كتاب : لسان العرب
المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور

صتأ
صتَأَه يصْتَؤُه صَتْأً صَمَدَ له

صدأ
الصُّدْأَةُ شُقْرةٌ تَضْرِبُ إِلى السَّوادِ الغالِبِ صَدِئَ صَدَأً وهو أَصْدَأُ والأُنثى صَدْآءُ وصَدِئةٌ وفرس أَصْدَأُ وجَدْيٌ أَصْدَأُ بيِّنُ الصَّدَإِ إِذا كان أَسودَ مُشْرَباً حُمْرةً وقد صَدِئَ وعَناقٌ صَدْآءُ وهذا اللون من شِياتِ المعِز الخَيْل يقال كُمَيْتٌ أَصْدَأُ إِذا عَلَتْه كُدْرةٌ والفعل على وجهين صَدِئَ يَصْدَأُ وأَصْدَأَ يُصْدِئُ الأَصمعي في باب أَلوانِ الإِبل إِذا خالَطَ كُمْتةَ البَعِيرِ مثْلُ صَدَإِ الحديد فهو الحُوَّةُ شمر الصَّدْآءُ على فَعْلاء الأَرض التي تَرى حَجَرها أَصْدَأَ أَحمر يَضْرِب إِلى السَّواد لا تكون إِلاَّ غَلِيظة ولا تكون مُسْتَوِيةً بالأَرض وما تحتَ حِجارة الصدْآء أَرض غَلِيظةٌ وربما كانت طِيناً وحِجارةً وصُداء ممدود حَيٌّ مِنَ اليَمَنِ وقال لبيد
فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقةً ... وصُداءٌ أَلْحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ
والنِّسبةُ إليه صُداوِيٌّ بمنزلة الرُهاوِي قال وهذه المَدَّةُ وإِن كانت في الأَصل ياءً أَو واواً فانما تجعل في النِّسْبة واواً كراهيةَ التقاء الياءات أَلا ترى أَنك تقول رَحًى ورَحَيانِ فقد علمت أن أَلف رَحًى [ ص 109 ] ياء وقالوا في النسبة اليها رَحَوِيٌّ لتلك العِلّة والصَّدَأُ مهموز مقصور الطَّبَعُ والدَّنَسُ يَرْكَب الحديدَ وصَدَأُ الحديدِ وسَخهُ وصَدِئَ الحديدُ ونحوهُ يَصْدَأُ صَدَأً وهو أَصْدَأُ عَلاه الطَّبَعُ وهو الوسَخُ وفي الحديث إِنَّ هذه القُلوب تَصْدَأُ كما يَصْدَأُ الحَدِيدُ وهو أَن يَرْكَبَها الرَّيْنُ بِمُباشَرةِ المَعاصِي والآثامِ فَيَذْهَبَ بِجَلائِها كما يعلو الصَّدأُ وجْهَ المِرآةِ والسَّيْفِ ونحوهما وكَتِيبةٌ صَدْآء عِلْيَتُها صَدَأُ الحَديِد وكَتِيبةٌ جَأْواء إِذا كان عِلْيَتُها صدأَ الحديد وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه سأَلَ الأُسْقُفَّ عن الخُلَفاء فحَدَّثه حتى انتهى إِلى نَعْتِ الرَّابِع منهم فقال صَدَأٌ مِنْ حَدِيدٍ ويروى صَدَعٌ من حديد أَرادَ دَوامَ لُبْس الحَدِيد لاتِّصال الحروب في أَيام عليٍّ عليه السلام وما مُنِيَ به من مُقاتَلةِ الخَوارِج والبُغاة ومُلابَسةِ الأُمُورِ المُشْكِلة والخُطُوبِ المُعْضِلة ولذلك قال عمر رضي اللّه عنه وادَفْراه تَضَجُّراً من ذلك واستِفْحاشاً ورواه أَبو عبيد غير مهموز كأَنَّ الصَّدَا لغة في الصَّدَع وهو اللَّطِيفُ الجِسْمِ أَراد أَنَّ عَلِيَّاً خَفيفُ الجِسْمِ يَخِفُّ إِلى الحُروب ولا يَكْسَلُ لِشدّة بأْسه وشجاعَته ويَدِي مِن الحَدِيد صَدِئةٌ أَي سَهِكةٌ وفلان صاغِرٌ صَدِئ إِذا لَزِمَه صَدَأُ العارِ واللَّوْمِ ورجل صَدَأ لَطِيفُ الجِسمِ كَصَدَعٍ وروي الحديث صَدَعٌ من حديد قال والصَّدأُ أَشبهُ بالمعنى لأن الصَّدَأَ له دَفَرٌ ولذلك قال عمر وادَفْراه وهو حِدّةُ رائحةِ الشيء خبيثاً ( 1 )
( 1 قوله « خبيثاً إلخ » هذا التعميم انما يناسب الذفر بالذال المعجمة كما هو المنصوص في كتب اللغة فقوله وأَما الذفر بالذال فصوابه بالدال المهملة فانقلب الحكم على المؤلف جل من لا يسهو )
كان أَو طيباً وأَما الذفر بالذال فهو النَّتْن خاصة قال الأَزهري والذي ذهب إليه شمر معناه حسن أَراد أَنه يعني عَلِيًّا رضي اللّه عنه خفيفٌ يَخِفُّ إِلى الحُرُوب فلا يَكْسَلُ وهو حَدِيدٌ لشدةِ بأْسه وشَجاعتِه قال اللّه تعالى وأَنزلنا الحديدَ فيه بأْسٌ شديد وصَدْآءُ عَيْنٌ عذبة الماء أَو بئر وفي المثل ماءٌ ولا كَصَدْآءَ قال أَبو عبيد من أَمثالهم في الرجلين يكونانِ ذَوَيْ فضل غير أَن لأَحدهما فضلاً على الآخر قَولهم ماءٌ ولا كَصَدْآءَ ورواه المنذري عن أَبي الهيثم ولا كَصَدَّاءَ بتشديد الدال والمَدّة وذكر أَن المثَل لقَذورَ بنت قيس بن خالد الشَّيباني وكانت زوجةَ لَقِيط بن زُرارةَ فتزوّجها بعده رجُل من قَومها فقال لها يوماً أَنا أَجملُ أَم لَقِيطٌ ؟ فقالت ماءٌ ولا كَصَدْآء أَي أَنت جَميلٌ ولستَ مثلَهُ قال المفضل صَدَّاءُ رَكِيّةٌ ليس عندهم ماء أَعذب من مائها وفيها يقول ضِرارُ بن عَمرو السَّعْدي
وإِني وتَهْيامي بزَيْنَبَ كالذي ... يُطالِبُ من أَحْواضِ صَدَّاءَ مَشْرَبا قال الأَزهري ولا أَدري صدَّاء فَعَّالٌ أَو فعلاء فإِن كان فَعَّالاً فهو من صَدا يَصْدُو أَو صَدِيَ يَصْدَى وقال شمر صَدا الهامُ يَصْدُو إِذا صاحَ وإِن كانت صَدَّاءُ فَعْلاء فهو من المُضاعَفِ كقولهم صَمَّاء من الصَّمَم

صمأ
صَمَأَ عليهم صَمْأً طَلَع وما أَدري مِن أَين صَمَأَ أَي طَلَعَ قال وأَرَى الميم بَدلاً من الباء [ ص 110 ]

صيأ
الصاءة والصاءُ الماء الذي يكون في السَّلَى وقيل الماء الذي يكون على رأْس الولد كالصَّآة وقيل إِنَّ أَبا عُبَيْدٍ قال صآةٌ فصحَّف فرُدَّ ذلك عليه وقيل له إِنما هو صاءة فقَبِلَه أَبو عبيد وقال الصاءة على مثالِ الساعةِ لِئلا يَنْساهُ بعد ذلك وذكر الجوهريُّ هذه الترجمة في صَوأَ وقال الصاءة على مثال الصَّاعةِ ما يخرُجُ من رَحِمِ الشاة بعد الوِلادةِ مِن القَذَى وقال في موضع آخر ماءٌ ثَخِينٌ يخرجُ مع الولد يقال أَلقَتِ الشاةُ صاءَتها وصَيَّأَ رأْسَه تَصْيِيئاً بَلَّه قليلاً قليلاً والاسم الصِّيئةُ وصَيَّأَه غَسَله فلم يُنْقِه وبَقِيَت آثارُ الوسَخِ فيه وصَيَّأَ النخلُ ظَهَرت أَلوانُ بُسْرِه عن أَبي حنيفة وفي حديث عليّ قال لامرأَةٍ أَنتِ مثلُ العَقْرَب تَلْدَغُ وتَصِيءُ صاءَت العَقْرَب تَصِيءُ إِذا صاحَتْ قال الجوهري هو مقلوب من صَأَى يَصْئِي مثل رَمَى يَرْمِي ( 1 )
( 1 قوله « مثل رمى إلخ » كذا في النهاية والذي في صحاح الجوهري مثل سعى يسعى وكذا في التهذيب والقاموس ) والواو في قوله وتَصِيءُ للحال أَي تَلْدَغُ وهي صائِحةٌ وسنذكره أَيضاً في المعتل

ضأضأ
الضِّئْضِئُ والضُّؤْضُؤُ الأَصل والمَعْدِنُ قال الكميت
وَجَدْتُك في الضِّنْءِ من ضِئْضِئٍ ... أَحَلَّ الأَكابِرُ منه الصِّغارا
وفي الحديث أَن رجلاً أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم وهو يَقْسِمُ الغنائم فقال له اعْدِلْ فإِنك لم تَعْدِلْ فقال يخرج من ضِئْضِئي هذا قوم يَقْرَؤُون القرآن لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ يَمْرُقون من الدِّين كما يَمْرُق السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ الضئْضِئُ الأَصْلُ وقال الكميت بأَصل الضِّنْوِ ضئْضِئِه الأَصِيل ( 2 ) ( 2 قوله « بأصل الضنو إلخ » صدره كما في ضنأ من التهذيب وميراث ابن آجر حيث ألقت )
وقال ابن السكيت مثله وأَنشد
أَنا من ضِئْضِئِ صِدْقٍ ... بَخْ وفي أَكْرَمِ جِذْلِ
ومعنى قوله يَخْرُج من ضِئْضِئي هذا أَي من أَصلِه ونَسْلِه قال الراجز غَيْران من ضِئضِئِ أَجْمالٍ غُيُرْ تقول ضِئْضِئُ صِدْقٍ وضُؤْضُؤُ صِدْقٍ وحكي ضِئْضِيءٌ مثل قِنْدِيلٍ يريد أَنه يخرج مِن نَسْلِه وعَقِبه ورواه بعضهم بالصاد المهملة وهو بمعناه وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه أَعطَيْتُ ناقةً في سبيل اللّه فأَردتُ أَن أَشترِيَ مِن نَسْلِها أَو قال من ضِئْضِئها فسأَلْتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال دعْها حتى تَجيءَ يومَ القيامة هي وأَولادُها في ميزانِكَ والضِّئْضِئُ كثرة النَّسْل وبَرَكَتُه وضِئْضِئُ الضَّأْنِ من ذلك أَبو عمرو الضأْضاءُ صَوْتُ الناسِ وهو الضَّوْضاءُ والضُّؤْضُؤُ هذا الطائرُ الذي يسمى الأَخْيَلَ قال ابن دريد ولا أَدري ما صحته

ضبأ
ضَبَأَ بالأَرض يَضْبَأُ ضَبْأً وضُبُوءاً وضَبَأَ في الأَرض وهو ضَبِيءٌ لَطِئَ واخْتَبأَ والموضع مَضْبَأٌ وكذلك الذئب إِذا لَزِقَ بالأَرض أَو بشجرة [ ص 111 ] أَو استَتَر بالخَمَر لِيَخْتِلَ الصَّيْد ومنه سُمِّي الرجلُ ضابِئاً وهو ضابئُ بن الحَرِثِ البُرْجُمِيُّ وقال الشاعر في الضابِئِ المُخْتَبِئِ الصَّيَّادِ
إِلاّ كُمَيْتاً كالقَناةِ وضابِئاً ... بالفَرْجِ بَيْنَ لَبانِه وَيَدِهْ ( 1 )
( 1 قوله « ويده » كذا في النسخ والتهذيب بالإفراد ووقع في شرح القاموس بالتثنية ويناسبه قوله في التفسير بعده ما بين يدي فرسه )
يَصفُ الصَّيَّادَ أَنه ضَبَأَ في فُروج ما بين يدي فرسه لِيَخْتِلَ به
الوَحْشَ وكذلك الناقةُ تُعَلَّم ذلك وأَنشد
لَمَّا تَفَلَّقَ عنه قَيْضُ بَيْضَتِه ... آواه في ضِبْنِ مَضْبَإٍ به نَضَبُ
قال والمَضْبَأُ الموضع الذي يكون فيه يقال للناس هذا مَضْبَؤُكم أَي مَوْضِعُكم وجمعه مَضابِئُ وضَبَأَ لَصِقَ بالأَرضِ وضَبَأْتُ به الأَرضَ فهو مَضْبوءٌ به إِذا أَلْزَقه بها وضَبَأْتُ إِليه لَجأْت وأَضْبَأَ على الشيءِ إِضْبَاءً سَكَتَ عليه وكَتَمه فهو مُضْبِئٌ عليه ويقال أَضْبَأَ فلان على داهيةٍ مثل أَضَبَّ وأَضْبَأَ على ما في يَدَيْه أَمْسَكَ اللحياني أَضْبَأَ على ما في يديه وأَضْبَى وأَضَبَّ إِذا أَمسك وأَضْبَأَ القومُ على ما في أَنفُسهم إِذا كتموه وضَبَأَ اسْتَخْفَى وضَبَأَ منه اسْتَحْيَا أَبو عبيد اضْطَبَأْتُ منه أَي اسْتَحْيَيْتُ رواه بالباءِ عن الأُموي وقال أَبو الهيثم إِنما هو اضْطَنَأْتُ بالنون وهو مذكور في موضعه وقال الليث الأَضْباءُ وَعْوعة جَرْوِ الكلب إِذا وَحْوَحَ وهو بالفارسية فحنحه ( 2 )
( 2 قوله « فحنحه » كذا رسم في بعض النسخ ) قال أَبو منصور هذا خطأٌ وتصحيف وصوابه الأَصْياءُ بالصاد من صَأَى يَصْأَى وهو الصَّئِيُّ وروى المنذري بإِسناده عن ابن السكيت عن العُكْليِّ أَنَّ أَعرابيّاً أَنشده
فَهاؤُوا مُضابِئَةً لَم يَؤُلَّ ... بادِئَها البَدْءُ إِذ تَبْدَؤُهْ
قال ابن السّكيت المُضابِئَةُ الغِرارةُ المُثْقَلَةُ تُضْبِئُ من يحْمِلُها تحتها أَي تُخْفِيه قال وعنى بها هذه القصيدة المبتورة وقوله لم يَؤُلَّ أَي لم يُضْعِفْ بادئها قائِلَها الذي ابْتَدأَها وهاؤُوا أَي هاتوا وضَبَأَتِ المرأَةُ إِذا كَثُرَ ولدها قال أَبو منصور هذا تصحيف والصواب ضَنَأَت المرأَة بالنون والهمزة إِذا كثر ولدها والضَّابِئُ الرَّمادُ

ضنأ
ضَنَأَتِ المرأَةُ تَضْنَأُ ضَنْأً وضُنُوءاً وأَضْنَأَتْ كثر ولدها فهي ضانِئٌ وضانِئةٌ وقيل ضَنَأَتْ تَضْنَأُ ضَنْأً وضُنُوءاً إِذا ولَدت الكسائي امْرأَةٌ ضانِئةٌ وماشِيةٌ معناهما أَن يكثر ولدها وضَنَأَ المال كَثُر وكذلك الماشيةُ وأَضْنَأَ القومُ إِذا كَثُرت مَواشِيهم والضَّنْءُ كثرة النَّسْل وضَنَأَتِ الماشيةُ كَثُر نِتاجُها وضَنْءُ كلِّ شيءٍ نَسْلُه قال
أَكْرَم ضَنْءٍ وضِئْضِئٍ عنْ ... ساقَيِ الحَوْض ضِئْضِئها ومَضْنَؤُها ( 3 )
( 3 قوله « أكرم ضنء » كذا في النسخ )
والضَّنْءُ والضِّنْءُ بالفتح والكسْر مهموز ساكن النون الولد لا
يفرد له واحد إِنما هو من باب نَفَرٍ [ ص 112 ] ورَهْطٍ والجمع ضُنُوءٌ التهذيب أَبو عمرو الضَّنْءُ الولد مهموز ساكن النون وقد يقال له الضِّنْءُ والضِّنءُ بالكسر الأَصْلُ والمَعْدِن وفي حديث قُتَيلة بنت النضر بن الحرث أَو أُخته
أَمُحَمَّدٌ ولأَنْتَ ضِنْءُ نَجِيبَةٍ ... مِنْ قَوْمِها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
الضِّنْءُ بالكسر الأَصل ويقال فلان في ضِنْءِ صِدْقٍ وضِنْءِ سَوْءٍ واضْطَنَأَ لَه ومنه اسْتَحْيا وانْقَبَضَ قال الطِّرِمَّاحُ
إِذا ذُكِرَتْ مَسْعاةُ والِدِه اضْطَنا ... ولا يَضْطَني مِنْ شَتْمِ أَهْلِ الفَضائِلِ
أَراد اضْطَنَأَ فأَبْدَلَ وقيل هو من الضَّنَى الذي هو المَرضُ كأَنَّه يَمْرَضُ من سَماع مَثالِب أَبيه وهذا البيت في التهذيب ولا يُضْطَنا مِن فِعْلِ أَهْلِ الفَضائِلِ وقال
تَزاءَكَ مُضْطَنِئٌ آرِمٌ ... إِذا ائْتَبَّهُ الإِدُّ لا يَفْطَؤُهْ ( 1 )
( 1 قوله « تزاءك مضطنئ » هذا هو الصواب كما هو المنصوص في كتب اللغة نعم أنشده الصاغاني تزاؤك مضطنئ بالاضافة ونصب تزاؤك قال ويروى تزؤل باللام على تفعل ويروى تتاؤب فايراد المؤلف له في زوك خطأ وما أسنده في مادة زأل للتهذيب في ضنأ من أنه تزاءل باللام فلعله نسخة وقعت له والا فالذي فيه تزاءك بالكاف كما ترى )
التزاؤُك الاسْتِحْياءُ
وضَنَأَ في الأَرض ضَنْأً وضُنُوءاً اخْتَبَأَ وَقَعَدَ مَقْعَدَ ضُنْأَةٍ أَي مَقْعَدَ ضَرُورَةٍ ومعناه الأَنَفَة قال أَبو منصور أَظن ذلك من قولهم اضْطَنَأْتُ أَي اسْتَحْيَيْتُ

ضهأ
ضاهَأَ الرجُلَ وغَيْرَه رَفَق به هذه رواية أَبي عبيد عن الأُمَوِيِّ في المُصَنَّف والمُضاهَأَةُ المُشاكَلَةُ وقال صاحب العين ضَاهَأْتُ الرجل وضَاهَيْتُه أَي شابَهْتُه يهمز ولا يهمز وقرئَ بهما قوله عزَّ وجلَّ يُضاهِئُون قول الذين كفروا

ضوأ
الضَّوءُ والضُّوءُ بالضم معروف الضِّياءُ وجمعه أَضْواءٌ وهو الضِّواءُ والضِّياءُ وفي حديث بَدْءِ الوَحْيِ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَيَرَى الضَّؤْءَ أَي ما كان يَسمع من صوت المَلَك ويراه مِن نُوره وأَنْوارِ آياتِ رَبِّه التهذيب الليث الضَّوْءُ والضِّياءُ ما أضاءَ لك وقال الزجاج في قوله تعالى كُلَّما أَضاءَ لهم مَشَوْا فِيهِ يقال ضاءَ السِّراجُ يَضوءُ وأَضاءَ يُضِيءُ قال واللغة الثانية هي المُختارة وقد يكون الضِّياءُ جمعاً وقد ضاءَتِ النارُ وضاءَ الشيءُ يَضُوءُ ضَوْءاً وضُوءاً وأَضاءَ يُضِيءُ وفي شعر العباس
وأَنْتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَت الأَرضُ ... وضاءَتْ بِنُورِك الأُفُقُ
يقال ضاءَتْ وأَضاءَتْ بمعنى أَي اسْتَنارَتْ وصارَت مُضِيئةً وأَضَاءَتْه يَتعدَّى ولا يَتعدَّى قال الجعديّ
أضاءَتْ لنا النارُ وَجْهاً أَغَرَّ ... مُلْتَبِساً بالفُؤَادِ التِباسا
أَبو عبيد أَضاءَتِ النارُ وأَضاءَها غيرُها وهو الضَّوْءُ والضُّوءُ وأَمَّا الضِّياءُ فلا همز في يائه وأَضاءَه له واسْتَضَأْتُ به وفي حديث علي كرَّم اللّه وجهه [ ص 113 ] لم يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ العِلم ولم يَلْجَؤُوا إِلى رُكْنٍ وثِيقٍ وفي الحديث لا تَسْتَضِيئُوا بنار المُشْرِكِين أَي لا تَسْتَشِيرُوهم ولا تأْخُذُوا آراءَهم جَعَل الضوءَ مثلاً للرأْي عند الحَيْرَةِ وأَضأْتُ به البيتَ وضَوَّأْتُه به وضَوَّأْتُ عنه الليث ضَوَّأْتُ عن الأَمر تَضْوِئَةً أَي حِدْتُ قال أَبو منصور لم أَسمعه من غيره أَبو زيد في نوادره التَّضَوُّؤُ أَن يَقومَ الإنسانُ في ظُلْمَةٍ حيث يَرى بِضَوْءِ النار أَهْلَها ولا يَرَوْنه قال وعَلِقَ رجل من العَرَب امرأَةً فإِذا كان الليل اجْتَنَح إِلى حيث يَرَى ضَوْءَ نارِها فَتَضَوَّأَها فَقيل لَها إِن فلاناً يَتَضَوَّؤُكِ لِكَيْما تَحْذَره فلا تُريه إِلاَّ حَسَناً فلما سمعت ذلك حَسَرَتْ عن يَدِها إِلى مَنْكِبها ثم ضَرَبتْ بِكَفِّها الأُخْرى إِبْطَها وقالت يا مُتَضَوِّئاهْ هذه في اسْتِكَ إِلى الإِبْطِ فلما رأَى ذلك رَفَضَها يقال ذلك عند تعيير مَن لا يُبَالي ما ظَهَر منه من قَبِيح وأَضاءَ بِبَوْلِه حَذَف به حكاه عن كراع في المُنَجَّد

ضيأ
ضَيَّأَتِ المرأَةُ كثر ولَدُها والمعروف ضَنَأَ قال وأَرى الأَوَّل تصحيفاً

طأطأ
الطَّأْطَأَةُ مصدر طَأْطَأَ رأْسَه طَأْطَأَةً طامَنَه وتَطَأْطَأَ تَطامَنَ وطَأْطَأَ الشيءَ خَفَضَه وطَأْطَأَ عن الشيء خَفَض رأْسَه عَنْه وكُلُّ ما حُطَّ فقد طُؤْطِئَ وقد تَطَأْطَأَ إِذا خَفَضَ رأْسَه وفي حديث عثمان رضي اللّه عنه تَطَأْطَأْت لكم تَطَأْطُؤَ الدُّلاةِ أَي خَفَضْتُ لكم نَفْسِي كَتَطامن الدُّلاة وهو جمع دالٍ الذي يَنْزِعُ بالدَّلْو كقاضٍ وقُضاة أَي كما يخْفِضها المُسْتَقُون بالدِّلاءِ وتواضعت لكم وانحَنَيْتُ وطَأْطَأَ فرسَه نَحزَه بفخذيه وحَرَّكه للحُضْر وطَأْطَأَ يَدَه بالعِنان أَرسَلَها به للإِحْضار وطَأْطَأَ فلان من فلان إِذا وَضَع من قَدْره قال مَرَّارُ بن مُنْقِذ
شُنْدُفٌ أَشْدَفُ ما وَرَّعْتَه ... وإِذا طُؤْطِئَ طَيَّارٌ طِمِرّ
وطَأْطَأَ أَسْرَعَ وطَأْطَأَ في قَتْلِهِم اشْتَدَّ وبالغَ أَنشد ابن الأَعرابي
ولَئِنْ طَأْطَأْتُ في قتْلِهِم ... لَتُهاضَنَّ عِظامِي عن عُفُرْ
وطَأْطَأَ الرَّكْضَ في ماله أَسْرَعَ إِنْفاقَه وبالغَ فيه والطَّأْطَاءُ الجَملُ الخَرْبَصِيصُ وهو القَصِيرُ السيرِ والطَّأْطاءُ المُنْهَبِطُ من الأَرض يَسْتُرُ مَن كان فيه قال يصف وحشاً
منها اثْنَتان لِما الطَّأْطاءُ يَحْجُبُه ... والأُخْرَيانِ لِما يَبْدُو به القَبَلُ
والطَّأْطاءُ المُطْمَئِنُّ الضَّيِّقُ ويقال له الصَّاعُ والمِعَى

طتأ
أَهمله الليث ابن الأَعرابي طتأَ إِذا هَرَبَ ( 1 )
( 1 قوله « طتأ أهمله إلخ » هذه المادة أوردها الصاغاني والمجد في المعتل وكذا التهذيب غير انه كثيراً لا يخلص المهموز من المعتل فظن المؤلف أنها من المهموز )

طثأ
ابن الأَعرابي طَثأَ إِذا لَعِبَ بالقُلةِ وطَثَأَ طَثْأً أَلقَى ما في جَوْفِه [ ص 114 ]

طرأ
طَرَأَ على القوم يَطْرَأُ طَرْءاً وطُرُوءاً أَتاهم مِن مَكانٍ أَو طَلَعَ عليهم من بَلَدٍ آخَر أَو خرج عليهم مِن مكانٍ بَعيدٍ فُجاءة أَو أَتاهم من غير أَن يَعْلَمُوا أَو خَرج عليهم من فَجْوةٍ وهم الطُّرَّاءُ والطُّرَآءُ ويقال للغُرباءِ الطُّرآء وهم الذين يأْتُون من مكان بعيد قال أَبو منصور وأَصله الهمز من طَرَأَ يَطْرَأُ وفي الحديث طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبي مِن القرآنِ أَي وَرَدَ وأَقبل يقال طَرَأَ يَطْرَأُ مهموزاً إِذا جاءَ مُفاجَأَةً كأَنه فَجِئَه الوقت الذي كان يُؤَدي فيه وِرْدَه مِن القرآنِ أَو جَعَلَ ابْتِداءَه فيه طُرُوءاً منه عليه وقد يُترك الهمز فيه فيقال طَرَا يَطْرُو طُرُوّاً وطَرَأَ مِن الأَرض خرج ومنه اشْتُقَّ الطُّرْآنِيُّ وقال بعضهم طُرْآنُ جبل فيه حَمام كثير إِليه يُنْسَبُ الحمامُ الطُّرْآنِيُّ لا
يُدْرَى مِن حيث أَتى وكذلك أَمْرٌ طُرْآنِيٌّ وهو نسب على غير قياس وقال العجاج يذكر عَفافَه
إِنْ تَدْنُ أَو تَنْأَ فلا نَسِيُّ ... لِما قَضَى اللّهُ ولا قَضِيُّ ( 1 )
( 1 قوله « ان تدن إلخ » كذا في النسخ )
ولا مَعَ الماشِي ولا مَشِيُّ ... بِسِرِّها وذاك طُرْآنِيُّ
ولا مَشِيٌّ فَعُولٌ مِنَ المَشْيِ والطُّرْآنِيُّ يقول هو مُنْكَر
عَجَبٌ وقيل حَمامٌ طُرآنِيٌّ منكَر من طَرَأَ علينا فلان أَي طَلَع ولم نَعرفه قال والعامة تقول حَمامٌ طُورانِيٌّ وهو خطأٌ وسئل أَبو حاتم عن قول ذِي الرمة
أَعارِيبُ طُورِيُّونَ عن كُلِّ قَرْيةٍ ... يَحِيدُون عنها مِنْ حِذارِ المَقادِرِ
فقال لا يكون هذا من طَرَأَ ولو كان منه لقال طَرْئِيُّون الهمزةُ بعد الراءِ فقيل له ما معناه ؟ فقال أَراد أَنهم من بلاد الطُّور يعني الشام فقال طُورِيُّون كما قال العجاج دانَى جَناحَيْهِ مِنَ الطُّور فَمَرّ أَراد أَنه جاءَ من الشام وطُرأَةُ السيل دُفْعَتُه وطَرُؤَ الشيءُ طَراءة وطَراءً فهو طَرِيءٌ وهو خلاف الذّاوِي وأَطْرَأَ القومَ مَدَحَهُم نادرة والأَعرف بالياء

طسأ
إِذا غَلَب الدَّسمُ عل قلب الآكل فاتَّخَمَ قيل طَسِئَ يَطْسَأُ طَسْأً وطَساءً ( 2 )
( 2 قوله « وطساء » هو على وزن فعال في النسخ وعبارة شارح القاموس على قوله وطسأ أي بزنة الفرح وفي نسخة كسحاب لكن الذي في النسخ هو الذي في المحكم )
فهو طَسِيءٌ اتَّخَم عن الدسَم وأَطْسَأَه الشِّبَعُ يقال طَسِئَت نَفْسُه فهي طاسِئةٌ إِذا تَغَيَّرت عن أَكل الدَّسم فرأَيته مُتَكَرِّهاً لذلك يهمز ولا يهمز وفي الحديث إِن الشَّيطان قال ما حَسَدْتُ ابنَ آدَم إِلاَّ على الطُّسْأَةِ والحُقْوةِ الطُّسْأَةُ التُّخمَةُ والهَيْضةُ يقال طَسِئَ إِذا غَلب الدَّسَمُ على قَلْبه

طشأ
رجل طُشْأَةٌ فَدْمٌ عَيِيٌّ لا يَضر ولا ينفع

طفأ
طَفِئَتِ النارُ تَطْفَأُ طَفْأً وطُفُوءاً وانْطَفَأَتْ ذهَبَ لَهَبُها الأَخيرة عن الزجاجي حكاها في كتاب الجُمل [ ص 115 ] وأَطْفَأَها هو وأَطْفَأَ الحَرْبَ منه على المثل وفي التنزيل العزيز كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً للحَرْبِ أَطْفَأَها اللّه أَي أَهْمَدَها حتى تَبْرُد وقال
وكانتْ بَيْنَ آلِ بَنِي عَدِيٍّ ( 1 ) ... رَباذِيَةٌ فأَطْفَأَها زِيادُ
( 1 قوله « بني عدي » هو في المحكم كذلك والذي في مادة ربذ أَبي أَبيّ )
والنارُ إِذا سَكَن لَهَبُها وجَمْرُها بعدُ فهي خامدةٌ فإِذا سكنَ
لَهبها وبرَدَ جمرها فهي هامِدةٌ وطافِئةٌ ومُطْفِئُ الجَمْر الخامِس من أَيام العجوز قال الشاعر
وبآمِرٍ وأَخِيهِ مُؤْتَمِرٍ ... ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئِ الجَمْرِ
ومُطْفِئةُ الرَّضْفِ الشاة المهزولة تقول العرب حَدَسَ لهم بِمُطْفِئَةِ الرضْف عن اللحياني

طفنشأ
التهذيب في الرباعي عن الأُموي الطَّفَنْشَأُ مقصور مهموز الضَّعِيفُ من الرجال وقال شمر الطَّفَنْشَلُ باللام

طلفأ
المُطْلَنْفِئُ والطَّلَنْفَأُ والطَلَنْفَى اللاَّزقُ بالأَرضِ اللاَّطِئُ بها وقد اطْلَنْفَأَ اطْلِنْفاءً واطْلَنْفَى لَزِقَ بالأَرض وجَملٌ مُطْلَنْفِئُ الشَّرَفِ أَي لازِقُ السَّنام والمُطْلَنْفِئُ اللاطِئُ بالأَرض وقال اللحياني هو المُستَلْقِي على ظهره

طنأ
الطِّنْءُ التُّهمَةُ والطِّنْءُ المنْزِل والطِّنْءُ الفُجوز قال الفرزدق
وضارِيةٌ ما مَرَّ إِلاَّ اقْتَسَمْنَه ... عليهنّ خَوّاضٌ إِلى الطِّنْءِ مِخْشَفُ
ابن الأَعرابي الطِّنْءُ الرِّيبةُ والطِّنْءُ البِساطُ والطِّنْءُ المَيْلُ بالهَوَى والطِّنْءُ الأَرضُ البَيضاءُ والطِّنْءُ الرَّوْضة وهي بقيَّة الماء في الحَوض وأَنشد الفرّاءُ كأَنَّ على ذِي الطِّنْءِ عَيْناً بَصِيرةً أَي على ذي الرِّيبةِ وفي النوادر الطِّنْءُ شيءٌ يُتخذ لصَيْدِ السِّباعِ مثل الزُّبْيَةِ والطِّنْءُ في بعض الشعر اسم للرّماد الهامِدِ والطِّنْءُ بالكسر الرِّيبة والتُّهمَةُ والداءُ وطَنأْتُ طُنُوءاً وزَنَأْتُ إِذا اسْتَحْيَيْتُ وطَنِئَ البعيرُ يَطْنَأُ طَنَأً لَزِقَ طِحالُهُ بجنبه وكذلك الرجل وطَنِئَ فلان طَنَأً إِذا كان في صدره شيءٌ يَستَحْيي أَن يُخرجه وإِنه لَبَعِيدُ الطِّنْءِ أَي الهِمَّةِ عن اللحياني الطِّنءُ بقيةُ الرُّوحِ يقال تركته بِطِنْئِه أَي بحُشاشةِ نَفْسِه ومنه قولهم هذه حَيَّةٌ لا تُطْنِئُ أَي لا يَعِيش صاحِبُها يُقْتَل من ساعتها يهمز ولا يهمز وأَصله الهمز أَبو زيد يقال رُمِيَ فلان في طِنْئِه وفي نَيْطِه وذلك إِذا رُمِيَ في جَنازَتِه ومعناه إِذا ماتَ اللحياني رجل طَنٍ وهو الذي يُحَمُّ غِبّاً فيعظُمُ طِحالهُ وقد طَنِيَ طَنًى قال وبعضهم يهمز فيقول طَنِئَ طَنَأً فهو طَنِئٌ

طوأ
ما بها طُوئِيٌّ أَي أَحد والطاءة الحَمْأَةُ وحكى كراع طآة كأَنه مقلوب وطاءَ في الأَرض يَطُوءُ ذهب والطاءة مثل الطاعة الإِبعاد في المَرْعَى يقال فرس بَعيدُ الطاءة قال ومنه أُخِذ طَيِّءٌ مثل سَيِّدٍ [ ص 116 ] أَبو قبيلة من اليمن وهو طَيِّءُ بن أُدَدَ بن زيد بن كَهْلانَ بن سَبَأ بن حِمْيَر وهو فَيْعِلٌ من ذلك والنسب اليها طائِيٌّ على غير قياس كما قيل في النسب إِلى الحِيرةِ حارِيٌّ وقياسه طَيْئِيٌّ مثل طَيْعِيٍّ فقلبوا الياءَ الأُولى أَلفاً وحذفوا الثانية كما قيل في النسب إِلى طَيِّبٍ طَيْبِيٌّ كراهيةَ الكسَرات والياءات وأَبْدَلوا الأَلف من الياءِ فيه كما أَبدلوها منها في زَبَانِيٍّ ونظيره لاهِ أَبوكَ في قول بعضهم فأَما قول من قال إِنه سمي طَيِّئاً لأَنه أَوَّل مَن طَوَى المناهل فغيرُ صحيح في التصريف فأَما قول ابن أَصْرَمَ
عاداتُ طَيٍّ في بني أَسَدٍ ... رِيُّ القَنا وخِضابُ كلِّ حُسام
إِنما أَراد عاداتُ طَيِّءٍ فحذف ورواه بعضهم طَيِّءَ غير مصروف جعله اسماً للقبيلة

ظأظأ
ظَأْظَأَ ظَأْظَأَةً وهي حكاية بعض كلام الأَعْلَمِ الشَّفةِ والأَهْتَم الثَّنايا وفيه غُنَّة أَبو عمرو الظَّأْظاءُ صَوت التَّيْس إِذا نَبَّ

ظمأ
الظَّمَأُّ العَطَشُ وقيل هو أَخَفُّه وأَيْسَرُه وقال الزجاج هو أَشدُّه والظَّمْآن العَطْشانُ وقد ظمِئَ فلان يَظْمَأُ ظَمَأً وظَماءً وظَماءة إِذا اشتدَّ عَطَشُه ويقال ظَمِئْتُ أَظْمَأُ ظَمْأً فأَنا ظامٍ وقوم ظِماءٌ وفي التنزيل لا يُصِيبُهم ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ وهو ظَمِئٌ وظَمْآنُ والأُنثى ظَمْأَى وقوم ظِماءٌ أَي عِطاشٌ قال الكميت
إِلَيْكُم ذَوي آلِ النبيِّ تَطَلَّعَتْ ... نَوازِعُ من قَلْبِي ظِماءٌ وأَلْبُبُ
استعار الظِّماء للنَّوازِعِ وإِن لم تكن أَشخاصاً وأَظْمَأْتُه أَعْطَشْتُه وكذلك التَّظْمِئةُ ورجل مِظْماءٌ مِعطاشٌ عن اللحياني التهذيب رجل ظَمْآنُ وامرأَة ظَمْأَى لا ينصرفان نكرة ولا معرفة وظَمِئَ إِلى لِقائه اشْتاقَ وأَصله ذلك والاسم من جميع ذلك الظِّمْءُ بالكسر والظِّمْءُ ما بين الشُّرْبَيْنِ والوِرْدَيْن زاد غيره في وِرْد الإِبل وهو حَبْسُ الإِبل عن الماءِ إِلى غاية الوِرْد والجمع أَظْماءٌ قال غَيْلان الرَّبَعِي مُقْفاً على الحَيِّ قَصير الأَظْماءْ وظِمْءُ الحَياةِ ما بين سُقُوط الولد إِلى وقت مَوْتِه وقولهم ما بَقِيَ منه إلاَّ قَدْرُ ظِمْءِ الحِمار أَي لم يبق من عُمُره إِلاَّ اليسيرُ يقال إِنه ليس شيءٌ من الدوابِّ أَقْصَرَ ظِمْأً من الحِمار وهو أَقل الدوابّ صَبْراً عن العَطَش يَرِدُ الماءَ كل يوم في الصيف مرتين وفي حَدِيث بعضهم حين لم يَبْقَ من عُمُري إِلاَّ ظِمْءُ حِمار أَي شيءٌ يسير وأَقصَرُ الأَظْماءِ الغِبُّ وذلك أَن تَرِدَ الإِبلُ يوماً وتَصْدُرَ فتكون في المرعى يوماً وتَرِدُ اليوم الثالث وما بين شَرْبَتَيْها ظِمْءٌ طال أَو قَصُر والمَظْمَأُ موضع الظَّمإِ من الأَرض قال الشاعر
وخَرْقٍ مَهارِقَ ذِي لُهْلُهٍ ... أَجَدَّ الأُوامَ به مَظْمَؤُهْ
أَجدَّ جَدَّد وفي حديث مُعاذ وإِن كان نَشْر أَرض يُسْلِمُ عليها صاحِبُها فإِنه يُخْرَجُ منها ما أُعْطِيَ نَشرُها رُبعَ المَسْقَوِيِّ وعُشْرَ المَظْمئيِّ المَظْمَئِيُّ الذي تُسْقِيه السماءُ والمَسْقَوِيُّ الذي يُسْقَى بالسَّيْح وهما منسوبان إِلى المَظْمإِ [ ص 117 ] والمَسْقَى مصدري أَسْقى وأَظْمَأَ قال ابن الأَثير وقال أَبو موسى المَظْمِيُّ أَصله المَظْمَئِيُّ فترك همزه يعني في الرواية وذكره الجوهري في المعتل ولم يذكره في الهمز ولا تعرَّض إِلى ذكر تخفيفه ة وسنذكره في المعتل أَيضاً ووجه ظَمْآنُ قليلُ اللحم لَزِقت جِلْدَتُه بعظمه وقَلَّ ماؤُه وهو خِلاف الرَّيَّان قال المخبل
وتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحِيفة لا ... ظَمْآنُ مُخْتَلَجٌ ولا جَهْمُ
وساقٌ ظَمْأَى مُعْتَرِقةُ اللحم وعَيْنٌ ظَمْأَى رقيقة الجَفْن قال الأَصمعي ريح ظَمْأَى إِذا كانت حارَّةً ليس فيها نَدى قال ذو الرمة يصف السَّرابَ
يَجْرِي فَيَرْقُد أَحْياناً ويَطْرُدُه ... نَكْباءُ ظَمْأَى من القَيْظِيَّةِ الهُوجِ
الجوهري في الصحاح ويقال للفرس إِن فُصُوصَه لَظِماءٌ أَي ليست برَهْلةٍ كثيرةِ اللحم فَردَّ عليه الشيخ أَبو محمد بن بري ذلك وقال ظِماءٌ ههنا من باب المعتل اللام وليس من المهموز بدليل قولهم ساقٌ ظَمْياءُ أَي قَلِيلةُ اللحم ولما قال أَبو الطيب قصيدته التي منها
في سَرْجِ ظامِيةِ الفُصوصِ طِمِرَّةٍ ... يأْبَى تَفَرُّدُها لها التَّمْثِيلا
كان يقول إِنما قلت ظامية بالياءِ من غير همز لأَني أَردتُ أَنها ليست برهلة كثيرة اللحم ومن هذا قولهم رُمْح أَظْمَى وشَفةٌ ظَمْياءُ التهذيب ويقال للفرس إِذا كان مُعَرَّقَ الشَّوَى إِنَّهُ لأَظْمَى الشَّوَى وإِنَّ فُصوصَه لَظِماءٌ إِذا لم يكن فيها رَهَلٌ وكانت مُتَوتِّرةً ويُحمَدُ ذلك فيها والأَصل فيها الهَمز ومنه قول الراجز يصف فرساً أَنشده ابن السكيت يُنْجِيه مِن مِثْلِ حَمامِ الأَغْلالْ وَقْعُ يَدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلالْ ظَمْأَى النَّسا مِنْ تَحْتُ رَيَّا مِنْ عالْ فجعل قَوائِمَه ظِماءً وسَراةٌ رَيَّا أَي مُمْتَلِئةٌ من اللحم ويقال للفرس إِذا ضُمِّرَ قد أُظْمِئَ إِظْماءً أَو ظُمِئَ تَظْمِئةً وقال أَبو النجم يصف فرساً ضَمَّره
نَطْوِيه والطَّيُّ الرَّفِيقُ يَجْدُلُه ... نُظَمِّئُ الشَّحْمَ ولَسْنَا نَهْزِلُه
أَي نَعْتَصِرُ ماءَ بدنه بالتَّعْرِيق حتى يذهب رَهَلُه ويَكْتَنِز لحمه وقال ابن شميل ظَماءة الرجل على فَعالةٍ سُوءُ خُلُقِه ولُؤْمُ ضَرِيبَتِه وقِلَّةُ إِنْصافِه لمُخالِطِه والأَصل في ذلك أَن الشَّرِيب إِذا ساءَ خُلُقُه لم يُنْصِف شُركاءَه فأَما الظَّمأُ مقصور مصدر ظَمِئَ يَظْمَأُ فهو مهموز مقصور ومن العرب مَن يَمدُّ فيقول الظَّماءُ ومن أَمثالهم الظَّماءُ الفادِح خَيْرٌ منَ الرِّيِّ الفاضِح

عبأ
العِبْءُ بالكسرِ الحِمْل والثِّقْلُ من أَي شيءٍ كان والجمع الأَعْباء وهي الأَحْمال والأَثْقالُ وأُنشد لزهير
الحامِل العِبْء الثَّقِيل عن ال ... جانِي بِغَيرِ يَدٍ ولا شُكْر
ويروى لغير يد ولا شكر وقال الليث العِبءُ كلُّ [ ص 118 ] حِمْلٍ من غُرْمٍ أَو حَمالةٍ والعِبْءُ أَيضاً العِدْل وهما عِبْآنِ والأَعْباء الأَعدال وهذا عِبْءُ هذا أَي مِثْلُه ونَظِيرُه وعبْءُ الشَّيءِ كالعِدْلِ والعَدْلِ والجمع من كل ذلك أَعْباء وما عَبَأْتُ بفلان عَبْأَ أَي ما بالَيْتُ به وما أَعْبَأُ به عَبْأً أَي ما أُبالِيه قال الأَزهري وما عَبَأْتُ له شَيْئاً أَي لم أُبالِه وما أَعْبَأُ بهذا الأَمر أَي ما أَصْنَعُ به قال وأَما عَبَأَ فهو مهموز لا أَعْرِفُ في معتلات العين حرفاً مهموزاً غيره ومنه قوله تعالى قل ما يَعْبَأُ بكُمْ رَبِّي لولا دُعاؤكم فقد كَذَّبْتم فسَوفَ يكُون لِزاماً قال وهذه الآية مشكلة وروى ابن نجيح عن مجاهد أَنه قال في قوله قل ما يَعْبَأُ بكم ربي أَي ما يَفْعَل بكم ربي لولا دُعاؤه إِياكم لتَعْبُدوه وتُطِيعُوه ونحو ذلك قال الكلبي وروى سلمة عن الفرّاء أَي ما يَصْنَعُ بكم ربي لولا دُعاؤكم ابتلاكم لولا دعاؤه إِياكم إِلى الإِسلام وقال أَبو إسحق في قوله قل ما يَعْبَأُ بكم ربي أَي ما يفعل بكم لولا دُعاؤكم معناه لولا تَوْحِيدُكم قال تأْويله أَيُّ وزْنٍ لكم عنده لولا تَوحِيدُكم كما تقول ما عَبَأْتُ بفلان أَي ما كان له عندي وَزْنٌ ولا قَدْرٌ قال وأَصل العِبْءِ الثِّقْل وقال شمر وقال أَبو عبدالرحمن ما عَبَأْتُ به شيئاً أَي لم أَعُدَّه شيئاً وقال أَبو عَدْنان عن رجل من باهِلةَ يقال ما يَعْبَأُ اللّه بفلان إِذا كان فاجراً مائقاً وإِذا قيل قد عَبَأَ اللّهُ به فهو رجُلُ صِدْقٍ وقد قَبِلَ اللّه منه كل شيءٍ قال وأَقول ما عَبَأْتُ بفلان أَي لم أَقبل منه شيئاً ولا من حَديثه وقال غيره عَبَأْتُ له شرًّا أَي هَيَّأْتُه قال وقال ابن بُزُرْجَ احْتَوَيْتُ ما عنده وامْتَخَرْتُه واعْتَبَأْتُه وازْدَلَعْتُه وأَخَذْتُه واحد وعَبَأَ الأَمرَ عَبْأً وعَبَّأَهُ يُعَبِّئه هَيَّأَه وعَبَّأْتُ المَتاعَ جعلت بعضَه على بعض وقيل عَبَأَ المَتاعَ يَعْبَأُه عَبْأً وعَبَّأَه كلاهما هيأَه وكذلك الخيل والجيش وكان يونس لا يهمز تَعْبِيَةَ الجيش قال الأَزهري ويقال عَبَّأْت المَتاعَ تَعْبِئةً قال وكلٌّ من كلام العرب وعَبَّأْت الخيل تَعْبِئةً وتَعْبِيئاً وفي حديث عبدالرحمن بن عوف قال عَبَأَنا النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم ببدر لَيْلاً يقال عَبَأْتُ الجيشَ عَبْأً وعَبَّأْتهم تَعْبِئةً وقد يُترك الهمز فيقال عَبَّيْتُهم تَعْبِيةً أَي رَتَّبْتُهم في مَواضِعهم وهَيَّأْتُهم للحَرْب وعَبَأَ الطِّيبَ والأَمرَ يَعْبَؤُه عَبْأً صَنَعه وخَلَطَه قال أَبو زُبَيْدٍ يَصِف أَسداً
كأَنَّ بنَحْرِه وبمَنْكِبَيْه ... عَبِيراً باتَ يَعْبَؤُه عَرُوسُ
ويروى بات يَخْبَؤُه وعَبَّيْتُه وعَبَّأْتُه تَعْبِيةً وتَعْبِيئاً والعباءة والعَباءُ ضَرْب من الأَكسية والجمع أَعْبِئَةٌ ورجل عَبَاءٌ ثَقِيلٌ ( 1 )
( 1 قوله « ورجل عباء ثقيل » شاهده كما في مادة ع ب ي من المحكم كجبهة الشيخ العباء الثط وانكره الازهري انظر اللسان في تلك المادة )
وَخِمٌ كعَبَامٍ والمِعْبَأَةُ خِرْقةُ الحائضِ عن ابن الأَعرابي وقد اعْتَبَأَتِ المرأَة بالمِعْبَأَةِ والاعْتِباءُ الاحْتِشاءُ وقال عَبَا وجهُه يَعْبُو إِذا أَضاءَ وجهُه وأَشرَقَ قال والعَبْوةُ ضَوْءُ الشمسِ وجمعه عِباً وعَبْءُ الشمسِ ضوءُها لا يُدرى أَهو لغة في عَبِ الشمس أَم هوأَصلُه قال الأَزهري وروى الرياشي وأَبو حاتم معاً قالا اجتمع أَصحابنا على عَبِ الشمس أَنه ضوءُها [ ص 119 ] وأَنشد
إِذا ما رأَتْ شَمْساً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ ... إِلى رَمْلِها والجُرْهُمِيُّ عَمِيدُها ( 1 )
( 1 قوله « والجرهميّ » بالراء وسيأتي في عمد باللام وهي رواية ابن سيده )
قالا نسبه إِلى عَبِ الشمس وهو ضَوْءُها قالا وأَما عبدشمس من قريش فغير هذا قال أَبو زيد يقال هم عَبُ الشمس ورأَيت عبَ الشمس ومررت بِعَبِ الشمس يريدون عبدَشمس قال وأَكثر كلامهم رأَيت عبدَشمس وأَنشد البيت
إِذا ما رأَت شمساً عَبُ الشمسِ شمَّرت قال وعَبُ الشمس ضَوْءُها يقال ما أَحْسَنَ عبَها أَي ضَوْءَها قال وهذا قول بعض الناس والقول عندي ما قال أَبو زيد أَنه في الأَصل عبدشمس ومثله قولهم هذا بَلْخَبِيثة ومررت بِبَلْخَبيثة وحكي عن يونس بَلْمُهَلَّب يريد بني المُهَلَّبِ قال ومنهم من يقول عَبُّ شمس بتشديد الباء يريد عَبدَشَمس قال الجوهري في ترجمة عبا وعبُ الشمس ضوءُها ناقص مثل دَمٍ وبه سمي الرجل

