الكتاب : المغني
المؤلف : أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد ، الشهير بابن قدامة المقدسي

( 4868 ) مَسْأَلَةٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ( وَمَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِي الْجَدَّ ، قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ وَجَدٌّ ، قَاسَمَهُمْ الْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ أَخٍ ، حَتَّى يَكُونَ الثُّلُثُ خَيْرًا ، فَإِذَا كَانَ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ ، أُعْطِيَ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَ زَيْدٍ فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ ، وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ ، أَوْ لِلْأَبِ ، أَنَّهُ يُعْطِيهِ الْأَحَظَّ مِنْ شَيْئَيْنِ ؛ إمَّا الْمُقَاسَمَةُ ، كَأَنَّهُ أَخٌ ، وَإِمَّا ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ .
فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْإِخْوَةُ اثْنَيْنِ ، أَوْ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ ، أَوْ أَخًا وَأُخْتَيْنِ ، فَالثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ سَوَاءٌ ، فَأَعْطِهِ مَا شِئْت مِنْهُمَا .
وَإِنْ نَقَصُوا عَنْ ذَلِكَ ، فَالْمُقَاسَمَةُ أَحَظُّ لَهُ ، فَقَاسِمْ بِهِ لَا غَيْرُ .
وَإِنْ زَادُوا ، فَالثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ ، فَأَعْطِهِ إيَّاهُ .
وَسَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَبٍ أَوْ مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَإِنْ اجْتَمَعَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ ، وَوَلَدُ الْأَبِ ، فَإِنَّ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ يُعَادُونَ الْجَدَّ بِوَلَدِ الْأَبِ ، وَيَحْتَسِبُونَ بِهِمْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ مَا حَصَلَ لَهُمْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أُخْتًا وَاحِدَةً ، فَتَأْخُذَ مِنْهُمْ تَمَامَ نِصْفِ الْمَالِ ، ثُمَّ مَا فَضَلَ فَهُوَ لَهُمْ .
وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ السُّدُسِ ؛ لِأَنَّ أَدْنَى مَا لِلْجَدِّ الثُّلُثُ ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي بَعْدَهُمَا هُوَ السُّدُسُ .

( 4869 ) مَسْأَلَةٌ قَالَ : ( فَإِنْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ أَصْحَابُ فَرَائِضَ ، أُعْطِيَ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ فَرَائِضَهُمْ ، ثُمَّ نُظِرَ فِيمَا بَقِيَ ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُقَاسَمَةُ ، خَيْرًا لِلْجَدِّ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ ، وَمِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ ، أُعْطِيَ الْمُقَاسَمَةَ ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ خَيْرًا لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ ، وَمِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ ، أُعْطِيَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ ، فَإِنْ كَانَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ أَحَظَّ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ ، وَمِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ ، أُعْطِيَ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ ) أَمَّا كَوْنُهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ فَلِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى ، فَمَعَ غَيْرِهِمْ أَوْلَى .
وَأَمَّا إعْطَاؤُهُ ثُلُثَ الْبَاقِي إذَا كَانَ أَحَظَّ لَهُ ، فَلِأَنَّ لَهُ الثُّلُثَ مَعَ عَدَمِ الْفُرُوضِ ، فَمَا أُخِذَ بِالْفَرْضِ ، فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ مِنْ الْمَالِ ، فَصَارَ ثُلُثُ الْبَاقِي بِمَنْزِلَةِ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ .
وَأَمَّا الْمُقَاسَمَةُ فَهِيَ لَهُ مَعَ عَدَمِ الْفُرُوضِ ، فَكَذَلِكَ مَعَ وُجُودِهَا ، فَعَلَى هَذَا مَتَى زَادَ الْإِخْوَةُ عَنْ اثْنَيْنِ ، أَوْ مَنْ يَعْدِلُهُمْ مِنْ الْإِنَاثِ ، فَلَا حَظَّ لَهُ فِي الْمُقَاسَمَةِ ، وَمَتَى نَقَصُوا عَنْ ذَلِكَ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي ثُلُثِ الْبَاقِي ، وَمَتَى زَادَتْ الْفُرُوضُ عَلَى النِّصْفِ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ النِّصْفِ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي السُّدُسِ ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ النِّصْفَ فَحَسْبُ اسْتَوَى السُّدُسُ وَثُلُثُ الْبَاقِي ، وَإِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ اثْنَيْنِ اسْتَوَى ثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ .

مَسْأَلَةٌ قَالَ : ( وَلَا يَنْقُصُ الْجَدُّ أَبَدًا مِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ ، أَوْ تَسْمِيَتُهُ إذَا زَادَتْ السِّهَامُ ) هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ : إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَتَبَ إلَى عَلِيٍّ فِي سِتَّةِ إخْوَةٍ وَجَدٍّ .
فَكَتَبَ إلَيْهِ : اجْعَلْ الْجَدَّ سَابِعَهُمْ ، وَامْحُ كِتَابِي هَذَا .
وَرُوِيَ عَنْهُ فِي سَبْعَةِ إخْوَةٍ وَجَدٍّ ، أَنَّ الْجَدَّ ثَامِنُهُمْ .
وَحُكِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَالشَّعْبِيِّ الْمُقَاسَمَةُ إلَى نِصْفِ سُدُسِ الْمَالِ .
وَلَنَا ، أَنَّ الْجَدَّ لَا يَنْقُصُ عَنْ السُّدُسِ مَعَ الْبَنِينَ ، وَهُمْ أَقْوَى مِيرَاثًا مِنْ الْإِخْوَةِ ؛ فَإِنَّهُمْ يُسْقِطُونَهُمْ ، فَلَأَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْهُ مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْلَى ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْعَمَ الْجَدَّ السُّدُسَ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " أَوْ تَسْمِيَتُهُ إذَا زَادَتْ السِّهَام " .
فَإِنَّهُ يَعْنِي إذَا عَالَتْ الْمَسْأَلَةُ ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى لَهُ السُّدُسُ ، وَهُوَ نَاقِصٌ عَنْ السُّدُسِ ، أَلَا تَرَى أَنَّا نَقُولُ فِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَابْنَتَيْنِ وَجَدٍّ : لَهُ السُّدُسُ .
وَنُعْطِيهِ سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَهُمَا ثُلُثَا الْخُمُسِ .
وَمَتَى أَفَضْت الْمَسْأَلَةُ إلَى الْعَوْلِ ، سَقَطَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ ، إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ .
وَلَا يَنْقُصُ الْجَدُّ عَنْ السُّدُسِ الْكَامِلِ فِي مَسْأَلَةٍ يَرِثُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ .

( 4871 ) مَسْأَلَةٌ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ ، وَأَخٌ لِأَبٍ ، وَجَدٌّ ، قَاسَمَ الْجَدُّ الْأَخَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ، وَالْأَخَ لِلْأَبِ ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ، ثُمَّ رَجَعَ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى مَا فِي يَدِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ ، فَأَخَذَهُ ) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ كَأَخٍ ، مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنْ الثُّلُثِ ، وَأَنَّ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ يُعَادُونَ الْجَدَّ بِوَلَدِ الْأَبِ ، ثُمَّ يَأْخُذُونَ مَا حَصَلَ لَهُمْ ، وَأَنَّهُ مَتَى كَانَ اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَجَدٌّ ، اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ .
فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ ، وَلِذَلِكَ اقْتَسَمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ ، ثُمَّ أَخَذَ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ مَا حَصَلَ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ .
وَإِنْ شِئْت فَرَضْت لِلْجَدِّ الثُّلُثَ ، وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ .
وَإِنْ زَادَ عَدَدُ الْإِخْوَةِ عَلَى اثْنَيْنِ أَوْ مَنْ يَعْدِلُهُمَا مِنْ الْأَخَوَاتِ ، فَافْرِضْ لِلْجَدِّ الثُّلُثَ ، وَالْبَاقِيَ لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ .
هَذَا مَذْهَبُ زَيْدٍ وَأَمَّا عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُمَا يُقَاسِمَانِ بِهِ وَلَدَ الْأَبَوَيْنِ ، وَيُسْقِطَانِ وَلَدَ الْأَبِ ، وَلَا يَعْتَدَّانِ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ .
فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ كَوَلَدِ الْأُمِّ ، وَقَسَمَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ نِصْفَيْنِ ، وَأَسْقَطَا الْأَخَ مِنْ الْأَبِ .
وَلَنَا ، أَنَّ الْجَدَّ وَالِدٌ ، فَإِذَا حَجَبَهُ أَخَوَانِ وَارِثَانِ ، جَازَ أَنْ يَحْجُبَهُ أَخٌ وَارِثٌ ، وَأَخٌ غَيْرُ وَارِثٍ ، كَالْأُمِّ ، وَلِأَنَّ وَلَدَ الْأَبِ يَحْجُبُونَهُ إذَا انْفَرَدُوا ، فَيَحْجُبُونَهُ مَعَ غَيْرِهِمْ ، كَالْأُمِّ ، وَيُفَارِقُ وَلَدَ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَحْجُبُهُمْ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْجُبُوهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْأَبِ ؛ فَإِنَّ الْجَدَّ لَا يَحْجُبُهُمْ ، فَجَازَ أَنْ يَحْجُبُوهُ إذَا حَجَبَهُمْ غَيْرُهُ ، كَمَا يَحْجُبُونَ الْأُمَّ ، وَإِنْ كَانُوا مَحْجُوبِينَ بِالْأَبِ .
وَأَمَّا الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، فَهُوَ

أَقْوَى تَعْصِيبًا مِنْ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ ، فَلَا يَرِثُ مَعَهُ شَيْئًا ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَا عَنْ الْجَدِّ ، فَيَأْخُذُ مِيرَاثَهُ ، كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ ابْنٌ ، وَابْنُ ابْنٍ ، حَجَبَهُ وَأَخَذَ مِيرَاثَهُ .
فَإِنْ قِيلَ : فَالْجَدُّ يَحْجُبُ وَلَدَ الْأُمِّ ، وَلَا يَأْخُذُ مِيرَاثَهُ ، وَالْإِخْوَةُ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا مِيرَاثَهَا .
قُلْنَا : الْجَدُّ وَوَلَدُ الْأُمِّ يَخْتَلِفُ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِمَا لِلْمِيرَاثِ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَنْ يَحْجُبُ وَلَا يَأْخُذُ مِيرَاثَ الْمَحْجُوبِ ، وَهَا هُنَا سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْإِخْوَةِ لِلْمِيرَاثِ الْأُخُوَّةُ وَالْعُصُوبَةُ ، فَأَيُّهُمَا قَوِيَ حَجَبَ الْآخَرَ ، وَأَخَذَ مِيرَاثَهُ .
وَقَدْ مُثِّلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةٍ فِي الْوَصَايَا ، وَهِيَ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ، وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ ، وَلِثَالِثٍ بِتَمَامِ الثُّلُثِ عَلَى الْمِائَةِ ، وَكَانَ ثُلُثُ الْمَالِ مِائَتَيْنِ ، فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَةِ يُزَاحِمُ صَاحِبَ الثُّلُثِ بِصَاحِبِ التَّمَامِ ، فَيُقَاسِمُهُ الثُّلُثَ نِصْفَيْنِ ، ثُمَّ يَخْتَصُّ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِهَا ، وَلَا يَحْصُلُ لِصَاحِبِ التَّمَامِ شَيْءٌ .
"

( 4872 ) فَصْلٌ : أَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ وَجَدٍّ ، لِلْجَدِّ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ .
وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ الْمَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَدِّ نِصْفَيْنِ .
أَخٌ وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ ، فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ .
وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ الْمَالُ بَيْنَ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ وَالْجَدِّ عَلَى خَمْسَةٍ .
أَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَجَدٌّ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ .
وَعِنْدَهُمَا الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ .

( 4873 ) فَصْلٌ : أَخَوَانِ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ ، وَجَدٌّ ، لِلْجَدِّ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِلْأَخَوَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الْجَمِيعِ .
وَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثَةً ، فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ أَيْضًا عِنْدَ زَيْدٍ وَعِنْدَ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ لَهُ الرُّبُعُ ؛ لِأَنَّهُمَا يُقَاسِمَانِ بِهِ إلَى السُّدُسِ .
أَخٌ وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأَخٌ مِنْ أَبٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ ، وَعِنْدَهُمَا لِلْجَدِّ الْخُمُسَانِ ، وَلِلْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ الْخُمُسَانِ ، وَلِلْأُخْتِ الْخُمُسُ .

( 4874 ) مَسْأَلَةٌ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٌّ ، أَوْ لِأَبٍ ، وَجَدٌّ ، كَانَ الْمَالُ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ وَالْأُخْتِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ ) الْمُقَاسَمَةُ هَاهُنَا خَيْرٌ لِلْجَدِّ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِهَا خُمُسَا الْمَالِ ، وَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ .
وَكَذَلِكَ كُلَّمَا نَقَصَ الْإِخْوَةُ عَنْ اثْنَيْنِ ، أَوْ مَنْ يَعْدِلُهُمْ مِنْ الْإِنَاثِ ، كَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ ، أَوْ أُخْتَيْنِ ، أَوْ أَخٍ وَاحِدٍ ، أَوْ أُخْتٍ وَاحِدَةٍ ، فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْمُقَاسَمَةُ بِهِ كَأَخٍ .
وَهَذَا قَوْلُ زَيْدٍ ، وَعَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ ، إذَا كَانُوا عَصَبَةً ، فَأَمَّا إنْ كُنَّ أَخَوَاتٍ مُنْفَرِدَاتٍ ، فَإِنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ يَفْرِضَانِ لَهُنَّ فُرُوضَهُنَّ ، ثُمَّ يُعْطِيَانِ الْجَدَّ مَا بَقِيَ .

( 4875 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَتْ أُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ ، وَأُخْتٌ لِأَبٍ ، وَجَدٌّ ، كَانَتْ الْفَرِيضَةُ لِلْجَدِّ وَالْأُخْتَيْنِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ ، ثُمَّ رَجَعَتْ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَالْأَبِ ، فَأَخَذَتْ مِمَّا فِي يَدِ أُخْتِهَا لِتَسْتَكْمِلَ النِّصْفَ ) الْمُقَاسَمَةُ هَاهُنَا أَحَظُّ لِلْجَدِّ ، وَتَعْتَدُّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْجَدِّ بِأُخْتِهَا مِنْ أَبِيهَا ، فَيَصِيرُ لَهُ النِّصْفُ ، وَلَهُمَا النِّصْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْنِ ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَهْمٌ ، ثُمَّ تَأْخُذُ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مَا بَقِيَ فِي يَدِ أُخْتِهَا ، لِتَسْتَكْمِلَ تَمَامَ فَرْضِهَا .
وَهُوَ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهَا ، فَلَا يَبْقَى لَهَا شَيْءٌ ، وَتَصِيرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتٌ ، فَأَخَذَتْ الْبِنْتُ النِّصْفَ ، وَبَقِيَ النِّصْفُ ، فَإِنَّ الْأُخْتَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ تَأْخُذُهُ جَمِيعَهُ ، فَلَا يَبْقَى لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ شَيْءٌ .
فَصْلٌ : فَإِنْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أُخْتَانِ مِنْ أَبٍ ، كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْجَدِّ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ؛ لِلْجَدِّ اثْنَانِ ، وَلَهُنَّ ثَلَاثَةٌ ، ثُمَّ تَأْخُذُ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مِنْ أُخْتِهَا تَمَامَ النِّصْفِ ، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ ، يَبْقَى لَهُمَا نِصْفُ سَهْمٍ بَيْنَهُمَا ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُ سَهْمٍ ، فَتَضْرِبُ مَخْرَجَ الرُّبُعِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي خَمْسَةٍ ، تَكُنْ عِشْرِينَ ؛ لِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ عَشْرَةٌ ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ أُخْتَيْهَا سَهْمٌ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهَا ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَيْسَ لِلْجَدِّ إلَّا الثُّلُثُ ، وَلَهَا النِّصْفُ ، وَيَبْقَى السُّدُسُ بَيْنَ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ وَإِنْ كَثُرْنَ .
وَإِنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ أُخْتَانِ أَوْ أَكْثَرُ ، فَلَيْسَ لِلْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ شَيْءٌ وَإِنْ كَثُرْنَ ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ ، وَالْجَدُّ لَا يَنْقُصُ عَنْ الثُّلُثِ ، فَلَا يَبْقَى مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ ، وَلِأَنَّ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ

يُسْقِطْنَ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ بِاسْتِكْمَالِ الثُّلُثَيْنِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ جَدٌّ ، فَمَعَ الْجَدِّ أَوْلَى .
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ .
فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْخِرَقِيِّ فَإِنَّ عَلِيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ يَفْرِضَانِ لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ النِّصْفَ ، وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ السُّدُسَ ، وَالْبَاقِيَ لِلْجَدِّ ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهَا أُخْتَانِ أَوْ أَخَوَاتُ مِنْ أَبٍ .
( 4877 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( فَإِنْ كَانَ مَعَ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَخُوهَا ، كَانَ الْمَالُ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ وَالْأُخْتَيْنِ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ ، ثُمَّ رَجَعَتْ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمُّ عَلَى الْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ ، فَأَخَذَتْ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا ؛ لِتَسْتَكْمِلَ النِّصْفَ ، فَتَصِحَّ الْفَرِيضَةُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِلْجَدِّ سِتَّةُ أَسْهُمٍ .
وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ ، وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ ) الْمُقَاسَمَةُ هَاهُنَا وَالثُّلُثُ سَوَاءٌ ، فَإِنْ قَاسَمْت بِهِ كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ، يَأْخُذُ الْجَدُّ سَهْمَيْنِ ، ثُمَّ يَكْمُلُ لِلْأُخْتِ تَمَامُ النِّصْفِ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ، يَبْقَى لَهُمَا سَهْمٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا يَصِحُّ ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ، تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، كَمَا قَالَ الْخِرَقِيِّ وَإِنْ زَادَ وَلَدُ الْأَبِ عَلَى هَذَا لَمْ يُزَادُوا عَلَى السُّدُسِ شَيْئًا ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يَنْقُصُ عَنْ الثُّلُثِ ، وَالْأُخْتَ لَا تَنْقُصُ عَنْ النِّصْفِ ، فَلَا يَبْقَى إلَّا السُّدُسُ .

( 4878 ) مَسْأَلَةٌ الْأَكْدَرِيَّةُ ؛ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ) ثُمَّ يُقَسَّمُ سُدُسُ الْجَدِّ وَنِصْفُ الْأُخْتِ بَيْنَهُمَا ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ ، فَتَصِحُّ الْفَرِيضَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ، لِلزَّوْجِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ ، وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ ، وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ ، وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ .
وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَكْدَرِيَّةَ .
وَلَا يُفْرَضُ لِلْجَدِّ مَعَ الْأَخَوَاتِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
قِيلَ : إنَّمَا سُمِّيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَكْدَرِيَّةَ ، لِتَكْدِيرِهَا لِأُصُولِ زَيْدٍ فِي الْجَدِّ ؛ فَإِنَّهُ أَعَالَهَا ، وَلَا عَوْلَ عِنْدَهُ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ ، وَفَرَضَ لِلْأُخْتِ مَعَهُ ، وَلَا يُفْرَضُ لَأُخْتٍ مَعَ جَدٍّ ، وَجَمَعَ سِهَامَهُ وَسِهَامَهَا ، فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمَا ، وَلَا نَظِيرَ لِذَلِكَ .
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ الْأَكْدَرِيَّةَ ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ سَأَلَ عَنْهَا رَجُلًا اسْمُهُ الْأَكْدَرُ ، فَأَفْتَى فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ وَأَخْطَأَ فِيهَا ، فَنُسِبَتْ إلَيْهِ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا ؛ فَمَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَمُوَافِقِيهِ ، إسْقَاطُ الْأُخْتِ ، وَيَجْعَلُ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ ، وَمَا بَقِيَ لِلْجَدِّ .
وَقَالَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ، وَعَالَتْ إلَى ثَمَانِيَةٍ .
وَجَعَلُوا لِلْأُمِّ السُّدُسَ كَيْ لَا يُفَضِّلُوهَا عَلَى الْجَدِّ .
وَقَالَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ، وَعَوَّلَاهَا إلَى تِسْعَةٍ ، وَلَمْ يَحْجُبَا الْأُمَّ عَنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا حَجَبَهَا بِالْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ ، وَلَيْسَ هَاهُنَا وَلَدٌ وَلَا إخْوَةٌ .
ثُمَّ إنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ أَبْقَوْا النِّصْفَ لِلْأُخْتِ ، وَالسُّدُسَ لِلْجَدِّ ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَإِنَّهُ

ضَمَّ نِصْفَهَا إلَى سُدُسِ الْجَدِّ ، فَقَسَمَهُ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مَعَهُ إلَّا بِحُكْمِ الْمُقَاسَمَةِ ، وَإِنَّمَا حَمَلَ زَيْدٌ عَلَى إعَالَةِ الْمَسْأَلَةِ هَاهُنَا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْرِضْ لِلْأُخْتِ لَسَقَطَتْ ، وَلَيْسَ فِي الْفَرِيضَةِ مَنْ يُسْقِطُهَا ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ قَالَ : مَا قَالَ ذَلِكَ زَيْدٌ وَإِنَّمَا قَاسَ أَصْحَابُهُ عَلَى أُصُولِهِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُوَ شَيْئًا .
فَإِنْ قِيلَ : فَالْأُخْتُ مَعَ الْجَدِّ عَصَبَةٌ ، وَالْعَصَبَةُ تَسْقُطُ بِاسْتِكْمَالِ الْفُرُوضِ .
قُلْنَا : إنَّمَا يَعْصِبُهَا الْجَدُّ ، وَلَيْسَ بِعَصَبَةٍ مَعَ هَؤُلَاءِ ، بَلْ يُفْرَضُ لَهُ ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ أَخٌ لَسَقَطَ ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ فِي نَفْسِهِ .
وَلَوْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ أُخْرَى ، أَوْ أَخٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، لَانْحَجَبَتْ الْأُمُّ إلَى السُّدُسِ ، وَبَقِيَ لَهُمَا السُّدُسُ ، فَأَخَذُوهُ ، وَلَمْ تَعُلْ الْمَسْأَلَةُ .
وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ سِتَّةٌ ، وَعَالَتْ إلَى تِسْعَةٍ ، وَسِهَامُ الْأُخْتِ وَالْجَدِّ أَرْبَعَةٌ بَيْنَهُمَا ، عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا تَصِحُّ ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي تِسْعَةٍ ، تَكُنْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ كُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَضْرُوبٌ فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي ضَرَبْتهَا فِي الْمَسْأَلَةِ ، فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ : تِسْعَةٌ ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ : سِتَّةٌ ، وَيَبْقَى اثْنَا عَشَرَ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ؛ لَهُ ثَمَانِيَةٌ ، وَلَهَا أَرْبَعَةٌ .
وَيُعَايَلُ بِهَا ، فَيُقَالُ : أَرْبَعَةٌ وَرِثُوا مَالَ مَيِّتٍ ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَهُ ، وَالثَّانِي ثُلُثَ مَا بَقِيَ ، وَالثَّالِثُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ ، وَالرَّابِعُ مَا بَقِيَ .
وَيُقَالُ : امْرَأَةٌ جَاءَتْ قَوْمًا ، فَقَالَتْ : إنِّي حَامِلٌ ، فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَلَهَا تُسْعُ الْمَالِ وَثُلُثُ تُسْعِهِ ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَلَهُمَا السُّدُسُ .
وَيُقَال أَيْضًا : إنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَلِي ثُلُثُ الْمَالِ ، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى

فَلِي تُسْعَاهُ ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَلِي سُدُسُهُ .

( 4879 ) فَصْلٌ : زَوْجَةٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ ، لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ؛ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ .
فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ أَخٌ ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ .
وَإِنْ كَانَتَا أُخْتَيْنِ ، قَاسَمَهَا ، وَصَحَّتْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ .
فَإِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ ، حَجَبُوا الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ ، وَقَسَمُوا الْبَاقِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَصَحَّتْ مِنْ سِتِّينَ .
فَإِنْ زَادُوا عَلَى ذَلِكَ ، اسْتَوَى ثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ ، فَافْرِضْ لَهُ ثُلُثَ الْبَاقِي ، وَاضْرِبْ الْمَسْأَلَةَ فِي ثَلَاثَةٍ ، تَصِيرُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ ، وَيَبْقَى لَهُ وَلَهُمْ أَحَدُ وَعِشْرُونَ ، يَأْخُذُ ثُلُثَهَا سَبْعَةً ، وَالْبَاقِي لَهُمْ ، فَإِنْ لَمْ تَصِحَّ عَلَيْهِمْ ، ضَرَبْتَهُمْ أَوْ وَفْقَهُمْ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ تَصِحُّ .
فَإِنْ كَانُوا مِنْ الْجِهَتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لِوَلَدِ الْأَبِ شَيْءٌ ، وَاسْتَأْثَرَ بِهِ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ دُونَهُمْ .

( 4880 ) فَصْلٌ : زَوْجَةٌ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ وَجَدَّةٌ ؛ فَهِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي فُرُوعِهَا ، إلَّا فِي أَنَّ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ مَعَ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ ، وَالْأَخِ الْوَاحِدِ .
وَمَتَى كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ ، كَانَ حُكْمُ الْجَدَّةِ وَالْأُمِّ وَاحِدًا .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ جَدَّةٌ ، فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ ؛ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ ، لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهَا أُخْتٌ أُخْرَى ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ .
وَإِنْ كَانَ مَكَانَهُمَا أَخٌ ، صَحَّتْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، فَإِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ عِشْرِينَ .
وَإِنْ زَادُوا عَلَى هَذَا ، فَأَعْطِهِ ثُلُثَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا ، وَاقْسِمْ الْبَاقِيَ عَلَى الْبَاقِينَ ، فَإِنْ كَانُوا مِنْ الْجِهَتَيْنِ ، فَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْأَبِ ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ نَصِيبِ الْجَدِّ لَا يَزِيدُ عَلَى النِّصْفِ ، وَهُوَ أَقَلُّ فَرْضٍ لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ .

( 4881 ) مَسْأَلَةٌ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَتْ أُمُّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ ؛ فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ؛ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى الْخَرْقَاءَ ، إنَّمَا سُمِّيَتْ خَرْقَاءَ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهَا ، فَكَأَنَّ الْأَقْوَالَ خَرَقَتْهَا .
قِيلَ فِيهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ : قَوْلُ الصِّدِّيقِ وَمُوَافِقِيهِ ، لِلْأُمِّ ثُلُثٌ ، وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ .
وَقَوْلُ زَيْدٍ وَمُوَافِقِيهِ ، لِلْأُمِّ الثُّلُثُ ، أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَيَبْقَى سَهْمَانِ بَيْنَ الْأُخْتِ وَالْجَدِّ ، عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ .
وَقَوْلُ عَلِيٍّ ، لِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ .
وَعَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْجَدِّ .
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلْجَدِّ ، وَهِيَ مِثْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَعْنَى .
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا ، لِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ نِصْفَانِ ، فَتَكُونُ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَهِيَ إحْدَى مُرَبَّعَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ عُثْمَانُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثٌ ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثٌ .
وَهِيَ مُثَلَّثَةُ عُثْمَانَ وَتُسَمَّى الْمُسَبَّعَةَ ، فِيهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ .
وَالْمُسَدَّسَةَ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَقْوَالِ يَرْجِعُ إلَى سِتَّةٍ .
وَسَأَلَ الْحُجَّاجُ عَنْهَا الشَّعْبِيَّ فَقَالَ : اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ لَهُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ وَزَيْدًا وَابْنَ عَبَّاسٍ .

( 4882 ) فَصْلٌ : أُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ وَأُخْتَانِ وَجَدٌّ ، الْمُقَاسَمَةُ خَيْرٌ لِلْجَدِّ ، وَيَبْقَى خَمْسَةٌ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ .
أُمٌّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ وَجَدٌّ ، تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ .
أُمٌّ وَأَخَوَانِ ، أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ ، أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ وَجَدٌّ ؛ ثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ سَوَاءٌ ، فَإِنْ زَادُوا عَلَى ذَلِكَ فُرِضَ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي ، وَانْتَقَلْت الْمَسْأَلَةُ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ؛ لِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْجَدِّ خَمْسَةٌ ، يَبْقَى عَشْرَةٌ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ، فَتُصَحَّحُ الْمَسْأَلَةُ عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ ، فَالْبَاقِي كُلُّهُ لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أُخْتًا وَاحِدَةً ، فَلَهَا قَدْرُ فَرْضِهَا ، وَالْبَاقِي لَهُمْ .
أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَجَدٌّ ؛ لِلْأُمِّ السُّدُسُ ، وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي ، يَنْتَقِلُ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ ، فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْجَدِّ خَمْسَةٌ ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ النِّصْفُ تِسْعَةٌ ، يَبْقَى سَهْمٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَتُسَمَّى مُخْتَصَرَةَ زَيْدٍ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَاسَمَ بِالْجَدِّ لَانْتَقَلَتْ إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، ثُمَّ يَبْقَى سَهْمَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، فَتَصِحُّ مِنْ مِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ ، ثُمَّ تَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الْمُخْتَصَرَةَ .
أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخَوَانِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَجَدٌّ ، أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ ، ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَيَفْضُلُ لِوَلَدِ الْأَبِ سَهْمٌ عَلَى خَمْسَةٍ ، تَضْرِبُهَا فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، تَكُنْ تِسْعِينَ ، وَتُسَمَّى تِسْعِينِيَّةَ زَيْدٍ .
وَفِي هَذَا الْفَصْلِ كُلِّهِ ؛ الْجَدَّةُ كَالْأُمِّ ، لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ .

( 4883 ) مَسْأَلَةٌ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَتْ بِنْتٌ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ ، عَلَى ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ، لِلْجَدِّ سَهْمَانِ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ ) إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ هَاهُنَا أَحَظُّ لِلْجَدِّ .
وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ .
وَعِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْبِنْتِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ أَخَذَ الْمَالَ بِالتَّعْصِيبِ ، فَإِذَا اجْتَمَعَا اقْتَسَمَا ، كَمَا لَوْ كَانَ مَكَانَهَا أَخٌ .
فَأَمَّا عَلِيٌّ فَبَنَى عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الْأَخَوَاتِ لَا يُقَاسِمْنَ الْجَدَّ ، وَإِنَّمَا يُفْرَضُ لَهُنَّ ، فَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا هَاهُنَا ؛ لِأَنَّ الْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ عَصَبَةٌ ، وَأَعْطَى الْجَدَّ السُّدُسَ ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ مَعَهَا ، وَجَعَلَ لَهَا الْبَاقِيَ .
وَلَنَا ، أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُ الْأُخْتَ ، فَيَأْخُذُ مِثْلَهَا إذَا كَانَ مَعَهَا أَخٌ ، فَكَذَلِكَ إذَا انْفَرَدَتْ .
وَهَذِهِ إحْدَى مُرَبَّعَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ .

( 4884 ) فَصْلٌ : بِنْتٌ وَأَخٌ وَجَدٌّ ؛ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْبِنْتِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أُخْتُهُ ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ .
وَإِنْ كَانَ أَخَوَانِ ، أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ ، أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ ، اسْتَوَى ثُلُثُ الْبَاقِي وَالسُّدُسُ وَالْمُقَاسَمَةُ ، فَإِنْ زَادُوا فَلَا حَظَّ لَهُ فِي الْمُقَاسَمَةِ ، وَيَأْخُذُ السُّدُسَ ، وَالْبَاقِي لَهُمْ .
فَإِنْ كَانُوا مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَلَيْسَ لِوَلَدِ الْأَبِ شَيْءٌ ، وَيَأْخُذُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ جَمِيعَ الْبَاقِي .
بِنْتٌ وَأُخْتَانِ وَجَدٌّ ، الْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتَيْنِ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ .
فَإِنْ كُنَّ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ .
فَإِنْ كُنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ، فَلَهُ السُّدُسُ ، أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي ، وَالْبَاقِي لَهُنَّ .

( 4885 ) فَصْلٌ : بِنْتَانِ ، أَوْ أَكْثَرُ ، أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ ، لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ .
وَإِنْ كَانَ مَكَانَهَا أَخٌ ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْنِ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ .
وَإِنْ كَانَ مَكَانَهُ أُخْتَانِ ، صَحَّتْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ .
وَيَسْتَوِي فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ السُّدُسُ وَالْمُقَاسَمَةُ .
فَإِنْ زَادُوا عَنْ أَخٍ أَوْ عَنْ أُخْتَيْنِ ، فَرَضْت لِلْجَدِّ السُّدُسَ ، وَكَانَ الْبَاقِي لَهُمْ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ ، فَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ، وَلَا شَيْءَ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ .

( 4886 ) فَصْلٌ : زَوْجٌ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ .
وَعِنْدَ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ، وَعَالَتْ إلَى سَبْعَةٍ .
وَإِنْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ أُخْرَى ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ .
وَعِنْدَهُمَا ، لَهُمَا الثُّلُثَانِ ، وَتَعُولُ إلَى ثَمَانِيَةٍ .
وَإِنْ كَانَ مَكَانَهُمَا أَخٌ ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ .
وَإِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ ، قَاسَمَهُمْ الْجَدُّ .
وَإِنْ كَانَ أَخَوَانِ ، أَوْ مَنْ يَعْدِلُهُمَا ، اسْتَوَى السُّدُسُ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ .
فَإِنْ زَادُوا ، فَرَضْت لَهُ السُّدُسَ ، وَالْبَاقِي لَهُمْ .
وَإِنْ كَانَ زَوْجٌ وَبِنْتٌ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ ، فَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ .
وَيَسْتَوِي السُّدُسُ هَاهُنَا وَالْمُقَاسَمَةُ .
فَإِنْ زَادُوا عَلَى أُخْتٍ وَاحِدَةٍ ، فَرَضْت لِلْجَدِّ السُّدُسَ ، وَالْبَاقِي لَهُمْ .
وَإِنْ كَانَ مَعَ الزَّوْجِ ابْنَتَانِ ، أَوْ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ ، أَوْ بِنْتٌ وَأَمٌّ أَوْ جَدَّةٌ ، سَقَطَتْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ ، وَفَرَضْت لِلْجَدِّ السُّدُسَ ، وَعَالَتْ الْمَسْأَلَةُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ .

( 4887 ) فَصْلٌ : زَوْجَةٌ وَبِنْتٌ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ ، الْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ .
فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ أَخٌ ، أَوْ أُخْتَانِ ، فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ .
وَتَصِحُّ مَعَ الْأَخِ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَمَعَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ .
وَإِنْ زَادُوا فَرَضْت لِلْجَدِّ السُّدُسَ ، وَانْتَقَلَتْ الْمَسْأَلَةُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ تُصَحَّحُ عَلَى الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ مَعَ الزَّوْجَةِ ابْنَتَانِ ، أَوْ أَكْثَرُ ، أَوْ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ ، وَبِنْتٌ وَأُمٌّ ، أَوْ جَدَّةٌ ، فَرَضْت لِلْجَدِّ السُّدُسَ ، وَيَبْقَى لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ .

