ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَلَيْسَ مُرَادًا ( وَكَذَا ) تُقَدَّمُ ( ذُرِّيَّتُهُ ) أَيْ الْأَخِ عَلَى الْجَدِّ لِذَلِكَ ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ ( الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى ) لِذَلِكَ ، وَكَالْأَخِ وَذُرِّيَّتِهِ فِيمَا ذُكِرَ الْأُخْتُ وَذُرِّيَّتُهَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ ( وَالْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ ) بَعْدَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ ( سَوَاءٌ ) فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمْ ، قَالَ فِي الْأَصْلِ : ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَيُقَدَّمُ الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ ، وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ عَلَى جَدِّ الْأُمِّ وَجَدَّتِهَا ( وَكَذَا الْأَخُ مِنْ الْأَبِ وَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ سَوَاءٌ ، وَابْنُ الْأَبَوَيْنِ ) مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَأَوْلَادُهُمْ ( يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَحَدِهِمَا ) لِزِيَادَةِ قَرَابَتِهِ ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الِابْنِ بِالْوَلَدِ كَانَ أَعَمَّ .
( وَالْأَخُ لِأُمٍّ ) يُقَدَّمُ ( عَلَى ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ ، ثُمَّ هَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ دَرَجَةً ) فِي الْجِهَةِ ( كَيْفَ كَانَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ ) فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِأَبٍ عَلَى ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَابْنُ أَخٍ لِأُمٍّ عَلَى ابْنِ ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْأُخُوَّةِ وَاحِدَةٌ فُرُوعِي قَرِيبُ الدَّرَجَةِ وَإِلَّا بِأَنْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ ( فَالْبَعِيدُ مِنْ الْجِهَةِ الْقَرِيبَةِ يُقَدَّمُ عَلَى

الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْبَعِيدَةِ كَابْنِ ابْنِ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ ) وَلَا تَرْجِيحَ بِذُكُورَةٍ وَلَا أُنُوثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ ، كَمَا يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَنُوطٌ بِزِيَادَةِ الْقُرْب ، قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَفِي تَقْدِيمِ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَتَيْنِ عَلَى الْجَدَّةِ مِنْ جِهَةٍ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَهُوَ مُتَابَعٌ فِيهِ لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، إذْ الْمَأْخَذُ ثَمَّ اسْمُ الْجَدَّةِ ، وَهُنَا مَعْنَى الْأَقْرَبِيَّةِ ، فَتُقَدَّمُ ذَاتُ الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذَاتِ الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فِي الْوَقْفِ .
( فَرْعٌ ) : لَوْ ( أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ أَقَارِب زَيْدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ) الصَّرْفِ إلَى ( ثَلَاثَةٍ ) مِنْ الْأَقْرَبِينَ ( فَلَوْ زَادُوا ) عَلَيْهِمْ ( اسْتَوْعَبَهُمْ ) لِئَلَّا تَصِيرَ وَصِيَّةً لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الْجِهَةُ ، فَلَوْ قَالَ : فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِيعَابِ الْأَقْرَبِينَ كَانَ أَخْصَرَ ( وَإِنْ ) وَجَدْنَا مِنْهُمْ دُونَ ثَلَاثَةٍ تَمَمْنَاهَا مِمَّنْ يَلِيهِمْ ، فَإِنْ ( وَجَدْنَا ابْنًا وَابْنَ ابْنٍ ) وَبَنِي ابْنِ ابْنٍ دَفَعْنَا إلَى الِابْن ثُلُثًا وَإِلَى ابْنِ الِابْنِ ثُلُثًا آخَرَ ثُمَّ ( تَمَّمْنَا ) الثَّلَاثَ ( مِنْ الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ ) وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا ، بَلْ ( لِأَهْلِهَا الثُّلُثُ ) - الْبَاقِي وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ ( وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَوْعَبُوا ) بِالثُّلُثِ ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَكَانَ الْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ ، أَيْ فَتَبْطُلُ ؛ لِأَنَّ لَفْظَ " جَمَاعَةٍ " مُنَكَّرٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ أَوْ لِثَلَاثَةٍ لَا عَلَى التَّعْيِينِ مِنْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ ،

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ ، انْتَهَى .
وَقَدْ يُقَالُ : صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ : أَوْصَيْتُ لِأَقْرَبِي أَقَارِبِ زَيْدٍ ، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَوْصَى لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ أَقَارِبِ زَيْدٍ ( أَوْ ) أَوْصَى ( لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ لَمْ يُعْطَ مَكْفِيٌّ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ ) كَمَا فِي الزَّكَاةِ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( فَرْعٌ ) : لَوْ ( أَوْصَى لِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ ) يَعْنِي أَقَارِبَهُ ( فَالتَّرْتِيبُ كَمَا ذَكَرْنَا ، فَلَوْ ) الْأُولَى قَوْلُ أَصْلِهِ لَكِنْ لَوْ ( كَانَ الْأَقْرَبُ وَارِثًا صَرَفْنَاهُ ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ ( لِلْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِينَ إذَا لَمْ يُجِيزُوا ) أَيْ الْوَارِثُونَ الْوَصِيَّةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ .

( قَوْلُهُ : أَوْ رَحِمِهِ ) أَيْ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوْ ذَوِي قَرَابَتِهِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا : لَوْ أَوْصَى لِمُنَاسِبِ شَخْصٍ فَلِمَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ أَوْلَادِهِ لَا الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ ، أَوْ لِمَنْ يُنَاسِبُهُ دَخَلَ الْآبَاءُ وَالْحَوَاشِي ، وَفِي الْأُمِّ وَالْجَدَّاتِ مُطْلَقًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ دُخُولِهِنَّ فِي الْوَصِيَّةِ ، وَلَا تَدْخُلُ الْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ ( قَوْلُهُ : وَالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ ) اسْتَشْكَلَ السُّبْكِيّ دُخُولَ الْبَعِيدِ فِي لَفْظِ ( الْأَقَارِبِ ) ؛ لِأَنَّ مُفْرَدَهُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ ، وَيُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّا لَوْ اقْتَصَرْنَا عَلَى مَعْنَى التَّفْضِيلِ لَمْ تَصْدُقْ الْأَقَارِبُ إلَّا عَلَى جَمْعٍ هُمْ أَقْرَبُ إلَى الشَّخْصِ مِنْ غَيْرِهِمْ مَعَ اشْتِرَاكِهِمْ ، وَالْعُرْفُ يَأْبَى ذَلِكَ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى { : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } .
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهَا { لَمَّا نَزَلَتْ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي : يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ .
} وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الْبُخَارِيِّ : { يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ } أَوْ كَلِمَةٌ نَحْوُهَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قُرَيْشًا كُلَّهَا عَشِيرَتُهُ الْأَقْرَبُونَ ، وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّ بَنِي آدَمَ كُلَّهُمْ قَرَائِبُ ، وَلَكِنْ إنْ بَعُدَتْ الْقَرَابَةُ حَتَّى انْقَطَعَتْ وَلَمْ تُعْرَفْ لَمْ تُعَدَّ قَرَابَةً ، وَإِنْ عُرِفَتْ عُدَّتْ قَرَابَةً وَأُطْلِقَ لَفْظُ الْأَقْرَبِينَ وَالْأَقَارِبِ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهَا .
قَوْلُهُ : إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي تِلْكَ : لَا يَدْخُلُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَ عَرَبِيًّا ) قَالَ جَمَالُ الدِّينِ : الْمُرَادُ بِالْعَرَبِيِّ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْعَرَبِيَّةِ لَا مِنْ يُنْسَبُ إلَى الْعَرَبِ وَهُوَ جَاهِلٌ بِلُغَتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْأَعْجَمِيِّ ، قَالَ : وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ لُغَتَهُمْ وَيَعْتَقِدَ اعْتِقَادَهُمْ فِي اسْمِ الْقَرَابَةِ أَنَّهُ الْمُنْتَصَرُ بِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ ( قَوْلُهُ :

دَخَلَ فِيهَا الْأَبَوَانِ إلَخْ ) دُخُولُ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا فِي ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى دُخُولِ قَرَابَةِ الْأُمِّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ إذَا كَانَ الْمُوصِي عَرَبِيًّا ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَلْفَاظِ الْوَجِيزِ ( قَوْلُهُ : وَالْأَخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : لَا يُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأُمِّ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَمَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَقْرَبِ وَفِي وَقْفٍ انْقَطَعَ مَصْرِفُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ ، وَلَا يُقَدَّمُ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَلَا ابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ إلَّا هُنَا وَفِي الْوَلَاءِ ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْعَمِّ عَلَى أَبِي الْجَدِّ كَمَا فِي الْوَلَاءِ .
( قَوْلُهُ : فَتُقَدَّمُ ذَاتُ الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذَاتِ الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا : إذَا صَدَرَ مِنْ وَاقِفٍ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادٍ هَكَذَا فِي جَمِيعِ الذُّرِّيَّةِ بِالتَّرْتِيبِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْقِبْ كَانَ نَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ ، يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِذَلِكَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَقْرَبِيَّةٌ إلَى الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ إلَّا بِجِهَتَيْنِ ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ إعْمَالًا لِلَفْظِهِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ .
قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ .
قَوْلُهُ : قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَكَانَ الْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَفِي إطْلَاقِ ذَلِكَ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ : إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصِي مِنْ أَقْرَبِ الْأَقَارِبِ مَا يَزِيدُ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ أَوْ لَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَقَلُّ الْجَمْعِ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ مَا نَحْنُ فِيهِ كَالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرهَا قَطْعًا ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مُعَيَّنُونَ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ وَمِنْ يَلِيهِمْ يُكَمَّلُ بِهِ أَقَلُّ الْجَمْعِ لَا غَيْرُ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبُ أَقَارِبِهِ أَوْ مَنْ يَلِيهِمْ أَوْ يَلِي مَنْ يَلِيهِمْ أَكْثَرَ مَنْ أَقَلِّ

