كتاب : لسان العرب
المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور

ذرب
الذَّرِبُ الحادُّ من كلِّ شيءٍ ذَرِبَ يَذْرَبُ ذَرَباً وذَرابةً فهو ذَرِبٌ قال شَبيب بن البَرْصاءِ
كأَنها من بُدُنٍ وإِيقارْ ... دَبَّتْ عليها ذَرِباتُ الأَنْبارْ
قال ابن بري أَي كأَنّ هذه الإِبِلَ من بُدْنِها وسِمَنِها وإِيقارِها
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ذبب الذَّبُّ الدَّفْعُ والمَنْعُ والذَّبُّ الطَّرْدُ باللحم قد دَبَّتْ عليها ذَرِباتُ الأَنْبارِ والأَنْبارُ جمعُ نَبْرٍ وهو ذُبابٌ يَلْسَعُ فيَنْتَفِخُ مكانُ لسْعِه فقوله ذَرِبات الأَنْبار أَي حَديداتُ اللَّسْع ويُروى وإِيفار بالفاءِ أَيضاً وقَوْمٌ ذُرُبٌ ابن الأَعرابي ذَرِبَ الرَّجلُ إِذا فَصُحَ لسانُه بعدَ حَصرِه ولسانٌ ذَرِبٌ حديدُ الطَّرَف وفيه ذَرابةٌ أَي حِدَّةٌ وذَرَبُه حِدَّتُه وذَرَبُ المَعِدَة حِدَّتُها عن الجُوعِ ذَرِبَتْ مَعِدَته تَذْرَبُ ذَرباً فهي ذَرِبة إِذا فَسَدَتْ وفي الحديث في أَلبانِ الإِبِل وأَبْوالِها شِفاءُ الذَّرَبِ هو بالتحريكِ الدَّاءُ الذي يَعْرِضُ للمَعدة فلا تَهْضِمُ الطَّعامَ ويَفْسُدُ فيها ولا تُمْسِكُه قال أَبو زيد يقال للغُدَّة ذِرْبةٌ وجَمْعُها ذِرَبٌ والتَّذْريبُ التَّحْديدُ يقال لسانٌ ذَرِبٌ وسِنانٌ ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ قال كعب بنُ مالك
بمُذَرَّباتٍ بالأَكُفِّ نواهِلٍ ... وبكلِّ أَبْيضَ كالغَدير مُهَنَّدِ
وكذلك المَذْروبُ قال الشاعر
لقد كان ابنُ جَعْدَةَ أَرْيَحِيَّا ... على الأَعْداءِ مَذْروبَ السِّنانِ
وذَرَبَ الحَديدَة يَذْرُبُها ذَرْباً وذرَّبَها أَحدَّها فهي مَذرُوبَة وقَوم ذَرْبٌ أَحِدَّاءُ وامرأَةٌ ذِرْبَةٌ مثلُ قِرْبَة وذَرِبَةٌ أَي صَخَّابةٌ حديدةٌ سَلِيطَة اللّسانِ فاحِشَة طَويلَة اللّسانِ وذَرَبُ اللّسانِ حِدَّتُه وفي الحديث عن حذيفة قال كنتُ ذَرِبَ اللّسانِ على أَهلِي فَقُلْت يا رسول اللّه إِنِّي لأَخْشَىأَنْ يُدْخِلَنِي النارَ فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأَيْنَ أَنتَ من الاسْتِغفارِ ؟ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللّهَ في اليومِ مائَةً فذكرْتُه لأَبي بُرْدَة فقال وأَتُوبُ إِليه قال أَبو بكر في قولِهم فلانٌ ذَرِبُ اللسانِ قال سمعتُ أَبا العباسِ يقول معناهُ فاسِدُ اللِّسانِ قال وهو عَيْبٌ وذَمٌّ يقال قد ذَرِبَ لسانُ الرَّجلِ يَذْرَبُ إِذا فَسَد
[ ص 386 ]
ومِنْ هذا ذَرِبَتْ مَعِدَتُه فَسَدَتْ وأَنشد
أَلم أَكُ باذِلاً وِدِّي ونَصْري ... وأَصْرِف عنكم ذَرَبِي ولَغْبِي
قال واللَّغْبُ الرَّدِيءُ من الكلامِ وقيل الذَّرِبُ اللسانِ هو الحادُّ اللسان وهو يَرْجِعُ إِلى الفَسادِ وقيل الذَّرِبُ اللِّسانِ الشَّتَّامُ الفاحِشُ وقال ابن شميل الذَّرِبُ اللسان الفاحِشُ البَذِيُّ الذي لا يبالي ما قال وفي الحديث ذَرِبَ النِّساءُ على أَزْواجِهِنَّ أَي فَسَدَتْ أَلسِنَتُهنَّ وانْبَسَطْن عليهم في القول والرواية ذَئِرَ بالهمز وسنذكره وفي الحديث أَنّ أَعشى بني مازن قدم على النبي
صلى اللّه عليه وسلم فأَنشد أَبياتاً فيها
يا سَيِّدَ الناسِ ودَيَّانَ العَرَبْ ... إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبةً من الذِّرَبْ
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ ... فخَلَفَتْنِي بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ ... وتَرَكَتْنِي وَسْطَ عِيصٍ ذي أَشَبْ
تَكُدُّ رِجْلَيَّ مَسامِيرُ الخَشَبْ ... وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ
قال أَبو منصور أَراد بالذِّرْبَةِ امرأَتَه كَنَى بها عن فسادِها وخِيانَتِها إِيَّاه في فَرْجِها وجَمْعُها ذِرَبٌ وأَصلُه من ذَرَبِ المَعِدة وهو فسادُها وذِرْبةٌ منقول من ذَرِبَةٍ كمِعْدةٍ من مَعِدَة وقيل أَراد سَلاطة لسانِها وفسادَ مَنْطِقِها من قولهم ذَرِبَ لسانُه إِذا كان حادَّ اللِّسانِ لا يُبالِي ما قال وذكر ثعلب عن ابن الأَعرابي أَن هذا الرَّجَزَ للأَعْوَرِ بنِ قراد بنِ سفيان من بني الحِرْمازِ وهو أَبو شَيْبانَ الحِرْمازِيّ أَعْشى بني حِرْمازٍ وقوله فخَلَفَتْني أَي خالَفَت ظَنِّي فيها وقوله لَطَّتْ بالذَّنَب يقال لَطَّت النَّاقَةُ بذَنَبِها أَي أَدْخَلَتْهُ بين فَخِذَيْها لتَمْنَع الحالِبَ ويقال أَلْقَى بينَهم الذَّرَبَ أَي الاخْتِلافَ والشَّرَّ وسُمٌّ ذَرِبٌ حديدٌ والذُّرَابُ السُّمُّ عن كراع اسمٌ لا صِفَةٌ وسيف ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ أُنْقِعَ في السُّمِّ ثم شُحِذَ التهذيب تَذْريبُ السَّيف أَن يُنْقَعَ في السُّمِّ فإِذا أُنْعِمَ سَقْيُهُ أُخْرِجَ فشُحِذَ قال ويجوز ذَرَبْتُه فهو مَذْرُوبٌ قال عبيد
وخِرْقٍ من الفِتْيانِ أَكرَمَ مَصْدَقاً ... من السَّيْفِ قد آخَيْتُ ليسَ بِمَذْرُوبِ
قال شمر ليسَ بفاحِشٍ والذَّرَبُ فسادُ اللِّسانِ وبَذَاؤُه وفي لسانِهِ ذَرَبٌ وهو الفُحْشُ قال وليسَ من ذَرَبِ اللِّسانِ وحِدَّتِه وأَنشد
أَرِحْني واسْتَرِحْ منِّي فإِني ... ثَقِيلٌ مَحْمِلي ذَرِبٌ لِساني
وجمعه أَذْرابٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد لِحَضْرَمِيَّ ابن عامرٍ
الأَسَدي
ولَقَدْ طَوَيْتُكُمُ على بَلُلاتِكُمْ ... وعَرَفْتُ ما فِيكُمْ من الأَذْرابِ
كَيْمَا أُعِدَّكُمُ لأَبْعَدَ مِنْكُمُ ... ولقد يُجاءُ إِلى ذَوِي الأَلبابِ
معنى ما فِيكُم مِن الأَذرابِ مِن الفسادِ ورواه ثعلب الأَعيابِ جَمعُ عَيْبٍ قال ابن بري وروى ابن الأَعرابي هذين البيتين على غير هذا [ ص 387 ]
الحَوْكِ ولم يُسَمِّ قائِلَهما وهما
ولقد بَلَوْتُ الناسَ في حالاتِهِم ... وعَلِمْتُ ما فِيهم من الأَسبابِ
فإِذا القَرَابَةُ لا تُقَرِّبُ قاطِعاً ... وإِذا المَوَدَّةُ أَقْرَبُ الأَنْسابِ
وقوله ولقد طَوَيْتُكُمُ على بَلُلاتِكُم أَي طَوَيْتُكُم على مَا فِيكُم مِن أَذًى وعَداوَةٍ وبَلُلاتٌ بضم اللام جمعُ بَلُلَةٍ بضم اللام أَيضاً قال ومنهم مَنْ يَرْويه على بَلَلاتِكُم بفتح اللام الواحِدَةُ بَلَلة أَيضاً بفتح اللام وقيل في قوله على بَلَلاتِكُم إِنه يُضْرَبُ مثلاً لإِبْقاءِ المَوَدَّة وإِخْفاءِ ما أَظْهَرُوه من جَفائِهِمْ فيكون مثلَ قولهم اطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّه لينْضَمَّ بعضُه إِلى بعضٍ ولا يَتبايَنَ ومنه قولهم أَيضاً اطْوِ السِّقاءَ على بَلَلِه لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جافٌّ تَكَسَّر وإِذا طُوِيَ على بَلَلِه لم يَتَكَسَّر ولم يَتَبايَنْ والتَّذْريبُ حَمْلُ المَرْأَة وَلَدَها الصَّغيرَ حتى يَقْضِيَ حَاجَتَه ابن الأَعرابي أَذْرَبَ الرَّجُلُ إِذا فسد عَيْشُه وذَرِبَ الجُرْحُ ذَرَباً فهو ذَرِبٌ فَسَد واتسع ولم يَقْبَل البُرْءَ والدَّوَاءَ وقيل سالَ صَديداً والمَعْنَيان مُتَقارِبانِ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه ما الطَّاعُون ؟ قال ذَرَبٌ كالدُّمَّل يقال ذَرِبَ الجُرْحُ إِذا لم يَقْبَلِ الدَّواءَ ومنه الذَّرَبَيَّا على فَعَلَيَّا وهي الدَّاهِيَةُ قال الكُمَيْت
رَمَانِيَ بالآفَاتِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ... وبالذَّرَبَيَّا مُرْدُ فِهْرٍ وَشِيبُهَا