بَابُ ذَوِي الْأَرْحَام ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُمْ الْأَقَارِبُ الَّذِينَ لَا فَرْضَ لَهُمْ وَلَا تَعْصِيبَ ، وَهُمْ أَحَدَ عَشَرَ حَيْزًا ؛ وَلَدُ الْبَنَاتِ ، وَوَلَدُ الْأَخَوَاتِ ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ ، وَوَلَدُ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ ، وَالْعَمَّاتُ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ ، وَالْعَمُّ مِنْ الْأُمِّ ، وَالْأَخْوَالُ ، وَالْخَالَاتُ ، وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ ، وَالْجَدُّ أَبُو الْأُمِّ ، وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بَيْنَ أُمَّيْنِ ، أَوْ بِأَبٍ أَعْلَى مِنْ الْجَدِّ .
فَهَؤُلَاءِ ، وَمَنْ أَدْلَى بِهِمْ ، يُسَمَّوْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ .
وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُوَرِّثُهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذُو فَرْضٍ ، وَلَا عَصَبَةٍ ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْوَارِثِ ، إلَّا الزَّوْجَ ، وَالزَّوْجَةَ .
رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَعَطَاءٌ ، وَطَاوُسٌ ، وَعَلْقَمَةُ ، وَمَسْرُوقٌ ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ .
وَكَانَ زَيْدٌ لَا يُوَرِّثُهُمْ ، وَيَجْعَلُ الْبَاقِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ .
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَدَاوُد ، وَابْنُ جَرِيرٍ ؛ لِأَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ رَوَى { أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ إلَى قُبَاءَ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا .
} رَوَاهُ سَعِيدٌ ، فِي " سُنَنِهِ " ؛ لِأَنَّ الْعَمَّةَ ، وَابْنَةَ الْأَخِ لَا تَرِثَانِ مَعَ أَخَوَيْهِمَا ، فَلَا تَرِثَانِ مُنْفَرِدَتَيْنِ ، كَالْأَجْنَبِيَّاتِ .
وَذَلِكَ لِأَنَّ انْضِمَامَ الْأَخِ إلَيْهِمَا يُؤَكِّدُهُمَا وَيُقَوِّيهُمَا ، بِدَلِيلِ أَنَّ بَنَاتِ الِابْنِ ، وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ ، يَعْصِبُهُنَّ أَخُوهُنَّ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ مِيرَاثِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، وَلَا يَرِثْنَ مُنْفَرِدَاتٍ ، فَإِذَا لَمْ يَرِثْ هَاتَانِ مَعَ أَخِيهِمَا ، فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى .
وَلِأَنَّ الْمَوَارِيثَ إنَّمَا

تَثْبُتُ نَصًّا ، وَلَا نَصَّ فِي هَؤُلَاءِ .
وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ } .
أَيْ أَحَقُّ بِالتَّوَارُثِ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى .
قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ : كَانَ التَّوَارُثُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ بِالْحَلِفِ ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : دَمِي دَمُك ، وَمَالِي مَالُكَ ، تَنْصُرُنِي وَأَنْصُرُكَ ، وَتَرِثُنِي وَأَرِثُك .
فَيَتَعَاقَدَانِ الْحَلِفَ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ ، فَيَتَوَارَثَانِ بِهِ دُونَ الْقَرَابَةِ ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } .
ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ ، وَصَارَ التَّوَارُثُ بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ ، فَإِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ ، وَلَمْ يُهَاجِرْ ، وَرِثَهُ الْمُهَاجِرُونَ دُونَهُ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } .
ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ } .
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، بِإِسْنَادِهِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ ، فَقَتَلَهُ ، وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا خَالًا ، فَكَتَبَ فِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ إلَى عُمَرَ ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ ؛ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ } .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَرَوَى الْمِقْدَادُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ ، يَعْقِلُ عَنْهُ ، وَيَرِثُهُ } .
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد .
وَفِي لَفْظٍ : { مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ ، يَعْقِلُ عَنْهُ ، وَيَفُكُّ عَانِيَهُ } .
فَإِنْ قِيلَ : الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا خَالٌ فَلَا وَرَاثَ لَهُ ، كَمَا يُقَالُ : الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ ، وَالْمَاءُ طِيبُ مَنْ لَا طِيبَ لَهُ ، وَالصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ .
أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَالِ السُّلْطَانَ .

قُلْنَا : هَذَا فَاسِدٌ ؛ لِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ ؛ أَحَدُهَا ، أَنَّهُ قَالَ : " يَرِثُ مَالَهُ " ، وَفِي لَفْظٍ قَالَ : " يَرِثُهُ " .
وَالثَّانِي ، أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا ذَلِكَ ، فَكَتَبَ عُمَرُ بِهَذَا جَوَابًا لِأَبِي عُبَيْدَةَ حِينَ سَأَلَهُ عَنْ مِيرَاثِ الْخَالِ ، وَهُمْ أَحَقُّ بِالْفَهْمِ وَالصَّوَابِ مِنْ غَيْرِهِمْ .
الثَّالِثُ ، أَنَّهُ سَمَّاهُ وَارِثًا ، وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ .
وَقَوْلُهُمْ : إنَّ هَذَا يُسْتَعْمَلُ لِلنَّفْيِ .
قُلْنَا : وَالْإِثْبَاتِ ، كَقَوْلِهِمْ : يَا عِمَادَ مَنْ لَا عِمَادَ لَهُ .
يَا سَنَدَ مَنْ لَا سَنَدَ لَهُ .
يَا ذُخْرَ مَنْ لَا ذُخْرَ لَهُ .
وَقَالَ سَعِيدٌ : حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ ، قَالَ : { تُوُفِّيَ ثَابِتُ ابْنُ الدَّحْدَاحَةِ ، وَلَمْ يَدَعُ وَارِثًا وَلَا عَصَبَةً ، فَرُفِعَ شَأْنُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَهُ إلَى ابْنِ أُخْتِهِ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ .
} وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ ، فِي " الْأَمْوَالِ " ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَلَمْ يَخْلُفْ إلَّا ابْنَةَ أَخٍ لَهُ ، فَقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِيرَاثِهِ لِابْنَةِ أَخِيهِ .
وَلِأَنَّهُ ذُو قَرَابَةٍ ، فَيَرِثُ ، كَذَوِي الْفُرُوضِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ سَاوَى النَّاسَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَزَادَ عَلَيْهِمْ بِالْقَرَابَةِ ، فَكَانَ أَوْلَى بِمَالِهِ مِنْهُمْ ، وَلِهَذَا كَانَ أَحَقَّ فِي الْحَيَاةِ بِصَدَقَتِهِ وَصِلَتِهِ ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ بِوَصِيَّتِهِ ، فَأَشْبَهَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ الْمَحْجُوبِينَ ، إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَحْجُبُهُمْ .
وَحَدِيثُهُمْ مُرْسَلٌ .
ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا مَعَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ ؛ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْخَالُ " وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ " .
أَيْ لَا يَرِثُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ .
وَقَوْلُهُمْ : لَا يَرِثَانِ مَعَ أَخِيهِمَا .
قُلْنَا : لِأَنَّهُمَا أَقْوَى مِنْهُمَا .
وَقَوْلُهُمْ : إنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا ثَبَتَ

نَصًّا .
قُلْنَا : قَدْ ذَكَرْنَا نُصُوصًا .
ثُمَّ التَّعْلِيلُ وَاجِبٌ مَهْمَا أَمْكَنَ ، وَقَدْ أَمْكَنَ هَاهُنَا ، فَلَا يُصَارُ إلَى التَّعَبُّدِ الْمَحْضِ .

( 4888 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : وَيُوَرَّثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ فَيُجْعَلُ مَنْ لَمْ يُسَمَّ لَهُ فَرِيضَةٌ عَلَى مَنْزِلَةِ مَنْ سُمِّيَتْ لَهُ ، مِمَّنْ هُوَ نَحْوُهُ ، فَيُجْعَلُ الْخَالُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ، وَالْعَمَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ .
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، رِوَايَةٌ أُخْرَى ، أَنَّهُ جَعَلَهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَمِّ .
وَبِنْتُ الْأَخِ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ ، وَكُلُّ ذِي رَحِمٍ لَمْ يُسَمَّ لَهُ فَرِيضَةً فَهُوَ عَلَى هَذَا النَّحْوِ مَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ ، وَهُوَ أَنْ يَنْزِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ يَمُتُّ بِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ ، فَيُجْعَلُ لَهُ نُصِيبُهُ .
فَإِنْ بَعُدُوا نَزَلُوا دَرَجَةً دَرَجَةً إلَى أَنْ يَصِلُوا إلَى مَنْ يَمُتُّونَ بِهِ ، فَيَأْخُذُونَ مِيرَاثَهُ .
فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ ، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً قَسَمْت الْمَالَ بَيْنَ مَنْ يَمُتُّونَ بِهِ ، فَمَا حَصَلَ لِكُلِّ وَارِثٍ جُعِلَ لِمَنْ يَمُتُّ بِهِ .
فَإِنْ بَقِيَ مِنْ سِهَامِ الْمَسْأَلَةِ شَيْءٌ ، رُدَّ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ .
وَهَذَا قَوْلُ عَلْقَمَةَ ، وَمَسْرُوقٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَالنَّخَعِيِّ ، وَحَمَّادٍ ، وَنُعَيْمٍ ، وَشَرِيكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَسَائِرِ مَنْ وَرَّثَهُمْ غَيْرُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا نَزَّلَا بِنْتَ الْبِنْتِ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ ، وَبِنْتَ الْأَخِ مَنْزِلَةَ الْأَخِ ، وَبِنْتَ الْأُخْتِ مَنْزِلَةَ الْأُخْتِ ، وَالْعَمَّةَ مَنْزِلَةَ الْأَبِ ، وَالْخَالَةَ مَنْزِلَةَ الْأُمِّ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ .
وَعَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا ، أَنَّهُ نَزَّلَ الْعَمَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْعَمِّ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلْقَمَةَ ، وَمَسْرُوقٍ .
وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ .
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ الثَّوْرِيِّ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ ، أَنَّهُمَا نَزَّلَاهَا مَنْزِلَةَ الْجَدِّ مَعَ وَلَدِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ .
وَنَزَّلَهَا آخَرُونَ مَنْزِلَةَ

الْجَدَّةِ .
وَإِنَّمَا صَارَ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْعَمَّةِ ؛ لِأَنَّهَا أَدْلَتْ بِأَرْبَعِ جِهَاتٍ وَارِثَاتٍ ؛ فَالْأَبُ وَالْعَمُّ أَخَوَاهَا ، وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ أَبَوَاهَا .
وَنَزَّلَ قَوْمٌ الْخَالَةَ جَدَّةً ؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمُّهَا .
وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ تَنْزِيلُ الْعَمَّةِ أَبًا ، وَالْخَالَةِ أُمًّا ، لِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ ؛ أَحَدُهَا ، مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { الْعَمَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا أَبٌ ، وَالْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا أُمٌّ } .
رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ .
الثَّانِي ، أَنَّهُ قَوْلُ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ ، فِي الصَّحِيحِ عَنْهُمْ ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ .
الثَّالِثُ ، أَنَّ الْأَبَ أَقْوَى جِهَاتِ الْعَمَّةِ ، وَالْأُمَّ أَقْوَى جِهَاتِ الْخَالَةِ ، فَتَعَيَّنَ تَنْزِيلُهُمَا بِهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا ، كَبِنْتِ الْأَخِ ، وَبِنْتِ الْعَمِّ ، فَإِنَّهُمَا يَنْزِلَانِ مَنْزِلَةَ أَبَوَيْهِمَا دُونَ أَخَوَيْهِمَا .
وَلِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ لَهُمَا قَرَابَاتٌ ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَوْرِيثُهُمَا بِجَمِيعِهِمَا ، وَرِثَتَا بِأَقْوَاهُمَا ، كَالْمَجُوسِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُوَرِّثْهُمْ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِمْ ، وَكَالْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، فَإِنَّا نُوَرِّثُهُ بِالتَّعْصِيبِ ، وَهِيَ جِهَةُ أَبِيهِ ، دُونَ قَرَابَةِ أُمِّهِ .
فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، فَإِنَّهُمْ وَرَّثُوهُمْ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ ، فَجَعَلُوا أَوْلَاهُمْ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الْمَيِّتِ وَإِنْ سَفَلُوا ، ثُمَّ وَلَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ سَفَلُوا ، ثُمَّ وَلَدِ أَبَوَيْ أَبَوَيْهِ وَإِنْ سَفَلُوا كَذَلِكَ أَبَدًا ، لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى ، وَهُنَاكَ بَنُو أَبٍ أَقْرَبُ مِنْهُ ، وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ .
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، أَنَّهُ جَعَلَ أَبَا الْأُمِّ وَإِنْ عَلَا أَوْلَى مِنْ وَلَدِ الْبَنَاتِ ، وَيُسَمَّى مَذْهَبُهُمْ مَذْهَبَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ .
وَلَنَا ، أَنَّهُمْ فَرْعٌ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى غَيْرِهِمْ ، فَوَجَبَ إلْحَاقُهُمْ بِمَنْ هُمْ

فَرْعٌ لَهُ ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ مِنْ الْإِنَاثِ لَا يُسْقِطُ وَلَدَ أَبِيهِ ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يُسْقِطَهُمْ وَلَدُهُ .
مَسَائِلُ : مِنْ ذَلِكَ ؛ بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتُ أَخٍ ، فَالْبَاقِي لَهَا ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا خَالَةٌ ، فَلِبِنْتِ الْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَلِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ ، تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ ، وَلِلْخَالَةِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ .
فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْخَالَةِ عَمَّةٌ ، حَجَبَتْ بِنْتَ الْأَخِ ، وَأَخَذَتْ الْبَاقِيَ ؛ لِأَنَّ الْعَمَّةَ كَالْأَبِ ، فَتُسْقِطُ مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ ، وَمَنْ نَزَّلَهَا عَمًّا جَعَلَ الْبَاقِيَ لِبِنْتِ الْأَخِ ، وَأَسْقَطَ الْعَمَّةَ ، وَمَنْ نَزَّلَهَا جَدًّا قَاسَمَ بِنْتَ الْأَخِ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَمَنْ نَزَّلَهَا جَدَّةً جَعَلَ لَهَا السُّدُسَ ، وَلِبِنْتِ الْأَخِ الْبَاقِيَ .
وَفِي قَوْلِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ ، أَنَّهُ لَا تَرِث بِنْتُ الْأَخِ مَعَ بِنْتِ الْبِنْتِ ، وَلَا مَعَ بِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ شَيْئًا .

( 4889 ) فَصْلٌ : إذَا انْفَرَدَ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ ، فِي قَوْلِ جَمِيعِ مَنْ وَرَّثَهُمْ .
وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً ، لَمْ يَخْلُ ؛ إمَّا أَنْ يُدْلُوا بِشَخْصٍ وَاحِدٍ ، أَوْ بِجَمَاعَةٍ ، فَإِنْ أَدْلَوْا بِشَخْصٍ وَاحِدٍ ، وَكَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ .
فَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، كَأَبِي الْأُمِّ ، وَالْأَخْوَالِ ، فَأَسْقِطْ الْأَخْوَالَ ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ .
فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ ، فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِمْ ، كَخَالَةٍ ، وَأُمِّ أَبِي أُمٍّ ، أَوْ ابْنِ خَالٍ ، فَالْمِيرَاثُ لِلْخَالَةِ ؛ لِأَنَّهَا تَلْقَى الْأُمَّ بِأَوَّلِ دَرَجَةٍ وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمُنَزِّلِينَ ، إلَّا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ ، وَشَرِيكٍ ، وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ ، فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ خَاصَّةً ، أَنَّهُمْ أَمَاتُوا الْأُمَّ ، وَجَعَلُوا نَصِيبَهَا لِوَرَثَتِهَا .
وَيُسَمَّى قَوْلُهُمْ قَوْلَ مَنْ أَمَاتَ السَّبَبَ .
وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُ الْفَرْضِيِّينَ فِي جَمِيعِ ذَوِي الْأَرْحَامِ .
فَعَلَى قَوْلِهِمْ ، يَكُونُ لِلْخَالَةِ نِصْفُ مِيرَاثِ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّهَا أُخْتٌ ، وَلِأُمِّ أَبِي الْأُمِّ السُّدُسُ ؛ لِأَنَّهَا جَدَّةٌ ، وَالْبَاقِي لِابْنِ الْخَالِ ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخٍ .
وَلَنَا ، أَنَّ الْمِيرَاثَ مِنْ الْمَيِّتِ ، لَا مِنْ سَبَبِهِ ؛ وَلِذَلِكَ وَرَّثْنَا أُمَّ أُمِّ الْأُمِّ ، دُونَ ابْنِ عَمِّ الْأُمِّ ، بِغَيْرِ خِلَافٍ أَيْضًا فِي أَبِي أُمِّ أُمٍّ ، وَابْنِ عَمِّ أَبِي أُمٍّ ، أَنَّ الْمَالَ لِلْجَدِّ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ .
وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ الْمَيِّتَةَ ، كَانَ وَارِثُهَا ابْنَ عَمِّ أَبِيهَا ، دُونَ أَبِي أُمِّهَا .
خَالَةٌ وَأُمُّ أَبِي أُمٍّ وَعَمُّ أُمٍّ ، الْمَالُ لِلْخَالَةِ ، وَعِنْدَهُمْ لِلْخَالَةِ النِّصْفُ ، وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَمُّ أُمٍّ ، فَالْمَالُ بَيْنَ الْخَالَةِ وَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَدَّةٌ ، فَالْمَالُ بَيْنَ الْخَالَةِ وَعَمِّهَا نِصْفَيْنِ .
ابْنُ خَالَةٍ

وَابْنُ عَمِّ أُمٍّ ، الْمَالُ لِابْنِ الْخَالَةِ .
وَعِنْدَهُمْ لِابْنِ عَمِّ الْأُمِّ .
فَأَمَّا إنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِجَمَاعَةٍ ، جَعَلْت الْمَالَ لِلْمُدْلَى بِهِمْ ، كَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ ، فَقَسَّمْت الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الْفَرِيضَةُ ، فَمَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، فَهُوَ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ ، إذَا لَمْ يَسْبِقْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَإِنْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَكَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَالسَّابِقُ إلَى الْوَارِثِ أَوْلَى .
وَإِنْ كَانُوا مِنْ وِجْهَتَيْنِ ، نَزَلَ الْبَعِيدُ حَتَّى يَلْحَقَ بِمَنْ أَدْلَى بِهِ ، فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ ، سَوَاءٌ سَقَطَ بِهِ الْقَرِيبُ أَوْ لَمْ يَسْقُطْ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَنَقَلَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي خَالَةٍ وَبِنْتِ خَالَةٍ وَبِنْتِ ابْنِ عَمٍّ ، لِلْخَالَةِ الثُّلُثُ ، وَلِابْنَةِ ابْنِ الْعَمِّ الثُّلُثَانِ ، وَلَا تُعْطَى بِنْتُ الْخَالَةِ شَيْئًا .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ سُفْيَانُ قَوْلًا حَسَنًا : إذَا كَانَتْ خَالَةٌ وَبِنْتُ ابْنِ الْعَمِّ ، تُعْطَى الْخَالَةُ الثُّلُثَ ، وَتُعْطَى بِنْتُ ابْنِ الْعَمِّ الثُّلُثَيْنِ .
وَظَاهِرُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ .
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ : إنْ كَانَ الْبَعِيدُ إذَا نُزِّلَ أَسْقَطَ الْقَرِيبَ ، فَالْقَرِيبُ أَوْلَى ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُسْقِطُهُ نُزِّلَ الْبَعِيدُ حَتَّى يَلْحَقَ بِالْوَارِثِ .
وَقَالَ سَائِرُ الْمُنَزِّلِينَ : الْأَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ أَوْلَى بِكُلِّ حَالٍ .
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيمَا عَلِمْت فِي تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ ، إذَا كَانَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ، إلَّا نُعَيْمًا ، وَمُحَمَّدَ بْنَ سَالِمٍ ، فَإِنَّهُمَا قَالَا فِي عَمَّةٍ وَبِنْتِ عَمَّةٍ : الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ ، عَدَّ الْجِهَاتِ ، وَبَيَّنَهَا ، إلَّا أَبَا الْخَطَّابِ ، فَإِنَّهُ عَدَّهَا خَمْسَ جِهَاتٍ ، الْأُبُوَّةَ ، وَالْأُمُومَةَ ، وَالْبُنُوَّةَ ، وَالْأُخُوَّةَ ، وَالْعُمُومَةَ .
وَهَذَا يُفْضِي

إلَى أَنَّ ابْنَةَ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ ، أَوْ بِنْتَ الْعَمَّةِ مِنْ الْأُمِّ ، مُسْقِطَةٌ لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ .
وَقَدْ ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ هَذَا فِي ثَلَاثِ بَنَاتِ عُمُومَةٍ مُفْتَرِقِينَ ، أَنَّ الْمَالَ لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَبَيَانُ إفْضَائِهِ إلَى ذَلِكَ ، أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ أَبُوهَا يُدْلِي بِالْأَبِ ، وَبِنْتَ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ تُدْلِي بِأَبِيهَا ، وَالْأَبُ يُسْقِطُ الْعَمَّ ، وَكَذَلِكَ بِنْتُ الْعَمَّةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ ، وَبِنْتُ الْعَمِّ مِنْ جِهَةِ الْعَمِّ .
فَالصَّوَابُ إذًا أَنْ تَكُونَ الْجِهَاتُ أَرْبَعًا ؛ الْأُبُوَّةَ ، وَالْبُنُوَّةَ ، وَالْأُخُوَّةَ ، وَالْأُمُومَةَ .

مَسَائِلُ فِي هَذَا الْبَابِ : بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتُ أَخٍ ، الْمَالُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ ، وَسَقَطَتْ الثَّانِيَةُ ، إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ ، وَنُعَيْمٍ ، فَإِنَّهَا تُشَارِكُهُمَا .
وَمَنْ وَرَّثَ الْأَقْرَبَ ، جَعَلَهُ لِبِنْتِ الْأَخِ ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَقُ ، وَقَوْلُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ هُوَ لِلْأُولَى وَحْدَهَا ؛ لِأَنَّهَا مِنْ وَلَدِ الْمَيِّتِ ، وَهِيَ أَقْرَبُ مِنْ الثَّانِيَةِ ابْنُ خَالٍ وَبِنْتُ عَمٍّ ، ثُلُثٌ ، وَثُلُثَانِ .
وَمَنْ وَرَّثَ الْأَسْبَقَ جَعَلَهُ لِبِنْتِ الْعَمِّ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا بِنْتُ عَمَّةٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا ؛ لِأَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ أَسْبِقُ إلَى الْوَارِثِ مِنْهُمَا ، وَهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ عَمَّةٌ ، سَقَطَتْ بِنْتُ الْعَمِّ ؛ لِأَنَّ الْعَمَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ ، وَبِنْتَ الْعَمِّ بِمَنْزِلَةِ الْعَمِّ بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتٍ ابْنٍ ، الْمَالُ لِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ عِنْدَ الْجَمِيعِ ، إلَّا عِنْدَ ابْنِ سَالِمٍ ، وَنُعَيْمٍ بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وَابْنُ أَخٍ مِنْ أُمٍّ ، الْمَالُ لِلْأُولَى ، وَمَنْ وَرَّثَ الْأَقْرَبَ جَعَلَهُ لِابْنِ الْأَخِ ، وَهُوَ قَوْلُ ضِرَارٍ ؛ لِأَنَّ الْبَعِيدَ إذَا نُزِّلَ أَسْقَطَ الْقَرِيبَ .
بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْمُنَزِّلِينَ ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ ، هُوَ لِبِنْتِ الْبِنْتِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ .
ابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتُ أَخٍ ، هُوَ بَيْنَهُمَا ، وَمَنْ وَرَّثَ الْأَقْرَبَ جَعَلَهُ لِبِنْتِ الْأَخِ ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ هُوَ لِابْنِ بِنْتِ الْبِنْتِ .
ابْنُ بِنْتٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنِ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ؛ الْمَالُ بَيْنَهُمَا ، وَعِنْدَ مَنْ وَرَّثَ الْأَقْرَبَ ، وَأَهْلِ الْقَرَابَةِ ، هُوَ لِلْأَوَّلِ .
بِنْتُ أَخٍ وَبِنْتُ عَمٍّ ، أَوْ بِنْتُ عَمَّةٍ .
الْمَالُ لِبِنْتِ الْأَخِ .
وَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تَوْرِيثِ الْبَعِيدِ مِنْ الْقَرِيبِ إنْ كَانَ مِنْ جِهَتَيْنِ ؛ أَنْ يَكُونَ لِبِنْتِ الْعَمِّ ، وَالْعَمَّةِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ ، وَذَلِكَ

قَوْلُ ضِرَارٍ أَيْضًا .
ابْنُ أُخْتٍ وَابْنُ عَمٍّ لِأُمٍّ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا ، وَمَنْ وَرَّثَ الْأَقْرَبَ جَعَلَهُ لِابْنِ الْأُخْتِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهَا مِنْ وَلَدِ أَبَوَيْ الْمَيِّتِ ، وَابْنُ الْعَمِّ لِلْأُمِّ مِنْ وَلَدِ أَبَوَيْ أَبَوَيْهِ .
بِنْتُ عَمٍّ وَبِنْتُ عَمِّ أَبٍ ؛ هُوَ لِلْأُولَى عِنْدَ الْجَمِيعِ ، إلَّا عِنْدَ ابْنِ سَالِمٍ ، وَنُعَيْمٍ .
بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ ، وَأُمُّ أَبِ أُمٍّ .
الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ .
بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وَأَبُو أُمِّ أَبٍ ، مِثْلُهَا عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ مَنْ وَرَّثَ الْأَقْرَبَ جَعَلَهُ لِلثَّانِي .
بِنْتُ بِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ وَعَمَّةٌ ، أَوْ خَالَةٍ ، لِلْأُولَى النِّصْفُ فِي الْأُولَى ، وَمَعَ الْخَالَةِ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَعِنْدَ مَنْ وَرَّثَ الْأَقْرَبَ ؛ الْكُلُّ لِلْعَمَّةِ وَلِلْخَالَةِ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْجِهَاتُ ثَلَاثًا ؛ الْأُبُوَّةَ ، وَالْبُنُوَّةَ ، وَالْأُمُومَةَ ؛ لِأَنَّ جَعْلَ الْعُمُومَةِ جِهَةً خَامِسَةً يُفْضِي إلَى إسْقَاطِ بِنْتِ الْعَمِّ بِبِنْتِ الْعَمَّةِ ، كَمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ جَعَلْنَا الْأُخُوَّةَ جِهَةً رَابِعَةً ، مَعَ نَفْيِ جِهَةِ الْعُمُومَةِ ، أَفْضَى إلَى إسْقَاطِ وَلَدِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ بِبَنَاتِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ .
وَإِذَا جَعَلْنَا جَمِيعَهُمْ جِهَةً وَاحِدَةً ، وَوَرَّثْنَا أَسْبَقَهُمْ إلَى الْوَارِثِ ، كَانَ أَوْلَى .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( 4890 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَ وَارِثٌ غَيْرَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ ، أَوْ مَوْلَى نِعْمَةٍ ، فَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَالِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فُصُولٌ ثَلَاثَةٌ : ( 4891 ) أَحَدُهَا : أَنَّ الرَّدَّ يُقَدَّمُ عَلَى مِيرَاثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، فَمَتَى خَلَّفَ الْمَيِّتُ عَصَبَةً ، أَوْ ذَا فَرْضٍ مِنْ أَقَارِبِهِ ، أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ ، وَلَا شَيْءَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ .
وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ مَنْ وَرَّثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ .
وَقَالَ الْخَبْرِيُّ : لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الرَّدَّ أَوْلَى مِنْهُمْ ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، أَنَّهُمَا وَرَّثَا الْخَالَ مَعَ الْبِنْتِ .
فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا وَرِثَاهُ لِكَوْنِهِ عَصَبَةً ، أَوْ مَوْلَى ؛ لِئَلَّا يُخَالِفَ الْإِجْمَاعَ ، وَقَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ } .
وَمِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْفَصْلِ أَبُو أُمٍّ وَجَدَّةٌ ؛ الْمَالُ لِلْجَدَّةِ بِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنِ ابْنِ أَخٍ ، وَابْنُ أُخْتِ عَمٍّ وَعَمَّةٌ ، ثَلَاثَةُ بَنِي إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ ؛ لَا شَيْءَ لِذِي الرَّحِمِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ( 4892 ) الْفَصْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْمَوْلَى الْمُعْتِقَ وَعَصَبَاتِهِ أَحَقُّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ .
وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ مَنْ وَرَّثَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَوْلُ مَنْ لَا يَرَى تَوْرِيثَهُمْ أَيْضًا .
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ تَقْدِيمُهُمْ عَلَى الْمَوْلَى ، وَبِهِ قَالَ ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةُ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَعَلْقَمَةُ ، وَالْأَسْوَدُ ، وَعُبَيْدَةُ ، وَمَسْرُوقٌ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ .
وَالْمَوْلَى وَارِثٌ } .
وَلِأَنَّ الْمَوْلَى يَعْقِلُ ، وَيَنْصُرُ ، فَأَشْبَهَ الْعَصَبَةَ مِنْ النَّسَبِ .
( 4893 ) الْفَصْلُ الثَّالِثُ : فِي

تَوْرِيثِهِمْ مَعَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ .
لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ مَنْ وَرَّثَهُمْ أَنَّهُمْ يَرِثُونَ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَا فَضَلَ عَنْ مِيرَاثِهِ ، مِنْ غَيْرِ حَجْبٍ لَهُ ، وَلَا مُعَاوَلَةٍ ، وَاخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ مَعَهُ ، فَرُوِيَ عَنْ إمَامِنَا أَنَّهُمْ يَرِثُونَ مَا فَضَلَ كَمَا يَرِثُونَ الْمَالَ إذَا انْفَرَدُوا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، وَاللُّؤْلُؤِيِّ ، وَعَامَّةِ مَنْ وَرَّثَهُمْ .
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، وَضِرَارٌ : يُقَسَّمُ الْمَالُ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ، عَلَى الْحَجْبِ وَالْعَوْلِ ، ثُمَّ نَفْرِضُ لِلزَّوْجِ فَرَضَهُ كَامِلًا ، مِنْ غَيْرِ حَجْبٍ وَلَا عَوْلٍ ، يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ .
فَإِنَّمَا يَقَعُ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا مَنْ يُدْلِي بِذِي فَرْضٍ ، وَمَنْ يُدْلِي بِعَصَبَةٍ ، فَأَمَّا إنْ أَدْلَى جَمِيعُهُمْ بِذِي فَرْضٍ ، أَوْ عَصَبَةٍ ، فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَمِنْ مَسَائِلِ ذَلِكَ ؛ زَوْجٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ أُخْتٍ ، أَوْ ابْنُ أُخْتٍ ، أَوْ أَوْلَادُ أُخْتٍ ، أَوْ بِنْتُ أَخٍ ، أَوْ بَنَاتُ أَخٍ ؛ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ بِنْتِ الْبِنْتِ وَمَنْ مَعَهَا نِصْفَيْنِ .
وَقَالَ يَحْيَى وَضِرَارٌ : الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ ؛ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، سَهْمَانِ ، يَبْقَى سَهْمٌ لِمَنْ مَعَهَا ، ثُمَّ يُفْرَضُ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةٍ ؛ لِبِنْتِ الْبِنْتِ سَهْمَانِ ، وَلِمَنْ مَعَهَا سَهْمٌ فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الزَّوْجِ زَوْجَةٌ ، فَرَضَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ؛ لِلْمَرْأَةِ سَهْمٌ ، وَلِلْبِنْتِ أَرْبَعَةٌ ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ لِمَنْ بَقِيَ ، ثُمَّ يُفْرَضُ لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ ، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ ، تَضْرِبُهَا فِي أَرْبَعَةٍ ، تَكُنْ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ ، لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ سَبْعَةٌ ، وَلِبِنْتِ الْبِنْتِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ الْبَاقِي اثْنَا عَشَرَ ، وَيَبْقَى تِسْعَةٌ لِمَنْ مَعَهَا .
زَوْجٌ

وَبِنْتُ بِنْتٍ وَخَالَةٍ وَبِنْتُ عَمٍّ ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى سِتَّةٍ ؛ لِبِنْتِ الْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْخَالَةِ سَهْمٌ ، وَيَبْقَى لِبِنْتِ الْعَمِّ سَهْمَانِ ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا وَفِي قَوْلِ يَحْيَى وَضِرَارٍ ؛ تُفْرَضُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ؛ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْبِنْتِ سِتَّةٌ ، وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ ، وَيَبْقَى لِلْعَمِّ سَهْمٌ ، ثُمَّ يُعْطَى الزَّوْجُ النِّصْفَ ، وَتُجْمَعُ سِهَامُ الْبَاقِينَ ، وَهِيَ تِسْعَةٌ ، فَيُقَسَّمُ النِّصْفُ الْبَاقِي عَلَى تِسْعَةٍ ، فَلَا تَصِحُّ ، فَتَضْرِبُهَا فِي اثْنَيْنِ ، تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ .
وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الزَّوْجِ امْرَأَةٌ ، فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ؛ لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى سِتَّةٍ وَهِيَ تُوَافِقُ بَاقِيَ مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ بِالْأَثْلَاثِ ، فَرَدَّهَا إلَى اثْنَيْنِ ، وَتَضْرِبُهَا فِي أَرْبَعَةٍ ، تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، لِلْمَرْأَةِ سَهْمَانِ ، وَلِبِنْتِ الْبِنْتِ نِصْفُ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْخَالَةِ سَهْمٌ ، وَلِبِنْتِ الْعَمِّ سَهْمَانِ .
وَعَلَى قَوْلِ يَحْيَى ، تَفْرِضُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ، ثُمَّ تَفْرِضُ لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعَ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، لَهَا سَهْمٌ ، وَلَهُمْ ثَلَاثَةٌ ، تُوَافِقُ سِهَامَهُمْ بِالثُّلُثِ ، فَتَضْرِبُ ثُلُثَهَا فِي أَرْبَعَةٍ ، تَكُنْ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ .
امْرَأَةٌ ، وَثَلَاثُ بَنَاتٍ ، ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ .
امْرَأَةٌ ، وَبِنْتُ بِنْتٍ ، وَثَلَاثُ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ ، امْرَأَةٌ ، وَبِنْتُ بِنْتٍ ، وَثَلَاثُ خَالَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، وَثَلَاثُ عَمَّاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ .

( 4894 ) فَصْلٌ : وَلَا يَعُولُ مِنْ مَسَائِلِ ذَوِي الْأَرْحَامِ إلَّا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَشِبْهُهَا ، وَهِيَ ، خَالَةٌ ، أَوْ غَيْرُهَا مِمَّنْ يَقُومُ مَقَامَ الْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ ، وَسِتُّ بَنَاتٍ ، سِتُّ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُنَّ مِمَّنْ يَأْخُذُ الْمَالَ بِالْفُرُوضِ ، فَإِنَّ لِلْخَالَةِ السُّدُسَ ، وَلِوَلَدِ الْأُمِّ الثُّلُثَ ، وَلِبَنَاتِ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ ، أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ ، وَعَالَتْ إلَى سَبْعَةٍ .

( 4895 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَيُوَرَّثُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِالسَّوِيَّةِ ، إذَا كَانَ أَبُوهُمْ وَاحِدًا ، وَأُمُّهُمْ وَاحِدَةً ، إلَّا الْخَالَ ، وَالْخَالَةَ ، فَلِلْخَالِ الثُّلُثَانِ ، وَلِلْخَالَةِ الثُّلُثُ ) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي تَوْرِيثِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، إذَا كَانُوا مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ ، فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ ، وَحَنْبَلٌ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ ، فِي الْخَالِ ، وَالْخَالَةِ : يُعْطُونَ بِالسَّوِيَّةِ .
فَظَاهِرُ هَذَا التَّسْوِيَةُ فِي جَمِيعِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ ، وَمَذْهَبُ أَبِي عُبَيْدٍ ، وَإِسْحَاقَ ، وَنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ ؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالرَّحِمِ الْمُجَرَّدِ ، فَاسْتَوَى ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ ، كَوَلَدِ الْأُمِّ .
وَنَقَلَ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ : إذَا تَرَكَ وَلَدَ خَالِهِ .
وَخَالَتِهِ ، اجْعَلْهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ .
وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَرُّوذِيُّ ، فِي مَنْ تَرَكَ خَالَهُ وَخَالَتِهِ : لِلْخَالِ الثُّلُثَانِ ، وَلِلْخَالَةِ الثُّلُثُ ، فَظَاهِرُ هَذَا التَّفْضِيلِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، وَعَامَّةِ الْمُنَزِّلِينَ .
لِأَنَّ مِيرَاثَهُمْ مُعْتَبَرٌ بِغَيْرِهِمْ ، فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُمْ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْمَالَ كُلَّهُ ، وَلَا عَلَى الْعَصَبَةِ الْبَعِيدِ ؛ لِأَنَّ ذَكَرَهُمْ يَنْفَرِدُ بِالْمِيرَاثِ دُونَ الْإِنَاثِ ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ الْعَصَبَاتِ ، وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ .
وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُمْ مُعْتَبَرُونَ بِوَلَدِ الْأُمِّ ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُونَ كُلَّ الْمَالِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ، وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ وَلَدِ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّ آبَاءَهُمْ يَسْتَوِي ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ ، إلَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ أَمَاتَ السَّبَبَ ، فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .
وَاَلَّذِي نَقَلَ الْخِرَقِيِّ ؛ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْجَمِيعِ ، إلَّا فِي الْخَالِ

وَالْخَالَةِ وَلَمْ أَعْلَمْ لَهُ مُوَافِقًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، وَلَا عَلِمْت وَجْهَهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " إذَا كَانَ أَبُوهُمْ وَاحِدًا ، وَأُمُّهُمْ وَاحِدَةً " .
فَلِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي ذَكَرٍ وَأُنْثَى ، أَبُوهُمَا وَأُمُّهُمَا وَاحِدٌ ، فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ آبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ ، كَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ الْمُفْتَرِقِينَ ، وَالْعَمَّاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ ، أَوْ إذَا أَدْلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ مَنْ أَدْلَى بِهِ الْآخَرُ ، كَابْنِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى ، فَلِذَلِكَ مَوْضِعٌ آخَرُ يُذْكَرُ فِيهِ غَيْرُ هَذَا ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ مَسَائِلِ ذَلِكَ ؛ ابْنُ أُخْتٍ مَعَهُ أُخْتُهُ ، أَوْ ابْنُ بِنْتٍ مَعَهُ أُخْتُهُ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ مَنْ سَوَّى ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ ، وَسَائِرِ الْمُنَزِّلِينَ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ .
ابْنَا وَابْنَتَا أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتِ أُخْتٍ لِأَبٍ وَأَرْبَعَةُ بَنِي وَلَدٍ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ أُخْتٍ لِأُمٍّ ، أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ خَمْسَةٍ ؛ لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثَةٌ بَيْنَ وَلَدِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ سَهْمٌ بَيْنَ وَلَدِهَا عَلَى سِتَّةٍ ، وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ سَهْمٌ بَيْنَ وَلَدِهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ .
وَالْأَرْبَعَةُ دَاخِلَةٌ فِيهَا ، وَالسِّتَّةُ تُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ ، فَتَضْرِبُ نِصْفَهَا فِي ثَمَانِيَةٍ ، تَكُنْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ فِي خَمْسَةٍ تَكُنْ مِائَةً وَعِشْرِينَ ، وَمَنْ فَضَّلَ أَبْقَى وَلَدَ الْأُمِّ بِحَالِهِمْ ، وَجَعَلَ وَلَدَ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ سِتَّةً ، تُوَافِقُهُمْ سِهَامُهُمْ بِالثُّلُثِ ، فَيَرْجِعُونَ إلَى اثْنَيْنِ ، فَيَدْخُلَانِ فِي الثَّمَانِيَةِ ، وَوَلَدُ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ تِسْعَةٌ ، تَضْرِبُهَا فِي ثَمَانِيَةٍ ، تَكُنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، ثُمَّ فِي خَمْسَةٍ ، تَكُنْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ .
وَإِنْ كَانُوا أَوْلَادَ عَمَّاتٍ أَوْ خَالَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ فَكَذَلِكَ .
وَإِنْ كَانُوا أَوْلَادَ بَنَاتٍ ، أَوْ أَوْلَادَ أَخَوَاتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، أَوْ مِنْ أَبٍ ، فَهِيَ مِنْ

اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، عِنْدَ مَنْ سَوَّى وَمِنْ مِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ عِنْدَ مَنْ فَضَّلَ .
وَقَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ : هِيَ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ كَأَوْلَادِ الْبَنِينَ .