الْجَمْعِ أَوْ مَا يُكَمَّلُ بِهِ أَقَلُّ الْجَمْعِ فَقَدْ يُلَاحَظُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا أَوْصَى لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ فِيهَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْمِيمَ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لِصِدْقِ لَفْظِ الْجَمَاعَةِ عَلَى كُلِّ أَقْرَبِ قَرَابَتِهِ إذَا كَانَ ( مَنْ ) فِي كَلَامِهِ لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا لِلتَّبْعِيضِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْهَا هَا هُنَا ، وَلَا جَرَمَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ : إنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ فِي حَالَةِ الْكَثْرَةِ بِالتَّعْمِيمِ لَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا دَارَ لَفْظُ الْمُوصِي بَيْنَ مَحْمَلَيْنِ : أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ الْوَصِيَّةِ وَالْآخَرُ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا يُصَحِّحُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ يُعَارِضُ ذَلِكَ .

( فَرْعٌ : قَدْ بَيَّنَّا آلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ ، فَلَوْ أَوْصَى لِآلِ غَيْرِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ لِظُهُورِ أَصْلٍ لَهُ فِي الشَّرْعِ ( وَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْقَرَابَةِ أَوْ عَلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ؟ وَجْهَانِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ : فَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَصِيٌّ فَهَلْ الْمُتَّبَعُ رَأْيُهُ أَوْ رَأْيُ الْحَاكِمِ ؟ وَجْهَانِ ( ثُمَّ الْحَاكِمُ ) عَلَى الْقَوْلِ بِاتِّبَاعِ رَأْيِهِ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ ( يُتَحَرَّى مُرَادُ الْمُوصِي ) إنْ أَمْكَنَ الْعُثُورُ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تُحُرِّيَ ( أَظْهَرُ مَعَانِي اللَّفْظِ ) بِالْوَضْعِ أَوْ الِاسْتِعْمَالِ .
( فَرْع : أَهْلُ الْبَيْتِ كَالْآلِ ) فِيمَا ذُكِرَ ( لَكِنْ تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهِمْ ) أَيْضًا ( وَلَوْ أَوْصَى لِأَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْبَيْتِ فَكُلُّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ) يَدْخُلُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : إلَّا وَرَثَتَهُ ؛ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَقَارِبِهِ ( وَإِنْ أَوْصَى لِآبَائِهِ دَخَلَ أَجْدَادُهُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ ، أَوْ لِأُمَّهَاتِهِ دَخَلَ جَدَّاتُهُ أَيْضًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ ، وَلَا تَدْخُلُ الْأَخَوَاتُ فِي الْإِخْوَةِ ) كَعَكْسِهِ .