عدأ
العِنْدَأْوةُ العَسَرُ والالْتِواءُ يكون في الرِّجل وقال اللِّحْياني العِنْدَأْوة أَدْهَى الدّواهِي قال وقال بعضهم العِنْدَأْوةُ المَكْرُ والخَدِيعةُ ولم يهمزه بعضهم وفي المثل إِنَّ تَحْتَ طِرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأْوةً أَي خِلافاً وتَعَسُّفاً يقال هذا للمُطْرِقِ الدَّاهِي السِّكِّيت والمُطاوِلِ ليَأْتِيَ بداهِيةٍ ويَشُدَّ شدّةَ لَيْثٍ غير مُتَّقٍ والطِّرِّيقة الاسم من الإِطْراقِ وهو السُّكُونُ والضَّعْفُ واللِّين وقال بعضهم هو بناءٌ على فِنْعلوةٍ وقال بعضهم هو من العَداءِ والنون والهمزة زائدتان وقال بعضهم عِنْدَأْوةٌ فِعْلَلْوَةٌ والأَصل قد أُمِيتَ فِعْلُه ولكن أَصحاب النحو يتكلفون ذلك باشتِقاقِ الأَمْثِلة من الأَفاعِيل وليس في جميع كلام العرب شيءٌ تدخل فيه الهمزة والعين في أَصل بنائه إِلاَّ عِنْدَأْوةٌ وإِمَّعَةٌ وعَباءٌ وعفاءٌ وعَماءٌ فأَما عَظاءةٌ فهى لغة في عَظايةٍ وإِعاءٌ لغة في وِعاءٍ وحكى شمر عن ابن الأَعرابي ناقة عِنْدَأْوةٌ وقِنْدَأْوةٌ وسِنْدَأْوةٌ أَي جَرِيئةٌ

غبأ
غَبَأَ له يَغْبَأُ غَبْأً قَصَدَ ولم يعرفها الرِّياشي بالغين المعجمة

غرقأ
الغِرقئُ قِشْر البَيض الذي تحت القَيْضِ قال الفرّاءُ همزته زائدة لأَنه من الغَرَق وكذلك الهمزة في الكِرْفِئَةِ والطِّهْلِئةِ زائدتان

فأفأ
الفَأْفاءُ على فَعْلالٍ الذي يُكْثِر ترْدادَ الفاء إِذا تَكلَّم والفَأْفأَةُ حُبْسةٌ في اللسان وغَلَبةُ الفاءِ على الكلام وقد فَأْفَأَ ورَجل فَأْفأٌ وفَأْفَاءٌ يمدّ ويقصر وامرأَة فَأْفَأَةٌ وفيه فَأْفَأَة الليث الفأْفَأَةُ في الكلام كأَنَّ الفاءَ يَغْلِبُ على اللِّسان فتقول فَأْفَأَ فلان في كلامه فَأْفَأَةٍ وقال المبرد الفَأْفأَةُ التَّرْدِيدُ في الفاءِ وهو أَن يَتَرَدَّدَ في الفاءِ إِذا تَكَلَّمَ

فتأ
ما فَتِئْتُ وما فَتَأْتُ أَذكره لُغَتان بالكسر والنصب فَتَأَهُ فَتْأً وفُتُوءاً وما أَفْتَأْتُ الأَخيرة تَمِيميَّة أَي ما بَرِحْتُ وما زِلْتُ لا يُسْتَعْمَل إِلاَّ في النَّفْي ولا يُتَكَلَّم به إلاَّ مع الجَحْد فإِن استُعْمل بغير ما ونحوها فهي مَنْوِيَّة على حسب ما تَجيءُ عليه أَخَواتُها قال وربما حذفتِ العَرَبُ [ ص 120 ] حَرْفَ الجَحْدِ من هذه الأَلفاظ وهو مَنْوِيٌّ وهو كقوله تعالى قالُوا تَاللّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ أَي ما تَفْتَأُ وقولُ ساعِدةَ بن جُؤَيَّةَ
أَنَدّ مِنْ قارِبٍ رُوحٍ قَوائمهُ ... صُمٍّ حَوافِرُه ما يُفْتَأُ الدَّلَجَا
أَراد ما يَفْتَأُ مِنَ الدَّلَجِ فَحَذف وأَوْصَلَ وروي عن أَبي زيد قال تميم تقول أَفْتَأْتُ وقيس وغيرهم يقولون فَتِئْتُ تقول ما أَفْتَأْتُ أَذكره إِفْتاءً وذلك إِذا كنت لا تزالُ تَذْكره وما فَتِئْت أَذكره أَفْتَأُ فَتْأً وفي نوادر الأعراب فَتِئْتُ عن الأمر أَفْتَأُ إِذا نَسِيتَه وانْقَدَعْتَ ( 1 )
( 1 قوله « وانقدعت » كذا هو في المحكم أيضاً بالقاف والعين لا بالفاء والغين )

فثأ
فَثَأَ الرجُلَ وفَثَأَ غَضَبَه يَفْثَؤُه فَثْأً كَسَرَ غَضَبَه وسَكَّنَه بقَول أَو غَيْره وكذلك فَثَأْتُ عني فلاناً فَثْأً إِذا كَسَرْتَه عنك وفَثِئَ هو انكسر غضَبُه وفَثَأَ القِدْرَ يَفْثُؤُها فَثْأً وفُثُوءاً المصدران عن اللحياني سَكَّن غَلَيانَها كَثَفأَها وفثأَ الشيءَ يُفْثَؤُه فَثْأً سَكَّنَ بَرْدَه بالتَّسْخِين وفَثَأْتُ الماءَ فَثْأً إِذا سَخَّنْتَه وكذلك كلُّ ما سَخَّنْتَه وفَثأَت الشمسُ الماءَ فُثُوءاً كَسَرَتْ بَرْدَه وفَثَأَ القِدْرَ سكَّن غَلَيانَها بماءٍ بارِدٍ أَو قَدْحٍ بالمِقْدحة قال الجَعْدِيُّ
تَفُورُ عَلَيْنا قِدْرُهم فَنُدِيمُها ... ونَفْثَؤُها عَنَّا إِذا حَمْيُها غلا
وهذا البيت في التهذيب منسوب إِلى الكميت وفَثَأَ اللبنُ يَفْثَأُ فَثْأً إِذا أُغْليَ حتى يَرْتَفِعَ له زُبْدٌ ويَتَقَطَّعَ فهو فاثِئٌ ومن أَمثالهم في اليَسِير من البرِّ إِنّ الرَّثيئَة تَفْثَأُ الغَضَبَ وأَصله أَنَّ رجلاً كان غَضِبَ على قوم وكان مع غَضَبِه جائعاً فَسَقَوْه رَثِيئةً فَسكَن غَضَبُه وكَفَّ عنهم وفي حديث زيادٍ لَهُوَ أَحبُّ إِليّ منْ رَثِيئةٍ فُثِئَتْ بسُلالةٍ أَي خُلِطَتْ به وكُسِرَتْ حِدَّتُه والفَثْءُ الكَسْر يقال فَثَأْتُه أَفْثَؤُه فَثْأً وأَفْثَأَ الحَرُّ سكَنَ وفَتَرَ وفَثَأَ الشيءَ عنه يَفْثَؤُه فَثْأً كَفَّه وعَدا الرجلُ حتى أَفْثَأَ أَي حتى أَعْيا وانْبَهَرَ وفَتَرَ قالت الخَنساء
أَلا مَنْ لِعَيْنٍ لا تَجِفُّ دُموعُها ... إِذا قُلْتُ أَفْثَتْ تَسْتَهِلُّ فَتَحْفِلُ
أَرادت أَفْثَأَتْ فخففت

فجأ
فَجِئَه الأَمْرُ وفَجَأَه بالكسر والنصب يَفْجَؤُه فَجْأً وفُجَاءةً بالضم والمدّ وافْتَجَأَه وفاجأَه يُفاجئُه مُفَاجأَةً وفِجاءً هَجَمَ عليه من غير أَن يَشْعُر به وقيل إِذا جاءه بَغْتةً من غير تقدّم سبب وأَنشد ابن الأَعرابي
كأَنْهُ إِذ فاجأَه افْتِجاؤُهُ ... أَثْناءُ لَيْلٍ مُغْدِفٍ أَثْناؤُهُ
وكلّ ما هجم عليك من أَمر لم تحتسبه فقد فَجَأَك ابن الأَعرابي أَفْجَأَ إِذا صادَفَ صَدِيقَه على فَضِيحةٍ الأصمعي فَجِئَتِ الناقةُ عَظُمَ بَطْنُها والمصدر الفَجَأُ مهموز مقصور والفُجاءةُ أَبو قَطَرِيٍّ المازِنِّي ولَقِيتُه فُجاءةً وضَعُوه موضعَ المصدر واستعمله ثعلب بالأَلف واللام ومَكَّنه فقال إِذا قلت خَرَجتُ فإِذا زيْدٌ فهذا هو [ ص 121 ] الفُجاءةُ فلا يُدْرَى أَهو من كلام العرب أَو هو من كلامه والفُجاءةُ ما فاجأَكَ ومَوْتُ الفُجاءةِ ما يَفْجَأُ الإِنسانَ من ذلك وورد في الحديث في غير موضع وقيده بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مدّ على المرّة

فرأ
الفَرَأُ مهموز مقصور حمارُ الوَحْشِ وقيل الفَتيُّ منها وفي المثل كلُّ صَيْدٍ في جَوْفِ الفَرَإِ ( 1 )
( 1 قوله « في المثل إلخ » ضبط الفرأ في المحكم بالهمز على الأصل وكذا في الحديث ) وفي الحديث أَن أَبا سفيان استأْذَنَ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فحَجَبَه ثم أَذِن له فقال له ما كِدْتَ تأْذَنُ لي حتى تأْذَنَ لحِجارة الجُلْهُمَتَينِ فقال يا أَبا سفيانَ أَنت كما قال القائلُ كلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرَإِ مقصور ويقال في جوف الفَرَاءِ ممدود وأَراد النبي صلى اللّه عليه وسلم بما قاله لأَبي سفيانَ تأَلُّفَه على الاسلام فقال أَنتَ في الناسِ كحِمارِ الوَحْش في الصيد يعني أَنها كلها مثلهُ وقال أَبو العباس معناه أَنه إِذا حَجَبَكَ قَنِعَ كل محجوب ورَضِي لأَن كلَّ صَيْدٍ أَقلُّ من الحِمار الوَحْشِيِّ فكلُّ صَيْدٍ لِصغَرِه يدخل في جَوْفِ الحمار وذلك أَنه حَجَبَه وأَذِنَ لغيره فيُضْرَبُ هذا المثل للرجل يكون له حاجاتٌ منها واحدةٌ كبيرة فإِذا قُضِيَتْ تلك الكَبيرةُ لم يُبالِ أَن لا تُقْضَى باقي حاجاتِه وجمعُ الفَرَإِ أَفْراء وفِراء مثل جَبَلٍ وجبالٍ قال مالك ابن زُغْبَة الباهليُّ
بضَرْبٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولهُ ... وطَعْنٍ كإِيزاغِ المخَاض تَبُورُها
الإِيزاغُ إِخراجُ البولِ دُفعةً دُفعةً وتَبُورُها أَي تَخْتَبِرُها ومعنى البيت أَن ضرْبَه يُصَيِّرِ فيه لَحْماً مُعَلَّقاً كآذان الحُمُر ومن ترك الهمز قال فرا ( 2 )
( 2 قوله « ومن ترك الهمز إلخ » انظر بم تتعلق هذه الجملة )
وحضر الأصمعي وأَبو عمرو الشيبانيُّ عند أَبي السَّمْراء فأَنشده الأَصمعي
بضربٍ كآذان الفِراء فُضوله ... وطعنٍ كتَشْهاقِ العَفا هَمَّ بالنَّهْقِ
ثم ضرب بيده إِلى فَرْوٍ كان بقُربه يوهم أَنَّ الشاعر أَراد فَرْواً فقال أَبو عمرو أَراد الفَرْوَ فقال الأَصمعي هكذا روايَتُكُم فأَما قولهم أَنْكَحْنا الفَرا فَسَنَرى فإِنما هو على التخفيف البَدَليّ موافَقة لسَنَرى لأَنه مثلٌ والأَمثالُ موضوعة على الوقف فلما سُكِّنَت الهمزة أُبدلت أَلفاً لانفتاح ما قبلها ومعناه قد طلبنا عاليَ الأُمور فسَنَرَى أَعمالَنا بعدُ قال ذلك ثعلب وقال الأَصمعي يضرب مثلاً للرجل إِذا غُرِّرَ بأَمر فلم يَرَ ما يُحِبُّ أَي صَنَعْنا الحَزْم فآل بنا إِلى عاقبةِ سُوء وقيل معناه أَنَّا قد نَظَرْنا في الأَمر فسننظر عما ينكشف

فسأ
فَسَأَ الثوبَ يَفْسَؤُه فَسْأً وفَسَّأَه فَتَفَسَّأَ شَقَّه فتَشَقَّقَ وتفسَّأَ الثوبُ أَي تَقَطَّع وبَلِيَ وتَفَصَّأَ مثله أَبو زيد فَسَأْتُه بالعَصا إِذا ضربت بها ظهرَه وفَسَّأْتُ الثوب تَفْسئةً وتَفْسِيئاً مَدَدْتُه حتى تَفَزَّر ويقال ما لَكَ تَفْسَأُ ثوبَك ؟ وفَسَأَه يَفْسَؤُه فَسْأً ضرب ظهرَه بالعَصا والأَفْسَأُ الأَبْزَخُ وقيل هو الذي خَرج صدْرُه ونَتَأَتْ خَثْلَتُه والأُنثى فَسْآءُ [ ص 122 ] والأَفْسأُ والمَفسُوءُ الذي كأَنه إِذا مشَى يُرَجِّعُ اسْتَه ابن الأَعرابي الفَسَأُ دُخول الصُّلْب والفَقَأُ خُروجُ الصَدْر وفي وَرِكَيْه فَسَأٌ وأَنشد ثعلب
قد حَطَأَتْ أُمُّ خُثَيْمٍ بأَدَنّ ... بِخارِج الخَثْلةِ مَفْسوءِ القَطَنْ ( 1 )
( 1 قوله « بأدن » هو بالدال المهملة كما في مادة د ن ن ووقع في مادة ح ط أ بالذال المعجمة تبعاً لما في نسخة من المحكم )
وفي التهذيب
بِناتِئِ الجَبْهةِ مفسوءِ القَطَنْ عدّى حَطَأَتْ بالباء لأَنّ فيه معنى فازَتْ أَو بَلَّتْ ويروى خَطَأَتْ والاسم من ذلك كله الفَسَأُ وتفاسَأَ الرَّجل تفاسُؤًا بهمز وغير همز أَخرج عَجيزَته وظهره

فشأ
تَفَشَّأَ الشيءُ تَفَشُّؤًا انتَشَر أَبو زيد تَفَشَّأَ بالقوم
المرضُ بالهمز تَفَشُّؤًا إِذا انْتَشَر فيهم وأَنشد
وأَمْرٌ عظيمُ الشَّأْنِ يُرْهَبُ هَوْلُهُ ... ويَعْيا به مَنْ كان يُحْسَبُ راقِيا
تَفَشَّأَ إِخْوانَ الثّقات فعَمَّهُم ... فأَسْكَتُّ عنِّي المُعْوِلاتِ البَواكِيا
ابن بُزُرْجَ الفَشْءُ من الفخر من أَفْشَأْتُ ويقال فَشَأْتُ

فصأ
قال في ترجمة فسأَ تَفَسَّأَ الثَّوْبُ أَي تَقَطَّعَ وبَلِيَ وتَفَصَّأَ مثله

فضأ
أَبو عبيد عن الأَصمعي في باب الهمز أَفْضَأْتُ الرجلَ أَطْعَمْته قال أَبو منصور أَنكر شمر هذا الحرف قال وحَقَّ له أَن يُنْكِرَه لأَنّ الصوابَ أَقْضَأْته بالقاف إِذا أَطعمتَه وسنذكره في موضعه

فطأ
الفَطَأُ الفَطَسُ والفُطْأَةُ الفُطْسةُ والأَفْطَأُ الأَفْطَسُ ورجلٌ أَفْطَأُ بَيِّنُ الفَطَإ وفي حديث عمر أَنه رأَى مُسَيْلِمَة أَصْفَر الوجه أَفْطَأَ الأَنْفِ دَقِيقَ السَّاقَيْن والفَطَأُ والفُطْأَةُ دخُولُ وسَطِ الظَّهْر وقيل دخُول الظهر وخُروجُ الصدر فَطِئَ فَطَأً وهو أَفْطَأُ والأُنثى فَطْآءُ واسم الموضع الفُطْأَةُ وبعير أَفْطَأُ الظهر كذلك وفَطِئَ البعير إِذا تَطامَن ظَهْرُه خِلْقةً وفَطَأَ ظَهْرَ بعيره حَمَلَ عليهِ ثِقْلاً فاطْمَأَنّ ودخل وتَفاطأَ فلان وهو أَشدُّ من التَّقاعُس وتَفاطأَ عنه تأَخَّر والفَطَأُ في سَنامِ البعِير بَعيرٌ أَفْطَأُ الظهر والفعلُ فَطِئَ يَفْطَأُ فَطَأً وفَطَأَ ظهرَه بالعَصا يَفْطَؤُه فَطْأً ضربه وقيل هو الضرب في أَي عضو كان وفَطَأَه ضرَبه على ظهره مثل حَطَأَه أَبو زيد فَطأْتُ الرجلَ أَفْطَؤُه فَطْأً إِذا ضربته بعَصاً أَو بظَهْر رجْلِك وفَطَأَ به الأَرضَ صَرَعه وفَطَأَ بسَلْحه رَمَى به وربما جاءَ بالثاء وفَطَأَ الشيءَ شَدخَه وفَطَأَ بها حَبَقَ وفَطَأَ المرأَةَ يَفْطَؤُها فَطْأً نَكَحَها وأَفْطَأَ الرجلُ إِذا جامَعَ جِماعاً كثيراً وأَفْطَأَ إِذا اتَّسَعَت حالهُ وأَفْطَأَ إِذا ساء خُلُقه بعد حُسْنٍ [ ص 123 ] ويقال تَفاطأَ فلان عن القوم بعدما حَمَلَ عليهم تَفاطُؤاً وذلك إِذا انْكسر عنهم ورجَعَ وتَبازَخَ عنهم تَبازُخاً في معناها

فقأ
فَقَأَ العينَ والبَثْرةَ ونحوهما يفْقَؤُهما فَقْأً وفَقَّأَها تَفْقِئةً فانْفَقَأَتْ وتَفَقَّأَتْ كَسَرَها وقيل قَلَعها وبَخَقَها عن اللحياني وفي الحديث لو أَنّ رجلاً اطَّلَعَ في بَيْتِ قوم بغير إِذْنهم ففَقَؤُوا عينَه لم يكن عليهم شيء أَي شَقُّوها والفَقْءُ الشَّقُّ والبَخْصُ وفي حديث موسى عليه السلام أَنه فَقَأَ عينَ مَلَكِ المَوْتِ ومنه الحديثُ كأَنما فُقِئَ في وجهِه حَبُّ الرُّمَّانِ أَي بُخِصَ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه تَفَقَّأَتْ أَي انْفَلَقَتْ وانْشَقَّتْ ومن مسائل الكتاب تَفَقَأْتُ شَحْماً بنصبه على التمييز أَي تَفَقَّأَ شَحْمِي فنُقِل الفعل فصار في اللفظ لَيٌّ فخرج الفاعل في الأَصل مميِّزاً ولا يجوز عَرَقاً تَصَبَّبْتُ وذلك أَنّ هذا المميز هو الفاعل في المعنى فكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل كذلك لا يجوز تقديم المميز إِذ كان هو الفاعلُ في المعنى على الفعل هذا قول ابن جني وقال ويقال للضعيف الوداع إِنه لا يُفَقِّئُ البيضَ الليث انْفَقَأَتِ العَيْنُ وانْفَقَأَتِ البَثْرةُ وبَكَى حتى كاد يَنْفَقِئُ بطنُه يَنْشَقُّ وكانت العرب في الجاهلية إِذا بَلغ إِبلُ الرجل منهم أَلفاً فَقَأَ عينَ بَعِير منها وسَرَّحَه حتى لا يُنْتَفَع به وأَنشد
غَلَبْتُكَ بالمُفَقِّئِ والمُعَنَّى ... وبَيْتِ المُّحْتَبي والخافِقاتِ
قال الأَزهري ليس معنى المُفَقِّئِ في هذا البيت ما ذَهَب إليه الليث وإنما أَراد به الفرزدق قوله لجرير
ولستَ ولو فَقَّأْتَ عَيْنَكَ واجداً ... أَباً لك إِنْ عُدَّ المَساعي كدارِمِ
وتَفَقَّأَتِ البُهْمَى تَفَقُّؤاً انْشَقَّتْ لفَائفُها عن نَوْرِها ويقال فَقَأَت فَقْأً إِذا تشقَّقت لفائفُها عن ثَمرَتها وتَفَقَّأَ الدُّمَّلُ والقَرْحُ وتَفَقَّأَتِ السحابةُ عن مائها تَشَقَّقتْ وتَفَقَّأَت تَبَعَّجَت بمائها قال ابن أَحمر
تَفَقَّأَ فوقه القَلَعُ السَّوارِي ... وجُنَّ الخازِبازِ به جُنُونا
الخازِبازِ صوت الذُّباب سمي الذُّباب به وهما صوتان جُعِلا صوتاً واحداً لأَن صوته خازِبازِ ومن أَعْرَبه نَزَّله منزلة الكلمة الواحدة فقال خازِبازُ والهاء في قوله تَفَقَّأَ فوقَه عائدةٌ على قوله بِهَجْلٍ في البيت الذي قبله
بهَجْلٍ مِن قَساً ذَفِرِ الخُزامَى ( 1 ) ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
( 1 قوله « بهجل » سيأتي في قسأ عن المحكم بجوّ )
يعني فوق الهَجْل والهَجْلُ هو المُطْمئِنُّ من الأَرض والجِرْبِياء الشَّمالُ
ويقال أَصابَتْنا فَقْأَةٌ أَي سحابةٌ لا رَعْدَ فيها ولا بَرْقَ ومَطَرُها مُتقارِب والفَقْءُ السَّابِياءُ التي تَنْفَقِئُ عن رأْس الولد وفي الصحاح وهو الذي يخرج على رأْس الولد والجَمع فُقُوءٌ وحكى كراع في جمعه فاقِياء قال وهذا غلط لأَن مثل هذا لم يَأْتِ في الجَمْعِ قال وأُرى الفاقِياء لغة في الفَقْء كالسَّابِياء وأَصله فاقِئاءُ بالهمز فكُرِه [ ص 124 ] اجتماعُ الهمزتين ليس بينهما إِلاَّ أَلف فقُلِبت الأُولى ياءً ابن الأَعرابي الفُقْأَةُ جلدة رَقِيقة تكون على الأَنف فان لم تَكْشِفْها مات الولد الأَصمعي السَّابِياءُ الماء الذي يكون على رأْس الولد ابن الأَعرابي السابياءُ السَّلَى الذي يكون فيه الوَلَد وكَثُر سابِياؤُهم العامَ أَي كَثُرَ نِتاجُهم والسُّخْدُ دَمٌ وماءٌ في السَّابِياءِ والفَقْءُ الماء الذي في المَشِيمة وهو السُّخْدُ والسُّخْتُ والنُّخْطُ وناقةٌ فَقْأَى وهي التي يأْخذها داءٌ يقال له الحَقْوةُ فلا تَبُولُ ولا تَبْعَرُ وربما شَرِقَتْ عُرُوقُها ولحمُها بالدَّمِ فانْتَفَخَتْ وربما انْفَقَأَتْ كَرِشُها من شِدَّةِ انْتِفاخِها فهي الفَقِيءُ حينئذ وفي الحديث أَن عُمَرَ رضي اللّه عنه قال في ناقةٍ مُنْكَسِرَةٍ ما هي بكذا ولا كذا ولا هي بِفَقِيءٍ فَتَشْرَقُ عُرُوقُها الفَقِيءُ الذي يأْخذه داءٌ في البَطْنِ كما وصَفْناه فإِن ذُبِحَ وطُبِخَ امْتَلأَت القِدْرُ منه دماً وفَعِيلٌ يقال للذكر والأُنثى والفَقَأُ خُرُوج الصَّدْر والفَسَأُ دخول الصُّلْب ابن الأَعرابي أَفْقَأَ إِذا انخَسَفَ صَدْرُه من عِلَّة والفَقْءُ نَقْرٌ في حَجَر أَو غَلْظٍ يجتمع فيه الماءُ وقيل هو كالحُفْرةِ تكون في وسَط الأَرض وقيل الفَقْءُ كالحُفْرةِ في وسط الحَرَّةِ والفَقْءُ الحُفْرةُ في الجَبَل شك أَبو عبيد في الحُفْرةِ أَو الجُفْرَةِ قال وهما سواءٌ والفَقِيءٌ كالفَقْءِ وأَنشد ثعلب في صَدْرهِ مِثْلُ الفَقِيءِ المُطْمَئِنّ ورواه بعضهم مثل الفُقَيْءِ على لفظ التصغير وجمع الفَقِيءِ فُقْآنٌ والمُفَقِّئة الأَوْدية التي تَشُقُّ الأَرض شَقّاً وأَنشد للفرزدق
أَتَعْدِلُ دارِماً بِبَني كُلَيْبٍ ... وتَعْدِلُ بالمُفَقِّئةِ الشِّعابا ( 1 )
( 1 مما يستدرك به على المؤلف ما في التهذيب قيل لامرأة انك لم تحسني الخرز فافتقئيه أَي أعيدي عليه يقال افتقأته أي أعدت عليه وذلك ان يجعل بين الكلبتين كلبة كما تخاط البواري إِذا أعيد عليه والكلبة السير أو الخيط في الكلبة وهي مثنية فتدخل في موضع الخرز ويدخل الخارز يده في الاداوة ثم يمد السير والخيط )
والفَقْءُ مَوْضِعٌ

فنأ
مالٌ ذو فَنَإٍ أَي كَثْرة كفَنَعٍ قال وأُرَى الهمزة بدلاً من العين وأَنشد أَبو العَلاء بيت أَبي مِحْجَنٍ الثَّقَفِيِّ
وقد أَجُودُ وما مالِي بِذي فَنإٍ ... وأَكْتُمُ السِّرَّ فيه ضَرْبةُ العُنُقِ
ورواية يعقوب في الأَلفاظ بِذِي فَنَعٍ

فيأ
الفَيْءُ ما كان شمساً فَنَسَخَه الظِّلُّ والجمع أَفْياءٌ وفُيُوءٌ قال الشاعر
لَعَمْرِي لأَنْتَ البَيتُ أَكْرَمُ أَهْلِهِ ... وأَقْعَدُ في أَفْيائِه بالأَصائِل
وفاءَ الفَيْءُ فَيْئاً تَحَوَّلَ وتَفَيَّأَ فيه تَظَلَّلَ وفي الصحاح الفَيْءُ ما بعد الزَّوالِ مِن الظلِّ قال حُمَيْد بن ثَوْر يَصِف سَرْحةً وكنى بها عن امرأَة
فَلا الظِّلُّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُه ... وَلا الفَيْءُ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ
وإِنما سمي الظلُّ فيئاً لرُجُوعه مِن جانِب إِلى جانِب [ ص 125 ] قال ابن السِّكِّيت الظِّلُّ ما نَسَخَتْه الشمسُ والفَيْءُ ما نَسَخَ الشمسَ وحكى أَبو عُبيدةَ عن رُؤْبَة قال كلُّ ما كانت عليه الشمسُ فَزالَتْ عنه فهو فَيْءٌ وظِلٌّ وما لم تكن عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ وتَفَيَّأَتِ الظِّلالُ أَي تَقَلَّبَتْ وفي التنزيل العزيز تَتَفَيَّأُ ظِلالُه عن اليَمينِ والشَّمائل والتَّفَيُّؤُ تَفَعُّلٌ من الفَيْءِ وهو الظِّلُّ بالعَشِيِّ وتَفَيُّؤُ الظِّلالِ رجُوعُها بعدَ انتصاف النهار وابْتعاثِ الأَشياءِ ظِلالَها والتَّفَيُّؤُ لا يكون إِلا بالعَشِيِّ والظِّلُّ بالغَداةِ وهو ما لَمْ تَنَلْه الشمس والفَيْءُ بالعَشِيِّ ما انصَرَفَتْ عنه الشمسُ وقد بَيَّنه حُمَيد بن ثَور في وصف السَّرْحة كما أَنشدناه آنِفاً وتَفَيَّأَتِ الشجرةُ وفَيَّأَتْ وفاءَتْ تَفْيِئةً كثرَ فَيْؤُها وتَفَيَّأْتُ أَنا في فَيْئِها والمَفْيُؤَةُ موضع الفَيْءِ وهي المَفْيُوءة جاءَت على الأَصل وحكى الفارسي عن ثعلب المَفِيئةَ فيها الأَزهري الليث المَفْيُؤَةُ هي المَقْنُؤَةُ من الفَيْءِ وقال غيره يقال مَقْنَأَةٌ ومَقْنُؤَةٌ للمكان الذي لا تطلع عليه الشمس قال ولم أَسمع مَفْيُؤَة بالفاءِ لغير الليث قال وهي تشبه الصواب وسنذكره في قَنَأَ أَيضاً والمَفْيُوءة هو المَعْتُوه لزمه هذا الاسم من طول لُزومِه الظِّلَّ وفَيَّأَتِ المرأَةُ شَعَرَها حرَّكَته من الخُيَلاءِ والرِّيح تُفَيِّئُ الزرع والشجر تحرِّكهما وفي الحديث مَثَل المؤْمن كخامة الزرع تُفَيِّئها الرِّيحُ مرةً هُنا ومرة هنا وفي رواية كالخامةِ من الزرعِ من حيث أَتَتْها الريحُ تُفَيِّئُها أَي تُحَرِّكُها وتُمِيلُها يميناً وشِمالاً ومنه الحديث إِذا رأَيتم الفَيْءَ على رؤُوسهنَّ يعني النساءَ مِثْل أَسْنِمة البُخْتِ فأَعْلِمُوهنَّ أَن اللّه لا يَقْبَلُ لهن صلاةً شَبَّه رؤُوسهنَّ بأَسْنِمة البُخْت لكثرة ما وَصَلْنَ به شُعورَهنَّ حتى صار عليها من ذلك ما يُفَيِّئُها أَي يُحَرِّكها خُيلاءً وعُجْباً قال نافع بن لَقِيط الفَقْعَسِيّ
فَلَئِنْ بَلِيتُ فقد عَمِرْتُ كأَنَّني ... غُصْنٌ تُفَيِّئُه الرِّياحُ رَطِيبُ
وفاءَ رَجَع وفاءَ إِلى الأَمْرِ يَفِيءُ وفاءَه فَيْئاً وفُيُوءاً رَجَع إليه وأَفاءَهُ غيرُه رَجَعه ويقال فِئْتُ إِلى الأَمر فَيْئاً إِذا رَجَعْتَ إليه النظر ويقال للحديدة إِذا كَلَّتْ بعد حِدَّتِها فاءَتْ وفي الحديث الفَيْءُ على ذِي الرَّحِمِ أَي العَطْفُ عليه والرُّجوعُ إليه بالبِرِّ أَبو زيد يقال أَفَأْتُ فلاناً على الأَمر إِفاءة إِذا أَراد أَمْراً فَعَدَلْتَه إِلى أَمْرٍ غيره وأَفَاءَ واسْتَفَاءَ كَفَاءَ قال كثيرعزة
فَأَقْلَعَ مِنْ عَشْرٍ وأَصْبَحَ مُزْنُه ... أَفَاءَ وآفاقُ السَّماءِ حَواسِرُ
وينشد
عَقُّوا بسَهْمٍ ولم يَشْعُرْ به أَحَدٌ ... ثمَّ اسْتَفاؤُوا وقالوا حَبَّذا الوَضَحُ
أَي رَجَعوا عن طَلَبِ التِّرةِ إِلى قَبُولِ الدِّيةِ وفلانٌ سَريعُ الفَيْءِ مِن غَضَبِه وفاءَ من غَضَبِه رَجَعَ وإِنه لَسَرِيعُ الفَيْءِ والفَيْئةِ والفِيئةِ أَي الرُّجوع الأَخيرتان عن اللِّحيانِي وإِنه لَحَسَنُ الفِيئَةِ بالكسر مثل الفِيقَةِ أَي حَسَنُ الرُّجوع وفي حديث عائشةَ رضي اللّه عنها قالت عن زينب كلُّ خِلالِها مَحْمُودةٌ ما عدا سَوْرةً من حَدٍّ تُسْرِعُ منها الفِيئةَ الفِيئةُ بوزن الفِيعةِ الحالةُ من الرُّجوعِ [ ص 126 ] عن الشيءِ الذي يكون قد لابَسه الانسانُ وباشَرَه وفاءَ المُولِي من امرأَتِه كَفَّرَ يَمينَه ورَجَعَ اليها قال اللّه تعالى فإِنْ فاؤُوا فإِنَّ اللّه غفورٌ رحيمٌ قال الفَيْءُ في كتاب اللّه تعالى على ثلاثة مَعانٍ مَرْجِعُها إِلى أَصل واحد وهو الرجوع قال اللّه تعالى في المُولِين مِن نسائهم فإِنْ فاؤُوا فإِنَّ اللّهَ غفور رحيم وذلك أَنَّ المُولي حَلَفَ أَنْ لا يَطَأَ امرأَتَه فجعَل اللّهُ مدةَ أَربعةِ أشْهُر بعدَ إِيلائهِ فإِن جامَعها في الأَربعة أَشهر فقد فاءَ أَي رَجَعَ عما حَلَفَ عليهِ من أَنْ لا يُجامِعُها إِلى جِماعِها وعليه لحِنْثِه كَفَّارةُ يَمينٍ وإن لم يُجامِعْها حتى تَنْقَضِيَ أَربعةُ أَشهر مِنْ يوم آلَى فإِن ابن عباس وجماعة من الصحابة رضي اللّه عنهم أَوقعوا عليها تطليقة وجعلوا عن الطلاق انْقِضاءَ الأَشهر وخَالفَهم الجماعة الكثيرة من أَصْحابِ رَسُول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وغيرهم من أَهل العلم وقالوا إِذا انْقَضَتْ أَربعةُ أَشهر ولم يُجامِعْها وُقِفَ المُولي فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ أَي يَجامِعُ ويُكفِّرَ وإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ فهذا هو الفَيءُ من الإِيلاءِ وهو الرُّجوعُ إِلى ما حَلفَ أَنْ لا يَفْعَلَه قال عبداللّه بن المكرم وهذا هو نص التنزيل العزيز لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهم تَرَبُّصُ أَرْبَعةِ أَشْهُرٍ فإِنْ فاؤوا فإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطّلاقَ فإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عليمٌ وتَفَيَّأَتِ المرأَةُ لزوجها تَثَنَّتْ عليه وتَكَسَّرَتْ له تَدَلُّلاً وأَلْقَتْ نَفْسَها عليه من الفَيْءِ وهو الرُّجوع وقد ذكر ذلك في القاف قال الأَزهري وهو تصحيف والصواب تَفَيَّأَتْ بالفاء ومنه قول الراجز تَفَيَّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ لِعابِسٍ جافِي الدَّلال مُقْشَعِرّ والفَيْءُ الغَنِيمةُ والخَراجُ تقول منه أَفاءَ اللّهُ على المُسْلِمينَ مالَ الكُفَّارِ يُفِيءُ إِفاءة وقد تكرَّر في الحديث ذكر الفَيْءِ على اخْتِلاف تَصرُّفِه وهو ما حَصل لِلمُسلِمينَ من أَموالِ الكُفَّار من غير حَرْبٍ ولا جِهادٍ وأَصْلُ الفَيْءِ الرُّجوعُ كأَنه كانَ في الأَصْل لهم فَرَجَعَ اليهم ومنه قِيل للظِّلِّ الذي يكون بعدَ الزَّوالِ فَيْءٌ لأَنه يَرْجِعُ من جانِب الغَرْب إِلى جانب الشَّرْق وفي الحديث جاءَتِ امرأَةٌ مِن الأَنصار بابْنَتيْنِ لها فقالت يا رسولَ اللّه هاتانِ ابْنَتَا فُلانٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ وقد اسْتَفاءَ عَمُّهما مالَهما ومِراثَهما أَي اسْتَرْجَعَ حَقَّهُما مِن المِراث وجَعَلَه فَيْئاً له وهو اسْتَفْعَلَ مِن الفَيْءِ ومنه حديث عُمر رضي اللّه عنه فلَقَدْ رَأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانَهُما أَي نأْخُذُها لأَنْفُسِنا ونَقْتَسِمُ بها وقد فِئْتُ فَيْئاً واسْتَفَأْتُ هذا المالَ أَخَذْتُه فَيْئاً وأَفاءَ اللّهُ عليه يُفيءُ إِفاءة قال اللّه تعالى ما أَفاءَ اللّهُ على رَسُولِهِ مِن أَهْلِ القُرَى التهذيب الفَيْءُ ما رَدَّ اللّهُ تعالى علَى أَهْلِ دِينِهِ من أَمْوالِ مَنْ خالَفَ دِينَه بلا قِتالٍ إِمَّا بأَنْ يُجْلَوا عَن أَوْطانِهِم ويُخَلُّوها للمسلمين أَو يُصالِحُوا على جِزْيةٍ يُؤَدُّونَها عَن رُؤوسِهم أَو مالٍ غَيْرِ الجِزْيةِ يَفْتَدُونَ به مِن سَفْكِ دِمائهم فهذا المالُ هو الفَيْءُ في كتاب اللّه قال اللّه تعالى فَما أَوْجَفْتُم عليه من خَيْلٍ ولا رِكابٍ أَي لم تُوجِفُوا عليه خَيْلاَ ولا رِكاباً نزلت في أَموال بَنِي النضير حِينَ نَقَضُوا العَهْدَ وجُلُوا عن أَوْطانِهم إِلى الشام فَقَسَمَ رسولُ اللّهِ صلّى اللّه عليه وسلم أَموالَهم مِن النَّخِيل وغَيْرِها في الوُجُوه التي أَراهُ اللّهُ أَن [ ص 127 ] يَقْسِمَها فيها وقِسمةُ الفَيءِ غيرُ قسمةِ الغَنِيمة التي أَوْجَفَ اللّهُ عليها بالخَيْلِ والرِّكاب وأَصلُ الفَيْءِ الرُّجُوعُ سُمِّيَ هذا المالُ فَيْئاً لأَنه رَجَعَ إِلى المسلمين من أَمْوالِ الكُفّار عَفْواً بلا قِتالٍ وكذلك قوله تعالى في قِتالِ أَهلِ البَغْيِ حتى تَفِيءَ إِلى أَمرِ اللّه أَي تَرجِعَ إِلى الطاعةِ وأَفَأْتُ على القوم فَيْئاً إِذا أَخَذْتَ لهم سَلَب قَوْمٍ آخَرِينَ فجئْتَهم به وأَفَأْتُ عليهم فَيْئاً إِذا أَخذتَ لهم فَيْئاً أُخِذَ منهم ويقال لنَوَى التمر إِذا كان صُلْباً ذُو فَيْئَةٍ وذلك أَنه تُعْلَفُه الدّوابُّ فَتَأْكُلُه ثم يَخرُج من بطونها كما كان نَدِيًّا وقال عَلْقمةُ بن عَبدَةَ يصف فرساً
سُلاءةً كَعصا النَّهْدِيِّ غُلَّ لها ... ذُو فَيْئةٍ مِن نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
قال ويفسَّر قوله غُلَّ لَها ذو فَيْئةٍ تَفْسِيرين أَحدهما أَنه أُدْخِلَ جَوْفَها نوًى مِنْ نَوى نَخِيل قُرَّانَ حتى اشتدّ لحمها والثاني أَنه خُلِق لها في بطن حَوافِرها نُسورٌ صِلابٌ كأَنها نوى قُرَّان وفي الحديث لا يَلِيَنَّ مُفاءٌ على مُفِيءٍ المُفاءُ الذي افْتُتِحَتْ بلدَتُه وكُورَتُه فصارت فيْئاً للمسلمين يقال أَفَأْت كذا أَي صَيَّرته فَيْئاً فأَنا مُفِيءٌ وذلك مُفاءٌ كأَنه قال لا يَلِينَّ أَحدٌ من أَهل السَّواد على الصَّحابة والتابعين الذين افتَتَحُوه عَنْوةً والفَيْءُ القِطعةُ من الطَّيْرِ ويقال للقطعة من الطَّيْرِ فَيْءٌ وعَرِقةٌ وصَفٌّ والفَيْئةُ طائر يُشبه العُقابَ فإِذا خافَ البرْد انحدَرَ إِلى اليمن وجاءَهُ بعد فَيْئةٍ أَي بعد حِينٍ والعرب تقول يا فَيْءَ مالي تَتَأَسَّف بذلك قال
يا فَيْءَ مالي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِه ... مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّقْلِيبُ
واختار اللِّحياني يا فَيَّ مالي ورُوي أَيضاً يا هَيْءَ قال أَبو عبيد وزاد الأَحمر يا شيْءَ وكلها بمعنى وقيل معناها كلها التَّعَجُّب والفِئةُ الطائفةُ والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه أَصله فِيءٌ مثال فِيعٍ لأَنه من فاءَ ويجمع على فِئون وفِئاتٍ مثل شِياتٍ ولِداتٍ ومِئاتٍ قال الشيخ أَبو محمد بن بري هذا الذي قاله الجوهري سهو وأَصله فِئْوٌ مثل فِعْوٍ فالهمزة عين لا لام والمحذوف هو لامها وهو الواو وقال وهي من فَأَوْتُ أَي فَرَّقْت لأَن الفِئة كَالفرقةِ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم فكلَّمه ثم دخل أَبو بكر على تَفِيئةِ ذلك أَي على أَثَرِه قال ومثله على تَئِيفةِ ذلك بتقديم الياءِ على الفاءِ وقد تشدَّد والتاءُ فيه زائدة على أَنها تَفْعِلة وقيل هو مقلوب منه وتاؤها إِما أَن تكون مزيدة أَو أَصلية قال الزمخشري ولا تكون مزيدة والبِنْيةُ كما هي من غير قلب فلو كانت التَّفِيئَةُ تَفْعِلةً من الفَيْءِ لخرجت على وزن تَهْنِئة فهي إِذاً لولا القلبُ فَعِيلةٌ لأَجل الإِعلال ولامها همزة ولكن القلب عن التَّئِيفة هو القاضي بزيادة التاءِ فتكون تَفْعِلةً

قبأ
القَبْأَةُ حَشِيشةٌ تَنْبُت في الغَلْظِ ولا تنبت في الجَبَل ترتفع على الأَرض قِيسَ الإِصْبَعِ أَو أَقلَّ يَرعاها المالُ وهي أَيضاً القَباةُ كذلك حكاها [ ص 128 ] أَهل اللغة قال ابن سيده وعندي أَن القَباة في القَبْأَةِ كالكماة في الكمْأَة والمَراةِ في المَرْأَة

قثأ
القِثَّاءُ والقُثَّاءُ بكسر القاف وضمها معروف مدّتها همزة وأَرض مَقثأَةٌ ومَقْثُؤَةٌ كثيرة القِثَّاءِ والمَقْثَأَةُ والمَقْثُؤَة موضع القِثّاءِ وقد أَقْثَأَتِ الأَرضُ إِذا كانت كثيرة القثّاءِ وأَقْثَأَ القومُ كَثُر عندهم القثّاءُ وفي الصحاح القِثّاءُ الخِيار الواحدة قِثّاءة

قدأ
ذكره بعضهم في الرُّباعيِّ القِنْدَأُ ( 1 )
( 1 قوله « القندأ » كذا في النسخ وفي غير نسخة من المحكم أيضاً فهو بزنة فنعل ) والقِنْدَأْوةُ السَّيِّءُ الخُلُقِ والغِذاءِ وقيل الخَفِيفُ والقِنْدَأْو القَصِير من الرجال وهم قِنْدَأْوُون وناقة قِنْدَأْوةٌ جريئةٌ ( 2 )
( 2 قوله « ناقة قندأوة جريئة » كذا هو في المحكم والتهذيب بهمزة بعد الياء فهو من الجراءة لا من الجري ) قال شمر يهمز ولا يهمز وقال أَبو الهيثم قِنْدَاوَةٌ فِنْعالةٌ قال الأَزهري النون فيها ليست بأَصلية وقال الليث اشتقاقها من قدأَ والنون زائدة والواو فيها صلة وهي الناقة الصُّلْبة الشديدة والقِنْدَأْو الصغير العُنُق الشدِيدُ الرأْسِ وقيل العَظِيمُ الرأْسِ وجمل قِنْدَأْوٌ صُلْبٌ وقد همز الليث جملٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوٌ واحتج بأَنه لم يجئ بناءٌ على لفظِ قِنْدَأْوٍ إِلاَّ وثانيه نون فلما لم يجئ على هذا البناءِ بغير نون علمنا أَن النون زائدة فيها والقِنْدَأْوُ الجَرِيءُ المُقْدِمُ التمثيل لسيبويه والتفسير للسيرافي