( 4896 ) فَصْلٌ : وَإِذَا كَانَ مَعَك أَوْلَادُ بَنَاتٍ أَوْ أَخَوَاتٌ ، قَسَّمْت الْمَالَ بَيْنَ أُمَّهَاتِهِمْ عَلَى عَدَدِهِنَّ فَمَا أَصَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَهُوَ لِوَلَدِهَا بِالسَّوِيَّةِ عِنْدَ مَنْ سَوَّى ، وَعِنْدَ مَنْ فَضَّلَ جَعْلَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِمْ .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ ، فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إلَى قَسْمِ الْمَالِ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ دُونَ مُرَاعَاةِ أُمَّهَاتِهِمْ إذَا اسْتَوَوْا ، أَوْ مِمَّنْ يُدْلُونَ بِهِ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ إلَى بَنَاتِ الْمَيِّتِ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ؛ كَأَوْلَادِ الْبَنِينَ وَجَعَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مَنْ أَدْلَى بِابْنٍ ابْنًا ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى ، وَمِنْ أَدْلَى بِالْأُنْثَى أُنْثَى وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا ، وَجَعَلَ الْمُدْلَى بِهِمْ بِعَدَدِ الْمُدْلِينَ ، ثُمَّ قَسَّمَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ ، فَمَا أَصَابَ وَلَدَ الِابْنِ قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَمَا أَصَابَ وَلَدَ الْأُنْثَى قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ .

مَسَائِلُ : مِنْ ذَلِكَ ؛ بِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ ، وَابْنُ بِنْتِ بِنْتٍ ، قَوْلُ مَنْ سَوَّى ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَقَوْلُ مَنْ فَضَّلَ ، إنْ كَانَا مِنْ وَلَدِ بَنِينَ ، فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَا مِنْ وَلَدِ بِنْتٍ وَاحِدَةٍ ، فَالْمَالُ بَيْنَ ابْنِهَا وَبِنْتِهَا ، لِابْنِهَا ثُلُثَاهُ ، وَلِبِنْتِهَا ثُلُثُهُ ، فَمَا أَصَابَ ابْنَهَا فَهُوَ لِبِنْتِهِ ، وَمَا أَصَابَ بِنْتَهَا فَهُوَ لِابْنِهَا ، فَيَصِيرُ لِلْبِنْتِ سَهْمَانِ ، وَلِلِابْنِ سَهْمٌ ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ كَذَلِكَ ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لِلِابْنِ سَهْمَانِ ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ ، كَابْنِ الْمَيِّتِ وَبِنْتِهِ ابْنَا بِنْتِ بِنْتٍ ، وَابْنُ ابْنِ بِنْتٍ ، قَوْلُ مَنْ سَوَّى لِابْنِ ابْنِ الْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْبَاقِينَ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ وَلَدِ بِنْتٍ ، أَوْ مِنْ وَلَدِ بَنِينَ ، وَقَوْلُ الْمُفَضِّلِينَ إنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ بَنِينَ فَلِابْنِ ابْنِ الْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ الْبَاقِينَ عَلَى خَمْسَةٍ .
وَإِنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ بِنْتٍ ، فَلِابْنِ ابْنِ الْبِنْتِ الثُّلُثَانِ ، وَالثُّلُثُ الْبَاقِي لِلْبَاقِينَ ، عَلَى خَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كَانَ لِلْبِنْتِ الْأُولَى ، فَقُسِّمَ بَيْنَ ابْنِهَا وَبِنْتِهَا أَثْلَاثًا ، لِلِابْنِ سَهْمَانِ ، فَهُمَا لِابْنِهِ ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمَانِ ، فَهُوَ لِوَلَدِهَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ، لِابْنِ الِابْنِ سَهْمَانِ ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِابْنٍ ، وَلِلْبَاقِينَ ثَلَاثَةٌ ؛ لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِأُنْثَى .
قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ ، لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ .
ابْنَا بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتَا ابْنِ بِنْتٍ ، قَوْلُ مَنْ سَوَّى ، الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ بِكُلِّ حَالٍ .
قَوْلُ الْمُفَضِّلِينَ إنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ بِنْتَيْنِ ، فَكَذَلِكَ ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ وَاحِدَةٍ فَلِابْنِهَا الثُّلُثَانِ بَيْنَ ابْنَتَيْهِ ، وَلِابْنَتِهَا الثُّلُثُ بَيْنَ ابْنَيْهَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ، الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ ، لِكُلِّ ذَكَرٍ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ أُنْثَى سَهْمٌ .
قَوْلُ

مُحَمَّدٍ ، لِكُلِّ ذَكَرٍ سَهْمٌ وَلِكُلِّ أُنْثَى سَهْمَانِ .
ابْنٌ وَابْنَتَا ابْنِ أُخْتٍ ، وَثَلَاثَةُ بَنِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتِ بِنْتِ أُخْتٍ .
قَوْلُ مَنْ سَوَّى النِّصْفُ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَ الْآخَرَيْنِ عَلَى سِتَّةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قَوْلُ مَنْ فَضَّلَ ، إنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ وَاحِدَةٍ ، فَلِلْأَوَّلَيْنِ الثُّلُثَانِ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ ، وَلِلْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ وَلَدِ اثْنَتَيْنِ صَحَّتْ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ .
قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ .
وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ ، وَلَدُ ابْنِ الْأُخْتِ بِمَنْزِلَةِ أَرْبَعَةِ ذُكُورٍ ، وَوَلَدُ بِنْتِ الْأُخْتِ كَسِتِّ إنَاثٍ ، فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، فَلِوَلَدِ ابْنِ الْأُخْتِ مِنْهَا ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ ، بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ ، وَلِلْآخَرَيْنِ سِتَّةٌ ، بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ .
ابْنَتَا أَخٍ وَابْنٌ وَابْنَةُ أُخْتٍ .
لِابْنَتَيْ الْأَخِ الثُّلُثَانِ ، فِي قَوْلِ الْمُنَزِّلِينَ جَمِيعِهِمْ .
وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ الثُّلُثُ لِوَلَدَيْ الْأُخْتِ ، بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ، عِنْدَ مَنْ سَوَّى .
وَمَنْ فَضَّلَ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا .
وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لِابْنِ الْأُخْتِ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ سَهْمٌ ، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةٍ .

( 4897 ) فَصْلٌ : بِنْتُ بِنْتٍ ، وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ ، هِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ عِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ جَمِيعِهِمْ ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ هُوَ لِبِنْتِ الْبِنْتِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتَا بِنْتِ ابْنٍ أُخْرَى ، فَكَأَنَّهُمْ بِنْتٌ .
وَابْنَتَا ابْنٍ ، فَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ .
ابْنُ بِنْتِ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ ، الْمَالُ لِلِابْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْوَارِثِ .
وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ مَنْ وَرَّثَهُمْ ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ سَالِمٍ فِي أَنَّهُ يَنْزِلُ الْبَعِيدُ حَتَّى يُلْحَقَ بِوَارِثِهِ ، فَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ ؛ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنِ سَهْمٌ ، كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنِ بِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنِ ابْنٍ ، وَابْنَتَا بِنْتِ ابْنٍ آخَرَ ، لِلْأُولَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَالرُّبُعُ الْبَاقِي بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، فَتَضْرِبُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ، تَكُنْ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ .
ابْنٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ ، وَثَلَاثُ بَنَاتٍ .
بِنْتٌ وَابْنَا بِنْتِ ابْنٍ ، لَا شَيْءَ لِهَذَيْنِ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ أُمَّهُمَا تَسْقُطُ بِاسْتِكْمَالِ الْبَنَاتِ الثُّلُثَيْنِ ، وَيَكُونُ النِّصْفُ بَيْنَ الِابْنِ وَأُخْتِهِ عَلَى اثْنَيْنِ ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى ثَلَاثٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ مَنْ سَوَّى ، وَمَنْ فَضَّلَ جَعَلَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ أَيْضًا .
بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتُ ابْنِ بِنْتٍ أُخْرَى وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنِ ابْنٍ .
الْمَالُ لِهَذِهِ ، إلَّا فِي قَوْلِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ ، فَإِنَّهُ لِلْأُولَيَيْنِ .
وَقَوْلُ مَنْ أَمَاتَ السَّبَبَ ، وَوَرَّثَ الْبَعِيدَ مَعَ الْقَرِيبِ ، الْمَالُ بَيْنَ بِنْتِ ابْنِ بِنْتٍ ، وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنِ ابْنٍ ، عَلَى أَرْبَعَةٍ ، وَتَسْقُطُ الْأُخْرَى ؛ لِأَنَّ هَذِهِ وَارِثَةُ الْبِنْتِ فِي أَوَّلِ دَرَجَةٍ .
بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ ، الْمَالُ بَيْنَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ ، عَلَى الْمُنَزِّلِينَ وَقَالَ أَهْلُ الْقَرَابَةِ : هُوَ

لِلْأُولَى .
قَوْلُ ابْنِ سَالِمٍ : هُوَ لِلْأُولَيَيْنِ ، وَتَسْقُطُ الثَّالِثَةُ .

( 4898 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَ ابْنُ أُخْتٍ ، وَبِنْتُ أُخْتٍ أُخْرَى ، أُعْطِيَ ابْنُ الْأُخْتِ حَقَّ أُمِّهِ النِّصْفَ ، وَبِنْتُ الْأُخْتِ الْأُخْرَى حَقَّ أُمِّهَا النِّصْفَ .
وَإِنْ كَانَ ابْنٌ ، وَبِنْتُ أُخْتٍ ، وَبِنْتُ أُخْتٍ أُخْرَى ؛ فَلِلِابْنِ ، وَبِنْتِ الْأُخْتِ ، النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ الْأُخْرَى النِّصْفُ ) أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ، فَلَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ الْمُنَزِّلِينَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ مِيرَاثُ مَنْ أَدْلَى بِهِ .
وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَيْضًا .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يُعْتَبَرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ ، فَيَكُونُ لِابْنِ الْأُخْتِ الثُّلُثَانِ ، وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ الثُّلُثُ .
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُنَزِّلِينَ فِي أَنَّ لِوَلَدِ كُلِّ أُخْتٍ مِيرَاثَهَا ، وَهُوَ النِّصْفُ .
وَمَنْ سَوَّى جَعَلَ النِّصْفَ بَيْنَ ابْنِ الْأُخْتِ وَأُخْتِهِ نِصْفَيْنِ ، وَالنِّصْفَ الْآخِرَ لِبِنْتِ الْأُخْتِ الْأُخْرَى ، فَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ .
وَمَنْ فَضَّلَ جَعَلَ النِّصْفَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لِلِابْنِ النِّصْفُ ، وَلِكُلِّ بِنْتٍ الرُّبُعُ ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لِوَلَدِ الْأُخْتِ الْأُولَى الثُّلُثَانِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَلِلْأُخْرَى الثُّلُثُ ، وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ .
وَإِذَا انْفَرَدَ وَلَدُ كُلِّ أَخٍ ، أَوْ أُخْتٍ ، فَالْعَمَلُ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي أَوْلَادِ الْبَنَاتِ .
وَمَتَى كَانَ الْأَخَوَاتُ ، أَوْ الْإِخْوَةُ ، مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ ، فَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ ، إلَّا الثَّوْرِيَّ ، وَمَنْ أَمَاتَ السَّبَبَ .
ثَلَاثُ بَنَاتِ أَخٍ وَثَلَاثُ بَنِي أُخْتٍ .
إنْ كَانَا مِنْ أُمٍّ ، فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ ، وَإِنْ كَانَا مِنْ أَبٍ ، أَوْ مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَلِبَنَاتِ الْأَخِ الثُّلُثَانِ ، وَلِبَنِي الْأُخْتِ الثُّلُثُ ، وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ عِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُ .
وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُجْعَلُ لِبَنِي

الْأُخْتِ الثُّلُثَيْنِ ، وَلِبَنَاتِ الْأَخِ الثُّلُثَ .
ابْنٌ وَبِنْتُ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ أُخْتٍ لِأُمٍّ ، هِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ عِنْدَ مَنْ فَضَّلَ .
وَعِنْدَ مِنْ سَوَّى تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ .
قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَأَنَّهُمَا أُخْتَانِ مِنْ أَبَوَيْنِ ، وَأُخْتٌ مِنْ أُمٍّ ، فَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأُمِّ أَيْضًا ابْنًا ، وَابْنَةً ، صَحَّتْ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، إلَّا الثَّوْرِيَّ ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لِلذَّكَرِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، فَتَصِحُّ عِنْدَهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ، هِيَ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ .
ابْنَا أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ، وَابْنُ وَابْنَةُ أُخْتٍ لِأَبٍ ، وَابْنَا أُخْتٍ أُخْرَى لِأَبٍ ، فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ عِنْدَ مَنْ سَوَّى ، وَعِنْدَ مَنْ فَضَّلَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ .
وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ ، يَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبِ وَيَتَّفِقُ قَوْلُهُ مَعَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، فِي أَنَّ الْمَالَ لِوَلَدِ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ .
ابْنُ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ .
وَابْنُ وَابْنَةُ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَابْنَا وَابْنَتَا أُخْتٍ أُخْرَى لِأُمٍّ .
قَوْلُ الْمُنَزِّلِينَ مِنْ عِشْرِينَ ، الثَّوْرِيِّ مِنْ ثَلَاثِينَ ، مُحَمَّدٍ مِنْ سِتِّينَ .

( 4899 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( فَإِنْ كُنَّ ثَلَاثَ بَنَاتٍ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، فَلِبِنْتِ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْمَالِ ، وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ الْخُمُسُ ، وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ الْخُمُسُ ) جَعَلَهُنَّ مَكَانَ أُمَّهَاتِهِنَّ وَكَذَلِكَ إنْ كُنَّ ثَلَاثَ عَمَّاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ .
مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَسَائِرِ الْمُنَزِّلِينَ فِي وَلَدِ الْأَخَوَاتِ ، أَنَّ الْمَالَ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْأَخَوَاتِ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِنَّ ، فَمَا أَصَابَ كُلَّ أُخْتٍ فَهُوَ لِوَلَدِهَا .
وَالْمَالُ فِي مَسْأَلَتِنَا بَيْنَ الْأَخَوَاتِ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَيَكُونُ بَيْنَ أَوْلَادِهِنَّ كَذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ إنْ كُنَّ ثَلَاثَ عَمَّاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ؛ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُ الْأَبِ ، فَمِيرَاثُهُ بَيْنَهُنَّ كَمِيرَاثِ الْأَخَوَاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ مِنْ أَخِيهِنَّ .
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي ثَلَاثِ خَالَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ؛ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُ الْأُمِّ ، فَمِيرَاثُهَا بَيْنَهُنَّ كَذَلِكَ وَقَدَّمَ أَهْلُ الْقَرَابَةِ مَنْ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ مِنْ جَمِيعِهِمْ ، ثُمَّ مَنْ كَانَ لِأَبٍ ، ثُمَّ مَنْ كَانَ لِأُمٍّ ، إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ، فَإِنَّهُ قَسَّمَ مِيرَاثَ أَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ عَلَى أَعْدَادِهِمْ ، وَأَقَامَهُمْ مُقَامَ أُمَّهَاتِهِنَّ ، كَأَنَّهُمْ أَخَوَاتٌ .
وَمِنْ مَسَائِلِ ذَلِكَ ؛ سِتُّ بَنَاتٍ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، الْمَالُ بَيْنَ الْأَخَوَاتِ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَمَا أَصَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ فَهُوَ لِبِنْتَيْهَا ، وَتَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ، الْمَالُ كُلُّهُ لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ .
قَوْلُ مُحَمَّدٍ ، لَهُمَا الثُّلُثَانِ ، وَلِوَلَدِ الْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ .
سِتُّ بَنَاتٍ سِتُّ أَخَوَاتٍ مُقْتَرِفَاتٍ ، لِبِنْتَيْ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ ، وَلِوَلَدِ الْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ .
وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ .
ابْنُ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ وَابْنَةُ أُخْتٍ لِأَبٍ ، وَابْنَا وَابْنَتَا أُخْتٍ أُخْرَى لِأَبٍ ، وَثَلَاثَةُ بَنِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتٍ أُخْتٍ لِأُمٍّ ، هِيَ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ عِنْدَ مَنْ

سَوَّى ، وَمِنْ سِتِّينَ عِنْدَ مَنْ فَضَّلَ ، وَمِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَرْبَعَةُ بَنِينَ ، وَأَرْبَعُ بَنَاتٍ أُخْرَى لِأُمٍّ ، صَحَّتْ مِنْ مِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ عِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ كُلِّهِمْ .
قَوْلُ مُحَمَّدٍ ، كَأَنَّهُمْ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ ، وَسِتُّ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ ، وَأَرْبَعَ عَشَرَةَ أُخْتًا لِأُمٍّ ، وَسَهْمُ وَلَدِ الْأَبِ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ ، فَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ .
فَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ ابْنًا وَبِنْتًا ، صَحَّتْ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ، كَأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ ، فَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبِ ، وَتَصِحُّ مِنْ مِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَالْقَوْلُ فِي الْعَمَّاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ ، وَالْخَالَاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ ، وَأَوْلَادِهِنَّ ، كَالْقَوْلِ فِي وَلَدِ الْأَخَوَاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ .

( 4900 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( إذَا كُنَّ ثَلَاثَ بَنَاتِ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ ، فَلِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ ) هَذَا قَوْلُ جَمِيعِ الْمُنَزِّلِينَ ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ الْمُفْتَرِقِينَ يَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبِ مِنْهُمْ بِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ ، وَلِلْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي كُلُّهُ لِلْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ ، ثُمَّ مَا صَارَ لِكُلِّ أَخٍ فَهُوَ لِوَلَدِهِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْأَخْوَالِ الْمُفْتَرِقِينَ وَأَوْلَادِهِمْ ؛ لِأَنَّ الْأَخْوَالَ إخْوَةُ الْأُمِّ .
مَسَائِلُ مِنْ ذَلِكَ ؛ سِتُّ بَنَاتِ سِتَّةِ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ ، لِوَلَدِ الْأَمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ ، سِتُّ بَنَاتٍ مُفْتَرِقِينَ لِوَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ .
قَوْلُ مُحَمَّدٍ ، لِوَلَدِ الْأُمِّ الثُّلُثُ .
بِنْتُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ أَخٍ لِأُمٍّ ، وَبِنْتُ أَخٍ آخَرَ لِأُمٍّ .
ابْنُ بِنْتِ بِنْتِ أَخٍ لِأَبٍ وَابْنَا وَابْنَتَا ابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ ، وَثَلَاثَةُ بَنِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتِ بِنْتِ أُخْتٍ لِأُمٍّ ، تَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ عِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ .
فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ أُخْتٌ ، كَانَتْ مِنْ سِتِّينَ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ابْنُ بِنْتِ أُخْتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، عَادَتْ إلَى اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ .

( 4901 ) فَصْلٌ : بِنْتُ أَخٍ لِأُمٍّ وَبِنْتُ ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ ، لِلْأُولَى السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلثَّانِيَةِ عِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ .
وَفِي الْقَرَابَةِ هُوَ لِلْأُولَى ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْمَيِّتِ .
بِنْتُ بِنْتِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَبِنْتُ ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ ، الْمَالُ لِهَذِهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا .
بِنْتُ ابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ وَبِنْتُ بِنْتِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ بِنْتِ أَخٍ لِأَبٍ ، لِلْأُولَى السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلثَّانِيَةِ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : الْكُلُّ لِلثَّانِيَةِ بِنْتُ أَخٍ لِأُمٍّ وَبِنْتُ بِنْتِ أَخٍ لِأَبٍ ، الْمَالُ لِلْأُولَى ، إلَّا فِي قَوْلِ الثَّوْرِيِّ ، وَابْنِ سَالِمٍ ، وَضِرَارٍ : لِلْأُولَى السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ يُوَرِّثُونَ الْبَعِيدَ مَعَ الْقَرِيبِ ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ .

فَصْلٌ : ابْنُ وَبِنْتُ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَبِنْتَا أَخٍ لِأَبٍ وَثَلَاثَةُ بَنِي أُخْتٍ لِأَبٍ وَخَمْسَةُ بَنِي أُخْتٍ لِأُمٍّ وَعَشْرُ بَنَاتِ أَخٍ لِأُمٍّ ، أَصِلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ ؛ فِي قَوْلِ الْمُنَزِّلِينَ ، النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَ وَلَدَيْ الْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ ، عِنْدَ مَنْ سَوَّى ، وَأَثْلَاثًا عِنْدَ مَنْ فَضَّلَ ، وَلِوَلَدِ الْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَهُوَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ، وَلِوَلَدِ الْأَخِ تِسْعُونَ ، وَلِوَلَدِ الْأُخْتِ تِسْعُونَ ، وَلِوَلَدِ الْأَبِ تِسْعُونَ ، وَلِوَلَدِ الْأَخِ سِتُّونَ ، وَلِوَلَدِ الْأُخْتِ ثَلَاثُونَ .
ثَلَاثُ بَنَاتِ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، لِوَلَدَيْ الْأُمِّ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ، وَالْبَاقِي لِوَلَدَيْ الْأَبَوَيْنِ ، لِبِنْتِ الْأَخِ ثُلُثَاهُ ، وَلِبِنْتِ أُخْتٍ ثُلُثُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ثَلَاثَةُ بَنِي أَخْوَالٍ مُفْتَرِقِينَ ، فَلَهُمْ السُّدُسُ ، لِابْنِ الْخَالِ مِنْ الْأُمِّ سُدُسُهُ ، وَبَاقِيهِ لِابْنِ الْخَالِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، وَيَبْقَى النِّصْفُ ، لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثُلُثَاهُ ، وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ ثُلُثُهُ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ .
وَالْحُكْمُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْوَالٍ مُفْتَرِقِينَ فِي قِسْمَةِ مِيرَاثِ الْأُمِّ بَيْنَهُمْ ، كَالْحُكْمِ فِي ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ فِي قَسْمِ مِيرَاثِهِمْ بَيْنَهُمْ .
وَكَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْوَالٍ مُفْتَرِقِينَ ، مَعَ ثَلَاثَةِ خَالَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، كَثَلَاثِ بَنَاتِ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ مَعَ ثَلَاثِ بَنَاتِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا .

( 4903 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَإِذَا كَانَ ثَلَاثُ بَنَاتِ عُمُومَةٍ مُفْتَرِقِينَ ، فَالْمَالُ لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ ، لِأَنَّهُنَّ أُقِمْنَ مَقَامَ آبَائِهِنَّ ) أَكْثَرُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ عَلَى هَذَا ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ .
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : الْمَالُ بَيْنَ بِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ عَلَى أَرْبَعَةٍ .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ .
وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا ؛ لِأَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَةِ آبَائِهِنَّ ، وَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُنَّ أَحْيَاءً لَكَانَ الْمَالُ لِلْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَفَارَقَ بَنَاتِ الْإِخْوَةِ ؛ لِأَنَّ آبَاءَهُنَّ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ ، وَيَرِثُ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ مَعَ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، بِخِلَافِ الْعُمُومَةِ .
وَقِيلَ ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ : الْمَالُ لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ دَرَجَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ ، فَيَسْقُطُ بِهِ الْعَمُّ .
قَالَ الْخَبْرِيُّ : وَلَيْسَ بِشَيْءٍ .
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي كِتَابِ " الْهِدَايَةِ " قَوْلًا مِنْ رَأْيِهِ يُفْضِي إلَى هَذَا ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْأُبُوَّةَ جِهَةٌ ، وَالْعُمُومَةَ جِهَةٌ أُخْرَى .
وَأَنَّ الْبَعِيدَ وَالْقَرِيبَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ إذَا كَانَا مِنْ جِهَتَيْنِ ، نُزِّلَ الْبَعِيدُ حَتَّى يَلْحَقَ بِوَارِثِهِ ، سَوَاءٌ سَقَطَ بِهِ الْقَرِيبُ ، أَوْ لَمْ يَسْقُطْ ، فَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ تَنْزِلَ بِنْتُ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ حَتَّى تَلْحَقَ بِالْأَبِ ، فَيَسْقُطَ بِهَا ابْنَتَا الْعَمَّيْنِ الْآخَرَيْنِ .
وَأَظُنُّ أَبَا الْخَطَّابِ لَوْ عَلِمَ إفْضَاءَ هَذَا الْقَوْلِ إلَى هَذَا لَمْ يَقُلْهُ ، وَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ ، وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ ، وَاسِقَاطِ الْقَوِيِّ بِالضَّعِيفِ ، وَالْقَرِيبِ بِالْبَعِيدِ .
وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ الْخِرَقِيِّ وَمِنْ مَسَائِلِ ذَلِكَ ؛

بِنْتُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ وَبِنْتُ عَمٍّ لِأَبٍ ، الْمَالُ لِلْأُولَى .
بِنْتُ عَمٍّ لِأَبٍ وَبِنْتُ عَمٍّ لِأُمٍّ ، كَذَلِكَ .
بِنْتُ عَمٍّ لِأَبٍ وَبِنْتُ ابْنِ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ ، كَذَلِكَ .
بِنْتُ ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ وَبِنْتُ عَمٍّ لِأُمٍّ ، الْمَالُ لِلْأُولَى عِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ ، وَهُوَ لِلثَّانِيَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ .
بِنْتُ عَمٍّ لِأُمٍّ ، وَبِنْتُ بِنْتِ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ ، الْمَالُ لِلْأُولَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا .
بِنْتُ عَمٍّ وَابْنُ عَمَّةٍ .
الْمَالُ لِبِنْتِ الْعَمِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ .
وَحُكِيَ عَنْ الثَّوْرِيِّ أَنَّ لِبِنْتِ الْعَمِّ سَهْمَيْنِ ، وَلِابْنِ الْعَمَّةِ سَهْمٌ .
بِنْتُ بِنْتِ عَمٍّ وَبِنْتُ ابْنِ عَمٍّ ، الْمَالُ لِهَذِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ .
وَقَوْلُ ابْنِ سَالِمٍ : هُوَ لِلْأُولَى .
بِنْتُ عَمَّةٍ مِنْ أَبَوَيْنِ وَبِنْتُ عَمٍّ مِنْ أُمٍّ ، لِبِنْتِ الْعَمِّ السُّدُسُ ، وَلِبِنْتِ الْعَمَّةِ النِّصْفُ ، ثُمَّ يُرَدُّ عَلَيْهِمَا الْبَاقِي ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ عَمَّاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ وَبِنْتُ عَمٍّ مِنْ أُمٍّ ، الْمَالُ بَيْنَهُنَّ عَلَى سِتَّةٍ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ بِنْتُ عَمٍّ مِنْ أَبَوَيْنِ ، أَوْ أَبٌ ، وَرِثَتْ الْمَالَ دُونَهُنَّ .

( 4904 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( فَإِنْ كُنَّ ثَلَاثَ خَالَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، وَثَلَاثَ عَمَّاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، فَالثُّلُثُ بَيْنَ الثَّلَاثِ خَالَاتٍ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ، وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الثَّلَاثِ عَمَّاتٍ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ) فَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِلْخَالَةِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ، وَلِلْخَالَةِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ سَهْمٌ ، وَلِلْخَالَةِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ سَهْمٌ ، وَلِلْعَمَّةِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ سِتَّةُ أَسْهُمٍ ، وَلِلْعَمَّةِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ سَهْمَانِ ، وَلِلْعَمَّةِ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ سَهْمَانِ إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْخَالَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ، وَالْعَمَّاتِ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ ، فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ أَبَاهُ ، وَأُمَّهُ ، فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِأَبِيهِ ، ثُمَّ مَا صَارَ لِلْأُمِّ بَيْنَ أَخَوَاتِهَا عَلَى خَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ لَهَا مُفْتَرِقَاتٌ ، فَيُقَسَّمُ نَصِيبُهَا بَيْنَهُنَّ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ، عَلَى خَمْسَةٍ ، كَمَا يُقَسَّمُ مَالُ الْمَيِّتِ بَيْنَ أَخَوَاتِهِ الْمُفْتَرِقَاتِ .
وَمَا صَارَ لِلْأَبِ قُسِّمَ بَيْنَ أَخَوَاتِهِ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَصَارَ الْكَسْرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَإِحْدَاهُمَا تُجْزِئُ عَنْ الْأُخْرَى ؛ لِأَنَّهُمَا عَدَدَانِ مُتَمَاثِلَانِ ، فَنَضْرِبُ خَمْسَةً فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ، فَصَارَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ .
كَمَا ذُكِرَ ، لِلْخَالَاتِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ ، مَقْسُومَةٍ بَيْنَهُنَّ ، كَمَا ذُكِرَ ، وَلِلْعَمَّاتِ سَهْمَانِ فِي خَمْسَةٍ ، تَكُنْ عَشْرَةً بَيْنَهُنَّ ، عَلَى خَمْسَةٍ ، كَمَا ذُكِرَ أَيْضًا .
وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمُنَزِّلِينَ .
وَعِنْدَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ ؛ لِلْعَمَّةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ ، وَلِلْخَالَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الثُّلُثُ ، وَسَقَطَ سَائِرُهُنَّ .
وَقَالَ نُعَيْمٌ ، وَإِسْحَاقُ : الْخَالَاتُ كُلُّهُنَّ سَوَاءٌ ، فَيَكُونُ نَصِيبُهُنَّ بَيْنَهُنَّ عَلَى ثَلَاثَةٍ .
وَكَذَلِكَ نَصِيبُ الْعَمَّاتِ بَيْنَهُنَّ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَتَسَاوَيْنَ فِيهِ ، فَتَكُونُ

هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَهُمَا مِنْ تِسْعَةٍ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْخَالَاتِ خَالٌ مِنْ أُمٍّ ، وَمَعَ الْعَمَّاتِ عَمٌّ مِنْ أُمٍّ ، فَسَهْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا عِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ .
ثَلَاثَةُ أَخْوَالٍ مُفْتَرِقِينَ مَعَهُمْ أَخَوَاتُهُمْ ، وَعَمٌّ وَعَمَّةٌ مِنْ أُمٍّ ، الثُّلُثُ بَيْنَ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ عَلَى سِتَّةٍ ، لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ مِنْ الْأُمِّ ثَلَاثَةٌ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ، وَثُلُثَاهُ لِلْخَالِ وَالْخَالَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ عِنْدَ مَنْ فَضَّلَ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُنَزِّلِينَ ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ ، وَذَكَرَهَا الْخِرَقِيِّ فِي الْخَالِ وَالْخَالَةِ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى ، هُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ ، وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ بِالسَّوِيَّةِ .
ثَلَاثُ عَمَّاتٍ وَثَلَاثُ بَنَاتِ عَمٍّ ، وَثَلَاثُ خَالَاتٍ وَثَلَاثَةُ بَنِي خَالٍ ، الْمِيرَاثُ لِلْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ ، وَيَسْقُطُ الْبَاقُونَ ، فَيَكُونُ لِلْخَالَاتِ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمَّاتِ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ثَلَاثُ بَنَاتِ إخْوَةٍ ، فَلِلْخَالَاتِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمَّاتِ ؛ لِأَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فَيَسْقُطُ بِهِنَّ بَنَاتُ الْإِخْوَةِ ؛ لِأَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْعَلَ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ ، فَيُقَدَّمُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ ، وَوَلَدُ الْأَبِ عَلَى الْعَمَّاتِ ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ بَنِيهِ ، وَالْعَمَّاتُ أَخَوَاتُهُ .
وَوَجْهُ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّنَا إذَا جَعَلْنَا الْأُخُوَّةَ جِهَةً .
وَالْأُبُوَّةَ جِهَةً أُخْرَى ، مَعَ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْبَعِيدَ وَالْقَرِيبَ إذَا كَانَا مِنْ جِهَتَيْنِ ، نُزِّلَ الْبَعِيدُ حَتَّى يَلْحَقَ بِوَارِثِهِ ، سَوَاءٌ سَقَطَ بِهِ الْقَرِيبُ ، أَوْ لَمْ يَسْقُطْ ، لَزِمَ مِنْهُ سُقُوطُ وَلَدِ الْإِخْوَةِ بِبَنَاتِ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّهُنَّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ .
وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا

أَنْ يَسْقُطْنَ بِبَنَاتِ الْعَمَّاتِ ، وَبَنَاتِ الْأَعْمَامِ كُلِّهِمْ فَأَمَّا إنْ كَانَ مَكَانَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ بَنَاتُهُنَّ ، فَلِلْخَالَاتِ السُّدُسُ بَيْنَ بَنَاتِهِنَّ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَالْبَاقِي لِبَنَاتِ الْإِخْوَةِ ، لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثِينَ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَنَاتُ إخْوَةٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، وَلَا مِنْ أَبٍ ، فَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ .

( 4905 ) فَصْلٌ : خَالَةٌ وَابْنُ عَمَّةٍ ، لِلْخَالَةِ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِابْنِ الْعَمَّةِ ، وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ ، وَمَنْ وَرَّثَ الْبَعِيدَ مَعَ الْقَرِيبِ .
وَفِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُنَزِّلِينَ ، وَأَهْلِ الْقَرَابَةِ ، الْمَالُ لِلْخَالَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ .
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَكَانَ الْخَالَةِ خَالٌ .
عَمَّةٌ وَابْنُ خَالٍ مَعَهُ أُخْتُهُ ، الثُّلُثُ بَيْنَ ابْنِ الْخَالِ وَأُخْتِهِ بِالسَّوِيَّةِ ، إنْ كَانَ أَبُوهُمَا خَالًا مِنْ أُمٍّ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَبٍ ، أَوْ مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ؛ إحْدَاهُمَا ، هُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ أَيْضًا .
وَالثَّانِيَة ، عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمَّةِ .
وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْفَرْضِيِّينَ ، الْمَالُ لِلْعَمَّةِ .
بِنْتُ عَمٍّ وَابْنُ عَمَّةٍ وَبِنْتُ خَالٍ وَابْنُ خَالَةٍ ، الثُّلُثُ بَيْنَ بِنْتِ الْخَالِ ، وَابْنِ الْخَالَةِ بِالسَّوِيَّةِ ، إنْ كَانَا مِنْ أُمٍّ ، وَإِنْ كَانَا مِنْ أَبَوَيْنِ ، أَوْ مِنْ أَبٍ ، فَهَلْ هُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ، أَوْ عَلَى ثَلَاثَةٍ ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ .
وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْخَالَةِ مِنْ أُمٍّ ، وَالْخَالُ مِنْ أَبٍ ، فَلِابْنِ الْخَالَةِ سُدُسُ الثُّلُثِ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْخَالِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتُ الْخَالِ مِنْ أُمٍّ ، وَابْنُ الْخَالَةِ مِنْ أَبٍ ، فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ ، وَالْبَاقِي لِابْنِ الْعَمِّ وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْمُنَزِّلِينَ ، الْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْعَمِّ ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ .
خَالَةٌ وَبِنْتُ عَمٍّ ، ثُلُثٌ ، وَثُلُثَانِ ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ ، هُوَ لِلْخَالَةِ .
عَمَّةٌ وَبِنْتُ عَمٍّ ، مَنْ نَزَّلَ الْعَمَّةَ أَبًا جَعَلَ الْمَالَ لَهَا ، وَمَنْ نَزَّلَهَا عَمًّا جَعَلَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ .
وَكَذَلِكَ مَنْ أَمَاتَ السَّبَبَ .
بِنْتُ ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ وَبِنْتُ عَمَّةٍ لِأَبَوَيْنِ ، الْمَالُ لِبِنْتِ ابْنِ الْعَمِّ .
ابْنُ خَالَةٍ مِنْ أُمٍّ وَبِنْتُ خَالَةٍ مِنْ أَبٍ وَبِنْتُ عَمٍّ مِنْ أُمٍّ وَابْنُ عَمَّةٍ مِنْ أَبٍ ، الثُّلُثُ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَالثُّلُثَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَيْضًا ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَفِي

الْقَرَابَةِ ، الثُّلُثُ لِبِنْتِ الْخَالَةِ ، وَالثُّلُثَانِ لِابْنِ الْعَمَّةِ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ .

( 4906 ) فَصْلٌ : خَالٌ وَخَالَةٍ وَأَبُو أُمٍّ ، الْمَالُ لِأَبِي الْأُمِّ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ابْنَةُ عَمٍّ ، أَوْ عَمَّةٍ ، فَالثُّلُثُ لِأَبِي الْأُمِّ ، وَالْبَاقِي لِابْنَةِ الْعَمِّ ، أَوْ الْعَمَّةِ .
وَإِنْ كَانَ مَكَانَ أَبِي الْأُمِّ أُمُّهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا ؛ لِأَنَّ الْخَالَةَ أَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ ، وَالْجِهَةُ وَاحِدَةٌ .
خَالَةٌ وَأَبُو أُمِّ أُمٍّ ، الْمَالُ لِلْخَالَةِ ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ، وَهِيَ تُسْقِطُ أُمَّ الْأُمِّ .
ابْنُ خَالٍ وَابْنُ أَخٍ مِنْ أُمٍّ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ، كَأَنَّهُمَا أُمٌّ وَأَخٌ مِنْ أُمٍّ وَعِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ هُوَ لِابْنِ الْأَخِ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ أُخْتٍ مِنْ أَبٍ ، فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ؛ لِابْنِ الْأُخْتِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخُمُسُ .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ بِنْتُ أَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَلَهَا النِّصْفُ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ السُّدُسُ .
وَعِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ ، لَا شَيْءَ لِابْنِ الْخَالِ ، وَالْمَالُ بَيْنَ الْبَاقِينَ عَلَى خَمْسَةٍ خَالٌ وَابْنُ ابْنِ أُخْتٍ لِأُمٍّ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ .
وَعِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ ، هُوَ لِلْخَالِ .
بِنْتُ بِنْتِ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ ابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ ، وَبِنْتُ ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ وَبِنْتُ خَالَةٍ ، لِهَذِهِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ ابْنِ الْأَخِ .
وَعِنْدَ الْمُنَزِّلِينَ ، الْمَالُ كُلُّهُ لَهُ .

( 4907 ) فَصْلٌ : عَمَّةٌ وَابْنَةُ أَخٍ ، الْمَالُ لِلْعَمَّةِ عِنْدَ مَنْ نَزَّلَهَا أَبًا ، وَلِابْنَةِ الْأَخِ عِنْدَ مَنْ نَزَّلَهَا عَمًّا ، وَبَيْنَهُمَا عِنْدَ مَنْ نَزَّلَهَا جَدًّا .
بِنْتُ عَمٍّ وَبِنْتُ عَمَّةٍ وَبِنْتُ أَخٍ مِنْ أُمٍّ وَبِنْتُ أَخٍ مِنْ أَبٍ ، لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِنْتُ أَخٍ مِنْ أَبٍ ، فَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْعَمِّ ، وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ مَنْ نَزَّلَ الْبَعِيدَ حَتَّى يُلْحِقَهُ بِوَارِثِهِ ، وَجَعَلَ الْأُبُوَّةَ جِهَةً ، وَالْأُخُوَّةَ جِهَةً ، أَنْ يَسْقُطَ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ .
فَإِنْ جَعَلَ الْأُبُوَّةَ جِهَةً ، وَالْعُمُومَةَ جِهَةً أُخْرَى ، أَسْقُطَ بِنْتَ الْعَمِّ بِبِنْتِ الْعَمَّةِ ، وَقِيلَ : إنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سَالِمٍ ، وَهُوَ بَعِيدٌ .
بِنْتُ عَمٍّ وَبِنْتُ خَالٍ وَبِنْتُ أَخٍ مِنْ أَبٍ .
لِبِنْتِ الْخَالِ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْمُنَزِّلِينَ ، الْكُلُّ لِبِنْتِ الْأَخِ .
ثَلَاثُ بَنَاتِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ وَثَلَاثُ بَنَاتِ عَمَّاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، السُّدُسُ الْبَاقِي بَيْنَ بَنَاتِ الْعَمَّاتِ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ خَالٌ ، أَوْ خَالَةٌ أَوْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِمَا ، فَلَهُ السُّدُسُ ، وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْعَمَّاتِ ، إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ سَالِمٍ ، وَأَصْحَابِهِ ، فَإِنَّهُ يُوَرِّثُهُمْ ، وَيُسْقِطُ وَلَدَ الْأَخَوَاتِ .
وَيَقْتَضِيهِ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ .
خَالَةٌ ، وَعَمَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، لِلْخَالَةِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمَّةِ وَمَنْ نَزَّلَهَا عَمًّا فَلِبِنْتَيْ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ النِّصْفُ ، وَلِبِنْتَيْ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ السُّدُسُ ، وَلِبِنْتَيْ الْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ .
فَإِنْ كُنَّ بَنَاتِ سِتِّ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، عَالَتْ عَلَى هَذَا إلَى سَبْعَةٍ .

( 4908 ) فَصْلٌ : فِي عَمَّاتِ الْأَبَوَيْنِ وَأَخْوَالِهِمَا وَخَالَاتِهِمَا ؛ مَذْهَبُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ إلَى الْوَارِثِ إنْ كَانَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَتَنْزِيلِ الْبَعِيدِ حَتَّى يَلْحَقَ بِوَارِثِهِ إنْ كَانَا مِنْ جِهَتَيْنِ ، ثُمَّ يُجْعَلُ لِمَنْ يُدْلِي بِهِ مَا كَانَ لَهُ .
وَأَكْثَرُ الْمُنَزِّلِينَ يُعْطُونَ الْمِيرَاثَ لِلْأَسْبَقِ بِكُلِّ حَالٍ .
وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّ نَصِيبَ الْأُمِّ بَيْنَ خَالِهَا وَخَالَتِهَا ، وَعَمِّهَا وَعَمَّتِهَا ، عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَنَصِيبَ الْأَبِ بَيْنَ عَمَّاتِهِ وَخَالَاتِهِ كَذَلِكَ وَمِنْ مَسَائِلِ ذَلِكَ ؛ ثَلَاثُ خَالَاتِ أُمٍّ مُفْتَرِقَاتٍ وَثَلَاثَةُ أَعْمَامِ أُمٍّ مُفْتَرِقِينَ وَثَلَاثُ خَالَاتِ أَب مُفْتَرِقَاتٍ ، فَخَالَاتُ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْأُمِّ ، وَخَالَاتُ الْأَبِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْأَبِ ، فَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجَدَّتَيْنِ نِصْفَيْنِ ، وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَيْنَ أَخَوَاتِهَا عَلَى خَمْسَةٍ ، وَتَسْقُطُ عَمَّاتُ الْأُمِّ ؛ لِأَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَةِ أَبِي الْأُمِّ ، وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ عَمَّاتُ أَبٍ ، فَلِخَالَاتِ الْأَبِ وَالْأُمِّ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا ، وَالْبَاقِي لِعَمَّاتِ الْأَبِ ؛ لِأَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَةِ الْجَدِّ .
عَمَّةُ أَبٍ وَعَمَّةُ أُمٍّ ، لِعَمَّةِ الْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِعَمَّةِ الْأَبِ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ .
وَقَالَ الْقَاضِي : الْمَالُ لِعَمَّةِ الْأَبِ ؛ لِأَنَّهَا أَسْبِقُ ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ الْجَدِّ ، وَهُوَ وَارِثٌ .
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُنَزِّلِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ يُوَرِّثُونَ الْأَسْبَقَ بِكُلِّ حَالٍ .
خَالَةُ أُمٍّ وَعَمَّةُ أَبٍ ، لِلْخَالَةِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمَّةِ ؛ لِأَنَّهُمَا كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ .
وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي خَالَةِ أَبٍ وَعَمَّتِهِ خَالَةِ أُمٍّ وَخَالَةِ أَبٍ ، الْمَالُ لِلْخَالَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ أُمِّ أُمٍّ ، وَأُمِّ أُمِّ أَبٍ .
خَالِ أَبٍ وَعَمُّ أُمٍّ ، الْمَالُ لِلْخَالِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ جَدَّةٍ ، وَالْجَدَّاتُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمَّهَاتِ .

بِنْتُ خَالِ أُمٍّ ، وَبِنْتُ عَمِّ أَبٍ ، لِبِنْتِ الْخَالِ السُّدُسُ ، وَلِبِنْتِ الْعَمِّ مَا بَقِيَ .
وَمَنْ وَرَّثَ الْأَسْبَقَ جَعَلَ الْكُلَّ لِبِنْتِ الْعَمِّ .
أَبُو أَبِي أُمٍّ وَأَبُو أُمِّ أَبٍ ، الْمَالُ لِأَبِي أُمِّ الْأَبِ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَبُو أُمِّ أُمٍّ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ جَدَّتَيْنِ مُتَحَاذِيَتَيْنِ أَبُو أُمِّ أَبِي أُمٍّ ، وَأَبُو أَبِي أُمِّ أُمٍّ ، الْمَالُ لِهَذَا ؛ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَبُو أُمِّ أَبِي أَبٍ ، فَالْمَالُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ بِأَوَّلِ دَرَجَةٍ يَلْقَى الْوَارِثَ .
أَبٌ وَأُمُّ أَبِي أُمٍّ ، لِأُمِّ أَبِي الْأُمِّ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِلْأَبِ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَبُو أُمِّ أُمٍّ ، فَالْمَالُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِوَارِثٍ .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَبُو أُمِّ أَبٍ ، فَالْمَالُ بَيْنَ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ نِصْفَيْنِ .

( 4909 ) فَصْلٌ : وَإِذَا كَانَ لِذِي الرَّحِمِ قَرَابَتَانِ ، وَرِثَ بِهِمَا ، بِإِجْمَاعٍ مِنْ الْمُوَرِّثِينَ لَهُمْ ، إلَّا شَيْئًا يُحْكَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ إلَّا بِقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ .
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عَنْهُ ، وَلَا صَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ شَخْصٌ لَهُ جِهَتَانِ لَا يُرَجَّحُ بِهِمَا ، فَوَرِثَ بِهِمَا ، كَالزَّوْجِ إذَا كَانَ ابْنَ عَمٍّ ، وَابْنِ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَخًا مِنْ أُمٍّ ، وَحِسَابُ ذَلِكَ أَنْ تَجْعَلَ ذَا الْقَرَابَتَيْنِ كَشَخْصٍ ، فَتَقُولَ فِي ابْنِ بِنْتِ بِنْتٍ ، هُوَ ابْنُ ابْنِ بِنْتٍ أُخْرَى ، وَبِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى ، لِلِابْنِ الثُّلُثَانِ ، وَلِلْبِنْتِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمَا وَاحِدَةً ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ عِنْدَ مَنْ سَوَّى ، وَلِأُخْتِهِ الرُّبُعُ .
وَمَنْ فَضَّلَ جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ ، وَالثُّلُثَ ، وَلِأُخْتِهِ السُّدُسَ .
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُنَزِّلِينَ ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمُحَمَّدٍ .
وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْمَالِ ، وَلِأُخْتِهِ الْخُمُسُ بِنْتَا أُخْتٍ مِنْ أُمٍّ ، إحْدَاهُمَا بِنْتُ أَخٍ مِنْ أَبٍ ، وَبِنْتُ أُخْتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، هِيَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، سِتَّةٌ لِبِنْتِ الْأُخْتِ مِنْ أَبَوَيْنِ ، وَأَرْبَعَةٌ لِذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ ابْنِهَا ، وَلَهَا سَهْمٌ مِنْ جِهَةِ أُمِّهَا ، وَلِلْأُخْرَى سَهْمٌ .
عَمَّتَانِ مِنْ أَبٍ ، إحْدَاهُمَا خَالَةٌ مِنْ أُمٍّ ، وَخَالَةٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، هِيَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ أَيْضًا ، لِذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ خَمْسَةٌ ، وَلِلْعَمَّةِ الْأُخْرَى أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْخَالَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثَةٌ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا عَمٌّ مِنْ أُمٍّ هُوَ خَالٌ مِنْ أَبٍ ، صَحَّتْ مِنْ تِسْعِينَ ابْنٌ وَبِنْتُ ابْنِ عَمَّةٍ مِنْ أُمٍّ ، الْبِنْتُ هِيَ بِنْتُ عَمٍّ مِنْ أُمٍّ وَالْعَمُّ هُوَ خَالٌ مِنْ أَبٍ .
ابْنٌ وَبِنْتُ ابْنِ خَالٍ مِنْ أَبٍ ، الِابْنُ هُوَ ابْنُ بِنْتِ خَالٍ أُخَرَ مِنْ أَبٍ ، وَالْخَالَانِ عَمَّانِ مِنْ أُمٍّ ، هِيَ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ .

مَسَائِلُ شَتَّى ؛ يَعْنِي مُتَفَرِّقَةً ، فَإِنَّهَا مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، يُقَالُ : شَتَّى ، وَشَتَّانَ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } .
وَقَالَ تَعَالَى : { إنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى } .
وَقَالَ الشَّاعِرُ : قَدْ عِشْت فِي النَّاسِ أَطْوَارًا عَلَى طُرُقٍ شَتَّى وَقَاسَيْت فِيهَا اللِّينَ وَالْفَظَعَا ( 4910 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يَرِثُ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ ، وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى .
فَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ فَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ ، وَحُكْمُهُ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ حُكْمُ رَجُلٍ .
وَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَلَهُ حُكْمُ امْرَأَةٍ ) الْخُنْثَى هُوَ الَّذِي لَهُ ذَكَرٌ وَفَرْجُ امْرَأَةٍ ، أَوْ ثُقْبٌ فِي مَكَانِ الْفَرْجِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ .
وَيَنْقَسِمُ إلَى مُشْكِلٍ وَغَيْرِ مُشْكِلٍ ، فَاَلَّذِي يَتَبَيَّنُ فِيهِ عَلَامَاتُ الذُّكُورِيَّةِ ، أَوْ الْأُنُوثِيَّةِ ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ ، أَوْ امْرَأَةٌ ، فَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ فِيهِ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ ، أَوْ امْرَأَةٌ فِيهَا خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ ، وَحُكْمُهُ فِي إرْثِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ حُكْمُ مَا ظَهَرَتْ عَلَامَاتُهُ فِيهِ ، وَيُعْتَبَرُ بِمَبَالِهِ فِي قَوْلِ مَنْ بَلَغَنَا قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْخُنْثَى يُوَرَّثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ ، إنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ ، فَهُوَ رَجُلٌ ، وَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ ، فَهُوَ امْرَأَةٌ وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ ؛ عَلِيٌّ ، وَمُعَاوِيَةُ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ .
قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ : رَوَى الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ ، مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ ؟ قَالَ : مِنْ حَيْثُ يَبُولُ } .
وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أُتِيَ بِخُنْثَى مِنْ الْأَنْصَار ،

فَقَالَ : وَرِّثُوهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَبُولُ مِنْهُ .
} وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْبَوْلِ أَعَمُّ الْعَلَامَاتِ ؛ لِوُجُودِهَا مِنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ .
وَسَائِرُ الْعَلَامَاتِ إنَّمَا يُوجَدُ بَعْدَ الْكِبَرِ ، مِثْلُ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ ، وَتَفَلُّكِ الثَّدْيِ ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ ، وَالْحَيْضِ ، وَالْحَبَلِ .
وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، اعْتَبَرْنَا أَسْبَقَهُمَا .
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ .
وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ .
فَإِنْ خَرَجَا مَعًا ، وَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا ، فَقَالَ أَحْمَدُ ، فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ : يَرِثُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْهُ أَكْثَرَ .
وَحُكِيَ هَذَا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَوَقَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ .
وَلَنَا ، أَنَّهَا مَزِيَّةٌ لِإِحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ ، فَيُعْتَبَرُ بِهَا ، كَالسَّبْقِ .
فَإِنْ اسْتَوَيَا فَهُوَ حِينَئِذٍ مُشْكِلٌ .
فَإِنْ مَاتَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ : يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ ، فَيَتَبَيَّنَ فِيهِ عَلَامَاتُ الرَّجُلِ ؛ مِنْ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ ، وَكَوْنِهِ مَنِيَّ رَجُلٍ ، أَوْ عَلَامَاتُ النِّسَاءِ ؛ مِنْ الْحَيْضِ .
وَالْحَبَلِ ، وَتَفَلُّكِ الثَّدْيَيْنِ .
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ ، فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ .
وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَالْحَسَنِ ، أَنَّهُمَا قَالَا : تُعَدُّ أَضْلَاعُهُ ، فَإِنَّ أَضْلَاعَ الْمَرْأَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَضْلَاعِ الرَّجُلِ بِضِلْعٍ .
قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ : وَلَوْ صَحَّ هَذَا ، لَمَا أَشْكَلَ حَالُهُ ، وَلَمَا اُحْتِيجَ إلَى مُرَاعَاةِ الْمَبَالِ .
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ : يُوقَفُ إلَى جَنْبِ حَائِطٍ ، فَإِنْ بَالَ عَلَيْهِ فَهُوَ رَجُلٌ ، وَإِنْ شَلْشَلَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَهُوَ امْرَأَةٌ وَلَيْسَ عَلَى هَذَا تَعْوِيلٌ ، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَاهُ ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّهُ يُوقَفُ أَمْرُهُ مَا دَامَ صَغِيرًا ، فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى قَسْمِ الْمِيرَاثِ ، أُعْطِيَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ

الْيَقِينَ ، وَوُقِفَ الْبَاقِي إلَى حِينِ بُلُوغِهِ ، فَتُعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ ، ثُمَّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى ، وَتَدْفَعُ إلَى كُلِّ وَارِثٍ أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ ، وَيَقِفُ الْبَاقِي حَتَّى يَبْلُغَ .
فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ ، أَوْ بَلَغَ مُشْكِلًا ، فَلَمْ تَظْهَرْ فِيهِ عَلَامَةٌ ، وَرِثَ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ ، وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَمَكَّةَ ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَاللُّؤْلُؤِيِّ وَشَرِيكٍ ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ ، وَضِرَارِ بْنِ صُرَدٍ ، وَنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ .
وَوَرَّثَهُ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَسْوَأِ حَالَاتِهِ ، وَأَعْطَى الْبَاقِيَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ .
وَأَعْطَاهُ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ مَعَهُ الْيَقِينَ ، وَوَقَفَ الْبَاقِيَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ ، أَوْ يَصْطَلِحُوا وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ ، وَدَاوُد ، وَابْنُ جَرِيرٍ .
وَوَرَّثَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى الدَّعْوَى فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الْيَقِينِ ، وَبَعْضُهُمْ بِالدَّعْوَى مِنْ أَصْلِ الْمَالِ .
وَفِيهِ أَقْوَالٌ شَاذَّةٌ سِوَى هَذِهِ .
وَلَنَا ، قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُنْكِرًا ، وَلِأَنَّ حَالَتَيْهِ تَسَاوَتَا ، فَوَجَبَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا ، كَمَا لَوْ تَدَاعَى نَفْسَانِ دَارًا بِأَيْدِيهِمَا ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَلَيْسَ تَوْرِيثُهُ بِأَسْوَأِ أَحْوَالِهِ بِأَوْلَى مِنْ تَوْرِيثِ مَنْ مَعَهُ بِذَلِكَ ، فَتَخْصِيصُهُ بِهَذَا تَحَكُّمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْوَقْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لَهُ تُنْتَظَرُ ، وَفِيهِ تَضْيِيعُ الْمَالِ مَعَ يَقِينِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ .

( 4911 ) فَصْلٌ : وَاخْتَلَفَ مَنْ وَرَّثَهُ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إلَى أَنْ يَجْعَلُوا مَرَّةً ذُكُورًا ، وَمَرَّةً إنَاثًا ، وَتُعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا مَرَّةً ، وَعَلَى هَذَا مَرَّةً ، ثُمَّ تَضْرِبُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا ، أَوْ فِي وَفْقِهِمَا إنْ اتَّفَقَتَا ، وَتَجْتَزِئُ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا ، أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا ، فَتَضْرِبُهُمَا فِي اثْنَيْنِ ، ثُمَّ تَجْمَعُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا ، وَتَضْرِبُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأُخْرَى إنْ تَبَايَنَتَا ، أَوْ فِي وَفْقِهِمَا إنْ اتَّفَقَتَا ، فَتَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيُسَمَّى هَذَا مَذْهَبَ الْمُنَزِّلِينَ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا .
وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَاللُّؤْلُؤِيُّ ، فِي الْوَلَدِ إذَا كَانَ فِيهِمْ خُنْثَى ، إلَى أَنْ يَجْعَلَ لِلْأُنْثَى سَهْمَيْنِ ، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةً ، وَلِلذَّكَرِ أَرْبَعَةً ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّنَا نَجْعَلُ لِلْأُنْثَى أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ ، وَهُوَ اثْنَانِ ، وَلِلذَّكَرِ ضِعْفَ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْخُنْثَى نِصْفَهُمَا ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ مَعَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ ، وَنِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى .
وَهَذَا قَوْلٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ يُوَافِقُ الَّذِي قَبْلَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ، وَيُخَالِفُهُ فِي بَعْضِهَا ، وَبَيَانُ اخْتِلَافِهِمَا ، أَنَّنَا لَوْ قَدَّرْنَا ابْنًا وَبِنْتًا وَوَلَدًا خُنْثَى ، لَكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ تِسْعَةٍ ، لِلْخُنْثَى الثُّلُثُ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَسْأَلَةُ الذُّكُورِيَّةِ مِنْ خَمْسَةٍ ، وَالْأُنُوثِيَّةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، تَضْرِبُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى تَكُنْ عِشْرِينَ ، ثُمَّ فِي اثْنَيْنِ تَكُنْ أَرْبَعِينَ ، لِلْبِنْتِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ ، وَسَهْمٌ فِي أَرْبَعَةٍ ، يَكُنْ لَهَا تِسْعَةٌ ، وَلِلذَّكَرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَلِلْخُنْثَى سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ ، وَسَهْمَانِ فِي أَرْبَعَةٍ ، يَكُنْ لَهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَهِيَ دُونَ ثُلُثِ الْأَرْبَعِينَ وَقَوْلُ مَنْ

وَرَّثَهُ بِالدَّعْوَى فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الْيَقِينِ يُوَافِقُ قَوْلَ الْمُنَزِّلِينَ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : لِلذَّكَرِ الْخُمُسَانِ بِيَقِينٍ ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ ، وَهُوَ يَدَّعِي النِّصْفَ عِشْرِينَ ، وَلِلْبِنْتِ الْخُمُسُ بِيَقِينٍ ، وَهِيَ تَدَّعِي الرُّبُعَ ، وَلِلْخُنْثَى الرُّبُعُ بِيَقِينٍ ، وَهُوَ يَدَّعِي الْخُمُسَيْنِ ، سِتَّةَ عَشَرَ ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ يَدَّعِيهَا الْخُنْثَى كُلَّهَا ، فَتُعْطِيهِ نِصْفَهَا ، ثَلَاثَةً ، مَعَ الْعَشَرَةِ الَّتِي مَعَهُ ، صَارَتْ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، الِابْنُ يَدَّعِي أَرْبَعَةً ، فَتُعْطِيهِ نِصْفَهَا ، سَهْمَيْنِ ، صَارَ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَالْبِنْتُ تَدَّعِي سَهْمَيْنِ ، فَتَدْفَعُ إلَيْهَا سَهْمًا ، صَارَ لَهَا تِسْعَةٌ وَقَدْ وَرِثَهُ قَوْمٌ بِالدَّعْوَى مِنْ أَصْلِ الْمَالِ ، فَعَلَى قَوْلِهِمْ ، يَكُونُ الْمِيرَاثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى هَاهُنَا نِصْفٌ ، وَرُبُعٌ ، وَخُمُسَانِ ، وَمَخْرَجُهَا عِشْرُونَ ، يُعْطَى الِابْنُ النِّصْفَ ، عَشَرَةً ، وَلِلْبِنْتِ خَمْسَةٌ ، وَالْخُنْثَى ثَمَانِيَةٌ ، تَكُنْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ بِنْتٌ ، فَفِي قَوْلِ الثَّوْرِيِّ : هِيَ مِنْ سَبْعَةٍ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ وَرَّثَهُمَا بِالدَّعْوَى مِنْ أَصْلِ الْمَالِ ، وَفِي التَّنْزِيلِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، لِلِابْنِ سَبْعَةٌ ، وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ وَرَّثَهُ بِالدَّعْوَى فِيمَا عَدَا الْيَقِينَ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى ، وَلَا عَصَبَةٌ ، مَعَهُمَا ، فَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ ، فِي قَوْلِ الثَّوْرِيِّ ، وَمِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فِي التَّنْزِيلِ .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا عَصَبَةٌ ، فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ ؛ لِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمَانِ ، وَلِلْعَصَبَةِ سَهْمٌ .
فِي الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أُمٌّ ، وَعَصَبَةٌ ، فَهِيَ فِي التَّنْزِيلِ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، لِلْأُمِّ سِتَّةٌ ، وَلِلْخُنْثَى سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْبِنْتِ أَحَدَ عَشَرَ ، وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ

وَقِيَاسُ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ أَنْ يَكُونَ لِلْخُنْثَى وَالْبِنْتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ ، وَيَبْقَى نِصْفُ السُّدُسِ لِلْعَصَبَةِ ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّينَ .
وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ خُنْثَى ، وَعَصَبَةٌ ، فَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ ، إلَّا فِي قَوْلِ مَنْ وَرَّثَهُمَا بِالدَّعْوَى مِنْ أَصْلِ الْمَالِ ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْمَالَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى تَدَّعِي الْمَالَ كُلَّهُ ، وَالْعَصَبَةَ تَدَّعِي نِصْفَهُ ، فَتُضِيفُ النِّصْفَ إلَى الْكُلِّ ، فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ أَنْصَافٍ ، لِكُلِّ نِصْفٍ ثُلُثٌ بِنْتٌ ، وَوَلَدُ ابْنٍ خُنْثَى وَعَمٌّ ، هِيَ فِي التَّنْزِيلِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سِتَّةٍ ؛ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَلِلْخُنْثَى الثُّلُثُ ، وَلِلْعَمِّ السُّدُسُ .

( 4912 ) فَصْلٌ : وَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى يَرِثُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ ، كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ وَوَلَدِ أَبٍ خُنْثَى ، فَمُقْتَضَى قَوْلِ الثَّوْرِيِّ أَنْ يُجْعَلَ لِلْخُنْثَى نِصْفُ مَا يَرِثُهُ فِي حَالِ إرْثِهِ ، وَهُوَ نِصْفُ سَهْمٍ ، فَتَضُمُّهُ إلَى سِهَامِ الْبَاقِينَ ، وَهِيَ سِتَّةٌ ، ثُمَّ تَبْسُطُهَا أَنْصَافًا ؛ لِيَزُولَ الْكَسْرُ ، فَتَصِيرَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، لَهُ مِنْهَا سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي ، بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ .
وَقَدْ عَمِلَ أَبُو الْخَطَّابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِ " الْهِدَايَةِ " .
وَأَمَّا فِي التَّنْزِيلِ ، فَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ ، لِلْخُنْثَى سَهْمَانِ ، وَهِيَ نِصْفُ سُبْعٍ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَإِنْ كَانَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ مِنْ أُمٍّ وَوَلَدُ أَبٍ خُنْثَى ، فَلَهُ فِي حَالِ الْأُنُوثِيَّةِ ثَلَاثَةٌ مِنْ تِسْعَةٍ ، فَاجْعَلْ لَهُ نِصْفَهَا مَضْمُومًا إلَى سِهَامِ بَاقِي الْمَسْأَلَةِ ، ثُمَّ اُبْسُطْهَا تَكُنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ، لَهُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَهِيَ الْخُمُسُ .
وَفِي التَّنْزِيلِ لَهُ سِتَّةٌ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، وَهِيَ السُّدُسُ .
وَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَوَلَدُ أَخٍ خُنْثَى وَعَمٌّ ، فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ ؛ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ ، وَلِلْخُنْثَى السُّدُسُ ، وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا .

( 4913 ) فَصْلٌ : وَإِنْ خَلَّفَ خُنْثَيَيْنِ فَصَاعِدًا ، نَزَّلْتهمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، فَتَجْعَلُ لِلِاثْنَيْنِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ ، وَلِلثَّلَاثَةِ ثَمَانِيَةً ، وَلِلْأَرْبَعَةِ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْخَمْسَةِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ حَالًا ، ثُمَّ تَجْمَعُ مَالَهُمْ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ، فَتُقَسِّمُهُ عَلَى عَدَدِ أَحْوَالِهِمْ ، فَمَا خَرَجَ بِالْقَسْمِ فَهُوَ لَهُمْ ، إنْ كَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِهَاتٍ جَمَعْت مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْأَحْوَالِ ، وَقَسَّمْته عَلَى عَدَدِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ، فَالْخَارِجُ بِالْقَسْمِ هُوَ نَصِيبُهُ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَضِرَارٍ ، وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ .
وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ ، أَنَّهُمْ يَنْزِلُونَ حَالَيْنِ ؛ مَرَّةً ذُكُورًا ، وَمَرَّةً إنَاثًا ، كَمَا تَصْنَعُ فِي الْوَاحِدِ .
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ .
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ يُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ ، فَيَعْدِلُ بَيْنَهُمْ .
وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ يُعْطِي بَعْضَ الِاحْتِمَالَاتِ دُونَ بَعْضٍ ، وَهَذَا تَحَكُّمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ .
وَبَيَانُ هَذَا فِي وَلَدٍ خُنْثَى وَوَلَدِ أَخٍ خُنْثَى وَعَمٍّ ، إنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ فَالْمَالُ لِلْوَلَدِ .
وَإِنْ كَانَا أُنْثَيَيْنِ فَلِلْوَلَدِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ ، فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ عِنْدَ مَنْ نَزَّلَهُمْ حَالَيْنِ ؛ لِلْوَلَدِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَلِلْعَمِّ رُبُعُهُ .
وَمَنْ نَزَّلَهُمْ أَحْوَالًا ، زَادَ حَالَيْنِ آخَرَيْنِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ وَحْدَهُ ذَكَرًا ، وَأَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَخِ وَحْدَهُ ذَكَرًا ، فَتَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ؛ لِلْوَلَدِ الْمَالُ فِي حَالَيْنِ ، وَالنِّصْفُ فِي حَالَيْنِ ، فَلَهُ رُبُعُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَلِوَلَدِ الْأَخِ نِصْفُ الْمَالِ فِي حَالٍ ، فَلَهُ رُبُعُهُ ، وَهُوَ الثُّمُنُ ، وَلِلْعَمِّ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَهَذَا أَعْدَلُ وَمَنْ قَالَ بِالدَّعْوَى فِيمَا زَادَ عَلَى الْيَقِينِ ، قَالَ :

لِلْأَخِ النِّصْفُ يَقِينًا ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَتَدَاعَوْنَهُ ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ .
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَخٍ خُنْثَى وَوَلَدِ أَخٍ ، وَفِي كُلِّ عَصَبَتَيْنِ يَحْجُبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، وَلَا يَرِثُ الْمَحْجُوبُ شَيْئًا إذَا كَانَ أُنْثَى .
وَلَوْ خَلَّفَ بِنْتًا وَوَلَدًا خُنْثَى وَوَلَدَ ابْنٍ خُنْثَى وَعَصَبَةً ، فَمَنْ نَزَّلَهُمَا حَالَيْنِ جَعَلَهُمَا مِنْ سِتَّةٍ ؛ لِلْوَلَدِ الْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمَانِ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ .
وَمَنْ نَزَّلَهُمَا أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ ، جَعَلَهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ .
وَجَعَلَ لِوَلَدِ الِابْنِ نِصْفَ السُّدُسِ ، وَلِلْعَمِّ سُدُسَهُ ، وَهَذَا أَعْدَلُ الطَّرِيقَيْنِ ؛ لِمَا فِي الطَّرِيقِ الْآخَرِ مِنْ إسْقَاطِ وَلَدِ الِابْنِ مَعَ أَنَّ احْتِمَالَ تَوْرِيثِهِ كَاحْتِمَالِ تَوْرِيثِ الْعَمِّ .
وَهَكَذَا تَصْنَعُ فِي الثَّلَاثَةِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا .
وَيَكْفِي هَذَا الْقَدْرُ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، فَإِنَّهُ نَادِرٌ قَلَّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ ، وَاجْتِمَاعُ خُنْثَيَيْنِ وَأَكْثَرَ نَادِرُ النَّادِرِ ، وَلَمْ يُسْمَعْ بِوُجُودِهِ ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّطْوِيلِ فِيهِ .

