كتاب : لسان العرب
المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور

وطأ
وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً داسَه قال سيبويه أَمّا وَطِئَ يَطَأُ فمثل وَرِمَ يَرِمُ ولكنهم فتحوا يَفْعَلُ وأَصله الكسر كما قالوا قرَأَ يَقْرَأُ وقرأَ بعضُهم طَهْ ما أَنْزَلْنا عليكَ القُرآن لِتَشْقَى بتسكين الهاء وقالوا أَراد طَإِ الأَرضَ بِقَدَمَيْكَ [ ص 196 ] جميعاً لأَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم كان يَرْفَعُ إِحدى رِجْلَيْه في صَلاتِه قال ابن جني فالهاء على هذا بدل من همزة طَأْ وتَوَطَّأَهُ ووَطَّأَهُ كَوَطِئَه قال ولا تقل تَوَطَّيْتُه أَنشد أَبو حنيفة
يَأْكُلُ مِنْ خَضْبٍ سَيالٍ وسَلَمْ ... وجِلَّةٍ لَمَّا تُوَطِّئْها قَدَمْ
أَي تَطَأْها وأَوْطَأَه غيرَه وأَوْطَأَه فَرَسَه حَمَلَه عليه وَطِئَه وأَوْطَأْتُ فلاناً دابَّتي حتى وَطِئَتْه وفي الحديث أَنّ رِعاءَ الإِبل ورِعاءَ الغنم تَفاخَرُوا عنده فأَوْطَأَهم رِعاءَ الإِبل غَلَبَةً أَي غَلَبُوهُم وقَهَرُوهم بالحُجّة وأَصله أَنَّ مَنْ صارَعْتَه أَو قاتَلْتَه فَصَرَعْتَه أَو أَثْبَتَّه فقد وَطِئْتَه وأَوْطَأْتَه غَيْرَك والمعنى أَنه جعلهم يُوطَؤُونَ قَهْراً وغَلَبَةً وفي حديث علي رضي اللّه عنه لَمَّا خرج مُهاجِراً بعد النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فَجَعَلْتُ أَتَّبِعُ مآخِذَ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأَطَأُ ذِكْرَه حتى انتَهْيتُ إِلى العَرْجِ أَراد اني كنتُ أُغَطِّي خَبَره من أَوَّل خُروجِي إِلى أَن بَلَغْتُ العَرْجَ وهو موضع بين مكة والمدينة فَكَنَى عن التَّغْطِيةِ والايهام بالوَطْءِ الذي هو أَبلغ في الإِخْفاءِ والسَّتْر وقد اسْتَوْطَأَ المَرْكَبَ أَي وجَده وَطِيئاً والوَطْءُ بالقَدَمِ والقَوائمِ يقال وَطَّأْتُه بقَدَمِي إِذا أَرَدْتَ به الكَثْرَة وبَنُو فلان يَطَؤُهم الطريقُ أَي أَهلُ الطَريقِ حكاه سيبويه قال ابن جني فيه مِن السَّعةِ إِخْبارُكَ عمّا لا يَصِحُّ وطْؤُه بما يَصِحُّ وطْؤُه فنقول قِياساً على هذا أَخَذْنا على الطريقِ الواطِئِ لبني فلان ومَررْنا بقوم مَوْطُوئِين بالطَّريقِ ويا طَريقُ طَأْ بنا بني فلان أَي أَدِّنا اليهم قال ووجه التشبيه إِخْبارُكَ عن الطَّريق بما تُخْبِرُ بِهِ عن سالكيه فَشَبَّهْتَه بهم إذْ كان المُؤَدِّيَ له فَكأَنَّه هُمْ وأَمَّا التوكيدُ فِلأَنَّك إِذا أَخْبَرْتَ عنه بوَطْئِه إِيَّاهم كان أَبلَغَ مِن وَطْءِ سالِكِيه لهم وذلك أَنّ الطَّريقَ مُقِيمٌ مُلازِمٌ وأَفعالُه مُقِيمةٌ معه وثابِتةٌ بِثَباتِه وليس كذلك أَهلُ الطريق لأَنهم قد يَحْضُرُون فيه وقد يَغِيبُون عنه فأَفعالُهم أَيضاً حاضِرةٌ وقْتاً وغائبةٌ آخَرَ فأَيْنَ هذا مما أَفْعالُه ثابِتةٌ مستمرة ولمَّا كان هذا كلاماً الغرضُ فيه المدحُ والثَّنَاءُ اخْتارُوا له أَقْوى اللَّفْظَيْنِ لأَنه يُفِيد أَقْوَى المَعْنَيَيْن الليث المَوْطِئُ الموضع وكلُّ شيءٍ يكون الفِعْلُ منه على فَعِلَ يَفْعَلُ فالمَفْعَلُ منه مفتوح العين إِلا ما كان من بنات الواو على بناءِ وَطِئَ يَطَأُ وَطْأً وإِنما ذَهَبَتِ الواو مِن يَطَأُ فلم تَثْبُتْ كما تَثْبُتُ في وَجِل يَوْجَلُ لأَن وَطِئَ يَطَأُ بُني على تَوَهُّم فَعِلَ يَفْعِلُ مثل وَرِمَ يَرِمُ غير أَنَّ الحرفَ الذي يكون في موضع اللام من يَفْعَلُ في هذا الحدِّ إِذا كان من حروف الحَلْقِ الستة فإِن أَكثر ذلك عند العرب مفتوح ومنه ما يُقَرُّ على أَصل تأْسيسه مثل وَرِمَ يَرِمُ وأَمَّا وَسِعَ يَسَعُ ففُتحت لتلك العلة والواطِئةُ الذين في الحديث هم السابِلَةُ سُمُّوا بذلك لوَطْئِهم الطريقَ التهذيب والوَطَأَةُ هم أَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنَ الناس سُمُّوا وطَأَةً لأَنهم يَطَؤُون الأَرض وفي الحديث أَنه قال للخُرَّاصِ احْتَاطوا لأَهْل الأَمْوالِ في النائِبة والواطِئةِ الواطِئةُ المارَّةُ والسَّابِلةُ يقول اسْتَظْهِرُوا لهم في الخَرْصِ لِما يَنُوبُهمْ ويَنْزِلُ [ ص 197 ] بهم من الضِّيفان وقيل الواطِئَةُ سُقاطةُ التمر تقع فتُوطَأُ بالأَقْدام فهي فاعِلةٌ بمعنى مَفْعُولةٍ وقيل هي من الوَطايا جمع وَطِيئةِ وهي تَجْري مَجْرَى العَرِيَّة سُمِّيت بذلك لأَنَّ صاحِبَها وطَّأَها لأَهله أَي ذَلَّلَها ومَهَّدها فهي لا تدخل في الخَرْص ومنه حديث القَدَرِ وآثارٍ مَوْطُوءة أَي مَسْلُوكٍ عَلَيْها بما سَبَقَ به القَدَرُ من خَيْر أَو شرٍّ وأَوطَأَه العَشْوةَ وعَشْوةً أَرْكَبَه على غير هُدًى يقال مَنْ أَوطأَكَ عَشْوةً وأَوطَأْتُه الشيءَ فَوَطِئَه ووَطِئْنا العَدُوَّ بالخَيل دُسْناهم وَوَطِئْنا العَدُوَّ وطْأَةً شَديدةً والوَطْأَةُ موضع القَدَم وهي أَيضاً كالضَّغْطةِ والوَطْأَةُ الأَخْذَة الشَّديدةُ وفي الحديث اللهم اشْدُدْ وطْأَتَكَ على مُضَرَ أَي خُذْهم أَخْذاً شَديداً وذلك حين كَذَّبوا النبيَّ صلى اللّه عليه سلم فَدَعا علَيهم فأَخَذَهم اللّهُ بالسِّنِين ومنه قول الشاعر
ووَطِئْتَنا وَطْأً على حَنَقٍ ... وَطْءَ المُقَيَّدِ نابِتَ الهَرْمِ
وكان حمّادُ بنُ سَلَمة يروي هذا الحديث اللهم اشْدُدْ وَطْدَتَكَ على مُضَر والوَطْدُ الإِثْباتُ والغَمْزُ في الأَرض ووَطِئْتُهم وَطْأً ثَقِيلاً ويقال ثَبَّتَ اللّهُ وَطْأَتَه وفي الحديث زَعَمَتِ المرأَةُ الصالِحةُ خَوْلةُ بنْتُ حَكِيمٍ أَنَّ رسولَ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم خَرَجَ وهو مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه وهو يقول إِنَّكُمْ لتُبَخِّلُون وتُجَبِّنُونَ وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللّه وإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وطِئَها اللّهُ بِوَجٍّ أَي تَحْمِلُون على البُخْلِ والجُبْنِ والجَهْلِ يعني الأَوْلاد فإِنَّ الأَب يَبْخَل بانْفاق مالِه ليُخَلِّفَه لهم ويَجْبُنُ عن القِتال ليَعِيشَ لهم فيُرَبِّيَهُمْ ويَجْهَلُ لأَجْلِهم فيُلاعِبُهمْ ورَيْحانُ اللّهِ رِزْقُه وعَطاؤُه ووَجٌّ من الطائِف والوَطْءُ في الأَصْلِ الدَّوْ سُ بالقَدَمِ فسَمَّى به الغَزْوَ والقَتْلَ لأَن مَن يَطَأُ على الشيءِ بِرجله فقَدِ اسْتَقْصى في هَلاكه وإِهانَتِه والمعنى أَنَّ آخِرَ أَخْذةٍ ووقْعة أَوْقَعَها اللّهُ بالكُفَّار كانت بِوَجٍّ وكانت غَزْوةُ الطائِف آخِرَ غَزَواتِ سيدنا رَسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإِنه لم يَغْزُ بعدَها إلا غَزْوةَ تَبُوكَ ولم يَكن فيها قِتالٌ قال ابن الأَثير ووجهُ تَعَلُّقِ هذا القول بما قَبْلَه مِن ذِكر الأَولاد أَنه إِشارةٌ إِلى تَقْلِيل ما بقي من عُمُره صلى اللّه عليه وسلم فكنى عنه بذلك ووَطِئَ المرأَةَ يَطَؤُها نَكَحَها ووَطَّأَ الشيءَ هَيَّأَه الجوهريُّ وطِئْتُ الشيءَ بِرجْلي وَطْأً ووَطِئَ الرجُلُ امْرَأَتَه يَطَأُ فيهما سقَطَتِ الواوُ من يَطَأُ كما سَقَطَتْ من يَسَعُ لتَعَدِّيهما لأَن فَعِلَ يَفْعَلُ مما اعتلَّ فاؤُه لا يكون إِلا لازماً فلما جاءا من بين أَخَواتِهما مُتَعَدِّيَيْنِ خُولِفَ بهما نَظائرُهما وقد تَوَطَّأْتُه بِرجلي ولا تقل تَوَطَّيْتُه وفي الحديث إِنَّ جِبْرِيلَ صلَّى بِيَ العِشاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ واتَّطَأَ العِشاءُ وهو افْتَعَلَ من وَطَّأْتُه يقال وطَّأْتُ الشيءَ فاتَّطَأَ أَي هَيَّأْتُه فَتَهَيَّأَ أَراد أَن الظَّلام كَمَلَ [ ص 198 ] وواطَأَ بعضُه بَعْضاً أَي وافَقَ قال وفي الفائق حين غابَ الشَّفَقُ وأْتَطَى العِشاءُ قال وهو من قَوْلِ بَني قَيْسٍ لم يَأْتَطِ الجِدَادُ ومعناه لم يأْتِ حِينُه وقد ائْتَطَى يأْتَطي كَأْتَلى يَأْتَلي بمعنى المُوافَقةِ والمُساعَفةِ قال وفيه وَجْهٌ آخَر أَنه افْتَعَلَ مِنَ الأَطِيطِ لأَنّ العَتَمَةَ وَقْتُ حَلْبِ الإِبل وهي حينئذ تَئِطُّ أي تَحِنُّ إِلى أَوْلادِها فجعَل الفِعْلَ للعِشاءِ وهو لها اتِّساعاً ووَطَأَ الفَرَسَ وَطْأً ووَطَّأَهُ دَمَّثه ووَطَّأَ الشيءَ سَهَّلَه ولا تقل وَطَّيْتُ وتقول وطَّأْتُ لك الأَمْرَ إِذا هَيَّأْتَه ووَطَّأْتُ لك الفِراشَ ووَطَّأْتُ لك المَجْلِس تَوْطِئةً والوطيءُ من كلِّ شيءٍ ما سَهُلَ ولان حتى إِنهم يَقولون رَجُلٌ وَطِيءٌ ودابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنة الوَطاءة وفي الحديث أَلا أُخْبِرُكم بأَحَبِّكم إِلَيَّ وأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجالِسَ يومَ القيامةِ أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُونَ أَكْنافاً الذينَ يَأْلَفُون ويُؤْلَفون قال ابن الأَثير هذا مَثَلٌ وحَقيقَتُه من التَّوْطِئةِ وهي التَّمهيِدُ والتَّذليلُ وفِراشٌ وطِيءٌ لا يُؤْذي جَنْبَ النائِم والأَكْنافُ الجَوانِبُ أَراد الذين جوانِبُهم وَطِيئةٌ يَتَمَكَّن فيها مَن يُصاحِبُهم ولا يَتَأَذَّى وفي حديث النِّساءِ ولَكُم عَلَيهِنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أَحَداً تَكْرَهونه أَي لا يَأْذَنَّ ِلأَحدٍ من الرِّجال الأَجانِب أَن يَدْخُلَ عليهنَّ فَيَتَحَدَّث اليهنَّ وكان ذلك من عادةِ العرب لا يَعُدُّونه رِيبَةً ولا يَرَوْن به بأْساً فلمَّا نزلت آيةُ الحِجاب نُهُوا عن ذلك وشيءٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الوَطاءة والطِّئَةِ والطَّأَةِ مثل الطِّعَةِ والطَّعَةِ فالهاءُ عوض من الواو فيهما وكذلك دابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنةُ الوَطاءة والطَّأَةِ بوزن الطَّعَةِ أَيضاً قال الكميت
أَغْشَى المَكارِهَ أَحْياناً ويَحْمِلُنِي ... منه على طَأَةٍ والدَّهْرُ ذُو نُوَبِ
أَي على حالٍ لَيِّنةٍ ويروى على طِئَةٍ وهما بمعنىً والوَطِيءُ السَّهْلُ من الناسِ والدَّوابِّ والأماكِنِ وقد وَطُؤَ الموضعُ بالضم يَوْطُؤُ وطَاءة وَوُطُوءة وطِئةً صار وَطِيئاً ووَطَّأْتُه أَنا تَوطِئةً ولا تقل وَطَّيْته والاسم الطَّأَة مهموز مقصور قال وأَمَّا أَهل اللغة فقالوا وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَة والطِّئَةِ وقال ابن الأَعرابي دابَّةٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَةِ بالفتح ونَعُوذُ باللّه من طِئةِ الذليل ولم يفسره وقال اللحياني معناه مِنْ أَن يَطَأَني ويَحْقِرَني وقال اللحياني وَطُؤَتِ الدابَّةُ وَطْأً على مثال فَعْلٍ ووَطَاءة وطِئةً حسَنةً ورجل وَطِيءُ الخُلُقِ على المثل ورجل مُوَطَّأُ الأَكْنافِ إِذا كان سَهْلاً دَمِثاً كَريماً يَنْزِلُ به الأَضيافُ فيَقْرِيهم ابن الأَعرابي الوَطِيئةُ الحَيْسةُ والوَطَاءُ والوِطَاءُ ما انْخَفَضَ من الأَرض بين النّشازِ والإِشْرافِ والمِيطَاءُ كذلك قال غَيْلانُ الرَّبَعي يصف حَلْبَةً
أَمْسَوْا فَقادُوهُنَّ نحوَ المِيطَاءْ ... بِمائَتَيْنِ بِغلاءِ الغَلاَّءْ
وقد وَطَّأَها اللّهُ ويقال هذه أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ لا رِباءَ فيها ولا وِطَاءَ أَي لا صُعُودَ فيها ولا انْخفاضَ [ ص 199 ] وواطَأَه على الأَمر مُواطأَةً وافَقَه وتَواطَأْنا عليه وتَوطَّأْنا تَوافَقْنا وفلان يُواطِئُ اسمُه اسْمِي وتَواطَؤُوا عليه تَوافَقُوا وقوله تعالى ليُواطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ هو من وَاطَأْتُ ومثلها قوله تعالى إِنّ ناشِئةَ الليلِ هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً بالمدّ مُواطأَةً قال وهي المُواتاةُ أَي مُواتاةُ السمعِ والبصرِ ايَّاه وقُرئَ أَشَدُّ وَطْأً أَي قِياماً التهذيب قرأَ أَبو عمرو وابن عامرٍ وِطَاءً بكسر الواو وفتح الطاء والمدّ والهمز من المُواطأَةِ والمُوافقةِ وقرأَ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وَطْأً بفتح الواو ساكنة الطاء مقصورة مهموزة وقال الفرَّاءُ معنى هي أشدُّ وَطْأً يقول هي أَثْبَتُ قِياماً قال وقال بعضهم أَشَدُّ وَطْأً أَي أَشَدُّ على المُصَلِّي من صلاةِ النهار لأَنَّ الليلَ للنوم فقال هي وإِن كانت أَشَدَّ وَطْأً فهي أَقْوَمُ قِيلاً وقرأَ بعضُهم هي أَشَدُّ وِطَاءً على فِعالٍ يريد أَشَدُّ عِلاجاً ومُواطَأَةً واختار أَبو حاتم أَشَدُّ وِطاءً بكسر الواو والمدّ وحكى المنذري أَنَّ أَبا الهيثم اختار هذه القراءة وقال معناه أَنَّ سَمْعَه يُواطِئُ قَلْبَه وبَصَرَه ولِسانُه يُواطِئُ قَلْبَه وِطاءً يقال واطَأَني فلان على الأَمرِ إِذا وافَقَكَ عليه لا يشتغل القلبُ بغير ما اشْتَغَلَ به السمع هذا واطَأَ ذاكَ وذاكَ واطَأَ هذا يريد قِيامَ الليلِ والقراءة فيه وقال الزجاج هي أَشدُّ وِطاءً لقلة السمع ومنْ قَرأً وَطْأً فمعناه هي أَبْلغُ في القِيام وأَبْيَنُ في القول وفي حديثِ ليلةِ القَدْرِ أَرَى رُؤْياكم قد تَواطَتْ في العَشْرِ الأَواخِر قال ابن الأَثير هكذا روي بترك الهمز وهو من المُواطأَةِ وحقيقتُه كأَنّ كُلاً منهما وَطِئَ ما وَطِئَه الآخَرُ وتَوَطَّأْتُهُ بقَدَمِي مثل وَطِئْتُه وهذا مَوْطِئُ قَدَمِك وفي حديث عبداللّه رضي اللّه عنه لا نَتَوَضَّأُ من مَوْطَإٍ أَي ما يُوطَأُ من الأَذَى في الطريق أَراد لا نُعِيدُ الوُضوءَ منه لا أَنهم كانوا لا يَغْسِلُونه والوِطاءُ خلافُ الغِطاء والوَطِيئَةُ تَمْرٌ يُخْرَجُ نَواه ويُعْجَنُ بلَبَنٍ والوَطِيئَةُ الأَقِطُ بالسُّكَّرِ وفي الصحاح الوَطِيئَةُ ضَرْب من الطَّعام التهذيب والوَطِيئةُ طعام للعرب يُتَّخَذُ من التمر وقال شمر قال أَبو أَسْلَمَ الوَطِيئةُ التمر وهو أَن يُجْعَلَ في بُرْمةٍ ويُصَبَّ عليه الماءُ والسَّمْنُ إِن كان ولا يُخْلَطُ به أَقِطٌ ثم يُشْرَبُ كما تُشْرَبُ الحَسِيَّةُ وقال ابن شميل الوَطِيئةُ مثل الحَيْسِ تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بالسمن المفضل الوَطِيءُ والوَطيئةُ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) وطأ وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً داسَه قال سيبويه أَمّا وَطِئَ العَصِيدةُ الناعِمةُ فإِذا ثَخُنَتْ فهي النَّفِيتةُ فإِذا زادت قليلاً فهي النَّفِيثةُ بالثاءِ ( 1 )
( 1 قوله « النفيثة بالثاء » كذا في النسخ وشرح القاموس بلا ضبط ) فإِذا زادت فهي اللَّفِيتةُ فإِذا تَعَلَّكَتْ فهي العَصِيدةُ وفي حديث عبداللّه بن بُسْرٍ رضي اللّه عنه أَتَيْناهُ بوَطِيئةٍ هي طَعامٌ يُتَّخَذُ مِن التَّمْرِ كالحَيْسِ ويروى بالباءِ الموحدة وقيل هو تصحيف والوَطِيئة على فَعِيلةٍ شيءٌ كالغِرارة غيره الوَطِيئةُ الغِرارةُ يكون فيها القَدِيدُ والكَعْكُ وغيرُه وفي الحديث فأَخْرَجَ إِلينا ثلاثَ أُكَلٍ من وَطِيئةٍ أَي ثلاثَ قُرَصٍ من غِرارةٍ وفي حديث عَمَّار أَنّ رجلاً وَشَى به إِلى عُمَرَ فقال اللهم إِن كان كَذَبَ فاجعلْهُ مُوَطَّأَ العَقِب [ ص 200 ] أَي كثير الأَتْباعِ دَعا عليه بأَن يكون سُلطاناً ومُقَدَّماً أَو ذَا مالٍ فيَتْبَعُه الناسُ ويمشون وَراءَه ووَاطأَ الشاعرُ في الشِّعر وأَوْطَأَ فيه وأَوطَأَه إِذا اتَّفقت له قافِيتانِ على كلمة واحدة معناهما واحد فإِن اتَّفَق اللفظُ واخْتَلف المَعنى فليس بإِيطاءٍ وقيل واطَأَ في الشِّعْر وأَوْطَأَ فيه وأَوْطَأَه إِذا لم يُخالِفْ بين القافِيتين لفظاً ولا معنى فإِن كان الاتفاقُ باللفظ والاختلافُ بالمعنى فليس بِإِيطاءٍ وقال الأَخفش الإِيطَاءُ رَدُّ كلمة قد قَفَّيْتَ بها مرة نحو قافيةٍ على رجُلِ وأُخرى على رجُلِ في قصيدة فهذا عَيْبٌ عند العرب لا يختلفون فيه وقد يقولونه مع ذلك قال النابغة
أوْ أَضَعَ البيتَ في سَوْداءَ مُظْلِمةٍ ... تُقَيِّدُ العَيْرَ لا يَسْري بها السَّارِي
ثم قال
لا يَخْفِضُ الرِّزَّ عن أَرْضٍ أَلمَّ بها ... ولا يَضِلُّ على مِصْباحِه السَّارِي
قال ابن جني ووجْهُ اسْتِقْباحِ العرب الإِيطَاءَ أَنه دالٌّ عندهم على قِلّة مادّة الشاعر ونزَارة ما عنده حتى يُضْطَرّ إِلى إِعادةِ القافيةِ الواحدة في القصيدة بلفظها ومعناها فيَجْري هذا عندهم لِما ذكرناه مَجْرَى العِيِّ والحَصَرِ وأَصله أَن يَطَأَ الإِنسان في طَريقه على أَثَرِ وَطْءٍ قبله فيُعِيد الوَطْءَ على ذلِك الموضع وكذلك إِعادةُ القافيةِ هِيَ مِن هذا وقد أَوطَأَ ووَطَّأَ وأَطَّأَ فأَطَّأَ على بدل الهمزة من الواو كَوناةٍ وأَناةٍ وآطَأَ على إِبدال الأَلف من الواو كَياجَلُ في يَوْجَلُ وغيرُ ذلك لا نظر فيه قال أَبو عمرو بن العلاء الإِيطاءُ ليس بعَيْبٍ في الشِّعر عند العرب وهو إِعادة القافيةِ مَرَّتين قال الليث أُخِذ من المُواطَأَةِ وهي المُوافَقةُ على شيءٍ واحد وروي عن ابن سَلام الجُمَحِيِّ أَنه قال إِذا كثُر الإِيطاءُ في قصيدة مَرَّاتِ فهوعَيْبٌ عندهم أَبو زيد إِيتَطَأَ الشَّهْرُ وذلك قبل النِّصف بيوم وبعده بيوم بوزن إِيتَطَعَ

وكأ
تَوَكَّأَ على الشيءِ واتَّكَأَ تَحَمَّلَ واعتمَدَ فهو مُتَّكِئٌ والتُكأَةُ العَصا يُتَّكَأُ عليها في المشي وفي الصحاح ما يُتَكَأُ عليه يقال هو يَتَوَكَّأُ على عصاه ويَتَّكِئُ أَبو زيد أَتْكَأْتُ الرجُلَ إِتْكاءً إِذا وَسَّدْتَه حتى يَتَّكِئَ وفي الحديث هذا الأَبيضُ المُتَّكِئُ المُرْتَفِقُ يريد الجالِسَ المُتَمَكِّنَ في جلوسه وفي الحديث التُّكَأَةُ مِن النَّعْمةِ التُكَأَةُ بوزن الهُمَزة ما يُتَّكَأُ عليه ورجل تُكَأَةٌ كثير الاتِّكاءِ والتاءُ بدل من الواو وبابها هذا الباب والموضعُ مُتَّكَأٌ وأَتْكَأَ الرَّجُلَ جَعل له مُتَّكَأً وقُرئَ وأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وقال الزجاج هو ما يُتَّكَأُ عليه لطَعام أَو شراب أَو حديثٍ وقال المفسرون في قوله تعالى وأَعْتَدَتْ لهنَّ مُتَّكَأً أَي طعاماً وقيل للطَّعامِ مُتَّكَأٌ لأَنَّ القومَ إِذا قَعَدوا على الطعام اتَّكَؤُوا وقد نُهِيَتْ هذه الأُمَّةُ عن ذلك قال النبي صلى اللّه عليه وسلم آكُلُ كما يأَكُلُ العَبْدُ وفي الحديث لا آكُلُ مُتَّكِئاً المُتَّكِئُ في العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَن اسْتَوَى قاعِداً على وِطاءٍ مُتَمَكِّناً والعامّةُ لا تعرف المُتَّكِئَ إِلاّ مَنْ مالَ في قُعُودِه مُعْتَمِداً على أَحَدِ شِقَّيْه والتاءُ فيه بدل من الواو وأَصله من الوِكاءِ وهو [ ص 201 ] ما يُشَدُّ به الكِيسُ وغيره كأَنه أَوْكَأَ مَقْعَدَتَه وشَدَّها بالقُعود عَلى الوِطاءِ الذي تحْتَه قال ابن الأَثير ومعنى الحديث أَنِّي إِذا أَكَلْتُ لم أَقْعُدْ مُتَمَكِّناً فِعْلَ مَن يُرِيدُ الاسْتِكْثارَ منه ولكِنْ آكُلُ بُلْغةً فيكون قُعُودي له مُسْتَوْفِزاً قال ومَن حَمَل الاتِّكاءَ على المَيْلِ إِلى أَحَد الشّقَّيْنِ تأَوَّلَه على مَذْهَب الطِّبِّ فإِنه لا يَنْحَدِرُ في مَجاري الطعامِ سَهْلاً ولا يُسِيغُه هَنِيئاً ورُبَّما تأَذَّى به وقال الأَخفش مُتَّكَأً هو في معنى مَجْلِسٍ ويقال تَكِئَ الرجلُ يَتْكَأُ تَكَأً والتُّكَأَةُ بوزن فُعَلةٍ أَصله وُكَأَةٌ وإِنما مُتَّكَأٌ أَصله مُوتَكَأٌ مثل مُتَّفَقٍ أَصله مُوتَفَقٌ وقال أَبو عبيد تُكَأَةٌ بوزن فُعَلةٍ وأَصلُهُ وُكَأَة فَقُلِبت الواو تاءً في تُكَأَةٍ كما قالوا تُراثٌ وأَصله وُراثٌ واتَّكَأْتُ اتِّكَاءً أَصله اوتَكَيْتُ فأُدغمت الواو في التاءِ وشُدّدت وأَصل الحرف وكَّأَ يُوَكِّئُ تَوْكِئةً وضربه فأَتْكَأَه على أَفْعَله أَي أَلقاه على هيئة المُتَّكِئِ وقيل أَتْكَأَه أَلقاه على جانبه الأَيسر والتاءُ في جميع ذلك مبدلة من واو أَوْكَأْتُ فلاناً إِيكاءً إِذا نصبت له مُتَّكَأً وأَتْكَأْته إِذا حَمَلْتَه على الاتِّكاءِ ورجل تُكَأَةٌ مثل هُمَزة كثير الاتِّكاءِ الليث تَوَكَّأَتِ الناقةُ وهو تَصَلُّقُها عند مَخاضِها والتَّوَكُّؤُ التَّحامُل على العَصا في المَشْي وفي حديث الاسْتِسْقاءِ قال جابِرٌ رضي اللّه عنه رأُيتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يُواكِئُ أَي يَتَحامَلُ على يَدَيْهِ إِذا رَفَعَهما ومدّهما في الدُّعاءِ ومنه التَّوَكُّؤُ على العَصا وهو التَّحامُلُ عليها قال ابن الأَثير هكذا قال الخطابي في مَعالِم السُّنَن والذي جاءَ في السُّنَن على اخْتِلاف رواياتِها ونسخها بالباء الموحدة قال والصحيح ما ذكره الخطابي

ومأ
ومَأَ إليه يَمَأُ وَمْأً أَشارَ مِثل أَوْمَأَ أَنشد القَنانيُّ
فقُلْت السَّلامُ فاتَّقَتْ مِنْ أَمِيرها ... فَما كان إِلاّ وَمْؤُها بالحَواجِبِ
وَأَوْمَأَ كَوَمَأَ ولا تقل أَوْمَيْتُ الليث الإِيماءُ أَن تُومئَ برَأْسِكَ أَوْ بيَدِك كما يُومِئُ المَرِيضُ برأْسه للرُّكُوعِ والسُّجُودِ وقد تَقُولُ العرب أَوْمَأَ برأْسِه أَي قال لا قال ذوالرمة
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عن نُخَراتِها ... بِنَهْزٍ كإِيماءِ الرُّؤُوسِ المَوانِع
وقوله أَنشده الأخفش في كِتابه المَوْسُوم بالقوافي
إِذا قَلَّ مالُ المَرْءِ قَلَّ صَديقُه ... وأَوْمَتْ إِليه بالعُيُوبِ الأَصابِعُ
إِنما أَراد أَوْمَأَتْ فاحْتاجَ فخَفَّف تَخْفِيف إِبْدالٍ ولم يَجْعَلْها بَيْنَ بَيْنَ إِذْ لَوْ فَعَل ذلك لانكسر البيتُ لأَنَّ المُخفَّفةَ تَخْفيفاً بَيْنَ بَيْنَ في حكم المُحقَّقةِ ووقع في وامِئةٍ أي داهية وأُغْوِيَّة قال ابن سيده أُراه اسماً لأَني لم أَسْمَعْ له فِعْلاً وذهَبَ ثَوْبي فما أَدْري ما كانَتْ وامِئَتُه أَي لا أَدْري مَنْ أَخَذَه كذا حكاه يعقوب في الجَحْدِ ولم يفسره قال ابن سيده وعِنْدِي أَنَّ معناه ما كانت داهِيَتُه التي ذَهَبَتْ به [ ص 202 ] وقال أَيضاً ما أَدْرِي مَنْ أَلْمَأَ عليه قال وهذا قد يُتَكَلَّمُ به بغير حَرْف جَحْدٍ وفلانٌ يُوامِئُ فلاناً كيُوائِمُه إِما لغة فيه أَو مقلوب عنه من تذكرة أَبي علي وأَنشد ابن شميل
قد أَحْذَرُ ما أَرَى ... فأَنَا الغَداةَ مُوامِئُهْ ( 1 )
( 1 قوله « قد احذر إلخ » كذا بالنسخ ولا ريب أنه مكسور ولعله قد كنت أحذر ما أرى )
قال النَّضْرُ زَعم أَبو الخَطَّابِ مُوامِئُه مُعايِنُه وقال
الفرَّاءُ ( 2 )
( 2 قوله « وقال الفراء إلخ » ليس هو من هذا الباب وقد أعاد المؤلف ذكره في المعتل ) اسْتَوْلَى على الأَمْرِ واسْتَوْمَى إِذا غَلَب عليه ويقال وَمَى بالشيء إِذا ذَهَب به ويقال ذَهَب الشيءُ فلا أَدْرِي ما كانَتْ وامِئَتُه وما أَلْمَأَ عليه واللّه تعالى أَعلم

يأيأ
يَأْيَأْتُ الرَّجلَ يَأْيَأَةً ويَأْياءً أَظْهَرْتُ إِلطافَه وقيل إِنما هو بَأْبَأَ قال وهو الصحيح وقد تقدَّم ويَأْيَأَ بالإِبلِ إِذا قال لها أَيْ ليُسَكِّنَها مقلوب منه ويَأْيَأَ بالقَوْمِ دعَاهُم واليؤْيُؤُ طائرٌ يُشبِهُ الباشَقَ مِن الجَوارِحِ والجمع اليَآيِئُ
وجاءَ في الشعر اليَآئِي قال الحسن بن هانئ في طَرْدِيَّاتِه
قَدْ أَغْتَدي والليلُ في دُجاهُ ... كَطُرَّة البُرْدِ عَلى مَثْناهُ
بِيُؤْيُؤٍ يُعجِبُ مَنْ رَآهُ ... ما في اليَآئِي يُؤْيُؤٌ شَرْواهُ
قال ابن بري كأَنَّ قياسَهُ عنده اليَآيِئُ إِلا أَنَّ الشاعرَ قَدَّمَ الهمزة على الياءِ قال ويمكن أَن يكون هذا البيتُ لبعضِ العَرَب فادَّعاه أَبو نُواسٍ قال عبداللّه محمد بن مكرم ما أَعْلَمُ مُسْتَنَدَ الشيخِ أَبي محمد بن بري في قوله عن الحسن بن هانئ في هذا البيت ويمكن أَن يكون هذا البيت لبعض العرب فادَّعاه أَبو نواس وهو وإِن لم يكن اسْتُشْهِدَ بشِعره لا يخفى عن الشيخ أَبي محمد ولا غيره مكانَتُه مِن العِلم والنَّظْمِ ولو لم يكن له من البَدِيع الغَريبِ الحَسَنِ العَجِيبِ إِلا أَرْجُوزَتُه التي هي وبَلْدةٍ فيها زَوَرْ لكانَ في ذلك أَدَلُّ دَلِيلٍ على نُبْلِه وفَضْلِه وقد شَرَحَها ابن جني رحمه اللّه وقال في شرحها من تقريظ أَبي نُواسٍ وتَفْضِيله ووَصْفِه بمَعْرِفةِ لُغات العرب وأَيَّامِها ومآثِرِها ومَثالِبِها ووقائعِها وتفرده بفنون الشعر العشرة المحتوية على فنونه ما لم يَقُلْه في غيرِه وقال في هذا الشرح أَيضاً لولا ما غلب عليه من الهَزْل اسْتُشْهِدَ بكلامه في التفسير اللهم إِلا إِن كان الشيخ أَبو محمد قال ذلك ليبعث على زِيادةِ الأُنس بالاسْتِشْهاد به إِذا وَقع الشكُّ فيه أَنه لبعض العرب وأَبو نُواسٍ كان في نفسه وأَنْفُسِ الناسِ أَرْفَعَ من ذلك وأَصْلَفَ أَبو عمرو اليُؤْيُؤُ رأْسُ المُكْحُلةِ

يرنأ
اليَرَنَّأُ ( 3 )
( 3 قوله « اليرنأ إلخ » عبارة القاموس اليرنأ بضم الياء وفتحها مقصورة مشدّدة النون واليرناء بالضم والمد فيستفاد منه لغة ثالثة ويستفاد من آخر المادة هنا رابعة ) واليُرَنَّاءُ مثل الحِنَّاء قال دُكَيْنُ [ ص 203 ]
ابن رَجاء
كَأَنَّ باليَرَنّإِ المَعْلُولِ ... حَبَّ الجَنَى مِن شُرَّعٍ نُزُولِ
جادَ بِه مِن قُلُتِ الثَّمِيلِ ... ماءُ دَوالِي زَرَجُونٍ مِيلِ
الجَنَى العِنَبُ وشُرَّعٍ نُزولِ يريد به ما شَرَعَ من الكَرْم في الماء والقُلُتُ جمع قِلاتٍ وقِلاتٌ جمع قَلْتٍ وهي الصخرةُ التي يكون فيها الماء والثَّمِيلُ جمع ثَمِيلةٍ هي بَقِيَّةُ الماء في القَلْتِ أَعني النُّقْرةَ التي تُمْسِكُ الماء في الجَبَل وفي حديث فاطَمةُ رِضْوانُ اللّهِ عليها أَنها سأَلَتْ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن اليُرَنَّاء فقال ممن سَمِعْتِ هذه الكلمةَ ؟ فقالت مِن خَنْساءَ قال القتيبي اليُرَنَّاء الحِنَّاء قال ولا أَعرف لهذه الكلمة في الأَبْنِية مَثَلاً قال ابن بري إِذا قلت اليَرَنَّأُ بالفتح همزت لا غير وإِذا ضممت الياء جاز الهمز وتركه واللّه سبحانه وتعالى أَعلم [ ص 204 ]

الباء
من الحُروف المَجْهُورة ومن الحروف الشَّفَوِيَّةِ وسُمِّيت شَفَوِيَّةً لأَن مَخْرَجَها من بينِ الشَّفَتَيْنِ لا تَعْمَلُ الشَّفتانِ في شيءٍ من الحروف إِلاّ فيها وفي الفاء والميم قال الخليل بن أَحمد الحروف الذُّلْقُ والشَّفَوِيَّةُ ستة الراءُ واللام والنون والفاءُ والباءُ والميم يجمعها قولك رُبَّ مَنْ لَفَّ وسُمِّيت الحروف الذُّلْقُ ذُلْقاً لأَن الذَّلاقة في المَنْطِق إِنما هي بطَرف أَسَلةِ اللِّسان وذَلَقُ اللسان كذَلَقِ السِّنان ولمَّا ذَلِقَتِ الحُروفُ الستةُ وبُذِلَ بهنَّ اللِّسانُ وسَهُلت في المَنْطِقِ كَثُرَت في أَبْنِية الكلام فليس شيءٌ من بناءِ الخُماسيّ التامِّ يَعْرَى منها أَو مِن بَعْضِها فإِذا ورد عليك خُماسيٌّ مُعْرًى من الحُروف الذُّلْقِ والشَّفَوِيَّة فاعلم أَنه مُولَّد وليس من صحيح كلام العرب وأَما بناءُ الرُّباعي المنْبَسِط فإِن الجُمهور الأَكثرَ منه لا يَعْرى من بَعض الحُروف الذُّلْقِ إِلا كَلِماتٌ نَحوٌ من عَشْر ومَهْما جاءَ من اسْمٍ رُباعيّ مُنْبَسِطٍ مُعْرًى من الحروف الذلق والشفوية فإِنه لا يُعْرَى من أَحَد طَرَفَي الطَّلاقةِ أَو كليهما ومن السين والدال أَو احداهما ولا يضره ما خالَطه من سائر الحُروف الصُّتْمِ

أبب
الأَبُّ الكَلأُ وعَبَّر بعضُهم ( 1 )
( 1 قوله بعضهم هو ابن دريد كما في المحكم ) عنه بأَنه المَرْعَى وقال الزجاج الأَبُّ جَمِيعُ الكَلإِ الذي تَعْتَلِفُه الماشِية وفي التنزيل العزيز وفاكِهةً وأَبّاً قال أَبو حنيفة سَمَّى اللّهُ تعالى المرعَى كُلَّه أَبّاً قال الفرَّاءُ الأَبُّ ما يأْكُلُه الأَنعامُ وقال مجاهد الفاكهةُ ما أَكَله الناس والأَبُّ ما أَكَلَتِ الأَنْعامُ فالأَبُّ من المَرْعى للدَّوابِّ كالفاكِهةِ للانسان وقال الشاعر
جِذْمُنا قَيْسٌ ونَجْدٌ دارُنا ... ولَنا الأَبُّ بهِ والمَكْرَعُ
[ ص 205 ] قال ثعلب الأَبُّ كُلُّ ما أَخْرَجَتِ الأَرضُ من النَّباتِ وقال عطاء كُلُّ شيءٍ يَنْبُتُ على وَجْهِ الأَرضِ فهو الأَبُّ وفي حديث أنس أَنَّ عُمر بن الخَطاب رضي اللّه عنهما قرأً قوله عز وجل وفاكِهةً وأَبّاً وقال فما الأَبُّ ثم قال ما كُلِّفْنا وما أُمِرْنا بهذا والأَبُّ المَرْعَى المُتَهَيِّئُ للرَّعْيِ والقَطْع ومنه حديث قُسّ بن ساعِدةَ فَجعلَ يَرْتَعُ أَبّاً وأَصِيدُ ضَبّاً وأَبَّ للسير يَئِبُّ ويَؤُبُّ أَبّاً وأَبِيباً وأَبابةً تَهَيَّأً للذَّهابِ وتَجَهَّز قال الأَعشى
صَرَمْتُ ولم أَصْرِمْكُمُ وكصارِمٍ ... أَخٌ قد طَوى كَشْحاً وأَبَّ لِيَذْهَبا
أَي صَرَمْتُكُم في تَهَيُّئي لمُفارَقَتِكم ومن تَهَيَّأَ للمُفارقةِ فهو كمن صَرَمَ وكذلك ائْتَبَّ قال أَبو عبيد أبَبْتُ أَؤُبُّ أَبّاًإِذا عَزَمْتَ على المَسِير وتَهَيَّأْتَ وهو في أَبَابه وإِبابَتِه وأَبابَتِه أَي في جَهازِه التهذيب والوَبُّ التَّهَيُّؤ للحَمْلةِ في الحَرْبِ يقال هَبَّ ووَبَّ إِذا تَهَيَّأَ للحَمْلةِ قال أَبو منصور والأَصل فيه أَبَّ فقُلبت الهمزة واواً ابن الأَعرابي أَبَّ إِذا حَرَّك وأَبَّ إِذا هَزَم بِحَمْلةٍ لا مَكْذُوبةَ فيها والأَبُّ النِّزاعُ إِلى الوَطَنِ وأَبَّ إِلى وطَنِه يَؤُبُّ أَبَّاً وأَبابةً وإِبابةً نَزَعَ والمَعْرُوفُ عند ابن دريد الكَسْرُ وأَنشد لهِشامٍ أَخي ذي الرُّمة
وأَبَّ ذو المَحْضَرِ البادِي إِبَابَتَه ... وقَوَّضَتْ نِيَّةٌ أَطْنابَ تَخْيِيمِ
وأَبَّ يدَه إِلى سَيْفهِ رَدَّها إليْه ليَسْتَلَّه وأَبَّتْ أَبابةُ الشيءِ وإِبابَتُه اسْتَقامَت طَريقَتُه وقالوا للظِّباءِ إِن أَصابَتِ الماءَ فلا عَباب وإِنْ لم تُصِب الماءَ فلا أَبابَ أَي لم تَأْتَبَّ له ولا تَتَهيَّأ لطلَبه وهو مذكور في موضعه والأُبابُ الماءُ والسَّرابُ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
قَوَّمْنَ ساجاً مُسْتَخَفَّ الحِمْلِ ... تَشُقُّ أَعْرافَ الأُبابِ الحَفْلِ
أَخبر أَنها سُفُنُ البَرِّ وأُبابُ الماءِ عُبابُه قال أُبابُ بَحْرٍ ضاحكٍ هَزُوقِ قال ابن جني ليست الهمزة فيه بدلاً من عين عُباب وإِن كنا قد سمعنا وإِنما هو فُعالٌ من أَبَّ إِذا تَهَيَّأَ واسْتَئِبَّ أَباً اتَّخِذْه نادر عن ابن الأَعرابي وإِنما قياسه اسْتَأْبِ

أتب
الإِتْبُ البَقِيرة وهو بُرْدٌ أَو ثوب يُؤْخَذُ فَيُشَقُّ في وسَطِه ثم تُلْقِيه المرأَةُ في عُنُقِها من غير جَيْب ولا كُمَّيْنِ قال أَحمد بن يحيى هو الإِتْبُ والعَلَقةُ والصِّدارُ والشَّوْذَرُ والجمع الأُتُوبُ وفي حديث النخعي أَنّ جارِيةً زَنَتْ فَجَلَدَها خَمسين وعليها إِتْبٌ لها وإِزارٌ الإِتْبُ بالكسر بُرْدةٌ تُشَقُّ فتُلبس من غير كُمَّيْنِ ولا جَيْب والإِتْبُ دِرْعُ المرأَة ويقال أَتَّبْتُها تَأْتِيباً فَأْتَتَبَتْ هي أَي أَلبَسْتُها الإِتْبَ فَلَبِسَتْه وقيل الإِتْبُ من الثياب ما قَصُر فَنَصَفَ الساقَ وقيل الإِتْبُ غير الإِزار لا رِباطَ له كالتِّكَّةِ وليس على خِياطةِ السَّراوِيلِ ولكنه قَمِيصٌ غير مَخِيطِ الجانبين وقيل هو [ ص 206 ] النُّقْبةُ وهو السَّراوِيلُ بلا رجلين وقال بعضهم هو قميص بغير كُمَّيْنِ والجمع آتابٌ وإِتابٌ والمِئْتَبةُ كالإِتْبِ وقيل فيه كلُّ ما قيل في الإِتْبِ وأُتِّبَ الثوبُ صُيِّرَ إِتْباً قال كثير عزة
هَضِيم الحَشَى رُؤْد المَطا بَخْتَرِيَّة ... جَمِيلٌ عليَها الأَتْحَمِيُّ المُؤَتَّبُ
وقد تَأَتَّبَ به وأْتَتَبَ وأَتَّبَها به وإِيّاه تأْتِيباً كلاهما أَلْبَسها الإِتْبَ فلَبِسَتْه أَبو زيد أَتَّبْتُ الجارِيةَ تَأْتِيباً إِذا دَرَّعْتَها دِرْعاً وأْتَتَبَتِ الجارِيةُ فهي مُؤْتَتِبةٌ إِذا لبست الإِتْبَ وقال أَبو حنيفة التَّأَتُّبُ أَن يَجْعَلَ الرَّجلُ حِمالَ القَوْسِ في صَدره ويُخْرِجَ مَنْكِبَيْه منها فيَصِيرَ القَوْس على مَنْكِبَيْه ويقال تَأَتَّبَ قَوْسَه على ظَهرِه وإِتْبُ الشعِيرةِ قِشْرُها والمِئْتَبُ المِشْمَلُ

أثب
المَآثِبُ موضع قال كثير عزة
وهَبَّتْ رِياحُ الصَّيْفِ يَرْمِينَ بالسَّفا ... تَلِيَّةَ باقِي قَرْمَلٍ بالمَآثِبِ

أدب
الأَدَبُ الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس سُمِّيَ أَدَباً لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إِلى المَحامِد ويَنْهاهم عن المقَابِح وأَصل الأَدْبِ الدُّعاءُ ومنه قيل للصَّنِيع يُدْعَى إليه الناسُ مَدْعاةٌ ومَأْدُبَةٌ ابن بُزُرْج لقد أَدُبْتُ آدُبُ أَدَباً حسناً وأَنت أَدِيبٌ وقال أَبو زيد أَدُبَ الرَّجلُ يَأْدُبُ أَدَباً فهو أَدِيبٌ وأَرُبَ يَأْرُبُ أَرَابةً وأَرَباً في العَقْلِ فهو أَرِيبٌ غيره الأَدَبُ أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ والأَدَبُ الظَّرْفُ وحُسْنُ التَّناوُلِ وأَدُبَ بالضم فهو أَدِيبٌ من قوم أُدَباءَ وأَدَّبه فَتَأَدَّب عَلَّمه واستعمله الزجاج في اللّه عز وجل فقال وهذا ما أَدَّبَ اللّهُ تعالى به نَبِيَّه صلى اللّه عليه وسلم وفلان قد اسْتَأْدَبَ بمعنى تَأَدَّبَ ويقال للبعيرِ إِذا رِيضَ وذُلِّلَ أَدِيبٌ مُؤَدَّبٌ وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلي
وهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوى بَين عالِجٍ ... ونَجْرانَ تَصْرِيفَ الأَدِيبِ المُذَلَّلِ
والأُدْبَةُ والمَأْدَبةُ والمَأْدُبةُ كلُّ طعام صُنِع لدَعْوةٍ أَو عُرْسٍ قال صَخْر الغَيّ يصف عُقاباً
كأَنّ قُلُوبَ الطَّيْر في قَعْرِ عُشِّها ... نَوَى القَسْبِ مُلْقًى عند بعض المَآدِبِ
القَسْبُ تَمْر يابسٌ صُلْبُ النَّوَى شَبَّه قلوبَ الطير في وَكْر العُقابِ بِنَوى القَسْبِ كما شبهه امْرُؤُ القيس بالعُنَّاب في قوله
كأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْباً ويابِساً ... لَدَى وَكْرِها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي
والمشهور في المَأْدُبة ضم الدال وأَجاز بعضهم الفتح وقال هي بالفتح مَفْعَلةٌ مِن الأَدَبِ قال سيبويه قالوا المَأْدَبةُ كما قالوا المَدْعاةُ وقيل المَأْدَبةُ من الأَدَبِ وفي الحديث عن ابن سعود إِنَّ هذا القرآنَ مَأْدَبةُ اللّه في الأَرض فتَعَلَّموا من مَأْدَبَتِه يعني مَدْعاتَه قال أَبو عبيد يقال مَأْدُبةٌ [ ص 207 ] ومَأْدَبةٌ فمن قال مَأْدُبةٌ أَراد به الصَّنِيع يَصْنَعه الرجل فيَدْعُو إِليه الناسَ يقال منه أَدَبْتُ على القوم آدِبُ أَدْباً ورجل آدِبٌ قال أَبو عبيد وتأْويل الحديث أَنه شَبَّه القرآن بصَنِيعٍ صَنَعَه اللّه للناس لهم فيه خيرٌ ومنافِعُ ثم دعاهم إليه ومن قال مَأْدَبة جعَله مَفْعَلةً من الأَدَبِ وكان الأَحمر يجعلهما لغتين مَأْدُبةً ومَأْدَبةً بمعنى واحد قال أَبو عبيد ولم أَسمع أحداً يقول هذا غيره قال والتفسير الأَول أَعجبُ إِليّ وقال أَبو زيد آدَبْتُ أُودِبُ إِيداباً وأَدَبْتُ آدِبُ أَدْباً والمَأْدُبةُ الطعامُ فُرِقَ بينها وبين المَأْدَبةِ الأَدَبِ والأَدْبُ مصدر قولك أَدَبَ القومَ يَأْدِبُهُم بالكسر أَدْباً إِذا دعاهم إِلى طعامِه والآدِبُ الداعِي إِلى الطعامِ قال طَرَفَةُ
نَحْنُ في المَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلى ... لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ
وقال عدي
زَجِلٌ وَبْلُهُ يجاوبُه دُفٌّ ... لِخُونٍ مَأْدُوبَةٍ وزَمِيرُ
والمَأْدُوبَةُ التي قد صُنِعَ لها الصَّنِيعُ وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه أَما إِخْوانُنا بنو أُمَيَّةَ فَقادةٌ أَدَبَةٌ الأَدَبَةُ جمع آدِبٍ مثل كَتَبةٍ وكاتِبٍ وهو الذي يَدْعُو الناسَ إِلى المَأْدُبة وهي الطعامُ الذي يَصْنَعُه الرجل ويَدْعُو إِليه الناس وفي حديث كعب رضي اللّه عنه إِنّ لِلّهِ مَأْدُبةً من لحُومِ الرُّومِ بمُرُوج عَكَّاءَ أَراد أَنهم يُقْتَلُون بها فَتَنْتابُهمُ السِّباعُ والطير تأْكلُ من لحُومِهم وآدَبَ القومَ إِلى طَعامه يُؤْدِبُهم إِيداباً وأَدَبَ عَمِلَ مَأْدُبةً أَبو عمرو يقال جاشَ أَدَبُ البحر وهو كثْرَةُ مائِه وأَنشد عن ثَبَجِ البحرِ يَجِيشُ أَدَبُه والأَدْبُ العَجَبُ قال مَنْظُور بن حَبَّةَ الأَسَدِيّ وحَبَّةُ أُمُّه بِشَمَجَى المَشْي عَجُولِ الوَثْبِ غَلاَّبةٍ للنَّاجِياتِ الغُلْبِ حتى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ الأُزْبِيُّ السُّرْعةُ والنَّشاطُ والشَّمَجَى الناقةُ السرِيعَةُ ورأَيت في حاشية في بعض نسخ الصحاح المعروف الإِدْبُ بكسر الهمزة ووجد كذلك بخط أَبي زكريا في نسخته قال وكذلك أَورده ابن فارس في المجمل الأَصمعي جاءَ فلان بأَمْرٍ أَدْبٍ مجزوم الدال أَي بأَمْرٍ عَجِيبٍ وأَنشد
سمِعتُ مِن صَلاصِلِ الأَشْكالِ ... أَدْباً على لَبَّاتِها الحَوالي