( قَوْلُهُ : وَهَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْقَرَابَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : إلَّا وَرَثَتَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ : الْأَخْتَانُ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ( أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ فَقَطْ لَا أَزْوَاجُ الْمَحَارِمِ مُطْلَقًا ، وَكَذَا أَزْوَاجُ الْحَوَافِدِ ) لَا يَدْخُلُونَ فِي الْأُخْتَانِ ( إلَّا إنْ انْفَرَدْنَ ) أَيْ الْحَوَافِدُ عَنْ الْبَنَاتِ فَيَدْخُلُ أَزْوَاجُهُنَّ حِينَئِذٍ فِي الْوَصِيَّةِ لَلْأَخْتَانِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِلْأَوْلَادِ وَلَمْ يَكُنْ إلَّا أَحْفَادٌ ( وَالْمُعْتَبَرُ ) فِي كَوْنِهِمْ أَزْوَاجَهُنَّ ( حَالَ الْمَوْتِ ) لَا حَالَ الْوَصِيَّةِ وَلَا حَالُ الْقَبُولِ ، فَلَوْ كُنَّ خَلِيَّاتٍ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ مَنْكُوحَاتٍ يَوْمَ الْمَوْتِ اسْتَحَقَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا ، إنْ كُنَّ بَوَائِنَ لَا رَجْعِيَّاتٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : ( وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ ) وَكَذَا الْمُبَانَةُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ ( وَالْأَحْمَاءُ آبَاءُ ) وَفِي نُسْخَةٍ أَبُو ( الزَّوْجَةِ ) وَمِنْهُمْ أَجْدَادُهَا وَجَدَّاتُهَا ، وَقِيلَ : لَا تَدْخُلُ أَجْدَادُهَا وَجَدَّاتُهَا ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَكَذَا أَبُو زَوْجَةِ كُلِّ مُحْرِمٍ حَمْوٌ ، وَالْأَصْهَارُ تَشْمَلُ الْأَخْتَانَ وَالْأَحْمَاءَ .
فَرْعٌ : الْمَحَارِمُ ) يَدْخُلُ فِيهِمْ ( كُلُّ مُحَرَّمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ .
فَرْعٌ ) : لَوْ ( أَوْصَى لِوَرَثَةِ زَيْدٍ سُوِّيَ بَيْنَهُمْ ) وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَلَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَقَادِيرِ الْإِرْثِ ( وَلَوْ خَلَّفَ بِنْتًا فَقَطْ أَخَذَتْ الْجَمِيعَ ) وَإِنْ لَمْ نَحْكُمْ بِالرَّدِّ ( فَإِنْ مَاتَ ) الْمُوصِي ( وَزَيْدٌ حَيٌّ أَوْ ) مَاتَ زَيْدٌ ( وَلَا وَارِثَ لَهُ ) خَاصٌّ ( بَطَلَتْ ) وَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ الْوَارِثِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ( وَإِنْ أَوْصَى لِعَصَبَةِ زَيْدٍ أُعْطُوا فِي حَيَاتِهِ ) ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ عَصَبَةً فِي حَيَاتِهِ ( وَكَذَا عَقِبُهُ ) لَوْ أَوْصَى لَهُمْ أُعْطُوا فِي حَيَاتِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ عَقِبَهُ فِي حَيَاتِهِ ( وَقَدْ ذَكَرْنَا الْعَقِبَ ) وَالنَّسْلَ وَالذُّرِّيَّةَ وَالْعَشِيرَةَ وَالْعِتْرَةَ ( فِي الْوَقْفِ ، وَالْعَصَبَةُ ) الَّذِينَ يُعْطَوْنَ ( مَنْ كَانَ أَوْلَى بِالتَّعْصِيبِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ

وَالرُّويَانِيُّ : وَلَوْ أَوْصَى لِمُنَاسِبِيهِ فَهُمْ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دُونَ مَنْ يُنْسَبُ هُوَ إلَيْهِمْ مِنْ آبَائِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ نَسَبَهُمْ إلَيْهِ ( وَالْوَصِيَّةُ لِلْمَوَالِي كَمَا فِي الْوَقْفِ ) عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ ثَمَّ ( وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْمُدَبَّرُ وَ ) لَا ( أُمُّ الْوَلَدِ ) إذْ لَيْسَا مِنْ الْمَوَالِي لَا حَالَ الْوَصِيَّةِ وَلَا حَالَ الْمَوْتِ .

( فَصْلٌ : الْيَتِيمُ صَبِيٌّ مَاتَ أَبُوهُ ) وَكَذَا الصَّبِيَّةُ ( فَلَوْ أَوْصَى لِلْيَتَامَى أَوْ الْأَرَامِلِ أَوْ الْأَيَامَى أَوْ الْعُمْيَانِ وَكَذَا لِلْحُجَّاجِ وَالزَّمْنَى وَأَهْل السُّجُونِ وَالْغَارِمِينَ وَلِتَكْفِينِ الْمَوْتَى وَحَفْرِ قُبُورِهِمْ اُشْتُرِطَ ) فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ ( فَقْرُهُمْ ) لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالْوَصِيَّةِ كَالْوَقْفِ ، وَاسْتَبْعَدَ الْأَذْرَعِيُّ اشْتِرَاطَ الْفَقْرِ فِي الْحُجَّاجِ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ : إنَّهُ مِنْ تَفَقُّهِ النَّوَوِيِّ وَهُوَ مُنَازَعٌ فِيهِ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا ، أَمَّا النَّقْلُ فَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ سَلِيمٌ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الصَّرْفُ لِأَغْنِيَائِهِمْ ، وَأَمَّا التَّوْجِيهُ فَإِنَّ ضَابِطَ الِاشْتِرَاطِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي كُلِّ صِفَةٍ تُشْعِرُ بِضَعْفٍ فِي النَّفْسِ أَوْ انْقِطَاعٍ كَامِلٍ كَالزَّمْنَى بِخِلَافِ الشُّيُوخِ ، قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْيَتَامَى وَالْعِمْيَانِ وَالزَّمْنَى : ثُمَّ إنْ انْحَصَرَ وَوَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَإِلَّا جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ فِيهِمْ يَأْتِي فِي الْبَقِيَّةِ ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهُمْ فَإِنْ عَيَّنَهُمْ بِأَنْ أَوْصَى لِيَتَامَى بَنِي زَيْدٍ لَمْ يُشْتَرَطْ فَقْرُهُمْ ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْيَتَامَى يَقْتَضِي إخْرَاجَ وَلَدِ الزِّنَا وَاللَّقِيطِ ، وَتَعْبِيرُهُمَا فِي قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ بِمَنْ لَا أَبَ لَهُ يَقْتَضِي إدْخَالَهُمَا ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَرَأَيْتُهُ تَفَقُّهًا لِبَعْضِ نُبَلَاءِ الْعَصْرِ .
( فَائِدَةٌ ) : قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : الْيَتِيمُ فِي النَّاسِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ ، وَفِي الْبَهَائِمِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ ، قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ : وَفِي الطَّيْرِ مِنْ قِبَلِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا يَحْضِنَانِهِ وَيَزُقَّانِهِ ( وَالْأَيِّمُ وَالْأَرْمَلَةُ : مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا ، وَيُعْطَوْنَ بَعْدَ الْفَقْرِ ) أَيْ بَعْدَ الِاتِّصَافِ بِهِ وَهَذَا تَقَدَّمَ ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ

الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : وَيُعْطَيَانِ ( إلَّا أَنَّ الْأَرْمَلَةَ مَنْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَوْتٍ أَوْ بَيْنُونَةٍ ) وَالْأَيِّمُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا تَقَدُّمَ زَوْجٍ ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْخُلُوِّ عَنْ الزَّوْجِ حَالًا ( وَلَوْ أَوْصَى لِلْأَرَامِلِ أَوْ الْأَبْكَارِ أَوْ الثَّيِّبِ لَمْ يَدْخُلْ ) فِيهِنَّ ( الرِّجَالُ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ زَوْجَاتٌ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ فِي الْعُرْفِ لِلنِّسَاءِ ، وَلَوْ أَوْصَى لِلْعُزَّابِ دَخَلَ فِيهِمْ مَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُ دُخُولِهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي دُخُولِ الرِّجَالِ فِي الْأَرَامِلِ الْمُوصَى لَهُنَّ ، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ ( وَالْقَانِعُ : السَّائِلُ ، وَالْمُعْتَرُّ : مَنْ يَتَعَرَّضُ ) لِلسُّؤَالِ ( وَلَا يَسْأَلُ ) .
قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْيَتَامَى إلَخْ ) جَرْيًا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ ( قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُمَا فِي قَسْمِ الْفَيْءِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ لِلْأَبْكَارِ أَوْ الثَّيِّبِ ) هَلْ تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَبْكَارِ مَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِأُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ فِي النِّكَاحِ أَنَّ ذَلِكَ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهَا تُعْطَى حُكْمَ الْبِكْرِ أَوْ الثَّيِّبِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَالْوَصِيَّةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَى هَذَا ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِلثَّيِّبَاتِ هَلْ تَدْخُلُ إنْ قُلْنَا تُعْطَى حُكْمُ الثَّيِّبِ تَدْخُلُ قَالَ الْإِمَامُ وَرَأَيْتُ فِي مَبْسُوطِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَجْهًا أَنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ تَحْتَ الْأَبْكَارِ وَلَا تَحْتَ الثَّيِّبَاتِ ؛ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يُجَامَعْنَ وَلَا مَعَهُنَّ جِلْدَةُ الْعُذْرَةِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا بَعِيدٌ .