( 4914 ) فَصْلٌ : وَقَدْ وَجَدْنَا فِي عَصْرِنَا شَيْئًا شَبِيهًا بِهَذَا ، لَمْ يَذْكُرْهُ الْفَرْضِيُّونَ ، وَلَمْ يَسْمَعُوا بِهِ ، فَإِنَّا وَجَدْنَا شَخْصَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا فِي قُبُلِهِمَا مَخْرَجٌ ، لَا ذَكَرٌ ، وَلَا فَرْجٌ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَذَكَرُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِي قُبُلِهِ إلَّا لُحْمَةٌ نَاتِئَةٌ كَالرَّبْوَةِ ، يَرْشَحُ الْبَوْلُ مِنْهَا رَشْحًا عَلَى الدَّوَامِ ، وَأَرْسَلَ إلَيْنَا يَسْأَلُنَا عَنْ حُكْمِهِ فِي الصَّلَاةِ ، وَالتَّحَرُّزِ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ وَسِتُّمِائَةٍ .
وَالثَّانِي ، شَخْصٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ ، مِنْهُ يَتَغَوَّطُ ، وَمِنْهُ يَبُولُ .
وَسَأَلْت مَنْ أَخْبَرَنِي عَنْهُ عَنْ زِيِّهِ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ إنَّمَا يَلْبَسُ لِبَاسَ النِّسَاءِ ، وَيُخَالِطُهُنَّ ، وَيَغْزِلُ مَعَهُنَّ ، وَيَعُدُّ نَفْسَهُ امْرَأَةً .
وَحُدِّثْت أَنَّ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْعَجَمِ شَخْصًا لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ أَصْلًا ، لَا قُبُلٌ ، وَلَا دُبُرٌ ، وَإِنَّمَا يَتَقَايَأُ مَا يَأْكُلُهُ وَمَا يَشْرَبُهُ ، فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي مَعْنَى الْخُنْثَى ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِمَبَالِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَامَةٌ أُخْرَى فَهُوَ مُشْكِلٌ ، يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ حُكْمُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فِي مِيرَاثِهِ وَأَحْكَامِهِ كُلِّهَا .
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

( 4915 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَابْنُ الْمُلَاعَنَةِ تَرِثُهُ أُمُّهُ وَعَصَبَتُهَا ، فَإِنْ خَلَّفَ أُمًّا وَخَالًا فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْخَالِ ) وَجُمْلَتُهُ ، أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ ، وَنَفَى وَلَدَهَا ، وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا ؛ انْتَفَى وَلَدُهَا عَنْهُ ، وَانْقَطَعَ تَعْصِيبُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُلَاعِنِ ، فَلَمْ يَرِثْهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ عَصَبَاتِهِ ، وَتَرِثُ أُمُّهُ وَذَوُو الْفُرُوضِ مِنْهُ فُرُوضَهُمْ ، وَيَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ، لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ خِلَافًا وَأَمَّا إنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ ، وَرِثَهُ الْآخَرَانِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إذَا أَكْمَلَ الزَّوْجُ لِعَانَهُ لَمْ يَتَوَارَثَا .
وَقَالَ مَالِكٌ : إنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ لِعَانِهِ ، فَإِنْ لَاعَنَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَرِثْ ، وَلَمْ تُحَدَّ ، وَإِنْ لَمْ تُلَاعِنْ ، وَرِثَتْ ، وَحُدَّتْ .
وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ ، وَرِثَهَا فِي قَوْلِ جَمِيعِهِمْ ، إلَّا الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَإِنْ تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ؛ إحْدَاهُمَا ، لَا يَتَوَارَثَانِ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ، وَزُفَرَ ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، وَرَبِيعَةَ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَدَاوُد ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي حُصُولِ الْفُرْقَةِ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا ، كَالرَّضَاعِ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، يَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا .
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَصَاحِبَيْهِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ ، وَلَوْ حَصَلَ التَّفْرِيقُ بِاللِّعَانِ لَمْ يُحْتَجْ إلَى تَفْرِيقِهِ .
وَإِنْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ ، لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ التَّوَارُثُ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ

وَصَاحِبَاهُ : إنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَنْ تَلَاعَنَا ثَلَاثًا ، وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ ، وَانْقَطَعَ التَّوَارُثُ ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُمَا مُعْظَمُ اللِّعَانِ ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ ، لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ التَّوَارُثُ .
وَلَنَا ، أَنَّهُ تَفْرِيقٌ قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ ، فَأَشْبَهَ التَّفْرِيقَ قَبْلَ الثَّلَاثِ .
وَهَذَا الْخِلَافُ فِي تَوَارُثِ الزَّوْجَيْنِ .
فَأَمَّا الْوَلَدُ ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ الْمُلَاعِنِ إذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ .
لِأَنَّ انْتِفَاءَهُ بِنَفْيِهِ ، لَا بِقَوْلِ الْحَاكِمِ : فَرَّقْت بَيْنَكُمَا ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللِّعَانِ لَمْ يَنْتَفِ عَنْ الْمُلَاعِنِ ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَنْتَفِي بِزَوَالِ الْفِرَاشِ ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى الْوَلَدَ عَنْ الْمُلَاعِنِ ، وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الرَّجُلُ فِي لِعَانِهِ .
وَيُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ حَمْلًا فِي الْبَطْنِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَنْظِرُوهَا ، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ ، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ ، حَمْشَ السَّاقَيْنِ ، فَلَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ جَعْدًا ، جَمَالِيًّا ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ ، فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ } فَأَتَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ إذَا ثَبَتَ هَذَا ، عُدْنَا إلَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ ، فَنَقُولُ : اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِيرَاثِ الْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ ، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ ؛ إحْدَاهُمَا ، أَنَّ عَصَبَتَهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ .
نَقْلَهَا الْأَثْرَمُ ، وَحَنْبَلٌ .
يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ عُمَرَ .
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ ، وَابْنُ سِيرِينَ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَعَطَاءٌ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَالْحَكَمُ ، وَحَمَّادٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، إلَّا أَنَّ عَلِيًّا يَجْعَلُ

ذَا السَّهْمِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَحَقَّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ ، وَقَدَّمَ الرَّدَّ عَلَى غَيْرِهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، أَنَّ أُمَّهُ عَصَبَتُهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ .
نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ ، وَمُهَنَّا .
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ .
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ ، وَمَكْحُولٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { جَعَلَ مِيرَاثَ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ لِأُمِّهِ وَلِوَرَثَتِهَا مِنْ بَعْدِهَا } وَرَوَاهُ أَيْضًا مَكْحُولٌ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا .
وَرَوَى وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ ؛ عَتِيقَهَا ، وَلَقِيطَهَا ، وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ } .
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، وَقَالَ : { كَتَبْت إلَى صَدِيقٍ لِي مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ أَسْأَلُهُ عَنْ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ ، لِمَنْ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إلَيَّ ؛ إنِّي سَأَلْت فَأُخْبِرْت أَنَّهُ قَضَى بِهِ لِأُمِّهِ ، هِيَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ .
} رَوَاهُنَّ أَبُو دَاوُد .
وَلِأَنَّهَا قَامَتْ مَقَامَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي انْتِسَابِهِ إلَيْهَا ، فَقَامَتْ مَقَامَهُمَا فِي حِيَازَةِ مِيرَاثِهِ ، وَلِأَنَّ عَصَبَاتِ الْأُمِّ أَدْلَوْا بِهَا ، فَلَمْ يَرِثُوا مَعَهَا ، كَأَقَارِبِ الْأَبِ مَعَهُ .
وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُوَرِّثُ مِنْ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ ، كَمَا يُوَرِّثُ مِنْ غَيْرِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ ، وَلَا يَجْعَلُهَا عَصَبَةَ ابْنِهَا ، وَلَا عَصَبَتَهَا عَصَبَتَهُ .
فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلَاةً لَقَوْمٍ جَعَلَ الْبَاقِيَ مِنْ مِيرَاثِهَا لِمَوْلَاهَا ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْلَاةً جَعَلَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَعُرْوَةُ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَرَبِيعَةُ ، وَأَبُو

الزِّنَادِ ، وَمَالِكٌ ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَصَاحِبَاهُ ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَهْلَ الْبَصْرَةِ جَعَلُوا الرَّدَّ ، وَذَوِي الْأَرْحَامِ ، أَحَقُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ ، وَلَا نَصَّ فِي تَوْرِيثِ الْأُمِّ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَلَا فِي تَوْرِيثِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ ، وَلَا فِي تَوْرِيثِ أَبِي الْأُمِّ وَأَشْبَاهِهِ مِنْ عَصَبَاتِ الْأُمِّ ، وَلَا قِيَاسَ أَيْضًا ، فَلَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا ، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ } .
وَأَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَقَارِبُ أُمِّهِ .
وَعَنْ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَلْحَقَ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ بِعَصَبَةِ أُمِّهِ .
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا رَجَمَ الْمَرْأَةَ دَعَا أَوْلِيَاءَهَا فَقَالَ : هَذَا ابْنُكُمْ تَرِثُونَهُ وَلَا يَرِثُكُمْ ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً فَعَلَيْكُمْ حَكَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ .
وَلِأَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ عَصَبَةً كَأَبِيهِ لَحَجَبَتْ إخْوَتَهُ .
وَلِأَنَّ مَوْلَاهَا مَوْلَى أَوْلَادِهَا ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَصَبَتُهَا عَصَبَتَهُ ، كَالْأَبِ .
فَإِذَا خَلَّفَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ أُمًّا ، وَخَالًا ، فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ بِلَا خِلَافٍ ، وَالْبَاقِي لِخَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ .
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، هُوَ لَهَا كُلُّهُ .
وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَمُوَافِقِيهِ ، إلَّا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ يُعْطِيهَا إيَّاهُ ؛ لِكَوْنِهَا عَصَبَةً ؛ وَالْبَاقُونَ بِالرَّدِّ ، وَعِنْدَ زَيْدٍ ، الْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا مَوْلَى أُمٍّ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَنَا .
وَقَالَ زَيْدٌ ، وَمَنْ وَافَقَهُ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ : الْبَاقِي لَهُ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأُمِّهِ عَصَبَةٌ إلَّا مَوْلَاهَا ، فَالْبَاقِي لَهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْخِرَقِيِّ ، وَعَلَى الْأُخْرَى ، هُوَ

لِلْأُمِّ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ لِأَنَّهَا عَصَبَةُ ابْنِهَا .
فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا أُمَّهُ ، فَلَهَا الثُّلُثُ بِالْفَرْضِ ، وَالْبَاقِي بِالرَّدِّ ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَسَائِرِ مِنْ يَرَى الرَّدَّ .
وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، لَهَا الْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْأُمِّ عَصَبَةٌ لَهَا ، فَهَلْ يَكُونُ الْبَاقِي لَهَا أَوْ لَهُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .
وَإِنْ كَانَ لَهَا عَصَبَاتٌ ، فَهُوَ لَأَقْرَبِهِمْ مِنْهَا عَلَى رِوَايَةِ الْخِرَقِيِّ ، فَإِذَا كَانَ مَعَهَا أَبُوهَا ، وَأَخُوهَا ، فَهُوَ لِأَبِيهَا ، وَإِنْ كَانَ مَكَانَ أَبِيهَا جَدُّهَا فَهُوَ بَيْنَ أَخِيهَا وَجَدِّهَا نِصْفَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ابْنُهَا ، وَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ ، فَلَا شَيْءَ لِأَخِيهَا ، وَيَكُونُ لِأُمِّهِ الثُّلُثُ ، وَلِأَخِيهِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ ، أَوْ ابْنِ أَخِيهِ .
وَإِنْ خَلَّفَ أُمَّهُ ، وَأَخَاهُ ، وَأُخْتَهُ ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ ، دُونَ أُخْتِهِ .
وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَ أُخْتِهِ ، وَبِنْتَ أُخْتِهِ ، أَوْ خَالَهُ وَخَالَتَهُ ، فَالْبَاقِي لِلذَّكَرِ وَإِنْ خَلَّفَ أُخْتَهُ وَابْنَ أُخْتِهِ ، فَلِأُخْتِهِ السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي لِابْنِ أُخْتِهِ ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، الْبَاقِي لِلْأُمِّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ .

( 4916 ) فَصْلٌ : ابْنُ مُلَاعَنَةٍ مَاتَ ، وَتَرَكَ بِنْتًا وَبِنْتَ ابْنٍ وَمَوْلَى أُمِّهِ ، الْبَاقِي لِمَوْلَى الْأُمِّ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : الرَّدُّ أَوْلَى مِنْ الْمَوْلَى ؛ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أُمٌّ فَلَهَا السُّدُسُ ، وَفِي الْبَاقِي رِوَايَتَانِ ؛ إحْدَاهُمَا : لِلْمَوْلَى ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ .
وَالثَّانِيَةُ : لِلْأُمِّ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَوْلًى ، فَالْبَاقِي مَرْدُودٌ عَلَيْهِمْ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَالْأُخْرَى هُوَ لِلْأُمِّ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَخٌ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْفَرْضِ ، وَلَهُ الْبَاقِي فِي رِوَايَةٍ ، وَالْأُخْرَى هُوَ لِلْأُمِّ .
بِنْتٌ وَأَخٌ أَوْ ابْنُ أَخٍ ، أَوْ خَالٍ ، أَوْ أَبُو أُمٍّ ، أَوْ غَيْرُهُمْ مِنْ الْعَصَبَاتِ ؛ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ فِي قَوْلِ الْعَبَادِلَةَ .
وَإِنْ كَانَ مَعَهَا أَخٌ وَأُخْتٌ ، أَوْ ابْنُ أَخٍ وَأُخْتُهُ ، أَوْ خَالٌ ، أَوْ خَالَةٌ ، فَالْبَاقِي لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ فِي قَوْلِهِمْ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ : الْمَالُ لِلْبِنْتِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ جَعَلَ ذَا السَّهْمِ أَحَقَّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ ، وَأَنَّهُ وَرَّثَ مِنْ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ ذَوِي أَرْحَامِهِ ، كَمَا يَرِثُونَ مِنْ غَيْرِهِ .
قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ : وَلَيْسَ هَذَا مَحْفُوظًا عَنْ عَلِيٍّ ، وَإِنَّمَا الْمَشْهُورُ عَنْهُ قَوْلُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْجُومَةِ عَنْ ابْنِهَا : هَذَا ابْنُكُمْ ، تَرِثُونَهُ ، وَلَا يَرِثُكُمْ ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً فَعَلَيْكُمْ .
وَفَسَّرَ الْقَاضِي قَوْلَ أَحْمَدَ : إنْ لَمْ تَكُنْ أُمٌّ فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ .
بِتَقْدِيمِ الرَّدِّ عَلَى عَصَبَةِ الْأُمِّ ، كَقَوْلِهِ فِي أُخْتٍ وَابْنِ أَخٍ : الْمَالُ كُلُّهُ لِلْأُخْتِ .
وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْكَلَامِ بِضِدِّ مَا يَقْتَضِيهِ ، وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ ، وَإِنَّمَا هَذِهِ الرِّوَايَةُ ، كَمَذْهَبِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَرِوَايَةُ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا قَالَا : عَصَبَةُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ أُمُّهُ ، تَرِثُ

مَالَهُ أَجْمَعَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمٌّ ، فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ .
امْرَأَةٌ ، وَجَدَّةٌ ، وَأُخْتَانِ وَابْنُ أَخٍ ، لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ ، وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ ، فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : الْبَاقِي يُرَدُّ عَلَى الْأُخْتَيْنِ وَالْجَدَّةِ .
وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ .
أَبُو أُمٍّ ، وَبِنْتٌ وَابْنُ أَخٍ وَبِنْتُ أَخٍ .
الْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ وَحْدَهُ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِأَبِي الْأُمِّ سُدُسُ بَاقِي الْمَالِ ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ لِابْنِ الْأَخِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : الْمَالُ بَيْنَ أُمِّ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ ، عَلَى أَرْبَعَةٍ ، بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ .

( 4917 ) فَصْلٌ : فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ ذَا سَهْمٍ ، فَالْمَالُ لِعَصَبَةِ أُمِّهِ فِي قَوْلِ الْجَمَاعَةِ .
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ : هُوَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، كَمِيرَاثِ غَيْرِهِ ، وَرَوَوْهُ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَذَلِكَ مِثْلُ خَالٍ وَخَالَةٍ ، وَابْنِ أَخٍ وَأُخْتِهِ .
الْمَالُ لِلذَّكَرِ ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، هُوَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ نِصْفَيْنِ .
خَالَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالٌ لِأَبٍ ، الْمَالُ لِلْخَالِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : هُوَ لِلْخَالَةِ .
خَالَةٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ .
الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ .
وَإِذَا لَمْ يُخَلِّفْ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ إلَّا ذَا رَحِمٍ فَحُكْمُهُمْ فِي مِيرَاثِهِ ، كَحُكْمِهِمْ فِي مِيرَاثِ غَيْرِهِ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ .

( 4918 ) فَصْلٌ : وَإِذَا قُسِّمَ مِيرَاثُ الْمُلَاعَنَةِ ، ثُمَّ أَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ ، لَحِقَهُ الْوَلَدُ ، وَنَقَضَتْ الْقِسْمَةُ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَلْحَقُهُ النَّسَبُ بَعْدَ مَوْتِهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ ، مَاتَ أَحَدُهُمَا ، وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ ، وَالْآخَرُ بَاقٍ ، فَيَلْحَقَهُ نَسَبُ الْبَاقِي وَالْمَيِّتِ مَعًا ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .

( 4919 ) فَصْلٌ : وَلَوْ كَانَ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ تَوْأَمَيْنِ ، وَلَهُمَا ابْنٌ آخَرُ مِنْ الزَّوْجِ لَمْ يَنْفِهِ ، فَمَاتَ أَحَدُ التَّوْأَمَيْنِ ، فَمِيرَاثُ تَوْأَمِهِ مِنْهُ كَمِيرَاثِ الْآخَرِ ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ .
وَقَالَ مَالِكٌ : يَرِثُهُ تَوْأَمُهُ مِيرَاثَ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبَوَيْهِ ، بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا لَحِقَهُ الْآخَرُ .
وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَنَا ، أَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ ، لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا أَبٌ يَنْتَسِبَانِ إلَيْهِ ، فَأَشْبَهَا تَوْأَمَيْ الزَّانِيَةِ ، وَلَا خِلَافَ فِي تَوْأَمَيْ الزَّانِيَةِ ، وَفَارَقَ هَذَا مَا إذَا اسْتَلْحَقَ أَحَدَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِاسْتِلْحَاقِهِ أَنَّهُ أَبُوهُ .

( 4920 ) فَصْلٌ : قَوْلُهُمْ : إنَّ الْأُمَّ عَصَبَةُ وَلَدِهَا ، وَإِنَّ عَصَبَتهَا عَصَبَتُهُ .
إنَّمَا هُوَ فِي الْمِيرَاثِ خَاصَّةً ، كَقَوْلِنَا فِي الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ ، فَعَلَى هَذَا لَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ ، وَلَا غَيْرُهُ .
وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ .
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْجُومَةِ فِي وَلَدِهَا : هَذَا ابْنُكُمْ يَرِثُكُمْ وَلَا تَرِثُونَهُ ، وَإِنْ جَنَى فَعَلَيْكُمْ .
وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، وَإِبْرَاهِيمَ .
وَلَنَا ، أَنَّهُمْ إنَّمَا يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ ، فَلَمْ يَعْقِلُوا عَنْهُ ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمْ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ ، كَمَا لَوْ عَلِمَ أَبُوهُ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعْصِيبِ فِي الْمِيرَاثِ التَّعْصِيبُ فِي الْعَقْلِ وَالتَّزْوِيجُ ، بِدَلِيلِ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ .
فَأَمَّا إنْ أَعْتَقَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ عَبْدًا ، ثُمَّ مَاتَ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى ، وَخَلَّفَ أُمَّ مَوْلَاهُ ، وَأَخَا مَوْلَاهُ ، احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ لَهُمَا الْإِرْثُ بِالْوَلَاءِ ؛ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ ثَابِتٌ .
وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهَلْ يَكُونُ لِلْأُمِّ أَوْ لِلْأَخِ ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ لَهُمَا مِيرَاثٌ ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ مِنْ الْوَلَاءِ ، إلَّا مَا أَعْتَقْنَ ، أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ ، فَكَذَلِكَ مَنْ يُدْلِي بِهِنَّ ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ لِلِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يَبْطُلُ بِالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ ، وَبِمِنْ عَصَّبَهُنَّ أَخُوهُنَّ مِنْ الْإِنَاثِ .

فَصْلٌ : فِي مِيرَاثِ ابْنِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ إذَا خَلَّفَ أُمَّهُ وَأُمَّ أَبِيهِ ، وَهِيَ الْمُلَاعَنَةُ ، فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لَهَا بِالرَّدِّ .
وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ .
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ؛ الْبَاقِي لِأُمِّ أَبِيهِ ؛ لِأَنَّهَا عَصَبَةُ أَبِيهِ .
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَيُعَابَا بِهَا فَيُقَالُ : جَدَّةٌ وَرِثَتْ مَعَ أُمٍّ أَكْبَرَ مِنْهَا .
وَإِنْ خَلَّفَ جَدَّتَيْهِ ، فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ، عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَفِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، السُّدُسُ بَيْنَهُمَا فَرْضًا ، وَبَاقِي الْمَالِ لِأُمِّ أَبِيهِ .
أُمُّ أُمٍّ وَخَالِ أَبٍ لِأُمٍّ ؛ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَفِي الْبَاقِي قَوْلَانِ ؛ أَحَدُهُمَا ، أَنَّهُ لَهَا بِالرَّدِّ .
وَالثَّانِي ، لِخَالِ الْأَبِ ، وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ ، الْكُلُّ لِلْجَدَّةِ .
خَالٌ وَعَمٌّ وَخَالِ أَبٍ وَأَبُو أُمِّ أَبٍ ، الْمَالُ لِلْعَمِّ ؛ لِأَنَّهُ أَبُو الْمُلَاعَنَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمٌّ فَلِأَبِي أُمِّ الْأَبِ ؛ لِأَنَّهُ أَبُوهَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِخَالِ الْأَبِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِلْخَالِ ؛ لِأَنَّهُ ذُو رَحِمِهِ .
بِنْتٌ وَعَمٌّ .
لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ .
وَفِي قَوْلِ عَلِيٍّ : الْكُلُّ لِلْبِنْتِ ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الرَّدُّ عَلَى تَوْرِيثِ عَصَبَةِ أُمِّهِ .
بِنْتٌ وَأُمٌّ وَخَالٍ ، الْمَالُ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ، وَلَا شَيْءَ لِلْخَالِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَصَبَةِ الْمُلَاعَنَةِ ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْخَالِ خَالُ أَبٍ ، كَانَ الْبَاقِي لَهُ ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ الْمُلَاعَنَةِ .
فَأَمَّا ابْنُ ابْنِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ ، فَإِذَا خَلَّفَ عَمَّهُ وَعَمِّ أَبِيهِ ، فَالْمَالُ لِعَمِّهِ ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهُ ، وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إجْمَاعًا .
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَمُّ الْأَبِ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ ؛ لِأَنَّ الْعَصَبَاتِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ أَقْرَبُهُمْ مِنْ الْمَيِّتِ ، لَا مِنْ آبَائِهِ .
وَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ مُتَحَاذِيَاتٍ ، فَالسُّدُسُ بَيْنَهُنَّ ، وَالْبَاقِي

رَدٌّ عَلَيْهِنَّ ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ .
وَفِي الثَّانِيَةِ لِأُمِّ أَبِي أَبِيهِ .
وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَإِنْ خَلَّفَ أُمَّهُ ، وَجَدَّتَهُ ، وَجَدَّةَ أَبِيهِ ، فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ، وَلَا شَيْءَ لِجَدَّتِهِ ، وَفِي الْبَاقِي رِوَايَتَانِ ؛ إحْدَاهُمَا ، يُرَدُّ عَلَى الْأُمِّ .
وَالثَّانِيَةُ ؛ لِجَدَّةِ أَبِيهِ وَإِنْ خَلَّفَ خَالَهُ وَخَالِ أَبِيهِ وَخَالِ جَدِّهِ ، فَالْمَالُ لِخَالِ جَدِّهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِخَالِهِ ، وَلَا شَيْءَ لِخَالِ أَبِيهِ .
فَأَمَّا وَلَدُ بِنْتِ الْمُلَاعَنَةِ ، فَلَيْسَتْ الْمُلَاعَنَةُ عَصَبَةً لَهُمْ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ لَهُمْ نَسَبًا مَعْرُوفًا مِنْ جِهَةِ أَبِيهِمْ ، وَهُوَ زَوْجُ بِنْتِ الْمُلَاعَنَةِ .
وَلَوْ أَعْتَقَتْ بِنْتُ الْمُلَاعَنَةِ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَتْ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى ، وَخَلَّفَ أُمَّ مَوْلَاتِهِ ، وَرِثَتْ مَالَ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ لَبِنْتِهَا ، وَالْبِنْتُ عَصَبَةٌ لِمَوْلَاهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ .

( 4922 ) فَصْلٌ : وَالْحُكْمُ فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الزِّنَى فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا ، كَالْحُكْمِ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَقْوَالِ ، وَالِاخْتِلَافِ ، إلَّا أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ قَالَ : عَصَبَةُ وَلَدِ الزِّنَى سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ لَيْسَتْ فِرَاشًا ، بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ .
وَالْجُمْهُورُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا ؛ لِانْقِطَاعِ نَسَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَبِيهِ ، إلَّا أَنَّ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ يَلْحَقُ الْمُلَاعِنَ إذَا اسْتَلْحَقَهُ ، وَوَلَدُ الزِّنَى لَا يَلْحَقُ الزَّانِيَ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَقَالَ الْحَسَنُ ، وَابْنُ سِيرِينَ : يَلْحَقُ الْوَاطِئَ إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَيَرِثُهُ .
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ : يَلْحَقُهُ إذَا جُلِدَ الْحَدَّ ، أَوْ مَلَكَ الْمَوْطُوءَةَ .
وَقَالَ إِسْحَاقُ : يَلْحَقُهُ .
وَذُكِرَ عَنْ عُرْوَةَ ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ نَحْوُهُ .
وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا أَرَى بَأْسًا إذَا زِنَى الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ، أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَعَ حَمْلهَا ، وَيَسْتُرَ عَلَيْهَا ، وَالْوَلَدُ وَلَدٌ لَهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا وُلِدَ عَلَى فِرَاشٍ رَجُلٍ ، فَادَّعَاهُ آخَرُ .
أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا وُلِدَ عَلَى غَيْرِ فِرَاشٍ .
وَلَنَا ، قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجْرُ } .
وَلِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ إذَا لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ ، فَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ بِحَالٍ ، كَمَا لَوْ كَانَتْ أُمُّهُ فِرَاشًا ، أَوْ كَمَا لَوْ لَمْ يُجْلَدْ الْحَدَّ عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَهُ .

( 4923 ) مَسْأَلَةٌ قَالَ : ( وَالْعَبْدُ لَا يَرِثُ ، وَلَا مَالَ لَهُ ، فَيُورَثُ عَنْهُ ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرِثُ ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ أَبًا مَمْلُوكًا ، يُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ ، ثُمَّ يُعْتَقُ ، فَيَرِثُ .
وَقَالَهُ الْحَسَنُ ، وَحُكِيَ عَنْ طَاوُسٍ ، أَنَّ الْعَبْدَ يَرِثُ ، وَيَكُونُ مَا وَرِثَهُ لِسَيِّدِهِ ، كَكَسْبِهِ ، وَكَمَا لَوْ وَصَّى لَهُ ، وَلِأَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ ، فَيَرِثُ كَالْحَمْلِ وَلَنَا ، أَنَّ فِيهِ نَقْصًا مَنَعَ كَوْنَهُ مَوْرُوثًا ، فَمَنَعَ كَوْنَهُ وَارِثًا ، كَالْمُرْتَدِّ ، وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِمَوْلَاهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ ، وَقِيَاسُهُمْ يَنْتَقِضُ بِمُخْتَلِفَيْ الدِّينِ .
وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْأَبَ رَقِيقٌ حِينَ مَوْتِ ابْنِهِ ، فَلَمْ يَرِثْهُ ، كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ صَارَ لِأَهْلِهِ بِالْمَوْتِ ، فَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يُورَثُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَيُورَثُ ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ ، وَمَنْ قَالَ : إنَّهُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ .
فَمِلْكُهُ نَاقِصٌ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ ، يَزُولُ إلَى سَيِّدِهِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ رَقَبَتِهِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ } وَلِأَنَّ السَّيِّدَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِهِ وَأَكْسَابِهِ فِي حَيَاتِهِ ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَمَاتِهِ .
وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرِثُ ، وَلَا يُورَثُ ، وَلَا يَحْجُبُ : عَلِيٌّ ، وَزَيْدٌ .
وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ ، وَمَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ .

( 4924 ) فَصْلٌ : وَيَرِثُ الْأَسِيرُ الَّذِي مَعَ الْكُفَّارِ إذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ .
فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ ، إلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : لَا يَرِثُ ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ .
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَمْلِكُونَ الْأَحْرَارَ بِالْقَهْرِ ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُرِّيَّتِهِ ، فَيَرِثُ ، كَالْمُطْلَقِ .

( 4925 ) فَصْلٌ : وَالْمُدَبَّرُ ، وَأَمُّ الْوَلَدِ ، كَالْقِنِّ ؛ لِأَنَّهُمْ رَقِيقٌ ، بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ مُدَبَّرًا .
وَأُمُّ الْوَلَدِ مَمْلُوكَةٌ ، يَجُوزُ لَسَيِّدِهَا وَطْؤُهَا ، بِحُكْمِ الْمِلْكِ ، وَتَزْوِيجُهَا وَإِجَارَتُهَا .
وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمَةِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا ، إلَّا فِيمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فِيهَا أَوْ يُرَادُ لَهُ كَالرَّهْنِ .

( 4926 ) فَصْلٌ : فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ ، فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَهُوَ عَبْدٌ ، لَا يَرِثُ ، وَلَا يُورَثُ ، وَإِنْ مَلَكَ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ؛ إحْدَاهُمَا ، أَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ ، لَا يَرِثُ ، وَلَا يُورَثُ .
يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَعَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَبِي ثَوْرٍ .
وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَشُرَيْحٍ ، وَالزُّهْرِيِّ ، نَحْوُهُ ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } .
وَفِي لَفْظٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { أَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ ، فَأَدَّاهَا إلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ ، فَهُوَ عَبْدٌ ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ ، فَأَدَّاهَا إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ، فَهُوَ عَبْدٌ } .
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غُفْرَةَ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ : { مَنْ كَاتَبَ مُكَاتَبًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَقْضِيَ كِتَابَتَهُ } .
وَقَالَ الْقَاضِي ، وَأَبُو الْخَطَّابِ : إذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ كِتَابَتِهِ ، وَعَجَزَ عَنْ الرُّبُعِ ، عَتَقَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجِبُ إيفَاؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ ، فَلَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ عَلَى الرِّقِّ لِعَجْزِهِ عَمَّا يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، أَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّي ، فَقَدْ صَارَ حُرًّا ، يَرِثُ ، وَيُورَثُ ، فَإِذَا مَاتَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ وَرِثَ ، وَإِنْ مَاتَ فَلِسَيِّدِهِ بَقِيَّةُ كِتَابَتِهِ ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ ، وَكَانَ

عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي ، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ } .
وَرَوَى الْحَكَمُ ، عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَشُرَيْحٍ : يُعْطَى سَيِّدُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ ، كَانَ لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ .
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ .
وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ .
وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالْحَسَنُ ، وَمَنْصُورٌ ، وَمَالِكٌ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا جَعَلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ أَحَقَّ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ .
قَالَ فِي مُكَاتَبٍ هَلَكَ ، وَلَهُ أَخٌ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ ، وَلَهُ ابْنٌ ، قَالَ : مَا فَضَلَ مِنْ كِتَابَتِهِ لِأَخِيهِ دُونَ ابْنِهِ .
وَجُعَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَبْدًا مَا دَامَ حَيًّا ، فَإِذَا مَاتَ أَدَّى مِنْ تَرِكَتِهِ بَاقِيَ كِتَابَتِهِ ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ : إنَّكُمْ مُكَاتِبُونَ مُكَاتَبِينَ ، فَأَيُّهُمْ أَدَّى النِّصْفَ فَلَا رِقَّ عَلَيْهِ .
وَعَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إذَا أَدَّى النِّصْفَ فَهُوَ حُرٌّ .
وَعَنْ عُرْوَةَ نَحْوُهُ .
وَعَنْ الْحَسَنِ ، إذَا أَدَّى الشَّطْرَ فَهُوَ غَرِيمٌ .
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَشُرَيْحٌ نَحْوُهُ .
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ، إذَا أَدَّى ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا فَهُوَ غَرِيمٌ .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، إذَا كَتَبَ الصَّحِيفَةَ فَهُوَ غَرِيمٌ .
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : تَجْرِي الْعَتَاقَةُ فِي الْمُكَاتَبِ فِي أَوَّلِ نَجْمٍ .
يَعْنِي يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى .
وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : يَرِثُ ، وَيَحْجُبُ ، وَيَعْتِقُ مِنْهُ ، بِقَدْرِ مَا أَدَّى .
وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَالَ : إذَا أَصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا أَوْ مِيرَاثًا ، وَرِثَ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ ، وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ .
} وَفِي رِوَايَةٍ { يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ دِيَةَ الْحُرِّ ، وَقَدْرِ مَا رَقَّ مِنْهُ دِيَةَ

الْعَبْدِ .
} قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ : وَكَانَ عَلِيٌّ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَقُولَانِ ذَلِكَ .
وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ لِقَوْلِنَا أَصَحُّ مِنْهُ ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهَذَا ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا أَوْلَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( 4927 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَرِثُ ، وَيُورَثُ ، وَيَحْجُبُ عَلَى مِقْدَارِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ إذَا كَسَبَ مَالًا ، ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَهُ ، نُظِرَ فِيهِ ؛ فَإِنْ كَانَ كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ ، مِثْلُ أَنْ كَانَ قَدْ هَيَّأَ سَيِّدَهُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ ، فَاكْتَسَبَ فِي أَيَّامِهِ ، أَوْ وَرِثَ شَيْئًا ، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ ، أَوْ كَانَ قَدْ قَاسَمَ سَيِّدَهُ فِي حَيَاتِهِ ، فَتَرِكَتُهُ كُلُّهَا لِوَرَثَتِهِ ، لَا حَقَّ لِمَالِكِ بَاقِيهِ فِيهَا .
وَقَالَ قَوْمٌ : جَمِيعُ مَا خَلَّفَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ : هَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ كَسْبِهِ مَرَّةً ، لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِي الْبَاقِي ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى مَا كَسَبَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ ، كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَاقْتَسَمَا كَسْبَهُ ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا حَقٌّ فِي حِصَّةِ ، الْآخَرِ ، وَالْعَبْدُ يَخْلُفُ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِيمَا عَتَقَ مِنْهُ .
فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ خَاصَّةً ، وَلَا اقْتَسَمَا كَسْبَهُ ، فَلِمَالِكِ بَاقِيهِ مِنْ تَرِكَتِهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ ، وَالْبَاقِي ، لِوَرَثَتِهِ .
وَإِنْ مَاتَ مَنْ يَرِثُهُ ، فَإِنَّهُ يَرِثُ ، وَيُورَثُ ، وَيَحْجُبُ عَلَى قَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَبِهِ قَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَالْمُزَنِيُّ ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ .
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : لَا يَرِثُ ، وَلَا يُورَثُ ، وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْعَبْدِ .
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، فِي الْقَدِيمِ .
وَجَعَلَا مَالَهُ لِمَالِكِ بَاقِيهِ .
قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ : هَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَالِكِ بَاقِيهِ عَلَى مَا عَتَقَ مِنْهُ مِلْكٌ ، وَلَا وَلَاءٌ ، وَلَا هُوَ ذُو رَحِمٍ .
قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ : يُحْتَمَلُ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقَدِيمِ ، أَنْ يُجْعَلَ فِي بَيْتِ

الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيمَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ : مَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ لِوَرَثَتِهِ ، وَلَا يَرِثُ هُوَ مِمَّنْ مَاتَ شَيْئًا .
وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، وَأَبُو ثَوْرٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ كَالْحُرِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ ، فِي تَوْرِيثِهِ ، وَالْإِرْثِ مِنْهُ ، وَغَيْرِهِمَا .
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَالْحَكَمُ ، وَحَمَّادٌ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ ، وَاللُّؤْلُؤِيُّ ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ ، وَدَاوُد وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إنْ كَانَ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ ، فَلَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ سِعَايَتُهُ ، وَلَهُ نِصْفُ وَلَائِهِ ، وَإِنْ كَانَ أَغْرَمَ الشَّرِيكَ ، فَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَعْتَقَ بَعْضَهُ .
وَلَنَا ، مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الرَّمْلِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ : { يَرِثُ وَيُورَثُ عَلَى قَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ } .
وَلِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ لِكُلِّ بَعْضٍ حُكْمُهُ ، كَمَا لَوْ كَانَ الْأُخَرُ مِثْلَهُ ، وَقِيَاسًا لَأَحَدِهِمَا عَلَى الْأُخَرِ إذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَالتَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِنَا ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى غَيْرِهِ وَاضِحٌ .
وَكَيْفِيَّةُ تَوْرِيثِهِ أَنْ يُعْطَى مَنْ لَهُ فَرْضٌ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ مِنْ فَرْضِهِ ، وَإِنْ كَانَ عَصَبَةً نُظِرَ مَا لَهُ مَعَ الْحُرِّيَّةِ الْكَامِلَةِ ، فَأُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَا عَصَبَتَيْنِ لَا يَحْجُبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، كَابْنَيْنِ نِصْفُهُمَا حُرٌّ ، فَفِيهِ وَجْهَانِ ؛ أَحَدُهُمَا ، تُكَمَّلُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا ، بِأَنْ تُضَمَّ الْحُرِّيَّةُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى مَا فِي الْآخَرِ مِنْهَا ، فَإِنْ كَمَّلَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ ، وَرِثَا جَمِيعًا مِيرَاثَ ابْنٍ حُرٍّ ؛ لِأَنَّ نِصْفَيْ شَيْءٍ شَيْءٌ كَامِلٌ ، ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا وَرِثَاهُ بَيْنَهُمَا