وقيل الذَّرَبَيَّا هو الشَّرُّ والاخْتِلافُ ورَمَاهُم بالذَّرَبِينَ مثلُه ولَقِيتُ منه الذَّرَبَى والذَّرَبَيَّا والذَّرَبِينَ ( 1 )
( 1 قوله « والذربين » ضبط في المحكم والتكملة وشرح القاموس بفتح الذال والراء وكسر الباء الموحدة وفتح النون وضبط في بعض نسخ القاموس المطبوعة وعاصم أَفندي بسكون الراء وفتح الباء وكسر النون ) أَي الداهِيَةَ وذَرِبَتْ مَعِدَتُه ذَرَباً وذَرَابَةً وذُرُوبَةً فهي ذَرِبَة فَسَدَتْ فهو من الأَضْدادِ والذَّرَبُ المَرَضُ الذي لا يَبْرَأُ وذَرَب أَنْفُه ذَرابةً قَطَرَ والذِّرْيَبُ الأَصْفَرُ من الزَّهْرِ وغيره قال الأَسود ابن يَعْفُرَ ووصَف نباتاً
قَفْرٌ حَمَتْهُ الخَيْلُ حتَّى كأَنْ ... زاهِرَه أُغْشِيَ بالذِّرْيَبِ
وأَما ما ورد في حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه لَتَأْلَمُنَّ النَّومَ على الصُّوفِ الأَذْرَبِيِّ كما يَأْلَمُ أَحَدُكُمْ النَّومَ على حَسَكِ السَّعْدانِ فإِنه ورَد في تفسيره الأَذْرَبيّ مَنْسوبٌ إِلى أَذْرَبِيجان على غيرِ قياس قال ابن الأَثير هكذا تقول العرب والقياس أن تقول أَذَرِيٌّ بغير باءٍ كما يقال في النَّسَبِ إِلى رَامَ هُرْمُزَ رَامِيٌّ وهو مطرد في النَّسب إِلى الأَسماءِ المركبة

ذعب
قال الأَصمعي رأَيتُ القومَ مُذْعابِّينَ كأَنهم عُرْفُ ضِبْعانٍ ومُثْعابِّين بمعناه وهو أَن يَتْلُوَ بعضُهم بعضاً قال الأَزهري وهذا عنْدي مأْخوذٌ من انْثَعَبَ الماءُ وانْذَعَب إِذا سال واتَّصَلَ جَرَيانُه في النَّهَر قُلِبَتِ الثاءُ ذالاً [ ص 388 ]

ذعلب
الذِّعْلِبُ والذِّعْلِبَة النَّاقةُ السريعةُ شُبِّهَتْ بالذِّعْلِبَة وهي النَّعامةُ لسُرْعَتِها وفي حديث سَوَادِ بنِ مُطَرّفٍ الذِّعْلِبُ الوَجْناءُ هي الناقةُ السريعةُ وقال خالدُ بنُ جَنَبة الذِّعْلِبَة النُّوَيْقَةُ التي هي صَدَعٌ في جسمِها وأَنت تَحْقِرُها وهي نَجِيبَة وقال غيره هي البَكْرَة الحَدَثَة وقال ابن شميل هي الخفيفةُ الجَوَادُ قال ولا يقال جَمَلٌ ذِعْلِبٌ وجَمْعُ الذِّعْلِبَة الذَّعالِيبُ والتَّذَعْلُب الانْطِلاقُ في اسْتِخْفاءٍ وقد تَذَعْلَبَ تَذَعْلُباً وجَمَلٌ ذِعْلِبٌ سريعٌ باقٍ على السَّيْرِ والأُنْثَى بالهاءِ والذِّعْلِبة النَّعَامة لسُرْعتِها والذِّعْلِبة والذُّعْلوبُ طَرَف الثَّوْبِ وقيل هُما ما تقَطَّع من الثَّوْب فَتَعَلَّق والذِّعْلِبُ من الخِرَق القِطَع المُشَقَّقَة والذُّعْلوبُ أَيضاً القِطعة من الخِرْقةِ والذَّعالِيب قِطَعُ الخِرَق قال رؤْبة
كأَنه إِذْ راحَ مَسْلُوسُ الشَّمَقْ ... مُنْسَرِحاً عنه ذَعالِيبُ الخِرَقْ ( 1 )
( 1 قوله « منسرحاً عنه ذعاليب الخرق » قال في التكملة الرواية منسرحاً إِلا ذعاليب بالنصب اه وسيأتي في مادة سرح كذلك )
والمَسْلوسُ المَجْنُونُ والشَّمَقُ النَّشاطُ والمُنْسَرِحُ الذي انْسَرَحَ عنه وَبَرُه والذَّعالِيبُ ما تَقَطَّع من الثِّيابِ
قال أَبو عَمْرو وأَطْرافُ الثِّيابِ وأَطْرافُ القَميصِ يقالُ لها الذَّعالِيبُ واحدُها ذُعْلُوبٌ وأَكثرُ ما يُسْتَعمل ذلك جَمْعاً أَنشد ابن الأَعرابي لجرير
لقد أَكونُ على الحاجاتِ ذا لَبَثٍ ... وأَحْوَذِيّاً إِذا انْضَمَّ الذَّعالِيبُ
واسْتَعارَه ذو الرُّمَّة لِما تَقَطَّع من مَنْسِج العنكبوتِ قال
فجاءت بنَسْجٍ من صَناعٍ ضعيفةٍ ... تَنُوسُ كأَخْلاقِ الشُّفُوفِ ذَعالِبُهْ
وثَوْبٌ ذَعاليبُ خَلَقٌ عن اللحياني وأَما قول أَعْرابيّ من بنِي عَوْفِ بنِ سَعْدٍ
صَفْقَة ذِي ذَعالِتٍ سُمُولِ ... بَيْع امْرِئٍ ليس بِمُسْتَقِيلِ