( فَصْلٌ : النَّاسُ غِلْمَانٌ وَصِبْيَانٌ وَأَطْفَالٌ وَذَرَارِيٌّ إلَى الْبُلُوغِ ، ثُمَّ إنَّهُمْ ) بَعْدَ الْبُلُوغِ ( شَبَابٌ وَفِتْيَانٌ إلَى الثَّلَاثِينَ ، ثُمَّ هُمْ ) بَعْدَهَا ( كُهُولٌ إلَى الْأَرْبَعِينَ ، ثُمَّ ) بَعْدَهَا ( شُيُوخٌ ) .
( فَصْلٌ ) : لَوْ ( أَوْصَى لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ أَوْ ) لِزَيْدٍ ( وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جُعِلَ كَأَحَدِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِأَوْلَادِ عَمْرٍو فَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ حِرْمَانُهُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَحَدِهِمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ اسْتِيفَائِهِمْ ، فَلِلنَّصِّ عَلَيْهِ فَائِدَتَانِ : مَنْعُ الْإِخْلَالِ بِهِ وَعَدَمُ اعْتِبَارِ فَقْرِهِ هَذَا إنْ أَطَلَقَ ذِكْرَهُ ( فَإِنْ قَالَ ) أَوْصَيْتُ ( لِزَيْدٍ الْفَقِيرِ ) الْفُقَرَاءِ ( وَكَانَ غَنِيًّا أَخَذَ نَصِيبَهُ الْفُقَرَاءُ لَا الْوَارِثُ ) لِلْمُوصِي وَلَوْ فُقَرَاءَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَهُ بِالْفَقْرِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ يَدْخُلْ الْوَارِثُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَادَرٍ مِنْ ذَلِكَ وَلِاغْتِنَائِهِ بِوَصِيَّةِ اللَّهِ لَهُ فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ فَقِيرًا كَانَ كَأَحَدِهِمْ ( وَإِنْ وَصَفَ زَيْدًا بِغَيْرِ صِفَتِهِمْ ) أَيْ الْمُوصَى لَهُمْ مَعَهُ ( بِأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ الْكَاتِبِ وَالْفُقَرَاءِ أَوْ لِزَيْدٍ الْفَقِيرِ وَالْكَاتِبِينَ اسْتَحَقَّ ) زَيْدٌ ( النِّصْفَ وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِجَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ أُعْطِيَ زَيْدٌ النِّصْفَ وَاسْتُوْعِبَ بِالنِّصْفِ الْآخِرَ جَمَاعَتَهُ أَوْ ) أَوْصَى ( لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِالثُّلُثِ ) مِنْ مَالِهِ ( لَمْ يُعْطَ أَكْثَرَ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الدِّينَارِ ( وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا ) لِأَنَّهُ قَطَعَ اجْتِهَادَ الْوَصِيِّ بِالتَّقْدِيرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ النَّصُّ عَلَى زَيْدٍ فِيمَا مَرَّ لِئَلَّا يُحْرَمَ جَازَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ هُنَا لِئَلَّا يَنْقُصَ عَنْ دِينَارِ وَأَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يُقْصَدَ عَيْنُ زَيْدٍ لِلدِّينَارِ وَجِهَةُ الْفُقَرَاءِ لِلْبَاقِي فَيَسْتَوِي فِي غَرَضِهِ الصَّرْفُ لِزَيْدٍ

وَغَيْرِهِ وَلَوْ أَوْصَى لِمُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَعَشْرَةِ فُقَرَاءَ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْعَشَرَةِ ثُلُثُهَا أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ السُّبْكِيّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ .
( فَرْعٌ لَوْ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ جُعِلَ ) الْمُوصَى بِهِ ( بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ) .
( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ لِزَيْدِ الْفَقِيرِ وَكَانَ غَنِيًّا إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا وَصَفَهُ بِذَلِكَ ظَانًّا فَقْرَهُ ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِغِنَاهُ فَلَا وَقَدْ يَصِفُهُ بِذَلِكَ لِتَلَبُّسِهِ بِخِرْقَةِ الْفَقْرِ أَوْ لِقِلَّةِ غِنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُوصِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَصْفُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ مَعَ غِنَاهُ وَفَقْرِهِ وَصَارَ لَقَبًا لَهُ كَبِشْرٍ الْحَافِي فَإِنَّ هَذَا يُعْطَى وَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ لَا غَيْرُ وَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ اشْتَهَرَ بِفُلَانٍ الْفَقِيرِ وَفُلَانٍ الصُّعْلُوكِ فَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِذَلِكَ ( قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ زَيْدٌ النِّصْفَ ) نَظَرًا لِلصِّفَتَيْنِ ( قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ إذَا جَازَ إلَخْ ) يُرَدُّ بِأَنَّ فِيهِ إلْغَاءَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُوصِي بِلَا دَلِيلٍ إذْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِدِينَارٍ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ

( فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ كَالْهَاشِمِيَّةِ ) وَالطَّالِبِيَّةِ وَالْعَلَوِيَّةِ ( صَحِيحَةٌ وَيُجْزِئُ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ ) فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ ( بِلَا ) وُجُوبِ ( مُسَاوَاةٍ ) بَيْنَهُمْ وَلَا قَبُولٍ ( كَالْفُقَرَاءِ ) فِي الْجَمِيعِ ( وَالْوَصِيَّةُ لِزَيْدٍ وَبَنِي هَاشِمٍ ) أَوْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ نَحْوِهِمْ ( كَهُوَ ) أَيْ كَالْوَصِيَّةِ لَهُ ( مَعَ الْفُقَرَاءِ وَلَوْ قَالَ ) أَوْصَيْتُ ( لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ قَبِيلَةٌ ) أَيْ يُعَدُّونَ قَبِيلَةً ( كَبَنِي هَاشِمٍ ) وَبَنِي تَمِيمٍ ( دَخَلَ ) فِيهِمْ ( إنَاثُهُمْ وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُعَدُّوا قَبِيلَةً كَبَنِي زَيْدٍ وَعَمْرٍو ( لَمْ يَدْخُلْنَ ) فِيهِمْ ( وَاشْتُرِطَ ) فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ ( قَبُولُهُمْ وَ ) يَجِبُ ( اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ ) بَيْنَهُمْ .

( فَصْلٌ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَجِبْرِيلَ أَوْ لِزَيْدٍ وَالْحَائِطِ أَوْ الرِّيحِ ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مُفْرَدٌ كَالشَّيْطَانِ ( أُعْطِيَ ) زَيْدٌ ( النِّصْفَ ) وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ أَوْصَى لِابْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عَمْرٍو وَلَيْسَ لِعَمْرٍو ابْنٌ أَوْ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو ابْنَيْ بَكْرٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ اسْمُهُ زَيْدٌ يَكُونُ النِّصْفُ لِلْمَوْجُودِ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي وَلَوْ أَضَافَ الْحَائِطَ كَأَنْ قَالَ وَحَائِطُ الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ حَائِطُ دَارِ زَيْدٍ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَصُرِفَ النِّصْفُ فِي عِمَارَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ - - ( أَوْ ) أَوْصَى ( لِزَيْدٍ وَالْمَلَائِكَةِ أَوْ الرِّيَاحِ أَوْ الْحِيطَانِ ) أَوْ نَحْوِهَا ( أُعْطِيَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ وَلِلْفُقَرَاءِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ ( وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلَّهِ فَلِزَيْدٍ النِّصْفُ ثُمَّ الْبَاقِي يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْقُرْبِ ) لِأَنَّهَا مَصْرَفُ الْحُقُوقِ الْمُضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ وَذَكَرَ فِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْأَقْوَى صَرْفُ الْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ ( وَلَوْ أَوَصَى بِثُلُثِهِ لِلَّهِ ) تَعَالَى ( صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ ) عَلَى مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ ( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ تَعَالَى صُرِفَ لِلْمَسَاكِينِ ) مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُوصَى لَهُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ .

قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ إلَخْ ) وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ ) عِبَارَتُهُ وَاحْتَجُّوا لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ زَوَائِدِهِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِلَّهِ صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ .

( الْقِسْمُ الثَّانِي الْأَحْكَامُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ ) لَهُ ( سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ صَحَّ ) ذَلِكَ ( وَيُعَيِّنُ الْوَارِثُ ) السَّنَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يَحْمِلُ الْإِطْلَاقَ عَلَى سَنَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِمَوْتِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُضْطَرًّا إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَعَلِمَ الْمُوصِي وَقَصَدَ إعَانَتَهُ وَأَمَّا إحَالَةُ الْأَمْرِ عَلَى تَعْيِينِ الْوَارِثِ فَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ قَالَ : لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْقَاضِي لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ هَذَا الْبُسْتَانِ سَنَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا فَتَعْيِينُهَا إلَى الْوَارِثِ ( وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ ) فِي الْوَصِيَّةِ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ ( بِمُدَّةِ حَيَاةِ زَيْدٍ وَتَصِحُّ ) الْوَصِيَّةُ ( بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ هَذَا الْعَامَ فَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ فَالْقَابِلُ ) أَيْ فَبِثَمَرَةِ الْعَامِ الْقَابِلِ وَتَصِحُّ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ هَذَا الْعَامِ وَإِنْ مَرِضَ فَبِخِدْمَةِ الْعَامِ الْقَابِلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ ) الْمُوصَى بِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا مُجَرَّدَ إبَاحَةٍ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَعْيَانِ وَتُوَرِّثُ الْمَنْفَعَةُ عَنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَلَهُ إجَارَتُهَا وَإِعَارَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَوْ تَلَفَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ .
( نَعَمْ قَوْلُهُ أَوْصَيْتُ لَكَ بِمَنَافِعِهِ ) أَيْ بِأَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ ( حَيَاتَكَ أَوْ بِأَنْ تَسْكُنَ ) هَذِهِ ( الدَّارَ أَوْ بِأَنْ يَخْدُمَكَ ) هَذَا ( الْعَبْدُ إبَاحَةً لَا تَمْلِيكَ فَلَيْسَ لَهُ الْإِجَارَةُ وَفِي الْإِعَارَةِ وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْعُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لَكَ بِسُكْنَاهَا أَوْ بِخِدْمَتِهِ أَوْ بِمَنَافِعِهِ ) فَلَيْسَ بِإِبَاحَةٍ بَلْ تَمْلِيكٌ وَيُفَارِقُ مَا