عَلَى قَدْرِ مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ .
فَإِذَا كَانَ ثُلُثَا أَحَدِهِمَا حُرًّا ، وَثُلُثُ الْآخِرِ حُرًّا كَانَ مَا وَرِثَاهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ، وَإِنْ نَقَصَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ عَنْ حُرٍّ كَامِلٍ ، وَرِثَا بِقَدْرِ مَا فِيهِمَا ، وَإِنْ زَادَ عَلَى حُرٍّ وَاحِدٍ ، وَكَانَ الْجُزْءَانِ فِيهِمَا سَوَاءً ، قُسِمَ مَا يَرِثَانِهِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ مَا فِيهِ .
قَالَ الْخَبْرِيُّ : قَالَ الْأَكْثَرُونَ : هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ ، لَا تُكَمَّلُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا ، لِأَنَّهُمَا لَوْ كُمِّلَتْ لَمْ يَظْهَرْ لِلرِّقِّ أَثَرٌ ، وَكَانَا فِي مِيرَاثِهِمَا كَالْحُرَّيْنِ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَحْجُبُ الْآخَرَ ، فَقَدْ قِيلَ فِيهِمَا وَجْهَانِ أَيْضًا .
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تُكَمَّلُ هَاهُنَا ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُكَمَّلُ بِمَا يُسْقِطُهُ ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُنَافِيهِ وَوَرَّثَهُ بَعْضُهُمْ بِالْخِطَابِ ، وَتَنْزِيلِ الْأَحْوَالِ ، وَحَجَبَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ عَلَى مِثَالِ تَنْزِيلِ الْخَنَاثَى .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِمَعْنَاهُ .
وَمَسَائِلُ ذَلِكَ ؛ ابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ لَهُ نِصْفُ الْمَالِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ابْنٌ آخَرُ نِصْفُهُ حُرٌّ فَلَهُمَا الْمَالُ ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَفِي الْأُخَرِ ، لَهُمَا نِصْفُهُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ ، أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ ، لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَلَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ ، وَلَوْ كَانَ الْأَكْبَرُ وَحْدَهُ حُرًّا كَانَ لَهُ الْمَالُ ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَصْغَرِ ، وَلَوْ كَانَ الْأَصْغَرُ وَحْدَهُ حُرًّا كَانَ لَهُ كَذَلِكَ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ مَالٌ وَنِصْفٌ ، فَلَهُ رُبُعُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنٌ آخَرُ ثُلُثُهُ حُرٌّ ، فَعَلَى الْوَجْهِ ، الْأَوَّلِ ،

يَنْقَسِمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ ، كَمَا تُقَسَّمُ مَسْأَلَةُ الْمُبَاهَلَةِ ، وَعَلَى الثَّانِي يُقَسَّمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ .
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ، يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ، ثُمَّ يُقَسَّمُ السُّدُسُ بَيْنَ صَاحِبَيْ النِّصْفَيْنِ نِصْفَيْنِ ، وَعَلَى تَنْزِيلِ الْأَحْوَالِ .
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ نِصْفُهُ حُرٌّ سُدُسُ الْمَالِ ، وَثُمُنُهُ ، وَلِمَنْ ثُلُثُهُ حُرٌّ ثُلُثَا ذَلِكَ ، وَهُوَ تُسْعُ الْمَالِ ، وَنِصْفُ سُدُسِهِ ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْمَالَ فِي حَالٍ ، وَنِصْفَهُ فِي حَالَيْنِ ، وَثُلُثَهُ فِي حَالٍ ، فَيَكُونُ لَهُ مَالَانِ وَثُلُثٌ ، فِي ثَمَانِيَةِ أَحْوَالٍ ، فَنُعْطِيهِ ثُمُنَ ذَلِكَ ، وَهُوَ سُدُسٌ وَثُمُنٌ ، وَيُعْطَى مِنْ ثُلُثِهِ حُرٌّ ثُلُثَيْهِ ، وَهُوَ تُسْعٌ ، وَنِصْفُ سُدُسٍ .
ابْنٌ حُرٌّ ، وَابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ .
الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ، عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ .
وَعَلَى الثَّانِي النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، وَالْبَاقِي لِلْحُرِّ ، فَيَكُونُ لِلْحُرِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ ، وَلِلْآخَرِ الرُّبُعُ .
وَلَوْ نَزَّلْتهمَا بِالْأَحْوَالِ أَفْضَى إلَى هَذَا ؛ لِأَنَّ لِلْحُرِّ الْمَالَ فِي حَالٍ وَنِصْفَهُ فِي حَالٍ ، فَلَهُ نِصْفُهُمَا ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ ، وَلِلْآخِرِ نِصْفُهُ فِي حَالٍ ، فَلَهُ نِصْفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الرُّبُعُ .
وَلَوْ خَاطَبْتهمَا لَقُلْت لِلْحُرِّ : لَك الْمَالُ لَوْ كَانَ أَخُوكَ رَقِيقًا ، وَنِصْفُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا ، فَقَدْ حَجَبَكَ بِحُرِّيَّتِهِ عَنْ النِّصْفِ ، فَنِصْفُهَا يَحْجُبُك عَنْ الرُّبُعِ ، يَبْقَى لَك ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ .
وَيُقَالُ لِلْآخَرِ : لَك النِّصْفُ لَوْ كُنْت حُرًّا ، فَإِذَا كَانَ نِصْفُكَ حُرًّا ، فَلَكَ نِصْفُهُ وَهُوَ الرُّبُعُ .
ابْنٌ ثُلُثَاهُ حُرٌّ ، وَابْنٌ ثُلُثُهُ حُرٌّ ، عَلَى الْأَوَّلِ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ، وَعَلَى الثَّانِي ، الثُّلُث بَيْنَهُمَا ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثٌ فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ ، وَلِلْآخَرِ السُّدُسُ ، وَقِيلَ الثُّلُثَانِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا .
وَبِالْخِطَابِ تَقُولُ لِمَنْ ثُلُثَاهُ حُرٌّ : لَوْ كُنْت وَحْدَكَ حُرًّا ، كَانَ

الْمَالُ لَكَ ، وَلَوْ كُنْتُمَا حُرَّيْنِ ، كَانَ لَكَ النِّصْفُ ، فَقَدْ حَجَبَك بِحُرِّيَّتِهِ عَنْ النِّصْفِ ، فَبِثُلُثِهَا يَحْجُبُكَ عَنْ السُّدُسِ ، يَبْقَى لَك خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ لَوْ كُنْت حُرًّا ، فَلَكَ بِثُلْثَيْ حُرِّيَّتِهِ خَمْسَةُ أَتْسَاعٍ وَيُقَالُ لِلْآخَرِ : يَحْجُبُكَ أَخُوكَ بِثُلُثَيْ حُرِّيَّتِهِ ، عَنْ ثُلُثَيْ النِّصْفِ ، وَهُوَ الثُّلُثُ ، يَبْقَى لَك الثُّلُثَانِ ، فَلَكَ بِثُلُثِ حُرِّيَّتِهِمْ ثُلُثُ ذَلِكَ ، وَهُوَ التُّسْعَانِ ، وَيَبْقَى التُّسْعَانِ لِلْعَصَبَةِ إنْ كَانَ ، أَوْ ذِي رَحِمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ .
ابْنٌ حُرٌّ وَبِنْتٌ نِصْفُهَا حُرٌّ ، لِلِابْنِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْمَالِ ، وَلِلْبِنْتِ سُدُسُهُ فِي الْخِطَابِ وَالتَّنْزِيلِ جَمِيعًا .
وَمَنْ جَمَعَ الْحُرِّيَّةَ أَفْضَى قَوْلُهُ إلَى أَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْمَالِ ، وَلَهَا الْخُمُسُ فَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ حُرَّةٌ وَابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ وَعَصَبَةٌ ، فَلِلِابْنِ الثُّلُثُ ، وَلَهَا رُبُعٌ وَسُدُسٌ .
وَمِنْ جَمَعَ الْحُرِّيَّةَ فِيهِمَا جَعَلَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ .
ابْنٌ وَبِنْتٌ نِصْفُهُمَا حُرٌّ وَعَصَبَةٌ ، فَمَنْ جَمَعَ الْحُرِّيَّةَ ، فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ .
وَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ : النِّصْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ .
وَمِنْ وَرَّثَ بِالتَّنْزِيلِ وَالْأَحْوَالِ قَالَ : لِلِابْنِ الْمَالُ فِي حَالٍ ، وَثُلُثَاهُ فِي حَالٍ ، فَلَهُ رُبُعُ ذَلِكَ ، رُبُعٌ وَسُدُسٌ ، وَلِلْبِنْتِ نِصْفُ ذَلِكَ ثُمُنٌ وَنِصْفُ سُدُسٍ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ وَإِنْ شِئْت قُلْت : إنْ قَدَّرْنَاهُمَا حُرَّيْنِ فَهِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَإِنْ قَدَّرْنَا الْبِنْتَ وَحْدَهَا حُرَّةً فَهِيَ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَإِنْ قَدَّرْنَا الِابْنَ وَحْدَهُ حُرًّا فَالْمَالُ لَهُ ، وَإِنْ قَدَّرْنَاهُمَا رَقِيقَيْنِ فَالْمَالُ لِلْعَصَبَةِ ، فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ تَكُنْ سِتَّةً ، ثُمَّ فِي أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ ، تَكُنْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، فَلِلِابْنِ الْمَالُ فِي حَالٍ سِتَّةٌ ، وَثُلُثَاهُ فِي حَالٍ أَرْبَعَةٌ ، صَارَ لَهُ عَشْرَةٌ ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ فِي حَالٍ ، وَالثُّلُثُ فِي حَالٍ

خَمْسَةٌ ، وَلِلْعَصَبَةِ الْمَالُ فِي حَالٍ ، وَنِصْفُهُ فِي حَالٍ تِسْعَةٌ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ ، جَعَلْت لِلْبِنْتِ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهَا الْمَالَ كُلَّهُ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ، فَيَكُونُ لَهَا مَالٌ وَثُلُثٌ ، فَتَجْعَلُ لَهَا رُبُعَ ذَلِكَ ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا امْرَأَةٌ وَأُمٌّ حُرَّتَانِ كَمُلَتْ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا ، فَحَجَبَا الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ ، وَالْمَرْأَةَ إلَى الثُّمُنِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ لَحَجَبَ نِصْفَ الْحَجْبِ ، فَإِذَا اجْتَمَعَا اُجْتُمِعَ الْحَجْبُ .
وَمَنْ وَرَّثَ بِالْأَحْوَالِ وَالتَّنْزِيلِ ، قَالَ : لِلْأُمِّ السُّدُسُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ ، وَالثُّلُثُ فِي حَالٍ ، فَلَهَا رُبُعُ ذَلِكَ ، وَهُوَ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَثَمَنٌ ، وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ .
وَالرُّبُعُ فِي حَالٍ ، فَلَهَا رُبُعُ ذَلِكَ ، وَهُوَ الثُّمُنُ وَرُبُعُ الثُّمُنِ ، وَلِلِابْنِ الْبَاقِي فِي حَالٍ ، وَثُلُثَاهُ فِي حَالٍ ، فَلَهُ رُبُعُهُ ، وَلِلْبِنْتِ ثُلُثُ الْبَاقِي فِي حَالٍ ، وَالنِّصْفُ فِي حَالٍ ، فَلَهَا رُبُعُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ عَصَبَةٌ ، فَلِلْبِنْتِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ، مَكَانَ النِّصْفِ ، وَلِلْأُمِّ سَبْعَةٌ مَكَانَ السُّدُسِ ، وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا رَدٌّ بِالْبَسْطِ مِنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةٍ وَثَمَانِينَ سَهْمًا ، لِلْأُمِّ مِنْهَا سِتُّونَ ، وَلِلْمَرْأَةِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ ، وَلِلِابْنِ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ ، وَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ جَمَعَ الْحُرِّيَّةَ فِي الْحَجْبِ ، أَنْ يَجْمَعَ الْحُرِّيَّةَ فِي التَّوْرِيثِ ، فَيَجْعَلَ لَهُمَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْبَاقِي .
وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ : لَهُمَا سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ لَكَانَ لَهُمَا سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، فَيَكُونُ لَهُمَا بِنِصْفِ حُرِّيَّتِهِمْ نِصْفُ ذَلِكَ .
وَهَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ حَجْبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِنِصْفِ

حُرِّيَّتِهِ ، كَحَجْبِهِ إيَّاهُ بِجَمِيعِهَا ، وَلَوْ سَاغَ هَذَا لَكَانَ لَهُمْ حَالَ انْفِرَادِهِمَا النِّصْفُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ ابْنٌ وَأَبَوَانِ ، نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُرٌّ ، إنْ قَدَّرْنَاهُمْ أَحْرَارًا ، فَلِلِابْنِ الثُّلُثَانِ ، وَإِنْ قَدَّرْنَاهُ حُرًّا وَحْدَهُ ، فَلَهُ الْمَالُ ، وَإِنْ قَدَّرْنَا مَعَهُ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ حُرًّا فَلَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ ، فَتَجْمَعُ ذَلِكَ تَجِدُهُ ثَلَاثَةَ أَمْوَالٍ وَثُلُثَانِ ، فَلَهُ ثُمُنُهَا ، وَهُوَ رُبُعٌ سُدُسٍ ، وَلِلْأَبِ الْمَالُ فِي حَالٍ ، وَثُلُثَاهُ فِي حَالٍ ، وَسُدُسَاهُ فِي حَالَيْنِ ، فَلَهُ ثُمُنُ ذَلِكَ رُبُعٌ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ فِي حَالَيْنِ ، وَالسُّدُسُ فِي حَالَيْنِ ، فَلَهَا الثُّمُنُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ .
وَإِنْ عَمِلْتهَا بِالْبَسْطِ قُلْت : إنْ قَدَّرْنَاهُمْ أَحْرَارًا ، فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ .
وَإِنْ قَدَّرْنَا الِابْنَ وَحْدَهُ حُرًّا ، فَهِيَ مِنْ سَهْمٍ ، فَكَذَلِكَ الْأَبُ ، وَإِنْ قَدَّرْنَا الْأُمَّ وَحْدَهَا حُرَّةً ، أَوْ قَدَّرْنَاهَا مَعَ حُرِّيَّةِ الْأَبِ ، فَهِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَإِنْ قَدَّرْنَا الِابْنَ مَعَ الْأَبِ ، أَوْ مَعَ الْأُمِّ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ ، وَإِنْ قَدَّرْنَاهُمْ رَقِيقًا ، فَالْمَالُ لِلْعَصَبَةِ ، وَجَمِيعُ الْمَسَائِلِ تَدْخُلُ فِي سِتَّةٍ ، فَتَضْرِبُهَا فِي الْأَحْوَالِ ، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ ، تَكُنْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ ، وَلِلِابْنِ الْمَالُ فِي حَالٍ سِتَّةٌ ، وَثُلُثَاهُ فِي حَالٍ أَرْبَعَةٌ ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ فِي حَالَيْنِ عَشَرَةٌ ، فَذَلِكَ عِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ، وَلِلْأَبِ الْمَالُ فِي حَالٍ سِتَّةٌ ، وَثُلُثَاهُ فِي حَالٍ ، وَسُدُسَاهُ فِي حَالَيْنِ ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشْرَ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ فِي حَالَيْنِ ، وَالسُّدُسُ فِي حَالَيْنِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ ، وَهِيَ الثُّمُنُ ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُرًّا ، زِدْت عَلَى السِّتَّةِ نِصْفَهَا ، تَصِيرُ تِسْعَةً ، وَتَضْرِبُهَا فِي الثَّمَانِيَةِ ، تَكُنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، فَلِلِابْنِ عِشْرُونَ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، وَهِيَ السُّدُسُ وَالتُّسْعُ ، وَلِلْأَبِ اثْنَا عَشْرَ ، وَهِيَ

السُّدُسُ ، وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ ، وَهِيَ نِصْفُ السُّدُسِ ، وَلَا تَتَغَيَّرُ سِهَامُهُمْ ، وَإِنَّمَا صَارَتْ مَنْسُوبَةً إلَى اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ .
وَإِنْ كَانَ رُبُعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُرًّا ، زِدْت عَلَى السِّتَّةِ مِثْلَهَا .
وَقِيلَ فِيمَا إذَا كَانَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُرًّا : لِلْأُمِّ الثُّمُنُ ، وَلِلْأَبِ الرُّبُعُ ، وَلِلِابْنِ النِّصْفُ .
ابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ وَأُمٌّ حُرَّةٌ ، لِلْأُمِّ الرُّبُعُ ، وَلِلِابْنِ النِّصْفُ وَقِيلَ : لَهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ ، وَهُوَ نِصْفُ مَا يَبْقَى ، فَإِنْ كَانَ بَدَلُ الْأُمِّ أُخْتًا حُرَّةً ، فَلَهَا النِّصْفُ .
وَقِيلَ : لَهَا نِصْفُ الْبَاقِي ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يَحْجُبُهَا بِنِصْفِهِ عَنْ نِصْفِ فَرْضِهَا ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا حُرًّا ، فَلَهَا الثُّمُنُ ، عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ ، لَهَا الرُّبُعُ .
وَإِنْ كَانَ مَعَ الِابْنِ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ ، أَوْ أَخٌ مِنْ أُمٍّ ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ السُّدُسِ .
وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَصَبَةٌ حُرٌّ ، فَلَهُ الْبَاقِي كُلُّهُ .

فَصْلٌ : ابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ ، وَابْنُ ابْنٍ حُرٌّ ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ ، إلَّا الثَّوْرَيَّ .
قَالَ : لِابْنِ الِابْنِ الرُّبُعُ ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِنِصْفِ الِابْنِ عَنْ الرُّبُعُ ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُ الثَّانِي حُرًّا ، فَلَهُ الرُّبُعُ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ ابْنِ ابْنٍ نِصْفُهُ حُرٌّ ، فَلَهُ الثُّمُنُ .
وَقِيلَ : لِلْأَعْلَى النِّصْفُ ، وَلِلثَّانِي النِّصْفُ ؛ وَلِأَنَّ فِيهِمَا حُرِّيَّةَ ابْنٍ .
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ .
وَقَالَ سُفْيَانُ : لَا شَيْءَ لِلثَّانِي وَالثَّالِثِ ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِمَا الْحُرِّيَّةُ مَحْجُوبٌ بِحُرِّيَّةِ الِابْنِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَخٌ حُرٌّ ، أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْعُصُبَاتِ ، فَلَهُ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا ، فَلَهُ نِصْفُ مَا بَقِيَ ، إلَّا عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ .
ابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ ، وَابْنُ ابْنٍ ثُلُثُهُ حُرٌّ ، وَأَخٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ حُرٌّ ؛ لِلْأَعْلَى النِّصْفُ ، وَلِلثَّانِي ثُلُثُ الْبَاقِي ، وَهُوَ السُّدُسُ ، وَلِلْأَخِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْبَاقِي ، وَهُوَ الرُّبُعُ .
وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ ، لِلِابْنِ النِّصْفُ ، وَلِابْنِ الِابْنِ الثُّلُثُ ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ .
ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ ، نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ حُرٌّ ؛ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ نِصْفُ السُّدُسِ ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ نِصْفُ الْبَاقِي ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ نِصْفُ الْبَاقِي ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ .
لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ أَحَدَ عَشَرَ .
وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ ، لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ نِصْفُ السُّدُسِ ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ النِّصْفُ ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ مَا بَقِيَ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ بِنْتٌ حُرَّةٌ ، فَلَهَا النِّصْفُ ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الرُّبُعُ ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ الثُّمُنُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ ، الْبَاقِي لِلْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَحْدَهُ ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْبِنْتِ ، حُرًّا ، فَلَهَا الرُّبُعُ وَلِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ

رُبُعُ السُّدُسِ ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ نِصْفُ الْبَاقِي ، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبِ نِصْفُ الْبَاقِي .

( 4929 ) فَصْلٌ : بِنْتٌ نِصْفُهَا حُرٌّ ، لَهَا الرُّبُعُ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ فَلَهَا النِّصْفُ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ ، وَالْبَاقِي لِذَوِي الرَّحِمِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا أُمٌّ حُرَّةٌ ، فَلَهَا الرُّبُعُ ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ الْحُرَّةَ تَحْجُبُهَا عَنْ السُّدُسِ ، فَنِصْفُهَا يَحْجُبُهَا عَنْ نِصْفِهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ ، فَلَهَا الثُّمُنُ ، وَنِصْفُ الثُّمُنِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا أَخٌ مِنْ أُمٍّ ، فَلَهُ نِصْفُ السُّدُسِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا بِنْتُ ابْنٍ ، فَلَهَا الثُّلُثُ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا أَمَةً ، لَكَانَ لِبِنْتِ الِابْنِ النِّصْفُ ، وَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً ، لَكَانَ لَهَا السُّدُسُ ، فَقَدْ حَجَبَتْهَا حُرِّيَّتُهَا عَنْ الثُّلُثِ ، فَنِصْفُهَا يَحْجُبُهَا عَنْ السُّدُسِ وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا إذَا كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا ، فَلَهُ نِصْفُ مَالِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثُهُ حُرًّا ، فَلَهُ ثُلُثُهُ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا بِنْتٌ أُخْرَى حُرَّةٌ ، فَلَهَا رُبُعُ الْمَالِ ، وَثُلُثُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ عِنْدَ مِنْ جَمَعَ الْحُرِّيَّةَ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّ لَهُمَا بِحُرِّيَّةٍ نِصْفًا ، وَبِنِصْفِ حُرِّيَّةٍ نِصْفَ كَمَالِ الثُّلُثَيْنِ .
وَفِي الْخِطَابِ وَالتَّنْزِيلِ لِلْحُرَّةِ رُبُعٌ وَسُدُسٌ ، وَلِلْأُخْرَى سُدُسٌ ؛ لِأَنَّ نِصْفَ إحْدَاهُمَا يَحْجُبُ الْحُرَّةَ عَنْ نِصْفِ السُّدُسِ فَيَبْقَى لَهَا رُبُعٌ وَسُدُسٌ ، وَالْحُرَّةُ تَحْجُبُهَا عَنْ سُدُسٍ كَامِلٍ ، فَيَبْقَى لَهَا سُدُسٌ فَإِنْ كَانَ نِصْفُهُمَا رَقِيقًا ، وَمَعَهُمَا عَصَبَةٌ ، فَلَهُمَا رُبُعُ الْمَالِ وَسُدُسُهُ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ كَانَ لَهُمَا الثُّلُثَانِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْكُبْرَى وَحْدَهَا حُرَّةً كَانَ لَهَا النِّصْفُ ، وَكَذَلِكَ الصُّغْرَى ، وَلَوْ كَانَتَا أَمَتَيْنِ كَانَ الْمَالُ لِلْعَصَبَةِ ، فَقَدْ كَانَ لَهُمَا مَالٌ وَثُلُثَانِ ، فَلَهُمَا رُبُعُ ذَلِكَ ، وَهُوَ رُبُعٌ وَسُدُسٌ ، وَطَرِيقُهَا بِالْبَسْطِ أَنْ تَقُولَ : وَلَوْ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ ، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَإِنْ كَانَتْ الْكُبْرَى

وَحْدَهَا حُرَّةً ، فَهِيَ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الصُّغْرَى وَحْدَهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَتَا أَمَتَيْنِ ، فَهِيَ مِنْ سَهْمٍ ، فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ ، تَكُنْ سِتَّةً ، ثُمَّ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ تَكُنْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ لِلْكُبْرَى نِصْفُ الْمَالِ فِي حَالٍ ثَلَاثَةٌ ، وَثُلُثُهُ فِي حَالٍ سَهْمَانِ ، صَارَ لَهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَلِلْأُخْرَى مِثْلُ ذَلِكَ ، وَلِلْعَصَبَةِ الْمَالُ فِي حَالٍ ، وَالنِّصْفُ فِي حَالَيْنِ ، وَالثُّلُث فِي حَالٍ ، ذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ .
وَمَنْ جَمَعَ الْحُرِّيَّةَ فِيهِمَا جَعَلَ لَهُمَا النِّصْفَ وَالْبَاقِيَ لِلْعَصَبَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ نَزَّلْتهمَا عَلَى تَقْدِيرِ الرَّدِّ فَيَكُونُ حُكْمُهُمَا حُكْمَ اثْنَيْنِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرٌّ ، عَلَى مَا قُلْنَاهُ .
ثَلَاثُ بَنَاتِ ابْنٍ مُتَنَازِلَاتٌ ، نِصْفُ كُلِّ وَاحِدَةٍ حُرٌّ وَعَصَبَةٌ ، لِلْأُولَى الرُّبُعُ ، وَلِلثَّانِيَةِ السُّدُسُ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً كَانَ لَهَا الثُّلُثُ ، وَلِلثَّالِثَةِ نِصْفُ السُّدُسِ عَلَى قَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ ؛ لِأَنَّك تَقُولُ لِلسُّفْلَى : لَوْ كَانَتَا أَمَتَيْنِ كَانَ لَك النِّصْفُ ، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حُرَّةً كَانَ لَك السُّدُسُ ، فَبَيْنَهُمَا ثُلُثٌ ، فَتَحْجُبُك الْعَلْيَاءُ عَنْ رُبُعٍ ، وَالثَّانِيَةُ عَنْ نِصْفِ سُدُسٍ ، فَيَبْقَى لَك سُدُسٌ لَوْ كُنْت حُرَّةً ، فَإِذَا كَانَ نِصْفُك حُرًّا ، كَانَ لَك نِصْفُهُ وَفِي التَّنْزِيلِ ، لِلثَّالِثَةِ نِصْفُ الثُّمُنُ وَثُلُثُهُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّنَا لَوْ نَزَّلْنَا كُلَّ وَاحِدَةٍ حُرَّةٍ وَحْدَهَا ، كَانَ لَهَا النِّصْفُ .
فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ مِنْ ابْنَيْنِ اثْنَيْنِ .
وَلَوْ كُنَّ إمَاءً كَانَ الْمَالُ لِلْعَصَبَةِ .
وَلَوْ كُنَّ أَحْرَارًا كَانَ لِلْأُولَى النِّصْفُ ، وَلِلثَّانِيَةِ السُّدُسُ ، وَالثُّلُثُ لِلْعَصَبَةِ .
وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ حُرَّتَيْنِ ، فَكَذَلِكَ .
وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ حُرَّتَيْنِ ، فَلِلثَّانِيَةِ النِّصْفُ ، وَلِلثَّالِثَةِ السُّدُسُ ، وَالثُّلُثُ لِلْعَصَبَةِ

فَهَذَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ ، مِنْ سِتَّةٍ سِتَّةٌ ، وَالْمَسَائِلُ كُلُّهَا تَدْخُلُ فِيهَا ، فَتَضْرِبُهَا فِي ثَمَانِيَةِ أَحْوَالٍ ، تَكُنْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ ، لِلْعُلْيَا النِّصْفُ ، فِي أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ ، اثْنَا عَشَرَ ، وَهِيَ الرُّبُعُ ، وَلِلثَّانِيَةِ النِّصْفُ فِي حَالَيْنِ ، السُّدُسُ فِي حَالَيْنِ ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ ، وَذَلِكَ هُوَ السُّدُسُ ، وَلِلثَّالِثَةِ النِّصْفُ فِي حَالٍ ، وَالسُّدُسُ فِي حَالَيْنِ ، وَهُوَ خَمْسَةٌ ، وَهِيَ نِصْفُ الثُّمُنِ ، وَثُلُثُهُ .
وَقَالَ قَوْمٌ : تُجْمَعُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِنَّ ، فَيَكُونُ فِيهِنَّ حُرِّيَّةٌ وَنِصْفٌ ، لَهُنَّ بِهَا ثُلُثٌ وَرُبُعٌ لِلْأُولَى ، وَلِلثَّانِيَةِ رُبُعَانِ ، وَلِلثَّالِثَةِ نِصْفُ سُدُسٍ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ كَانَ لَهَا نِصْفُ سُدُسٍ آخَرُ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدَةٍ حُرٌّ وَأُمٌّ حُرَّةٌ وَعَمٌّ ، لِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبَوَيْنِ الرُّبُعُ ، وَلِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ السُّدُسُ ، وَلِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ نِصْفُ السُّدُسِ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُحْجَبُ إلَّا بِاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ، وَلَمْ تَكْمُلْ الْحُرِّيَّةُ فِي اثْنَتَيْنِ ، وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ .
وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ أُخْتٌ حُرَّةٌ وَأُخْرَى نِصْفُهَا حُرٌّ وَأُمٌّ حِرَةٌ ، فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَالَ الْخَبْرِيُّ : لِلْأُمِّ الرُّبُعُ ، وَحَجْبُهَا بِالْجُزْءِ ، كَمَا تُحْجَبُ بِنِصْفِ الْبِنْتِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَجْبَ بِالْوَلَدِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ ، بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ فِي الْوَلَدِ وَالْجُزْءِ مِنْ الْوَلَدِ ، وَفِي الْإِخْوَةِ مُقَدَّرٌ بِاثْنَيْنِ ، فَلَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ مِنْهُمَا ، وَلِذَلِكَ لَمْ تُحْجَبْ بِالْوَاحِدِ عَنْ شَيْءٍ أَصْلًا .
وَهَذَا قَوْلُ ابْن اللَّبَّانِ .
وَحَكَى الْقَوْلَ الْأَوَّلَ عَنْ الشَّعْبِيِّ ، وَقَالَ : هَذَا غَلَطٌ .
وَفِي الْبَابِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ ، وَفُرُوعٌ قَلَّ مَا تَتَّفِقُ ، وَقَلَّ مَا تَجِيءُ مَسْأَلَةٌ إلَّا وَيُمْكِنُ عَمَلُهَا بِقِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ .

( 4930 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَإِذَا مَاتَ ، وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ، فَلَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ ، فَلَهَا خُمُسُ مَا فِي يَدِهِ ) قَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مَنْ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ ، وَمَنْ لَا يَثْبُتُ ، وَنَذْكُرُ هَاهُنَا مَا يَسْتَحِقُّ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ ، إذَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ، فَنَقُولُ ، إذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ ، فَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ، لَزِمَ الْمُقِرَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ فَضْلَ مَا فِي يَدِهِ عَنْ مِيرَاثِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ، وَشَرِيكٍ ، وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ ، وَوَكِيعٍ ، وَإِسْحَاقَ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ ، وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ .
وَقَالَ النَّخَعِيُّ ، وَحَمَّادٌ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ : يُقَاسِمُهُ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ : أَنَا وَأَنْتَ سَوَاءٌ فِي مِيرَاثِ أَبِينَا ، وَكَأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُنْكِرُ تَلِفَ ، أَوْ أَخَذَتْهُ يَدٌ عَادِيَةٌ ، فَيَسْتَوِي فِيمَا بَقِيَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَدَاوُد : لَا يَلْزَمُهُ فِي الظَّاهِرِ دَفْعُ شَيْءٍ إلَيْهِ ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ : أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ مَنْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ .
وَعَلَى قَوْلِ الَّذِي يَلْزَمُهُ دَفْعُ شَيْءٍ إلَيْهِ ، فَفِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ ، كَالْمَذْهَبَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ .
وَلَنَا ، عَلَى الشَّافِعِيِّ ، أَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ لِمُدَّعِيهِ ، يُمْكِنُ صِدْقُهُ فِيهِ ، وَيَدُ الْمُقِرِّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِهِ إلَيْهِ ، فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمُعَيَّنٍ ، وَلِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا أَخُوهُ ، وَلَهُ ثُلُثُ التَّرِكَةِ .
وَيَتَعَيَّنُ اسْتِحْقَاقُهُ لَهَا ، وَفِي يَدِهِ بَعْضُهُ وَصَاحِبُهُ يَطْلُبهُ ، لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ ، وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَنْعُهُ مِنْهُ ، كَمَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ ، وَعَدَمُ ثُبُوتِ نَسَبِهِ فِي الظَّاهِرِ ، لَا

يَمْنَعُ وُجُوبَ دَفْعِهِ إلَيْهِ ، كَمَا لَوْ غَصَبَهُ شَيْئًا ، وَلَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ بِغَصْبِهِ .
وَلَنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ ، أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِالْفَاضِلِ عَنْ مِيرَاثِهِ ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِمُحَلٍّ مُشْتَرَكٍ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِ ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْعَبْدِ بِجِنَايَةٍ ، فَعَلَى هَذَا ، إذَا خَلَّفَ ابْنَيْنِ ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ، فَلِلْمُقَرِّ لَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ ، وَهُوَ سُدُسُ الْمَالِ .
لِأَنَّهُ يَقُولُ : نَحْنُ ثَلَاثَةٌ ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا الثُّلُثُ ، وَفِي يَدِي النِّصْفُ ، فَفَضَلَ فِي يَدِي لَك السُّدُسُ ، فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ .
وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ الرُّبُعُ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ دَفَعَ إلَيْهَا خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ : نَحْنُ أَخَوَانِ وَأُخْتٌ ، فَلَكَ الْخُمُسُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَهُوَ خُمُسُ مَا فِي يَدِي ، وَخُمُسُ مَا فِي يَدِ أَخِي .
فَيَدْفَعُ إلَيْهَا خَمْسَ مَا فِي يَدِهِ ، وَفِي قَوْلِهِمْ يَدْفَعُ إلَيْهَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ .

( 4931 ) فَصْلٌ : وَإِنْ أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِوَارِثٍ ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمَيِّتُ لِيَثْبُتَ نَسَبُهُ مِنْهُ ، ثَبَتَ نَسَبَهُ ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَرَثَةُ وَاحِدًا ، أَوْ جَمَاعَةً .
وَبِهَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٌ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ : لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ .
وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، أَنَّهُ لَا يَثْبُت النَّسَبُ إلَّا بِإِقْرَارِ ابْنَيْنِ ذَكَرَيْنِ كَانَا أَوْ أُنْثَيَيْنِ ، عَدْلَيْنِ أَوْ غَيْرِ عَدْلَيْنِ .
وَنَحْوُهُ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى ابْنُ اللَّبَّانِ ، قَالَ أَشْعَثُ بْنُ سُوَارٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ وَأُخْتُهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَعَهُمَا صَبِيٌّ ، فَقَالَا : هَذَا أَخُونَا .
فَقَالَ عُمَرُ : لَا أُلْحِقُ بِأَبِيكُمَا مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ .
وَلَنَا ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ وَلِيدَةِ أَبِيهِ ، وَقَالَ : هَذَا أَخِي ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي .
فَقَبِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ ، وَأَثْبُتَ النَّسَبَ بِهِ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ مَوْرُوثِهِ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِاعْتِرَافِهِ مَا يَثْبُتُ بِاعْتِرَافِ الْمَوْرُوثِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الدَّيْنِ ، وَغَيْرِهِ ، كَذَا النَّسَبُ ، وَلِأَنَّ الْوَارِثَ يَخْلُفُ الْمَوْرُوثَ فِي حُقُوقِهِ ، وَهَذَا مِنْهَا .
وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ دَفْعِ مِيرَاثِهِ إلَيْهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ يُسْقِطُ الْمُقِرَّ ، كَأَخٍ يُقِرُّ بِابْنٍ ، أَوْ ابْنِ ابْنٍ ، أَوْ أَخٍ مِنْ أَبٍ يُقِرُّ بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ أَثْبَتِ النَّسَبَ ، وَلَمْ يُوَرِّثْهُ ؛ لِئَلَّا يَكُونَ إقْرَارًا مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ ، فَثُبُوتُ مِيرَاثِهِ يُفْضِي إلَى سُقُوطِ نَسَبِهِ وَمِيرَاثِهِ وَلَنَا ، أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ كُلِّ الْوَرَثَةِ ، يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ بِمَنْ يَرِثُ ، لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِغَيْرِ إقْرَارِهِ ، فَيَجِبُ أَنْ يَرِثَ ، كَمَا لَوْ لَمْ يُسْقِطْهُ ، وَلِأَنَّهُ ابْنٌ ثَابِتُ النَّسَبِ ، لَمْ

يَمْنَعْ إرْثَهُ مَانِعٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ ، وَالِاعْتِبَارُ بِكَوْنِهِ وَارِثًا حَالَةَ الْإِقْرَارِ ، أَوْ بِكَوْنِهِ وَارِثًا لَوْلَا الْإِقْرَارُ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ الْحَالُ الثَّانِي ، لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ ، إذَا أَقَرَّ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ ، فَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا ثَبَتَ ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ أَيْضًا مُقِرٌّ بِنَفْسِهِ مُدَّعٍ لِنَسَبِهِ .
قُلْنَا : هَاهُنَا مِثْلُهُ ، فَاسْتَوَيَا .