قرأ
القُرآن التنزيل العزيز وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه لشَرفه قَرَأَهُ يَقْرَؤُهُ ويَقْرُؤُهُ الأَخيرة عن الزجاج قَرْءاً وقِراءة وقُرآناً الأُولى عن اللحياني فهو مَقْرُوءٌ أَبو إِسحق النحوي يُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه صلى اللّه عليه وسلم كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً ومعنى القُرآن معنى الجمع وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر فيَضُمُّها وقوله تعالى إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه أَي جَمْعَه وقِراءَته فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أَي قِراءَتَهُ قال ابن عباس رضي اللّه عنهما فإِذا بيَّنَّاه لك بالقراءة فاعْمَلْ بما بَيَّنَّاه لك فأَما قوله
هُنَّ الحَرائِرُ لا ربَّاتُ أَحْمِرةٍ ... سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
فإِنه أَراد لا يَقْرَأْنَ السُّوَر فزاد الباءَ كقراءة من قرأَ تُنْبِتُ بالدُّهْن وقِراءة منْ قرأَ يَكادُ سَنَى بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار أَي تُنْبِتُ الدُّهنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً جَمَعْتُه وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض ومنه قولهم ما قَرأَتْ هذه الناقةُ سَلىً قَطُّ وما قَرَأَتْ جَنِيناً قطُّ أَي لم يَضْطَمّ رَحِمُها على ولد وأَنشد هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا وقال قال أَكثر الناس معناه لم تَجْمع جَنيناً أَي لم يَضطَمّ رَحِمُها على الجنين قال وفيه قول آخر لم تقرأْ جنيناً أَي لم تُلْقه ومعنى قَرَأْتُ القُرآن لَفَظْت به مَجْمُوعاً أَي أَلقيته وروي عن الشافعي رضي اللّه عنه أَنه قرأَ القرآن على إِسمعيل بن قُسْطَنْطِين [ ص 129 ] وكان يقول القُران اسم وليس بمهموز ولم يُؤْخذ من قَرَأْت ولكنَّه اسم لكتاب اللّه مثل التوراة والإِنجيل ويَهمز قرأْت ولا يَهمز القرانَ كما تقول إِذا قَرَأْتُ القُرانَ قال وقال إِسمعيل قَرأْتُ على شِبْل وأَخبر شِبْلٌ أَنه قرأَ على عبداللّه بن كَثِير وأَخبر عبداللّه أَنه قرأَ على مجاهد وأَخبر مجاهد أَنه قرأَ على ابن عباس رضي اللّه عنهما وأَخبر ابن عباس أَنه قرأَ على أُبَيٍّ وقرأَ أُبَيٌّ على النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال أَبو بكر بن مجاهد المقرئُ كان أَبو عَمرو بن العلاءِ لايهمز القرآن وكان يقرؤُه كما رَوى عن ابن كثير وفي الحديث أَقْرَؤُكم أُبَيٌّ قال ابن الأَثير قيل أَراد من جماعة مخصوصين أَو في وقت من الأَوقات فإِنَّ غيره كان أَقْرَأَ منه قال ويجوز أَن يريد به أَكثرَهم قِراءة ويجوز أَن يكون عامّاً وأَنه أَقرأُ الصحابة أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفظُ ورجل قارئٌ من قَوْم قُرَّاءٍ وقَرَأَةٍ وقارِئِين وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً ومنه قيل فلان المُقْرِئُ قال سيبويه قَرَأَ واقْتَرأَ بمعنى بمنزلة عَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه وصحيفةٌ مقْرُوءة لا يُجِيز الكسائي والفرَّاءُ غيرَ ذلك وهو القياس وحكى أَبو زيد صحيفة مَقْرِيَّةٌ وهو نادر إِلا في لغة من قال قَرَيْتُ وَقَرأْتُ الكتابَ قِراءة وقُرْآناً ومنه سمي القرآن وأَقْرَأَه القُرآنَ فهو مُقْرِئٌ وقال ابن الأَثير تكرّر في الحديث ذكر القِراءة والاقْتراءِ والقارِئِ والقُرْآن والأَصل في هذه اللفظة الجمع وكلُّ شيءٍ جَمَعْتَه فقد قَرَأْتَه وسمي القرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمرَ والنهيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآياتِ والسورَ بعضَها إِلى بعضٍ وهو مصدر كالغُفْرانِ والكُفْرانِ قال وقد يطلق على الصلاة لأَنّ فيها قِراءة تَسْمِيةً للشيءِ ببعضِه وعلى القِراءة نَفْسِها يقال قَرَأَ يَقْرَأُ قِراءة وقُرآناً والاقْتِراءُ افتِعالٌ من القِراءة قال وقد تُحذف الهمزة منه تخفيفاً فيقال قُرانٌ وقَرَيْتُ وقارٍ ونحو ذلك من التصريف وفي الحديث أَكثرُ مُنافِقي أُمَّتِي قُرّاؤُها أَي أَنهم يَحْفَظونَ القُرآنَ نَفْياً للتُّهمَة عن أَنفسهم وهم مُعْتَقِدون تَضْيِيعَه وكان المنافقون في عَصْر النبي صلى اللّه عليه وسلم بهذه الصفة وقارَأَه مُقارَأَةً وقِراءً بغير هاء دارَسه واسْتَقْرَأَه طلب إليه أَن يَقْرَأَ ورُوِيَ عن ابن مسعود تَسَمَّعْتُ للقَرَأَةِ فإِذا هم مُتَقارِئُون حكاهُ اللحياني ولم يفسره قال ابن سيده وعندي أَنّ الجنَّ كانوا يَرُومون القِراءة وفي حديث أُبَيٍّ في ذكر سورة الأَحْزابِ إِن كانت لَتُقارئُ سورةَ البقرةِ أَو هي أَطْولُ أَي تُجاريها مَدَى طولِها في القِراءة أَو إِن قارِئَها ليُساوِي قارِئَ البقرة في زمنِ قِراءَتها وهي مُفاعَلةٌ من القِراءة قال الخطابيُّ هكذا رواه ابن هاشم وأَكثر الروايات إِن كانت لَتُوازي ورجل قَرَّاءٌ حَسَنُ القِراءة من قَوم قَرائِين ولا يُكَسَّرُ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهر والعصر ثم قال في آخره وما كان ربُّكَ نَسِيّاً معناه أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءة فيهما أَو لا يُسْمِع نَفْسَه قِراءَتَه كأَنه رَأَى قوماً يقرؤُون فيُسَمِّعون نفوسَهم ومَن قَرُبَ منهم ومعنى قوله وما كان ربُّك نَسِيّاً يريد أَن القِراءة التي تَجْهَرُ بها أَو تُسْمِعُها نفْسَك يكتبها الملكان وإِذا قَرأْتَها في نفْسِك لم يَكْتُباها واللّه يَحْفَظُها لك [ ص 130 ] ولا يَنْساها لِيُجازِيَكَ عليها والقَارِئُ والمُتَقَرِّئُ والقُرَّاءُ كُلّه الناسِكُ مثل حُسَّانٍ وجُمَّالٍ وقولُ زَيْد بنِ تُركِيٍّ الزُّبَيْدِيّ وفي الصحاح قال الفرّاءُ أَنشدني أَبو صَدَقة الدُبَيْرِيّ
بَيْضاءُ تَصْطادُ الغَوِيَّ وتَسْتَبِي ... بالحُسْنِ قَلْبَ المُسْلمِ القُرَّاء
القُرَّاءُ يكون من القِراءة جمع قارئٍ ولا يكون من التَّنَسُّك ( 1 )
( 1 قوله « ولا يكون من التنسك » عبارة المحكم في غير نسخة ويكون من التنسك بدون لا ) وهو أَحسن قال ابن بري صواب إِنشاده بيضاءَ بالفتح لأَنّ قبله
ولقد عَجِبْتُ لكاعِبٍ مَوْدُونةٍ ... أَطْرافُها بالحَلْيِ والحِنّاءِ
ومَوْدُونةٌ مُلَيَّنةٌ وَدَنُوه أَي رَطَّبُوه وجمع القُرّاء قُرَّاؤُون وقَرائِئُ ( 2 )
( 2 قوله « وقرائئ » كذا في بعض النسخ والذي في القاموس قوارئ بواو بعد القاف بزنة فواعل ولكن في غير نسخة من المحكم قرارئ براءين بزنة فعاعل ) جاؤوا بالهمز في الجمع لما كانت غير مُنْقَلِبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ الفرَّاء يقال رجل قُرَّاءٌ وامْرأَة قُرَّاءةٌ وتَقَرَّأَ تَفَقَّه وتَقَرَّأَ تَنَسَّكَ ويقال قَرَأْتُ أَي صِرْتُ قارِئاً ناسِكاً وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً في هذا المعنى وقال بعضهم قَرَأْتُ تَفَقَّهْتُ ويقال أَقْرَأْتُ في الشِّعر وهذا الشِّعْرُ على قَرْءِ هذا الشِّعْر أَي طريقتِه ومِثاله ابن بُزُرْجَ هذا الشِّعْرُ على قَرِيِّ هذا وقَرَأَ عليه السلام يَقْرَؤُه عليه وأَقْرَأَه إِياه أَبلَغه وفي الحديث إِن الرّبَّ عز وجل يُقْرِئكَ السلامَ يقال أَقْرِئْ فلاناً السَّلامَ واقرأْ عَلَيْهِ السَّلامَ كأَنه حين يُبَلِّغُه سَلامَه يَحمِلهُ على أَن يَقْرَأَ السلامَ ويَرُدَّه وإِذا قَرَأَ الرجلُ القرآنَ والحديثَ على الشيخ يقول أَقْرَأَنِي فلانٌ أَي حَمَلَنِي على أَن أَقْرَأَ عليه والقَرْءُ الوَقْتُ قال الشاعر
إِذا ما السَّماءُ لم تَغِمْ ثم أَخْلَفَتْ ... قُروء الثُّرَيَّا أَنْ يكون لها قَطْرُ
يريد وقت نَوْئها الذي يُمْطَرُ فيه الناسُ ويقال للحُمَّى قَرْءٌ وللغائب قَرْءٌ وللبعِيد قَرْءٌ والقَرْءُ والقُرْءُ الحَيْضُ والطُّهرُ ضِدّ وذلك أَنَّ القَرْء الوقت فقد يكون للحَيْض والطُّهر قال أَبو عبيد القَرْءُ يصلح للحيض والطهر قال وأظنه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابَتْ والجمع أَقْراء وفي الحديث دَعي الصلاةَ أَيامَ أَقْرائِكِ وقُروءٌ على فُعُول وأَقْرُؤٌ الأَخيرة عن اللحياني في أَدنى العدد ولم يعرف سيبويه أَقْراءً ولا أَقْرُؤاً قال اسْتَغْنَوْا عنه بفُعُول وفي التنزيل ثلاثة قُرُوء أَراد ثلاثةَ أَقْراء من قُرُوء كما قالوا خمسة كِلاب يُرادُ بها خمسةٌ مِن الكِلاب وكقوله خَمْسُ بَنانٍ قانِئِ الأَظْفارِ أَراد خَمْساً مِنَ البَنانِ وقال الأَعشى
مُوَرَّثةً مالاً وفي الحَيِّ رِفعْةً ... لِما ضاعَ فِيها مِنْ قُروءِ نِسائِكا
[ ص 131 ] وقال الأَصمعي في قوله تعالى ثلاثةَ قُرُوء قال جاء هذا على غير قياس والقياسُ ثلاثةُ أَقْرُؤٍ ولا يجوز أَن يقال ثلاثةُ فُلُوس إِنما يقال ثلاثةُ أَفْلُسٍ فإِذا كَثُرت فهي الفُلُوس ولا يقال ثَلاثةُ رِجالٍ وإِنما هي ثلاثةُ رَجْلةٍ ولا يقال ثلاثةُ كِلاب انما هي ثلاثةُ أَكْلُبٍ قال أَبو حاتم والنحويون قالوا في قوله تعالى ثلاثةَ قُروء أَراد ثلاثةً من القُروء أَبو عبيد الأَقْراءُ الحِيَضُ والأَقْراء الأَطْهار وقد أَقْرَأَتِ المرأَةُ في الأَمرين جميعاً وأَصله من دُنُوِّ وقْتِ الشيء قال الشافعي رضي اللّه عنه القَرْء اسم للوقت فلما كان الحَيْضُ يَجِيء لِوقتٍ والطُّهرُ يجيء لوَقْتٍ جاز أَن يكون الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً قال ودَلَّت سنَّةُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَنَّ اللّه عز وجل أَراد بقوله والمُطَلِّقاتُ يَتَرَبَّصْن بأَنْفُسِهنّ ثلاثةَ قُروء الأَطْهار وذلك أَنَّ ابنَ عُمَرَ لمَّا طَلَّقَ امرأَتَه وهي حائضٌ فاسْتَفْتَى عُمرُ رضي اللّه عنه النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فيما فَعَلَ فقال مُرْه فَلْيُراجِعْها فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْها فتِلك العِدّةُ التي أَمَر اللّهُ تعالى أَن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ وقال أَبو إِسحق الَّذي عندي في حقيقة هذا أَنَّ القَرْءَ في اللغة الجَمْعُ وأَنّ قولهم قَرَيْتُ الماء في الحَوْضِ وإِن كان قد أُلْزِمَ الياءَ فهو جَمَعْتُ وقَرَأْتُ القُرآنَ لَفَظْتُ به مَجْموعاً والقِرْدُ يَقْرِي أَي يَجْمَعُ ما يَأْكُلُ في فِيهِ فإِنَّما القَرْءُ اجْتماعُ الدَّمِ في الرَّحِمِ وذلك إِنما يكون في الطُّهر وصح عن عائشة وابن عمر رضي اللّه عنهما أَنهما قالا الأَقْراء والقُرُوء الأَطْهار وحَقَّقَ هذا اللفظَ من كلام العرب قولُ الأَعشى لِما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نِسَائكا فالقُرُوءُ هنا الأَطْهارُ لا الحِيَضُ لإِن النّساءَ إِنما يُؤْتَيْن في أَطْهارِهِنَّ لا في حِيَضِهنَّ فإِنما ضاعَ بغَيْبَتِه عنهنَّ أَطْهارُهُنَّ ويقال قَرَأَتِ المرأَةُ طَهُرت وقَرأَتْ حاضَتْ قال حُمَيْدٌ
أَراها غُلامانا الخَلا فتَشَذَّرَتْ ... مِراحاً ولم تَقْرَأْ جَنِيناً ولا دَما
يقال لم تَحْمِلْ عَلَقةً أَي دَماً ولا جَنِيناً قال الأَزهريُّ وأَهلُ العِراق يقولون القَرْءُ الحَيْضُ وحجتهم قوله صلى اللّه عليه وسلم دَعِي الصلاةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ أَي أَيامَ حِيَضِكِ وقال الكسائي والفَرّاء معاً أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ فهي مُقْرِئٌ وقال الفرّاء أَقْرأَتِ الحاجةُ إِذا تَأَخَّرَتْ وقال الأخفش أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ وما قَرَأَتْ حَيْضةً أَي ما ضَمَّت رَحِمُها على حَيْضةٍ قال ابن الأَثير قد تكرَّرت هذه اللفظة في الحديث مُفْرَدةً ومَجْمُوعةً فالمُفْردة بفتح القاف وتجمع على أَقْراءٍ وقُروءٍ وهو من الأَضْداد يقع على الطهر وإِليه ذهب الشافعي وأَهل الحِجاز ويقع على الحيض وإِليه ذهب أَبو حنيفة وأَهل العِراق والأَصل في القَرْءِ الوَقْتُ المعلوم ولذلك وقعَ على الضِّدَّيْن لأَن لكل منهما وقتاً وأَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا طَهُرت وإِذا حاضت وهذا الحديث أَراد بالأَقْراءِ فيه الحِيَضَ لأَنه أَمَرَها فيه بِتَرْك الصلاةِ وأَقْرَأَتِ المرأَةُ وهي مُقْرِئٌ حاضَتْ وطَهُرَتْ وقَرَأَتْ إِذا رَأَتِ الدمَ والمُقَرَّأَةُ التي يُنْتَظَرُ بها انْقِضاءُ أَقْرائها قال أَبو عمرو بن العَلاءِ دَفَع فلان جاريتَه إِلى فُلانة تُقَرِّئُها أَي تُمْسِكُها عندها حتى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ وقُرئَتِ المرأَةُ حُبِسَتْ حتى انْقَضَتْ [ ص 132 ] عِدَّتُها وقال الأَخفش أَقْرَأَتِ المرأَةُ إِذا صارت صاحِبةَ حَيْضٍ فإِذا حاضت قلت قَرَأَتْ بلا أَلف يقال قَرَأَتِ المرأَةُ حَيْضَةً أَو حَيْضَتَيْن والقَرْءُ انْقِضاءُ الحَيْضِ وقال بعضهم ما بين الحَيْضَتَيْن وفي إِسْلامِ أَبي ذَرّ لقد وضَعْتُ قولَه على أَقْراءِ الشِّعْر فلا يَلْتَئِمُ على لِسانِ أَحدٍ أَي على طُرُق الشِّعْر وبُحُوره واحدها قَرْءٌ بالفتح وقال الزمخشري أَو غيره أَقْراءُ الشِّعْر قَوافِيه التي يُخْتَمُ بها كأَقْراءِ الطُّهْر التي يَنْقَطِعُ عِندَها الواحد قَرْءٌ وقُرْءٌ وقَرِيءٌ لأَنها مَقَاطِعُ الأَبيات وحُدُودُها وقَرَأَتِ الناقةُ والشَّاةُ تَقْرَأُ حَمَلَتْ قال هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا وناقة قارئٌ بغير هاء وما قَرَأَتْ سَلىً قَطُّ ما حَمَلَتْ مَلْقُوحاً وقال اللحياني معناه ما طَرَحَتْ وقَرَأَتِ الناقةُ وَلَدت وأَقْرَأَت الناقةُ والشاةُ اسْتَقَرَّ الماءُ في رَحِمِها وهي في قِرْوتها على غير قياس والقِياسُ قِرْأَتها وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال يقال ما قَرَأَتِ الناقةُ سَلىً قَطُّ وما قَرَأَتْ مَلْقُوحاً قَطُّ قال بعضهم لم تَحْمِلْ في رَحِمها ولداً قَطُّ وقال بعضهم ما أَسْقَطَتْ ولداً قَطُّ أَي لم تحمل ابن شميل ضَرَبَ الفحلُ الناقةَ على غير قُرْءٍ ( 1 )
( يتبع )

( ( ) تابع ) قرأ القُرآن التنزيل العزيز وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه
( 1 قوله « غير قرء » هي في التهذيب بهذا الضبط ) وقُرْءُ الناقةِ ضَبَعَتُها وهذه ناقة قارئٌ وهذه نُوقٌ قَوارِئُ يا هذا وهو من أَقْرأَتِ المرأَةُ إلا أَنه يقال في المرأَة بالأَلف وفي الناقة بغير أَلف وقَرْءُ الفَرَسِ أَيامُ وداقِها أَو أَيام سِفادِها والجمع أَقْراءٌ واسْتَقْرَأَ الجَملُ الناقةَ إِذا تارَكَها ليَنْظُر أَلَقِحَت أَم لا أبو عبيدة ما دامت الوَدِيقُ في وَداقِها فهي في قُرُوئها وأَقْرائِها وأَقْرأَتِ النُّجوم حانَ مغِيبها وأَقْرَأَتِ النجومُ أَيضاً تأَخَّر مَطَرُها وأَقْرَأَتِ الرِّياحُ هَبَّتْ لأَوانِها ودَخلت في أَوانِها والقارئُ الوَقْتُ وقول مالك بن الحَرثِ الهُذَليّ
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ ... إِذا هَبْتْ لقارئِها الرِّياحُ
أَي لوَقْتِ هُبُوبِها وشِدَّة بَرْدِها والعَقْرُ مَوضِعٌ بعَيْنِه وشَلِيلٌ جَدُّ جَرِير بن عبداللّه البَجَلِيّ ويقال هذا قارِيءُ الرِّيح لوَقْتِ هُبُوبِها وهو من باب الكاهِل والغارِب وقد يكون على طَرْحِ الزَّائد وأَقْرَأَ أَمْرُك وأَقْرَأَتْ حاجَتُك قيل دنا وقيل اسْتَأْخَر وفي الصحاح وأَقْرَأَتْ حاجَتُكَ دَنَتْ وقال بعضهم أَعْتَمْتَ قِراكَ أَم أَقْرَأْتَه أَي أَحَبَسْتَه وأَخَّرْته ؟ وأَقْرَأَ من أَهْله دَنا وأَقرأَ من سَفَرِه رَجَعَ وأَقْرَأْتُ من سَفَري أي انْصَرَفْتُ والقِرْأَةُ بالكسر مثل القِرْعةِ الوَباءُ وقِرْأَةُ البِلاد وَباؤُها قال الأَصمعي إِذا قَدِمْتَ بلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرةَ ليلة فقد ذَهَبت عنكَ قِرْأَةُ البلاد وقِرْءُ البلاد فأَما قول أَهل الحجاز قِرَةُ البلاد فإِنما هو على حذف [ ص 133 ] الهمزة المتحرِّكة وإِلقائها على الساكن الذي قبلها وهو نوع من القياس فأَما إِغرابُ أبي عبيد وظَنُّه إِياه لغة فَخَطأٌ وفي الصحاح أَن قولهم قِرةٌ بغير همز معناه أَنه إِذا مَرِضَ بها بعد ذلك فليس من وَباءِ البلاد

قرضأ
القِرْضِئُ مهموز من النبات ما تَعَلَّقَ بالشجر أَو التَبَسَ به وقال أَبو حنيفة القِرْضِئُ ينبُت في أَصل السَّمُرة والعُرْفُطِ والسَّلَمِ وزَهْرُه أَشدُّ صُفرةً من الوَرْس وَورقُه لِطافٌ رِقاقٌ أَبو عمرو من غريب شجر البر القِرْضِئُ واحِدته قرْضِئةٌ

قسأ
قُساءٌ موضع وقد قيل إِنَّ قُساءً هذا هو قَسىً الذي ذكره ابن أَحمر في قوله
بِجَوٍّ مِن قَسىً ذَفِرِ الخُزامَى ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
قال فإِذا كان كذلك فهو من الياء وسنذكره في موضعه

قضأ
قَضِئَ السِّقاءُ والقِرْبةُ يَقْضَأُ قَضَأً فهو قَضِئٌ فَسَدَ فَعَفِنَ وتَهافَتَ وذلك إِذا طُوِيَ وهو رَطْبٌ وقِرْبةٌ قَضِئَةٌ فَسَدَتْ وعَفِنَتْ وقَضِئَتْ عَيْنُه تَقْضَأُ قَضَأً فهي قَضِئَةٌ احْمَرَّت واسْتَرْخَت مآقِيها وقَرِحَتْ وفَسَدَت والقُضْأَةُ الاسم وفيها قَضْأَةٌ أَي فَسادٌ وفي حديث المُلاعَنةِ إِن جاءَت به قَضِئَ العينِ فهو لِهِلال أَي فاسِدَ العين وقَضِئَ الثوبُ والحَبْلُ أَخْلَقَ وتَقَطَّعَ وعَفِنَ من طُول النَّدَى والطَّيّ وقيل قَضِئَ الحَبْلُ إِذا طالَ دَفْنُه في الأَرض حتى يَتَهَتَّكَ وقَضِئَ حَسَبُه قَضَأً وقَضاءة بالمد وقُضُوءاً عابَ وفَسَدَ وفيه قَضْأَةٌ وقُضْأَةٌ أَي عَيْبٌ وفَساد قال الشاعر
تُعَيِّرُني سَلْمَى وليس بقُضْأَةٍ ... ولو كنتُ من سَلْمَى تَفَرَّعْتُ دارِما
وسَلْمَى حَيٌ من دارِمٍ وتقول ما عليك في هذا الأَمر قُضْأَةٌ مثل قُضْعَةٍ بالضم أَي عارٌ وضَعةٌ ويقال للرجل إِذا نَكَح في غير كَفاءة نكح في قُضْأَةٍ ابن بُزُرْجَ يقال إِنهم لَيتَقَضَّؤُون منه أَن يُزَوِّجُوه أَي يَسْتَخِسُّون حَسَبه من القُضْأَةِ وَقَضِئَ الشيءَ يَقْضَؤُه قَضْأً ساكنة عن كراع أَكَلَه وأَقْضَأَ الرَّجُلَ أَطْعَمَهُ وقيل إِنما هي أَفْضَأَه بالفاء

قفأ
قَفِئَتِ الأَرضُ قَفْأً مُطِرَتْ وفيها نَبْتٌ فَحَمَلَ عليه المطَرُ فأَفْسَدَه وقال أَبو حنيفة القَفْءٌ أَن يَقَعَ الترابُ على البَقْلِ فإِنْ غَسَله المطَرُ وإِلاّ فَسَدَ واقْتَفَأَ الخَرْزَ أَعادَ عليه عن اللحياني قال وقيل لامرأَة إِنكِ لم تُحْسِني الخَرْزَ فاقْتَفِئِيه ( 1 )
( 1 قوله « وقيل لامرأة إلخ » هذه الحكاية أوردها ابن سيده هنا وأوردها الأزهري في ف ق أ بتقديم الفاء ) أَي أَعِيدِي عليه واجْعَلي عليه بين الكُلْبَتَيْنِ كُلْبَةً كما تُخاطُ البَوارِيُّ إِذا أُعِيدَ عليها يقال [ ص 134 ] اقْتَفَأْتُه إِذا أَعَدْتَ عليه والكُلْبَةُ السَّيْرُ والطاقةُ من اللِّيفِ تُسْتَعْمَلُ كما يُسْتَعْمَل الإِشْفَى الذي في رأْسِه حَجَر يُدْخَلُ السَّيرُ أَو الخَيْطُ في الكُلْبَةِ وهي مَثْنِيَّةٌ فيَدْخُل في موضع الخَرْزِ ويُدْخِلُ الخارِزُ يَدَه في الإِداوةِ ثم يَمُدُّ السيرَ أَو الخَيطَ وقد اكْتَلَب إِذا اسْتَعْمَلَ الكُلْبَةَ

قمأ
قَمَأَ الرَّجُلُ وغيرُه وقَمُؤَ قَمْأَةً وقَمَاءً وقَمَاءة لا يُعْنَى بقَمْأَةٍ ههنا المرَّة الواحدة البتَّة ذَلَّ وصَغُرَ وصار قَمِيئاً ورجل قَمِيءٌ ذليل على فَعِيلٍ والجمع قِمَاءٌ وقُمَاءٌ الأَخيرة جمعٌ عزيزٌ والأُنثى قَميئةٌ وأَقْمَأْتُه صَغَّرْتُه وذَلَّلته والصاغِرُ القَمِيءُ يُصَغَّر بذلك وإِن لم يكن قصيراً وأَقْمَيْتُ الرجُلَ إِذا ذَلَّلْتَه وقَمَأَتِ المرأَةُ قَمَاءة ممدود صغُر جِسمُها وقَمَأَتِ الماشيةُ تَقْمَأُ قُمُوءاً وقُمُوءة وقَمْأً وقَمُؤَت قَمَاءة وقَمَاءً وقَمَأً وأَقْمأَتْ سَمِنَت وأَقْمَأَ القومُ سَمِنَت إِبِلهم التهذيب قَمَأَتْ تَقْمَأُ فهي قامِئةٌ امتلأَتِ سِمَناً وأَنشد الباهليُّ
وجُرْدٍ طارَ باطِلُها نَسيلاً ... وأَحْدَثَ قَمْؤُها شَعَراً قِصارا
وأَقْمَأَني الشيءُ أَعْجَبَنِي أَبو زيد هذا زمان تَقْمَأُ فيه الإِبل أَي يَحْسُن وَبَرُها وتَسْمَنُ وقَمَأَتِ الإِبل بالمكان أَقامَتْ به وأَعْجَبها خِصْبُه وسَمِنَتْ فيه وفي الحديث أَنه عليه السلام كان يَقْمَأُ إِلى مَنْزِل عائشةَ رضي اللّه عنها كثيراً أَي يَدْخُل وقَمَأْتُ بالمكان قَمْأً دخلته وأَقَمْتُ به قال الزمخشري ومنه اقْتَمَأَ الشيءَ إِذا جَمَعه والقَمْءُ المكان الذي تُقِيمُ فيه الناقةُ والبَعِيرُ حتى يَسْمَنا وكذلك المرأَةُ والرَّجلُ ويقال قَمَأتِ الماشيةُ بمكان كذا حتى سَمِنَتْ والقَمْأَةُ المكانُ الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ وجَمْعُها القِمَاءُ ويقال المَقْمَأَةُ والمَقْمُؤَةُ وهي المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ أَبو عمرو المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ المكان الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ وقال غيره مَقْناة بغير همز وإِنهم لفي قَمْأَةٍ وقُمْأَةٍ على مثال قُمْعةٍ أَي خِصْب ودَعةٍ وتَقَمَّأَ الشيءَ أخذ خِياره حكاه ثعلب وأَنشد لابن مقبل
لقد قَضَيْتُ فلا تَسْتَهْزِئَا سَفَهاً ... مما تَقَمَّأْتُه مِنْ لَذَّةٍ وطَرِي
وقيل تَقَمَّأْته جمعتُه شيئاً بعد شيءٍ وما قامَأَتْهُم الأَرضُ وافَقَتْهُم والأَعرف ترك الهمز وعَمْرُو بن قَمِيئةَ الشاعِرُ على فَعِيلة الأَصمعي ما يُقامِينِي الشيءُ وما يُقانِينِي أَي ما يُوافِقُنِي ومنهم من يهمز يُقاميني وتَقمَّأْتُ المكانَ تَقَمُّؤاً أَي وافقَني فأَقَمْتُ فيه

قنأ
قَنَأَ الشيءُ يَقْنَأُ قُنُوءاً اشْتَدَّتْ حُمْرَتُه وقَنَّأَهُ هو قال الأَسود بن يعفر
يَسْعَى بها ذُو تُومَتَيْنِ مُشَمِّرٌ ... قَنَأَتْ أَنامِلُه مِنَ الفِرْصاد
[ ص 135 ] والفِرْصادُ التُّوتُ وفي الحديث مررت بأَبي بكر فإِذا لِحْيَتُه قانِئةٌ أَي شَديدة الحُمْرة وقد قَنَأَتْ تَقْنَأُ قُنُوءاً وتركُ الهمزة فيه لغة أُخرى وشيءٌ أَحمرُ قانِئٌ وقال أَبو حنيفة قَنَأَ الجِلْدُ قُنُوءاً أُلْقِيَ في الدِّباغ بعد نَزْع تِحْلِئِه وقَنَّأَه صاحِبُه وقوله
وما خِفْتُ حتى بيَّنَ الشِّرْبُ والأَذَى ... بقانِئةٍ أَنِّي مِنَ الحَيِّ أَبْيَنُ
هذا شَرِيبٌ لقوم يقول لم يزالوا يَمْنعُونني الشُّرْبَ حتى احمرَّتِ الشمسُ وقَنَأَتْ أَطْرافُ الجارِيةِ بالحِنَّاءِ اسوَدَّتْ وفي التهذيب احْمَرَّتِ احْمِراراً شديداً وقَنَّأَ لِحْيَتَه بالخِضاب تَقْنِئَةً سَوَّدَها وقَنَأَتْ هي من الخِضاب التهذيب وقرأْت للمؤَرِّج يقال ضربته حتى قَنِئً يَقْنَأُ قُنُوءاً إِذا مات وقَنَأَهُ فلان يَقْنَؤُه قَنْأً وأَقْنَأْتُ الرَّجل إِقْناءً حَمَلْتُه على القتل والمَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ الموضع الذي لا تُصِيبه الشمس في الشتاء وفي حديث شريك أَنه جَلَس في مَقْنُؤَةٍ له أَي موضع لا تَطْلُعُ عليه الشمسُ وهي المَقْنَأَةُ أَيضاً وقيل هما غير مهموزين وقال أَبو حنيفة زعم أَبو عمرو أَنها المكان الذي لا تطْلُعُ عليه الشمس قال ولهذا وجه لأَنه يَرْجِعُ إِلى دوامِ الخُضْرة من قولهم قَنَأَ لِحْيَتَه إِذا سَوَّدها وقال غير أَبي عمرو مَقْناةٌ ومَقْنُوَةٌ بغير همز نقيضُ المَضْحاة وأَقْنَأَني الشيءُ أَمْكَنَنِي ودَنا مني

قيأ
القَيْءُ مهموز ومنه الاسْتِقاءُ وهو التكَلُّفُ لذلك والتَّقَيُّؤُ أَبلغ وأَكثر وفي الحديث لو يَعْلَمُ الشَّارِبُ قائماً ماذا عليه لاسْتَقاءَ ما شرب قاءَ يَقيءُ قَيْئاً واسْتَقاءَ وتَقَيَّأَ تَكَلَّفَ القَيْءَ وفي الحديث أَن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم اسْتَقَاءَ عامِداً فأَفْطَرَ هو اسْتَفْعَلَ من القَيْءِ والتَّقَيُّؤُ أَبلغ منه لأَنَّ في الاسْتِقاءة تكلُّفاً أَكثر منه وهو استِخراجُ ما في الجَوْفِ عامداً وقَيَّأَه الدَّواءُ والاسم القُيَاءُ وفي الحديث الراجِعُ في هِبَتِه كالراجِعِ في قَيْئِه وفي الحديث مَنْ ذَرَعَه القَيْءُ وهو صائم فلا شيءَ عليه ومَنْ تَقَيَّأَ فعليه الإِعادةُ أَي تَكَلَّفَه وتعَمَّدَه وقَيَّأْتُ الرجُلَ إِذا فَعَلْتَ به فِعْلاً يَتَقَيَّأُ منه وقاءَ فلان ما أَكل يَقِيئُه قَيْئاً إِذا أَلقاه فهو قاءٍ ويقال به قُيَاءٌ بالضم والمد إِذا جَعل يُكثِر القَيْءَ والقَيُوءُ بالفتح على فَعُول ما قَيَّأَكَ وفي الصحاح الدواءُ الذي يُشرب للقَيْءِ ورجل قَيُوءٌ كثير القَيْءِ وحكى ابن الأَعرابي رجل قَيُوٌّ وقال على مثال عَدُوٍّ فإِن كان إِنما مثَّله بِعدُوٍّ في اللفظ فهو وجِيهٌ وإِن كان ذَهَب به إِلى أَنه مُعتلّ فهو خَطَأٌ لأَنَّا لم نعلم قَيَيْتُ ولا قَيَوْتُ وقد نفى سيبويه مثل قَيَوْتُ وقال ليس في الكلام مثل حَيَوْتُ فإِذاً ما حكاه ابن الأَعرابي من قولهم قَيُوٌّ إِنما هو مخفف من رجل قَيُوءٍ كَمَقْرُوٍّ من مَقْرُوءٍ قال وإِنما حكينا هذا عن ابن الأَعرابي لِيُحْتَرَسَ منه ولئلا يَتَوَهَّمَ أَحد أَن قَيُوّاً من الواو أَو الياء لا سيما وقد نظَّره بعدُوٍّ وهَدُوٍّ ونحوهما من بنات الواو والياء [ ص 136 ] وقاءَتِ الأَرضُ الكَمْأَةَ أَخرجَتْها وأَظْهَرَتْها وفي حديث عائشة تصف عمر رضي اللّه عنهما وَبَعَجَ الأَرضَ فَقَاءَتْ أُكْلَها أَي أَظهرت نَباتَها وخَزائنَها والأَرض تَقيءُ النَّدَى وكلاهما على المثل وفي الحديث تَقِيءُ الأَرضُ أَفْلاذَ كَبِدِها أَي تُخْرِجُ كُنُوزَها وتَطْرَحُها على ظهرها وثوب يَقِيءُ الصَّبْغَ إِذا كان مُشْبَعاً وتَقَيَّأَتِ المرأَةُ تَعَرَّضَتْ لبَعْلِها وأَلْقَتْ نَفْسَها عليه الليث تَقَيَّأَتِ المَرأَةُ لزوجها وتَقَيُّؤُها تَكَسُّرها له وإِلقاؤُها نفسَها عليه وتَعَرُّضُها له قال الشاعر
تَقَيَّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ ... لِعابِسٍ جافي الدَّلالِ مُقْشَعِرّ
قال الأَزهري تَقَيَّأَتْ بالقاف بهذا المعنى عندي تصحيف والصواب تَفَيَّأَتْ بالفاءِ وتَفَيُّؤُها تَثنِّيها وتَكَسُّرها عليه من الفَيْءِ وهو الرُّجوع

كأكأ
تكَأْكَأَ القومُ ازْدَحَمُوا والتَّكَأْكُؤُ التَّجَمُّع وسقط عيسى بن عُمر عن حِمار له فاجتَمع عليه الناسُ فقال ما لَكُمْ تَكَأْكَأْتُم عليَّ تكَأْكُؤَكُم على ذِي جِنَّةٍ ؟ افْرَنْقِعُوا عنّي ويروى على ذي حَيَّةٍ أَي حَوَّاء وفي حديث الحَكَم بن عُتَيْبة خرج ذاتَ يوم وقد تَكَأْكَأَ الناسُ على أَخِيهِ عِمرانَ فقال سبحان اللّه لو حَدَّث الشيطانُ لتَكَأْكَأَ الناسُ عليه أَي عَكَفوا عليه مُزْدَحمِين وتَكَأْكَأَ الرجُل في كلامه عَيَّ فلم يَقدِرْ على أَن يَتَكَلَّمَ وتَكَأْكَأَ أَي جَبُنَ ونَكَصَ مثل تَكَعْكَعَ الليث الكَأْكَأَةُ النُّكُوصُ وقد تَكَأْكَأَ إِذا انْقَدَعَ أَبو عمرو الكَأْكاءُ الجُبْنُ الهالِعُ والكَأْكاءُ عَدْوُ اللِّصِّ والمُتَكَأْكِئُ القَصِير

كتأ
الليث الكَتْأَةُ بِوَزْن فَعْلةٍ مهموزة نبات كالجِرجِير يُطْبَخُ فَيُؤْكل قال أَبو منصور هي الكَثْأَةُ بالثاء وتسمى النَّهْقَ قاله أَبو مالك وغيره

كثأ
كَثَأَتِ القِدْرُ كَثْأً أَزْبَدَتْ للغَلْيِ وكَثْأَتُها زَبَدُها يقال خُذ كَثْأَةَ قِدْرِكَ وكُثْأَتَهَا وهو ما ارْتَفَع منها بعدما تَغْلِي وكَثْأَةُ اللَّبَنِ طُفاوَتُه فوقَ الماء وقيل هو أَنْ يَعْلُوَ دَسَمُه وخُثُورَتُه رأْسَه وقد كَثَأَ اللبَنُ وكَثَعَ يَكْثَأُ كَثْأً إِذا ارْتَفَع فوق الماء وصَفا الماء من تحت اللبن ويقال كَثَأَ وكَثَعَ إِذا خَثُرَ وعَلاه دَسَمُه وهو الكَثْأَةُ والكَثْعَةُ ويقال كَثَّأْتُ إِذا أَكلتَ ما على رأْسِ اللبن أَبو حاتِم من الأَقِط الكَثْءُ وهو ما يُكْثَأُ في القِدْر ويُنصَبُ ويكون أَعْلاه غَلِيظاً وأَسْفَلُه ماء أَصفر وأَما المصرَع ( 1 )
( 1 قوله « وأما المصرع » كذا ضبطت الراء فقط في نسخة من التهذيب )
فالذي يَخْثُر ويكادُ يَنْضَجُ والعاقِدُ الذي ذهَب ماؤه ونَضِج والكَرِيضُ الذي طُبِخ مع النَّهَقِ أو الحَمَصِيصِ وأَمّا المَصْلُ فمن الأَقط يُطْبَخ مرة أُخرى والثَّوْرُ القِطْعة العَظيمة منه [ ص 137 ] والكُثْأَةُ الحِنْزابُ وقيل الكُرّاثُ وقيل بِزْرُ الجِرْجِير وأَكْثَأَتِ الأَرضُ كَثُرَتْ كُثْأَتُها وكَثَأَ النَّبْتُ والوَبَر يَكْثَأُ كَثْأً وهو كاثِئٌ نبت وطَلَع وقيل كَثُفَ وغَلُظَ وطالَ وكَثَأَ الزرعُ غَلُظَ والتَفَّ وكَثَّأَ اللَّبَنُ والوبَرُ والنَّبتُ تَكْثِئةً وكذلك كَثَأَتِ اللِّحْيةُ وأَكْثَأَتْ وكَنْثَأَتْ أَنشد ابن السكيت
وأَنْتَ امْرُؤ قد كَثَّأَتْ لَكَ لِحْيةٌ ... كَأَنَّكَ مِنْها قاعِدٌ في جُوالِقِ
ويروى كَنْثَأَتْ ولحية كَنْثَأَةٌ وإِنه لكَنْثاءُ اللِّحْيةِ وكَنْثَؤُها وهو مذكور في التاءِ

كدأ
كَدَأَ النبتُ يَكْدَأُ كَدْءاً وكُدُوءاً وكَدِئَ أَصابَه البَرْدُ فَلبَّده في الأَرضِ أَو أَصابَه العطَشُ فأَبْطَأَ نَبْتُه وكَدَأَ البَرْدُ الزرعَ رَدَّه في الأَرضِ يقال أَصابَ الزرعَ بَرْدٌ فكَدَّأَه في الأَرض تَكْدِئةً وأَرضٌ كادِئةٌ بَطِيئةُ النَّباتِ والإِنْباتِ وإِبلٌ كادَئةُ الأَوْبارِ قَلِيلَتُها وقد كَدِئَتْ تَكْدَأُ كَدَأً وأَنشد كَوادِئُ الأَوْبارِ تَشْكُو الدَّلَجا وكَدِئَ الغُرابُ يَكْدَأُ كَدَأً إِذا رأَيتَه كأَنه يَقِيءُ في شَحِيجِه

كرثأ
الكِرْثِئةُ النَّبْتُ المُجتَمِعُ المُلْتَفُّ وكَرْثَأَ شَعَرُ الرجُل كَثُرَ والتَفَّ في لغة بني أَسد والكِرْثِئةُ رُغْوة المَحْضِ إِذا حُلِبَ عليه لبَنُ شاةٍ فارْتَفَعَ وَتَكَرْثَأَ السَّحابُ تَراكَمَ وكلُّ ذلك ثلاثي عند سيبويه والكِرْثِئُ من السحاب

كرفأ
الكِرْفِئُ سَحابٌ مُتَراكِمٌ واحدته كِرْفِئةٌ وفي الصحاح الكِرْفِئُ السّحابُ المُرْتَفِعُ الذي بعضه فوق بعض والقِطْعةُ منه
كِرْفِئةٌ قالت الخنساءُ
كَكِرْفِئةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِي ... رِ تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمي لَها
وقد جاءَ أَيضاً في شعر عامر بن جُوَيْنٍ الطائي يَصِف جارِيةً
وَجارِيةٍ مِنْ بَناتِ المُلو ... كِ قَعْقَعْتُ بالخَيْلِ خَلْخالَها
كَكِرْفِئةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِي ... رِ تَأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
ومعنى تَأْتَالُ تُصْلِحُ وأَصْلُه تَأْتَوِلُ ونصبه باضمار أَن ومثله بيت لَبيد
بِصَبُوحِ صافِيةٍ وجَذْبِ كَرِينةٍ ... بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبْهامُها
أَي تُصْلِحُه وهو تَفْتَعِلُ مِنْ آلَ يَؤُول ويروى تَأْتالَه إِبْهامُها بفتحِ اللام من تَأْتالَه على أَن يكون أَراد تَأْتِي له فأَبدَلَ من الياءِ أَلفاً كقولهم في بَقِيَ بَقا وفي رَضِيَ رَضا وتَكَرْفَأَ السَّحابُ كَتَكَرْثَأَ والكِرْفِئُ قشْر البيض الأَعلى والكِرْفِئة قشرة البَيضْةِ العُلْيا اليابِسةُ ونظر أَبو الغوث [ ص 138 ] الأَعرابي إِلى قِرْطاسٍ رقيق فقال غِرْقِئٌ تحت كُرْفِئٍ وهمزته زائدة والكِرْفِئُ من السَّحاب مِثْلُ الكِرْثِئِ وقد يجوز أَن يكون ثلاثياً وكَرْفَأَتِ القِدْرُ أَزْبَدَتْ لِلْغَلي

كسأ
كُسْءُ كل شَيءٍ وكُسُوءُهُ مُؤَخَّرُه وكُسْءُ الشهر وكُسُوءُه آخِرهُ قَدْرُ عَشْرٍ بَقِينَ منه ونحوها وجاءَ دُبُرَ الشهرِ وعلى دُبُرِه وكُسْأَه وأَكْسَاءَه وجِئْتُكَ على كُسْئِه وفي كُسْئِه أَي بعدما مَضَى الشهرُ كُلُّه وأَنشد أَبو عبيد
كَلَّفْتُ مَجْهُولَها نُوقاً يَمانِيةً ... إِذا الحِدَادُ على أَكْسائِها حَفَدُوا
وجاءَ في كُسْءِ الشهرِ وعلى كُسْئِه وجاءَ كُسْأَه أَي في آخِره والجمعُ في كل ذلك أَكْسَاءٌ وجُئْتُ في أَكْسَاءِ القَوْمِ أَي في مآخِيرهم وصَلَّيْت أَكْسَاءَ الفَرِيضةِ أَي مآخِيرَها ورَكِبَ كُسْأَهُ وَقَعَ على قَفَاه هذه عن ابن الأَعرابي وكَسَأَ الدابَّةَ يَكْسَؤُها كَسْأً ساقَها على إِثْر أَخْرَى وكَسَأَ القومَ يَكْسَؤُهم كَسْأً غَلَبَهم في خُصُومة ونحوها وكَسَأْتُه تَبِعْتُه ومَرَّ يَكْسَؤُهم أَي يَتْبَعُهم عن ابن الأَعرابي ومَرَّ كَسْءٌ من الليل أَي قِطْعةٌ ويقال للرجل إِذا هَزَم القومَ فَمَرَّ وهو يَطْردُهُم مرَّ فلان يَكْسَؤُهم ويَكْسَعُهم أَي يَتْبَعُهم قال أَبو شِبْل الأَعرابي
كُسِعَ الشِّتاءُ بِسَبْعَةٍ غُبْرِ ... أَيَّامِ شَهْلَتِنا مِنَ الشَّهْرِ
قال ابن بري ومنهم من يجعل بدل هذا العَجُز بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْرِ وبآمِرٍ وأَخِيه مُؤْتَمِرٍ ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئِ الجَمْرِ والأَكْسَاءُ الأَدْبارُ قال المُثَلَّمُ بن عَمْرو التَّنُوخِي
حتى أَرَى فارِسَ الصَّمُوتِ علَى ... أَكْساءِ خَيْلٍ كأَنَّها الإِبِلُ
يعني خَلْفَ القَوْمِ وهو يَطْرُدُهُم معناه حتى يَهْزِم أَعْداءَه فيَسُوقُهُم من ورائِهِم كما تُساقُ الإِبل والصَّمُوتُ اسم فَرَسه

كشأ
كَشَأَ وَسَطَه كَشْأً قَطَعَه وكَشَأَ المرأَةَ كَشْأً نَكَحها وكَشَأَ اللحمَ كَشْأً فهو كشِيءٌ وأَكْشَأَه كلاهما شَواهُ حتى يَبِسَ ومثله وزَأْتُ اللحمَ إِذا أَيْبَسْتَه وفلان يَتَكَشَّأُ اللحمَ يأْكله وهو يابِسٌ وكَشَأَ يَكْشَأُ إِذا أَكلَ قِطْعَةً مِن الكَشِيءِ وهو الشِّواءُ المُنْضَجُ وأَكْشَأَ إِذا أَكَلَ الكَشيءَ وكَشَأْتُ اللحمَ وكَشَّأْته إِذا أَكلتَه قال ولا يقال في غير اللحم وكَشَأْتُ القِثَّاءَ أَكَلْته وكَشَأَ الطَّعامَ كَشْأً أَكلَه وقيل أَكله خَضْماً كما يُؤْكَلُ القِثَّاءُ ونحوه وكَشِئَ من الطعام كَشْأً وكَشَاءً الأَخيرة عن كُراع فهو كَشِئٌ وكَشِيءٌ ورجل كَشِيءٌ مُمْتَلِئٌ من الطَّعام وَتكَشَّأَ امْتَلأً وتَكَشَّأَ الأَدِيمُ تَكَشُّؤاً إِذا تَقَشَّر وقال الفَرَّاءُ كَشَأْتُه ولَفَأْتُه أَي قَشَرْتُه [ ص 139 ] وكَشِئَ السِّقاءُ كَشْأً بانَتْ أَدَمَتُه مِن بَشَرَتِه قال أَبو حنيفة هو إِذا أُطِيلَ طَيُّه فَيَبِسَ في طَيِّه وتَكَسَّرَ وكَشِئْتُ من الطَّعام كَشْأً وهو أَن تَمْتَلِئَ منه وكَشَأْتُ وَسَطَه بالسيف كَشْأً إِذا قطعته والكَشْءُ غِلَظٌ في جِلْد اليَدِ وتَقَبُّضٌ وقد كَشِئَتْ يَدُه وذو كَشَاءٍ موضعٌ حكاه أَبو حنيفة قال وقالت جِنِّيَّةٌ مَن أَراد الشِّفَاءَ مِن كل داءٍ فعليه بِنَباتِ البُرْقةِ من ذِي كَشَاءٍ تعني بِنَبات البُرْقةِ الكُرَّاثَ وهو مذكور في موضعه