أذرب
ابن الأَثير في حديث أَبي بكر رضي عنه لَتَأْلَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوفِ الأَذْرَبِيِّ يَأْلَمُ أَحَدُكم النَّوْمَ على حَسَكِ السَّعْدانِ الأَذْرَبِيّ منسوب إِلى أَذْرَبِيجانَ على غير قياس هكذا تقول العرب والقياس أَن يقال أَذَرِيٌّ بغير باء كما يقال في النَّسَب إِلى رامَهُرْمُزَ راميٌّ قال وهو مُطَّرِد في النسب إِلى الاسماءِ المركبة [ ص 208 ]

أرب
الإِرْبَةُ والإِرْبُ الحاجةُ وفيه لغات إِرْبٌ وإِرْبَةٌ وأَرَبٌ ومَأْرُبةٌ ومَأْرَبَة وفي حديث عائشة رضي اللّه تعالى عنها كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِه أَي لحاجَتِه تعني أَنه صلى اللّه عليه وسلم كان أَغْلَبَكم لِهَواهُ وحاجتِه أَي كان يَمْلِكُ نَفْسَه وهَواهُ وقال السلمي الإِرْبُ الفَرْجُ ههنا قال وهو غير معروف قال ابن الأَثير أَكثر المحدِّثين يَرْوُونه بفتح الهمزة والراءِ يعنون الحاجة وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراءِ وله تأْويلان أَحدهما أَنه الحاجةُ والثاني أَرادت به العُضْوَ وعَنَتْ به من الأَعْضاءِ الذكَر خاصة وقوله في حديث المُخَنَّثِ كانوا يَعُدُّونَه من غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ أَي النِّكاحِ والإِرْبَةُ والأَرَبُ والمَأْرَب كله كالإِرْبِ وتقول العرب في المثل مَأْرُبَةٌ لا حفاوةٌ أَي إِنما بِكَ حاجةٌ لا تَحَفِّياً بي وهي الآرابُ والإِرَبُ والمَأْرُبة والمَأْرَبةُ مثله وجمعهما مآرِبُ قال اللّه تعالى ولِيَ فيها مآرِبُ أُخرى وقال تعالى غَيْرِ أُولي الإرْبةِ مِن الرِّجال وأَرِبَ إِليه يَأْرَبُ أَرَباً احْتاجَ وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه أَنه نَقِمَ على رجل قَوْلاً قاله فقال له أَرِبْتَ عن ذي يَدَيْكَ معناه ذهب ما في يديك حتى تَحْتاجَ وقال في التهذيب أَرِبْتَ من ذِي يَدَيْكَ وعن ذي يَدَيْكَ وقال شمر سمعت ابن الأَعرابي يقول أَرِبْتَ في ذي يَدَيْكَ معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج وقال أَبو عبيد في قوله أَرِبْتَ عن ذِي يَدَيْك أَي سَقَطَتْ آرابُكَ من اليَدَيْنِ خاصة وقيل سَقَطَت مِن يدَيْكَ قال ابن الأثير وقد جاءَ في رواية أُخرى لهذا الحديث خَرَرْتَ عن يَدَيْكَ وهي عبارة عن الخَجَل مَشْهورةٌ كأَنه أَراد أَصابَكَ خَجَلٌ أَو ذَمٌّ ومعنى خَرَرْتَ سَقَطْتَ وقد أَرِبَ الرجلُ إِذا احتاج إِلى الشيءِ وطَلَبَه يَأْرَبُ أَرَباً قال ابن مقبل
وإِنَّ فِينا صَبُوحاً إِنْ أَرِبْتَ بِه ... جَمْعاً بِهِيّاً وآلافاً ثمَانِينا
جمع أَلف أَي ثمَانِين أَلفاً أَرِبْتَ به أَي احْتَجْتَ إِليه وأَرَدْتَه
وأَرِبَ الدَّهْرُ اشْتَدَّ قال أَبو دُواد الإِيادِيُّ يَصِف فرساً
أَرِبَ الدَّهْرُ فَأَعْدَدْتُ لَه ... مُشْرِفَ الحاركِ مَحْبُوكَ الكَتَدْ
قال ابن بري والحارِكُ فَرْعُ الكاهِلِ والكاهِلُ ما بَيْنَ الكَتِفَيْنِ والكَتَدُ ما بين الكاهِلِ والظَّهْرِ والمَحْبُوكُ المُحْكَمُ الخَلْقِ من حَبَكْتُ الثوبَ إِذا أَحْكَمْتَ نَسْجَه وفي التهذيب في تفسير هذا البيت أَي أَراد ذلك منا وطَلَبَه وقولهم أَرِبَ الدَّهْرُ كأَنَّ له أَرَباً يَطْلُبُه عندنا فَيُلِحُّ لذلك عن ابن الاعرابي وقوله أَنشده ثعلب
أَلَم تَرَ عُصْمَ رُؤُوسِ الشَّظَى ... إِذا جاءَ قانِصُها تُجْلَبُ
إلَيْهِ وما ذاكَ عَنْ إرْبةٍ ... يكونُ بِها قانِصٌ يأْرَبُ
وَضَع الباءَ في موضع إِلى وقوله تعالى غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ مِنَ الرِّجال قال سَعِيد بن جُبَيْر هو المَعْتُوهُ [ ص 209 ] والإِرْبُ والإِرْبةُ والأُرْبةُ والأَرْبُ الدَّهاء ( 1 )
( 1 قوله « والارب الدهاء » هو في المحكم بالتحريك وقال في شرح القاموس عازياً للسان هو كالضرب ) والبَصَرُ بالأُمُورِ وهو من العَقْل أَرُبَ أَرابةً فهو أَرِيبٌ مَن قَوْم أُرَباء يقال هو ذُو إِرْبٍ وما كانَ الرَّجل أَرِيباً ولقد أَرُبَ أَرابةً وأرِبَ بالشيءِ دَرِبَ به وصارَ فيه ماهِراً بَصِيراً فهو أَربٌ قال أَبو عبيد ومنه الأَرِيبُ أَي ذُو دَهْيٍ وبَصَرٍ قال قَيْسُ بن الخَطِيم
أَرِبْتُ بِدَفْعِ الحَرْبِ لَمَّا رأَيْتُها ... على الدَّفْعِ لا تَزْدَادُ غَيْرَ تَقارُبِ
أَي كانت له إِرْبَةٌ أَي حاجةٌ في دفع الحَربِ وأَرُبَ الرَّجلُ يَأْرُبُ إِرَباً مِثال صَغُرَ يَصْغُرُ صِغَراً وأَرابةً أَيضاً بالفتح إِذا صار ذا دَهْيٍ وقال أَبو العِيالِ الهُذَلِيّ يَرْثي عُبَيْدَ بن زُهْرةً وفي التهذيب يمدح رجلاً
يَلُفٌّ طَوائفَ الأَعْدا ... ءِ وَهْوَ بِلَفِّهِمْ أَرِبُ
ابن شُمَيْل أَرِبَ في ذلك الأَمرِ أَي بَلَغَ فيه جُهْدَه وطاقَتَه وفَطِنَ له وقد تأَرَّبَ في أَمرِه والأُرَبَى بضم الهمزة الدَّاهِيةُ قال ابن أَحمر
فلَمَّا غَسَى لَيْلي وأَيْقَنْتُ أَنَّها ... هي الأُرَبَى جاءَتْ بأُمّ حَبَوْكَرا
والمُؤَارَبَةُ المُداهاةُ وفلان يُؤَارِبُ صاحِبَه إِذا داهاه وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم ذَكَر الحَيَّاتِ فقال مَنْ خَشِيَ خُبْثَهُنَّ وشَرَّهُنّ وإٍرْبَهُنَّ فليس منَّا أَصْلُ الإِرْب بكسر الهمزة وسكون الراء الدَّهاء والمَكْر والمعنى مَنْ تَوَقَّى قَتْلَهُنَّ خَشْيةَ شَرِّهنَّ فليس منَّا أَي من سنتنا قال ابن الأَثير أَي مَنْ خَشِيَ غائلَتها وجَبُنَ عن قتْلِها لِلذي قيل في الجاهلية إِنها تُؤْذِي قاتِلَها أَو تُصِيبُه بخَبَلٍ فقد فارَقَ سُنَّتَنا وخالَفَ ما نحنُ عليه وفي حديث عَمْرو بن العاص رضي اللّه عنه قال فَأَرِبْتُ بأبي هريرة فلم تَضْرُرْنِي إِرْبَةٌ أَرِبْتُها قَطُّ قَبْلَ يَوْمَئذٍ قال أَرِبْتُ به أَي احْتَلْتُ عليه وهو من الإِرْبِ الدَّهاءِ والنُّكْرِ والإِرْبُ العَقْلُ والدِّينُ عن ثعلب والأَرِيبُ العاقلُ ورَجُلٌ أَرِيبٌ من قوم أُرَباء وقد أَرُبَ يَأْرُبُ أحْسَنَ الإِرْب في العقل وفي الحديث مُؤَاربَةُ الأَرِيبِ جَهْلٌ وعَناء أَي إِنَّ الأَرِيبَ وهو العاقِلُ لا يُخْتَلُ عن عَقْلِه وأَرِبَ أَرَباً في الحاجة وأَرِبَ الرَّجلُ أَرَباً أَيِسَ وأَرِبَ بالشيءِ ضَنَّ بِهِ وشَحَّ والتَّأْرِيبُ الشُّحُّ والحِرْصُ وأَرِبْتُ بالشيءِ أَي كَلِفْتُ به وأَنشد لابن الرِّقاعِ
وما لامْرِئٍ أَرِبٍ بالحَيا ... ةِ عَنْها مَحِيصٌ ولا مَصْرِفُ
أَي كَلِفٍ وقال في قول الشاعر
ولَقَدْ أَرِبْتُ على الهمُومِ بِجَسْرةٍ ... عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ غَيْرِ لَجُونِ
أَي عَلِقْتُها ولَزِمْتُها واسْتَعَنْتُ بها على الهُمومِ والإِرْبُ العُضْوُ المُوَفَّر الكامِل الذي لم يَنقُص منه شيءٌ ويقال لكلّ عُضْوٍ إِرْبٌ يقال قَطَّعْتُه إِرْباً إِرْباً أَي عُضْواً عُضْواً وعُضْوٌ مُؤَرَّبٌ أَي مُوَفَّرٌ وفي الحديث أَنه أُتِيَ بكَتِفٍ مُؤَرَّبة [ ص 210 ] فأَكَلَها وصلّى ولم يَتَوَضَّأْ المُؤَرَّبَةُ هي المُوَفَّرة التي لم يَنْقُص منها شيءٌ وقد أَرَّبْتُه تَأْرِيباً إِذا وفَّرْته مأْخوذ من الإِرْب وهو العُضْو والجمع آرابٌ يقال السُّجُود على سَبْعة آرابٍ وأَرْآبٌ أَيضاً وأرِبَ الرَّجُل إِذا سَجَدَ ( 1 )
( 1 قوله « وأرب الرجل إِذا سجد » لم تقف له على ضبط ولعله وأرب بالفتح مع التضعيف ) على آرابِه مُتَمَكِّناً وفي حديث الصلاة كان يَسْجُدُ على سَبْعةِ آرابٍ أَي أَعْضاء واحدها إرْب بالكسر والسكون قال والمراد بالسبعة الجَبْهةُ واليَدانِ والرُّكْبتانِ والقَدَمانِ والآرابُ قِطَعُ اللحمِ وأَرِبَ الرَّجُلُ قُطِعَ إِرْبُه وأَرِبَ عُضْوُه أَي سَقَطَ وأَرِبَ الرَّجُل تَساقَطَتْ أَعْضاؤُه وفي حديث جُنْدَبٍ خَرَج برَجُل أُرابٌ قيل هي القَرْحَةُ وكأَنَّها مِن آفاتِ الآرابِ أَي الأَعْضاءِ وقد غَلَبَ في اليَد فأَمَّا قولُهم في الدُّعاءِ ما لَه أَرِبَتْ يَدُه فقيل قُطِعَتْ يَدُه وقيل افْتَقَر فاحْتاجَ إِلى ما في أَيدي الناس ويقال أَرِبْتَ مِنْ يَدَيْكَ أَي سَقَطتْ آرَابُكَ من اليَدَيْنِ خاصَّةً وجاء رجل إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال دُلَّني على عَمَل يُدْخِلُني الجَنَّةَ فقال أَرِبٌ ما لَهُ ؟ معناه أَنه ذو أَرَبٍ وخُبْرةٍ وعِلمٍ أَرُبَ الرجل بالضم فهو أَرِيبٌ أَي صار ذا فِطْنةٍ وفي خبر ابن مسعود رضي اللّه عنه أَنَّ رجلاً اعترض النبي صلى اللّه عليه وسلم لِيَسْأَلَه فصاح به الناسُ فقال عليه السلام دَعُوا الرَّجلَ أَرِبَ ما لَه ؟ قال ابن الأَعرابي احْتاجَ فَسَأَلَ ما لَه وقال القتيبي في قوله أَرِبَ ما لَه أَي سَقَطَتْ أَعْضاؤُه وأُصِيبت قال وهي كلمة تقولها العرب لا يُرادُ بها إِذا قِيلت وقُوعُ الأَمْرِ كما يقال عَقْرَى حَلْقَى وقَوْلِهم تَرِبَتْ يدَاه قال ابن الأَثير في هذه اللفظة ثلاث رِوايات إِحداها أَرِبَ بوزن عَلِمَ ومعناه الدُّعاء عليه أَي أُصِيبَتْ آرابُه وسقَطَتْ وهي كلمة لا يُرادُ بها وقُوعُ الأَمر كما يقال تَرِبَتْ يدَاك وقاتَلكَ اللّهُ وإِنما تُذكَر في معنى التعجب قال وفي هذا الدعاء من النبي صلى اللّه عليه وسلم قولان أَحدهما تَعَجُّبُه من حِرْصِ السائل ومُزاحَمَتِه والثاني أَنه لَمَّا رآه بهذه الحال مِن الْحِرص غَلَبه طَبْعُ البَشَرِيَّةِ فدعا عليه وقد قال في غير هذا الحديث اللهم إِنما أَنا بَشَرٌ فَمَن دَعَوْتُ عليه فاجْعَلْ دُعائي له رَحْمةً وقيل معناه احْتاجَ فسأَلَ مِن أَرِبَ الرَّجلُ يَأْرَبُ إِذا احتاجَ ثم قال ما لَه أَي أَيُّ شيءٍ به وما يُرِيدُ قال والرواية الثانية أَرَبٌ مَّا لَه بوزن جمل أَي حاجةٌ له وما زائدة للتقليل أَي له حاجة يسيرة وقيل معناه حاجة جاءَت به فحذَفَ ثم سأَل فقال ما لَه قال والرواية الثالثة أَرِبٌ بوزن كَتِفٍ والأَرِبُ الحاذِقُ الكامِلُ أَي هو أَرِبٌ فحذَف المبتدأَ ثم سأَل فقال ما لَه أَي ما شأْنُه وروى المغيرة بن عبداللّه عن أَبيه أَنه أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه سلم بِمِنىً فَدنا منه فَنُحِّيَ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم دَعُوه فأَرَبٌ مَّا لَهُ قال فَدَنَوْتُ ومعناه فحاجَةٌ ما لَه فدَعُوه يَسْأَلُ قال أَبو منصور وما صلة قال ويجوز أَن يكون أَراد فَأَرَبٌ منالآرابِ جاءَ به فدَعُوه وأَرَّبَ العُضْوَ قَطَّعه مُوَفَّراً يقال أَعْطاه [ ص 211 ] عُضْواً مُؤَرَّباً أَي تامّاً لم يُكَسَّر وتَأْرِيبُ الشيءِ تَوْفِيرُه وقيل كلُّ ما وُفِّرَ فقد أُرِّبَ وكلُّ مُوَفَّر مُؤَرَّبٌ والأُرْبِيَّةُ أَصل الفخذ تكون فُعْلِيَّةً وتكون أُفْعولةً وهي مذكورة في بابها والأُرْبةُ بالضم العُقْدةُ التي لا تَنْحَلُّ حتى تُحَلَّ حَلاًّ وقال ثعلب الأُرْبَةُ العُقْدةُ ولم يَخُصَّ بها التي لا تَنْحَلُّ قال الشاعر
هَلْ لَكِ يا خَدْلةُ في صَعْبِ الرُّبَهْ ... مُعْتَرِمٍ هامَتُه كالحَبْحَبه
قال أَبو منصور قولهم الرُّبَة العقدة وأَظنُّ الأَصل كان الأُرْبَة فحُذفت الهمزة وقيل رُبةٌ وأَرَبَها عَقَدها وشَدَّها وتَأْرِيبها إِحْكامُها يقال أَرِّبْ عُقْدتَك أَنشد ثعلب لكِناز بن نُفَيْع يقوله
لجَرِير
غَضِبْتَ علينا أَنْ عَلاكَ ابنُ غالِبٍ ... فَهَلاَّ على جَدَّيْكَ في ذاك تَغْضَبْ
هما حينَ يَسْعَى المَرْءُ مَسْعاةَ جَدِّه ... أَناخَا فَشَدّاك العِقال المُؤَرَّبْ
واسْتَأْرَبَ الوَتَرُ اشْتَدَّ وقول أَبي زُبَيْد
على قَتِيل مِنَ الأَعْداءِ قد أَرُبُوا ... أَنِّي لهم واحِدٌ نائي الأَناصِيرِ
قال أَرُبُوا وَثِقُوا أَني لهم واحد وأَناصِيري ناؤُونَ عني جمعُ الأَنْصارِ ويروى وقد عَلموا وكأَنّ أَرُبُوا من الأَرِيب أَي من تَأْرِيب العُقْدة أَي من الأَرْب وقال أَبو الهيثم أَي أَعجبهم ذاك فصار كأَنه حاجة لهم في أَن أَبْقَى مُغْتَرِباً نائِياً عن أَنْصاري والمُسْتَأْرَبُ الذي قد أَحاطَ الدَّيْنُ أَو غيره من النَّوائِب بآرابِه من كل ناحية ورجل مُسْتَأْرَبٌ بفتح الراءِ أَي مديون كأَن الدَّين أَخَذ بآرابه قال
وناهَزُوا البَيْعَ مِنْ تِرْعِيَّةٍ رَهِقٍ ... مُسْتَأْرَبٍ عَضَّه السُّلْطانُ مَدْيُونُ
وفي نسخة مُسْتَأْرِب بكسر الراءِ قال هكذا أَنشده محمد بن أَحمد المفجع أَي أَخذه الدَّين من كل ناحية والمُناهَزةُ في البيع انْتِهازُ الفُرْصة وناهَزُوا البيعَ أَي بادَرُوه والرَّهِقُ الذي به خِفَّةٌ وحِدّةٌ وقيل الرَّهِقُ السَّفِه وهو بمعنى السَّفِيه وعَضَّهُ السُّلْطانُ أَي أَرْهَقَه وأَعْجَلَه وضَيَّق عليه الأَمْرَ والتِّرْعِيةُ الذي يُجِيدُ رِعْيةَ الإِبلِ وفلان تِرْعِيةُ مالٍ أَي إِزاءُ مالٍ حَسَنُ القِيام به وأَورد الجوهري عَجُزَ هذا البيت مرفوعاً قال ابن بري هو مخفوض وذكر البيت بكماله وقولُ ابن مقبل في الأُرْبةِ
لا يَفْرَحُون إِذا ما فازَ فائزُهم ... ولا يُرَدُّ عليهم أُرْبَةُ اليَسَرِ
قال أَبو عمرو أَراد إِحْكامَ الخَطَرِ من تأْرِيبِ العُقْدة والتَّأْرِيبُ تَمَامُ النَّصيبِ قال أَبو عمرو اليَسر ههنا المُخاطَرةُ وأَنشد لابن مُقبل
بِيض مَهاضِيم يُنْسِيهم مَعاطِفَهم ... ضَرْبُ القِداحِ وتأْرِيبٌ على الخَطَرِ
وهذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَورد ابن بري صدره شُمّ مَخامِيص يُنْسِيهم مَرادِيَهُمْ [ ص 212 ] وقال قوله شُمّ يريد شُمَّ الأُنُوفِ وذلك مما يُمدَحُ به والمَخامِيصُ يريد به خُمْصَ البُطونِ لأَن كثرة الأَكل وعِظَمَ البطنِ مَعِيبٌ والمَرادِي الأَرْدِيةُ واحدتها مِرْداةٌ وقال أَبو عبيد التَّأْرِيبُ الشُّحُّ والحِرْصُ قال والمشهور في الرواية وتأْرِيبٌ على اليَسَرِ عِوضَاً من الخَطَرِ وهو أَحد أيْسارِ الجَزُور وهي الأَنْصِباءُ والتَّأَرُّبُ التَّشَدُّد في الشيءِ وتَأَرَّب في حاجَتِه تَشَدَّد
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) أرب الإِرْبَةُ والإِرْبُ الحاجةُ وفيه لغات إِرْبٌ وإِرْبَةٌ وتَأَرَّبْتُ في حاجتي تَشَدَّدْت وتَأَرَّبَ علينا تَأَبَّى وتَعَسَّرَ وتَشَدَّد والتَّأْرِيبُ التَّحْرِيشُ والتَّفْطِينُ قال أَبو منصور هذا تصحيف والصواب التَّأْرِيثُ بالثاءِ وفي الحديث قالت قُرَيْشٌ لا تَعْجَلُوا في الفِداءِ لا يَأْرَبُ عليكم مُحَمَّدٌ وأَصحابُه أَي يتَشَدَّدون عليكم فيه يقال أَرِبَ الدَّهْرُ يَأْرَبُ إِذا اشْتَدَّ وتَأَرَّبَ علَيَّ إِذا تَعَدَّى وكأَنه من الأُرْبَةِ العُقْدةِ وفي حديث سعيد بنِ العاص رضي اللّه عنه قال لابْنِه عَمْرو لا تَتَأَرَّبْ على بناتي أَي لا تَتَشَدَّدْ ولا تَتَعَدَّ والأُرْبةُ أَخِيَّةُ الدابَّةِ والأُرْبَةُ حَلْقَةُ الأَخِيَّةِ تُوارَى في الأَرض وجمعها أُرَبٌ قال الطرماح
ولا أَثَرُ الدُّوارِ ولا المَآلِي ... ولكِنْ قد تُرى أُرَبُ الحُصُونِ ( 1 )
( 1 قوله « ولا أثر الدوار إلخ » هذا البيت أورده الصاغاني في التكملة وضبطت الدال من الدوار بالفتح والضم ورمز لهما بلفظ معاً اشارة إِلى أَنه روي بالوجهين وضبطت المآلي بفتح الميم )
والأُرْبَةُ قِلادةُ الكَلْبِ التي يُقاد بها وكذلك الدابَّة في لغة طيئ
أَبو عبيد آرَبْتُ على القومِ مثال أَفْعَلْتُ إِذا فُزْتَ عليهم وفَلَجْتَ وآرَبَ على القوم فَازَ عَلَيهم وفَلَجَ قال لبيد
قَضَيْتُ لُباناتٍ وسَلَّيْتُ حاجةً ... ونَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بِقَمْرةِ مُؤْرِبِ
أَي نَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بِقَمْرةِ غالب يَسْلُبُها وأَرِبَ عليه قَوِيَ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ
ولَقَدْ أَرِبْتُ على الهُمُومِ بجَسْرةٍ ... عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ غَيْرِ لَجُونِ
اللَّجُونُ مثل الحَرُونِ والأُرْبانُ لغة في العُرْبانِ قال أَبو عليّ هو فُعْلانٌ من الإِرْبِ والأُرْبُونُ لغة في العُرْبُونِ وإِرابٌ مَوْضِع ( 2 )
( 2 قوله « وإراب موضع » عبارة القاموس واراب مثلثة موضع )
أَو جبل معروف وقيل هو ماءٌ لبني رِياحِ بن يَرْبُوعٍ ومَأْرِبٌ موضع ومنه مِلْحُ مَأْرِبٍ

أزب
أَزِبَت الإِبلُ تَأْزَبُ أَزَباً لم تَجْتَرَّ
والإِزْبُ اللَّئِيمُ والإِزْبُ الدَّقيقُ المَفاصِل الضاوِيُّ يكون ضئِيلاً فلا تكون زيادتُه في الوجهِ وعِظامِه ولكن تكون زيادته في بَطنِه وسَفِلَتِه كأَنه ضاوِيٌّ مُحْثَلٌ والإِزْبُ من الرِّجالِ القصِيرُ الغَلِيظُ قال
وأُبْغِضُ مِن قُرَيْشٍ كُلَّ إِزْبٍ ... قَصيرِ الشَّخْصِ تَحْسَبُه وَلِيدا
كأَنهمُ كُلَى بَقَرِ الأَضاحِي ... إِذا قاموا حَسِبْتَهُمُ قُعُودا
[ ص 213 ] الإِزْبُ القَصِيرُ الدَّمِيمُ ورجل أَزِبٌ وآزِبٌ طويلٌ التهذيب وقول الأَعشى
ولَبُونِ مِعْزابٍ أَصَبْتَ فأَصْبَحَتْ ... غَرْثَى وآزبةٍ قَضَبْتَ عِقالَها
قال هكذا رواه الإِياديُّ بالباءِ قال وهي التي تَعافُ الماءَ وتَرْفَع رأْسَها وقال المفضل إِبلٌ آزِبةٌ أَي ضامِزة ( 1 )
( 1 قوله « ضامزة » بالزاي لا بالراء المهملة كما في التكملة وغيرها راجع مادة ضمز ) بِجِرَّتِها لا تَجْتَرُّ ورواه ابن الأَعرابي وآزية بالياءِ قال وهي العَيُوفُ القَذُور كأَنها تَشْرَبُ من الإِزاءِ وهو مَصَبُّ الدَّلْو والأَزْبَةُ لغة في الأَزْمةِ وهي الشّدَّةُ وأَصابتنا أَزْبَةٌ وآزِبةٌ أَي شدَّة وإِزابٌ ماءٌ لبَني العَنبر قال مُساوِر بن هِنْد
وجَلَبْتُه من أَهلِ أُبْضةَ طائعاً ... حتى تَحَكَّم فيه أَهلُ إِزابِ
ويقال للسنة الشديدة أَزْبَةٌ وأَزْمَةٌ ولَزْبَةٌ بمعنى واحد ويروى إِراب وأَزَبَ الماءُ جَرَى والمِئْزاب المِرزابُ وهو المَثْعَبُ الذي يَبُولُ الماءَ وهو من ذلك وقيل بل هو فارسي معرّب معناه بالفارسية بُلِ الماءَ وربما لم يهمز والجمع المَآزيبُ ومنه مِئْزابُ الكَعْبةِ وهو مَصَبُّ ماءِ المطرِ ورجل إِزْبٌ حِزْبٌ أَي داهِيةٌ وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما أَنه خَرج فباتَ في القَفْرِ فلمَّا قامَ لِيَرْحَلَ وجد رَجلاً طولُه شِبْرانِ عَظِيمَ اللِّحْيةِ على الوَليّةِ يعني البَرْذَعَةَ فَنَفَضَها فَوَقَعَ ثم وضَعَها على الراحلةِ وجاءَ وهو على القِطْعِ يعني الطِّنْفِسةَ فنَفَضَه فَوَقَع فوضَعَه على الراحِلة فجاءَ وهو بين الشَّرْخَينِ أَي جانِبَيِ الرَّحْلِ فنَفضَه ثم شَدَّه وأَخذ السوطَ ثم أَتاه فقال مَن أَنتَ ؟ فقال أَنا أَزَبُّ قال وما أَزَبُّ ؟ قال رجل من الجِنِّ قال أفْتَحْ فاك أَنْظُر ففَتَح فاه فقال أَهكذا حُلُوقُكم ؟ ثم قَلَب السوط فوضَعَه في رأْسِ أَزَبَّ حتى باصَ أَي فاتَه واسْتَتَر الأَزَبُّ في اللغة الكثيرُ الشَّعَرِ وفي حديث بَيْعةِ العَقَبة هو شيطان اسمه أَزَبُّ العَقَبةِ وهو الحَيّةُ وفي حديث أَبي الأَحْوصِ لَتَسْبيحةٌ في طَلَبِ حاجَةٍ خَيْرٌ من لَقُوحِ صفِيٍّ في عام أَزْبةٍ أَو لَزْبَةٍ يقال أَصابَتْهم أَزْبَةٌ ولَزْبَةٌ أَي جَدْبٌ ومَحْلٌ

أسب
الإِسْبُ بالكسر شَعَرُ الرَّكَب وقال ثعلب هو شَعَرُ الفَرْجِ وجمعه أُسُوبٌ وقيل هو شعَرُ الاسْتِ وحكى ابن جني آسابٌ في جمعه وقيل أَصله من الوَسْبِ لأَن الوَسْبَ كثرة العُشْبِ والنبات فقلبت واو الوِسْبِ وهو النَّباتُ همزة كما قالوا إِرْثٌ ووِرْثٌ وقد أَوْسَبَتِ الأَرض إِذا أَعْشَبَتْ فهي مُوسِبةٌ وقال أَبو الهيثم العانةُ مَنْبِتُ الشَّعَر من قُبُل المَرأَةِ والرَّجُل والشَّعَر النابِت عليها يقال له الشِّعْرةُ والإِسْبُ وأَنشد
لَعَمْرُ الَّذي جاءَتْ بِكُمْ مِنْ شَفَلَّحٍ ... لَدَى نَسَيَيْها ساقِطِ الإِسْبِ أَهْلَبا
وكبش مُؤَسَّبٌ كثِيرُ الصُّوف [ ص 214 ]

أشب
أَشَبَ الشيءَ يَأْشِبُه أَشْباً خَلَطَه والأُشابةُ من الناس الأَخْلاطُ والجمع الأَشائِبُ قال النابغة الذُّبْياني
وَثِقْتُ له بالنَّصْرِ إِذْ قِيلَ قد غَزَتْ ... قَبائِلُ مِن غَسَّانَ غَيْرُ أَشائِبِ
يقول وَثِقْتُ للممدوحِ بالنصرِ لأَن كَتائِبَه وجُنُودَه مِن غَسَّانَ وهم قَوْمُه وبنو عمه وقد فَسَّر القَبائلَ في بيت بعده وهو
بَنُو عَمِّهِ دُنْيا وعَمْرُو بن عامِرٍ ... أُولئِكَ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
ويقال بها أَوْباشٌ مِن الناسِ وأَوْشابٌ من الناس وهُمُ الضُّرُوبُ المُتَفَرِّقون وتَأَشَّبَ القومُ اخْتَلَطُوا وأْتَشَبُوا أَيضاً يقال جاءَ فلان فيمن تَأَشَّبَ إِليه أَي انْضَمَّ إِليه والتَفَّ عليه والأُشابَةُ في الكَسْبِ ما خالَطَه الحَرامُ الذي لا خَيْرَ فيه والسُّحْتُ ورَجلٌ مَأْشُوبُ الحَسَبِ غَيْرُ مَحْضٍ وهو مُؤْتَشِبٌ أَي مَخْلُوطٌ غَيْرُ صَرِيحٍ في نَسَبِه والتَّأَشُّبُ التَّجَمُّع مِن هُنا وهُنا يقال هؤُلاءِ أُشابَة ليسوا مِن مَكانٍ واحِد والجمع الأَشائِبُ وأَشِبَ الشَّجَرُ أَشَباً فهو أَشِبٌ وتَأَشَّبَ التَفَّ وقال أَبو حنيفة الأَشَبُ شِدَّةُ التِفافِ الشجَرِ وكَثْرَتُه حتى لا مَجازَ فيه يُقال فيه موضع أَشِبٌ أَي كثير الشجَر وغَيْضةٌ أَشِبةٌ وغَيْضٌ أَشِبٌ أَي مُلْتَفٌّ وأَشِبَتِ الغَيْضةُ بالكسر أَي التَّفَتْ وعَدَدٌ أَشِبٌ وقولهم عيصُكَ مِنْكَ وإِنْ كانَ أَشِباً أَي وإِن كان ذا شَوْكٍ مُشْتَبِكٍ غَيْرِ سَهْلٍ وقولهم ضَرَبَتْ فيهِ فُلانةُ بِعِرْقٍ ذِي أَشَبٍ أَي ذي الْتِباسٍ وفي الحديث إِنّي رَجُلٌ ضَرِيرٌ بَيْنِي وبَيْنَكَ أَشَبٌ فَرَخِّصْ لي في كذا الأَشَبُ كثرة الشجَر يقال بَلْدةٌ أَشِبةٌ إِذا كانت ذاتَ شجر وأَراد ههنا النَّخِيل وفي حديث الأَعْشَى الحِرْمازِيِّ يُخاطِبُ سيدنا رَسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في شَأْنِ امْرَأَتِه
وقَذَفَتْني بَيْنَ عِيصٍ مُؤْتَشِبْ ... وهُنَّ شَرٌّ غالِبٌ لِمَنْ غَلَبْ
المُؤْتَشِبُ المُلتَفُّ والعِيصُ أَصل الشجر الليث أَشَّبْتُ الشرَّ بينهم تَأْشِيباً وأَشِبَ الكلامُ بينهم أَشَباً التَفَّ كما تقدَّم في الشجر وأَشَبَه هو والتَّأْشِيبُ التَّحْرِيشُ بين القوم وأَشَبَه يَأْشِبُه ويَأْشُبُه أَشْباً لامَه وعابَه وقيل قَذَفَه وخَلَط عليه الكَذِبَ وأَشَبْتُه آشِبُه لُمْتُه قال أَبو ذؤَيب
ويَأْشِبُني فيها الّذِينَ يَلُونها ... ولَوْ عَلِمُوا لَمْ يَأْشِبُوني بطائِلِ
وهذا البيت في الصحاح لم يَأْشِبُوني بِباطِلِ والصحيح لم يَأْشِبُوني بَطائِلِ يقول لو عَلِمَ هؤِلاء الذين يَلُونَ أَمْرَ هذه المرأَة أَنها لا تُولِيني إِلا شيئاً يسيراً وهو النَّظْرة والكَلِمة لم يَأْشِبُوني بطائِل أَي لم يَلُومُوني والطَّائلُ الفَضْلُ وقيل أَشَبْتُه عِبْتُه ووَقَعْتُ فيه وأَشَبْتُ [ ص 215 ] القوم إِذا خَلَطْت بعضَهم بِبَعْض وفي الحديث أَنه قرأَ يا أَيُّها الناسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنّ زَلْزلَة الساعة شيءٌ عظيم فَتَأَشَّبَ أَصحابُه إِليه أَي اجتمعوا إِليه وأَطافُوا به والأُشابةُ أَخْلاطُ الناسِ تَجْتَمِعُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ ومنه حديث العباس رضي اللّه عنه يومَ حُنَيْنٍ حتَّى تَأَشَّبُوا حَوْلَ رَسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم ويروى تنَاشَبُوا أَي تَدانَوْا وتَضامُّوا وأَشَّبَه بشَرٍّ إِذا رمَاه بعَلامةٍ مِنَ الشَّرِّ يُعْرَفُ بها هذه عن اللحياني وقيل رَماه به وخَلَطَه وقولهم بالفارسية رُورُ وأُشُوبْ ترجمة سيبويه فقال زُورٌ وأُشُوبٌ وأُشْبَةُ من أَسماءِ الذِّئاب

أصطب
النهاية لابن الأَثير في الحديث رأَيت أَبا هريرة رضي اللّه عنه وعليه إِزارٌ فيه عَلْقٌ وقد خَيَّطَه بالأُصْطُبَّة هي مُشاقةُ الكَتَّانِ والعَلْقُ الخَرْقُ

ألب
أَلَبَ إِليك القَوْمُ أَتَوْكَ من كل جانب وأَلَبْتُ الجيشَ إِذا
جَمَعْتَه وتَأَلَّبُوا تَجَمَّعُوا والأَلْبُ الجمع الكثير من الناس وأَلَبَ الإِبِلَ يَأْلِبُها ويَأْلُبها أَلْباً جَمَعَها وساقَها سَوْقاً شَديداً وأَلَبَتْ هي انْساقَتْ وانْضَمَّ بعضُها إِلى بعض أَنشد ابن الأَعرابي ( 1 )
( 1 قوله « أنشد ابن الأعرابي » أي لمدرك بن حصن كما في التكملة وفيها أَيضاً ألم تريا بدل ألم تعلمي )
أَلَمْ تَعْلَمي أَنّ الأَحادِيثَ في غَدٍ ... وبعدَ غَدٍ يَأْلِبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ
أَي يَنْضَمُّ بعضُها إِلى بعض التهذيب الأَلُوبُ الذي يُسْرِعُ يقال أَلَبَ يَأْلِبُ ويَأْلُبُ وأَنشد أَيضاً يَأْلُبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ وفسره فقال أَي يُسْرِعْن ابن بُزُرْجَ المِئْلَبُ السَّرِيعُ قال العجاج
وإِنْ تُناهِبْه تَجِدْه مِنْهَبا ... في وَعْكةِ الجِدِّ وحِيناً مِئْلَبَا
والأَلْبُ الطَّرْدُ وقد أَلَبْتُها أَلْباً تقدير عَلَبْتُها عَلْباً وأَلَبَ الحِمارُ طَرِيدَتَه يَأْلِبُها وأَلَّبَها كلاهما طَرَدَها طَرْداً شَدِيداً والتَّأْلَبُ الشدِيدُ الغَلِيظُ المُجْتَمِعُ من حُمُرِ الوَحْشِ والتَّأْلَبُ الوَعِلُ والأُنثى تَأْلَبةٌ تاؤه زائدة لقولهم أَلَبَ الحِمارُ أُتُنَه والتَّأْلَب مثال الثَّعْلبِ شجَر وأَلَبَ الشيءُ يأْلِبُ ويَأْلُبُ أَلْباً تَجَمَّعَ وقوله
وحَلَّ بِقَلْبي مِنْ جَوَى الحُبِّ مِيتةٌ ... كما ماتَ مَسْقِيُّ الضَّياحِ على أَلْبِ
لم يفسره ثعلب إلا بقوله أَلَبَ يَأْلِبُ إِذا اجتمع وتَأَلَّبَ القومُ تَجَمَّعُوا وأَلَّبَهُمْ جَمَّعَهم وهم عليه أَلْبٌ واحد وإِلْبٌ والأُولى أَعرف ووَعْلٌ واحِدٌ وصَدْعٌ واحد وضِلَعٌ واحدةٌ أَي مجتمعون عليه الظلم والعَداوةِ وفي الحديث إِنّ الناسَ كانوا علينا إِلْباً واحِداً الالب بالفتح والكسر القوم يَجْتَمِعُون على عَداوةِ إِنْسانٍ وتَأَلَّبُوا تَجَمَّعُوا قال رؤبة
قد أَصْبَحَ الناسُ عَلَيْنا أَلْبَا ... فالنَّاسُ في جَنْبٍ وكُنَّا جَنْبا
[ ص 216 ] وقد تَأَلَّبُوا عليه تَأَلُّباً إِذا تَضافَروا ( 1 )
( 1 قوله « تضافروا » هو بالضاد الساقطة من ضفر الشعر إِذا ضم بعضه إِلى بعض لا بالظاء المشالة وان اشتهر ) عليه وأَلْبٌ أَلُوبٌ مُجْتَمِعٌ كثير قال البُرَيْقُ الهُذَلِيُّ
بِأَلْبٍ أَلُوبٍ وحَرَّابةٍ ... لَدَى مَتْنِ وازِعِها الأَوْرَمِ
وفي حديث عَبْدِاللّه بن عَمْرو رضي اللّه عنهما حين ذَكَر البَصْرةَ فقال أَمَا إِنه لا يُخْرِجُ مِنْها أَهْلَها إِلاّ الأُلْبَةُ هي المَجاعةُ مأْخوذ من التَّأَلُّبِ التَّجَمُّعِ كأَنهم يَجْتَمِعُون في المَجاعةِ ويَخْرُجُون أَرْسالاً وأَلَّبَ بينهم أَفْسَدَ والتَّأْلِيبُ التَّحْرِيضُ يقال حَسُودٌ مُؤَلَّبٌ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهُذَلِيُّ
بَيْنا هُمُ يَوْماً هُنالِكَ راعَهُمْ ... ضَبْرٌ لِباسُهُم القَتِيرُ مُؤَلَّبُ
والضَّبْرُ الجَماعةُ يَغْزُونَ والقَتِيرُ مَسامِيرُ الدِّرْعِ وأَرادَ بها ههنا الدُّرُوعَ نَفْسَها وراعَهُم أَفْزَعَهُم والأَلْبُ التَّدْبِيرُ على العَدُوِّ مِن حيث لا يَعْلَمُ ورِيحٌ أَلُوبٌ بارِدةٌ تَسْفي التُّراب وأَلَبَتِ السَّماءُ تَأْلِبُ وهي أَلُوبٌ دامَ مَطَرُها والأَلْبُ نَشاطُ السَّاقي ورجل أَلُوبٌ سَرِيعُ إِخْراج الدَّلو عن ابن الأَعرابي وأَنشد
تَبَشَّرِي بِماتِحٍ أَلُوبِ ... مُطَرِّحٍ لِدَلْوِه غَضُوبِ
وفي رواية مُطَرِّحٍ شَنَّتَه غَضُوبِ والأَلْبُ العَطَشُ وأَلَبَ الرَّجلُ حامَ حولَ الماء ولم يَقْدِرْ أَن يَصِل إِليه عن الفارسي أَبو زيد أَصابَتِ القومَ أُلْبةٌ وجُلْبةٌ أَي مَجاعةٌ شَديدةٌ والأَلْبُ مَيْلُ النَّفْسِ إِلى الهَوى ويقال أَلْبُ فُلانٍ معَ فُلانٍ أَي صَفْوُه مَعَه والأَلْبُ ابْتِداءُ بُّرْءِ الدُّمَّل وأَلِبَ الجُرْحُ أَلَباً وأَلَبَ يَأْلِبُ أَلْباً كلاهما بَرِئَ أَعْلاه وأَسْفَلُه نَغِلٌ فانْتَقَضَ وأَوالِبُ الزَّرْعِ والنَّخْلِ فِراخُه وقد أَلَبَتْ تَأْلِبُ والأَلَبُ لغة في اليَلَبِ ابن المظفر اليَلَبُ والأَلَبُ البَيْضُ من جُلُود الإِبل وقال بعضهم هو الفُولاذُ من الحَديدِ والإِلْبُ الفِتْرُ عن ابن جني ما بينَ الإِبْهامِ والسَّبَّابةِ والإِلْبُ شجرة شاكةٌ كأَنها شجرةُ الأُتْرُجِّ ومَنابِتها ذُرَى الجِبال وهي خَبِيثةٌ يؤخَذ خَضْبُها وأَطْرافُ أَفْنانِها فيُدَقُّ رَطْباً ويُقْشَبُ به اللَّحمُ ويُطْرَح للسباع كُلِّها فلا يُلْبِثُها إِذا أَكَلَتْه فإِن هي شَمَّتْه ولم تأْكُلْه عَمِيَتْ عنه وصَمَّتْ منه

أنب
أَنَّبَ الرَّجُلَ تَأْنِيباً عَنَّفَه ولامَه ووَبَّخَه وقيل بَكَّتَه والتَّأْنِيبُ أَشَدُّ العَذْلِ وهو التَّوْبِيخُ والتَّثْريبُ وفي حديث طَلْحةَ أَنه قال لَمَّا مات [ ص 217 ] خالِدُ بن الوَلِيد استَرْجَعَ عُمَرُ رضي اللّه عنهم فقلت يا أَميرَ المُؤْمِنينَ
أَلا أَراك بُعَيْدَ المَوْتِ تَنْدُبُنِي ... وفي حَياتيَ ما زَوَّدْتَنِي زادي
فقال عمر لا تُؤَنِّبْنِي التَّأْنِيبُ المُبالغة في التَّوْبِيخ والتَّعْنيف ومنه حديث الحَسَن بن عَليّ لمَّا صَالحَ مُعاوِيةَ رضي اللّه عنهم قيل له سَوَّدْتَ وُجُوهَ المُؤُمِنينَ فقال لا تُؤَنِّبْني ومنه حديث تَوْبةِ كَعْبِ ابن مالك رضي اللّه عنه ما زالُوا يُؤَنِّبُوني وأَنَّبَه أَيضاً سأَله فَجَبَهَه والأَنابُ ضَربٌ مِن العِطْرِ يُضاهي المِسْكَ وأَنشد
تَعُلُّ بالعَنْبَرِ والأَنابِ ... كَرْماً تَدَلَّى مِنْ ذُرَى الأَعْنابِ
يَعني جارِيةً تَعُلُّ شَعَرها بالأَنابِ والأَنَبُ الباذِنْجانُ واحدته أَنَبَةٌ عن أَبي حنيفة وأَصْبَحْتُ مُؤْتَنِباً إِذا لم تَشْتَهِ الطَّعامَ وفي حديث خَيْفانَ أَهْلُ الأَنابِيبِ هي الرِّماحُ واحدها أُنْبُوبٌ يعني المَطاعِينَ بالرِّماحِ

أهب
الأُهْبَةُ العُدَّةُ تَأَهَّبَ اسْتَعَدَّ وأَخَذ لذلك الأَمْرِ أُهْبَتَه أَي هُبَتَه وعُدَّتَه وقد أَهَّبَ له وتَأَهَّبَ وأُهْبَةُ الحَرْبِ عُدَّتُها والجمع أُهَبٌ والإِهابُ الجِلْد من البَقَر والغنم والوحش ما لم يُدْبَغْ والجمع القليل آهِبَةٌ أَنشد ابن الأَعرابي سُودَ الوُجُوهِ يأْكُلونَ الآهِبَهْ والكثير أُهُبٌ وأَهَبٌ على غير قياس مثل أَدَمٍ وأَفَقٍ وعَمَدٍ جمع أَدِيمٍ وأَفِيقٍ وعَمُودٍ وقد قيل أُهُبٌ وهو قِياس قال سيبويه أَهَبٌ اسم للجمع وليس بجمع إِهابٍ لأَن فَعَلاً ليس مما يكسر عليه فِعالٌ وفي الحديث وفي بَيْتِ النبي صلى اللّه عليه وسلم أُهُبٌ عَطِنةٌ أَي جُلودٌ في دِباغِها والعَطِنَةُ المُنْتِنةُ التي هي في دِباغِها وفي الحديث لو جُعِلَ القُرآنُ في إِهابٍ ثم أُلْقِيَ في النار ما احْتَرَقَ قال ابن الأَثير قيل هذا كان مُعْجِزةً للقُرآن في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم كما تكونُ الآياتُ في عُصُور الأَنْبِياء وقيل المعنى من عَلَّمه اللّه القُرآن لَم تُحْرِقْه نارُ الآخِرة فجُعِلَ جسْمُ حافِظِ القرآن كالإِهابِ له وفي الحديث أَيُّما إِهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ ومنه قول عائشة في صفة أَبيها رضي اللّه عنهما وحَقَنَ الدِّماء في أُهُبها أَي في أَجْسادِها وأُهْبانُ اسم فيمن أَخَذَه من الإِهاب فإِن كان من الهبة فالهمزة بدل من الواو وهو مذكور في موضعه وفي الحديث ذِكْرُ أَهابَ ( 1 )
( 1 قوله « ذكرأهاب » في القاموس وشرحه } و { في الحديث ذكر أهاب } كسحاب { وهو } موضع قرب المدينة { هكذا ضبطه الصاغاني وقلده المجد وضبطه ابن الأثير وعياض وصاحب المراصد بالكسر ا ه ملخصاً وكذا ياقوت ) وهو اسم موضع بنواحِي المَدينةِ بقُرْبها قال ابن الأَثير ويقال فيه يَهابُ بالياءِ

