كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( فَرْعٌ : وَإِنْ رَهَنَ ) شَيْئًا ( بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بِعَشَرَةٍ ) لِيَكُونَ رَهْنًا بِهِمَا ( وَأَشْهَدَ ) شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ مَرْهُونٌ ( بِعِشْرِينَ فَشَهِدَا بِالْإِقْرَارِ ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ ( جَازَ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّجَرَ الْحَالَّ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ فِيمَا إذَا عَرَفَاهُ اعْتَقَدَا جَوَازَهُ أَمْ لَا عَمِلَا بِمَا تَحَمَّلَاهُ ( وَإِنْ عَلِمَا الْحَالَّ ) بِالْمُشَاهَدَةِ ( وَاعْتَقَدَا فَسَادَهُ ) وَشَهِدَا بِالْعَقْدِ ( لَمْ يَشْهَدَا إلَّا بِالْعَشَرَةِ ) أَيْ بِأَنَّهُ مَرْهُونٌ بِعَشَرَةٍ لَا بِعِشْرِينَ ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لَمْ يَشْهَدَا إلَّا بِمَا جَرَى بَاطِنًا فَتَصَدَّقَ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بِعَشَرَةٍ ، وَإِنْ اعْتَقَدَا صِحَّتَهُ بَيَّنَا الْحَالَّ ، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِأَنَّهُ مَرْهُونٌ بِعِشْرِينَ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَيْهِمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُخَالِفُهُ ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ مَا ذَكَرَ فَشَهِدَا بِمَا سَمِعَا حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا ، وَإِنْ عَلِمَا الْحَالَّ لَمْ يَشْهَدَا إلَّا بِالْعَشَرَةِ فَإِنْ اعْتَقَدَا جَوَازَهُ بَيَّنَا الْحَالَّ ، وَإِنْ شَهِدَا بِالْإِقْرَارِ جَازَ مُطْلَقًا ، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ ، وَإِنْ وَافَقَتْ الْأَصْلَ لَكِنَّهُمَا مَعًا مُوهِمَانِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْعَقْدِ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْعَاقِدِ بِهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَمُتَعَرِّضَانِ لِجَوَازِ الْحُكْمِ بِمَا سَمِعَهُ الشَّاهِدُ أَنَّ حَالَةَ عَدَمِ عِلْمِهِمَا بِالْحَالِّ ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِهِ مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَكَلَّمَا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِحَالَةِ عِلْمِهِمَا بِالْحَالِّ بَلْ انْتَقَلَا إلَى بَيَانِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالرَّهْنِ ، وَعَدَمِ جَوَازِهَا ، وَلَعَلَّهُ عَدَلَ عَنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ إلَى تِلْكَ لِيَسْلَمَ مِنْ الْإِيهَامِ وَلِيَكُونَ الْكَلَامُ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ مُسْتَوْفًى ، وَهُوَ جَوَازُ الشَّهَادَةِ بِالرَّهْنِ ، وَعَدَمُ جَوَازِهَا بِهِ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ خَلَلًا يُعْرَفُ بِمُرَاجَعَةِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ( وَلَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ

التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرِقَةَ ) بَلْ وَغَيْرَ الْمُسْتَغْرِقَةِ ( لِلدَّيْنِ ) الَّذِي عَلَى مَيِّتِهِ ( مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ ) كَالْعَبْدِ الْجَانِي ، وَتَنْزِيلًا لِلرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ .
( قَوْلُهُ فَتُصَدَّقُ ) أَيْ عِبَارَةُ الْأَصْلِ

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ وَيُشْتَرَطُ ) الْأَوْلَى فَيُشْتَرَطُ ( الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ ) كَالْبَيْعِ ( وَالْقَوْلُ فِي الْمُعَاطَاةِ وَالِاسْتِيجَابِ ) مَعَ الْإِيجَابِ ، وَالِاسْتِقْبَالِ مَعَ الْقَبُولِ ( فِيهِ ) أَيْ فِي الرَّهْنِ ( كَالْبَيْعِ ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ وَصُورَةُ الْمُعَاطَاةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ أَقْرِضْنِي عَشَرَةً لِأُعْطِيَك ثَوْبِي هَذَا رَهْنًا فَيُعْطِيهِ الْعَشَرَةَ وَيُقَبِّضُهُ الثَّوْبَ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي .
( قَوْلُهُ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ ) لَوْ قَالَ دَفَعْت هَذِهِ وَثِيقَةً بِحَقِّك فَقَالَ قَبِلْت صَحَّ رَهْنًا عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَلَا يُغْنِي شَرْطُهُ عَنْ الصِّيغَةِ ( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ مَالِيٌّ فَافْتَقَرَ إلَيْهِمَا

( وَالرَّهْنُ قِسْمَانِ رَهْنُ تَبَرُّعٍ ) ، وَيُسَمَّى رَهْنًا مُبْتَدَأً ( وَرَهْنٌ مَشْرُوطٌ فِي عَقْدٍ ) كَبِعْتُك دَارِي أَوْ أَجَرْتُكهَا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِهَا عَبْدَك فَيَقُولُ اشْتَرَيْت أَوْ اسْتَأْجَرْت وَرَهَنْت ، وَقَدْ مَرَّ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( شَرَطَ فِي الرَّهْنِ مَا يَقْتَضِيهِ كَبَيْعِهِ ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ ( فِي الدَّيْنِ أَوْ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْعَقْدِ كَالْإِشْهَادِ ) بِهِ ( لَمْ يَضُرَّ ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ ( وَكَذَا مَا لَا غَرَضَ فِيهِ كَأَكْلِ الْهَرِيسَةِ ) عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ ثَمَّ ( وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَنْفَعُ أَحَدَهُمَا وَيَضُرُّ الْآخَرَ كَشَرْطِ الْمَنَافِعِ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ شَرْطِ أَنْ لَا يُبَاعَ يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ ) لِإِخْلَالِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ مِنْهُ فِي الثَّانِي ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الْأَوَّلِ ( مَعَ بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ ) الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لِذَلِكَ ، وَلِأَنَّ الْمَشْرُوطَ اسْتِحْقَاقُهُ يَصِيرُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ ( فَإِنْ قَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ ) الْمَشْرُوطَةَ لِلْمُرْتَهِنِ ( بِسَنَةٍ ) مَثَلًا ( فَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ ) فِي صَفْقَةٍ ( وَهُوَ جَائِزٌ ) كَمَا مَرَّ ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا عَلَى طَرِيقَةٍ ضَعِيفَةٍ فِي صُورَةِ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الزَّرْعَ بِشَرْطِ أَنْ تَحْصُدَهُ ، وَالْمَذْهَبُ ثَمَّ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ ثَمَّ بِمُدَّةٍ بَطَلَ الْعَقْدُ بِخِلَافِهِ هُنَا .
قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ ثَمَّ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ ) إنَّمَا بَطَلَ الشِّرَاءُ هُنَاكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطٍ عَمِلَ لَهُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( رَهَنَ الْأَصْلَ ) مِنْ نَحْوِ شَاةٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ عَبْدٍ ( وَشَرَطَ كَوْنَ الْحَادِثِ ) مِنْهُ ( وَمِنْ وَلَدٍ وَثَمَرَةٍ وَكَسْبٍ مَرْهُونًا بَطَلَ الرَّهْنُ ) لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَمَعْدُومٌ ( وَ ) بَطَلَ ( بَيْعٌ شَرَطَ فِيهِ ) ذَلِكَ لِبُطْلَانِ الشَّرْطِ ، وَتَعْبِيرُهُ بِهَذَا أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ فَإِنَّهُ فَرَضَ ذَلِكَ فِي إكْسَابِ الْعَبْدِ ( وَلَوْ أَقْرَضَهُ ) شَيْئًا ( بِشَرْطِ رَهْنٍ ) بِهِ ( وَتَكُونُ مَنَافِعُهُ ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ ( لِلْمُقْرِضِ بَطَلَ الْقَرْضُ ) لِأَنَّهُ جَرَّ مَنْفَعَةً لَهُ ( وَ ) بَطَلَ ( الرَّهْنُ ) لِبُطْلَانِ مَا شَرَطَ فِيهِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ ) بِشَرْطِ رَهْنٍ عَلَى ( أَنْ تَكُونَ ) مَنَافِعُهُ ( مَرْهُونَةً ) أَيْضًا ( بَطَلَ الرَّهْنُ ) إذْ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنَافِعِ كَمَا مَرَّ ( لَا الْقَرْضُ ) لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِذَلِكَ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ ، وَيُفَارِقُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ بِأَنَّ الْقَرْضَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَقْرَضَهُ أَلْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَرْهَنَهُ بِهِ ، وَبِأَلْفٍ قَدِيمٍ ) أَوْ بِالْقَدِيمِ فَقَطْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَالْقَرْضُ بَاطِلٌ ) لِأَنَّهُ جَرَّ مَنْفَعَةً لَهُ ( وَالرَّهْنُ بِهِ ) أَيْ بِأَلْفِ الْقَرْضِ ( لَا يَصِحُّ ) لِعَدَمِ الدَّيْنِ ( فَإِنْ رَهَنَهُ بِالْأَلْفَيْنِ ) كَمَا شَرَطَ ( وَقَدْ تَلِفَ أَلْفُ الْقَرْضِ صَحَّ ) الرَّهْنُ ( فِيهِمَا ) لِصَيْرُورَةِ أَلْفِ الْقَرْضِ دَيْنًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ أَلْفُ الْقَرْضِ ( فَفِي الْأَلْفِ الْقَدِيمِ ) يَصِحُّ الرَّهْنُ كَمَا لَوْ رَهَنَ بِهِ وَحْدَهُ دُونَ أَلْفِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَضْمُونٌ فِي يَدِهِ ، وَالْأَعْيَانُ لَا يُرْهَنُ بِهَا كَمَا مَرَّ ( وَيَكُونُ ) الْمَرْهُونُ ( جَمِيعُهُ رَهْنًا بِهِ ) أَيْ بِالْأَلْفِ الْقَدِيمِ ( لِأَنَّ الرَّهْنَ ) بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ ( وَثِيقَةٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ ) وَلَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ بِالْأَلْفِ الْقَدِيمِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الرَّاهِنُ فَسَادَ الشَّرْطِ ، وَأَنْ يَظُنَّ صِحَّتَهُ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّى دَيْنًا ظَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ لَا يَصِحُّ الْأَدَاءُ لِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ يَسْتَدْعِي سَبْقَ ثُبُوتِهِ ، وَصِحَّةُ الرَّهْنِ لَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ الشَّرْطِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ، وَبِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ بِهِ بَيْعٌ آخَرُ عِنْدَ ظَنِّ صِحَّةِ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ ، وَالرَّهْنُ مَقْصُودٌ لِلتَّوَثُّقِ فَهُوَ كَالتَّابِعِ ، وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ إلَخْ ) فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَيْعَ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ تَوَثُّقٍ فَلَا يُؤَثِّرُ الظَّنُّ فِي الصِّحَّةِ

( فَصْلٌ كَمَا لَا يَدْخُلُ الشَّجَرُ ، وَالْبِنَاءُ فِي رَهْنِ الْأَرْضِ ) كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ ( لَا يَدْخُلُ الْمَغْرِسُ وَالْأَسُّ وَالثَّمَرُ ) ، وَلَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ ( وَالصُّوفُ ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ فِي رَهْنِ الشَّجَرِ وَالْجِدَارِ وَالْغَنَمِ ( بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ) لِضَعْفِ الثَّلَاثَةِ عَنْ الِاسْتِتْبَاعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّجَرَ وَالْجِدَارَ تَابِعَانِ لِلْمَغْرِسِ وَالْأَسِّ ، وَإِنَّ الْغَنَمَ لَا يُرَادُ دَوَامُ صُوفِهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ اللَّذَيْنِ فِيهَا ، وَكَالصُّوفِ اللَّبَنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَالْمُرَادُ بِالْأَسِّ هُنَا الْأَرْضُ الَّتِي تَحْتَ الْجِدَارِ لَا الْأَسُّ الَّذِي مِنْ نَفْسِ الْجِدَارِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( وَغُصْنُ الْخِلَافِ ، وَوَرَقُ الْآسِ ) ، وَهُوَ الْمُرْسِينُ ( وَالْفِرْصَادُ ) ، وَهُوَ التُّوتُ الْأَحْمَرُ ، وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ التُّوتِ الشَّامِلِ لِغَيْرِ الْأَحْمَرِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ غَالِبًا كَوَرَقِ الْحِنَّاءِ ، وَالسِّدْرِ ( كَالتَّمْرِ ) فَلَا يَدْخُلُ فِي رَهْنِ أَصْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَا يُقْصَدُ غَالِبًا كَغُصْنِ غَيْرِ الْخِلَافِ
( قَوْلُهُ وَغُصْنُ الْخِلَافِ ) أَيْ الْبَانِ ( قَوْلُهُ وَوَرَقُ الْآسِ إلَخْ ) فِي تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ كُلُّ شَجَرَةٍ يَقْصِدُ وَرَقَهَا كَالْآسِ وَالتُّوتِ أَوْ يَقْصِدُ غُصْنَهَا كَالْخِلَافِ حُكْمُهَا حُكْمُ الصَّدَفِ لَا تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ يَدْخُلُ الْوَرَقُ مُطْلَقًا أَوْ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ حَتَّى لَوْ رَهَنَ الشَّجَرَ حَالَ جَفَافِهِ فِي الْخَرِيفِ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغُصْنِ الْيَابِسِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَوْرَاقِ الَّتِي لَا تُقْطَعُ وَلَكِنَّهَا تَتَنَاثَرُ فِي الْخَرِيفِ إنَّ الرَّهْنَ يَتَعَلَّقُ بِهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِذَا جَمَعَ مِنْهَا مَا جَمَعَ كَانَ بِمَثَابَةِ مَا يَنْتَقِضُ مِنْ الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( رَهَنَهُ الظَّرْفَ بِمَا فِيهِ ) كَأَنْ قَالَ رَهَنْتُك هَذَا الْحُقَّ بِمَا فِيهِ ( وَهُوَ ) أَيْ مَا فِيهِ ( مَعْلُومٌ ) يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ ( صَحَّ فِيهِمَا ، وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا ( فَفِي الظَّرْفِ ) يَصِحُّ ( إنْ كَانَ مَقْصُودًا بِالرَّهْنِ ) بِأَنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ تُقْصَدُ بِهِ ( وَتَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ ) أَيْ فَيَصِحُّ فِي الظَّرْفِ دُونَ الْمَظْرُوفِ ( وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ) أَيْ الظَّرْفَ بِالرَّهْنِ ( فَالْمَرْهُونُ مَا فِيهِ فَقَطْ إنْ عَلِمَ ) ، وَكَانَ يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ وَالتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ عَلِمَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْمُقَسَّمَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ ، وَإِلَّا ( وَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ ) أَيْ فِي الظَّرْفِ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِالرَّهْنِ ( لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ بَطَلَ فِيهِمَا ) ، وَفِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ هُنَا خَلَلٌ سَلِمَ مِنْهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ( فَإِنْ رَهَنَهُ ) أَيْ الظَّرْفَ وَكَانَ يَقْصِدُ بِالرَّهْنِ ( دُونَ مَا فِيهِ صَحَّ ) الرَّهْنُ فِيهِ ( وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ الْمَقْصُودَ ) بِالرَّهْنِ دُونَ مَا فِيهِ ( فَإِنْ أَطْلَقَ رَهْنَ الظَّرْفِ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا فِيهِ وَمِثْلَهُ ) أَيْ الظَّرْفِ مِمَّا ( يَقْصِدُ ) بِالرَّهْنِ وَحْدَهُ ( فَهُوَ الْمَرْهُونُ دُونَ مَا فِيهِ ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ) بِالرَّهْنِ ( إنْ تَمَوَّلَ وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ ( فَهَلْ يَلْغُو ) أَيْ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ ( أَمْ يَقَعُ عَلَى الْمَظْرُوفِ ) لِأَنَّ ظَرْفَهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْلِ ( ، وَيَأْتِي فِي بَيْعِ الْخَرِيطَةِ ) مَثَلًا ( بِمَا فِيهَا ) أَوْ وَحْدَهَا أَوْ مُطْلَقًا ( مَا ) تَقَرَّرَ ( فِي الرَّهْنِ حَرْفًا بِحَرْفٍ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ .
قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعَاقِدَانِ ، وَشَرْطُهُمَا نُفُوذُ التَّصَرُّفِ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ ، وَنَحْوِهِ لَكِنَّ الرَّهْنَ نَوْعُ تَبَرُّعٍ فَإِنْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَالِهِ فَذَاكَ ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ كَمَا قَالَ ( فَإِنْ رَهَنَ وَلِيٌّ ، وَلَوْ أَبًا لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ ) بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ ( فَشَرْطُهُ الْمَصْلَحَةُ كَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً ، وَيَرْهَنَ بِهَا مِنْ أَمِينٍ يَجُوزُ إيدَاعُهُ مَا يُسَاوِي مِائَةً ) إذْ الْغِبْطَةُ ظَاهِرَةٌ بِتَقْدِيرِ سَلَامَةِ الْمَرْهُونِ ، وَإِنْ تَلِفَ كَانَ فِيمَا اشْتَرَاهُ جَابِرًا ( لَا ) مَا يُسَاوِي ( أَكْثَرَ ) مِنْ مِائَةٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا امْتَنَعَ الشِّرَاءُ إذْ قَدْ يَتْلَفُ الْمَرْهُونُ فَلَا يُوجَدُ جَابِرٌ ( وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ ) عَادَةً كَعَقَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ فِيمَا ذُكِرَ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُسَاوِي مِائَةً لِأَنَّ الرَّهْنَ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ كَيْفَ كَانَ وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّغَيُّرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّلَفِ ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَمِينٍ يَجُوزُ إيدَاعُهُ غَيْرَهُ فَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْهُ إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُتْلِفَ الْمَرْهُونَ أَوْ يَجْحَدَهُ ، وَهَذَا الْقَيْدُ جَارٍ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى ( أَوْ ) كَانَ ( يَخَافُ ) ، وَفِي نُسْخَةٍ عَطْفًا عَلَى كَأَنْ يَشْتَرِيَ ، وَمِثْلَ أَنْ يَخَافَ ( تَلَفَهُ ) أَيْ تَلَفَ مَالِهِ ( بِنَهْبٍ أَوْ حَرِيقٍ ) أَوْ نَحْوِهِ .
( فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَقَارًا ) مِمَّنْ لَا يَمْتَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِ ( وَيَرْهَنَ بِثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَطَ ) مَالِكُ الْعَقَارِ ( الرَّهْنَ ) بِأَنْ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِشَرْطِ الرَّهْنِ ( وَتَعَذَّرَ الْإِيفَاءُ ) لِلثَّمَنِ ( حَالًّا ) لِأَنَّ الْإِيدَاعَ حِينَئِذٍ مِمَّنْ لَا يَمْتَدُّ ذَلِكَ إلَيْهِ جَائِزٌ فَهَذَا أَوْلَى قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَلَوْ اقْتَرَضَ لَهُ ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ ، وَرَهَنَ بِهِ لَمْ يَجُزْ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ

لِأَنَّهُ يَخَافُ التَّلَفَ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ خَوْفَهُ عَلَى مَا يَرْهَنُهُ ، وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَوْدِعُهُ ، وَوَجَدَ مَنْ يَرْتَهِنُهُ ، وَالْمَرْهُونُ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الْقَرْضِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ رَهْنُهُ انْتَهَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا أَطْلَقَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَا يَقْتَرِضُهُ الْوَلِيُّ ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ رُبَّمَا امْتَدَّ إلَيْهِ النَّهْبُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَخَافُ ، وَالْمَرْهُونُ رُبَّمَا يَتْلَفُ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَيَبْقَى الدَّيْنُ بِحَالِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ إذَا وَقَعَتْ لِمَنْ لَا يَمْتَدُّ إلَيْهِ النَّهْبُ فَإِنَّهَا إذَا تَلِفَتْ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ لَا يَبْقَى دَيْنٌ ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِشَرْطِ الرَّهْنِ مِمَّا إذَا بَاعَهُ بِدُونِ ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ الرَّهْنُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيدَاعِ الْخَالِي عَنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَالِ ( وَمِثْلُ أَنْ يَقْتَرِضَ لِمُؤْنَتِهِ ) أَوْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ( أَوْ مُؤْنَةِ مَالِهِ ) كَإِصْلَاحِ ضِيَاعِهِ ( مُرْتَقِبًا لِغَلَّةٍ ، وَحُلُولِ دَيْنٍ وَنَفَاقِ ) مَتَاعٍ ( كَاسِدٍ ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ رَوَاجِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِمَا اقْتَرَضَهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَرْتَقِبْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ( بَاعَ مَا يَرْهَنُهُ ) ، وَلَا يَقْتَرِضُ .
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الرَّهْنِ لَهُ أَخَذَ فِي بَيَانِ الِارْتِهَانِ لَهُ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ أَيْضًا الْمَصْلَحَةُ فَقَالَ ( وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ التَّقَاضِي ) لِدَيْنِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ ( أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُؤَجَّلًا ) فَيَرْتَهِنُ فِيهِمَا وُجُوبًا ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَالِهِ مُؤَجَّلًا ( لِغِبْطَةٍ مِنْ أَمِينٍ غَنِيٍّ ، وَبِإِشْهَادٍ ) ، وَ ( بِأَجَلٍ قَصِيرٍ فِي الْعُرْفِ ) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَنَةٍ ( وَبِشَرْطِ كَوْنِهِ ) أَيْ الْمَرْهُونِ ( وَافِيًا بِالثَّمَنِ ) فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ بَطَلَ الْبَيْعُ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ بُطْلَانُهُ

بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ ، وَأَقَرَّهُ ( وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ ) نَسِيئَةً ( أَوْ أَقْرَضَهُ لِنَهْبٍ ارْتَهَنَ جَوَازًا ) إنْ كَانَ قَاضِيًا ، وَإِلَّا فَوُجُوبًا ، وَقَوْلُهُ جَوَازًا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ ، وَالْحَاكِمُ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِهِ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ ) ، وَأَوْلَى مِنْ عِبَارَتِهِ قَوْلُ الْأَصْلِ ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْتَهِنَ إذَا خِيفَ تَلَفُ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ ، وَيَرْفَعُهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الرَّهْنِ .

( قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّهْنَ نَوْعُ تَبَرُّعٍ ) لِأَنَّهُ حَبْسُ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ ) فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ مَالَ مَحْجُورِهِ وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُ إلَّا لَهَا أَمَّا الرَّهْنُ فَلِأَنَّهُ حَبْسُ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَمَّا الِارْتِهَانُ فَلِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ لَا يُقْرِضُ وَلَا يَبِيعُ إلَّا بِحَالٍّ مَقْبُوضٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ( قَوْلُهُ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ رَهْنُهُ ) وَوَجْهٌ أَنَّ فِيهِ حِفْظًا لِلْقَدْرِ الزَّائِدِ ( مِنْهُ ) ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا يَقْتَرِضُهُ الْوَلِيُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إلَخْ ) وَهَذَا وَاضِحٌ فَلْيَتَنَبَّهْ لَهُ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَنْ يَأْخُذُهُ وَدِيعَةُ ضَرَرٍ فِي قَبُولِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ صِيَانَةٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ كَمَا أَطْلَقَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدْ صَرَّحَ فِي أَوَّلِ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ جَمَاعَةٌ وَطَلَبَتْ مِنْ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَنَظَائِرِهِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا بَاعَ مَا يَرْهَنُهُ ) أَيْ بَاعَ وُجُوبًا ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ بُطْلَانُهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ ارْتَهَنَ جَوَازًا إلَخْ ) عَقَارًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَرْهَنُ عَقَارًا فَمَنْقُولًا ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوُجُوبًا ) وَلَا يَقُومُ الضَّامِنُ وَالْكَفِيلُ مَقَامَهُ ( قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ ) هَذَا فِي جَمِيعِ صُوَرِ ارْتِهَانِهِ

( وَلِمُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ ) فِي الْبَيْعِ ، وَنَحْوِهِ ، وَهُوَ الْأَبُ ، وَالْجَدُّ ( أَنْ يَرْهَنَ لِلطِّفْلِ ) ، وَنَحْوِهِ مَالَهُمَا مِنْ نَفْسِهِ ( وَ ) أَنْ ( يَرْتَهِنَ ) لَهُمَا مَالَهُ ( مِنْ نَفْسِهِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ، وَحَيْثُ جَازَ الرَّهْنُ ، وَالِارْتِهَانُ جَازَ لِلْأَبِ ، وَالْجَدِّ أَنْ يُعَامِلَا بِهِ أَنْفُسَهُمَا وَيَتَوَلَّيَا الطَّرَفَيْنِ ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا ذَلِكَ

( فَصْلٌ ) ( رَهْنُ الْمُكَاتَبِ ، وَارْتِهَانُهُ كَرَهْنِ الْوَلِيِّ ) وَارْتِهَانِهِ فِيمَا مَرَّ ( وَكَذَا ) الْعَبْدُ ( الْمَأْذُونُ ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ ( إنْ أُعْطِيَ مَالًا ) لَهَا بِأَنْ أَعْطَاهُ لَهُ سَيِّدُهُ ( فَإِنْ اتَّجَرَ بِجَاهِهِ ) بِأَنْ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ بِجَاهِك ، وَلَمْ يُعْطِهِ مَالًا ( فَكَالْمُطْلَقِ ) أَيْ فَكَمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَلَهُ الْبَيْعُ ، وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَالرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مُطْلَقًا ( مَا لَمْ يَرْبَحْ ) فَإِنْ رَبِحَ بِأَنْ فَضَلَ فِي يَدِهِ مَالٌ كَانَ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مَالًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ ، وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَحُدَّ لَهُ حَدًّا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ مِنْ دِينَارٍ إلَى مِائَةٍ
قَوْلُهُ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ كَرَهْنِ الْوَلِيِّ إلَخْ ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا وَقَعَ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ فَقَدْ قَالَ فِي تَنْقِيحِ الْوَسِيطِ إنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ وَلِيِّ الطِّفْلِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
ا هـ .
وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَحَيْثُ مَنَعْنَا فَيُسْتَثْنَى رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ وَمَا لَوْ رَهَنَ عَلَى مَا يُؤَدَّى بِهِ النَّجْمُ الْأَخِيرُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّجَرَ بِجَاهِهِ فَكَالْمُطْلَقِ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَيْسَ لَهُ الرَّهْنُ لِنَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَتَوْفِيَةِ مَا لَزِمَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ لَهُ الضِّيَاعُ لِيَقْتَرِضَ لِإِصْلَاحِهَا

( فِي ) حُكْمِ ( الْقَبْضِ ) وَالطَّوَارِئِ قَبْلَهُ ( لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِقَبْضٍ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ ) فِيمَا مَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } فَلَوْ لَزِمَ بِدُونِ الْقَبْضِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَائِدَةٌ ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ ، وَلَا تُرَدُّ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا فَلِلرَّاهِنِ الرُّجُوعُ عَنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ صَحَّ قَبْضُهُ ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ ( وَ ) لَكِنْ ( لَا يَسْتَنِيبُ الرَّاهِنَ فِي الْقَبْضِ ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ وَكِيلًا فِي الرَّهْنِ فَقَطْ أَوْ وَلِيًّا فَرَشَدَ مُوَلِّيهِ أَوْ عَزَلَ هُوَ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَنِيبَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ الْمَالِكِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ ( وَلَا ) يَسْتَنِيبُ ( رَقِيقَهُ ) أَيْ الرَّاهِنُ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ سَوَاءٌ الْمُدَبَّرُ ، وَالْمَأْذُونُ لَهُ ، وَغَيْرُهُمَا ، وَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ الْعَبْدَ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ مَوْلَاهُ لِأَنَّ شِرَاءَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِيهِ إلَى تَنْزِيلِ الْعَبْدِ مَنْزِلَةَ مَوْلَاهُ ( إلَّا مُكَاتَبَهُ ) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْأَجْنَبِيِّ .
وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ ، وَوَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ ، وَإِنْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ ، وَلَمْ يَشْرِطْ فِيهِ الْقَبْضَ فِي نَوْبَتِهِ ( فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ ) الرَّهْنَ ( الْمَشْرُوطَ فِي بَيْعٍ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ ) لِفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا ( وَيُشْتَرَطُ ) فِي اللُّزُومِ إقْبَاضُ الرَّاهِنِ أَوْ ( الْإِذْنُ ) مِنْهُ ( فِي الْقَبْضِ فَإِنْ رَهَنَ الْعَيْنَ مِنْ

غَاصِبٍ لَهَا أَوْ مُسْتَعِيرٍ أَوْ مُودَعٍ أَوْ وَكِيلٍ صَحَّ ) كَالْبَيْعِ ( وَاشْتَرَطَ الْإِذْنَ ) لَهُ مِنْ الرَّاهِنِ ( فِي الْقَبْضِ ) لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الرَّهْنِ ، وَلَمْ يَقَعْ تَعَرُّضٌ لِلْقَبْضِ عَنْهُ ( وَ ) اشْتَرَطَ فِيهِ ( مُضِيَّ مُدَّةِ إمْكَانِهِ ) كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لَكِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ وَقْتِ الْإِذْنِ لَا الْعَقْدِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ ) صَدَرَ الرَّهْنُ ( مِنْ أَبٍ تَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ ) أَيْ طَرَفَيْ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مُضِيُّ الْإِمْكَانِ ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ ( وَقَصْدُهُ لِلْقَبْضِ كَالْإِذْنِ ) فِيهِ ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْلَى مِنْ ضَمِّ الْأَصْلِ إلَى الْإِقْبَاضِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْبَاضِ إذْنٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ قَصْدُهُ ( وَكَذَا ) يَجْرِي ذَلِكَ ( فِي الْبَيْعِ ) لِشَيْءٍ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ ( لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ ) لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ ، وَانْتِقَالِ الضَّمَانِ ( الْإِذْنُ ) فِي الْقَبْضِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ هُنَا فَكَفَى دَوَامُهُ ( إلَّا فِيمَا يَسْتَحِقُّ حَبْسَهُ ) بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ حَالًّا ، وَلَمْ يُوَفَّ فَيُشْتَرَطُ الْإِذْنُ فِيهِ قِيلَ ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ غَائِبًا ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ بَلْ الْعَقْدُ قَبْضٌ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي .
وَأَقَرَّهُ زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ فَإِنَّ يَدَهُ إنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ فَقَدْ أَدَامَهَا ، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ جِهَةُ ضَمَانٍ يُسْقِطُ الْقِيمَةَ انْتَهَى ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِ الْمُتَوَلِّي كَمَا رَأَيْت ، وَهُوَ مَرْدُودٌ كَمَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ ، وَفِي نُسَخٍ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ ، وَكَذَا إلَى آخِرِهِ عَلَى قَوْلِهِ ، وَلَوْ مِنْ أَبٍ .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَبْضِ ) ( قَوْلُهُ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ فِيمَا مَرَّ ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَإِنْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ وَفِيهَا قُمَاشٌ لِلرَّاهِنِ صَحَّ التَّسْلِيمُ فِي الدَّارِ لِأَنَّهُ قَبَضَ فِي الْمَبِيعِ .
ا هـ .
وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ تَكْفِي التَّخْلِيَةُ هُنَا فِي دَارٍ مَشْحُونَةٍ كَالْبَيْعِ ضَعِيفٌ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ نَعَمْ لَوْ قَلَّ مَا فِيهَا كَحَصِيرٍ وَمَاعُونٍ يَسِيرٍ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ مَشْحُونَةٌ إنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّسْلِيمِ وَقَدْ أَبْدَاهُ السُّبْكِيُّ بَحْثًا وَلَهُ فِي الْمَشْحُونَةِ بَحْثٌ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ ع ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهَا أَنَّهُ وَصَفَهَا بِالْقَبْضِ فَكَانَ شَرْطًا فِيهِ كَوَصْفِ الرَّقَبَةِ بِالْإِيمَانِ وَالشَّهَادَةِ بِالْعَدَالَةِ وَلِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْقَبْضِ وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرَهُ مِنْ الْعُقُودِ وَلَمْ يَصِفْهُ بِهِ فَدَلَّ عَلَى لُزُومِهِ بِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ صَحَّ قَبْضُهُ ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مَنْ صَحَّ ارْتِهَانُهُ لِنَفْسِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ارْتِهَانُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ إذَا ارْتَهَنَ عَلَى دَيْنِ السَّفِيهِ ثُمَّ أَذِنَ لِلسَّفِيهِ فِي الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَنِيبُ الرَّاهِنُ فِي الْقَبْضِ ) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا عَكْسُهُ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَّلْتُك فِي قَبْضِهِ لِنَفْسِك لَمْ يَصِحَّ كَمَا قَالَهُ فِي الْحَاوِي وَوَقَعَ كَذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ صَحَّ وَهُوَ إنَابَةٌ فِي الْمَعْنَى ا هـ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إذْنَهُ إقْبَاضٌ