كفأ
كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً جازاه تقول ما لي بهِ قِبَلٌ ولا كِفاءٌ أَي ما لي به طاقةٌ على أَن أُكافِئَه وقول حَسَّانَ بن ثابت وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ أَي جبريلُ عليه السلام ليس له نَظِير ولا مَثيل وفي الحديث فَنَظَر اليهم فقال مَن يُكافِئُ هؤُلاء وفي حديث الأَحنف لا أُقاوِمُ مَن لا كِفَاء له يعني الشيطانَ ويروى لا أُقاوِلُ والكَفِيءُ النَّظِيرُ وكذلك الكُفْءُ والكُفُوءُ على فُعْلٍ وفُعُولٍ والمصدر الكَفَاءةُ بالفتح والمدّ وتقول لا كِفَاء له بالكسر وهو في الأَصل مصدر أَي لا نظير له والكُفْءُ النظير والمُساوِي ومنه الكفَاءةُ في النِّكاح وهو أَن يكون الزوج مُساوِياً للمرأَة في حَسَبِها ودِينِها ونَسَبِها وبَيْتِها وغير ذلك وتَكافَأَ الشَّيْئانِ تَماثَلا وَكافَأَه مُكافَأَةً وكِفَاءً ماثَلَه ومن كلامهم الحمدُ للّه كِفاءَ الواجب أَي قَدْرَ ما يكون مُكافِئاً له والاسم الكَفاءة والكَفَاءُ قال
فَأَنْكَحَها لا في كَفَاءٍ ولا غِنىً ... زِيادٌ أَضَلَّ اللّهُ سَعْيَ زِيادِ
وهذا كِفَاءُ هذا وكِفْأَتُه وكَفِيئُه وكُفْؤُه وكُفُؤُه وكَفْؤُه بالفتح عن كراع أَي مثله يكون هذا في كل شيء قال أَبو زيد سمعت امرأَة من عُقَيْل وزَوجَها يَقْرآن لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كُفىً أَحَدٌ فأَلقى الهمزة وحَوَّل حركتها على الفاء وقال الزجاج في قوله تعالى ولم يَكُنْ له كُفُؤاً أَحَدٌ أَربعةُ أَوجه القراءة منها ثلاثة كُفُؤاً بضم الكاف والفاء وكُفْأً بضم الكاف وإِسكان الفاء وكِفْأً بكسر الكاف وسكون الفاء وقد قُرئ بها وكِفاءً بكسر الكاف والمدّ ولم يُقْرَأْ بها ومعناه لم يكن أَحَدٌ مِثْلاً للّه تعالى ذِكْرُه ويقال فلان كَفِيءُ فلان وكُفُؤُ فلان وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر والكسائي وعاصم كُفُؤاً مثقلاً مهموزاً وقرأَ حمزة كُفْأً بسكون الفاء مهموزاً وإِذا وقف قرأَ كُفَا بغير همز واختلف عن نافع فروي عنه كُفُؤاً مثل أَبي عَمْرو وروي كُفْأً مثل حمزة والتَّكافُؤُ الاسْتِواء [ ص 140 ] وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم المُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهم قال أَبو عبيد يريد تَتساوَى في الدِّياتِ والقِصاصِ فليس لشَرِيف على وَضِيعٍ فَضْلٌ في ذلك وفلان كُفْءُ فلانةَ إِذا كان يَصْلُح لها بَعْلاً والجمع من كل ذلك أَكْفَاء قال ابن سيده ولا أَعرف للكَفْءِ جمعاً على أَفْعُلٍ ولا فُعُولٍ وحَرِيٌّ أَن يَسَعَه ذلك أَعني أَن يكون أَكْفَاء جمعَ كَفْءٍ المفتوحِ الأَول أَيضاً وشاتان مُكافَأَتانِ مُشْتَبِهتانِ عن ابن الأَعرابي وفي حديث العَقِيقةِ عن الغلام شاتانِ مُكافِئَتانِ أَي مُتَساوِيَتانِ في السِّنِّ أَي لا يُعَقُّ عنه إِلاّ بمُسِنَّةٍ وأَقلُّه أَن يكون جَذَعاً كما يُجْزِئُ في الضَّحايا وقيل مُكافِئَتانِ أَي مُسْتوِيتانِ أَو مُتقارِبتانِ واختار الخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ قال واللفظة مُكافِئَتانِ بكسر الفاء يقال كافَأَه يُكافِئهُ فهو مُكافِئهُ أَي مُساوِيه قال والمحدِّثون يقولون مُكافَأَتَانِ بالفتح قال وأَرى الفتح أَولى لإِنه يريد شاتين قد سُوِّيَ بينهما أَي مُساوًى بينهما قال وأَما بالكسر فمعناه أَنهما مُساوِيتَان فيُحتاجُ أَن يذكر أَيَّ شيء ساوَيَا وإِنما لو قال مُتكافِئتان كان الكسر أَولى وقال الزمخشري لا فَرْق بين المكافِئَتيْنِ والمُكافَأَتَيْنِ لأَن كل واحدة إِذا كافَأَتْ أُختَها فقد كُوفِئَتْ فهي مُكافِئة ومُكافَأَة أَو يكون معناه مُعَادَلَتانِ لِما يجب في الزكاة والأُضْحِيَّة من الأَسنان قال ويحتمل مع الفتح أَن يراد مَذْبُوحَتان من كافَأَ الرجلُ بين البعيرين إِذا نحر هذا ثم هذا مَعاً من غير تَفْريق كأَنه يريد شاتين يَذْبحهما في وقت واحد وقيل تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلة الأُخرى وكلُّ شيءٍ ساوَى شيئاً حتى يكون مثله فهو مُكافِئٌ له والمكافَأَةُ بين الناس من هذا يقال كافَأْتُ الرجلَ أَي فَعَلْتُ به مثلَ ما فَعَلَ بي ومنه الكُفْءُ من الرِّجال للمرأَة تقول إِنه مثلها في حَسَبها وأَما قوله صلى اللّه عليه وسلم لا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَ أُختها لتَكْتَفِئَ ما في صَحْفَتها فإِنما لها ما كُتِبَ لها فإِن معنى قوله لِتَكْتَفِئَ تَفتَعِلُ من كَفَأْتُ القِدْرَ وغيرها إِذا كَبَبْتها لتُفْرِغَ ما فيها والصَّحْفةُ القَصْعةُ وهذا مثل لإِمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتها من زوجها إِلى نَفْسِها إِذا سأَلت طلاقَها ليَصِير حَقُّ الأُخرى كلُّه من زوجِها لها ويقال كافَأَ الرجلُ بين فارسين برُمْحِه إِذا والَى بينهما فَطَعنَ هذا ثم هذا قال الكميت نَحْر المُكافِئِ والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ والمَكْثُورُ الذي غَلَبه الأََقْرانُ بكثرتهم يهْتَبلُ يَحْتالُ للخلاص ويقال بَنَى فلان ظُلَّةً يُكافِئُ بها عينَ الشمسِ ليَتَّقيَ حَرَّها قال أَبو ذرّ رضي اللّه عنه في حديثه ولنا عَباءَتانِ نُكافِئُ بهما عَنَّا عَيْنَ الشمسِ أَي نُقابِلُ بهما الشمسَ ونُدافِعُ من المُكافَأَة المُقاوَمة وإِنِّي لأَخْشَى فَضْلَ الحِساب وكَفَأَ الشيءَ والإِنَاءَ يَكْفَؤُه كَفْأً وكَفَّأَهُ فَتَكَفَّأَ وهو مَكْفُوءٌ واكْتَفَأَه مثل كَفَأَه قَلَبَه قال بشر بن أَبي خازم
وكأَنَّ ظُعْنَهُم غَداةَ تَحَمَّلُوا ... سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَلِيجٍ مُغْرَبِ
[ ص 141 ] وهذا البيت بعينه استشهد به الجوهري على تَكَفَّأَتِ المرأَةُ في مِشْيَتِها تَرَهْيَأَتْ ومادَتْ كما تَتَكَفَّأُ النخلة العَيْدانَةُ الكسائي كَفَأْتُ الإِناءَ إِذا كَبَبْتَه وأَكْفَأَ الشيءَ أَمَاله لُغَيّة وأَباها الأَصمعي ومُكْفِئُ الظُّعْنِ آخِرُ أَيام العَجُوزِ والكَفَأُ أَيْسَرُ المَيَلِ في السَّنام ونحوه جملٌ أَكْفَأُ وناقة كَفْآءُ ابن شميل سَنامٌ أَكْفَأُ وهو الذي مالَ على أَحَدِ جَنْبَي البَعِير وناقة كَفْآءُ وجَمَل أَكْفَأُ وهو من أَهْوَنِ عُيوب البعير لأَنه إِذا سَمِنَ اسْتَقامَ سَنامُه وكَفَأْتُ الإِناءَ كَبَبْته وأَكْفَأَ الشيءَ أَمالَه ولهذا قيل أَكْفَأْتُ القَوْسَ إِذا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْها نَصْباً حتى تَرْمِيَ عنها غيره وأَكْفَأَ القَوْسَ أَمَالَ رأْسَها ولم يَنْصِبْها نَصْباً حين يَرْمِي عليها ( 1 )
( 1 قوله « حين يرمي عليها » هذه عبارة المحكم وعبارة الصحاح حين يرمي عنها ) قال ذو الرمة
قَطَعْتُ بها أَرْضاً تَرَى وَجْهَ رَكْبِها ... إِذا ما عَلَوْها مُكْفَأً غيرَ ساجِعِ
أَي مُمالاً غيرَ مُستَقِيمٍ والساجِعُ القاصِدُ المُسْتَوِي المُسْتَقِيمُ والمُكْفَأُ الجائر يعني جائراً غير قاصِدٍ ومنه السَّجْعُ في القول وفي حديث الهِرّة أَنه كان يُكْفِئُ لها الإِناءَ أَي يُمِيلُه لتَشْرَب منه بسُهولة وفي حديث الفَرَعَة خيرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بوَبَرِه وتُكْفِئُ إِناءَك وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَكُبُّ إِناءَكَ لأَنه لا يَبْقَى لك لَبن تحْلُبه فيه وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَجْعَلُها والِهَةً بِذبْحِك ولَدَها وفي حديث الصراط آخِرُ مَن يَمرُّ رجلٌ يَتَكَفَّأُ به الصراطُ أَي يَتَميَّل ويَتَقَلَّبُ وفي حديث دُعاء الطّعام غيرَ مُكْفَإٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه رَبَّنا أَي غير مردود ولا مقلوب والضمير راجع إِلى الطعام وفي رواية غيرَ مَكْفِيٍّ من الكفاية فيكون من المعتلِّ يعني أنَّ اللّه تعالى هو المُطْعِم والكافي وهو غير مُطْعَم ولا مَكْفِيٍّ فيكون الضمير راجعاً إِلى اللّه عز وجل وقوله ولا مُوَدَّعٍ أَي غيرَ متروك الطلب إِليه والرَّغْبةِ فيما عنده وأَما قوله رَبَّنا فيكون على الأَول منصوباً على النداء المضاف بحذف حرف النداء وعلى الثاني مرفوعاً على الابتداءِ المؤَخَّر أَي ربُّنا غيرُ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ ويجوز أَن يكون الكلام راجعاً إِلى الحمد كأَنه قال حمداً كثيراً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مُودَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه أَي عن الحمد وفي حديث الضحية ثم انْكَفَأَ إِلى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فذبحهما أَي مالَ ورجع وفي الحديث فأَضَعُ السيفَ في بطنِه ثم أَنْكَفِئُ عليه وفي حديث القيامة وتكون الأَرضُ خُبْزةً واحدة يَكْفَؤُها الجَبَّار بيده كما يَكْفَأُ أَحدُكم خُبْزَته في السَّفَر وفي رواية يَتَكَفَّؤُها يريد الخُبْزة التي يَصْنَعُها المُسافِر ويَضَعُها في المَلَّة فإِنها لا تُبْسَط كالرُّقاقة وإِنما تُقَلَّب على الأَيدي حتى تَسْتَوِيَ وفي حديث صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا مشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً التَّكَفِّي التَّمايُلُ إِلى قُدَّام [ ص 142 ] كما تَتَكَفَّأُ السَّفِينةُ في جَرْيها قال ابن الأَثير روي مهموزاً وغير مهموز قال والأَصل الهمز لأَن مصدر تَفَعَّلَ من الصحيح تَفَعُّلٌ كَتَقَدَّمَ تَقَدُّماً وتَكَفَّأَ تَكَفُّؤاً والهمزة حرف صحيح فأَما إِذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تَحَفَّى تَحَفِّياً وتَسَمَّى تَسَمِّياً فإِذا خُفِّفت الهمزةُ التحقت بالمعتل وصار تَكَفِّياً بالكسر وكلُّ شيءٍ أَمَلْته فقد كَفَأْتَه وهذا كما جاءَ أَيضاً أَنه كان إِذا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَبٍ وكذلك قوله إِذا مَشَى تَقَلَّع وبعضُه مُوافِقٌ بعضاً ومفسره وقال ثعلب في تفسير قوله كأَنما يَنْحَطُّ في صَبَبٍ أَراد أَنه قَوِيُّ البَدَن فإِذا مَشَى فكأَنما يَمْشِي على صُدُور قَدَمَيْه من القوَّة وأَنشد
الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهِمْ ... يَمْشُونَ في الدَّفَئِيِّ والأَبْرادِ
والتَّكَفِّي في الأَصل مهموز فتُرِك همزه ولذلك جُعِل المصدر تَكَفِّياً وأَكْفَأَ في سَيره جارَ عن القَصْدِ وأَكْفَأَ في الشعر خالَف بين ضُروبِ إِعْرابِ قَوافِيه وقيل هي المُخالَفةُ بين هِجاءِ قَوافِيهِ إِذا تَقارَبَتْ مَخارِجُ الحُروفِ أَو تَباعَدَتْ وقال بعضهم الإِكْفَاءُ في الشعر هو المُعاقَبَةُ بين الراء واللام والنون والميم قال الأَخفش زعم الخليل أَنَّ الإِكْفَاءَ هو الإِقْواءُ وسمعته من غيره من أَهل العلم قال وسَأَلتُ العَربَ الفُصَحاءَ عن الإِكْفَاءِ فإِذا هم يجعلونه الفَسادَ في آخِر البيت والاخْتِلافَ من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً إِلاَّ أَني رأَيت بعضهم يجعله اختلاف الحُروف فأَنشدته كأَنَّ فا قارُورةٍ لم تُعْفَصِ منها حِجاجا مُقْلةٍ لم تُلْخَصِ
كأَنَّ صِيرانَ المَها المُنَقِّزِ
فقال هذا هو الإِكْفَاءُ قال وأَنشد آخَرُ قوافِيَ على حروف مختلفة فعابَه ولا أَعلمه إِلاَّ قال له قد أَكْفَأْتَ وحكى الجوهريّ عن الفرَّاءِ أَكْفَأَ الشاعر إِذا خالَف بين حَركات الرَّوِيّ وهو مثل الإِقْواءِ قال ابن جني إِذا كان الإِكْفَاءُ في الشِّعْر مَحْمُولاً على الإِكْفاءِ في غيره وكان وَضْعُ الإِكْفَاءِ إِنما هو للخلافِ ووقُوعِ الشيءِ على غير وجهه لم يُنْكَر أَن يسموا به الإِقْواءَ في اخْتلاف حُروف الرَّوِيِّ جميعاً لأَنَّ كلَّ واحد منهما واقِعٌ على غير اسْتِواءٍ قال الأَخفش إِلا أَنِّي رأَيتهم إِذا قَرُبت مَخارِجُ الحُروف أَو كانت من مَخْرَج واحد ثم اشْتَدَّ تَشابُهُها لم تَفْطُنْ لها عامَّتُهم يعني عامَّةَ العرب وقد عاب الشيخ أَبو محمد بن بري على الجوهريّ قوله الإِكْفَاءُ في الشعر أَن يُخالَف بين قَوافِيه فيُجْعَلَ بعضُها ميماً وبعضها
طاءً فقال صواب هذا أَن يقول وبعضها نوناً لأَن الإِكْفَاءَ إِنما يكون في الحروف المُتقارِبة في المخرج وأَما الطاء فليست من مخرج الميم والمُكْفَأُ في كلام العرب هو المَقْلُوب وإِلى هذا يذهبون قال الشاعر
ولَمَّا أَصابَتْنِي مِنَ الدَّهْرِ نَزْلةٌ ... شُغِلْتُ وأَلْهَى الناسَ عَنِّي شُؤُونُها
إِذا الفارِغَ المَكْفِيَّ مِنهم دَعَوْتُه ... أَبَرَّ وكانَتْ دَعْوةً يَسْتَدِيمُها
فَجَمَعَ الميم مع النون لشبهها بها لأَنهما يخرجان من الخَياشِيم قال وأَخبرني من أَثق به من أَهل العلم أَن ابنة أَبِي مُسافِعٍ قالت تَرْثِي أَباها وقُتِلَ
[ ص 143 ]
وهو يَحْمِي جِيفةَ أَبي جَهْل بن هِشام
وما لَيْثُ غَرِيفٍ ذُو ... أَظافِيرَ وإِقْدامْ
كَحِبِّي إِذْ تَلاَقَوْا و ... وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرانْ
وأَنتَ الطَّاعِنُ النَّجلا ... ءَ مِنْها مُزْبِدٌ آنْ
وبالكَفِّ حُسامٌ صا ... رِمٌ أَبْيَضُ خَدّامْ
وقَدْ تَرْحَلُ بالرَّكْبِ ... فما تُخْنِي بِصُحْبانْ
قال جمعوا بين الميم والنون لقُرْبهما وهو كثير قال وقد سمعت من العرب مثلَ هذا ما لا أُحْصِي قال الأَخفش وبالجملة فإِنَّ الإِكْفاءَ المُخالَفةُ وقال في قوله مُكْفَأً غير ساجِعِ المُكْفَأُ ههنا الذي ليس بِمُوافِقٍ وفي حديث النابغة أَنه كان يُكْفِئُ في شِعْرِه هو أَن يُخالَفَ بين حركات الرَّويّ رَفْعاً ونَصباً وجرّاً قال وهو كالإِقْواء وقيل هو أَن يُخالَف بين قَوافِيه فلا يلزم حرفاً واحداً وكَفَأَ القومُ انْصَرَفُوا عن الشيءِ وكَفَأَهُم عنه كَفْأً صَرَفَهم وقيل كَفَأْتُهُم كَفْأً إِذا أَرادوا وجهاً فَصَرَفْتَهم عنه إِلى غيره فانْكَفَؤُوا أَي رَجَعُوا ويقال كان الناسُ مُجْتَمِعِينَ فانْكَفَؤُوا وانْكَفَتُوا إِذا انهزموا وانْكَفَأَ القومُ انْهَزَمُوا
( يتبع )

( ( ) تابع ) كفأ كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً جازاه تقول ما لي بهِ وكَفَأَ الإِبلَ طَرَدَها واكْتَفَأَها أَغارَ عليها فذهب بها وفي حديث السُّلَيْكِ بن السُّلَكةِ أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم فاكْتَفَأَها والكَفْأَةُ والكُفْأَةُ في النَّخل حَمْل سَنَتِها وهو في الأَرض زِراعةُ سنةٍ قال
غُلْبٌ مَجالِيحُ عنْدَ المَحْلِ كُفْأَتُها ... أَشْطانُها في عِذابِ البَحْرِ تَسْتَبِقُ ( 1 )
( 1 قوله « عذاب » هو في غير نسخة من المحكم بالذال المعجمة مضبوطاً كما ترى وهو في التهذيب بالدال المهملة مع فتح العين )
أَراد به النخيلَ وأَرادَ بأَشْطانِها عُرُوقَها والبحرُ ههنا الماءُ
الكَثِير لأَن النخيل لا تشرب في البحر أَبو زيد يقال اسْتَكْفَأْتُ فلاناً نخلةً إِذا سأَلته ثمرها سنةً فجعل للنخل كَفْأَةً وهو ثَمَرُ سَنَتِها شُبِّهت بكَفْأَةِ الإِبل واسْتَكْفَأْتُ فلاناً إِبِلَه أَي سأَلتُه نِتاجَ إِبِلِه سَنةً فَأَكْفَأَنِيها أَي أَعْطاني لَبَنها ووبرَها وأَولادَها منه والاسم الكَفْأَة والكُفْأَة تضم وتفتح تقول أَعْطِني كَفْأَةَ ناقَتِك وكُفْأَةَ ناقَتِك غيره كَفْأَةُ الإِبل وكُفْأَتُها نِتاجُ عامٍ ونَتَجَ الإِبلَ كُفْأَتَيْنِ وأَكْفأَها إِذا جَعَلَها كَفْأَتين وهو أَن يَجْعَلَها نصفين يَنْتِجُ كل عام نصفاً ويَدَعُ نصفاً كما يَصْنَعُ بالأَرض بالزراعة فإِذا كان العام المُقْبِل أَرْسَلَ الفحْلَ في النصف الذي لم يُرْسِله فيه من العامِ الفارِطِ لأَنَّ أَجْوَدَ الأَوقاتِ عند العرب في نِتاجِ الإِبل أَن تُتْرَكَ الناقةُ بعد نِتاجِها سنة لا يُحْمَل عليها الفَحْل ثم تُضْرَبُ إِذا أَرادت الفحل وفي الصحاح لأَنّ أَفضل النِّتاج أن تُحْمَلَ على الإِبل الفُحولةُ عاماً [ ص 144 ] وتُتْرَكَ عاماً كما يُصْنَع بالأَرض في الزّراعة وأَنشد قول ذي الرمة
تَرَى كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ ولَم يَجِدْ ... لَها ثِيلَ سَقْبٍ في النِّتاجَيْنِ لامِسُ
وفي الصحاح كِلا كَفْأَتَيْها يعني أَنها نُتِجَتْ كلها إِناثاً وهو محمود عندهم وقال كعب بن زهير
إِذا ما نَتَجْنا أَرْبَعاً عامَ كُفْأَةٍ ... بَغاها خَناسِيراً فأَهْلَكَ أَرْبَعا
الخَناسِيرُ الهَلاكُ وقيل الكَفْأَةُ والكُفْأَةُ نِتاجُ الإِبل بعد حِيالِ سَنةٍ وقيل بعدَ حِيالِ سنةٍ وأَكثرَ يقال من ذلك نَتَجَ فلان إِبله كَفْأَةً وكُفْأَةً وأَكْفَأْتُ في الشاءِ مِثلُه في الإِبل وأَكْفَأَتِ الإِبل كَثُر نِتاجُها وأَكْفَأَ إِبلَه وغَنَمَهُ فلاناً جَعل له أَوبارَها وأصْوافَها وأَشْعارَها وأَلْبانَها وأَوْلادَها وقال بعضهم مَنَحَه كَفْأَةَ غَنَمِه وكُفْأَتَها وَهَب له أَلبانَها وأَولادها وأصوافَها سنةً ورَدَّ عليه الأُمَّهاتِ ووَهَبْتُ له كَفْأَةَ ناقتِي وكُفْأَتها تضم وتفتح إِذا وهبت له ولدَهَا ولبنَها ووبرها سنة
واسْتَكْفَأَه فأَكْفَأَه سَأَلَه أَن يجعل له ذلك أَبو زيد اسْتَكْفَأَ زيدٌ عَمراً ناقَتَه إِذا سأَله أَن يَهَبَها له وولدها ووبرها سنةً وروي عن الحرث بن أَبي الحَرِث الأَزْدِيِّ من أَهل نَصِيبِينَ أَن أَباه اشْتَرَى مَعْدِناً بمائةِ شاة مُتْبِع فأَتَى أُمَّه فاسْتَأْمَرها فقالت إِنك اشتريته بثلثمائة شاة أُمُّها مائةٌ وأَولادُها مائة شاة وكُفْأَتُها مائة شاة فَنَدِمَ فاسْتَقالَ صاحِبَه فأَبَى أنْ يُقِيلَه فَقَبَضَ المَعْدِنَ فأَذابَه وأَخرج منه ثَمَنَ ألف شاةٍ فأَثَى به صاحِبُه إِلى عليّ كَرُّم اللّه وجهه فقال إِنَّ أَبا الحرث أَصابَ رِكازاً فسأَله عليّ كرّم اللّه وجهه فأَخبره أَنه اشتراه بمائة شاة مُتْبِع فقال عليّ ما أَرَى الخُمُسَ إِلاّ على البائِعِ فأَخذَ الخُمُس من الغنم أَراد بالمُتْبِع التي يَتْبَعُها أَولادُها وقوله أَثَى به أَي وَشَى به وسَعَى به يَأْثُوا أَثْواً
والكُفْأَةُ أَصلها في الإِبل وهو أَن تُجْعَلَ الإِبل قَطْعَتَيْن يُراوَحُ بينهما في النِّتاجِ وأَنشد شمر
قَطَعْتُ إِبْلي كُفْأَتَيْنِ ثِنْتَيْن ... قَسَمْتُها بقِطْعَتَيْنِ نِصْفَيْن
أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهِما في عامَيْن ... أَنْتِجُ عاماً ذِي وهذِي يُعْفَيْن
وأَنْتِجُ المُعْفَى مِنَ القَطِيعَيْن ... مِنْ عامِنا الجَائي وتِيكَ يَبْقَيْن
قال أَبو منصور لمْ يزد شمر على هذا التفسير والمعنى أَنَّ أُمَّ الرجل جعلَت كُفْأَةَ مائةِ شاةٍ في كل نِتاجٍ مائةً ولو كانت إِبلاً كان كُفْأَةُ مائةٍ من الإِبلِ خَمْسين لأَن الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فيها وقت ضِرابِها أَجْمَعَ وتَحْمِلُ أَجْمَع وليستْ مِثلَ الإِبلِ يُحْمَلُ عليها سَنةً وسنةً لا يُحْمَلُ عليها وأَرادتْ أُمُّ الرجل تَكْثِيرَ ما اشْتَرى به ابنُها وإعلامَه أَنه غُبِنَ فيما ابْتاعَ فَفَطَّنَتْه أَنه كأَنه اشْتَرَى المَعْدِنَ بِثلثمائة شاةٍ فَنَدِمَ الابنُ واسْتَقالَ بائعَه فأَبَى وبارَكَ اللّهُ له في المَعْدِن فَحَسَده البائع على كثرة الرِّبح وسَعَى به إِلى عَليٍّ رضي اللّه عنه ليأْخذ منه الخمس فَأَلْزَمَ الخُمُسَ البائِعَ وأَضرَّ السَّاعِي بِنَفْسِه في [ ص 145 ] سِعايَته بصاحِبِه إليه والكِفاءُ بالكسر والمَدّ سُتْرةٌ في البيت مِنْ أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه من مُؤَخَّرِه وقيل الكِفاءُ الشُّقَّة التي تكون في مُؤَخَّرِ الخِبَاءِ وقيل هو شُقَّةٌ أَو شُقَّتان يُنْصَحُ إحداهما بالأُخرى ثم يُحْمَلُ به مُؤَخَّر الخبَاءِ وقيل هو كِساءٌ يُلْقَى على الخِبَاءِ كالإِزارِ حتى يَبْلُغَ الأَرضَ وقد أَكْفَأَ البيتَ إِكْفاءً وهو مُكْفَأٌ إِذا عَمِلْتَ له كِفَاءً وكِفَاءُ البيتِ مؤَخَّرُه وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ رأَى شاةً في كِفَاءِ البيت هو من ذلك والجمعُ أَكْفِئةٌ كَحِمارٍ وأَحْمِرةٍ ورجُلٌ مُكْفَأُ الوجهِ مُتَغَيِّرُه ساهِمُه ورأَيت فلاناً مُكْفَأَ الوَجْهِ إِذا رأَيتَه كاسِفَ اللَّوْنِ ساهِماً ويقال رأَيته مُتَكَفِّئَ اللَّوْنِ ومُنْكَفِتَ اللّوْنِ ( 1 )
( 1 قوله « متكفّئ اللون ومنكفت اللون » الأول من التفعل والثاني من الأنفعال كما يفيده ضبط غير نسخة من التهذيب )
أَي مُتَغَيِّرَ اللّوْنِ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه انْكَفَأَ لونُه عامَ الرَّمادة أَي تَغَيّر لونُه عن حاله ويقال أَصْبَحَ فلان كَفِيءَ اللّونِ مُتَغَيِّرَه كأَنه كُفِئَ فهو مَكْفُوءٌ وكَفِيءٌ قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة
وأَسْمَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... كَفِيءِ اللّوْنِ من مَسٍّ وضَرْسِ
أَي مُتَغَيِّرِ اللونِ من كثرة ما مُسِحَ وعُضَّ وفي حديث الأَنصاريِّ ما لي أَرى لَوْنَك مُنْكَفِئاً ؟ قال من الجُوعِ وقوله في الحديث كان لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا من مُكافِئٍ قال القتيبي معناه إِذا أَنْعَمَ على رجل نِعْمةً فكافَأَه بالثَّنَاءِ عليه قَبِلَ ثَنَاءَه وإِذا أَثْنَى قَبْلَ أَن يُنْعِمَ عليه لم يَقْبَلْها قال ابن الأَثير وقال ابن الأَنباري هذا غلط إِذ كان أَحد لا يَنْفَكُّ من إِنْعام النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم لأَنَّ اللّه عز وجل بَعَثَه رَحْمةً للناس كافَّةً فلا يَخرج منها مُكافِئٌ ولا غير مُكافِئٍ والثَّنَاءُ عليه فَرْضٌ لا يَتِمُّ الإِسلام إِلا به وإنما المعنى أَنه لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عليه إِلا من رجل يعرف حقيقة إِسلامه ولا يدخل عنده في جُمْلة المُنافِقين الذين يَقولون بأَلسنتهم ما ليس في قلوبهم قال وقال الأَزهريّ وفيه قول ثالث إِلاّ من مُكافِئٍ أَي مُقارِبٍ غير مُجاوِزٍ حَدَّ مثلِه ولا مُقصِّر عما رَفَعَه اللّه إليه

كلأ
قال اللّه عز وجل قل مَنْ يَكْلَؤُكُم بالليلِ والنهارِ من الرحمن قال الفرَّاءُ هي مهموزة ولو تَرَكْتَ هَمْزَ مثلِه في غير القرآن قُلْتَ يَكْلُوكم بواو ساكنة ويَكْلاكم بأَلف ساكنة مثل يَخْشاكم ومَن جعلها واواً ساكنة قال كَلات بأَلف يترك النَّبْرةَ منها ومن قال يَكْلاكُم قال كَلَيْتُ مثل قَضَيْتُ وهي من لغة قريش وكلٌّ حَسَنٌ إِلا أَنهم يقولون في الوجهين مَكْلُوَّةٌ ومَكْلُوٌّ أَكثرَ مما يقلون مَكْلِيٌّ ولو قيل مَكْلِيٌّ في الذين يقولون كَلَيْت كان صواباً قال وسمعتُ بعض الأَعراب ينشد
ما خاصَمَ الأَقْوامَ مِن ذِي خُصُومةٍ ... كَوَرْهاءَ مَشْنِيٍّ إِليها حَلِيلُها
فبَنَى على شَنَيْت بتَرْك النَّبْرةِ الليث يقال كلأَكَ اللّه كِلاءة أَي حَفِظَك [ ص 146 ] وحرسك والمفعول منه مَكْلُوءٌ وأَنشد
إِنَّ سُلَيْمَى واللّهُ يَكْلَؤُها ... ضَنَّتْ بِزادٍ ما كانَ يَرْزَؤُها
وفي الحديث أَنه قال لِبِلالٍ وهم مُسافِرُون اكْلأْ لَنا وقْتَنا هو من الحِفْظ والحِراسة وقد تخفف همزة الكِلاءة وتُقْلَبُ ياءً وقد كَلأَه يَكْلَؤُه كَلأً وكِلاءً وكِلاءة بالكسر حَرَسَه وحَفِظَه قال جَميل
فَكُونِي بخَيْرٍ في كِلاءٍ وغِبْطةٍ ... وإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ هَجْري وبِغْضَتي
قال أَبو الحسن كِلاءٌ يجوز أَن يكون مصدراً كَكِلاءة ويجوز أَن يكون جَمْعَ كِلاءة ويَجُوزُ أَن يكون أَراد في كِلاءة فَحَذَفَ الهاء للضَّرُوة ويقال اذْهَبُوا في كِلاءة اللّه واكْتَلأَ منه اكْتِلاءً احْتَرَسَ منه قال كعب ابن زهير
أَنَخْتُ بَعِيري واكْتَلأَتُ بعَيْنِه ... وآمَرْتُ نَفْسِي أَيَّ أَمْرَيَّ أَفْعَلُ
ويروى أَيُّ أَمْرَيَّ أَوْفقُ وكَلأَ القومَ كان لهم رَبِيئةً واكْتَلأَتْ عَيْنِي اكْتِلاءً إِذا لم تَنَمْ وحَذِرَتْ أَمْراً فَسَهِرَتْ له ويقال عَيْنٌ كَلُوءٌ إِذا كانت ساهِرَةً ورجلٌ كَلُوءُ العينِ أَي شَدِيدُها لا يَغْلِبُه النَّوْمُ وكذلك الأُنثى قال الأَخطل
ومَهْمَهٍ مُقْفِرٍ تُخْشَى غَوائِلُه ... قَطَعْتُه بِكَلُوءِ العَيْنِ مِسْفارِ
ومنه قول الأَعرابيّ لامْرَأَتِه فواللّه إِنِّي لأَبْغِضُ المرأَةَ كَلُوءَ الليلِ وكالأَه مُكَالأَةً وكِلاءً راقَبَه وأَكلأْتُ بَصَرِي في الشيءِ إِذا ردَّدْتَه فيه والكَلاَّءُ مَرْفَأُ السُّفُن وهو عند سيبويه فَعَّالٌ مثل جَبَّارٍ لأَنه يَكْلأُ السفُنَ مِن الرِّيحِ وعند أَحمد بن يحيى فَعْلاء لأَنَّ الرِّيح تَكِلُّ فيه فلا يَنْخَرِقُ وقول سيبويه مُرَجَّحٌ ومما يُرَجِّحُه أَن أَبا حاتم ذكر أَنَّ الكَلاَّءَ مذكَّر لا يؤَنِّثه أَحد من العرب وكَلأَ القومُ سَفيِنَتهم تَكْلِيئاً وتَكْلِئةً على مثال تكْلِيم وتكْلِمةٍ أَدْنَوْها من الشَطِّ وحَبَسُوها قال وهذا أَيضاً مما يُقَوِّي أَنَّ كَلاَّءً فَعَّالٌ كما ذهب إليه سيبويه والمُكَلأُ بالتشديد شاطِئُ النهر وَمَرْفَأُ السفُن وهو ساحِلُ كلِّ نَهر ومنه سُوقُ الكَلاَّءِ مشدود ممدود وهو موضع بالبصرة لأَنهم يُكَلِّئُون سُفُنَهم هناك أَي يَحْبِسُونها يذكر ويؤَنث والمعنى أَنَّ المَوضع يَدْفَعُ الرِّيحَ عن السُّفُن ويحفَظها فهو على هذا مذكر مصروف وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه وذكر البصرة إيَّاكَ وسِباخَها وكَلاَّءَها التهذيب الكَلاَّءُ والمُكَلأُ الأَوَّل ممدود والثاني مقصور مهموز مكان تُرْفَأُ فيه السُّفُنُ وهو ساحِلُ كلِّ نَهر وكَلأْتُ تَكْلِئةً إِذا أَتَيْت مَكاناً فيه مُسْتَتَرٌ من الرِّيح والموضع مُكَلأٌ وكَلاَّءٌ وفي الحديث من عَرَّضَ عَرَّضْنا لَه ومن مَشَى على الكَلاَّءِ أَلقَيْناه في النَّهَر معناه أَن مَنْ عَرَّضَ بالقَذْفِ ولم يُصَرِّحْ عَرَّضْنا له [ ص 147 ] بتَأْدِيبٍ لا يَبْلُغ الحَدّ ومن صَرَّحَ بالقذْفِ فَرَكِب نَهَر الحُدُودِ ووَسَطَه أَلْقَيْناه في نَهَرِ الحَدِّ فَحَدَدْناه وذلك أَن الكَلاَّءَ مَرْفَأُ السُّفُن عند الساحِل وهذا مَثَل ضَرَبه لمن عَرَّضَ بالقَذْف شَبَّهه في مُقارَبَتِه للتَّصريح بالماشي على شاطِيءِ النَّهَر وإِلقاؤُه في الماءِ إِيجابُ القذف عليه وإلزامُه الحَدَّ ويُثنَّى الكَلاَّءُ فيقال كَلاَّآن ويجمع فيقال كَلاَّؤُون قال أَبو النجم
تَرَى بِكَلاَّوَيْهِ مِنهُ عَسْكَرا ... قَوْماً يَدُقُّونَ الصَّفَا المُكَسَّرا
وَصَف الهَنِيءَ والمرِيءَ وهما نَهَرانِ حَفَرهما هِشامُ بن عبدالملِك يقول تَرَى بِكَلاَّوَي هذا النهر من الحَفَرَةِ قوْماً يَحْفِرُون ويَدُقُّونَ حجارةً مَوْضِعَ الحَفْرِ منه ويُكَسِّرُونها ابن السكيت الكَلاَّءُ مُجْتَمَعُ السُّفُن ومن هذا سمي كَلاَّءُ البَصْرَة كَلاّءً لاجتماع سُفُنِه وكَلأَ الدَّيْنُ أَي تَأَخَّر كَلأً والكالِئُ والكُلأَة النَّسيِئة والسُّلْفةُ قال الشاعر وعَيْنُه كالكالِئِ الضِّمَارِ أَي نَقْدُه كالنَّسِيئةِ التي لا تُرْجَى وما أَعْطَيْتَ في الطَّعامِ مِن الدَّراهم نَسِيئةً فهو الكُلأَة بالضم وأَكلأَ في الطعام وغيره إِكْلاءً وكَلأَ تَكْلِيْئاً أَسْلَفَ وسَلَّمَ أَنشد ابن الأَعرابي
فَمَنْ يُحْسِنْ إِليهم لا يُكَلِّئْ ... إِلى جارٍ بذاكَ ولا كَرِيمِ
وفي التهذيب إِلى جارٍ بذاك ولا شَكُورِ وأَكْلأَ إِكْلاءً كذلك واكْتَلأَ كُلأَةً وتَكَلأَها تَسَلَّمَها وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم نَهَى عن الكالِئِ بالكالِئِ قال أَبو عبيدة يعني النَّسِيئةَ بالنَّسِيئةِ وكان الأَصمعي لا يَهْمِزه ويُنْشِد لعَبِيد بن الأَبْرَصِ
وإِذا تُباشِرُكَ الهُمُومُ ... فإِنَّها كالٍ وناجِزْ
أَي منها نَسيئةٌ ومنها نَقْدٌ أَبو عبيدة تَكَلأْتُ كُلأَةً أَي اسْتَنْسَأْتُ نَسِيئةً والنَّسِيئةُ التَّأخِيرُ وكذلك اسْتَكلأْتُ كُلأَةً بالضم وهو من التَّأخِير قال أَبو عبيد وتفسيره أَن يُسْلِمَ الرَّجُلُ إِلى الرجل مائةَ دِرهمٍ إِلى سنة في كُرِّ طَعام فإِذا انقَضَت السنةُ وحَلَّ الطَّعامُ عليه قال الذي عليه الطَّعامُ للدّافع ليس عندي طَعامٌ ولكن بِعْنِي هذا الكُرَّ بمائتي درهم إِلى شهر فَيبيعُه منه ولا يَجرِي بينهما تَقابُضٌ فهذه نَسِيئةٌ انتقلت إِلى نَسِيئةٍ وكلُّ ما أَشبهَ هذا هكذا ولو قَبَضَ الطعامَ منه ثم باعَه منه أَو مِن غيره بِنَسيئةٍ لم يكن كالِئاً بكالِئٍ وقول أُمية الهذَلي
أُسَلِّي الهُمومَ بأَمْثالِها ... وأَطْوِي البلادَ وأَقْضِي الكَوالي
أَراد الكوالِئَ فإِمَّا أَن يكون أَبْدَلَ وإِما أَن يكون سَكَّن ثم خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيّاً وبَلَّغَ اللّه بك أَكْلأَ العُمُرِ أَي أَقْصَاهُ وآخِرَه وأَبْعَدَه وكَلأَ عُمُرُه انْتَهَى قال
تَعَفَّفْتُ عنها في العُصُورِ التي خَلَتْ ... فَكَيْفَ التَّصابي بَعْدَما كَلأَ العُمْرُ
[ ص 148 ] الأَزهري التَّكْلِئةُ التَّقَدُّمُ إِلى المكان والوُقُوفُ به ومن هذا يقال كَلأْتُ إِلى فلان في الأَمر تَكْلِيئاً أَي تَقَدَّمْتُ إِليه وأَنشد الفرّاءُ فِيمَن لم يَهْمِز فَمَنْ يُحْسِنْ إِليهم لا يُكَلِّي البيت وقال أَبو وَجْزَةَ
فإِن تَبَدَّلْتَ أَو كَلأْتَ في رَجُلٍ ... فلا يَغُرَّنْكَ ذُو أَلْفَيْنِ مَغْمُورُ
قالوا أَراد بذي أَلْفَيْنِ مَن له أَلفان من المال ويقال كَلأْتُ في أَمْرِك تكْلِيئاً أَي تأَمَّلْتُ ونَظَرتُ فيه وكَلأْتُ في فلان نَظَرْت إِليه مُتَأَمِّلاً فأَعْجَبَنِي ويقال كَلأْته مائة سَوْطٍ كَلأً إِذا ضَرَبْتَه الأَصمعي كَلأْتُ الرَّجُلَ كَلأً وسَلأْته سَلأً بالسَّوط وقاله النضر الأَزهري في ترجمة عشب الكَلأُ عند العرب يقع على العُشْب وهو الرُّطْبُ وعلى العُرْوةُ والشَّجَر والنَّصِيِّ والصِّلِّيانِ الطَّيِّب كلُّ ذلك من الكلإِ غيره والكَلأُ مهموز مقصور ما يُرْعَى وقيل الكَلأُ العُشْبُ رَطْبُه ويابِسُه وهو اسم للنوع ولا واحِدَ له وأَكلأَتِ الأَرضُ إِكْلاءً وكَلِئَتْ وكَلأَتْ كثر كَلَؤُها وأَرضٌ كَلِئَةٌ على النَّسَب ومَكْلأَةٌ كِلْتاهما كَثِيرةُ الكَلإِ ومُكْلِئةٌ وسَواء يابِسُه ورَطْبُه والكَلأُ اسم لجَماعة لا يُفْرَدُ قال أَبو منصور الكَلأُ يجمع النَّصِيَّ والصِّلِّيانَ والحَلمَةَ والشِّيحَ والعَرْفَجَ وضُروبَ العُرَا كلُّها داخلة في الكَلإِ وكذلك العُشْب والبَقْل وما أَشبهها وكَلأَتِ الناقةُ وأَكْلأَتْ أَكَلَت الكَلأَ والكَلالِئُ أَعْضادُ الدَّبَرَة الواحدة كَلاَّءٌ ممدود وقال النضر أَرْضٌ مُكْلِئةٌ وهي التي قد شَبِعَ إبِلُها وما لم يُشْبعِ الإِبلَ لم يَعُدُّوه إِعْشاباً ولا إِكْلاءً وان شَبِعَت الغَنمُ قال والكَلأُ البقْلُ والشَّجر وفي الحديث لا يُمْنَعُ فَضْلُ الماء لِيُمنَعَ به الكَلأُ وفي رواية فَضْلُ الكَلإِ معناه أَن البِئْر تكونُ في الباديةِ ويكون قريباً منها كَلأٌ فإِذا ورَدَ عليها واردٌ فَغَلَب على مائها ومَنَعَ مَنْ يَأْتِي بعده من الاسْتِقاءِ منها فهو بِمَنْعِهِ الماءَ مانِعٌ من الكَلإِ لأَنه متى ورَدَ رَجلٌ بإِبِلِه فأَرْعاها ذلك الكَلأَ ثم لم يَسْقِها قَتلها العَطَشُ فالذي يَمنع ماءَ البئْرِ يمنع النبات القَرِيب منه

كمأ
الكَمْأَةُ واحدها كَمءٌ على غيرِ قياس وهو من النوادِرِ فإِنَّ القِياسَ العَكْسُ الكَمْءُ نَبات يُنَقِّضُ الأَرضَ فيخرج كما يَخرج الفُطْرُ والجمع أَكْمُؤٌ وكَمْأَةٌ قال ابن سيده هذا قول أَهل اللغة قال سيبويه ليست الكَمْأَةُ بجمعِ كَمْءٍ لأَن فَعْلَةً ليس مما يُكَسَّر عليه فَعْلٌ إِنما هو اسم للجمع وقال أَبو خَيْرة وَحْدَه كَمْأَةٌ للواحد وكَمْءٌ للجميع وقال مُنْتَجِع كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع فَمَرَّ رُؤْبةُ فسَأَلاه فقال كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع كما قال مُنْتَجِع وقال أَبو حنيفة كَمْأَةٌ واحدة وكَمْأَتانِ وكَمْآتٌ وحَكَى عن أَبي زيد أَن الكَمْأَة تكون واحدةً وجَمْعاً والصحيح من ذلك كله ما ذكره سيبويه أَبو الهيثم يقال كَمْءٌ للواحد وجمعه كَمْأَةٌ ولا يُجمع شيءٌ على فَعْلة إِلاَّ كَمْءٌ [ ص 149 ] وكَمْأَةٌ ورَجْلٌ ورَجْلةٌ شمر عن ابن الأَعرابي يُجمع كَمْءٌ أَكْمُؤاً وجمع الجمع كَمْأَةٌ وفي الصحاح تقول هذا كَمْءٌ وهذان كَمْآنِ وهؤُلاءِ أَكْمُؤٌ ثلاثة فإِذا كثرت فهي الكَمْأَةُ وقيل الكَمْأَةُ هي التي إِلى الغُبرة والسَّواد والجِبَأَةُ إِلى الحُمْرةِ والفِقَعةُ البِيضُ وفي الحديث الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ وماؤُها شِفاءٌ للعين وأَكْمَأَتِ الأَرضُ فهي مُكْمِئةٌ كَثُرت كَمْأَتُها وأَرضٌ مَكْمُوؤَةٌ كثيرة الكَمْأَة وكَمَأَ القومَ وأَكْمَأَهم الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة أَطْعَمَهُم الكَمْأَةَ وخَرجَ الناسُ يَتَكَمَّؤُون أَي يَجْتَنُون الكَمْأَةَ ويقال خرج المُتَكَمِّئُون وهم الذين يَطْلُبون الكَمْأَةَ والكَمَّاءُ بَيَّاعُ الكَمْأَة وجانيها للبيع أَنشد أَبو حنيفة
لقد ساءَني والناسُ لا يَعْلَمُونَه ... عَرازِيلُ كَمَّاءٍ بِهِنَّ مُقِيمُ
شمر سمعت أَعرابياً يقول بنو فلان يَقْتُلُون الكَمَّاءَ والضَّعِيفَ وكَمِئَ الرَّجلُ يَكْمَأُ كَمَأً مهموز حَفِيَ ولم يَكُنْ له نعل ( 1 )
( 1 قوله « ولم يكن له نعل » كذا في النسخ وعبارة الصحاح ولم يكن عليه نعل ولكن الذي في القاموس والمحكم وتهذيب الازهري حفي وعليه نعل وبما في المحكم والتهذيب تعلم مأخذ القاموس )
وقيل الكَمَأُ في الرِّجْل كالقَسَط ورَجُل كَمِئٌ قال
أَنْشُدُ باللّه مِنَ النَّعْلَيْنِهْ ... نِشْدةَ شيخٍ كَمِئِ الرِّجْلَيْنِهْ ( 2 )
( 2 قوله « النعلينه إلخ » هو كذلك في المحكم والتهذيب بدون ياء بعد النون فلا يغتر بسواه )
وقيل كَمِئَتْ رِجْلُه بالكسر تَشَقَّقَتْ عن ثعلب وقَدْ أَكْمَأَتْهُ السِّنُّ أَي شَيَّخَتْه عن ابن الأَعرابي وعنه أَيضاً تَلَمَّعَتْ عليه الأَرضُ وَتَودَّأَت عليه الأَرض وتَكَمَّأَت عليه إِذا غَيَّبَتْه وذَهَبَتْ به
وكَمِئَ عن الأَخبار كَمَأً جَهِلَها وغَبِيَ عنها وقال الكسائي إِنْ جَهِلَ الرجلُ الخَبَر قال كَمِئْتُ عن الأَخْبار أَكْمَأُ عنها

كوأ
كُؤْتُ عن الأَمر كَأْواً نَكَلْتُ المصدر مقلوب مُغَيَّر

كيأ
كاءَ عن الأَمر يَكِيءُ كَيْئاً وكَيْأَة نَكَل عنه أَو نَبَتْ عنه عينُه فلم يُرِدْهُ وأَكاءَ إِكاءة وإِكاءً إِذا أَراد أَمْراً ففاجَأَه على تَئِفَّة ذلك فَرَدَّه عنه وهابَهُ وجَبُنَ عنه ( 3 )
( 3 عبارة القاموس أكاءه إكاءةً وإكاءً فاجأه على تَئِفة امرٍ أراده فهابه ورجع عنه )
وأَكَأْتُ الرجُلَ وكِئْتُ عنه مثل كِعْتُ أَكِيعُ والكَيْءُ والكِيءُ والكاءُ الضَّعِيفُ الفُؤادِ الجَبانُ قال الشاعر
وإِنِّي لَكَيْءٌ عن المُوئِباتْ ... إِذا ما الرَّطِيءُ انْمَأَى مَرْتَؤُهْ ( 4 )
( 4 قوله « واني لكيء إلخ » هو كما ترى في غير نسخة من التهذيب وذكره المؤلف في وأب وفسره )
ورجل كَيْأَةٌ وهو الجَبانُ
وَدَعِ الأَمْرَ كَيْأَتَه وقال بعضهم هيأَتَه أَي على ما هو به وسيُذكر في موضعه [ ص 150 ]

لألأ
اللُّؤْلُؤَةُ الدُّرَّةُ والجمع اللُّؤْلُؤُ والَّلآلِئُ وبائعُه لأْآءٌ ولأْآلٌ ولأْلاءٌ قال أَبو عبيد قال الفرّاءُ سمعت العرب تقول لصاحب اللؤْلؤ لأْآءٌ على مثال لَعَّاعٍ وَكرِهَ قول الناس لأْآلٌ على مثال لَعَّالٍ قال الفارسي هو من باب سبطر وقال عليّ ابنُ حمزة خالف الفرّاءُ في هذا الكلام العربَ والقياس لإِن المسموع لأْآلٌ والقياس لُؤْلُؤِيٌّ لإِنه لا يبنى من الرباعي فَعَّالٌ ولأْآل شاذّ الليث اللُّؤْلُؤُ معروف وصاحبه لأْآل قال وحذفوا الهمزة الأَخيرة حتى استقام لهم فَعَّالٌ وأَنشد
دُرَّةٌ منْ عَقائِل البَحْربِكْرٌ ... لم تَخُنْها مَثاقِبُ الَّلأْآلِ
ولولا اعتلال الهمزة ما حسن حَذفها أَلا ترى أَنهم لا يقولون لبياع السمسم سَمّاسٌ وحَذْوُهُما في القياس واحد قال ومنهم من يرى هذا خطأ واللِّئالةُ بوزن اللِّعالةِ حرفة الَّلأْآلِ وتَلأْلأَ النجمُ والقَمرُ والنارُ والبَرقُ ولأْلأَ أَضاءَ ولَمع وقيل هو اضْطَرَب بَرِيقُه وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم يَتَلأْلأُ وجهُه تَلأْلُؤَ القمر أَي يَسْتَنِير ويُشْرِقُ مأْخوذ من اللُّؤْلُؤِ وتَلأْلأَتِ النارُ اضْطَرَبَتْ وَلأْلأَتِ النارُ لأْلأَةً إِذا تَوَقَّدت ولأْلأَتِ المرأَةُ بعَيْنَيْها برَّقَتْهُما وقول ابن الأَحمر
مارِيّةٌ لُؤْلُؤَانُ اللَّوْنِ أَوْرَدَها ... طَلٌّ وبَنَّسَ عنها فَرْقَدٌ خَصِرُ
فإِنه أَراد لُؤْلُؤِيَّتَهُ برَّاقَتَه وَلأْلأَ الثَورُ بذَنبِه حَرَّكه وكذلك الظَّبْيُ ويقال للثور الوحشي لأْلأَ بذنبه وفي المثل لا آتِيكَ ما لأْلأَتِ الفُورُ أَي بَصْبَصَتْ بأَذنابِها ورواه اللحياني ما لأْلأَتِ الفُورُ بأَذنابها والفُور الظِّباءُ لا واحد لها من لفظها

لبأ
اللِّبَأُ على فِعَلٍ بكسر الفاء وفتح العين أَوّلُ اللبن في النِّتاج أَبو زيد أَوّلُ الأَلْبانِ اللِّبَأُ عند الوِلادةِ وأَكثرُ ما يكون ثلاثَ حَلْباتٍ وأَقله حَلْبةٌ وقال الليث اللِّبَأُ مهموز مقصور أَوَّلُ حَلَبٍ عند وضع المُلْبِئِ ولَبأَتِ الشاةُ ولَدَها أَي أَرْضَعَتْه اللِّبَأَ وهي تَلْبَؤُه والتَبَأْتُ أَنا شَرِبتُ اللِّبَأَ ولَبَأْتُ الجَدْيَ أَطْعَمْتُه اللِّبَأَ ويقال لَبَأْتُ اللِّبَأَ أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا حلبت الشاة لِبَأً ولَبَأَ الشاةَ يَلْبَؤُها لَبْأً بالتسكين والتَبَأَها احْتَلَبَ لِبَأَها والتَبَأَها ولَدُها واسْتَلْبَأَها رَضِعَها ويقال اسْتَلْبَأَ الجَدْيُ اسْتِلْباءً إِذا ما رَضِعَ من تِلْقاءِ نَفْسِه وأَلْبَأَ الجَدْيُ إِلباءً إِذا رضع من تلقاءِ نفسه وأَلْبَأَ الجَدْيَ إِلْبَاءً إِذا شَدَّه إِلى رأْس الخِلْفِ ليَرْضَعَ اللّبأَ وأَلْبَأَتْه أُمُّه ولَبَأَتْه أَرْضَعَتْه اللِّبَأَ وأَلْبَأْتُه سَقَيْتُه اللِّبَأَ أَبو حاتم أَلْبَأَتِ الشاةُ وَلَدها أَي قامت حتى تُرْضِعَ لِبَأَها وقد التَبَأْناها أَي احْتَلَبنا لِبَأَها واسْتَلْبأَها ولدُها أَي شرب لِبأَها وفي حديث ولادة الحسن بن علي رضي اللّه عنهما وأَلبَأَه برِيقِه أَي صَبَّ رِيقَه في فِيهِ كما يُصَبُّ اللِّبَأُ في فم الصبيّ وهو أَوَّلُ ما يُحْلَبُ عند الولادةِ ولَبَأَ القومَ يَلْبَؤُهم لَبْأً إِذا صَنَع لهم اللِّبَأَ ولبَأَ [ ص 151 ] القومَ يَلْبَؤُهم لَبْأً وأَلْبَأَهم أَطْعمهم اللِّبَأَ وقيل لَبَأَهم أَطْعَمهم اللِّبَأَ وأَلبأَهمَ زوَّدهُم إِياه وقال اللحياني لَبَأْتُهم لَبْأً ولِبَأً وهو الاسم قال ابن سيده ولا أَدري ما حاصل كلام اللحياني هذا اللهم إلا أَن يريد أَن اللِّبَأَ يكون مصدراً واسماً وهذا لا يعرف وأَلْبَؤُوا كَثُر لِبَؤُهم وأَلْبَأَتِ الشاةُ أَنزلت اللِّبَأَ وقول ذي الرمة
ومَرْبُوعةٍ رِبْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُها ... بِكَفَّيَّ من دَوِّيَّةٍ سَفَراً سَفْرا
فسره الفارسي وحده فقال يعني الكَمْأَةَ مَرْبوعةٍ أَصابها الرَّبيعُ ورِبْعيَّةٍ مُتَرَوّية بمطَر الربيع ولَبَأْتُها أَطْعَمتها أَوّل ما بَدَتْ وهي استعارةٌ كما يُطعَمُ اللِّبَأُ يعني أَن الكمَّاءَ جنَاها فبَاكَرَهم بها طَرِيّةً وسَفَراً منصوب على الظرف أَي غُدْوةً وسَفْراً مفعول ثانٍ للَبَأْتُها وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في معنى أَطْعَمْت وأَلبَأَ اللِّبَأَ أَصْلَحَه وطَبَخَه ولَبأَ اللِّبأَ يَلْبَؤُهُ لَبْأً وأَلْبَأَه طَبخَه الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ولَبَّأَتِ الناقةُ تَلْبِيئاً وهي مُلَبِّئٌ بوزن مُلَبِّعٍ وقع اللِّبَأُ في ضَرْعها ثم الفِصْحُ بعد اللِّبَإِ إِذا جاء اللبنُ بعد انقطاع اللِّبَإِ يقال قد أَفْصَحتِ الناقةُ وأَفْصحَ لَبَنُها وعِشارٌ مَلابِئُ إِذا دنا نِتاجُها ويقال لَبَأْتُ الفَسِيلَ أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا سَقَيْتَه حين تَغْرِسُه وفي الحديث إِذا غرسْتَ فَسيلةً وقيل الساعةُ تقومُ فلا يَمْنَعك أَن تَلْبَأَها أَي تَسْقِيَها وذلك أَوَّل سَقْيِك إياها وفي حديث بعض الصحابة أَنه مَرَّ بأَنْصاريٍّ يَغْرِسُ نَخلاً فقال يا ابن أَخي إن بلَغَك أَنَّ الدجالَ قد خَرج فلا يَمنعنَّك من أَن تَلْبَأَها أَي لا يَمنعنَّكَ خُروجُه عن غَرْسِها وسَقْيِها أَولَ سَقْيةٍ مأَّخوذ من اللِّبإ ولَبَّأْت بالحجِّ تَلْبِئةً وأَصله لَبَّيْت غير مهموز قال الفرّاءُ ربما خرجت بهم فصاحتهم إِلى أَن يهمزوا ما ليس بمهموز فقالوا لَبَّأْتُ بالحَج وحَلأْتُ السَّوِيقَ ورثَأْتُ الميت ابن شميل في تفسير لَبَّيْكَ يقال لَبَأَ فلان من هذا الطعام يَلْبَأُ لَبْأً إِذا أَكثر منه قال ولَبَّيْكَ كأَنه اسْتِرْزاقٌ الأَحمر بَيْنَهم المُلْتَبِئةُ أَي هم مُتفاوِضُون لا يكتم بعضهم بعضاً وفي النوادر يقال بنو فلان لا يَلْتَبِئُون فَتاهُم ولا يَتَعَيَّرونَ شَيْخَهم المعنى لا يُزَوّجُون الغلام صغيراً ولا الشيخ كبيراً طَلَباً للنَّسْل واللَّبُؤَةُ الأُنثى من الأُسُود والجمع لَبُؤٌ واللَّبْأَةُ واللَّبَاة كاللَّبُؤَةِ فان كان مخففاً منه فجمعه كجمعه وإِن كان لغة فجمعه لَبَآتٌ واللَّبْوةُ ساكنة الباء غير مهموزة لغة فيها واللَّبُؤُ الأَسد قال وقد أُميت أَعني انهم قلّ استعمالهم إِياه البتة واللَّبُوءُ رجل معروف وهو اللَّبُوءُ بن عبدالقيس واللَّبْءُ حيٌّ