أوب
الأَوْبُ الرُّجُوعُ آبَ إِلى الشيءِ رَجَعَ يَؤُوبُ أَوْباً وإِياباً وأَوْبَةٌ [ ص 218 ] وأَيْبَةً على المُعاقبة وإِيبَةً بالكسر عن اللحياني رجع وأوَّبَ وتَأَوَّبَ وأَيَّبَ كُلُّه رَجَعَ وآبَ الغائبُ يَؤُوبُ مآباً إِذا رَجَع ويقال لِيَهْنِئْكَ أَوْبةُ الغائِبِ أَي إِيابُه وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا أَقْبَلَ من سَفَر قال آيِبُونَ تائِبُون لربنا حامِدُونَ وهو جمع سلامة لآيب وفي التنزيل العزيز وإِنّ له عندنا لَزُلْفَى وحُسْنَ مآب أَي حُسْنَ المَرجِعِ الذي يَصِيرُ إِليه في الآخرة قال شمر كُلُّ شيء رجَعَ إِلى مَكانِه فقد آبَ يَؤُوبُ إِياباً إِذا رَجَع أَبو عُبَيْدةَ هو سريع الأَوْبَةِ أي الرُّجُوعِ وقوم يحوّلون الواو ياء فيقولون سَريعُ الأَيْبةِ وفي دُعاءِ السَّفَرِ تَوْباً لِربِّنا أَوْباً أَي تَوْباً راجعاً مُكَرَّراً يُقال منه آبَ يَؤُوبُ أَوباً فهو آيِبٌ ( 1 )
( 1 قوله « فهو آيب » كل اسم فاعل من آب وقع في المحكم منقوطاً باثنتين من تحت ووقع في بعض نسخ النهاية آئبون لربنا بالهمز وهو القياس وكذا في خط الصاغاني نفسه في قولهم والآئبة شربة القائلة بالهمز أيضاً ) وفي التنزيل العزيز إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُم وإِيَّابَهُمْ أَي رُجُوعَهم وهو فِيعالٌ من أَيَّبَ فَيْعَلَ وقال الفرَّاءُ هو بتخفيف الياء والتشديدُ فيه خَطَأٌ وقال الزجاج قُرئَ إِيَّابهم بالتشديد وهو مصدر أَيَّبَ إِيَّاباً على معنى فَيْعَلَ فِيعالاً من آبَ يَؤُوبُ والأَصل إِيواباً فأُدغمت الياء في الواو وانقلبت الواو إِلى الياء لأَنها سُبِقت بسكون قال الأَزهريّ لا أَدري من قرأَ إِيَّابهم بالتشديد والقُرّاءُ على إِيابهم مخففاً وقوله عز وجل يا جبالُ أَوِّبي مَعَه ويُقْرَأُ أُوبِي معه فمن قرأَ أَوِّبي معه فمعناه يا جِبالُ سَبِّحي معه وَرَجِّعي التَّسْبيحَ لأَنه قال سَخَّرْنا الجِبالَ معه يُسَبِّحْنَ ومن قرأً أُوبِي معه فمعناه عُودي معه في التَسْبيح كلما عادَ فيه والمَآبُ المَرْجِعُ
وَأْتابَ مثل آبَ فَعَلَ وافْتَعَل بمعنى قال الشاعر
ومَن يَتَّقْ فإِنّ اللّهَ مَعْهُ ... ورِزْقُ اللّهِ مُؤْتابٌ وغادي
وقولُ ساعِدةَ بن عَجْلانَ
أَلا يا لَهْفَ أَفْلَتَنِي حُصَيْبٌ ... فَقَلْبِي مِنْ تَذَكُّرِهِ بَليدُ
فَلَوْ أَنِّي عَرَفْتُكَ حينَ أَرْمِي ... لآبَكَ مُرْهَفٌ منها حَديدُ
يجوز أَن يكون آبَكَ مُتَعَدِّياً بنَفْسه أَي جاءَك مُرْهَفٌ نَصْلٌ مُحَدَّد ويجوز أَن يكون أَراد آبَ إِليكَ فحذف وأَوْصَلَ ورجل آيِبٌ من قَوْم أُوَّابٍ وأُيَّابٍ وأَوْبٍ الأَخيرة اسم للجمع وقيل جمع آيِبٍ وأَوَّبَه إِليه وآبَ به وقيل لا يكون الإِيابُ إِلاّ الرُّجُوع إِلى أَهله ليْلاً التهذيب يقال للرجل يَرْجِعُ بالليلِ إِلى أَهلهِ قد تَأَوَّبَهم وأْتابَهُم فهو مُؤْتابٌ ومُتَأَوِّبٌ مثل ائْتَمَره ورجل آيِبٌ من قوم أَوْبٍ وأَوَّابٌ كثير الرُّجوع إِلى اللّه عزوجل من ذنبه [ ص 219 ] والأَوْبَةُ الرُّجوع كالتَّوْ بةِ والأَوَّابُ التائِبُ قال أَبو بكر في قولهم رجلٌ أَوَّابٌ سبعةُ أَقوال قال قوم الأَوّابُ الراحِمُ وقال قوم الأَوّابُ التائِبُ وقال سعيد بن جُبَيْر الأَوّابُ المُسَّبِّحُ وقال ابن المسيب الأَوّابُ الذي يُذنِبُ ثم يَتُوب ثم يُذنِبُ ثم يتوبُ وقال قَتادةُ الأَوّابُ المُطيعُ وقال عُبَيد بن عُمَيْر الأَوّاب الذي يَذْكر ذَنْبَه في الخَلاءِ فيَسْتَغْفِرُ اللّهَ منه وقال أَهل اللغة الأَوّابُ الرَّجَّاعُ الذي يَرْجِعُ إِلى التَّوْبةِ والطاعةِ مِن آبَ يَؤُوبُ إِذا رَجَعَ قال اللّهُ تعالى لكُلِّ أَوّابٍ حفيظٍ قال عبيد
وكلُّ ذي غَيْبةٍ يَؤُوبُ ... وغائِبُ المَوتِ لا يَؤُوبُ
وقال تَأَوَّبَهُ منها عَقابِيلُ أَي راجَعَه وفي التنزيل العزيز داودَ ذا الأَيْدِ إِنه أَوّابٌ قال عُبَيْد بن عُمَيْر الأَوّابُ الحَفِيظُ ( 1 )
( 1 قوله « الأوّاب الحفيظ إلخ » كذا في النسخ ويظهر أن هنا نقصاً ولعل الأصل الذي لا يقوم من مجلسه حتى يكثر الرجوع إِلى اللّه بالتوبة والاستغفار ) الذي لا يَقوم من مجلسه وفي الحديث صلاةُ الأَوّابِينَ حِين ترْمَضُ الفِصالُ هو جَمْعُ أَوّابٍ وهو الكثيرُ الرُّجوع إِلى اللّه عز وجل بالتَّوْبَة وقيل هو المُطِيعُ وقيل هو المُسَبِّحُ يُريد صلاة الضُّحى عند ارتِفاعِ النهار وشِدَّة الحَرِّ وآبَتِ الشمسُ تَؤُوبُ إِياباً وأُيوباً الأَخيرة عن سيبويه غابَتْ في مَآبِها أَي في مَغِيبها كأَنها رَجَعت إِلى مَبْدَئِها قال تُبَّعٌ
فَرَأَى مَغِيبَ الشمسِ عندَ مَآبِها ... في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ ( 2 )
( 2 قوله « حرمد » هو كجعفر وزبرج )
وقال عتيبة ( 3 )
( 3 قوله « وقال عتيبة » الذي في معجم ياقوت وقالت امية بنت
عتيبة ترثي أباها وذكرت البيت مع أبيات ) بن الحرِث اليربوعي
تَرَوَّحْنا مِنَ اللَّعْباءِ عَصْراً ... وأَعْجَلْنا الأَلاهة أَنْ تَؤُوبا
أَراد قيل أَن تَغِيبَ وقال يُبادِرُ الجَوْنَةَ أَن تَؤُوبا وفي الحديث شَغَلُونا عن صَلاَةِ الوُسْطى حتى آبَتِ الشمسُ مَلأَ اللّهُ قُلوبهم ناراً أَي غَرَبَتْ من الأَوْبِ الرُّجوعِ لأَنها تَرجِعُ بالغروب إِلى الموضع الذي طَلَعَتْ منه ولو اسْتُعْمِلَ ذلك في طُلوعِها لكان وجهاً لكنه لم يُسْتَعْمَلْ وتَأَوَّبَه وتَأَيَّبَه على المُعاقَبةِ أَتاه ليلاً وهو المُتَأَوَّبُ والمُتَأَيَّبُ وفلان سَرِيع الأَوْبة وقوم يُحوِّلون الواو ياء فيقولون سريع الأَيْبةِ وأُبْتُ إِلى بني فلان وتَأَوَّبْتُهم إِذا أَتيتَهم ليلاً وتَأَوَّبْتُ إِذا جِئْتُ أَوّل الليل فأَنا مُتَأَوِّبٌ ومُتَأَيِّبٌ وأُبْتُ الماءَ وتَأَوَّبْتُه وأْتَبْتُه وردته ليلاً قال الهذليُّ
أَقَبَّ رَباعٍ بنُزْهِ الفَلا ... ةِ لا يَرِدُ الماءَ إِلاّ ائْتِيابَا
ومن رواه انْتِيابا فقد صَحَّفَه والآيِبَةُ أَنَ تَرِد الإِبلُ الماءَ كلَّ ليلة أَنشد ابن [ ص 220 ] الأَعرابي رحمه اللّه تعالى لا تَرِدَنَّ الماءَ إِلاّ آيِبَهْ أَخْشَى عليكَ مَعْشَراً قَراضِبَهْ سُودَ الوجُوهِ يأْكُلونَ الآهِبَهْ والآهِبةُ جمع إِهابٍ وقد تقدَّم والتَّأْوِيبُ في السَّيْرِ نَهاراً نظير الإِسْآدِ في السير ليلاً والتَّأْوِيبُ أَن يَسِيرَ النهارَ أَجمع ويَنْزِلَ الليل وقيل هو تَباري الرِّكابِ في السَّير وقال سلامةُ بن جَنْدَلٍ
يَوْمانِ يومُ مُقاماتٍ وأَنْدِيَةٍ ... ويومُ سَيْرٍ إِلى الأَعْداءِ تَأْوِيب
التَّأْوِيبُ في كلام العرب سَيرُ النهارِ كلِّه إِلى الليل يقال أَوَّبَ القومُ تَأْوِيباً أَي سارُوا بالنهار وأَسْأَدُوا إِذا سارُوا بالليل والأَوْبُ السُّرْعةُ والأَوْبُ سُرْعةُ تَقْلِيبِ اليَدَيْن والرجلين في السَّيْر قال
كأَنَّ أوْبَ مائحٍ ذِي أَوْبِ ... أَوْبُ يَدَيْها بِرَقاقٍ سَهْبِ
وهذا الرجز أَورد الجوهريُّ البيتَ الثاني منه قال ابن بري صوابه أَوْبُ بضم الباء لأَنه خبر كأَنّ والرَّقاقُ أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ ليِّنةُ التُّراب صُلْبةُ ما تحتَ التُّراب والسَّهْبُ الواسِعُ وصَفَه بما هو اسم الفَلاةِ وهو السَّهْبُ وتقول ناقةٌ أَؤُوبٌ على فَعُولٍ وتقول ما أَحْسَنَ أَوْبَ دَواعِي هذه الناقةِ وهو رَجْعُها قوائمَها في السير والأَوْبُ تَرْجِيعُ
الأَيْدِي والقَوائِم قال كعبُ بن زهير
كأَنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها وقد عَرِقَتْ ... وقد تَلَفَّعَ بالقُورِ العَساقِيلُ
أَوْبُ يَدَيْ ناقةٍ شَمْطاءَ مُعْوِلةٍ ... ناحَتْ وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
قال والمُآوَبةُ تَباري الرِّكابِ في السير وأَنشد وإِنْ تُآوِبْه تَجِدْه مِئْوَبا وجاؤُوا من كلّ أَوْبٍ أَي مِن كُلِّ مآبٍ ومُسْتَقَرٍّ وفي حديث أنس رضي اللّه عنه فَآبَ إِلَيهِ ناسٌ أَي جاؤُوا إِليه من كل ناحيَةٍ وجاؤُوا مِنْ كُلّ أَوْبٍ أَي من كل طَرِيقٍ ووجْهٍ وناحيةٍ وقال ذو الرمة يصف صائداً رمَى الوَحْشَ
طَوَى شَخْصَه حتى إِذا ما تَوَدَّفَتْ ... على هِيلةٍ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ نِفَالها
على هِيلةٍ أَي على فَزَعٍ وهَوْلٍ لما مَرَّ بها من الصَّائِد مرَّةً بعدَ أُخرى مِنْ كُلِّ أَوْبٍ أَي من كل وَجْهٍ لأَنه لا مكمن لها من كل وَجْهٍ عن يَمينها وعن شِمالها ومن خَلْفِها ورَمَى أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي وَجْهاً أَو وَجْهَيْنِ ورَمَيْنا أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي رِشْقاً أَو رِشْقَيْن والأَوْبُ القَصْدُ والاسْتِقامةُ وما زالَ ذلك أَوْبَه أَي عادَتَه وهِجِّيراهُ عن اللحياني والأَوْبُ النَّحْلُ وهو اسم جَمْع كأَنَّ الواحِدَ آيِبٌ قال الهذليُّ
رَبَّاءُ شَمَّاء لا يَأْوِي لِقُلَّتها ... إِلاّ السَّحابُ وإِلاّ الأَوْبُ والسَّبَلُ
وقال أَبو حنيفة سُمِّيت أَوْباً لإِيابِها إِلى المَباءة قال وهي لا تزال في مَسارِحِها ذاهِبةً وراجِعةً [ ص 221 ] حتى إِذا جَنَحَ الليلُ آبَتْ كُلُّها حتى لا يَتَخَلَّف منها شيء ومَآبةُ البِئْر مثل مَباءَتِها حيث يَجْتَمِع إِليه الماءُ فيها
وآبَه اللّهُ أَبْعَدَه دُعاءٌ عليه وذلك إِذا أَمَرْتَه بِخُطَّةٍ فَعَصاكَ ثم وقَع فيما تَكْرَهُ فأَتاكَ فأَخبرك بذلك فعند ذلك تقول له آبَكَ اللّهُ وأَنشد ( 1 )
( 1 قوله « وأنشد » أي لرجل من بني عقيل يخاطب
قلبه فآبك هلاّ إلخ وأنشد في الأساس بيتا قبل هذا
أخبرتني يا قلب أنك ذوعرا ... بليلي فذق ما كنت قبل تقول )
فآبَكَ هَلاَّ واللَّيالِي بِغِرَّةٍ ... تُلِمُّ وفي الأَيَّامِ عَنْكَ غُفُولُ
وقال الآخر
فآبَكِ ألاَّ كُنْتِ آلَيْتِ حَلْفةً ... عَلَيْهِ وأَغْلَقْتِ الرِّتاجَ المُضَبِّبا
ويقال لمن تَنْصَحُه ولا يَقْبَلُ ثم يَقَعُ فيما حَذَّرْتَه منه آبَكَ مثل وَيْلَكَ وأَنشد سيبويه
آبَكَ أَيّهْ بِيَ أَو مُصَدِّرِ ... مِنْ خُمُر الجِلَّةِ جَأْبٍ حَشْوَرِ
وكذلك آبَ لَك وأَوَّبَ الأَدِيمَ قَوَّرَه عن ثعلب ابن الأَعرابي يقال أَنا عُذَيْقُها المُرَجَّبُ وحُجَيْرُها المُأَوَّبُ قال المُأَوَّبُ المُدَوَّرُ المُقَوَّرُ المُلَمْلَمُ وكلها أَمثال وفي ترجمة جلب ببيت للمتنخل
قَدْ حالَ بَيْنَ دَرِيسَيْهِ مُؤَوِّبةٌ ... مِسْعٌ لها بعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
قال ابن بري مُؤَوِّبةُ رِيحٌ تأْتي عند الليل وآبُ مِن أَسماءِ الشهور عجمي مُعَرَّبٌ عن ابن الأَعرابي ومَآبُ اسم موضِعٍ ( 2 )
( 2 قوله « اسم موضع » في التكملة مآب مدينة من نواحي البلقاء وفي القاموس بلد بالبلقاء ) من أَرض البَلْقاء قال عبدُاللّه بن رَواحةَ
فلا وأَبي مَآبُ لَنَأْتِيَنْها ... وإِنْ كانَتْ بها عَرَبٌ ورُومُ

أيب
ابن الأَثير في حديث عكرمة رضي اللّه عنه قال كان طالوتُ أَيَّاباً قال الخطابي جاءَ تفسيره في الحديث أَنه السَّقاءُ

بأب
فَرَسٌ بُؤَبٌ قَصِير غلِيظُ اللَّحم فسيحُ الخَطْوِ بَعيدُ القَدْرِ

ببب
بَبَّةُ حكاية صو صبي قالت هِنْدُ بنتُ أَبي سُفْيانَ تُرَقِّصُ ابْنها عبدَاللّهِ بنَ الحَرِث لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جارِيةً خِدَبَّهْ مُكْرَمةً مُحَبَّه تَجُبُّ أَهلَ الكَعْبه أَي تَغْلِبُ نساءَ قُرَيْشٍ في حُسْنِها ومنه قول الراجِز جَبَّتْ نِساءَ العالَمينَ بالسَّبَبْ [ ص 222 ] وسنذكره إِن شاءَ اللّه تعالى وفي الصحاح بَبَّةُ اسم جارية واستشهد بهذا الرجز قال الشيخ ابن بري هذا سَهْوٌ لأَن بَبَّةَ هذا هو لقب عبدِاللّه بن الحرث بن نَوْفل بن عبدالمطلب والي البصرة كانت أُمه لقَّبَتْه به في صِغَره لكثرة لَحْمِه والرجز لأُمه هِنْدَ كانت تُرَقِّصُه به تريد لأُنْكِحَنَّه إِذا بلَغَ جارِيةً هذه صفتها وقد خَطَّأَ أَبو زكريا أَيضاً الجَوْهَريَّ في هذا المكان غيره بَبَّةُ لقَب رجل من قريش ويوصف به الأَحْمَقُ الثَّقِيلُ والبَبَّةُ السَّمِينُ وقيل الشابُّ المُمْتَلئُ البَدنِ نَعْمةً حكاه الهروِيُّ في الغريبين قال وبه لُقِّب عبدُاللّه بن الحرث لكثرة لحمه في صِغَره وفيه يقول الفرزدق
وبايَعْتُ أَقْواماً وفَيْتُ بعَهْدِهِمْ ... وبَبَّةُ قد بايَعْتُه غيرَ نادِمِ
وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما سَلَّم عليه فَتىً من قُرَيْشٍ فَردَّ عليه مثْلَ سَلامِه فقال له ما أَحْسِبُكَ أَثْبَتَّنِي قال أَلسْتَ بَبَّةً ؟ قال ابن الأَثير يقال للشابِّ المُمْتَلِئِ البَدنِ نَعْمَةً وشَباباً بَبَّةٌ والبَبُّ الغلامُ السائلُ وهو السَّمِينُ ويقال تَبَبَّبَ إِذا سَمِنَ وبَبَّةُ صَوتٌ من الأَصْوات وبه سُمِّيَ الرجل وكانت أُمه تُرَقِّصه به وهم على بَبَّانٍ واحد وبَبانٍ ( 1 )
( 1 قوله « وهم على ببان إلخ » عبارة القاموس وهم ببان واحد وعلى ببان واحد ويخفف ا ه فيستفاد منه استعمالات أربعة ) أَي على طَريقةٍ قال وأُرَى بَباناً محذوفاً من بَبَّانٍ لأَنَّ فَعْلانَ أَكثر من فَعالٍ وهم بَبَّانٌ واحِدٌ أَي سَواءٌ كما يقال بَأْجٌ واحِدٌ قال عمر رضي اللّه عنه لَئن عِشْتُ إِلى قابل لأُلْحِقَنَّ آخِرَ الناسِ بأَوَّلِهم حتى يكونوا بَبَّاناً واحِداً وفي طريق آخر إِنْ عِشْتُ فَسَأَجْعَلُ الناسَ بَبَّاناً واحِداً يريد التَّسويةَ في القَسْمِ وكان يُفَضِّل المُجاهِدِينَ وأَهلَ بَدْر في العَطاءِ قال أَبو عبدالرحمن بن مهدي يعني شيئاً واحداً قال أَبو عُبَيْدٍ وذاك الذي أَراد قال ولا أحْسِبُ الكلمةَ عَربيةً قال ولم أَسمعها في غير هذا الحديث وقال أَبو سَعيد الضَّريرُ لا نَعْرفُ بَبَّاناً في كلام العرب قال والصحيح عندنا بَيَّاناً واحداً قال وأَصلُ هذه الكلمة أَنَّ العرب تقول إِذا ذَكَرت من لا يُعْرَفُ هذا هَيَّانُ بنُ بَيَّانَ كما يقال طامرُ بنُ طامِرٍ قال فالمعنى لأُسَوِّيَنَّ بينهم في العَطاءِ حتى يكونوا شيئاً واحداً ولا أُفَضِّلُ أَحداً على أَحد قال الأَزهريُّ ليس كما ظَنَّ وهذا حديث مشهور رواه أَهلُ الإِتْقانِ وكأَنها لغة يمَانِيَةٌ ولم تَفْشُ في كلام مَعَدٍّ وقال الجوهري هذا الحرف هكذا سُمِعَ وناسٌ يَجْعلونه هيَّانَ بنَ بَيَّانَ قال وما أُراه محفوظاً عن العرب قال أَبو منصور بَبَّانُ حَرْف رواه هشام بن سعد وأَبو معشر عن زيد بن أَسْلَم عن أَبيه سمعت عُمَر ومِثْلُ هؤُلاءِ الرُّواة لا يُخْطِئُونَ فيُغَيِّرُوا وبَبَّانُ وإِن لم يكن عربياً مَحْضاً فهو صحيح بهذا المعنى وقال الليث بَبَّانُ على تقدير فَعْلانَ ويقال على تقدير فَعَّالٍ قال والنون أَصلية ولا يُصَرَّفُ منه فِعْلٌ قال وهو والبَأْجُ بمعنى واحد قال أَبو منصور وكان رَأْيُ عمرَ رضي اللّه عنه في أَعْطِيةِ الناس التَّفْضِيلَ على السَّوابِقِ وكان رأْيُ أَبي بكرٍ رضي اللّه عنه التَّسْوِيةَ ثم رجَع عمرُ إِلى رأْي أَبي بكر [ ص 223 ] والأَصل في رجوعه هذا الحديث قال الأَزهري وبَبَّانُ كأَنها لغة يمَانِيةٌ وفي رواية عن عمر رضي اللّه عنه لولا أَن أَتْرُكَ آخِرَ الناسِ بَبَّاناً واحداً ما فُتِحَتْ عليَّ قَريةٌ إِلا قَسَمْتُها أَي أَتركهم شيئاً واحداً لانه إِذا قَسَمَ البِلادَ المفتوحة على الغانِمين بقي من لم يَحْضُرِ الغَنِيمةَ ومَن يَجِيءُ بَعْدُ من المسلمين بغير شيءٍ منها فلذلك ترَكَها لتكون بينهم جَمِيعهم وحكى ثعلب الناسُ بَبَّانٌ واحِد لا رأْسَ لهم قال أَبو علي هذا فَعَّالٌ من باب كَوْكَبٍ ولا يكون فَعْلانَ لأَن الثلاثة لا تكون من موضع واحد قال وبَبَّةُ يَرُدُّ قول أَبي علي

بوب
البَوْباةُ الفَلاةُ عن ابن جني وهي المَوْماةُ وقال أَبو
حنيفة البَوْباةُ عَقَبةٌ كَؤُودٌ على طريقِ مَنْ أَنْجَدَ من حاجِّ اليَمَن والبابُ معروف والفِعْلُ منه التَّبْوِيبُ والجمعُ أَبْوابٌ وبِيبانٌ فأَما قولُ القُلاخِ بن حُبابةَ وقيل لابن مُقْبِل
هَتَّاكِ أَخْبِيةٍ وَلاَّجِ أَبْوِبةٍ ... يَخْلِطُ بالبِرِّ منه الجِدَّ واللِّينا ( 1 )
( 1 قوله « هتاك إلخ » ضبط بالجر في نسخة من المحكم وبالرفع في التكملة وقال فيها والقافية مضمومة والرواية ملء الثواية فيه الجدّ واللين )
فإِنما قال أَبْوِبةٍ للازدواج لمكان أَخْبِيةٍ قال ولو أَفرده لم يجز
وزعم ابن الأَعرابي واللحياني أَنَّ أَبْوِبةً جمع باب من غير أَن يكون إِتباعاً وهذا نادر لأَن باباً فَعَلٌ وفَعَلٌ لا يكسّر على
أَفْعِلةٍ وقد كان الوزيرُ ابن المَغْربِي يَسْأَلُ عن هذه اللفظة على سبيلِ الامْتِحان فيقول هل تعرف لَفظَةً تُجْمع على أَفْعِلةٍ على غير قياس جَمْعِها المشهور طَلَباً للازدواج يعني هذه اللفظةَ وهي أَبْوِبةٌ قال وهذا في صناعةِ الشعر ضَرْبٌ من البَدِيع يسمى التَّرْصِيعَ قال ومما يُسْتَحْسَنُ منه قولُ أَبي صَخْرٍ الهُذلِي في صِفَة مَحْبُوبَتِه
عَذْبٌ مُقَبَّلُها خَدْل مُخَلْخَلُها ... كالدِّعْصِ أَسْفَلُها مَخْصُورة القَدَمِ
سُودٌ ذَوائبُها بِيض تَرائبُها ... مَحْض ضَرائبُها صِيغَتْ على الكَرَمِ
عَبْلٌ مُقَيَّدُها حالٍ مُقَلَّدُها ... بَضّ مُجَرَّدُها لَفَّاءُ في عَمَمِ
سَمْحٌ خَلائقُها دُرْم مَرافِقُها ... يَرْوَى مُعانِقُها من بارِدٍ شَبِمِ
واسْتَعار سُوَيْد بن كراع الأَبْوابَ للقوافِي فقال
أَبِيتُ بأَبْوابِ القَوافِي كأَنَّما ... أَذُودُ بها سِرْباً مِنَ الوَحْشِ نُزَّعا
والبَوَّابُ الحاجِبُ ولو اشْتُقَّ منه فِعْلٌ على فِعالةٍ لقيل بِوابةٌ باظهار الواو ولا تُقْلَبُ ياءً لأَنه ليس بمصدر مَحْضٍ إِنما هو اسم قال وأَهلُ البصرة في أَسْواقِهم يُسَمُّون السَّاقِي الذي يَطُوف عليهم بالماءِ بَيَّاباً ورجلٌ بَوّابٌ لازم للْباب وحِرْفَتُه البِوابةُ وبابَ للسلطان يَبُوبُ صار له بَوَّاباً وتَبَوَّبَ بَوَّاباً اتخذه وقال بِشْرُ بن أبي خازم
فَمَنْ يَكُ سائلاً عن بَيْتِ بِشْرٍ ... فإِنَّ له بجَنْبِ الرَّدْهِ بابا
[ ص 224 ] إِنما عنى بالبَيْتِ القَبْرَ ولما جَعَله بيتاً وكانت البُيوتُ ذواتِ أَبْوابٍ اسْتَجازَ أَن يَجْعل له باباً وبَوَّبَ الرَّجلُ إِذا حَمَلَ على العدُوّ والبابُ والبابةُ في الحُدودِ والحِساب ونحوه الغايةُ وحكى سيبويه بيَّنْتُ له حِسابَه باباً باباً وباباتُ الكِتابِ سطورهُ ولم يُسمع ما بواحدٍ وقيل هي وجوهُه وطُرُقُه قال تَمِيم بن مُقْبِلٍ
بَنِي عامرٍ ما تأْمُرون بشاعِرٍ ... تَخَيَّرَ باباتِ الكتابِ هِجائيا
وأَبوابٌ مُبَوَّبةٌ كما يقال أَصْنافٌ مُصَنَّفَةٌ ويقال هذا شيءٌ منْ بابَتِك أَي يَصْلُحُ لك ابن الأَنباري في قولهم هذا مِن بابَتي قال ابن السكيت وغيره البابةُ عند العَرَب الوجْهُ والباباتُ الوُجوه وأَنشد بيت تميم بن مقبل تَخَيَّرَ باباتِ الكِتابِ هِجائِيا قال معناه تَخَيَّرَ هِجائي مِن وُجوه الكتاب فإِذا قال الناسُ مِن بابَتِي فمعناه من الوجْهِ الذي أُريدُه ويَصْلُحُ لي أَبو العميثل البابةُ الخَصْلةُ والبابِيَّةُ الأُعْجوبةُ قال النابغة الجعدي
فَذَرْ ذَا ولكِنَّ بابِيَّةً ... وَعِيدُ قُشَيْرٍ وأَقْوالُها
وهذا البيت في التهذيب
ولكِنَّ بابِيَّةً فاعْجَبوا ... وَعِيدُ قُشَيْرٍ وأَقْوالُها
بابِيَّةٌ عَجِيبةٌ وأَتانا فلان بِبابيَّةٍ أَي بأُعْجوبةٍ وقال الليث البابِيَّةُ هَدِيرُ الفَحْل في تَرْجِيعه ( 1 )
( 1 قوله « الليث البابية هدير الفحل إلخ » الذي في التكملة وتبعه المجد البأببة أي بثلاث باءات كما ترى هدير الفحل قال رؤبة
إِذا المصاعيب ارتجسن قبقبا ... بخبخة مراً ومراً بأببا
ا ه فقد أورده كل منهما في مادة ب ب ب لا ب و ب وسلم المجد من التصحيف والرجز الذي أورده الصاغاني يقضي بان المصحف غير المجد فلا تغتر بمن سوّد الصحائف ) تَكْرار له وقال رؤْبة بَغْبَغَةَ مَرّاً ومرّاً بابِيا وقال أيضاً
يَسُوقُها أَعْيَسُ هَدّارٌ بَبِبْ ... إِذا دَعاها أَقْبَلَتْ لا تَتَّئِبْ ( 2 )
( 2 وقوله « يسوقها أعيس إلخ » أورده الصاغاني أيضاً في ب ب ب )
وهذا بابةُ هذا أَي شَرْطُه
وبابٌ موضع عن ابن الأَعرابي وأَنشد
وإِنَّ ابنَ مُوسى بائعُ البَقْلِ بالنَّوَى ... له بَيْن بابٍ والجَرِيبِ حَظِيرُ
والبُوَيْبُ موضع تِلْقاء مِصْرَ إِذا بَرَقَ البَرْقُ من قِبَله لم يَكَدْ يُخْلِفُ أَنشد أَبو العَلاءِ
أَلا إِنّما كان البُوَيْبُ وأَهلُه ... ذُنُوباً جَرَتْ مِنِّي وهذا عِقابُها
والبابةُ ثَغْرٌ من ثُغُورِ الرُّومِ والأَبوابُ ثَغْرٌ من ثُغُور الخَزَرِ وبالبحرين موضع يُعرف ببابَيْنِ وفيه يقول قائلهم
إِنَّ ابنَ بُورٍ بَيْنَ بابَيْنِ وجَمْ ... والخَيْلُ تَنْحاهُ إِلى قُطْرِ الأَجَمْ
[ ص 225 ]
وضَبَّةُ الدُّغْمانُ في رُوسِ الأَكَمْ ... مُخْضَرَّةً أَعيُنُها مِثْلُ الرَّخَمْ

بيب
البِيبُ مَجْرى الماء إِلى الحَوْضِ وحكى ابن جني فيه البِيبةَ ابن الأَعرابي بابَ فلانٌ إِذا حَفَر كُوَّةً وهو البِيبُ وقال في موضع آخر البِيبُ كُوَّةُ الحوض وهو مَسِيلُ الماءِ وهي الصُّنْبورُ والثَّعْلَبُ والأُسْلُوبُ والبِيبةُ المَثْعَبُ الذي يَنْصَبُّ منه الماءُ إِذا فُرِّغَ من الدَّلْو في الحَوْض وهو البِيبُ والبِيبةُ وبَيْبةُ اسم رجل وهو بَيْبَةُ بنُ سفيانَ بن مُجاشِع قال جرير
نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بالقَنا ... ومَارَ دَمٌ مِن جارِ بَيْبةَ ناقِعُ
قوله مار أَي تحرَّكَ والبابةُ أَيضاً ثَغْرٌ من ثُغُور المسلمين

تأب
تَيْأَب اسم موضِعٍ قال عباس بن مِرْداسٍ السُّلَمِي
فإِنَّكَ عَمْري هل أُرِيكَ ظَعائِناً ... سَلَكْنَ على ركْنِ الشَطاةِ فَتَيْأَبَا
والتَّوْأَبانِيَّانِ رَأْسا الضَّرْعِ من الناقة وقيل التَّوْأَبانِيَّانِ قادِمَتا الضَّرْعِ قال ابن مُقْبِل
فَمَرَّتْ على أَظْرابِ هِرٍّ عَشِيَّةً ... لها تَوْأَبانِيَّانِ لم يَتَفَلْفَلا
لم يَتَفَلْفَلا أَي لم يَظْهَرا ظُهوراً بَيِّناً وقيل لم تَسْوَدَّ حَلَمتاهُما ومنه قول الآخر
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ حتى كأَنها ... فَلافِلُ ( 1 )
( 1 قوله « طوى أمهات إلخ » هو في التهذيب كما ترى )
أَي لَصِقَت الأَخْلافُ بالضَّرَّةِ كأَنها فَلافِلُ
قال أَبو عُبَيدةَ سَمَّى ابنُ مُقْبِل خِلْفَي الناقةِ توأَبانِيَّيْنِ ولم يَأْت به عربي كأَنَّ الباءَ مُبْدَلةٌ من الميم قال أَبو منصور والتاءُ في التوأَبانِيَّيْنِ ليست بأَصلية قال ابن بري قال الأَصمعي التَّوْأَبانِيَّانِ الخِلْفانِ قال ولا أَدري ما أَصل ذلك يريد لا أَعرف اشْتِقاقَه ومن أَين أُخِذَ قال وذكر أَبو علي الفارسي أَن أَبا بكر بن السَّرَّاجِ عَرَفَ اشتِقاقَه فقال تَوْأَبانِ فَوْعَلانِ من الوَأْبِ وهو الصُّلْبُ الشديدُ لأَن خِلْفَ الصغيرةِ فيه صَلابةٌ والتاء فيه بدل من الواو وأَصله وَوْأَبانِ فلما قُلبت الواو تاءً صار تَوْأَبانِ وأُلحِق ياءً مشدَّدة زائدةً كما زادوها في أَحْمَرِيٍّ وهم يُريدون أَحمَرَ وفي عارِيَّةٍ وهم يُرِيدون عارةً ثم ثَنَّوْه فقالوا تَوْأَبانِيَّانِ والأَظْرابُ جمع ظَرِبٍ وهو الجُبَيْلُ الصغير ولم يَتَفَلْفَلا أَي لم يَسْوَدّا قال وهذا يدل على أَنه أَراد القادِمَتَيْنِ من الخِلْفِ

تألب
التَّأْلَبُ شجرٌ تُتَّخَذُ منه القِسِيُّ ذكر الأَزهريُّ في الثلاثي الصحيح عن أَبي عبيد عن الأَصمعي قال مِن أَشجارِ الجِبالِ الشَّوْحَطُ والتَّأْلَبُ بالتاءِ والهمزة قال وأَنشد شمر لامْرِئِ القَيْس [ ص 226 ]
ونَحَتْ لَه عَنْ أَرْزِ تَأْلَبَةٍ ... فِلْقٍ فِراغِ مَعابِلٍ طُحْلِ ( 1 )
( 1 قوله « ونحت إلخ » أورده الصاغاني في مادة فرغ بهذا الضبط وقال في شرحه الفراغ القوس الواسعة جرح النصل نحت تحرّفت أي رمته عن قوس وله لامرئ القيس وأرز قوة وزيادة وقيل الفراغ النصال العريضة وقيل الفراغ القوس
البعيدة السهم ويروى فراغ بالنصب أي نحت فراغ والمعنى كأن هذه المرأة رمته بسهم في قلبه )
قال شمر قال بعضهم الأَرْزُ ههنا القَوْسُ بعَيْنِها قال والتَّأْلَبَةُ شجرة تُتَّخذ منها القِسِيُّ والفِراغُ النِّصالُ العِراضُ الواحدُ فَرْغٌ وقوله نَحَتْ له يعني امْرأَةً تَحَرَّفَتْ له بِعَيْنِها فأَصابتْ فُؤَادَه قال العجاج يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه
بِأَدَماتٍ قَطَواناً تَأْلَبا ... إِذا عَلا رَأْسَ يَفاعٍ قَرَّبَا ( 2 )
( 2 قوله « بأدمات إلخ » كذا في غير نسخة وشرح القاموس أيضاً )
أدَماتٌ أَرض بِعَيْنِها والقَطَوانُ الذي يُقارِب خُطاه
والتَّأْلَبُ الغَلِيظُ المُجْتَمِعُ الخَلْقِ شُبِّهَ بالتَّأْلَب وهو شَجَرٌ تُسَوَّى مِنه القِسِيُّ العَرَبِيَّةُ

تبب
التَّبُّ الخَسارُ والتَّبابُ الخُسْرانُ والهَلاكُ وتَبّاً له على الدُّعاءِ نُصِبَ لأَنه مصدر محمول على فِعْلِه كما تقول سَقْياً لفلان معناه سُقِيَ فلان سَقْياً ولم يجعل اسماً مُسْنَداً إِلى ما قبله وتَبّاً تَبيباً على المُبالَغَةِ وتَبَّ تَباباً وتَبَّبَه قال له تَبّاً كما يقال جَدَّعَه وعَقَّره تقول تَبّاً لفلان ونصبه على المصدر باضمار فعل أَي أَلْزَمه اللّهُ خُسْراناً وهَلاكاً وتَبَّتْ يَداهُ تَبّاً وتَباباً خَسِرتَا قال ابن دريد وكأَنَّ التَّبَّ المَصْدرُ والتَّباب الاسْمُ وتَبَّتْ يَداهُ خَسِرتا وفي التنزيل العزيز تَبَّتْ يَدا أَبي لَهَبٍ أي ضَلَّتا وخَسِرَتا وقال الراجز أَخْسِرْ بِها مِنْ صَفْقةٍ لم تُسْتَقَلْ تَبَّتْ يدا صافِقِها ماذا فَعَلْ وهذا مَثَلٌ قِيل في مُشْتَري الفَسْوِ والتَّبَبُ والتَّبابُ والتَّتْبِيبُ الهَلاكُ وفي حديث أَبي لَهَبٍ تَبّاً لكَ سائرَ اليَوْمِ أَلِهذا جَمَعْتَنا التَّبُّ الهَلاكُ وتَتَّبُوهم تَتْبِيباً أَي أَهْلَكُوهم والتَّتْبِيبُ النَّقْصُ والخَسارُ وفي التنزيل العزيز وما زادُوهم غير تَتْبِيبٍ قال أَهل التفسير ما زادُوهم غير تَخْسِير ومنه قوله تعالى وما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا في تَبابٍ أَي ما كَيْدُه إِلا في خُسْرانٍ وتَبَّ إِذا قَطَعَ والتابُّ الكبير من الرجال والأُنثى تابَّةٌ والتَّابُّ الضعِيفُ والجمْع أَتْبابٌ هذلية نادرة
واسْتَتَبَّ الأَمرُ تَهَيَّأً واسْتَوَى واسْتَتَبَّ أَمْرُ فلان إِذا اطَّرَد واسْتَقامَ وتَبَيَّنَ وأَصل هذا من الطَّرِيق المُسْتَتِبِّ وهو الذي خَدَّ فيه السَّيَّارةُ خُدُوداً وشَرَكاً فوَضَح واسْتَبانَ لمن يَسْلُكه كأَنه تُبِّبَ من كثرة الوطءِ وقُشِرَ وَجْهُه فصار مَلْحُوباً بَيِّناً من جَماعةِ ما حَوالَيْهِ من الأَرض فَشُبِّهَ الأَمرُ الواضِحُ البَيِّنُ المُسْتَقِيمُ به وأَنشد المازِنيُّ في المَعَاني
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلامِ بَعَثْتُه ... يَشْكُو الكَلالَ إِليَّ دامي الأَظْلَلِ
[ ص 227 ]
أَوْدَى السُّرَى بِقِتالِه ومِراحِه ... شَهْراً نَواحِيَ مُسْتَتِبٍّ مُعْمَلِ
نَهْجٍ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَه ... ضاحِي المَوارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ
نَصَبَ نَواحِيَ لأَنه جَعَلَه ظَرْفاً أَراد في نواحي طَرِيقٍ مُسْتَتِبٍّ شَبَّه ما في هذا الطَّرِيقِ المُسْتَتِبِّ مِنَ الشَّرَكِ والطُّرُقاتِ بآثار السِّنِّ وهو الحَديدُ الذي يُحْرَثُ به الأَرضُ وقال آخر في مثله
أَنْضَيْتُها من ضُحاها أَو عَشِيَّتِها ... في مُسْتَتِبٍّ يَشُقُّ البِيدَ والأُكُما
أَي في طَرِيقٍ ذي خُدُودٍ أَي شُقُوق مَوْطُوءٍ بَيِّنٍ وفي حديث الدعاءِ حتى اسْتَتَبَّ له ما حاوَلَ في أَعْدائِكَ أَي اسْتقامَ واسْتَمَرَّ والتَّبِّيُّ والتِّبِّيُّ ضَرْبٌ من التمر وهو بالبحرين كالشّهْرِيزِ بالبَصْرة قال أَبو حنيفة وهو الغالبُ على تمرهم يعني أَهلَ البَحْرَيْنِ وفي التهذيب رَدِيءٌ يَأْكُله سُقَّاطُ الناسِ قال الشاعر
وأَعْظَمَ بَطْناً تَحْتَ دِرْعٍ تَخالُه ... إِذا حُشِيَ التَّبِّيَّ زِقّاً مُقَيَّرا
وحِمارٌ تابُّ الظَّهْرِ إِذا دَبِرَ وجَمَلٌ تابٌّ كذلك ومن أَمثالهم مَلَكَ عَبْدٌ عَبْداً فأَوْلاهُ تَبّاً يقول لم يَكُنْ له مِلْكٌ فلما مَلَكَ هانَ عليه ما مَلَكَ وتَبْتَبَ إِذا شاخَ

تجب
التِّجابُ من حجارة الفِضَّة ما أُذيب مَرَّةً وقد بَقِيتْ فيه فِضَّةٌ القِطْعَةُ منه تِجابةٌ ابن الأَعرابي التِّجْبابُ الخَطُّ مِن الفِضَّةِ يكون في حَجَر المَعْدِن وتَجُوبُ قبِيلةٌ مِن قَبائِل اليَمَنِ

تخرب
ناقةٌ تَخْرَبُوتٌ خِيارٌ فارِهةٌ قال ابن سيده وإِنما قضي على التاء الأُولى أَنها أَصل لأَنها لا تُزادُ أَوّلاً إِلا بِثَبْتٍ

تذرب
تَذْرب موضع قال ابن سيده والعِلَّةُ في أَن تاءه أَصلية ما تقَدَّمَ في تخرب

ترب
التُّرْبُ والتُّرابُ والتَّرْباءُ والتُّرَباءُ والتَّوْرَبُ والتَّيْرَبُ والتَّوْرابُ والتَّيْرابُ والتِّرْيَبُ والتَّرِيبُ الأَخيرة عن كراع كله واحد وجَمْعُ التُّرابِ أَتْرِبةٌ وتِرْبانٌ عن اللحياني ولم يُسمع لسائر هذه اللغات بجمع والطائفة من كل ذلك تُّرْبةٌ وتُرابةٌ وبفيهِ التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ الليث التُّرْبُ والتُّرابُ واحد إِلا أَنهم إِذا أَنَّثُوا قالوا التُّرْبة يقال أَرضٌ طَيِّبةُ التُّرْبةِ أَي خِلْقةُ تُرابها فإِذا عَنَيْتَ طاقةً واحدةً من التُّراب قلت تُرابة وتلك لا تُدْرَكُ بالنَّظَر دِقّةً إِلا بالتَّوَهُّم وفي الحديث خَلَقَ اللّهُ التُّرْبةَ يوم السبت يعني الأَرضَ وخَلَق فيها الجِبالَ يوم الأَحَد وخلق الشجَر يوم الاثْنَيْنِ الليث التَّرْباءُ نَفْسُ التُّراب يقال لأَضْرِبَنَّه حتى يَعَضَّ بالتَّرْباءِ والتَّرْباءُ الأَرضُ نَفْسُها وفي الحديث احْثُوا في وُجُوهِ المَدَّاحِينَ التُّرابَ قيل أَراد به الرَّدَّ والخَيْبةَ كما يقال للطالِبِ المَرْدُودِ الخائِبِ لم يَحْصُل في كَفّه غيرُ التُّراب وقَريبٌ منه قولُه صلى اللّه عليه وسلم وللعاهر الحَجَرُ وقيل أَراد به التُّرابَ خاصّةً واستعمله المِقدادُ على ظاهره [ ص 228 ] وذلك أَنه كان عندَ عثمانَ رضي اللّه عنهما فجعل رجل يُثْني عليه وجعل المِقْدادُ يَحْثُو في وجْهِه التُّرابَ فقال له عثمانُ ما تَفْعَلُ ؟ فقال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يقول احْثُوا في وجُوه المدّاحِينَ التُّرابَ وأَراد بالمدّاحين الذين اتَّخَذُوا مَدْحَ الناسِ عادةً وجعلوه بِضاعةً يَسْتَأْكِلُون به المَمْدُوحَ فأَمّا مَن مَدَح على الفِعل الحَسَنِ والأَمْرِ المحمود تَرغِيباً في أَمثالهِ وتَحْريضاً للناس على الاقْتداءِ به في أَشْباهِه فليس بمَدّاح وإِن كان قد صار مادحاً بما تكلم به من جَمِيلِ القَوْلِ وقولُه في الحديث الآ خر إِذا جاءَ مَن يَطْلُبُ ثَمَنَ الكلب فامْلأْ كَفَّه تُراباً قال ابن الأَثير يجوز حَمْلُه على الوجهينِ وتُرْبةُ الإِنسان رَمْسُه وتُربةُ الأَرض ظاهِرُها وأَتْرَبَ الشيءَ وَضَعَ عليه الترابَ فَتَتَرَّبَ أَي تَلَطَّخَ بالتراب وتَرَّبْتُه تَتْريباً وتَرَّبْتُ الكتابَ تَتْريباً وتَرَّبْتُ القِرْطاسَ فأَنا أُّتَرِّبهُ وفي الحديث أَتْرِبوا الكتابَ فإِنه أَنْجَحُ للحاجةِ وتَتَرَّبَ لَزِقَ به التراب قال أَبو ذُؤَيْبٍ
فَصَرَعْنَه تحْتَ التُّرابِ فَجَنْبُه ... مُتَتَرِّبٌ ولكلِّ جَنْبٍ مَضْجَعُ
وتَتَرَّبَ فلان تَتْريباً إِذا تَلَوَّثَ بالترابِ وتَرَبَتْ فلانةُ الإِهابَ لِتُصْلِحَه وكذلك تَرَبْت السِّقاءَ وقال ابن بُزُرْجَ كلُّ ما يُصْلَحُ فهو مَتْرُوبٌ وكلُّ ما يُفْسَدُ فهو مُتَرَّبٌ مُشَدَّد وأَرضٌ تَرْباءُ ذاتُ تُرابٍ وتَرْبَى ومكانٌ تَرِبٌ كثير التُّراب وقد تَرِبَ تَرَباً ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبةٌ على النَّسَب تَسُوقُ التُّرابَ ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبةٌ حَمَلت تُراباً قال ذو الرمة مَرًّا سَحابٌ ومَرًّا بارِحٌ تَرِبُ ( 1 )
( 1 قوله « مراً سحاب إلخ » صدره لا بل هو الشوق من دار تخوّنها )
وقيل تَرِبٌ كثير التُّراب وتَرِبَ الشيءُ وريحٌ تَرِبةٌ جاءَت بالتُّراب وتَرِبَ الشيءُ بالكسر أَصابه التُّراب وتَرِبَ الرَّجل صارَ في يده التُّراب وتَرِبَ تَرَباً لَزِقَ بالتُّراب وقيل لَصِقَ بالتُّراب من الفَقْر وفي حديث فاطمةَ بنتِ قَيْس رضي اللّه عنها وأَمّا معاوِيةُ فَرجُلٌ تَرِبٌ لا مالَ له أَي فقيرٌ وتَرِبَ تَرَباً ومَتْرَبةً خَسِرَ وافْتَقَرَ فلَزِقَ بالتُّراب وأَتْرَبَ استَغْنَى وكَثُر مالُه فصار كالتُّراب هذا الأَعْرَفُ وقيل أَتْرَبَ قَلَّ مالُه قال اللحياني قال بعضهم التَّرِبُ المُحتاجُ وكلُّه من التُّراب والمُتْرِبُ الغَنِيُّ إِما على السَّلْبِ وإِما على أَن مالَه مِثْلُ التُّرابِ والتَّتْرِيبُ كَثْرةُ المالِ والتَّتْرِيبُ قِلةُ المالِ أَيضاً ويقال تَرِبَتْ يَداهُ وهو على الدُعاءِ أَي لا أَصابَ خيراً وفي الدعاءِ تُرْباً له وجَنْدَلاً وهو من الجَواهِر التي أُجْرِيَتْ مُجْرَى المَصادِرِ المنصوبة على إِضمار الفِعْل غير المسْتَعْمَلِ إِظهارُه في الدُّعاءِ كأَنه بدل من قولهم تَرِبَتْ يَداه وجَنْدَلَتْ ومِن العرب [ ص 229 ] مَن يرفعه وفيه مع ذلك معنى النصب كما أَنَّ في قولهم رَحْمَةُ اللّهِ عليه معنى رَحِمه اللّهُ وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال تُنْكَحُ المرأَةُ لمِيسَمِها ولمالِها ولِحَسَبِها فعليكَ بِذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداكَ قال أَبو عبيد قوله تَرِبَتْ يداكَ يقال للرجل إِذا قلَّ مالُه قد تَرِبَ أَي افْتَقَرَ حتى لَصِقَ بالتُّرابِ وفي التنزيل العزيز أَو مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ قال ويرَوْنَ واللّه أَعلم أَنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم لم يَتَعَمَّدِ الدُّعاءَ عليه بالفقرِ ولكنها كلمة جارِيةٌ على أَلسُنِ العرب يقولونها وهم لا يُريدون بها الدعاءَ على المُخاطَب ولا وُقوعَ الأَمر بها وقيل معناها للّه دَرُّكَ وقيل أَراد به المَثَلَ لِيَرى المَأْمورُ بذلك الجِدَّ وأَنه إِن خالَفه فقد أَساءَ وقيل هو دُعاءٌ على الحقيقة فإِنه قد قال لعائشة رضي اللّه عنها تَربَتْ يَمينُكِ لأَنه رأَى الحاجة خيراً لها قال والأوّل الوجه ويعضده قوله في حديث خُزَيْمَة رضي اللّه عنه أَنْعِم صباحاً تَرِبَتْ يداكَ فإِنَّ هذا دُعاءٌ له وتَرْغيبٌ في اسْتِعْماله ما تَقَدَّمَتِ الوَصِيَّةُ به أَلا تراه قال أَنْعِم صَباحاً ثم عَقَّبه بتَرِبَتْ يَداكَ وكثيراً تَرِدُ للعرب أَلفاظ ظاهرها الذَّمُّ وإِنما يُريدون بها المَدْحَ كقولهم لا أَبَ لَكَ ولا أُمَّ لَكَ وهَوَتْ أُّمُّه ولا أَرضَ لك ونحوِ ذلك وقال بعضُ الناس إِنَّ قولهم تَرِبَتْ يداكَ يريد به اسْتَغْنَتْ يداكَ قال وهذا خطأٌ لا يجوز في الكلام ولو كان كما قال لقال أَتْرَبَتْ يداكَ يقال أَتْرَبَ الرجلُ فهو مُتْرِبٌ إِذا كثر مالهُ فإِذا أَرادوا الفَقْرَ قالوا تَرِبَ يَتْرَبُ ورجل تَرِبٌ فقيرٌ ورجل تَرِبٌ لازِقٌ بالتُّراب من الحاجة ليس بينه وبين الأَرض شيءٌ وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه لم يكن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم سَبَّاباً ولا فَحَّاشاً كان يقولُ لأَحَدنا عند المُعاتَبةِ تَرِبَ جَبِينُه قيل أَراد به دعاءً له بكثرة السجود وأَما قوله لبعض أَصْحابه تَرِبَ نَحْرُكَ فقُتِل الرجُل شهيداً فإِنه محمول على ظاهره وقالوا الترابُ لكَ فرَفَعُوه وإِن كان فيه معنى الدعاء لأَنه اسم وليس بمصدر وليس في كلِّ شيءٍ من الجَواهِر قيل هذا وإِذ امتنع هذا في بعض المصادر فلم يقولوا السَّقْيُ لكَ ولا الرَّعْيُ لك كانت الأَسماء أَوْلى بذلك وهذا النوعُ من الأَسماء وإِن ارْتَفَعَ فإِنَّ فيه معنى المنصوب وحكى اللحياني التُّرابَ للأَبْعَدِ قال فنصب كأَنه دعاء والمَتْرَبةُ المَسْكَنةُ والفاقةُ ومِسْكِينٌ ذُو مَتْرَبةٍ أَي لاصِقٌ بالتراب وجمل تَرَبُوتٌ ذَلُولٌ فإِمَّا أَن يكون من التُّراب لذلَّتِه وإِما أَن تكون التاء بدلاًمن الدال في دَرَبُوت من الدُّرْبةٍ وهو مذهب سيبويه وهو مذكور في موضعه قال ابن بري الصواب ما قاله أَبو علي تَرَبُوتٍ أَنّ أَصله دَرَبُوتٌ من الدربة فأَبدل من الدال تاء كما أَبدلوا من التاء دالاً في قولهم دَوْلَجٌ وأَصله تَوْلَجٌ ووزنه تَفْعَلٌ من وَلَجَ والتَّوْلَجُ الكِناسُ الذي يَلِجُ فيه الظبي وغيره من الوَحْش وقال اللحياني بَكْرٌ تَرَبُوتٌ مُذَلَّلٌ فَخصَّ به البَكْر وكذلك ناقة تَرَبُوت قال وهي التي إِذا أُخِذَتْ بِمِشْفَرِها أَو بُهدْب عينها تَبِعَتْكَ قال وقال الأَصمعي كلُّ ذَلُولٍ من الأَرض وغيرها تَرَبُوتٌ وكلُّ هذا من التُّراب الذكَرُ والأُنثى فيه سواءٌ [ ص 230 ] « والتُّرْتُبُ الأَمْرُ الثابتُ بضم التاءين والتُّرْتُبُ العبدُ السُّوء ( 1 ) »
( 1 هذه العبارة من مادة « ترتب » ذكرت هنا خطأ في الطبعة الاولى )
وأَتْرَبَ الرجلُ إِذا مَلَك عبداً مُلِكَ ثلاث مَرَّات والتَّرِباتُ الأَنامِلُ الواحدة تَرِبةٌ والتَّرائبُ مَوْضِعُ القِلادةِ من الصَّدْر وقيل هو ما بين التَّرْقُوة إِلى الثَّنْدُوةِ وقيل التَّرائبُ عِظامُ الصدر وقيل ما وَلِيَ الّتَرْقُوَتَيْن منه وقيل ما بين الثديين والترقوتين قال الأَغلب العِجْليّ
أَشْرَفَ ثَدْياها على التَّرِيبِ ... لَمْ يَعْدُوَا التَّفْلِيكَ في النُّتُوبِ
والتِّفْلِيكُ مِن فَلَّك الثَّدْيُ والنُّتُوبُ النُّهُودُ وهو ارْتِفاعُه وقيل التَّرائبُ أَربعُ أَضلاعٍ من يَمْنةِ الصدر وأَربعٌ من يَسْرَتِه وقوله عز وجل خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ يَخْرُج من بينِ الصُّلْب والتَّرائبِ قيل التَّرائبُ ما تقدَّم وقال الفرَّاء يعني صُلْبَ الرجلِ وتَرائبَ المرأَةِ وقيل التَّرائبُ اليَدانِ والرِّجْلانِ والعَيْنانِ وقال واحدتها تَرِيبةٌ وقال أَهل اللغة أَجمعون التَّرائبُ موضع القِلادةِ من الصَّدْرِ وأَنشدوا
مُهَفْهَفةٌ بَيْضاءُ غَيْرُ مُفاضةٍ ... تَرائِبُها مَصْقُولةٌ كالسَّجَنْجَلِ
وقيل التَّرِيبَتانِ الضِّلَعانِ اللَّتانِ تَلِيانِ التَّرْقُوَتَيْنِ وأَنشد
ومِنْ ذَهَبٍ يَلُوحُ على تَرِيبٍ ... كَلَوْنِ العاجِ ليس له غُضُونُ
أَبو عبيد الصَّدْرُ فيه النَّحْرُ وهو موضِعُ القِلادةِ واللَّبَّةُ موضع النَّحْرِ والثُّغْرةُ ثُغْرَةُ النَّحْرِ وهي الهَزْمةُ بين التَّرْقُوَتَيْنِ وقال
والزَّعْفَرانُ علَى تَرائِبِها ... شَرِقٌ به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
قال والتَّرْقُوَتانِ العَظْمانِ المُشْرِفانِ في أَعْلَى الصَّدْرِ مِن صَدْرِ رَأْسَيِ المَنْكِبَيْنِ إِلى طَرَفِ ثُغْرة النَّحْر وباطِنُ التَّرْقُوَتَيْنِ الهَواء الذي في الجَوْفِ لو خُرِقَ يقال لهما القَلْتانِ وهما الحاقِنَتانِ أَيضاً والذَّاقِنةُ طَرَفُ الحُلْقُوم قال ابن الأَثير وفي الحديث ذكر التَّرِيبةِ وهي أَعْلَى صَدْرِ الإِنْسانِ تَحْتَ الذَّقَنِ وجمعُها التَّرائبُ وتَرِيبةُ البَعِير مَنْخِرُه ( 2 )
( 2 قوله « وتربية البعير منخره » كذا في المحكم مضبوطاً وفي شرح القاموس الطبع بالحاء المهملة بدل الخاء )
والتِّرابُ أَصْلُ ذِراعِ الشاة أُنثى وبه فسر شمر قولَ عليّ كرَّم اللّه وجهه لَئِنْ وَلِيتُ بني أُمَيَّةَ لأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ الوَذِمةَ قال وعنى بالقَصّابِ هنا السَّبُعَ والتِّرابُ أَصْلُ ذِراعِ الشاةِ والسَّبُعُ إِذا أَخَذَ شاةً قَبَضَ على ذلك المَكانِ فَنَفَضَ الشَّاةَ الأَزهريُّ طَعامٌ تَرِبٌ إِذا تَلَوَّثَ بالتُّراب قال ومنه حديث عليّ رضي اللّه عنه نَفْضَ القَصَّاب الوِذامَ التَّرِبةَ الأَزهري التِّرابُ التي سَقَطَتْ في التُّرابِ فَتَتَرَّبَتْ فالقَصَّابُ يَنْفُضُها ابن الأَثير التِّرابُ جمع تَرْبٍ تخفيفُ تَرِبٍ يريد اللُّحُومَ التي تَعَفَّرَتْ بسُقُوطِها في التُّراب والوَذِمةُ المُنْقَطِعةُ الأَوْذامِ وهي السُّيُورُ التي يُشَدُّ بها عُرى الدَّلْوِ قال الأَصمعي سأَلْتُ [ ص 231 ] شُعبةَ ( 1 )
( 1 قوله « قال الأصمعي سألت شعبة إلخ » ما هنا هو الذي في النهاية هنا والصحاح والمختار في مادة وذم والذي فيها من اللسان قلبها فالسائل فيها مسؤول ) عن هذا الحَرْفِ فقال ليس هو هكذا انما هو نَفْضُ القَصَّابِ الوِذامَ التَّرِبةَ وهي التي قد سَقَطَتْ في التُّرابِ وقيل الكُرُوشُ كُلُّها تُسَمَّى تَرِبةً لأَنها يَحْصُلُ فيها الترابُ مِنَ المَرْتَعِ والوَذِمةُ التي أُخْمِلَ باطِنُها والكُرُوشُ وَذِمةٌ لأَنها مُخْمَلَةٌ ويقال لِخَمْلِها الوَذَمُ ومعنى الحديث لئن وَلِيتُهم لأُطَهِّرَنَّهم من الدَّنَسِ ولأُطَيِّبَنَّهُم بعد الخُبْثِ والتِّرْبُ اللِّدةُ والسِّنُّ يقال هذه تِرْبُ هذه أَي لِدَتُها وقيل تِرْبُ الرَّجُل الذي وُلِدَ معَه وأَكثر ما يكون ذلك في المُؤَنَّثِ يقال هي تِرْبُها وهُما تِرْبان والجمع أَتْرابٌ وتارَبَتْها صارت تِرْبَها قال كثير عزة
تُتارِبُ بِيضاً إِذا اسْتَلْعَبَتْ ... كأُدْم الظّباءِ تَرِفُّ الكَباثا
وقوله تعالى عُرُباً أَتْرَاباً فسَّره ثعلب فقال الأَتْرابُ هُنا الأَمْثالُ وهو حَسَنٌ إذْ ليست هُناك وِلادةٌ والتَّرَبَةُ والتَّرِبةُ والتَّرْباء نَبْتٌ سُهْلِيٌّ مُفَرَّضُ الوَرَقِ وقيل هي شَجرة شاكةٌ وثمرتها كأَنها بُسْرَة مُعَلَّقةٌ مَنْبِتُها السَّهْلُ والحَزْنُ وتِهامةُ وقال أَبو حنيفة التَّرِبةُ خَضْراءُ تَسْلَحُ عنها الإِبلُ التهذيب في ترجمة رتب الرَّتْباءُ الناقةُ المُنْتَصِبةُ في سَيْرِها والتَّرْباء الناقةُ المُنْدَفِنةُ قال ابن الأَثير في حديث عمر رضي اللّه عنه ذِكر تُرَبةَ مثال هُمَزَة وهو بضم التاء وفتح الراء وادٍ قُرْبَ مكة على يَوْمين منها وتُرَبةُ وادٍ من أَوْدية اليمن وتُربَةُ والتُّرَبَة والتُّرْباء وتُرْبانُ وأَتارِبُ مواضع ويَتْرَبُ بفتح الراء مَوْضعٌ قَريبٌ من اليمامة قال الأَشجعي
وعَدْتَ وكان الخُلْفُ منكَ سَجِيَّةً ... مواعِيدَ عُرقُوبٍ أخاهُ بِيَتْرَبِ
قال هكذا رواه أَبو عبيدة بَيَتْرَبِ وأَنكر بيَثْرِبِ وقال عُرقُوبٌ من العَمالِيقِ ويَتْرَبُ من بِلادِهم ولم تَسْكُن العمالِيقُ يَثْرِبَ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كُنَّا بِتُرْبانَ قال ابن الأَثير هو موضع كثير المياه بينه وبين المدينة نحو خمسة فَراسِخَ وتُرْبةُ موضع ( 2 )
( 2 قوله « وتربة موضع إلخ » هو فيما رأيناه من المحكم مضبوط بضم فسكون كما ترى والذي في معجم ياقوت بضم ففتح ثم أورد المثل ) من بِلادِ بني عامرِ بن مالك ومن أَمثالهم عَرَفَ بَطْنِي بَطْنَ تُرْبةَ يُضْرَب للرجل يصير إِلى الامرِ الجَليِّ بعد الأَمرِ المُلْتَبِس والمَثَلُ لعامر بن مالك أَبي البراء والتُّرْبِيَّة حِنْطة حَمْراء وسُنْبلها أَيضاً أَحمرُ ناصِعُ الحُمرة وهي رَقِيقة تَنْتَشِر مع أَدْنَى بَرْد أَو ريح حكاه أَبو حنيفة