مِنْهُ لَا تَوْكِيلٌ ق .
( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الْإِذْنُ فِي الْقَبْضِ ) وَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي قَبْضِهِ ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ ( قَوْلُهُ أَوْ وَكِيلٍ ) أَوْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَامٍ أَوْ قَابِضٍ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمْ ( قَوْلُهُ وَمُضِيُّ مُدَّةِ إمْكَانِهِ ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لَكَانَ اللُّزُومُ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا الزَّمَانِ وَعَلَى الْقَبْضِ لَكِنْ سَقَطَ الْقَبْضُ إقَامَةً لِدَوَامِ الْيَدِ مَقَامَ ابْتِدَائِهَا فَبَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ حَاضِرًا اُعْتُبِرَ فِي قَبْضِهِ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ نَقْلُهُ إنْ كَانَ مَنْقُولًا وَإِنْ كَانَ عَقَارًا اُعْتُبِرَ مِقْدَارُ التَّخْلِيَةِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ فِيهِ إلَيْهِ وَنَقَلَهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ فِيهِ إلَيْهِ وَتَخْلِيَتُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ ضَمِّ الْأَصْلِ إلَيْهِ الْإِقْبَاضَ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَصَدَ الْأَبُ قَبْضًا أَيْ إذَا كَانَ مُرْتَهِنًا وَإِقْبَاضًا أَيْ إذَا كَانَ رَاهِنًا

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ذَهَبَ ) مَنْ ارْتَهَنَ مَا بِيَدِهِ ( لِيَقْبِضَ الرَّهْنَ ) بِالْفِعْلِ ( فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ مِنْ يَدِهِ وَقَدْ أَذِنَ ) لَهُ ( فِي الْقَبْضِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ طَلَبُهُ ، وَأَخْذُهُ ) حَيْثُ وَجَدَهُ ، وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ لِيَقْبِضَ الرَّهْنَ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ ذَهَبَ إلَيْهِ فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ، وَقَوْلُهُ طَلَبَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ ( فَلَا ) يَطْلُبُهُ ، وَلَا يَأْخُذُهُ ( حَتَّى يَقْبِضَهُ الرَّاهِنُ ، وَيُجَدِّدَ ) لَهُ ( الْإِذْنُ ) لَا يَخْفَى إنْ قَبَضَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَضْلًا عَنْ اشْتِرَاطِ ضَمِّ تَجْدِيدِ الْإِذْنِ الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ إلَيْهِ فَإِنْ قُرِئَ قَوْلُهُ يَقْبِضَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ، وَجُعِلَتْ الْوَاوُ فِي وَيُجَدِّدَ بِمَعْنَى أَوْ زَالَ الْإِشْكَالُ .
( وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ لِيَقْبِضَ الرَّهْنَ لَيْسَ شَرْطًا ) غَيْرُهُ مَفْهُومٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى ( قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَوْ ) وَبِهَا عَبَّرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ

( فَرْعٌ لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ ) مِنْ ضَمَانِ مَا غَصَبَهُ ( بِالرَّهْنِ مِنْهُ ) لِأَنَّهُ ، وَإِنْ كَانَ عَقْدُ أَمَانَةٍ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّوَثُّقُ ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ ( وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ ) لَا يَبْرَأُ بِالرَّهْنِ مِنْهُ ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمُعِيرُ الِانْتِفَاعَ لِمَا قُلْنَا ( وَلَا يَحْرُمُ ) عَلَيْهِ ( انْتِفَاعُهُ ) بِالْمُعَارِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ لِبَقَاءِ الْإِعَارَةِ ( إلَّا بِالرُّجُوعِ ) أَيْ بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ فِيهِ لِزَوَالِهَا ( وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى إيقَاعِ يَدِهِ عَلَيْهِ ) لِيَبْرَأَ مِنْ الضَّمَانِ ( ثُمَّ يَسْتَعِيدَهُ ) مِنْهُ ( بِحُكْمِ الرَّهْنِ ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّ الْمَرْهُونِ إلَيْهِ لِذَلِكَ ) أَيْ لِيُوقِعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهُ مِنْهُ الْمُرْتَهِنُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ ( وَلَوْ أُودِعَ ) الْمَالِكُ ( الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ ) لِأَنَّ الْإِيدَاعَ ائْتِمَانٌ وَهُوَ يُنَافِي الضَّمَانَ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ لَمْ يَبْقَ أَمِينًا بِخِلَافِ الرَّهْنِ ( لَا إنْ أَبْرَأَهُ ) مِنْ ضَمَانِهِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْمَغْصُوبُ ( فِي يَدِهِ ) فَلَا يَبْرَأُ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا يَبْرَأُ عَنْهَا إذْ الْإِبْرَاءُ إسْقَاطُ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ تَمْلِيكُهُ ، وَكَذَا إنْ أَبْرَأَهُ عَنْ ضَمَانِ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ تَلَفِهِ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَثْبُتْ ( أَوْ آجَرَهُ ) إيَّاهُ ( أَوْ قَارَضَهُ ) فِيهِ ( أَوْ وَكَّلَهُ ) فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ( أَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهُ ) فَلَا يَبْرَأُ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي رَهْنِهِ مِنْهُ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ بَرِئَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِمَا لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ ، وَكَالْغَاصِبِ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّ مَنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَامِ ، وَلَوْ قَالَ بَدَلٌ فِي يَدِهِ بَاقٍ كَانَ أَعَمَّ

( قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ ) فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ تَعَدَّى فِي الْمَرْهُونِ ضَمِنَهُ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَإِذَا كَانَ لَا يَدْفَعُ الضَّمَانَ فَلَأَنْ لَا يَدْفَعُهُ ابْتِدَاءً أَوْلَى وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَوْ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ فِي إمْسَاكِهِ رَهْنًا وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ قَبْضِهِ ( قَوْلُهُ وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ إلَخْ ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ أَبَى قَبَّضَهُ الْحَاكِمُ أَوْ مَأْذُونُهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي أَبْرَأْتُك أَوْ اسْتَأْمَنْتُك أَوْ أَوْدَعْتُك قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِ التَّعْلِيقِ بَرِئَ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَاصِبِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنَّ إحْدَاثَ الْمَالِكِ لَهُ اسْتِئْمَانًا بِمَنْزِلَةِ أَخْذِهِ وَرَدِّهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْغَزِّيِّ سُئِلْت عَمَّنْ فِي يَدِهِ دَابَّةٌ لِغَيْرِهِ وَدِيعَةً فَأَمَرَهُ بِأَنْ يُسَلِّمَهَا لِزَيْدٍ فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَ زَيْدٍ قَالَ لَهُ زَيْدٌ خَلِّهَا مَعَ دَوَابِّك وَهِيَ فِي تَسْلِيمِي فَخَلَّاهَا ثُمَّ تَلِفَتْ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَزُلْ يَدُ الْأَوَّلِ عَنْهَا فَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الثَّانِي هِيَ فِي تَسْلِيمِي وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَدَفَعَهُ إلَى شَخْصٍ لِيُسَلِّمَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ احْفَظْهُ لِي عِنْدَك فَحَفِظَهُ فَتَلِفَ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمَدِينِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ قَبْضٌ ( قَوْلُهُ أَوْ قَارَضَهُ ) فِيهِ صُورَةُ مُقَارَضَةِ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَهُ نَقْدًا إعَارَةً فَاسِدَةً ثُمَّ يُقَارِضُهُ عَلَيْهِ أَوْ لِلتَّزْيِينِ بِهِ أَوْ لِرَهْنِهِ أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ وَكَّلَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ ) أَوْ عَقَدَ الشَّرِكَةَ عَلَيْهِ أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهُ

( فَصْلٌ ) فِي الطَّوَارِئِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ ( وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِتَصَرُّفٍ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ ) كَبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَإِصْدَاقٍ وَهِبَةٍ بِإِقْبَاضٍ لِزَوَالِ مَحَلِّ الرَّهْنِ ( وَبِرَهْنٍ بِإِقْبَاضٍ ، وَإِحْبَالٍ وَكِتَابَةٍ ) لِلرَّقِيقِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْعَيْنِ ، وَقَوْلُهُ وَإِحْبَالٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَالْوَطْءِ مَعَ الْإِحْبَالِ ، وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمَا الرَّهْنَ بِالْإِقْبَاضِ وَتَقْيِيدِ الْأَصْلِ الْهِبَةَ بِهِ أَنَّهُمَا بِدُونِهِ لَيْسَا رُجُوعًا ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَخْرِيجِ الرَّبِيعِ ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ، وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ إنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ ، وَغَيْرُهُ ، وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَكَذَا تَدْبِيرٌ ) لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ ، وَهُوَ مُنَافٍ لِلرَّهْنِ ( لَا بِتَزْوِيجٍ ) إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَوْرِدِ الرَّهْنِ بَلْ رَهْنُ الْمُزَوَّجِ ابْتِدَاءً جَائِزٌ ( وَ ) لَا ( وَطْءَ ) بِغَيْرِ إحْبَالٍ ، وَإِنْ أَنْزَلَ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ سَبَبًا لِزَوَالِ مِلْكِهِ ( وَلَا بِإِجَارَةٍ ، وَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ ) الْمَرْهُونُ بِهِ ( قَبْلَ انْقِضَائِهَا ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ رَهْنِ الْمُؤَجَّرِ وَبَيْعِهِ ، وَقَيَّدَهُ الْفَارِقِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مُؤَجَّرًا لَا تَنْقُصُ عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ ، وَإِلَّا كَانَ رُجُوعًا كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِمَا يُخْرِجُ الْمَرْهُونَ عَنْ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الدَّيْنُ كَانَ رُجُوعًا فَكَذَا إذَا كَانَ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ بَعْضِهِ ، وَالظَّاهِرُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِلَازِمٍ ( وَلَا بِمَوْتِ عَاقِدٍ ) مِنْ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ لِأَنَّ مَصِيرَ الرَّهْنِ إلَى اللُّزُومِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِمَوْتِهِ كَالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ( بَلْ يَقُومُ الْوَارِثُ مُقَامَهُ ) فَيَقُومُ وَارِثُ الرَّاهِنِ مُقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ ، وَوَارِثُ الْمُرْتَهِنِ مُقَامَهُ فِي الْقَبْضِ ( وَلَا بِجُنُونٍ ) لِلْعَاقِدِ ، وَلَا بِإِغْمَائِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ كَالْمَوْتِ بَلْ أَوْلَى ( وَ

) لَا ( حَجْرِ سَفَهٍ ، وَفَلَسٍ بَلْ يَعْمَلُ الْوَلِيُّ ) أَيْ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ ( بِالْمَصْلَحَةِ فَيُجِيزُ ) لَهُ ( مَالُهُ فِعْلَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ جُنَّ ) مَثَلًا ( الرَّاهِنُ ، وَخَشِيَ الْوَلِيُّ فَسْخَ بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ ) الرَّهْنُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ ( وَفِيهِ ) أَيْ فِي إمْضَائِهِ ( غِبْطَةٌ ) أَيْ حَظٌّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ ( سَلَّمَ الرَّهْنَ ) فَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَسْخَهُ أَوْ كَانَ الْحَظُّ فِيهِ أَوْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرُورَةٌ أَوْ غِبْطَةٌ لِأَنَّهُمَا يُجَوِّزَانِ رَهْنَ مَالِ الْمَجْنُونِ ابْتِدَاءً فَاسْتِدَامَتُهُ أَوْلَى كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيُجِيزُ مَالُهُ فِعْلَهُ ابْتِدَاءً ، وَإِنْ جُنَّ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَ الْوَلِيُّ الرَّهْنَ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الرَّاهِنُ ، وَكَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَعَلَى الْأَصْلَحِ مِنْ فَسْخٍ ، وَإِجَازَةٍ .

( فَصْلٌ يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ بِتَصَرُّفٍ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ ) الْأَحْسَنُ فِي الضَّبْطِ أَنْ يُقَالَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ طَرَيَانُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاؤُهُ لَا يَفْسَخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا الرَّهْنَ وَالْهِبَةَ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ ( قَوْلُهُ وَكِتَابَةٍ ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الْكِتَابَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ فَإِنَّ الْفَاسِدَةَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ فَتَلْتَحِقُ بِالتَّدْبِيرِ وَفِي الْبَحْرِ رَهَنَ عَبْدَهُ ثُمَّ قَبْلَ الْإِقْبَاضِ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ فَفِي كَوْنِهِ رُجُوعًا عَنْ الرَّهْنِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُ وَالِدِي .
ا هـ .
أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ رُجُوعٌ ( قَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) وَقَالَ فِي الْبَيَانِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَقَدْ رَجَّحَا فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الرَّهْنَ بِدُونِ الْقَبْضِ رُجُوعٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالصَّوَابُ عَلَى الْمَذْهَبِ حَذْفُ لَفْظِ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُوهِمَةٌ ( قَوْلُهُ مِنْ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ ) أَيْ وَوَكِيلِهَا وَوَكِيلِ أَحَدِهِمَا ( قَوْلُهُ فَيَقُومُ وَارِثُ الرَّاهِنِ مُقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ ) قَدْ يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ إقْبَاضَ الْوَارِثِ يَقُومُ مَقَامَ إقْبَاضِ الرَّاهِنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَتَى كَانَ هُنَاكَ دُيُونٌ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مُقَدَّمًا بِهَذَا الرَّهْنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَقَالَ قُلْته تَخْرِيجًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ قَدْ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّخْصِيصُ وَفِي إقْبَاضِهِ تَخْصِيصٌ .
ا هـ .
وَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ الْمُخَصِّصُ فِي الْحَقِيقَةِ عَقْدُ الْمُوَرِّثِ وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ مَا قَالَهُ

( فَرْعٌ يَبْطُلُ حُكْمُ الرَّهْنِ ) لِلْعَصِيرِ ، وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ ( بِانْقِلَابِهِ خَمْرًا ) مَا دَامَ خَمْرًا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ ( فَإِذَا تَخَلَّلَ عَادَ رَهْنًا ، وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ ) كَمَا عَادَ مِلْكًا ( وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ ) الرَّهْنُ بِانْقِلَابِ الْعَصِيرِ خَمْرًا سَوَاءٌ ( تَخَلَّلَ أَمْ لَا ) لِنَقْصِ الْخَلِّ عَنْ الْعَصِيرِ فِي الْأَوَّلِ ، وَفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ فِي الثَّانِي هَذَا ( إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا ) إنْ كَانَ ( بَعْدَهُ لِأَنَّهُ تَخَمَّرَ فِي يَدِهِ فَلَوْ قَبَضَهُ خَمْرًا ، وَتَخَلَّلَ اسْتَأْنَفَ الْقَبْضَ ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ بِخُرُوجِ الْعَصِيرِ عَنْ الْمَالِيَّةِ ( لَا الْعَقْدِ ) لِوُقُوعِهِ حَالَ الْمَالِيَّةِ ( وَلَوْ مَاتَتْ الشَّاةُ ) الْمَرْهُونَةُ ( فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ) أَوْ الرَّاهِنِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى ( فَدَبَغَ الْمَالِكُ جِلْدَهَا لَمْ يَعُدْ رَهْنًا ) لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِالْمُعَالَجَةِ بِخِلَافِ الْخَلِّ فَإِنْ قُلْت قَدْ يَحْدُثُ بِهَا أَيْضًا كَنَقْلِهِ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسِهِ قُلْت نَادِرٌ فَأُلْحِقَ بِالْغَالِبِ ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ الْمَالِكَ مُضِرٌّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَبَغَ جِلْدَ مَيْتَةٍ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَكُونُ مِلْكًا لِلدَّابِغِ نَعَمْ إنْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَالِكُ فَدَبَغَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لَهُ ، وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ ( وَلَوْ أَبَقَ الْمَرْهُونُ أَوْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ ) ، وَلَوْ ( قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ ) لِاغْتِفَارِ مَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ ( وَتَخَمُّرُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَتَخَمُّرِ الْمَرْهُونِ بَعْدَهُ ) فِي بُطْلَانِ حُكْمِ الْعَقْدِ وَعَوْدِهِ إذَا عَادَ خَلَّا لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَيْضًا ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ

( قَوْلُهُ كَمَا عَادَ مِلْكًا ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَ بِنَفْسِهِ تَبَعًا لِزَوَالِ مِلْكِ الرَّاهِنِ عَادَ بِنَفْسِهِ تَبَعًا لِعَوْدِ مِلْكِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ رَهَنَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ ثُمَّ خَرِسَ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنْ بَقِيَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ وَإِلَّا بَطَلَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ قَالَ الطَّبَرِيُّ مِنْ رِوَايَةٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ) هُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى ( قَوْلُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَبَقَ الْمَرْهُونُ إلَخْ ) لَوْ قُتِلَ الرَّقِيقُ الْمَرْهُونُ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ الْإِمَامُ فَفِي تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَثِيقَةِ بِقِيمَتِهِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْمُتْلِفِ الْوَجْهَانِ فِي طُرُوُّ مَا عَرَضَ لِلْفَسَادِ ( قَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ لِاغْتِفَارِ إلَخْ ) وَيَصِحُّ قَبْضُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ( قَوْلُهُ لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ إلَخْ ) قَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِثُبُوتِهِ فِي بَابِ حُكْمِ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِهِ

( فَصْلٌ ) فِي تَخَلُّلِ الْخَمْرِ وَتَخْلِيلِهَا ( الْخَمْرُ إنْ قُصِدَ بِعَصِيرِهَا الْخَلُّ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ لَا تُرَاقُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّ اتِّخَاذَ الْخَلِّ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَا يَنْقَلِبُ الْعَصِيرُ إلَى الْحُمُوضَةِ إلَّا بِتَوَسُّطِ الشِّدَّةِ فَلَوْ لَمْ تُحْتَرَمْ ، وَأُرِيقَتْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِتَعَذُّرِ اتِّخَاذِ الْخَلِّ ( وَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْخَمْرُ أُرِيقَتْ ) لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا ، وَلِلْأَمْرِ بِإِرَاقَةِ الْخُمُورِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ ، وَتَفْسِيرُ الْمُحْتَرَمَةِ بِمَا ذُكِرَ قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا ، وَقَالَا فِي الْغَصْبِ هِيَ مَا اُتُّخِذَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ ، وَهُوَ أَعَمُّ ، وَأَوْجَهُ كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ النَّجَاسَةِ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُمَا ، وَكَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُتَدَافِعَانِ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْقَصْدِ ، وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ الْقَصْدُ فَالْعِبْرَةُ بِالْقَصْدِ الَّذِي يَعْقُبُهُ التَّخَمُّرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي حَتَّى لَوْ عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ ثُمَّ قَبْلَ التَّخَمُّرِ قُصِدَ اتِّخَاذُهُ خَلًّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَزُولُ الْقَصْدُ الْمُقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ بِالْقَصْدِ الْمُجَرَّدِ ( فَإِنْ وَقَعَ فِي الْخَمْرِ ) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً ( خَلٌّ أَوْ عَيْنٌ ) أُخْرَى غَيْرُ خَمْرٍ ( وَلَوْ حَصَاةً ) ، وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّخَلُّلِ ( ثُمَّ انْقَلَبَتْ خَلًّا لَمْ تَطْهُرْ ) لِمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ( وَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْعَصِيرِ ) عَيْنٌ ( فَتَخَمَّرَ ) وَانْقَلَبَتْ الْخَمْرَةُ خَلًّا ( نَجَّسَتْ ) أَيْ الْعَيْنُ الْخَلَّ لِتَنَجُّسِهَا بِالْخَمْرِ ، وَتَعْبِيرُهُ بِوَقَعَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِطُرِحَ ( وَيَحْرُمُ الِاسْتِعْجَالُ لِذَلِكَ ) أَيْ لِلتَّخَلُّلِ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ { سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَتَّخِذُ الْخَمْرَ خَلًّا قَالَ لَا } ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ { إنَّ

أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عِنْدِي خُمُورٌ لِأَيْتَامٍ قَالَ أَرِقْهَا قَالَ أَلَا أُخَلِّلُهَا قَالَ لَا } ( فَائِدَةٌ ) إذَا اسْتَحْكَمَتْ الْخَمْرَةُ الْمُحْتَرَمَةُ ، وَأَيِسَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا إلَّا بِصُنْعِ آدَمِيٍّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ فِيمَا نَظُنُّهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا ( وَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْعَصِيرِ خَلٌّ كَثِيرٌ يَمْنَعُهُ التَّخَمُّرَ لَمْ يَضُرَّ ) ، وَالْأَضَرُّ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ، وَقَدَّمْت ثَمَّ تَوْجِيهَهُ ، وَظَاهِرٌ أَنَّ تَعْبِيرَهُ هُنَا بِالْكَثِيرِ ، وَثَمَّ بِالْغَالِبِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي أَصْلِهِ هُنَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ ، وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَمْنَعُ التَّخَمُّرَ ، وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ غَالِبًا أَمْ مَغْلُوبًا أَمْ مُسَاوِيًا ، وَكَلَامُهُ ثَمَّ كَكَلَامِ أَصْلِهِ هُنَا مُتَدَافِعٌ فِي حَالَةِ التَّسَاوِي إنْ لَمْ يَجْرِ الْكَلَامُ عَلَى الْغَالِبِ

( قَوْلُهُ وَلَا يَنْقَلِبُ الْعَصِيرُ إلَى الْحُمُوضَةِ إلَّا بِتَوَسُّطِ الشِّدَّةِ إلَخْ ) هَذَا يُخَالِفُ مَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَدْ يَصِيرُ الْعَصِيرُ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إحْدَاهَا أَنْ يَصُبَّهُ فِي الدَّنِّ الْمُعَتَّقِ بِالْخَلِّ ثَانِيَتُهَا أَنْ يَصُبَّهُ عَلَى الْخَلِّ فَيَصِيرُ بِمُخَالَطَتِهِ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ ثَالِثَتُهَا أَنْ يُجَرِّدَ حَبَّاتِ الْعِنَبِ مِنْ عَنَاقِيدِهَا وَيَمْلَأَ مِنْهَا الدَّنَّ وَيُطَيِّنَ رَأْسَهُ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُرَاقُ أَيْضًا مَعَ الشَّكِّ فِي أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وُجِدَتْ بِأَيْدِي الْفُسَّاقِ س تَحْرُمُ إرَاقَتُهَا عِنْدَ الشَّكِّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ إتْلَافِهَا قَبْلَ عَصْرِهَا فَيَسْتَصْحِبُ إلَى وُجُودِ مُقْتَضَى جَوَازِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ أَعَمُّ وَأَوْجَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ فَيَكُونُ الْأَصْلُ الِاحْتِرَامَ إلَّا أَنْ يُوجَدَ قَصْدٌ فَاسِدٌ وَلَيْسَ مَا سَبَقَ بِخِلَافٍ مُحَقَّقٍ فِيمَا أَحْسِبُ وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ عِبَارَةٌ عَنْ مَقْصُودٍ وَاحِدٍ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُحْتَرَمَةَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْخَمْرِيَّةَ وَغَيْرُهَا مَا قَصَدَ بِهِ الْخَمْرِيَّةَ وَلَوْ عَصَرَهَا ذِمِّيٌّ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَلَوْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ ( قَوْلُهُ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّهُ اقْتَرَنَ بِالْإِمْسَاكِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ انْقَلَبَتْ خَلًّا ) أَيْ وَهِيَ فِيهَا أَوْ كَانَتْ نَجِسَةً وَإِنْ نُزِعَتْ مِنْهَا ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ إلَخْ ) قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَا يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا لِمَنَافِعَ قَدْ تَعْرِضُ مِنْ إطْفَاءِ نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ س

( الْبَابُ الثَّالِثُ ) ( فِي أَحْكَامِ ) ، وَفِي نُسْخَةٍ حُكْمِ ( الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ ) ( الْأَوَّلُ الرَّاهِنُ فَبَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَتَزْوِيجُهُ ) وَنَحْوُهَا ( لِلْمَرْهُونِ بَاطِلٌ ) لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا لِمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ تَفْوِيتِ التَّوَثُّقِ وَالرَّهْنِ مِنْ زَحْمِ الْمُرْتَهِنِ فِي مَقْصُودِهِ وَالتَّزْوِيجِ وَنَحْوِهِ مِنْ نَقْصِ الْمَرْهُونِ ، وَتَقْلِيلِ الرَّغْبَةِ فِيهِ ( وَكَذَا إجَارَةُ ) لَهُ ( يَحِلُّ الدَّيْنُ ) الْمَرْهُونُ بِهِ ( قَبْلَ انْقِضَائِهَا ) بِأَنْ يَكُونَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا يَحِلُّ قَبْلَ انْقِضَائِهَا ، وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَ الْمُؤَجَّرِ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ الْقِيمَةَ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ حَلَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ مَعَهُ ( صَحَّتْ ) إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدْلًا لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ حَالَةَ الْبَيْعِ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ صِحَّتُهَا أَيْضًا إذَا احْتَمَلَ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ وَالْمُقَارَنَةَ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا بِأَنْ يُؤْجِرَهُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ كَبِنَاءِ حَائِطٍ ، وَفِيهِ نَظَرٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَإِطْلَاقُ الصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ نَقْصًا فِي الْقِيمَةِ كَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ أَوْ كَانَتْ مُدَّةُ تَفْرِيغِ الْمَأْجُورِ لَا تَمْتَدُّ إلَى مَا بَعْدَ الْحُلُولِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا ، وَمَا قَالَهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَرْهُونِ بِمَا يَنْقُصُهُ كَمَا سَيَأْتِي ( فَلَوْ حَلَّ ) الدَّيْنُ ( بِمَوْتِ الرَّاهِنِ لَمْ تَبْطُلْ الْإِجَارَةُ ) لِوُقُوعِهَا فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ ( فَيَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ ) إلَى انْقِضَائِهَا كَمَا يَصِيرُ الْغُرَمَاءُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَسْتَوْفِي الْمُعْتَدَّةُ حَقَّ السُّكْنَى جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ ( وَيُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ ) بِدَيْنِهِ فِي الْحَالِّ ( وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا يَقْضِي بَاقِي دَيْنِهِ مِنْ الرَّهْنِ ) بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ ، وَقِيلَ

تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِالْحُلُولِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ ، وَيُضَارِبُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْأُجْرَةِ الْمَدْفُوعَةِ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ فَيَصِيرُ إلَى آخِرِهِ بَلْ يُبَاعُ الْمَرْهُونُ لِلْمُرْتَهِنِ ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِالدَّيْنِ ، وَضَارَبَ بِبَاقِيهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ ، وَهُوَ لَا يُوَافِقُ مَا فِي الْأَصْلِ ، وَلَمْ أَرَ لَهُ فِيهِ سَلَفًا ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ .

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ الْمَرْهُونِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ فَبَيْعُهُ وَرَهْنُهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَا رَهْنُهُ لِغَيْرِهِ نَعَمْ يَجُوزُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ وَيَصِحُّ الثَّانِي وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ آخَرَ كَمَا سَبَقَ ر وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مَا مَنَعْنَاهُ أَيْ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَالِانْتِفَاعَاتِ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ جَوَازُ الرَّهْنِ بِالْإِذْنِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَيَانِ وَيُجْعَلُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ السَّابِقِ كَالْبَيْعِ بِالْإِذْنِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَشْكَلَ بِمَا سَبَقَ مِنْ مَنْعِ رَهْنِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيَكُونَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْهُ وَيَكُونَ فَسْخًا ا هـ قَالَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَمَنَعَ شَيْخِي وَوَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ كَوْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ أَوْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ الرَّهْنِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ قَالَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ قَاضِي شُهْبَةَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُهُ ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَلَا الْخَلِيَّةِ عِنْدَ الرَّهْنِ وَالْمُزَوَّجَةِ فَلَوْ خَالَفَ بَطَلَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْهُ صَحَّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ ( قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا ) كَكِتَابَتِهِ ( قَوْلُهُ لِمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ تَفْوِيتِ التَّوَثُّقِ ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ لَكِنْ لَهُ قَتْلُهُ قِصَاصًا وَدَفْعًا وَكَذَا بِالرِّدَّةِ وَالْحِرَابَةُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ إمَامًا .
( قَوْلُهُ وَكَذَا إجَارَةٌ لَهُ ) لَا لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ الْقِيمَةَ ) وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ } ( قَوْلُهُ

إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدْلًا ) أَوْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِيَدِ غَيْرِ الْعَدْلِ وَكَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُسْتَعِيرُ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ صِحَّتُهَا أَيْضًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَهُوَ نَظِيرُ عَدَمِ بُطْلَانِ السَّلَمِ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَحِلِّ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِيمَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لَا قَبْلَهُ

( وَمَنْ ارْتَهَنَ شَيْئًا فَلَهُ اسْتِئْجَارُهُ ) مُطْلَقًا ( كَعَكْسِهِ ) أَيْ كَمَا لَهُ ارْتِهَانُ مُسْتَأْجِرِهِ ( فَإِنْ كَانَ ) الِاسْتِئْجَارُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) لِلْمَرْهُونِ ( فَسَلَّمَهُ عَنْ الْإِجَارَةِ لَمْ يَقَعْ عَنْ الرَّهْنِ ) لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ ( أَوْ ) سَلَّمَهُ ( عَنْ الرَّهْنِ ) وَأَوْجَبْنَا الْبُدَاءَةَ فِي التَّسْلِيمِ فِي الْإِجَارَةِ بِالْمُؤَجَّرِ أَوْ لَمْ نُوجِبْهَا ، وَوَفَّى الْمُكْتَرِي الْأُجْرَةَ أَوْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً ( وَقَعَ عَنْهُمَا ) ، وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَنْ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهَا مُسْتَحَقٌّ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ، وَإِنْ سَلَّمَهُ عَنْهُمَا وَقَعَ عَنْهُمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ بِالْأُولَى ، وَلَوْ أَطْلَقَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَنْزِيلُهُ عَلَى الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ .
( قَوْلُهُ وَمَنْ ارْتَهَنَ شَيْئًا فَلَهُ اسْتِئْجَارُهُ ) إجَارَتُهُ مِنْ وَارِثِ الْمُرْتَهِنِ كَإِجَارَتِهِ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ أَوْ سَيِّدِ الْمَأْذُونِ بَعْدَ حَجْرِهِ عَلَيْهِ وَالضَّابِطُ إجَارَتُهُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ مَنْ كَانَ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَدْ يَحْمِلُهُ حَامِلٌ عَلَى الْعَاقِدِ قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَنْزِيلُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ إذَا أَعْتَقَ ) الرَّاهِنُ الْمَالِكُ ( الْمُوسِرُ مَرْهُونًا مَقْبُوضًا عَتَقَ فِي الْحَالِّ ) تَشْبِيهًا لِسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِسِرَايَتِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إلَى الْآخَرِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ ، وَغَيْرِهَا مَعَ بَقَاءِ حَقِّ الْوَثِيقَةِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ ، وَتَصِيرُ رَهْنًا كَمَا قَالَ ( وَغَرِمَ قِيمَتَهُ ) أَيْ وَقْتَ إعْتَاقِهِ ( وَتَصِيرُ ) مِنْ حِينِ غُرْمِهَا ( رَهْنًا ) أَيْ مَرْهُونَةً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى عَقْدٍ ، وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ كَمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ ، وَهُوَ مُرَادٌ مِنْ عَبَّرَ هُنَا ، وَفِي الْفَرْعِ الْآتِي بِأَنَّهَا تُجْعَلُ رَهْنًا ( أَوْ تَصَرَّفَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ إنْ حَلَّ ) ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ فِيمَا إذَا حَلَّ الدَّيْنُ هُوَ الْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِبَحْثِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا ، وَلِإِطْلَاقِهِمَا فِيمَا يَأْتِي فِي أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَكِنَّ مَنْقُولَهُمَا هُنَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلرَّهْنِ فِي ذَلِكَ ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي نُسْخَةٍ ، وَتَصَرَّفَ بِالْوَاوِ ، وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ الْمُوسِرُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا عَتَقَ الْقَدْرُ الَّذِي أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَغَيْرُهُ ، وَإِذَا نَفَّذْنَا إعْتَاقَ الْمُوسِرِ كَانَ إقْدَامُهُ عَلَيْهِ جَائِزًا كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى ، وَاقْتَضَاهُ أَيْضًا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ ، وَغَيْرِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي بَحْثِ التَّنَازُعِ فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إقْدَامُهُ عَلَيْهِ ( وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ مُعْسِرٍ .
وَلَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ ) بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لِعَجْزِهِ ، وَلَوْ اسْتَعَارَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ قَهْرِيٌّ مِنْ الشَّرْعِ أَوْ لَا لِتَعَلُّقِ الْوَثِيقَةِ بِهِ أَوْ يُقَالُ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ ، وَإِلَّا فَلَا فِيهِ نَظَرٌ ( وَلَوْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الرَّاهِنُ الْعِتْقَ ( بِفَكَاكِ الرَّهْنِ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ

أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا ( فَانْفَكَّ عَتَقَ ) إذْ لَمْ يُوجَدْ حَالَ الرَّهْنِ إلَّا التَّعْلِيقُ ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِصِفَةٍ ) أُخْرَى ( فَوُجِدَتْ ، وَقَدْ انْفَكَّ ) الرَّهْنُ بِأَنْ انْفَكَّ مَعَ وُجُودِهَا أَوْ قَبْلَهُ ( عَتَقَ ) أَيْضًا لِمَا مَرَّ ( أَوْ ) وُجِدَتْ ( وَهُوَ مَرْهُونٌ فَكَعِتْقِهِ ) بِمَعْنَى إعْتَاقِهِ فَيَعْتِقُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ ( ثُمَّ وَقْفُهُ ) أَيْ الرَّاهِنُ لِلْمَرْهُونِ ( بَاطِلٌ ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ ( وَإِنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ ثُمَّ ) أَعْتَقَ نِصْفَهُ فَإِنْ ( أَعْتَقَ نِصْفَهُ الْمَرْهُونَ عَتَقَ مَعَ بَاقِيهِ عَلَى الْمُوسِرِ ) دُونَ الْمُعْسِرِ ( أَوْ ) أَعْتَقَ نِصْفَهُ ( غَيْرَ الْمَرْهُونِ أَوْ أَطْلَقَ عِتْقَ غَيْرِ الْمَرْهُونِ ) مِنْ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ ( وَسَرَى ) إلَى الْمَرْهُونِ ( عَلَى الْمُوسِرِ ) دُونَ الْمُعْسِرِ لِأَنَّهُ يَسْرِي إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَمِلْكُهُ أَوْلَى ( وَيَنْفُذُ عِتْقُ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُوسِرِ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا ) عَنْ ( كَفَّارَةِ غَيْرِهِ ) بِسُؤَالِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إنْ وَقَعَ بِعِوَضٍ ، وَإِلَّا فَهِبَةً ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ فَانْتَقَلَتْ الْعَيْنُ إلَى وَارِثِهِ فَأَعْتَقَهَا عَنْ مُوَرِّثِهِ ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَرْهَنْهُ ، وَلَكِنْ مَاتَ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مَرْهُونًا ، وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَنْ مُوَرِّثِهِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ كَإِعْتَاقِهِ ، وَلَا تُرَدَّانِ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ نَفْسَهُ ، وَفِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ لَا غَيْرُهُمَا ثُمَّ ظَاهِرٌ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ مِنْهُ

( قَوْلُهُ عَتَقَ فِي الْحَالِ إلَخْ ) لِأَنَّهُ عِتْقٌ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُبَعَّضُ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ فَرَهَنَ عِنْدَهُ بَعْضَهُ صَحَّ وَلَا يَجُوزُ لَهُ إعْتَاقُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَالْمُرْتَهِنِ الْأَجْنَبِيِّ د ( قَوْلُهُ مِنْ حِينِ غُرْمِهَا ) الَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا تَكُونُ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ كَالْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ قِيمَةِ الْعَتِيقِ وَقِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ حِينِ غُرْمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ الْآتِي أَنَّ جِنَايَةَ الرَّاهِنِ لَا يَكُونُ بَدَلُهَا رَهْنًا فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَمَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ تَكُونُ قِيمَةُ الْعَتِيقِ رَهْنًا وَلَوْ قَبْلَ غُرْمِهَا ( قَوْلُهُ لَكِنَّ مَنْقُولَهُمَا هُنَا إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ خِلَافًا وَمَقْصُودُ الْأَوَّلِينَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهَا رَهْنًا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ طَلَبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَقْضِ الرَّاهِنُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ قَالَ فِي الْمَيْدَانِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِيمَا إنْ وَطِئَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَةَ وَغَرَّمْنَاهُ أَرْشَ الْبَكَارَةِ أَنَّهُ إنْ شَاءَ جَعَلَهُ رَهْنًا وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ ( قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ فَقَدْ بَحَثْت أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِيَسَارِهِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ وَيُوَفَّى حَالًّا قَالَ وَعَلَى هَذَا فَالْمُعْتَبَرُ عِنْدِي فِي هَذَا التَّصْوِيرِ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَالدَّيْنِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ التَّحْقِيقُ .
وَقَوْلُهُ إنَّهُ التَّحْقِيقُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِذَا

نَفَّذْنَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ مُعْسِرٍ إلَخْ ) لِأَنَّهُ عِتْقٌ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَلِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ حِينَ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ كَالْمَحْجُورِ يُعْتَقُ ثُمَّ يَرْشُدُ ( قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ إنْ كَانَ مُوسِرًا إلَخْ ) وَهَذَا أَوْجَهُهَا .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ إلَى أَجَلٍ يَحِلُّ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَلَمْ يَتَّفِقْ بَيْعُهُ قَبْلَ وُجُودِهَا ثُمَّ وُجِدَتْ فَهَلْ يَعْتِقُ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ أَوْ يَكُونُ كَعِتْقِ الْمَرْهُونِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُجُودِ الصِّفَةِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا قَالَ شَيْخُنَا بَعْدُ إنَّ الْحَقَّ قَبْلَ قَوْلِ وَالِدِهِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا لَفْظَةُ قِيلَ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ قَبْلَ هَذَا الْمَحَلِّ بِأَوْرَاقٍ ( قَوْلُهُ فَكَعِتْقِهِ ) بِمَعْنَى إعْتَاقِهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَنْجِيزٌ ( قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ إعْتَاقَهُ كَإِعْتَاقِهِ ) وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ مُوسِرٌ رَقِيقَهُ الْمَرْهُونَ عَنْ كَفَّارَةِ مُوَرِّثِهِ صَحَّ بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْهُ لِاجْتِمَاعِ عَدَمِ النِّيَابَةِ وَبَعْدَ إتْيَانِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ

( فَصْلٌ ) ( يَحْرُمُ عَلَيْهِ ) أَيْ الرَّاهِنِ ( وَطْءُ مَرْهُونَةٍ ، وَلَوْ ثَيِّبًا لَا تَحْبَلُ ) لِخَوْفِ الْحَبَلِ فِيمَنْ تَحْبَلُ ، وَحَسْمًا لِلْبَابِ فِي غَيْرِهَا نَعَمْ لَوْ خَافَ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِالرَّاهِنِ الزَّوْجُ بِأَنْ رُهِنَتْ زَوْجَتُهُ ، وَلَوْ بِأَنْ يَكُونَ اسْتَعَارَهَا هُوَ لِلرَّهْنِ لَكِنْ قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَخِيرَةَ بِأَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْهُ قَالَ فَلَهُ وَطْؤُهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ، وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ بَقِيَّةُ التَّمَتُّعَاتِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ ، وَبِهِ حَرَّمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ، وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ ، وَغَيْرُهُ بِحُرْمَتِهَا أَيْضًا خَوْفَ الْوَطْءِ ، وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا خَافَ الْوَطْءَ وَالْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا أَمِنَهُ ( فَإِنْ وَطِئَ ) الرَّاهِنُ ( لَمْ يَلْزَمْهُ ) مَعَ التَّعْزِيرِ بِشَرْطِهِ ( سِوَى أَرْشِ الْبَكَارَةِ ) فِي الْبِكْرِ لِإِتْلَافِهِ جُزْءَ الْمَرْهُونِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ مِنْ حَدٍّ وَمَهْرٍ لِأَنَّهُ أَصَابَ مِلْكَهُ ، وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ كَانَ الْمَهْرُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ لَوْ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا أَوْ غَيْرُهُ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا لِاسْتِقْلَالِهَا ثُمَّ الرَّاهِنِ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ الْأَرْشِ ( يَرْهَنُهُ أَوْ يَقْضِيهِ ) أَيْ يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ ، وَفِي نُسَخٍ أَوْ يُقَبِّضُهُ أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ دَيْنِهِ فَيُقْرَأُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ( وَإِحْبَالُهُ كَإِعْتَاقِهِ ) فَيَنْفُذُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ .
وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا ، وَتَكُونُ رَهْنًا أَوْ تُصْرَفُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ إنْ حَلَّ ، وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ نَسِيبٌ ، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ثُمَّ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهَا الدَّيْنُ ( فَيُبَاعُ عَلَى الْمُعْسِرِ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ ، وَإِنْ نَقَصَهَا التَّشْقِيصُ ) رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِيلَادِ ، وَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ عَنْ بَاقِيهَا ، وَيَسْتَقِرُّ

الْإِيلَادُ فِيهَا ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَالْمُوَلِّدِ بِحَسَبِ نَصِيبِهِمَا ، وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلَ ( بِخِلَافِ غَيْرِهَا ) مِنْ نَحْوِ رَقِيقٍ رُهِنَ بِخَمْسِينَ ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ ، وَكَانَ لَا يُشْتَرَى نِصْفُهُ إلَّا بِأَرْبَعِينَ ، وَيُشْتَرَى الْكُلُّ بِمِائَةٍ فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ بَلْ يُبَاعُ كُلُّهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ ( لَكِنْ ) لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ الْمُسْتَوْلَدَةِ إلَّا ( بَعْدَ أَنْ تَضَعَ وَلَدَهُ ) لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِحُرٍّ ( وَ ) بَعْدَ أَنْ ( تَسْقِيَهُ اللُّبَا ، وَتُوجِدَ مُرْضِعَةً ) خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا الْمُشْتَرِي فَيَهْلِكُ الْوَلَدُ ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إجَارَتِهَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُضَارِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي مُدَّةِ الصَّبْرِ ( فَإِنْ اسْتَغْرَقَهَا الدَّيْنُ أَوْ عَدَمُ مُشْتَرِي الْبَعْضِ بِيعَتْ كُلُّهَا ) بَعْدَمَا ذَكَرَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْأُولَى ، وَلِلضَّرُورَةِ فِي الثَّانِيَةِ ، وَإِذَا بِيعَ بَعْضُهَا أَوْ كُلُّهَا عِنْدَ وُجُودِ مُرْضِعَةٍ فَلَا يُبَالِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهَا ، وَبَيْنَ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ حُرٌّ ( ، وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ لِلرَّاهِنِ ( أَنْ يَهَبَهَا لِلْمُرْتَهِنِ ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا مَلَكَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ ) فِي الدَّيْنِ أَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ عَنْهَا بِغَيْرِ بَيْعٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( نَفَذَ اسْتِيلَادُهُ ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْعِتْقَ فِي الْحَالِّ فَإِذَا رُدَّ لَغَا ، وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ فِي الْحَالِّ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ ثَبَتَ حُكْمُهُ .

فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ إنَّهُ الظَّاهِرُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَنْ يَكُونَ اسْتَعَارَهَا لِلرَّهْنِ ) قَالَ شَيْخُنَا مَمْنُوعٌ ( قَوْلُهُ لَكِنْ قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَخِيرَةَ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَرَهَنَهَا وَكَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا وَإِنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ أَنْ رَهَنَهَا لِفَقْدِ الْمَحْذُورِ .
ا هـ .
مَا بَحَثَهُ جَارٍ عَلَى غَيْرِ مُرَجَّحِ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا عَلَى مُرَجَّحِهِمَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا ( قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ بَقِيَّةُ التَّمَتُّعَاتِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ مَا لَفْظُهُ إنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْمَرْهُونَةِ مُبَاحٌ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَيَلْمِسَهَا حَتَّى قَالَ أَصْحَابُنَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يَحْمِلُ مِثْلُهَا فَلَهُ أَنْ يَطَأَهَا فَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا ع وَيُشْبِهُ أَنْ يَتَأَوَّلَ كَلَامَ مَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الصَّغِيرِ عَلَى مَنْ قَدْ تَحْبَلُ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حَالَةٍ وَقَوْلُهُ فَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ مُطْلَقًا قَالَ ع فِي الْخَادِمِ وَهَذَا غَرِيبٌ وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِيهِ وَقَدْ صَرَّحَ خَلْقٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَنْ لَا تَحْبَلُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَمِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُنَا .
( قَوْلُهُ وَقَدْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ يَرْهَنُهُ ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ ( قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا ) أَيْ يَوْمَ الْعَلُوقِ ( قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَتْ مَرْهُونَةً عِنْدَ أَبِيهِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا حَقَّ لَهُ فِي وَلَدِ

الْمَرْهُونَةِ بِحَالٍ ( قَوْلُهُ فَيُبَاعُ عَلَى الْمُعْسِرِ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ إلَخْ ) وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا قَبْلَ بَيْعِهَا لَمْ يَبِعْ وَلَدَهَا وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَوْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْمُسْتَوْلِدُ مَعَ أَوْلَادِهَا الْحَادِثِينَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ حُكْمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَصَحِّ لِانْعِقَادِهِمْ فِي حَالَةِ الْأُمِّ فِيهَا لَيْسَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ مُتَحَتِّمًا لَهَا فَلَوْ بِيعَ بَعْضُهَا فِي الدَّيْنِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَدًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَوْلِدُ مَا بِيعَ مِنْهَا وَمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي مِنْ وَلَدِهَا الْحَادِثِ فَإِنَّهُ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَبَعْضُ وَلَدِهَا ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إجَارَتِهَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِيعَتْ كُلُّهَا ) لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ بَيْعِهَا فَإِنْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِأَدَائِهِ عَتَقَتْ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ فَهَلْ نَقُولُ هِيَ مَوْرُوثَةٌ أَوْ الْأَمْرُ فِيهَا مَوْقُوفٌ أَوْ نَقُولُ لَا مِيرَاثَ ظَاهِرًا فَإِنْ بِيعَتْ ثَبَتَ الْمِيرَاثُ يَحْتَمِلُ آرَاءٌ أَقَرَّ بِهَا الْأَخِيرُ فَلَوْ اكْتَسَبَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَوْلِدِ وَقَبْلَ بَيْعِهَا فَإِنْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ فَكَسْبُهَا لَهَا وَإِنْ بِيعَتْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْكَسْبَ لِلْوَارِثِ خَاصَّةً ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ ) وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْهِبَةِ ( قَوْلُهُ فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ ثَبَتَ حُكْمُهُ ) بِدَلِيلِ مَا لَوْ بِيعَتْ فِي الرَّهْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا فَإِنَّهُ يَنْفُذُ إيلَادُهَا

( فَرْعٌ : وَلَوْ مَاتَتْ هَذِهِ ) الْأَمَةُ الَّتِي أَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ ( بِالْوِلَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ ) بِهَا ( وَهُوَ مُعْسِرٌ ) حَالَ الْإِيلَادِ ( فَأَيْسَرَ طُولِبَ بِقِيمَتِهَا ) فِي الْأُولَى ، وَكَانَتْ رَهْنًا مَكَانَهَا ( أَوْ بِالْأَرْشِ ) فِي الثَّانِيَةِ ، وَكَانَ رَهْنًا مَعَهَا لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى إهْلَاكِهَا أَوْ نَقْصِهَا بِالْإِحْبَالِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ ، وَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( ، وَمَوْتُ أَمَةِ الْغَيْرِ بِالْوِلَادَةِ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ لَا زِنَا ، وَلَوْ ) كَانَ الزِّنَا ( إكْرَاهًا ) أَيْ بِهِ ( يُوجِبُ قِيمَةَ الْأَمَةِ ) لِمَا مَرَّ ( لَا ) مَوْتُ حُرَّةٍ بِالْوِلَادَةِ ، وَلَوْ مِنْ شُبْهَةٍ فَلَا يُوجِبُ ( دِيَةَ الْحُرَّةِ ) لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا ، وَالْعَلُوقُ مِنْ آثَارِهِ فَأَدَمْنَا بِهِ الْيَدَ ، وَالِاسْتِيلَاءَ ، وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ ، وَالِاسْتِيلَاءِ أَمَّا الْمَوْتُ بِالْوِلَادَةِ بِالزِّنَا فَلَا يُوجِبُ شَيْئًا لِأَنَّهَا فِي الزِّنَا لَا تُضَافُ إلَى وَطْئِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ نَسَبَ الْوَلَدِ عَنْهُ ، وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ بِالْوِلَادَةِ فَلَا ضَمَانَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُسْتَحَقٍّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( وَالْوَاجِبُ ) فِيمَا إذَا أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ ( قِيمَةُ يَوْمِ ) ، وَفِي نُسْخَةٍ وَقْتِ ( الْإِحْبَالِ ) لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّلَفِ كَمَا لَوْ جَرَحَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَبَقِيَ ضِمْنًا حَتَّى مَاتَ ، وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ مِائَةٌ .
قَوْلُهُ أَمَّا الْمَوْتُ بِالْوِلَادَةِ بِالزِّنَا إلَخْ ) وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ صُورَتَهُ إذَا حَصَلَ مَعَ الزِّنَا اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ عَلَيْهَا بِحَيْثُ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ

( فَصْلٌ ) ( لِلرَّاهِنِ انْتِفَاعٌ لَا يَنْقُصُ الرَّهْنَ ) أَيْ الْمَرْهُونَ ( كَرُكُوبٍ ، وَسُكْنَى ، وَاسْتِخْدَامٍ ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ { الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا } ، وَلِخَبَرِ { الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ ، وَمَحْلُوبٌ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَصَحَّحَهُ ( وَلُبْسٍ ، وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ لَا يَنْقُصَانِهِ ) أَيْ الْمَرْهُونَ ( وَإِنْزَاءٍ عَلَى أُنْثَى يَحِلُّ الدَّيْنُ قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلِهَا أَوْ تَلِدُ قَبْلَ حُلُولِهِ لَا ) إنْ حَلَّ ( بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ ظُهُورِ حَمْلِهَا ، وَلَمْ تَلِدْ قَبْلَ الْحُلُولِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِنْزَاءُ عَلَيْهَا ( لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا دُونَهُ ) أَيْ الْحَمْلِ ، وَهُوَ غَيْرُ مَرْهُونٍ ، وَلَا يُؤَثِّرُ احْتِمَالُ بَيْعِهَا مَعَهُ بِغَيْرِ تَوْزِيعٍ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمْ يَلْتَزِمْهُ ، وَحَيْثُ أَنْزَى عَلَيْهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا دُونَهُ قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ فَالظَّاهِرُ تَبَيُّنُ بُطْلَانِهِ ، وَحَيْثُ أَخَذَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلِانْتِفَاعِ الْجَائِزِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ ( وَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ ، وَإِنْ قَصُرَ سَفَرُهُ ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِلَا ضَرُورَةٍ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ كَأَنْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ لِخَوْفٍ أَوْ قَحْطٍ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ ( وَلَا الْبِنَاءُ ، وَالْغِرَاسُ ) فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعَهُمَا عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَغَيْرُهُ .
وَيُشْبِهُ أَنْ يُسْتَثْنَى الْبِنَاءُ الْخَفِيفُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِاللَّبِنِ ، وَنَحْوِهِ كَمِظَلَّةِ النَّاطُورِ لِأَنَّهُ يُزَالُ عَنْ قُرْبٍ كَالزَّرْعِ ، وَلَا تَنْقُصُ بِهِ الْقِيمَةُ ( وَلَهُ زِرَاعَةُ مَا يُدْرِكُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ ) أَوْ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ ( إنْ لَمْ تَنْقُصْ ) أَيْ الزِّرَاعَةُ ( قِيمَةَ الْأَرْضِ ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ نَقَصَتْ

قِيمَتُهَا أَوْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يُدْرَكُ بَعْدَ الْحُلُولِ ( فَلَا ) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِضَرَرِ الْمُرْتَهِنِ ( فَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ ) فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ ( قَبْلَ إدْرَاكِهِ ) أَيْ الزَّرْعِ ( لِعَارِضٍ تُرِكَ إلَى الْإِدْرَاكِ فَإِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ ) حَيْثُ مَنَعْنَاهُ ( لَمْ يَقْلَعْ إلَّا عِنْدَ ) دُخُولِ وَقْتِ ( الْبَيْعِ ) ، وَهُوَ بَعْدَ الْحُلُولِ ( إنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا ) أَيْ الْأَرْضِ ( بِالْقَلْعِ ) عَلَى قِيمَتِهَا بِدُونِهِ ( فِي قَضَاءِ ) دَيْنِ ( الْغَرِيمِ ) سَوَاءٌ أَحَصَلَ بِالزِّيَادَةِ وَفَاءُ الدَّيْنِ أَمْ لَا فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ أَوْ حَلَّ ، وَلَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ بِالْقَلْعِ أَوْ زَادَتْ عَلَى مَا يَقْضِي الدَّيْنَ لَا يَقْلَعُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ، وَلِأَنَّهُ فِي الْأُولَى رُبَّمَا يَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ ، وَمَحِلِّ قَلْعِهِ فِيمَا قَالَهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ فَإِنْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ مَعَهَا بِيعَا ، وَوَزَّعَ الثَّمَنَ كَمَا فِي رَهْنِ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ مَا فِيهَا فَيُكَلَّفُ الْقَلْعَ ( فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ ) أَيْ الرَّاهِنِ ( بِفَلَسٍ فَقَدْ مَرَّ ) فِي فَصْلٍ يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ أَنَّهُ لَا يَقْلَعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي الْأَرْضِ ، وَأَنَّهُمَا يُبَاعَانِ مَعًا ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَعَلَى مَا رَجَّحَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ ، وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي ، وَغَيْرُهُمْ ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَّلَ قَوْلَهُ فَقَدْ مَرَّ فَوَجْهَانِ فَعَلَيْهَا لَا زِيَادَةَ

( قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامٍ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ اسْتِخْدَامَ الْأَمَةِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إذَا مَنَعْنَاهُ الْوَطْءَ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا حَذَرًا مِنْهُ وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ بِمَنْعِ الْخَلْوَةِ بِهَا وَحِينَئِذٍ تُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ ( قَوْلُهُ وَإِنْزَاءٍ عَلَى أُنْثَى ) يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ جَوَازُ الْإِنْزَاءِ عَلَى الْأُنْثَى بِلَا إذْنٍ بِمَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لَا يُعَدُّ فِيهَا عَيْبًا لَوْ ظَهَرَ وَإِلَّا فَلَا ( قَوْلُهُ وَحَيْثُ أَخَذَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلِانْتِفَاعِ إلَخْ ) لَوْ تَلِفَ إمَّا بِدَعْوَاهُ مَعَ الْيَمِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَالْمُرْتَهِنِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ بِيَمِينِهِ مَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ ائْتَمَنَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ عَلَى الْعَكْسِ مَعَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُجْبَرٌ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ شَرْعًا ا هـ وَفِي الْبَحْرِ التَّصْرِيحُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ فَقَالَ فَرْعٌ رَهَنَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ اسْتَعَارَهُ الْوَصِيُّ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ اسْتَعَارَهُ لِلْيَتِيمِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَإِنْ اسْتَعَارَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَضَمِنَ وَكَذَا إنْ اسْتَعَارَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اسْتَعَارَهُ لِنَفْسِهِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ إلَخْ ) وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا وَكِيلِهِ وَلَا أَمِينٍ وَلَا حَاكِمٍ وَكَذَا لَوْ وَقَعَ نَهْبٌ أَوْ إغَارَةٌ فِي الْقَرْيَةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَهَابُهُ إنْ أَقَامَ بِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ إلَى وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي السَّفَرِ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِهِ إلَى نَحْوِ مَقْصِدِهِ لِلْقَرِينَةِ وَقِسْ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ .
(

قَوْلُهُ وَلَا الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا غَرَسَ مِنْ قُضْبَانِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا مَنْعَ الْغِرَاسِ بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَبِيعَتْ الْأَرْضُ وَحْدَهَا وَبَيْعُ الْأَرْضِ دُونَ غِرَاسِهَا يَنْقُصُ قِيمَتَهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَنْقُصَ الْغُصْنُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الشَّجَرَةِ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَنْقِيصُ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ الثَّانِي أَنْ لَا تَنْقُصَ الْقِيمَةُ بِالْغِرَاسِ الْمُسْتَجِدِّ ع ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعُهُمَا عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ ) أَوْ الْتَزَمَهُ وَكَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الدَّارِمِيِّ وَإِنْ زَرَعَهَا وَقُلْنَا يَجُوزُ وَكَانَ يَحْصُدُ مَعَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ صَحَّ وَلَفْظُ الْأُمِّ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي يَحِلُّ قَبْلَ الْمَحِلِّ أَوْ مَعَهُ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ) لِضَرَرِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا إنْ قَالَ أَنَا أَقْلَعُهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ ( قَوْلُهُ لَمْ يَقْلَعْ إلَّا عِنْدَ الْبَيْعِ إلَخْ ) شَمَلَ كَلَامُهُمْ مَا إذَا وَقَفَ الرَّاهِنُ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ وَمَا إذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثَمَرَةٌ وَبَاعَهَا بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَهُ وَمَا إذَا آجَرَ الْبِنَاءَ مُدَّةً وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ مُضِيِّهَا

( فَصْلٌ ) ( الْيَدُ ) عَلَى الْمَرْهُونِ ( بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ ) لِأَنَّهَا الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي التَّوَثُّقِ ( وَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ مِنْهُ ) عِنْدَ حَاجَتِهِ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ ( إنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا ، وَهُوَ مَعَهُ ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ كَرُكُوبٍ ، وَخِدْمَةٍ ، وَسُكْنَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ ذَلِكَ ، وَهُوَ مَعَهُ كَحِرْفَةٍ لِلْعَبْدِ يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَهَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَأْخُذُهُ الرَّاهِنُ لِعَمَلِهَا جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ ، وَلَهُ أَخْذُهُ لِلْخِدْمَةِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِتَفْوِيتِهِ كَنَقْدٍ فَلَا يَأْخُذُهُ لِذَلِكَ أَصْلًا ( وَلَهُ ) إنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ كَمَا فِي الْأَصْلِ ( تَكْلِيفُهُ الْإِشْهَادَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِذَلِكَ ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِئَلَّا يَجْحَدَ الرَّهْنَ ( لَا كُلَّ مَرَّةٍ ) لِلْمَشَقَّةِ ( إنْ كَانَ عَدْلًا ) ظَاهِرًا وَإِلَّا فَيُكَلِّفُهُ ذَلِكَ كُلَّ مَرَّةٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْعَدْلِ لَكِنْ لَا كُلَّ مَرَّةٍ ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَصْلًا ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ ، وَإِذَا أَشْهَدَ قَالَ الشَّيْخَانِ يُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَوْ رَجُلًا ، وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ فِي الْمَالِ ، وَقَاسَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا اكْتَفَى هُوَ بِهِ فِي الْفَسْخِ بِعَيْبِ الْمَبِيعِ كَمَا مَرَّ ( وَلَا يُعْطَى ) الرَّاهِنُ ( الْجَارِيَةَ إلَّا إنْ أُمِنَ غَشَيَانُهُ ) لَهَا ( لِكَوْنِهِ مَحْرَمًا أَوْ ثِقَةً لَهُ أَهْلٌ ) أَوْ نَحْوَهُ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ أَوْ نِسْوَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهُنَّ مِنْهُ عَلَيْهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي وَضْعِهَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ( وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ ( وَأَمْكَنَ ) الِانْتِفَاعُ بِهِ ( فِي

يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ تَزُلْ يَدُهُ ) ، وَإِلَّا أُزِيلَتْ ( فَإِنْ أَرَادَ اسْتِخْدَامَهُ فِي شَيْءٍ آخَرَ يُحْوِجُ إلَى خُرُوجِهِ ) مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ ( أُجِيبَ ، وَمَا لَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ ) عِنْدَ الرَّاهِنِ ( يَرُدُّهُ ) إلَى الْمُرْتَهِنِ ( عِنْدَ الِاكْتِفَاءِ ) بِمَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْهُ ( فَيَرُدُّ الْخَادِمَ ، وَالْمَرْكُوبَ ) اللَّذَيْنِ يَنْتَفِعُ بِهِمَا فِي النَّهَارِ ( لَيْلًا ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّاحَةِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَابْنُ الرِّفْعَةِ لِزَوَالِ حَاجَتِهِ قَالَ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرُدَّهُ وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ فِي الصَّيْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ ( وَ ) يَرُدُّ ( الْحَارِسَ ) الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ فِي اللَّيْلِ ( نَهَارًا ) لِمَا مَرَّ ، وَذِكْرُ الْحَارِسِ مِثَالٌ أَمَّا مَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ فَلَا رَدَّ فِيهِ

فَصْلٌ الْيَدُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُرْتَهِنِ ) ( قَوْلُهُ وَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ مِنْهُ إلَخْ ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ فَإِنْ كَانَ فَلَيْسَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّهُ إلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ وَإِنْ أَشْهَدَ قَالَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي تَلَفَهُ كَذِبًا ع قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُهُ وَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ إبَاقَهُ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ يُتْلِفُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يُخْفِي مَالَهُ وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ إنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ مِنْهُ إتْلَافَ الْمَرْهُونِ وَالْخِيَانَةَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يُؤَجِّرَهُ وَيَدْفَعَ الْأُجْرَةَ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ إلَخْ ) النَّفْيُ فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْفِعْلِ وَالْقَيْدِ مَعًا مِثْلُ قَوْلِهِ وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرُ أَيْ لَا ضَبَّ وَلَا انْجِحَارَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } أَيْ لَا شَفَاعَةَ وَلَا طَاعَةَ وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ نَفْيُ أَصْلِ الْفِعْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَمَنْ رَاعَى الْإِشْهَادَ قَالَ لَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِنْ أَشْهَدَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُمُهُ وَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ إبَاقَهُ وَنَحْوَهَا أَوْ يُتْلِفُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يُخْفِي مَالَهُ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلسُّبْكِيِّ نَحْوُهُ .
( قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ ) وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَشْهَدُ لَا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيَشْهَدَانِ اتَّهَمَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ أَوَّلَ دَفْعَةٍ وَأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ لَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَتَكْفِي عَدَالَتُهُ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا ) أَوْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَمُسْلِمٍ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ (

قَوْلُهُ فَيَرُدُّ الْخَادِمَ وَالْمَرْكُوبَ لَيْلًا ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فِي اللَّيْلِ إلَى قَوْلِهِ لَيْلًا لِيُعَرِّفَك أَنَّ رَدَّهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ بَلْ فِي وَقْتٍ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَرَاحَانِ فِيهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا }

( فَرْعٌ لَا تُزَالُ يَدُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَحْبُوسِ بِالثَّمَنِ لِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ ) لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ ( بَلْ يَسْتَكْسِبُ ) فِي يَدِهِ لِلْمُشْتَرِي ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَحْبُوسِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ الْمَحْبُوسِ ( فَرْعٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا مَنَعَ مِنْهُ لِأَجْلِهِ نَفَذَ ) فِيهِ ( تَصَرُّفُهُ ) لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ ، وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ ( ، وَإِحْبَالُهُ ) هُوَ دَاخِلٌ فِي تَصَرُّفِهِ ( وَبَطَلَ الرَّهْنُ ) بِذَلِكَ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَيْهِ مُنِعَ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ تَحْبَلَ مِنْ تِلْكَ الْوَطْأَةِ فَلَا مَنْعَ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ فَيُقَاسُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَتَعَاقَبُ قَالَ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ غَيْرِهِ يُفْهِمُ خِلَافَ قَوْلِهِ حَيْثُ قَالَ ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ كَالْوَطْءِ إذَا أَذِنَ فِيهِ وَوَطِئَ ، وَلَمْ تَحْبَلْ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا لِيَمْتَنِعَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ ( فَإِنْ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ ) عَنْ إذْنِهِ لِلرَّاهِنِ ( قَبْلَ التَّصَرُّفِ ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الرَّاهِنُ ) الرُّجُوعَ حَتَّى تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إعْتَاقِهِ وَإِيلَادِهِ ، وَهُوَ مُوسِرٌ ( لَمْ يَنْفُذْ ) تَصَرُّفُهُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْإِذْنِ ، وَرُجُوعُ الْمُرْتَهِنِ عَنْ إذْنِهِ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِبَقَاءِ حَقِّهِ كَمَا أَنَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعَ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا مَنَعَ مِنْهُ لِأَجَلِهِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ ظَاهِرُهُ جَوَازُ الرَّهْنِ بِالْإِذْنِ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ الْمُتَقَدِّمِ كَالْبَيْعِ بِالْإِذْنِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَشْكَلَ مَا سَبَقَ مِنْ مَنْعِ رَهْنِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيَكُونَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ .
ا هـ .
وَمَنَعَ جَمَاعَةٌ كَوْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ أَوْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ الرَّهْنِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ لَا يُشْكِلُ بِذَلِكَ لِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ الْمَرْهُونَ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِيَّتِهِ بِالْأَوَّلِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي رَهْنِهِ مَعَ غَيْرِهِ مَعَ بَقَاءِ رَهْنِيَّتِهِ بِدَيْنِهِ قَالَ شَيْخُنَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ .
ا هـ .
وَمَا ذَكَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ آخَرَ إلَّا بَعْدَ فَسْخِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ ( قَوْلُهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ ) وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِعْتَاقِ فَرَدَّ الْإِذْنَ وَقَالَ لَا أَعْتِقُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ نَفَذَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ ) وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ ارْتَهَنَ لِنَفْسِهِ وَبَقَاءُ أَهْلِيَّتِهِ إلَى حِينِ التَّصَرُّفِ وَهَذَا فِي الْبَيْعِ لَا لِوَفَاءِ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَمَّا لَوْ كَانَ لِأَجَلِهِ فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ فُسِخَ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ دَامَ الرَّهْنُ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ .
( قَوْلُهُ يُفْهِمُ خِلَافَ قَوْلِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا لِيَمْتَنِعَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُكَرِّرَ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْإِذْنِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَرَّةِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَرَّةِ (

قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ ) أَوْ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ

( وَلِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَ الرَّاهِنُ بِإِذْنِهِ ) فِي الْهِبَةِ ، وَلَوْ مَعَ الْقَبْضِ ( قَبْلَ قَبْضِ الْهِبَةِ ) بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتِمُّ بِالْقَبْضِ ، وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ ( لَا فِيمَا بَاعَ ) أَيْ لَا يَرْجِعُ فِيهِ ( فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) لِأَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّزُومِ ، وَالْخِيَارُ دَخِيلٌ فِيهِ إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ ( وَمَتَى ) تَصَرَّفَ كَأَنْ ( أَحْبَلَ أَوْ أَعْتَقَ ، وَادَّعَى الْإِذْنَ ) ، وَأَنْكَرَهُ الْمُرْتَهِنُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ فَإِنْ حَلَفَ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ( فَلَوْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ ) ، وَكَانَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِهِ ( فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَتِيقُ ، وَالْمُسْتَوْلَدَةُ ) لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْحَقَّ لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِهِ فِي نُكُولِ الْمُفْلِسِ أَوْ وَارِثِهِ حَيْثُ لَا يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ لِأَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ الْحَقَّ لِلْمُفْلِسِ أَوَّلًا ( وَ ) إذَا اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ ، وَوَرِثَهُ الْآخَرُ ( يَحْلِفُ وَرَثَةُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ، وَوَرَثَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الْبَتِّ ، وَلَا يَثْبُتُ الْإِذْنُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ ) فَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِمَا كَشَاهِدٍ ، وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ ، وَيَمِينٍ كَالْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ .

( قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ ) أَوْ وَطِئَ بِإِذْنِهِ وَلَمْ تَحْبَلْ ( قَوْلُهُ إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ ) يُفْهِمُ أَنَّهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الرَّاهِنُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ شَرَطَهُ لِلْمُرْتَهِنِ كَانَتْ لَهُ سَلْطَنَةُ الرُّجُوعِ بِلَا خِلَافٍ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ ) هَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ تَعَلَّقَتْ بِهِ جِنَايَةٌ بَعْدَ الرَّهْنِ وَأَنْ لَا يَكُونَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَإِنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ قَدْ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ لَكِنْ قَدَّمْنَا حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا وَأَذِنَ لَهُ بِالْإِعْتَاقِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ قَدْ ثَبَتَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَ أَنْ تَتَصَرَّفَ وَقَالَ الرَّاهِنُ لَمْ تَكُنْ رَجَعْت أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَتَتْ ) أَيْ الْأَمَةُ الْمَرْهُونَةُ ( بِوَلَدٍ فَادَّعَى الرَّاهِنُ اسْتِيلَادَهَا بِالْإِذْنِ ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ ( صَدَقَ بِلَا يَمِينٍ إنْ اعْتَرَفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ بِالْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ ، وَبِالْوَطْءِ ، وَبِمُدَّةِ إمْكَانِ الْوِلَادَةِ ) أَيْ بِمُضِيِّهَا ( وَبِالْوِلَادَةِ ) لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ فَكَيْفَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِمَجْمُوعِ الْأَرْبَعَةِ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ .

( فَرْعٌ ) إذَا ( أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ ) أَيْ الْمَرْهُونِ فَبَاعَهُ ( وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ ) عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ قِيمَتِهِ لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ لِبُطْلَانِ الرَّهْنِ ( أَوْ حَالَ قَضَى ) حَقَّهُ ( مِنْهُ ) أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ وَحَمَلَ إذْنَهُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْبَيْعِ فِي غَرَضِهِ لِمَجِيءِ وَقْتِهِ ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَيَكُونُ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ فَصُورَتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَأْذَنَ فِي بَيْعِهِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ أَوْ يُطْلِقَ فَإِنْ قَالَ بِعْهُ وَلَا آخُذُ حَقِّي مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ ( وَإِذَا أَذِنَ ) لَهُ ( فِي الْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ ( بِشَرْطِ كَوْنِ ) أَوْ جَعْلِ ( الثَّمَنِ ) فِي الْبَيْعِ ( أَوْ الْقِيمَةِ ) فِي الْعِتْقِ ( رَهْنًا بَطَلَ الْبَيْعُ ) لِفَسَادِ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ فِي الْحَالِّ فِيمَا إذَا شَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا شَرَطَ رَهْنَهُ أَوْ جَعْلَهُ رَهْنًا لِأَنَّ رَهْنَ الْمَرْهُونِ مُحَالٌ ( وَ ) بَطَلَ ( الْإِذْنُ ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ أَذِنَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ مَالًا آخَرَ ( وَ ) بَطَلَ ( عِتْقُ الْمُعْسِرِ ) دُونَ عِتْقِ الْمُوسِرِ لِمَا مَرَّ ، وَكَالْإِذْنِ فِي الْإِعْتَاقِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ الْإِذْنُ فِي الْوَطْءِ بِهَذَا الشَّرْطِ إنْ أَحْبَلَ ، وَالتَّصْرِيحُ بِبُطْلَانِ عِتْقِ الْمُعْسِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ .
( وَكَذَا ) يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالْإِذْنُ ( لَوْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْ الثَّمَنِ ، وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ لِعَدَمِ لُزُومِ تَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَالِّ وَاسْتَشْكَلَ الْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ عَلَى أَنَّ لَهُ عُشْرَ ثَمَنِهِ مَعَ فَسَادِ الشَّرْطِ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَجْعَلْ لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةِ

إذْنِهِ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا شَرَطَ جُعْلًا مَجْهُولًا فَاقْتَصَرَ الْفَسَادُ عَلَيْهِ حَتَّى يَجِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْوَكِيلِ ، وَهُنَا الْمُرْتَهِنُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ فِي مُقَابَلَةِ إذْنِهِ رَهْنَ الثَّمَنِ أَوْ تَعْجِيلَ الدَّيْنِ فَبِفَسَادِهِ يَفْسُدُ مُقَابِلُهُ لَكِنْ قَالُوا فِيمَا لَوْ صَالَحَ الرَّاهِنُ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ ، وَكَانَ الْمَأْخُوذُ رَهْنًا ، وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الصُّلْحِ رَهْنَ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ يَبْطُلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ فَإِنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْوَثِيقَةِ هُنَاكَ الْبَدَلُ فَلَمْ يَكُنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَرْشِ وَالْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ فِيهِ نَقْلَ وَثِيقَةٍ مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ ، وَكَيْفَ لَا وَالْمَرَاوِزَةُ يَقُولُونَ إنَّ الْأَرْشَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مَرْهُونًا قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ فِي الْبَيْعِ انْتَهَى ، وَقَدْ يُقَالُ يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا هُنَا ، وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُقَالَ مَا هُنَاكَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ ( وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِهِ ) بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْت بِشَرْطِ أَنْ تَرْهَنَ الثَّمَنَ أَوْ تُوَفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنَ ، وَهُوَ مُؤَجَّلٌ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ أَذِنْت مُطْلَقًا .
( صَدَقَ الْمُرْتَهِنُ بِيَمِينِهِ ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ ، وَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ ) قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ أَوْ ( بَعْدَ الْبَيْعِ وَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ ، وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ) أَوْ أَقَرَّ بِالرَّهْنِ ، وَصَدَّقَ الرَّاهِنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ ) وَالرَّهْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ ( وَإِنْ أَنْكَرَ أَصْلَ الرَّهْنِ حَلَفَ ، وَعَلَى الرَّاهِنِ قِيمَتُهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ بَيِّنَةً بِالرَّهْنِ فَهُوَ كَإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِالرَّهْنِ ) فِيمَا ذُكِرَ .

( قَوْلُهُ فَصُورَتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ ) مَا نَسَبَهُ الشَّارِحُ لِلزَّرْكَشِيِّ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ ( قَوْلُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ ) لِأَنَّهُ رَهْنٌ مَجْهُولٌ وَغَيْرُ مَمْلُوكٍ ( قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْإِذْنِ ) أَيْ بِفَسَادِ الشَّرْطِ وَفَسَادُهُ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِذْنِ وَلَيْسَ الِانْتِقَالُ شَرْطًا كَالِانْتِقَالِ شَرْعًا وَبِهَذَا عُلِمَ جَوَابُ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطِ جَعْلِ الثَّمَنِ رَهْنًا وَبَيْنَ شَرْطِ كَوْنِهِ رَهْنًا وَقَوْلُهُ وَفَسَادُهُ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْعِلَّةَ مُنْتَقَضَةً بِمَا إذَا عَيَّنَ الثَّمَنَ لَا جَرَمَ عَلَّلَهُ فِي الْإِبَانَةِ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَهُ عَيْنًا أُخْرَى وَهِيَ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ ع وَقَوْلُهُ هَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَقَضَةٌ بِمَا عَيَّنَ الثَّمَنَ كَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ .
( قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا ) سَوَاءٌ أَشَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا أَمْ جَعَلَهُ رَهْنًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَكَذَا حَالًّا وَشَرَطَ جَعْلَهُ رَهْنًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَالْبَغَوِيِّ أَمَّا إذَا شَرَطَ فِي الْحَالِّ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا فَيَصِحُّ قَطْعًا لِأَنَّهُ زَادَ تَأْكِيدًا لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُهُ إذَا أَطْلَقَ الْإِذْنَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَقَالُوا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا بِمُقْتَضَى الْبَيْعِ لَا بِالشَّرْطِ وَكَانَ الشَّرْطُ تَأْكِيدًا وَقَالَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ هَذَا فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَمَّا الْحَالُّ فَيَصِحُّ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ شَرَطَ مَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ فَقَدْ زَادَ تَأْكِيدًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَخَالَفَهُ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ شَرَطَ حَجْرًا عَلَيْهِ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنُ قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ فَإِنَّ الصُّلْحَ إلَخْ ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَأَيْضًا فَإِنَّ الصُّلْحَ هُنَا لَيْسَ

كَالْبَيْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بَدَلٌ عَنْ الْجِنَايَةِ نَفْسِهَا ثُمَّ الْإِشْكَالُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ إذَا كَانَ الصُّلْحُ بَعْدَ وُجُوبِ الْأَرْشِ إمَّا فِي الْخَطَأِ وَإِمَّا فِي الْعَمْدِ بَعْدَ الْعَفْوِ أَوْ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ أَمَّا إذَا صَالَحَ عَنْ الدَّمِ فَبَدَلُ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ لَيْسَ مُسْتَحَقًّا لِلْمُرْتَهِنِ فَلَا يَتَوَجَّهُ مَنْعُهُ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا هُنَا ) هَذَا مَا عَبَّرَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ بِالْقِيَاسِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ اضْرِبْهُ ) أَيْ الْمَرْهُونَ ( فَضَرَبَهُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ ) لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ، وَأَحْبَلَ ( بِخِلَافِ قَوْلِهِ ) لَهُ ( أَدِّبْهُ ) فَإِنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ فَمَاتَ يَضْمَنُهُ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ هُنَا لَيْسَ مُطْلَقَ الضَّرْبِ بَلْ ضَرْبُ تَأْدِيبٍ ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا ضَرَبَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَوْ الْإِمَامُ إنْسَانًا تَعْزِيرًا كَمَا سَيَأْتِي فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ

( فَصْلٌ ) ( التَّرِكَةُ رَهْنٌ ) أَيْ مَرْهُونَةٌ ( بِالدَّيْنِ ) الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ ( وَإِنْ جَهِلَ ) فَيَسْتَوِي فِيهِ الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرَقُ ، وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ ، وَأَقْرَبُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ ( فَتَصَرُّفُ الْوَرَثَةِ كَتَصَرُّفِ الرَّاهِنِ ) فَلَا يَنْفُذُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَرِيمِ ( وَلَوْ قَلَّ الدَّيْنُ ) إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ إعْتَاقًا أَوْ إيلَادًا ، وَهُوَ مُوسِرٌ نَعَمْ لَوْ لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِالدَّيْنِ فَوَفَّوْا قَدْرَهَا انْفَكَّتْ عَنْ الرَّهْنِيَّةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ ، وَلَوْ أَدَّى بَعْضُهُمْ بِقِسْطِ مَا وَرِثَ انْفَكَّ نَصِيبُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ مُوَرِّثُهُمْ فَأَدَّى بَعْضُهُمْ بِالْقِسْطِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ ، وَمَا ذَكَرَهُ مَحِلُّهُ فِي دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ أَمَّا دَيْنُ الْوَارِثِ فَقَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ غَلِطَ جَمَاعَةٌ فِي زَمَانِنَا فَظَنُّوا أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ ، وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ ، وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ ، وَيَسْتَقِرُّ لَهُ نَظِيرُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ ، وَيُقَدِّرُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ ، وَهَذَا سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْهُ ، وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ ، وَقَدْ يُفْضِي الْأَمْرُ إلَى التَّقَاصِّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثِينَ ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَوْ تَصَرَّفُوا ) وَلَا دَيْنَ ( ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ تَقَدَّمَ سَبَبُهُ ) عَلَى الْمَوْتِ ( كَسَاقِطٍ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا الْمَيِّتُ عُدْوَانًا ) ، وَكَرَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ أَتْلَفَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ ( لَمْ يَفْسُدْ ) تَصَرُّفُهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا لَهُمْ ظَاهِرًا ( بَلْ يُطَالَبُونَ ) بِمَا طَرَأَ ( فَإِنْ امْتَنَعُوا ) مِنْ أَدَائِهِ الْأَوْلَى

فَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ ( فُسِخَ ) التَّصَرُّفُ لِيَصِلَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى حَقِّهِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْفَسْخِ فِي غَيْرِ إعْتَاقِ الْمُوسِرِ ، وَإِيلَادِهِ أَمَّا فِيهِمَا فَلَا فَسْخَ كَالْمَرْهُونِ بَلْ أَوْلَى لِطَرَيَانِ التَّعَلُّقِ عَلَى التَّصَرُّفِ ، وَتَعْبِيرُهُ بِطُرُقِ الدَّيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِظُهُورِهِ .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ التَّرِكَةُ رَهْنٌ بِالدَّيْنِ وَإِنْ جَهِلَ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الطِّرَازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِمَنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَالْفَكُّ يُفَوِّتُهَا فش تَنَاوَلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ أَزْيَدُ مِنْهُ بِحَيْثُ يَظْهَرُ ظُهُورًا قَوِيًّا أَنَّهُ يُوَفَّى مِنْهُ فَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِبَقِيَّةِ التَّرِكَةِ أَيْضًا وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ يَتَعَلَّقُ تَعَلُّقًا خَاصًّا وَتَعَلُّقًا عَامًّا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي وَلَهُ شَاهِدٌ .
ا هـ .
وَالْأَقْرَبُ الِامْتِنَاعُ قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ فَهَلْ نَقُولُ إنَّهَا رَهْنٌ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِقَدْرِهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ أَدَاؤُهُ لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي .
ا هـ .
أَيْ وَإِلَّا لَمَا كَانَتْ تَنْفَكُّ بِإِعْطَاءِ الْوَارِثِ قِيمَتَهَا فَقَطْ مَعَ أَنَّهَا تَنْفَكُّ كَمَا سَيَأْتِي الْمُرَجَّحُ الْأَوَّلُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَلَّ الدَّيْنُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا عَلَى أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ .
ا هـ .
وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ لِلثَّانِي وَقَوْلُهُ فَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ الِامْتِنَاعُ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ مُوَرِّثُهُمْ فَأَدَّى بَعْضُهُمْ إلَخْ ) وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ رَهْنٌ شَرْعِيٌّ وَالثَّانِيَ وَضْعِيٌّ وَيَتَوَسَّعُ فِي الشَّرْعِيِّ مَا لَا يَتَوَسَّعُ فِي الْوَضْعِيِّ لِكَوْنِ الرَّاهِنِ فِيهِ هُوَ الَّذِي حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَبِأَنَّ الرَّهْنَ فِي الْوَضْعِيِّ تَقَدَّمَ

عَلَى انْتِقَالِ التَّرِكَةِ فَقَوِيَ بِتَقَدُّمِهِ بِخِلَافِهِ فِي الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُمَا حَصَلَا مَعًا وَبِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَخْلُفُونَ الْمُوَرِّثَ فِي الْوَضْعِيِّ فَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا كَانَ بِخِلَافِ الشَّرْعِيِّ ( قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْهُ مَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهُ مِنْهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا فَسَخَ التَّصَرُّفَ ) أَيْ فَسَخَ الْحَاكِمُ الْعَقْدَ الصَّادِرَ مِنْ الْوَارِثِ ك

( وَلِلْوَارِثِ أَخْذُ التَّرِكَةِ بِقِيمَتِهَا ) وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ ( وَالدَّيْنُ أَكْثَرُ ) مِنْ التَّرِكَةِ ، وَإِنْ أَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهَا لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ ، وَلِأَنَّ لَهُ غَرَضًا صَحِيحًا فِي ذَلِكَ ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُتَبَرِّعِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ ( إلَّا إنْ طُلِبَتْ بِزِيَادَةٍ ) فَلَا يَأْخُذُهَا الْوَارِثُ بِقِيمَتِهَا ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا مُطْلَقًا إذْ لَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِي الزِّيَادَةِ ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ أَخْذِهَا مَا إذَا أَوْصَى الْمُوَرِّثُ بِبَيْعِهَا فِي وَفَاءٍ دَيْنِهِ أَوْ بِدَفْعِهَا لِمَدِينِهِ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ وَمَا إذَا اشْتَمَلَتْ التَّرِكَةُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ ، وَمَا إذَا تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِعَيْنِهَا ، وَمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْوَصِيَّةِ ، وَالْأَخِيرَةُ ذَكَرَهَا فِي الْكِفَايَةِ فِي آخِرِ الْقِرَاضِ عَنْ تَصْرِيحِ الرُّويَانِيِّ ( وَزَوَائِدُهَا ) أَيْ التَّرِكَةِ كَكَسْبٍ ، وَنِتَاجٍ حَدَثَا بَعْدَ الْمَوْتِ ( لَهُ ) أَيْ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ .

قَوْلُهُ وَلِلْوَارِثِ أَخْذُ التَّرِكَةِ بِقِيمَتِهَا ) لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ أَدَاءِ دُيُونِ الْوَارِثِ إلَيْهَا وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ لَمْ يَضْمَنْهَا ( قَوْلُهُ وَزَوَائِدُهَا ) أَيْ التَّرِكَةِ لَهُ لَوْ مَاتَ وَقَدْ بَرَزَتْ ثَمَرَةٌ لَا كِمَامَ لَهَا فَهِيَ تَرِكَةٌ وَكَذَا إنْ كَانَ لَهَا كِمَامٌ لَكِنْ أُبِّرَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ أَوْ تَرَكَ حَيَوَانًا حَامِلًا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَلَوْ مَاتَ عَنْ زَرْعٍ لَمْ يُسَنْبِلْ ثُمَّ سَنْبَلَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لِلْوَرَثَةِ ع ( قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ ) مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لَوَجَبَ أَنْ يَرِثَهُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ مِنْ أَقَارِبِهِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَأَنْ لَا يَرِثَهُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلِأَنَّ تَعَلُّقَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجَانِي أَوْ الْغُرَمَاءِ بِمَالِ الْمُفْلِسِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فَكَذَا هُنَا وَلَوْ مَاتَ عَنْ زَرْعٍ لَمْ يُسَنْبِلْ هَلْ يَكُونُ الْحَبُّ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ لِلْوَرَثَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ الثَّانِي ثُمَّ قَالَ فَلَوْ بَرَزَتْ السَّنَابِلُ فَمَاتَ ثُمَّ صَارَتْ حَبًّا فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ .
ا هـ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَرَثَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِهَا وَفَصْلُ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يُقَوَّمَ الزَّرْعُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الزِّيَادَةَ إلَخْ

( الطَّرَفُ الثَّانِي الْمُرْتَهِنُ ، وَالْيَدُ ) عَلَى الْمَرْهُونِ ( لَهُ كَمَا سَبَقَ شَرَطَا ) أَيْ الْعَاقِدَانِ ( وَضْعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ جَازَ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ لَا يَثِقُ بِصَاحِبِهِ ، وَكَمَا يَتَوَلَّى الْعَدْلُ الْحِفْظَ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ ، وَلَوْ عَبَّرَ كَالْأَصْلِ بَدَّلَ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ بِثَالِثٍ أَوْ اثْنَيْنِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ الْفَاسِقَ كَالْعَدْلِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ مَحِلَّهُ فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ التَّصَرُّفَ التَّامَّ أَمَّا غَيْرُهُ كَوَلِيٍّ ، وَوَكِيلٍ ، وَقَيِّمٍ ، وَمَأْذُونٍ لَهُ ، وَعَامِلِ قِرَاضٍ ، وَمُكَاتَبٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَةِ مَنْ يُوضَعُ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ، وَلَوْ شَرَطَا وَضْعَهُ بَعْدَ اللُّزُومِ عِنْدَ الرَّاهِنِ فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي الْمَنْعِ قَالَ لِأَنَّ يَدَهُ لَا تَصْلُحُ لِلنِّيَابَةِ عَنْ غَيْرِهِ إذْ هُوَ مُسْتَقِلٌّ بِالْمِلْكِ ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ فَإِنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ عَلَى ابْتِدَاءِ الْقَبْضِ ( وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا ) أَيْ الْعَدْلَيْنِ ( أَنْ يَنْفَرِدَ بِحِفْظِهِ ) كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ ، وَالْوَصِيَّةِ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُ أَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ ( إلَّا بِإِذْنٍ ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فَيَجُوزُ الِانْفِرَادُ

( قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَا وَضْعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ ) لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَوْمًا وَفِي يَدِ الْعَدْلِ يَوْمًا جَازَ ( قَوْلُهُ فَإِنَّ الْفَاسِقَ كَالْعَدْلِ فِي ذَلِكَ ) إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْيَدِ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ كَالصَّرِيحِ إلَخْ ) وَتَبِعَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي التَّنْبِيهِ ( قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ ) وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ عِنْدَنَا يَجُوزُ أَنْ يُعِيدَ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فِيمَا إذَا تَشَاحَّا بَعْدَ أَنْ طَرَأَ عَلَى ثَانِيهِمَا الْفِسْقُ مَثَلًا فَإِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمَا لَوْ رَضِيَا بِوَضْعِهِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا جَازَ .
ا هـ .
وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ فِي الْأُمِّ وَأَكْرَهُ رَهْنَ الْأَمَةِ الْبَالِغِ أَوْ الْمُقَارِبَةِ لِلْبُلُوغِ الَّتِي يَشْتَهِي مِثْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُرْتَهِنُ وَيُقِرَّهَا فِي يَدِ مَالِكِهَا أَوْ يَضَعَهَا عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ لِلْجَارِيَةِ فس وَقَوْلُهُ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحِفْظِ وَلَمْ يَكُونَا مُسْتَقِلِّينَ أَنَّهُ يُقَسَّمُ وَهُوَ الْأَصَحُّ

( فَرْعٌ لِلْعَدْلِ رَدُّهُ إلَيْهِمَا ) أَيْ إلَى الْعَاقِدَيْنِ أَوْ إلَى وَكِيلِهِمَا ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَى أَحَدِهِمَا بِلَا إذْنٍ ( فَإِنْ غَابَا ، وَلَا وَكِيلَ ) لَهُمَا ( فَالرَّدُّ كَالْوَدِيعَةِ ) ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيهَا ( فَإِنْ رَدَّهُ إلَى أَحَدِهِمَا بِلَا إذْنٍ ) مِنْ الْآخَرِ ( فَتَلِفَ ضَمِنَ ) أَيْ ضَمِنَهُ لِلْآخَرِ بِبَدَلِهِ ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الدَّيْنِ وَرَدَّهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ ( وَالْقَرَارُ عَلَى الْقَابِضِ ) لِحُصُولِ التَّلَفِ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ جَاءَ الْكَلَامُ فِي التَّقَاصِّ إنْ كَانَ الرَّدُّ إلَى الْمُرْتَهِنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا رَدَّهُ لِلرَّاهِنِ ، وَلِلْعَدْلِ إذَا غَرِمَهُ الْمُرْتَهِنُ تَكْلِيفُ الرَّاهِنِ قَضَاءَ الدَّيْنِ لِفَكِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ بَاقِيًا فَيُسْتَرَدُّ .
( قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا رَدَّهُ لِلرَّاهِنِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْعَدْلُ حِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا لِقَوْلِهِ لَهُ تَكْلِيفُ الرَّاهِنِ قَضَاءَ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَهُ طَلَبُ الْبَدَلِ مِنْ الرَّاهِنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّ مِلْكَ الْعَدْلِ لَمْ يَزُلْ عَمَّا دَفَعَهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَوْ غَرِمَ الرَّاهِنُ لَجَمَعَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ نَظِيرَهُ فِيمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ لِأَنَّ الَّذِي غَرِمَ هُنَاكَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ بَدَلٍ وَمُبْدَلٍ

( وَلَوْ غَصَبَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْعَدْلِ أَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ مِنْ مُؤْتَمَنٍ غَيْرِهِ ) كَمُودَعٍ ، وَمُسْتَأْجِرٍ ، وَمُرْتَهِنٍ ( حَصَلَ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ ) فِيهِمَا ( بِالرَّدِّ إلَيْهِمَا ) أَيْ إلَى الْعَدْلِ فِي الرَّهْنِ ، وَالْمُؤْتَمَنِ فِي غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ إذْنٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ ( لَا ) بِرَدِّ اللُّقَطَةِ ( إلَى الْمُلْتَقِطِ ) قَبْلَ تَمَلُّكِهَا ( إنْ غُصِبَتْ مِنْهُ اللُّقَطَةُ ) لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ سَوَاءٌ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ أَمْ لِلْحِفْظِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي الثَّانِي ( أَوْ ) غُصِبَتْ الْعَيْنُ ( مِنْ ضَامِنٍ مَأْذُونٍ ) لَهُ ( كَالْمُسْتَعِيرِ ، وَالْمُسْتَامِ ) ثُمَّ رُدَّتْ إلَيْهِ ( فَوَجْهَانِ ) لِتَعَارُضِ الضَّمَانِ ، وَالْإِذْنِ ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَبْرَأُ ، وَكَلَامُ الْمَطْلَبِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ حَيْثُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ هَلْ يَنْعَزِلُ بِالتَّعَدِّي فِيمَا وَكَّلَ فِيهِ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ .
قَوْلُهُ كَمُودَعٍ وَمُسْتَأْجِرٍ إلَخْ ) وَوَكِيلٍ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ ( قَوْلُهُ لَا إلَى الْمُلْتَقِطِ إلَخْ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا وَلَا إلَى نَائِبِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَمَّا بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا وَيَنْبَغِي عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ مَالِكُهَا يَعُودُ الضَّمَانُ كَمَا ذَكَرَ نَظِيرَهُ فِي الْوَكِيلِ يَتَعَدَّى ثُمَّ يَبِيعُ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ ( قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَبْرَأُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ لَا يُنْقَلُ ) الْمَرْهُونُ ( إلَى عَدْلٍ آخَرَ ) أَوْ فَاسِقٍ ( إلَّا إنْ اتَّفَقَا ) أَيْ الْعَاقِدَانِ عَلَى ذَلِكَ ( وَإِنْ حَدَثَ بِهِ ) أَيْ بِالْعَدْلِ ( فِسْقٌ ، وَلَوْ زِيَادَةً ) فِيهِ ( وَنَحْوَهُ ) أَيْ الْفِسْقِ كَضَعْفِهِ عَنْ الْحِفْظِ ، وَمَوْتِهِ ، وَحُدُوثِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا ( وَتَنَازَعَا ) فِيمَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ ( نَقَلَهُ الْحَاكِمُ ) عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ ، وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنْ لَا يُوضَعَ عِنْدَ عَدْلٍ إلَّا بِرِضَا الرَّاهِنِ لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ أَصْلِ الْإِقْبَاضِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَدْلَ لَا يَنْعَزِلُ عَنْ الْحِفْظِ بِالْفِسْقِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي ، وَضَعَهُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فَيَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ ، وَلَوْ وَضَعَاهُ عِنْدَ فَاسِقٍ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْلَهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي لِأَنَّهُ رَضِيَ بِيَدِهِ مَعَ الْفِسْقِ لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ ، وَنَقَلُوهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ لَهُ رَفْعَ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ رَآهُ أَهْلًا أَقَرَّهُ بِيَدِهِ ، وَإِلَّا نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْعَدْلِ قَالَ الدَّارِمِيُّ صُدِّقَ النَّافِي بِلَا يَمِينٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ ( وَإِنْ فَسَقَ الْمُرْتَهِنُ ، وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلِلرَّاهِنِ طَلَبُ نَقْلِهِ ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ أَوْ مَاتَ كَانَ لِلرَّاهِنِ نَقْلُهُ ، وَهِيَ أَوْلَى .

( قَوْلُهُ وَحُدُوثُ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا ) أَيْ وَطَلَبُ نَقْلِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ ) تُجْعَلُ صُورَةُ التَّنْبِيهِ فِي التَّنَازُعِ فِيمَنْ يَضَعَانِهِ عِنْدَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا تَشَاحَّا بَعْدَ أَنْ طَرَأَ عَلَى نَائِبِهِمَا شَيْءٌ مِمَّا سَبَقَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ فِي الْمُشَاحَّةِ قَبْلَ الْقَبْضِ التَّسْلِيمُ إلَى عَدْلٍ إلَّا بِرِضَاهُمَا سَوَاءٌ أَكَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ أَمْ لَا وَكَيْفَ يُجْبَرُ وَالرَّهْنُ لَمْ يَلْزَمْ ( قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي ) أَيْ وَالْإِمَامُ ( قَوْلُهُ إنَّ لَهُ رَفْعَ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْقُلُهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا وَتَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ أَهْلِيَّةِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَدَمُ أَهْلِيَّتِهِ طَارِئًا أَوْ مُقَارِنًا ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَدْلِ ) بِيَمِينِهِ ( فِي دَعْوَى الْهَلَاكِ وَالرَّدِّ ) لِلْمَرْهُونِ كَالْمُودَعِ ( فَإِنْ أَتْلَفَهُ خَطَأً أَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ ) ، وَلَوْ عَمْدًا ( أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ ، وَحَفِظَهَا بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ ) قَالُوا لِأَنَّ الْمُسْتَحْفِظَ فِي الشَّيْءِ مُسْتَحْفِظٌ فِي بَدَلِهِ ( أَوْ ) أَتْلَفَهُ ( عَمْدًا أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ ، وَوُضِعَتْ عِنْدَ آخَرَ ) لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافِ الْمَرْهُونِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيُطَالَبُ بِمِثْلِهِ قَالَ ، وَكَأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا أَتْلَفَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ مُكْرَهًا أَوْ دَفْعًا لِصِيَالٍ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ خَطَأً .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ دَفْعًا لِصِيَالٍ ) أَيْ إنْ عَدَلَ عَمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ إلَى أَعْلَى مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ

( فَصْلٌ ) ( الْمُرْتَهِنُ مُقَدَّمٌ ) بِثَمَنِ الْمَرْهُونِ ( فِي الرَّهْنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ ) لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ الرَّهْنِ ( وَعِنْدَ الْحُلُولِ ) ، وَامْتِنَاعِ الرَّاهِنِ مِنْ بَيْعِ الْمَرْهُونِ ( يُجْبَرُ بِالطَّلَبِ ) أَيْ بِطَلَبِ الْمُرْتَهِنِ بَيْعَهُ ( الرَّاهِنُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الْإِيفَاءِ ) لِلدَّيْنِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُرْتَهِنِ ( وَ ) يُجْبَرُ ( الْمُرْتَهِنُ ) عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ ( عَلَى الْإِذْنِ ) لِلرَّاهِنِ فِيهِ ( أَوْ الْإِبْرَاءِ ) مِنْ الدَّيْنِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ الْحَاكِمُ ائْذَنْ فِي بَيْعِهِ ، وَخُذْ حَقَّك مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ أَبْرِئْهُ دَفْعًا لِضَرَرِ الرَّاهِنِ ( فَإِنْ أَصَرَّ أَحَدُهُمَا ) عَلَى الِامْتِنَاعِ ( أَوْ أَثْبَتَ الْمُرْتَهِنُ ) أَيْ أَقَامَ حُجَّةً ( بِالْحَالِ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ ) ، وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْآخَرِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَيْعُهُ فَقَدْ يَجِدُ لَهُ مَا يُوَفِّي الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ إصْرَارِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَلَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِئْذَانِ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَاكِمِ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الْمُرْتَهِنِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِئْذَانِ ، وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ ( فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ ( بَيِّنَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ ) ثَمَّ ( حَاكِمٌ فَالْغَيْبَةُ كَالْجُحُودِ ، وَقَدْ ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ فَلَهُ بَيْعُهُ ) بِنَفْسِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْخَذُ الظَّفَرَ فَيَنْبَغِي طَرْدُهُ فِي حَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ بَلْ لَوْ كَانَ مِنْ نَوْعِ حَقِّهِ ، وَصِفَتِهِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي حَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ مَمْنُوعٌ .