قيل هو يريدُ الذَّعالِبَ فينبغي أَن تكونا لغتين وغيرُ بعيدٍ أَنْ تُبْدَل التاءُ من الباء إِذ قد أُبْدِلَتْ من الواو وهي شريكة الباء في الشَّفَة قال ابن جني والوجه أَن تَكونَ التاءُ بدلاً من الباءِ لأَن الباءَ أَكثر استعمالاً كما ذكرنا أَيضاً من إِبدالِهم الباءَ من الواوِ

ذلعب
اذْلَعَبَّ الرَّجلُ انْطَلَق في جِدٍّ اذْلِعْباباً وكذلك الجَمَل من النَّجاءِ والسُّرْعةِ قال الأَغْلَب العِجْلِيّ ماضٍ أَمامَ الرَّكْبِ مُذْلَعِبّ ( 2 )
( 2 قوله « ماض أمام الركب مذلعب » هكذا أورده الجوهري وقال الصاغاني في التكملة الرواية ناج أمام الركب مجلعب )
والمُذْلَعِبُّ المُنْطَلِقُ والمُصْمَعِدُّ مثلُه قال واشتقاقُه من الذِّعْلِب قال وكلّ فعلٍ رُباعيّ ثُقِّلَ آخرُه فإِنَّ تَثْقيلَه معتمد على حرف من حروف الحَلْق والمُذْلَعِبُّ المضطجِعُ وهاتان التَّرْجَمَتان أَعْني ذَعْلَب واذْلَعَبَّ ورَدَتا في أُصول الصِّحاحِ في ترجمة واحدة ذعلب ولم يترجم على ذلعب واللّه تعالى أَعلم [ ص 389 ]

ذنب
الذَّنْبُ الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية والجمعُ ذُنوبٌ وذُنُوباتٌ جمعُ الجمع وقد أَذْنَب الرَّجُل وقوله عزّ وجلّ في مناجاةِ موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ولهم علَيَّ ذَنْبٌ عَنَى بالذَّنْبِ قَتْلَ الرَّجُلِ الذي وَكَزَه موسى عليه السلام فقضَى عليه وكان ذلك الرجلُ من آلِ فرعونَ والذَّنَبُ معروف والجمع أَذْنابٌ وذَنَبُ الفَرَسِ نَجْمٌ على شَكْلِ ذَنَبِ الفَرَسِ وذَنَبُ الثَّعْلَبِ نِبْتَةٌ على شكلِ ذَنَبِ الثَّعْلَبِ والذُّنابَى الذَّنَبُ قال الشاعر جَمُوم الشَّدِّ شائلة الذُّنابَى الصحاح الذُّنابَى ذنبُ الطَّائر وقيل الذُّنابَى مَنْبِتُ الذَّنَبِ وذُنابَى الطَّائرِ ذَنَبُه وهي أَكثر من الذَّنَب والذُّنُبَّى والذِّنِبَّى الذَّنَب عن الهَجَري وأَنشد
يُبَشِّرُني بالبَيْنِ مِنْ أُمِّ سالِمٍ ... أَحَمُّ الذُّنُبَّى خُطَّ بالنِّقْسِ حاجِبُهْ
ويُروى الذِّنِبَّى وذَنَبُ الفَرَس والعَيْرِ وذُناباهما وذَنَبٌ فيهما أَكثرُ من ذُنابَى وفي جَناحِ الطَّائِرِ أَربعُ ذُنابَى بعدَ الخَوافِي الفرَّاءُ يقال ذَنَبُ الفَرَسِ وذُنابَى الطَّائِرِ وذُنابَة الوَادي ومِذْنَبُ النهْرِ ومِذْنَبُ القِدْرِ وجمعُ ذُنابَة الوادي ذَنائِبُ كأَنَّ الذُّنابَة جمع ذَنَبِ الوادي وذِنابَهُ وذِنابَتَه مثلُ جملٍ وجمالٍ وجِمَالَةٍ ثم جِمالات جمعُ الجمع ومنه قوله تعالى جِمالاتٌ صفر أَبو عبيدة فَرسٌ مُذانِبٌ وقد ذانَبَتْ إِذا وَقَعَ ولدُها في القُحْقُح ودَنَا خُرُوج السِّقْيِ وارتَفَع عَجْبُ الذَّنَبِ وعَلِقَ به فلم يحْدُروه والعرب تقول رَكِبَ فلانٌ ذَنَبَ الرِّيحِ إِذا سَبَق فلم يُدْرَكْ وإِذا رَضِيَ بحَظٍّ ناقِصٍ قيلَ رَكِبَ ذَنَب البَعير واتَّبَعَ ذَنَب أَمْرٍ مُدْبِرٍ يتحسَّرُ على ما فاته وذَنَبُ الرجل أَتْباعُه وأَذنابُ الناسِ وذَنَبَاتُهم أَتباعُهُم وسِفْلَتُهُم دون الرُّؤَساءِ على المَثَلِ قال
وتَساقَطَ التَّنْواط والذَّ ... نَبات إِذ جُهِدَ الفِضاح
ويقال جاءَ فلانٌ بذَنَبِه أَي بأَتْباعِهِ وقال الحطيئة يمدَحُ قوماً
قومٌ همُ الرَّأْسُ والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ ... ومَنْ يُسَوِّي بأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبا ؟