ترتب
أَبو عبيد التُّرْتُب الأَمر الثابت ابن الأَعرابي التُّرْتُب التُّراب والتُّرْتُب العَبْدُ السُّوءُ

ترعب
تَرْعَبٌ وتَبْرَعٌ موضعان بَيَّنَ صَرْفُهم إِياهُما أَن التاءَ أَصلٌ

تعب
التَّعَبُ شدَّةُ العَناءِ ضِدُّ الراحةِ تَعِبَ يَتْعَبُ تَعَباً فهو تَعِبٌ أَعْيا [ ص 232 ] وأَتْعَبه غيرُه فهو تَعِبٌ ومُتْعَبٌ ولا تقل مَتْعُوبٌ وأَتْعَبَ فلان في عَمَلٍ يُمارِسُه إِذا أَنْصَبَها فيما حَمَّلَها وأَعْمَلَها فيه وأَتْعَبَ الرجُلُ رِكابَه إِذا أَعْجَلَها في السَّوْقِ أَو السَّيْرِ الحَثيثِ وأَتْعَبَ العَظْمَ أَعْنَتَه بعدَ الجَبْرِ وبعيرٌ مُتْعَبٌ انْكَسَرَ عَظْمٌ من عِظامِ يَدَيْهِ أَو رِجْلَيْهِ ثم جَبَرَ فلم يَلْتَئِم جَبْرُه حتى حُمِلَ عليه في التَّعَبِ فوقَ طاقتِه فتَتَمَّم كَسْرُه قال ذو الرمَّة
إِذا نالَ منها نَظْرةً هِيضَ قَلْبُه ... بها كانْهِياضِ المُتْعَبِ المُتَتَمِّمِ
وأَتْعَبَ إِناءَه وقَدَحَه ملأَه فهو مُتْعَبٌ

تغب
التَّغَبُ الوَسَخُ والدَّرَنُ وتَغِبَ الرجلُ يَتْغَبُ تَغَباً فهو تَغِبٌ هَلَكَ في دِينٍ أَو دُنْيا وكذلك الوَتَغُ وتَغِبَ تَغَباً صار فيه عَيْبٌ وما فيه تَغْبةٌ أَي عَيْبٌ تُرَدُّ به شَهادتُه وفي بعض الأَخبار لا تُقْبَلُ شَهادةُ ذي تَغْبَةٍ قال هو الفاسدُ في دِينهِ وَعَمَلِه وسُوءِ أَفعالِه قال الزمخشري ويروى تَغِبَّةٍ مُشَدَّداً قال ولا يخلو أَن يكون تَغِبَّةً تَفْعِلةً من غَبَّبَ مبالغة في غَبَّ الشيءُ إِذا فَسَد أَو من غَبَّبَ الذِّئبُ الغَنَم إِذا عاثَ فيها ويقال لِلقَحْطِ تَغَبةٌ وللجُوع البُرْقُوعِ تَغَبةٌ وقول المُعَطَّلِ الهُذَلِيّ
لَعَمْري لقد أَعْلَنْتَ خِرْقاً مُبَرَّأً ... منَ التَّغْبِ جَوّابَ المَهالِكِ أَرْوَعا
قال أَعْلَنْتَ أَظْهَرْتَ مَوْتَه والتَغْبُ القَبيحُ والرِّيبَةُ لواحدة تَغْبةٌ وقد تَغِبَ يَتْغَبُ

تلب
التَوْلَبُ ولَدُ الأَتانِ من الوَحْشِ إِذا اسْتَكْمَل الحَوْلَ وفي الصحاح التَّوْلَبُ الجَحْشُ وحُكي عن سيبويه أَنه صروف لأَنه فَوْعَلٌ ويقال للأَتانِ أُمُّ تَوْلَبٍ وقد يُسْتَعارُ للإِنسانِ قال أَوْسُ بن حَجَر يصف صبيّاً
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها ... تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعَا
وإِنما قُضِيَ على تائه أَنها أَصْلٌ وواوِه بالزيادة لأَن فَوْعَلاً في الكلام أَكثر من تَفْعَلُ الليث يقال تَبّاً لفلان وتَلْباً يُتْبِعونه التَّبَّ والمَتالِبُ المَقاتِلُ والتِّلِبُّ رَجل من بني العَنْبرِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد لاهُمَّ ان كان بَنُو عَميرَهْ رَهْطُ التِّلِبِّ هَؤُلا مَقْصُورَهْ قد أَجْمَعُوا لِغَدْرةٍ مَشْهُورَهْ فابْعَثْ عليهم سَنةً قاشُورَهْ تَحْتَلِقُ المالَ احْتِلاقَ النُّورَهْ أَي أُخْلِصُوا فلم يُخالِطْهم غيرُهم من قومهم هَجا رَهْطَ التِّلِبِّ بسَبَبِه التهذيب التِّلِبُّ اسم رجلٍ من بني تميم وقد رَوى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم شيئاً

تلأب
هذه ترجمة ذكرها الجوهري في أَثناء ترجمة تلب وغَلَّطه الشيخ أَبو محمد بن بري في ذلك وقال حق اتْلأَبَّ أَن يذكر في فصل تلأَب لأَنه رباعي والهمزة الأُولى وصل والثانية أَصل ووزنه افْعَلَلَّ مثلُ اطْمَأَنّ اتْلأَبَّ الشيءُ اتْلِئْباباً اسْتَقامَ وقيل انْتَصَبَ [ ص 233 ] واتْلأَبَّ الشيءُ والطريقُ امْتَدّ واسْتَوى ومنه قول الأَعرابي يصف فرساً إِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ والاسم التُّلأْبيبةُ مثل الطُّمَأْنِينةِ واتْلأَبَّ الحِمارُ أَقام صَدْرَه ورأْسَه قال لبيد
فأَوْرَدَها مَسْجُورةً تحتَ غابةٍ ... من القُرْنَتَيْنِ واتْلأَبَّ يَحُومُ
وذكر الأَزهري في الثلاثي الصحيح عن الأَصمعي المُتْلَئِبُّ المُسْتَقِيمُ قال والمُسْلَحِبُّ مثلُه وقال الفرَّاء التُّلأْبِيبةُ من اتْلأَبَّ إِذا امتدَّ والمُتْلَئِبُّ الطريقُ المُمْتَدّ

تنب
التَّنُّوبُ شجر عن أَبي حنيفة

توب
التَّوْبةُ الرُّجُوعُ من الذَّنْبِ وفي الحديث النَّدَمُ تَوْبةٌ والتَّوْبُ مثلُه وقال الأَخفش التَّوْبُ جمع تَوْبةٍ مثل عَزْمةٍ وعَزْمٍ وتابَ إِلى اللّهِ يَتُوبُ تَوْباً وتَوْبةً ومَتاباً أَنابَ ورَجَعَ عن المَعْصيةِ إِلى الطاعةِ فأَما قوله
تُبْتُ إِلَيْكَ فَتَقَبَّلْ تابَتي ... وصُمْتُ رَبِّي فَتَقَبَّلْ صامَتي
إِنما أَراد تَوْبَتي وصَوْمَتي فأَبدَلَ الواو أَلفاً لضَرْبٍ من الخِفّة لأَنّ هذا الشعر ليس بمؤَسَّس كله أَلا ترى أَن فيها
أَدْعُوكَ يا رَبِّ مِن النارِ الَّتي ... أَعْدَدْتَ لِلْكُفَّارِ في القِيامة
فجاء بالتي وليس فيها أَلف تأْسيس وتابَ اللّهُ عليه وفَّقَه لَها ( 1 )
( 1 أي للتوبة )
ورَجل تَوَّابٌ تائِبٌ إِلى اللّهِ واللّهُ تَوّابٌ يَتُوبُ علَى عَبْدِه وقوله تعالى غافِرِ الذَّنْبِ وقابِلِ التَّوْب يجوز أَن يكون عَنَى به المَصْدَرَ كالقَول وأَن يكون جمع تَوْبةٍ كَلَوْزةٍ ولَوْزٍ وهو مذهب المبرد وقال أَبو منصور أَصلُ تابَ عادَ إِلى اللّهِ ورَجَعَ وأَنابَ وتابَ اللّهُ عليه أَي عادَ عليه بالمَغْفِرة وقوله تعالى وتُوبُوا إِلى اللّه جَمِيعاً أَي عُودُوا إِلى طَاعتِه وأَنيبُوا إِليه واللّهُ التوَّابُ يَتُوبُ على عَبْدِه بفَضْله إِذا تابَ إِليهِ من ذَنْبه واسْتَتَبْتُ فُلاناً عَرَضْتُ عليهِ التَّوْبَةَ مما اقْتَرَف أَي الرُّجُوعَ والنَّدَمَ على ما فَرَطَ منه واسْتَتابه سأَلَه أَن يَتُوبَ وفي كتاب سيبويه والتَّتْوِبةُ على تَفْعِلةٍ من ذلك وذكر الجوهريّ في هذه الترجمة التابوت أَصله تابُوَةٌ مثل تَرْقُوَةٍ وهو فَعْلُوَةٌ فلما سكنت الواو انْقلبت هاءُ التأْنيث تاءً وقال القاسم بن معن لم تَختلف لغةُ قُريشٍ والأَنصارِ في شيءٍ من القرآن إِلاَّ في التَّابُوتِ فلغةُ قريش بالتاءِ ولغةُ الأَنصار بالهاءِ قال ابن بري التصريفُ الذي ذكره الجوهري في هذه اللفظة حتى ردّها إِلى تابوت تَصْرِيفٌ فاسِدٌ قال والصواب أَن يُذكر في فصل تبت لأَنَّ تاءَه أَصلية ووزنه فاعُولٌ مثل عاقُولٍ وحاطُومٍ والوقْفُ عليها بالتاءِ في أَكثر اللغات ومن وقف عليها بالهاءِ فإِنه أَبدلها من التاءِ كما أَبدلها في الفُرات حين وقف عليها بالهاءِ وليست تاءُ الفرات بتاءِ تأْنيث وإِنما هي أَصلية من نفس الكلمة قال أَبو بكر بن مجاهد التَّابُوتُ بالتاءِ قِراءة الناس جميعاً ولغة الأَنصار التابُوةُ بالهاءِ [ ص 234 ]

ثأب
ثَئِبَ الرَّجُل ( 1 )
( 1 قوله « ثئب الرجل » قال شارح القاموس هو كفرح عازياً ذلك للسان ولكن الذي في المحكم والتكملة وتبعهما المجد ثأب كعنى )
ثَأَباً وتَثاءَبَ وتَثَأّبَ أَصابَه كَسَلٌ وتَوصِيمٌ وهي الثُّؤَباءُ مَمْدود والثُّؤَباءُ من التَّثاؤُب مثل المُطَواءِ من التَّمَطِّي قال الشاعِر في صفة مُهْر فافْتَرَّ عن قارِحِه تَثاؤُبُهْ وفي المثل أَعْدَى مِن الثُّؤَباءِ ابن السكيت تَثاءَبْتُ على تَفاعَلْتُ ولا تقل تَثاوَبْتُ والتَّثاؤُبُ أَن يأْكُلَ الإِنْسان شيئاً أَو يَشْربَ شيئاً تَغْشاهُ له فَتْرة كَثَقْلةِ النُّعاس من غَير غَشْيٍ عليه يقال ثُئِبَ فلان قال أَبو زيد تَثَأّبَ يَتَثَأّبُ تثَؤُّباً من الثُّؤَباءِ في كتاب الهمز وفي الحديث التَّثاؤُبُ من الشَّيْطان وإِنما جعله من الشَّيْطانِ كَراهِيةً له لأَنه إِنما يكون مِن ثِقَلِ البَدَنِ وامْتِلائه واستِرخائِه ومَيْلِه إِلى الكَسَل والنوم فأَضافه إِلى الشيطان لأَنه الذي يَدْعُو إِلى إِعطاء النَّفْس شَهْوَتَها وأَرادَ به التَحْذِيرَ من السبَب الذي يَتَولَّدُ منه وهو التَّوَسُّع في المَطْعَمِ والشِّبَعِ فيَثْقُل عن الطَّاعاتِ ويَكْسَلُ عن الخَيْرات والأَثْأَبُ شجر يَنْبُتُ في بُطُون الأَوْدية بالبادية وهو على ضَرْب التِّين يَنْبُت ناعِماً كأَنه على شاطئِ نَهر وهو بَعِيدٌ من الماءِ يَزْعُم النَّاسُ أَنها شجرة سَقِيَّةٌ واحدتُه أَثْأَبةٌ قال الكُمَيْتُ
وغادَرْنا المَقاوِلَ في مَكَرٍّ ... كَخُشْبِ الأَثْأَبِ المُتَغَطْرسِينا
قال الليث هي شَبِيهةٌ بشَجَرة تسميها العجم النَّشْك وأَنشد في سَلَمٍ أَو أَثْأَبٍ وغَرْقَدِ قال أَبو حنيفة الأَثْأَبةُ دَوْحةٌ مِحْلالٌ واسِعةٌ يَسْتَظِلُّ تَحتَها الأُلُوفُ من الناسِ تَنْبُتُ نباتَ شجَر الجَوْز ووَرَقُها أَيضاً كنحو وَرقِه ولها ثمَر مثلُ التين الأَبْيَضِ يُؤْكل وفيه كَراهةٌ وله حَبٌّ مثل حَبِّ التِّين وزِنادُه جيدة وقيل الأَثْأَبُ شِبْه القَصَبِ له رؤوسٌ كَرؤُوس القَصَب وشَكِير كشَكِيرِه فأَمّا قوله قُلْ لأَبي قَيْسٍ خَفِيفِ الأَثَبَهْ فعلى تخفيف الهمزة إِنما أَراد خَفِيفَ الأَثْأَبة وهذا الشاعر كأَنه ليس من لغته الهمز لأَنه لو همز لم ينكسر البيت وظنَّه قوم لغة وهو خَطَأٌ وقال أَبو حنيفة قال بعضهم الأَثْب فاطَّرَح الهمزة وأَبْقى الثاءَ على سُكونها وأَنشد
ونَحْنُ مِنْ فَلْجٍ بأَعْلى شِعْبِ ... مُضْطَرِب الْبانِ أَثِيثِ الأَثْبِ

ثبب
ابن الأَعرابي الثَّبابُ الجُلُوس وثَبَّ إِذا جَلَس جُلُوساً مُتَمَكِّناً وقال أَبو عمرو ثَبْثَبَ إِذا جلَس مُتمكِّناً

ثرب
الثَّرْبُ شَحْم رَقِيقٌ يَغْشَى الكَرِشَ والأَمْعاءَ وجمعُه ثُرُوبٌ والثَّرْبُ الشَّحْمُ المَبسُوط على الأَمْعاءِ والمَصارِينِ وشاة ثَرْباءُ عَظيمة الثَّرْبِ وأَنشد شمر وأَنْتُم بِشَحْمِ الكُلْيَتَيْن معَ الثَّرْبِ وفي الحديث نَهى عن الصَّلاةِ إِذا صارَتِ الشمسُ [ ص 235 ] كالأَثارِبِ أَي إِذا تَفَرَّقَت وخَصَّت مَوْضِعاً دون موضع عند المَغِيب شَبَّهها بالثُّرُوبِ وهي الشحْمُ الرَّقيق الذي يُغَشّي الكَرِشَ والأَمْعاءَ الواحد ثَرْبٌ وجمعها في القلة أَثْرُبٌ والأَثارِبُ جمع الجمع وفي الحديث انَّ المُنافِقَ يؤَخِّر العَصْرَ حتى إِذا صارَتِ الشمسُ كَثَرْبِ البَقَرة صلاَّها والثَّرَباتُ الأَصابعُ والتَّثْريبُ كالتَّأْنيب والتَّعْيِيرِ والاسْتِقْصاءِ في اللَّوْمِ والثَّارِبُ المُوَبِّخُ يقال ثَرَبَ وثَرَّب وأَثْرَبَ إِذا وَبَّخَ قال نُصَيْبٌ
إِني لأَكْرَهُ ما كَرِهْتَ مِنَ الَّذي ... يُؤْذِيكَ سُوء ثَنائِه لم يَثْرِبِ
وقال في أَثْرَبَ
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً مِنْ تِلادِه ... سَوامُ أَخٍ داني الوسِيطةِ مُثْرِبِ
قال مُثْرِبٌ قَلِيلُ العَطاءِ وهو الذي يَمُنُّ بما أَعْطَى وثَرَّبَ عليه لامَه وعَيَّره بذَنْبه وذكَّرَه به وفي التنزيل العزيز قال لا تَثْرِيبَ عليكم اليَوْمَ قال الزجاج معناه لا إِفسادَ عليكم وقال ثعلب معناه لا تُذْكَرُ ذنُوبُكم قال الجوهريّ وهو من الثَّرْبِ كالشَّغْفِ من الشِّغاف قال بِشْر وقيل هو لتُبَّعٍ
فَعَفَوْتُ عَنْهُم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ ... وتَرَكْتُهُم لعِقابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ
وثَرَّبْتُ عليهم وعَرَّبْتُ عليهم بمعنى إِذا قَبَّحْتَ عليهم فعْلَهم وَالمُثَرِّبُ المُعَيِّرُ وقيل المُخَلِّطُ المُفْسِدُ والتَّثْرِيبُ الإِفْسادُ والتَخْلِيطُ وفي الحديث إِذا زَنَتْ أَمَةُ أَحدِكم فَلْيَضْرِبْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ قال الأَزهري معناه ولا يُبَكِّتْها ولا يُقَرِّعْها بعد الضَّرْبِ والتقْريعُ أَن يقول الرجل في وَجه الرجْل عَيْبَه فيقول فَعَلْتَ كذا وكذا والتَّبْكِيتُ قَرِيبٌ منه وقال ابن الأَثير أَي لا يُوَبِّخْها ولا يُقَرِّعْها بالزّنا بعد الضرب وقيل أَراد لا يَقْنَعْ في عُقُوبتها بالتثرِيبِ بل يضرِبُها الحدّ فإِنّ زنا الإِماء لم يكن عند العرب مَكْروهاً ولا مُنْكَراً فأَمَرَهم بحَدّ الاماء كما أَمَرَهم بحدّ الحَرائر ويَثْرِبُ مدينة سيدنا رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم والنَّسَبُ إِليها يَثْرَبِيٌّ ويَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيٌّ وأَثرِبِيٌّ فتحوا الراء استثقالاً لتوالي الكسرات وروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى أَن يقالَ للمدينة يَثْرِبُ وسماها طَيْبةَ كأَنه كَرِه الثَرْبَ لأَنه فَسادٌ في كلام العرب قال ابن الأَثير يَثْرِبُ اسم مدينة النبي صلى اللّه عليه وسلم قديمة فغَيَّرها وسماها طَيْبةَ وطابةَ كَراهِيةَ التَّثْرِيبِ وهو اللَّوْمُ والتَعْيير وقيل هو اسم أَرضِها وقيل سميت باسم رجل من العَمالِقة ونَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرِبِيٌّ مَنْسوب إِلى يَثْربَ وقوله وما هو إِلاَّ اليَثْرِبِيُّ المُقَطَّعُ زعَم بعضُ الرُّواة أَن المراد باليثربي السَّهْمُ لا النَّصْلُ وأَن يَثْرِبَ لا يُعْمَلُ فيها النِّصالُ قال أَبو حنيفة وليس كذلك لأَنّ النِّصالَ تُعملُ بِيَثْرِبَ وبوادي القُرى وبالرَّقَمِ وبغَيْرِهِنَّ من [ ص 236 ] أَرض الحجاز وقد ذكر الشعراء ذلك كثيراً قال الشاعر وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ أَي مشدودٌ بالرِّصافِ والثَّرْبُ أَرض حِجارتُها كحجارة الحَرّة إِلا أَنها بِيضٌ وأَثارِبُ موضع

ثرقب
الثُّرْقُبِيَّةُ والفُرْقُبِيَّةُ ثِيابُ كَتَّانٍ بيضٌ حكاها يعقوب في البدل وقيل من ثياب مصر يقال ثوب ثُرْقُبيٌّ وفُرْقُبِيٌّ

ثعب
ثَعَبَ الماءَ والدَّمَ ونحوَهما يَثْعَبهُ ثَعْباً فَجَّره فانْثَعَبَ كما يَنْثَعِبُ الدَّمُ من الأَنْف قال الليث ومنه اشْتُقَّ مَثْعَبُ المطَر وفي الحديث يجيءُ الشَّهيدُ يومَ القيامةِ وجُرْحُه يَثْعَبُ دَماً أَي يَجْري ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه صَلَّى وجُرْحُه يَثْعَب دَماً وحديث سعدٍ رضي اللّه عنه فقَطَعْتُ نَساهُ فانْثَعَبَتْ جَدِّيةُ الدَّمِ أَي سالَتْ ويروى فانْبَعَثَتْ وانْثَعَبَ المطَرُ كذلك وماءٌ ثَعْبٌ وثَعَبٌ وأُثْعُوبٌ وأُثْعُبانٌ سائل وكذلك الدّمُ الأَخيرة مَثَّلَ بها سيبويه وفسرها السيرافي وقال اللحياني الأُثْعُوبُ ما انْثَعَبَ والثَّعْبُ مَسِيلُ الوادي ( 1 )
( 1 قوله « والثعب مسيل إلخ » كذا ضبط في المحكم والقاموس وقال في غير نسخة من الصحاح والثعب بالتحريك مسيل الماء ) والجمع ثُعْبانٌ وجَرى فَمُه ثَعابِيبَ كسَعابِيبَ وقيل هو بَدَلٌ وهو أَن يَجْري منه ماءٌ صافٍ فيه تمَدُّدٌ والمَثْعَبُ بالفتح واحد مَثاعِبِ الحِياضِ وانْثَعَبَ الماءُ جَرى في المَثْعَبِ والثَّعْبُ والوَقيعةُ والغَدير كُلُّه من مَجامع الماء وقال الليث والثَّعْبُ الذي يَجْتَمعُ في مَسيلِ المطر من الغُثاء قال الأَزهري لم يُجَوِّد الليث في تفسير الثَّعْبِ وهو عندي المَسِيلُ نفسُه لا ما يجتمع في المَسِيل من الغُثاء والثُّعْبانُ الحَيَّةُ الضَّخْمُ الطويلُ الذكرُ خاصّةً وقيل كلُّ حَيَّةٍ ثُعْبانٌ والجمع ثَعابينُ وقوله تعالى فأَلْقَى عَصاه فإِذا هي ثُعْبانٌ مُبِينٌ قال الزجاج أَراد الكبيرَ من الحَيَّاتِ فإِن قال قائل كيف جاء فإِذا هي ثُعْبانٌ مبين وفي موضع آخر تَهْتَزُّ كأَنها جانٌّ والجانُّ الصغيرُ من الحيّات فالجواب في ذلك أَنّ خَلْقَها خَلْقُ الثُّعبانِ العظيمِ واهْتِزازُها وحَرَكَتُها وخِفَّتُها كاهْتِزازِ الجانِّ وخِفَّتِه قال ابن شميل الحَيَّاتُ كلها ثُعْبانٌ الصغير والكبير والإِناث والذُّكْرانُ وقال أَبو خَيْرة الثعبانُ الحَيَّةُ الذكَر
ونحو ذلك قال الضحاك في تفسير قوله تعالى فإِذا هي ثُعْبان مبين وقال قطرب الثُّعبانُ الحَيّةُ الذكرُ الأَصْفَر الأَشْعَرُ وهو من أَعظمِ الحَيّات وقال شمر الثُّعبانُ من الحَيّاتِ ضَخْمٌ عظيم أَحمر يَصِيدُ الفأْر قال وهي ببعض المواضع تُسْتَعار للفَأْر وهو أَنفَعُ في البَيْتِ من السَّنانِير قال حميد بن ثور
شَدِيدٌ تَوَقِّيهِ الزِّمامَ كأَنما ... نَرى بتَوَقِّيهِ الخِشاشةَ أَرْقَمَا
فلمّا أَتَتْه أَنْشَبَتْ في خِشاشِه ... زِماماً كَثُعْبانِ الحَماطةِ مُحْكَمَا
والأُثْعبانُ الوَجْهُ الفَخْم في حُسْن بيَاضٍ وقيل [ ص 237 ] هو الوَجْهُ الضَّخْم قال
إِنِّي رَأَيتُ أُثْعباناً جَعْدَا ... قد خَرَجَتْ بَعْدي وقالَتْ نَكْدَا
قال الأَزهري والأَثْعَبِيُّ الوَجْه الضَّخْمُ في حُسْن وبَياضٍ قال ومنهم مَن يقول وجهٌ أُثْعُبانِيٌّ ابن الأعرابي من أَسماءِ الفأْر البِرُّ والثُّعْبةُ والعَرِمُ والثُّعْبةُ ضَرْبٌ من الوَزَغ تُسمى سامَّ أَبْرَصَ غير أَنها خَضْراءُ الرأْس والحَلْقِ جاحظةُ العينين لا تَلْقاها أَبداً إِلاَّ فاتِحةً فاها وهي مِن شَرِّ الدَّوابِّ تَلْدَغُ فلا يَكادُ يَبْرَأُ سَلِيمُها وجمعها ثُعَبٌ وقال ابن دريد الثُّعْبةُ دابّةٌ أَغْلَظُ من الوَزَغةِ تَلْسَعُ ورُبما قَتَلَتْ وفي المثل ما الخَوافي كالقِلَبةِ ولا الخُنَّازُ كالثُّعَبةِ فالخَوافي السَّعَفاتُ اللَّواتي يَلِينَ القِلَبةَ والخُنَّازُ الوَزَغةُ ورأَيت في حاشية نسخة من الصحاح موثوق بها ما صورته قال أَبو سهل هكذا وجدته بخط الجوهريّ الثُّعْبة بتسكين العين قال والذي قرأْته على شيخي في الجمهرة بفتح العين والثُّعْبةُ نبتةٌ ( 1 )
( 1 قوله « والثعبة نبتة إلخ » هي عبارة المحكم والتكملة لم يختلفا في شيء إلا في المشبه به فقال في المحكم شبيهة بالثعلة وفي التكملة بالثوعة ) شَبِيهة بالثُّعْلةِ إِلا أَنها أَخْشَن ورقاً وساقُها أَغْبَرُ وليس لها حَمْل ولا مَنْفعةَ فيها وهي من شجر الجبل تَنْبُت في مَنابِت الثُّوَعِ ولها ظِلٌّ كَثِيفٌ كلُّ هذا عن أَبي حنيفة والثَّعْبُ شجر قال الخليل الثُّعْبانُ ماء الواحد ثَعْبٌ وقال غيره هو الثَّغْبُ بالغين المعجمة

ثعلب
الثَّعْلَبُ من السِّباع مَعْروفة وهي الأُنثى وقيل الأُنثى ثَعْلبةٌ والذكر ثَعْلَبٌ وثُعْلُبانٌ قال غاوِي بن ظالِم السُّلَمِيّ وقيل هو لأَبي ذر الغفاري وقيل هو لعَبَّاس بن مِرْداس السُّلَمي رضي اللّه عنهم
أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلبانُ برَأْسِه ... لَقَدْ ذَلَّ مَن بالَتْ عليهِ الثَّعالِبُ ( 2 )
( 2 قوله « أرب الخ » كذا استشهد الجوهري به على قوله والذكر ثعلبان وقال الصاغاني والصواب في البيت الثعلبان تثنية ثعلب )
الأَزهري الثَّعْلَبُ الذكرُ و الأُنثى ثُعالةٌ والجمع ثَعالِبُ و ثَعالٍ عن اللحياني قال ابن سيده ولا يُعْجِبُني قوله وأَما سيبويه فإِنه لم يجز ثَعالٍ إِلاّ في الشعر كقول رجل من يَشْكُرَ
لَها أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرهُ ... مِن الثَّعالي ووَخْزٌ مِنْ أَرانِيها
ووجَّهَ ذلك فقال إِن الشاعر لَمَّا اضْطُرَّ إِلى الياءِ أَبْدلَها مَكانَ الباءِ كما يُبْدِلُها مكانَ الهمزة وأَرضٌ مُثَعْلِبةٌ بكسر اللام ذاتُ ثَعالِبَ وأَما قَوْلُهم أَرضٌ مَثْعَلةٌ فهو من ثُعالةَ ويجوز أَيضاً أَن يكون من ثَعْلَبَ كما قالوا مَعْقَرةٌ لأَرض كثيرة العَقاربِ وثَعْلَبَ الرَّجلُ وتَثَعْلَبَ جَبُنَ وراغَ على التَّشْبِيه بعَدْوِ الثَّعْلَب قال فَإِنْ رَآني شاعِرٌ تَثَعْلَبا ( 3 )
( 3 قوله « فإِن رآني » في التكملة بعده وإن حداه الحين أو تذايله )
وثَعْلَبَ الرَّجلُ من آخَر فَرَقاً والثَّعْلَبُ طَرَفُ الرُّمْح الداخِلُ في جُبَّةِ [ ص 238 ]
السِّنانِ وثَعْلَبُ الرُّمْحِ مادَخَلَ في جُبَّةِ السِّنان منه والثَّعْلَبُ الجُحْرُ الذي يَسِيلُ منه ماءُ المطر والثَّعْلَبُ مَخْرَجُ الماءِ من جَرِينِ التمر وقيل إِنه إِذا نُشِرَ التَّمْر في الجَرِينِ فَخشُوا عليه المطَر عَمِلُوا له جُحْراً يَسِيلُ منه ماءُ المطر فاسم ذلك الجُحْر الثَّعْلَبُ والثَّعْلَبُ مَخْرَج الماءِ من الدِّبارِ أَو الحَوْضِ وفي الحديث أَن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم اسْتَسْقَى يَوْماً ودَعا فقامَ أَبو لُبابَة فقال يارسولَ اللّهِ إِنَّ التمرَ في المَرابِدِ فقال رسولُ اللّهِ صلى اللّهُ عليه وسلم اللهم اسْقِنا حتى يَقُومَ أَبُو لُبابةَ عُرياناً يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِه بإِزارِه أَو رِدائِه فمُطِرْنا حتى قامَ أَبو لُبابةَ عُرْياناً يَسُدَّ ثَعْلَبَ مِرْبدِه بإِزارِه والمِرْبَدُ موضع يُجَفَّفُ فيه التمرُ وثَعْلبُه ثَقْبُه الذي يَسِيلُ منه ماءُ المطَر أَبو عمرو الثَّعْلَب أَصْلُ الراكُوب في الجِذْع من النَّخْل وقال في موضع آخر هو أَصلُ الفَسِيلِ إِذا قُطِع من أُمِّه والثَّعْلَبةُ العُصْعُصُ والثَّعْلَبةُ الاسْتُ وداءُ الثَّعْلَبِ عِلَّةٌ مَعْرُوفةٌ يَتناثَرُ منها الشعَرُ وثَعْلَبة اسم غلب على القَبيلة والثَّعْلَبتان ثَعْلبةُ بن جَدْعاءَ بن ذُهْلِ بن رُومانَ بن جُنْدَبِ بن خارِجةَ بن سَعْدِ بن فُطْرةَ بن طَيِّىءٍ وثَعْلبةُ بن رُومانَ بن جُنْدَبٍ قال عَمرو بن مِلْقَط الطائي من قصيدة أَوَّلها
يا أَوْسُ لَوْ نالَتْكَ أَرْماحُنا ... كُنْتَ كَمَنْ تَهْوي به الهاوِيَهْ
يَأْبي لِيَ الثَّعْلَبَتَانِ الَّذي ... قال خُباجُ الأَمَةِ الرَّاعِيَهْ
الخُباجُ الضُّراط وأَضافَه إِلى الأَمة ليكون أَخَسَّ لها وجَعَلها راعِيةً لكونها أَهْوَنَ من التي لا تَرْعَى وأُمُّ جُنْدَب جَدِيلةُ بنْتُ سُبَيْعِ بن عَمرو من حِمْيَر وإِليها يُنْسَبون والثَّعالِبُ قَبائِلُ من العَرَبِ شَتَّى ثَعْلَبةُ في بني أَسَدٍ وثَعْلَبةُ في بني تَمِيمٍ وثَعْلبةُ في طيئٍ وثَعلبةُ في بني رَبِيعةَ وقول الأَغلب
جاريةٌ من قَيْسٍ ابنِ ثَعْلَبَهْ ... كَرِيمةٌ أَنْسابُها والعَصَبَهْ ( 1 )
( 1 قوله « أنسابها » في المحكم أخوالها )
إِنماأَرادَ من قَيْسِ بن ثَعْلبةَ فاضْطُرَّ فأَثبت النون قال ابن جني الذي أُرى أَنه لم يُردفي هذا البيت وما جَرى مَجْراه أَن يُجْرِيَ ابناً وَصْفاًعلى ما قبله ولو أَراد ذلك لَحَذف التنوين ولكنَّ الشاعر أَراد أَن يُجْرِيَ ابناًعلى ما قَبْلَه بدلاً منه وإِذا كان بدلاً منه لم يُجعل معه كالشيءِ الواحد فوجَب لذلك أَن يُنْوى انْفِصالُ ابن مما قبله وإِذا قُدِّر بذلك فقد قام بنفسه ووجَبَ أَن يُبْتَدأَ فاحتاج إِذاً إِلى الأَلِفِ لئلا يلزم الابتداءُ بالساكن وعلى ذلك تقول كَلَّمت زيداً ابن بكر كأَنك تقول كلَّمت زيداً كلَّمت ابن بكر لأَن ذلك حكم البَدَل إِذ البَدَلُ في التقدير من جملة ثانية غير الجملة التي المُبْدَلُ منه منها والقول الأَوّل مذهب سيبويه وثُعيلِبات موضع والثَّعْلَبِيَّةُ أَن يَعْدُوَالفرسُ عَدْوَ الكلب والثَّعْلَبِيَّةُ موضع بطريق مكة
[ ص 239 ]

ثغب
الثَّغْبُ والثَّغَبُ والفتح أَكثرُ ما بَقِيَ من الماءِ في بطنِ الوادي وقيل هو بَقِيَّةُ الماءِ العَذْبِ في الأَرض وقيل هو أُخْدُودٌ تَحْتَفِرهُ المَسايِلُ من عَلُ فإِذا انْحَطَّتْ حَفَرَتْ أَمثالَ القُبورِ والدِّبار فيَمْضي السَّيْلُ عنها ويُغادِرُ الماءَ فيها فتُصَفِّقُه الرِّيحُ ويَصْفُو ويَبْرُد فليس شيءٌ أَصْفَى منه ولا أَبْرَدَ فسُمِّيَ الماءُ بذلك المكانِ وقيل الثَّغَبُ الغَدِيرُ يكون في ظلِّ جَبَل لا تُصِيبُه الشمس فيَبْرُد ماؤُه والجمع ثِغْبانٌ مثل شَبَثٍ وشِبْثانٍ وثُغْبانٌ مثل حَمَل وحُمْلان قال الأَخطل
وثالثةٍ من العَسَل المُصَفَّى ... مُشَعْشَعةٍ بثِغْبانِ البِطاح
ومنهم من يرويه ( 1 )
( 1 قوله « ومنهم من يرويه إلخ » هو ابن سيده في محكمه كما يأتي التصريح به بعد ) بثُغْبانٍ بضم الثاءِ وهو على لغة ثَغْبٍ بالاسكان كعَبْدٍ وعُبْدانٍ وقيل كلُّ غَدِيرٍ ثَعْبٌ والجمع أَثْغابٌ وثِغابٌ الليث الثَّغَبُ ماءٌ صار في مُسْتَنْقَعٍ في صَخْرَةٍ أَو جَهْلةٍ قليلٌ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه ما شَبَّهْتُ ما غَبَرَ من الدنيا إِلا بثَغْبٍ قد ذَهَبَ صَفْوُه وبَقِيَ كَدَرُه أَبو عبيد الثَّغْبُ بالفتح والسكون المُطْمَئِنُّ من المواضع في أَعلى الجبل يَسْتَنْقِعُ فيه ماءُ المطر قال عَبيدٌ
ولقد تَحُلُّ بها كأَنَّ مُجاجَها ... ثَغْبٌ يُصَفَّقُ صفْوُه بِمُدامِ
وقيل هو غَديرٌ في غَلْظٍ من الأَرضِ أَو على صَخْرة ويكون قليلاً وفي حديث زياد فُثِئَتْ بِسُلالةٍ من ماء ثَغْبٍ وقال ابن الأَعرابي الثَّغَبُ ما استَطال في الأَرض مما يَبْقَى مِن السَّيْل إِذا انْحَسَر يَبْقَى منه في حَيْدٍ من الأَرض فالماءُ بمكانِه ذلك ثَغَبٌ قال واضْطُرَّ شاعر إِلى إِسْكان ثانِيه فقال
وفي يَدي مِثْلُ ماءِ الثَّغْبِ ذُو شُطَبٍ ... أَنِّي بِحَيْثُ يَهُوسُ اللَّيْثُ والنَّمِرُ
شَبَّه السيفَ بذلك الماءِ في رِقَّتِه وصَفائه وأَراد لأَني ابن السكيت الثَّغْبُ تَحْتَفِرُه المَسايِلُ مِن عَلُ فالماءُ ثَغْبٌ والمكانُ ثَغْبٌ وهما جميعاً ثَغْبٌ وثَغَبٌ قال الشاعر
وما ثَغَبٌ باتَتْ تُصَفِّقُه الصَّبا ... قَرارةَ نِهْيٍ أَتْأَقَتْها الرَّوائِحُ
والثَّغَبُ ذَوْبُ الجَمْدِ والجمعُ ثُغْبانٌ وأَنشد ابن سيده بيت الأَخطل بثُغْبان البطاح ابن الأَعرابي الثُغْبان مَجاري الماء وبين كلِّ ثَغْبَيْنِ طَريقٌ فإِذا زادتِ المِياهُ ضاقتِ المسالِكُ فدَقَّتْ وأَنشد مَدافِعُ ثُغْبانٍ أَضَرَّ بها الوَبْلُ

ثغرب
الثِّغْرِبُ الأَسنان الصُّفْر قال
ولا عَيْضَموزٌ تُنْزِرُ الضَّحْكَ بَعْدَما ... جَلَتْ بُرْقُعاً عن ثِغْرِبٍ مُتناصِلِ

ثقب
الليث الثَّقْبُ مصدر ثَقَبْتُ الشيءَ أَثْقُبهُ ثَقْباً والثَّقْبُ اسم لما نفَذ الجوهري الثَّقْبُ بالفتح واحد الثُّقُوبِ غيره الثَّقْبُ الخَرْقُ النافِذُ بالفتح والجمع أَثْقُبٌ وثُقُوبٌ والثُّقْبُ بالضم جمع ثُقْبةٍ ويُجمع أَيضاً عَلى [ ص 240 ] ثُقَبٍ وقد ثَقَبَه يَثْقُبه ثَقْباً وثَقَّبه فانْثَقَبَ شُدّد للكثرة وتَثَقَّب وتَثَقَّبَه كثَقَبَه قال العجاج بِحَجِناتٍ يَتَثَقَّبْن البُهَرْ ودُرٌّ مُثَقَّبٌ أَي مَثْقوبٌ والمِثْقَبُ الآلةُ التي يُثْقَبُ بها ولُؤْلُؤاتٌ مثَاقِيبُ واحدها مَثْقُوبٌ والمُثَقِّبُ بكسر القاف لقب شاعر من عبدالقَيْسِ معروف سُمي به لقوله
ظَهَرْنَ بِكِلّةٍ وسَدَلْنَ رَقْماً ... وثَقَّبْنَ الوَصاوِصَ للعُيُونِ
واسمه عائذ بن مِحْصَنٍ العَبْدي والوصاوِصُ جمع وَصْوَصٍ وهو ثَقْبٌ في السِّتْر وغيره على مِقْدار العَيْن يُنْظَر منه وثَقَّبَ عُودُ العَرْفَجِ مُطِرَ فَلانَ عُودُه فإِذا اسْوَدَّ شيئاً قيل قد قَمِلَ فإِذا زاد قليلاً قيل قد أَدْبى وهو حينئذ يَصْلُح أَن يُؤكل فإِذا تَمَّتْ خُوصَتُهُ قيل قد أَخْوَصَ وتَثَقَّبَ الجِلْدُ إِذا ثَقَّبَه الحَلَمُ والثُّقُوب مصدر النارِ الثاقبةِ والكَوْكَبُ الثاقِبُ المُضِيءُ وتَثْقِيبُ النار تَذْكِيَتُها وثَقَبَتِ النارُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وثَقابةً اتَّقَدَتْ وثَقَّبَها هو وأَثْقَبها وتَثَقَّبها أَبو زيد تَثَقَّبْتُ النارَ فأَنا أَتثَقَّبُها تَثَقُّباً وأُثْقِبُها إِثْقاباً وثَقَّبْتُ بها تَثْقِيباً ومَسَّكْتُ بها تَمْسِيكاً وذلك إِذا فَحَصْت لها في الأَرض ثم جَعَلْت عليها بَعَراً وضِراماً ثم دَفَنْتَها في التراب ويقال تَثَقَّبْتُها تَثَقُّباً حين تَقْدَحُها والثِّقابُ والثَّقُوب ما أَثْقَبَها به وأَشْعَلَها به من دِقاقِ العِيدان ويقال هَبْ لي ثَقُوباً أَي حُرَاقاً وهو ما أَثْقَبْتَ به النارَ أَي أَوقَدْتَها به ويقال ثَقَبَ الزَّنْدُ يَثْقُب ثُقُوباً إِذا سَقَطَتِ الشَّرارةُ وأَثْقَبْتُها أَنا إِثقاباً وزَنْدٌ ثاقِبٌ وهو الذي إِذا قُدِحَ ظَهَرت نارُه وشِهابٌ ثاقِبٌ أَي مُضِيءٌ وثَقَبَ الكَوْكَبُ ثُقُوباً أَضاء وفي التنزيل العزيز وما أَدراكَ ما الطَّارِقُ النجمُ الثاقِبُ قال الفرَّاء الثاقِبُ المُضِيءُ وقيل النجم الثاقِبُ زُحَلُ والثاقِبُ أَيضاً الذي ارتفع على النجوم والعرب تقول للطائر إِذا لَحِقَ بِبَطْن السماء فقد ثَقَبَ وكلُّ ذلك قد جاءَ في التفسير والعرب تقول أَثْقِبْ نارَكَ أَي أَضِئْها للمُوقِد وفي حديث الصّدّيق رضي اللّه عنه نحنُ أَثْقَبُ الناسِ أَنساباً أَي أَوضَحُهم وأَنوَرُهم والثَّاقِبُ المُضِيءُ ومنه قَولُ الحجاج لابن عباس رضي اللّه عنهما إِنْ كان لَمِثْقَباً أَي ثاقِبَ العِلْم مُضِيئَه والمِثْقَبُ بكسر الميم العالِمُ الفَطِنُ وثَقَبتِ الرائحةُ سَطَعَتْ وهاجَتْ وأَنشد أَبو حنيفة
بِريحِ خُزامَى طَلَّةِ مِنِ ثِيابِها ... ومِنْ أَرَجٍ من جَيِّد المِسْكِ ثاقِب
الليث حَسَبٌ ثاقِبٌ إِذا وُصِفَ بشُهْرَتِه وارْتِفاعِه الأَصمعي حَسَبٌ ثاقِبٌ نَيِّر [ ص 241 ] مُتَوَقِّدٌ وعِلمٌ ثاقِبٌ منه أَبو زيد الثَّقِيبُ من الإِبل الغَزِيرةُ اللَّبنِ وثَقَبتِ الناقةُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وهي ثاقِبٌ غَزُرَ لَبنُها على فاعل ويقال إِنها لثَقِيبٌ مِن الإِبلِ وهي التي تُحالِبُ غِزارَ الإِبلِ فَتَغْزُرُهنَّ وثَقَبَ رَأْيُه ثُقُوباً نَفَذَ وقولُ أَبي حَيّةَ النُّمَيْري
ونَشَّرْتُ آياتٍ عَلَيْهِ ولَمْ أَقُلْ ... مِنَ العِلْمِ إِلاّ بالّذِي أَنا ثاقِبُه
أراد ثاقِبٌ فيه فحَذَف أَو جاءَ به على يا سارِقَ الليلةِ ورجل مِثْقَبٌ نافِذُ الرَّأْي وأُثْقُوبٌ دَخَّالٌ في الأُمُور وثَقَّبَه الشَّيْبُ وثَقَّبَ فيه الأَخيرة عن ابن الأَعْرابي ظَهَرَ عليه وقيل هو أَوَّلُ ما يَظْهَرُ والثَّقِيبُ والثَّقِيبةُ الشَّدِيدُ الحُمْرة من الرِّجال والنساءِ والمصدر الثَّقابةُ وقد ثَقَبَ يَثْقُبُ والمِثْقَبُ طريق في حَرّةٍ وغَلْظٍ وكان فيما مَضى طَريقٌ بين اليَمامةِ والكُوفة يُسمَّى مِثْقَباً وثُقَيْبٌ طَرِيقٌ بِعَيْنِه وقيل هو ماء قال الراعي
أَجَدَّتْ مَراغاً كالمُلاءِ وأَرْزَمَتْ ... بِنَجْدَيْ ثُقَيْبٍ حَيْثُ لاحَتْ طَرائِقُهْ
التهذيب وطَريقُ العِراق من الكوفة إِلى مكة يقال له مِثْقَبٌ ويَثْقُبُ موضع بالبادِية