( 4932 ) فَصْلٌ : إذَا خَلَّفَ ابْنًا وَاحِدًا ، فَأَقَرَّ بِأَخٍ مِنْ أَبِيهِ ، دَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ .
فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ .
فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدُ بِآخَرَ ، فَاتَّفَقَا عَلَيْهِ ، دَفَعَا إلَيْهِ ثُلُثَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا .
فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ .
فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُقَرُّ بِهِ ثَانِيًا الْمُقَرَّ بِهِ الْأَوَّلَ ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ .
قَالَ الْقَاضِي : هَذَا مَثَلٌ لِلْعَامَّةِ ، تَقُولُ : أَدْخِلْنِي أُخْرِجْك .
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَا فِي أَيْدِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ أَنْ يَغْرَمَ لَهُ نِصْفَ التَّرِكَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفْهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَبْطُلَ نَسَبُ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ كُلُّ الْوَرَثَةِ حَالَ الْإِقْرَارِ .
فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ، وَيَدْفَعُ إلَيْهِ الْمُقِرُّ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ الْفَضْلُ الَّذِي فِي يَدِهِ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ دَفْعُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ بِدَفْعِ النِّصْفِ إلَى الْأَوَّلِ ، وَهُوَ يُقِرُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الثُّلُثَ وَسَوَاءٌ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ ، أَوْ بِغَيْرِ حُكْمِهِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عِلَّةُ حُكْمِ الْحَاكِمِ .
وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحَالِ عِنْدَ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ، لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَاحِدٌ فِي ضَمَانِ مَا يُتْلَفُ .
وَحَكَى نَحْوُ هَذَا عَنْ شَرِيكٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالثَّانِي حِينَ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ لَا يُقْبَلُ ، ضَمِنَ ؛ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ غَيْرِهِ بِتَفْرِيطِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ، لَمْ يَضْمَنْ ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ بِالْأَوَّلِ إذَا عَلِمَهُ ، وَلَا يَحُوجُهُ إلَى حَاكِمٍ ، وَمَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ فَقَدْ أَحْسَنَ ، وَلَيْسَ بِخَائِنٍ ، فَلَا يَضْمَنُ .
وَقِيلَ : هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إنْ

كَانَ الدَّفْعُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ ، دَفَعَ إلَى الثَّانِي نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ كَالْأَخْذِ مِنْهُ كَرْهًا ، وَإِنْ دَفَعَهُ بِغَيْرِ حَاكِمٍ ، دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ مَا لَيْسَ لَهُ تَبَرُّعًا .
وَلَنَا عَلَى الْأَوَّلِ ، أَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ بِهِ ، فَلَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَ السَّارِقِ ، فَسَرَى إلَى نَفْسِهِ .
وَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَهُمَا بِثَالِثٍ ، فَصَدَّقَاهُ ، ثَبَتَ نَسَبُهُ ، وَأَخَذَ رُبُعَ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، إذَا كَانَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الْمَالِ ، وَإِنْ كَذَّبَاهُ ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَأَخَذَ رُبُعَ مَا فِي يَدِ الْمُقَرِّ بِهِ ، وَفِي ضَمَانِهِ لَهُ مَا زَادَ التَّفْصِيلُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا .
وَعَلَى مِثْلِ قَوْلِنَا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ .

( 4933 ) فَصْلٌ : وَمَتَى أَرَدْت مَعْرِفَةَ الْفَضْلِ ، فَاضْرِبْ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ، ثُمَّ تَضْرِبُ مَا لِلْمُقِرِّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ، إذَا كَانَتَا مُتَبَايِنَتَيْنِ ، وَتَضْرِبُ مَا لِلْمُنْكِرِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ ، فَمَا كَانَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ الْفَضْلُ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَضْلٌ ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ ، كَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ ، أَقَرَّ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ بِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَسَوَاءٌ أَقَرَّ بِأَخٍ مِنْ أُمٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، إنْ أَقَرَّ بِأَخٍ مِنْ أُمٍّ ، فَلَهُ نِصْفُ مَا فِي يَدِهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَلِلْمُقَرِّ بِهِ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ مَا فِي يَدِهِ .
وَإِنْ كُنَّ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ ، فَأَقَرَّتْ الْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ بِأَخٍ ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَصَبَةٌ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَصَبَةٌ ، فَلَهُ سُدُسُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِنْكَارِ مِنْ خَمْسَةٍ ، وَالْإِقْرَارِ مِنْ سِتَّةٍ إذَا ضَرَبْت إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى ، كَانَتْ ثَلَاثِينَ ، لَهَا سَهْمٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ، فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ ، سِتَّةٌ ، وَلَهَا فِي الْإِقْرَارِ خَمْسَةٌ ، يَفْضُلُ فِي يَدِهَا سَهْمٌ ، فَهُوَ لِلْأَخِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ وَإِنْ أَقَرَّتْ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ بِأَخٍ لَهَا ، صَحَّتْ مِنْ تِسْعِينَ ، لَهَا عَشَرَةٌ ، وَيَفْضُلُ لِأَخِيهَا ثَمَانِيَةٌ .
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، دَفَعَتْ إلَيْهِ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهَا .
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِأَخٍ مِنْ أُمٍّ أَوْ بِأُمٍّ لِلْمَيِّتِ ، أَوْ جَدَّةٍ ، أَوْ بِعَصَبَةٍ ، فَلَهُ سُدُسُ مَا فِي يَدِهَا .
وَإِنْ خَلَّفَ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ مِنْ أَبٍ وَعَمًّا ، فَأَقَرَّ الْأَخَوَاتُ بِأَخٍ لَهُنًّ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ أَقْرَرْنَ بِأُخْتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، دَفَعْنَ إلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا فِي أَيْدِيهِنَّ .
وَإِنْ أَقْرَرْنَ بِأُخْتٍ مِنْ أَبٍ ، فَلَهَا

خُمُسُ مَا فِي أَيْدِيهِنَّ ، وَأَيَّتُهُنَّ أَقَرَّتْ وَحْدَهَا ، دَفَعَتْ إلَيْهَا مِمَّا فِي يَدِهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَرَّتْ إحْدَاهُنَّ بِأَخٍ وَأُخْتٍ ، فَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ سَبْعَةٍ ، وَالْإِنْكَارِ مِنْ سِتَّةٍ ، تَضْرِبُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى ، تَكُنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ، لَهَا سَهْمٌ فِي سِتَّةٍ ، وَفِي يَدِهَا سَبْعَةٌ ، يَفْضُلُ فِي يَدِهَا سَهْمٌ لَهُمَا .
وَإِنْ أَقَرَّ الْأَرْبَعُ بِهِمَا فَضَلَ لَهُمَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِمَا يَتَصَادَقَانِ ، اقْتَسَمَاهَا بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ، فَإِنْ تَجَاحَدَا ، فَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الثُّلُثَيْنِ ، وَيَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْأُخْتِ ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي خُمُسَ الثُّلُثَيْنِ ، وَإِنْ جَحَدَتْهُ ، وَلَمْ يَجْحَدْهَا ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى جَحْدِهَا ، لِإِقْرَارِ الْأَخَوَاتِ الْمَعْرُوفَاتِ ، وَإِنْ جَحَدَهَا ، وَلَمْ تَجْحَدْهُ ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ لَهَا ، لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الثُّلُثَيْنِ ، وَكَوْنُهَا تَدَّعِي مِنْ الثُّلُثَيْنِ مِثْلَ هَذِهِ الْفَضْلَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَسْتَحِقَّ إلَّا ثُلُثَ أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ، لِإِقْرَارِهَا بِهَا لِلْأَخِ .
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَإِنْ أَقَرَّ الْعَمُّ بِأُخْتٍ ، أَوْ أَخَوَاتٍ مِنْ ، أَبٍ ، أَوْ أَبَوَيْنِ ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَخٍ ، أَوْ أُخْتٍ مِنْ أُمٍّ ، أَوْ بِأُمٍّ ، أَوْ جَدَّةٍ ، فَلِلْمُقَرِّ لَهُ السُّدُسُ .
وَإِنْ أَقَرَّ بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، أَوْ مِنْ أَبٍ ، أَوْ بِابْنَيْنِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ ، فَلَهُمْ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ .
وَإِنْ خَلَّفَ أُمًّا ، أَوْ أَخًا مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَأَقَرَّتْ الْأُمُّ بِأَخٍ مِنْ ، أُمٍّ ، أَوْ مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَلَهُ السُّدُسُ ، وَهُوَ نِصْفُ مَا فِي يَدِهَا وَإِنْ أَقَرَّتْ بِأَخٍ مِنْ أَبٍ ، فَصَدَّقَهَا الْأَخُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ، فَلَهُ السُّدُسُ ، وَهُوَ نِصْفُ مَا فِي يَدِهَا ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهَا ، فَقَدْ أَقَرَّتْ لَهُ بِمَا لَا يَدَّعِيهِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ

يُقِرَّ فِي يَدِهَا ، وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا ، وَقَدْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِبَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُسْتَحِقٌّ وَلَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ .
فَإِنْ أَقَرَّ الْأَخُ بِأَخٍ لَهُ مِنْ أَبَوَيْنِ ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ ، وَفِي يَدِهِ ثَمَانِيَةٌ ، فَالْفَاضِلُ فِي يَدِهِ ثَلَاثَةٌ .

( 4934 ) فَصْلٌ : إذَا خَلَّفَ ابْنَيْنِ ، فَأَقَرَّ الْأَكْبَرُ بِأَخَوَيْنِ ، فَصَدَّقَهُ الْأَصْغَرُ فِي أَحَدِهِمَا ، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ، فَصَارُوا ثَلَاثَةً ، فَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ إذًا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، وَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، فَتَضْرِبُ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ، تَكُنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، لِلْأَصْغَرِ سَهْمٌ ، مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ ، أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْأَكْبَرِ سَهْمٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ، ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إنْ أَقَرَّ بِصَاحِبِهِ مِثْلُ سَهْمِ الْأَكْبَرِ ، وَإِنْ أَنْكَرَ مِثْلُ سَهْمِ الْأَصْغَرِ وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ إنْ صَدَّقَ بِصَاحِبِهِ .
لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْمُنْكِرِ إلَّا رُبُعَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْهُ ، وَيَأْخُذُ هُوَ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ الْأَكْبَرِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ ، فَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ؛ لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ ، وَلِلْمُقِرِّ سَهْمَانِ ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ سَهْمَانِ ، وَلِلْآخَرِ سَهْمٌ .
وَذَكَرَ ابْنُ اللَّبَّانِ أَنَّ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَفِي هَذَا نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يُقِرُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الثُّلُثَ ، وَقَدْ حَضَرَ مَنْ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ .
فَوَجَبَ دَفْعُهَا إلَيْهِ ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ ، فَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : إنَّمَا هِيَ لِهَذَا الْمُدَّعِي .
فَإِنَّهَا تُدْفَعُ إلَيْهِ .
وَقَدْ رَدَّ الْخَبْرِيُّ عَلَى ابْنِ اللَّبَّانِ هَذَا الْقَوْلَ ، وَقَالَ : عَلَى هَذَا يَبْقَى مَعَ الْمُنْكِرِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ ، وَهُوَ لَا يَدَّعِي إلَّا الثُّلُثَ ، وَقَدْ حَضَرَ مَنْ يَدَّعِي هَذِهِ الزِّيَادَةَ ، وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهَا ، فَيَجِبُ دَفْعُهَا إلَيْهِ .
قَالَ : وَالصَّحِيحُ أَنْ يَضُمَّ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ السُّدُسَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ ، فَيَضُمُّهُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي بِيَدِ الْمُقَرِّ بِهِمَا ، فَيَقْسِمَانِهِ أَثْلَاثًا ، وَتَصِحُّ

مِنْ تِسْعَةٍ ؛ لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ سَهْمَانِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إذَا تَصَادَقَا ، وَلَا يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يُلْزِمْ الْمُقِرَّ أَكْثَرَ مِنْ الْفَضْلِ عَنْ مِيرَاثِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِمَا ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ، لَا يَنْقُصُ مِيرَاثُهُ عَنْ الرُّبُعِ ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إلَّا التُّسْعَانِ .
وَقِيلَ : يَدْفَعُ الْأَكْبَرُ إلَيْهِمَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ، وَيَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ، فَيَحْصُلُ لِلْأَصْغَرِ الثُّلُثُ ، وَلِلْأَكْبَرِ الرُّبُعُ ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ السُّدُسُ وَالثُّمُنُ ، وَلِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ الثُّمُنُ ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، لِلْأَصْغَرِ ، ثَمَانِيَةٌ ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ ، وَلِلْأَكْبَرِ سِتَّةٌ ، وَلِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ ثَلَاثَةٌ .
وَفِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ سِوَى هَذَا .

( 4935 ) فَصْلٌ : إذَا خَلَّفَ ابْنًا ، فَأَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ دَفْعَةً ، وَاحِدَةً فَتَصَادَقَا ، ثَبَتَ نَسَبُهُمَا .
وَإِنْ تَجَاحَدَا فَكَذَلِكَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ؛ لِأَنَّ نَسَبَهُمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ مَنْ هُوَ كُلُّ الْوَرَثَةِ قَبْلَهُمَا .
وَفِي الْآخَرِ ، لَا يَثْبُتُ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ كُلِّ الْوَرَثَةِ ، وَيَدْفَعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ .
وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ ، وَجَحَدَهُ الْآخَرُ ، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ، وَفِي الْأُخَرِ وَجْهَانِ .
وَيَدْفَعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ .

( 4936 ) فَصْلٌ : وَلَوْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِأَخٍ ، وَأُخْتٍ ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُ أَخَوَيْهِ فِي الْأَخِ ، وَالْآخَرُ فِي الْأُخْتِ ، لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُمَا ، وَيَدْفَعُ الْمُقَرُّ بِهِمَا إلَيْهِمَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ .
وَيَدْفَعُ الْمُقِرُّ بِالْأَخِ إلَيْهِ رُبُعَ مَا فِي يَدِهِ ، وَيَدْفَعُ الْمُقِرُّ بِالْأُخْتِ إلَيْهَا سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ، فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ؛ سَهْمُ الْمُقِرِّ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ ، فَلَهُ سِتَّةٌ ، وَلَهُمَا ثَلَاثَةٌ ، وَسَهْمُ الْمُقِرِّ بِالْأَخِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ ، لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِأَخِيهِ سَهْمٌ وَسَهْمُ الْمُقِرِّ بِالْأُخْتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ ، لَهُ سِتَّةٌ ، وَلَهَا سَهْمٌ ، وَكُلُّهَا مُتَبَايِنَةٌ فَاضْرِبْ أَرْبَعَةً فِي سَبْعَةٍ ، فِي تِسْعَةٍ ، فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ، تَكُنْ سَبْعَمِائَةٍ وَسِتَّةً وَخَمْسِينَ ؛ لِلْمُقَرِّ بِهِمَا سِتَّةٌ ، فِي أَرْبَعَةٍ ، فِي سَبْعَةٍ ، مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ ، وَسِتُّونَ ، وَلِلْمُقِرِّ بِالْأُخْتِ سِتَّةٌ ، فِي أَرْبَعَةٍ ، فِي تِسْعَةٍ .
مِائَتَانِ وَسِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْمُقِرِّ بِالْأَخِ ثَلَاثَةٌ ، فِي سَبْعَةٍ ، فِي تِسْعَةٍ ، مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَثَمَانُونَ ، وَلِلْأَخِ الْمُقَرِّ بِهِ سَهْمَانِ ، فِي أَرْبَعَةٍ ، فِي سَبْعَةٍ ، سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ ، وَسَهْمٌ فِي سَبْعَةٍ ، فِي تِسْعَةٍ ، ثَلَاثَةٌ وَسِتُّونَ ، فَيَجْتَمِعُ لَهُ مِائَةٌ وَتِسْعَةَ عَشَرَ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ ، فِي أَرْبَعَةٍ ، فِي سَبْعَةٍ ، ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَسَهْمٌ فِي أَرْبَعَةٍ ، فِي تِسْعَةٍ ، سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ، يَجْتَمِعُ لَهَا أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَصَادُقِهِمَا ، وَتَجَاحُدِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا عَنْ مِيرَاثِهِ .
وَلَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ابْنٌ رَابِعٌ ، لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، كَانَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ، عَلَى أَحَدَ عَشَرَ وَسَهْمٍ ، عَلَى تِسْعَةٍ ، وَسَهْمٍ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَسَهْمٍ يَنْفَرِدُ بِهِ الْجَاحِدُ ، فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَلْفٍ وَتِسْعِمِائَةٍ

وَثَمَانِينَ سَهْمًا ، وَطَرِيقُ الْعَمَلِ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا .

( 4937 ) فَصْلٌ : إذَا خَلَّفَ بِنْتًا وَأُخْتًا ، فَأَقَرَّتَا لِصَغِيرَةٍ ، فَقَالَتْ الْبِنْتُ : هِيَ أُخْتٌ .
وَقَالَتْ الْأُخْتُ : هِيَ بِنْتٌ .
فَلَهَا ثُلُثُ مَا فِي يَدِ الْأُخْتِ لَا غَيْرُ .
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَلِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، وَاللُّؤْلُؤِيِّ ، وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ ، تَخْبِيطٌ كَثِيرٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ .
وَإِنْ خَلَّفَ امْرَأَةً وَبِنْتًا وَأُخْتًا ، فَأَقْرَرْنَ بِصَغِيرَةٍ ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ : هِيَ امْرَأَةٌ .
وَقَالَتْ الْبِنْتُ : هِيَ بِنْتٌ .
وَقَالَتْ الْأُخْتُ : هِيَ أُخْتٌ فَقَالَ الْخَبْرِيُّ : تُعْطَى ثُلُثَ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمُقِرَّاتِ عَلَى حَسَبِ إقْرَارِهِنَّ ، وَقَدْ أَقَرَّتْ لَهَا الْبِنْتُ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَأَقَرَّتْ لَهَا الْأُخْتُ بِأَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ ، وَأَقَرَّتْ ، الْمَرْأَةُ بِسَهْمٍ وَنِصْفٍ ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ ، لَهَا مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا ، فَخُذْ لَهَا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ مَا أَقَرَّتْ لَهَا بِهِ ، وَاضْرِبْ الْمَسْأَلَةَ فِي خَمْسَةٍ ، تَكُنْ مِائَةً وَعِشْرِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ ، فَإِذَا بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ ، فَصَدَّقَتْ إحْدَاهُنَّ ، أَخَذَتْ مِنْهَا تَمَامَ مَا أَقَرَّتْ لَهَا بِهِ ، وَرَدَّتْ عَلَى الْبَاقِيَتَيْنِ مَا أَخَذَتْهُ مِمَّا لَا تَسْتَحِقُّهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى : يُؤْخَذُ لَهَا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا أَقَرَّتْ لَهَا بِهِ .
وَإِذَا بَلَغَتْ فَصَدَّقَتْ إحْدَاهُنَّ ، أَمْسَكَتْ مَا أُخِذَ لَهَا مِنْهَا ، وَرَدَّتْ عَلَى الْبَاقِيَتَيْنِ الْفَضْلَ الَّذِي لَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهَا ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَصْوَبُ ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ فِيهِ احْتِيَاطًا عَلَى حَقِّهَا .
ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ ، ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا أُخْتُ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، فَصَدَّقَهَا الْأَكْبَرُ ، وَقَالَ الْأَوْسَطُ : هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ .
وَقَالَ الْأَصْغَرُ : هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ .
فَإِنَّ الْأَكْبَرَ يَدْفَعُ إلَيْهَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ، وَيَدْفَعُ إلَيْهَا

الْأَوْسَطُ سُدُسَ مَا فِي يَدِهِ ، وَيَدْفَعُ إلَيْهَا الْأَصْغَرُ سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ، وَتَصِحُّ مِنْ مِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ مَسْأَلَتِهِمْ ثَلَاثَةٌ ، فَمَسْأَلَةُ الْأَكْبَرِ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَالثَّانِي مِنْ سِتَّةٍ ، وَالثَّالِثِ مِنْ سَبْعَةٍ ، وَالِاثْنَانِ تَدْخُلُ فِي السِّتَّةِ ، فَتَضْرِبُ سِتَّةً ، فِي سَبْعَةٍ ، تَكُنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ، فَهَذَا مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَتَأْخُذُ مِنْ الْأَكْبَرِ نِصْفَهُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ ، وَمِنْ الْأَوْسَطِ سُدُسَهُ سَبْعَةً ، وَمِنْ الْأَصْغَرِ سُبْعَهُ سِتَّةً ، صَارَ لَهَا أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ .
وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ تَأْخُذُ سُبُعَ مَا فِي يَدِ الْأَصْغَرِ ، فَيُضَمُّ نِصْفُهُ إلَى مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا ، وَنِصْفُهُ إلَى مَا بِيَدِ الْآخَرِ ، وَيُقَاسِمُ الْأَوْسَطَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، لَهُ عَشَرَةٌ ، وَلَهَا ثَلَاثَةٌ ، فَيَضُمُّ الثَّلَاثَةَ إلَى مَا بِيَدِ الْأَكْبَرِ ، وَيُقَاسِمُهُ مَا بِيَدِهِ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، لَهَا ثَلَاثَةٌ ، وَلَهُ سَهْمٌ ، فَاجْعَلْ فِي يَدِ الْأَصْغَرِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ؛ لِيَكُونَ لِسُبْعِهِ نِصْفٌ صَحِيحٌ ، وَاضْرِبْهَا فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، تَكُنْ مِائَةً وَاثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ ، فَهَذَا مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، تَأْخُذُ مِنْ الْأَصْغَرِ سُبْعَهُ ، وَهُوَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ .
تُضَمُّ إلَى مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ إخْوَتِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، فَيَصِيرُ مَعَهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ ، وَتَأْخُذُ مِنْ الْأَوْسَطِ مِنْهَا ثَلَاثَةً مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَهِيَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ ، تَضُمُّهَا إلَى مَا بِيَدِ الْأَكْبَرِ ، يَصِيرُ مَعَهُ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ ، فَتَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا ، وَهِيَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ، وَيَبْقَى لَهُ سِتُّونَ ، وَيَبْقَى لِلْأَوْسَطِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ ، وَلِلْأَصْغَرِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سُدُسِهَا ، وَهُوَ أَحَدٌ وَتِسْعُونَ .

( 4938 ) فَصْلٌ : وَإِذَا خَلَّفَ ابْنًا ، فَأَقَرَّ بِأَخٍ ، ثُمَّ جَحَدَهُ ، لَمْ يُقْبَلْ جَحْدُهُ ، وَلَزِمَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ .
فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ جَحْدِهِ بِآخَرَ ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ لَهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي يَدِهِ عَنْ مِيرَاثِهِ .
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى .
فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْأَوَّلِ شَيْئًا ، لَزِمَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ لِلْآخَرِ شَيْءٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ دَفْعُ النِّصْفِ الْبَاقِي كُلِّهِ إلَى الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ .
وَهَذَا قَوْلُ زُفَرَ ، وَبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ لِلثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ الْفَضْلُ الَّذِي فِي يَدِهِ ، عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِمْ ثَلَاثَةً ، فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالثَّانِي مِنْ غَيْرِ جَحْدِ الْأَوَّلِ .
وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ إنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ، دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ .
وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ، ثُمَّ جَحَدَهُ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِآخَرِ ، لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي يَدِهِ .
وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ .
وَعَلَى الثَّالِثِ يَلْزَمُهُ رُبُعُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ .
وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، دُونَ الثَّانِي .

( 4939 ) فَصْلٌ : إذَا مَاتَ رَجُلٌ ، وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ، وَتَرَكَ بِنْتًا ، فَأَقَرَّ الْبَاقِي بِأَخٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ ، فَفِي يَدِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رُبُعًا ، وَسُدُسًا ، فَيَفْضُلُ فِي يَدِهِ ثُلُثٌ يَرُدُّهُ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ .
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِهِ الْبِنْتُ وَحْدَهَا ، فَفِي يَدِهَا الرُّبُعُ ، وَهِيَ تَزْعُمُ أَنَّ لَهَا السُّدُسَ ، يَفْضُلُ فِي يَدِهَا نِصْفُ السُّدُسِ ، تَدْفَعُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ .
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إنْ أَقَرَّ الْأَخُ ، دَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ، وَإِنْ أَقَرَّتْ الْبِنْتُ ، دَفَعَتْ إلَيْهِ خَمْسَةَ أَسْبَاعِ مَا فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رُبُعًا ، وَسُدُسًا ، وَهُوَ خَمْسَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَلَهَا السُّدُسُ ، وَهُوَ سَهْمَانِ ، فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ سَبْعَةً ، لَهَا مِنْهُمَا سَهْمَانِ ، وَلَهُ خَمْسَةٌ .
بِنْتَانِ وَعَمٌّ ، مَاتَتْ إحْدَاهُمَا ، وَخَلَّفَتْ ابْنًا وَبِنْتًا ، فَأَقَرَّتْ ، الْبِنْتُ بِخَالَةٍ ، فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ تِسْعَةٍ ، وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَلَهَا مِنْهُمَا سَهْمَانِ ، وَفِي يَدِهَا ثَلَاثَةٌ ، فَتَدْفَعُ إلَيْهَا سَهْمًا ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا الِابْنُ دَفَعَ إلَيْهَا سَهْمَيْنِ ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِهَا الْبِنْتُ الْبَاقِيَةُ دَفَعَتْ إلَيْهَا التُّسْعَ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا الْعَمُّ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهَا شَيْئًا .
وَإِنْ أَقَرَّ الِابْنُ بِخَالٍ لَهُ ، فَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، لَهُ مِنْهَا سَهْمَانِ ، وَهُمَا السُّدُسُ ، يَفْضُلُ فِي يَدِهِ نِصْفُ تُسْعٍ .
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِهِ أُخْتُهُ دَفَعَتْ إلَيْهِ رُبُعَ تُسْعٍ ، فَإِنْ أَقَرَّتْ بِهِ الْبِنْتُ الْبَاقِيَةُ فَلَهَا الرُّبُعُ ، وَفِي يَدِهَا الثُّلُثُ ، فَتَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ السُّدُسِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْعَمُّ دَفَعَ إلَيْهِ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ .
ابْنَانِ ، مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ بِنْتٍ ، ثُمَّ أَقَرَّ الْبَاقِي مِنْهُمَا بِأُمٍّ لِأَبِيهِ ، فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، لِلْمُقِرِّ مِنْهَا ثَلَاثَةُ

أَرْبَاعِهَا ، وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، لِلْمُقِرِّ مِنْهَا أَرْبَعُونَ ، يَفْضُلُ فِي يَدِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، يَدْفَعُهَا إلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي أَقَرَّ لَهَا ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ؛ لِلْمُقِرِّ مِنْهَا عِشْرُونَ ، وَلِلْبِنْتِ تِسْعَةٌ ، وَلِلْمُقَرِّ لَهَا سَبْعَةٌ .
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ تُعْمَلُ كَذَلِكَ ، إلَّا أَنَّهُ يَجْمَعُ سِهَامَ الْأُمِّ ، وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ ، إلَى سِهَامِ الْمُقِرِّ ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ ، فَتَقْسِمُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، فَمَا أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ فَهُوَ لَهُ فَتَضْرِبُ سَبْعَةً وَخَمْسِينَ فِي أَرْبَعَةٍ ، تَكُنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ فَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ فِي سَبْعَةٍ وَخَمْسِينَ ، وَلِلْمُقِرِّ أَرْبَعُونَ فِي ثَلَاثَةٍ ، تَكُنْ مِائَةً وَعِشْرِينَ ، وَلِلْأُمِّ سَبْعَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ .
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِهَا الْبِنْتُ ، فَلَهَا مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَفِي يَدِهَا الرُّبُعُ ، وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، يَفْضُلُ فِي يَدِهَا ثَلَاثَةٌ ، تَدْفَعُهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهَا .
وَإِنْ أَقَرَّ الِابْنُ بِزَوْجَةٍ لِأَبِيهِ ، وَهِيَ أُمُّ الْمَيِّتِ الثَّانِي ، فَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ ، لَهُ مِنْهَا سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ ، وَفِي يَدِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ ، يَفْضُلُ مَعَهُ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا ، يَدْفَعُهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهَا ، وَيَكُونُ لَهُ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ ، وَلَهَا سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْبِنْتِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ سِهَامَهُمْ كُلَّهَا تَتَّفِقُ بِالْأَثْمَانِ ، فَيَكُونُ لِلْمُقِرِّ سَبْعَةٌ ، وَلِلْمُقَرِّ لَهَا سَهْمَانِ ، وَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ : يُضَمُّ سِهَامُ الْمُقَرِّ لَهَا ، وَهِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ إلَى سِهَامِ الْمُقِرِّ ، فَتَكُونُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ ، وَتُقْسَمَ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ ، وَهُمَا يَتَّفِقَانِ بِالْأَثْلَاثِ ، فَتَرْجِعُ السِّهَامُ إلَى ثُلُثِهَا خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ، تَضْرِبُهَا فِي أَرْبَعَةٍ ، تَكُنْ

مِائَةً ، لِلْبِنْتِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَلِلْمَرْأَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ فِي سَهْمٍ ، وَلِلْمُقِرِّ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ ، وَمَا جَاءَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَهَذَا طَرِيقٌ لَهُ .
أَبَوَانِ وَابْنَتَانِ ، اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ ، ثُمَّ أَقَرُّوا بِبِنْتٍ لِلْمَيِّتِ ، فَقَالَتْ : قَدْ اسْتَوْفَيْت نَصِيبِي مِنْ تَرِكَةِ أَبِي فَالْفَرِيضَةُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ؛ لِلْأَبَوَيْنِ سِتَّةٌ ، وَلِكُلِّ بِنْتٍ أَرْبَعَةٌ ، فَأَسْقِطْ مِنْهَا نَصِيبَ الْبِنْتِ الْمُقَرِّ بِهَا ، يَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ ؛ لِلْأَبَوَيْنِ مِنْهَا سِتَّةٌ وَإِنَّمَا أَخَذَا ثُلُثَ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَثُلُثَا سَهْمٍ ، فَيَبْقَى لَهُمَا فِي يَدِ الْبِنْتَيْنِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ ، يَأْخُذَانِهَا مِنْهَا ، فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، تَكُنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ، فَقَدْ أَخَذَ الْأَبَوَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَهُمَا يَسْتَحِقَّانِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، يَبْقَى لَهُمَا أَرْبَعَةٌ ، يَأْخُذَانِهَا مِنْهُمَا ، وَيَبْقَى لِلِابْنَتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ قَالَتْ : قَدْ اسْتَوْفَيْت نِصْفَ نَصِيبِي فَأَسْقِطْ سَهْمَيْنِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، يَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ ، قَدْ أَخَذَا ثُلُثَهَا ، خَمْسَةً وَثُلُثًا ، خَمْسَةً وَثُلُثًا وَيَبْقَى لَهُمَا ثُلُثَا سَهْمٍ ، فَإِذَا ضَرَبَتْهَا فِي ثَلَاثَةٍ كَانَتْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ ، قَدْ أَخَذَا مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ ، يَبْقَى لَهُمَا سَهْمَانِ .

( 4940 ) فَصْلٌ : إذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ مِمَّنْ أُعِيلَتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ بِمَنْ يَعْصِبُهُ ، فَيَذْهَبُ الْعَوْلُ ، مِثْلُ مَسْأَلَةٍ فِيهَا زَوْجٌ وَأُخْتَانِ ، أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِأَخٍ لَهَا ، فَاضْرِبْ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ ، فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ ، وَهِيَ سَبْعَةٌ ، تَكُنْ سِتَّةً ، وَخَمْسِينَ ؛ لِلْمُنْكِرَةِ سَهْمَانِ ، فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْمُقِرَّةِ سَهْمٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ سَبْعَةٌ ، يَفْضُلُ فِي يَدِهَا تِسْعَةُ أَسْهُمٍ ، فَيُسْأَلُ الزَّوْجُ ، فَإِنْ أَنْكَرَ أُعْطِيَ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةٍ ، أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَدَفَعَتْ الْمُقِرَّةُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ مَا فَضَلَ فِي يَدِهَا كُلِّهِ ، وَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِهِ فَهُوَ يَدَّعِي أَرْبَعَةً ، وَالْأَخُ يَدَّعِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، فَتَجْمَعُهَا تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَتَقْسِمُ عَلَيْهَا التِّسْعَةَ .
فَتَدْفَعُ إلَى الزَّوْجِ سَهْمَيْنِ ، وَإِلَى الْأَخِ سَبْعَةً ، فَإِنْ أَقَرَّتْ الْأُخْتَانِ بِهِ ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ، وَهُوَ يُنْكِرُهَا ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ؛ أَحَدُهَا ، أَنْ تُقِرَّ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بَطَلَ لِعَدَمِ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ .
وَالثَّانِي ، يَصْطَلِحُ عَلَيْهَا الزَّوْجُ وَالْأُخْتَانِ ، لَهُ نِصْفُهَا ، وَلَهُمَا نِصْفُهَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْهُمْ ، وَلَا شَيْءَ فِيهَا لِلْأَخِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ بِحَالٍ .
الثَّالِثُ ، يُؤْخَذُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مَالِكٌ .
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، إنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ ، أَخَذَتْ الْمُقِرَّةُ سَهْمَيْهَا مِنْ سَبْعَةٍ فَتَقْسِمُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سَبْعَةٍ ، تَكُونُ إحْدَى وَعِشْرِينَ ، لَهُمَا مِنْهَا سِتَّةٌ ، لَهَا سَهْمَانِ ، وَلِأُخْتِهَا أَرْبَعَةٌ .
وَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ ضُمَّ سِهَامُهُ إلَى سَهْمَيْهِمَا ، تَكُونُ خَمْسَةً ، وَاقْتَسَمَاهَا بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ ؛ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ ،

وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ ، ثُمَّ تَضْرِبُ سَبْعَةً فِي سَبْعَةٍ ، تَكُنْ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ، وَمِنْهَا تَصِحُّ ؛ لِلْمُنْكِرَةِ سَهْمَانِ فِي سَبْعَةٍ ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَلِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ فِي خَمْسَةٍ ، وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ فِي خَمْسَةٍ ، وَلِلْمُقِرَّةِ سَهْمٌ فِي خَمْسَةٍ فَإِنْ خَلَّفَتْ أُمًّا وَزَوْجًا ، وَأُخْتًا مِنْ أَبٍ ، فَأَقَرَّتْ الْأُخْتُ بِأَخٍ لَهَا ، فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَيَتَّفِقَانِ بِالْأَنْصَافِ ، فَاضْرِبْ نِصْفَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى ، تَكُنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ؛ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَفِي يَدِ الْمُقِرَّةِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَلَهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ ثَمَانِيَةٌ ، يَفْضُلُ فِي يَدِهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ، فَيُسْأَلُ الزَّوْجُ ، فَإِنْ أَنْكَرَ أَخَذَ الْأَخُ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَبَقِيَتْ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ، فِيهَا الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ ، وَإِنْ أَقَرَّ فَهُوَ يَدَّعِي تِسْعَةً ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي تَمَامَ النِّصْفِ ، وَالْأَخُ يَدَّعِي سِتَّةَ عَشَرَ ، فَتَضُمُّ التِّسْعَةَ إلَى السِّتَّةَ عَشَرَ .
تَكُونُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ، وَالتِّسْعَةَ عَشَرَ لَا تُوَافِقُهَا ، فَتَضْرِبُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ، فِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، تَكُونُ أَلْفًا وَثَمَانِمِائَةٍ ، ثُمَّ كُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ ، مَضْرُوبٌ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ، مَضْرُوبٌ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ .
وَسُئِلَ الْمُغِيرَةُ الضَّبِّيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، فَأَجَابَ بِهَذَا ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ النَّخَعِيِّ .
قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ : وَهِيَ فِي قَوْلِ حَمَّادٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ ؛ مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا .
يَعْنِي لِلْأُمِّ رُبُعُهَا خَمْسَةٌ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَخِ ، وَالْأُخْتِ ، عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ ، لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ ، وَلِلْأَخِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمَانِ وَإِنْ صَدَّقَتْهَا الْأُمُّ وَحْدَهَا دُونَ الزَّوْجِ ، أُعْطِيت الْأُمُّ السُّدُسَ ، وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى

ثَلَاثَةٍ ، وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ ، وَيَبْقَى الثُّمُنُ فِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ .

( 4941 ) فَصْلٌ : وَإِنْ أَقَرَّ وَارِثٌ بِمَنْ لَا يَرِثُ ، وَيَسْقُطُ بِهِ مِيرَاثُهُ ، كَأُخْتٍ مِنْ أَبٍ أَقَرَّتْ بِأَخٍ لَهَا ، فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا زَوْجٌ وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ ، أَوْ أَقَرَّتْ بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ ، سَقَطَ مِيرَاثُهَا ، وَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ ، إنْ صَدَّقَاهَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، وَفِي الثَّانِيَةِ ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَإِنْ كَذَّبَاهَا ، فَالْمُقَرُّ بِهِ هُوَ السَّبُعُ ، فَفِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، وَيَدْفَعُ إلَى الْأَبَوَيْنِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ .
وَإِنْ خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ ، فَأَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِأَخٍ لَهَا ، سَقَطَ مِيرَاثُهَا ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ .
وَلِلْأُخْرَى خُمُسُ الْمَالِ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ عَلَى سِتَّةٍ ، إنْ أَقَرُّوا فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي خَمْسَةٍ ، تَكُنْ ثَلَاثِينَ ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْأُمُّ ، فَلَهَا الْعُشْرُ أَيْضًا ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأُمِّ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَإِنْ أَنْكَرَتْهُ الْأُخْتَانِ مِنْ الْأُمِّ ، فَلَهُمَا الْخُمُسُ أَيْضًا ، وَالْبَاقِي كُلُّهُ لِلزَّوْجِ ، وَتَصِحُّ مِنْ عَشَرَةٍ ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ فَلَهُ خُمُسٌ وَعُشْرٌ ، فَيَبْقَى خُمُسُ الْمَالِ ، لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ ، يُقِرُّونَ بِهِ لِلْأُخْتِ الْمُقِرَّةِ ، وَهِيَ تُقِرُّ بِهِ لَهُمْ ، فَفِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ ، إلَّا أَنَّنَا إذَا قُلْنَا : يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلْأُخْتِ الْمُنْكِرَةِ ، وَلَا لِلْمُقَرِّ بِهِ بِحَالٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا شَيْءٌ بِحَالٍ .