وهؤُلاء قومٌ من بني سعدِ بن زيدِ مَناةَ يُعْرَفُون ببَني أَنْفِ النَّاقَةِ لقول الحُطَيْئَةِ هذا وهمْ يَفْتَخِرُون به ورُوِيَ عن عليٍّ كرّم اللّه وجهه أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً في آخِرِ الزَّمان قال فإِذا كان ذلك ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِهِ فتَجْتَمِعُ الناسُ أَراد أَنه يَضْرِبُ أَي يسِيرُ في الأَرض ذاهباً بأَتباعِهِ الذين يَرَوْنَ رَأْيَه ولم يُعَرِّجْ على الفِتْنَةِ والأَذْنابُ الأَتْباعُ جمعُ ذَنَبٍ كأَنهم في مُقابِلِ الرُّؤُوسِ وهم المقَدَّمون والذُّنابَى الأَتْباعُ وأَذْنابُ الأُمورِ مآخيرُها على المَثَلِ أَيضاً والذَّانِبُ التَّابِعُ للشيءِ على أَثَرِهِ يقال هو يَذْنِبُه أَي يَتْبَعُهُ قال الكلابي وجاءَتِ الخيلُ جَمِيعاً تَذْنِبُهْ [ ص 390 ] وأَذنابُ الخيلِ عُشْبَةٌ تُحْمَدُ عُصارَتُها على التَّشْبِيهِ وذَنَبَه يَذْنُبُه ويَذنِبُه واسْتَذْنَبَه تلا ذَنَبَه فلم يفارقْ أَثَرَه والمُسْتَذْنِبُ الذي يكون عند أَذنابِ الإِبِلِ لا يفارق أَثَرَها قال مِثْل الأَجيرِ اسْتَذْنَبَ الرَّواحِلا ( 1 )
( 1 قوله « مثل الأجير إلخ » قال الصاغاني في التكملة هو تصحيف والرواية « شل الأجير » ويروى شدّ بالدال والشل الطرد والرجز لرؤبة اه وكذلك أنشده صاحب المحكم )
والذَّنُوبُ الفَرسُ الوافِرُ الذَّنَبِ والطَّويلُ الذَّنَبِ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما كان فرْعَونُ على فرَسٍ ذنُوبٍ أَي وافِر شَعْرِ الذَّنَبِ ويومٌ ذَنُوبٌ طويلُ الذَّنَبِ لا يَنْقَضي يعني طول شَرِّه وقال غيرُه يومٌ ذَنُوبٌ طويل الشَّر لا ينقضي كأَنه طويل الذَّنَبِ ورجل وَقَّاحُ الذَّنَب صَبُورٌ على الرُّكُوب وقولهم عُقَيْلٌ طَويلَةُ الذَّنَبِ لم يفسره ابن الأَعرابي قال ابن سيده وعِنْدي أَنَّ معناه أَنها كثيرة رُكُوبِ الخيل وحديثٌ طويلُ الذَّنَبِ لا يَكادُ يَنْقَضِي على المَثَلِ أَيضاً ابن الأَعرابي المِذْنَبُ الذَّنَبُ الطَّويلُ والمُذَنِّبُ الضَّبُّ والذِّنابُ خَيْطٌ يُشَدُّ به ذَنَبُ البعيرِ إِلى حَقَبِه لئَلاَّ يَخْطِرَ بِذَنَبِه فَيَمْلأَ راكبَه وذَنَبُ كلِّ شيءٍ آخرُه وجمعه ذِنابٌ والذِّنابُ بكسر الذال عَقِبُ كلِّ شيءٍ وذِنابُ كلِّ شيءٍ عَقِبُه ومؤَخَّره بكسر الذال قال
ونأْخُذُ بعدَه بذِنابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهْرِ ليسَ له سَنامُ
وقال الكلابي في طَلَبِ جَمَلِهِ اللهم لا يَهْدينِي لذنابتِه ( 2 )
( 2 قوله « لذنابته » هكذا في الأصل ) غيرُك قال وقالوا مَنْ لك بذِنابِ لَوْ ؟ قال الشاعر
فمَنْ يَهْدِي أَخاً لذِنابِ لَوٍّ ؟ ... فأَرْشُوَهُ فإِنَّ اللّه جارُ
وتَذَنَّبَ المُعْتَمُّ أَي ذَنَّبَ عِمامَتَه وذلك إِذا أَفْضَلَ منها شيئاً فأَرْخاه كالذَّنَبِ والتَّذْنُوبُ البُسْرُ الذي قد بدا فيه الإِرطابُ من قِبَلِ ذَنَبِه وذنَبُ البُسْرة وغيرِها من التَّمْرِ مؤَخَّرُها وذنَّبَتِ البُسْرَةُ فهي مُذَنِّبة وكَّتَتْ من قِبَلِ ذَنَبِها الأَصمعي إِذا بَدَتْ نُكَتٌ من الإِرْطابِ في البُسْرِ من قِبَلِ ذَنَبِها قيل قد ذَنَّبَتْ والرُّطَبُ التَّذْنُوبُ واحدتُه تَذْنُوبةٌ قال
فعَلِّقِ النَّوْطَ أَبا مَحْبُوبِ ... إِنَّ الغَضا ليسَ بذِي تَذْنُوبِ
الفرَّاءُ جاءَنا بتُذْنُوبٍ وهي لغة بني أَسَدٍ والتَّميمي يقول تَذْنُوب والواحدة تَذْنُوبةٌ وفي الحديث كان يكرَه المُذَنِّبَ من البُسْرِ مخافة أن يكونا شَيْئَيْنِ فيكون خَلِيطاً وفي حديث أَنس كان لا يَقْطَعُ التَّذْنُوبِ من البُسْرِ إِذا أَراد أَن يَفْتَضِخَه وفي حديث ابن المسَيَّب كان لا يَرَى بالتَّذْنُوبِ أَن يُفْتَضَخَ بأْساً وذُنابةُ الوادي الموضعُ الذي يَنتهي إِليه سَيْلُهُ [ ص 391 ] وكذلك ذَنَبُه وذُنابَتُه أَكثر من ذَنَبِه وذَنَبَة الوادي والنَّهَر وذُنابَتُه وذِنابَتُه آخرُه الكَسْرُ عن ثعلب وقال أَبو عبيد الذُّنابةُ بالضم ذَنَبُ الوادي وغَيرِه وأَذْنابُ التِّلاعِ مآخيرُها ومَذْنَبُ الوادي وذَنَبُه واحدٌ ومنه قوله المسايل ( 1 )