لتأ
لَتَأَ في صَدْره يَلْتَأُ لَتْأً دفع ولَتَأَ المرأَة يَلْتَؤُها لَتْأً نكحها ولَتَأَه بسهَم لَتْأً رمَاه به ولَتَأْتُ الرجل بالحجر إِذا رَمَيْتَه به ولَتَأْتُه [ ص 152 ] بعَيْنِي لَتْأً إِذا أَحْدَدْتَ إِليه النظَرَ وأَنشد ابن السكيت
تَراه إِذا أَمَّه الصِّنْو لا ... يَنُوءٌ اللَّتِيءُ الذي يَلْتَؤُهْ ( 1 )
( 1 قوله « أمه كذا » هو في شرح القاموس والذي في نسخ من اللسان لا يوثق بها بدل الميم حاء مهملة وفي نسخة سقيمة من التهذيب بدل الحاء جيم )
قال اللَّتِيءُ فَعِيلٌ مِن لَتَأْتُه إِذا أَصَبْتَه واللَّتِيءُ المَلْتِيُّ المَرْمِيُّ
ولَتَأَتْ به أُمُّه ولَدَته يقال لَعَنَ اللّه أُمّاً لَتَأَتْ به ولَكَأَت به أَي رَمَتْه

لثأ
الأَزهري روى سلمة عن الفرّاءِ أَنه قال اللَّثَأُ بالهمز لِما يسيل من الشجر وقال أَيضاً في ترجمة لثى اللَّثَى ما سَال من ماء الشجر من ساقها خاثِراً وسيأْتي ذكره

لجأ
لَجَأَ إِلى الشيء والمَكان يَلْجَأُ لَجْأً ولُجُوءاً ومَلْجَأً ولَجِئَ لَجَأً والْتَجَأَ وأَلْجأْتُ أَمْري إِلى اللّه أَسْنَدتُ وفي حديث كَعْب رضي اللّه عنه مَن دَخَل في ديوان المُسلِمِين ثمَ تَلجَّأَ منهم فقد خَرج من قُبَّة الإِسْلامِ يقال لَجَأْتُ إِلى فلان وعنه والتَجَأْتُ وتَلجَّأْتُ إِذا اسْتَنَدْتَ إِليه واعْتَضَدْتَ به أَو عَدَلْتَ عنه إِلى غيره كأَنه إِشارةٌ إِلى الخُروج والانْفراد عن المسلمِين واَلْجَأَه إِلى الشيءِ اضْطَرَّه إِليه وأَلْجَأَه عَصَمه والتَّلْجِئةُ الإِكْراهُ أَبو الهيثم التَّلْجِئةُ أَنْ يُلْجئَكَ أَن تَأْتِيَ أَمْراً باطِنُه خِلافُ ظاهره وذلِكَ مِثْلُ إِشْهادٍ على أَمْرٍ ظاهِرُه خِلافُ باطِنِه وفي حديث النُّعْمانِ بن بَشِير هذا تَلْجِئةٌ فأَشْهِدْ عليه غَيْرِي التَلْجِئة تَفْعِلة من الإِلْجَاءِ كأَنه قد أَلْجَأَكَ إِلى أَنْ تَأْتِيَ أَمراً باطِنُه خلافُ ظاهره وأَحْوَجَك إِلى أَن تَفْعَل فِعلاً تَكْرَهُه وكان بشير قد أَفْرَدَ ابنَه النُّعمانَ بشيءٍ دون إِخوته حَمَلتْه عليه أُمُّه والمَلْجَأُ واللَّجَأُ المَعْقِلُ والجمع أَلْجاءٌ ويقالُ أَلْجَأْتُ فلاناً إِلى الشيءِ إِذا حَصَّنْته في مَلْجإٍ ولَجَإٍ والْتَجَأْتُ إليه الْتِجاءً ابن شميل التَلْجِئةُ أَن يجعل مالَه لبَعض ورَثته دون بعض كأَنه يتصدَّق به عليه وهو وارثه قال ولا تَلْجِئةَ إِلاّ إِلى وارِثٍ ويقال أَلكَ لَجَأٌ يا فلان ؟ واللَّجأُ الزوجةُ وعُمَر بن لَجَإٍ التَّميمي الشاعر

لزأ
لَزَأَ الرجلَ ولَزَّأَه كلاهما أَعطاهُ ولَزَأَ إِبِلي ولَزَّأَها كلاهما أَحسنَ رِعْيَتَها وأَلْزَأَ غَنَمِي أَشْبَعَها غيره ولَزَّأْتُ الإِبلَ تَلْزِئةً إِذا أَحْسَنْتَ رِعْيَتَها وتَلَزَّأَتْ رِيّاً إِذا امْتَلأَتْ رِيّاً وكذلك تَوَزَّأَتْ رِيّاً ولَزَأْتُ القِرْبةَ إِذا مَلأْتَها وقَبَحَ اللّه أُمّاً لَزَأَتْ به

لطأ
اللّطْءُ لزوقُ الشيءِ بالشيء لَطِئَ بالكسر يَلْطَأُ بالأَرض لُطُوءاً ولَطَأَ يَلْطَأُ لَطْأً لَزِقَ بها يقال رأَيت فلاناً لاطِئاً بالأَرض ورأَيت الذئب لاطِئاً للسَّرِقَةِ ولَطَأْتُ بالأَرض ولَطِئْتُ أَي لَزِقْتُ وقال الشماخ فترك الهمز [ ص 153 ]
فَوافَقَهُنَّ أَطْلَسُ عامِرِيٌّ ... لَطا بصفائِحٍ مُتَسانِداتِ
أَراد لَطَأَ يعني الصَّيَّادَ أَي لَزِقَ بالأَرض فترك الهمزة وفي حديث ابن إِدريسَ لَطِئَ لساني فَقَلَّ عن ذكْرِ اللّهِ أَي يَبِسَ فكَبُرَ عليه فلم يَسْتَطِعْ تَحْرِيكَه وفي حديث نافع بن جبير إِذا ذُكر عبدُمناف فالْطَهْ هو من لَطِئَ بالأَرض فَحَذف الهمزة ثم أَتْبَعَها هاءَ السكت يريد إِذا ذُكر فالتَصِقُوا في الأَرض ولا تَعُدُّوا أَنفسكم وكُونوا كالتُّراب ويروى فالْطَؤُوا وأَكَمةٌ لاطِئةٌ لازِقةٌ واللاَّطِئةُ مِن الشِّجاج السِّمْحاقُ قال ابن الأَثير من أَسماءِ الشِّجاج اللاَّطئةُ قيل هي السِّمْحاقُ والسِّمْحاقُ عندهم المِلْطَى بالقصر والمِلْطاةُ والمِلْطَى قشرة رقِيقة بين عَظْمِ الرأس ولَحْمِه واللاَّطِئةُ خُراجٌ يَخْرُج بالانسان لا يكادُ يَبْرأُ منه ويزعمون أَنه مِن لَسْعِ الثُّطْأَة ولَطَأَه بالعَصا لَطْأً ضرَبه وخص بعضهم به ضربَ الظهر

لفأ
لَفَأَت الريحُ السَّحابَ عن الماءِ والترابَ عن وجه الأَرض تَلْفَؤُه لَفْأً فَرَّقَتْه وسَفَرَتْه ولَفَأَ اللحمَ عن العظم يَلْفَؤُه لَفْأً ولَفاً والْتَفَأَه كلاهما قَشَرَه وجَلَفَه عنه والقِطْعةُ منه لَفِيئَةٌ ( 1 )
( 1 قوله « لفيئة » كذا في المحكم وفي الصحاح لفئة بدون ياء )
نحو النَّحْضة والهَبْرةِ والوذْرةِ وكلُّ بَضْعةٍ لا عظم فيها لَفِيئةٌ والجمع لَفِيءٌ وجمع اللَّفِيئةِ من اللحم لَفايا مثل خَطِيئةٍ وخَطايا وفي الحديث رَضِيتُ مِن الوَفاءِ باللَّفاء قال ابن الأَثير الوفاء التمام واللَّفاء النُّقصان واشتقاقه من لَفَأْتُ العظم إِذا أَخذْتَ بعض لحمه عنه واسم تلك اللَّحْمة لَفِيئة ولَفَأَ العُودَ يَلْفَؤُه لَفْأً قَشَرَه ولَفَأَه بالعَصا لَفْأً ضرَبَه بها ولَفَأَه رَدَّه واللَّفَاءُ التُّراب والقُماش على وجه الأَرض واللَّفَاءُ الشيءُ القَلِيلُ واللَّفَاءُ دون الحَقِّ ويقال أرْضَ مِن الوَفاءِ باللَّفَاءِ أَي بدون الحَقّ قال أَبو زبيد
فما أَنا بالضَّعِيف فَتَزْدَرِيني ... ولا حَظِّي اللَّفَاءُ ولا الخَسِيسُ
ويقال فلان لا يَرْضَى باللَّفاءِ من الوَفاءِ أَي لا يَرْضى بدون وَفاء حَقِّه وأَنشد الفرّاءُ
أَظَنَّتْ بَنُو جَحْوانَ أَنَّك آكِلٌ ... كِباشي وقاضِيَّ اللَّفاءَ فَقابِلُهْ ؟
قال أَبو الهيثم يقال لفَأْتُ الرجلَ إِذا نَقَصْتَه حَقَّه وأَعطَيْتَه دون الوَفاء يقال رَضِيَ من الوَفاءِ باللَّفاءِ التهذيب ولَفَأَه حَقَّه إِذا أَعْطاه أَقَلَّ مِن حقِّه قال أَبو سعيد قال أَبو تراب أَحْسَبُ هذا الحرف من الأَضداد

لكأ
لَكِئَ بالمَكان أَقامَ به كَلَكِيَ ولَكَأَه بالسَّوْط لَكْأً ضَرَبه ولَكَأْتُ به الأَرضَ ضَرَبْتُ به الأَرض ولَعَن اللّهُ أُمًّا لَكَأَتْ به ولَتَأَتْ به أَي رَمَتْه وتَلَكَّأَ عليه اعْتَلَّ وأَبْطَأَ وتَلَكَّأْتُ عن الأَمر [ ص 154 ] تَلَكُّؤاً تباطَأْت عنه وتَوَقَّفْتُ واعْتَلَلْتُ عليه وامْتَنَعْتُ وفي حديث المُلاعَنةِ فَتَلَكَّأَتْ عند الخامسة أَي توقَّفَت وتباطَأَتْ أَن تَقُولَها وفي حديث زِيادٍ أُتِيَ برَجُل فَتَلَكَّأَ في الشّهادةِ

لمأ
تَلَمَّأَتْ به الأَرضُ وعليه تَلَمُّؤاً اشْتَمَلت واسْتَوَت ووارَتْه وأَنشد
ولِلأَرْضِ كَمْ مِنْ صالِحٍ قد تَلَمَّأَتْ ... عَلَيْهِ فَوارَتْه بلَمَّاعةٍ قَفْرِ
ويقال قد أَلْمأْتُ على الشيءِ إِلماءً إِذا احْتَوَيْتَ عليه ولَمَأَ به اشتمل عليه وأَلْمَأَ اللِّصُّ على الشيءِ ذَهَب به خُفْيةً وأَلْمَأَ على حَقِّي جَحَده وذهَب ثوبي فما أَدْري من أَلمَأَ عليه وفي الصحاح مَن أَلمَأَ به حكاه يعقوب في الجَحْد قال ويتكلم بهذا بغير جَحد وحكاه يعقوب أَيضاً وكان بالأَرض مَرْعًى أَو زرع فهاجت به دَوابُّ فأَلْمَأَتْه أَي تَرَكَتْه صعِيداً ليس به شيء وفي التهذيب فهاجَتْ به الرّياحُ فأَلمأَتْه أَي تَرَكَتْه صَعِيداً وما أَدْرِي أَين أَلْمَأَ مِن بِلاد اللّه أَي ذَهَب وقال ابن كَثْوةَ ما يَلْمَأُ فَمُه بكلمة وما يَجْأَى فَمُه بكلمة بمعناه وما يَلْمَأُ فم فلان بكلمة معناه أَنه لا يَسْتَعْظِمُ شيئاً تَكَلَّمَ به من قَبِيح ولَمَأَ الشيءَ يَلْمَؤُه أَخذَه بأَجْمَعِه وأَلْمأَ بما في الجَفْنة وتَلَمَّأَ به والتَمَأَه اسْتَأْثَرَ به وغَلَب عليه والتُمِئَ لونُه تَغيَّر كالتُمِعَ وحكى بعضهم الْتَمَأَ كالتَمَع ولَمَأَ الشيءَ أَبْصَرَه كَلَمَحَه وفي حديث المولد فَلَمَأْتُها نُوراً يُضِيءُ له ما حَوْلَه كَإِضاءة البَدْرِ لَمَأْتُها أَي أَبْصَرْتُها ولَمَحْتُها واللَّمءُ واللَّمحُ سُرْعة إِبصار الشيء

لهلأ
التهذيب في الخماسي تَلَهلأْتُ أَي نَكَصْتُ

لوأ
التهذيب في ترجمة لوى ويقال لَوَّأَ اللّه بك بالهمز أَي شَوَّهَ بك قال الشاعر
وكنتُ أُرَجِّي بَعْدَ نَعْمانَ جابِراً ... فَلَوَّأَ بالعَيْنَيْنِ والوجهِ جابِرُ
أَي شَوَّه ويقال هذه واللّه الشَّوْهةُ واللَّوْأَة ويقال اللَّوَّة بغير همز

ليأ
اللِّيَاءُ حَبٌّ أَبيضُ مِثْلُ الحِمَّصِ شديدُ البَياض يُؤْكل قال أَبو حنيفة لا أَدري أَلَهُ قُطْنِيَّةٌ أَم لا ؟

مأمأ
المَأْمَأَةُ حِكايةُ صَوْتِ الشاةِ أَو الظَّبْي إِذا وصَلَتْ صَوْتَها

متأ
مَتَأَه بالعَصا ضَرَبه بها ومَتَأَ الحَبْلَ يَمْتَؤُه مَتْأً مدَّه لغة في مَتَوْتُه

مرأ
المُرُوءة كَمالُ الرُّجُولِيَّة مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءة فهو مَرِيءٌ على فعيلٍ وَتمَرَّأَ على تَفَعَّلَ صار ذا مُروءة وتَمَرَّأَ تَكَلَّفَ المُروءة وتَمَرَّأَ بنا أَي طَلَب بإِكْرامِنا اسم المُروءة وفلان يَتَمَرَّأُ بنا أَي يَطْلُبُ المُروءة بنَقْصِنا أَو عيبنا والمُرُوءة الإِنسانية ولك أَن تُشَدّد الفرَّاءُ يقال من المُرُوءة مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءة [ ص 155 ] ومَرُؤَ الطعامُ يَمْرُؤُ مَراءة وليس بينهما فرق إِلا اختلاف المصدرين وكَتَب عمرُ بنُ الخطاب إِلى أَبي موسى خُذِ الناسَ بالعَرَبيَّةِ فإِنه يَزيدُ في العَقْل ويُثْبِتُ المروءة وقيل للأَحْنَفِ ما المُرُوءة ؟ فقال العِفَّةُ والحِرْفةُ وسئل آخَرُ عن المُروءة فقال المُرُوءة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً وطعامٌ مَريءٌ هَنِيءٌ حَمِيدُ المَغَبَّةِ بَيِّنُ المَرْأَةِ على مثال تَمْرةٍ وقد مَرُؤَ الطعامُ ومَرَأَ صار مَرِيئاً وكذلك مَرِئَ الطعامُ كما تقول فَقُهَ وفَقِهَ بضم القاف وكسرها واسْتَمْرَأَه وفي حديث الاستسقاء اسقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً يقال مَرَأَني الطعامُ وأَمْرَأَني إِذا لم يَثْقُل على المَعِدة وانْحَدَر عنها طَيِّباً وفي حديث الشُّرْب فإِنه أَهْنَأُ وأَمْرَأُ وقالوا هَنِئَنِي الطَّعامُ ( 1 )
( 1 قوله « هنئني الطعام إلخ » كذا رسم في النسخ وشرح القاموس أيضاً ) ومَرِئَني وهَنَأَنِي ومَرَأَنِي على الإِتْباعِ إِذا أَتْبَعُوها هَنَأَنِي قالوا مَرَأَنِي فإِذا أَفردوه عن هَنَأَنِي قالوا أَمْرَأَنِي ولا يقال أَهْنَأَنِي قال أَبو زيد يقال أَمْرَأَنِي الطعامُ إِمْراءً وهو طعامٌ مُمْرِئٌ ومَرِئْتُ الطعامَ بالكسر اسْتَمْرأْتُه وما كان مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ وهذا يُمْرِئُ الطعامَ وقال ابن الأَعرابي ما كان الطعامُ مَرِيئاً ولقد مَرَأَ وما كان الرجلُ مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ وقال شمر عن أَصحابه يقال مَرِئَ لي هذا الطعامُ مَراءة أَي اسْتَمْرَأْتُه وهَنِئَ هذا الطعامُ وأَكَلْنا من هذا الطعام حتى هَنِئْنا منه أَي شَبِعْنا ومَرِئْتُ الطعامَ واسْتَمْرَأْته وقَلَّما يَمْرَأُ لك الطعامُ ويقال ما لَكَ لا تَمْرَأُ أَي ما لَك لا تَطْعَمُ وقد مَرَأْتُ أَي طَعِمْتُ والمَرءُ الإِطعامُ على بناء دار أَو تزويج وكَلأٌ مَرِيءٌ غير وَخِيمٍ ومَرُؤَتِ الأَرضُ مَراءة فهي مَرِيئةٌ حَسُنَ هواءُها والمَرِيءُ مَجْرى الطعام والشَّراب وهو رأْس المَعدة والكَرِش اللاصقُ بالحُلْقُوم الذي يجري فيه الطعام والشراب ويدخل فيه والجمع أَمْرِئةٌ ومُرُؤٌ مَهموزة بوزن مُرُعٍ مثل سَرِير وسُرُرٍ أَبو عبيد الشَّجْرُ ما لَصِقَ بالحُلْقُوم والمَرِيءُ بالهمز غير مُشدد وفي حديث الأَحنَف يأْتينا في مثل مَرِيءِ نَعامٍ ( 2 )
( 2 قوله « يأتينا في مثل مريء إلخ » كذا بالنسخ وهو لفظ النهاية والذي في الاساس يأتينا ما يأتينا في مثل مريء النعامة ) المَرِيءُ مَجْرى الطَّعام والشَّراب من الحَلْق ضَرَبه مثلاً لِضيق العَيْشِ وقلة الطَّعَام وإِنما خص النَّعام لدقةِ عُنُقِه ويُستدلُّ به على ضِيق مَريئه وأَصلُ المَريءِ رأْسُ المَعِدة المُتَّصِلُ بالحُلْقُوم وبه يكون اسْتِمْراءُ الطعام وتقول هو مَرِيءُ الجَزُور والشاة للمتصل بالحُلْقوم الذي يجري فيه الطعامُ والشرابُ قال أَبو منصور أَقرأَني أَبو بكر الإِياديّ المريءُ لأَبي عبيد فهمزه بلا تشديد قال وأَقرأَني المنذري المَريُّ لأَبي الهيثم فلم يهمزه وشدَّد الياءَ والمَرْءُ الإِنسان تقول هذا مَرْءٌ وكذلك في النصب والخفض تفتح الميم هذا هو القياس ومنهم من يضم الميم في الرفع ويفتحها في النصب ويكسرها [ ص 156 ] في الخفض يتبعها الهمز على حَدِّ ما يُتْبِعُون الرَّاء إِياها إِذا أَدخلوا أَلف الوصل فقالوا امْرُؤٌ وقول أَبي خِراش
جَمَعْتَ أُمُوراً يُنْفِذُ المِرْءَ بَعْضُها ... مِنَ الحِلْمِ والمَعْرُوفِ والحَسَبِ الضَّخْمِ
هكذا رواه السكري بكسر الميم وزعم أَن ذلك لغة هذيل وهما مِرْآنِ صالِحان ولا يكسر هذا الاسم ولا يجمع على لفظه ولا يُجْمَع جَمْع السَّلامة لا يقال أَمْراءٌ ولا أَمْرُؤٌ ولا مَرْؤُونَ ولا أَمارِئُ وقد ورد في حديث الحسن أَحْسِنُوا ملأَكُمْ أَيها المَرْؤُونَ قال ابن الأَثير هو جَمْعُ المَرْءِ وهو الرَّجل ومنه قول رُؤْبةَ لِطائفةٍ رَآهم أَيْنَ يُرِيد المَرْؤُونَ ؟ وقد أَنَّثوا فقالوا مَرْأَةٌ وخَفَّفوا التخفيف القياسي فقالوا مَرَةٌ بترك الهمز وفتح الراءِ وهذا مطَّرد وقال سيبويه وقد قالوا مَراةٌ وذلك قليل ونظيره كَمَاةٌ قال الفارسي وليس بمُطَّرِد كأَنهم توهموا حركة الهمزة على الراءِ فبقي مَرَأْةً ثم خُفِّف على هذا اللفظ وأَلحقوا أَلف الوصل في المؤَنث أَيضاً فقالوا امْرأَةٌ فإِذا عرَّفوها قالوا المَرأة وقد حكى أَبو علي الامْرَأَة الليث امْرَأَةٌ تأْنيث امْرِئٍ وقال ابن الأَنباري الأَلف في امْرأةٍ وامْرِئٍ أَلف وصل قال وللعرب في المَرأَةِ ثلاث لغات يقال هي امْرَأَتُه وهي مَرْأَتُه وهي مَرَتْه وحكى ابن الأَعرابي أَنه يقال للمرأَة إِنها لامْرُؤُ صِدْقٍ كالرَّجل قال وهذا نادر وفي حديث عليٍّ كَرَّمَ اللّهُ وجهه لما تَزَوَّج فاطِمَة رِضْوانُ اللّه عليهما قال له يهودي أَراد أَن يبتاع منه ثِياباً لقد تَزَوَّجْتَ امْرأَةً يُرِيد امرأَةً كامِلةً كما يقال فلان رَجُلٌ أَي كامِلٌ في الرِّجال وفي الحديث يَقْتُلُون كَلْبَ المُرَيْئةِ هي تصغير المرأَة وفي الصحاح إِن جئت بأَلف الوصل كان فيه ثلاث لغات فتح الراءِ على كل حال حكاها الفرَّاءُ وضمها على كل حال وإِعرابها على كل حال تقول هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرَأً ومررت بامْرِئٍ معرَباً من مكانين ولا جمع له من لفظه وفي التهذيب في النصب تقول هذا امْرَؤٌ ورأَيت امْرَأً ومررت بامْرَئٍ وفي الرفع تقول هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرُأً ومررت بامْرُئٍ وتقول هذه امْرَأَةٌ مفتوحة الراءِ على كل حال قال الكسائي والفرَّاءُ امْرُؤٌ معرب من الراءِ والهمزة وإِنما أُعرب من مكانين والإِعراب الواحد يَكْفِي من الإِعرابين أَن آخره همزة والهمزة قد تترك في كثير من الكلام فكرهوا أَن يفتحوا الراءَ ويتركوا الهمزة فيقولون امْرَوْ فتكون الراء مفتوحة والواو ساكنة فلا يكون في الكلمة علامةٌ للرفع فَعَرَّبوه من الراءِ ليكونوا إِذا تركوا الهمزة آمِنين من سُقوط الإِعْراب قال الفرَّاءُ ومن العرب من يعربه من الهمز وَحْدَه ويَدَعُ الراءَ مفتوحة فيقول قام امرَؤٌ وضربت امْرَأً ومررت بامْرَئٍ وأَنشد
بِأَبْيَ امْرَؤٌ والشامُ بَيْنِي وبَينَه ... أَتَتْنِي بِبُشْرَى بُرْدُه ورَسائِلُهْ
وقال آخر
أَنتَ امْرَؤٌ مِن خِيار الناسِ قد عَلِمُوا ... يُعْطِي الجَزيلَ ويُعْطَى الحَمْدَ بالثَّمنِ
[ ص 157 ] هكذا أَنشده بِأَبْيَ باسكان الباءِ الثانية وفتح الياءِ والبصريون ينشدونه بِبَنْيَ امْرَؤٌ قال أَبو بكر فإِذا أَسقطت العرب من امرئٍ الأَلف فلها في تعريبه مذهبان أَحدهما التعريب من مكانين والآخر التعريب من مكان واحد فإِذا عَرَّبُوه من مكانين قالوا قام مُرْءٌ وضربت مَرْءاً ومررت بمِرْءٍ ومنهم من يقول قام مَرءٌ وضربت مَرْءاً ومررت بمَرْءٍ قال ونَزَلَ القرآنُ بتعْريبِه من مكان واحد قال اللّه تعالى يَحُول بين المَرْءِ وقَلْبِه على فتح الميم الجوهري المرءُ الرجل تقول هذا مَرْءٌ صالحٌ ومررت بِمَرْءٍ صالحٍ ورأَيت مَرْءاً صالحاً قال وضم الميم لغة تقول هذا مُرْؤٌ ورأَيت مُرْءاً ومررت بمُرْءٍ وتقول هذا مُرْءٌ ورأَيت مَرْءاً ومررت بِمِرْءٍ مُعْرَباً من مكانين قال وإِن صغرت أَسقطت أَلِف الوصل فقلت مُرَيْءٌ ومُرَيْئةٌ وربما سموا الذئب امْرَأً وذكر يونس أَن قول الشاعر
وأَنتَ امْرُؤٌ تَعْدُو على كلِّ غِرَّةٍ ... فتُخْطِئُ فيها مرَّةً وتُصِيبُ
يعني به الذئب وقالت امرأَة من العرب أَنا امْرُؤٌ لا أُخْبِرُ السِّرَّ والنسبة إِلى امْرِئٍ مَرَئِيٌّ بفتح الراء ومنه المَرَئِيُّ الشاعر وكذلك النسبة إِلى امْرِئِ القَيْس وإِن شئت امْرِئِيٌّ وامْرؤُ القيس من أَسمائهم وقد غلب على القبيلة والإِضافةُ إليه امْرِئيّ وهو من القسم الذي وقعت فيه الإِضافة إِلى الأَول دون الثاني لأَن امْرَأَ لم يضف إِلى اسم علم في كلامهم إِلاّ في قولهم امرؤُ القيس وأَما الذين قالوا مَرَئِيٌّ فكأَنهم أَضافوا إِلى مَرْءٍ فكان قياسه على ذلك مَرْئِيٌّ ولكنه نادرٌ مَعْدُولُ النسب قال ذو الرمة
إِذا المَرَئِيُّ شَبَّ له بناتٌ ... عَقَدْنَ برأْسِه إِبَةً وعارَا
والمَرْآةُ مصدر الشيء المَرْئِيِّ التهذيب وجمع المَرْآةِ مَراءٍ بوزن مَراعٍ قال والعوامُّ يقولون في جمع المَرْآةِ مَرايا قال وهو خطأٌ ومَرْأَةُ قرية قال ذو الرمة
فلما دَخَلْنا جَوْفَ مَرْأَةَ غُلِّقَتْ ... دساكِرُ لم تُرْفَعْ لخَيْرٍ ظلالُها
وقد قيل هي قرية هشام المَرئِيِّ وأَما قوله في الحديث لا يَتَمَرْأَى أَحدُكم في الدنيا أَي لا يَنْظُرُ فيها وهو يَتَمَفْعَلُ من الرُّؤْية والميم زائدة وفي رواية لا يَتَمَرَّأُ أَحدُكم بالدنيا مِن الشيءِ المَرِيءِ

مسأ
مَسَأَ يَمْسَأُ مَسْأً ومُسُوءًا مَجَنَ والماسِئُ الماجِنُ ومَسْءُ الطريقِ وَسَطُه ومَسَأَ مَسْأً مَرَنَ على الشيءِ ومَسَأَ أَبْطَأَ ومَسَأَ بينهم مَسْأً ومُسُوءاً حَرَّش أَبو عبيد عن الأَصمعي الماسُ خفيف غير مهموز وهو الذي لا يلتفِتُ إِلى مَوْعِظةِ أَحد ولا يَقبل قَوْلَه يقال رجل ماسٌ وما أَمْساهُ قال أَبو منصور كأَنه مقلوب كما قالوا هارٌ وهارٍ وهائرٌ قال أَبو منصور ويحتمل أَن يكون الماسُ في الأَصل ماسِئاً وهو مهموز في الأَصل

مطأ
ابن الفرج سمعت الباهِلِيِّين تقول مَطا الرجُلُ المرأَةَ ومَطَأَها بالهمز أَي وَطِئَها قال أَبو منصور وشَطَأَها بالشين بهذا المعنى لغة [ ص 158 ]

مكأ
المَكْءُ جُحْر الثَّعْلَب والأَرْنَب وقال ثعلب هو جُحْر الضب قال الطِّرِمَّاح
كَمْ به مِنْ مَكْءِ وحْشِيَّةٍ ... قِيضَ في مُنْتَثَلٍ أَو هَيامِ
عنى بالوَحْشِيَّةِ هنا الضَّبَّةَ لأَنه لا يَبِيضُ الثَّعلب ولا الأَرنب إِنما تَبِيض الضَّبَّة وقِيضَ حُفِرَ وشُقَّ ومَن رواه من مَكْن وحشية وهو البَيْضُ فقِيضَ عنده كُسِرَ قَيْضُه فأُخْرِجَ ما فيه والمُنْتَثَلُ ما يُخْرَج منه من التُّراب والهَيامُ التُّراب الذي لا يَتَماسَكُ أَن يَسِيلَ من اليد

ملأ
مَلأَ الشيءَ يَمْلَؤُه مَلأً فهو مَمْلُوءٌ ومَلأَه فامْتَلأَ وتَمَلأَ وإنه لَحَسَنُ المِلأَةِ أَي المَلْءِ لا التَّمَلُّؤِ وإِناءٌ مَلآنُ والأُنثى مَلأَى ومَلآنةٌ والجمع مِلاءٌ والعامة تقول إِناءٌ مَلاً أَبو حاتم يقال حُبٌّ مَلآنُ وقِرْبةٌ مَلأَى وحِبابٌ مِلاءٌ قال وإِن شئت خففت الهمزة فقلت في المذكر مَلانُ وفي المؤَنث مَلاً ودَلْوٌ مَلاً ومنه قوله حَبَّذا دَلْوُك إِذْ جاءَت مَلا أَراد مَلأَى ويقال مَلأْتُه مَلأَ بوزن مَلْعاً فإِن خففت قلت مَلاً وأَنشد شمر في مَلاً غير مهموز بمعنى مَلْءٍ
وكائِنْ ما تَرَى مِنْ مُهْوَئِنٍّ ... مَلا عَيْنٍ وأَكْثِبةٍ وَقُورِ
أَراد مَلْء عَيْنٍ فخفف الهمزة وقد امْتَلأَ الإِناءُ امْتِلاءً وامْتَلأَ وتَمَلأَ بمعنى والمِلْءُ بالكسر اسم ما يأْخذه الإِناءُ إِذا امْتَلأَ يقال أَعْطَى مِلأَه ومِلأَيْهِ وثلاثةَ أَمْلائه وكوزٌ مَلآنُ والعامَّةُ تقول مَلاً ماءً وفي دعاء الصلاة لكَ الحمدُ مِلْءَ السمواتِ والأَرضِ هذا تمثيل لأَنّ الكلامَ لا يَسَعُ الأَماكِنَ والمراد به كثرة العدد يقول لو قُدِّر أَن تكون كلماتُ الحَمد أَجْساماً لبلَغت من كثرتها أَن تَمْلأَ السمواتِ والأَرضَ ويجوز أَن يكون المرادُ به تَفْخِيمَ شأْنِ كلمة الحَمد ويجوز أَن يرادَ به أَجْرُها وثَوابُها ومنه حديث إِسلام أَبي ذر رضي اللّه عنه قال لنا كلِمَةً تَمْلأُ الفمَ أَي إِنها عظيمة شَنِيعةٌ لا يجوز أَن تُحْكَى وتُقالَ فكأَنَّ الفَمَ مَلآنُ بها لا يَقْدِرُ على النُّطق ومنه الحديث امْلَؤُوا أَفْواهَكم من القُرْآنِ وفي حديث أُمّ زرع مِلْءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها أَرادت أَنها سَمِينة فإِذا تغطَّت بِكسائها مَلأَتْه وفي حديث عِمْرانَ ومَزادةِ الماء إِنه لَيُخَيَّلُ إِلينا أَنها أَشدُّ مِلأَةً منها حين ابْتُدِئَ فيها أَي أَشدُّ امْتلاءً يقال مَلأْتُ الإِناءَ أَمْلَؤُه مَلأً و المِلْءُ الاسم والمِلأَةُ أَخصُّ منه والمُلأَة بالضم مثال المُتْعةِ والمُلاءة والمُلاءُ الزُّكام يُصيب مِن امْتِلاءِ المَعِدة وقد مَلُؤَ فهو مَلِيءٌ ومُلِئَ فلان وأَمْلأَه اللّهُ إملاءً أَي أَزْكَمه فهو مَمْلُوءٌ على غير قياس يُحمل على مُلِئَ والمِلْءُ الكِظَّة من كثرة الأَكل الليث المُلأَةُ [ ص 159 ] ثِقَلٌ يأْخذ في الرأْس كالزُّكام من امْتِلاءِ المَعِدة وقد تَمَلأَ من الطعام والشراب تَمَلُّؤاً وتَمَلأَ غَيْظاً ابن السكيت تَمَلأْتُ من الطعام تَملُّؤاً وقد تَملَّيْتُ العَيْشَ تَملِّياً إِذا عِشْتَ مَلِيّاً أَي طَويلاً والمُلأَةُ رَهَلٌ يُصِيبُ البعيرَ من طُول الحَبْسِ بَعْدَ السَّيْر ومَلأَ في قَوْسِه غَرِّقَ النُّشَّابَةَ والسَّهْمَ وأَمْلأْتُ النَّزْعَ في القَوْسِ إِذا شَدَدْتَ النَّزْعَ فيها التهذيب يقال أَمْلأَ فلان في قَوْسِه إِذا أَغْرَقَ في النَّزْعِ ومَلأَ فلانٌ فُرُوجَ فَرَسِه إِذا حَمَله على أَشَدِّ الحُضْرِ ورَجل مَلِيءٌ مهموز كثير المالِ بَيِّن المَلاء يا هذا والجمع مِلاءٌ وأَمْلِئاءُ بهمزتين ومُلآءُ كلاهما عن اللحياني وحده ولذلك أُتِيَ بهما آخراً وقد مَلُؤَ الرجل يَمْلُؤُ مَلاءة فهو مَلِيءٌ صار مَلِيئاً أَي ثِقةً فهو غَنِيٌّ مَلِيءٌ بَيِّن المَلاءِ والمَلاءة ممدودان وفي حديث الدَّيْنِ إِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على مَلِيءٍ فلْيَتَّبِعْ المَلِيءٌ بالهمز الثِّقةُ الغَنِيُّ وقد أُولِعَ فيه الناس بترك الهمز وتشديد الياء وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه لا مَلِئٌ واللّه باصْدارِ ما ورَدَ عليه واسْتَمْلأَ في الدَّيْنِ جَعل دَيْنَه في مُلآءَ وهذا الأَمر أَمْلأُ بكَ أَي أَمْلَكُ والمَلأُ الرُّؤَساءُ سُمُّوا بذلك لأَنهم مِلاءٌ بما يُحتاج إليه والمَلأُ مهموز مقصور الجماعة وقيل أَشْرافُ القوم ووجُوهُهم ورؤَساؤهم ومُقَدَّمُوهم الذين يُرْجَع إِلى قولهم وفي الحديث هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتصِمُ الملأُ الأَعْلى ؟ يريد الملائكةَ المُقَرَّبين وفي التنزيل العزيز أَلم تَرَ إِلى المَلإِ وفيه أَيضاً وقال المَلأُ ويروى أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم سَمِعَ رَجُلاً من الأَنصار وقد رَجَعُوا مَن غَزْوةِ بَدْر يقول ما قَتَلْنا إِلاَّ عَجائزَ صُلْعاً فقال عليه السلام أُولئِكَ المَلأَ مِنْ قُرَيْش لَوْ حَضَرْتَ فِعالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ أَي أَشْرافُ قريش والجمع أَمْلاء أَبو الحسن ليس المَلأُ مِن باب رَهْطٍ وإِن كانا اسمين للجمع لأَن رَهْطاً لا واحد له من لفظه والمَلأُ وإِن كان لم يُكسر مالِئٌ عليه فإِنَّ مالِئاً من لفظه حكى أَحمد بن يحيى رجل مالِئٌ جليل يَمْلأَ العين بِجُهْرَتِه فهو كعَرَبٍ ورَوَحِ وشابٌّ مالِئُ العين إِذا كان فَخْماً حَسَناً قال الراجز بِهَجْمةٍ تَمْلأُ عَيْنَ الحاسِدِ ويقال فلان أَمْلأُ لعيني مِن فلان أَي أَتَمُّ في كل شيء مَنْظَراً وحُسْناً وهو رجل مالِئُ العين إِذا أَعْجبَك حُسْنُه وبَهْجَتُه وحَكَى مَلأَهُ على الأَمْر يَمْلَؤُه ومالأَهُ ( 1 )
( 1 قوله « وحكى ملأه على الأمر إلخ » كذا في النسخ والمحكم بدون تعرض لمعنى ذلك وفي القاموس وملأه على الأمر ساعده كمالأه ) وكذلك المَلأُ إِنما هم القَوْم ذَوُو الشارة والتَّجَمُّع للإِدارة فَفَارَقَ بابَ رَهْط لذلك والمَلأُ على هذا صفة غالبة وقد مَالأْتُه على الأَمر مُمالأَةَ ساعَدْتُه عليه وشايَعْتُه وتَمالأْنا عليه اجْتَمَعْنا وتَمالَؤُوا عليه اجْتَمعوا عليه وقول الشاعر
وتَحَدَّثُوا مَلأً لِتُصْبِحَ أُمّنا ... عَذْراءَ لا كَهْلٌ ولا مَوْلُودُ
[ ص 160 ] أَي تَشَاوَرُوا وتَحَدَّثُوا مُتَمالِئينَ على ذلك ليَقْتُلونا أَجمعين فتصبح أُمنا كالعَذْراء التي لا وَلَد لها قال أَبو عبيد يقال للقوم إِذا تَتابَعُوا برَأْيِهم على أَمر قد تَمالَؤُوا عليه ابن الأَعرابي مالأَه إِذا عاوَنَه ومَالأَه إِذا صَحِبَه أَشْباهُه وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه واللّه ما قَتَلْتُ عُثمانَ ولا مالأْت على قتله أَي ما ساعَدْتُ ولا عاوَنْتُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قَتَل سبعةَ نَفَرٍ برجل قَتَلُوه غِيلةً وقال لَو تَمالأَ عليه أَهلُ صَنْعاء لأَقَدْتُهم به وفي رواية لَقَتَلْتُهم يقول لو تضافَرُوا عليه وتَعاوَنُوا وتَساعَدُوا والمَلأُ مهموز مقصور الخُلُقُ وفي التهذيب الخُلُقُ المَلِيءُ بما يُحْتاجُ إليه وما أَحسن مَلأَ بني فلان أَي أَخْلاقَهم وعِشْرَتَهم قال الجُهَنِيُّ
تَنادَوْا يا لَبُهْثَةَ إِذْ رَأَوْنا ... فَقُلْنا أَحْسِني مَلأً جُهَيْنا
أَي أَحْسِنِي أَخْلاقاً يا جُهَيْنةُ والجمع أَملاء ويقال أَراد أَحْسِنِي ممالأَةً أَي مُعاوَنةً من قولك مالأْتُ فُلاناً أَي عاوَنْتهُ وظاهَرْته والمَلأُ في كلام العرب الخُلُقُ يقال أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَي أَحْسِنُوا أَخْلاقَكم وفي حديث أَبي قَتادَة رضي اللّه عنه أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما تَكابُّوا على الماء في تلك الغَزاةِ لِعَطَشٍ نالَهم وفي طريق لَمَّا ازدَحَمَ الناسُ على المِيضأَةِ قال لهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَحْسِنُوا المَلأَ فكلكم سَيَرْوَى قال ابن الأَثير وأَكثر قُرّاء الحديث يَقْرَؤُونها أَحْسِنُوا المِلْءَ بكسر الميم وسكون اللام من مَلْءِ الإِناءِ قال وليس بشيء وفي الحديث أَنه قال لأَصحابه حين ضَرَبُوا الأَعْرابيَّ الذي بال في المَسجد أَحسنوا أَمْلاءَكم أَي أَخْلاقَكم وفي غريب أَبي عُبيدة مَلأً أَي غَلَبَةً ( 1 )
( 1 قوله « ملأ أي غلبة » كذا هو في غير نسخة من النهاية ) وفي حديث الحسن أَنهم ازْدَحَمُوا عليه فقال أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَيها المَرْؤُون والمَلأَ العِلْيةُ والجمع أَمْلاءٌ أَيضاً وما كان هذا الأَمرُ عن مَلإٍ منَّا أَي تشاوُرٍ واجتماع وفي حديث عمر رَضي اللّه عنه حِين طُعِنَ أَكان هذا عن مَلإٍ منكم أَي مُشاوَرةٍ من أَشرافِكم وجَماعَتِكم والمَلأُ الطَّمَعُ والظَّنُّ عن ابن الأَعْرابي وبه فسر قوله وتحَدَّثُوا مَلأً البيت الذي تَقَدَّم وبه فسر أَيضاً قوله فَقُلْنا أَحْسِنِي مَلأً جُهَيْنا أَي أَحْسِنِي ظَنّاً والمُلاءة بالضم والمدّ الرَّيْطة وهي المِلْحفةُ والجمع مُلاءٌ وفي حديث الاستسقاءِ فرأَيت السَّحابَ يَتَمَزَّقُ كأَنه المُلاءُ حين تُطْوَى المُلاءُ بالضم والمدّ جمع مُلاءةٍ وهي الإِزارُ والرَّيْطة وقال بعضهم إِن الجمع مُلأٌ بغير مد والواحد ممدود والأَول أَثبت شبَّه تَفَرُّقَ الغيم واجتماع بعضه إِلى بعض في أَطراف السماء بالإِزار إِذا جُمِعَتْ أَطرافُه وطُوِيَ ومنه حديث قَيْلةَ وعليه أَسمالُ مُلَيَّتَيْنِ هو تصغير مُلاءة مثناة المخففة الهمز وقول أَبي خِراش
كأَنَّ المُلاءَ المَحْضَ خَلْفَ ذِراعِه ... - صُراحِيّةٌ والآخِنِيُّ المُتَحَّمُ
عنى بالمَحْضِ هنا الغُبارَ الخالِصَ شبَّهه بالمُلاءِ من الثياب [ ص 161 ]

منأ
المَنِيئَةُ على فَعِيلةٍ الجِلْدُ أَوَّلَ ما يُدْبَغُ ثم هو أَفِيقٌ ثم أَدِيمٌ مَنَأَه يَمْنَؤُه مَنْأً إِذا أَنْقَعه في الدِّباغِ قال حميد بن ثور
إِذا أَنتَ باكَرْتَ المَنِيئةَ باكَرَتْ ... مَداكاَ لَها من زَعْفَرانٍ وإِثْمِدا
ومَنأْتُه وافَقْتُه على مثل فَعَلْتُه والمَنِيئةُ عند الفارِسيِّ مَفْعِلةٌ من اللَّحم النِّيءِ أَنْبأَ بذلك عنه أَبُو العَلاء ومَنَأَ تَأْبَى ذلك والمَنِيئةُ المَدْبَغةُ والمَنِيئةُ الجِلد ما كان في الدِّباغ وبَعَثَتِ امرأَةٌ من العرب بنتاً لها إِلى جارتها فقالت تقول لَكِ أُمّي أَعْطِيني نَفْساً أَو نَفْسَيْن أَمْعَسُ به مَنِيئَتِي فإِنِّي أَفِدةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه وآدِمةٌ في المَنِيئةِ أَي في الدِّباغ ويقال للجلد ما دام في الدِّباغ مَنِيئةٌ وفي حديث أَسْماءَ بنت عُمَيْسٍ وهي تَمْعَسُ مَنِيئةً لها والمَمْنَأَةُ الأَرض السَّوْداءُ تهمز ولا تهمز والمَنِيَّةُ من المَوْت معتل

موأ
ماءَ السِّنَّوْرُ يَمُوءُ مَوْءاً ( 1 )
( 1 قوله « يموء موءاً » الذي في المحكم والتكملة مواء أي بزنة غراب وهو القياس في الأصوات ) كَمَأَى قال اللحياني ماءَتِ الهرَّةُ تَمُوءُ مثل ماعَتْ تَمُوعُ وهو الضُّغاء إِذا صاحت وقال هِرَّةٌ مَؤُوءٌ على مَعُوعٍ وصَوتُها المُواءُ على فُعَال أَبو عمرو أَمْوَأَ السِّنَّوْرُ إِذا صاحَ وقال ابن الأَعرابي هي المائِيَةُ بوزن الماعيَة والمائِيّةُ بوزن الماعِيّةِ يقال ذلك للسِّنَّوْر واللّه أَعلم

نأنأ
النَّأْنَأَةُ العَجْزُ والضَّعْفُ وروى عِكْرِمةُ عن أَبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أَنه قال طُوبَى لِمَنْ ماتَ في النَّأْنَأَةِ مهموزة يعني أَوّل الإِسلام قَبْلَ أَن يَقْوَى ويكثُرَ أَهلُه وناصِرُه والدّاخِلُون فيه فهو عند الناس ضعيف
ونَأْنَأْتُ في الرأْي إِذا خَلَّطْت فيه تَخْلِيطاً ولم تُبْرِمْه وقد تَنَأْنَأَ ونَأْنَأَ في رأْيه نَأْنَأَةً ومُنَأْنَأَةً ضَعُفَ فيه ولم يُبْرِمْه قال عَبدهِنْد ابن زيد التَّغْلبِيّ جاهلي
فلا أَسْمَعَنْ منكم بأَمرٍ مُنَأْنَإٍ ... ضَعِيفٍ ولا تَسْمَعْ به هامَتي بَعْدِي
فإِنَّ السِّنانَ يَرْكَبُ المَرْءُ حَدَّه ... مِن الخِزْي أَو يَعْدُو على الأَسَدِ الوَرْدِ
وتَنَأْنَأَ ضَعُفَ واسْتَرْخَى ورجل نَأْنَأٌ ونَأْنَاءٌ بالمدّ والقصر عاجز جَبانٌ ضعيف قال امرؤُ القيس يمدح سعد بن الضَّبابِ الإِيادِيَّ
لعَمْرُكَ ما سَعْدٌ بِخُلّةِ آثِمٍ ... ولا نَأْنَإٍ عندَ الحِفاظِ ولا حَصِرْ
قال أَبو عبيد ومن ذلك قول علي رضي اللّه عنه لسليمانَ بن صُرَدٍ وكان قد تخلف عنه يوم الجَمَلِ ثم أَتاه فقال له عليّ رضي اللّه عنه تَنَأْنَأْتَ وتَراخَيْتَ فكيف رأَيتَ صُنْعَ اللّهِ ؟ قوله تَنَأْنَأْتَ يريد ضَعُفْتَ واسْتَرْخَيْتَ الأُموي نَأْنَأْتُ الرجل نَأْنَأَةً إِذا نَهْنَهْتَه عما يريد وكَفَفْتَه كأَنه يريد إِني حَمَلْتُه على أَن ضَعُفَ [ ص 162 ] عما أَراد وتراخى ورجل نَأْناءٌ يُكثر تقليب حَدَقَتيه والمعروف رَأْراءٌ