ثلب
ثَلَبَه يَثْلِبُه ثَلْباً لامَه وعابَه وصَرَّحَ بالعيب وقالَ فيه وتَنَقَّصَه قال الراجز لا يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إِلاّ ثَلْبا غيره الثَّلْبُ شِدّةُ اللَّوْمِ والأَخْذُ باللِّسان وهو المِثْلَبُ يَجْري في العُقُوباتِ والثَّلْب ومَثَل لا يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إِلاَّ ثلابا ( 1 )
( 1 قوله « إلا ثلابا » كذا في النسخ فان يكن ورد ثالب فهو مصدره والا فهو تحريف ويكون الصواب ما تقدم أعلاه كما في الميداني والصحاح )
والمَثالِبُ منه والمَثالِبُ العُيُوبُ وهي المَثْلَبةُ والمَثْلُبةُ ومَثالِبُ الأَمِيرِ والقاضِي مَعايِبُه ورَجلٌ ثِلْبٌ وثَلِبٌ مَعِيبٌ وثَلَبَ الرَّجُلَ ثَلْباً طَرَدَهُ وثَلَبَ الشيءَ قَلَبَه وثَلَبَه كَثَلَمَه على البدل
ورمْحٌ ثَلِبٌ مُتَثَلِّمٌ قال أَبو العِيال الهُذَلِي
وقد ظَهَرَ السَّوابِغُ فِي ... هِمُ والبَيْضُ واليَلَبُ
ومُطَّرِدٌ مِنَ الخَطِّيِّ ... لا عارٍ ولا ثَلِبُ
اليَلَبُ الدُّرُوعُ المَعْمُولةُ مِنْ جُلود الإِبل وكذلك البَيْضُ تُعْمَلُ أَيضاً من الجُلُود وقوله لا عارٍ أَي لا عارٍ مِنَ القِشْر ومنه امْرأَةٌ ثالبِةُ الشَّوَى أَي مُتَشَقِّقةُ القَدَمَيْنِ قال جرير
لَقَدْ ولَدَتْ غَسَّانَ ثالِبةُ الشَّوَى ... عَدُوسُ السُّرَى لا يَعْرِفُ الكَرْمَ جِيدُها
ورجل ثِلْبٌ مُنْتَهي الهَرَمِ مُتَكَسِّرُ الأَسْنانِ [ ص 242 ] والجمع أَثْلابٌ والأُنثى ثِلْبةٌ وأَنكرها بعضُهم وقال إِنما هي ثِلْبٌ وقد ثَلَّبَ تَثْلِيباً والثِّلْبُ الشَّيخ هُذَلِيَّةٌ قال ابن الأَعرابي هو المُسِنُّ ولم يَخُصَّ بهذه اللغة قَبِيلةً من العرب دون أُخرى وأَنشد إِمَّا تَرَيْنِي اليَوْمَ ثِلْباً شاخِصاً الشاخِصُ الذي لا يُغِبُّ الغَزْوَ وبعير ثِلْبٌ إِذا لم يُلْقِحْ والثِّلْبُ بالكسر الجمل الذي انْكَسَرَتْ انيابُه مِن الهَرَمِ وتَناثَر هُلْبُ ذَنَبِه والأُنثى ثِلْبةٌ والجمع ثِلَبةٌ مثلُ قِرْدٍ وقِرَدةٍ تقول منه ثَلَّبَ البعيرُ تَثْلِيباً عن الأَصمعي قاله في كتاب الفَرْق وفي الحديث لهم من الصَّدَقةِ الثِّلْبُ والنَّابُ الثِّلْبُ من ذُكور الإِبِل الذي هَرِمَ وتكسَّرَتْ أَسنانُه والنابُ المُسِنَّةُ من إِناثِها ومنه حديث ابن العاص كتب إِلى معاويةَ رضي اللّه عنهما إِنك جَرَّبْتَني فوجَدْتَني لستُ بالغُمْرِ الضَّرَعِ ولا بالثِّلْبِ الفاني الغُمْرُ الجاهلُ والضَّرَعُ الضعيف وَثَلِبَ جِلْدُه ثَلَباً فهو ثَلِبٌ إِذا تَقَبَّض والثَّلِيبُ كَلأُ عامَيْنِ أَسْوَدُ حكاه أَبو حنيفة عن أَبي عمرو وأَنشد
رَعَيْنَ ثَلِيباً ساعةً ثم إِنَّنا ... قَطَعْنا علَيْهِنَّ الفِجاجَ الطَّوامِسا
والإِثْلِبُ والأَثْلَبُ التُّرابُ والحجارة وفي لغةٍ فُتاتُ الحِجارةِ والترابُ قال شمر الأَثْلَبُ بلغة أَهل الحجاز الحَجَر وبلغة بني تميم التراب وبفيه الإِثْلِبُ والكلامُ الكثير الأَثْلَبُ أَي الترابُ والحجارة قال
ولكِنَّما أُهْدي لقَيْسٍ هَدِيَّةً ... بِفِيَّ مِنِ اهْداها لَه الدَّهْرَ إِثْلِبُ
بِفِيَّ متصل بقوله أُهْدي ثم استأْنف فقال له الدهرَ إِثْلِبُ من إِهدائي إِياها وقال رؤبة
وإِنْ تُناهِبْهُ تَجِدْه مِنْهَبا ... تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأَثْلَبا
أَراد تُناهِبْه العَدْوَ والهاء للعَير تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأَثْلَبَ وهو التراب تَرمي به قوائمُها على حاجبَيْه وحكى اللحياني الإِثْلِبَ لكَ والترابَ قال نصبوه كأَنَّه دعاء يريد كأَنه مصْدَرٌ مَدْعُوٌّ به وإِن كان اسماً كما سنذكره لك في الحِصْحِصِ والتُّراب حين قالوا الحِصْحِصَ لك والترابَ لك وفي الحديث الوَلَدُ للفِراش وللعاهِر الإِثْلِبُ الإِثْلِبُ بكسر الهمزة واللام وفتحهما والفتح أَكثر الحجر والعاهرُ الزاني كما في الحديث الآخر وللعاهِرِ الحجَرُ قيل معناه الرَّجْمُ وقيل هو كنايةٌ عن الخَيْبةِ وقيل الأَثْلَبُ الترابُ وقيل دُقاقُ الحِجارة وهذا يُوَضِّحُ أَن معناه الخَيْبةُ إِذ ليس كل زانٍ يُرْجَمُ وهمزته زائدة والأَثْلَمُ كالأَثْلَبِ عن الهجَريّ قال لا أَدْري أَبَدَلٌ أَم لغة وأَنشد
أَحْلِفُ لا أُعْطِي الخَبيثَ دِرْهَما ... ظُلْماً ولا أُعْطِيهِ إِلاّ الأَثْلَما
والثَلِيبُ القَدِيمُ من النَّبْتِ والثَّلِيبُ نَبْتٌ وهو مِن نَجِيلِ السِّباخِ كلاهما عن كراع والثِّلْبُ لَقَبُ رَجل [ ص 243 ] والثَّلَبُوتُ أَرضٌ قال لبيد
بأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَها ... قَفْرَ المَراقِبِ خَوْفُها آرامُها
وقال أَبو عبيد ثَلَبُوتٌ أَرض فاسقط منه الأَلف واللام ونوّن ثم قال أرضٌ ولا أَدري كيف هذا والثَّلَبُوتُ اسم وادٍ بين طَيِّئٍ وذُبْيانَ

ثوب
ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه ويقال ثابَ فلان إِلى اللّه وتابَ بالثاء والتاء أَي عادَ ورجعَ إِلى طاعته وكذلك أَثابَ بمعناه ورجلٌ تَوّابٌ أَوّابٌ ثَوّابٌ مُنيبٌ بمعنى واحد ورجل ثَوّابٌ للذي يَبِيعُ الثِّيابَ وثابَ الناسُ اجْتَمَعُوا وجاؤُوا وكذلك الماءُ إِذا اجْتَمَعَ في الحَوْضِ وثابَ الشيءُ ثَوْباً وثُؤُوباً أَي رَجَعَ قال
وزَعْتُ بِكالهِراوةِ أعْوَجِيٍّ ... إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى وَثابا
ويروى وِثابا وهو مذكور في موضعه وثَوَّبَ كثابَ أَنشد ثعلب لرجل يصف ساقِيَيْنِ إِذا اسْتَراحا بَعْدَ جَهْدٍ ثَوَّبا والثَّوابُ النَّحْلُ لأَنها تَثُوبُ قالَ ساعِدةُ بن جُؤَيَّةَ
من كل مُعْنِقَةٍ وكُلِّ عِطافةٍ ... منها يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَرْعَبُ
وثابَ جِسْمُه ثَوَباناً وأَثابَ أَقْبَلَ الأَخيرة عن ابن قتيبة وأَثابَ الرَّجلُ ثابَ إِليه جِسْمُه وصَلَح بَدَنُهُ التهذيب ثابَ إِلى العَلِيلِ جِسْمُه إِذا حسُنَتْ حالُه بعْدَ تَحوُّلِه ورجَعَتْ إِليه صِحَّتُه وثابَ الحَوْضُ يَثُوبُ ثَوْباً وثُؤُوباً امْتَلأَ أَو قارَبَ وثُبةُ الحَوْض ومَثابُه وَسَطُه الذي يَثُوبُ إِليه الماءُ إِذا اسْتُفرِغَ حُذِفَتْ عَينُه والثُّبةُ ما اجْتَمع إِليه الماءُ في الوادي أَو في الغائِط قال وإِنما سميت ثُبةً لأَن الماءَ يَثُوبُ إِليها والهاء عوض من الواو الذاهبة من عين الفعل كما عوّضوا من قولهم أَقام إِقامةً وأَصله إِقْواماً ومَثابُ البئر وَسَطها ومَثابُها مقامُ السَّاقي من عُرُوشها على فَم البئر قال القطامي يصف البِئر وتَهَوُّرَها
وما لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ ... إِذا اسْتُلَّ مِنْ تَحْتِ العُرُوشِ الدَّعائُم
ومَثابَتُها مَبْلَغُ جُمُومِ مائِها ومَثابَتُها ما أَشْرَفَ من الحجارة حَوْلَها يَقُوم عليها الرَّجل أَحياناً كي لا تُجاحِفَ الدَّلْوَ الغَرْبَ ومَثابةُ البِئْرِ أَيضاً طَيُّها عن ابن الأَعرابي قال ابن سيده لا أَدري أَعَنَى بطَيّها موضِعَ طَيِّها أَم عَنى الطَّيَّ الذي هو بِناؤُها بالحجارة قال وقَلَّما تكون المَفْعَلةُ مصدراً وثابَ الماءُ بَلَغ إِلى حاله الأَوّل بعدما يُسْتَقَى التهذيب وبِئْرٌ ذاتُ ثَيِّبٍ وغَيِّثٍ إِذا اسْتُقِيَ منها عادَ مكانَه ماءٌ آخَر وثَيّبٌ كان في الأَصل ثَيْوِبٌ قال ولا يكون الثُّؤُوبُ أَوَّلَ الشيءِ حتى يَعُودَ مَرَّةً بعد أُخرى ويقال بِئْر لها ثَيْبٌ أَي يَثُوبُ الماءُ فيها والمَثابُ صَخْرة يَقُوم السَّاقي عليها يثوب إِليها الماء [ ص 244 ] قال الراعي مُشْرفة المَثاب دَحُولا قال الأَزهري وسمعت العرب تقول الكَلأُ بمَواضِعِ كذا وكذا مثل ثائِبِ البحر يَعْنُون أَنه غَضٌّ رَطْبٌ كأَنه ماءُ البحر إِذا فاضَ بعد جزْرٍ وثابَ أَي عادَ ورَجَع إِلى مَوْضِعِه الذي كان أَفْضَى إِليه ويقال ثابَ ماءُ البِئر إِذا عادَتْ جُمَّتُها وما أَسْرَعَ ثابَتَها والمَثابةُ الموضع الذي يُثابُ إِليه أَي يُرْجَعُ إِليه مرَّة بعد أُخرى ومنه قوله تعالى وإِذ جَعَلْنا البيتَ مَثابةً للناسِ وأَمْناً وإِنما قيل للمنزل مَثابةٌ لأَنَّ أَهلَه يَتَصَرَّفُون في أُمُورهم ثم يَثُوبون إِليه والجمع المَثابُ قال أَبو إِسحق الأَصل في مَثابةٍ مَثْوَبةٌ ولكن حركةَ الواو نُقِلَت إِلى الثاء وتَبِعَت الواوُ الحركةَ فانقَلَبَتْ أَلفاً قال وهذا إِعلال باتباع باب ثابَ وأَصل ثابَ ثَوَبَ ولكن الواو قُلبت أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها قال لا اختلاف بين النحويين في ذلك والمَثابةُ والمَثابُ واحد وكذلك قال الفرَّاءُ وأَنشد الشافعي بيت أَبي طالب
مَثاباً لأَفْناءِ القَبائِلِ كلِّها ... تَخُبُّ إِليه اليَعْمَلاَتُ الذَّوامِلُ
وقال ثعلب البيتُ مَثابةٌ وقال بعضهم مَثُوبةٌ ولم يُقرأْ بها ومَثابةُ الناسِ ومثابُهم مُجتَمَعُهم بعد التَّفَرُّق وربما قالوا لموضع حِبالة الصائد مَثابة قال الراجز مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ المَثابا لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا يعني بالشَّيْخِ الوَعِلَ والثُّبةُ الجماعةُ من الناس من هذا وتُجْمَعُ ثُبَةٌ ثُبًى وقد اختلف أَهل اللغة في أَصلها فقال بعضهم هي من ثابَ أَي عادَ ورَجَعَ وكان أَصلها ثَوُبةً فلما ضُمت الثاءُ حُذفت الواو وتصغيرها ثُوَيْبةٌ ومن هذا أُخذ ثُبةُ الحَوْض وهو وسَطُه الذي يَثُوب إِليه بَقِيَّةُ الماءِ وقوله عز وجل فانْفِرُوا ثُباتٍ أَو انْفروا جميعاً قال الفرّاءُ معناه فانْفِرُوا عُصَباً إِذا دُعِيتم إِلى السَّرايا أَو دُعِيتم لتَنْفِروا جميعاً وروي أَنَّ محمد بن سلام سأَل يونس عن قوله عز وجل فانْفِروا ثُباتٍ أَو انْفِرُوا جميعاً قال ثُبَةٌ وثُباتٌ أَي فِرْقةٌ وفِرَقٌ وقال زهير
وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ كِرامٍ ... نَشاوَى واجِدِينَ لِما نَشاءُ
قال أَبو منصور الثُّباتُ جَماعاتٌ في تَفْرِقةٍ وكلُّ فِرْقةٍ ثُبةٌ وهذا من ثابَ وقال آخرون الثُّبةُ من الأَسْماءِ الناقصة وهو في الأَصل ثُبَيةٌ فالساقط لام الفعل في هذا القول وأَما في القول الأَوّل فالساقِطُ عين الفعل ومَن جعل الأَصل ثُبَيةً فهو من ثَبَّيْتُ على الرجل إِذا أَثْنَيْتَ عليه في حياتِه وتأْوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِهِ وإِنما الثُّبةُ الجماعةُ وثاب القومُ أَتَوْا مُتواتِرِين ولا يقالُ للواحد والثَّوابُ جَزاءُ الطاعةِ وكذلك المَثُوبةُ قال اللّه تعالى لَمَثُوبةٌ مِن عندِ اللّهِ خَيْرٌ وأَعْطاه ثَوابَه ومَثُوبَتَهُ ومَثْوَبَتَه أَي جَزاءَ ما عَمِلَه وأَثابَه اللّهُ ثَوابَه وأَثْوَبَه وثوَّبَه مَثُوبَتَه أَعْطاه إِيّاها وفي التنزيل العزيز هل ثُوِّبَ الكُفَّارُ ما [ ص 245 ] كانوا يَفْعلون أَي جُوزُوا وقال اللحياني أَثابَهُ اللّهُ مَثُوبةً حَسَنَةً ومَثْوَبةٌ بفتح الواو شاذ منه ومنه قراءة مَن قرأَ لمَثْوَبةٌ من عند اللّه خَيْرٌ وقد أَثْوَبه اللّهُ مَثْوَبةً حسَنةً فأَظْهر الواو على الأَصل وقال الكلابيون لا نَعرِف المَثْوبةَ ولكن المَثابة وثَوَّبه اللّهُ مِن كذا عَوَّضه وهو من ذلك واسْتَثابَه سأَله أَن يُثِيبَه وفي حديث ابن التَّيِّهانِ رضي اللّه عنه أَثِيبُوا أَخاكم أَي جازُوه على صَنِيعِهِ يقال أَثابَه يُثِيبه إِثابةً والاسم الثَّوابُ ويكون في الخير والشرِّ إِلا أَنه بالخير أَخَصُّ وأَكثر استِعمالاً وأَما قوله في حديث عمر رضي اللّه عنه لا أَعرِفَنَّ أَحداً انْتَقَص مِن سُبُلِ الناسِ إِلى مَثاباتِهم شيئاً قال ابن شميل إِلى مَثاباتِهم أَي إِلىمَنازِلهم الواحد مَثابةٌ قال والمَثابةُ المَرْجِعُ والمَثابةُ المُجْتمَعُ والمَنْزِلُ لأَنَّ أَهلَه يَثُوبُون إِليه أَي يرجِعُون وأَراد عُمر رضي اللّه عنه لا أَعْرِفَنَّ أَحداً اقْتَطع شيئاً من طُرُق المسلمين وأَدخله دارَه ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها وقولُها في الأَحْنَف أَبي كانَ يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهِه وفي حديث عَمْرو ابن العاص رضي اللّه عنه قِيلَ له في مَرَضِه الذي مات فيه كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ قال أَجِدُني أَذُوبُ ولا أَثُوبُ أَي أَضْعُفُ ولا أَرجِعُ إِلى الصِّحة ابن الأَعرابي يقال لأَساس البَيْتِ مَثاباتٌ قال ويقال لتُراب الأَساس النَّثِيل قال وثابَ إِذا انْتَبَه وآبَ إِذا رَجَعَ وتابَ إِذا أَقْلَعَ والمَثابُ طَيُّ الحجارة يَثُوبُ بَعْضُها على بعض من أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه والمَثابُ الموضع الذي يَثُوبُ منه الماءُ ومنه بِئْر ما لها ثائِبٌ والثَّوْبُ اللِّباسُ واحد الأَثْوابِ والثِّيابِ والجمع أَثْوُبٌ وبعض العرب يهمزه فيقول أَثْؤُبٌ لاستثقال الضمة على الواو والهمزةُ أَقوى على احتمالها منها وكذلك دارٌ وأَدْؤُرٌ وساقٌ وأَسْؤُقٌ وجميع ما جاءَ على هذا المثال قال معروف بن عبدالرحمن لكُلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْؤُبا حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْيَبا أَمْلَحَ لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا وأَثْوابٌ وثِيابٌ التهذيب وثلاثةُ أَثْوُبٍ بغير همز وأَما الأَسْؤُقُ والأَدْؤُرُ فمهموزان لأَنَّ صرف أَدْؤُرٍ على دار وكذلك أَسْؤُق على ساقٍ والأَثْوبُ حُمِل الصَّرْفُ فيها على الواو التي في الثَوْب نَفْسِها والواو تحتمل الصرف من غير انهماز قال ولو طرح الهمز من أَدْؤُر وأَسْؤُق لجاز على أَن تردّ تلك الأَلف إِلى أَصلها وكان أَصلها الواو كما قالوا في جماعة النابِ من الإِنسان أَنْيُبٌ همزوا لأَنَّ أَصل الأَلف في الناب ياء ( 1 )
( 1 قوله « همزوا لأَن أصل الألف إلخ » كذا في النسخ ولعله لم يهمزوا كما يفيده التعليل بعده ) وتصغير نابٍ نُيَيْبٌ ويجمع أَنْياباً ويقال لصاحب الثِّياب ثَوَّابٌ وقوله عز وجل وثيابَكَ فَطَهِّرْ قال ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول لا تَلْبَسْ ثِيابَك على مَعْصِيةٍ ولا على فُجُورِ كُفْرٍ واحتجَّ بقول الشاعر
إِني بِحَمْدِ اللّهِ لا ثَوْبَ غادِرٍ ... لَبِسْتُ وَلا مِنْ خَزْيةٍ أَتَقَنَّعُ
[ ص 246 ] وقال أَبو العباس الثِّيابُ اللِّباسُ ويقال للقَلْبِ وقال الفرَّاءُ وثِيابَك فَطَهِّرْ أَي لا تكن غادِراً فَتُدَنِّسَ ثِيابَك فإِنَّ الغادِرَ دَنِسُ الثِّيابِ ويقال وثِيابَك فطَهِّرْ يقول عَمَلَكَ فأَصْلِحْ ويقال وثِيابَكَ فطهر أَي قَصِّرْ فإِن تَقْصِيرها طُهْرٌ وقيل نَفْسَكَ فطَهِّر والعرب تَكْني بالثِّيابِ عن النَفْسِ وقال فَسُلِّي ثيابي عن ثِيابِكِ تَنْسَلِي وفلان دَنِسُ الثِّيابِ إِذا كان خَبيثَ الفِعْل والمَذْهَبِ خَبِيثَ العِرْض قال امْرُؤُ القَيْس
ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ ... وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسافِرِ غُرّانُ
وقال
رَمَوْها بأَثْوابٍ خِفافٍ ولا تَرَى ... لها شَبَهاً الا النَّعامَ المُنَفَّرا
رَمَوْها يعني الرّكابَ بِأَبْدانِهِم ومثله قول الراعي
فقامَ إِليها حَبْتَرٌ بِسلاحِه ... وللّه ثَوْبا حَبْتَرٍ أَيّما فَتَى
يريد ما اشْتَمَل عليه ثَوْبا حَبْتَرٍ من بَدَنِه وفي حديث الخُدْرِيِّ لَمَّا حَضَره المَوتُ دَعا بِثيابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَها ثم ذكر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال إِن المَيّتَ يُبْعَثُ في ثِيابِه التي يَموتُ فيها قال الخطابي أَما أَبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهرهِ وقد رُوي في تحسين الكَفَنِ أَحاديثُ قال وقد تأَوّله بعضُ العلماء على المعنى وأَراد به الحالةَ التي يَمُوت عليها من الخَير والشرّ وعَمَلَه الذي يُخْتَم له به يقال فلان طاهِرُ الثيابِ إِذا وَصَفُوه بِطَهارةِ النَّفْسِ والبَراءةِ من العَيْبِ ومنه قوله تعالى وثِيابَكَ فَطَهِّرْ وفلان دَنِسُ الثّياب إِذا كان خَبِيثَ الفعل والمَذْهبِ قال وهذا كالحديث الآَخَر يُبْعَثُ العَبْدُ على ما مات عليه قال الهَروِيُّ وليس قَولُ من ذَهَبَ به إِلى الأَكْفانِ بشيءٍ لأَنَّ الإِنسان إِنما يُكَفَّنُ بعد الموت وفي الحديث مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ أَلْبَسَه اللّهُ تعالى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ أَي يَشْمَلُه بالذلِّ كما يشملُ الثوبُ البَدَنَ بأَنْ يُصَغِّرَه في العُيون ويُحَقِّرَه في القُلوب والشهرة ظُهور الشيء في شُنْعة حتى يُشْهِره الناسُ وفي الحديث المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ قال ابن الأَثير المُشْكِلُ من هذا الحديث تثنية الثوب قال الأَزهريّ معناه أَن الرجل يَجعَلُ لقَميصِه كُمَّيْنِ أَحدُهما فوق الآخر لِيُرَى أَن عليه قَميصَين وهما واحد وهذا إِنما يكونُ فيه أَحدُ الثَّوْبَيْن زُوراً لا الثَّوْبانِ وقيل معناه أَن العرب أَكثر ما كانت تَلْبَسُ عند الجِدَّةِ والمَقْدُرةِ إِزاراً ورداءً ولهذا حين سُئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد قال أَوكُلُّكُم يَجِدُ ثَوْبَيْنِ ؟ وفسره عمر رضي اللّه عنه بإِزارٍ ورِداء وإِزار وقميص وغير ذلك وروي عن إِسحق بن راهُويه قال سأَلتُ أَبا الغَمْرِ الأَعرابيَّ وهو ابنُ ابنةِ ذي الرُّمة عن تفسير ذلك فقال كانت العربُ إِذا اجتَمَعوا في المحافِلِ كانت لهم جماعةٌ يَلْبَسُ أَحدُهم ثوبين حَسَنَيْن فإِن احتاجوا إِلى شَهادةٍ شَهِدَ لهم بِزُور فيُمْضُون شَهادتَه بثَوْبَيْهِ فيقولون ما أَحْسَنَ [ ص 247 ] ثِيابَه وما أَحسنَ هَيْئَتَه فَيُجيزون شهادته لذلك قال والأَحسن أَن يقال فيه إِنَّ المتشبّعَ بما لم يُعْطَ هو الذي يقول أُعْطِيتُ كذا لشيءٍ لم يُعْطَه فأَمّا أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ ليست فيه يريدُ أَنَّ اللّه تعالى منَحَه إِيّاها أَو يُريد أَنّ بعضَ الناسِ وصَلَهُ بشيءٍ خَصَّه به فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين أَحدهما اتّصافُه بما ليس فيه أَو أَخْذُه ما لم يأْخُذْه والآخَر الكَذِبُ على المُعْطِي وهو اللّهُ أَو الناسُ وأَراد بثوبي زُورٍ هذين الحالَيْن اللَّذَيْنِ ارْتَكَبَهما واتَّصفَ بهما وقد سبق أَن الثوبَ يُطلق على الصفة المحمودة والمذمومة وحينئذ يصح التشبيه في التثنية لإِنه شَبَّه اثنين باثنين واللّه أَعلم ويقال ثَوَّبَ الدَّاعِي تَثْوِيباً إِذا عاد مرَّة بعد أُخرى ومنه تَثْوِيبُ المؤذّن إِذا نادَى بالأَذانِ للناس إِلى الصلاة ثم نادَى بعد
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ثوب ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه التأْذين فقال الصلاةَ رَحمكم اللّه الصلاةَ يَدْعُو إِليها عَوْداً بعد بَدْء والتَّثْوِيبُ هو الدُّعاء للصلاة وغيرها وأَصله أَنَّ الرجلَ إِذا جاءَ مُسْتَصْرِخاً لوَّحَ بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهِر فكان ذلك كالدُّعاء فسُمي الدعاء تثويباً لذلك وكلُّ داعٍ مُثَوِّبٌ وقيل إِنما سُمِّي الدُّعاء تَثْوِيباً من ثاب يَثُوبُ إِذا رجَع فهو رُجُوعٌ إِلى الأَمر بالمُبادرة إِلى الصلاة فإِنّ المؤَذِّن إِذا قال حَيَّ على الصلاة فقد دَعاهم إِليها فإِذا قال بعد ذلك الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم فقد رجَع إِلى كلام معناه المبادرةُ إِليها وفي حديث بِلال أَمرَني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَنْ لا أُثَوِّبَ في شيءٍ من الصلاةِ إِلاَّ في صلاةِ الفجر وهو قوله الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم مرتين وقيل التَّثْويبُ تثنية الدعاء وقيل التثويب في أَذان الفجر أَن يقول المؤَذِّن بعد قوله حيّ على الفلاح الصلاةُ خير من النَّوْم يقولها مرتين كما يُثوِّب بين الأَذانين الصلاةَ رحمكم اللّه الصلاةَ وأَصلُ هذا كلِّه من تَثْوِيب الدعاء مرة بعدَ اخرى وقيل التَّثوِيبُ الصلاةُ بعدَ الفَريضة يقال تَثَوَّبت أَي تَطَوَّعْت بعد المكتُوبة ولا يكون التَّثْوِيبُ إِلا بعد المكتوبة وهو العود للصلاة بعد الصلاة وفي الحديث إِذا ثُوِّبَ بالصلاة فأْتُوها وعليكم السَّكِينةُ والوَقارُ قال ابن الأَثير التَّثْويبُ ههنا إِقامةُ الصلاة وفي حديث أُم سلمة أَنها قالت لعائشة رضي اللّه عنها حين أَرادت الخُروجَ إِلى البصرة إِنَّ عَمُودَ الدِّين لا يُثابُ بالنساءِ إِنْ مالَ تريد لا يُعادُ إِلى اسْتِوائه من ثابَ يَثُوبُ إِذا رجَع ويقال ذَهَبَ مالُ فلانٍ فاسْتَثابَ مالاً أَي اسْتَرْجَع مالاً وقال الكميت
إِنّ العَشِيرةَ تَسْتَثِيبُ بمالِه ... فتُغِيرُ وهْوَ مُوَفِّرٌ أَمْوالَها
وقولهم في المثلِ هو أَطْوَعُ من ثَوابٍ هو اسم رجل كان يُوصَفُ بالطَّواعِيةِ قال الأَخفش بن شهاب
وكنتُ الدَّهْرَ لَسْتُ أُطِيع أُنْثَى ... فَصِرْتُ اليومَ أَطْوَعَ مِن ثَوابِ
التهذيب في النوادر أَثَبْتُ الثَّوْبَ إِثابةً إِذا كَفَفْتَ مَخايِطَه ومَلَلْتُه خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بغير كَفٍّ والثائبُ الرّيحُ الشديدةُ تكونُ في أَوّلِ المَطَر وثَوْبانُ اسم رجل [ ص 248 ]

ثيب
الثَّيِّبُ من النساءِ التي تَزَوّجَتْ وفارَقَتْ زَوْجَها بأَيِّ وجْهٍ كان بَعْدَ أَنْ مَسَّها قال أَبو الهيثم امرأَةٌ ثَيِّبٌ كانت ذاتَ زَوْج ثم ماتَ عنها زوجُها أَو طُلِّقت ثم رجَعَتْ إِلى النكاح قال صاحب العين ولا يقال ذلك للرجل إلا أَن يقال ولَدُ الثَّيِّبَيْنِ وولد البِكْرَيْنِ وجاء في الخبر الثَّيِّبانِ يُرْجَمانِ والبِكْرانِ يُجْلَدانِ ويُغَرَّبانِ وقال الأَصمعي امرأَة ثَيِّبٌ ورجل ثيّب إِذا كان قد دُخِلَ به أَو دُخِلَ بها الذكَرُ والأُنثى في ذلك سواء وقد ثُيِّبَتِ المرأَةُ وهي مُثَيَّبٌ التهذيب يقال ثُيِّبَتِ المرأَةُ تَثْيِيباً إِذا صارت ثَيِّباً وجمع الثَّيِّبِ من النساءِ ثَيّباتٌ قال اللّه تعالى ثَيِّباتٍ وأَبْكاراً وفي الحديث الثَّيِّبُ بالثيبِ جَلْدُ مائةٍ ورَجْمٌ بالحجارة ابن الأَثير الثَّيِّبُ مَن ليس بِبِكْر قال وقد يُطْلَقُ الثَّيِّبُ على المرأَةِ البالِغةِ وإِن كانت بِكْراً مَجازاً واتِّساعاً قال والجمع بين الجَلد والرَّجْم منسوخ قال وأَصل الكلمة الواو لأَنه من ثابَ يَثُوبُ إِذا رَجع كأَنَّ الثَّيِّب بِصَدَد العَوْدِ والرُّجوع وثِيبانُ اسم كُورة

جأب
الجَأْبُ الحِمار الغَلِيظُ من حُمُر الوَحْشِ يهمز ولا يهمز والجمع جُؤُوبٌ وكاهِلٌ جَأْبٌ غَلِيظٌ وخَلْقٌ جَأْبٌ جافٍ غليظٌ قال الراعي
فلم يَبْقَ إِلا آلُ كلِّ نَجيبةٍ ... لها كاهِلٌ جَأْبٌ وصُلْبٌ مُكَدَّحُ
والجَأْبُ المَغَرةُ ابن الأَعرابي جَبَأَ وجَأَبَ إِذا باعَ الجَأْبَ وهو المَغَرةُ ويقال للظَّبْيةِ حين يَطْلُعُ قَرْنُها جَأْبةُ المِدْرَى وأَبو عبيدة لا يهمزه قال بِشْر
تَعَرُّضَ جَأْبةِ المِدْرَى خَذُولٍ ... بِصاحةَ في أَسِرَّتِها السَّلامُ
وصاحةُ جبلٌ والسَّلامُ شَجر وإِنما قيل جَأْبةُ المِدْرَى لأَنَّ القَرْنَ أَوَّلَ ما يَطْلُعُ يكونُ غَلِيظاً ثم يَدِقُّ فنَبَّه بذلك على صِغَرِ سِنها ويقال فلان شَخْتُ الآلِ جَأْبُ الصَّبْرِ أَي دقيقُ الشخْصِ غليظ الصَّبْر في الأُمور والجَأْبُ الكَسْبُ وجَأَبَ يَجْأَبُ جَأْباً كسَبَ قال رؤْبة بن العجاج حتى خَشِيتُ أَن يكونَ رَبِّي يَطْلُبُنِي مِنْ عَمَلٍ بذَنْبِ واللّه راعٍ عَمَلِي وجَأْبي ويروى وَاعٍ والجَأْبُ السُّرَّةُ ابن بُزُرْجَ جَأْبةُ البَطْنِ وجَبْأَتُه مَأْنَتُه والجُؤْبُ دِرْعٌ تَلْبَسُه المرأَةُ ودارةُ الجَأْبِ موضعٌ عن كراع وقول الشاعر
وكأَنّ مُهْري كانَ مُحْتَفِراً ... بقَفا الأَسِنَّةِ مَغْرةَ الجَأْبِ ( 1 )
( 1 قوله « وكأن مهري إلخ » لم نظفر بهذا البيت فانظر قوله بقفا الاسنة )
قال الجَأْبُ ماء لبني هُجَيم عند مَغْرةَ عندهم

جأنب
التهذيب في الرباعي عن الليث رجل جَأْنَبٌ قصِيرٌ [ ص 249 ]

جبب
الجَبُّ القَطْعُ جَبَّه يَجُبُّه جَبّاً وجِباباً واجْتَبَّه وجَبَّ خُصاه جَبّاً اسْتَأْصَلَه وخَصِيٌّ مَجْبُوبٌ بَيِّنُ الجِبابِ والمَجْبُوبُ الخَصِيُّ الذي قد اسْتُؤْصِلَ ذكَره وخُصْياه وقد جُبَّ جَبّاً وفي حديث مَأْبُورٍ الخَصِيِّ الذي أَمَر النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم بقَتْلِه لَمَّا اتُّهمَ بالزنا فإِذا هو مَجْبُوبٌ أَي مقطوع الذكر وفي حديث زِنْباعٍ أَنه جَبَّ غُلاماً له وبَعِيرٌ أَجَبُّ بَيِّنُ الجَبَبِ أَي مقطوعُ السَّنامِ وجَبَّ السَّنامَ يَجُبُه جَبّاً قطَعَه والجَبَبُ قَطْعٌ في السَّنامِ وقيل هو أَن يأْكُلَه الرَّحْلُ أَو القَتَبُ فلا يَكْبُر بَعِير أَجَبُّ وناقةٌ جَبَّاء الليث الجَبُّ استِئْصالُ السَّنامِ من أَصلِه وأَنشد
ونَأْخُذُ بَعْدَهُ بِذنابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهْرِ ليسَ لَه سَنامُ
وفي الحديث أَنهم كانوا يَجُبُّونَ أَسْنِمةَ الإِبلِ وهي حَيّةٌ وفي حديث حَمْزةَ رضي اللّه عنه أَنه اجْتَبَّ أَسْنِمةَ شارِفَيْ عليٍّ رضي اللّه عنه لَمَّا شَرِبَ الخَمْرَ وهو افْتَعَلَ مِن الجَبِّ أَي القَطْعِ ومنه حديثُ الانْتِباذِ في المَزادةِ المَجْبُوبةِ التي قُطِعَ رأْسُها وليس لها عَزْلاءُ مِن أَسْفَلِها يَتَنَفَّسُ منها الشَّرابُ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما نَهَى النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم عن الجُبِّ قيل وما الجُبُّ ؟ فقالت امرأَةٌ عنده هو المَزادةُ يُخَيَّطُ بعضُها إِلى بعض كانوا يَنْتَبِذُون فيها حتى ضَرِيَتْ أَي تَعَوَّدَتِ الانْتباذ فيها واشْتَدَّتْ عليه ويقال لها المَجْبُوبةُ أَيضاً ومنه الحديث إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ ما قَبْلَه والتَّوبةُ تَجُبُّ ما قَبْلَها أَي يَقْطَعانِ ويَمْحُوانِ ما كانَ قَبْلَهما من الكُفْر والمَعاصِي والذُّنُوبِ وامْرأَةٌ جَبّاءُ لا أَلْيَتَيْنِ لها ابن شميل امْرأَة جَبَّاءُ أَي رَسْحاءُ والأَجَبُّ مِنَ الأَرْكَابِ القَلِيلُ اللحم وقال شمر امرأَةٌ جَبَّاءُ إِذا لم يَعظُمْ ثَدْيُها ابن الأَثير وفي حديث بعض الصحابة رضي اللّه عنهم وسُئل عن امرأَة تَزَوَّجَ بها كيف وجَدْتَها ؟ فقال كالخَيْرِ من امرأَة قَبّاءَ جَبَّاءَ قالوا أَوَليس ذلكَ خَيْراً ؟ قال ما ذاك بِأَدْفَأَ للضَّجِيعِ ولا أَرْوَى للرَّضِيعِ قال يريد بالجَبَّاءِ أَنها صَغِيرة الثَّدْيَين وهي في اللغة أَشْبَهُ بالتي لا عجز لها كالبعير الأَجَبّ الذي لا سَنام له وقيل الجَبّاء القَلِيلةُ لحم الفخذين والجِبابُ تلقيح النخل وجَبَّ النَخْلَ لَقَّحَه وزَمَنُ الجِباب زَمَنُ التَّلْقِيح للنخل الأَصمعي إِذا لَقَّحَ الناسُ النَّخِيلَ قيل قد جَبُّوا وقد أَتانا زَمَنُ الجِبابِ والجُبَّةُ ضَرْبٌ من مُقَطَّعاتِ الثِّيابِ تُلْبَس وجمعها جُبَبٌ وجِبابٌ والجُبَّةُ من أَسْماء الدِّرْع وجمعها جُبَبٌ وقال الراعي
لنَا جُبَبٌ وأَرْماحٌ طِوالٌ ... بِهِنَّ نُمارِسُ الحَرْبَ الشَّطُونا ( 1 )
( 1 قوله « الشطونا » في التكملة الزبونا ) والجُبّةُ مِن السِّنانِ الذي دَخَل فيه الرُّمْحُ
[ ص 250 ] والثَّعْلَبُ ما دخَل مِن الرُّمْحِ في السِّنانِ وجُبَّةُ الرُّمح ما دخل من السنان فيه والجُبّةُ حَشْوُ الحافِر وقيل قَرْنُه وقيل هي من الفَرَس مُلْتَقَى الوَظِيف على الحَوْشَب من الرُّسْغ وقيل هي مَوْصِلُ ما بين الساقِ والفَخِذ وقيل موصل الوَظيف في الذراع وقيل مَغْرِزُ الوَظِيفِ في الحافر الليث الجُبّةُ بياضٌ يَطأُ فيه الدابّةُ بحافِره حتى يَبْلُغَ الأَشاعِرَ والمُجَبَّبُ الفرَسُ الذي يَبْلُغ تَحْجِيلُه إِلى رُكْبَتَيْه أَبو عبيدة جُبّةُ الفَرس مُلْتَقَى الوَظِيفِ في أَعْلى الحَوْشَبِ وقال مرة هو مُلْتَقَى ساقَيْه ووَظِيفَي رِجْلَيْه ومُلْتَقَى كل عَظْمَيْنِ إِلاّ عظمَ الظَّهْر وفرسٌ مُجَبَّبٌ ارْتَفَع البَياضُ منه إِلى الجُبَبِ فما فوقَ ذلك ما لم يَبْلُغِ الرُّكبتين وقيل هو الذي بلغ البياضُ أَشاعِرَه وقيل هو الذي بلَغ البياضُ منه رُكبةَ اليد وعُرْقُوبَ الرِّجْلِ أَو رُكْبَتَي اليَدَيْن وعُرْقُوَبي الرّجْلَيْنِ والاسم الجَبَبُ وفيه تَجْبِيبٌ قال الكميت
أُعْطِيتَ مِن غُرَرِ الأَحْسابِ شادِخةً ... زَيْناً وفُزْتَ مِنَ التَّحْجِيل بالجَبَبِ
والجُبُّ البِئرُ مذكر وقيل هي البِئْر لم تُطْوَ وقيل هي الجَيِّدةُ الموضع من الكَلإِ وقيل هي البِئر الكثيرة الماءِ البَعيدةُ القَعْرِ قال فَصَبَّحَتْ بَيْنَ الملا وثَبْرَهْ جُبّاً تَرَى جِمامَه مُخْضَرَّهْ فبَرَدَتْ منه لُهابُ الحَرَّهْ وقيل لا تكون جُبّاً حتى تكون ممّا وُجِدَ لا مِمَّا حفَرَه الناسُ والجمع أَجْبابٌ وجِبابٌ وجِبَبةٌ وفي بعض الحديث جُبِّ طَلعْةٍ مَكانَ جُفِّ طَلعْةٍ وهو أَنّ دَفِينَ سِحْرِ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم جُعِلَ في جُبِّ طَلْعةٍ أَي في داخِلها وهما معاً وِعاءُ طَلْعِ النخل قال أَبو عبيد جُبِّ طَلْعةٍ ليس بمَعْرُوفٍ إِنما المَعْرُوفُ جُفِّ طَلْعةٍ قال شمر أَراد داخِلَها إِذا أُخْرِجَ منها الكُفُرَّى كما يقال لداخل الرَّكِيَّة من أَسْفَلِها إِلى أَعْلاها جُبٌّ يقال إِنها لوَاسِعةُ الجُبِّ مَطْوِيَّةً كانت أَو غير مَطْوِيّةٍ وسُمِّيَت البِئْر جُبّاً لأَنها قُطِعَتْ قَطْعاً ولم يُحْدَثُ فيها غَيْر القَطْعِ من طَيٍّ وما أَشْبَهه وقال الليث الجُبّ البئر غيرُ البَعيدةِ الفرَّاءُ بِئْرٌ مُجَبَّبةُ الجَوْفِ إِذا كان وَسَطُها أَوْسَعَ شيء منها مُقَبَّبةً وقالت الكلابية الجُبُّ القَلِيب الواسِعَةُ الشَّحْوةِ وقال ابن حبيب الجُبُّ رَكِيَّةٌ تُجابُ في الصَّفا وقال مُشَيِّعٌ الجُبُّ جُبُّ الرَّكِيَّةِ قبل أَن تُطْوَى وقال زيد بن كَثْوةَ جُبُّ الرَّكِيَّة جِرابُها وجُبة القَرْنِ التي فيها المُشاشةُ ابن شميل الجِبابُ الركايا تُحْفَر يُنْصَب فيها العنب أَي يُغْرس فيها كما يُحْفر للفَسِيلة من النخل والجُبُّ الواحد والشَّرَبَّةُ الطَّرِيقةُ من شجر العنب على طَرِيقةِ شربه والغَلْفَقُ ورَقُ الكَرْم والجَبُوبُ وَجْهُ الأَرضِ وقيل هي الأَرضُ الغَلِيظةُ وقيل هي الأَرضُ الغَليظةُ من الصَّخْر لا من الطّينِ وقيل هي الأَرض عامة لا تجمع وقال اللحياني الجَبُوبُ الأَرضُ والجَبُوب التُّرابُ وقول امرئِ القيس
فَيَبِتْنَ يَنْهَسْنَ الجَبُوبَ بِها ... وأَبِيتُ مُرْتَفِقاً على رَحْلِي
يحتمل هذا كله [ ص 251 ]
والجَبُوبةُ المَدَرةُ ويقال للمَدَرَةِ الغَلِيظةِ تُقْلَعُ من وَجْه الأَرضِ جَبُوبةٌ وفي الحديث أَن رجلاً مَرَّ بِجَبُوبِ بَدْرٍ فإِذا رجلٌ أَبيضُ رَضْراضٌ قال القتيبي قال الأَصمعي الجَبُوب بالفتح الأَرضُ الغَلِيظةُ وفي حديث عليّ كرَّم اللّه وجهه رأَيتُ المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يصلي أَو يسجد على الجَبُوبِ ابن الأَعرابي الجَبُوبُ الأَرضُ الصُّلْبةُ والجَبُوبُ المَدَرُ المُفَتَّتُ وفي الحديث أَنه تَناوَلَ جَبُوبةً فتفل فيها هو من الأَوّل ( 1 )
( 1 قوله « هو من الأول » لعل المراد به المدرة الغليظة ) وفي حديث عمر سأَله رجل فقال عَنَّتْ لي عِكْرِشةٌ فشَنَقْتُها بِجَبُوبةٍ أَي رَمَيْتُها حتى كَفَّتْ عن العَدْوِ وفي حديث أَبي أُمامةَ قال لَما وُضِعَتْ بِنْتُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في القَبْر طَفِقَ يَطْرَحُ إِليهم الجَبُوبَ ويقول سُدُّوا الفُرَجَ ثم قال إِنه ليس بشيءٍ ولكنه يُطَيِّبُ بنَفْسِ الحيّ وقال أَبو خِراش يصف عُقاباً أَصابَ صَيْداً
رأَتْ قَنَصاً على فَوْتٍ فَضَمَّتْ ... إِلى حَيْزُومِها رِيشاً رَطِيبا
فلاقَتْه بِبَلْقَعةٍ بَراحٍ ... تُصادِمُ بين عَيْنيه الجَبُوبا
قال ابن شميل الجَبُوبُ وجه الأَرضِ ومَتْنها من سَهْل أَو حَزْنٍ أَو جَبَل أَبو عمرو الجَبُوبُ الأَرض وأَنشد لا تَسْقِه حَمْضاً ولا حَلِيبا انْ ما تَجِدْه سابِحاً يَعْبُوبا ذا مَنْعةٍ يَلْتَهِبُ الجَبُوبا وقال غيره الجَبُوب الحجارة والأَرضُ الصُّلْبةُ وقال غيره
تَدَعُ الجَبُوبَ إِذا انْتَحَتْ ... فيه طَرِيقاً لاحِبا
والجُبابُ بالضم شيء يَعْلُو أَلبانَ الإِبل فيصير كأَنه زُبْد ولا زُبْدَ لأَلبانها قال الراجز يَعْصِبُ فاهُ الرِّيقُ أَيَّ عَصْبِ عَصْبَ الجُبابِ بِشفاهِ الوَطْبِ وقيل الجُبابُ للإِبل كالزُّبْدِ للغَنم والبقَر وقد أَجَبَّ اللَّبَنُ التهذيب الجُبابُ شِبه الزبد يَعْلُو الأَلبانَ يعني أَلبان الإِبل إِذا مَخَضَ البعيرُ السِّقاءَ وهو مُعَلَّقٌ عليه فيَجْتمِعُ عند فَمِ السِّقاء وليس لأَلبانِ الإِبل زُبْدٌ إِنما هو شيء يُشْبِه الزُّبْدَ والجُبابُ الهَدَرُ الساقِطُ الذي لا يُطْلَبُ وجَبَّ القومَ غَلَبَهم قال الراجز مَنْ رَوّلَ اليومَ لَنا فقد غَلَبْ خُبْزاً بِسَمْنٍ وهْو عند الناس جَبْ وجَبَّتْ فلانة النساء تَجُبُّهنّ جَبّاً غَلَبَتْهنّ من حُسْنِها قالَ الشاعر جَبَّتْ نساءَ وائِلٍ وعَبْس وجابَّنِي فجَبَبْتُه والاسم الجِبابُ غالَبَني فَغَلَبْتُه وقيل هو غَلَبَتُك إِياه في كل وجْهٍ من حَسَبٍ أَو جَمال أَو غير ذلك وقوله جَبَّتْ نساءَ العالَمين بالسَّبَبْ قال هذه امرأَة قدَّرَتْ عَجِيزَتها بخَيْط وهو السَّبَبُ ثم أَلقَتْه إِلى نساء الحَيِّ لِيَفْعَلْن كما [ ص 252 ] فَعَلت فأَدَرْنَه على أَعْجازِهنَّ فَوَجَدْنَه فائضاً كثيراً فغَلَبَتْهُنَّ وجابَّتِ المرأَةُ صاحِبَتَها فَجَبَّتْها حُسْناً أَي فاقَتْها بِحُسْنها والتَّجْبِيبُ النِّفارُ وجَبَّبَ الرجلُ تَجْبيباً إِذا فَرَّ وعَرَّدَ قال الحُطَيْئةُ
ونحنُ إِذ جَبَّبْتُمُ عن نسائِكم ... كما جَبَّبَتْ من عندِ أَولادِها الحُمُرْ
وفي حديث مُوَرِّقٍ المُتَمَسِّكُ بطاعةِ اللّهِ إِذا جَبَّبَ الناسُ عنها كالكارِّ بعد الفارِّ أَي إِذا تركَ الناسُ الطاعاتِ ورَغِبُوا عنها يقال جَبَّبَ الرجلُ إِذا مَضَى مُسْرِعاً فارًّا من الشيءِ الباهلي فَرَشَ له في جُبَّةِ لدارِ أَي في وسَطِها وجُبَّةُ العينِ حجاجُها ابن الأَعرابي الجَبابُ القَحْطُ الشديدُ والمَجَبَّةُ المَحَجَّةُ وجادَّتُ الطرِيق أَبو زيد رَكِبَ فلان المَجَبَّةَ وهي الجادّةُ وجُبَّةُ والجُبَّةُ موضع قال النمر بن تَوْلَب
زَبَنَتْكَ أَرْكانُ العَدُوِّ فأَصْبَحَتْ ... أَجَأٌ وجُبَّةُ مِنْ قَرارِ دِيارِها
وأَنشد ابن الأَعرابي
لا مالَ إِلاَّ إِبِلٌ جُمَّاعَهْ ... مَشْرَبُها الجُبَّةُ أَو نُعاعَهْ
والجُبْجُبةُ وِعاءٌ يُتَّخذُ مِن أَدمٍ يُسْقَى فيه الإِبلُ ويُنْقَعُ فيه الهَبِيدُ والجُبْجُبة الزَّبيلُ من جُلودٍ يُنْقَلُ فيه الترابُ والجمع الجَباجِبُ وفي حديث عبدالرحمن بن عوف رضي اللّه عنه أَنه أَوْدَعَ مُطْعِم بنَ عَديّ لما أَراد أَن يُهاجِر جُبْجُبةً فيها نَوًى مِن ذَهَبٍ هي زَبِيلٌ لطِيفٌ من جُلود ورواه القتيبي بالفتح والنوى قِطَعٌ من ذهب وَزْنُ القِطعة خمسةُ دراهمَ وفي حديث عُروة رضي اللّه عنه إِنْ ماتَ شيءٌ من الإِبل فخذ جِلْدَه فاجْعَلْه جَباجِبَ يُنْقَلُ فيها أَي زُبُلاً والجُبْجُبةُ والجَبْجَبةُ والجُباجِبُ الكَرِشُ يُجْعَلُ فيه اللحم يُتَزَوَّدُ به في الأَسفار ويجعل فيه اللحم المُقَطَّعُ ويُسَمَّى الخَلْعَ وأَنشد
أَفي أَنْ سَرَى كَلْبٌ فَبَيَّتَ جُلَّةً ... وجُبْجُبةً للوَطْبِ سَلْمى تُطَلَّقُ
وقيل هي إِهالةٌ تُذابُ وتُحْقَنُ في كَرشٍ وقال ابن الأَعرابي هو جِلد جَنْبِ البعير يُقَوَّرُ ويُتَّخذ فيه اللحمُ الذي يُدعَى الوَشِيقةَ وتَجَبْجَبَ واتخذَ جُبْجُبَةً إِذا اتَّشَق والوَشِيقَةُ لَحْمٌ يُغْلى إِغْلاءة ثم يُقَدَّدُ فهو أَبْقى ما يكون قال خُمام بن زَيْدِ مَنَاةَ اليَرْبُوعِي
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ ... فلا تُهْدِ مِنْها واتَّشِقْ وتَجَبْجَب
وقال أَبو زيد التَّجَبْجُبُ أَن تجْعَل خَلْعاً في الجُبْجُبةِ فأَما ما حكاه ابن الأَعرابي من قَولهم إِنّك ما عَلِمْتُ جَبانٌ جُبْجُبةٌ فإِنما شبهه بالجُبْجُبة التي يوضعُ فيها هذا الخَلْعُ شَبَّهه بها في انْتِفاخه وقِلة غَنائه كقول الآخر كأَنه حَقِيبةٌ مَلأَى حَثا ورَجلٌ جُباجِبٌ ومُجَبْجَبٌ إِذا كان ضَخْمَ الجَنْبَيْنِ ونُوقٌ جَباجِبُ قال الراجز [ ص 253 ] جَراشِعٌ جَباجِبُ الأَجْوافِ حُمُّ الذُّرا مُشْرِفةُ الأَنْوافِ
وإِبل مُجَبْجَبةٌ ضَخْمةُ الجُنُوبِ قالت
حَسَّنْتَ إِلاَّ الرَّقَبَهْ ... فَحَسِّنَنْها يا أَبَهْ
كي ما تَجِيءَ الخَطَبَهْ ... بإِبِلٍ مُجَبْجَبَهْ
ويروى مُخَبْخبه أَرادت مُبَخْبَخَةً أَي يقال لها بَخٍ بَخٍ إِعْجاباً بها فَقَلَبت أَبو عمرو جمل جُباجِبٌ وبُجابِجٌ ضَخْمٌ وقد جَبْجَبَ إِذا سَمِنَ وجَبْجَبَ إِذا ساحَ في الأَرض عبادةً
وجَبْجَبَ إِذا تَجَرَ في الجَباجِبِ أَبو عبيدة الجُبْجُبةُ أَتانُ الضَّحْل وهي صَخْرةُ الماءِ وماءٌ جَبْجابٌ وجُباجِبٌ كثير قال وليس جُباجِبٌ بِثَبْتٍ وجُبْجُبٌ ماءٌ معروف وفي حديث بَيْعَةِ الأَنصارِ نادَى الشيطانُ يا أَصحابَ الجَباجِب قال هي جمع جُبْجُبٍ بالضم وهو المُسْتَوى من الأَرض ليس بحَزْنٍ وهي ههنا أَسماءُ مَنازِلَ بمنى سميت به لأَنَّ كُروشَ الأَضاحِي تُلْقَى فيها أَيامَ الحَجّ الأَزهري في أَثناءِ كلامه على حيَّهلَ وأَنشد لعبداللّه بن الحجاج التَّغْلَبي من أَبيات
إِيَّاكِ أَنْ تَستَبْدِلي قَرِدَ القَفا ... حَزابِيةً وهَيَّباناً جُباجِبا
أَلفَّ كأَنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه ... من الصُّوفِ نِكْثاً أَو لَئِيماً دُبادِبا
وقال الجُباجِبُ والدُّبادِبُ الكثيرُ الشَّرِّ والجَلَبةِ