( 1 قوله « ومنه قوله المسايل » هكذا في الأصل وقوله بعده والذناب مسيل إلخ هي أول عبارة المحكم )
والذِّنابُ مَسِيلُ ما بين كلِّ تَلْعَتَين على التَّشبيه بذلك وهي الذَّنائبُ والمِذْنَبُ مَسِيلُ ما بين تَلْعَتَين ويقال لِمَسيل ما بين التَّلْعَتَين ذَنَب التَّلْعة وفي حديث حذيفة رضي اللّه عنه حتى يَركَبَها اللّهُ بالملائِكةِ فلا يَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة وصفه بالذُّلِّ والضَّعْف وقِلَّة المَنَعة والخِسَّةِ الجوهري والمِذْنَبُ مَسِيلُ الماءِ في الحَضيضِ والتَّلْعة في السَّنَدِ وكذلك الذِّنابة والذُّنابة أَيضاً بالضم والمِذْنَبُ مَسِيلُ الماءِ إِلى الأَرضِ والمِذْنَبُ المَسِيل في الحَضِيضِ ليس بخَدٍّ واسِع وأَذنابُ الأَوْدِية أَسافِلُها وفي الحديث يَقْعُد أَعرابُها على أَذنابِ أَوْدِيَتِها فلا يصلُ إِلى الحَجِّ أَحَدٌ ويقال لها أَيضاً المَذانِبُ وقال أَبو حنيفة المِذْنَبُ كهيئةِ الجَدْوَل يَسِيلُ عن الرَّوْضَةِ ماؤُها إِلى غيرِها فيُفَرَّقُ ماؤُها فيها والتي يَسِيلُ عليها الماءُ مِذْنَب أَيضاً قال امرؤُ القيس
وقد أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها ... وماءُ النَّدَى يَجْري على كلِّ مِذْنَبِ
وكلُّه قريبٌ بعضُه من بعضٍ وفي حديث ظَبْيانَ وذَنَبُوا خِشانَه أَي جَعلوا له مَذانِبَ ومجَاريَ والخِشانُ ما خَشُنَ من الأَرضِ والمِذْنَبَة والمِذْنَبُ المِغْرَفة لأَنَّ لها ذَنَباً أَو شِبْهَ الذَّنَبِ والجمع مَذانِبُ قال أَبو ذُؤَيب الهذلي
وسُود من الصَّيْدانِ فيها مَذانِبُ النُّ ... ضَارِ إِذا لم نَسْتَفِدْها نُعارُها
ويروى مَذانِبٌ نُضارٌ والصَّيْدانُ القُدورُ التي تُعْمَلُ من الحجارة واحِدَتُها صَيْدانة والحجارة التي يُعْمَل منها يقال لها الصَّيْداءُ ومن روى الصِّيدانَ بكسر الصاد فهو جمع صادٍ كتاجٍ وتِيجانٍ والصَّاد النُّحاسُ والصُّفْر والتَّذْنِيبُ للضِّبابِ والفَراشِ ونحو ذلك إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والسِّفَادَ قال الشاعر مِثْل الضِّبابِ إِذا هَمَّتْ بتَذْنِيبِ وذَنَّبَ الجَرادُ والفَراشُ والضِّباب إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والبَيْضَ فغَرَّزَتْ أَذنابَها وذَنَّبَ الضَّبُّ أَخرجَ ذَنَبَه من أَدْنَى الجُحْر ورأْسُه في داخِلِه وذلك في الحَرِّ قال أَبو منصور إِنما يقال للضَّبِّ مُذَنِّبٌ إِذا ضرَبَ بذَنَبِه مَنْ يريدُه من مُحْتَرِشٍ أَو حَيَّةٍ وقد ذَنَّبَ تَذْنِيباً إِذا فَعَل ذلك وضَبٌّ أَذنَبُ طويلُ الذَّنَبِ وأَنشد أَبو الهيثم
لم يَبْقَ من سُنَّةِ الفاروقِ نَعْرِفُه ... إِلاَّ الذُّنَيْبي وإِلاَّ الدِّرَّةُ الخَلَقُ
قال الذُّنَيْبيُّ ضرب من البُرُودِ قال ترَكَ ياءَ النِّسْبةِ كقوله مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا [ ص 392 ] وكان ذلك على ذَنَبِ الدَّهرِ أَي في آخِره وذِنابة العين وذِنابها وذَنَبُها مؤخَّرُها وذُنابة النَّعْل أَنْفُها ووَلَّى الخَمْسِين ذَنَباً جاوزَها قال ابن الأَعرابي قلتُ للكِلابِيِّ كم أَتَى عَليْك ؟ فقال قد وَلَّتْ ليَ الخَمْسون ذَنَبَها هذه حكاية ابن الأَعرابي والأَوَّل حكاية يعقوب والذَّنُوبُ لَحْمُ المَتْنِ وقيل هو مُنْقَطَعُ المَتْنِ وأَوَّلُه وأَسفلُه وقيل الأَلْيَةُ والمآكمُ قال الأَعشى وارْتَجَّ منها ذَنُوبُ المَتْنِ والكَفَلُ والذَّنُوبانِ المَتْنانِ من ههنا وههنا والذَّنُوب الحَظُّ والنَّصيبُ قال أَبو ذؤيب