نبأ
النَّبَأُ الخبر والجمع أَنْبَاءٌ وإِنَّ لفلان نَبَأً أَي خبراً وقوله عز وجل عَمَّ يَتساءَلُون عن النَّبَإِ العظيم قيل عن القرآن وقيل عن البَعْث وقيل عن أَمْرِ النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد أَنْبَأَه إِيّاه وبه وكذلك نَبَّأَه متعدية بحرف وغير حرف أَي أَخبر وحكى سيبويه أَنا أَنْبُؤُك على الإِتباع وقوله إِلى هِنْدٍ مَتَى تَسَلِي تُنْبَيْ أَبدل همزة تُنْبَئِي إِبدالاً صحيحاً حتى صارت الهمزة حرف علة فقوله تُنْبَيْ كقوله تُقْضَيْ قال ابن سيده والبيت هكذا وجد وهو لا محالة ناقص واسْتَنْبأَ النَّبَأَ بحَث عنه ونَابَأْتُ الرجلَ ونابَأَنِي أَنْبَأْته وأَنْبأَنِي قال ذو الرمة يهجو قوماً
زُرْقُ العُيُونِ إِذا جاوَرْتَهُم سَرَقُوا ... ما يَسْرِقُ العَبْدُ أَو نَابَأْتَهُم كَذَبُوا
وقيل نَابَأْتَهم تركْتَ جِوارَهم وتَباعَدْت عنهم وقوله عز وجل فَعمِيَتْ عليهم الأَنْبَاءُ يومئذٍ فهم لا يَتَساءَلون قال الفرَّاءُ يقول القائل قال اللّه تعالى وأَقْبَلَ بَعضُهم على بعض يَتَساءَلون كيف قال ههنا فهم لا يتساءَلُون ؟ قال أَهل التفسير انه يقول عَمِيَتْ عليهم الحُجَجُ يومئذٍ فسكتوا فذلك قوله تعالى فهم لا يَتَساءَلون قال أَبو منصور سمَّى الحُجَج أَنْبَاءً وهي جمع النَّبَإِ لأَنَّ الحُجَجَ أَنْبَاءٌ عن اللّه عز وجل الجوهري والنَبِيءُ المُخْبِر عن اللّه عز وجل مَكِّيَّةٌ لأَنه أَنْبَأَ عنه وهو فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ قال ابن بري صوابه أَن يقول فَعِيل بمعنى مُفْعِل مثل نَذِير بمعنى مُنْذِر وأَلِيمٍ بمعنى مُؤْلِمٍ وفي النهاية فَعِيل بمعنى فاعِل للمبالغة من النَّبَإِ الخَبَر لأَنه أَنْبَأَ عن اللّه أَي أَخْبَرَ قال ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنْبَأَ قال سيبويه ليس أَحد من العرب إِلاّ ويقول تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة بالهمز غير أَنهم تركوا الهمز في النبيِّ كما تركوه في الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ إِلاّ أَهلَ مكة فإِنهم يهمزون هذه الأَحرف ولا يهمزون
غيرها ويُخالِفون العرب في ذلك قال والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة يعني لقلة استعمالها لا لأَنَّ القياس يمنع من ذلك أَلا ترى إِلى قول سيِّدِنا رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه فقال له لا تَنْبِر باسْمي فإِنما أَنا نَبِيُّ اللّه وفي رواية فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّهِ ولكنِّي نبيُّ اللّه وذلك أَنه عليه السلام أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ والجمع أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ قال العَبَّاسُ بن مِرْداسٍ
يا خاتِمَ النُّبَآءِ إِنَّكَ مُرْسَلٌ ... بالخَيْرِ كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا
إِنَّ الإِلهَ ثَنَى عليك مَحَبَّةً ... في خَلْقِه ومُحَمَّداً سَمَّاكا
قال الجوهري يُجْمع أَنْبِيَاء لأَن الهمز لما أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرف [ ص 163 ] العلة كَعِيد وأَعْياد على ما نذكره في المعتل قال الفرَّاءُ النبيُّ هو من أَنْبَأَ عن اللّه فَتُرِك هَمزه قال وإِن أُخِذَ من النَّبْوةِ والنَّباوةِ وهي الارتفاع عن الأَرض أَي إِنه أَشْرَف على سائر الخَلْق فأَصله غير الهمز وقال الزجاج القِرَاءة المجمع عليها في النَّبِيِّين والأَنْبِياء طرح الهمز وقد همز جماعة من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا واشتقاقه من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر قال والأَجود ترك الهمز وسيأْتي في المعتل ومن غير المهموز حديث البَراءِ قلت ورَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ فردَّ عَليَّ وقال ونَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ قال ابن الأَثير انما ردَّ عليه ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ ويجمع له الثناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة ويكون تعديداً للنعمة في الحالَيْن وتعظيماً لِلمِنَّةِ على الوجهين والرَّسولُ أَخصُّ من النبي لأَنَّ كل رسول نَبِيٌّ وليس كلّ نبيّ رسولاً ويقال تَنَبَّى الكَذَّابُ إِذا ادَّعَى النُّبُوّةَ وتَنَبَّى كما تَنَبَّى مُسَيْلِمةُ الكَذّابُ وغيرُه من الدجّالين المُتَنَبِّينَ وتصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ مثالُ نُبَيِّعٍ وتصغير النُّبُوءة نُبَيِّئَةٌ مثال نُبَيِّعةٍ قال ابن بري ذكر الجوهري في تصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ بالهمز على القطع بذلك قال وليس الأَمر كما ذَكر لأَن سيبويه قال من جمع نَبِيئاً على نُبَآء قال في تصغيره نُبَيِّئ بالهمز ومن جمع نَبيئاً على أَنْبِياء قال في تصغيره نُبَيٌّ بغير همز يريد من لزم الهمز في الجمع لزمه في التصغير ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير وقيل النَّبيُّ مشتق من النَّبَاوةِ وهي الشيءُ المُرْتَفِعُ وتقول العرب في التصغير كانت نُبَيِّئةُ مُسَيْلِمَة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ قال ابن بري الذي ذكره سيبوبه كانت نُبُوّةُ مسيلمة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ فذكر الأَول غير مصغر ولا مهموز ليبين أَنهم قد همزوه في التصغير وإِن لم يكن مهموزاً في التكبير وقوله عز وجل وإِذ أَخذنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنْكَ ومِن نُوح فقدّمه عليه الصلاة والسلام على نوح عليه الصلاة والسلام في أَخذ المِيثاق فانما ذلك لإِنّ الواو معناها الاجْتِماعُ وليس فيها دليلٌ أَن المذكور أَوّلاً لا يستقيم أَن يكون معناه التأْخير فالمعنى على مذهب أَهل اللغة ومن نُوح وإِبراهيم ومُوسَى وعيسى بنِ مريمَ ومِنْكَ وجاء في التفسير إِنّي خُلِقْتُ قبل الأَنبياء وبُعِثْتُ بعدَهم فعلى هذا لا تقديم ولا تأْخير في الكلام وهو على نَسَقِه وأَخْذُ المِيثاقِ حين أُخْرِجوا من صُلْب آدمَ كالذَّرّ وهي النُّبُوءة وتَنَبَّأَ الرَّجل ادّعَى النُّبُوءة ورَمَى فأَنْبَأَ أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ ونَبَأْتُ على القوم أَنْبَأُ نَبْأً إِذا طلعت عليهم ويقال نَبَأْتُ من الأَرض إِلى أَرض أُخرى إِذا خرجتَ منها إليها ونَبَأَ من بلد كذا يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً طَرأَ والنابِئُ الثور الذي يَنْبَأُ من أَرض إِلى أَرض أَي يَخْرُج قال عديّ بن زيد يصف فرساً
ولَهُ النَّعْجةُ المَرِيُّ تُجاهَ الرَّكْ ... بِ عِدْلاً بالنَّابِئِ المِخْراقِ
أَرادَ بالنَّابِئِ الثَّوْرَ خَرَج من بلد إِلى بلد يقال نَبَأَ وطَرَأَ ونَشِطَ إِذا خَرج من بلد إِلى بلد ونَبَأْتُ من أَرض إِلى أَرض إِذا خَرَجْتَ منها إِلى أُخرى وسَيْلٌ
نابِئٌ جاء من بلد آخَر ورجل
[ ص 164 ]
نا بِئٌ كذلك قال الأَخطل
أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عَنِّيَ القَذَى ... فليسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ في الخَمْرِ
وليسَ قَذاها بالَّذِي قَدْ يَريبُها ... ولا بِذُبابٍ نَزْعُه أَيْسَرُ الأَمْرِ ( 1 )
( 1 « وليس قذاها إلخ » سيأتي هذا الشعر في ق ذ ي على غير هذا الوجه )
ولكِنْ قَذاها كُلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ ... أَتَتْنا بِه الأَقْدارُ مِنْ حَيْثُ لا نَدْري
ويروى قداها بالدال المهملة قال وصوابه بالذال المعجمة ومن هنا قال الأَعرابي له صلى اللّه عليه وسلم يا نَبِيءَ اللّه فهَمز أَي يا مَن خَرَج من مكةَ إِلى المدينة فأَنكر عليه الهمز لأَنه ليس من لغة قريش ونَبَأَ عليهم يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً هَجَم وطَلَع وكذلك نَبَهَ ونَبَع كلاهما على البدل ونَبَأَتْ به الأَرضُ جاءَت به قال حنش بن مالك
فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ فإِنَّ الحُتُو ... فَ يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ في كلِّ واد
ونَبَأَ نَبْأً ونُبُوءاً ارْتَفَعَ والنَّبْأَةُ النَّشْزُ والنَبِيءُ الطَّرِيقُ الواضِحُ والنَّبْأَةُ صوتُ الكِلاب وقيل هي الجَرْسُ أَيّاً كان وقد نَبَأَ نَبْأً والنَّبْأَةُ الصوتُ الخَفِيُّ قال ذو الرمة
وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ ... بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ ما في سَمْعِه كَذِبُ
الرِّكْزُ الصوتُ والمُقْفِرُ أَخُو القَفْرةِ يريد الصائد والنَّدُسُ الفَطِنُ التهذيب النَّبْأَةُ الصوتُ ليس بالشديد قال الشاعر
آنَسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعَها القَنَّاصُ ... قَصْراً وقَدْ دَنا الإِمْساءُ
أَرادَ صاحِبَ نَبْأَةٍ

نتأ
نَتَأَ الشيءُ يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً انْتَبَر وانْتَفَخَ وكلُّ ما ارْتَفَعَ من نَبْتٍ وغيره فقد نَتَأَ وهو ناتِئٌ وأَما قول الشاعر قَدْ وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرو أَنْ تا تَمْسَحَ رَأْسِي وتُفَلِّيني وا وتَمْسَحَ القَنْفَاءَ حتى تَنْتا فإِنه أراد حتى تَنْتَأَ فإِمَّا أَن يكون خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيًّا على ما ذَهب إليه أَبو عثمان في هذا النحو وإِما أَن يكون أَبدلَ إِبدالاً صحيحاً على ما ذهب إليه الأَخفش وكل ذلك ليوافق قوله تا من قوله وعدتني أُمُّ عمرو أَن تا ووَا من قوله تمسح رأْسي وتفلِّيني وا ولو جعلها بين بين لكانت الهمزة الخفيفة في نية المحققة حتى كأَنه قال تَنْتَأُ فكان يكون تا تَنْتَأُ مستفعلن وقوله رن أَن تا مفعولن وليني وا مفعولن ومفعولن لا يجيءٌ مع مستفعلن وقد أَكْفَأَ هذا الشاعر بين التاءِ والواو وأَراد أَن تَمْسَح وتُفَلِّيَنِي وتَمْسَحَ وهذا مِن أَقْبَحِ ما جاءَ في الإِكْفَاءِ وإِنما ذهب الأَخفش أَن الرويَّ من تا ووا التاءُ والواو من قِبَل أَنَّ الأَلف فيهما إِنما هي لإِشباع فتحة [ ص 165 ] التاءِ والواو فهي مدّ زائد لإِشباع الحركة التي قبلها فهي إِذاً كالأَلف والياءِ والواو في الجَرعا والأَيَّامِي والخِيامُو ونَتَأَ مِنْ بَلَدٍ الى بَلَدٍ ارتفع ونَتَأَ الشيءُ خَرَج من مَوْضِعه من غير أَن يَبِينَ وهو النُّتُوءُ ونَتَأَتِ القُرْحةُ وَرِمَتْ ونَتَأْتُ على القوم اطَّلَعْتُ عليهم مثل نَبَأْت ونَتَأَتِ الجارِيةُ بَلَغَتْ وارْتَفَعَتْ ونَتَأَ على القوم نَتْأً ارْتَفَعَ وكلُّ ما ارْتَفَع فهو ناتِئٌ وانْتَتَأَ إِذا ارْتَفَعَ ( 1 )
( 1 قوله « وانتتأ إِذا ارتفع إلخ » كذا في النسخ والتهذيب وعبارة التكملة انتتأ أي ارتفع وانتتأ أَيضاً انبرى وبكليهما فسر قول أبي حازم العكلي فلما إلخ ) وأَنشد أَبو حازم
فَلَمَّا انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئِهِمْ ... نَزَأْتُ عليه الْوَأَى أَهْذَؤُهْ
لِدِرِّيئِهمْ أَي لعَرِّيفِهم نَزَأْتُ عليه أَي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ الْوَأَى وهو السَّيْف أَهْذَؤُه أَقْطَعُه وفي المثل تَحْقِرُه ويَنْتَأُ أَي يَرْتَفِعُ يقال هذا للذي ليس له شاهِدُ مَنْظَر وله باطِنُ مَخْبَر أَي تَزْدَرِيهِ لسُكُونه وهو يُجاذِبُكَ وقيل معناه تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُمُ وقيل تَحْقِرُه ويَنْتُو بغير همز وسنذكره في موضعه

نجأ
نَجَأَ الشيءَ نَجْأَةً وانْتَجَأَه أَصابَه بالعين الأَخيرة عن اللحياني وتَنَجَّأَه أَي تَعَيَّنَه ورجل نَجِئُ العَيْنِ على فَعِلٍ ونَجيءُ العين على فَعِيلٍ ونَجُؤُ العينِ على فَعُلٍ ونَجُوءُ العينِ على فَعُولٍ شديد الإِصابة بها خَبِيثُ العين ورُدَّ عنك نَجْأَةَ هذا الشيءِ أَي شَهْوتَك إِيّاه وذلك إِذا رأَيت شيئاً فاشْتَهَيْتَه التهذيب يقال ادْفَعْ عنك نَجْأَةَ السَّائلِ أَي أَعْطِه شيئاً مما تأْكل لِتَدْفَعَ به عنك شدَّةَ نَظَرِه وأَنشد أَلا بِكَ النَّجْأَةُ يا ردَّادُ الكسائي نَجَأْتُ الدابةَ وغيرَها أَصَبْتُها بعيني والاسم النَّجْأَةُ قال وأَما قوله في الحديث رُدُّوا نَجْأَةَ السَّائل باللُّقْمة فقد تكون الشَّهوةَ وقد تكون الإِصابةَ بالعين والنَّجْأَةُ شِدَّةُ النظرِ أَي إِذا سَأَلَكُم عن طَعام بين أَيْدِيكم فأَعْطُوه لئلا يُصِيبكم بالعين ورُدُّوا شِدَّة نَظَرِه إِلى طعامكم بلُقْمةٍ تَدْفَعُونها إِليه قال ابن الأَثير المعنى أَعْطِه اللُّقمة لتدفع بها شدة النظر إِليك قال وله معنيان أَحدهما أَن تَقْضِيَ شَهْوَتَه وتَرُدَّ عَيْنَه من نَظَره إِلى طَعامِك رِفْقاً به ورَحْمةً والثاني أَن تَحْذَرَ إِصابَتَه نِعْمَتَك بعينه لِفَرْطِ تَحْدِيقهِ وحِرْصِه

ندأ
نَدَأَ اللحمَ يَنْدَؤُه نَدْءاً أَلقاهُ في النار أَو دَفَنَه فيها وفي التهذيب نَدَأْتُه إِذا مَلَلْتَه في المَلَّةِ والجَمْر قال والنَّديءُ الاسم وهو مثل الطَّبِيخِ ولَحْمٌ نَدِيءٌ ونَدَأً المَلَّة يَنْدَؤُها عَمِلَها ونَدَأَ القُرْصَ في النار نَدْءاً دَفَنَه في المَلَّة ليَنْضَجَ وكذلك نَدَأَ اللحمَ في المَلَّة دَفَنه حتى يَنْضَج ونَدَأَ الشيءَ كَرِهَه والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ الكَثْرةُ من المال مثل النَّدْهةِ والنُّدْهةِ والنُّدْأَةُ والنَّدْأَةُ دارةُ القمر والشمس [ ص 166 ] وقيل هما قَوْسُ قُزَحَ والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ الأَخيرة عن كُراع الحُمْرةُ تكون في الغَيْم إِلى غُروب الشمسِ أو طُلُوعها وقال مرة النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ الحمرة التي تكون إِلى جَنْبِ الشمس عند طُلوعها وغُروبها وفي التهذيب إِلى جانِب مَغْرِب الشمسِ أَو مَطْلَعِها والنُّدْأَةُ طَريقةٌ في اللَّحم مُخالِفَةٌ لِلَوْنِه وفي التهذيب النُّدْأَةُ في لحم الجَزُور طَرِيقةٌ مُخالِفةٌ للون اللحم والنُّدْأَتان طَرِيقَتا لحم في بواطن الفخذين عليهما بياض رقيق من عَقَبٍ كأَنه نَسْجُ العنْكبوت تَفْصِل بينهما مَضِيغة واحدة فتصير كأَنها مَضِيغتان والنُّدَأُ القِطَعُ المُتَفَرِّقة من النبت كالنُّفَإِ واحدتها نُدْأَةٌ وَنُدَأَةٌ ابن الأَعرابي النُّدْأَةٌ الدُّرْجَة التي يُحْشَى بها خَوْرانُ الناقةِ ثم تُخَلَّلُ إِذا عُطِفَتْ على وَلَدِ غَيرها أَو على بَوٍّ أُعِدَّ لها وكذلك قال أَبو عبيدة ويقال نَدَأْتُه أَنْدَؤُهُ نَدْءاً إِذا ذَعَرْتَه

نزأ
نَزَأَ بينهم يَنْزَأُ نَزْءاً ونُزُوءاً حَرَّش وأَفْسَد بينهم وكذلك نَزَغَ بينهم ونزأَ الشيطانُ بينهم أَلْقَى الشَّرَّ والإِغْراءَ والنَّزِيءُ مثال فَعِيل فاعِلُ ذلك ونَزَأَه على صاحبه حَمَلَه عليه ونَزَأَ عليه نَزْءاً حَمَل يقال ما نَزَأَك على هذا ؟ أَي ما حَمَلَك عليه ونَزَأْتُ عليه حَمَلْتُ عليه ورَجُلٌ مَنْزُوءٌ بكذا أَي مُولَعٌ به ونَزَأَه عن قوله نَزْءاً ردَّه وإِذا كان الرجلُ عل طَرِيقةٍ حَسَنةٍ أَو سَيِّئةٍ فَتَحَوَّلَ عنها إِلى غيرها قلت مُخاطِباً لنفسِك إِنك لا تَدْري عَلامَ يَنْزَأُ هَرَمُك ولا تدري بِمَ يُولَعُ هرمك أَي نَفْسُك وعَقْلُك معناه أَنك لا تدري إِلامَ يَؤُولُ حالُكَ

نسأ
نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه وبَدَأَ حَمْلُها فهي نَسْءٌ ونَسِيءٌ والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ وقد يقال نِساءٌ نَسْءٌ على الصفة بالمصدر يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل قد نُسِئَتْ ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه أَخَّره فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً والاسم النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ ونَسَأَ اللّهُ في أَجَلِه وأَنْسَأَ أَجَلَه أَخَّره وحكى ابن دريد مَدَّ له في الأَجَلِ أَنْسَأَه فيه قال ابن سيده ولا أَدري كيف هذا والاسم النَّسَاءُ وأَنسَأَه اللّهُ أَجَلَه ونَسَأَه في أَجَلِه بمعنى وفي الصحاح ونَسَأَ في أَجَلِه بمعنى وفي الحديث عن أَنس بن مالك مَن أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ له في رِزْقِه ويُنْسَأَ في أَجَلِه فَلْيَصِلْ رَحِمَه النَّسْءُ التأخيرُ يكون في العُمُرِ والدَّيْنِ وقوله يُنْسَأُ أَي يُؤَخَّر ومنه الحديث صِلةُ الرَّحِم مَثْراةٌ في المالِ مَنْسَأَةٌ في الأَثَر هي مَفْعَلَةٌ منه أَي مَظِنَّةٌ له وموضع وفي حديث ابن عوف وكان قد أُنْسِئَ له في العُمُرِ وفي الحديث لا تَسْتَنْسِئُوا الشيطانَ أَي إِذا أَردتُمْ عَمَلاً صالحاً فلا تُؤَخِّرُوه إِلى غَدٍ ولا تَسْتَمْهِلُوا الشيطانَ يريد أَن ذلك مُهْلةٌ مُسَوَّلةٌ من الشيطان والنُّسْأَة بالضم مثل الكُلأَةِ التأْخيرُ وقال فَقِيهُ العرب مَنْ سَرَّه النَّساءُ ولا نَساء فليُخَفِّفِ الرِّداءَ ولْيُباكِر الغَداءَ وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّساءِ وفي نسخة وليُؤَخِّرْ غشيان النساءِ أَي [ ص 167 ] تَأَخُّرُ العُمُرِ والبَقَاء وقرأَ أَبو عمرو ما نَنْسَخْ مِن آيةٍ أَو نَنْسَأْها المعنى ما نَنْسَخْ لك مِن اللَّوْحِ المَحْفُوظ أَو نَنْسَأْها نُؤَخِّرْها ولا نُنْزِلْها وقال أَبو العباس التأْويل أَنه نَسخَها بغيرها وأَقَرَّ خَطَّها وهذا عندهم الأَكثر والأَجودُ ونَسَأَ الشيءَ نَسْأً باعه بتأْخيرٍ والاسم النَّسِيئةُ تقول نَسَأْتُه البيعَ وأَنْسَأْتُه وبِعْتُه بِنُسْأَةٍ وبعته بِكُلأَةٍ وبعته بِنَسِيئةٍ أَي بأَخَرةٍ والنَّسِيءُ شهر كانت العرب تُؤَخِّره في الجاهلية فنَهى اللّه عز وجل عنه وقوله عز وجل إِنما النَسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر قال الفرّاءُ النَّسِيءُ المصدر ويكون المَنْسُوءَ مثل قَتِيلٍ ومَقْتولٍ والنَّسِيءُ فَعِيلٌ بمعنى مفعول من قولك نَسَأتُ الشيءَ فهو مَنْسُوءٌ إِذا أَخَّرْته ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلى نَسيءٍ كما يُحَوَّل مَقْتول إِلى قَتيل ورجل ناسِئٌ وقوم نَسَأَةٌ مثل فاسِقٍ وفَسَقةٍ وذلك أَن العرب كانوا إِذا صدروا عن مِنى يقوم رجل منهم من كنانة فيقول أَنا الذي لا أُعابُ ولا أُجابُ ولا يُرَدُّ لي قضاءٌ فيقولون صَدَقْتَ أَنْسِئْنا شهراً أَي أَخِّرْ عنَّا حُرْمة المُحرَّم واجعلها في صَفَر وأَحِلَّ المُحرَّمَ لأَنهم كانوا يَكرهون أَن يَتوالى عليهم ثلاثة أَشهر حُرُمٍ لا يُغِيرُون فيها لأَنَّ مَعاشَهم كان من الغارة فيُحِلُّ لهم المحرَّم فذلك الإِنساءُ قال أَبو منصور النَّسِيءُ في قوله عز وجل إِنما النَّسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر بمعنى الإِنْسَاءِ اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من أَنْسَأْتُ وقد قال بعضهم نَسَأْتُ في هذا الموضع بمعنى أَنْسَأْتُ وقال عُمير بن قَيْسِ بنِ جِذْلِ الطِّعان
أَلَسْنا النَّاسِئِينَ على مَعَدٍّ ... شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُها حَراما
وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما كانت النُّسْأَةُ في كِنْدَةَ النُسْأَةُ بالضم وسكون السين النَّسِيءُ الذي ذكره اللّه في كتابه من تأْخير الشهور بعضها إِلى بعض وانْتَسَأْتُ عنه تأَخَّرْتُ وتباعَدْتُ وكذلك الإِبل إِذا تَباعَدَتْ في المرعى ويقال إِنّ لي عنك لمُنْتَسَأً أَي مُنْتَأًى وسَعَةً وأَنْسَأَه الدَّينَ والبَيْع أَخَّرَه به أَي جعله مُؤَخَّراً كأَنه جعله له بأَخَرةٍ واسم ذلك الدَّيْن النَّسيئةُ وفي الحديث إِنما الرِّبا في النَّسِيئةِ هي البَيْعُ إِلى أَجل معلوم يريد أَنَّ بيع الرِّبَوِيّات بالتأْخِير من غير تَقابُض هو الرِّبا وإِن كان بغير زيادة قال ابن الأَثير وهذا مذهب ابن عباس كان يرى بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ مُتفاضِلة مع التَّقابُض جائزاً وأَن الرِّبا مخصوص بالنَّسِيئة
واسْتَنْسأَه سأَله أَن يُنْسِئَه دَيْنَه وأَنشد ثعلب
قد اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعةُ لِلْحَيا ... وعندَ الحَيا عارٌ عَلَيْكَ عَظيمُ
وإنَّ قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعةً ... من المُخِّ في أَنْقاءِ كلِّ حَلِيم
قال هذا رجل كان له على رجل بعير طَلَب منه حَقَّه قال فأَنظِرني حتى أُخْصِبَ فقال إِن أَعطيتني اليوم جملاً مهزولاً كان خيراً لك من أَن تُعْطِيَه إِذا أَخْصَبَتْ إِبلُكَ وتقول اسْتَنْسَأْتُه [ ص 168 ] الدَّينَ فأَنْسَأَني ونَسَأْت عنه دَيْنَه أَخَّرْته نَساءً بالمد قال وكذلك النَّسَاءُ في العُمُر ممدود وإِذا أَخَّرْت الرجل بدَيْنه قلت أَنْسَأْتُه فإِذا زِدتَ في الأَجل زِيادةً يَقَعُ عليها تأْخيرٌ قلت قد نَسَأْت في أَيامك ونَسَأْت في أَجَلك وكذلك تقول للرجل نَسَأَ اللّه في أَجَلك لأَنّ الأَجَلَ مَزِيدٌ فيه ولذلك قيل للَّبنِ النَّسيءُ لزيادة الماء فيه وكذلك قيل نُسِئَتِ المرأَةُ إِذا حَبِلَتْ جُعلت زِيادةُ الولد فيها كزيادة الماء في اللبن ويقال للناقة نَسَأْتُها أَي زَجَرْتها ليزداد سَيْرُها وما لَه نَسَأَه اللّه أَي أَخْزاه ويقال أَخَّره اللّه وإِذا أَخَّره فقد أَخْزاه ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً على ما لم يُسمَّ فاعِلُه إِذا كانت عند أَوَّل حَبَلِها وذلك حين يتأَخَّرُ حَيْضُها عن وقته فيُرْجَى أَنها حُبْلَى وهي امرأَة نَسِيءٌ وقال الأَصمعي يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تحمل قد نُسِئَتْ وفي الحديث كانت زينبُ بنتُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحتَ أَبي العاصِ بن الرَّبِيع فلما خرج رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم إِلى المدينة أَرسَلَها إِلى أَبيها وهي نَسُوءٌ أَي مَظْنونُ بها الحَمْل يقال امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذا تأَخَّر حَيْضُها ورُجِي حَبَلُها فهو من التأْخير وقيل بمعنى الزيادة من نَسَأْتُ اللَّبنَ إِذا جَعَلْت فيه الماءَ تُكَثِّره به والحَمْلُ زيادةٌ قال الزمخشري النَّسُوءُ على فَعُول والنَّسْءُ على فَعْلٍ وروي نُسُوءٌ بضم النون فالنَّسُوءُ كالحَلُوبِ والنُّسوءُ تَسْميةٌ بالمصدر وفي الحديث أَنه دخل على أُمِّ عامر بن رَبِيعةَ وهي نَسُوءٌ وفي رواية نَسْءٌ فقال لها ابْشِري بعبدِاللّه خَلَفاً مِن عبدِاللّه فولَدت غلاماً فسمَّتْه عبداللّه وأَنْسَأَ عنه تأَخَّر وتباعَدَ قال مالك بن زُغْبةَ الباهِليّ
إِذا أَنْسَؤُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ ... عَوائِرُ نَبْلٍ كالجَرادِ تُطِيرُها
وفي رواية إِذا انْتَسَؤُوا فَوْت الرِّماح وناساهُ إِذا أَبعده جاؤُوا به غير مهموز وأَصله الهمز وعَوائرُ نَبْلٍ أَي جماعةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقة لا يُدْرَى من أَين أَتَتْ وانْتَسَأَ القومُ إِذا تباعَدُوا وفي حديث عُمَر رضي اللّه عنه ارْمُوا فإِنَّ الرَّمْيَ جَلادةٌ وإِذا رَمَيْتُم فانْتَسُوا عن البُيُوت أَي تأَخَّرُوا قال ابن الأَثير هكذا يروى بلا همز والصواب فانْتَسِئُوا بالهمز ويروى فَبَنِّسُوا أَي تأَخَّروا ويقال بَنَّسْتُ إِذا تأَخَّرْت وقولهم أَنْسَأْتُ سُرْبَتِي أَي أَبْعَدْتُ مَذْهَبي قال الشَّنْفَرى يصف خُرُوجَه وأَصحابه إِلى الغَزْو وأَنهم أبْعَدُوا المَذْهَب
غَدوْنَ مِن الوادي الذي بيْنَ مِشْعَلٍ ... وبَيْنَ الحَشا هيْهاتَ أَنْسَأَتُ سُربَتِي
ويروى أَنْشَأَتُ بالشين المعجمة فالسُّرْبةُ في روايته بالسين المهملة المذهب وفي روايته بالشين المعجمة الجماعة وهي رواية الأَصمعي والمفضل والمعنى عندهما أَظْهَرْتُ جَماعَتِي من مكان بعبدٍ لِمَغْزًى بَعيِد قال ابن بري أَورده الجوهري غَدَوْنَ من الوادي والصواب غَدَوْنا لأَنه يصف [ ص 169 ] أَنه خرج هو وأَصحابه إِلى الغزو وأَنهم أَبعدوا المذهب قال وكذلك أَنشده الجوهري أَيضاً غدونا في فصل سرب والسُّرْبة المذهب في هذا البيت ونَسَأَ الإِبلَ نَسْأً زاد في وِرْدِها وأَخَّرها عن وقته ونَسَأَها دَفَعها في السَّيْر وساقَها ونَسَأْتُ في ظُمْءِ الإِبل أَنْسَؤُها نَسَأً إِذا زِدْتَ في ظِمْئِها يوماً أَو يومين أَو أَكثر من ذلك ونَسَأْتها أَيضاً عن الحوض إِذا أَخَّرْتها عنه والمِنْسَأَةُ العَصا يهمز ولا يهمز يُنْسَأُ بها وأَبدلوا إِبدالاً كلياً فقالوا مِنْساة وأَصلها الهمز ولكنها بدل لازم حكاه سيبويه وقد قُرئَ بهما جميعاً قال الفرَّاءُ في قوله عز وجل تأْكل
مِنْسَأَتَهُ هي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي يقال لها المِنْسأَة أُخذت من نَسَأْتُ البعير أَي زَجَرْتُه لِيَزْداد سَيْرُه قال أَبو طالب عمُّ سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الهمز
أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ لا أَباكَ ضَرَبْتَه ... بِمِنْسَأَةٍ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
هكذا أَنشد الجوهري منصوباً قال والصواب قد جاءَ حَبْلٌ بأَحْبُل ويروى وأَحبلُ بالرفع ويروى قد جَرَّ حَبْلَكَ أَحْبُلُ بتقديم المفعول وبعده بأَبيات
هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرةَ إِنَّه ... سَيَحْكُم فيما بَيْنَنا ثمَّ يَعْدِلُ
كما كان يَقْضي في أُمُورٍ تَنُوبُنا ... فيَعْمِدُ للأَمْرِ الجَمِيل ويَفْصِلُ
وقال الشاعر في ترك الهمز
إِذا دَبَبْتَ على المِنْسَاةِ مِنْ هَرَمٍ ... فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ
ونَسَأَ الدابةَ والنّاقَةَ والإِبلَ يَنْسَؤُها نَسْأً زَجَرَها وساقَها قال
وعَنْسٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَسَأْتُها ... إِذا قِيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ هُما هُما
المَشْبُوبتان الشِّعْرَيانِ وكذلك نَسَّأَها تَنْسِئةً زجَرها وساقَها وأَنشد الأَعشى
وما أُمُّ خِشْفٍ بالعَلايَةِ شادِنٍ ... تُنَسِّئُ في بَرْدِ الظِّلالِ غَزالَها
وخبر ما في البيت الذي بعده
بِأَحْسَنَ منها يَوْمَ قامَ نَواعِمٌ ... فَأَنْكَرْنَ لَمَّا واجَهَتْهُنَّ حالَها
ونَسَأَتِ الدَّابَّةُ والماشِيةُ تَنْسَأُ نَسْأً سَمِنَتْ وقيل هو بَدْءُ سِمَنِها حين يَنْبُتُ وَبَرُها بعد تَساقُطِه يقال جَرَى النَّسْءُ في الدَّوابِّ يعني السِّمَنَ قال أَبو ذُؤَيْب يصف ظَبْيةً
به أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِما ... فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها
أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماء ومارَ جَرَى والنَّسْءُ بَدْءُ السِّمَنِ والاقْتِرَارُ نِهايةُ سِمَنها عن أَكل اليَبِيسِ وكلُّ سَمِينٍ ناسِئٌ والنَّسْءُ بالهمز والنَّسِيءُ اللبن الرقيق الكثير الماء وفي التهذيب المَمْذُوق بالماء ونَسَأْتُه نَسْأً ونَسَأْتُه له ونَسَأْتُه إِياه خَلَطْته [ ص 170 ] له بماء واسمه النَّسْءُ قال عُروةُ بن الوَرْدِ العَبْسِيّ
سَقَوْنِي النَّسْءَ ثم تَكَنَّفُوني ... عُداةَ اللّهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ
وقيل النَّسْءُ الشَّرابُ الذي يُزيلُ العقل وبه فسر ابن الأَعرابي النَّسْءَ ههنا قال إِنما سَقَوْه الخَمْر ويقوّي ذلك رواية سيبوبه سَقَوْني الخمر وقال ابن الأَعرابي مرة هو النِّسِيءُ بالكسر وأَنشد
يَقُولُون لا تَشْرَبْ نِسِيئاً فإِنَّه ... عَلَيْكَ إِذا ما ذُقْتَه لَوخِيمُ
وقال غيره النَّسِيءُ بالفتح وهو الصواب قال والذي قاله ابن الأَعرابي خطأٌ لأَن فِعِيلاً ليس في الكلام إِلا أَن يكون ثاني الكلمة أَحدَ حُروف الحَلْق وما أَطْرفَ قَوْلَه ولا يقال نَسِيءٌ بالفتح مع علمنا أَنّ كلَّ فِعِيل بالكسر فَفَعِيلٌ بالفتح هي اللغة الفصيحة فيه فهذا خَطأٌ من وجهين فصحَّ أَن النَّسِيءَ بالفتح هو الصحيح وكذلك رواية البيت لا تشرب نَسِيئاً بالفتح واللّه أَعلم

نشأ
أَنْشَأَه اللّه خَلَقَه ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشَاءً ونَشْأَةً ونَشَاءة حَيي وأَنْشَأَ اللّهُ الخَلْقَ أَي ابْتَدَأَ خَلْقَهم وفي التنزيل العزيز وأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى أَي البَعْثةَ وقرأَ أَبو عمرو النَّشاءةَ بالمدّ الفرّاءُ في قوله تعالى ثُمَّ اللّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرةَ القُرَّاءُ مجتمعون على جزم الشين وقَصْرِها إِلا الحسنَ البِصْرِيَّ فإِنه مدَّها في كلِّ القرآن فقال النَّشاءة مثل الرّأْفةِ والرّآفةِ والكَأْبةِ والكَآبةِ وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو النَّشاءة ممدود حيث وقعت وقرأَ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي النَّشْأَةَ بوزن النَّشْعةِ حيث وقعت ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشاءً رَبا وشَبَّ ونَشَأْتُ في بني فلان نَشْأً ونُشُوءاً شَبَبْتُ فيهم ونُشِّئَ وأُنْشئَ بمعنى وقُرئَ أَوَمنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ وقيل الناشِئُ فوَيْقَ المُحْتَلِمِ وقيل هو الحَدَثُ الذي جاوَزَ حَدَّ الصِّغَر وكذلك الأُنثى ناشِئٌ بغير هاءٍ أَيضاً والجمع منهما نَشَأٌ مثل طالِبٍ وطَلَبٍ وكذلك النَشْءُ مثل صاحِبٍ وصَحْبٍ قال نُصَيْب في المؤَنث
ولَوْلا أَنْ يُقَالَ صَبا نُصَيْبٌ ... لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ
وفي الحديث نَشَأٌ يَتَّخِذُونَ القرآنَ مَزامِيرَ يروى بفتح الشين جمع ناشِئٍ كخادِمٍ وخَدَمٍ يريد جماعةً أَحداثاً وقال أَبو موسى المحفوظُ بسكون الشين كأَنه تسمية بالمصدر وفي الحديث ضُمُّوا نَواشِئَكم في ثَوْرةِ العِشَاءِ أَي صِبْيانَكم وأَحْداثَكُم قال ابن الأَثير كذا رواه بعضهم والمحفوظ فَواشِيَكُم بالفاء وسيأْتي ذكره في المعتل الليث النَّشْءُ أَحْداثُ الناس يقال للواحد أَيضاً هو نَشْءُ سَوْءٍ وهؤلاء نَشْءُ سَوْءٍ والناشِئُ الشابُّ يقال فَتىً ناشِئٌ قال الليث ولم أَسمع هذا النعت في الجارية الفرّاءُ العرب تقول هؤلاء نَشْءُ صِدْقٍ ورأَيت نَشْءَ صِدقٍ ومررت بِنَشْءِ صدق فإِذا طَرَحُوا الهمز قالوا هؤلاء [ ص 171 ] نَشُو صِدْقٍ ورأيت نَشا صِدقٍ ومررت بِنَشِي صِدقٍ وأَجْود من ذلك حذف الواو والأَلف والياء لأَن قولهم يَسَلُ أَكثر من يَسأَلُ ومَسَلةٌ أَكثر من مَسْأَلة أَبو عمرو النَّشَأُ أَحْداثُ الناس غلامٌ ناشِئٌ وجارية ناشِئةٌ والجمع نَشَأٌ وقال شمر نَشَأَ ارْتَفَعَ ابن الأَعرابي الناشِئُ الغلام الحَسَنُ الشابُّ أَبو الهيثم الناشِئُ الشابُّ حين نَشَأَ أَي بَلَغَ قامةَ الرجل ويقال للشابِّ والشابَّة إِذا كانوا كذلك هم النَّشَأُ يا هذا والناشِئُونَ وأَنشد بيت نصيب لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ وقال بعده فالنَّشَأُ قد ارْتَفَعْنَ عن حَدِّ الصِّبا إِلى الإِدْراك أَو قَرُبْنَ منه نَشَأَتْ تَنَشَأُ نَشْأً وأَنْشَأَها اللّهُ إِنْشاءً قال وناشِئٌ ونَشَأٌ جماعة مثل خادِم وخَدَمٍ وقال ابن السكيت النَّشَأُ الجوارِي الصِّغارُ في بيت نُصَيْب وقوله تعالى أَوَمن يُنَشَّأُ في الحِلْيةِ قال الفرّاءُ قرأً أَصحاب عبداللّه يُنَشَّأُ وقرأَ عاصم وأَهل الحجاز يَنْشَأُ قال ومعناه أَنّ المشركين قالوا إِنَّ الملائكةَ بناتُ اللّه تعالى اللّهُ عَمّا افْتَرَوْا فقال اللّه عز وجل أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَناتِ وأَحَدُكم إِذا وُلِدَ له بنتٌ يَسْوَدُّ وجهُه قال وكأَنه قال أَوَمَن لا يُنَشَّأُ إِلا في الحِلْيةِ ولا بَيان له عند الخِصام يعني البنات تجعلونَهنَّ للّه وتَسْتَأْثِرُون بالبنين والنَّشْئُ بسكون الشين صِغار الإِبل عن كراع وأَنْشَأَتِ الناقةُ وهي مُنْشِىءٌ لَقِحَت هذلية ونَشَأَ السحابُ نَشْأً ونُشُوءاً ارتفع وبَدَا وذلك في أَوّل ما يَبْدأُ ولهذا السحاب نَشْءٌ حَسَنٌ يعني أَوَّل ظهوره الأَصمعي خرج السحابُ له نَشْءٌ حَسَنٌ وخَرج له خُروجٌ حسن وذلك أَوَّلَ ما يَنْشَأُ وأَنشد
إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَمَّتْ به الصَّبا ... فَعاقَبَ نَشْءٌ بَعْدَها وخُروجُ
وقيل النَّشْءُ أَن تَرى السَّحابَ كالمُلاء المَنْشُور والنَّشْءُ والنَّشِيءُ أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب ويَرْتَفِعُ وقد أَنْشَأَه اللّهُ وفي التنزيل العزيز ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ وفي الحديث إِذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثم تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقةٌ وفي الحديث كان إِذا رَأَى ناشِئاً في أُفُقِ السماءِ أَي سَحاباً لم يَتكامَلِ اجتماعُه واصطحابُه ومنه نَشَأَ الصبيُّ يَنْشَأُ فهو ناشِئٌ إِذا كَبِرَ وشَبَّ ولم يَتكامَلْ وأَنْشَاَ السَّحابُ يَمْطُرُ بَدَأَ وأَنْشَأَ داراً بَدَأَ بِناءَها وقال ابن جني في تأْدِيةِ الأَمْثالِ على ما وُضِعَت عليه يُؤَدَّى ذلك في كلِّ موضع على صورته التي أُنْشِئَ في مَبْدَئِه عليها فاسْتَعْمَلَ الإِنْشَاءَ في العَرَضِ الذي هو الكلام وأَنْشَأَ يَحْكِي حديثاً جَعَل وأَنْشَأَ يَفْعَلُ كذا ويقول كذا ابتَدَأَ وأَقْبَلَ وفلان يُنْشِئُ الأَحاديث أَي يضعُها قال الليث أَنْشَأَ فلان حديثاً أَي ابْتَدأَ حديثاً ورَفَعَه ومنْ أَيْنَ أَنْشَأْتَ أَي خَرَجْتَ عن ابن الأَعرابي وأَنْشَأَ فلانٌ أَقْبلَ وأَنشد قول الراجز مَكانَ مَنْ أَنْشَا على الرَّكائبِ أَراد أَنْشَأَ فلم يَسْتَقِمْ له الشِّعرُ فأَبدَل ابن [ ص 172 ] الأَعرابي أَنْشَأَ إِذا أَنشد شِعْراً أَو خَطَبَ خُطْبةً فأَحْسَنَ فيهما ابن السكيت عن أَبي عمرو تَنَشَّأْتُ إِلى حاجتي نَهَضْتُ إليها ومَشَيْتُ وأَنشد
فلَمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قامَ خِرْقٌ ... مِنَ الفِتْيانِ مُخْتَلَقٌ هضُومُ ( 1 )
( 1 قوله « تنشأ » سيأتي في مادة خ ل ق عن ابن بري تنشى وهضيم بدل ما ترى وضبط مختلق في التكملة بفتح اللام وكسرها )
قال وسمعت غير واحد من الأَعراب يقول تَنَشَّأَ فلان غادياً إِذا ذهَب لحاجته وقال الزجاج في قوله تعالى وهو الذي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وغيرَ مَعْرُوشاتٍ أَي ابْتَدَعَها وابْتَدَأَ خَلْقَها وكلُّ مَنِ ابْتَدأَ شيئاً فهو أَنْشَأَه والجَنَّاتُ البَساتينُ مَعْرُوشاتٍ
الكُروم وغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ النَّخْلُ والزَّرْعُ ونَشَأَ الليلُ ارتَفَع وفي التنزيل العزيز إِنَّ ناشِئةَ الليل هي أَشَدُّ وطْأً وأَقْوَمُ قِيلاً قيل هي أَوَّل ساعةٍ وقيل الناشِئةُ والنَّشيئةُ إِذا نِمْتَ من أَوَّلِ الليلِ نَوْمةً ثمَّ قمتَ ومنه ناشِئةُ الليل وقيل ما يَنْشَأُ في الليل من الطاعات والناشِئةُ أَوَّلُ النهارِ والليلِ أَبو عبيدة ناشِئةُ الليلِ ساعاتُه وهي آناءُ الليلِ ناشِئةٌ بعد ناشِئةٍ وقال الزجاج ناشِئةُ الليلِ ساعاتُ الليلِ كلُّها ما نَشَأَ منه أَي ما حَدَثَ فهو ناشِئَةٌ قال أَبو منصور ناشِئةُ الليلِ قِيامُ الليلِ مصدر جاءَ على فاعِلةٍ وهو بمعنى النَّشْءِ مثلُ العافِية بمعنى العَفْوِ والعاقِبةِ بمعنى العَقْبِ والخاتِمةِ بمعنى الخَتْمِ وقيل ناشِئةُ الليل أَوَّلُه وقيل كلُّه ناشئةٌ متى قمتَ فقد نَشَأْتَ والنَّشِيئةُ الرَّطْبُ من الطَّرِيفةِ فإِذا يَبِسَ فهو طَرِيفةٌ والنَّشِيئةُ أَيضاً نَبْتُ النَّصِيِّ والصِّليِّانِ قال والقَوْلانِ مُقْتَرِبانِ والنَّشِيئةُ أَيضاً التَّفِرةُ إِذا غَلُظَتْ قَلِيلاً وارْتَفَعَتْ وهي رَطْبةٌ عن أَبي حنيفة وقال مرة النَّشِيئةُ والنَّشْأَةُ من كلِّ النباتِ ناهِضُه الذي لم يَغْلُظْ بعد وأَنشد لابن مَناذرَ في وصف حمير وحش
أَرناتٍ صُفْرِ المَناخِرِ والأَشْ ... داقِ يَخْضِدْنَ نَشْأَةَ اليَعْضِيدِ
ونَشِيئَةُ البِئْر تُرابُها المُخْرَجُ منها ونَشِيئةُ الحَوْضِ ما وراءَ النَّصائِب من التراب وقيل هو الحَجَر الذي يُجْعَلُ في أَسفل الحَوْضِ وقيل هي أَعْضادُ الحَوض والنَّصائبُ ما نُصِبَ حَوْلَه وقيل هو أَوَّل ما يُعْمَلُ من الحَوْضِ يقال هو بادِي النَّشِيئةِ إِذا جَفَّ عنه الماءُ وظَهَرت أَرْضُه قال ذو الرمة
هَرَقْناهُ في بادِي النَّشِيئةِ دائِرٍ ... قَديمٍ بِعَهْدِ الماءِ بُقْعٍ نَصائِبُهْ
يقول هَرَقْنا الماءَ في حوضٍ بادِي النَّشِيئةِ والنَّصائبُ حِجارة الحَوْضِ واحدتها نَصِيبةٌ وقوله بُقْعٍ نَصائبُه جَمْع بَقْعاء وجَمَعَها بذلك لِوُقُوع النَّظَرِ عليها وفي الحديث أَنه دَخَل على خَديجةَ خَطَبَها ودَخَل عليها مُسْتَنْشِئةٌ مِنْ مُوَلَّداتِ قُرَيْشٍ قال الأَزهري هي اسم تِلْكَ الكاهِنةِ وقال غيره المُسْتَنْشِئةُ الكاهِنةُ سُمّيت بذلك لأَنها كانت تَسْتَنْشِئُ الأَخْبَارَ أَي تَبْحَثُ عنها وتَطْلُبها من قولك رجل نَشْيانُ للخَبَرِ ومُسْتَنْشِئةٌ يهمز ولا يهمز والذِّئب [ ص 173 ] يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ بالهمز قال وإِنما هو من نَشِيتُ الرِّيح غير مهموز أَي شَمِمْتُها والاسْتِنْشاءُ يهمز ولا يهمز وقيل هو من الإِنْشاءِ الابْتِداءِ وفي خطبة المحكم ومما يهمز مما ليس أَصله الهمز من جهة الاشتقاق قولهم الذئب يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ وإِنما هو من النَّشْوةِ والكاهِنةُ تَسْتَحْدِثُ الأُمورَ وتُجَدِّدُ الأَخْبارَ ويقال من أَيْنَ نَشِيتَ هذا الخَبَرَ بالكسر من غير همز أَي من أَيْنَ عَلِمْتَه قال ابن الأَثير وقال الأَزهريّ مُسْتَنْشِئةُ اسم عَلَم لتِلك الكاهِنةِ التي دَخَلت عليها ولا يُنَوَّن للتعريف والتأْنيث وأَما قول صخر الغي
تَدَلَّى عليه مِنْ بَشامٍ وأَيْكةٍ ... نَشاةِ فُرُوعٍ مُرْثَعِنّ الذَّوائِبِ
يجوز أَن يكون نَشْأَةٌ فَعْلَةً مِنْ نَشَأَ ثم يُخفَّفُ على حدِّ ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم الكماةُ والمَراةُ ويجوز أَن يكون نَشاة فَعْلة فَتَكون نَشاة مِنْ أَنْشَأْتُ كطاعةٍ من أَطَعْتُ إِلا أَنّ الهمزة على هذا أُبدِلت ولم تخفف ويجوز أَن يكون من نَشا يَنْشُو بمعنى نَشَأَ يَنْشَأُ وقد حكاه قطرب فتكون فَعَلةً من هذا اللفظ ومِنْ زائدةٌ على مذهب الأَخفش أَي تَدَلَّى عليه بَشامٌ وأَيْكةٌ قال وقياس قول سيبويه أن يكون الفاعل مضمراً يدل عليه شاهد في اللفظ التعليل لابن جني ابن الأَعرابي النَّشِيءُ رِيح الخَمْر قال الزجاج في قوله تعالى وله الجَوارِ المُنْشآتُ وقُرئَ المُنْشِئاتُ قال ومعنى المُنْشَآتُ السُّفُنُ المَرْفُوعةُ الشُّرُعِ قال والمُنْشِئاتُ الرَّافِعاتُ الشُرُعِ وقال الفرّاءُ من قرأَ المُنْشِئاتُ فَهُنَّ اللاَّتِي يُقْبِلْنَ ويُدْبِرْنَ ويقال المُنْشِئاتُ المُبْتَدِئاتُ في الجَرْي قال والمُنْشَآتُ أُقْبِلَ بِهنَّ وأُدْبِرَ قال الشماخ
عَلَيْها الدُّجَى مُسْتَنْشَآتٍ كَأَنَّها ... هَوادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْها الجَزاجِزُ
يعني الزُّبَى المَرْفُوعات والمُنْشَآتُ في البَحْرِ كالأَعْلامِ قال هي السُّفُنُ التي رُفِعَ قَلْعُها وإِذا لم يُرفع قَلْعُها فليست بِمُنْشآتٍ واللّه أَعلم

نصأ
نَصَأَ الدابةَ والبَعِيرَ يَنْصَؤُها نَصْأً إِذا زَجَرَها ونَصَأَ الشيءَ نَصْأً بالهمز رَفَعَه لغة في نَصَيْتُ قال طرفة
أَمُونٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَصَأْتُها ... على لاحِبٍ كأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ

نفأ
النُّفَأُ القِطَعُ من النّباتِ المُتَفَرِّقةُ هُنا وهنا وقيل هي رِياضٌ مُجْتَمِعةٌ تَنْقَطِع من مُعْظَم الكَلإِ وتُرْبِي عليه قال الأَسود بن يَعْفُرَ
جادَتْ سَواريه وآزَرَ نَبْتَه ... نُفَأٌ من الصَّفْراءِ والزُّبَّاد
فهما نَبْتانِ من العُشْب واحدته نُفْأَةٌ مثل صُبْرةٍ وصُبَرٍ ونُفَأَةٌ بالتحريك على فُعَلٍ وقوله وآزَرَ نَبْتَه يُقَوِّي أَنَّ نُفَأَةً ونُفَأً من باب عُشَرَةٍ وعُشَرٍ إِذ لو كان مكسراً لاحْتالَ حتى يَقولَ آزَرَتْ

نكأ
نَكَأَ القَرْحةَ يَنْكَؤُها نَكْأً قشرها قبل أَن تَبْرَأَ فَنَدِيَتْ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرَةَ
قَعِيدَكِ أَن لا تُسْمِعِينِي مَلامةً ... ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ فَيِيجَعا
[ ص 174 ] ومعنى قَعِيدَكِ من قولهم قِعْدَكَ اللّهَ إِلاَّ فَعَلْتَ يُريدُون نَشَدْتُك اللّه إِلا فَعَلْتَ ونَكَأْتُ العَدُوَّ أَنْكَؤُهم لغة في نَكَيْتُهم التهذيب نَكَأْتُ في العَدُوِّ نِكايةً ابن السكيت في باب الحروف التي تهمز فيكون لها معنى ولا تهمز فيكون لها معنى آخر نَكَأْتُ القُرْحةَ أَنْكَؤُها إِذا قَرَفْتَها وقد نَكَيْتُ في العَدُوِّ أَنْكِي نِكايةً أَي هَزَمْتُه وغَلَبْتُه فنَكِيَ يَنْكَى نَكًى ابن شميل نَكَأْتُه حَقّه نَكْأً وزَكَأْتُه زَكْأً أَي قَضَيْتُه وازْدَكَأْتُ منه حَقِّي وانْتَكَأْتُه أَي أَخَذْتُه ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً يَقْضِي ما عليه وقولهم هُنِّئْتَ ولا تُنْكَأْ أَي هَنَّأَكَ اللّهُ بما نِلْتَ ولا أَصابَكَ بوَجَعٍ ويقال ولا تُنْكَهْ مثل أَراقَ وهَراقَ وفي التهذيب أَي أَصَبْتَ خَيْراً ولا أَصَابكَ الضُّرُّ يدعو له وقال أَبو الهيثم يقال في هذا المثل لا تَنْكَهْ ولا تُنْكَهْ جميعاً مَنْ قال لا تَنْكَهْ فالأَصل لا تَنْكَ بغير هاء فإِذا وقفت على الكاف اجتمع ساكنان فحرّك الكاف وزيدت الهاءُ يسكتون عليها قال وقولهم هُنِّئْتَ أَي ظَفِرت بمعنى الدعاءِ له وقولهم لا تُنْكَ أَي لا نُكِيتَ أَي لا جَعَلَك اللّهُ مَنْكِيّاً مُنْهَزِماً مَغْلوباً والنَّكَأَةُ لغة في النَّكَعَةِ وهو نبت شبه الطُّرْثُوثِ واللّه أَعلم