جحجب
جَحْجَبَ العَدُوَّ أَهْلَكَه قال رؤْبة كمْ مِن عِدًى جَمْجَمَهُم وجَحْجَبَا وجَحْجَبَى حيٌّ من الأَنصار

جحدب
رجُل جَحْدَبٌ قصيرٌ عن كراع قال ولا أَحُقُّها إِنماالمعروف جَحْدَرٌ بالراءِ وسيأْتي ذكرها في موضعها

جحرب
فَرَسٌ جَحْرَبٌ وجُحارِبٌ عظيمُ الخَلْقِ والجَحْرَبُ من الرّجال القصيرُ الضَّخْمُ وقيل الواسع الجَوْفِ عن كراع ورأَيت في بعض نسخ الصحاح حاشية رجُل جَحْرَبةٌ عظيم البَطْن

جحنب
الجَحْنَبُ والجَحَنَّبُ كلاهما القصيرُ القليلُ وقيل هو القصِيرُ فقط من غير أَن يُقَيَّدَ بالقِلَّةِ وقيل هو القصير المُلَزَّزُ وأَنشد
وصاحِبٍ لي صَمْعَرِيٍّ جَحْنَبِ ... كاللَّيْثِ خِنَّابٍ أَشمَّ صَقْعَبِ
النضر الجَحْنَبُ القِدْرُ العظيمةُ وأَنشد
ما زالَ بالهِياطِ والمِياطِ ... حتى أَتَوْأ بِجَحْنَبٍ قُساطِ ( 1 )
( 1 قوله « قساط » كذا في النسخ وفي التكملة أيضاً مضبوطاً ولكن الذي في التهذيب تساط بتاء المضارعة والقافية مقيدة ولعله المناسب )
وذكر الأَصمعي في الخماسي الجَحَنْبرةَ من النساء القصيرةَ وهو ثلاثي الأَصل ( 2 )
( 2 قوله « وهو ثلاثي إلخ » عبارة أبي منصور الأزهري بعد أن ذكر الحبربرة والحورورة والحولولة قلت وهذه الاحرف الثلاثة ثلاثية الأصل إِلى آخر ما هنا وهي لا غبار عليها وقد ذكر قبلها الجحنبرة في الخماسي ولم يدخلها في هذا القيل فطغا قلم المؤلف جل من لا يسهو ) أُلحق بالخماسي لتكرار بعض حروفه
[ ص 254 ]

جخب
الجَخابةُ مثل السَّحابة الأَحْمَقُ الذي لا خيْرَ فيه وهو أَيضاً الثقيلُ الكثير اللحم يقال إِنه لجَخَابةٌ هِلْباجةٌ

جخدب
الجُخْدُبُ والجُخْدَبُ والجُخادِبُ والجُخادِيُّ كله الضَّخْم الغليظُ من الرِّجال والجِمال والجمع جَخادِبُ بالفتح قال رؤْبة شَدَّاخةً ضَخْمَ الضُّلُوعِ جُخْدَبا قال ابن بري هذا الرجز أَورده الجوهري على أَن الجَخْدَبَ الجمل الضخم وإِنما هو في صفة فرس وقبله
ترَى له مَناكِباً ولَبَبا ... وكاهِلاً ذا صَهَواتٍ شَرْجَبا
الشَّدّاخةُ الذي يَشْدَخُ الأَرضَ والصَّهْوةُ موضع اللِّبد من ظهر الفرس الليث جمل جَخْدَبٌ عظيمُ الجِسْم عَرِيضُ الصَّدْر وهو الجُخادِب والجُخْدُبُ والجُخْدَبُ والجُخادِبُ وأَبو جُخادِبٍ وأَبو جُخادِباءَ وأَبو جُخادِبى مقصور الأَخيرة عن ثعلب كلُّه ضَرْبٌ من الجَنادِبِ والجَرادِ أَخْضَرُ طويلُ الرجلين وهو اسم له معرفة كما يقال للأَسد أَبو الحرِثِ يقال هذا أَبو جُخادِبٍ قد جاءَ وقيل هو ضَخْم أَغْبَرُ أَحْرَشُ قال
إِذا صَنَعَتْ أُمُّ الفُضَيْلِ طَعامَها ... إِذا خُنْفُساءُ ضَخْمةٌ وجُخادِبُ
كذا أَنشده أَبو حنيفة على أَن يكون قوله فُساءُ ضَخْ مَفاعلن وتكلَّف بعضُ مَن جَهِل العَرُوض صَرْفَ خُنْفُساءَ ههنا ليتم به الجُزءُ فقال خُنْفُساءٌ ضَخْمةٌ وأَبو جُخادِبٍ اسم له معرفة كما يقال للأَسد أَبو الحرث تقول هذا أَبو جُخادِبٍ وقال الليث جُخادَى وأَبو جُخادَى ( 1 )
( 1 قوله « وقال الليث جخادى إلخ » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب ولكن الذي في التكملة عن الليث نفسه جخادبى وأبو جخادبى من الجنادب الباء ممالة والاثنان جخادبيان ) من الجَنادِب الياءُ مُمالةٌ والاثنان أَبو جُخادَيَيْنِ لم يَصْرِفوه وهو الجَرادُ الأَخْضَرُ الذي يكسِر الكران ( 2 )
( 2 قوله « يكسر الكران » كذا في بعض نسخ اللسان والذي في بعض نسخ التهذيب يكسر الكيزان وفي نسخة من اللسان يسكن الكران ) وهو الطويل الرجلين ويقال له أَبو جُخادب بالباءِ وقال شمر الجُخْدُبُ والجُخادِبُ الجُنْدَبُ الضَّخْمُ وأَنشد
لَهَبانٌ وَقَدَتْ حِزَّانُه ... يَرْمَضُ الجُخْدُبُ فيه فَيَصِرْ
قال كذا قيده شمر الجُخْدُب ههنا وقال آخر وعانَقَ الظِّلَّ أَبُو جُخادِبِ ابن الأَعرابي أَبو جُخادِبٍ دابّةٌ واسمه الحُمْطُوط والجُخادِباءُ أَيضاً الجُخادِبُ عن السيرافي وأَبو جُخادِباءَ دابة نحو الحِرْباءِ وهو الجُخْدُبُ أَيضاً وجمعه جَخادِبُ ويقال للواحد جُخادِبٌ والجَخْدبةُ السُّرعة واللّه أَعلم

جدب
الجَدْبُ المَحْل نَقِيضُ الخِصْبِ وفي حديث الاسْتِسْقاءِ هَلَكَتِ المَواشِي وأَجْدَبَتِ البِلادُ أَي قَحِطَتْ وغَلَتِ الأَسْعارُ فأَما قول الراجز أَنشده سيبويه [ ص 255 ]
لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا ... في عامِنا ذا بَعدَما أَخْصَبَّا
فإنه أَراد جَدْباً فحرَّكَ الدالَ بحركة الباءِ وحذَف الأَلف على حدِّ قولك رأَيت زَيْدْ في الوقف قال ابن جني القول فيه أَنه ثَقَّلَ الباءَ كما ثَقَّل اللام في عَيْهَلِّ في قوله بِبازِلٍ وَجْناءَ أَوْ عَيْهَلِّ فلم يمكنه ذلك حتى حَرَّك الدال لَمّا كانت ساكنة لا يَقعُ بعدها المُشدَّد ثم أَطْلَقَ كإِطْلاقه عَيْهَلِّ ونحوها ويروى أَيضاً جَدْبَبَّا وذلك أَنه أَراد تثقيل الباء والدالُ قبلها ساكنة فلم يمكنه ذلك وكره أَيضاً تحريك الدال لأَنّ في ذلك انْتِقاضَ الصِّيغة فأَقَرَّها على سكونها وزاد بعد الباءِ باءً أُخرى مُضَعَّفَةً لإِقامة الوزن فإِن قلت فهل تجد في قوله جَدْبَبَّا حُجَّةً للنحويين على أَبي عثمان في امْتناعه مما أَجازوه بينهم من بنائهم مثل فَرَزْدَق من ضَرَبَ ونحوه ضَرَبَّبٌ واحْتِجاجِه في ذلك لأَنه لم يَجِدْ في الكلام ثلاث لامات مُتَرادفةٍ على الاتِّفاق وقد قالوا جَدْبَبَّا كما ترى فجمع الراجز بين ثلاث لامات متفقة فالجواب أَنه لا حجة على أَبي عثمان للنحويين في هذا مِن قِبَل أَن هذا شيءٌ عرَضَ في الوَقْف والوَصْلُ مُزِيلهُ وما كانت هذه حالَه لم يُحْفَلْ به ولم يُتَّخذْ أَصلاً يُقاسُ عليه غيره أَلا ترى إِلى إِجماعهم على أَنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حركة ثم لا يَفْسُد ذلك بقول بعضهم في الوقف هذه أَفْعَوْ وهو الكَلَوْ من حيث كان هذا بدلاً جاءَ به الوَقْفُ وليس ثابتاً في الوصل الذي عليه المُعْتَمَد والعَملُ وإِنما هذه الباءُ المشدّدة في جَدْبَبَّا زائدة للوقف وغيرِ ضَرورة الشعر ومثلها قول جندل جارِيةٌ ليست من الوَخْشَنِّ لا تَلبَس المِنْطَقَ بالمَتْنَنِّ إِلا ببَتٍّ واحدٍ بَتَّنِّ كَأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِّ قُطْنُنَّةٌ من أَجْودِ القُطْنُنِّ فكما زاد هذه النوناتِ ضرورة كذلك زاد الباءَ في جَدبَبَّا ضرورة ولا اعتِداد في الموضعين جميعاً بهذا الحَرْف المُضاعَف قال وعلى هذا أَيضاً عندي ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الراجز لكِنْ رَعَيْنَ القِنْعَ حيث ادْهَمَّما أَراد ادْهَمَّ فزاد ميماً أُخرى قال وقال لي أَبو علي في جَدْبَبَّا إِنه بنى منه فَعْلَلَ مثل قَرْدَدَ ثم زاد الباءَ الأَخيرة كزيادة الميم في الأَضْخَمَّا قال وكما لا حجة على أَبي عثمان في قول الراجز جَدْبَبَّا كذلك لا حجة للنحويين على الأَخفش في قوله إِنه يُبْنَى من ضرب مثل اطْمأَنَّ فتقول اضْرَبَبَّ وقولهم هم اضْرَبَّبَ بسكون اللام الأُولى بقول الراجز حيث ادْهَمَّما بسكون الميم الأُولى لأَنّ له أَن يقول إِن هذا إِنما جاءَ لضرورة القافية فزاد على ادْهَمَّ وقد تراه ساكن الميم الأُولى ميماً ثالثة لإِقامة الوزن وكما لا حجة لهم عليه في هذا كذلك لا حجة له عليهم أَيضاً في قول الآخر
إِنَّ شَكْلي وإِنَّ شَكْلَكِ شَتَّى ... فالْزَمي الخُصَّ واخْفِضي تَبْيَضِضِّي
بتسكين اللام الوسطى لأَن هذا أَيضاً إِنما زاد [ ص 256 ] ضاداً وبنى الفِعل بَنْيةً اقْتضاها الوَزْنُ على أَن قوله تَبْيَضِضِّي أَشْبهُ من قوله ادْهَمَّمَا لأَن مع الفعل في تَبْيَضِضِّي الياء التي هي ضمير الفاعل والضمير الموجود في اللفظ لا يُبنى مع الفعل إِلا والفعل على أَصل بِنائه الذي أُريد به والزيادةُ لا تكاد تَعْتَرِضُ بينهما نحو ضرَبْتُ وقتلْتُ إِلا أَن تكون الزيادة مَصُوغة في نفس المثال غير مُنْفَكَّةٍ في التقدير منه نحو سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ واحْرَنْبَيْتُ وادْلَنْظَيْتُ ومن الزيادة للضرورة قول الآخر باتَ يُقاسِي لَيْلَهُنَّ زَمَّام والفَقْعَسِيُّ حاتِمُ بنُ تَمَّامْ مُسْتَرْعَفاتٍ لِصِلِلَّخْمٍ سامْ يريد لِصِلَّخْمٍ كَعِلَّكْدٍ وهِلَّقْسٍ وشِنَّخْفٍ قال وأَمّا من رواه جِدَبَّا فلا نظر في روايته لأَنه الآن فِعَلٌّ كخِدَبٍّ وهِجَفٍّ قال وجَدُبَ المكان جُدُوبةً وجَدَبَ وأَجْدَبَ ومكانٌ جَدْبٌ وجَدِيبٌ بَيِّن الجُدوبةِ ومَجْدوبٌ كَأَنه على جُدِبَ وإِن لم يُستعمل قال سَلامةُ بن جَنْدل
كُنَّا نَحُلُّ إِذا هَبَّتْ شآمِيةً ... بكلِّ وادٍ حَطيبِ البَطْنِ مَجْدُوبِ
والأَجْدَبُ اسم للمُجْدِب وفي الحديث كانت فيها أَجادِبُ أَمْسَكَتِ الماءَ على أَن أَجادِبَ قد يكون جمعَ أَجْدُب الذي هو جمع جَدْبٍ قال ابن الأَثير في تفسير الحديث الأَجادِبُ صِلابُ الأَرضِ التي تُمْسِك الماءَ فلا تَشْرَبه سريعاً وقيل هي الأَراضي التي لا نَباتَ بها مأْخُوذ من الجَدْبِ وهو القَحْطُ كأَنه جمعُ أَجْدُبٍ وأَجْدُبٌ جمع جَدْبٍ مثل كَلْبٍ وأَكْلُبٍ وأَكالِبَ قال الخطابي أَما أَجادِبُ فهو غلط وتصحيف وكأَنه يريد أَنّ اللفظة أَجارِدُ بالراءِ والدال قال وكذلك ذكره أَهل اللغة والغريب قال وقد روي أَحادِبُ بالحاء المهملة قال ابن الأَثير والذي جاءَ في الرواية أَجادِبُ بالجيم قال وكذلك جاءَ في صحيحَي البخاري ومسلم وأَرض جَدْبٌ وجَدْبةٌ مُجْدِبةٌ والجمع جُدُوبٌ وقد قالوا أَرَضُونَ جَدْبٌ كالواحد فهو على هذا وَصْفٌ بالمصدر وحكى اللحياني أَرضٌ جُدُوب كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منها جَدْباً ثم جمعوه على هذا وفَلاةٌ جَدْباءُ مُجْدِبةٌ قال
أَوْ في فَلاَ قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ ... مُجْدِبةٍ جَدْباءَ عَرْبَسِيسِ
والجَدْبةُ الأَرض التي ليس بها قَلِيلٌ ولا كثير ولا مَرْتَعٌ ولا كَلأٌ وعامٌ جُدُوبٌ وأَرضٌ جُدُوبٌ وفلانٌ جَديبُ الجَنَاب وهو ما حَوْلَه وأَجْدَبَ القَوْمُ أَصابَهُمُ الجَدْبُ وأَجْدَبَتِ السَّنةُ صار فيها جَدْبٌ وأَجْدَبَ أَرْضَ كَذا وجَدَها جَدْبةً وكذلك الرَّجُلُ وأَجْدَبَتِ الأَرضُ فهي مُجْدِبةٌ وجَدُبَتْ وجادَبَتِ الإِبلُ العامَ مُجادَبةً إِذا كان العامُ مَحْلاً فصارَتْ لا تأْكُل إِلا الدَّرينَ الأَسْوَدَ دَرِينَ الثُّمامِ فيقال لها حينئذ جادَبَتْ [ ص 257 ] ونزلنا بفلان فأَجْدَبْناه إِذا لم يَقْرِهمْ والمِجْدابُ الأَرضُ التي لا تَكادُ تُخْصِب كالمِخْصاب وهي التي لا تكاد تُجْدِبُ والجَدْبُ العَيْبُ وجَدَبَ الشَّيءَ يَجْدِبهُ جَدْباً عابَه وذَمَّه وفي الحديث جَدَب لنا عُمَرُ السَّمَر بعد عَتَمةٍ أَي عابَه وذَمَّه وكلُّ عائِبٍ فهو جادِبٌ قال ذو الرمة
فَيا لَكَ مِنْ خَدٍّ أَسِيلٍ ومَنْطِقٍ ... رَخِيمٍ ومِنْ خَلْقٍ تَعَلَّلَ جادِبُه
يقول لا يَجِدُ فيه مَقالاً ولا يَجِدُ فيه عَيْباً يَعِيبه به فيَتَعَلَّلُ بالباطلِ وبالشيءِ يقولُه وليس بِعَيْبٍ والجادِبُ الكاذِبُ قال صاحب العين وليس له فِعْلٌ وهو تصحيف والكاذبُ يقال له الخادب بالخاءِ أَبو زيد شَرَجَ وبَشَكَ وخَدَبَ إِذا كَذَبَ وأَما الجادب بالجيم فالعائب والجُنْدَبُ الذَّكر من الجَراد قال والجُنْدُبُ والجُنْدَبُ أَصْغَرُ من الصَّدى يكون في البَرارِي وإِيَّاه عَنى ذو الرمة بقوله
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ ... إِذا تَجَاوبَ من بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وحكى سيبويه في الثلاثي جِنْدَب ( 1 )
( 1 قوله « في الثلاثي جندب » هو بهذا الضبط في نسخة عتيقة من المحكم ) وفسره السيرافي بأَنه الجُنْدب وقال العَدَبَّسُ الصَّدَى هو الطائرُ الذي يَصِرُّ بالليل ويَقْفِزُ ويَطِيرُ والناس يرونه الجُنْدَبَ وإِنما هو الصَّدى فأَمَّا الجُنْدب فهو أَصغر من الصدى قال الأَزهري والعرب تقول صَرَّ الجُنْدَبُ يُضرب مثلاً للأَمر يشتدّ حتى يُقْلِقَ صاحِبَه والأَصل فيه أَن الجُنْدبَ إِذا رَمِضَ في شدّة الحر لم يَقِرَّ على الأرض وطار فَتَسْمَع لرجليه صَرِيراً ومنه قول الشاعر
قَطَعْتُ إِذا سَمِعَ السَّامِعُون ... مِن الجُنْدبِ الجَوْنِ فيها صَريرا
وقيل الجُندب الصغير من الجَراد قال الشاعر
يُغالِينَ فيه الجَزْءَ لَولا هَواجِرٌ ... جَنادِبُها صَرْعَى لَهُنّ فَصِيصُ ( 2 )
( 2 قوله « يغالين » في التكملة يعني الحمير يقول ان هذه الحمير تبلغ الغاية في هذا الرطب أي بالضم والسكون فتستقصيه كما يبلغ الرامي غايته والجزء الرطب ويروى كصيص )
أَي صَوتٌ اللحياني الجُنْدَبُ دابَّة ولم يُحَلِّها ( 3 )
( 3 أراد أنه لم يُعطها حليةً تميّزها والحلية هي ما يرى من لون الشخص وظاهرهِ وهيئتهِ ) والجُنْدَبُ والجُنْدُبُ بفتح الدال وضمها ضَرْبٌ من الجَراد واسم رجل قال سيبويه نونها زائدة وقال عكرمة في قوله تعالى فأَرْسَلْنا عليهِمُ الطُّوفانَ والجَرادَ والقُمَّلَ
القُمَّلُ الجَنادِبُ وهي الصِّغار من الجَراد واحِدتُها قُمَّلةٌ وقال يجوز أَن يكون واحد القُمَّلِ قامِلاً مثل راجِعٍ ورُجَّعٍ وفي الحديث فَجَعَلَ الجَنادِبُ يَقَعْنَ فيه هو جَمعُ جُنْدَب وهو ضَرْبٌ مِن الجَراد وقيل هو الذي يَصِرُّ في الحَرِّ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه كان يُصَلي الظُّهرَ والجَنادِبُ تَنْقُزُ من الرَّمْضاءِ أَي تَثِبُ وأُمُّ جُنْدَبٍ الداهِيةُ وقيل الغَدْرُ وقيل [ ص 258 ] الظُّلم وركِبَ فُلان أُمَّ جُنْدَبٍ إِذا رَكِبَ الظُّلْمَ يقال وقع القوم في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا ظُلِموا كأَنها اسمٌ من أَسماءِ الإِساءة والظُّلْمِ والداهِيةِ غيره يقال وقع فلان في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا وقَع في داهيةٍ ويقال وَقَع القوم بأُم جندب إِذا ظَلَموا وقَتَلُوا غيرَ قاتِلٍ وقال الشاعر
قَتَلْنا به القَوْمَ الذين اصْطَلَوْا به ... جِهاراً ولم نَظْلِمْ به أُمَّ جُنْدَبِ
أَي لم نَقْتُلْ غير القاتِلِ

جذب
الجَذْبُ مَدُّكَ الشيءَ والجَبْذُ لغة تميم المحكم الجَذْبُ المَدُّ جَذَبَ الشيءَ يَجْذِبُه جَذْباً وجَبَذَه على القلب واجْتَذَبَه مَدَّه وقد يكون ذلك في العَرْضِ سيبويه جَذَبَه حَوَّلَه عن موضِعه واجْتَذَبَه اسْتَلَبَه وقال ثعلب قال مُطَرِّفٌ قال ابن سيده وأُراه يعني مُطَرِّفَ بن الشِّخِّيرِ وجدتُ الإِنسان مُلْقىً بين اللّهِ وبين الشيطانِ فإِن لم يَجْتَذِبْهُ إِلَيْه جَذَبَه الشيطانُ وجاذَبَه كَجَذبه وقوله
ذَكَرْتُ والأَهْواءُ تَدْعُو للْهَوَى ... والعِيسُ بالرَّكْب يُجاذِبْنَ البُرَى
قال يكون يُجاذِبْن ههنا في معنى يَجْذِبْنَ وقد يكون للمُباراة والمُنازعة فكأَنه يُجاذِبْنَهُنَّ البُرى وجاذَبْتُه الشيءَ نازَعْتُه إِياه والتَجاذُبُ التَّنازُعُ وقد انْجَذَبَ وتَجاذَبَ وجَذَبَ فلان حَبْلَ وِصالِه وجَذَمَه إِذا قَطَعَه ويقال للرجل إِذا كَرَعَ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْن جَذَب منه نَفَساً أَو نَفَسَيْن ابن شميل بَيْنَنا وبين بني فلان نَبْذةٌ وجَذْبةٌ أَي هُمْ منَّا قَرِيبٌ ويقال بَيْني وبين المَنْزِلِ جَذْبةٌ أَي قِطْعةٌ يعني بُعْدٌ ويقال جَذْبةٌ من غَزْل للمَجْذوب منه مرَّةً وجَذَب الشهرُ يَجْذِبُ جَذباً إِذا مَضَى عامَّتُه وجَذابِ المَنِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ لأَنها تَجْذِبُ النُّفُوسَ وجاذَبَتِ المرأَةُ الرجلَ خَطَبَها فرَدَّتْه كأَنه بانَ منها مَغْلُوباً التهذيب وإِذا خَطَبَ الرجلُ امرأَةً فرَدَّتْه قيل جَذَبَتْه وجَبَذَتْه قال وكأَنه من قولك جاذَبْتُه فَجَذبْتُه أَي غَلَبْتُه فبان منها مَغْلُوباً والانْجِذابُ سُرْعةُ السَّيْرِ وقد انْجَذَبُوا في السَّيْر وانْجَذَب بهم السَّيْر وسَيْرٌ جَذْبٌ سَرِيعٌ قال قَطَعْتُ أَخْشاهُ بِسَيْرٍ جَذْب أَخْشاهُ في موضع الحال أَي خاشِياً له وقد يجوز أَن يريد أَخْشاه أَخْوَفَه يعني أَشدَّه إِخافةً فعلى هذا ليس له فِعْلٌ والجَذْبُ انْقِطاعُ الرِّيقِ وناقةٌ جاذِبةٌ وجاذِبٌ وجَذُوبٌ جَذَبَتْ لبَنَها من ضَرْعِها فذهَب صاعِداً وكذلك الأَتانُ والجمع جَواذِبُ وجِذابٌ مثل نائم ونِيام [ ص 259 ] قال الهذلي
بطَعْنٍ كرَمْحِ الشَّوْلِ أَمْسَتْ غَوارِزاً ... جَواذِبُها تَأْبى على المُتَغَبِّرِ
ويقال للناقة إِذا غَرَزَتْ وذهب لبنُها قد جَذَبَتْ تَجْذِبُ جِذاباً ( 1 )
( 1 قوله « جذاباً » هو في غير نسخة من المحكم بألف بعد الذال كما ترى ) فهي جاذِبٌ اللحياني ناقة جاذِبٌ إِذا جَرَّتْ فزادتْ على وقت مَضْرِبها النضر تَجذَّبَ اللبنَ إِذا شَرِبَه قال العُدَيْل
دَعَتْ بالجِمالِ البُزْلِ للظَّعْنِ بَعْدَما ... تَجَذَّبَ راعي الإِبْلِ ما قد تَحَلَّبا
وجَذَبَ الشاةَ والفَصِيلَ عن أَُمهما يَجْذِبُهما جَذْباً قطَعهما عن الرَّضاعِ وكذلك المُهْرَ فَطَمَه قال أَبو النجم يصِف فَرساً
ثم جَذَبْناه فِطاماً نَفْصِلُهْ ... نَفْرَعُه فَرْعاً ولَسْنا نَعْتِلُهْ
أَي نَفْرَعُه باللجام ونَقْدَعُه ونَعْتِلُه أَي نَجْذِبهُ جَذْباً عَنِيفاً وقال اللحياني جَذَبَتِ الأُمُّ ولدَها تَجْذِبُه فطَمَتْه ولم يَخُصَّ من أَي نوعٍ هو التهذيب يقال للصبيّ أَو السَّخْلةِ إِذا فُصِلَ قد جُذِبَ والجَذَبُ الشَّحْمةُ التي تكون في رأْس النَّخْلة يُكْشَطُ عنها اللِّيفُ فتؤكل كأَنها جُذِبَتْ عن النخلة وجَذَبَ النخلةَ يَجْذِبُها جَذْباً قَطَعَ جَذَبَها ليأْكله هذه عن أَبي حنيفة والجَذَبُ والجِذابُ جميعاً جُمَّارُ النخلةِ الذي فيه خُشونةٌ واحدتها جَذَبةٌ وعمّ به أَبو حنيفة فقال الجَذَبُ الجُمَّارُ ولم يزد شيئاً وفي الحديث كان رسولُ اللّه صلة اللّه عليه وسلم يُحِبُّ الجَذَبَ وهو بالتحريك الجُمَّارُ والجُوذابُ طَعامٌ يُصْنَعُ بسُكَّرٍ وأَرُزٍّ ولَحْمٍ أَبو عمرو يقال ما أَغْنى عَنِّي جِذِبَّاناً وهو زِمامُ النَّعْلِ ولا ضِمْناً وهو الشَّسْعُ

جرب
الجَرَبُ معروف بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ جَرِبَ يَجْرَبُ جَرَباً فهو جَرِبٌ وجَرْبان وأَجْرَبُ والأُنثى جَرْباءُ والجمع جُرْبٌ وجَرْبى وجِرابٌ وقيل الجِرابُ جمع الجُرْبِ قاله الجوهري وقال ابن بري ليس بصحيح إِنما جِرابٌ وجُرْبٌ جمع أَجْرَبَ قال سُوَيد بن الصَّلْت وقيل لعُميِّر بن خَبَّاب قال ابن بري وهو الأَصح
وفِينا وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضاغُنٌ ... كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّشْرِ
يقول ظاهرُنا عند الصُّلْح حَسَنٌ وقلوبنا مُتضاغِنةٌ كما تنبُتُ أَوْبارُ الجَرْبى على النَّشْر وتحته داء في أَجْوافِها والنَّشْرُ نبت يَخْضَرُّ بعد يُبْسه في دُبُر الصيف وذلك لمطر يُصيِبه وهو مُؤْذٍ للماشية إِذا رَعَتْه وقالوا في جمعه أَجارِب أَيضاً ضارَعُوا به الأَسْماءَ كأَجادِلَ وأَنامِلَ وأَجْرَبَ القومُ جَرِبَتْ إِبلُهم وقولهم في الدعاءِ على الإِنسان ما لَه جَرِبَ وحَرِبَ يجوز أَن يكونوا دَعَوْا عليه بالجَرَب وأَن يكونوا أَرادوا أَجْرَبَ أَي جَرِبَتْ إِبلُه فقالوا حَرِبَ إِتْباعاً [ ص 260 ] لجَرِبَ وهم قد يوجبون للإِتباع حُكْماً لا يكون قبله ويجوز أَن يكونوا أَرادوا جَرِبَتْ إِبلُه فحذَفوا الإِبل وأَقامُوه مُقامَها والجَرَبُ كالصَّدإِ مقصور يَعْلُو باطن الجَفْن ورُبَّما أَلبَسَه كلَّه وربما رَكِبَ بعضَه والجَرْباءُ السماءُ سُمِّيت بذلك لما فيها من الكَواكِب وقيل سميت بذلك لموضع المَجَرَّةِ كأَنها جَرِبَتْ بالنُّجوم قال الفارسي كما قيل للبَحْر أَجْرَدُ وكما سموا السماءَ أَيضاً رَقيعاً لأَنها مَرقوعةٌ بالنجوم قال أُسامة بن حبيب الهذلي
أَرَتْه مِنَ الجَرْباءِ في كلِّ مَوْقِفٍ ... طِباباً فَمَثْواهُ النَّهارَ المَراكِدُ
وقيل الجَرْباءُ من السماء الناحيةُ التي لا يَدُور فيها فلَكُ ( 1 )
( 1 قوله « لا يدور فيها فلك » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في المحكم وتبعه المجد يدور بدون لا ) الشَّمْسِ والقمر أَبو الهيثم الجَرْباءُ والمَلْساءُ السماءُ الدُّنيا وجِرْبةُ مَعْرِفةً اسمٌ للسماءِ أَراه من ذلك وأَرضٌ جَرْباءُ ممْحِلةٌ مَقْحُوطةً لا شيءَ فيها ابن الأَعرابي الجَرْباءُ الجاريةُ الملِيحة سُميت جَرْباءَ لأَن النساءَ يَنْفِرْنَ عنها لتَقْبِيحها بَمحاسنِها مَحاسِنَهُنَّ وكان لعَقيلِ بن عُلَّفَةَ المُرّي بنت يقال لها الجَرْباءُ وكانت من أَحسن النساءِ والجَرِيبُ من الطعام والأَرضِ مِقْدار معلوم الأَزهري الجَريبُ من الأَرضِ مقدار معلومُ الذِّراع والمِساحةِ وهو عَشَرةُ أَقْفِزةٍ كل قَفِيز منها عَشَرةٌ أَعْشِراء فالعَشِيرُ جُزءٌ من مائة جُزْءٍ من الجَرِيبِ وقيل الجَريبُ من الأَرض نصف الفِنْجانِ ( 2 )
( 2 قوله « نصف الفنجان » كذا في التهذيب مضبوطاً ) ويقال أَقْطَعَ الوالي فلاناً جَرِيباً من الأَرض أَي مَبْزَرَ جريب وهو مكيلة معروفة وكذلك أَعطاه صاعاً من حَرَّة الوادِي أَي مَبْزَرَ صاعٍ وأَعطاه قَفِيزاً أَي مَبْزَرَ قَفِيزٍ قال والجَرِيبُ مِكْيالٌ قَدْرُ أَربعةِ أَقْفِزةٍ والجَرِيبُ قَدْرُ ما يُزْرَعُ فيه من الأَرض قال ابن دريد لا أَحْسَبُه عَرَبِيّاً والجمعُ أَجْرِبةٌ وجُرْبانٌ وقيل الجَرِيبُ المَزْرَعَةُ عن كُراعٍ والجِرْبةُ بالكسر المَزْرَعَةُ قال بشر بن أَبي خازم
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ ... على جِرْبةٍ تَعْلُو الدِّبارَ غُروبُها
الدَبْرةُ الكَرْدةُ من المَزْرعةِ والجمع الدِّبارُ والجِرْبةُ القَراحُ من الأَرض قال أَبو حنيفة واسْتَعارها امرؤُ القيس للنَّخْل فقال كَجِرْبةِ نَخْلٍ أَو كَجنَّةِ يَثْرِبِ وقال مرة الجِرْبةُ كلُّ أَرضٍ أُصْلِحَتْ لزرع أَو غَرْسٍ ولم يذكر الاستعارةَ قال والجمع جِرْبٌ كسِدْرةٍ وسِدْرٍ وتِبْنةٍ وتِبْنٍ ابن الأَعرابي الجِرْبُ القَراحُ وجمعه جِربَةٌ الليث الجَرِيبُ الوادي وجمعه أَجْرِبةٌ والجِرْبةُ البُقْعَةُ الحَسَنةُ النباتِ وجمعها جِرَبٌ وقول الشاعر
وما شاكِرٌ إِلا عصافِيرُ جِرْبةٍ ... يَقُومُ إِليها شارِجٌ فيُطِيرُها
يجوز أَن تكون الجِرْبةُ ههنا أَحد هذه الاشياءِ [ ص 261 ] المذكورة والجِرْبةُ جِلْدةٌ أَوبارِيةٌ تُوضَعُ على شَفِير البِئْر لئلا يَنْتَثِر الماءُ في البئر وقيل الجِرْبةُ جِلدةٌ توضع في الجَدْوَلِ يَتَحَدَّرُ عليها الماءُ والجِرابُ الوِعاءُ مَعْرُوف وقيل هو المِزْوَدُ والعامة تفتحه فتقول الجَرابُ والجمع أَجْرِبةٌ وجُرُبٌ وجُرْبٌ غيره والجِرابُ وِعاءٌ من إِهاب الشَّاءِ لا يُوعَى فيه إِلا يابسٌ وجِرابُ البئر اتِّساعُها وقيل جِرابُها ما بين جالَيْها وحَوالَيْها وفي الصحاح جَوْفُها من أَعْلاها إِلى أَسْفَلِها ويقال اطْوِ جِرابَها بالحجارة الليث جِرابُ البئر جَوْفُها من أَوَّلها إِلى آخرها والجِرابُ وِعاءُ الخُصْيَتَيْنِ وجِرِبَّانُ الدِّرْعِ والقميصِ جَيْبُه وقد يقال بالضم وهو بالفارسية كَرِيبان وجِرِبَّانُ القَمِيص لَبِنَتُهُ فارسي معرب وفي حديث قُرَّةً المزني أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فَأَدخلت يدي في جُرُبَّانه الجُرُبَّانُ بالضم هو جَيْبُ القميص والأَلف والنون زائدتان الفرَّاءُ جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدُه وعلى لفظه جُرُبَّانُ القمِيص شمر عن ابن الأَعرابي الجُرُبَّانُ قِرابُ السيفِ الضَّخمُ يكون فيه أَداةُ الرَّجل وسَوْطُه وما يَحْتاجُ إِليه وفي الحديث والسَّيْفُ في جُرُبَّانه أَي في غِمْده غيره جُرُبَّانُ السَّيْفِ بالضم والتشديد قِرابُه وقيل حَدُّه وقيل جُرْبانُه وجُرُبَّانُه شيءٌ مَخْرُوزٌ يُجعَلُ فيه السَّيْفُ وغِمْدُه وحَمائلُه قال الرَّاعي
وعلى الشَّمائلِ أَنْ يُهاجَ بِنا ... جُرْبانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ عَضْبِ
عنَى إِرادة أَن يُهاجَ بِنا ومَرْأَة جِرِبَّانةٌ صَخَّابةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ كجِلِبّانةٍ عن ثعلب قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ الهِلالي
جِرِبَّانةٌ وَرْهاءُ تَخْصِي حِمارَها ... بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال الفارسي هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس يقول قَوْم مكان تَخْصي حِمارَها تُخْطِي خِمارَها يظنونه من قولهم العَوانُ لا تُعَلَّمُ الخِمْرةَ وإِنما يَصِفُها بقلَّة الحَياء قال ابن الأعرابي يقال جاءَ كَخاصي العَيْرِ إِذا وُصِفَ بقلة الحياءِ فعلى هذا لا يجوز في البيت غيْرُ تَخْصِي حِمارَها ويروى جِلِبَّانةٌ وليست راء جِرِبَّانةٍ بدلاً من لام جِلِبَّانةٍ إِنما هي لغة وهي مذكورة في موضعها ابن الأَعرابي الجَرَبُ العَيْبُ غيره الجَرَبُ الصَّدَأُ يركب السيف وجَرَّبَ الرَّجلَ تَجْرِبةً اخْتَبَرَه والتَّجْرِبةُ مِن المَصادِرِ المَجْمُوعةِ قال النابغة إِلى اليَوْمِ قد جُرِّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ وقال الأَعشى
كَمْ جَرَّبُوه فَما زادَتْ تَجارِبُهُمْ ... أَبا قُدامَةَ إِلاَّ المَجْدَ والفَنَعا
فإِنه مَصْدر مَجْمُوع مُعْمَل في المَفْعول به وهو غريب قال ابن جني وقد يجوز أَن يكون أَبا قُدامةَ منصوباً بزادَتْ أَي فما زادت أَبا قُدامةَ تَجارِبُهم إِياه إِلا المَجْدَ قال والوجه أَنْ يَنْصِبه بِتَجارِبُهم لأَنها العامل الأَقرب ولأنه لو أَراد [ ص 262 ] إِعمال الأَول لكان حَرًى أَن يُعْمِلَ الثاني أَيضاً فيقول فما زادت تَجارِبُهم إِياه أَبا قُدامةَ إِلا كذا كما تقول ضَرَبْتُ فأَوْجَعْته زيداً ويَضْعُفُ ضَرَبْتُ فأَوجَعْتُ زيداً على إِعمال الأَول وذلك أَنك إِذا كنت تُعْمِلُ الأَوَّل على بُعْدِه وَجَبَ إِعمال الثاني أَيضاً لقُرْبه لأَنه لا يكون الأَبعدُ أَقوى حالاً من الأَقرب فإِن قلت أَكْتَفِي بمفعول العامل الأَول من مفعول العامل الثاني قيل لك فإِذا كنت مُكْتَفِياً مُخْتَصِراً فاكتِفاؤُك بإِعمال الثاني الأَقرب أَولى من اكتِفائك بإِعمال الأَوّل الأَبعد وليس لك في هذا ما لَكَ في الفاعل لأَنك تقول لا أُضْمِر على غَير تقدّمِ ذكرٍ إِلا مُسْتَكْرَهاً فتُعْمِل الأَوّل فتقول قامَ وقَعدا أَخَواكَ فأَما المفعول فمنه بُدٌّ فلا ينبغي أَن يُتباعَد بالعمل إِليه ويُترك ما هو أَقربُ إِلى المعمول فيه منه ورجل مُجَرَّب قد بُليَ ما عنده ومُجَرِّبٌ قد عَرفَ الأُمورَ وجَرَّبها فهو بالفتح مُضَرَّس قد جَرَّبتْه الأُمورُ وأَحْكَمَتْه والمُجَرَّبُ مثل المُجَرَّس والمُضَرَّسُ الذي قد جَرَّسَتْه الأُمور وأَحكمته فإِن كسرت الراءَ جعلته فاعلاً إِلا أَن العرب تكلمت به بالفتح التهذيب المُجَرَّب الذي قد جُرِّبَ في الأُمور وعُرِفَ ما عنده أَبو زيد من أَمثالهم أَنت على المُجَرَّب قالته امرأَة لرجُل سأَلَها بعدما قَعَدَ بين رِجْلَيْها أَعذْراءُ أَنتِ أَم ثَيِّبٌ ؟ قالت له أَنت على المُجَرَّبِ يقال عند جَوابِ السائل عما أَشْفَى على عِلْمِه
ودَراهِمُ مُجَرَّبةٌ مَوْزُونةٌ عن كراع وقالت عَجُوز في رجل كان بينَها وبينه خُصومةٌ فبلَغها مَوْتُه
سَأَجْعَلُ للموتِ الذي التَفَّ رُوحَه ... وأَصْبَحَ في لَحْدٍ بجُدَّة ثَاوِيا
ثَلاثِينَ دِيناراً وسِتِّينَ دِرْهَماً ... مُجَرَّبةً نَقْداً ثِقالاً صَوافِيا
والجَرَبَّةُ بالفتح وتشديد الباءِ جَماعة الحُمُر وقيل هي الغِلاظُ الشِّداد منها وقد يقال للأَقْوِياءِ من الناس إِذا كانوا جَماعةً مُتساوِينَ جَرَبَّةٌ قال
جَرَبَّةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ ... لا ضَرَعٌ فينا ولا مُذَكِّي
يقول نحن جماعة مُتساوُون وليس فينا صغير ولا مُسِنٌّ والأَبَكُّ موضع والجَرَبَّةُ من أَهْلِ الحاجةِ يكونون مُسْتَوِينَ ابن بُزُرْج الجَرَبَّةُ الصَّلامةُ من الرجال الذين لا سَعْيَ لهم ( 1 )
( 1 قوله « لا سعي لهم » في نسخة التهذيب لا نساء لهم ) وهم مع أُمهم قال الطرماح
وحَيٍّ كِرامٍ قد هَنأْنا جَرَبَّةٍ ... ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قال جَرَبَّةٌ صِغارهُم وكِبارُهم يقول عَمَّمْناهم ولم نَخُصَّ كِبارَهم دون صِغارِهم أَبو عمرو الجَرَبُّ من الرِّجال القَصِيرُ الخَبُّ وأَنشد
إِنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبَّا ... تَحْسِبُه وهو مُخَنْذٍ ضَبَّا
وعيالٌ جَرَبَّةٌ يأْكُلُون أَكلاً شديداً ولا يَنْفَعُون والجَرَبَّةُ والجَرَنْبة الكَثيرُ يقال عليه عِيالٌ جَرَبَّةٌ مثَّل به سيبويه وفسره السِّيرافي وإِنما قالوا جَرَنْبة كَراهِية التَّضعِيف والجِرْبِياءُ [ ص 263 ] على فِعْلِياء بالكسر والمَدّ الرِّيحُ التي تَهُبُّ بين الجَنُوبِ والصَّبا وقيل هي الشَّمالُ وإِنما جِرْبياؤُها بَرْدُها والجِرْبِياءُ شَمالٌ بارِدةٌ وقيل هي النَّكْباءُ التي تجري بين الشَّمال والدَّبُور وهي ريح تَقْشَعُ السحاب قال ابن أَحمر
بِهَجْلٍ من قَساً ذَفِرِ الخُزامى ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
ورماه بالجَرِيب أَي الحَصَى الذي فيه التراب قال وأُراه مشتقاً من الجِرْبِياءِ وقيل لابنة الخُسِّ ما أَشدُّ البَرْدِ ؟ فقالت شَمالٌ جِرْبياءُ تحتَ غِبِّ سَماءٍ والأَجْرَبانِ بَطْنانِ من العرب
والأَجْربانِ بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانَ قال العباسُ بن مِرْداسٍ
وفي عِضادَتِه اليُمْنَى بَنُو أسَدٍ ... والأَجْرَبانِ بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانِ
قال ابن بري صوابه وذُبيانُ بالرفع معطوف على قوله بنو عبس والقصيدة كلها مرفوعة ومنها
إِنّي إِخالُ رَسُولَ اللّهِ صَبَّحَكُم ... جَيْشاً له في فَضاءِ الأَرضِ أَرْكانُ
فيهم أَخُوكُمْ سُلَيمٌ ليس تارِكَكُم ... والمُسْلِمُون عِبادُ اللّهِ غسَّانُ
والأَجارِبُ حَيٌّ من بني سَعْدٍ والجَريبُ موضع بنَجْدٍ وجُرَيْبةُ بن الأَشْيَمِ من شُعرائهم وجُرابٌ بضم الجيم وتخفيف الراءِ اسم ماء معروف بمكة وقيل بئر قديمة كانت بمكة شرَّفها اللّه تعالى وأَجْرَبُ موضع والجَوْرَبُ لِفافةُ الرِّجْل مُعَرَّب وهو بالفارسية كَوْرَبٌ والجمع جَواربةٌ زادوا الهاءَ لمكان العجمة ونظيره من العربية القَشاعِمة وقد قالوا الجَوارِب كما قالوا في جمع الكَيْلَجِ الكَيالِج ونظيره من العربية الكَواكب واستعمل ابن السكيت منه فعْلاً فقال يصف مقتنص الظباء وقد تَجَوْرَبَ جَوْرَبَيْنِ يعني لبسهما وجَوْرَبْته فتَجَوْرَبَ أَي أَلْبَسْتُه الجَوْرَبَ فَلَبِسَه والجَريبُ وادٍ معروفٌ في بلاد قَيْسٍ وَحَرَّةُ النارِ بحِذائه وفي حديث الحوض عَرْضُ ما بينَ جَنْبَيْه كما بينَ جَرْبى ( 1 )
( 1 قوله « جربى » بالقصر قال ياقوت في معجمه وقد يمد ) وأَذْرُح هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال وكتَب لهما النبي صلى اللّه عليه وسلم أَماناً فأَما جَرْبةُ بالهاءِ فقرية بالمَغْرب لها ذكر في حديث رُوَيْفِع ابن ثابت رضي اللّه عنه قال عبداللّه بن مكرم رُوَيْفِعُ بن ثابت هذا هو جَدُّنا الأَعلى من الأَنصار كما رأَيته بخط جدّي نَجِيبِ الدِّين ( 2 )
( 2 قوله « بخط جدي إلخ » لم نقف على خط المؤلف ولا على خط جدّه والذي وقفنا عليه من النسخ هو ما ترى ) والدِ المُكَرَّم أَبي الحسن علي بن أَحمد بن أَبي القاسم بن حَبْقةَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جرب الجَرَبُ معروف بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ بن محمد بن منظور بن مُعافى بن خِمِّير بن ريام بن سلطان بن كامل بن قُرة بن كامل بن سِرْحان بن جابر بن رِفاعة بن جابر بن رويفع بن ثابت هذا الذي نُسِب هذا الحديثُ إِليه وقد ذكره أَبو عُمَر بن عبدالبر رحمه اللّه في كتاب الاسْتيعاب في معرفة الصحابة رضي اللّه [ ص 264 ] عنهم فقال رويفع بن ثابت بن سَكَن بن عديّ بن حارثة الأَنصاري من بني مالك بن النجار سكن مصر واخْتَطَّ بها داراً وكان معاوية رضي اللّه عنه قد أَمَّره على طرابُلُس سنة ست وأَربعين فغزا من طرابلس افريقية سنة سبع وأَربعين ودخلها وانصرف من عامه فيقال مات بالشام ويقال مات ببَرْقةَ وقبره بها وروى عنه حَنَش بن عبداللّه الصَّنْعاني وشَيْبانُ بن أُمَيَّة القِتْباني رضي اللّه عنهم أَجمعين قال ونعود إِلى تتِمَّةِ نَسَبِنا من عديّ بن حارثةَ فنقول هو عديُّ بن حارثةَ بن عَمْرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجار واسم النجار تَيْمُ اللّه قال الزبير كانوا تَيْمَ اللاتِ فسماهم النبي صلى اللّه عليه وسلم تَيْمَ اللّهِ ابن ثَعْلَبَةَ بن عمرو بن الخَزْرج وهو أَخو الأَوْس وإِليهما نسب الأَنصار وأُمهما قَيْلةُ بنت كاهِل بن عُذْرةَ بن سعيد بن زيدِ بن لَيْث بن سُود بن أَسْلَمِ بنِ الحافِ بن قُضاعةَ ونعود إِلى بقية النسب المبارك الخَزْرَجُ بن حارثةَ ابن ثَعْلَبَة البُهْلُول بن عَمرو مُزَيْقِياء بن عامرٍ ماءِ السماءِ بن حارثةَ الغِطْريف بن امرئِ القَيْسِ البِطْريق بن ثَعْلبة العَنقاءِ بن مازِنٍ زادِ الرَّكْب وهو جِماعُ غَسَّانَ بن الأَزْدِ وهو دُرُّ بن الغَوْث بن نَبْتِ بن مالك بن زَيْدِ بن كَهْلانَ بن سبَأ واسمه عامرُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ واسمه يَقْطُن وإِليه تُنسب اليمن ومن ههنا اختلف النسابون فالذي ذكره ابن الكلبي أَنه قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نَبْت ابن اسمعيل بن إِبراهيم الخليل ( 1 )
( 1 قوله « فالذي ذكره إلخ » كذا في النسخ وبمراجعة بداية القدماء وكامل ابن الأثير وغيرهما من كتب التاريخ تعلم الصواب ) عليه الصلاة والسلام قال ابن حزم وهذه النسبة الحقيقية لأَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لقوم من خُزاعةَ وقيل من الأَنصار ورآهم يَنْتَضِلُون ارْمُوا بَنِي اسمعيل فإِن أَباكم كان رامياً وابراهيمُ صلوات اللّه عليه هو ابراهيمُ بن آزَرَ بن ناحور بن سارُوغ بن القاسم الذي قسم الأَرض بين أَهلها ابن عابَرَ بن شالحَ ابن أَرْفَخْشَذ ابن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام ابن ملكان بن مثوب بن إِدريس عليه السلام ابن الرائد بن مهلاييل بن قينان بن الطاهر ابن هبة اللّه وهو شيث بن آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام

جرجب
الجُرْجُبُّ والجُرْجُبانُ الجَوْفُ يقال ملأ جَرَاجِبَه وجَرْجَبَ الطعامَ وجَرْجَمه أَكله الأَخيرة على البدل والجَراجِبُ العِظامُ من الإِبل قال الشاعر يَدْعُو جَراجِيبَ مُصَوَّياتِ وبَكَراتٍ كالمُعَنَّساتِ لَقِحْنَ للقِنْيةِ شاتِياتِ

جردب
جَرْدَب على الطعام وضع يده عليه يكون بينَ يَدَيْه على الخِوانِ لئلا يَتَناوَلَه غيره وقال يعقوب جَرْدَبَ في الطعام وجَرْدَمَ وهو أَن يَسْتُر ما بين يدَيْه من الطعام بِشماله لئلا يَتناولَه غيرُه ورجل جَرْدَبانُ وجُرْدُبانُ مُجَرْدِبٌ وكذلك اليَدُ قال
إِذا ما كنتَ في قوم شَهاوَى ... فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ جَرْدَبانا
[ ص 265 ] وقال بعضهم جُرْدُبانا وقيل جَرْدَبانُ بالدال المهملة أَصله كَرْدَهْ بانْ أَي حافِظُ الرَّغِيفِ وهو الذي يَضَعُ شِمالَه على شيءٍ يكون على الخِوان كي لا يَتناولَه غيرُه وقال ابن الأَعرابي الجَرْدَبانُ الذي يأْكل بيمينه ويمنع بشماله قال وهو معنى قول الشاعر
وكنتَ إِذا أَنْعَمْتَ في الناسِ نِعْمةً ... سَطَوْتَ عليها قابضاً بشِمالِكا
وجَرْدَبَ على الطعام أَكلَه شمر هو يُجَرْدِبُ ويُجَرْدِمُ ما في الإِناءِ أَي يأْكله ويُفْنِيه وقال الغَنَوِيُّ فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ جَرْدَبِيلا قال معناه أَن يأْخذ الكِسرة بيده اليُسرى ويأْكل بيده اليمنى فإِذا فَنِيَ ما بين أَيدي القوم أَكَلَ ما في يده اليسرى ويقال رجُل جَرْدَبِيلٌ إِذا فعَل ذلك ابن الأَعرابي الجِرْدابُ وسَطُ البحر

جرسب
الأَصمعي الجَرْسَبُ الطويل

جرشب
جَرْشَبَتِ المرأَةُ بلغت أَربعين أَو خمسين إِلى أَن تموت
وامرأَة جَرْشَبِيَّةٌ قال
إِنَّ غُلاماً غَرَّه جَرْشَبِيَّةٌ ... على بُضْعِها مِنْ نَفْسِه لَضَعِيفُ
مُطَلَّقةً أَو ماتَ عنها حَلِيلُها ... يَظَلُّ لِنابَيْها عليه صَريفُ
ابن شميل جَرْشَبَتِ المرأَةُ إِذا ولَّتْ وهَرِمَتْ وامرأَةٌ جَرْشَبِيَّةٌ وجَرْشَبَ الرجل هُزِلَ أَو مَرِضَ ثم انْدَمَلَ وكذلك جَرْشَمَ ابن الأَعرابي الجُرْشُبُ القصيرُ السمينُ