لَعَمْرُك والمَنايا غالِباتٌ ... لكلِّ بَني أَبٍ منها ذَنُوبُ
والجمع أَذنِبَةٌ وذَنَائِبُ وذِنابٌ والذَّنُوبُ الدَّلْو فيها ماءٌ وقيل الذَّنُوب الدَّلْو التي يكون الماءُ دون مِلْئِها أَو قريبٌ منه وقيل هي الدَّلْو الملأَى قال ولا يقال لها وهي فارغة ذَنُوبٌ وقيل هي الدَّلْوُ ما كانت كلُّ ذلك مذَكَّر عند اللحياني وفي حديث بَوْل الأَعْرابيّ في المسجد فأَمَر بذَنوبٍ من ماءٍ فأُهَرِيقَ عليه قيل هي الدَّلْو العظيمة وقيل لا تُسَمَّى ذَنُوباً حتى يكون فيها ماءٌ وقيل إِنَّ الذَّنُوبَ تُذكَّر وتؤَنَّث والجمع في أَدْنى العَدد أَذْنِبة والكثيرُ ذَنائبُ كَقلُوصٍ وقَلائصَ وقول أَبي ذؤيب
فكُنْتُ ذَنُوبَ البئرِ لمَّا تَبَسَّلَتْ ... وسُرْبِلْتُ أَكْفاني ووُسِّدْتُ ساعِدِي
استعارَ الذَّنُوبَ للقَبْر حين جَعَله بئراً وقد اسْتَعْمَلَها أُمَيَّة بنُ أَبي عائذٍ الهذليُّ في السَّيْر فقال يصفُ حماراً
إِذا ما انْتَحَيْنَ ذَنُوبَ الحِضا ... ر جاشَ خَسِيفٌ فَريغُ السِّجال
يقول إِذا جاءَ هذا الحِمارُ بذَنُوبٍ من عَدْوٍ جاءت الأُتُنُ بخَسِيفٍ التهذيب والذَّنُوبُ في كلامِ العرب على وُجوهٍ مِن ذلك قوله تعالى فإِنَّ للذين ظَلَموا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهم وقال الفَرَّاءُ الذَّنُوبُ في كلامِ العرب الدَّلْوُ العظِيمَةُ ولكِنَّ العربَ تَذْهَبُ به إِلى النَّصيب والحَظِّ وبذلك فسّر قوله تعالى فإِنَّ للذين ظَلَموا أَي أَشرَكُوا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهِم أَي حَظّاً من العذابِ كما نزلَ بالذين من قبلِهِم وأَنشد الفرَّاءُ
لَها ذَنُوبٌ ولَكُم ذَنُوبُ ... فإِنْ أَبَيْتُم فَلَنا القَلِيبُ
وذِنابةُ الطَّريقِ وجهُه حكاه ابن الأَعرابي قال وقال أَبو الجَرَّاح لرَجُلٍ إِنك لم تُرْشَدْ ذِنابةَ الطَّريق يعني وجهَه وفي الحديث مَنْ ماتَ على ذُنابَى طريقٍ فهو من أَهلِهِ يعني على قصْدِ طَريقٍ وأَصلُ الذُّنابَى مَنْبِتُ الذَّنَبِ والذَّنَبانُ نَبْتٌ معروفٌ وبعضُ العرب يُسمِّيه ذَنَب الثَّعْلَب وقيل الذَّنَبانُ بالتَّحريكِ نِبْتَة ذاتُ أَفنانٍ طِوالٍ غُبَيْراء الوَرَقِ تنبت في السَّهْل على الأَرض لا ترتَفِعُ تُحْمَدُ في المَرْعى ولا تَنْبُت إِلا في عامٍ خَصيبٍ وقيل هي عُشْبَةٌ لها سُنْبُلٌ في أَطْرافِها كأَنه سُنْبُل [ ص 393 ] الذُّرَة ولها قُضُبٌ ووَرَق ومَنْبِتُها بكلِّ مكانٍ ما خَلا حُرَّ الرَّمْلِ وهي تَنْبُت على ساقٍ وساقَين واحِدتُها ذَنَبانةٌ قال أَبو محمد الحَذْلَمِي في ذَنَبانٍ يَسْتَظِلُّ راعِيهْ وقال أَبو حنيفة الذَّنَبانُ عُشْبٌ له جِزَرَة لا تُؤْكلُ وقُضْبانٌ مُثْمِرَةٌ من أَسْفَلِها إِلى أَعلاها وله ورقٌ مثلُ ورق الطَّرْخُون وهو ناجِعٌ في السَّائمة وله نُوَيرة غَبْراءُ تَجْرُسُها النَّحْلُ وتَسْمو نحو نِصْفِ القامةِ تُشْبِعُ الثِّنْتانِ منه بعيراً واحِدَتُه ذَنَبانةٌ قال الراجز حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُعْ في ذَنَبانٍ ويبيسٍ مُنْقَفِعْ وفي رُفوضِ كَلإٍ غير قَشِع والذُّنَيْباءُ مضمومَة الذال مفتوحَة النون ممدودةً حَبَّةٌ تكون في البُرّ يُنَقَّى منها حتى تَسْقُط والذَّنائِبُ موضِعٌ بنَجْدٍ قال ابن بري هو على يَسارِ طَرِيقِ مَكَّة والمَذَانِبُ موضع قال مُهَلْهِل بن ربيعة شاهد الذّنائب
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ذنب الذَّنْبُ الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية والجمعُ ذُنوبٌ