( فَصْلٌ الْمُرْتَهِنُ مُقَدَّمٌ ) ( قَوْلُهُ يُجْبَرُ بِالطَّلَبِ الرَّاهِنُ إلَخْ ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ نَظِيرِهَا فِي التَّفْلِيسِ حَيْثُ لَا يَجْبُرُهُ هُنَاكَ بَلْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُعَلِّقِينَ عَلَى الْحَاوِي لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِجْبَارَ هُنَا وَتَوَلَّى الْبَيْعَ هُنَاكَ وَفَرَّقَ جَمَالُ الدِّينِ الرِّيمِيُّ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَقَالَ الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُفْلِسِ أَنَّ الرَّاهِنَ هُوَ الْحَاجِرُ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّهْنِ وَفِي الْمُفْلِسِ الْحَاجِزُ الْحَاكِمُ فَيَكُونُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِذَلِكَ وَصَرَّحَ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ إنْ شَاءَ أَجْبَرَهُ وَإِنْ شَاءَ بَاعَ بِنَفْسِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ الْحَقَّ مُنْحَصِرٌ فِي الْمُرْتَهِنِ وَقَدْ طَلَبَ وَمَالُ الْمُفْلِسِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيمَنْ حَضَرَ مِنْ الْغُرَمَاءِ لِاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ فَاحْتَاجَ أَنْ يَتَوَلَّى الْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الْإِيفَاءِ ) لَوْ كَانَ الْوَفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ أَسْرَعَ وَطَلَبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَجَبَ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَى الْفَوْرِ لَا يَجُوزُ فَقَدْ قَالَ السُّبْكِيُّ الْوَجْهُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى غَيْرِ هَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ مُتَعَيَّنٌ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ أُرِيدُ أَدَاءَ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَلْزَمَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ قَادِرًا وَإِذَا بِيعَ وَأَرَادَ الرَّاهِنُ أَدَاءَهُ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ أَدَائِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَمْ يَبِعْهُ أَحَدٌ سَوَاءٌ بَطَلَ الرَّهْنُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا الْعَدْلُ أَوْ الْحَاكِمُ قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ

حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالْعَجْزِ عَنْ مُؤْنَتِهِ أَوْ حِفْظِهِ أَوْ الْحَاجَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ثَمَنِهِ

( فَرْعٌ لَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ بِإِذْنِهِ ) ، وَدَيْنُهُ حَالٌّ ، وَلَمْ يُقَدِّرْ لَهُ الثَّمَنَ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيُتَّهَمُ فِي الِاسْتِعْجَالِ وَتَرْكِ الِاحْتِيَاطِ ( أَوْ بِحُضُورِهِ صَحَّ ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ( فَإِنَّ ) الْأَوْلَى ، وَإِنْ ( قَالَ ) لِلْمُرْتَهِنِ ( بِعْهُ لِي ) أَوْ لِنَفْسِك ( ثُمَّ اسْتَوْفِ لِي أَوْ لِنَفْسِك ) أَوْلَى ثُمَّ لِنَفْسِك ( فَكَمَا سَبَقَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) فَيَصِحُّ مَا لِلرَّاهِنِ ، وَيَبْطُلُ مَا لِلْمُرْتَهِنِ ، وَلَوْ قَالَ بِعْهُ ، وَأَطْلَقَ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ بِعْهُ ( إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ) هُنَا ( حُضُورُ الرَّاهِنِ ) الْبَيْعَ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ قَبَّضَ الثَّمَنَ لِلرَّاهِنِ ) فِيمَا ذُكِرَ ( ثُمَّ نَوَى إمْسَاكَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ ) بَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ ( أَوْ قَبَّضَهُ لِنَفْسِهِ صَارَ مَضْمُونًا ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ فَاسِدٌ فَلَهُ فِي الضَّمَانِ حُكْمُ الصَّحِيحِ ( وَأَذِنَ الْوَارِثُ وَالسَّيِّدُ لِلْغُرَمَاءِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ ، وَالْعَبْدِ ) الْجَانِي أَيْ ، وَأَذِنَ الْوَارِثُ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ ، وَالسَّيِّدُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ الْجَانِي ( كَإِذْنِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ ) فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ .

( قَوْلُهُ وَدَيْنُهُ حَالٌّ ) مِثْلُهُ الْمُؤَجَّلُ إذَا قَالَ لَهُ بِعْهُ وَاسْتَوْفِ دَيْنَك مِنْ ثَمَنِهِ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ) كَمَا لَوْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ سَوَاءٌ أَنَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ أَمْ لَا وَكَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعَيَّنًا قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ وَوَجَدَ رَاغِبًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِنْهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الْوَالِدِ تَبَعًا لِابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ فِي أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الْمُشْتَرِيَ فَلَا تُهْمَةَ كا ( قَوْلُهُ وَالسَّيِّدُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي بَيْعِ الْجَانِي ) وَأَذِنَ الْحَاكِمُ لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ فِي بَيْعِ مَالِهِ فِي حُقُوقِهِمْ وَأَذِنَ الْمَالِكُ لِلْقَصَّارِ أَوْ الصَّبَّاغِ فِي بَيْعِ الثَّوْبِ وَضَابِطُهُ كُلُّ مَنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالْعَيْنِ إذَا أَذِنَ لَهُ مَالِكُهَا فِي بَيْعِهَا هَلْ يَصِحُّ

( فَرْعٌ : وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَ الْعَدْلُ ) الْمَرْهُونَ ( عِنْدَ الْمَحِلِّ احْتَاجَ تَجْدِيدَ ) أَيْ إلَى تَجْدِيدِ ( إذْنِ الْمُرْتَهِنِ ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ غَرَضُهُ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْمُهْلَةَ ( لَا ) تَجْدِيدَ إذْنِ ( الرَّاهِنِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ هَذَا مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ ، وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ قَطْعًا لِأَنَّ غَرَضَهُ تَوْفِيَةُ الْحَقِّ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ أَيْ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ فَقَدْ يَسْتَبْقِي الْمَرْهُونَ لِنَفْسِهِ فَطَرِيقَتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ إذْنِهِمَا ، وَبِهَا جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ ، وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ ، وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ فَرَضَ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَا إذْنًا لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ ، وَالْعِرَاقِيُّونَ فَرَضُوهُ فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فَقَطْ فَيُشْتَرَطُ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ قَبْلُ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ وَالرَّافِعِيُّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ الطَّرِيقَيْنِ فَتَأَمَّلْ بُعْدَ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَأَظُنُّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى كَلَامَ الْعِرَاقِيِّينَ مُصَوَّرًا فِي الِاشْتِرَاطِ ، وَالشَّرْطُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْهُمَا ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِذْنِ ، وَالْجَوَابُ إنْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ

( قَوْلُهُ هَذَا مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ وَالْعِرَاقِيُّونَ فَرَضُوهُ إلَخْ ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْعِرَاقِيِّينَ فَرَضُوا ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَذِنَ الرَّاهِنُ فَقَطْ خِلَافَ التَّصْوِيرِ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا وَضَعَاهُ وَشَرَطَا أَنْ يَبِيعَهُ الْعَدْلُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَذَلِكَ إذْنٌ مِنْهُمَا لِلْعَدْلِ وَتَوْكِيلٌ وَزِيَادَةٌ ثُمَّ إنَّهُ لَا يُطَابِقُ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا وُجُوبَ الْمُرَاجَعَةِ بِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِمْهَالِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُطَّرِدَةٌ مَعَ وُجُودِ الْإِذْنِ فَوَجَبَتْ الْمُرَاجَعَةُ ثَانِيًا وَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِذْنُ احْتِيَاطًا ( قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ ) لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَمْنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَكَيْفَ يَأْذَنُ فِيهِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ اشْتِرَاطُهُ أَوْ مُوَافَقَتُهُ عَلَى الشَّرْطِ الْوَاقِعِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ إذْنًا م ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ ) فَإِنَّهُ يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ فِي الْبَيْعِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ فَيَصِحُّ إذْنُهُ مَعَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَبَعْدَهُ م

( فَرْعٌ يَنْعَزِلُ الْعَدْلُ ) عَنْ الْوَكَالَةِ فِي الْبَيْعِ ( بِمَوْتِ الرَّاهِنِ وَعَزْلِهِ ) لَهُ ( لَا إنْ عَزَلَهُ الْمُرْتَهِنُ ) أَوْ مَاتَ فَلَا يَنْعَزِلُ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ الْمَالِكُ ، وَإِذْنُ الْمُرْتَهِنِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ ( بَلْ ) الْأَوْلَى لَكِنْ ( يَبْطُلُ إذْنُهُ ) بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ ( فَإِنْ جَدَّدَهُ ) لَهُ ( لَمْ يُشْتَرَطْ تَجْدِيدُ تَوْكِيلِ الرَّاهِنِ ) لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِلْ ( فَإِنْ جَدَّدَ الرَّاهِنُ إذْنًا لَهُ ) بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ ( اُشْتُرِطَ تَجْدِيدُ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ ) لِانْعِزَالِ الْعَدْلِ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ لَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ تَوْكِيلِ الرَّاهِنِ ، وَلَا بِإِذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ تَوْكِيلِ الْوَلِيِّ إيَّاهُ ، وَالْكُلُّ مُحْتَمَلٌ انْتَهَى ، وَيُؤَيِّدُ اللُّزُومَ فِي الْأُولَى انْعِزَالُ الْعَدْلِ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ اللُّزُومُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ اشْتِرَاطِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِوَكِيلِ وَلِيِّهَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا فِي النِّكَاحِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُهَا لِوَلِيِّهَا فِي التَّوْكِيلِ ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ هُنَا عَنْ الْمَطْلَبِ مَرْدُودٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ قَلِيلُ الْجَدْوَى .
( قَوْلُهُ وَلَا بِإِذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَكِيلِ إلَخْ ) أَيْ إذَا اعْتَبَرْنَا إذْنَهَا فِي التَّوْكِيلِ بَعْدَ إذْنِهَا لِلْوَلِيِّ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَكَتَبَ أَيْضًا اعْتَرَضَ بِأَنَّ صَوَابَهُ وَلَا بِتَوْكِيلِ الْوَلِيِّ قَبْلَ إذْنِ الْمَرْأَةِ لَهُ فِي النِّكَاحِ

( فَرْعٌ الثَّمَنُ ) الَّذِي بَاعَ بِهِ الْعَدْلُ الْمَرْهُونَ ( فِي يَدِ الْعَدْلِ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ ، وَالْعَدْلُ أَمِينُهُ فَمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ ( فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ ، وَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا كَانَ الْعَدْلُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ ) لِلْمُشْتَرِي لَكِنَّ الْقَرَارَ عَلَى الرَّاهِنِ ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَلَفِهِ بِتَفْرِيطٍ ، وَغَيْرِهِ لَكِنْ الدَّارِمِيُّ وَالْإِمَامُ فَرَضَا ذَلِكَ فِي تَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ يَضْمَنُ الْعَدْلُ وَحْدَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّ سَبَبَ تَضْمِينِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ أَقَامَ الْوَكِيلَ مُقَامَهُ ، وَجَعَلَ يَدَهُ كَيَدِهِ فَإِذَا فَرَّطَ الْوَكِيلُ فَقَدْ اسْتَقَلَّ بِالْعُدْوَانِ فَلْيَسْتَقِلَّ بِالضَّمَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُرْتَهِنُ إذَا صَحَّحْنَا بَيْعَهُ كَالْعَدْلِ فِيمَا ذُكِرَ ( إلَّا إنْ نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ ) لِلْبَيْعِ لِمَوْتِ الرَّاهِنِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ حَيْثُ لَا تَقْصِيرَ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ ، وَالْحَاكِمُ لَا يَضْمَنُ ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَقْيِيدِ الرَّوْضَةِ ذَلِكَ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ ( وَإِنْ ادَّعَى الْعَدْلُ تَلَفَ الثَّمَنِ فِي يَدِهِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ نَعَمْ إنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ ( وَإِنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ ) بِدَعْوَاهُ ( وَلَمْ يَشْهَدْ ) عَلَيْهِ ( وَأَنْكَرَهُ ) الْمُرْتَهِنُ صَدَقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ ( وَ ) إذَا ( غَرِمَ الرَّاهِنُ ) لِلْمُرْتَهِنِ ( رَجَعَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْعَدْلِ ( وَلَوْ صَدَّقَهُ فِي التَّسْلِيمِ ) أَوْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ أَمْ لَا ، وَإِذَا

رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ لَا يَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَلَمَنِي الْمُرْتَهِنُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ مَنْ ظَلَمَهُ ( فَإِنْ قَالَ أَشْهَدْت ، وَغَابُوا ) أَيْ الشُّهُودُ ( أَوْ مَاتُوا وَصَدَّقَهُ ) الرَّاهِنُ ( لَمْ يَرْجِعْ ) عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَذَّبَهُ ( فَوَجْهَانِ ) كَنَظَائِرِهِمَا فِي الضَّمَانِ ، وَالْأَصَحُّ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِشْهَادِ ، وَمَسْأَلَةُ الْغَيْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ .

( قَوْلُهُ لَكِنَّ الْقَرَارَ عَلَى الرَّاهِنِ ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَهُ فَكَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَكَوْنُ الْعَقْدِ فَاسِدًا لَا يَنْفِي التَّضْمِينَ فَإِنَّ فَاسِدَ الْعَقْدِ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى الثَّمَنِ وَلَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ تَعْزِيرٌ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ مُضَمَّنًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْغَصْبِ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ ظَهَرَ لِي فِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ لِمُسْتَحِقِّهِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ حَاكِمٍ وَهُوَ مُلْجَأٌ إلَى ذَلِكَ شَرْعًا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا أَوْ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ فَسَادَهُ وَالْإِلْجَاءُ لَحِقَ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ ظَاهِرًا فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ الْمُلْجِئُ بِتَسَبُّبِهِ فِي الْعَقْدِ إلَى دَفْعِ الْمُشْتَرِي لِلثَّمَنِ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا وَجَبَ عَلَى الْمُلْجِئِ ضَمَانُهُ الثَّانِي أَنَّ قَاعِدَةَ الْبَيْعِ دُخُولُ كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ فِي ضَمَانِ صَاحِبِهِ بِقَبْضِهِ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَوِزَانُهُ أَنْ يَدْخُلَ الثَّمَنُ فِي ضَمَانِ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِهِ سَوَاءٌ أَقْبَضَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ بِوَكِيلِهِ أَمْ بِالْحَاكِمِ وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ وَكِيلِهِ أَوْ الْحَاكِمِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ .
( قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُرْتَهِنِ إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْ الثَّمَنَ فَإِنْ تَسَلَّمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ لِلْعَدْلِ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ يَضْمَنُ الْعَدْلُ وَحْدَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ

يُرْشِدُ إلَيْهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَدْلِ مَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطْ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُرْتَهِنُ إذَا صَحَّحْنَا بَيْعَهُ كَالْعَدْلِ فِيمَا ذُكِرَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ أَمْ لَا ) لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ لَمْ يَضْمَنْ قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ الْعَدْلُ مُؤَجَّلًا أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِغَبْنٍ لَا يُعْتَادُ لَمْ يَصِحَّ ) كَسَائِرِ الْوُكَلَاءِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِغَبْنٍ يُعْتَادُ ( وَضَمِنَ بِالْإِقْبَاضِ ) أَيْ بِإِقْبَاضِ الْمَرْهُونِ لِلْمُشْتَرِي لِتَعَدِّيهِ ( فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ ) لِكَوْنِهِ بَاقِيًا ( فَلَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ ) ، وَإِنْ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ ( وَ ) إذَا بَاعَهُ ( يَصِيرُ ثَمَنُهُ ) فِي يَدِهِ ( أَمَانَةً ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ ( وَإِنْ تَلِفَ ) الْمَرْهُونُ ، وَهُوَ ( مَعَ الْمُشْتَرِي ) الْمَذْكُورِ ( فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ) لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ ( وَالْعَدْلُ طَرِيقٌ ) فِي الضَّمَانِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، وَالْمُتَّجِهُ إلْحَاقُ الرَّاهِنِ ، وَالْمُرْتَهِنِ بِهِ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا فَيَجُوزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدْلِ قَالَ ، وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا نَقَصَ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ يُسَاوِي مِائَةً ، وَالدَّيْنُ عَشَرَةً فَبَاعَهُ الْمَالِكُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ بِالْعَشَرَةِ جَازَ قَطْعًا انْتَهَى ، وَيُرَدُّ أَوَّلُ كَلَامِهِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ

( قَوْلُهُ أَوْ بِغَبْنٍ لَا يُعْتَادُ ) أَوْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُنَاكَ مَنْ يَبْذُلُ زِيَادَةً ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِغَبْنٍ يُعْتَادُ ) حَيْثُ لَا رَاغِبَ بِأَزْيَدَ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَضَمِنَ بِالْإِقْبَاضِ ) كَمَا يَضْمَنُ لَوْ سَلَّمَ الْبَيْعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ) بِالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ أَقْصَى الْقِيَمِ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَلْتَحِقُ بِالْغَصْبِ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا ) زَادَ الْمَاوَرْدِيُّ كَوْنَ الْمَبِيعِ نَاجِزًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ الثَّلَاثِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ فَلَوْ عَيَّنَا جِنْسَ الثَّمَنِ أَوْ بَيْعَهُ بِالْعُرُوضِ لَمْ يَتَعَدَّهُ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ وَإِنْ أَذِنَا لَهُ فِي بَيْعِهِ بِمَا رَأَى مِنْ الْأَثْمَانِ فَلَهُ بَيْعُهُ بِالنَّقْدِ سَوَاءٌ أَبَاعَهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ أَمْ بِغَيْرِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ بِالْحَبِّ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَثْمَانِ يَتَنَاوَلُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ دُونَ غَيْرِهِمَا ( قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ ) تَبَعًا لِابْنِ النَّقِيبِ

( فَرْعٌ ، وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْمُتَرَاهِنَيْنِ ( الْبَيْعَ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ ، وَالْآخَرُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْعَدْلِ بِعْهُ بِالدَّرَاهِمِ ، وَقَالَ الْآخَرُ لَهُ بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يَبِعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْإِذْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ ، وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ غَرَضٌ ، وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ ، وَنَقْدُ الْبَلَدِ دَرَاهِمُ فَقَالَ الرَّاهِنُ بِعْ بِالدَّرَاهِمِ ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِعْ بِالدَّنَانِيرِ فَلَا يُرَاعَى خِلَافُهُ ، وَيُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ ، وَغَيْرُهُمَا ، وَإِذَا لَمْ يَبِعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ( بَاعَ الْحَاكِمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ ، وَأَخَذَ بِهِ حَقَّهُ ) أَيْ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ( أَوْ ) بَاعَ ( بِجِنْسِ الدَّيْنِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ( إنْ رَأَى ) ذَلِكَ .
( قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ غَرَضٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ أَوْ بِجِنْسِ الدَّيْنِ إنْ رَأَى ذَلِكَ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِقَدْرِ الْحَقِّ ع قَوِّ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ الْعَدْلُ ) ، وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ ( فَزَادَ رَاغِبٌ ) يُوثَقُ بِهِ زِيَادَةً لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا ( بَعْدَ اللُّزُومِ ) لِلْبَيْعِ ( اُسْتُحِبَّ أَنْ يَسْتَقِيلَ ) الْمُشْتَرِي لِيَبِيعَهُ بِالزِّيَادَةِ لِلرَّاغِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ ( أَوْ ) زَادَ الرَّاغِبُ ( فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلْيَفْسَخْ ) أَيْ الْعَدْلُ الْبَيْعَ ، وَلْيَبِعْهُ لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ ( فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ ) لِأَنَّ زَمَنَ الْخِيَارِ كَحَالَةِ الْعَقْدِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ ، وَهُنَاكَ مَنْ يَزِيدُ ( فَإِنْ بَدَا لِلرَّاغِبِ ) بِأَنْ رَجَعَ عَنْ الزِّيَادَةِ فَإِنْ كَانَ ( قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِحَالِهِ ، وَإِلَّا بَطَلَ ، وَاسْتُؤْنِفَ ) مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ ( وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى ) بِمَعْنَى مِنْ ( الرَّاغِبِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ كَانَ فَسْخًا ) لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ ( وَصَحَّ الْبَيْعُ ) الثَّانِي ، وَهَذَا أَوْلَى وَأَحْوَطُ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْسَخُ فَيَرْجِعُ الرَّاغِبُ .

( قَوْلُهُ أَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلْيُفْسَخْ ) لَوْ ارْتَفَعَتْ الْأَسْوَاقُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ طَلَبَ بِزِيَادَةٍ بَلْ أَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَلَا فَرَّقَ فِي هَذَا بَيْنَ عَدْلِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ ر وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ انْفَسَخَ ) لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَدْلُ بِالزِّيَادَةِ حَتَّى لَزِمَ الْبَيْعُ وَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَقْرَبُ عِنْدِي تَبَيَّنَ الْفَسْخُ لَكِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِفَ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إلَخْ ) فَلَا يُشْكِلُ بِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْوَكِيلِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ بِفَسْخٍ مُشْتَرِيهِ بِخِيَارٍ مُخْتَصٍّ بِهِ لِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلِهِ عَنْ الْمَبِيعِ فِيهَا

( فَصْلٌ مُؤْنَةُ الرَّهْنِ ) أَيْ مُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ الَّتِي بِهَا بَقَاؤُهُ ( عَلَى مَالِكِهِ ) كَأُجْرَةِ رَدِّ الرَّقِيقِ الْهَارِبِ ، وَأُجْرَةِ سَقْيِ الشَّجَرِ ، وَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَكِسْوَتِهِ ، وَغَيْرِهَا ( حَتَّى أُجْرَةِ الْحِرْزِ إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ) ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ اسْتِبْقَاءً لِلرَّهْنِ ، وَلِخَبَرِ { الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ لَهُ غُنْمُهُ ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَحَسَّنَهُ ، وَالْحَاكِمُ ، وَصَحَّحَهُ ( فَإِنْ غَابَ ) الْمَالِكُ ( أَوْ أَعْسَرَ ) عَنْ الْمُؤَنِ ، وَلَوْ نَادِرَةً ( فَكَهَرَبِ الْجَمَّالِ ) عَنْ جِمَالِهِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ عَجْزِهِ عَنْ مُؤْنَتِهَا فَيُمَوِّنُ الْحَاكِمُ الْمَرْهُونَ مِنْ مَالِ مَالِكِهِ فِي الْأُولَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمُعْسِرٌ كَمَا فِي الثَّانِيَةِ فَيَقْتَرِضُ عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعُ مِنْ الْمَرْهُونِ بِقَدْرِ الْمُؤْنَةِ فَقَوْلُهُ ( وَيُبَاعُ مِنْهُ جُزْءٌ لِأُجْرَةِ الْحِرْزِ ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ مُضِرٌّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى أُجْرَةِ الْحِرْزِ ، وَأَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ مُطْلَقًا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُرِفَ ، وَقَدْ أَشَارَ الْأَصْلُ إلَى اسْتِشْكَالِهِ بِقَوْلِهِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ ، وَذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَائِبِ مَالُ الرَّاهِنِ لَا الرَّاهِنُ ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مُكَرَّرًا ، وَأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ دُونَهُ يُبَاعُ الْجُزْءُ ، وَيَقْتَرِضُ بِغَيْرِ مُرَاجَعَةِ الرَّاهِنِ ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ( وَمَتَى أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ ) فِيمَا ذُكِرَ عَلَى مَرْهُونٍ لَا كَسْبَ لَهُ يَكْفِيهِ ( بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ ، وَالنَّفَقَةِ جَازَ ) كَفِدَاءِ مَرْهُونٍ جَنَى عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ ، وَالْفِدَاءِ ( فَإِنْ فَقَدَ الْحَاكِمُ ) بِأَنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ ( وَأَشْهَدَ ) بِالْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ ( كَفَى ) فَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا رُجُوعَ ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ

عَلَيْهِ إعَادَةَ مَا تَهَدَّمَ مِنْ دَارٍ مَرْهُونَةٍ ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ بِأَنَّ الْإِنْفَاقَ هُنَا لِحِفْظِ مَا تَلِفَ ، وَهُوَ مَوْجُودٌ ، وَهُنَاكَ لِإِبْدَالِ مَعْدُومٍ ، وَحِفْظِ الْمَوْجُودِ أَقْرَبُ إلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ مِنْ إبْدَالِ مَعْدُومٍ لِأَنَّهُ فِي حِفْظِ الْمَوْجُودِ لَمْ يُجَدِّدْ لِلْمُسْتَحِقِّ حَقًّا فِي غَيْرِ مَا اسْتَحَقَّهُ لِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِبْدَالِ .

( فَصْلٌ مُؤْنَةُ الرَّهْنِ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ عَلَى مَالِكِهِ ) أَفَادَ أَنَّ مُؤْنَةَ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَعَارِ وَالْمَرْهُونِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى مَالِكِهِمَا لَا عَلَى رَاهِنِهِمَا ( قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ وَيُبَاعُ مِنْهُ جُزْءٌ لِأُجْرَةِ الْحِرْزِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ) صَرَّحَ بِهِ لِيُسْتَفَادَ مِنْهُ الْبَيْعُ لِبَقِيَّةِ الْمُؤَنِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفَائِدَةُ تَكْرَارِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّ الْحِفْظَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَيَخْتَصُّ بِالْتِزَامِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَائِبِ إلَخْ ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَكَانَ لَهُ مَالٌ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَقُومُ بِالْمُؤَنِ مِنْ مَالِهِ بَلْ مِنْ الْمَرْهُونِ وَهُوَ خِلَافُ الْقَوَاعِدِ .
ا هـ .
وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ شَيْءٌ أَوْ كَانَ غَائِبًا أَيْ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا حَاضِرًا ( قَوْلُهُ كَفِدَاءِ مَرْهُونٍ جَنَى إلَخْ ) لِأَنَّ الْأَرْشَ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَإِذَا رَهَنَهَا بِهِ فَقَدْ عَلَّقَ بِالرَّقَبَةِ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهَا وَلِأَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إبْطَالَ الرَّهْنِ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ الرَّقَبَةِ فَصَارَ بِذَلِكَ كَالرَّهْنِ الْجَائِزِ وَيَجُوزُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْجَائِزِ مَا لَا يَلْحَقُ بِاللَّازِمِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ الرَّهْنِ وَحِفْظِهِ ( قَوْلُهُ لِحِفْظِ مَا ثَبَتَ وَهُوَ مَوْجُودٌ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ لِحِفْظِ مَا تَلِفَ مِنْ الْبِنَاءِ بِانْهِدَامِهِ وَهُوَ أَيْ الْمُنْهَدِمُ بِمَعْنَى آلَاتِهِ مَوْجُودٌ لَمْ يَتْلَفْ ( قَوْلُهُ وَهُنَاكَ لِإِبْدَالِ مَعْدُومٍ ) يَعْنِي الْمَنْفَعَةَ إذْ لَا وُجُودَ لَهَا حَقِيقَةً وَهِيَ الْمَمْلُوكَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ

( وَلِلرَّاهِنِ لَا عَلَيْهِ الْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ وَالْعِلَاجُ ) بِالْأَدْوِيَةِ وَالْمَرَاهِمِ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِذَلِكَ مِلْكَهُ ( وَ ) لَهُ ( الْخِتَانُ ) لِلرَّقِيقِ ( إنْ لَمْ يَخَفْ ) مِنْهُ ( وَانْدَمَلَ ) أَيْ ، وَكَانَ يَنْدَمِلُ ( قَبْلَ الْحُلُولِ ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَالْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا خِيفَ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَنْدَمِلْ قَبْلَ الْحُلُولِ ، وَكَانَ فِيهِ نَقْصٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ، وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْخِتَانِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ ، وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي وَسُلَيْمٌ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ ، وَأَمَّا عَدُّهُمْ عَدَمُ الْخِتَانِ عَيْبًا فِي الْكَبِيرِ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى كَبِيرٍ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِتَانِ ، وَبِأَنَّ التَّعْيِيبَ بِذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ كَمَا لَوْ رَهَنَ رَقِيقًا سَارِقًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا ( وَلَوْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِي قَطْعِ السِّلْعَةِ ، وَ ) فِي ( الْمُدَاوَاةِ ) عَلَى خَطَرِهِمَا ( جَازَ ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ إصْلَاحٌ بِلَا ضَرَرٍ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ غَلَبَ التَّلَفُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ أَوْ شَكَّ ( فَلَا ) يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ فَكَانَ كَجُرْحِهِ بِلَا سَبَبٍ ( وَيَتَخَيَّرُ ) بَيْنَ الْقَطْعِ ، وَعَدَمِهِ ( فِي قَطْعِ الْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ ) أَوْ نَحْوِهَا ( إنْ جَرَى الْخَطَرَانِ ) خَطَرُ الْقَطْعِ ، وَخَطَرُ التَّرْكِ ( وَغُلِّبَتْ السَّلَامَةُ ) فِي الْقَطْعِ عَلَى خَطَرِهِ ، وَإِنْ اسْتَوَى الْخَطَرَانِ أَوْ زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُغَلَّبْ السَّلَامَةُ لَا يَجُوزُ الْقَطْعُ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمُهَذَّبِ مَنْعَ الْقَطْعِ ، وَلَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي التَّرْكِ دُونَ الْقَطْعِ أَوْ لَا خَطَرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ الْقَطْعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ دُونَ التَّرْكِ ، وَغُلِّبَتْ السَّلَامَةُ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَطْعِ السِّلْعَةِ

وَالْمُدَاوَاةِ ، وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَطْعِ السِّلْعَةِ أَوْ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ لَا غِنَى عَنْ قَوْلِهِ ، وَيَتَخَيَّرُ إلَى آخِرِهِ ، وَلَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ دُونَ التَّرْكِ ، وَغُلِّبَتْ السَّلَامَةُ .
( قَوْلُهُ وَلِلرَّاهِنِ لَا عَلَيْهِ الْفَصْدُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ أَلْحَقُوا الرَّقِيقَ بِالْقَرِيبِ فِي إيجَابِ الْكِفَايَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ثَمَنُ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَرِيبِ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَحْصِيلِهِ بِخِلَافِهِ قَالَ وَقَوْلُهُمْ فِي الرَّهْنِ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بَلْ فِي عَيْنِ الْمَرْهُونِ بِبَيْعِ جُزْءٍ مِنْهُ لِأَجَلِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتَوَلِّي أَجْرَى الْوَجْهَيْنِ فِي نَفَقَةِ الْمَرْهُونِ فِي أَنَّهَا مِنْ عَيْنِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ فِي الْمُدَاوَاةِ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَرْتَضِ الرَّافِعِيُّ الْإِلْحَاقَ وَكَأَنَّهُ لِأَنَّ الْمُدَاوَاةَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَمَا جَازَ لِلرَّاهِنِ فِعْلُهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمُتَوَلِّي وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْ كَانَ فِيهِ خَطَرٌ مَا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِذَلِكَ مِلْكَهُ ) وَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً وَقَلَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ ضَرَرٌ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ مُنِعَ مِنْ الْفَصْدِ دُونَ الْحِجَامَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِحَدِيثٍ مَرْوِيٍّ قَطْعُ الْعُرُوقِ مَسْقَمَةٌ وَالْحِجَامَةُ خَيْرٌ مِنْهُ ( قَوْلُهُ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَطْعِ السِّلْعَةِ وَالْمُدَاوَاةِ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ

( فَرْعٌ لَهُ ) أَيْضًا ( نَقْلُ الْمُزْدَحِمِ مِنْ النَّخْلِ ) إذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ نَقْلُهَا أَنْفَعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَ ) لَهُ ( قَطْعُ الْبَعْضِ ) مِنْهَا ( لِإِصْلَاحِ الْأَكْثَرِ وَالْمَقْطُوعُ ) مِنْهَا ( رَهْنٌ ) أَيْ مَرْهُونٌ ( بِحَالِهِ ) ، وَكَذَا مَا يَجِفُّ مِنْهَا بِلَا قَطْعٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَمَا يَحْدُثُ مِنْ سَعَفٍ ) ، وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ ( وَ ) مِنْ ( لِيفٍ ، وَكَرَبٍ ) بِفَتْحِ الْكَافِ ، وَالرَّاءِ ، وَهُوَ أُصُولُ السَّعَفِ ( غَيْرُ مَرْهُونٍ ) كَالثَّمَرَةِ ( وَفِيمَا كَانَ ظَاهِرًا ) مِنْهَا ( حَالَ الْعَقْدِ خِلَافٌ ) فَفِي التَّتِمَّةِ مَرْهُونٌ ، وَفِي الشَّامِلِ وَتَعْلِيقِهِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لَا ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَالصُّوفِ بِظَهْرِ الْغَنَمِ كَمَا مَرَّ ، وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ مَشَى عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي الصُّوفِ مِنْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي رَهْنِ الْغَنَمِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( فَرْعٌ ) رَهَنَ عِنْدَ شَخْصٍ ثَلَاثَ قَطْعِ بَلَخْشٍ وَثَلَاثَ حَبَّاتِ لُؤْلُؤٍ مَثَلًا وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَابِ دَارِ الرَّاهِنِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّ قِطْعَةً مِنْ الْبَلْخَشِ وَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ عَلَى بَابِ دَارِ الرَّاهِنِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ وَالْكَمَالُ سَلَّارٌ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْيَدَ لَيْسَتْ حِرْزًا لِذَلِكَ

( فَرْعٌ لَهُ ) أَيْضًا ( رَعْيُ الْمَاشِيَةِ فِي الْأَمْنِ نَهَارًا ، وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَجِعَ ) أَيْ يَذْهَبَ ( بِهَا ) إلَى الْكَلَأِ ، وَنَحْوِهِ ( لِعَدَمِ الْكِفَايَةِ ) لَهَا فِي مَكَانِهَا ( وَيَرُدُّهَا لَيْلًا إلَى عَدْلٍ ) يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( فَإِنْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ الِانْتِجَاعَ بِهَا ) فَإِنْ كَانَ ( لِلضَّرُورَةِ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالْقُرْبِ مَا يَكْفِيهَا ( لَمْ يَمْنَعْ ) ، وَإِلَّا مَنَعَ ( وَكَذَا لَوْ أَرَادَ نَقْلَ الْمَتَاعِ مِنْ بَيْتٍ غَيْرِ مُحَرَّزٍ إلَى مُحَرَّزٍ ) لَمْ يَمْنَعْ ( فَإِنْ انْتَجَعَا ) بِهَا إلَى أَرْضٍ وَاحِدَةٍ فَذَاكَ أَوْ ( إلَى بَلَدَيْنِ ) يَعْنِي أَرْضَيْنِ ( فَلْتَكُنْ ) أَيْ الْمَاشِيَةُ ( مَعَ الرَّاهِنِ ، وَيَتَّفِقَانِ عَلَى عَدْلٍ تَبِيتُ عِنْدَهُ ) أَوْ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ .

( فَرْعٌ الرَّهْنُ أَمَانَةٌ ) بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لِخَبَرِ { الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ } أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ ( لَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ ) كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ ( فَإِنْ اسْتَعَارَهُ ) الْمُرْتَهِنُ ( أَوْ تَعَدَّى فِيهِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ مَنَعَ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ رَدِّهِ ( بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ ) يَعْنِي بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ ، وَالْمُطَالَبَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ مَنَعَ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَاقٍ عَلَى أَمَانَتِهِ بِيَدِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ رَدِّهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ .
( قَوْلُهُ فَرْعٌ الرَّهْنُ أَمَانَةٌ ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلْمَحَامِلِيِّ ثَمَانِ مَسَائِلَ إحْدَاهَا الْمَغْصُوبُ إذَا تَحَوَّلَ رَهْنًا .
ثَانِيهَا الْمَرْهُونُ إذَا تَحَوَّلَ غَصْبًا .
ثَالِثُهَا الْمَرْهُونُ إذَا تَحَوَّلَ عَارِيَّةً .
رَابِعُهَا الْمُسْتَعَارُ إذَا تَحَوَّلَ رَهْنًا .
خَامِسُهَا الْمَقْبُوضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا رُهِنَ .
سَادِسُهَا الْمَقْبُوضُ بِالسَّوْمِ إذَا رُهِنَ .
سَابِعُهَا رَهْنُ مَا بِيَدِهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ قَبْلَ قَبْضِهِ .
ثَامِنُهَا خَالَعَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ رَهَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّنْ خَالَفَهُ ( قَوْلُهُ كَمَوْتِ الْكَفِيلِ ) بِجَامِعِ الْوَثِيقَةِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِدَيْنٍ لَيْسَ بِعِوَضٍ عَنْهُ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا حَبَسَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لِقَبْضِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ بِعْ الْمَرْهُونَ مِنِّي فَامْتَنَعَ لَمْ يَصِرْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَا يُجْعَلُ كَالْآخِذِ سَوْمًا وَلَوْ بَاعَ مِنْهُ ثُمَّ تَفَاسَخَا لَمْ يُعِدْ الرَّهْنَ إلَّا إذَا بَاعَ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا ثُمَّ فَسَخَ وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَفَسَخَ بَطَلَ الرَّهْنُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ بِتَلَفِهِ لَكَانَ تَضْيِيعًا لَهُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ارْتَهَنَ بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ ) الْمَرْهُونَ ( فَسَدَ ) الرَّهْنُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ ( وَلَمْ يَضْمَنْ ) مَا ارْتَهَنَهُ ( إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ ، وَعَدَمِهِ ) لِأَنَّهُ إنْ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ فَفَاسِدُهُ أَوْلَى أَوْ عَدَمَهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ أَثْبَتَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا فَالْمَقْبُوضُ بِفَاسِدِ بَيْعٍ أَوْ إعَارَةٍ مَضْمُونٌ ، وَبِفَاسِدِ رَهْنٍ أَوْ هِبَةٍ غَيْرُ مَضْمُونٍ ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً ، وَمَا لَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لِي فَهُوَ كَالْقِرَاضِ فَيَكُونُ فَاسِدًا وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً ، وَمَا لَوْ صَدَرَ عَقْدُ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ فَهُوَ فَاسِدٌ ، وَلَا جِزْيَةَ فِيهِ عَلَى الذِّمِّيِّ ، وَمَا لَوْ عَرَضَ الْعَيْنَ الْمُكْتَرَاةَ عَلَى الْمُكْتَرِي فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهَا إلَى أَنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لَمْ تَسْتَقِرَّ ، وَمَا لَوْ سَاقَاهُ عَلَى ، وَدِيٍّ مَغْرُوسٍ أَوْ لِيَغْرِسَهُ ، وَيَتَعَهَّدَهُ مُدَّةً ، وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا ، وَقَدَّرَ مُدَّةً لَا تُتَوَقَّعُ فِيهَا الثَّمَرَةُ فَهُوَ فَاسِدٌ ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةً ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي الشَّرِكَةَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَلَ الْآخَرِ مَعَ صِحَّتِهَا ، وَيَضْمَنُهُ مَعَ فَسَادِهَا ، وَمَا لَوْ صَدَرَ الرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةِ مِنْ مُتَعَدٍّ كَغَاصِبٍ فَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ ، وَإِنْ كَانَ الْقَرَارُ عَلَى الْمُتَعَدِّي مَعَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِ الرَّهْنِ ، وَالْإِجَارَةِ ، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَشَارَ الْأَصْحَابُ بِالْأَصْلِ فِي قَوْلِهِمْ الْأَصْلُ إنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ إلَى آخِرِهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا صَدَرَ الْعَقْدُ مِنْ رَشِيدٍ فَلَوْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا

يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ كَانَ مَضْمُونًا

( قَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ لَا أَنَّهُ أَوْلَى كَاَلَّتِي قَبْلَهَا ( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إلَخْ ) اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَقَالَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْقَاعِدَةِ لَا طَرْدًا وَلَا عَكْسًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الضَّمَانُ الْمُقَابِلُ لِلْأَمَانَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَيْنِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أُجْرَةٍ وَلَا غَيْرُهَا فَالرَّهْنُ صَحِيحُهُ أَمَانَةٌ وَفَاسِدُهُ أَمَانَةٌ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ وَالْعَارِيَّةُ صَحِيحُهُمَا مَضْمُونٌ وَفَاسِدُهُمَا مَضْمُونٌ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ فس ق قَوْلُهُ وَإِلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَشَارَ الْأَصْحَابُ بِالْأَصْلِ فِي قَوْلِهِمْ الْأَصْلُ إلَخْ ) وَإِلَّا فَقَدْ لَا يَسْتَوِيَانِ فِي الضَّامِنِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ عَلَى عَمَلٍ إجَارَةٍ فَاسِدَةً فَفَعَلَهُ الْأَجِيرُ لِلصَّبِيِّ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْوَلِيِّ دُونَ مَالِ الصَّبِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَلَا فِي الْمِقْدَارِ فَإِنَّ صَحِيحَ الْبَيْعِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ وَفَاسِدَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ وَصَحِيحَ الْقَرْضِ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا وَفَاسِدَهُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ وَصَحِيحَ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَابَقَةِ وَنَحْوِهَا مَضْمُونٌ بِالْمُسَمَّى وَفَاسِدَهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَذَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ .
وَقَوْلُهُ إنَّ صَحِيحَ الْبَيْعِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ صَحِيحَ الْبَيْعِ لَا ضَمَانَ فِيهِ بِالثَّمَنِ بَلْ الثَّمَنُ فِيهِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمَبِيعُ عَلَى الْبَائِعِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ ارْتَفَعَ الضَّمَانُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ ( قَوْلُهُ فَلَوْ صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ إلَخْ ) لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ فَإِنَّ عَقْدَهُ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ لِرُجُوعِ الْخَلَلِ إلَى رُكْنِ الْعَقْدِ وَقَدْ فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ الْبَاطِلِ

وَالْفَاسِدِ فَقَالُوا إنْ رَجَعَ الْخَلَلُ إلَى رُكْنِ الْعَقْدِ كَبَيْعِ الصَّبِيِّ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ رَجَعَ إلَى شَرْطِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَفَرَّقُوا بِذَلِكَ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَبَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَبَيْنَ الْخُلْعِ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( رَهَنَهُ أَرْضًا ، وَأَذِنَ لَهُ فِي غَرْسِهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَهِيَ قَبْلَ الشَّهْرِ أَمَانَةٌ ) بِحُكْمِ الرَّهْنِ ( وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ ) بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ ( وَكَذَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا مَبِيعَةً بَعْدَ شَهْرٍ ) فَهِيَ أَمَانَةٌ قَبْلَ الشَّهْرِ لِمَا مَرَّ ، وَمَبِيعَةٌ مَضْمُونَةٌ بَعْدَهُ بِحُكْمِ الْبَيْعِ ( فَإِنْ غَرَسَ ) فِيهَا الْمُرْتَهِنُ فِي الصُّورَتَيْنِ ( قَبْلَ الشَّهْرِ قَلَعَ ) مَجَّانًا ( أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَقْلَعْ فِي الْأُولَى ، وَلَا فِي هَذِهِ مَجَّانًا ) لِوُقُوعِهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ ، وَجَهْلِهِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِهِ ( إلَّا إنْ عَلِمَ فَسَادَ الْبَيْعِ ) ، وَغَرَسَ فَيَقْلَعُ مَجَّانًا لِتَقْصِيرِهِ .
( قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ ) اسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا لَمْ يَمْضِ بَعْدَهُ زَمَنٌ يَتَأَتَّى فِيهِ الْقَبْضُ وَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ ( قَوْلُهُ بِحُكْمٍ الْعَارِيَّةِ ) لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِيرًا بَعْدَ الشَّهْرِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا مَبِيعَةً بَعْدَ شَهْرٍ ) وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَوْ شَرَطَ مَا إذَا قَالَ رَهَنْتُك وَإِذَا لَمْ أُقَبِّضْك عِنْدَ الْحُلُولِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك فَسَدَ الْبَيْعُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ شَيْئًا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ فَسَادُ الرَّهْنِ أَيْضًا

( فَرْعٌ يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ ) بِيَمِينِهِ ( كَالْمُسْتَأْجِرِ ) ، وَفِي نُسْخَةٍ ، وَالْمُسْتَأْجِرُ ( فِي دَعْوَى التَّلَفِ ) لِلْمَرْهُونِ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ ( لَا ) دَعْوَى ( الرَّدِّ ) لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ ( وَالْمُرْتَهِنِ مِنْ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ ) لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى مَا لَمْ يَأْتَمِنْهُ مَالِكُهُ عَلَيْهِ ( وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ ( إنْ جَهِلَ ) الْغَصْبَ لِتَغْرِيرِهِ إيَّاهُ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَهُوَ غَاصِبٌ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَمِثْلُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ ، وَالْمُضَارِبِ ، وَوَكِيلِهِ فِي بَيْعِهِ ، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ ، وَالْمُسْتَامُ يُطَالَبَانِ ، وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ لِأَنَّهُمَا ضَامِنَانِ ، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ .
( قَوْلُهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ ) ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْكَلَامِ وَأَهْمَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ ( قَوْلُهُ لَا دَعْوَى الرَّدِّ إلَخْ ) وَيُخَالِفُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا تُمْكِنُ الْبَيِّنَةُ فِيهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَعْطَاهُ كِيسَ دَرَاهِمَ لِيَسْتَوْفِيَ ) حَقَّهُ ( مِنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ ) بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ كَالْمَرْهُونِ ( فَإِنْ اسْتَوْفَى مِنْهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ ) أَيْ الْكِيسَ ، وَمَا اسْتَوْفَاهُ لِأَنَّ الْكِيسَ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ ، وَمَا اسْتَوْفَاهُ أَمْسَكَهُ لِنَفْسِهِ ، وَالْقَبْضُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ ، وَالْمُقَبِّضِ كَمَا لَوْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَاشْتَرِ بِهَا جِنْسَ حَقِّك ، وَأَقْبِضْهُ لِي ثُمَّ أَقْبِضْهُ لِنَفْسِك ( وَإِنْ قَالَ خُذْهُ ) أَيْ الْكِيسَ بِمَا فِيهِ ( بِدَرَاهِمِك ) فَأَخَذَهُ ( فَكَذَلِكَ ) أَيْ يَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ ، وَلَا يَمْلِكُهُ ( إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْرُ مَالِهِ ) ، وَلَمْ يَكُنْ سَلَمًا ، وَلَا قِيمَةَ لِلْكِيسِ ، وَقَبْلَ ذَلِكَ فَيَمْلِكُهُ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ مَا فِيهِ مَجْهُولًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ مِثْلَهَا ، وَلِلْكِيسِ قِيمَةٌ أَوْ لَا قِيمَةَ لَهُ ، وَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا يَمْلِكُهُ لِامْتِنَاعِ ذَلِكَ فِي الرِّبَوِيِّ بَلْ ، وَفِي غَيْرِهِ فِي الْأَخِيرَةِ ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ مُتَدَافِعٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَقَلِّ أَمَّا غَيْرُ الرِّبَوِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ سَلَمًا فَيَمْلِكُهُ إنْ قَبِلَ ، وَإِلَّا فَلَا بَلْ يَضْمَنُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي ( وَإِنْ قَالَ خُذْ هَذَا الْعَبْدَ بِحَقِّك فَقَبِلَ ، وَلَمْ يَكُنْ سَلَمًا ) أَيْ مُسْلَمًا فِيهِ ( مَلَكَهُ ) كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَلَمًا لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ ( وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ، وَأَخَذَهُ ضَمِنَ ) بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ .

( فَصْلٌ وَالْمُرْتَهِنُ فِي تَصَرُّفِهِ ) فِي الْمَرْهُونِ ( كَالْأَجْنَبِيِّ ) فِي أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنٍ سَوَاءٌ التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ كَالْعِتْقِ ، وَالْفِعْلِيُّ كَالرُّكُوبِ إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا حَقُّ التَّوَثُّقِ ، وَمَا يَتْبَعُهُ ( وَوَطْؤُهُ ) لِلْمَرْهُونَةِ ( بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ ، وَبِغَيْرِ شُبْهَةِ زِنًا ) كَوَطْءِ الْمُكْتَرِي فَيُوجِبُ الْحَدَّ ، وَيُوجِبُ الْمَهْرَ مَا لَمْ تَكُنْ مُطَاوِعَةً عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ ، وَوَلَدُهَا مِنْهُ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ ، وَغَيْرُ نَسِيبٍ ( وَلَا يُصَدَّقُ فِي ) دَعْوَى ( الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِهِ ) أَيْ الْوَطْءِ ( إلَّا إنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ ) بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ ( أَوْ أَسْلَمَ قَرِيبًا ) فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْهُونَةُ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ ، وَادَّعَى أَنَّهُ جَهِلَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ فِي الْحُدُودِ ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ( نَعَمْ يُصَدَّقُ ) بِيَمِينِهِ ( إنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الْوَطْءِ ) فِي ( أَنَّهُ جَاهِلٌ بِتَحْرِيمِهِ ) ، وَإِنْ نَشَأَ مُسْلِمًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إذْ قَدْ يَخْفَى التَّحْرِيمُ مَعَ الْإِذْنِ ( فَيَسْقُطُ ) بِهِ ( الْحَدُّ ) عَنْهُ ( ثُمَّ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْحُرِّيَّةُ ) لِلْوَلَدِ ( وَالْمَهْرُ ) لِلشُّبْهَةِ ( إلَّا مَهْرَ مُطَاوِعَةٍ فِي وَطْئِهَا ) عَالِمَةٍ بِتَحْرِيمِهِ فَلَا يَثْبُتُ لِأَنَّهُ لَا مَهْرَ لِبَغِيٍّ بِخِلَافِ الْمُكْرَهَةِ ، وَالْجَاهِلَةِ بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِذْنُ كَالْمُفَوَّضَةِ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ مَعَ تَفْوِيضِهَا ( وَتَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ ) الْحَاصِلِ بِوَطْئِهِ لِلرَّاهِنِ لِتَفْوِيتِهِ الرِّقَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ ، وَكَالْوَطْءِ بِالْجَهْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَطْءُ

بِشُبْهَةٍ كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ ( وَإِذَا مَلَكَهَا ) الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ إيلَادِهِ لَهَا ( لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ ) لَهُ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ، وَلَوْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالْإِيلَادِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي النِّكَاحِ ( فَإِنْ ادَّعَى ) بَعْدَ الْوَطْءِ ( أَنَّهُ ) كَانَ ( اشْتَرَاهَا أَوْ اتَّهَبَهَا ) مِنْ الرَّاهِنِ ، وَقَبَضَهَا بِإِذْنِهِ فِي الثَّانِيَةِ ( فَحَلَفَ الرَّاهِنُ ) بَعْدَ إنْكَارِهِ ( فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ ) لَهُ كَأُمِّهِ ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ ( فَإِنْ مَلَكَهَا ) الْمُرْتَهِنُ ( صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ) لَهُ ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ ( لِإِقْرَارِهِ ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الرَّاهِنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ

( قَوْلُهُ وَوَطِئَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ ) أَيْ الْمَالِكِ ( قَوْلُهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِهِ إلَخْ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ جَهْلُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ يَعْنِي قَالَ ظَنَنْت أَنَّ الِارْتِهَانَ يُبِيحُ الْوَطْءَ وَإِلَّا فَكَدَعْوَى جَهْلِ تَحْرِيمِ الزِّنَا ( قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ قَرِيبًا ) شَرْطُ قَرِيبِ الْإِسْلَامِ أَنْ لَا يَنْشَأَ بِبِلَادِنَا بَلْ قَدِمَ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ مَثَلًا أَمَّا مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُوَ كَعَوَامِّنَا فِي رَفْعِ الْحَدِّ ع قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّا لَا نُكَلِّفُ أَهْلَ الذِّمَّةِ تَعَلُّمَ أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ عَوَامِّنَا فَيُحْكَمُ بِتَقْصِيرِهِمْ ( قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ ) كَأَنْ كَانَتْ أَمَةَ فَرْعِهِ أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً أَوْ ظَنَّتْهُ زَوْجَهَا أَوْ سَيِّدَهَا وَإِنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ حُدَّ وَلَا أَثَرَ لِمَذْهَبِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي التَّعْلِيقِ وَالْغَزَالِيِّ فِي الْبَسِيطِ إنَّ الْحَدَّ لَا يُدْرَأُ بِالْمَذَاهِبِ وَإِنَّمَا يُدْرَأُ بِقُوَّةِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يَتَمَسَّكُ بِهَا ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَخْ ) الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ ( قَوْلُهُ أَوْ اتَّهَبَهَا ) أَوْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا

( فَصْلٌ ) ( أَرْشُ الْمَرْهُونِ ، وَقِيمَتُهُ إنْ ضَمِنَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْجِنَايَةِ ( رَهْنٌ ) أَيْ مَرْهُونٌ بَدَلَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إقَامَةً لَهُ مُقَامَهُ ، وَيُجْعَلُ بِيَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي ) فَإِنَّهُ رَهْنٌ ، وَإِنْ امْتَنَعَ رَهْنُ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً إذْ يَحْتَمِلُ دَوَامًا مَا لَا يَحْتَمِلُ ابْتِدَاءً ، وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي قِيمَةِ الْمَوْقُوفِ ، وَقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ حَيْثُ لَا تَصِيرُ الْأُولَى مَوْقُوفَةً ، وَالثَّانِيَةُ أُضْحِيَّةً بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً ، وَلَا أُضْحِيَّةً ثُمَّ مَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الْمَوْقُوفِ إنَّمَا يَصِيرُ مَوْقُوفًا بِإِنْشَاءِ ، وَقْفٍ ، وَمَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ يَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ ، وَبِنِيَّةِ كَوْنِهِ أُضْحِيَّةً إنْ اشْتَرَى بِمَا فِي الذِّمَّةِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا ، وَبَيْنَ الْوَقْفِ أَنَّ الْوَقْفَ يَحْتَاطُ لَهُ بِاشْتِرَاطِ بَيَانِ الْمَصْرِفِ ، وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ ، وَبَيْنَ شِقَّيْ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ كَانَتْ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى رِضَاهُ فَاكْتَفَى بِنِيَّتِهِ الْأُولَى بِخِلَافِ الشِّرَاءِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ مَحِلُّ كَوْنِ مَا ذَكَرَ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الرَّاهِنِ ، وَإِلَّا فَلَا يَصِيرُ مَرْهُونًا إلَّا بِالْغُرْمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا أَعْتَقَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْجِنَايَةِ مَحِلُّهُ إذَا نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِهَا ، وَلَمْ يَزِدْ الْأَرْشُ فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا كَأَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ أَوْ نَقَصَتْ بِهَا ، وَكَانَ الْأَرْشُ زَائِدًا عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا فَازَ الْمَالِكُ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ فِي الْأُولَى ، وَبِالزَّائِدِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَيُطَالَبُ بِهِ ) أَيْ

بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْشِ أَوْ الْقِيمَةِ ( الرَّاهِنُ ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ لَكِنَّهُ لَا يَقْبِضُهُ ، وَإِنَّمَا يَقْبِضُهُ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَرْهُونٌ فِي الذِّمَّةِ ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُطَالَبَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمُخَاصَمَةِ ( وَلِلْمُرْتَهِنِ الْحُضُورُ ) عِنْدَ مُطَالَبَةِ الرَّاهِنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْبَدَلِ ثُمَّ إنْ أَقَرَّ الْجَانِي أَوْ أَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةً أَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ ( فَإِنْ أَعْرَضَ الرَّاهِنُ ) عَنْ الْمُطَالَبَةِ ( أَوْ نَكَلَ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ قَائِمًا مُقَامَهُ ) فَلَا يُطَالَبُ ، وَلَا يَحْلِفُ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ أَرْشُ الْمَرْهُونِ إلَخْ ) شَمَلَ إطْلَاقُهُمْ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْمُرْتَهِنُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَفِي صَيْرُورَتِهَا رَهْنًا نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَهْنًا لَهُ وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّ الْقِيمَةَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً إلَخْ ) وَبِأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِ الرَّهْنِ ثَابِتَةٌ لَهَا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهَا وَعَلَى مَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا وَلَا مَعْنَى لِلرَّهْنِ إلَّا هَذَا فَلَا فَائِدَةَ فِي إنْشَاءِ رَهْنِهَا وَقَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَصِرْ الْبَدَلُ وَقْفًا وَلَا أُضْحِيَّةً وَقَدْ يَرَى النَّاظِرُ الْمَصْلَحَةَ فِي رَدِّهِ وَوَقْفِ غَيْرِهِ وَبِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْمُرَتَّبَةَ عَلَى الرَّهْنِ مَحْضُ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَالْمِلْكِ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوْسِعَةِ ( قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي ذِمَّتِهِ إلَخْ ) هَذَا مَمْنُوعٌ إذْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَاتَ فَلَا تُزَاحِمُهُ فِيهِ أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قِيمَةَ الْعَتِيقِ تَكُونُ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُعْتِقِ .
( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَهُ وَمَا أَظُنُّ أَنَّهُ يُوَافِقُ عَلَيْهِ وَيُطَالَبُ وَشَبَّهَهُ فِي الْأُولَى بِنَمَاءِ الرَّهْنِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّ النَّمَاءَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِخِلَافِ أَبْعَاضِ الْعَبْدِ وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ إنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِمَا يَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَقَالَ ثَالِثًا إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ فَجَمِيعُ ذَلِكَ مَضْمُونٌ فِي الْغَصْبِ إلَّا مَا سَقَطَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَلَا نَقْصَ .
ا هـ .
فَالرَّاجِحُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ

تَشْبِيهٌ مَرْدُودٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَعْدَ هَذَا فَأَرْشُ الْبَكَارَةِ وَأَطْرَافُ الْعَبْدِ مَرْهُونَةٌ لِأَنَّهَا بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ الْمَرْهُونِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ أَمَّا لَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ قُطِعَ ذَكَرُ الْعَبْدِ فَفِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ يَفُوزُ بِهِ الرَّاهِنُ كَالثِّمَارِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ وَيَجْرِي اللَّفْظُ عَلَى إطْلَاقِهِ .
ا هـ .
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَرْدُودٌ قَوْلُهُ وَيُطَالَبُ بِهِ الرَّاهِنُ ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ كَالْمُؤَجِّرِ وَالْمُعِيرِ وَالْمُودِعِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرَّاهِنِ لِيَشْمَلَ الْوَلِيَّ وَالْوَصِيَّ وَنَحْوَهُمَا لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الرَّهْنَ الْمُعَارَ فَإِنَّ الْخَصْمَ فِيهِ الْمُعِيرُ لَا الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِعَيْنِ الْمَغْصُوبِ .
( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَقْبِضُهُ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ ) قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ إنَّمَا يَتَعَنَّى بِقَبْضِ الْمَالِكِ أَوْ الْمَأْذُونِ مِنْ جِهَتِهِ شَرْعًا وَالْمُرْتَهِنُ عَلَّقْته فِي الْوَثِيقَةِ وَهِيَ فَرْعٌ عَنْ قَبْضِ الْمَالِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُوصَفُ فِي الذِّمَّةِ بِأَنَّهُ مَرْهُونٌ وَكَذَلِكَ فِي صُورَةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ قَائِمًا مُقَامَهُ ) قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بَعْدَمَا تَأَنَّقْت فِيهِ أَنَّهُ لَا يُخَاصِمُ الْمُرْتَهِنُ حَيْثُ يَسْتَبِدُّ الرَّاهِنُ بِإِسْقَاطِ الْوَاجِبِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ قِصَاصًا دُونَ مَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ عَنْ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ إنَّهُ قَالَ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِك مِلْكُ فُلَانٍ رَهَنَهَا مِنِّي أَوْ أَجَرَهَا مِنِّي تُسْمَعُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّك غَصَبْت مِنِّي

الْمَرْهُونَ فَهَلَكَ فِي يَدِك تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ مُعَيَّنٌ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى غَاصِبِهَا وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مُصَرِّحٌ بِاخْتِيَارِ الْمُخَاصَمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ بِهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا ( قَوْلُهُ فَلَا يُطَالَبُ وَلَا يَحْلِفُ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ ) مَحَلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُخَاصَمَةُ جَزْمًا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ

( وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَقْتَصَّ ) مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَرْهُونِ ( فِي الْعَمْدِ ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ ( وَيَبْطُلُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ ) فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ ( وَ ) لِلرَّاهِنِ ( أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقِصَاصِ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَالٍ ( وَلَا يَجِبُ مَالٌ ) بِالْعَفْوِ ، وَإِنْ أَطْلَقَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُطْلَقَهُ لَا يُوجِبُ مَالًا ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ( وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ ) بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُمَا ( لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَحَدِهِمَا ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ فَتَأْخِيرُهُ أَوْلَى ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْجِنَايَةُ ( خَطَأً ) أَوْ عَمْدًا يُوجِبُ مَالًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا ( أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ صَارَ ) الْمَالُ فِيهَا ( رَهْنًا ) أَيْ مَرْهُونًا كَمَا مَرَّ ( وَلَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ الْعَفْوُ عَنْهُ ، وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَيَصِحُّ ، وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ مَرْهُونًا قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا نَقَلُوهُ ، وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَا قَدَّمْته مَعَ جَوَابِهِ فِي فَرْعِ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْمَرْهُونِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ يَحْصُلُ بِهِ انْفِكَاكُ الرَّهْنِ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ اطِّرَادَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَعْيَانِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَمِ لِأَنَّ مَا فِيهَا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِقَبْضِهِ أَوْ قَبْضِ بَدَلِهِ ( وَإِنْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الْجَانِيَ لَمْ يَبْرَأْ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ ( وَلَمْ تَسْقُطْ الْوَثِيقَةُ ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ كَمَا لَوْ وَهَبَ الْمَرْهُونَ لِغَيْرِهِ
( قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ مَثَلًا ) كَكَوْنِ الْجَانِي حُرًّا أَوْ أَبَاهُ

( فَصْلٌ ) ( الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ ) كَسِمَنٍ وَكِبَرِ شَجَرَةٍ ( مَرْهُونَةٍ ) تَبَعًا لِأَصْلِهَا ( لَا الْمُنْفَصِلَةُ ) كَثَمَرَةٍ ، وَلَبَنٍ ، وَبَيْضٍ ، وَصُوفٍ ، وَمَهْرٍ ، وَكُسْبٍ ( ، وَالْحَمْلُ الْمُقَارِنُ لِلْعَقْدِ لَا لِلْقَبْضِ مَرْهُونٌ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ( فَتُبَاعُ بِحَمْلِهَا ) فِي الدَّيْنِ ( وَكَذَا إنْ انْفَصَلَ ) قَبْلَ الْبَيْعِ ، وَقَوْلُهُ لَا لِلْقَبْضِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ ، وَكَذَا قَوْلُهُ ( لَا ) الْحَمْلُ ( الْحَادِثُ ) بَعْدَ الْعَقْدِ ( فَلَا تُبَاعُ الْأُمُّ لِلْمُرْتَهِنِ ) أَيْ لِحَقِّهِ ( حَتَّى تَلِدَهُ ) بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ بِقَوْلِهِ ( إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ ) بِوَصِيَّةٍ أَوْ حَجْرِ فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِرَقَبَةِ أُمِّهِ دُونَهُ كَالْجَانِيَةِ ، وَالْمُعَارَةِ لِلرَّهْنِ أَوْ نَحْوِهَا ، وَذَلِكَ لِتَعَذُّرِ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ أَوْ بِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أُلْزِمَ الرَّاهِنُ بِالْبَيْعِ أَوْ تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ إنْ تَسَاوَى الثَّمَنُ ، وَالدَّيْنُ فَذَاكَ ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْمَالِكُ أَوْ نَقَصَ طُولِبَ بِالْبَاقِي ، وَلَوْ رَهَنَ نَخْلَةً ثُمَّ أَطْلَعَتْ اسْتَثْنَى طَلْعَهَا عِنْدَ بَيْعِهَا ، وَلَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْحَامِلِ كَمَا عُلِمَ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَبَابِ الْأُصُولِ ، وَالثِّمَارِ ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ هُنَا .

( فَصْلٌ الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ ) ( قَوْلُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهَا ) لِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا ( قَوْلُهُ لَا الْمُنْفَصِلَةُ ) لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَلَمْ يَسْرِ إلَيْهَا كَالْإِجَارَةِ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ الْمُنْفَصِلَةِ بِالْعَيْنِيَّةِ وَالْمُتَّصِلَةِ بِالْوَصْفِيَّةِ .
( فَرْعٌ ) فِي فَتَاوَى أَبِي شُكَيْلٍ إذَا رَهَنَهُ بَيْضَةً فَتَفَرَّخَتْ هَلْ يَزُولُ الرَّهْنُ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَزُولُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ التَّفْلِيسِ وَلَا يَبْعُدُ إجْرَاءُ وَجْهٍ فِيهِ مِنْهَا وَرَجَّحَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَسَأَلْت عَمَّنْ رَهَنَ بَذْرًا وَأَقْبَضَهُ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ فِي التَّلَوُّمِ بِهِ فَأَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ هَلْ يَبْقَى رَهْنًا أَمْ لَا فَأَجَبْت نَعَمْ يَبْقَى الرَّهْنُ حَتَّى يَبْقَى الزَّرْعُ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مَرْهُونًا أَخْذًا مِنْ الْمُفْلِسِ فِي الْبَذْرِ ( قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ ) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَتَوْزِيعُ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْحِمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ ( قَوْلُهُ أَوْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِرَقَبَةِ أُمِّهِ دُونَهُ ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّةِ مَالِكِهَا

( فَرْعٌ ) إذَا ( ضَرَبَ ) إنْسَانٌ الْأَمَةَ ( الْمَرْهُونَةَ فَأَلْقَتْ جَنِينًا ) حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الرَّهْنِ فَإِنْ أَلْقَتْهُ ( مَيِّتًا فَالْوَاجِبُ ) عَلَيْهِ ( عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ لِلرَّاهِنِ ) فَلَا يَكُونُ مَرْهُونًا لِأَنَّهُ بَدَلُ الْوَلَدِ ، وَلَيْسَ مَرْهُونًا لَكِنْ ( يُؤْخَذُ مِنْهُ أَرْشُ نَقْصِ الْأُمِّ هُنَا ) إنْ نَقَصَتْ فَلَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي بَدَلِ الْجَنِينِ نَعَمْ إنْ كَانَ الضَّارِبُ هُوَ الرَّاهِنُ ضَمِنَ النَّقْصَ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ بَدَلَهُ حَتَّى يَدْخُلَ أَرْشُ النَّقْصِ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ فَبَدَلُهُ كُلُّهُ لِغَيْرِهِ ( وَإِذًا ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ ، وَإِنْ ( أَلْقَتْهُ حَيًّا ، وَمَاتَ ) بِالضَّرْبِ ( وَجَبَ ) عَلَى الضَّارِبِ ( لِلرَّاهِنِ قِيمَتُهُ ) حَيًّا ( وَأَرْشُ نَقْصِهَا ) إنْ نَقَصَتْ ، وَهُوَ ( مَرْهُونٌ ، وَلَيْسَ فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ الْمَيِّتِ إلَّا أَرْشُ نَقْصِ الْأُمِّ ) إنْ نَقَصَتْ ، وَيَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْئِهَا ، وَهُوَ مَرْهُونٌ ، وَبِهَذَا فَارَقَ عُشْرَ قِيمَةِ الْأَمَةِ أَمَّا الْحَيُّ إذَا مَاتَ بِالضَّرْبِ فَيَجِبُ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ .

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْفَكَاكُ ) لِلرَّهْنِ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا ( وَيَقَعُ ) أَيْ يَحْصُلُ ( بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ ) وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ ( وَبِتَلَفِ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ) لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ ( فَإِنْ جَنَى ) الْمَرْهُونُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ ( قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ) عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيَّنٌ فِي الرَّقَبَةِ ، وَحَقَّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَبِالرَّقَبَةِ ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ فَأَوْلَى أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى حَقِّ الْمُتَوَثِّقِ ( فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ ) الْمُسْتَحِقُّ فِيمَا إذَا أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا ( أَوْ وَجَبَ ) بِهَا ، وَلَوْ بِالْعَفْوِ عَنْهَا ( مَالٌ قَدْرُ قِيمَتِهِ بِيعَ ) لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ ( وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ ) فِيهَا ، وَفِيمَا قَبْلَهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا وَقَعَ فِيهِ الْقِصَاصُ نَعَمْ إنْ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِأَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ غَاصِبٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ بَلْ تَكُونُ قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ ، وَلَوْ قَالَ وَبِيعَ بَطَلَ كَانَ أَوْضَحَ ( أَوْ ) قَدْرُ ( بَعْضِهَا بِيعَ ) مِنْهُ ( بِقَدْرِهِ ) ، وَالْبَاقِي مَرْهُونٌ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) بِيعَ بَعْضُهُ ( أَوْ نَقَصَ بِالتَّبْعِيضِ ) قِيمَتُهُ ( بَاعَ الْكُلَّ ، وَبَقِيَ الْفَاضِلُ ) عَنْ الْأَرْشِ ( رَهْنًا فَإِنْ عَفَا ) عَنْ الْأَرْشِ ( أَوْ فَدَاهُ السَّيِّدُ ) أَوْ غَيْرُهُ ( بَقِيَ رَهْنًا ) بِحَالِهِ ( فَلَوْ بِيعَ ) فِي الْجِنَايَةِ ( وَعَادَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فِيهِ لَمْ يَعُدْ رَهْنًا ) لِانْفِكَاكِهِ بِالْبَيْعِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ السَّيِّدُ بِالْجِنَايَةِ ( فَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْجِنَايَةِ ، وَهُوَ مُمَيِّزٌ فَلَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ ) فِي شَيْءٍ ( إلَّا ) فِي ( الْإِثْمِ ) فَيَأْثَمُ بِهِ ( أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٌّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ ) لِلسَّيِّدِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ ( فَالْجَانِي هُوَ السَّيِّدُ ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ

الضَّمَانُ ( وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ مَالٌ ) ، وَلَا قِصَاصَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْآلَةِ فِي الْفِعْلِ ( وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ) أَيْ السَّيِّدِ ( أَنَا أَمَرْته ) بِالْجِنَايَةِ ( فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ) لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ حَقِّهِ عَنْ الرَّقَبَةِ ( بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهَا وَعَلَى السَّيِّدِ الْقِيمَةُ ) لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ ( لِإِقْرَارِهِ ) بِأَمْرِهِ بِالْجِنَايَةِ .

( قَوْلُهُ وَيَقَعُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ ) يُسْتَثْنَى التَّرِكَةُ إذَا قُلْنَا إنَّهَا مَرْهُونَةٌ بِالدَّيْنِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَالْفَكُّ يُفَوِّتُهَا ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ ) لَوْ فَكَّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي بَعْضِ الْمَرْهُونِ انْفَكَّ وَصَارَ الْبَاقِي رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ ( قَوْلُهُ لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى غَاصِبِهِ بِالْقِيمَةِ وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا فَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُجْعَلُ رَهْنًا وَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي ضَرْبِهِ فَتَلِفَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الرَّهْنُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ نَقَلْت حَقَّك إلَى عَيْنٍ أُخْرَى وَرَضِيَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَنْتَقِلْ بِلَا فَسْخٍ وَعَقْدٍ جَدِيدٍ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيَّنٌ فِي الرَّقَبَةِ ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ سَقَطَ حَقُّهُ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ ) قَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَغْصُوبًا أَوْ مُسْتَعَارًا أَوْ مَبِيعًا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَنْ لَا يُقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّمَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُشْتَرِي .
ا هـ .
يُقَدَّمُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْضًا وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ .
( قَوْلُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ ) أَيْ قَهْرًا ( قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ ) أَيْ فِي النَّفْسِ أَمَّا لَوْ اقْتَصَّ فِي الطَّرَفِ فَالرَّهْنُ يَبْقَى بِحَالِهِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ الْقِيمَةُ لِإِقْرَارِهِ إلَخْ ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَضْمُونَ قَوْلِ الرَّاهِنِ إنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ وَقَعَ ظُلْمًا فَكَيْفَ يُجْعَلُ مَا أُخِذَ مِنْهُ رَهْنًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَرْشَ الَّذِي قَوْلُ

الرَّاهِنِ إنَّهُ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَدْ أُخِذَ بَدَلَ الرَّهْنِ ظُلْمًا فِي جِنَايَتِهِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَجُعِلَ الْأَرْشُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مَكَانَهُ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ بِمَالِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلِذَلِكَ أَصْلٌ سَتَعْرِفُهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ وَالْحَوَالَةِ وَتَوْجِيهُ الظَّفَرِ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ السَّيِّدِ إنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَبْدِ ظُلْمًا فَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَلَهُ عَلَى السَّيِّدِ الْأَرْشُ وَهُوَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ

( فَصْلٌ ) ( وَإِنْ جَنَى ) عَمْدًا ( عَلَى طَرَفِ سَيِّدِهِ أَوْ عَبْدِهِ ) أَيْ عَبْدِ سَيِّدِهِ ( اقْتَصَّ مِنْهُ ) انْتِقَامًا ، وَزَجْرًا ، وَهُوَ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَجَانِبِ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ ( وَلَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ ) أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا يُوجِبُ مَالًا ( لَمْ يَثْبُتْ ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ فَيَبْقَى الرَّهْنُ كَمَا كَانَ ( وَكَذَا ) يَقْتَصُّ مِنْهُ ، وَلَا يَثْبُتُ مَالٌ ( إنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ ) أَوْ عَبْدَهُ غَيْرَ الْمَرْهُونِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِمَا مَرَّ ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَرْهُونِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى طَرَفِ عَبْدِ سَيِّدِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ جَنَى خَطَأً عَلَى طَرَفِ مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ ) كَأَبِيهِ ( أَوْ ) طَرَفِ ( مُكَاتَبِهِ يَثْبُتُ الْمَالُ ، وَلَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ ) فِي الْأُولَى قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِمَوْتِهِ أَوْ عَجْزِهِ ، وَلَوْ قَالَ ، وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى السَّيِّدِ لَشَمَلَهُمَا ( فَيَبِيعُهُ ) أَيْ الْعَبْدُ ( فِيهَا ) أَيْ الْجِنَايَةِ ، وَفِي نُسْخَةٍ فِيهِ أَيْ مَالِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَيًّا ، وَقِيلَ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِهِ إلْحَاقًا لِلِاسْتِدَامَةِ بِالِابْتِدَاءِ فِي امْتِنَاعِ ثُبُوتِ دَيْنٍ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ فِي الْمُوَرِّثِ ، وَقِيسَ بِهِ الْمُكَاتَبُ .
وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ لِنَقْلِهِ لَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقْلِهِ لِلثَّانِي عَنْ تَصْحِيحِ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْإِمَامِ خَاصَّةً ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ عَنْ دَلِيلِ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا فَيَقْتَصُّ مِنْهُ فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ ثَبَتَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

هُنَا ( وَإِنْ قَتَلَهُ ) أَيْ مُوَرِّثُ سَيِّدِهِ أَوْ مُكَاتَبُهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا ( فَعَفَا السَّيِّدُ عَلَى مَالٍ وَجَبَ الْمَالُ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُوَرِّثِ ثُمَّ يَتَلَقَّاهُ عَنْهُ الْوَارِثُ ، وَيُقَاسُ بِالْمُوَرِّثِ الْمُكَاتَبُ ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى عَبْدِ مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ إذَا مَاتَ الْمُوَرِّثُ كَالْجِنَايَةِ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ ( وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ عَبْدَيْهِ الْآخَرَ ، وَهُمَا مَرْهُونَانِ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا فَلِلسَّيِّدِ الْقِصَاصُ ، وَيَبْطُلُ الرَّهْنَانِ ) لِفَوَاتِهِمَا ( وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَتْ ) أَيْ الْجِنَايَةُ ( خَطَأً وَجَبَ الْمَالُ ) مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ لِحَقِّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ لِغُرْمٍ لَحِقَ الْمُرْتَهِنِ فَتَعَلُّقُهُ بِعَبْدِهِ أَوْلَى ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْمَالُ فِيمَا ذُكِرَ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ ( وَلَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْمَالِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ بِهِ ، وَلَهُ الْعَفْوُ مُطْلَقًا ، وَبِلَا مَالٍ ، وَلَا يَجِبُ مَالٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فَإِذَا عَفَا كَذَلِكَ صَحَّ ، وَبَطَلَ رَهْنُ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ ، وَبَقِيَ الْقَاتِلُ رَهْنًا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ .
( فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ ) بِالْقَتْلِ ( أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مِثْلَهَا بِيعَ ، وَجُعِلَ ثَمَنُهُ ) مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الْقَتِيلِ ( رَهْنًا ) عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ فَإِنْ زَادَ جُعِلَ الزَّائِدُ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ ، وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْقِيمَةَ رَهْنٌ مِنْ حِينِ الْقَتْلِ فَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ ، وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِيهِ تَسَمُّحٌ سَلِمَ مِنْهُ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ فَيُبَاعُ ، وَثَمَنُهُ رَهْنٌ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ نَفْسُهُ رَهْنًا لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ يَتَوَثَّقُ بِهَا مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ ( أَوْ ) كَانَ الْوَاجِبُ ( أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ

الْقَاتِلِ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ ، وَبَقِيَ الْبَاقِي رَهْنًا ، وَأَنَّ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَإِنْ ( تَعَذَّرَ بَيْعُ الْبَعْضِ أَوْ نَقَصَهُ التَّشْقِيصُ بِيعَ الْكُلُّ ، وَجُعِلَ الزَّائِدُ ) عَلَى الْوَاجِبِ ( عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ ) هَذَا إنْ طَلَبَ مُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ الْبَيْعَ ، وَالرَّاهِنُ نَقَلَ الْقَاتِلَ إلَيْهِ فَإِنْ عَكَسَ أُجِيبَ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِي عَيْنِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ، وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَوْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ ، وَالْمُرْتَهِنَانِ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ فَهُوَ الْمَسْلُوكُ قَطْعًا ( فَإِنْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ ، وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ عَلَى النَّقْلِ ) لِلْقَاتِلِ أَوْ لِبَعْضِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِيَكُونَ رَهْنًا ( فَلَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ مُنَازَعَتُهُ ) فِيهِ ، وَطَلَبُ الْبَيْعِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ ، وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ بِتَوَقُّعِ رَاغِبٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ ( وَإِنْ كَانَا مَرْهُونَيْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ فَلَا كَلَامَ ) فِي أَنَّ الْوَثِيقَةَ نَقَصَتْ ، وَلَا جَابِرَ كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ، وَقَوْلُهُ لِوَاحِدٍ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ فِيمَا ذَكَرَ لَهُ فَائِدَةٌ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( أَوْ بِدَيْنَيْنِ لَهُ ) أَيْ لِوَاحِدٍ ، وَوَجَبَ الْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ .
( وَاخْتَلَفَا تَأْجِيلًا ، وَحُلُولًا أَوْ ) كَانَ ( أَحَدُهُمَا أَطْوَلَ أَجَلًا ) مِنْ الْآخَرِ ( فَلَهُ ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ ( التَّوَثُّقُ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ بِالْقَاتِلِ ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَالُّ دَيْنَ الْقَتِيلِ فَقَدْ يُرِيدُ اسْتِيفَاءً مِنْ ثَمَنِهِ فِي الْحَالِّ أَوْ دَيْنِ الْقَاتِلِ فَقَدْ يُرِيدُ التَّوَثُّقَ بِهِ فِي الْمُؤَجَّلِ ، وَيُطَالَبُ بِالْحَالِّ ، وَقِيسَ بِهِ اخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ ، وَلَفْظِهِ لَهُ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ لِفَهْمِهَا مِمَّا مَرَّ ( وَإِنْ اتَّفَقَا ) فِي الْحُلُولِ ، وَالْأَجَلِ ، وَقَدْرِهِ ( وَاسْتَوَى الدَّيْنَانِ ) الْأَوْلَى ، وَاسْتَوَيَا أَيْ فِي الْقَدْرِ ( فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرَ )

مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلَا نَقْلَ ) لِلْوَثِيقَةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ( وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ نَقَلَ مِنْهُ قَدْرَ قِيمَةِ الْقَتِيلِ إلَى دَيْنِ الْقَتِيلِ ، وَبَقِيَ الْبَاقِي رَهْنًا ) بِحَالِهِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الدَّيْنَيْنِ ، وَتَسَاوَتْ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ أَوْ كَانَ الْقَتِيلُ أَكْثَرَ قِيمَةً وَكَانَ الْمَرْهُونُ ) فِيهِمَا ( بِالْأَكْثَرِ ) مِنْ الدَّيْنَيْنِ ( هُوَ الْقَتِيلُ نُقِلَ ) التَّوَثُّقُ بِالْقَاتِلِ لِيَصِيرَ ثَمَنُهُ مَرْهُونًا بِالْأَكْثَرِ ( أَوْ ) كَانَ الْمَرْهُونُ ( بِالْأَقَلِّ ) هُوَ الْقَتِيلُ ( فَلَا ) نَقْلَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ لِأَنَّهُ لَوْ نُقِلَ صَارَ الثَّمَنُ مَرْهُونًا بِالْأَقَلِّ ( وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ أَقَلَّ ، وَهُوَ مَرْهُونٌ بِأَكْثَرَ نُقِلَ ) مِنْ الْقَاتِلِ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ إلَى الدَّيْنِ الْآخَرِ ( أَوْ بِأَقَلَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ لَا نَقْلَ ) لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ( وَالْحَقُّ أَنَّهُ يُنْقَلُ إنْ كَانَ ) ثَمَّ ( فَائِدَةٌ كَمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ مِائَةً ، وَهُوَ مَرْهُونٌ بِعَشَرَةٍ ، وَقِيمَةُ الْقَاتِلِ مِائَتَيْنِ ، وَهُوَ مَرْهُونٌ بِعِشْرِينَ فَيُنْقَلُ مِنْهُ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ وَهُوَ مِائَةٌ ) تَصِيرُ مَرْهُونَةً بِعَشَرَةٍ ( وَيَبْقَى مِائَةٌ مَرْهُونَةٌ بِالْعِشْرِينَ ) .
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ كَمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَرْهُونًا بِمِائَتَيْنِ فَلَا نَقْلَ لِأَنَّهُ إذَا نَقَلَ بِيعَ مِنْهُ بِمِائَةٍ ، وَصَارَتْ مَرْهُونَةً بِعَشَرَةٍ ، وَتَبْقَى مِائَةٌ مَرْهُونَةٌ بِمِائَتَيْنِ فَمَحِلُّ عَدَمِ النَّقْلِ فِيمَا قَالَهُ الْأَصْلُ فِي الْأَخِيرَةِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ دَيْنُ الْقَاتِلِ عَنْ قِيمَتِهِ ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي النَّقْلِ ، وَعَدَمِهِ بِفَرْضِ الْمُرْتَهِنِ إذْ لَوْلَا حَقُّهُ لَمَا تَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ ( وَحَيْثُ قُلْنَا بِالنَّقْلِ ) لِلْقَاتِلِ أَوْ بَعْضِهِ ( فَالْمُرَادُ بِهِ ) أَنَّهُ ( يُبَاعُ ، وَيَبْقَى ثَمَنُهُ لَا رَقَبَتُهُ مَرْهُونًا ) لِمَا مَرَّ ( وَلَا أَثَرَ

لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ) إذَا كَانَا بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ سَاوَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ، وَصَرَّحَ أَيْضًا كَالرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ ، وَعَدَمِهِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَوَّضَ مَا يُتَوَقَّعُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ أَوْ صَدَاقًا قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يُنْقَلُ ) الْقَاتِلُ ( فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِيعُوهُ ) وَضَعُوا ثَمَنَهُ مَكَانَهُ ( فَإِنِّي لَا آمَنُ جِنَايَتَهُ ) مَرَّةً أُخْرَى فَتُؤْخَذُ رَقَبَتُهُ فِيهَا ، وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ ( فَهَلْ يُجَابُ وَجْهَانِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ كَسَائِرِ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ أَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ .

( قَوْلُهُ وَلَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ فِي الْأُولَى إلَخْ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ ( قَوْلُهُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ ) عِبَارَتُهُ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ أَوْ أَخٍ أَوْ مَوْلًى جِنَايَةً تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ وَالرَّاهِنُ وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلِلرَّاهِنِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ فَإِذَا عَفَا عَلَى الدِّيَةِ بِيعَ الْعَبْدُ وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ ( قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ صَحَّحَهُ فِي فَصْلِ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ مِنْ النِّكَاحِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ) وَقَدْ شَمَلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالنَّقْلِ إلَخْ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ فِيمَا ذُكِرَ ) أَيْ فَإِنَّهُ لَوْ رَهَنَهُمَا عَنْ شَرِيكَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ نَقَلَ مِنْهُ قَدْرَ قِيمَةِ الْقَتِيلِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ الَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَعْنَى النَّقْلِ إنْشَاءُ نَقْلٍ بِتَرَاضِيهِمَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ نَقْلِ الْوَثِيقَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ ذَاكَ مَعْنَاهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَتَبَدُّلُ الْعَيْنِ حَتَّى لَوْ أُرِيدَ فَسْخُ الْأَوَّلِ وَجَعْلُ الثَّانِي هُوَ الرَّهْنُ جَازَ وَهَذَا الَّذِي هُنَا مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَكُّ رَهْنِ الْقَتِيلِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ إلَخْ ) إذَا كَانَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ ضَامِنٌ فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ نَقْلَ الْوَثِيقَةِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِالضَّامِنِ إلَى الْآخَرِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّوَثُّقُ فِيهِمَا أُجِيبَ لِأَنَّهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ بِغَرَضِ الْمُرْتَهِنِ ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يُعْتَبَرَ غَرَضُ الرَّاهِنِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَإِشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ وَطَلَبِ بَيْعِهِ وَجَعْلِ

ثَمَنِهِ رَهْنًا أَوْ كَانَ حَيَوَانًا فَأَرَادَ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِ الْحَيَوَانِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ مُؤْنَتُهُ قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ ) ( وَ ) كَمَا يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ ، وَبِتَلَفِ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ كَمَا مَرَّ ( يَنْفَكُّ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ ) مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهَا ( فَإِنْ اعْتَاضَ عَنْ الدَّيْنِ عَيْنًا انْفَكَّ ) الرَّهْنُ لِتَحَوُّلِ الْحَقِّ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى الْعَيْنِ ( فَإِنْ تَلِفَتْ ) أَيْ الْعَيْنُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) لَهَا ( عَادَ ) الْمَرْهُونُ ( رَهْنًا ) كَمَا عَادَ الدَّيْنُ لِبُطْلَانِ الِاعْتِيَاضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا قُلْنَا بِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ لَا مِنْ حِينِهِ ، وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي إنَّ الْغَاصِبَ لَوْ بَاعَ بِالْوَكَالَةِ مَا غَصَبَهُ صَحَّ ، وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ إنْ قُلْنَا بِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ حِينِهِ فَلَا لِأَنَّ الضَّمَانَ فَرْعُ الْمِلْكِ ، وَالْمِلْكُ تَجَدُّدٌ انْتَهَى ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرَّهْنِ عَادَ فَعَادَ مُسَبَّبُهُ ، وَالْغَصْبُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لَمْ يَعُدْ فَلَمْ يَعُدْ مُسَبَّبُهُ ( وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ ( مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ ) لِلْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، وَكَحَقِّ حَبْسِ الْمَبِيعِ ، وَعِتْقِ الْمُكَاتَبِ ، وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِلْكُلِّ ، وَلِجُزْئِهِ كَالشَّهَادَةِ فَلَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ ( إلَّا إنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ ) كَأَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ فِي صَفْقَةٍ ، وَبَاقِيَهُ فِي أُخْرَى .
( أَوْ ) تَعَدَّدَ ( مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ ) كَأَنْ رَهَنَ عَبْدًا مِنْ اثْنَيْنِ بِدَيْنَيْهِمَا عَلَيْهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا كَبَيْعٍ ، وَإِتْلَافٍ ثُمَّ بَرِئَ عَنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا ، وَهَذَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ تَنْفَكُّ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَخْذِهِ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحِلُّهُ إذَا لَمْ

تَتَّحِدْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا أَوْ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ لَا بِالْأَخْذِ ( أَوْ ) تَعَدَّدَ ( الْمَدْيُونُ ) كَأَنْ رَهَنَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ بِدَيْنِهِ عَلَيْهِمَا ثُمَّ بَرِئَ أَحَدُهُمَا عَمَّا عَلَيْهِ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ عَنْهُ ( وَلَوْ اتَّحَدَ الْوَكِيلُ ) أَيْ وَكِيلُهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اتِّحَادِ الدَّيْنِ وَتَعَدُّدِهِ وَمَتَى تَعَدَّدَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ تَعَدَّدَ الدَّيْنُ ( بِخِلَافِ الْبَيْعِ ) فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِتَعَدُّدِ الْوَكِيلِ ، وَاتِّحَادِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ ضَمَانٍ فَنُظِرَ فِيهِ إلَى الْمُبَاشِرِ لَهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ ( فَإِذَا اسْتَعَارَ ) الْمَدْيُونُ وَإِنْ تَعَدَّدَ ( عَبْدًا أَوْ عَبْدَيْنِ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا مِنْ مَالِكَيْنِ لِيَرْهَنَهُ أَوْ لِيَرْهَنَهُمَا ) مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ ( فَفَعَلَ ثُمَّ قَضَى النِّصْفَ ) مِنْ الدَّيْنِ ( قَاصِدًا فَكَاكَ نِصْفِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ ( أَوْ ) فَكَاكَ ( أَحَدِهِمَا ) أَيْ الْعَبْدَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ( انْفَكَّ ) الرَّهْنُ عَنْهُ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الشُّيُوعَ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ جَعَلَهُ عَنْهُمَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَالَّهُ .
وَقَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَسْأَلَةَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ بِأَنْ يَأْذَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي رَهْنِ نَصِيبِهِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ فَيَرْهَنُ الْمُسْتَعِيرُ الْجَمِيعَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَلَوْ قَالَا أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك فَلَا يَنْفَكُّ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رَضِيَ بِرَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ ، وَمَا قَالَهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي ، وَغَيْرِهِ لَوْ رَهَنَ اثْنَانِ عَبْدَهُمَا بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ لَا تَنْفَكُّ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ رَهْنِ الْمَالِكِ ، وَرَهْنِ الْمُسْتَعِيرِ لَائِحٌ ، وَصِحَّةُ رَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ إذْنِ الْمَالِكِ مَمْنُوعَةٌ

، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ ، وَاسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ ( ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ جَهِلَ ) أَنَّ ذَلِكَ لِمَالِكَيْنِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الرَّهْنِ الْمُطْلَقِ أَنْ لَا يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْجَمِيعِ ( وَلَوْ رَهَنَهُ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ ، وَسَلَّمَ أَحَدَهُمَا ) لَهُ ( كَانَ مَرْهُونًا بِجَمِيعِ الْمَالِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُمَا ، وَتَلِفَ ) أَحَدُهُمَا

( قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهَا كَإِرْثِهِ ) بِأَنْ كَانَ الرَّاهِنُ وَارِثَ الْمُرْتَهِنِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ ) لَهَا أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ( قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ ) لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا لَوْ فَكَّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي الْبَعْضِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا الِانْفِكَاكُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِ كَمَا لَهُ إسْقَاطُ كُلِّهِ الثَّانِيَةُ لَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَرْهُونِ انْفَكَّ الرَّهْنُ فِيهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ شَرَطَ أَنَّهُ كُلَّمَا قُضِيَ مِنْ الْحَقِّ شَيْءٌ انْفَكَّ مِنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ الرَّهْنُ لِاشْتِرَاطِ مَا يُنَافِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( قَوْلُهُ كَأَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ فِي صَفْقَةٍ وَبَاقِيَهُ فِي أُخْرَى ) ثُمَّ بَرِئَ الرَّاهِنُ عَنْ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ بِالْأَدَاءِ وَنَحْوِهِ فَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ إذَا كَانَ الْأَدَاءُ أَوْ الْإِبْرَاءُ بِقَصْدِ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ أَمَّا إذَا قَصَدَ الْأَدَاءَ عَلَى الشُّيُوعِ فَلَا وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى مَا شَاءَ ( قَوْلُهُ وَهَذَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا إلَخْ ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اخْتَصَّ الْقَابِضُ بِمَا أَخَذَهُ بِخِلَافِ الْإِرْثِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ ( قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُّهُ ) وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ فُقِدَ الْوَارِثُ جُعِلَ بَيْنَهُمَا ( قَوْلُهُ وَصِحَّةُ رَهْنِ الْجَمِيعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ إذْنِ الْمَالِكِ مَمْنُوعَةٌ ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ مِنْ انْفِكَاكِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا قَالَا أَعَرْنَاك الْعَبْدَ لِتَرْهَنَهُ بِدَيْنِك أَوْ رَهَنَّاهُ بِهِ إذْ الْعَقْدُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الرَّاهِنِ وَبِتَعَدُّدِ مَالِكِ الْعَارِيَّةِ

( فَصْلٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ ( وَإِنْ فَدَى أَحَدُ الْوَارِثِينَ حِصَّتَهُ مِمَّا رَهَنَ ) أَيْ مِمَّا رَهَنَهُ مُوَرِّثُهُ ( مِنْ زَيْدٍ ) بِقَضَاءِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ ( لَمْ يَنْفَكَّ ) نَصِيبُهُ مِنْ الْمَرْهُونِ كَمَا فِي الْمُوَرِّثِ ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ صَدَرَ ابْتِدَاءً مِنْ وَاحِدٍ ، وَقَضِيَّتُهُ حَبْسُ كُلِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ ( أَوْ ) فَدَى ( حِصَّتَهُ مِنْ التَّرِكَةِ ) بِقَضَاءِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا ( انْفَكَّ ) نَصِيبُهُ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ ، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ لَا يَلْزَمُ بِأَدَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى وَفَاءِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ ، وَأَيْضًا فَإِنْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِالتَّرِكَةِ أَمَّا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الرَّاهِنُ أَوْ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ فَأَدَّى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ يَنْقَطِعُ التَّعَلُّقُ عَنْهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ انْفِكَاكُ نَصِيبِهِ إذَا كَانَ ابْتِدَاءُ التَّعَلُّقِ مَعَ ابْتِدَاءِ تَعَلُّقِ الْمُلَّاكِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَوْتُ مَسْبُوقًا بِالْمَرَضِ فَيَكُونُ التَّعَلُّقُ سَابِقًا عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ لِلدَّيْنِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ الْمُوَرِّثُ زَادَ النَّوَوِيُّ هَذَا خِلَافُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلرَّهْنِ وُجُودٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَرْهَنْ التَّرِكَةَ ، وَلَكِنَّهُ مَاتَ عَنْ دَيْنٍ وَلِلْقُونَوِيِّ اعْتِرَاضٌ عَلَى النَّوَوِيِّ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ .

قَوْلُهُ وَلِلْقُونَوِيِّ اعْتِرَاضٌ عَلَى النَّوَوِيِّ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ دَقِيقٌ وَتَقْرِيرُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَدْ وَجَّهَ التَّعْلِيقَ دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ مَالِكٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَنْفَكَّ بِأَدَاءِ الْبَعْضِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ مُتَعَدِّدٌ وَلِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَنْصِبَاؤُهُمْ مُتَعَدِّدَةٌ فَنَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمْ كَمَالِكٍ فَلَهُ شِبْهٌ بِمَا إذَا رَهَنَا عَبْدَهُمَا وَأَدَّى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَوْلَى لِأَنَّ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ هَاهُنَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الزَّكَاةِ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ وَأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ رَهْنٍ فَبَاعَ الْمَالِكُ النِّصَابَ قَبْلَ إخْرَاجِهَا صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَالثَّانِي أَنَّ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَدْ سَبَقَ عَلَى انْتِقَالِ التَّرِكَةِ إلَى الْوَارِثِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَتَقَدَّمْ تَعَلُّقُ الرَّهْنِ عَلَى مِلْكِهِمْ بَلْ حَصَلَ مِلْكُهُمْ وَالرَّهْنُ دَفْعَةً وَاحِدَةً .
( قَوْلُهُ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ) عِبَارَتُهُ قَالَ الْقُونَوِيُّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ عَنَيْت بِالرَّهْنِ الَّذِي نَفَيْت وُجُودَهُ رَهْنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَدَّعِ الرَّافِعِيُّ وُجُودَهُ وَإِنْ عَنَيْت بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ انْتِفَاءَهُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ .
ا هـ .
وَلِلنَّوَوِيِّ أَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ وَيَقُولَ حَجْرُ الْمَرَضِ لَيْسَ كَحَجْرِ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ فِي تَرِكَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْهُونِ ا هـ عِبَارَةُ الشَّارِحِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ إنَّ كَوْنَ الدَّيْنِ يَقْتَضِي الْحَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّبَرُّعَاتِ لَا فِي مُطْلَقِ التَّصَرُّفَاتِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ تَوْفِيَةُ بَعْضِ الدُّيُونِ وَإِنْ أَدَّى إلَى حِرْمَانِ الْبَاقِينَ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ

ع سَبَقَهُ إلَيْهَا فِي الْمُهِمَّاتِ

( فَرْعٌ ) لَوْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ ابْنَيْنِ فَوَفَّى الرَّاهِنُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَ الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَنْفَكُّ نَصِيبُهُ ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ ، وَنَازَعَهُ السُّبْكِيُّ ، وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ ثُمَّ ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ نَصِيبُهُ كَمَا لَوْ وَفَّى مُوَرِّثُهُ بَعْضَ دَيْنِهِ ، وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ وَأَوْفَقُ بِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا مَاتَ الرَّاهِنُ عَنْ ابْنَيْنِ ( فَإِنْ أَرَادَ الرَّاهِنَانِ ) الْمَالِكَانِ لِلْمَرْهُونِ ( أَوْ مَنْ انْفَكَّ نَصِيبُهُ ) مِنْهُمَا ( قِسْمَةَ مُسْتَوِي الْأَجْزَاءِ ) كَالْمَكِيلِ ، وَالْمَوْزُونِ ( جَازَ ) تَعَاطِيهَا ( وَتَعَيَّنَتْ الْإِجَابَةُ ) لِطَالِبِهَا ( عَلَى الشَّرِيكِ ) الْآخَرِ ( وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ ) مَا رَهَنَ ( بِالْأَجْزَاءِ كَالثِّيَابِ ) ، وَالْعَبِيدِ الْمُخْتَلِفَةِ نَوْعًا ، وَقِيمَةً كَمَا لَوْ رَهَنَا عَبْدَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ ، وَانْفَكَّ الرَّهْنُ عَنْ نِصْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَأَرَادَ مَنْ انْفَكَّ نَصِيبُهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَبْدٍ ، وَيَنْحَصِرَ الرَّهْنُ فِي عَبْدٍ ( لَمْ تَلْزَمْ الْإِجَابَةُ ، وَإِنْ كَانَ أَرْضًا مُخْتَلِفَةَ الْأَجْزَاءِ ) كَالدَّارِ ، وَطَلَبَ مَنْ انْفَكَّ نَصِيبُهُ الْقِسْمَةَ ( لَزِمَ الشَّرِيكَ الْإِجَابَةُ ) بِنَاءً عَلَى الْإِجْبَارِ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ ( وَلِلْمُرْتَهِنِ الِامْتِنَاعُ لِضَرَرِ التَّشْقِيصِ ) بِالْقِسْمَةِ حَتَّى لَوْ رَهَنَ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَقَضَى نَصِيبَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ أَرَادَ الْقِسْمَةَ لِيَمْتَازَ مَا بَقِيَ فِيهِ الرَّهْنُ اُشْتُرِطَ رِضَا الْآخَرِ ( فَإِنْ قَاسَمَ الْمُرْتَهِنُ ) ، وَكَانَ ( بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْمَالِكِ جَازَ ) ، وَإِلَّا فَلَا
( قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ أَوْجَهُ وَأَوْفَقُ إلَخْ ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَلِلْمُرْتَهِنِ الِامْتِنَاعُ لِضَرَرِ التَّشْقِيصِ ) فَإِنْ رَضِيَ بِهَا صَحَّتْ