جرعب
الجَرْعَبُ الجافي والجَرْعَبِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « والجرعبيب » كذا ضبط في المحكم ) الغَلِيظُ وداهيةٌ جَرْعَبِيبٌ شَدِيدةٌ الأَزهري اجْرَعَنَّ وارْجَعَنَّ واجْرَعَبَّ واجْلَعَبَّ إِذا صُرِعَ وامْتَدَّ على وجه الأَرض

جزب
الجِزْبُ النَّصيبُ من المال والجمع أَجْزابٌ ابن المستنير الجِزْبُ والجِزْمُ النَّصِيبُ قال والجُزْبُ العَبِيدُ وبنو جُزَيْبةَ مأْخوذ من الجُزْبِ وأَنشد
ودُودانُ أَجْلَتْ عن أَبانَيْنِ والحِمَى ... فِراراً وقد كُنَّا اتَّخَذْناهُمُ جُزْبا
ابن الأَعرابي المِجْزَب الحَسَنُ السَّبْر ( 2 )
( 2 قوله « السبر » ضبط في التكملة بفتح السين وكسرها ) الطَّاهِرُه

جسرب
الجَسْرَبُ الطويلُ

جشب
جَشَبَ الطعامَ طَحَنه جَريشاً وطَعامٌ جَشِبٌ ومَجْشُوبٌ أَي غليظ خَشِنٌ بَيِّنُ الجُشُوبةِ إِذا أُسِيءَ طَحْنُه حتى يَصير مُفَلَّقاً وقيل هو الذي لا أُدْمَ له وقد جَشُبَ جَشابةً ويقال للطعام جَشْبٌ وجَشِبٌ وجَشِيبٌ وطَعامٌ مَجْشُوبٌ وقد جَشَبْتُه وأَنشد ابن الأَعرابي لا يَأْكُلُونَ زادَهُمْ مَجْشُوبا الجوهري ولو قيل اجْشَوْشِبُوا كما قيل اخْشَوْشِبُوا بالخاء لم يبعد إِلا أَني لم أَسمعه بالجيم وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم كان يأْكل الجَشِبَ هو [ ص 266 ] الغَلِيظُ الخَشِنُ من الطَّعامِ وقيل غيرُ المأْدوم وكلُّ بَشِعِ الطَّعْم فهو جَشِبٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كان يأْتينا بطعام جَشِبٍ وفي حديث صلاة الجماعة لو وَجَد عَرْقاً سَمِيناً أَو مِرْماتَيْنِ جَشِبَتَيْنِ أَو خَشِبَتَيْنِ لأَجاب قال ابن الأَثير هكذا ذكره بعض المتأَخرين في حرف الجيم لو دُعِيَ إِلى مِرْماتَيْنِ جَشِبَتَيْنِ أَو خَشِبَتَيْنِ لأَجاب وقال الجَشِبُ الغليظ والخَشِبُ اليابس من الخَشَبِ والمِرْماةُ ظِلْفُ الشاةِ لأَنه يُرْمى به انتهى كلامه قال ابن الأَثير والذي قرأْناه وسمعناه وهو المُتداوَل بين أَهل الحديث مِرْماتَين حَسَنَتَيْن من الحُسْنِ والجَوْدة لأَنه عطفهما على العَرْقِ السَّمِين قال وقد فسره أَبو عبيدة ومَنْ بعده من العلماء ولم يتعرّضوا إِلى تفسير الجَشِب أَو الخَشِب في هذا الحديث قال وقد حكيت ما رأَيت والعُهدة عليه والجَشِيبُ البَشِعُ من كلِّ شيءٍ والجَشِيبُ من الثياب الغليظ ورجلٌ جَشِيبٌ سَيِّئُ المَأْكلِ وقد جَشُبَ جُشُوبةً شمر رَجُلٌ مُجَشَّبٌ خَشِنُ المَعيشةِ قال رؤبة ومن صُباحٍ رامِياً مُجَشَّبا وجَشِبُ المَرْعى يابِسُه وجَشَبَ الشيءُ يَجْشُبُ غَلُظَ والجَشْبُ والمِجْشابُ الغليظُ الأُولى عن كراع وسيأْتي ذكر الجَشَنِ في النون التهذيب المِجْشابُ البَدَنُ الغَلِيظُ قال أَبو زُبَيْد الطائي
قِرابَ حِضْنِك لا بِكْرٌ ولا نَصَفٌ ... تُولِيكَ كَشْحاً لَطيفاً ليس مِجْشابا
قال ابن بري وقِرابَ منصوب بفعل في بيت قبله
نِعْمَتْ بِطانةُ يَوْمِ الدَّجْنِ تَجْعَلُها ... دُونَ الثِّيابِ وقد سَرَّيْتَ أَثْوابا
أَي تَجْعَلُها كبِطانةِ الثوب في يوم بارِدٍ ذي دَجْنٍ والدَّجْنُ إِلباسُ الغَيْمِ السَّماء عند المَطر ورُبما لم يكن معه مطر وسَرَّيْتُ الثوب عني نَزَعْتُه والحِضْنُ شِقُّ البَطْنِ والكَشْحانِ الخاصِرتانِ وهما ناحِيتا البطن وقِرابَ حِضْنِكَ مفعول ثان بتَجْعَلُها
ابن السكيت جَمَلٌ جَشِبٌ ضَخْمٌ شَدِيدٌ وأَنشد
بِجَشِبٍ أَتْلَعَ في إِصْغائِه
ابن الأَعرابي المِجْشَبُ الضَّخْمُ الشجاع وقول رؤبة
ومَنْهَلٍ أَقْفَرَ مِنْ أَلْقائه ... ورَدْتُه واللَّيْلُ في أَغْشائِه
بجشب أَتلع في إِصغائه ... جاءَ وقد زادَ على أَظْمائِه
يُجاوِرُ الحَوْضَ إِلى إِزائِه ... رَشْفاً بِمَخْضُوبَينِ مِنْ صَفْرائِه
وقَدْ شَفَتْه وَحْدَها مِنْ دائِه ... منْ طائِف الجَهْلِ ومِنْ نُزائِه
الأَلْقاء الأَنِيسُ يُجاوِرُ الحوضَ إِلى إِزائه أَي يستقبل الدلو حين يُصَبُّ في الحَوْضِ من عَطشه ومَخْضُوباه مِشْفراه وقد اخْتَضَبا بالدم من بُرَته وقد شَفَتْه يعني البُرة أَي ذَلَّلَتْه وسَكَّنَتْه ونَدًى [ ص 267 ] جَشَّابٌ لا يَزالُ يَقَعُ على البَقْل قال رؤبة رَوْضاً بِجَشّابِ النَّدى مَأْدُوما وكلامٌ جَشِيبٌ جافٍ خَشِنٌ قال
لها مَنْطِقٌ لا هِذْرِيانٌ طَما به ... سَفاهٌ ولا بادِي الجَفاءِ جَشِيبُ
وسِقاءٌ جَشِيبٌ غَلِيظٌ خَلَقٌ ومَرةٌ جَشُوبٌ خَشِنَةٌ وقيل قَصيرةٌ أَنشد ثعلب
كواحِدةِ الأُدْحيِّ لا مُشْمَعِلَّةٌ ... ولا جَحْنةٌ تحت الثِّيابِ جَشُوبُ
والجُشْبُ قُشورُ الرّمان يمانية وبَنُو جَشِيبٍ بَطْنٌ

جعب
الجَعْبةُ كِنانةُ النُّشَّابِ والجمع جِعابٌ وفي الحديث فانْتَزَعَ طَلَقاً من جَعْبَتِه وهو متكرر في الحديث وقال ابن شمَيل الجَعْبَةُ المُسْتَدِيرةُ الواسِعةُ التي على فمها طَبَقٌ من فَوْقِها قال والوَفْضَةُ أَصغر منها وأَعلاها وأَسْفَلُها مُسْتَوٍ وأَما الجَعْبةُ ففي أَعلاها اتِّساعٌ وفي أَسفلها تَبْنِيقٌ ويُفَرَّجُ أَعْلاها لئلا يَنْتَكِثَ رِيشُ السِّهام لأَنها تُكَبُّ في الجَعْبةِ كَبّاً فظُباتُها في أَسْفَلِها ويُفَلْطَح أَعْلاها مِن قِبَل الريش وكلاهما من شَقِيقَتَيْن من خَشَبٍ والجَعَّابُ صانِعُ الجِعابِ وجَعَّبَها صَنَعَها والجِعابةُ صِناعَتُه والجَعابِيبُ القِصارُ من الرجال والجُعْبُوب القَصِيرُ الدمِيمُ وقيل هو النَّذْلُ وقيل هو الدَّنِيءُ من الرجال وقيل هو الضَّعِيفُ الذي لا خَيْر فيه ويقال للرجل إِذا كان قَصيراً دَمِيماً جُعْبُوبٌ ودُعْبُوبٌ وجُعْسوسٌ والجَعْبةُ الكَثِيبةُ من البَعَر والجُعَبَى ضَرْبٌ من النمل ( 1 )
( 1 قوله « والجعبى ضرب إلخ » هذا ضبط المحكم ) قال الليث هو نمل أَحمر والجمع جُعَبَياتٌ والجِعِبَّاءُ والجِعِبَّى والجِعْباءة والجَعْواءُ والناطِقةُ الخَرْساء الدُّبر ونحو ذلك وضربه فجَعَبَهُ جَعْباً وجَعَفَه إِذا ضَرَبَ به الأَرضَ ويُثَقَّلُ فيقال جَعَّبه تَجْعيباً وجَعْبأَه إِذا صَرَعَه وتَجَعَّبَ وتَجَعْبَى وانْجَعَب وجَعَبْتُه أَي صَرَعْتُه مثل جَعَفْتُه ورُبما قالوا جَعْبَيْتُه جِعْباءً فتَجَعْبَى يزيدون فيه الياء كما قالوا سَلْقَيْتُه مِن سَلَقَه وجَعَبَ الشيءَ جَعْباً قَلَبه وجَعَبَه جَعْباً جَمعه وأَكثره في الشيءِ اليسير والمِجْعَبُ الصِّرِّيعُ من الرجال يَصْرَعُ ولا يُصْرَعُ وفي النوادر جَيْشٌ يَتَجَعْبَى ويَتَجَرْبى ويَتَقَبْقَبُ ويَتَهَبْهَبُ ويَتَدرْبَى يركب بعضُه بعضاً والمُتَجَعِّبُ الميِّتُ

جعدب
الجُعْدُبةُ الحَجاةُ والحَبابةُ وفي حديث عَمْرو أَنه قال لمعاوية رضي اللّه عنهما لقد رأَيتُكَ بالعراقِ وإِنّ أَمْرَكَ كحُقِّ الكَهُولِ أَو كالجُعْدُبةِ أَو كالكُعْدُبةِ الجُعْدُبةُ والكُعْدُبةُ النُّفّاخاتُ [ ص 268 ] التي تكون من ماء المطر والكَهُولُ العَنْكَبوتُ وحُقُّها بَيْتُها وقيل الكُعْدُبةُ والجُعْدُبةُ بيتُ العنكبوت وأَثبت الأَزهري القولين معاً والجُعْدُبَةُ من الشيءِ المُجْتَمِعُ منه عن ثعلب وجُعْدُبٌ وجُعْدُبةُ اسمان الأَزهري وجُعْدبةُ اسمُ رجل من أَهل المدينة

جعنب
الجَعْنبةُ ( 1 )
( 1 قوله « الجعنبة إلخ » لم نظفر به في المحكم ولا التهذيب وقال في شرح القاموس هو تصحيف الجعثبة بالمثلثة قال وجعنب تصحيف جعثب بها أَيضاً ) الحِرْصُ على الشيءِ وجُعْنُبٌ اسم

جغب
رجل شَغِبٌ جَغِبٌ إِتباع لا يُتكلم به مفرداً وفي التهذيب رجل جَغِبٌ شَغِبٌ

جلب
الجَلْبُ سَوْقُ الشيء من موضع إِلى آخَر جَلَبَه يَجْلِبُه ويَجْلُبه جَلْباً وجَلَباً واجْتَلَبَه وجَلَبْتُ الشيءَ إِلى نفْسِي واجْتَلَبْتُه بمعنى وقولُه أَنشده ابن الأعرابي يا أَيها الزاعِمُ أَنِّي أَجْتَلِبْ فسره فقال معناه أَجْتَلِبُ شِعْري من غيري أَي أَسُوقه وأَسْتَمِدُّه ويُقَوِّي ذلك قول جرير
أَلَمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافِي ... فَلا عِيّاً بِهِنَّ ولا اجْتِلابا
أَي لا أَعْيا بالقَوافِي ولا اجْتَلِبُهنَّ مِمَّن سواي بل أَنا غَنِيٌّ بما لديَّ منها وقد انْجَلَب الشيءُ واسْتَجْلَب الشيءَ طلَب أَن يُجْلَبَ إِليه والجَلَبُ والأَجْلابُ الذين يَجْلُبُون الإِبلَ والغَنم للبيع والجَلَبُ ما جُلِبَ مِن خَيْل وإِبل ومَتاعٍ وفي المثل النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ أَي انه إِذا أَنْفَضَ القومُ أَي نَفِدَتْ أَزْوادُهم قَطَّرُوا إِبلَهم للبيع والجمع أَجْلابٌ الليث الجَلَبُ ما جَلَبَ القومُ من غَنَم أَو سَبْي والفعل يَجْلُبون ويقال جَلَبْتُ الشيءَ جَلَباً والمَجْلوبُ أَيضاً جَلَبٌ والجَلِيبُ الذي يُجْلَبُ من بَلد إِلى غيره وعَبْدٌ جَلِيبٌ والجمع جَلْبَى وجُلَباء كما قالوا قَتْلَى وقُتَلاء وقال اللحياني امرأَةٌ جَلِيبٌ في نسوة جَلْبَى وجَلائِبَ والجَلِيبةُ والجَلُوبة ما جُلِبَ قال قيْس بن الخَطِيم
فَلَيْتَ سُوَيْداً رَاءَ مَنْ فَرَّ مِنْهُمُ ... ومَنْ خَرَّ إِذْ يَحْدُونَهم كالجَلائِبِ
ويروى إِذ نَحْدُو بهم والجَلُوبةُ ما يُجْلَب للبيع نحو الناب والفَحْل والقَلُوص فأَما كِرامُ الإِبل الفُحولةُ التي تُنْتَسَل فليست من الجلُوبة ويقال لصاحِب الإِبل هَلْ لك في إِبلِكَ جَلُوبةٌ ؟ يعني شيئاً جَلَبْتَه للبيع وفي حديث سالم قَدِمَ أَعرابيٌّ بجَلُوبةٍ فَنَزلَ على طلحةَ فقال طلحةُ نَهى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَن يَبِيعَ حاضِرٌ لِبادٍ قال الجَلُوبة بالفتح ما يُجْلَبُ للبَيْع من كل شيءٍ والجمعُ الجَلائِبُ وقيل الجَلائبُ الإِبل التي تُجْلَبُ إِلى الرَّجل النازِل على الماءِ ليس له ما يَحْتَمِلُ عليه فيَحْمِلُونه عليها قال والمراد في الحديث الأَوّلُ كأَنه أَراد أَن يَبيعها له طلحةُ قال ابن الأَثير هكذا جاء في كتاب أَبي [ ص 269 ] موسى في حرف الجيم قال والذي قرأْناه في سنن أَبي داود بحَلُوبةٍ وهي الناقةُ التي تُحْلَبُ والجَلُوبةُ الإِبل يُحْمَلُ عليها مَتاعُ القوم الواحد والجَمْع فيه سَواءٌ وجَلُوبة الإِبل ذُكُورها وأَجْلَبَ الرجلُ إِذا نُتِجَتْ ناقتُه سَقْباً وأَجْلَبَ الرجلُ نُتِجَت إِبلُه ذُكُوراً لأَنه تُجْلَبُ أَولادُها فَتُباعُ وأَحْلَبَ بالحاءِ إِذا نُتِجت إِبلُه إِناثاً يقال للمُنْتِجِ أَأَجْلَبْتَ أَم أَحْلَبْتَ ؟ أَي أَوَلَدَتْ إِبلُكَ جَلُوبةً أَم وَلَدَتْ حَلُوبةً وهي الإِناثُ ويَدْعُو الرجلُ على صاحبه فيقول أَجْلَبْتَ ولا أَحْلَبْتَ أَي كان نِتاجُ إِبلِك ذُكوراً لا إِناثاً ليَذْهَبَ لبنُه وجَلَبَ لأَهلِه يَجْلُبُ وأَجْلَبَ كَسَبَ وطَلَبَ واحْتالَ عن اللحياني والجَلَبُ والجَلَبةُ الأَصوات وقيل هو اختِلاطُ الصَّوْتِ وقد جَلَبَ القومُ يَجْلِبُون ويَجْلُبُون وأَجْلَبُوا وجَلَّبُوا والجَلَبُ الجَلَبةُ في جَماعة الناس والفعْلُ أَجْلَبُوا وجَلَّبُوا من الصِّيَاحِ وفي حديث الزُّبير أَنَّ أُمَّه صَفِيَّة قالت أَضْرِبُه كي يَلَبَّ ويَقُودَ الجَيشَ ذا الجَلَبِ هو جمع جَلَبة وهي الأَصوات ابن السكيت يقال هم يُجْلِبُون عليه ويُحْلِبُون عليه بمعنىً واحد أَي يُعِينُون عليه وفي حديث علي رضي اللّه تعالى عنه أَراد أَن يُغالِط بما أَجْلَبَ فيه يقال أَجْلَبُوا عليه إِذا تَجَمَّعُوا وتأَلَّبوا وأَجْلَبَه أَعانَه وأَجْلَبَ عليه إِذا صاحَ به واسْتَحَثَّه وجَلَّبَ على الفَرَس وأَجْلَبَ وجَلَبَ يَجْلُب جَلْباً قليلة زَجَرَه وقيل هو إِذا رَكِب فَرساً وقادَ خَلْفَه آخَر يَسْتَحِثُّه وذلك في الرِّهان وقيل هو إِذا صاحَ به مِنْ خَلْفِه واسْتَحَثَّه للسَّبْق وقيل هو أَن يُرْكِبَ فَرسَه رجلاً فإِذا قَرُبَ من الغايةِ تَبِعَ فَرَسَه فَجَلَّبَ عليه وصاحَ به ليكون هو السابِقَ وهو ضَرْبٌ من الخَدِيعةِ وفي الحديث لا جَلَبَ ولا جَنَبَ فالجَلَبُ أَن يَتَخَلَّفَ الفَرَسُ في السِّباق فيُحَرَّكَ وراءَه الشيءُ يُسْتَحَثُّ فَيسبِقُ والجَنَبُ أَن يُجْنَبَ مع الفَرَس الذي يُسابَقُ به فَرَسٌ آخَرُ فيُرْسَلَ حتى إِذا دَنا تَحوّلَ راكِبُه على الفرَس المَجْنُوب فأَخَذَ السَّبْقَ وقيل الجَلَبُ أَن يُرْسَلَ في الحَلْبةِ فتَجْتَمِعَ له جماعَةٌ تصِيحُ به لِيُرَدَّ عن وَجْهِه والجَنَبُ أَن يُجْنَبَ فرَسٌ جامٌّ فيُرْسَلَ من دونِ المِيطانِ وهو الموضع الذي تُرْسَلُ فيه الخيل وهو مَرِحٌ والأُخَرُ مَعايا وزعم قوم أَنها في الصَّدقة فالجَنَبُ أَن تأْخُذَ شاءَ هذا ولم تَحِلَّ فيها الصدقةُ فتُجْنِبَها إِلى شاءِ هذا حتى تأْخُذَ منها الصدقةَ وقال أَبو عبيد الجَلَبُ في شيئين يكون في سِباقِ الخَيْلِ وهو أَن يَتْبَعَ الرجلُ فرَسَه فيَزْجُرَه ويُجْلِبَ عليه أَو يَصِيحَ حَثّاً له ففي ذلك مَعونةٌ للفرَس على الجَرْيِ فنَهِيَ عن ذلك والوَجْهُ الآخر في الصَّدَقةِ أَن يَقْدَمَ المُصَدِّقُ على أَهْلِ الزَّكاةِ فَيَنْزِلَ موضعاً ثم يُرْسِلَ إِليهم من يَجْلُب إَِليه الأَموال من أَماكِنها لِيأْخُذَ صَدَقاتِها فنُهِيَ عن ذلك وأُمِرَ أَن يأْخُذَ صَدَقاتِهم مِن أَماكِنِهم وعلى مِياهِهِم وبِأَفْنِيَتِهِمْ وقيل قوله ولا جَلَبَ أَي لا تُجْلَبُ إِلى المِياه ولا إِلى الأَمْصار ولكن يُتَصَدَّقُ بها في مَراعِيها وفي الصحاح والجلَبُ الذي جاءَ النهيُ عنه هو أَن لا يأْتي المُصَّدِّقُ القومَ في مِياهِهم لأَخْذِ الصَّدقاتِ ولكن يَأْمُرُهم بِجَلْب نَعَمِهم إِليه وقوله في حديث [ ص 270 ] العَقَبةِ إِنَّكم تُبايِعون محمداً على أَن تُحارِبُوا العَربَ والعَجَم مُجْلِبةً أَي مجتمعين على الحَرْب قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في بعض الطرق بالباءِ قال والرواية بالياءِ تحتها نقطتان وهو مذكور في موضعه ورَعْدٌ مُجَلِّبٌ مُصَوِّتٌ وغَيْثٌ مُجَلِّبٌ كذلك قال
خَفاهُنَّ مِنْ أَنْفاقهِنَّ كأَنَّما ... خَفاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشِيٍّ مُجَلِّبُ
وقول صخر الغي
بِحَيَّةِ قَفْرٍ في وِجارٍ مُقِيمة ... تَنَمَّى بِها سَوْقُ المَنى والجَوالِبِ
أَراد ساقَتْها جَوالبُ القَدَرِ واحدتها جالبةٌ وامرأَةٌ جَلاَّبةٌ ومُجَلِّبةٌ وجلِّبانةٌ وجُلُبَّانةٌ وجِلِبْنانةٌ وجُلُبْنانةٌ وتِكِلاَّبةٌ مُصَوِّتةٌ صَخّابةٌ كثيرة الكلام سيئة الخُلُق صاحِبةُ جَلَبةٍ ومُكالَبةٍ وقيل الجُلُبّانَة من النساء الجافِيةُ الغَلِيظةُ كأَنَّ عليها جُلْبةً أَي قِشْرة غَلِيظة وعامّةُ هذه اللغات عن الفارسي وأَنشد لحُميد بن ثور
جِلِبْنانةٌ وَرْهاءُ تَخْصِي حِمارَها ... بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال وأَما يعقوب فإِنه روى جِلِبَّانةٌ قال ابن جني ليست لام جِلِبَّانةٍ بدلاً من راءِ جِرِبَّانةٍ يدلك على ذلك وجودك لكل واحد منهما أَصْلاً ومُتَصَرَّفاً واشْتِقاقاً صحيحاً فأَمّا جِلِبَّانة فمن الجَلَبةِ والصِّياحِ لأَنها الصَّخَّابة وأَما جِرِبَّانةٌ فمِن جَرَّبَ الأُمورَ وتصَرَّفَ فيها أَلا تراهم قالوا تَخْصِي حِمارَها فإِذا بلغت المرأَة من البِذْلةِ والحُنْكةِ إِلى خِصاءِ عَيْرها فَناهِيكَ بها في التَّجْرِبةِ والدُّرْبةِ وهذا وَفْقُ الصَّخَب والضَّجَر لأَنه ضِدُّ الحيَاء والخَفَر ورَجلٌ جُلُبَّانٌ وجَلَبَّانٌ ذُو جَلَبةٍ وفي الحديث لا تُدْخَلُ مَكّةُ إِلاَّ بجُلْبان السِّلاح جُلْبانُ السِّلاح القِرابُ بما فيه قال شمر كأَنَّ اشتقاق الجُلْبانِ من الجُلْبةِ وهي الجِلْدَة التي تُوضع على القَتَبِ والجِلْدةُ التي تُغَشِّي التَّمِيمةَ لأَنها كالغِشاءِ للقِراب وقال جِرانُ العَوْد
نَظَرتُ وصُحْبَتي بِخُنَيْصِراتٍ ... وجُلْبُ الليلِ يَطْرُدُه النَّهارُ
أَراد بجُلْبِ الليل سَوادَه وروي عن البَراء بن عازب رضي اللّه عنه أَنه قال لَمَّا صالَحَ رَسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم المُشْرِكِين بالحُدَيْبِيةِ صالحَهم على أَن يَدْخُلَ هو وأَصحابُه من قابل ثلاثةَ أَيام ولا يَدْخُلُونها إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ قال فسأَلته ما جُلُبَّانُ السّلاحِ ؟ قال القِرابُ بما فِيه قال أَبو منصور القِرابُ الغِمْدُ الذي يُغْمَدُ فيه السَّيْفُ والجُلُبَّانُ شِبْه الجِرابِ من الأَدَمِ يُوضَعُ فيه السَّيْفُ مَغْمُوداً ويَطْرَحُ فيه الرَّاكِبُ سَوْطَه وأَداتَه ويُعَلِّقُه مِنْ آخِرةِ الكَوْرِ أَو في واسِطَتِه واشْتِقاقُه من الجُلْبة وهي الجِلْدةُ التي تُجْعَلُ على القَتَبِ ورواه القتيبي بضم الجيم واللام وتشديد الباء قال وهو أَوْعِيةُ السلاح بما فيها قال ولا أُراه سُمي به إِلا لجَفائِه ولذلك قيل للمرأَة الغَلِيظة الجافِيةِ جُلُبّانةٌ وفي بعض الروايات ولا يدخلها إِلا بجُلْبانِ السِّلاح السيفِ والقَوْس ونحوهما يريد ما يُحتاجُ إِليه في إِظهاره والقِتال به إِلى [ ص 271 ] مُعاناة لا كالرِّماح لأَنها مُظْهَرة يمكن تعجيل الأَذى بها وإِنما اشترطوا ذلك ليكون عَلَماً وأَمارةً للسِّلْم إِذ كان دُخولُهم صُلْحاً وجَلَبَ الدَّمُ وأَجْلَبَ يَبِسَ عن ابن الأَعرابي والجُلْبةُ القِشْرةُ التي تَعْلُو الجُرْحَ عند البُرْءِ وقد جَلَبَ يَجْلِبُ ويَجْلُبُ وأَجْلَبَ الجُرْحُ مثله الأَصمعي إِذا عَلَتِ القَرْحةَ جِلْدةُ البُرْءِ قيل جَلَبَ وقال الليث قَرْحةٌ مُجْلِبةٌ وجالِبةٌ وقُروحٌ جَوالِبُ وجُلَّبٌ وأَنشد
عافاكَ رَبِّي مِنْ قُرُوحٍ جُلَّبِ ... بَعْدَ نُتُوضِ الجِلْدِ والتَّقَوُّبِ
وما في السَّماءِ جُلْبةٌ أَي غَيْمٌ يُطَبِّقُها عن ابن الأَعرابي وأَنشد
إِذا ما السَّماءُ لَمْ تَكُنْ غَيْرَ جُلْبةٍ ... كجِلْدةِ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ تُنِيرُها
تُنِيرُها أَي كأَنَّها تَنْسِجُها بِنِيرٍ والجُلْبةُ في الجَبَل حِجارة تَرَاكَمَ بَعْضُها على بَعْض فلم يكن فِيه طَرِيقٌ تأْخذ فيه الدَّوابُّ والجُلْبةُ من الكَلإِ قِطْعةٌ متَفَرِّقةٌ ليست بِمُتَّصِلةٍ والجُلْبةُ العِضاهُ إِذا اخْضَرَّتْ وغَلُظَ عُودُها وصَلُبَ شَوْكُها والجُلْبةُ السَّنةُ الشَّديدةُ وقيل الجُلْبة مثل الكُلْبةِ شَدَّةُ الزَّمان يقال أَصابَتْنا جُلْبةُ الزَّمانِ وكُلْبةُ الزمان قال أَوْسُ بن مَغْراء التَّمِيمي
لا يَسْمَحُون إِذا ما جُلْبةٌ أَزَمَتْ ... ولَيْسَ جارُهُمُ فِيها بِمُخْتارِ
والجُلْبةُ شِدّة الجُوعِ وقيل الجُلْبةُ الشِّدّةُ والجَهْدُ والجُوعُ قال مالك بن عويمر بن عثمان بن حُنَيْش الهذلي وهو المتنخل ويروى لأَبي ذؤيب والصحيح الأَوّل
كأَنَّما بَيْنَ لَحْيَيْهِ ولَبَّتهِ ... مِنْ جُلْبةِ الجُوعِ جَيَّارٌ وإِرْزِيزُ
والإِرْزِيزُ الطَّعْنة والجَيَّارُ حُرْقةٌ في الجَوْفِ وقال ابن بري الجَيَّارُ حَرارةٌ مَن غَيْظٍ تكون في الصَّدْرِ والإِرْزِيزُ الرِّعْدةُ والجوالِبُ الآفاتُ والشّدائدُ والجُلْبة حَدِيدة تكون في الرَّحْل وقيل هو ما يُؤْسر به سِوى صُفَّتِه وأَنْساعِه والجُلْبةُ جِلْدةٌ تُجْعَلُ على القَتَبِ وقد أَجْلَبَ قَتَبَه غَشَّاه بالجُلْبةِ وقيل هو أَن يَجْعَل عليه جِلْدةً رَطْبةً فَطِيراً ثم يَتْرُكها عليه حتى تَيْبَسَ التهذيب الإِجْلابُ أَن تأْخذ قِطْعةَ قِدٍّ فتُلْبِسَها رأْسَ القَتَب فَتَيْبَس عليه وهي الجُلْبةُ قال النابغة الجَعْدِي
أُّمِرَّ ونُحِّيَ مِنْ صُلْبِه ... كتَنْحِيةِ القَتَبِ المُجْلَبِ
والجُلْبةُ حديدةٌ صغيرة يُرْقَعُ بها القَدَحُ والجُلْبةُ العُوذة تُخْرَز عليها جِلْدةٌ وجمعها الجُلَبُ وقال علقمة يصف فرساً
بغَوْجٍ لَبانُه يُتَمُّ بَرِيمُه ... على نَفْثِ راقٍ خَشْيةَ العَيْنِ مُجْلَبِ ( 1 )
( 1 قوله « مجلب » قال في التكملة ومن فتح اللام أراد أن على العوذة جلدة )
يُتَمُّ بَرِيمُه أَي يُطالُ إِطالةً لسَعةِ صدرِه
والمُجْلِبُ الذي يَجْعَل العُوذةَ في جِلْدٍ ثم تُخاطُ [ ص 272 ] على الفَرَس والغَوْجُ الواسِعُ جِلْد الصَّدرِ والبَرِيمُ خَيْطٌ يُعْقَدُ عليه عُوذةٌ وجُلْبةُ السِّكِّينِ التي تَضُمُّ النِّصابَ على الحديدة والجِلْبُ والجُلْبُ الرَّحْلُ بما فيه وقيل خَشَبُه بلا أَنْساعٍ ولا أَداةٍ وقال ثعلب جِلْبُ الرَّحْلِ غِطاؤُه وجِلْبُ الرَّحْلِ وجُلْبُه عِيدانُه قال العجاج وشَبَّه بَعِيره بثَوْر وحْشِيٍّ رائحٍ وقد أَصابَه المَطَرُ
عالَيْتُ أَنْساعِي وجِلْبَ الكُورِ ... على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
قال ابن بري والمشهور في رجزه بَلْ خِلْتُ أعْلاقِي وجِلْبَ كُورِي وأَعْلاقِي جمع عِلْقٍ والعِلْقُ النَّفِيسُ من كل شيءٍ والأَنْساعُ الحِبال واحدها نِسْعٌ والسَّراةُ الظّهر وأَراد بالرائح الممطور الثور الوَحْشِيّ وجِلْبُ الرَّحْلِ وجُلْبُه أَحْناؤُه والتَّجْلِيبُ أَن تُؤْخَذ صُوفة فتُلْقَى على خِلْفِ الناقة ثم تُطْلَى بطِين أَو عجين لئلا يَنْهَزَها الفَصِيلُ يقال جَلِّبْ ضَرْعَ حَلُوبَتك ويقال جَلَّبْته عن كذا وكذا تَجْلِيباً أَي مَنَعْتُه
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جلب الجَلْبُ سَوْقُ الشيء من موضع إِلى آخَر ويقال إِنه لفي جُلْبةِ صِدْق أَي في بُقْعة صدْق وهي الجُلَبُ والجَلْبُ الجنايةُ على الإِنسان وكذلك الأَجْلُ وقد جَلَبَ عليه وجَنَى عليه وأَجَلَ والتَّجَلُّب التِماسُ المَرْعَى ما كان رَطْباً من الكَلإِ رواه بالجيم كأَنه معنى احنائه ( 1 )
( 1 قوله « كأنه معنى احنائه » كذا في النسخ ولم نعثر عليه )
والجِلْبُ والجُلْبُ السَّحابُ الذي لا ماء فيه وقيل سَحابٌ رَقِيقٌ لا ماءَ فيه وقيل هو السَّحابُ المُعْتَرِضُ تَراه كأَنه جَبَلٌ قال تَأَبَّطَ شَرًّا
ولَسْتُ بِجِلْبٍ جِلْبِ لَيْلٍ وقِرَّةٍ ... ولا بِصَفاً صَلْدٍ عن الخَيْرِ مَعْزِلِ
يقول لست برجل لا نَفْعَ فيه ومع ذلك فيه أَذًى كالسَّحاب الذي فيه رِيحٌ وقِرٌّ ولا مطر فيه والجمع أَجْلابٌ وأَجْلَبَه أَي أَعانَه وأَجْلَبُوا عليه إِذا تَجَمَّعُوا وتَأَلَّبُوا مثل أَحْلَبُوا قال الكميت
على تِلْكَ إِجْرِيَّايَ وهي ضَرِيبَتِي ... ولو أَجْلَبُوا طُرًّا عليَّ وأَحْلَبُوا
وأَجْلَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِذا تَوَعَّدَه بِشَرٍّ وجَمَعَ الجَمْعَ عليه وكذلك جَلَبَ يَجْلُبُ جَلْباً وفي التنزيل العزيز وأَجْلِبْ عليهم بخَيْلِكَ ورَجْلِكَ أَي اجْمَعْ عليهم وتَوَعَّدْهم بالشر وقد قُرئَ واجْلُبْ والجِلْبابُ القَمِيصُ والجِلْبابُ ثوب أَوسَعُ من الخِمار دون الرِّداءِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها وقيل هو ثوب واسِع دون المِلْحَفةِ تَلْبَسه المرأَةُ وقيل هو المِلْحفةُ قالت جَنُوبُ أُختُ عَمْرٍو ذي الكَلْب تَرْثِيه
تَمْشِي النُّسورُ إليه وهي لاهِيةٌ ... مَشْيَ العَذارَى عليهنَّ الجَلابِيبُ
[ ص 273 ] معنى قوله وهي لاهيةٌ أَن النُّسور آمِنةٌ منه لا تَفْرَقُه لكونه مَيِّتاً فهي تَمْشِي إِليه مَشْيَ العذارَى وأَوّل المرثية
كلُّ امرئٍ بطُوالِ العَيْش مَكْذُوبُ ... وكُلُّ من غالَبَ الأَيَّامَ مَغْلُوبُ
وقيل هو ما تُغَطِّي به المرأَةُ الثيابَ من فَوقُ كالمِلْحَفةِ وقيل هو الخِمارُ وفي حديث أُم عطيةَ لِتُلْبِسْها صاحِبَتُها من جِلْبابِها أَي إِزارها وقد تجَلْبَب قال يصِفُ الشَّيْب
حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْهَبا ... أَكْرَهَ جِلْبابٍ لِمَنْ تجَلْبَبا ( 1 )
( 1 قوله « أشهبا » كذا في غير نسخة من المحكم والذي تقدّم في ثوب أشيبا وكذلك هو في التكملة هناك )
وفي التنزيل العزيز يُدْنِينَ علَيْهِنَّ من جَلابِيبِهِنَّ قال ابن
السكيت قالت العامرية الجِلْبابُ الخِمارُ وقيل جِلْبابُ المرأَةِ مُلاءَتُها التي تَشْتَمِلُ بها واحدها جِلْبابٌ والجماعة جَلابِيبُ وقد تَجلْبَبَتْ وأَنشد والعَيْشُ داجٍ كَنَفا جِلْبابه وقال آخر مُجَلْبَبٌ من سَوادِ الليلِ جِلْبابا والمصدر الجَلْبَبةُ ولم تُدغم لأَنها مُلْحقةٌ بدَخْرَجةٍ وجَلْبَبَه إِيَّاه قال ابن جني جعل الخليل باءَ جَلْبَب الأُولى كواو جَهْوَر ودَهْوَرَ وجعل يونس الثانية كياءِ سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ قال وهذا قَدْرٌ مِن الحِجاجِ مُخْتَصَرٌ ليس بِقاطِعٍ وإِنما فيه الأُنْسُ بالنَّظِير لا القَطْعُ باليَقين ولكن مِن أَحسن ما يقال في ذلك ما كان أَبو عليّ رحمه اللّه يَحْتَجُّ به لكون الثاني هو الزائدَ قولهم اقْعَنْسَسَ واسْحَنْكَكَ قال أَبو علي ووجهُ الدلالة من ذلك أَنّ نون افْعَنْلَلَ بابها إِذا وقعت في ذوات الأَربعة أَن تكون بين أَصْلَينِ نحو احْرَنْجَمَ واخْرَنْطَمَ فاقْعَنْسَسَ ملحق بذلك فيجب أَن يُحْتَذَى به طَريق ما أُلحِقَ بمثاله فلتكن السين الأُولى أَصلاً كما أَنَّ الطاءَ المقابلة لها من اخْرَ نْطَمَ أَصْلٌ وإِذا كانت السين الأُولى من اقعنسسَ أَصلاً كانت الثانية الزائدةَ من غير ارْتياب ولا شُبهة وفي حديث عليّ مَن أَحَبَّنا أَهلَ البيتِ فَلْيُعِدَّ للفَقْرِ جِلْباباً وتِجْفافاً ابن الأَعرابي الجِلْبابُ الإِزارُ قال ومعنى قوله فليُعِدَّ للفَقْر يريد لفَقْرِ الآخِرة ونحوَ ذلك قال أَبو عبيد قال الأَزهريّ معنى قول ابن الأَعرابي الجِلْبابُ الإِزار لم يُرِدْ به إِزارَ الحَقْوِ ولكنه أَراد إِزاراً يُشْتَمَلُ به فيُجَلِّلُ جميعَ الجَسَدِ وكذلك إِزارُ الليلِ وهو الثَّوْبُ السابِغُ الذي يَشْتَمِلُ به النائم فيُغَطِّي جَسَدَه كلَّه وقال ابن الأَثير أَي ليَزْهَدْ في الدنيا وليَصْبِرْ على الفَقْر والقِلَّة والجِلْبابُ أَيضاً الرِّداءُ وقيل هو كالمِقْنَعةِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وظهرها وصَدْرَها والجمع جَلابِيبُ كنى به عن الصبر لأَنه يَستر الفقر كما يَستر الجِلْبابُ البَدنَ وقيل إِنما كَنى بالجلباب عن اشتماله بالفَقْر أَي فلْيَلْبس إِزارَ الفقرِ ويكون منه على حالة تَعُمُّه وتَشْمَلُه لأَنَّ الغِنى من أَحوال أَهل الدنيا ولا يتهيأُ الجمع بين حُب أَهل الدنيا وحب أَهل البيت والجِلْبابُ المُلْكُ والجِلِبَّابُ مَثَّل به سيبويه ولم يفسره أَحد قال السيرافي وأَظُنه يَعْني الجِلْبابَ [ ص 274 ] والجُلاَّبُ ماءُ الورد فارسي معرَّب وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِذا اغْتَسَلَ مِن الجنابة دَعا بشيءٍ مِثْلِ الجُلاَّبِ فأَخَذَ بكَفِّه فبدأَ بشِقِّ رأْسه الأَيمن ثم الأَيسر فقال بهما على وسَط رأْسه قال أَبو منصور أَراد بالجُلاَّبِ ماءَ الوردِ وهو فارسيٌّ معرّب يقال له جُلْ وآب وقال بعض أَصحاب المعاني والحديث إِنما هو الحِلابُ لا الجُلاَّب وهو ما يُحْلَب فيه الغنم كالمِحْلَب سواء فصحَّف فقال جُلاَّب يعني أَنه كان يغتسل من الجنابة فيذلك الحِلاب والجُلْبانُ الخُلَّرُ وهو شيءٌ يُشْبِه الماشَ التهذيب والجُلْبانُ المُلْكُ الواحدة جُلْبانةٌ وهو حَبٌّ أَغْبرُ أَكْدَرُ على لَوْنِ الماشِ إِلا أَنه أَشدُّ كُدْرَةً منه وأَعظَمُ جِرْماً يُطْبَخُ وفي حديث مالك تؤْخذ الزكاة من الجُلْبان هو بالتخفيف حَبٌّ كالماش والجُلُبَّانُ من القَطاني معروف قال أَبو حنيفة لم أَسمعه من الأَعراب إِلاَّ بالتشديد وما أَكثر مَن يُخَفِّفه قال ولعل التخفيف لغة واليَنْجَلِبُ خَرَزَةٌ يُؤَخَّذُ بها الرجال حكى اللحياني عن العامرية أَنَّهُن يَقُلْنَ أَخَّذْتُه باليَنْجَلِبْ فلا يَرْم ولا يَغِبْ ولا يَزَلْ عند الطُّنُبْ وذكر الأَزهري هذه الخرزة في الرباعي قال ومن خرزات الأَعراب اليَنْجَلِبُ وهو الرُّجوعُ بعد الفِرارِ والعَطْفُ بعد البُغْضِ والجُلْبُ جمع جُلْبةٍ وهي بَقْلةٌ

جلحب
رجل جلْحابٌ وجِلْحابةٌ وهو الضَّخْم الأَجْلَحُ وشيخ جِلْحابٌ وجِلْحابةٌ كَبيرٌ مُوَلٍّ هِمٌّ وقيل قدِيمٌ وإِبلٌ مُجْلَحِبَّةٌ طويلة مُجْتَمِعةٌ والجِلْحَبُّ القَوِيُّ الشديد قال
وهْيَ تُريدُ العَزَبَ الجِلْحَبَّا ... يَسْكُبُ ماءَ الظَّهْرِ فيها سَكْبا
والمُجْلَحِبُّ المُمْتَدُّ قال ابن سيده ولا أَحُقُّه وقال أَبو عَمْرو الجِلْحَبُّ الرجل الطوِيلُ القامةِ غيره والجِلْحَبُّ الطويل التهذيب والجِلْحابُ فُحَّالُ النَخْلِ

جلخب
ضرَبَه فاجْلَخَبَّ أَي سَقَطَ

جلدب
الجَلْدَبُ الصُّلْب الشديدُ

جلعب
الجَلْعَبُ والجَلَعْباءُ والجَلَعْبَى والجَلْعابةُ كلُّه الرَّجُل الجافي الكثِيرُ الشرِّ وأَنشد الأَزهريُّ جِلْفاً جَلَعْبَى ذا جَلَبْ والأُنثى جَلَعْباةٌ بالهاءِ قال ابن سيده وهي من الإِبل ما طالَ في هَوَجٍ وعَجْرَفِيَّةٍ ابن الأَعرابي اجْرَعَنَّ وارْجَعَنَّ واجْرَعَبَّ واجْلَعَبَّ الرَّجُلُ اجْلِعْباباً إِذا صُرِعَ وامْتَدَّ على وجهِ الأَرض وقيل إِذا اضْطَجَعَ وامْتَدَّ وانْبَسَطَ الأَزهري المُجْلَعِبُّ المَصْرُوع إِما مَيِّتاً وإِما صَرَعاً شديداً والمُجْلَعِبُّ المُسْتَعْجِلُ الماضي قال والمُجْلَعِبُّ أَيضاً من نَعْتِ الرجل الشِّرِّيرِ وأَنشد مُجْلَعِبّاً بين راووقٍ ودَنْ [ ص 275 ] قال ابن سيده المُجْلَعِبُّ الماضي الشِّرِّيرُ والمُجْلَعِبُّ المُضْطَجِعُ فهو ضِدٌّ الأَزهري المُجْلَعِبُّ الماضي في السَّير والمُجْلَعِبُّ المُمْتَدُّ والمُجلَعِبُّ الذاهِبُ واجْلَعَبَّ في السير مَضَى وجَدَّ واجْلَعَبَّ الفَرَسُ امْتَدَّ مع الأَرض ومنه قول الأَعرابي يصف فرساً وإِذا قِيدَ اجْلَعَبَّ الفرَّاءُ رجل جَلَعْبَى العَينِ على وزن القَرَنْبَى والأَنثى جَلَعْباةٌ بالهاءِ وهي الشَّديدةُ البَصَر قال الأَزهري وقال شمر لا أَعرف الجَلَعْبَى بما فَسَّرها الفرَّاءُ والجَلَعْباةُ من الإِبل التي قد قَوَّسَتْ ودَنَتْ من الكِبَر ابن سيده الجَلَعْباةُ الناقةُ الشديدةُ في كل شيء واجْلَعَبَّت الإِبلُ جَدَّتْ في السَّير وفي الحديث كان سَعْدُ بن معاذ رجلاً جِلْعاباً أَي طويلاً والجَلْعَبَة من النُّوقِ الطويلةُ وقيل هو الضَّخْم الجسيم ويروى جِلْحاباً وهو بمعناه وسَيلٌ مُجْلَعِبٌّ كبيرٌ وقيل كَثِير قَمْشُه وهو سَيْلٌ مُزْلَعِبٌّ أَيضاً وجَلْعَبٌ اسم موضع

جلنب
التهذيب في الرباعي ناقة جَلَنْباةٌ سَمِينةٌ صُلْبةٌ وأَنشد شمر للطِّرِمَّاحِ
كأَنْ لم تَجُدْ بالوَصْل يا هِنْدُ بَيْنَنا ... جَلَنْباةُ أَسْفارٍ كجَنْدَلةِ الصَّمْدِ