نمأ
النَّمْءُ والنَّمْوُ ( 1 )
( 1 قوله « النمء والنموُ إلخ » كذا في النسخ والمحكم وقال في القاموس النمأ والنمء كجبل وحبل وأورده المؤلف في المعتل كما هنا فلم يذكروا النمأ كجبل نعم هو في التكملة عن ابن الأعرابي )
القَمْلُ الصِّغارُ عن كراع

نهأ
النَّهِيءُ على مثال فَعيلٍ اللَّحْمُ الذي لم يَنْضَجْ نَهِئَ اللحمُ ونَهُؤَ نَهَأً مقصور يَنْهَأُ نَهْأً ونَهَأً ونَهَاءة ممدود على فَعَالةٍ ونُهُوءة ( 2 )
( 2 قوله « ونهوءة إلخ » كذا ضبط في نسخة من التهذيب بالضم وكذا به أيضاً في قوله بين النهوء وفي شرح القاموس كقبول ) على فُعُولةٍ ونُهُوءاً ونَهاوةً الأَخيرة شاذة فهو نَهِيءٌ على فَعِيل لم يَنْضَجْ وهو بَيِّنُ النُّهُوءِ ممدود مهموز وبَيِّن النُّيُوءِ مثل النُّيُوع وأَنْهَأَه هو إِنْهاءً فهو مُنْهَأٌ إِذا لم يُنْضِجْه وأَنْهَأَ الأَمرَ لم يُبْرِمْه وشَرِبَ فلان حتى نَهَأَ أَي امتلأَ وفي المثل ما أُبالي ما نَهِئَ مِنْ ضَبِّكَ ابن الأَعرابي الناهِئُ الشَّبْعانُ والرَّيّانُ واللّه أَعلم

نوأ
ناءَ بِحِمْلِه يَنُوءُ نَوْءاً وتَنْوَاءً نَهَضَ بجَهْد ومَشَقَّةٍ وقيل أُثْقِلَ فسقَطَ فهو من الأَضداد وكذلك نُؤْتُ به ويقال ناءَ بالحِمْل إِذا نَهَضَ به مُثْقَلاً وناءَ به الحِملُ إِذا أَثْقَلَه والمرأَة تَنُوءُ بها عَجِيزَتُها أَي تُثْقِلُها وهي تَنُوءُ بِعَجِيزَتِها أَي تَنْهَضُ بها مُثْقلةً وناءَ به الحِمْلُ وأَناءَه مثل أَناعَه أَثْقَلَه وأَمالَه كما يقال ذهَبَ به وأَذْهَبَه بمعنى وقوله تعالى ما إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أُولي القُوَّةٍ قال نُوْءُها بالعُصْبةِ أَنْ تُثْقِلَهم والمعنى إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أَي تُمِيلُهم مِن ثِقَلِها فإِذا أَدخلت الباءَ قلت تَنُوءُ بهم كما قال اللّه تعالى آتُوني أُفْرِغْ عَليْه قِطْراً والمعنى ائْتُوني بقِطْرٍ أُفْرِغْ عليه فإِذا حذفت الباءَ زدْتَ على الفعل في أَوله قال الفرّاءُ وقد قال رجل من أَهل العربية [ ص 175 ] ما إِنَّ العُصْبةَ لَتَنُوءُ بِمفاتِحِه فَحُوِّلَ الفِعْلُ إِلى المَفاتِحِ كما قال الراجز إِنَّ سِراجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ تَحْلى بهِ العَيْنُ إِذا ما تَجْهَرُهْ وهو الذي يَحْلى بالعين فإِن كان سُمِعَ آتوا بهذا فهو وَجْه وإِلاَّ فإِن الرجُلَ جَهِلَ المعنى قال الأَزهري وأَنشدني بعض العرب
حَتَّى إِذا ما التَأَمَتْ مَواصِلُهْ ... وناءَ في شِقِّ الشِّمالِ كاهِلُهْ
يعني الرَّامي لما أَخَذَ القَوْسَ ونَزَعَ مالَ عَلَيْها قال ونرى أَنَّ قول العرب ما ساءَكَ وناءَكَ من ذلك إِلاَّ أَنه أَلقَى الأَلفَ لأَنه مُتْبَعٌ لِساءَكَ كما قالت العرب أَكَلْتُ طَعاماً فهَنَأَني ومَرَأَني معناه إِذا أُفْرِدَ أَمْرَأَني فحذف منه الأَلِف لما أُتْبِعَ ما ليس فيه الأَلِف ومعناه ما ساءَكَ وأَناءَكَ وكذلك إِنِّي لآتِيهِ بالغَدايا والعَشايا والغَداةُ لا تُجمع على غَدايا وقال الفرَّاءُ
لَتُنِيءُ بالعُصْبةِ تُثْقِلُها وقال
إِنِّي وَجَدِّك لا أَقْضِي الغَرِيمَ وإِنْ ... حانَ القَضاءُ وما رَقَّتْ له كَبِدِي
إِلاَّ عَصا أَرْزَنٍ طارَتْ بُرايَتُها ... تَنُوءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُدِ
أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكَفَّ والعَضُدَ وقالوا له عندي ما سَاءَه وَناءَه أَي أَثْقَلَه وما يَسُوءُه ويَنُوءُه قال بعضهم أَراد ساءَه وناءَه وإِنما قال ناءَه وهو لا يَتَعدَّى لأَجل ساءَه فهم إِذا أَفردوا قالوا أَناءَه لأَنهم إِنما قالوا ناءَه وهو لا يتعدَّى لمكان سَاءَه ليَزْدَوِجَ الكلام والنَّوْءُ النجم إِذا مال للمَغِيب والجمع أَنْواءٌ ونُوآنٌ حكاه ابن جني مثل عَبْد وعُبْدانٍ وبَطْنٍ وبُطْنانٍ قال حسان بن ثابت رضي اللّه عنه
ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّا بِها ... إِذا قَحَطَ الغَيْثُ نُوآنُها
وقد ناءَ نَوْءاً واسْتَناءَ واسْتَنْأَى الأَخيرة على القَلْب قال
يَجُرُّ ويَسْتَنْئِي نَشاصاً كأَنَّه ... بِغَيْقةَ لَمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ جالِبُ
قال أَبو حنيفة اسْتَنْأَوُا الوَسْمِيَّ نَظَرُوا إِليه وأَصله من النَّوْءِ فقدَّم الهمزةَ وقول ابن أَحمر
الفاضِلُ العادِلُ الهادِي نَقِيبَتُه ... والمُسْتَناءُ إِذا ما يَقْحَطُ المَطَرُ
المُسْتَنَاءُ الذي يُطْلَبُ نَوْءُه قال أَبو منصور معناه الذي يُطْلَبُ رِفْدُه وقيل معنى النَّوْءِ سُقوطُ نجم من المَنازِل في المغرب مع الفجر وطُلوعُ رَقِيبه وهو نجم آخر يُقابِلُه من ساعته في المشرق في كل ليلة إِلى ثلاثة عشر يوماً وهكذا كلُّ نجم منها إِلى انقضاءِ السنة ما خلا الجَبْهةَ فإِن لها أَربعة عشر يوماً فتنقضِي جميعُها مع انقضاءِ السنة قال وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنَّه إِذا سقط الغارِبُ ناءَ الطالِعُ وذلك الطُّلوع هو النَّوْءُ وبعضُهم يجعل النَّوْءَ السقوط كأَنه من الأَضداد قال أَبو عبيد ولم يُسْمع في النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلا في هذا الموضع وكانت العرب تُضِيفُ الأَمْطار والرِّياح والحرَّ والبرد إِلى الساقط منها وقال [ ص 176 ] الأَصمعي إِلى الطالع منها في سلطانه فتقول مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وقال أَبو حنيفة نَوْءُ النجم هو أَوَّل سقوط يُدْرِكُه بالغَداة إِذا هَمَّت الكواكِبُ بالمُصُوحِ وذلك في بياض الفجر المُسْتَطِير التهذيب ناءَ النجمُ يَنْوءُ نَوْءاً إِذا سقَطَ وفي الحديث ثلاثٌ من أَمْرِ الجاهِليَّةِ الطَّعْنُ في الأَنْسَابِ والنِّياحةُ والأَنْواءُ قال أَبو عبيد الأَنواءُ ثمانية وعشرون نجماً معروفة المَطالِع في أزْمِنةِ السنة كلها من الصيف والشتاء والربيع والخريف يسقط منها في كل ثلاثَ عَشْرة ليلة نجمٌ في المغرب مع طلوع الفجر ويَطْلُع آخَرُ يقابله في المشرق من ساعته وكلاهما معلوم مسمى وانقضاءُ هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاءِ السنة ثم يرجع الأَمر إِلى النجم الأَوّل مع استئناف السنة المقبلة وكانت العرب في الجاهلية إِذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا لا بد من أَن يكون عند ذلك مطر أَو رياح فيَنْسُبون كلَّ غيث يكون عند ذلك إِلى ذلك النجم فيقولون مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ والأَنْوَاءُ واحدها نَوْءٌ قال وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنه إِذا سَقَط الساقِط منها بالمغرب ناءَ الطالع بالمشرق يَنُوءُ نَوْءاً أَي نَهَضَ وطَلَعَ وذلك النُّهُوض هو النَّوْءُ فسمي النجم به وذلك كل ناهض بِثِقَلٍ وإِبْطَاءٍ فإنه يَنُوءُ عند نُهوضِه وقد يكون النَّوْءُ السقوط قال ولم أسمع أَنَّ النَّوْءَ السقوط إِلا في هذا الموضع قال ذو الرمة
تَنُوءُ بِأُخْراها فَلأْياً قِيامُها ... وتَمْشِي الهُوَيْنَى عن قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ
معناه أَنَّ أُخْراها وهي عَجيزَتُها تُنِيئُها إِلى الأَرضِ لِضخَمِها وكَثْرة لحمها في أَرْدافِها قال وهذا تحويل للفعل أَيضاً وقيل أَراد بالنَّوْءِ الغروبَ وهو من الأَضْداد قال شمر هذه الثمانية وعشرون التي أَراد أَبو عبيد هي منازل القمر وهي معروفة عند العرب وغيرهم من الفُرْس والروم والهند لم يختلفوا في أَنها ثمانية وعشرون ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها ومنه قوله تعالى والقَمَرَ قَدَّرْناه مَنازِلَ قال شمر وقد رأَيتها بالهندية والرومية والفارسية مترجمة قال وهي بالعربية فيما أَخبرني به ابن الأَعرابي الشَّرَطانِ والبَطِينُ والنَّجْمُ والدَّبَرانُ والهَقْعَةُ والهَنْعَةُ والذِّراع والنَّثْرَةُ والطَّرْفُ والجَبْهةُ والخَراتانِ والصَّرْفَةُ والعَوَّاءُ والسِّماكُ والغَفْرُ والزُّبانَى والإِكْليلُ والقَلْبُ والشَّوْلةُ والنَّعائمُ والبَلْدَةُ وسَعْدُ الذَّابِحِ وسَعْدُ بُلَعَ وسَعْدُ السُّعُود وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ والحُوتُ قال ولا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بها كُلِّها إِنما تذكر بالأَنْواءِ بَعْضَها وهي معروفة في أَشعارهم وكلامهم وكان ابن الأَعرابي يقول لا يكون نَوْءٌ حتى يكون معه مَطَر وإِلا فلا نَوْءَ قال أَبو منصور أَول المطر الوَسْمِيُّ وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ المُؤَخَّرتانِ قال أَبو منصور هما الفَرْغُ المُؤَخَّر ثم الشَّرَطُ ثم الثُّرَيَّا ثم الشَّتَوِيُّ وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ ثمَّ الذِّراعانِ ونَثْرَتُهما ثمَّ الجَبْهةُ وهي آخِر الشَّتَوِيِّ وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ والصَّيْفِي ثم الصَّيْفِيُّ وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَوَّل الأَعْزَلُ والآخرُ الرَّقيبُ وما بين السِّماكَيْنِ صَيف وهو نحو من أَربعين يوماً ثمَّ الحَمِيمُ وهو نحو من عشرين ليلة عند طُلُوعِ [ ص 177 ] الدَّبَرانِ وهو بين الصيفِ والخَرِيفِ وليس له نَوْءٌ ثمَّ الخَرِيفِيُّ وأَنْواؤُه النَّسْرانِ ثمَّ الأَخْضَرُ ثم عَرْقُوتا الدَّلْوِ الأُولَيانِ قال أَبو منصور وهما الفَرْغُ المُقَدَّمُ قال وكلُّ مطَر من الوَسْمِيِّ إِلى الدَّفَئِيِّ ربيعٌ وقال الزجاج في بعض أَمالِيهِ وذَكر قَوْلَ النبي صلى اللّه عليه وسلم مَنْ قال سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْم وكَفَر باللّهِ ومن قال سَقانا اللّهُ فقد آمَنَ باللهِ وكَفَر بالنَّجْمِ قال ومعنى مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا أَي مُطِرْنا بطُلوع نجم وسُقُوط آخَر قال والنَّوْءُ على الحقيقة سُقُوط نجم في المَغْرِب وطُلوعُ آخَرَ في المشرق فالساقِطةُ في المغرب هي الأَنْواءُ والطالِعةُ في المشرق هي البَوارِحُ قال وقال بعضهم النَّوْءُ ارْتِفاعُ نَجْمٍ من المشرق وسقوط نظيره في المغرب وهو نظير القول الأَوَّل فإِذا قال القائل مُطِرْنا بِنَوْءِ الثرَيَّا فإِنما تأْويله أَنَّه ارتفع النجم من المشرق وسقط نظيره في المغرب أَي مُطِرْنا بما ناءَ به هذا النَّجمُ قال وإِنما غَلَّظَ النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم فيها لأَنَّ العرب كانت تزعم أَن ذلك المطر الذي جاءَ بسقوطِ نَجْمٍ هو فعل النجم وكانت تَنْسُبُ المطر إِليه ولا يجعلونه سُقْيا من اللّه وإِن وافَقَ سقُوطَ ذلك النجم المطرُ يجعلون النجمَ هو الفاعل لأَن في الحديث دَلِيلَ هذا وهو قوله مَن قال سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْم وكَفَرَ باللّهِ قال أَبو إِسحق وأَما من قال مُطِرْنا بُنَوْءِ كذا وكذا ولم يُرِدْ ذلك المعنى ومرادُه أَنَّا مُطِرْنا في هذا الوقت ولم يَقْصِدْ إِلى فِعْل النجم فذلك واللّه أَعلم جائز كما جاءَ عن عُمَر رضي اللّه عنه أَنَّه اسْتَسْقَى بالمُصَلَّى ثم نادَى العباسَ كم بَقِيَ مِن نَوْءِ الثُرَيَّا ؟ فقال إِنَّ العُلماءَ بها يزعمون أَنها تَعْتَرِضُ في الأُفُقِ سَبْعاً بعد وقُوعِها فواللّهِ ما مَضَتْ تلك السَّبْعُ حتى غِيثَ الناسُ فإِنما أَراد عمر رضي اللّه تعالى عنه كم بَقِيَ من الوقت الذي جرت به العادة أَنَّه إِذا تَمَّ أَتَى اللّهُ بالمطر قال ابن الأَثير أَمَّا مَنْ جَعلَ المَطَر مِنْ فِعْلِ اللّهِ تعالى وأَراد بقوله مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا أَي في وَقْت كذا وهو هذا النَّوْءُ الفلاني فإِن ذلك جائز أَي إِن اللّهَ تعالى قد أَجْرَى العادة أَن يأْتِيَ المَطَرُ في هذه الأَوقات قال ورَوى عَليٌّ رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنَّه قال في قوله تعالى وتَجْعَلُون رِزْقَكم أَنَّكم تُكَذِّبُونَ قال يقولون مُطِرْنا بنوءِ كذا وكذا قال أَبو منصور معناه وتَجْعَلُون شُكْرَ رِزْقِكم الذي رَزَقَكُمُوه اللّهُ التَّكْذِيبَ أَنَّه من عندِ الرَّزَّاقِ وتجعلون الرِّزْقَ من عندِ غيرِ اللّهِ وذلك كفر فأَمَّا مَنْ جَعَلَ الرِّزْقَ مِن عِندِ اللّهِ عز وجل وجَعَل النجمَ وقْتاً وقَّتَه للغَيْثِ ولم يَجعلْه المُغِيثَ الرَّزَّاقَ رَجَوْتُ أَن لا يكون مُكَذِّباً واللّه أَعلم قال وهو معنى ما قاله أَبو إِسحق وغيره من ذوي التمييز قال أَبو زيد هذه الأَنْواءُ في غَيْبوبة هذه النجوم قال أَبو منصور وأَصل النَّوْءِ المَيْلُ في شِقٍّ وقيل لِمَنْ نَهَضَ بِحِمْلِهِ ناءَ به لأَنَّه إِذا نَهَضَ به وهو ثَقِيلٌ أَناءَ الناهِضَ أَي أَماله وكذلك النَّجْمُ إِذا سَقَطَ مائلٌ نحوَ مَغِيبه الذي يَغِيبُ فيه وفي بعض نسخ الإِصلاح ما بِالبادِيَةِ أَنْوَأُ من فلان أَي أَعْلَمُ بأَنْواءِ النُّجوم منه ولا فعل له وهذا أَحد ما جاءَ من هذا الضرب من غير أَن يكون له فِعْلٌ وإِنما هو من باب أَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكِ البَعِيرَيْنِ [ ص 178 ] قال أَبو عبيد سئل ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما عن رجل جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِه بِيَدِها فقالت له أَنت طالق ثلاثاً فقال ابن عَبَّاس خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها أَلاّ طَلَّقَتْ نَفْسها ثلاثاً قال أَبو عبيد النَّوْءُ هو النَّجْم الذي يكون به المطر فَمن هَمَز الحرف أَرادَ الدُّعاءَ عليها أَي أَخْطَأَها المَطَرُ ومن قال خطَّ اللّهُ نَوْءَها جَعَلَه من الخَطِيطَةِ قال أَبو سعيد معنى النَّوْءِ النُّهوضُ لا نَوْءُ المطر والنَّوْءُ نُهُوضُ الرَّجل إِلى كلِّ شيءٍ يَطْلُبه أَراد خَطَّأَ اللّهُ مَنْهَضَها ونَوْءَها إِلى كلِّ ما تَنْوِيه كما تقول لا سَدَّدَ اللّهُ فلاناً لما يَطْلُب وهي امرأَة قال لها زَوْجُها طَلِّقي نَفْسَكِ فقالت له طَلَّقْتُكَ فلم يَرَ ذلك شيئاً ولو عَقَلَتْ لَقالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي وروى ابن الأَثير هذا الحديثَ عن عُثمانَ وقال فيه إِنَّ اللّهَ خَطَّأَ نَوْءَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نَفْسَها وقال في شرحه قيل هو دُعاءٌ عليها كما يقال لا سَقاه اللّه الغَيْثَ وأَراد بالنَّوْءِ الذي يَجِيءُ فيه المَطَر وقال الحربي هذا لا يُشْبِهُ الدُّعاءَ إِنما هو خبر والذي يُشْبِهُ أَن يكون دُعاءً حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ رضي اللّه عنهما خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها والمعنى فيهما لو طَلَّقَتْ نَفْسَها لوقع الطَّلاق فحيث طَلَّقَتْ زوجَها لم يَقَعِ الطَّلاقُ وكانت كمن يُخْطِئُه النَّوْءُ فلا يُمْطَر
وناوَأْتُ الرَّجُلَ مُناوَأَةً ونِوَاءً فاخَرْتُه وعادَيْتُه يقال إِذا ناوَأْتَ الرجلَ فاصْبِرْ وربما لم يُهمز وأَصله الهمز لأَنَّه من ناءَ إِلَيْكَ ونُؤْتَ إِليه أَي نَهَضَ إِليكَ وَنهَضْتَ إِليه قال الشاعر
إِذا أَنْتَ ناوَأْتَ الرِّجالَ فَلَمْ تَنُؤْ ... بِقَرْنَيْنِ غَرَّتْكَ القُرونُ الكَوامِلُ
ولا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطاحِ الذي به ... تَنُوءُ وقَرْنٌ كُلَّما نُؤْتَ مائِلُ
والنَّوْءُ والمُناوَأَةُ المُعاداةُ وفي الحديث في الخيل ورجُلٌ رَبَطَها فَخْراً ورِياءً ونِوَاءً لأَهل الإِسلام أَي مُعاداةً لهم وفي الحديث لا تَزالُ طائفةٌ من أُمّتي ظاهرينَ على مَن ناوَأَهم أَي ناهَضَهم وعاداهم

نيأ
ناءَ الرجلُ مثل ناعَ كَنَأَى مقلوب منه إِذا بعد أَو لغة فيه أَنشد يعقوب
أَقولُ وقد ناءَتْ بِهِمْ غُرْبةُ النَّوَى ... نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشِطُّ دِيارُكِ
واستشهد الجوهري في هذا الموضع بقول سهم بن حنظلة
مَنْ إِنْ رآكَ غَنِيَّأً لانَ جانِبُه ... وإِنْ رَآكَ فَقِيراً ناءَ فاغْتَربا
ورأَيت بخط الشيخ الصلاح المحدّث رحمه اللّه أَنَّ الذي أَنشده الأَصمعي ليس على هذه الصورة وإِنما هو
إِذا افْتَقَرْتَ نَأَى واشْتَدَّ جانِبُه ... وإِنْ رَآكَ غَنِياًّ لانَ واقْتَرَبا
وناءَ الشيءُ واللَّحْمُ يَنِيءُ نَيْئاً بوزن ناعَ يَنِيعُ نَيْعاً وأَنَأْتُه أَنا إِناءة إِذا لم تُنْضِجْه وكذلك نَهِئَ اللحمُ وهو لَحْمٌ بَيِّنُ النُّهُوءِ والنُّيُوءِ بوزن النُّيُوعِ وهو بَيِّنُ النُّيُوءِ والنُّيُوءة لم يَنْضَجْ ولحم نِيءٌ بالكسر مثل نِيعٍ لم تَمْسَسْه نار هذا هو الأَصل وقد يُترك الهمز ويُقلب ياءً فيقال نِيٌّ مشدَّداً قال أَبو [ ص 179 ] ذؤيب
عُقارٌ كَماءِ النِّيِّ لَيْسَتْ بخَمْطةٍ ... ولا خَلَّةٍ يَكْوِي الشَّرُوبَ شِهابُها
شِهابُها نارُها وحِدَّتُها وأَناءَ اللحمَ يُنيئُه إِناءة إِذا لم يُنْضِجْه وفي الحديث نَهَى عن أَكل اللَّحْم النِّيءِ هو الذي لم يُطْبَخْ أَو طُبِخَ أَدْنَى طَبْخ ولم يُنْضَجْ والعرب تقول لحمٌ نِيٌّ فيحذفون الهمز وأَصله الهمز والعرب تقول للبَن المَحْضِ نِيءٌ فإِذا حَمُضَ فهو نَضِيج وأَنشد الأَصمعي
إِذا ما شِئْتُ باكَرَني غُلامٌ ... بِزِقٍّ فيه نِيءٌ أَو نَضِيجُ
وقال أَراد بالنِّيءِ خَمْراً لم تَمَسَّها النارُ وبالنَّضِيجِ المَطْبُوخَ وقال شمر النِّيءُ من اللبن ساعةَ يُحْلَبُ قبل أَن يُجْعَلَ في السِّقاءِ قال شمر وناءَ اللحمُ يَنُوءُ نَوْءاً ونِيّاً لم يهمز نِيّاً فإِذا قالوا النَّيُّ بفتح النون فهو الشحم دون اللحم قال الهذلي
فظَلْتُ وظَلَّ أَصْحابي لَدَيْهِمْ ... غَريضُ اللَّحْم نِيٌّ أو نَضِيجُ

هأهأ
الهَأْهاءُ دُعاءُ الإِبل إِلى العَلَفِ وهو زَجْر الكلب وإِشْلاؤُه وهو الضَّحِكُ العالِي وهَأْهَأَ إِذا قَهْقَهَ وأَكثر المَدَّ وأَنشد
أَهَأْأَهَأْ عِند زادِ القَوْمِ ضِحْكُهُمُ ... وأَنْتُمُ كُشُفٌ عندَ اللِّقا خُورُ ؟ ( 1 )
( 1 قوله « أهأ أهأ إلخ » هذا البيت أورده ابن سيده في المعتل فقال أهأ أهأ عند زاد القوم ضحكتهم والوغى بدل اللقا )
الأَلف قبل الهاء للاستفهام مُسْتَنْكر
وهَأْهَأَ بالإِبِلِ هِئْهاءً وهَأْهاءً الأَخيرة نادرةٌ دعاها إِلى العَلَفِ فقال هِئْ هِئْ وجارية هَأْهأَةٌ مقصور ضَحَّاكةٌ وجَأْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها للشُّرْب والاسم الهِيءُ والجِيءُ وقد تقدّم ذلك الأَزهري هاهَيْتُ بالإِبل دَعَوْتُها وهَأْهَأْتُ للْعَلَف وجَأْجَأْتُ بالإِبل لتشرب والاسم منه الهِيءُ والجِيءُ وأَنشد لمعاذ بن هَرَّاءٍ
وما كانَ على الهِيءِ ... ولا الجِيءِ امْتِداحِيكا
رأَيت بخط الشيخ شرف الدين المُرْسِي بن أَبي الفَضْل أَنَّ بخط الأَزهري الهِيءِ والجِيءِ بالكسر قال وكذلك قيَّدهما في الموضعين من كتابه قال وكذلك في جامع اللحياني رجلٌ هَأْهَأٌ وهَأْهَاءٌ من الضَّحِكِ وأَنشد
يا رُبَّ بَيْضاءَ مِنَ العَواسِجِ ... هَأْهَأَةٍ ذاتِ جَبِينٍ سارج ( 2 )
( 2 قوله « سارج » في التهذيب أي حسن اشتقاقه من السراج وفي التكملة السارج الواضح )

هبأ
الهَبْءُ حَيٌّ

هتأ
هَتَأَه بالعَصا هَتْأً ضرَبَه وتَهَتَّأَ الثوبُ تَقَطَّعَ وبَلِيَ بالتاء باثنتين وكذلك تَهَمَّأَ بالميم وتَفَسَّأَ وكلٌّ مذكور في موضعه ومَضَى من الليل هَتْءٌ وهِتْءٌ وهِيتَأٌ وهِيتَاءٌ وهَزيعٌ أَي وقت أَبو الهيثم جاء بعد هَدْأَةٍ من الليل وهَتْأَةٍ اللحياني جاء بعد هَتِيءٍ على فَعِيلٍ [ ص 180 ] وهَتْءٍ على فَعْلٍ وهَتْيٍ بلا همز وهِتاءٍ وهِيتاءٍ ممدودان ابن السكيت ذهَب هِتْءٌ من الليل وما بقيَ إِلا هِتْءٌ وما بَقيَ من غنمهم إِلا هِتْءٌ وهو أَقلُّ من الذَّاهبة وفيها هَتَأٌ شديد غير ممدود وهُتُوءٌ يريدُ شَقٌّ وخَرْقٌ

هجأ
هَجِئَ الرَّجُل هَجَأً التَهبَ جُوعُه وهَجَأَ جُوعُه هَجْأً وهٌجُوءاً سكن وذهَب وهَجَأَ غَرَثِي يَهْجَأُ هَجْأً سَكَنَ وذهَب وانْقَطَع وهَجَأَه الطعامُ يَهْجَؤُهْ هَجْأً مَلأَه وهَجَأَ الطعامَ أَكله وأَهْجَأَ الطعامُ غَرَثِي سكَّنه وقَطَعَه إِهْجاءً قال
فأَخْزاهُمُ رَبِّي ودَلَّ عَلَيْهِمُ ... وأَطْعَمَهُم من مَطْعَمٍ غَيْرِ مُهْجِئِ
وهَجَأً الإِبلَ والغنمَ وأَهْجَأَها كَفَّها لِتَرْعى والهِجاءُ ممدود تَهْجِئَةُ الحرف وتَهَجَّأْت الحرف وتهجيته بهمز وتبديل أَبو العباس الهَجَأُ يُقصر ويهمز وهو كلُّ ما كنت فيه فانْقَطَع عنك ومنه قول بشار وقَصَره ولم يهمز والأَصل الهمز
وقَضَيْتُ مِنْ وَرَقِ الشَّبابِ هَجاً ... مِنْ كُلِّ أَحْوَزَ راجِحٍ قَصَبُهْ
وأَهْجَأْتُه حَقَّه وأَهْجَيْتُه حَقَّه إِذا أَدّيته إِليه

هدأ
هَدَأَ يَهْدَأُ هَدْءاً وهُدُوءاً سَكَن يكون في سكون الحركة
والصَّوْت وغيرهما قال ابن هَرْمةَ
لَيْتَ السِّباعَ لنَا كانت مُجاوِرةً ... وأَنَّنا لا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدا
إِنَّ السِّباعَ لَتَهْدا عن فَرائِسها ... والناسُ ليس بهادٍ شَرُّهم أَبَدا
أَراد لَتَهْدَأُ وبهادِئٍ فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً وذلك أَنَّه جعلها ياءً فأَلحق هادِياً برامٍ وسامٍ وهذا عند سيبوبه إِنما يؤخذ سماعاً لا قياساً ولو خففها تخفيفاً قياسياً لجعلها بين بين فكان ذلك يكسر البيت والكسر لا يجوز وإِنما يجوز الزِّحافُ والاسم الهَدْأَةُ عن اللحياني وأَهْدَأَه سَكَّنه وهَدَأَ عنه سَكَنَ أَبو الهيثم يقال نَظَرْتُ إِلى هَدْئِه بالهمز وهَدْيِه قال وإِنما أَسقطوا الهمزة فجعلوا مكانها الياء وأَصلها الهمز من هَدَأَ يَهْدَأُ إِذا سكن وأَتانا وقد هَدَأَتِ الرِّجْلُ أَي بعدَما سكَنَ الناسُ بالليل وأَتانا بعدَما هَدَأَتِ الرِّجْلُ والعَيْنُ أَي سَكَنَتْ وسَكَنَ الناسُ بالليل وهَدَأَ بالمكان أَقام فسَكَن ولا أَهْدَأَه اللّه لا أَسْكَنَ عَناءَهُ ونَصَبَه وأَتانا وقد هَدَأَتِ العيونُ وأَتانا هُدُوءاً إِذا جاءَ بعد نَوْمةٍ وأَتانا بعدَ هُدْءٍ من الليل وهَدْءٍ وهَدْأَةٍ وهَدِيءٍ فَعِيلٍ وهُدُوءٍ فُعولٍ أَي بعد هَزِيعٍ من الليل ويكون هذا الأَخير مصدراً وجمعاً أَي حين سكَن الناسُ وقد هَدَأَ الليلُ عن سيبويه وبعدما هَدَأَ الناسُ أَي ناموا وقيل الهَدْءُ من أَوَّله إِلى ثلثه وذلك ابْتِداءُ سكُونه وفي الحديث إِيَّاكُم والسَّمَرَ بعد هَدْأَةِ الرِّجْل الهَدْأَةُ والهُدُوءُ السكون عن الحركات أَي بعدما يَسْكُنُ الناسُ عن المَشْي والاختِلافِ في الطُّرُقِ وفي حديث سَوادِ بن قارِبٍ جاءَني بعد هَدْءٍ من الليل أَي بعد طائفةٍ ذهَبَتْ منه [ ص 181 ] والهَدْأَةُ موضع بين مكة والطائِف سُئل أَهلها لِمَ سُمِّيَتْ هَدْأَةً فقالوا لأَن المطر يُصِيبها بعد هَدْأَةٍ من الليل والنَّسَبُ إِليه هَدَوِيٌّ شاذٌّ من وجهين أَحدهما تحريك الدال والآخَر قلب الهمزة واواً وما له هِدْأَةُ ليلةٍ عن اللحياني ولم يفسره قال ابن سيده وعندي أَن معناه ما يقُوتُه فَيُسَكِّنُ جُوعَه أو سَهَرَه أَو هَمَّه وهَدَأَ الرَّجُلُ يَهْدَأُ هُدُوءاً مات وفي حديث أُم سليم قالت لأَبي طلحة عن ابنها هو أَهْدَأُ مما كان أَي أَسْكَنُ كَنَتْ بذلك عن الموت تَطْيِيباً لِقَلْبِ أَبيِه وهَدِئَ هَدَأً فهو أَهْدَأُ جَنِئَ وأَهْدَأَه الضَرْبُ أَو الكِبَرُ والهَدَأُ صِغَرُ السَّنامِ يعتري الإِبل من الحَمْلِ وهو دون الجَبَبِ والهَدْآءُ من الإِبل التي هَدِئَ سَنامُها من الحَمْل ولَطَأَ عليه وبَرُه ولم يُجْرَحْ والأَهْدَأُ من المَناكِب الذي دَرِمَ أَعْلاه واسْتَرْخَى حَبْلُه وقد أَهْدَأَه اللّه ومَرَرْتُ برجل هَدْئِك من رجل عن الزجاجي والمعروف هَدِّكَ من رجل وأَهْدَأْتُ الصبيَّ إِذا جعلت تَضْرِبُ عليه بكَفِّك وتُسَكِّنُه لِيَنامَ قال عديّ بن زيد
شَئِزٌ جَنْبِي كأَنِّي مُهْدَأ ... جَعَلَ القَيْنُ على الدَّفِّ الإِبَرْ
وأَهْدَأْتُه إِهْدَاءً الأَزهري أَهْدَأَتِ المرأَةُ صَبيَّها إِذا قارَبَتْه وسَكَّنَتْه لِيَنام فهو مُهْدَأ وابن الأَعرابي يروي هذا البيت مُهْدَأ وهو الصبي المُعَلَّلُ لِيَنامَ ورواه غيره مَهْدَأً أَي بعد هَدْءٍ من الليل ويقال تركت فلاناً على مُهَيْدِئَتِه أَي على حالَتِه التي كان عليها تصغير المَهْدَأَةِ ورجل أَهْدَأُ أَي أَحْدَبُ بَيِّنُ الهَدَإِ قال الراجز في صفة الرَّاعي أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ الأَزهري عن الليث وغيره الهَدَأُ مصدر الأَهْدَإِ رجل أَهْدَأُ وامرأَة هَدْآءُ وذلك أَن يكون مَنْكِبه منخفضاً مستوياً أَو يكون مائلاً نحو الصدر غير مُنْتَصِبٍ يقال مَنْكِبٌ أَهْدَأُ وقال الأَصمعي رجل أَهْدَأُ إِذا كان فيه انْحِناءٌ وهَدِئَ وجَنِئَ إِذا انحنى

هذأ
هَذَأَه بالسيف وغيره يَهْذَؤُه هَذْءاً قَطَعَه قَطْعاً أَوْحَى من الهَذِّ وسَيْفٌ هَذَّاءٌ قاطِعٌ وهَذَأَ العَدُوَّ هَذْءاً أَبارَهم وأَفناهم وهَذَأَ الكلامَ إِذا أَكثر منه في خَطَإِ وهَذَأَه بلسانه هَذْءاً آذاه وأَسْمَعَه ما يَكْرَه وتَهَذَّأَتِ القَرْحةُ تَهَذُّؤاً وتَذَيَّأَتْ تَذَيُّؤاً فَسَدَتْ وتَقَطَّعَت وهَذَأْتُ اللحم بالسِّكِّين هَذْءاً إِذا قَطَعْتَه به

هرأ
هَرَأَ في مَنْطِقِه يَهْرَأُ هَرْءاً أَكثر وقيل أَكثر في خَطَإٍ أَو قال الخَنا والقَبِيحَ والهُراءُ ممدود مهموز المَنْطِقُ الكَثِيرُ وقيل المَنْطِقُ الفاسِدُ الذي لا نِظامَ له وقَوْلُ ذي الرُّمَّة
لَها بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ ومَنْطِقٌ ... رَخِيمُ الحَواشِي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ
[ ص 182 ] يحتملهما جميعاً وأَهْرَأَ الكلامَ إِذا أَكثر ولم يُصِب المَعْنَى وإِنَّ مَنْطِقَه لغيرُ هُراءٍ ورَجُلٌ هُراءٌ كثير الكلام وأَنشد ابن الأَعرابي شَمَرْدَلٍ غَيْرِ هُراءٍ مَيْلَقِ وامْرأَةٌ هُراءة وقوم هُراؤُون وهَرَأَه البَرْدُ يَهْرَؤُه هَرْءاً وهَراءة وأَهْرَأَه اشْتَدَّ عليه حتى كاد يَقْتُلُه أَو قَتَلَه وأَهْرَأَنا القُرُّ أَي قَتَلَنا وأَهْرَأَ فلان فلاناً إِذا قَتَلَه وهَرِئَ المالُ وهَرِئَ القومُ بالفتح فَهُم مَهْرُوءُونَ قال ابن بري الذي حكاه أَبو عبيد عن الكسائي هُرِئَ القوم بضم الهاءِ فَهم مَهْرُوءُونَ إِذا قَتَلَهم البَرْدُ أَو الحَرُّ قال وهذا هو الصحيح لأَن قوله مَهْرُوءُونَ إِنما يكون جارياً على هُرِئَ قال ابن مقبل في المَهْرُوءِ من هَرَأَه البَرْدُ يَرْثِي عُثمانَ بن
عَفَّانَ رضي اللّه تعالى عنه
نَعاءٌ لِفَضْلِ العِلْمِ والحِلْمِ والتُّقَى ... ومَأْوَى اليَتامَى الغُبْرِ أَسْنَوْا فأَجدَبُوا
ومَلْجَإِ مَهْرُوئِينَ يُلْفَى به الحَيا ... إِذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هو الأُمُّ والأَبُ
قال ابن بري ذكره الجوهري ومَلْجَأُ مَهْرُوئين وصوابه ومَلْجَإِ بالكسر معطوف على ما قبله وكَحْلُ اسمٌ عَلَمٌ للسَّنةِ المُجْدِبة وعَنَى بالحَيا الغَيْثَ والخِصْبَ قال أَبو حنيفة المَهْرُوءُ الذي قد أَنْضَجَه البَرْدُ وهَرَأَ البَرْدُ الماشِيَةَ فَتَهرَّأَتْ كسَرَها فتَكَسَّرَت وقِرَّةٌ لها هَرِيئةٌ على فَعِيلة يُصِيبُ الناسَ والمالَ منها ضُرٌّ وسَقَطٌ أَي مَوْتٌ وقد هُرِئَ القومُ والمالُ والهريئة أَيضاً الوقت الذي يُصِيبهم فيه البَرْدُ والهَرِيئةُ الوقت الذي يَشْتَدُّ فيه البَرْدُ وأَهْرَأْنا في الرَّواحِ أَي أَبْرَدْنا وذلك بالعشيِّ وخصَّ بعضُهم به رَواحَ القَيْظ وأَنشد لإِهابِ بن عُمَيْرٍ يَصِفُ حُمُراً
حتَّى إِذا أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ ( 1 ) ... وفَارَقَتْها بُلَّةُ الأَوابِلِ
( 1 قوله « للأصائل » بلام الجر رواية ابن سيده ورواية الجوهري بالأصائل بالباء )
قال أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ دَخَلْنَ في الأَصائِلِ يقول سِرْنَ في
بَرْدِ الرَّواحِ إِلى الماءِ وبُلَّةُ الأَوابِلِ بُلَّةُ الرُّطْبِ والأَوابِلُ التي أَبَلَتْ بالمكانِ أَي لَزِمَتْه وقيل هي التي جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماءِ وأَهْرِئْ عنك من الظَّهِيرَةِ أَي أَقِمْ حتى يسكن حَرُّ النهار ويَبْرُدَ وأَهْرَأَ الرَّجُلَ قَتَله وهَرَأَ اللحمَ هَرْءاً وهَرَّأَه وأَهْرَأَه أَنْضَجَه فَتَهَرَّأَ حتى سَقَطَ من العظم وهو لَحْمٌ هَرِيءٌ وأَهْرَأَ لَحْمَه إهْرَاءً إِذا طَبَخَه حتى يَتَفَسَّخَ والمُهَرَّأُ والمُهَرَّدُ المُنْضَجُ من اللحم وهَرَأَتِ الرِّيحُ اشْتَدَّ بَرْدُها الأَصمعي يقال في صغار النخل أَوَّلَ ما يُقْلَعُ شيءٌ منها من أُمِّه فهو الجَثِيثُ والوَدِيُّ والهِرَاءُ والفَسِيل والهِراءُ [ ص 183 ] فَسِيلُ النخل قال
أَبَعْدَ عَطِيَّتِي أَلْفاً جَمِيعاً ... مِنَ المَرْجُوِّ ثاقِبةَ الهِراءِ
أَنشده أَبو حنيفة قال ومعنى قوله ثاقِبةَ الهِراءِ أَنّ النخل إِذا اسْتَفْحَل ثُقِبَ في أُصُوله والهُرَاءُ ( 1 )
( 1 قوله « والهراء اسم إلخ » ضبط الهراء في المحكم بالضم وبه في النهاية أيضاً في ه ر ي من المعتل ولذلك ضبط الحديث في تلك المادة بالضم فانظره مع عطف القاموس له هنا على المكسور ) اسم شَيْطانٍ مُوَكَّل بِقَبِيح الأَحْلام

هزأ
الهُزْءُ والهُزُؤُ السُّخْرِيةُ هُزِئَ به ومنه وهَزَأَ يَهْزَأُ فيهما هُزْءاً وهُزُؤاً ومَهْزَأَةً وتَهَزَّأَ واسْتَهْزَأَ به سَخِرَ وقوله تعالى إِنما نَحْنُ مُسْتَهْزِئون اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بهم قال الزجاج القِراءة الجَيِّدة على التحقيق فإِذا خَفَّفْتَ الهمزة جَعَلْتَ الهمزةَ بين الواو والهمزة فقلت مُسْتَهْزِئون فهذا الاختيار بعد التحقيق ويجوز أَن يُبدل منها ياءٌ فَتُقْرَأَ مُسْتَهْزِيُون فأَما مُسْتَهْزُونَ فضعيف لا وَجْهَ له إِلا شاذا على قول من أَبدل الهمزة ياءً فقال في اسْتَهْزَأْتُ اسْتَهْزَيْتُ فيجب على اسْتَهْزَيْتُ مُسْتَهْزُونَ وقال فيه أَوجه من الجَواب قيل معنى اسْتِهْزَاءِ اللّه بهم أَن أَظهر لهم من أَحْكامه في الدنيا خَلافَ ما لهم في الآخرةِ كما أَظْهَرُوا للمسلمين في الدنيا خِلافَ ما أَسَرُّوا ويجوز أَن يكون اسْتِهْزَاؤُه بهم أَخْذَه إِيَّاهم من حَيْثُ لا يَعْلَمُون كما قال عزّ من قائل سَنَسْتَدْرِجُهم مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون ويجوز وهو الوجه المختار عند أَهل اللغة أَن يكون معنى يَسْتَهْزِئُ بهم يُجازِيهم على هُزُئِهم بالعَذاب فسمي جَزاءُ الذَّنْب باسمه كما قال تعالى وجزاءُ سَيِّئةٍ سَيِّئةٌ مِثلُها فالثانية ليست بِسَيِّئة في الحقيقة إِنما سميت سيئة لازْدِواجِ الكلام فهذه ثلاثة أَوجه ورجلٌ هُزَأَةٌ بالتحريك يَهْزَأُ بالناس وهُزْأَةٌ بالتسكين يُهْزَأُ به وقيل يُهْزَأُ منه قال يونس إِذا قال الرجلُ هَزِئتُ منك فقد أَخْطأَ إِنما هو هَزِئتُ بك وقال أَبو عمرو يقال سَخِرْتُ منك ولا يقال سَخِرْتُ بك وهَزَأَ الشيءَ يَهْزَؤُه هَزْءاً كَسَره قال يَصِفُ دِرْعاً
لهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً ... وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
عُكَنُ الدِّرْعِ ما تَثَنَّى منها والباءُ في قوله بالمَعابِل زائدة هذا قول أَهل اللغة قال ابن سيده وهو عندي خطأٌ إِنما تَهْزَأُ ههنا من الهُزْءِ الذي هو السُّخْرِيُّ كأَنَّ هذه الدِّرْعَ لمَّا رَدَّتِ النَّبْلَ خُنْساً جُعِلَتْ هازِئةً بها وهَزَأَ الرجلُ ماتَ عن ابن الأَعرابي وهَزَأَ الرجلُ إِبِلَه هَزْءاً قَتَلَها بالبَرْدِ والمعروف هَرَأَها والظاهر أَن الزاي تصحيف ابن الأَعرابي أَهْزَأَه البَرْدُ وأَهْرَأَه إِذا قَتَلَه ومثله أَزْغَلَتْ وأَرْغَلَتْ فيما يتعاقب فيه الراءُ والزاي الأَصمعي وغيره نَزَأْتُ الرّاحِلةَ وهَزَأْتها إِذا حَرَّكْتَها

همأ
هَمَأَ الثَّوْبَ يَهْمَؤُه هَمْأً جَذَبَه فَانْخَرَقَ وانْهَمَأَ ثَوْبُهُ وتَهَمَّأَ انْقَطَعَ من البِلَى وربما قالوا تَهتَّأَ بالتاءِ وقد تقدم والهِمْءُ الثَّوْبُ الخَلَقُ وجمع الهِمْءِ أَهْمَاءٌ [ ص 184 ]