( الْبَابُ الرَّابِعُ ) ( فِي الِاخْتِلَافِ ) بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ أَكَانَ ) أَيْ أُوجِدَ ( أَمْ لَا أَمْ ) يَعْنِي أَوْ هُوَ ( هَذَا الْعَبْدُ أَمْ الثَّوْبُ أَوْ الْأَرْضُ بِالْأَشْجَارِ أَوْ دُونَهَا أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ أَلْفَيْنِ ) وَلَا بَيِّنَةَ ( صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رَهْنِ مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ ( فَإِنْ قَالَ ) الْمَالِكُ ( لَمْ تَكُنْ الْأَشْجَارُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ ) بَلْ أَحْدَثَتْهَا ( فَإِنْ لَمْ يَتَصَوَّرْ حُدُوثَهَا ) بَعْدَهُ ( فَهُوَ كَاذِبٌ وَطُولِبَ بِجَوَابِ الدَّعْوَى فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى إنْكَارِ الْوُجُودِ ) لَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ ( جُعِلَ نَاكِلًا ، وَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ لَمْ يُصِرَّ ) عَلَيْهِ ( وَاعْتَرَفَ بِوُجُودِهَا ، وَأَنْكَرَ رَهْنَهَا قَبِلْنَا مِنْهُ ) إنْكَارَهُ لِجَوَازِ صِدْقِهِ فِي نَفْيِ الرَّهْنِ ( وَإِنْ كَانَ قَدْ بَانَ كَذِبُهُ فِي ) الدَّعْوَى ( الْأُولَى ) ، وَهِيَ نَفْيُ الْوُجُودِ أَمَّا إذَا تَصَوَّرَ حُدُوثَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُجُودُهَا عِنْدَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ ( وَإِنْ أَمْكَنَ وُجُودُهَا ، وَعَدَمُهُ ) عِنْدَهُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ كَالْأَشْجَارِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ فِي الْقَلْعِ ، وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ ) ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهَا هَذَا إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ ( فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَهْنٍ مَشْرُوطٍ فِي بَيْعٍ ) بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِهِ فِيهِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ، وَاخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ ( تَحَالُفًا كَمَا سَبَقَ ) بَيَانُهُ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ نَعَمْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِيهِ ، وَاخْتَلَفَا فِي أَصْلِهِ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْبَيْعِ بَلْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَرْهَنْ

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ ) ( قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ إلَخْ ) دَخَلَ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَرْهُونِ مَا لَوْ قَالَ رَهَنْتنِي الْعَبْدَ عَلَى مِائَةٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ رَهَنْتُك نِصْفَهُ عَلَى خَمْسِينَ وَنِصْفَهُ عَلَى خَمْسِينَ وَأَحْضَرَ لَهُ خَمْسِينَ لِيَفُكَّ نِصْفَ الْعَبْدِ وَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ يَتَحَالَفَانِ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّالِثُ بَعِيدٌ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَدَخَلَ فِي اخْتِلَافِهِمَا أَيْضًا مَا إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَرْهُونِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكُلَ الرَّاهِنُ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ وَيَقْبِضُهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ ) وَإِذَا حَلَفَ وَالِاخْتِلَافُ فِي عَيْنِ الْمَرْهُونِ خَرَجَ الثَّوْبُ عَنْ الرَّهْنِ بِحَلِفِهِ وَالْعَبْدُ بِرَدِّ الْمُرْتَهِنِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمَرْهُونِ بِهِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَهَنْتنِي بِالْأَلْفِ الْحَالِّ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ بِالْأَلْفِ الْمُؤَجَّلِ وَكَذَا فِي جِنْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ رَهَنْته بِالدَّنَانِيرِ وَقَالَ بَلْ بِالدَّرَاهِمِ قَوْلُهُ تَحَالَفَا ) كَمَا سَبَقَ وَيَبْدَأُ بِالْبَائِعِ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ

( فَصْلٌ ) ( وَإِنْ ادَّعَى ) عَلَى اثْنَيْنِ ( أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا ) بِمِائَةٍ مَثَلًا ( وَأَقْبَضَاهُ ) إيَّاهُ ( فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا ) فَنَصِيبُهُ رَهْنٌ بِخَمْسِينَ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَذِّبِ فِي نَصِيبِهِ بِيَمِينِهِ ( وَ ) لَوْ ( شَهِدَ ) الْمُصَدِّقُ ( عَلَى ) شَرِيكِهِ ( الْآخَرِ ) الْمُكَذِّبِ ( قَبِلَ ) فِي شَهَادَتِهِ لِخُلُوِّهَا عَنْ جَلْبِ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضَرَرٍ فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ رَهْنُ الْجَمِيعِ ( وَكَذَا لَوْ كَذَّبَهُ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( فِي حَقِّهِ ) بِأَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَا رَهَنَ نَصِيبَهُ ، وَأَنَّ شَرِيكَهُ رَهَنَ أَوْ سَكَتَ عَنْ شَرِيكِهِ ( وَشَهِدَ عَلَى الْآخَرِ أَيْضًا ) قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَرُبَّمَا نَسِيَا ، وَإِنْ تَعَمَّدَا فَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُوجِبُ الْفِسْقَ ، وَلِهَذَا لَوْ تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَا فِي حَادِثَةٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فِي التَّخَاصُمِ ( فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ ) أَوْ يُقِيمُ مَعَهُ شَاهِدًا آخَرَ فَيَثْبُتُ رَهْنُ الْجَمِيعِ ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ مُطْلَقًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْكَذْبَةَ الْوَاحِدَةَ غَيْرُ مُفَسِّقَةٍ مَحِلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ انْضِمَامِ غَيْرِهَا إلَيْهَا أَمَّا هُنَا فَبِتَقْدِيرِ تَعَمُّدِهِ يَكُونُ جَاحِدًا لِحَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَيَفْسُقُ بِذَلِكَ ، وَرُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ مُفَسِّقًا أَنْ تَفُوتَ الْمَالِيَّةُ عَلَى الْغَيْرِ ، وَهُنَا لَمْ يَفُتْ إلَّا حَقُّ الْوَثِيقَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمُدَّعِي بِظُلْمِهِمَا بِالْإِنْكَارِ بِلَا تَأْوِيلٍ ، وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَهُمَا انْتَهَى ، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ أَنَّهُ بِذَلِكَ ظَهَرَ مِنْهُ هَذَا إذْ لَيْسَ كُلُّ ظُلْمٍ خَالٍ عَنْ تَأْوِيلٍ مُفَسِّقًا بِدَلِيلِ الْغِيبَةِ .

( قَوْلُهُ فَالْكَذْبَةُ الْوَاحِدَةُ إلَخْ ) أَيْ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا ضَرَرَ ( قَوْلُهُ وَرَدَّ بِأَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْجَحْدِ إلَخْ ) وَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جُحُودِهِ الْحَقَّ كَوْنُهُ مُتَعَمِّدًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ أَوْ نِسْيَانٌ حَمَلَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ، وَإِنْ ادَّعَيَا ) عَلَى وَاحِدٍ ( أَنَّهُ رَهَنَهُمَا عَبْدَهُ ، وَأَقْبَضَهُمَا ) إيَّاهُ ( وَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا ) فَنِصْفُ الْعَبْدِ مَرْهُونٌ عِنْدَ الْمُصَدِّقِ ، وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ ، وَ ( قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْمُصَدِّقِ لِلْمُكَذِّبِ ) بِرَهْنِ النِّصْفِ لِمَا مَرَّ هَذَا ( إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكُهُ فِيهِ ) أَيْ فِيمَا ادَّعَاهُ فَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ فِيهِ كَأَنْ قَالَا رَهَنْته مِنْ مُوَرِّثِنَا أَوْ مِنَّا صَفْقَةً وَاحِدَةً لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ فِي دَفْعِ مُزَاحَمَةِ الشَّرِيكِ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا سَلَّمَ لَهُ ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَدَّقَهُمَا أَوْ كَذَّبَهُمَا
( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكَهُ فِيهِ ) كَأَنْ كَانَ دَيْنَ قَرْضٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ لِأَنَّ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ بِتَصْدِيقِهِ يُسَلَّمُ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا ( قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَا رَهَنْته مِنْ مُوَرِّثِنَا ) أَوْ اشْتَرَيْنَاهُ مَعًا

( فَصْلٌ ) ( وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ ) فِيمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَعَبْدٍ ( رَهْنَاهُمَا عَبْدًا ) مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِمِائَةٍ مَثَلًا ( وَأَقْبَضَاهُمَا إيَّاهُ وَصَدَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدًا ) مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فَنِصْفُ الْعَبْدِ مَرْهُونٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُهُ بِرُبْعِ الْمِائَةِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي عَلَى الِاثْنَيْنِ نِصْفَهُ ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا أَحَدُهُمَا ، وَ ( قُبِلَتْ شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ ) إذْ لَا مَانِعَ ( وَكَذَا شَهَادَةُ أَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ لِلْآخَرِ حَيْثُ لَا شَرِكَةَ ) كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ ، وَلَوْ صَدَّقَا أَحَدَهُمَا ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ ، وَكَانَ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُ الْمِائَةِ ، وَنِصْفُ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَرْهُونٌ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ صَدَّقَاهُمَا أَوْ كَذَّبَاهُمَا ( فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ زَيْدًا رَهَنَهُ عَبْدَهُ وَأَقْبَضَهُ ) إيَّاهُ ( فَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ ) بِالرَّهْنِ ( وَيَحْلِفُ ) زَيْدٌ ( لِلْمُكَذِّبِ ) لِأَنَّهُ عِنْدَ إرَادَةِ تَحْلِيفِهِ قَدْ يُقِرُّ أَوْ يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ الْمُكَذِّبُ فَيَغْرَمُ لَهُ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ ، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّحْلِيفِ خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَلَ عَنْهُ إلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ مَا فِيهَا هُنَا سَهْوٌ أَوْ غَلَطٌ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الْمَذْكُورَ فِي الْإِقْرَارِ ، وَالدَّعَاوَى أَنَّهُ يَحْلِفُ ، وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ .
قَالَ ، وَسَبَبُ ذُهُولِهِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَحْلِفُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ التَّصْحِيحَ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَإِمْعَانٍ ، وَلَمَّا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ عَقَّبَهُ بِمَا يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو هَلْ يَغْرَمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ،

وَمَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبَحْرِ وَالْكَافِي ، وَالْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْبُوَيْطِيِّ قَالُوا لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُفِدْ فَلَمْ يَكُنْ لِوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَجْهٌ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ دَلِيلًا التَّحْلِيفُ انْتَهَى ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ، وَيُفَارِقُ مَا فِي الْإِقْرَارِ ، وَالدَّعَاوَى بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ فِيهِمَا لَبَطَلَ الْحَقُّ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا هُنَا لِأَنَّ لَهُ مَرَدًّا ، وَهُوَ الذِّمَّةُ ، وَلَمْ يَفُتْ إلَّا التَّوَثُّقُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ ( وَإِنْ صَدَّقَهُمَا ، وَلَكِنْ قَالَ ) فِي جَوَابِ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا السَّبْقُ ، وَإِنَّ الرَّاهِنَ عَالِمٌ بِهِ ( أَحَدُهُمَا سَبَقَ ) الْآخَرَ ، وَفِي نُسْخَةٍ أَسْبَقَ ( قَبَضَا ، وَعَيْنَهُ قَضَى لَهُ ، وَإِنْ كَانَ ) الْعَبْدُ ( فِي يَدِ الْآخَرِ ) لِأَنَّ الْيَدَ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الرَّهْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهَا عَلَيْهِ ( وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ ) لِمَا مَرَّ ، وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ ، وَأَمَّا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ فَلَا يَحْلِفُ لَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهَا ، وَقَوْلُهُ ، وَعَيْنَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَلَوْ قَالَ ) ، وَلَمْ يَدَّعِيَا سَبْقًا أَوْ ادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا ( نَسِيت السَّابِقَ أَوْ رَهَنْت مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَنَسِيت فَصَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ فَحَلَفَ لَهُمَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ) السَّابِقَ أَوْ الْآخِذَ تَدَاعَيَا فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا ( بَطَلَ الرَّهْنُ ) إلَّا إنْ قَالَ عَرَفْت السَّابِقَ ، وَنَسِيته فَيَتَوَقَّفُ إلَى الْبَيَانِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ وَلِيَّانِ ، وَلَمْ يُعْرَفْ السَّابِقُ ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِتَقْدِيرِ تَكْذِيبِهِمَا لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ الْإِجْحَافِ كَمَا عُلِمَ ( وَإِنْ رَدَّ ) الْيَمِينَ ( عَلَيْهِمَا فَنَكَلَا أَوْ حَلَفَا حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ أَيْضًا ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا ) فَقَطْ ( قَضَى لَهُ ، وَإِنْ اعْتَرَفَ لِهَذَا بِسَبْقِ

الْعَقْدِ ، وَلِهَذَا بِسَبْقِ الْقَبْضِ قَضَى لِلثَّانِي ) لِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ ، وَلَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَبَقَ قَبَضَا ، وَعَيْنَهُ قَضَى لَهُ .
( قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ لِلْمُكَذِّبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ظَاهِرُ تَصْحِيحِ الْوَالِدِ عَلَى الْمَتْنِ اعْتِمَادُهُ وَمُخَالَفَةُ الشَّارِحِ لِمَا اعْتَمَدَهُ ( قَوْلُهُ هَلْ يَغْرَمُ انْتَهَى ) صَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ فَلِذَلِكَ صَحَّحَ عَدَمَ التَّحْلِيفِ هُنَا وَصَحَّحَ فِي نَظِيرِ مَسْأَلَتِنَا فِيمَا إذَا أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهَا لَا تَغْرَمُ فَمَشَى عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ ( قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ ) أَيْ وَالزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ وَلِهَذَا بِسَبْقِ الْقَبْضِ قَضَى لِلثَّانِي ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ رَهْنَ الْمَرْهُونِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْأَوَّلَ رُجُوعٌ عَنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْقَبْضِ فِي الثَّانِي لِأَنَّا نَقُولُ يَجُوزُ كَوْنُهُ مُفَرَّعًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ بِالْقَبْضِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَلَكِنْ إلَخْ ) صَرَّحَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ صُورَةَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا سَبَقَ رَهْنًا أَيْضًا

( فَرْعٌ ) لَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا بِمَتَاعٍ لِيَقْتَرِضَ لَهُ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا ، وَيَرْهَنَ بِهِ الْمَتَاعَ فَفَعَلَ ثُمَّ ( اخْتَلَفَا فَقَالَ ) الْمُقْرِضُ ( اقْتَرَضَ لَك رَسُولُك مِنِّي مِائَةً فِي الرَّهْنِ فَقَالَا ) أَيْ الْمُرْسِلُ ، وَالرَّسُولُ ( جَمِيعًا بَلْ خَمْسِينَ ) بِأَنْ قَالَ الْمُرْسِلُ لَمْ آذَنْ إلَّا فِيهَا ، وَصَدَّقَهُ الرَّسُولُ عَلَى ذَلِكَ ( حَلَّفَهُمَا ) عَلَى نَفْيِ دَعْوَاهُ لِأَنَّ الْمُرْسِلَ مُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ وَالرَّسُولَ بِالْأَخْذِ ( فَإِنْ اعْتَرَفَ الرَّسُولُ بِالْمِائَةِ ، وَادَّعَى تَسْلِيمَهَا إلَى الْمُرْسِلِ فَالْقَوْلُ فِي نَفْيِ الزِّيَادَةِ قَوْلُ الْمُرْسِلِ ، وَيَلْزَمُ الرَّسُولَ الْغُرْمُ ) أَيْ غُرْمُ الزِّيَادَةِ لِلْمُقْرِضِ ( إلَّا إنْ صَدَّقَهُ الْمُقْرِضُ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى الْمُرْسِلِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْغُرْمُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُقْرِضُ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ كَذَا ذَكَرُوهُ ، وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الرَّسُولَ وَكِيلُ الْمُرْسِلِ ، وَبِقَبْضِهِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى يَغْرَمَ لَهُ إنْ تَعَدَّى فِيهِ ، وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا ، وَحِينَئِذٍ فَالرُّجُوعُ إنْ كَانَ لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ بِالْوَكِيلِ فَلْيَرْجِعْ مُطْلَقًا أَوْ لِأَنَّ لِلْمُقْرِضِ أَخْذَ عَيْنِ الْقَرْضِ فَهَذَا اسْتِرْدَادٌ لَا تَغْرِيمٌ مُطْلَقٌ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَمْ يَرْجِعْ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرُوهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَنْقُولُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ الصَّبَّاغِ قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي عَلَى عَادَتِهِ فِي جَعْلِهِ احْتِمَالَاتِ ابْنِ الصَّبَّاغِ الْمَذْهَبَ ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ ، وَأَطْلَقَهُ الْعِرَاقِيُّونَ ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ مُوَافِقٌ لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ انْتَهَى ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَرِّرَ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَحْمِلَ اللُّزُومَ فِيهِ

عَلَى اللُّزُومِ الْمُسْتَقِرِّ .
( قَوْلُهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الرَّسُولَ إلَخْ ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ بِهِ وَلَكِنْ يَمْنَعُ مِنْهُ زَعْمُ الْمُقْرِضِ أَنَّهُ مَظْلُومٌ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى ظَالِمِهِ ( قَوْلُهُ فَالرُّجُوعُ إنْ كَانَ لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ إلَخْ ) رُجُوعُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ عَلَى الرَّسُولِ عِنْدَ تَكْذِيبِهِ فِي الدَّفْعِ لَيْسَ لِأَجْلِ تَوَجُّهِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا لِأَجْلِ أَنَّ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِ مَا أَقْرَضَهُ بَلْ لِأَنَّ الشَّارِعَ صَدَّقَ الْمُرْسِلَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي خَمْسِينَ وَلَمْ يَقْبِضْ زَائِدًا عَلَيْهَا وَلَمْ يُصَدِّقْ الرَّسُولَ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمُرْسِلِ وَلَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَآثَرَ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِأَنَّهَا فِي يَدِ الرَّسُولِ وَعَدَمُ انْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِ الْمُرْسِلِ وَدُخُولُهَا فِي ضَمَانِ الرَّسُولِ لِأَجْلِ تَعَدِّيهِ بِإِمْسَاكِهَا بَعْدَ دَعْوَى الدَّفْعِ إلَى الْمُرْسِلِ وَلِأَنَّ إنْكَارَ الْمُوَكِّلِ الْوَكَالَةَ عَزْلٌ فَيَصِيرُ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ وَحِينَئِذٍ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فِي يَدِ الرَّسُولِ فَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُعْتَرِفٌ بِالْمِلْكِ فِيهَا لِلْمُرْسِلِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَمَلُّكُهَا بِطَرِيقِ الظَّفَرِ بِمَالِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ وَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً فَلَهُ مُطَالَبَةُ الرَّسُولِ بِهَا لِأَنَّهُ غَرِيمٌ لِلْمُرْسِلِ وَالْمُرْسَلِ إلَيْهِ غَرِيمُ الْغَرِيمِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ إنْكَارُ الْمُرْسِلِ الْمِلْكَ بَلْ هُوَ مُؤَكِّدٌ لَهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ عِنْدَ الْكَلَامِ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ أَذِنْت لَك فِي الْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَقَالَ الْوَكِيلُ بَلْ بِمُؤَجَّلٍ ( قَوْلُهُ قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ ) وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ ) وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ إنَّهُ الصَّحِيحُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْقَبْضَ بِالْإِذْنِ ) مِنْ الرَّاهِنِ ( فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ وَقَالَ ) بَلْ ( غَصَبْته فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ ) بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللُّزُومِ ، وَالْإِذْنِ ( وَكَذَا ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ( لَوْ قَالَ أَعَرْتُك أَوْ آجَرْتُك ) أَوْ آجَرْته مِنْ فُلَانٍ فَأَجَرَهُ مِنْك أَوْ نَحْوُهَا لِذَلِكَ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ تَقْبِضْهُ عَنْ الرَّهْنِ كَفَى وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ جِهَةً ( وَلَوْ جَرَى الْقَبْضُ ) بَعْدَ الْإِذْنِ ( وَادَّعَى الرَّاهِنُ الرُّجُوعَ قَبْلَهُ صَدَّقَ الْمُرْتَهِنَ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ ( أَوْ ) أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ ، وَادَّعَى ( عَدَمَ الْقَبْضِ صَدَّقَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ) مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْيَدَ وَحْدَهَا فِي الرَّاهِنِ وَمَعَ الْإِذْنِ فِي الْمُرْتَهِنِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِ صَاحِبِهَا .
( قَوْلُهُ فَرْعٌ وَلَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْقَبْضَ بِالْإِذْنِ إلَخْ ) أَوْ أَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ قَبْضَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ لِإِنْكَارِهِ لُزُومَ الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِإِقْبَاضِ ) لِمَرْهُونٍ ( غَيْرِ مُمَكَّنٍ ) كَأَنْ قَالَ رَهَنْته الْيَوْمَ دَارِي بِالشَّامِ وَأَقْبَضْته إيَّاهَا ، وَهُمَا بِمَكَّةَ ( لَغَا وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِقَبْضٍ ) مِنْهُ ( مُمَكَّنٌ فَقَالَ أَقْرَرْت بَاطِلًا حَلَفَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ) أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ ( وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ ) لِإِقْرَارِهِ ( تَأْوِيلًا ، وَلَوْ ) كَانَ الْإِقْرَارُ ( فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ الدَّعْوَى ) عَلَيْهِ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يَشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحْقِيقِ مَا فِيهَا ، وَالتَّأْوِيلُ كَقَوْلِهِ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ أَوْ دُفِعَ إلَيَّ كِتَابٌ عَلَى لِسَانِ وَكِيلِي فَتَبَيَّنَ تَزْوِيرُهُ أَوْ أَقَبَضْته بِالْقَوْلِ ، وَظَنَنْت أَنَّهُ يَكْفِي قَبْضًا ، وَالتَّرْجِيحُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِإِقْرَارِهِ بَلْ أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ قَالَ الْقَفَّالُ لَا يُحَلِّفُهُ ، وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقِرُّ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا فَرْقَ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ النَّصِّ ، وَالْعِرَاقِيِّينَ ، وَالْمِنْهَاجِ الثَّانِي انْتَهَى ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ إنَّمَا أَقْرَرْت ، وَأَشْهَدْت لِيُقْرِضَنِي ، وَلَمْ يُقْرِضْنِي صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ .

( قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِإِقْبَاضِ غَيْرِ مُمَكَّنٍ لَغَا ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَلِهَذَا قُلْنَا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَكَّةَ وَهُوَ بِمِصْرَ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ ( قَوْلُهُ حَلَفَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ التَّحْلِيفِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ فِي يَدِهِ وَإِقْرَارَ الرَّاهِنِ يُصَدِّقُهُ ( فَرْعٌ ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَحُكِمَ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْمُقَرِّ لَهُ يُحَرَّرُ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا فَرْقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ دَفَعَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ قَصْدِ إقْبَاضِهِ عَنْ الرَّهْنِ هَلْ يَكْفِي عَنْهُ وَجْهَانِ فِي التَّهْذِيبِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَدَفْعِ الْمَبِيعِ ، وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ ، وَدِيعَةٌ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ ( فَإِنْ قَالَ ) فِيمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ مِنْهُ ( لَمْ أُقِرَّ ) بِهِ ( أَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ ) أَيْ الْمُقِرَّ لَهُ ( قَبَضَ ) مِنْهُ لِجِهَةِ الرَّهْنِ ( فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ ) لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدْت عَازِمًا عَلَيْهِ إذْ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ .
( قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ إلَخْ ) وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ

( فَصْلٌ ) ( الْمُقِرُّ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونِ إنْ صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ فَازَ بِالْأَرْشِ أَوْ عَكْسُهُ ) أَيْ صَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ ( صَارَ الْأَرْشُ رَهْنًا ) فَيَأْخُذُهُ ، وَيَكُونُ بِيَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ ( فَلَوْ اسْتَوْفَى ) مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَبْرَأَ ( رَدَّهُ إلَى الْمُقِرِّ لَا إلَى الْقَاضِي ) ، وَلَا إلَى الرَّاهِنِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِآخَرَ ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ ، وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ يُنْكِرُهُ ، وَلَمْ يَبْقَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ حَقٌّ فَإِنْ اسْتَوْفَى مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْمُقِرُّ عَلَى الرَّاهِنِ ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ رَدُّهُ إلَى الْمُقِرِّ بِعَدَمِ رَدِّ مَا قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ الْمَهْرِ إلَى زَوْجِهَا فِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ طَلَاقِهَا وَطْأَهَا ، وَأَنْكَرَتْهُ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ إلَّا بِالْوَطْءِ بِخِلَافِ بَدَلِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِهَا ، وَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهَا الْخَصْمَانِ أَمَّا لَوْ صَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ ( وَإِنْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْمَرْهُونَ جَنَى ) ، وَلَوْ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ ، وَافَقَهُ الْمَرْهُونُ أَوَّلًا ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ ، وَضَرَرَ الْجِنَايَةِ يَعُودُ إلَيْهِ ( وَالْقَوْلُ فِي عَكْسِهِ ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الْمَرْهُونَ جَنَى بَعْدَ اللُّزُومِ ( قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجِنَايَةِ ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ ( فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ ) عَلَى الْمُقِرِّ ( لِلْمُقِرِّ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنْ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ فَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِ ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْمَرْهُونِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَغْرَمُ جِنَايَةَ الْمَرْهُونِ ، وَلَمْ يُتْلِفْ بِالرَّهْنِ شَيْئًا لِلْمُقِرِّ لَهُ لِكَوْنِ الرَّهْنِ سَابِقًا عَلَى الْجِنَايَةِ ، وَلَيْسَ كَمَا

لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْثُ يَغْرَمُ لِلْمُقِرِّ لَهُ ، وَإِنْ سَبَقَ الْإِيلَادُ الْجِنَايَةَ لِأَنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُ جِنَايَةَ أُمِّ الْوَلَدِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ .
( قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ إلَخْ ) هَذَا الْجَوَابُ حَكَاهُ الشَّارِحُ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ مَرْدُودٌ وَلَكِنَّ الْإِشْكَالَ غَيْرُ وَارِدٍ إذْ لَيْسَتْ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا مِنْ مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ بِيَدِ الرَّاهِنِ لِكَوْنِ الْأَصْلِ كَانَ بِيَدِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا يَرُدُّ إلَى الْمُقِرِّ إذْ الْجَامِعُ الْمُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ مُنْكِرٌ لَهُ وَمُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَيُقِرُّ الْمَالَ فِي يَدِهِ فِيهِمَا ( قَوْلُهُ فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْعَهَا فِي جِنَايَتِهِ وَقَدْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَيَغْرَمُ لَهُ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يُجْبَرُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ .
ا هـ .
مَا بَحَثَهُ مَرْدُودٌ ( قَوْلُهُ لِكَوْنِ الرَّهْنِ سَابِقًا عَلَى الْجِنَايَةِ ) فَإِنْ مَلَكَ يَوْمًا لَزِمَ تَسْلِيمُهُ فِي الْجِنَايَةِ

( وَإِذَا ) رَهَنَ أَوْ آجَرَ عَبْدًا ثُمَّ ( أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ بِجِنَايَةٍ ) مِنْ الْعَبْدِ ( مُتَقَدِّمَةٍ ) عَلَى اللُّزُومِ ( أَوْ قَالَ كُنْت غَصَبْته أَوْ بِعْته ، وَنَحْوُهُ ) مِمَّا يَمْنَعُ الرَّهْنَ أَوْ الْإِجَارَةَ كَأَعْتَقْتُه ( وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ وَكَذَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي ( لَمْ يُقْبَلْ ) قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا ، وَفِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْفَعَةِ خَاصَّةً ( صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ ) مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَلَا حَاجَةَ فِي صُورَةِ الْعِتْقِ إلَى تَصْدِيقِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي بَاقِي الصُّوَرِ ذَكَرَهُ مَا عَدَا الْفَرْقَ فِي الْأَصْلِ ، وَيُقَاسُ بِالْعِتْقِ الْإِيلَادُ ، وَكَذَا الْوَقْفُ ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ أَوْ عَيَّنَهُ ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَالرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةُ بِحَالِهِ أَوْ صَدَّقَهُ هُوَ ، وَالْمُرْتَهِنَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُقْرَضُ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ فِيمَا ذُكِرَ ( فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) بِمَا ادَّعَى بِهِ ، وَيَسْتَمِرُّ الرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةُ ( ثُمَّ يَغْرَمُ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ ) لِلْمُقِرِّ لَهُ ( الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ ، وَالْأَرْشَ ) فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ وَقِيمَتَهُ فِي غَيْرِهَا مَا عَدَا مَسْأَلَتَيْ الْعِتْقِ ، وَالْإِيلَادِ ، وَإِنَّمَا غَرِمَ ( لِلْحَيْلُولَةِ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ ، وَأَمَّا غُرْمُ الْأَقَلِّ فَلِأَنَّهُ اللَّازِمُ فِي الْفِدَاءِ ( فَإِذَا نَكَلَ ) الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ) الْأَوْلَى الْمُقَرُّ لَهُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ ( لَا الرَّاهِنُ ) ، وَلَا الْمُؤَجِّرُ ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَدَّعِيَانِ

لِأَنْفُسِهِمَا شَيْئًا ، وَمَسْأَلَةُ الْإِجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْبَيْعِ وَغَيْرِ الْإِجَارَةِ وَالْعِتْقِ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ ، وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّلَاثَةِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ بَعْدَ ، وَإِذَا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ الرَّهْنِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ ، وَلَا إجَارَتُهُ ( وَسَقَطَ خِيَارُ الْمُرْتَهِنِ فِي فَسْخِ بَيْعٍ شَرَطَ فِيهِ ) الرَّهْنَ لِأَنَّ فَوَاتَهُ حَصَلَ بِنُكُولِهِ ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهِ فِيمَا إذَا صَدَقَ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ رَجَعَ إلَى الْحَقِّ ظَاهِرًا فَلَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا بِخِلَافِهِ هُنَا ( وَكَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ ارْتَهَنَهُ جَانِيًا فَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الرَّهْنِ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ إيضَاحٌ لِمَا قَبْلَهُ ( فَإِنْ نَكَلَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ) الْأَوْلَى الْمُقَرُّ لَهُ ( سَقَطَتْ دَعْوَاهُ ) وَانْتَهَتْ الْخُصُومَةُ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ الرَّاهِنُ ، وَلَا الْمُؤَجِّرُ شَيْئًا لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ حَصَلَتْ بِنُكُولِهِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ

( قَوْلُهُ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى اللُّزُومِ ) قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ أَنْ يُقِرَّ بِجِنَايَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى الرَّهْنِ ( قَوْلُهُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ مِنْ أَحَدِهِمَا ) لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ يُوَاطِئُ مُدَّعِي الْجِنَايَةِ أَوْ غَيْرَهُ لِغَرَضِ إبْطَالِ الرَّهْنِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَقْفُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ ) أَيْ أَوْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يَدَعْهُ ( قَوْلُهُ فَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ بِحَالِهِ ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَيَّدُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إذْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا الْمَاتِنُ غَيْرَ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْمُقِرِّ فِيهَا دُونَ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ فَإِذَا نَكَلَ حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ) أَيْ وَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ فَوَاتَهُ حَصَلَ بِنُكُولِهِ ) لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى إبْقَاءِ الرَّهْنِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَمَحَلُّ بَيْعِ جَمِيعِهِ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْجِنَايَةُ قِيمَتَهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا ثُمَّ الْأَصَحُّ أَنَّ بَاقِيَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ عَلَى الْأَظْهَرِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ عَلَى قَوْلٍ بِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لَمْ يُقْبَلْ ) إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مَقْبُولٌ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ ، وَأَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فَإِنْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ بِهِ ، وَوَجَبَ الْمَالُ ، وَقَدِمَ بِهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَ ( فَإِنْ قَالَ ) السَّيِّدُ جَنَى جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ ( وَعَفَا عَلَى مَالٍ فَكَمَا سَبَقَ مِنْ إقْرَارِهِ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ ) فَيَجِبُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( وَإِقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ كَإِنْشَائِهِ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيُقْبَلُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ إنْشَاءَ أَمْرٍ قُبِلَ إقْرَارُهُ بِهِ ، وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِيلَادِ زَادَهَا هُنَا مَعَ أَنَّهَا تَأْتِي قَرِيبًا .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( وَطِئَ جَارِيَةً ) لَهُ ( وَرَهَنَهَا جَازَ ) وَلَا يَمْنَعُ احْتِمَالُ الْحَمْلِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا ( فَإِنْ ) رَهَنَهَا ثُمَّ ( أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ ) بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ ( لَحِقَهُ ) ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ ، وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ مَرْهُونًا فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ ادَّعَاهُ ) بِأَنْ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ، وَكُنْت وَطِئْتهَا قَبْلَ لُزُومِ الرَّهْنِ ( وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ ) عَلَى ذَلِكَ ( أَوْ ثَبَتَ ) بِبَيِّنَةٍ ( بَطَلَ الرَّهْنُ ) لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ ( فَإِنْ شَرَطَ ) رَهْنَهَا ( فِي بَيْعٍ فَلَهُ الْفَسْخُ ) لِلْبَيْعِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُرْتَهِنُ ، وَلَا بَيِّنَةَ ( فَكَإِقْرَارِهِ بِأَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَوْلِدَةً ) أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ اللُّزُومِ فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْمُهِمَّاتِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إطْلَاقُهُ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ دُخُولِ الْحَمْلِ الْمُقَارَنِ فِي رَهْنِ الْأَمَةِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَنَّهُ يَدْخُلُ ، وَكَانَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ فَهُوَ مَرْهُونٌ كَأُمِّهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ ، وَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لَهُ ( وَإِذَا أَقَرَّ بِاسْتِيلَادِهَا بَعْدَ اللُّزُومِ نَفَذَ إنْ كَانَ مُوسِرًا ) لَا مُعْسِرًا .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70