جنب
الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ شِقُّ الإِنْسانِ وغيره تقول قعَدْتُ إِلى جَنْب فلان وإِلى جانِبه بمعنى والجمع جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ الأَخيرة نادرة وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه في الرجل الذي أَصابَتْه الفاقةُ فخرج إِلى البَرِّية فدَعا فإِذا الرَّحى تَطْحَنُ والتَّنُّورُ مَمْلُوءٌ جُنوبَ شِواءٍ هي جمع جَنْبٍ يريد جَنْبَ الشاةِ أَي إِنه كان في التَّنُّور جُنوبٌ كثيرة لا جَنْبٌ واحد وحكى اللحياني إِنه لمُنْتَفِخُ الجَوانِبِ قال وهو من الواحد الذي فُرِّقَ فجُعل جَمْعاً وجُنِب الرَّجُلُ شَكا جانِبَه وضَرَبَه فجنَبَه أَي كسَرَ جَنْبَه أَو أَصاب جَنْبَه ورجل جَنِيبٌ كأَنه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً عن ابن الأَعرابي وأَنشد
رَبا الجُوعُ في أَوْنَيْهِ حتَّى كأَنَّه ... جَنِيبٌ به إِنَّ الجَنِيبَ جَنِيبُ
أَي جاعَ حتى كأَنَّه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً وقالوا الحَرُّ جانِبَيْ سُهَيْلٍ أَي في ناحِيَتَيْه وهو أَشَدُّ الحَرِّ وجانَبَه مُجانَبةً وجِناباً صار إِلى جَنْبِه وفي التنزيل العزيز أَنْ تقولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ قال الفرَّاءُ الجَنْبُ القُرْبُ وقوله على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ أَي في قُرْبِ اللّهِ وجِوارِه والجَنْبُ مُعْظَمُ الشيءِ وأَكثرهُ ومنه قولهم هذا قَليل في جَنْبِ مَوَدّتِكَ وقال ابن الأَعرابي في قوله في جنبِ اللّهِ في قُرْبِ اللّهِ منَ الجَنةِ وقال الزجاج معناه على ما فَرَّطْتُ في الطَّريقِ الذي هو طَريقُ اللّهِ الذي دعاني إِليه وهو توحيدُ اللّهِ والإِقْرارُ بنُبوَّةِ رسوله وهو محمدٌ صلى اللّه عليه وسلم وقولهم اتَّقِ اللّهَ في جَنْبِ أَخِيك [ ص 276 ] ولا تَقْدَحْ في ساقِه معناه لا تَقْتُلْه ( 1 )
( 1 قوله « لا تقتله » كذا في بعض نسخ المحكم بالقاف من القتل وفي بعض آخر منه لا تغتله بالغين من الاغتيال ) ولا تَفْتِنْه وهو على المَثَل قال وقد فُسِّر الجَنْبُ ههنا بالوَقِيعةِ والشَّتمِ وأَنشد ابن الأَعرابي خَلِيليَّ كُفَّا واذكُرا اللّهَ في جَنْبي أَي في الوَقِيعة فيَّ وقوله تعالى والصاحِبِ بالجَنْبِ وابنِ السَّبِيلِ يعني الذي يَقْرُبُ منك ويكونُ إِلى جَنْبِك وكذلك جارُ الجُنُبِ أَي اللاَّزِقُ بك إِلى جَنْبِك وقيل الصاحِبُ بالجَنْبِ صاحِبُك في السَّفَر وابنُ السَّبِيل الضَّيفُ قال سيبويه وقالوا هُما خَطَّانِ جَنابَتَيْ أَنْفِها يعني الخَطَّينِ اللَّذَين اكْتَنَفا جنْبَيْ أَنْفِ الظَّبْيةِ قال كذا وقع في كتاب سيبويه ووقع في الفرخ جَنْبَيْ أَنْفِها والمُجَنِّبتانِ من الجَيْش المَيْمَنةُ والمَيْسَرَةُ والمُجَنَّبةُ بالفتح المُقَدَّمةُ وفي حديث أَبي هريرة رضِي اللّه عنه أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم بَعَثَ خالِدَ بنَ الوَلِيدِ يومَ الفَتْح على المُجَنِّبةِ اليُمْنى والزُّبَيرَ على المُجَنِّبةِ اليُسْرَى واستعمل أَبا عُبَيْدةَ على البَياذِقةِ وهُمُ الحُسَّرُ وجَنَبَتا الوادي ناحِيَتاهُ وكذلك جانِباهُ ابن الأَعرابي يقال أَرْسَلُوا مُجَنِّبَتَينِ أَي كَتيبَتَين أَخَذَتا ناحِيَتَي الطَّريقِ والمُجَنِّبةُ اليُمْنى هي مَيْمَنةُ العسكر والمُجَنِّبةُ اليُسْرى هي المَيْسَرةُ وهما مُجَنِّبَتانِ والنون مكسورة وقيل هي الكَتِيبةُ التي تأْخذ إِحْدَى ناحِيَتي الطَّريق قال والأَوَّل أَصح والحُسَّرُ الرَّجَّالةُ ومنه الحَديث في الباقِياتِ الصَّالحاتِ هُنَّ مُقَدِّماتٌ وهُنَّ مُجَنِّباتٌ وهُنَّ مُعَقِّباتٌ وجَنَبَ الفَرَسَ والأَسيرَ يَجْنُبُه جَنَباً بالتحريك فهو مَجْنُوبٌ وجَنِيبٌ قادَه إلى جَنْبِه وخَيْلٌ جَنائبُ وجَنَبٌ عن الفارسي وقيل مُجَنَّبةٌ شُدِّدَ للكثرة وفَرَسٌ طَوعُ الجِنابِ بكسر الجيم وطَوْعُ الجَنَبِ إِذا كان سَلِسَ القِيادِ أَي إِذا جُنِبَ كان سَهْلاً مُنْقاداً وقولُ مَرْوانَ ( 2 )
( 2 قوله « وقول مروان إلخ » أورده في المحكم بلصق قوله وخيل جنائب وجنب ) بن الحَكَم ولا نَكُونُ في هذا جَنَباً لِمَنْ بَعْدَنا لم يفسره ثعلب قال وأُراه من هذا وهو اسم للجمع وقوله
جُنُوح تُباريها ظِلالٌ كأَنَّها ... مَعَ الرَّكْبِ حَفَّانُ النَّعامِ المُجَنَّب ( 3 )
( 3 قوله « جنوح » كذا في بعض نسخ المحكم والذي في البعض الآخر منه جنوحاً بالنصب )
المُجَنَّبُ المَجْنُوبُ أَي المَقُودُ ويقال جُنِبَ فلان وذلك إِذا
ما جُنِبَ إِلى دَابَّةٍ والجَنِيبَة الدَّابَّةُ تُقادُ واحدة الجَنائِبِ وكلُّ طائِعٍ مُنْقادٍ جَنِيبٌ والأَجْنَبُ الذي لا يَنْقادُ وجُنَّابُ الرَّجلِ الذي يَسِير معه إِلى جَنْبِه وجَنِيبَتا البَعِير ما حُمِلَ على جَنْبَيهِ وجَنْبَتُه طائِفةٌ من جَنْبِه والجَنْبةُ جِلْدة من جَنْبِ البَعير يُعْمل منها عُلْبةٌ وهي فوق المِعْلَقِ من العِلابِ ودُونَ الحَوْأَبةِ يقال أَعْطِني جَنْبةً أَتَّخِذْ مِنْها عُلْبةً وفي التهذيب أَعْطِني جَنْبةً فيُعْطِيه جِلْداً فيَتَّخِذُه عُلْبة [ ص 277 ] والجَنَبُ بالتحريك الذي نُهِيَ عنه أَن يُجْنَبَ خَلْفَ الفَرَسِ فَرَسٌ فإِذا بَلَغَ قُرْبَ الغايةِ رُكِبَ وفي حديث الزَّكاةِ والسِّباقِ لا جَلَبَ ولا جَنَبَ وهذا في سِباقِ الخَيْل والجَنَبُ في السباق بالتحريك أَن يَجْنُبَ فَرَساً عُرْياً عند الرِّهانِ إِلى فَرَسِه الذي يُسابِقُ عَلَيْهِ فإِذا فَتَر المَرْكُوبُ تحَوَّلَ إِلى المَجْنُوبِ وذلك إِذا خاف أَن يُسْبَقَ على الأَوَّلِ وهو في الزكاة أَن يَنزِل العامِلُ بأَقْصَى مواضع أَصحاب الصدقة ثم يأْمُرَ بالأَموال أَن تُجْنَبَ إِليه أَي تُحْضَرَ فَنُهُوا عن ذلك وقيل هو أَن يُجْنِبَ رَبُّ المالِ بمالِه أَي يُبْعِدَه عن موضِعه حتى يَحْتاجَ العامِلُ إِلى الإِبْعاد في اتِّباعِه وطَلَبِه وفي حديث الحُدَيْبِيَةِ كانَ اللّهُ قد قَطَعَ جَنْباً مِنَ المشْركين أَراد بالجَنْبِ الأَمْرَ أَو القِطْعةَ مِنَ الشيءِ يقال ما فَعَلْتَ في جَنْبِ حاجَتي أَي في أَمْرِها والجَنْبُ القِطْعة من الشيءِ تكون مُعْظَمَه أَو شيئاً كَثِيراً منه وجَنَبَ الرَّجلَ دَفَعَه ورَجل جانِبٌ وجُنُبٌ غَرِيبٌ والجمع أَجْنابٌ وفي حديث مُجاهد في تفسير السيارة قال هم أَجْنابُ الناس يعني الغُرَباءَ جمع جُنُبٍ وهو الغَرِيبُ وقد يفرد في الجميع ولا يؤَنث وكذلك الجانِبُ والأَجْنَبيُّ والأَجْنَبُ أَنشد ابن الأَعرابي
هل في القَضِيَّةِ أَنْ إِذا اسْتَغْنَيْتُمُ ... وأَمِنْتُمُ فأَنا البعِيدُ الأَجْنَبُ
وفي الحديث الجانِبُ المُسْتَغْزِرُ يُثابُ من هِبَتِه الجانبُ الغَرِيبُ أَي إِنَّ الغَرِيبَ الطالِبَ إِذا أَهْدَى لك هَدِيَّةً ليَطْلُبَ أَكثرَ منها فأَعْطِه في مُقابَلة هدِيَّتِه ومعنى المُسْتَغْزِر الذي يَطْلُب أَكثر مما أَعْطَى ورجل أَجْنَبُ وأَجْنَبيٌّ وهو البعيد منك في القَرابةِ والاسم الجَنْبةُ والجَنابةُ قال
إِذا ما رَأَوْني مُقْبِلاً عن جَنابةٍ ... يَقُولُونَ مَن هذا وقد عَرَفُوني
وقوله أَنشده ثعلب جَذْباً كَجذْبِ صاحِبِ الجَنابَهْ فسره فقال يعني الأَجْنَبيَّ والجَنِيبُ الغَرِيبُ وجَنَبَ فلان في بني فلان يَجْنُبُ جَنابةً ويَجْنِبُ إِذا نَزَلَ فيهم غَرِيباً فهو جانِبٌ والجمع جُنَّابٌ ومن ثَمَّ قيل رجلٌ جانِبٌ أَي غرِيبٌ ورجل جُنُبٌ بمعنى غريب والجمع أَجْنابٌ وفي حديث الضَّحَّاك أَنه قال لجارِية هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ قال على جانِبٍ الخَبَرُ أَي على الغَرِيبِ القادِمِ ويقال نِعْم القَوْمُ هُمْ لجارِ الجَنابةِ أَي لِجارِ الغُرْبةِ
والجَنابةُ ضِدّ القَرابةِ وقول عَلْقَمَة بن عَبَدةَ
وفي كلِّ حيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ ... فَحُقَّ لشأْسٍ مِن نَداكَ ذَنُوبُ
فلا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عن جَنابةٍ ... فإِني امْرُؤٌ وَسْطَ القِبابِ
غرِيبُ عن جَنابةٍ أَي بُعْدٍ وغُربة قاله يُخاطِبُ به الحَرِثَ ابنَ جَبَلةَ يمدحه وكان قد أَسَرَ أَخاه شَأْساً معناه لا تَحْرِمَنِّي بعدَ غُرْبةٍ وبُعْدٍ عن دِياري وعن في قوله عن جنابةِ بمعنى بَعْدَ وأَراد بالنائلِ إِطْلاقَ أَخِيهِ شَأْسٍ من سِجْنِه فأَطْلَقَ له أَخاه [ ص 278 ] شأْساً ومَن أُسِرَ معه من بني تميم وجَنَّبَ الشيءَ وتجَنَّبَه وجانَبَه وتجَانَبَه واجْتَنَبَهُ بَعُد عنه وجَنَبَه الشيءَ وجَنَّبَه إِيَّاه وجَنَبَه يَجْنُبُه وأَجْنَبَه نَحَّاهُ عنه وفي التنزيل العزيز إِخباراً عن إِبراهيم على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام واجْنُبْني وبَنيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنام أَي نَجِّني وقد قُرئَ وأَجْنِبْني وبَنيَّ بالقَطْع ويقال جَنَبْتُه الشَّرَّ وأَجْنَبْتُه وجَنَّبْتُه بمعنى واحد قاله الفرّاءُ والزجاج ويقال لَجَّ فلان في جِنابٍ قَبيحٍ إِذا لَجَّ في مُجانَبَةِ أَهلِه ورجل جَنِبٌ يَتَجنَّبُ قارِعةَ الطريق مَخافةَ الأَضْياف والجَنْبة بسكون النون الناحية ورَجُل ذو جَنْبة أَي اعْتزالٍ عن الناس مُتَجَنِّبٌ لهم وقَعَدَ جَنْبَةً أَي ناحِيةً واعْتَزَل الناسَ ونزل فلان جَنْبةً أَي ناحِيةً وفي حديث عمر رضي اللّه عنه عليكم بالجَنْبةِ فإِنها عَفافٌ قال الهروي يقول اجْتَنِبُوا النساءَ والجُلُوسَ إِلَيْهنَّ ولا تَقْرَبُوا ناحِيَتَهنَّ وفي حديث رقيقة اسْتَكَفُّوا جَنابَيْه أَي حَوالَيْه تثنية جَناب وهي الناحِيةُ وحديث الشعبي أَجْدَبَ بِنا الجَنابُ والجَنْبُ الناحِيةُ وأَنشد الأَخفش الناسُ جَنْبٌ والأَمِيرُ جَنْبُ كأَنه عَدَلَه بجميع الناس ورجل لَيِّنُ الجانِبِ والجَنْبِ أَي سَهْلُ القُرْب والجانِبُ الناحِيةُ وكذلك الجَنَبةُ تقول فلان لا يَطُورُ بِجَنَبَتِنا قال ابن بري هكذا قال أَبو عبيدة وغيره بتحريك النون قال وكذا رَوَوْه في الحديث وعلى جَنَبَتَيِ الصِّراطِ أَبْوابٌ مُفَتَّحةٌ وقال عثمان بن جني قد غَرِيَ الناسُ بقولهم أَنا في ذَراكَ وجَنَبَتِك بفتح النون قال والصواب إِسكانُ النون واستشهد على ذلك بقول أَبي صَعْتَرةَ البُولانيِّ
فما نُطْفةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تقاذَفَتْ ... به جَنْبَتا الجُوديِّ والليلُ دامِسُ
وخبر ما في البيت الذي بعده وهو
بأَطْيَبَ مِنْ فِيها وما ذُقْتُ طَعْمَها ... ولكِنَّني فيما تَرَى العينُ فارِسُ
أَي مُتَفَرِّسٌ ومعناه اسْتَدْلَلْتُ بِرِقَّته وصفَائِه على عُذوبَتِه وبَرْدِه وتقول مَرُّوا يَسِيرُونَ جَنابَيْه وجَنابَتَيْه وجَنْبَتَيْه أَي ناحِيَتَيْهِ والجانِبُ المُجْتَنَبُ المَحْقُورُ وجارٌ جُنُبٌ ذو جَنابةٍ مِن قوم آخَرِينَ لا قَرابةَ لهم ويُضافُ فيقال جارُ الجُنُبِ التهذيب الجارُ الجُنُب هو الذي جاوَرَك ونسبُه في قوم آخَرِينَ والمُجانِبُ المُباعِدُ قال
وإِني لِما قد كان بَيْني وبيْنَها ... لمُوفٍ وإِنْ شَطَّ المَزارُ المُجانِبُ
وفرَسٌ مُجَنَّبٌ بَعِيدُ ما بين الرِّجْلَين من غير فَحَجٍ وهو مدح والتَّجْنِيبُ انحِناءٌ وتَوْتِيرٌ في رِجْلِ الفَرَس وهو مُسْتَحَبٌّ قال أَبو دُواد [ ص 279 ] وفي اليَدَيْنِ إِذا ما الماءُ أَسْهَلَها ثَنْيٌ قَلِيلٌ وفي الرِّجْلَينِ تَجْنِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « أسهلها » في الصاغاني الرواية أسهله يصف فرساً والماء أراد به العرق وأسهله أي أساله وثني أي يثني يديه )
قال أَبو عبيدة التَّجْنِيبُ أَن يُنَحِّيَ يديه في الرَّفْعِ والوَضْعِ وقال الأَصمعي التَّجْنِيبُ بالجيم في الرجلين والتحنيب بالحاء في الصلب واليدين وأَجْنَبَ الرجلُ تَباعَدَ والجَنابةُ المَنِيُّ وفي التنزيل العزيز وإِن كُنْتم جُنُباً فاطَّهَّروا وقد أَجْنَبَ الرجلُ وجَنُبَ أَيضاً بالضم وجَنِبَ وتَجَنَّبَ قال ابن بري في أَماليه على قوله جَنُبَ بالضم قال المعروف عند أَهل اللغة أَجْنَبَ وجَنِبَ بكسر النون وأَجْنَبَ أَكثرُ من جَنِبَ ومنه قول ابن عباس رضي اللّه عنهما الإِنسان لا يُجْنِبُ والثوبُ لا يُجْنِبُ والماءُ لا يُجْنِبُ والأَرضُ لا تُجْنِبُ وقد فسر ذلك الفقهاءُ وقالوا أَي لا يُجْنِبُ الإِنسانُ بمُماسَّةِ الجُنُبِ إِيَّاه وكذلك الثوبُ إِذا لَبِسَه الجُنُب لم يَنْجُسْ وكذلك الأَرضُ إِذا أَفْضَى إِليها الجُنُبُ لم تَنْجُسْ وكذلك الماءُ إِذا غَمَس الجُنُبُ فيه يدَه لم يَنْجُسْ يقول إِنَّ هذه الأَشياءَ لا يصير شيءٌ منها جُنُباً يحتاج إلى الغَسْلِ لمُلامَسةٍ الجُنُبِ إِيَّاها قال الأَزهري إِنما قيل له جُنُبٌ لأَنه نُهِيَ أَن يَقْرَبَ مواضعَ الصلاةِ ما لم يَتَطهَّرْ فتَجَنَّبَها وأَجْنَبَ عنها أَي تَنَحَّى عنها وقيل لمُجانَبَتِه الناسَ ما لم يَغْتَسِلْ والرجُل جُنُبٌ من الجَنابةِ وكذلك الاثْنانِ والجميع والمؤَنَّث كما يقال رجُلٌ رِضاً وقومٌ رِضاً وإِنما هو على تأْويل ذَوِي جُنُبٍ فالمصدر يَقُومُ مَقامَ ما أُضِيفَ إِليه ومن العرب من يُثَنِّي ويجْمَعُ ويجْعَلُ المصدر بمنزلة اسم الفاعل وحكى الجوهري أَجْنَبَ وجَنُبَ بالضم وقالوا جُنُبانِ وأَجْنابٌ وجُنُبُونَ وجُنُباتٌ قال سيبويه كُسِّرَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جنب الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ شِقُّ الإِنْسانِ وغيره تقول على أَفْعالٍ كما كُسِّرَ بَطَلٌ عليه حِينَ قالوا أَبْطالٌ كما اتَّفَقا في الاسم عليه يعني نحو جَبَلٍ وأَجْبالٍ وطُنُبٍ وأَطْنابٍ ولم يقولوا جُنُبةً وفي الحديث لا تَدْخُلُ الملائكةُ بَيْتاً فيه جُنُبٌ قال ابن الأَثير الجُنُب الذي يَجِبُ عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المَنّي وأَجْنَبَ يُجْنِبُ إِجْناباً والاسم الجَنابةُ وهي في الأَصْل البُعْدُ وأَراد بالجُنُبِ في هذا الحديث الذي يَترُك الاغْتِسالَ مِن الجَنابةِ عادةً فيكونُ أَكثرَ أَوقاتِه جُنُباً وهذا يدل على قِلّة دِينِه وخُبْثِ باطِنِه وقيل أَراد بالملائكة ههُنا غيرَ الحَفَظةِ وقيل أَراد لا تحْضُره الملائكةُ بخير قال وقد جاءَ في بعض الرِّوايات كذلك والجَنابُ بالفتح والجانِبُ النّاحِيةُ والفِناءُ وما قَرُبَ مِن مَحِلَّةِ القوْمِ والجمع أَجْنِبةٌ وفي الحديث وعلى جَنَبَتي الصِّراطِ داعٍ أَي جانِباهُ وجَنَبَةُ الوادي جانِبُه وناحِيتُه وهي بفتح النون والجَنْبةُ بسكون النون النّاحِيةُ ويقال أَخْصَبَ جَنابُ القوم بفتح الجيم وهو ما حَوْلَهم وفلان خَصِيبُ الجَنابِ وجَديبُ الجَنابِ وفُلانٌ رَحْبُ الجَنابِ أَي الرَّحْل وكُنا عنهم جَنابِينَ وجَناباً أَي مُتَنَحِّينَ والجَنِيبةُ العَلِيقةُ وهي الناقةُ يُعْطِيها الرّجُلُ القومَ يَمتارُونَ عليها له زاد المحكم ويُعْطِيهم دَراهِمَ ليَمِيرُوه عليها قال الحسن بن مُزَرِّدٍ قالَتْ لَه مائِلَةُ الذَّوائِبِ
[ ص 280 ]
كَيْفَ أَخِي في العُقَبِ النَّوائِبِ ؟ ... أَخُوكَ ذُو شِقٍّ عَلى الرَّكائِبِ
رِخْوُ الحِبالِ مائلُ الحَقائِبِ ... رِكابُه في الحَيِّ كالجَنائِبِ
يعني أَنها ضائعةٌ كالجَنائِب التي ليس لها رَبٌّ يَفْتَقِدُها تقول إِنَّ أَخاكَ ليس بِمُصْلِحٍ لمالِه فمالُهُ كَمالٍ غابَ عنْه رَبُّه وسَلَّمه لِمَن يَعْبَثُ فِيهِ ورِكابُه التي هو مَعَها كأَنها جَنائِبُ في الضُّرِّ وسُوءِ الحالِ وقوله رِخْوُ الحِبالِ أَي هو رِخْوُ الشَّدِّ لرَحْلِه فحقائبُه مائلةٌ لِرخاوةِ الشَّدِّ والجَنِيبةُ صُوفُ الثَّنِيِّ عن كراع وحده قال ابن سَيده والذي حكاه يعقوب وغيره من أَهل اللغة الخَبِيبةُ ثم قال في موضع آخر الخَبِيبةُ صُوفُ الثَّنِيِّ مثل الجَنِيبةِ فثبت بهذا أَنهما لُغَتانِ صَحيحتانِ والعَقِيقةُ صُوفُ الجَذَعِ والجَنِيبةُ من الصُّوفِ أَفْضلُ من العَقِيقة وأَبْقَى وأَكثر والمَجْنَبُ بالفتح الكَثِيرُ من الخَيرِ والشَّرِّ وفي الصحاح الشيءُ الكثير يقال إِن عندنا لخيراً مَجْنَباً أَي كثيراً وخَصَّ به أَبو عبيدة الكَثِير من الخَيرِ قال الفارسي وهو مِمّا وَصفُوا به فقالوا خَيرٌ مَجْنَبٌ قال الفارسي وهذا يقال بكسر الميم وفتحها وأَنشد شمر لكثير
وإِذْ لا ترَى في الناسِ شَيْئاً يَفُوقُها ... وفِيهنَّ حُسْنٌ لو تَأَمَّلْتَ مَجْنَبُ
قال شمر ويقال في الشَّرِّ إِذا كَثُر وأَنشد وكُفْراً ما يُعَوَّجُ مَجْنَبَا ( 1 )
( 1 قوله « وكفراً إلخ » كذا هو في التهذيب أيضاً )
وطَعامٌ مَجْنَبٌ كثير والمِجْنَبُ شَبَحَةٌ مِثْلُ المُشْطِ إِلاّ أَنها ليست لها أَسْنانٌ وطَرَفُها الأَسفل مُرْهَفٌ يُرْفَعُ بها التُّرابُ على الأَعْضادِ والفِلْجانِ وقد جَنَبَ الأَرْضَ بالمِجْنَبِ والجَنَبُ مصدر قولك جَنِبَ البعير بالكسر يَجْنَبُ جَنَباً إِذا ظَلَعَ من جَنْبِه والجَنَبُ أَن يَعطَشَ البعِيرُ عَطَشاً شديداً حتى تَلْصَقَ رِئَتُه بجَنْبِه من شدَّة العَطَشِ وقد جَنِب جَنَباً قال ابن السكيت قالت الأَعراب هو أَن يَلْتَوِيَ من شِدّة العطش قال ذوالرمة يصف حماراً
وَثْبَ المُسَحَّجِ مِن عاناتِ مَعْقُلَةٍ ... كأَنَّه مُسْتَبانُ الشَّكِّ أَو جَنِبُ
والمُسَحَّجُ حِمارُ الوَحْشِ والهاءُ في كأَنه تَعُود على حِمار وحْشٍ تقدم ذكره يقول كأَنه من نَشاطِه ظالِعٌ أَو جَنِبٌ فهو يَمشي في شِقٍّ وذلك من النَّشاطِ يُشَبِّه جملَه أَو ناقَتَه بهذا الحمار وقال أَيضاً
هاجَتْ به جُوَّعٌ غُضْفٌ مُخَصَّرةٌ ... شَوازِبٌ لاحَها التَّغْرِيثُ والجَنَبُ
وقيل الجَنَبُ في الدابة شِبْهُ الظَّلَعِ وليس بِظَلَعٍ يقال حِمارٌ جَنِبٌ وجَنِبَ البعير أَصابه وجعٌ في جَنْبِه من شِدَّةِ العَطَش والجَنِبُ الذئْبُ لتَظالُعِه كَيْداً ومَكْراً من ذلك والجُنابُ ذاتُ الجَنْبِ في أَيِّ الشِّقَّينِ كان عن الهَجَرِيِّ وزعَم أَنه إِذا كان في الشِّقِّ الأَيْسَرِ أَذْهَبَ صاحِبَه قال
مَريضٍ لا يَصِحُّ ولا أُبالي ... كأَنَّ بشِقِّهِ وجَعَ الجُنابِ
[ ص 281 ] وجُنِبَ بالضم أَصابه ذاتُ الجَنْبِ والمَجْنُوبُ الذي به ذاتُ الجَنْب تقول منه رَجُلٌ مَجْنُوب وهي قَرْحَةٌ تُصِيبُ الإِنسانَ داخِلَ جَنْبِه وهي عِلَّة صَعْبة تأْخُذُ في الجَنْب وقال ابن شميل ذاتُ الجَنْب هي الدُّبَيْلةُ وهي على تَثْقُبُ البطن ورُبَّما كَنَوْا عنها فقالوا ذاتُ الجَنْب وفي الحديث المَجْنُوبُ في سَبِيلِ اللّهِ شَهِيدٌ قيل المَجْنُوبُ الذي به ذاتُ الجَنْبِ يقال جُنِبَ فهو مَجْنُوب وصُدِرَ فهو مَصْدُورٌ ويقال جَنِبَ جَنَباً إِذا اشْتَكَى جَنْبَه فهو جَنِبٌ كما يقال رَجُلٌ فَقِرٌ وظَهِرٌ إِذا اشْتَكَى ظَهْرَه وفَقارَه وقيل أَراد بالمَجْنُوبِ الذي يَشْتَكِي جَنْبَه مُطْلَقاً وفي حديث الشُّهَداءِ ذاتُ الجَنْب شَهادةٌ وفي حديث آخر ذُو الجَنْبِ شَهِيدٌ هو الدُّبَيْلةُ والدُّمَّل الكبيرة التي تَظْهَر في باطن الجَنْب وتَنْفَجِر إِلى داخل وقَلَّما يَسْلَمُ صاحِبُها وذُو الجَنْبِ الذي يَشْتَكي جَنْبَه بسبب الدُّبيلة إِلاّ أَنَّ ذو للمذكر وذات للمؤَنث وصارت ذات الجنب علماً لها وإِن كانت في الأَصل صفة مضافة والمُجْنَب بالضم والمِجْنَبُ بالكسر التُّرْس وليست واحدة منهما على الفعل قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ
صَبَّ اللَّهِيفُ لَها السُّبُوبَ بِطَغْيةٍ ... تُنْبي العُقابَ كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
عَنَى باللَّهِيفِ المُشْتارَ وسُبُوبُه حِبالُه التي يَتَدلَّى بها إِلى العَسَلِ والطَّغْيةُ الصَّفاةُ المَلْساءُ والجَنْبةُ عامَّة الشَّجَر الذي يَتَرَبَّلُ في الصَّيْفِ وقال أَبو حنيفة الجَنْبةُ ما كان في نِبْتَتِه بين البَقْل والشَّجر وهما مما يبقى أَصله في الشتاءِ ويَبِيد فَرْعه ويقال مُطِرْنا مَطَراً كَثُرتْ منه الجَنْبةُ وفي التهذيب نَبَتَتْ عنه الجَنْبةُ والجَنْبَةُ اسم لكل نَبْتٍ يَتَرَبَّلُ في الصَّيف الأَزهري الجَنْبةُ اسم واحد لنُبُوتٍ كثيرة وهي كلها عُرْوةٌ سُميت جَنْبةً لأَنها صَغُرت عن الشجر الكبار وارْتَفَعَتْ عن التي أَرُومَة لها في الأَرض فمِنَ الجَنْبةِ النَّصِيُّ والصِّلِّيانُ والحَماطُ والمَكْرُ والجَدْرُ والدَّهْماءُ صَغُرت عن الشجر ونَبُلَتْ عن البُقُول قال وهذا كله مسموع من العرب وفي حديث الحجاج أَكَلَ ما أَشْرَفَ من الجَنْبَةِ الجَنْبَةُ بفتح الجيم وسكون النون رَطْبُ الصِّلِّيانِ من النبات وقيل هو ما فَوْقَ البَقْلِ ودُون الشجر وقيل هو كلُّ نبْت يُورِقُ في الصَّيف من غير مطر والجَنُوبُ ريح تُخالِفُ الشَّمالَ تأْتي عن يمِين القِبْلة وقال ثعلب الجَنُوبُ مِن الرِّياحِ ما اسْتَقْبَلَكَ عن شِمالك إِذا وقَفْت في القِبْلةِ وقال ابن الأَعرابي مَهَبُّ الجَنُوب مِن مَطْلَعِ سُهَيلٍ إِلى مَطْلَعِ الثُرَيَّا الأَصمعي مَجِيءُ الجَنُوبِ ما بين مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إِلى مَطْلَعِ الشمس في الشتاءِ وقال عُمارةُ مَهَبُّ الجَنُوبِ ما بين مَطلع سُهَيْل إِلى مَغْرِبه وقال الأَصمعي إِذا جاءَت الجَنُوبُ جاءَ معها خَيْرٌ وتَلْقِيح وإِذا جاءَت الشَّمالُ نَشَّفَتْ وتقول العرب للاثنين إِذا كانا مُتصافِيَيْنِ رِيحُهما جَنُوبٌ وإِذا تفرَّقا قيل شَمَلَتْرِيحُهما ولذلك قال الشاعر
لَعَمْري لَئِنْ رِيحُ المَودَّةِ أَصبَحَتْ ... شَمالاً لقد بُدِّلْتُ وهي جَنُوبُ
[ ص 282 ] وقول أَبي وجزة
مَجْنُوبةُ الأُنْسِ مَشْمُولٌ مَواعِدُها ... مِن الهِجانِ ذواتِ الشَّطْبِ والقَصَبِ
يعني أَن أُنسَها على مَحَبَّتِه فإِن التَمَس منها إِنْجازَ مَوْعِدٍ لم يَجِدْ شيئاً وقال ابن الأَعرابي يريد أَنها تَذْهَب مَواعِدُها مع الجَنُوبِ ويَذْهَبُ أُنْسُها مع الشَّمالِ وتقول جَنَبَتِ الرِّيحُ إِذا تَحَوَّلَتْ جَنُوباً وسَحابةٌ مَجْنُوبةٌ إِذا هَبَّتْ بها الجَنُوب التهذيب والجَنُوبُ من الرياحِ حارَّةٌ وهي تَهُبُّ في كلِّ وَقْتٍ ومَهَبُّها ما بين مَهَبَّي الصَّبا والدَّبُورِ مِمَّا يَلي مَطْلَعَ سُهَيْلٍ وجَمْعُ الجَنُوبِ أَجْنُبٌ وفي الصحاح الجَنُوبُ الريح التي تُقابِلُ الشَّمال وحُكي عن ابن الأَعرابي أَيضاً أَنه قال الجَنُوب في كل موضع حارَّة إِلا بنجْدٍ فإِنها باردة وبيتُ كثير عَزَّةَ حُجَّة له
جَنُوبٌ تُسامِي أَوْجُهَ القَوْمِ مَسُّها ... لَذِيذٌ ومَسْراها من الأَرضِ طَيِّبُ
وهي تكون اسماً وصفة عند سيبويه وأَنشد
رَيحُ الجَنُوبِ مع الشَّمالِ وتارةً ... رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ
وهَبَّتْ جَنُوباً دليل على الصفة عند أَبي عثمان قال الفارسي ليس بدليل أَلا ترى إِلى قول سيبويه إِنه قد يكون حالاً ما لا يكون صفة كالقَفِيز والدِّرهم والجمع جَنائبُ وقد جَنَبَتِ الرِّيحُ تَجْنُبُ جُنُوباً وأَجْنَبَتْ أَيضاً وجُنِبَ القومُ أَصابَتْهم الجَنُوبُ أَي أَصابَتْهم في أَمْوالِهِمْ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ
سادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيعِ ثَمانِياً ... يُلْوَى بِعَيْقاتِ البِحارِ ويُجْنَبُ
أَي أَصابَتْه الجَنُوبُ وأَجْنَبُوا دَخلوا في الجَنُوبِ وجُنِبُوا أَصابَهُم الجَنُوبُ فهم مَجْنُوبُونَ وكذلك القول في الصَّبا والدَّبُورِ والشَّمالِ وجَنَبَ إِلى لِقائِه وجَنِبَ قَلِقَ الكسر عن ثعلب والفتح عن ابن الأَعرابي تقول جَنِبْتُ إِلى لِقائكَ وغَرِضْتُ إِلى لِقائكَ جَنَباً وغَرَضاً أَي قَلِقْتُ لشدَّة الشَّوْقِ إِليك وقوله في الحديث بِعِ الجَمْعَ بالدَّراهم ثم ابْتَعْ به جَنِيباً هو نوع جَيِّد مَعْروف من أَنواع التمر وقد تكرَّر في الحديث وجَنَّبَ القومُ فهم مُجَنِّبُونَ إِذا قلَّتْ أَلبانُ إِبلهم وقيل إِذا لم يكن في إِبلهم لَبَنٌ وجَنَّبَ الرَّجلُ إِذا لم يكن في إِبله ولا غنمه دَرٌّ وجَنَّبَ الناسُ انْقَطَعَتْ أَلبانُهم وهو عام تَجْنِيب قال الجُمَيْحُ بنُ مُنْقِذ يذكر امرأَته
لَمَّا رَأَتْ إِبِلي قَلَّتْ حَلُوبَتُها ... وكُلُّ عامٍ عَلَيها عامُ تَجْنِيبِ
يقُول كلُّ عامٍ يَمُرُّ بها فهو عامُ تَجْنِيبٍ قال أَبو زيد جَنَّبَتِ الإِبلُ إِذا لم تُنْتَجْ منها إِلا الناقةُ والناقَتانِ وجَنَّبها هو بشدِّ النون أَيضاً وفي حديث الحَرِثِ بن عَوْف إِن الإِبل جَنَّبَتْ قِبَلَنا العامَ أَي لم تَلْقَحْ فيكون لها أَلبان وجنَّب إِبلَه وغَنَمه لم يُرْسِلْ فيها فحلاً والجَأْنَبُ بالهمز الرجل القَصِيرُ الجافي الخِلْقةِ [ ص 283 ] وخَلْقٌ جَأْنَبٌ إِذا كان قَبِيحاً كَزّاً وقال امرؤُ القيس ولا ذاتُ خَلْقٍ إِنْ تَأَمَّلْتَ جَأْنَبِ والجَنَبُ القَصِيرُ وبه فُسِّرَ بيت أَبي العيال
فَتًى ما غادَرَ الأَقْوامُ ... لا نِكْسٌ ولا جَنَبُ
وجَنِبَتِ الدَّلْوُ تَجْنَبُ جَنَباً إِذا انْقَطَعَتْ منها وذَمَةٌ أَو وَذَمَتانِ فمالَتْ والجَناباءُ والجُنابى لُعْبةٌ للصِّبْيانِ يَتَجانَبُ الغُلامانِ فَيَعْتَصِمُ كُلُّ واحِدٍ من الآخر وجَنُوبُ اسم امرأَة قال القَتَّالُ الكِلابِيُّ
أَباكِيَةٌ بَعْدي جَنُوبُ صَبابةً ... عَليَّ وأُخْتاها بماءِ عُيُونِ ؟
وجَنْبٌ بَطْن من العرب ليس بأَبٍ ولا حَيٍّ ولكنه لَقَبٌ أَو هو حَيٌّ من اليمن قال مُهَلْهِلٌ
زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ في ... جَنْبٍ وكانَ الحِباءُ من أَدَمِ
وقيل هي قَبِيلةٌ من قَبائِل اليَمَن والجَنابُ موضع والمِجْنَبُ أَقْصَى أَرضِ العَجَم إِلى أَرض العَرَبِ وأَدنى أَرضِ العَرَب إِلى أَرض العجم قال الكميت
وشَجْو لِنَفْسِيَ لم أَنْسَه ... بِمُعْتَرَك الطَّفِّ والمِجْنَبِ
ومُعْتَرَكُ الطَّفِّ هو الموضع الذي قُتِلَ فيه الحُسَين بن عليّ رضي اللّه عنهما التهذيب والجِنابُ بكسر الجيم أَرض معروفة بِنَجْد وفي حديث ذي المِعْشارِ وأَهلِ جِنابِ الهَضْبِ هو بالكسر اسم موضع

جهب
روى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي قال المِجْهَبُ القَلِيلُ الحَياءِ وقال النضر أَتَيْتُه جاهِباً وجاهِياً أَي علانِيةً قال الأَزهري وأَهمله الليث

جوب
في أَسماءِ اللّه المُجِيبُ وهو الذي يُقابِلُ الدُّعاءَ والسُّؤَال بالعَطاءِ والقَبُول سبحانه وتعالى وهو اسم فاعل مِن أَجاب يُجِيبُ والجَوابُ معروفٌ رَدِيدُ الكلام والفِعْل أَجابَ يُجِيبُ قال اللّه تعالى فإِني قَريبٌ أُجِيبُ دَعْوةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لي أَي فَلْيُجِيبوني وقال الفرَّاءُ يقال إِنها التَّلْبِيةُ والمصدر الإِجابةُ والاسم الجَابةُ بمنزلة الطاعةِ والطاقة والإِجابةُ رَجْعُ الكلام تقول أَجابَه عن سُؤَاله وقد أَجابَه
إِجابةً وإِجاباً وجَواباً وجابةً واسْتَجْوَبَه واسْتَجابَه واسْتَجابَ له قال كعبُ ابن سَعْد الغَنَويّ يرثي أَخاه أَبا المِغْوار
وَداعٍ دَعا يا مَنْ يُجيبُ إِلى النَّدَى ... فلم يَسْتَجِبْه عِنْدَ ذاكَ مُجِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « الندى » هو هكذا في غير نسخة من الصحاح والتهذيب والمحكم )
فقُلتُ ادْعُ أُخرى وارْفَعِ الصَّوتَ رَفعةً ... لَعَلَّ أَبا المِغْوارِ مِنْكَ قَرِيبُ
والإِجابةُ والاستِجابةُ بمعنى يقال اسْتَجابَ اللّه دعاءَه والاسم
الجَوابُ والجابةُ والمَجُوبةُ [ ص 284 ] الأَخيرةُ عن ابن جني ولا تكون مصدراً لأَنَّ المَفْعُلةَ عند سيبويه ليست من أَبنية المصادر ولا تكون من باب المَفْعُول لأَنَّ فِعْلها مزيد وفي أَمثالِ العَرب أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً قال هكذا يُتَكلَّم به لأَنَّ الأَمثال تُحْكَى على موضوعاتها وأَصل هذا المثل على ما ذكر الزُّبَيْر ابن بكار أَنه كان لسَهلِ بن عَمْرٍو ابنٌ مَضْعُوفٌ فقال له إِنسان أَين أَمُّكَ أَي أَين قَصْدُكَ ؟ فظَنَّ أَنه يقول له أَين أُمُّكَ فقال ذهَبَتْ تَشْتَري دَقِيقاً فقال أَبُوه أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً وقال كراع الجابةُ مصدر كالإِجابةِ قال أَبو الهيثم جابةٌ اسم يُقُومُ مَقامَ المصدر وإِنه لَحَسَنُ الجيبةِ بالكسر أَي الجَوابِ قال سيبويه أَجاب مِنَ الأَفْعال التي اسْتُغْني فيها بما أَفْعَلَ فِعْلَه وهو أَفْعَلُ فِعْلاً عَمَّا أَفْعَلَه وعن هُوَ أَفْعَلُ مِنكَ فيقولون ما أَجْوَدَ جَوابَه وهو أَجْوَدُ جَواباً ولا يقال ما أَجْوَبَه ولا هو أَجْوَبُ منك وكذلك يقولون أَجْوِدْ بَجَوابهِ ولا يقال أَجوِب به وأَما ما جاءَ في حديث ابن عمر أَنَّ رجلاً قال يا رسولَ اللّه أَيُّ الليلِ أَجْوَبُ دَعْوةً ؟ قال جَوْفُ الليلِ الغابِرِ فسَّره شمر فقال أَجْوَبُ من الإِجابةِ أَي أَسْرَعُه إِجابةً كما يقال أَطْوَعُ من الطاعةِ وقياسُ هذا أَن يكون من جابَ لا مِن أَجابَ وفي المحكم عن شمر أَنه فسره فقال أَجْوَبُ أَسْرَعُ إِجابةً قال وهو عندي من باب أَعْطَى لفارِهةٍ وأَرسلنا الرِّياحَ لوَاقِحَ وما جاءَ مِثلُه وهذا على المجاز لأَنَّ الإِجابةَ ليست لِلَّيل إِنما هي للّه تعالى فيه فَمعناه أَيُّ الليلِ اللّهُ أَسرع إِجابةً فِيه مِنه في غَيْرِه وما زاد على الفِعْل الثُّلاثي لا يُبْنَى مِنْه أفْعَلُ مِنْ كذا إِلا في أَحرف جاءَت شاذة وحَكى الزمخشريُّ قال كأَنَّه في التَّقْدير مِن جابَتِ الدَّعْوةُ بوزن فَعُلْتُ بالضم كطالَتْ أَي صارَتْ مُسْتَجابةَ كقولهم في فَقِيرٍ وشَديدٍ كأَنهما مِنْ فَقُرَ وشَدُدَ وليس ذلك بمستعمل ويجوز أَن يكون من جُبتُ الأَرضَ إِذ قَطَعْتَها بالسير على معنى أَمْضَى دَعْوَةً وأَنْفَذُ إِلى مَظانِّ الإِجابةِ والقَبُول وقال غيره الأَصل جاب يجوب مثل طاع يَطُوعُ قال الفرَّاءُ قيل لأَعرابي يا مُصابُ فقال أَنتَ أَصْوَبُ مني قال والأَصل الإِصابةُ مِن صابَ يَصُوبُ إِذا قَصَدَ وانجابَتِ الناقةُ مَدَّت عُنُقَها للحَلَبِ قال وأُراه مِن هذا كَأَنَّها أَجابَتْ حالِبَها على أَنَّا لم نَجِدِ انْفَعَل مِنْ أَجابَ قال أَبو سعيد قال لي أَبو عَمْرو بن العلاءِ اكْتُبْ لي الهمز فكتبته له فقال لي سَلْ عنِ انْجابَتِ الناقةُ أَمَهْموز أَمْ لا ؟ فسأَلت فلم أَجده مهموزاً
والمُجاوَبةُ والتَّجارُبُ التَّحاوُرُ
وتَجاوَبَ القومُ جاوَبَ بَعضُهم بَعْضاً واسْتَعمله بعضُ الشُعراءِ في الطير فقال جَحْدَرٌ
ومِمَّا زادَني فاهْتَجْتُ شَوْقاً ... غِنَاءُ حَمامَتَيْنِ تَجاوَبانِ ( 1 )
( 1 قوله « غناء » في بعض نسخ المحكم أيضاً بكاء )
تَجاوَبَتا بِلَحْنٍ أَعْجَمِيٍّ ... على غُصْنَينِ مِن غَرَبٍ وبَانِ
واسْتَعمَلَه بعضُهم في الإِبل والخيل فقال
تَنادَوْا بأَعْلى سُحْرةٍ وتَجاوَبَتْ ... هَوادِرُ في حافاتِهِم وصَهِيلُ
[ ص 285 ] وفي حديث بناءِ الكَعْبَةِ فسَمِعنا جَواباَ مِن السَّماءِ فإِذا بِطائِرٍ أَعظَم مِن النَّسْرِ الجَوابُ صَوْتُ الجَوْبِ وهو انْقِضاضُ الطير وقولُ ذي الرمة
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ ... إِذا تَجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
أَراد تَرْنِيمانِ تَرْنِيمٌ من هذا الجَناح وتَرْنِيمٌ مِن هذا الآخر وأَرضٌ مُجَوَّبةٌ أَصابَ المطَرُ بعضَها ولم يُصِبْ بَعْضاً وجابَ الشيءَ جَوْباً واجْتابَه خَرَقَه وكُلُّ مُجَوَّفٍ قَطَعْتَ وسَطَه فقد جُبْتَه وجابَ الصخرةَ جَوْباً نَقَبها وفي التنزيل العزيز وثَمُودَ الذين جابُوا الصَّخْرَ بِالوادِ قال الفرَّاءُ جابُوا خَرَقُوا الصَّخْرَ فاتَّخَذُوه بُيُوتاً ونحو ذلك قال الزجاجُ واعتبره بقوله وتَنْحِتُون مِن الجِبال بُيُوتاً فارِهِينَ وجابَ يَجُوبُ جَوْباً قَطَعَ وخَرَقَ ورجُلٌ جَوَّابٌ مُعْتادٌ لذلك إِذا كان قَطَّاعاً للبِلادِ سَيَّاراً فيها ومنه قول لقمان بن عاد في أَخيه جَوَّابُ لَيْلٍ سَرْمد أَراد أَنه يَسْري لَيْلَه كُلَّه لا يَنامُ يَصِفُه بالشَّجاعة وفلان جوَّابٌ جَأّبٌ أَي يَجُوبُ البِلاد ويَكْسِبُ المالَ وجَوَّابٌ اسم رجل من بني كلابٍ قال ابن السكيت سُمي جَوَّاباً لأَنه كان لا يَحْفِرُ بئْراً ولا صخْرةً إِلا أَماهَها وجابَ النعلَ جَوْباً قَدَّها والمِجْوَب الذي يُجابُ به وهي حَديدةٌ يُجابُ بها أَي يُقْطَعُ وجابَ المفَازةَ والظُّلْمةَ جَوْباً واجْتابَها قَطَعَها وجابَ البِلادَ يَجُوبُها جَوْباً قَطَعَها سَيْراً وجُبْتُ البَلدَ واجْتَبْتُه قَطَعْتُه وجُبْتُ البِلاد أَجُوبُها وأَجِيبُها إِذا قَطَعتها وجَوَّابُ الفَلاةِ دَلِيلُها لقَطْعِه إِيَّاها والجَوْبُ قطْعُك الشيءَ كما يُجابُ الجَيْبُ يقال جَيْبٌ مَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ وكلُّ مُجَوَّفٍ وسَطُه فهو مُجَوَّبٌ قال الراجز واجْتابَ قَيْظاً يَلْتَظِي التِظاؤُهُ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه قال للأَنْصارِ يَوْم السَّقِيفةِ إِنما جِيبَتِ العَرَبُ عنا كما جِيبَت الرَّحَى عن قُطْبها أَي خُرِقَتِ العَربُ عَنَّا فكُنَّا وسَطاً وكانت العرَبُ حَوالَينا كالرَّحَى وقُطْبِها الذي تَدُورُ عليه وانْجابَ عنه الظَّلامُ انْشَقَّ وانْجابَتِ الأَرضُ انْخَرَقَتْ والجَوائِبُ الأَخْبارُ الطَّارِئةُ لأَنها تَجُوبُ البِلادَ تقول هل جاءَكم من جائبِة خَبَرٍ أي مِن طَريقةٍ خارِقةٍ أَو خَبَرٍ يَجُوبُ الأَرْضَ منْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ حكاه ثعلب بالإِضافة وقال الشاعر يَتَنازَعُون جَوائِبَ الأَمْثالِ يعني سَوائِرَ تَجُوبُ البلاد والجابةُ المِدْرى من الظِّباءِ حين جابَ قَرْنُها أَي قَطَعَ اللحم وطَلَع وقيل هي المَلْساءُ اللَّيِّنةُ القَرْن فإِن كان على ذلك فليس لها اشتقاق التهذيب عن أَبي عبيدة جابةُ المِدْرَى من الظِّباءِ غير مهموز حين طَلَعَ قَرْنهُ [ ص 286 ] شمر جابةُ المِدْرَى أَي جائِبَتُه حِينَ جابَ قَرْنُها الجِلدَ فَطَلَعَ وهو غير مهموز وجُبْتُ القَمِيصَ قَوَّرْتُ جَيْبَه أَجُوبُه وأَجِيبُه وقال شَمر جُبْتُه وجِبْتُه قال الراجز باتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظَّلامِ جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ قال وليس من لفظ الجَيْبِ لأَنه من الواو والجَيْبُ من الياءِ قال وليس بفَيْعلٍ لأَنه لم يُلْفظ به على فَيْعَلٍ وفي بعض نسخ المُصَنَّف جِبْتُ القَمِيصَ بالكسر أَي قَوَّرْتُ جَيْبَه وجَيَّبْتُه عَمِلت له جَيْباً واجْتَبْتُ القَمِيصَ إِذا لَبِسْتَه قال لبيد
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوامِعُ بالضُّحَى ... واجْتابَ أَرْدِيةَ السَّرابِ إِكامُها
قوله فَبِتِلْكَ يعني بناقَتِه التي وصَفَ سَيْرَها والباءُ في بتلك
متعلقة بقوله أَقْضي في البيت الذي بعده وهو
أَقْضِي اللُّبانةَ لا أَفَرِّطُ رِيبةً ... أَو أَنْ يَلُومَ بِحاجةٍ لُوَّامُها
واجْتابَ احْتَفَر قال لبيد
تَجْتابُ أَصْلاً قائماً مُتَنَبِّذاً ... بُعُجُوبِ أَنْقاءٍ يَمِيلُ هَيامُها ( 1 )
( 1 قوله « قائماً » كذا في التهذيب والذي في التكملة وشرح الزوزني قالصاً ) يَصِف بقرة احْتَفَرَت كِناساً تَكْتَنُّ فيه من المطر في أَصْل أَرطاةٍ ابن بزرج جَيَّبْتُ القَمِيصَ وجَوَّبْتُه التهذيب واجتابَ فلانٌ ثوباً إذا لَبِسَه وأَنشد
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنها فأَنْسَلَها ... واجْتاب أُخْرَى جَديداً بَعْدَما ابْتَقَلا
وفي الحديث أَتاه قَومٌ مُجْتابي ( 2 )
( 2 قوله « قوم مجتابي » كذا في النهاية مضبوطاً هنا وفي مادة نمر ) النِّمارِ أَي لابِسِيها يقال اجْتَبْتُ القمِيصَ والظَّلامَ أَي دَخَلْتُ فيهما قال وكلُّ شيءٍ قُطِع وَسَطُه فهو مَجْيُوبٌ ومَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ ومنه سُمي جَيْبُ القَمِيصِ وفي حديث عليّ كَرَّم اللّه وجهه أَخَذْتُ إِهاباً مَعْطُوناً فَجَوَّبْتُ وَسَطه وأَدْخَلْتُه في عُنُقي وفي حديث خَيْفانَ وأَما هذا الحَيُّ مِن أَنْمارٍ فَجَوْبُ أَبٍ وأَوْلادُ عَلَّةٍ أَي إِنهم جِيبُوا من أَبٍ واحد وقُطِعُوا منه والجُوَبُ الفُرُوجُ لأَنها تُقْطَع مُتَّصلاً والجَوْبة فَجْوةُ ما بين البُيُوتِ والجَوْبةُ الحُفْرةُ والجَوْبةُ فَضاءٌ أَمْلَسُ سَهْلٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ وقال أَبو حنيفة الجَوْبةُ من الأَرضِ الدارةُ وهي المكانُ المُنْجابُ الوطِيءُ من الأَرض القليلُ الشجرِ مِثْلُ الغائط المُسْتَدير ولا يكون في رَمْلٍ ولا جَبَلٍ إِنما يكون في أَجلاد الأَرض ورِحابِها سمي جَوْبةً لانْجِيابِ الشجر عنها والجمع جَوْباتٌ وجُوَبٌ نادر والجَوْبةُ موضع يَنْجابُ في الحَرَّة والجمع جُوَبٌ التهذيب الجَوْبةُ شِبْهُ رَهْوة تكون بين ظَهْرانَيْ دُورِ القَوْمِ يَسِيلُ منها ماءُ المطَر وكل مُنْفَتِقٍ يَتَّسِعُ فهو جَوْبةٌ وفي حديث الاسْتِسْقاء حتى صارت المَدينةُ مِثلَ الجَوْبةِ قال هي الحُفْرةُ المُسْتَديرةُ الواسِعةُ وكلُّ مُنْفَتِقٍ بلا [ ص 287 ] بِناءٍ جَوْبةٌ أَي حتى صار الغَيْمُ والسَّحابُ مُحِيطاً بآفاق المدينةِ والجَوْبةُ الفُرْجةُ في السَّحابِ وفي الجبال وانْجابَتِ السَّحابةُ انْكَشَفَتْ وقول العَجَّاج
حتى إِذا ضَوْءُ القُمَيْرِ جَوَّبا ... لَيْلاً كأَثْناءِ السُّدُوسِ غَيْهَبا
قال جَوَّبَ أَي نَوَّرَ وكَشَفَ وجَلَّى وفي الحديث فانْجابَ السَّحابُ عن المدينةِ حتى صار كالإِكْلِيل أَي انْجَمَعَ وتَقَبَّضَ بعضُه إِلى بعض وانْكَشَفَ عنها والجَوْبُ كالبَقِيرة وقيل الجَوْبُ الدِّرْعُ تَلْبَسُه المرأَةُ والجَوْبُ الدَّلْو الضَّخْمةُ عن كراع والجَوْبُ التُّرْسُ والجمع أَجْوابٌ وهو المِجْوَبُ قال لبيد
فأَجازَني منه بِطِرْسٍ ناطِقٍ ... وبكلِّ أَطْلَسَ جَوْبُه في المَنْكِبِ
يعني بكل حَبَشِيٍّ جَوْبهُ في مَنْكِبَيْه وفي حديث غَزْوة أُحُدٍ وأَبو طلحةَ مُجَوِّبٌ على النبي صلى اللّه عليه وسلم بحَجَفَةٍ أَي مُتَرِّسٌ عليه يَقِيه بها ويقال للتُّرْسِ أَيضاً جَوبةٌ والجَوْبُ الكانُونُ قال أَبو نخلةَ كالجَوْبِ أَذْكَى جَمرَه الصَّنَوْبَرُ
وجابانُ اسمُ رجل أَلفُه منقلبة عن واو كأَنه جَوَبانُ فقلبت الواو قلباً لغير علة وإِنما قيل فيه إِنه فَعَلانُ ولم يقل إِنه فاعال من ج ب ن لقول الشاعر
عَشَّيْتُ جابانَ حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه ... وكادَ يَهْلِكُ لولا أَنه اطَّافا
قُولا لجَابانَ فلْيَلْحَقْ بِطِيَّتِه ... نَوْمُ الضُّحَى بَعْدَ نَوْمِ الليلِ إِسْرافُ ( 1 )
( 1 قوله « إسراف » هو بالرفع في بعض نسخ المحكم وبالنصب كسابقه في بعضه أيضاً وعليها فلا اقواء )
فَتَركَ صَرْفَ جابانَ فدلَّ ذلك على أَنه فَعَلانُ ويقال فلان فيه
جَوْبانِ من خُلُقٍ أَي ضَرْبان لا يَثْبُتُ على خُلُقٍ واحدٍ قال ذو الرمة جَوْبَيْنِ مِن هَماهِمِ الأَغْوالِ أَي تَسْمَعُ ضَرْبَيْنِ من أَصوات الغِيلانِ وفي صفةِ نَهَرِ الجنة حافَتاه الياقوتُ المُجَيَّبُ وجاءَ في مَعالِم السُّنَن المُجَيَّبُ أَو المُجَوَّبُ بالباءِ فيهما على الشك وأَصله من جُبْتُ الشيءَ إِذا قَطَعْتَه وسنذكره أَيضاً في جيب والجابَتانِ موضِعانِ قال أَبو صَخْرٍ الهُذلي
لمَن الدِّيارُ تَلُوحُ كالوَشْمِ ... بالجَابَتَيْنِ فَرَوْضةِ الحَزْمِ
وتَجُوبُ قَبيلةٌ من حِمْيَر حُلَفاءُ لمُرادٍ منهم ابن مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللّه قال الكميت
أَلا إِنَّ خَيْرَ الناسِ بَعْدَ ثلاثةٍ ... قَتِيلُ التَّجُوِبيِّ الذي جاءَ مِنْ مِصْرِ
هذا قول الجوهري قال ابن بري البيت للوَليد بن عُقْبة وليس للكميت كما ذكر وصواب إِنشاده قَتِيلُ التُّجِيبِيِّ الذي جاءَ من مصرِ [ ص 288 ] وإِنما غَلَّطه في ذلك أَنه ظَنَّ أَن الثلاثة أَبو بكر وعمرُ وعثمانُ رضوانُ اللّه عليهم فظَنَّ أَنه في عليّ رضي اللّه عنه فقال التَّجُوبِيّ بالواو وإِنما الثلاثة سيِّدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما لأَن الوليد رَثَى بهذا الشِّعْر عثمانَ بن عفان رضي اللّه عنه وقاتِلُه كِنانةُ بن بِشر التُّجِيبيّ وأَما قاتل عليّ رضي اللّه عنه فهو التَّجُوبِيُّ ورأَيت في حاشيةٍ ما مِثالُه أَنشد أَبو عبيد البَكْرِيّ رحمه اللّه في كتابه فَصْلِ المقال في شرح كتاب الأَمثال هذا البيت الذي هو أَلا إِنَّ خير الناس بعد ثلاثة لِنائلةَ بنتِ الفُرافِصةِ بن الأَحْوَصِ الكَلْبِيَّةِ زَوْجِ عثمان رضي اللّه عنه تَرثِيه وبعده
وما لِيَ لا أَبْكِي وتَبْكِي قَرابَتي ... وقد حُجِبَتْ عنا فُضُولُ أَبي عَمْرِو

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88