هنأ
الهَنِيءُ والمَهْنَأُ ما أَتاكَ بلا مَشَقَّةٍ اسم كالمَشْتَى وقد هَنِئَ الطَّعامُ وهَنُؤَ يَهْنَأُ هَنَاءة صار هَنِيئاً مثل فَقِهَ وفَقُهَ وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به وهَنَأَنِي الطَّعامُ وهَنَأَ لي يَهْنِئُنِي ويَهْنَؤُنِي هَنْأً وهِنْأً ولا نظير له في المهموز ويقال هَنَأَنِي خُبْزُ فُلان أَي كان هَنِيئاً بغير تَعَبٍ ولا مَشَقَّةٍ وقد هَنَأَنا اللّهُ الطَّعامَ وكان طَعاماً اسْتَهْنَأْناه أَي اسْتَمْرَأْناهُ وفي حديث سُجُود السهو فَهَنَّأَه ومَنَّاه أَي ذَكَّره المَهانِئَ والأَمانِي والمراد به ما يَعْرِضُ للإِنسان في صَلاتِه من أَحاديثِ النَّفْس وتَسْوِيل الشيطان ولك المَهْنَأُ والمَهْنا والجمع المَهانِئُ هذا هو الأَصل بالهمز وقد يخفف وهو في الحديث أَشْبه لأَجل مَنَّاه وفي حديث ابن مسعود في إِجابةِ صاحب الرِّبا إِذا دَعا إِنساناً وأَكَل طَعامه قال لك المَهْنَأُ وعليه الوِزْرُ أَي يكون أَكْلُكَ له هَنِيئاً لا تُؤَاخَذُ به ووِزْرُه على من كَسَبَه وفي حديث النخعي في طعام العُمَّالِ الظَّلَمةِ لهم المَهْنَأُ وعليهم الوِزر وهَنَأَتْنِيهِ العافِيةُ وقد تَهَنَّأْتُه وهَنِئْتُ الطعامَ بالكسر أَي تَهَنَّأْتُ به فأَما ما أَنشده سيبويه من قوله فَارْعَيْ فَزارةُ لا هَناكِ المَرْتَعُ فعلى البدل للضرورة وليس على التخفيف وأَمّا ما حكاه أَبو عبيد من قول المتمثل من العرب حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لكِ مَقْرُوع فأَصله الهمز ولكنّ المثل يجري مَجْرى الشِّعر فلما احتاج إِلى المُتابَعةِ أَزْوَجَها حَنَّتْ يُضْرَبُ هذا المثل لمن يُتَّهَم في حَديثه ولا يُصَدَّقُ قاله مازِنُ بن مالك بن عَمرو بن تَمِيم لابنةِ أَخيه الهَيْجُمانة بنتِ العَنْبَرِ ابن عَمْرو بن تَمِيم حين قالت لأَبيها إِنّ عبدشمس بنَ سعدِ بن زيْدِ مَناةَ يريد أَن يُغِيرَ عَليهم فاتَّهمها مازِنٌ لأَنَّ عبدَشمس كان يَهْواها وهي تَهْواه فقال هذه المقالة وقوله حَنَّتْ أَي حنَّت إِلى عبدشمس ونَزَعَتْ إليه وقوله ولات هَنَّتْ أَي ليس الأَمْرُ حيث ذَهَبَتْ وأَنشد الأَصمعي
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرةَ أَمْ مَنْ ... جاءَ مِنها بطائِفِ الأَهْوالِ
يقول ليس جُبَيْرةُ حَيْثُ ذَهَبْتَ ايأَسْ منها ليس هذا موضِعَ ذِكْرِها وقوله أَمْ مَنْ جاءَ منها يستفهم يقول مَنْ ذا الذي دَلَّ علينا خَيالَها قال الرَّاعي نَعَمْ لاتَ هَنَّا إِنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ يقول ليس الأَمْرُ حيث ذَهَبْتَ إِنما قلبك مِتْيَحٌ في غير ضَيْعةٍ وكان ابن الأَعرابي يقول حَنَّتْ إِلى عاشِقِها وليس أَوانَ حَنِينٍ وإِنما هو ولا والهاءُ صِلةٌ جُعِلَتْ تاءً ولو وَقَفْتَ عليها لقلت لاه في القياس ولكن يقفون عليها بالتاءِ قال ابن الأَعرابي سأَلت الكِسائي فقلتُ كيف تَقِف على بنت ؟ فقال بالتاءِ اتباعاً للكتاب وهي في الأَصل هاءٌ الأَزهريّ في قوله ولاتَ هَنَّتْ كانت هاءَ الوقفة ثم صُيِّرت تاءً ليُزاوِجُوا به حَنَّتْ والأَصل فيه هَنَّا ثمَّ قيل هَنَّهْ للوقف ثمَّ صيرت تاءً كما قالوا ذَيْتَ وذَيْتَ وكَيْتَ وكَيْتَ ومنه قول العجاج
وكانَتِ الحَياةُ حِينَ حُبَّتِ ... وذِكْرُها هَنَّتْ ولاتَ هَنَّتِ
[ ص 185 ] أَي ليس ذا موضعَ ذلك ولا حِينَه والقصيدة مجرورة لَمَّا أَجْراها جَعَل هاءَ الوقفة تاءً وكانت في الأَصل هَنَّهْ بالهاءِ كما يقال أَنا وأَنَّهْ والهاءُ تصير تاءً في الوصْل ومن العرب من يَقْلِب هاءَ التأْنيث تاءً إِذا وقف عليها كقولهم ولاتَ حِينَ مَناصٍ وهي في الأَصل ولاةَ ابن شميل عن الخليل في قوله لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَة أَمْ مَنْ يقول لا تُحْجِمُ عن ذكْرها لأَنه يقول قد فعلت وهُنِّيتُ فيُحْجِمُ عن شيءٍ فهو من هُنِّيتُ وليس بأَمر ولو كان أَمْراً لكان جزماً ولكنه خبر يقول أَنتَ لا تَهْنَأُ ذِكْرَها وطَعامٌ هَنِيءٌ سائغ وما كان هَنِيئاً ولقد هَنُؤَ هَناءة وهَنَأَةً وهِنْأً على مثال فَعالةٍ وفَعَلة وفِعْلٍ الليث هَنُؤَ الطَّعامُ يَهْنُؤُ هَنَاءة ولغة أُخرى هَنِيَ يَهْنَى بلا همز والتَّهْنِئةُ خلاف التَّعْزِية يقال هَنَأَهُ بالأَمْرِ والولاية هَنْأً وهَنَّأَه تَهْنِئةً وتَهْنِيئاً إِذا قلت له ليَهْنِئْكَ والعرب تقول ليَهْنِئْكَ الفارِسُ بجزم الهمزة وليَهْنِيكَ الفارِسُ بياءٍ ساكنة ولا يجوز ليَهْنِكَ كما تقول العامة وقوله عز وجل فَكُلُوه هَنِيئاً مَرِيئاً قال الزجاج تقول هَنَأَنِي الطَّعامُ ومَرَأَني فإِذا لم يُذكَر هَنَأَنِي قلت أَمْرَأَني وفي المثل تَهَنَّأَ فلان بكذا وتَمَرَّأَ وتَغَبَّطَ وتَسَمَّنَ وتَخَيَّلَ وتَزَيَّنَ بمعنى واحد وفي الحديث خَيْرُ الناسِ قَرْني ثمَّ الَّذِين يَلُونَهُمْ ثمَّ يَجِيءُ قوم يَتَسَمَّنُونَ معناه يَتَعَظَّمُونَ ويَتَشَرَّفُونَ ويَتَجَمَّلُون بكثرة المال فيجمعونه ولا يُنْفِقُونه وكلوه هَنِيئاً مَريئاً وكلُّ أمْرٍ يأْتيكَ مِنْ غَيْر تَعَبٍ فهو هَنِيءٌ الأَصمعي يقال في الدُّعاءِ للرَّجل هُنِّئْتَ ولاتُنْكَهْ أَي أَصَبْتَ خَيْراً ولا أَصابك الضُّرُّ تدعُو له أَبو الهيثم في قوله هُنِّئْتَ يريد ظَفِرْتَ على الدُّعاءِ له قال سيبويه قالوا هَنِيئاً مَرِيئاً وهي من الصفات التي أُجْرِيَتْ مُجْرى المَصادِر المَدْعُوِّ بها في نَصْبها على الفِعْل غَير المُسْتَعْمَلِ إِظْهارُه واختزاله لدلالته عليه وانْتِصابه على فعل من غير لفظه كأَنَّه ثَبَتَ له ما ذُكِرَ له هَنِيئاً وأَنشد الأَخطل
إِلى إِمامٍ تُغادِينا فَواضِلُه ... أَظْفَرَه اللّه فَلْيَهْنِئْ لهُ الظَّفَرُ
قال الأَزهريُّ وقال المبرد في قول أَعْشَى باهِلةَ
أَصَبْتَ في حَرَمٍ مِنَّا أَخاً ثِقةً ... هِنْدَ بْنَ أَسْماءَ لا يَهْنِئْ لَكَ الظَّفَرُ
قال يقال هَنَأَه ذلك وهَنَأَ له ذلك كما يقال هَنِيئاً له وأَنشد بيت الأَخطَل وهَنَأَ الرجلَ هَنْأً أَطْعَمَه وهَنَأَه يَهْنَؤُه ويَهْنِئُه هَنْأً وأَهْنَأَه أَعْطاه الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ومُهَنَّأٌ اسم رجل ابن السكيت يقال هذا مُهَنَّأٌ قد جاءَ بالهمز وهو اسم رجل وهُنَاءة اسم وهو أَخو مُعاوية بن عَمرو بن مالك أَخي هُنَاءة ونِواءٍ وفَراهِيدَ وجَذِيمةَ الأَبْرَشِ وهانِئٌ اسم رجل وفي المثل إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعْطِي والهِنْءُ العَطِيَّةُ [ ص 186 ] الاسم الهِنْءُ بالكسر وهو العَطاء ابن الأَعرابي تَهَنَّأَ فلان إِذا كَثُرً عَطاؤُه مأْخوذ من الهِنْءِ وهو العَطاء الكثير وفي الحديث أَنه قال لأَبي الهَيثمِ بن التَّيِّهانِ لا أَرَى لك هانِئاً قال الخطابي المشهور في الرواية ماهِناً هو الخادِمُ فإِن صح فيكون اسمَ فاعِلٍ من هَنَأْتُ الرجلَ أَهْنَؤُه هَنْأَ إِذا أَعطَيْتَه الفرَّاءُ يقال إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعطِيَ لغتان وهَنَأْتُ القَوْمَ إِذا عُلْتَهم وكَفَيْتَهم وأَعْطَيْتَهم يقال هَنَأَهُم شَهْرَينِ يَهْنَؤُهم إِذا عالَهم ومنه المثل إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنَأَ أَي لِتَعُولَ وتَكْفِيَ يُضْرَبُ لمن عُرِفَ بالاحسانِ فيقال له أَجْرِ على عادَتِكَ ولا تَقْطَعْها الكسائي لِتَهْنِئَ وقال الأُمَوِيُّ لِتَهْنِئَ بالكسر أَي لِتُمْرِئَ ابن السكيت هَنَأَكَ اللّهُ ومَرَأَكَ وقد هَنَأَنِي ومَرَأَنِي بغير أَلف إِذا أَتبعوها هَنَأَنِي فإِذا أَفْرَدُوها قالوا أَمْرَأَنِي والهَنِيءُ والمَرِيءُ نَهرانِ أَجراهما بعضُ الملوك قال جَريرٌ يمدح بعضَ المَرْوانِيَّةِ
أُوتِيتَ مِنْ حَدَبِ الفُراتِ جَوارِياً ... مِنْها الهَنِيءُ وسائحٌ في قَرْقَرَى
وقَرْقَرَى قَرْيةٌ باليَمامةِ فيها سَيْحٌ لبعض الملوك واسْتَهْنَأَ الرجلَ اسْتَعْطاه وأَنشد ثعلب
نُحْسِنُ الهِنْءَ إِذا اسْتَهْنَأْتَنا ... ودِفاعاً عَنْكَ بالأَيْدِي الكِبارِ
يعني بالأَيْدِي الكِبارِ المِنَنَ وقوله أَنشده الطُّوسِي عن ابن الأَعرابي
وأَشْجَيْتُ عَنْكَ الخَصْمَ حتى تَفُوتَهُمْ ... مِنَ الحَقِّ إِلاَّ ما اسْتَهانُوك نائلا
قال أراد اسْتَهْنَؤُوك فقَلَب وأرى ذلك بعد أَن خفَّف الهمزة تخفيفاً بدلياً ومعنى البيت أَنه أَراد مَنَعْتُ خَصْمَكَ عنك حتى فُتَّهم بحَقِّهم فهَضَمْتَهُم إِيَّاه إِلاَّ ما سَمَحُوا لَك به من بعضِ حُقُوقِهم فتركوه عليك فسُمِّيَ تَرْكُهم ذلك عليه اسْتِهْناءً كلُّ ذلك من تذكرة أَبي علي ويقال اسْتَهْنَأَ فلان بني فلان فلم يُهنِؤُوه أَي سأَلَهم فلم يُعْطُوه وقال عروة بن الوَرْد
ومُسْتَهْنِئٍ زَيْدٌ أَبُوه فَلَمْ أَجِدْ ... لَه مَدْفَعاً فاقْنَيْ حَيَاءَكِ واصْبِري
ويقال ما هَنِئَ لي هذا الطَّعامُ أَي ما اسْتَمْرَأْتُه الأَزهري وتقول هَنأَنِي الطَّعام وهو يَهْنَؤُني هَنْأً وهِنْاً ويَهْنِئُني وهَنَأَ الطَّعامَ هَنْأً وهِنْأً وهَناءة أَصْلَحَه والهِنَاءُ ضَرْبٌ من القَطِران وقد هَنَأَ الإِبِلَ يَهْنَؤُها ويَهْنِئُها ويَهْنُؤُها هَنْأً وهِنَاءً طَلاها ( 1 )
( 1 قوله « هنأ وهناء طلاها » قال في التكملة والمصدر الهنء والهناء بالكسر والمد ولينظر من أين لشارح القاموس ضبط الثاني كجبل ) بالهِناءِ وكذلك هَنَأَ البعيرَ تقول هَنَأْتُ البعيرَ بالفتح أَهْنَؤُه إِذا طَلَيْتَه بالهِناءِ وهو القَطِرانُ وقال الزجاج ولَم نَجِد فيما لامه همزة فَعَلْتُ أَفْعُلُ إِلاَّ هَنَأْتُ أَهْنُؤُ وقَرَأْتُ أَقْرُؤُ والاسم الهِنْءُ وإِبل مَهْنُوءةٌ [ ص 187 ] وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه لأَنْ أُزاحِمَ جَملاً قد هُنِئَ بِقَطِران أَحِبُّ إِليَّ مِن أَنْ أُزاحِمَ امْرأَةً عَطِرةً الكسائي هُنِئَ طُلِيَ والهِنَاءُ الاسم والهَنْءُ المصدر ومن أَمثالهم ليس الهِنَاءُ بالدَّسِّ الدَّسُّ أَن يَطْلِيَ الطّالي مَساعِرَ البعير وهي المَواضِعُ التي يُسْرِعُ اليها الجَرَبُ من الآباطِ والأَرْفاغِ ونحوها فيقال دُسَّ البَعِيرُ فهو مَدْسُوسٌ ومنه قول ذي الرمَّة قَرِيعُ هِجانٍ دُسَّ منها المَساعِرُ فإِذا عُمَّ جَسَدُ البعيرِ كلُّه بالهِناءِ فذلك التَّدْجِيلُ يُضرب مثلاً للذي لا يُبالِغ في إِحكامِ الأَمْرِ ولا يَسْتَوثِقُ منه ويَرْضَى باليَسِير منه وفي حديث ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما في مال اليَتِيم إِن كنتَ تَهْنَأُ جَرْباها أَي تُعالِجُ جَرَبَ إِبِلِه بالقَطِران وهَنِئَتِ الماشيةُ هَنَأً وهَنْأً أَصابَتْ حَظًّا من البَقْل من غير أَن تَشْبَعَ منه والهِناءُ عِذْقُ النَّخلة عن أَبي حنيفة لغة في الإِهانِ وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به وهَنَأْتُه شهراً أَهْنَؤُه أَي عُلْتُه وهَنِئَتِ الإِبلُ من نبت أَي شَبِعَتْ وأَكلْنا من هذا الطَّعامِ حتى هَنِئْنا منه أَي شَبِعْنا

هوأ
هاءَ بِنَفْسِه إِلى المَعالِي يَهُوءُ هَوْءاً رَفَعَها وسَما بها إِلى المَعالِي والهَوْءُ الهِمَّةُ وإِنَّه لبَعِيدُ الهَوْءِ بالفتح وبَعِيدُ الشَّأْوِ أَي بَعِيدُ الهمَّة قال الراجز لا عاجِزُ الهَوْءِ ولا جَعْدُ القَدَمْ وإِنه لذو هَوْءٍ إِذا كان صائبَ الرَّأْي ماضِياً والعامة تقول يَهْوِي بِنَفْسِه وفي الحديث إِذا قامَ الرجلُ إِلى الصلاةِ فكان قَلْبُه وهَوْءُه إِلى اللّهِ انْصَرفَ كما ولَدَتْه أُمُّه الهَوْءُ بوزن الضَّوْءِ الهِمَّةُ وفلان يَهُوءُ بنَفْسِه إِلى المَعالِي أَي يَرْفَعُها ويَهُمُّ بها وما هُؤْتُ هَوْءَه أَي ما شَعَرْتُ به ولا أَرَدْتُه وهُؤْتُ به خَيْراً فأَنا أَهُوءُ به هَوْءاً أَزْنَنْته به والصحيح هُوتُ كذلك حكاه يعقوب وهو مذكور في موضعه وقال اللحياني هُؤْته بخير وهُؤْتُه بِشَرٍّ وهُؤْتُه بمال كثير هَوْءاً أَي أَزْنَنْتُه به ووَقَع ذلك في هَوْئي وهُوئِي أَي ظَنِّي قال اللحياني وقال بعضهم إِني لأَهُوءُ بك عن هذا الأَمْر أَي أَرْفَعُكَ عنه أَبو عمرو هُؤْتُ به وشُؤْتُ به أَي فَرِحْتُ به ابن الأَعرابي هَأَى أَي ضَعُفَ وأَهَى إِذا قَهْقَهَ في ضَحِكه وهَاوَأْتُ الرجلَ فاخَرْتُه كَهاوَيْتُه والمُهْوَأَنُّ بضم الميم الصَّحراءُ الواسعة قال رؤبة
جاؤُوا بِأُخْراهُمْ على خُنْشُوشِ ... في مُهْوَأَنٍّ بالدَّبَى مَدْبُوشِ
قال ابن بري جَعْلُ الجَوْهَريِّ مُهْوَأَنًّا في فصل هَوَأَ وَهَمٌ منه لأَنَّ مُهْوَأَنًّا وزنه مُفْوَعَلٌّ وكذلك ذكره ابن جني قال والواو فيه زائدة لأَن الواو لا تكون أَصلاً في بناتِ الأَربعة والمَدْبُوشُ الذي أَكَل الجَرادُ نَبْتَه وخُنْشُوشٌ اسم موضع وقد ذكر ابن سيده [ ص 188 ] المُهْوَأَنَّ في مقلوب هَنَأَ قال المُهْوَأَنُّ المكان البَعِيدُ قال وهو مثال لم يذكره سيبويه وهاءَ كلمة تُسْتَعَمَلُ عند المُناولةِ تقول هاءَ يا رجلُ وفيه لغات تقول للمذكر والمؤنث هاءَ على لفظ واحد وللمذكَّرَين هاءَا وللمؤَنثتين هائِيا وللمذكَّرِين هاؤُوا ولجماعة المؤَنث هاؤُنَّ ومنهم من يقول هاءِ للمذكر بالكسر مثل هاتِ وللمؤَنث هائِي بإِثبات الياءِ مثل هاتي وللمذكَّرَيْنِ والمُؤَنَّثَيْنِ هائِيا مثل هاتِيا ولجماعة المذكر هاؤُوا ولجماعة المؤَنث هائِينَ مثل هاتِينَ تُقِيمُ الهمزة في جميع هذا مُقامَ التاءِ ومنهم من يقول هاءَ بالفتح كأَنَّ معناه هاكَ وهاؤُما يارجلان وهاؤُمُوا يا رِجال وهاءِ يا امْرَأَةُ بالكسر بلا ياءٍ مثل هاعِ وهاؤُما وهاؤُمْنَ وفي الصحاح وهاؤُنَّ تُقِيمُ الهمز في ذلك كُلِّه مُقام الكاف ومنهم من يقول هَأْ يا رَجُل بهمزة ساكنة مثل هَعْ وأَصله هاءْ أُسقطت الأَلف لاجتماع الساكنين وللاثنين هاءَا وللجميع هاؤُوا وللمرأَة هائِي مثل هاعِي وللاثنين هاءَا للرجلين وللمرأَتين مثل هاعا وللنسوة هَأْنَ مثل هَعَنْ بالتسكين وحديث الرِّبا لا تَبيعُوا الذهب بالذهب إِلا هاء وهاء نذكره في آخره الكتاب في باب الالف اللينة إِن شاءَ اللّه تعالى وإِذا قيل لك هاءَ بالفتح قلت ما أَهاءُ أَي ما آخُذُ وما أَدري ما أَهاءُ أَي ما أُعْطِي وما أُهاءُ على ما لم يُسمَّ فاعله أَي ما أُعْطَى وفي التنزيل العزيز هاؤُمُ أَقْرَؤوا كِتابِيَهْ وسيأْتي ذكره في ترجمة ها وهاءَ مفتوح الهمزة ممدود كلمة بمعنى التَّلْبِيةِ

هيأ
الهَيْئَةُ والهِيئةُ حالُ الشيءِ وكَيْفِيَّتُه ورجل هَيًّئٌ حَسَنُ الهَيْئةِ الليث الهَيْئةُ للمُتَهَيِّئِ في مَلْبَسِه ونحوه وقد هاءَ يَهَاءُ هَيْئةً ويَهِيءُ قال اللحياني وليست الأَخيرة بالوجه والهَيِّئُ على مثال هَيِّعٍ الحَسَن الهَيْئَةِ من كلِّ شيءٍ ورجلٌ هَيِيءٌ على مثال هَيِيعٍ كهَيِّئٍ عنه أَيضاً وقد هَيُؤَ بضم الياءِ حكى ذلك ابن جني عن بعض الكوفيين قال ووجهه أَنه خرَج مَخْرَجَ المبالغة فلحق بباب قولهم قَضُوَ الرَّجلُ إِذا جادَ قَضاؤُه ورَمُوَ إِذا جاد رَمْيُه فكما يُبْنَى فَعُلَ مما لامه ياءٌ كذلك خرج هذا على أَصله في فَعُلَ مما عينه ياءٌ وعلَّتُهما جميعاً يعني هَيُؤَ وقَضُوَ أنَّ هذا بناءٌ لا يتصرَّف لِمُضارَعَتِه مما فيه من المُبالَغةِ لباب التَّعَجُّب ونِعْمَ وبِئْسَ فلما لم يَتَصَرَّفْ احتملوا فيه خُروجَه في هذا الموضع مخالفاً للباب أَلا تراهم إِنما تَحامَوْا أَن يَبْنُوا فَعُلَ مما عينه ياءٌ مخافة انْتِقالهم من الأَثقل إِلى ما هو أَثقلُ منه لأَنه كان يلزم أَن يقولوا بُعْت أَبُوعُ وهو يَبُوعُ وأَنت أَو هي تَبُوعُ وبُوعا وبُوعُوا وبُوعِي وكذلك جاءَ فَعُلَ مما لامه ياءٌ ممَّا هو مُتَصَرِّفٌ أَثقلَ من الياءِ وهذا كما صح ما أَطْوَلَه وأَبْيَعَه وحكى اللحياني عن العامِرِيَّةِ كان لِي أَخٌ هَيِيٌّ عَليٌّ أَي يتأَنث للنساءِ هكذا حكاه هَيِيٌّ عَليٌّ بغير همز قال وأُرَى ذلك إِنما هو لمكان عَليٍّ وهاءَ للأَمر يَهَاءُ ويَهِيءُ وتَهَيَّأَ أَخَذَ له هَيْأَتَه وهَيَّأَ الأَمرَ تَهْيِئةً وتَهْييئاً أَصْلَحه فهو مُهَيَّأٌ وفي الحديث أَقِيلُوا ذَوِي الهَيْئَاتِ عَثَراتِهم قال هم الذين لا يُعْرَفُون بالشرِّ فَيَزِلُّ أَحدُهم [ ص 189 ] الزلَّةَ الهَيْئَةُ صورةُ الشيءِ وشَكْلُه وحالَتُه يريد به ذَوِي الهَيْئَاتِ الحَسَنةِ الذين يَلْزَمون هَيْئةً واحدة وسَمْتاً واحداً ولا تَخْتَلِفُ حالاتُهم بالتنقل من هَيْئةٍ إِلى هَيْئةٍ وتقول هِئْتُ للأَمر أَهِيءُ هَيْئةً وتَهَيَّأْتُ تَهَيُّؤاً بمعنى وقُرئَ وقالت هِئْتُ لك بالكسر والهمز مثل هِعْتُ بمعنى تَهَيَّأْتُ لكَ والهَيْئَةُ الشارةُ فلان حَسَنُ الهَيْئةِ والهِيئةِ وتَهايَؤُوا على كذا تَمالَؤُوا والمُهايَأَةُ الأَمْرُ المُتَهايَأُ عليه والمُهايَأَةُ أَمرٌ يَتَهايَأُ القوم فيَتَراضَوْنَ به وهاءَ إِلى الأَمْر يَهَاءُ هِيئةً اشتاقَ والهَيْءُ والهِيءُ الدُّعاءُ إِلى الطَّعامِ والشراب وهو أَيضاً دُعاءُ الإِبِل إِلى الشُّرب قال الهَرَّاءُ
وما كانَ على الجِيئِي ... ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وهَيْءَ كلمة معناها الأَسَفُ على الشيءِ يُفُوتُ وقيل هي كلمة التعجب وقولهم لو كان ذلك في الهِيءِ والجِيءِ ما نَفَعَه الهِيءُ الطَّعام والجِيءُ الشَّرابُ وهما اسمان من قولك جَاْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها للشُّرْب وهَأْهَأْتُ بها دَعَوْتُها للعَلَف وقولهم يا هَيْءَ مالي كلمة أَسَفٍ وتَلَهُّفٍ قال الجُمَيْح بن الطَّمَّاح الأَسدي ويروى لنافع بن لَقِيط الأَسَدي
يا هَيْءَ مالي ؟ مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ ... مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّقْلِيبُ
ويروى يا شَيْءَ مالي ويا فَيْءَ مالي وكلُّه واحد ويروى
وكذاك حَقّاً مَنُ يُعَمَّرْ يُبْلِه ... كَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ
قال ابن بري وذكر بعض أَهل اللغة أَنَّ هَيْءَ اسم لفعل أَمر وهو تَنَبَّهْ واسْتَيْقِظْ بمعنى صَهْ ومَهْ في كونهما اسمين لاسْكُتْ واكْفُفْ ودخل حرف النداءِ عليها كما دخل على فعل الأَمر في قول الشماخ أَلا يا اسْقِياني قَبْلَ غارةِ سِنْجارِ وإِنما بُنِيت على حركة بخلاف صَهْ ومَهْ لئلا يلتقي ساكنان وخُصت بالفتحة طلباً للخفة بمنزلة أَيْنَ وكَيْفَ وقوله ما لي بمعنى أَيُّ شيءٍ لي وهذا يقوله من تَغَيَّر عما كان يعهد ثم اسْتَأْنَفَ فأَخبر عن تغيرحاله فقال مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّغَيُّرُ من حالٍ إِلى حال واللّه أَعلم

وبأ
الوَبَأُ الطاعون بالقصر والمد والهمز وقيل هو كلُّ مَرَضٍ عامٍّ وفي الحديث إِن هذا الوَبَاءَ رِجْزٌ وجمعُ الممدود أَوْبِيةٌ وجمع المقصور أَوْباءٌ وقد وَبِئَتِ الأَرضُ تَوْبَأُ وَبَأً ووَبُوأَتْ وِبَاءً وَوِباءة ( 1 )
( 1 قوله « وباء ووباءة إلخ » كذا ضبط في نسخة عتيقة من المحكم يوثق بضبطها وضبط في القاموس بفتح ذلك ) وإِباءة على البدل وأَوْبَأَتْ إِيبَاءً ووُبِئَتْ تِيبَأُ وَبَاءً وأَرضٌ وَبِيئةٌ على فَعيلةٍ ووَبِئةٌ على فَعِلةٍ ومَوْبُوءة ومُوبِئةٌ كثيرة الوَباء والاسم البِئةُ إِذا كَثُر مرَضُها واسْتَوْبَأْتُ البلدَ والماءَ [ ص 190 ] وَتَوَبَّأْتُه اسْتَوخَمْتُه وهو ماءٌ وَبِيءٌ على فَعِيلٍ وفي حديث عبدالرحمن بن عوف وإِنَّ جُرْعَةَ شَرُوبٍ أَنْفَعُ مِن عَذْبٍ مُوبٍ أَي مُورِثٍ للوَباءِ قال ابن الأَثير هكذا روي بغير همز وإِنما تُرِكَ الهمزُ ليوازَنَ به الحَرفُ الذي قبله وهو الشَّرُوبُ وهذا مَثلَ ضربه لرجلين أَحدُهما أَرْفَعُ وأَضَرُّ والآخر أَدْوَنُ وأَنْفَعُ وفي حديث عليّ كرَّم اللّه وجهه أَمَرَّ منها جانِبٌ فأَوْبَأَ أَي صار وَبِيئاً واسْتَوْبَأَ الأَرضَ اسْتَوْخَمَها ووجَدها وَبِئةً والباطِل وَبيءٌ لا تُحْمَدُ عاقِبَتُه ابن الأَعرابي الوَبيءُ العَلِيلُ ووَبَّأَ إِليه وأَوْبَأَ لغة في وَمَأْتُ وأَوْمَأْتُ إِذا أَشرتَ إِليه وقيل الإِيماءُ أَن يكونَ أَمامَك فتُشِيرَ إليه بيدكَ وتُقْبِلَ بأَصابِعك نحو راحَتِكَ تَأْمُرُه بالإِقْبالِ إِلَيْكَ وهو أَوْمَأْتُ إليه والإِيبَاءُ أَن يكون خَلْفَك فَتَفْتَح أَصابِعَك إِلى ظهر يدك تأْمره بالتأَخُّر عنك وهو أَوْبَأْتُ قال الفرزدق رحمه اللّه تعالى
تَرَى الناسَ إِنْ سِرْنا يَسِيرُونَ خَلْفَنا ... وإِنْ نَحْنُ وَبَّأْنا إِلى النَّاسِ وقَّفُوا
ويروى أَوْبَأَنا قال وأَرى ثعلباً حكى وبَأْتُ بالتخفيف قال ولست منه على ثقة ابن بُزُرْجَ أَوْمَأْتُ بالحاجبين والعينين ووَبَأْتُ باليَدَيْنِ والثَّوْبِ والرأْس قال ووَبَأْتُ المَتاعَ وعَبَأْتُه بمعنى واحد وقال الكسائي وَبَأْتُ إليه مِثل أَوْمَأْتُ وماءٌ لا يُوبئُ مثل لا يُؤْبي ( 1 )
( 1 قوله « مثل لا يؤبي » كذا ضبط في نسخة عتيقة من المحكم بالبناء للفاعل وقال في المحكم في مادة أبى ولا تقل لا يؤبى أي مهموز الفاء والبناء للمفعول فما وقع في مادة أبي تحريف ) وكذلك المَرْعَى ورَكِيَّةٌ لا تُوبئُ أَي لا تَنْقَطِعُ واللّه أَعلم

وثأ
الوَثْءُ والوَثاءة وَصْمٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ ولا يَبْلُغ العَظْمَ فَيَرِمُ وقيل هو تَوَجُّعٌ في العَظْم مِن غيرِ كَسْرٍ وقيل هو الفَكُّ قال أَبو منصور الوَثْءُ شِبْهُ الفَسْخِ في المَفْصِلِ ويكون في اللحم كالكسر في العظم ابن الأَعرابي من دُعائهم اللهمَّ ثَأْ يَدَه والوَثْءُ كسر اللحم لا كسر العظم قال الليث إِذا أَصابَ العظمَ وَصْمٌ لا يَبْلُغ الكسر قيل أَصابَه وَثْءٌ ووَثْأَة مقصور والوَثْءُ الضَّربُ حتى يَرْهَصَ الجِلْدُ واللَّحْمُ ويَصِلَ الضَّرْبُ إِلى العَظْمِ من غير أَن ينكسر أَبو زيد وَثَأَتْ يَدُ الرَّجل وثْأً وقد وَثِئَتْ يَدُه تَثَأُ وَثْأً ووَثَأً فهي وَثِئَةٌ على فَعِلةٍ ووُثِئَتْ على صِيغة ما لم يُسمَّ فاعله فهي مَوْثُوءة ووَثِيئةٌ مثل فَعِيلةٍ وَوَثَأَها هو وأَوْثَأَها اللّهُ والوَثيءُ المكسورِ اليَدِ قال اللحياني قيل لأَبي الجَرَّاحِ كيف أَصْبَحْتَ ؟ قال أَصْبَحْتُ مَوْثُوءاً مَرْثُوءاً وفسره فقال كأَنما أَصابه وَثْءٌ من قولهم وُثِئَتْ يَدُه وقد تقدم ذكرُ مَرْثُوءٍ الجوهري أَصابَه وَثْءٌ والعامة تقول وَثْيٌ وهو أَن يصيب العظمَ وَصْمٌ لا يَبْلُغُ الكسر

وجأ
الوَجْءُ اللَّكْزُ ووَجَأَه باليد والسِّكِّينِ وَجْأً مقصور ضَربَه وَوَجَأَ في عُنُقِه كذلك وقد تَوَجَّأْتُه بيَدي ووَجِئَ فهو مَوْجُوءٌ ووَجَأْتُ عُنُقَه وَجْأً ضَرَبْتُهُ وفي حديث أَبي راشد رضي اللّه عنه كنتُ في [ ص 191 ] مَنائِحِ أَهْلي فَنَزَا منها بَعِيرٌ فَوَجَأْتُه بحديدةٍ يقال وجَأْتُه بالسكين وغيرها وجْأً إِذا ضربته بها وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه مَن قَتَلَ نفسَه بحديدةٍ فحديدتُه في يَدِه يَتَوَجَّأُ بها في بطنِه في نار جَهَنَّمَ والوَجْءُ أَن تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْلِ رَضّاً شديداً يُذْهِبُ شَهْوَة الجماع ويتَنَزَّلُ في قَطْعِه مَنْزِلةَ الخَصْي وقيل أَن تُوجَأَ العُروقُ والخُصْيَتان بحالهما ووَجَأَ التَّيْسَ وَجْأً ووِجَاءً فهو مَوْجُوءٌ ووَجِيءٌ إِذا دَقَّ عُروقَ خُصْيَتَيْه بين حجرين من غير أَن يُخْرِجَهما وقيل هو أَن تَرُضَّهما حتى تَنْفَضِخَا فيكون شَبِيهاً بالخِصاءِ وقيل الوَجْءُ المصدر والوِجَاءُ الاسم وفي الحديث عَلَيْكُمْ بالبَاءة فَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصَّوْمِ فإِنه له وِجَاءٌ ممدود فإِن أَخْرَجَهما من غير أَن يَرُضَّهما فهو الخِصاءُ تقول منه وَجَأْتُ الكَبْشَ وفي الحديث أَنه ضَحَّى بكَبْشَيْن مَوْجُوءَيْن أَي خَصِيَّيْنِ ومنهم من يرويه مُوْجَأَيْن بوزن مُكْرَمَيْن وهو خَطَأٌ ومنهم من يرويه مَوْجِيَّيْنِ بغير همز على التخفيف فيكون من وَجَيْتُه وَجْياً فهو مَوْجِيٌّ أَبو زيد يقال للفحل إِذا رُضَّتْ أُنْثَياه قد وُجِئَ وِجَاءً فأَراد أَنه يَقْطَعُ النِّكاحَ لأَن المَوْجُوءَ لا يَضْرِبُ أَراد أَن الصومَ يَقْطَعُ النِّكاحَ كما يَقْطَعُه الوِجَاءُ وروي وَجًى بوزن عَصاً يريد التَّعَب والحَفَى وذلك بعيد إِلا أَن يُراد فيه معنى الفُتُور لأَن من وَجِيَ فَتَرَ عن المَشْي فَشَبَّه الصوم في باب النِّكاح بِالتَّعَبِ في باب المَشْي وفي الحديث فلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ عَجْوةِ المدينة فَلْيَجَأْهُنَّ أَي فلْيَدُقَّهُنَّ وبه سُمِّيت الوَجِيئةُ وهي تَمْر يُبَلُّ بلَبن أَو سَمْن ثم يُدَقُّ حتى يَلْتَئِمَ وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم عادَ سَعْداً فوَصَفَ له الوَجِيئةَ فأَمَّا قول عبدالرحمن بن حَسَّانَ
فكنتَ أَذَلَّ من وَتِدٍ بِقاعٍ ... يُشَجِّجُ رأْسَه بالفِهْرِ واجِي
فإِنما أَرادَ واجِئٌ بالهمز فَحَوَّلَ الهمزةَ ياءً للوصل ولم يحملها على التخفيف القياسي لأَن الهمز نفسه لا يكونُ وَصْلاً وتَخْفِيفُه جارٍ مَجْرَى تَحْقِيقه فكما لا يَصِلُ بالهمزة المحققة كذلك لم يَسْتَجِز الوَصْلَ بالهمزة المُخفَّفة إِذ كانت المخففةُ كأَنها المُحقَّقةُ ابن الأَعرابي الوَجِيئةُ البقَرةُ والوَجِيئة فَعِيلةٌ جَرادٌ يُدَقُّ ثم يُلَتُّ بسمن أَو زيت ثم يُؤْكل وقيل الوَجِيئةُ التمر يُدَقُّ حتى يَخْرُجَ نَواه ثم يُبَلُّ بلبن أَو سَمْن حتى يَتَّدِنَ ويلزَم بعضُه بعضاً ثم يؤْكل قال كراع يقال الوَجِيَّةُ بغير همز فإِن كان هذا على تخفيف الهمز فلا فائدة فيه لأَن هذا مطَّرد في كل فَعيِلة كان امه همزةً وإِن كان وصفاً أَو بدلاً فليس هذا بابه وأَوْجَأَ جاءَ في طلب حاجة أَو صيد فلم يُصِبْه وأَوْجَأَتِ الرَّكِيَّةُ وأَوْجَت انْقَطَع ماؤُها أَو لم يكن فيها ماءٌ وأَوْجَأَ عنه دَفَعَه ونَحَّاه

ودأ
وَدَّأَ الشيءَ سَوّاه وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ اشتملت وقيل تَهَدَّمت وتَكَسَّرت وقال ابن شميل يقال تَوَدَّأَتْ على فلان الأَرضُ وهو ذَهابُ الرَّجلِ في أَباعد الأَرضِ حتى [ ص 192 ] لا تَدْرِي ما صنَعَ وقد تَوَدَّأَتْ عليه إِذا ماتَ أَيضاً وإِن ماتَ في أَهْلِه وأَنشد
فَما أَنا إِلا مِثْلُ مَنْ قَدْ تَوَدَّأْتْ ... عليهِ البِلادُ غَيْرَ أَنْ لم أَمُتْ بَعْدُ
وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرض غَيَّبَتْه وذهَبَتْ به وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ أَي اسْتَوَتْ عليه مثلما تَسْتَوِي على المَيِّت قال الشاعر
ولِلأَرْضِ كَمْ مِن صالِحٍ قد تَوَدَّأَتْ ... عليه فَوارَتْه بِلَمَّاعة قَفْرِ
وقال الكميت
إِذا وَدَّأَتْنَا الأَرضُ إِذ هِيَ وَدَّأَتْ ... وأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمورِ مَقُوبُها
ودَأَتْنَا الأَرضُ غَيَّبَتْنا يقال تَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ فهي مُوَدَّأَةٌ قال وهذا كما قيل أَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ وأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ وأَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ قال وليس في الكلام مثلُها وودَّأْتُ عليه الأَرضَ تَوْدِيئاً سَوَّيْتُها عليه قال زُهير بن مسعود الضَّبِّي يَرْثي أَخاه أُبَيّاً
أَأُبَيُّ إِن تُصْبِحْ رَهِينَ مُوَدَّإِ ... زَلْخِ الجَوانِبِ قَعْرُه مَلْحُودُ
وجواب الشرط في البيت الذي بعده وهو
فَلَرُبَّ مَكْرُوبٍ كَرَرْتَ ورَاءَه ... فَطَعَنْتَه وبَنُو أَبيه شُهُودُ
أَبو عمرو المُوَدَّأَةُ المَهْلَكَةُ والمَفازَةُ وهي في لفظ المَفْعُول به وأَنشد شمر للرّاعي
كائِنْ قَطَعْنا إِليكم مِنْ مُوَدَّأَةٍ ... كأَنَّ أَعْلامَها في آلها القَزَعُ
وقال ابن الأَعرابي المُوَدَّأَةُ حُفْرَةُ الميِّتِ والتَّوْدِئَةُ الدَّفْنُ وأَنشد
لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مُوَدَّأً لرَهِينةٍ ... زَلْجِ الجَوانِب راكِدِ الأَحْجارِ
والوَدَأُ الهلاكُ مقصور مهموز وتَوَدَّأَ عليه أَهلكه ووَدَّأَ فلان بالقومِ تَوْدِئةً وتَوَدَّأَتْ عليَّ وعنِّي الأَخبارُ انْقَطَعَتْ وتَوارَتْ التهذيب في ترجمة ودي ودَأَ الفرسُ يَدَأُ بوزن وَدَعَ يَدَعُ إِذا أَدْلى قال أَبو الهيثم وهذا وهم ليس في وَدَى الفرسُ إِذا أَدْلَى همز وقال أَبو مالك تَوَدَّأْتُ على مالي أَي أَخذْتُه وأَحْرَزْتُه

وذأ
الوَذْءُ المكروه من الكلام شَتْماً كان أَو غيره ووذَأَه يَذَؤُه وَذْءاً عابَه وزَجَرَه وحَقَرَه وقد اتَّذَأَ وأَنشد أَبو زيد لأَبي سلمة المُحارِبيِّ
ثَمَمْتُ حوائِجي ووَذَأْتُ بِشْراً ... فَبِئْسَ مُعَرَّسُ الرَّكْبِ السِّغابِ
ثَمَمْتُ أَصْلَحْتُ قال ابن بَرِّي وفي هذا البيت شاهد على أَنَّ حَوائجَ جمع حاجةٍ ومنهم من يقول جمع حائجةٍ لغة في الحاجةِ وفي حديث عثمان أَنه بينما هو يَخْطُبُ ذاتَ يوم فقام رجل ونال منه ووَذَأَه ابن سَلامٍ فاتَّذَأَ فقال له رجل لا يَمنَعَنَّكَ مَكانُ ابن سَلامٍ أَن تَسُبَّه فإِنه من شِيعتِه قال الأُموي يقال وذَأْتُ الرجُلَ إِذا زَجَرْتَه فاتَّذَأَ أَي انْزَجَر قال أَبو عبيد وذَأَه أَي زَجَرَه وذَمَّه قال وهو في [ ص 193 ] الأَصل العَيْبُ والحَقارة وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّة
أَنِدُّ منَ القِلَى وأَصُونُ عِرْضِي ... ولا أَذَأُ الصَّدِيقَ بما أَقولُ
وقال أَبو مالك ما به وَذْأَةٌ ولا ظَبْظَابٌ أَي لا عِلَّةَ به بالهمز وقال الأَصمعي ما به وَذْيةٌ وسنذكره في المعتل

ورأ
ورَاءُ والوَرَاءُ جميعاً يكون خَلْفَ وقُدَّامَ وتصغيرها عند سيبويه وُرَيِّئةٌ والهمزة عنده أَصلية غير منقلبة عن ياء قال ابن بَرِّي وقد ذكرها الجوهري في المعتل وجعل همزتها منقلبة عن ياء قال وهذا مذهب الكوفيين وتصغيرها عندهم وُرَيَّةٌ بغير همز وقال ثعلب الوَراءُ الخَلْفُ ولكن إِذا كان مما تَمُرُّ عليه فهو قُدَام هكذا حكاه الوَرَاءُ بالأَلِف واللام من كلامه أُخذ وفي التنزيل مِن وَرائِه جَهَنَّمُ أَي بين يديه وقال الزجاج ورَاءُ يكونُ لخَلْفٍ ولقُدّامٍ ومعناها ما تَوارَى عنك أَي ما اسْتَتَر عَنْكَ قال وليس من الاضداد كما زَعَم بعضُ أَهل اللغة وأَما أَمام فلا يكون إِلاَّ قُدَّام أَبداً وقوله تعالى وكان وَراءَهُم مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ غَصْباً قال ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما كان أَمامهم قال لبيد
أَلَيْسَ وَرائي إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي ... لُزُومُ العصَا تُحْنَى عليها الأَصابِعُ
ابن السكِّيت الوَراءُ الخَلْفُ قال ووَراءُ وأَمامٌ وقُدامٌ يُؤَنَّثْنَ ويُذَكَّرْن ويُصَغَّر أَمام فيقال أُمَيِّمُ ذلك وأُمَيِّمةُ ذلك وقُدَيْدِمُ ذلك وقُدَيْدِمةُ ذلك وهو وُرَيِّئَ الحائطِ ووُرَيِّئَةَ الحائطِ قال أَبو الهيثم الوَرَاءُ ممدود الخَلْفُ ويكون الأَمامَ وقال الفرَّاءُ لا يجوزُ أَن يقال لرجل ورَاءَكَ هو بين يَدَيْكَ ولا لرجل بينَ يدَيْكَ هو وَراءَكَ إِنما يجوز ذلك في المَواقِيتِ من الليَّالي والأَيَّام والدَّهْرِ تقول وَراءَكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ وبين يديك بَرْد شديد لأَنك أَنْتَ وَرَاءَه فجاز لأَنه شيءٌ يأْتي فكأَنه إِذا لَحِقَك صار مِن وَرائِكَ وكأَنه إِذا بَلَغْتَه كان بين يديك فلذلك جاز الوَجْهانِ من ذلك قوله عز وجل وكان وَرَاءَهُم مَلِكٌ أَي أَمامَهمْ وكان كقوله من وَرائِه جَهَنَّمْ أَي انها بين يديه ابن الأَعرابي في قوله عز وجل بما وَراءَه وهو الحَقُّ أَي بما سِواه والوَرَاءُ الخَلْفُ والوَراءُ القُدّامُ والوَراءُ ابنُ الابْنِ وقوله عز وجل فمَنِ ابْتَغَى ورَاءَ ذلك أَي سِوَى ذلك وقول ساعِدةَ بن جُؤَيَّةَ
حَتَّى يُقالَ وَراءَ الدَّارِ مُنْتَبِذاً ... قُمْ لا أَبا لَكَ سارَ النَّاسُ فاحْتَزِمِ
قال الأَصمعي قال ورَاءَ الدَّارِ لأَنه مُلْقىً لا يُحْتاجُ إِليه مُتَنَحٍّ مع النساءِ من الكِبَرِ والهَرَمِ قال اللحياني وراءُ مُؤَنَّثة وإِن ذُكِّرت جاز قال سيبويه وقالوا وَراءَكَ إِذا قلت انْظُرْ لِما خَلْفَكَ والوراءُ ولَدُ الوَلَدِ وفي التنزيل العزيز ومِن وراءِ إِسْحقَ يَعْقُوبُ قال الشعبي الوَراءُ ولَدُ الوَلَدِ ووَرَأْتُ الرَّجلَ دَفَعْتُه ووَرَأَ من الطَّعام امْتَلأَ والوَراءُ الضَّخْمُ الغَلِيظُ الأَلواحِ عن الفارسي وما أُورِئْتُ بالشيءِ أَي لم أَشْعُرْ به قال [ ص 194 ] مِنْ حَيْثُ زارَتْني ولَمْ أُورَ بها
اضْطُرَّ فأَبْدَلَ وأَما قول لبيد
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها ... شُعْبةَ الساقِ إِذا الظِّلُّ عَقَلْ ( 1 )
( 1 قوله « شعبة » ضبط بالنصب في مادة وأر من الصحاح وقع ضبطه بالرفع في مادة ورى من اللسان )
قال وقد روي لم يُورَأْ بها قال ورَيْتُه وأَوْرَأْتُه إِذا أَعْلَمْتَه وأَصله من وَرَى الزَّنْدُ إِذا ظَهَرَتْ ناره كأَنَّ ناقَته لم تُضِئْ للظَّبْيِ الكانِس ولم تَبِنْ له فيشعر بها لِسُرْعَتها حتى انْتَهَتْ إِلى كِناسِه فنَدَّ منها جافِلاً قال وقول الشاعر
دَعاني فلم أَورَأْ به فأَجَبْتُه ... فمَدَّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعا
أَي دَعاني ولم أَشْعُرْ به الأَصمعي اسْتَوْرَأَتِ الإِبلُ إِذا تَرابَعتْ على نِفارٍ واحد وقال أَبو زيد ذلك إِذا نَفَرَت فصَعِدَتِ الجبلَ فإِذا كان نِفارُها في السَّهْل قيل استأْوَرَتْ قال وهذا كلام بني عُقَيْلٍ

وزأ
وَزَأْتُ اللحمَ وَزْءاً أَيْبَسْتُه وقيل شَوَيْتُه فأَيْبَسْتُه والوَزَأُ على فَعَل بالتحريك الشديدُ الخَلْقِ أَبو العباس الوَزَأُ من الرجالِ مهموز وأَنشد لبعض بني أَسد يَطُفْنَ حَوْلَ وَزَإٍ وَزْوازِ قال والوَزَأُ القصير السمين الشديدُ الخَلْقِ وَوَزَّأَتِ الفَرَسُ والناقةُ براكبها تَوْزِئةً صَرَعَتْه وَوَزَّأْتُ الوِعاءَ تَوْزِئةً وتَوْزِيئاً إِذا شَدَدْتَ كَنْزَه ووَزَّأْتُ الإِناءَ مَلأْتُه وَوَزَأَ من الطَّعامِ امْتَلأَ وَتَوَزَّأْتُ امْتَلأْتُ رِيًّا وَوَزَّأْتُ القربةَ تَوْزِيئاً مَلأْتُها وقد وَزَّأْتُه حَلَّفْتُه بيَمينٍ غَليظةٍ

وصأ
وَصِئَ الثَّوْبُ اتَّسَخَ

وضأ
الوَضُوءُ بالفتح الماء الذي يُتَوَضَّأُ به كالفَطُور والسَّحُور لما يُفْطَرُ عليه ويُتَسَحَّرُ به والوَضُوءُ أَيضاً المصدر من تَوَضَّأْتُ للصلاةِ مثل الوَلُوعِ والقَبُولِ وقيل الوُضُوءُ بالضم المصدر وحُكيَ عن أَبي عمرو بن العَلاء القَبُولُ بالفتح مصدر لم أَسْمَعْ غيره وذكر الأَخفش في قوله تعالى وَقُودُها النَّاسُ والحِجارةُ فقال الوَقُودُ بالفتح الحَطَبُ والوُقُود بالضم الاتّقادُ وهو الفعلُ قال ومثل ذلك الوَضُوءُ وهو الماء والوُضُوءُ وهو الفعلُ ثم قال وزعموا أَنهما لغتان بمعنى واحد يقال الوَقُودُ والوُقُودُ يجوز أَن يُعْنَى بهما الحَطَبُ ويجوز أَن يُعنى بهما الفعلُ وقال غيره القَبُولُ والوَلُوع مفتوحانِ وهما مصدران شاذَّانِ وما سواهما من المصادر فمبني على الضم التهذيب الوَضُوءُ الماء والطَّهُور مثله قال ولا يقال فيهما بضم الواو والطاء لا يقال الوُضُوءُ ولا الطُّهُور قال الأَصمعي قلت لأَبي عمرو ما الوَضُوءُ ؟ فقال الماءُ الذي يُتَوَضَأُ به قلت فما الوُضُوءُ بالضم ؟ قال لا أَعرفه وقال ابن جبلة سمعت أَبا عبيد يقول لا يجوز الوُضُوءُ إِنما هو الوَضُوءُ [ ص 195 ] وقال ثعلب الوُضُوءُ مصدر والوَضُوءُ ما يُتَوَضَّأُ به والسُّحُورُ مصدر والسَّحُورُ ما يُتَسَحَّر به وتَوَضَّأْتُ وُضُوءاً حَسَناً وقد تَوَضَّأَ بالماءِ وَوَضَّأَ غَيْره تقول تَوَضَّأْتُ للصلاة ولا تقل تَوَضَّيْتُ وبعضهم يقوله قال أَبو حاتم تَوَضَّأْتُ وُضُوءاً وتَطَهَّرْت طُهوراً الليث المِيضأَةُ مِطْهَرةٌ وهي التي يُتَوَضَّأُ منها أَو فيها ويقال تَوَضَّأْتُ أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً وأَصل الكلمة من الوضاءة وهي الحُسْنُ قال ابن الأَثير وُضُوءُ الصلاةِ معروف قال وقد يراد به غَسْلُ بَعْضِ الأَعْضاء والمِيضَأَةُ الموضع الذي يُتَوَضَّأُ فيه عن اللحياني وفي الحديث تَوَضَّؤُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النارُ أَراد به غَسْلَ الأَيدِي والأَفْواهِ من الزُّهُومة وقيل أَراد به وُضُوءَ الصلاةِ وذهبَ إليه قوم من الفقهاءِ وقيل معناه نَظِّفُوا أَبْدانَكم من الزُّهومة وكان جماعة من الأَعراب لا يَغْسِلُونها ويقولون فَقْدُها أَشدُّ مِنْ رِيحها وعن قتادة مَنْ غَسَلَ يدَه فقد تَوَضَّأَ وعن الحسن الوُضُوءُ قبل الطعام يَنْفِي الفَقْرَ والوُضُوءُ بعدَ الطعامِ يَنْفِي اللَّمَمَ يعني بالوُضُوءِ التَّوَضُّؤَ والوَضَاءة مصدرُ الوَضِيءِ وهو الحَسَنُ النَّظِيفُ والوَضاءة الحُسْنُ والنَّظافةُ وقد وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضَاءة بالفتح والمدّ صار وَضِيئاً فهو وَضِيءٌ من قَوْم أَوْضِياءَ وَوِضَاءٍ ووُضَّاءٍ قال أَبو صَدَقة الدُّبَيْرِيُّ
والمرْءُ يُلْحِقُه بِفِتْيانِ النَّدَى ... خُلُقُ الكَريم ولَيْسَ بالوُضَّاءِ ( 1 )
( 1 قوله « وليس بالوضاء » ظاهره أنه جمع واستشهد به في الصحاح على قوله ورجل وضاء بالضم أَي وضيء فمفاده أنه مفرد )
والجمع وُضَّاؤُون وحكى ابن جني وَضاضِئ جاؤوا بالهمزة في الجمع لما كانت غير منقلبة بل موجودةً في وَضُؤْتُ
وفي حديث عائشة لَقَلَّما كانتِ امرأَةٌ وَضِيئةٌ عند رجل يُحِبُّها الوَضَاءة الحُسْنُ والبَهْجةُ يقال وَضُؤَتْ فهي وَضِيئةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه لِحَفْصةَ لا يُغُرّكِ أَن كانَتْ جارَتُكِ هي أَوْضَأَ مِنْكِ أَي أَحْسَنَ وحكى اللحياني إِنه لوَضِيءٌ في فِعْلِ الحالِ وما هو بواضِئٍ في المُسْتَقْبَلِ وقول النابغة فَهُنَّ إِضاءٌ صافِياتُ الغَلائِلِ يجوز أَن يكون أَراد وِضَاءٌ أَي حِسانٌ نِقَاءٌ فأَبدل الهمزة من الواو المكسورة وهو مذكور في موضعه وواضَأْتُه فَوَضَأْتُه أَضَؤُه إِذا فاخَرْتَه بالوَضَاءة فَغَلَبْتَه

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88