مَرَّ بِأَنَّهُ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَأَسْنَدَهُ إلَى الْمُخَاطَبِ فَاقْتَضَى قُصُورَهُ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ أَوْ بِمَنَافِعِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ( وَقَوْلُهُ ) لِلْوَصِيِّ ( أَطْعِمْ زَيْدًا رِطْلَ خُبْزٍ مِنْ مَالِي تَمْلِيكٌ ) لَهُ ( كَإِطْعَامِ الْكَفَّارَةِ وَ ) قَوْلُهُ لَهُ ( اشْتَرِ خُبْزًا وَاصْرِفْهُ لِجِيرَانِي إبَاحَةٌ ) كَذَا نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَلَمْ أَرَهُمَا فِيهَا وَكَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا إذْ لَا يُقْصَدُ بِذَلِكَ إلَّا التَّمْلِيكُ وَفِي جَعْلِ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ تَمْلِيكًا وَإِبَاحَةً تَسَمُّحٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُقْتَضٍ لَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ
( قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً إلَخْ ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ فَكَانَتْ كَالْأَعْيَانِ ( قَوْلُهُ وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ ( قَوْلُهُ قَالَ : وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِطْعَامَ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُرَادًا بِهِ التَّمْلِيكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ } فَحُمِلَ فِي لَفْظِ الْمُوصَى عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّرْفُ .

.
( فَصْلٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ إثْبَاتُ الْيَدِ ) عَلَى الْأَعْيَانِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا ( وَ ) لَهُ ( الْأَكْسَابُ الْمُعْتَادَةُ ) مِنْ احْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهَا ؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَنَافِعِهِ ( وَكَذَا ) لَهُ ( الْمَهْرُ ) الْحَاصِلُ بِوَطْءِ شُبْهَةِ أَوْ نِكَاحٍ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ وَقِيلَ : إنَّهُ لِوَارِثِ الْمُوصِي ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا يُوصَى بِهَا وَلَا يُسْتَحَقُّ بَدَلُهَا بِالْوَصِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ فِي الْأَصْلِ وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَحَكَى فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ .
وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : إنَّهُ الرَّاجِحُ نَقْلًا ( لَا ) الْأَكْسَابَ ( النَّادِرَةَ كَالْهِبَةِ وَاللُّقَطَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ ( وَلِلْوَلَدِ ) الَّذِي أَتَتْ بِهِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا ( حُكْمُ أُمِّهِ ) فِي أَنَّ الرَّقَبَةَ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهَا لِلْمُوصَى لَهُ ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَفَارَقَ وَلَدَ الْمَوْقُوفَةِ حَيْثُ كَانَ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفَةِ أُمُّهُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمِلْكَ ثَمَّ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِهِ هُنَا ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ أَيْضًا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُوصِي لَمْ يُخْرِجْهَا وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الْمَنْفَعَةَ لَكِنَّ الْمَنْفَعَةَ اسْتَتْبَعَتْ الْعَيْنَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ .

( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَنَافِعِهِ ) شَمِلَ مَا لَوْ غُصِبَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَإِنَّ لَهُ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِمَهْرِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ وَقْفُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ فِي جَوَابِهِ وَهُوَ الْفَارِقُ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِلْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْكَسْبَ النَّادِرَ وَالْمُعْتَادَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَيَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ مَشْهُورٍ ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَئُولُ الْمِلْكُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ وَلَا لِلْوَاقِفِ تَعَلُّقٌ بِالْعَيْنِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا فَإِنَّ مِلْكَ الْوَرَثَةِ بَاقٍ عَلَيْهَا وَوَلَدُهَا لَهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ سَكَتُوا عَنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا يُفْرَدُ عَنْ الْمَهْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَهْرِ وَإِنْ قُلْنَا يَنْدَرِجُ فِيهِ فَوَاضِحٌ ا هـ وَتَبِعَهُ الدَّمِيرِيِّ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لِلْوَارِثِ ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70