( 4942 ) فَصْلٌ : امْرَأَةٌ وَعَمٌّ وَوَصِيٌّ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ، فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ وَالْعَمُّ ، أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ ، وَصَدَّقَهُمَا ، ثَبَتَ نَسَبُهُ ، وَأَخَذَ مِيرَاثَهُ .
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِهِ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا ، فَلَمْ يُصَدِّقْهَا الْمُقَرُّ بِهِ ، لَمْ يُؤَثِّرْ إقْرَارُهَا شَيْئًا ، وَإِنْ صَدَّقَهَا الْأَخُ وَحْدَهُ ، فَلِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ بِكَمَالِهِ ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَصِيَّةَ ، وَلِلْعَمِّ النِّصْفُ ، وَيَبْقَى ، الرُّبُعُ يُدْفَعُ إلَى الْوَصِيِّ ، وَإِنْ صَدَّقَهَا الْعَمُّ ، وَلَمْ يُصَدِّقْهَا الْوَصِيُّ ، فَلَهُ الثُّلُثُ ، وَلِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ وَالْبَاقِي يُقِرُّ بِهِ الْعَمُّ لِمَنْ لَا يَدَّعِيهِ ، فَفِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْعَمُّ وَحْدَهُ ، فَصَدَّقَهُ الْمُوصَى لَهُ ، أَخَذَ مِيرَاثَهُ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ ، وَلِلْمَرْأَةِ السُّدُسُ ، وَيَبْقَى نِصْفُ السُّدُسِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَعْتَرِفُ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ ، أَوْ وُقُوفِهَا عَلَى إجَازَةِ الْمَرْأَةِ وَلَمْ تُجِزْهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ ، أَخَذَ الثُّلُثَ بِالْوَصِيَّةِ ، وَالْمَرْأَةُ السُّدُسَ بِالْمِيرَاثِ ، وَيَبْقَى النِّصْفُ فِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ .

( 4943 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ ، عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ مِنْ الْمَقْتُولِ شَيْئًا ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ جُبَيْرٍ ، إنَّهُمَا وَرَّثَاهُ ، وَهُوَ رَأْيُ الْخَوَارِجِ ؛ لِأَنَّ آيَةَ الْمِيرَاثِ تَتَنَاوَلُهُ بِعُمُومِهَا ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا فِيهِ ، وَلَا تَعْوِيلَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ؛ لِشُذُوذِهِ ، وَقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى خِلَافِهِ .
فَإِنَّ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَعْطَى دِيَةَ ابْنِ قَتَادَةَ الْمَذْحِجِيِّ لِأَخِيهِ دُونَ أَبِيهِ ، وَكَانَ حَذَفَهُ بِسَيْفِهِ فَقَتَلَهُ وَاشْتَهَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَلَمْ تُنْكَرْ ، فَكَانَتْ إجْمَاعًا ، وَقَالَ عُمَرُ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ } رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ .
وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ .
رَوَاهُ ابْنُ اللَّبَّانِ بِإِسْنَادِهِ ، وَرَوَاهُمَا ابْنُ عُبِدَ الْبَرِّ فِي " كِتَابِهِ " .
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَهُ ، فَلَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاثٌ } رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ ، وَلِأَنَّ تَوْرِيثَ الْقَاتِلِ يُفْضِي إلَى تَكْثِيرِ الْقَتْلِ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ رُبَّمَا اسْتَعْجَلَ مَوْتَ مَوْرُوثِهِ ، لِيَأْخُذَ مَالَهُ ، كَمَا فَعَلَ الْإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي قَتَلَ عَمَّهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ قِصَّةَ الْبَقَرَةِ .
وَقِيلَ : مَا وُرِّثَ قَاتِلٌ بَعْدَ عَامِيلٍ ، وَهُوَ اسْمُ الْقَتِيلِ .
فَأَمَّا الْقَتْلُ خَطَأً ، فَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ أَيْضًا .
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ

، وَزَيْدٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ ، وَعُرْوَةُ ، وَطَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَشَرِيكٌ ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، وَوَكِيعٌ ، وَالشَّافِعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ .
وَوَرَّثَهُ قَوْمٌ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَالْحَسَنِ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَمَكْحُولٍ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ ، وَدَاوُد .
وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، تَخَصَّصَ قَاتِلُ الْعَمْدِ بِالْإِجْمَاعِ ، فَوَجَبَ الْبَقَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ فِيمَا سِوَاهُ .
وَلَنَا ؛ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ لَا يَرِثُ مِنْ غَيْرِهَا ، كَقَاتِلِ الْعَمْدِ ، وَالْمُخَالِفِ فِي الدِّينِ ، وَالْعُمُومَاتُ مُخَصَّصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ .

( 4944 ) فَصْلٌ : وَالْقَتْلُ الْمَانِعُ مِنْ الْإِرْثِ هُوَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَهُوَ الْمَضْمُونُ بِقَوَدٍ ، أَوْ دِيَةٍ ، أَوْ كَفَّارَةٍ كَالْعَمْدِ ، وَشِبْهِ الْعَمْدِ ، وَالْخَطَأِ ، وَمَا جَرَى مَجْرَى الْخَطَأِ ؛ كَالْقَتْلِ بِالسَّبَبِ ، وَقَتْلِ الصَّبِيِّ ، وَالْمَجْنُونِ ، وَالنَّائِمِ ، وَمَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا لَمْ يَمْنَعْ الْمِيرَاثَ ؛ كَالْقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا ، أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ ، وَقَتْلِ الْعَادِلِ الْبَاغِي ، أَوْ مَنْ قَصَدَ مَصْلَحَةَ مُوَلِّيهِ بِمَا لَهُ فِعْلُهُ ؛ مِنْ سَقْيِ دَوَاءٍ ، أَوْ رَبْطِ جِرَاحٍ ، فَمَاتَ وَمَنْ أَمَرَهُ إنْسَانٌ عَاقِلٌ كَبِيرٌ بِبَطِّ خَرَاجِهِ ، أَوْ قَطْعِ سِلْعَةٍ مِنْهُ ، فَتَلِفَ بِذَلِكَ ، وَرِثَهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ .
قَالَ أَحْمَدُ : إذَا قَتَلَ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ فِي الْحَرْبِ يَرِثُهُ .
وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَحْمَدَ ، فِي أَرْبَعَةٍ شَهِدُوا عَلَى أُخْتِهِمْ بِالزِّنَا ، فَرُجِمَتْ ، فَرَجَمُوا مَعَ النَّاسِ : يَرِثُونَهَا هُمْ غَيْرُ قَتَلَةٍ .
وَعَنْ أَحْمَدَ ، رِوَايَةٌ أُخْرَى ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ بِكُلِّ حَالٍ ، فَإِنَّهُ قَالَ ، فِي رِوَايَةِ ابْنَيْهِ صَالِحٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ : لَا يَرِثُ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ ، وَلَا يَرِثُ الْبَاغِي الْعَادِلَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ بِكُلِّ حَالٍ .
وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ، أَخْذًا بِظَاهِرِ لَفْظِ الْحَدِيثِ ، وَلِأَنَّهُ قَاتِلٌ ، فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ ، وَالْمَجْنُونَ وَالنَّائِمَ ، وَالسَّاقِطَ عَلَى إنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ ، وَسَائِقَ الدَّابَّةِ ، وَقَائِدَهَا ، وَرَاكِبَهَا ، إذَا قَتَلَتْ بِيَدِهَا ، أَوْ فِيهَا ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ ، وَلَا مَأْثَمَ فِيهِ ، فَأَشْبَهَ الْقَتْلَ فِي الْحَدِّ .
وَلَنَا ، عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ عُمُومُ الْأَخْبَارِ ، خَصَّصْنَا مِنْهَا الْقَتْلَ الَّذِي لَا يُضْمَنُ ، فَفِيمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى مُقْتَضَاهَا ، وَلِأَنَّهُ قَتْلٌ مَضْمُونٌ فَيَمْنَعُ الْمِيرَاثَ كَالْخَطَأِ وَلَنَا ، عَلَى

الشَّافِعِيِّ ، أَنَّهُ فِعْلٌ مَأْذُونٌ فِيهِ ، فَلَمْ يَمْنَعْ الْمِيرَاثَ ، كَمَا لَوْ أَطْعَمَهُ أَوْ سَقَاهُ بِاخْتِيَارِهِ ، فَأَفْضَى إلَى تَلَفِهِ ، وَلِأَنَّهُ حُرِّمَ الْمِيرَاثُ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ ، كَيْ لَا يُفْضِي إلَى إيجَادِ الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ ، وَزَجْرًا عَنْ إعْدَامِ النَّفْسِ الْمَعْصُومَةِ ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ يَمْنَعُ إقَامَةَ الْحُدُودِ الْوَاجِبَةِ ، وَاسْتِيفَاءَ الْحُقُوقِ الْمَشْرُوعَةِ ، وَلَا يُفْضِي إلَى إيجَادِ قَتْلٍ مُحَرَّمٍ ، فَهُوَ ضِدُّ مَا ثَبَتَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى قَتْلِ الصَّبِيِّ ، وَالْمَجْنُونِ ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ مُحَرَّمٌ ، وَتَفْوِيتُ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ ، وَالتَّوْرِيثُ يُفْضِي إلَيْهِ ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا إذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَالْمُشَارِكُ فِي الْقَتْلِ فِي الْمِيرَاثِ كَالْمُنْفَرِدِ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ الضَّمَانِ بِحَسَبِهِ ، فَلَوْ شَهِدَ عَلَى مَوْرُوثِهِ مَعَ جَمَاعَةٍ ظُلْمًا فَقُتِلَ ، لَمْ يَرِثْهُ ، وَإِنْ شَهِدَ بِحَقٍّ ، وَرِثَهُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ .

( 4945 ) فَصْلٌ : أَرْبَعَةُ إخْوَةٍ قَتَلَ أَكْبَرُهُمْ الثَّانِيَ ، ثُمَّ قَتَلَ الثَّالِثُ الْأَصْغَرَ ، سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ الْأَكْبَرِ ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ الثَّانِي صَارَ لِلثَّالِثِ وَالْأَصْغَرِ نِصْفَيْنِ ، فَلَمَّا قَتَلَ الثَّالِثُ الْأَصْغَرَ لَمْ يَرِثْهُ ، وَوَرِثَهُ الْأَكْبَرُ ، فَرَجَعَ إلَيْهِ نِصْفُ دَمِ نَفْسِهِ ، وَمِيرَاثُ الْأَصْغَرِ جَمِيعُهُ ، فَسَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ ، لِمِيرَاثِهِ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ ، وَلَهُ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَصْغَرِ ، وَيَرِثُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، فَإِنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَرِثَهُ ، وَيَرِثُ إخْوَتَهُ الثَّلَاثَةَ وَلَوْ أَنَّ ابْنَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ أَبَوَيْهِمَا ، وَهُمَا زَوْجَانِ ، ثُمَّ قَتَلَ الْآخَرُ أَبَاهُ الْآخَرَ ، سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ ، وَوَجَبَ عَلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا قَتَلَ أَبَاهُ ، وَرِثَ مَالَهُ وَدَمَهُ أَخُوهُ وَأُمُّهُ ، فَلَمَّا قَتَلَ الثَّانِي أُمَّهُ ، وَرِثَهَا قَاتِلُ الْأَبِ ، فَصَارَ لَهُ مِنْ دَمِ نَفْسِهِ ثُمُنُهُ ، فَسَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ لِذَلِكَ ، وَلَهُ الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ ، فَإِنْ قَتَلَهُ وَرِثَهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ .
وَإِنْ جَرَحَ أَحَدُهُمَا أَبَاهُ ، وَالْآخَرُ أُمَّهُ ، وَمَاتَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ ، وَلَا وَارِثَ لَهُمَا سِوَاهُمَا ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالُ الَّذِي لَمْ يَقْتُلْهُ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى صَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ ، وَلَمْ يَكُونَا زَوْجَيْنِ ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى أَخِيهِ ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَحَدُهُمَا الِاسْتِيفَاءَ إلَّا بِإِبْطَالِ حَقِّ الْآخَرِ فَيَسْقُطَانِ .
وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ ، فَلِلْآخَرِ قَتْلُ الْعَافِي ، وَيَرِثُهُ فِي الظَّاهِرِ .
وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا فَقَتَلَ أَخَاهُ ، سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ ، وَوِرْثَهُ فِي الظَّاهِرِ عَنْهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَرِثَهُ ، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ ؛ لِأَنَّ الْقَصَّاصِينَ لَمَّا تُسَاوَيَا ، وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ اسْتِيفَائِهِمَا ، سَقَطَا ، فَلَمْ يَبْقَ

لَهُمَا حُكْمٌ ، فَيَكُونُ الْمُسْتَوْفِي مِنْهَا مُعْتَدِيًا بِاسْتِيفَائِهِ ، فَلَا يَرِثُ أَخَاهُ ، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ وَإِنْ أَشْكَلَ كَيْفِيَّةُ مَوْتِ الْأَبَوَيْنِ ، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ قَتِيلَهُ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا ، خُرِّجَ فِي تَوْرِيثِهِمَا ، مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْغَرْقَى ، مِنْ تَوْرِيثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَيِّتَيْنِ مِنْ الْآخَرِ ، ثُمَّ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ ، فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُمَا .
وَمَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ ، فَالْجَوَابُ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَسْقُطَ الْقِصَاصُ بِكُلِّ حَالٍ ؛ لِلشُّبْهَةِ ، وَأَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ الْأُخَرِ وَمَالُهُ .

( 4946 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا ، وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَقًا ، فَيَأْخُذَ مَالَهُ بِالْوَلَاءِ ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ .
وَقَالَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءُ : لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ .
يُرْوَى هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَبِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، وَعُرْوَةُ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَعَطَاءٌ ، وَطَاوُسٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ ، وَمَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَعَامَّةُ ، الْفُقَهَاءِ .
وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَمُعَاذٍ ، وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، أَنَّهُمْ وَرَّثُوا الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَافِرِ ، وَلَمْ يُوَرِّثُوا الْكَافِرَ مِنْ الْمُسْلِمِ .
وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَمَسْرُوقٍ ، وَعَبْدِ اللَّه بْنِ مَعْقِلٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَالنَّخَعِيِّ ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ ، وَإِسْحَاقَ .
وَلَيْسَ بِمَوْثُوقٍ بِهِ عَنْهُمْ .
فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ : لَيْسَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ .
وَرُوِيَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ احْتَجَّ لِقَوْلِهِ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ ، أَنَّ مُعَاذًا حَدَّثَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ } وَلِأَنَّنَا نَنْكِحُ نِسَاءَهُمْ ، وَلَا يَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا ، فَكَذَلِكَ نَرِثُهُمْ ، وَلَا يَرِثُونَنَا .
وَلَنَا ؛ مَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ ، وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ } .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ : عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } .
وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ، فَلَمْ يَرِثْهُ ، كَمَا لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ .
فَأَمَّا حَدِيثُهُمْ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَزِيدُ بِمَنْ يُسْلِمُ ، وَبِمَا يُفْتَحُ مِنْ الْبِلَادِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَلَا يَنْقُصُ بِمَنْ يَرْتَدُّ ، لِقِلَّةِ مَنْ يَرْتَدُّ ، وَكَثْرَةِ مِنْ يُسْلِمُ ، وَعَلَى أَنَّ حَدِيثَهُمْ مُجْمَلٌ ، وَحَدِيثَنَا مُفَسَّرٌ ، وَحَدِيثَهُمْ لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَحَدِيثَنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، فَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُهُ .
وَالصَّحِيحُ عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا نَرِثُ أَهْلَ الْمِلَلِ ، وَلَا يَرِثُونَنَا .
وَقَالَ فِي عَمَّةِ الْأَشْعَثِ : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا .
فَأَمَّا الْمُعْتَقُ إذَا خَالَفَ دِينُهُ دِينَ مُعْتِقِهِ ، فَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْوَلَاءِ ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( 4947 ) فَصْلٌ : فَأَمَّا الْكُفَّارُ فَيَتَوَارَثُونَ ، إذَا كَانَ دِينُهُمْ وَاحِدًا ، لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ خِلَافًا ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ } دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ يَرِثُ بَعْضًا .
وَقَوْلُهُ : { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } .
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ } .
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَقِيلًا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ دُونَ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيٍّ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ ، وَكَانَ عَقِيلٌ عَلَى دِينِ أَبِيهِ ، مُقِيمًا بِمَكَّةَ ، فَبَاعَ رِبَاعَهُ بِمَكَّةَ ، فَلِذَلِكَ لَمَّا قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا ؟ قَالَ : { وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ } .
وَقَالَ عُمَرُ فِي عَمَّةِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْس : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا .
فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَدْيَانُهُمْ ، فَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ ، فَرُوِيَ عَنْهُ ، أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ ، يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
رَوَاهُ عَنْهُ حَرْبٌ ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ .
وَبِهِ قَالَ حَمَّادٌ ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَدَاوُد ؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَ الْآبَاءِ مِنْ الْأَبْنَاءِ ، وَالْأَبْنَاءِ مِنْ الْآبَاءِ ، مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرًا عَامًّا ، فَلَا يُتْرَكُ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ ، وَمَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ الشَّرْعُ يَبْقَى عَلَى الْعُمُومِ ، وَلِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } عَامٌ فِي جَمِيعِهِمْ .
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ ، أَنَّ الْكُفْرَ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ ، لَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } .
يَنْفِي تَوَارُثَهُمَا ، وَيَخُصُّ عُمُومَ الْكِتَابِ ، وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحْمَدَ تَصْرِيحًا

بِذِكْرِ أَقْسَامِ الْمِلَلِ .
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى : الْكُفْرُ ثَلَاثُ مِلَلٍ : الْيَهُودِيَّةُ ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ ، وَدِينُ مَنْ عَدَاهُمْ ؛ لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ يَجْمَعُهُمْ أَنَّهُمْ لَا كِتَابَ لَهُمْ .
وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالضَّحَّاكِ ، وَالْحَكَمِ .
وَالثَّوْرِيِّ ، وَاللَّيْثِ ، وَشَرِيكٍ ، وَمُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ، وَوَكِيعٍ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ .
وَرُوِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ ، وَالثَّوْرِيِّ ، الْقَوْلَانِ مَعًا .
وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ الْكُفْرُ مِلَلًا كَثِيرَةً ، فَتَكُونُ الْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةً ، وَعِبَادَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةً أُخْرَى ، وَعِبَادَةُ الشَّمْسِ مِلَّةً ، فَلَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ .
وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ ، وَرَبِيعَةُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ ، وَإِسْحَاقُ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } .
وَلِأَنَّ كُلَّ فَرِيقَيْنِ مِنْهُمْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمْ ، وَلَا اتِّفَاقَ فِي دِينٍ فَلَمْ يَرِثْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، كَالْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ ، وَالْعُمُومَاتِ فِي التَّوْرِيثِ مَخْصُوصَةٌ ، فَيُخَصُّ مِنْهَا مَحِلُّ النِّزَاعِ بِالْخَبَرِ وَالْقِيَاسِ ، وَلِأَنَّ مُخَالِفِينَا قَطَعُوا التَّوَارُثَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ فِي الْمِلَّةِ ، لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ ، فَمَعَ اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ أَوْلَى .
وَقَوْلُ مَنْ حَصَرَ الْمِلَّةَ بِعَدَمِ الْكِتَابِ غَيْرُ صَحِيحٍ ، فَإِنَّ هَذَا وَصْفٌ عَدَمِيٌّ ، لَا يَقْتَضِي حُكْمًا ، وَلَا جَمْعًا ، ثُمَّ لَا بُدَّ لِهَذَا الضَّابِطِ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ ، ثُمَّ قَدْ افْتَرَقَ حُكْمُهُمْ ، فَإِنَّ الْمَجُوسَ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ ، وَغَيْرُهُمْ لَا يُقِرُّ بِهَا ، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْبُودَاتِهِمْ ، وَمُعْتَقِدَاتِهِمْ ، وَآرَائِهِمْ ، يَسْتَحِلُّ

بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ ، وَيُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَكَانُوا مِلَلًا كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى .
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ ، رَوَى عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ جَعَلَ الْكُفْرَ مِلَلًا مُخْتَلِفَةً .
وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا .

( 4948 ) فَصْلٌ : وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي ، أَنَّ الْمِلَّةَ الْوَاحِدَةَ يَتَوَارَثُونَ ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دِيَارُهُمْ ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَاتِ مِنْ النُّصُوصِ تَقْتَضِي تَوْرِيثَهُمْ ، وَلَمْ يَرِدْ بِتَخْصِيصِهِمْ نَصٌّ ، وَلَا إجْمَاعٌ ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمْ قِيَاسٌ ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِعُمُومِهَا .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى .
} أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَتَوَارَثُونَ .
وَضَبْطُهُ التَّوْرِيثَ بِالْمِلَّةِ وَالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ ، وَلِأَنَّ مُقْتَضَى التَّوْرِيثِ مَوْجُودٌ ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَحَقُّقِ الْمَانِعِ .
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ ، فِي مَنْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَقُتِلَ ، أَنَّهُ يُبْعَثُ بِدِيَتِهِ إلَى مَلِكِهِمْ حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى الْوَرَثَةِ .
وَقَدْ رُوِيَ { أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ كَانَ مَعَ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ فَسَلِمَ وَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ ، فَوَجَدَ رَجُلَيْنِ فِي طَرِيقِهِ مِنْ الْحَيِّ الَّذِي قَتَلُوهُمْ ، وَكَانَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمَانٍ ، وَلَمْ يَعْلَمْ عَمْرٌو ، فَقَتَلَهُمَا ، فَوَدَاهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
} وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ بَعَثَ بِدِيَتِهِمَا إلَى أَهْلِهِمَا .
وَقَالَ الْقَاضِي : قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي ، أَنَّهُ لَا يَرِثُ حَرْبِيٌّ ذِمِّيًّا ، وَلَا ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا مُنْقَطِعَةٌ ، فَأَمَّا الْمُسْتَأْمَنُ فَيَرِثُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ ، وَأَهْلُ دَارِ الْإِسْلَامِ .
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، إلَّا أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ لَا يَرِثُهُ الذِّمِّيُّ ؛ لِأَنَّ دَارَهُمَا مُخْتَلِفَةٌ .
قَالَ الْقَاضِي : وَيَرِثُ أَهْلُ الْحَرْبِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا ، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ دِيَارُهُمْ ، أَوْ اخْتَلَفَتْ .
وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ .
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إذَا اخْتَلَفَتْ دِيَارُهُمْ ، بِحَيْثُ كَانَ لِكُلِّ

طَائِفَةٍ مَلِكٌ ، وَيَرَى بَعْضُهُمْ قَتْلَ بَعْضٍ ، لَمْ يَتَوَارَثَا ؛ لِأَنَّهُمْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمْ ، أَشْبَهَ أَهْلَ دَارِ الْحَرْبِ ، فَجَعَلُوا اتِّفَاقَ الدَّارِ ، وَاخْتِلَافَهَا ضَابِطًا لِلتَّوْرِيثِ ، وَعَدَمِهِ .
وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا كُلِّهِ حُجَّةً مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ ، مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِعُمُومِ النَّصِّ الْمُقْتَضِي لِلتَّوْرِيثِ ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الدِّينَ فِي اتِّفَاقِهِ ، وَلَا اخْتِلَافِهِ ، مَعَ وُرُودِ الْخَبَرِ فِيهِ ، وَصِحَّةِ الْعِبْرَةِ فِيهَا ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَإِنْ اخْتَلَفْت الدَّارُ بِهِمْ ، فَكَذَلِكَ الْكُفَّارَ .
وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ كَافِرًا ، وَلَا الْكَافِرُ مُسْلِمًا ؛ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ بِهِمْ ، وَكَذَلِكَ لَا يَرِثُ مُخْتَلِفَا الدِّينِ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا .

( 4949 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا ، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ أَحَدًا .
وَهَذَا قَوْلُ ، مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ مُسْلِمًا ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَرِثُ كَافِرٌ مُسْلِمًا } .
وَلَا يَرِثُ كَافِرًا ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي حُكْمِ الدِّينِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ ، وَلِهَذَا لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ ، وَلَا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ ، وَإِنْ انْتَقَلُوا إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ .
وَلِأَنَّ الْمُرْتَدَّ تَزُولُ أَمْلَاكُهُ الثَّابِتَةُ لَهُ وَاسْتِقْرَارُهَا ، فَلَأَنْ لَا يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ أَوْلَى .
وَلَوْ ارْتَدَّ مُتَوَارِثَانِ ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ، لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ ، فَإِنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ .
وَلَا يُورَثُ .
وَإِنْ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ قَسْمِ الْمِيرَاثِ ، قُسِمَ لَهُ ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( 4950 ) فَصْلٌ : وَالزِّنْدِيقُ كَالْمُرْتَدِّ فِيمَا ذَكَرْنَا .
وَالزِّنْدِيقُ هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيَسْتَسِرُّ بِالْكُفْرِ ، وَهُوَ الْمُنَافِقُ ، كَانَ يُسَمَّى فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَافِقًا ، وَيُسَمَّى الْيَوْمَ زِنْدِيقًا .
قَالَ أَحْمَدُ : مَالُ الزِّنْدِيقِ فِي بَيْتِ الْمَالِ .

( 4951 ) فَصْلٌ : إذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِي الْحَالِ ، وَلَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ؛ إحْدَاهُمَا ، يَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةَ .
وَالْأُخْرَى يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَيَّهُمَا مَاتَ لَمْ يَرِثْهُ الْآخِرُ .
وَحُكْمُ رِدَّتِهِمَا جَمِيعًا كَحُكْمِ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا ، فِي فَسْخِ النِّكَاحِ ، وَامْتِنَاعِ الْمِيرَاثِ .
وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ : إذَا ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ مَعًا ، فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ دِينَهُمَا لَمْ يَخْتَلِفْ ، فَأَشْبَهَا الْكَافِرِينَ الْأَصْلِيِّينَ ، إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ مَا دَامَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ، فَإِنْ لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ تَوَارَثَا ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا صَارَ كَحُكْمِ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ .
وَلَنَا ، أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْكَافِرِ .

( 4952 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ : ( وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ ، قُسِمَ لَهُ ) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ مِيرَاثِ مَوْرُوثِهِ الْمُسْلِمِ ؛ فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ ، أَنَّهُ يَرِثُ .
وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ .
وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَالْحَسَنُ ، وَمَكْحُولٌ ، وَقَتَادَةُ ، وَحُمَيْدٌ ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، وَإِسْحَاقُ ، فَعَلَى هَذَا إنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ بَعْضِ الْمَالِ وَرِثَ مِمَّا بَقِيَ .
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ .
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ ، فِي مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْمَوْتِ : لَا يَرِثُ ، قَدْ وَجَبَتْ الْمَوَارِيثُ لِأَهْلِهَا .
وَهَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَعَطَاءٌ ، وَطَاوُسٌ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَالْحَكَمُ ، وَأَبُو الزِّنَادِ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ } .
وَلِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ انْتَقَلَ بِالْمَوْتِ إلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَلَمْ يُشَارِكْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ ، كَمَا لَوْ اقْتَسَمُوا ، وَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْإِرْثِ مُتَحَقِّقٌ حَالَ وُجُودِ الْمَوْتِ ، فَلَمْ يَرِثْ ، كَمَا لَوْ كَانَ رَقِيقًا فَأُعْتِقَ ، أَوْ كَمَا لَوْ بَقِيَ عَلَى كُفْرِهِ .
وَلَنَا ، قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ } .
رَوَاهُ سَعِيدٌ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى أَبُو دَاوُد ، بِإِسْنَادِهِ : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ .
} وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، بِإِسْنَادِهِ فِي "

التَّمْهِيدِ " ، عَنْ زَيْدِ بْنِ قَتَادَةَ الْعَنْبَرِيِّ ، أَنَّ إنْسَانًا مِنْ أَهْلِهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ ، فَوَرِثَتْهُ أُخْتِي دُونِي ، وَكَانَتْ عَلَى دِينِهِ ، ثُمَّ إنَّ جَدِّي أَسْلَمَ ، وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا ، فَتُوُفِّيَ ، فَلَبِثْت ، سَنَةً ، وَكَانَ تَرَكَ مِيرَاثًا ، ثُمَّ إنَّ أُخْتِي أَسْلَمَتْ ، فَخَاصَمَتْنِي فِي الْمِيرَاثِ إلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَحَدَّثَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَرْقَمَ ، أَنَّ عُمَرَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ ، فَلَهُ نَصِيبُهُ ، فَقَضَى بِهِ عُثْمَانُ ، فَذَهَبَتْ بِذَاكَ الْأَوَّلِ ، وَشَارَكَتْنِي فِي هَذَا .
وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ انْتَشَرَتْ فَلَمْ تُنْكَرْ فَكَانَتْ إجْمَاعًا ، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لَهُ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ الَّتِي نَصَبَهَا فِي حَيَاتِهِ ، لَثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ فِيهِ ، وَلَوْ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا ، لَتَعَلَّقَ ضَمَانُهُ بِتَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، فَجَازَ أَنْ يَتَجَدَّدَ حَقُّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ وَرَثَتِهِ بِتَرِكَتِهِ ، تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ ، وَحَثًّا عَلَيْهِ ، فَأَمَّا إذَا قُسِمَتْ التَّرِكَةُ ، وَتَعَيَّنَ حَقُّ كُلِّ وَارِثٍ ، ثُمَّ أَسْلَمَ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا ، فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَاحْتَازَهَا ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ قِسْمَتِهَا .

( 4953 ) فَصْلٌ : وَمَنْ كَانَ رَقِيقًا حِينَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ ، فَأُعْتِقَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، لَمْ يَرِثْ .
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْعِتْقِ ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ .
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ ، وَتَرَكَ أَبَاهُ عَبْدًا ، فَأُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ مِيرَاثُهُ ، فَقَالَ : لَهُ مِيرَاثُهُ .
وَحُكِيَ عَنْ مَكْحُولٍ ، وَقَتَادَةَ ، أَنَّهُمَا وَرَّثَا مَنْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْمِيرَاثِ زَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَسْلَمَ ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ : يُخَرَّجُ عَلَى قَوْلِ مَنْ وَرَّثَ الْمُسْلِمَ ، أَنْ يُوَرَّثَ الْعَبْدُ إذَا أُعْتِقَ .
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ قُرْبَةٌ وَهُوَ أَعْظَمُ الطَّاعَاتِ ، وَالْقُرْبُ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّأْلِيفِ عَلَيْهَا ، فَوَرَدَ الشَّرْعُ بِتَوْرِيثِهِ ، تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَحَثًّا عَلَيْهِ ، وَالْعِتْقُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ ، وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ ، وَلَوْلَا مَا وَرَدَ مِنْ الْأَثَرِ مِنْ تَوْرِيثِ مَنْ أَسْلَمَ ، لَكَانَ النَّظَرُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَرِثَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ حِينَ الْمَوْتِ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يُنْتَقَلُ بِهِ إلَى الْوَرَثَةِ ، فَيَسْتَحِقُّونَهُ ، فَلَا يَبْقَى لِمَنْ حَدَثَ شَيْءٌ ، وَلَكِنْ خَالَفْنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ لِلْأَثَرِ ، وَلَيْسَ فِي الْعِتْقِ أَثَرٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا فِيهِ الْأَثَرُ ، فَيَبْقَى عَلَى مُوجِبِ الْقِيَاسِ .

( 4954 ) مَسْأَلَةٌ ؛ قَالَ ( وَمَتَى قُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ ، فَمَالُهُ فَيْءٌ ) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ إذَا مَاتَ ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ الْقَاضِي : هُوَ صَحِيحٌ فِي الْمَذْهَبِ .
وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَرَبِيعَةَ ، وَمَالِكٍ ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ .
وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَالْحَسَنُ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَعَطَاءٌ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالْحَكَمُ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ .
وَإِسْحَاقُ .
إلَّا أَنَّ الثَّوْرِيَّ ، وَأَبَا حَنِيفَةَ ، وَاللُّؤْلُؤِيَّ ، وَإِسْحَاقَ ، قَالُوا : مَا اكْتَسَبَهُ فِي رِدَّتِهِ يَكُونُ فَيْئًا .
وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ تِلَادِ مَالِهِ وَطَارِفِهِ .
وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ قَوْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ الرَّاشِدَيْنِ ، فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِت ، قَالَ : بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رُجُوعِهِ إلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ أَنْ أُقَسِّمَ أَمْوَالَهُمْ بَيْنَ وَرَثَتِهِمْ الْمُسْلِمِينَ .
وَلِأَنَّ رِدَّتَهُ يَنْتَقِلُ بِهَا مَالُهُ ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ ، كَمَا لَوْ انْتَقَلَ بِالْمَوْتِ .
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ ، رِوَايَةً ، أَنَّ مَالَهُ لِأَهْلِ دِينِهِ الَّذِي اخْتَارَهُ ، إنْ كَانَ مِنْهُ مَنْ يَرِثُهُ ، وَإِلَّا فَهُوَ فَيْءٌ .
وَبِهِ قَالَ دَاوُد .
وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عُرْوَةَ ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ ، فَوَرِثَهُ أَهْلُ دِينِهِ ، كَالْحَرْبِيِّ ، وَسَائِرِ الْكُفَّارِ .
وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ } .

وَقَوْلُهُ : { لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى } .
وَلِأَنَّهُ كَافِرٌ ، فَلَا يَرِثُهُ الْمُسْلِمُ ، كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ ، وَلِأَنَّ مَالَهُ مَالُ مُرْتَدٍّ ، فَأَشْبَهَ الَّذِي كَسَبَهُ فِي رِدَّتِهِ ، وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُمْ ، فَلَا يَرِثُونَهُ ، كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ ، وَلِأَنَّهُ يُخَالِفُهُمْ فِي حُكْمِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ ، وَلَا تُوكَلُ لَهُ ذَبِيحَةٌ ، وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ إنْ كَانَ امْرَأَةً ، فَأَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ مَعَ الذِّمِّيِّ .
فَإِنْ قِيلَ : إذَا جَعَلْتُمُوهُ فَيْئًا فَقَدْ وَرَّثْتُمُوهُ لِلْمُسْلِمِينَ .
قُلْنَا : لَا يَأْخُذُونَهُ مِيرَاثًا ، بَلْ يَأْخُذُونَهُ فَيْئًا ، كَمَا يُؤْخَذُ مَالُ الذِّمِّيِّ إذَا لَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا ، وَكَالْعُشُورِ .

( 4955 ) فَصْلٌ : وَالزِّنْدِيقُ ، كَالْمُرْتَدِّ ؛ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ .
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الزِّنْدِيقِ الَّذِي يُتَّهَمُ بِذِمِّيٍّ وَرَثَتِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ : مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، مِثْلُ مَنْ يَرْتَدُّ إذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ .
قَالَ : وَتَرِثُهُ زَوْجَتُهُ ، سَوَاءٌ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، أَوْ لَمْ تَنْقَضِ ، كَاَلَّتِي يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ؛ لِيَحْرِمَهَا الْمِيرَاثَ ؛ لِأَنَّهُ فَارٌّ مِنْ مِيرَاثِ مَنْ انْعَقَدَ سَبَبُ مِيرَاثِهِ ، فَوَرِثَهُ ، كَالْمُطَلَّقَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ .
وَلَنَا ؛ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ .
} وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا ارْتَدَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، يَرِثُهُ الْآخَرُ ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ ، وَفِعْلَ الْمَرْأَةِ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا ، وَيُخَرَّجُ فِي مِيرَاثِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ مِثْلُ الزَّوْجَيْنِ ، فَيَكُونُ مِثْلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : إذَا ارْتَدَّتْ الْمَرِيضَةُ ، فَمَاتَتْ فِي عِدَّتِهَا ، أَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ، وَرِثَهَا زَوْجُهَا .
وَرَوَى اللُّؤْلُؤِيُّ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : إذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ ، فَقُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ ، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ، بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ ، فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا ، وَرِثَتْهُ ، إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ، بَانَتْ وَلَمْ تَرِثْهُ .
وَإِنْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ ، فَمَاتَتْ ، لَمْ يَرِثْهَا زَوْجُهَا ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ لَا تُقْتَلُ ، فَلَمْ تَكُنْ فَارَّةً مِنْ مِيرَاثِهِ ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71