فَلَوْ نُبِشَ المَقابِرُ عن كُلَيْبٍ ... فتُخْبِرَ بالذَّنائِبِ أَيَّ زِيرِ
وبيت في الصحاح لمُهَلْهِلٍ أَيضاً
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طَالَ لَيْلي ... فقد أَبْكِي على الليلِ القَصيرِ
يريد فقد أَبْكِي على لَيالي السُّرورِ لأَنها قَصِيرَةٌ وقبله
أَلَيْلَتَنا بِذِي حُسَمٍ أَنيرِي ... إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ فلا تَحُورِي
وقال لبيد شاهد المذانب
أَلَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي ... لِسَلْمَى بالمَذانِبِ فالقُفَالِ ؟
والذَّنُوبُ موضع بعَيْنِه قال عبيد بن الأَبرص
أَقْفَرَ مِن أَهْلِه مَلْحوبُ ... فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
ابن الأَثير وفي الحديث ذكْرُ سَيْلِ مَهْزُورٍ ومُذَيْنِب هو بضم الميم وسكون الياء وكسر النون وبعدها باءٌ موحَّدةٌ اسم موضع بالمدينة والميمُ زائدةٌ الصحاح الفرَّاءُ الذُّنابَى شِبْهُ المُخاطِ يَقَع من أُنوفِ الإِبل ورأَيتُ في نُسَخ متَعدِّدة من الصحاح حواشِيَ منها ما هو بِخَطِّ الشيخ الصَّلاح المُحَدِّث رحمه اللّه ما صورته حاشية من خَطِّ الشيخ أَبي سَهْلٍ الهَرَوي قال هكذا في الأَصل بخَطِّ الجوهري قال وهو تصحيف والصواب الذُّنانَى شِبهُ المُخاطِ يَقَع من أُنوفِ الإِبل بنُونَيْنِ بينهما أَلف قال وهكذا قَرَأْناهُ على شَيخِنا أَبي أُسامة جُنادةَ بنِ محمد الأَزدي وهو مأْخوذ من الذَّنين وهو الذي يَسِيلُ من فَمِ الإِنسانِ والمِعْزَى ثم قال صاحب الحاشية وهذا قد صَحَّفَه الفَرَّاءُ أَيضاً وقد ذكر ذلك فيما ردَّ عليه من تصحيفه وهذا مما فاتَ الشَّيخ ابن برّي ولم يذكره في أَمالِيه

ذهب
الذَّهابُ السَّيرُ والمُرُورُ ذَهَبَ يَذْهَبُ ذَهاباً وذُهوباً فهو ذاهِبٌ وذَهُوبٌ والمَذْهَبُ مصدر كالذَّهابِ وذَهَبَ به وأَذهَبَه غيره أَزالَه ويقال أَذْهَبَ [ ص 394 ] به قال أَبو إِسحق وهو قليل فأَمَّا قراءة بعضهم يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار فنادِرٌ وقالوا ذَهَبْتُ الشَّامَ فعَدَّوْهُ بغيرِ حرفٍ وإِن كان الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بالمكان المُبْهَم إِذ كان يَقَعُ عليه المكانُ والمَذْهَبُ وحكى اللحياني إِنَّ الليلَ طوِيلٌ ولا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا أَي لا ذَهَب والمَذْهَب المُتَوَضَّأُ لأَنَّهُ يُذْهَبُ إِليه وفي الحديث أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلّم كان إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ في المَذْهَبِ وهو مَفْعَلٌ من الذَّهابِ الكسائي يقالُ لمَوضع الغائطِ الخَلاءُ والمَذْهَب والمِرْفَقُ والمِرْحاضُ والمَذْهَبُ المُعْتَقَد الذي يُذْهَبُ إِليه وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لمَذْهَبِه الذي يَذْهَبُ فيه وحَكى اللحياني عن الكسائي ما يُدْرَى له أَينَ مَذْهَبٌ ولا يُدْرَى لَهُ ما مَذْهَبٌ أَي لا يُدْرَى أَين أَصلُه ويقال ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً وقولهم به مُذْهَب يَعْنون الوَسْوَسَة في الماءِ وكثرة استعمالِه في الوُضوءِ قال الأَزْهَرِيُّ وأَهلُ بَغدادَ يقولون للمُوَسْوِسِ من الناس به المُذْهِبُ وعَوَامُّهم يقولون به المُذْهَب بفَتح الهاء والصواب المُذْهِبُ والذَّهَبُ معروفٌ وربما أُنِّثَ غيره الذَّهَبُ التِّبْرُ القِطْعَةُ منه ذَهَبَة وعلى هذا يُذَكَّر ويُؤَنَّث على ما ذُكر في الجمعِ الذي لا يُفارِقُه واحدُه إِلاَّ بالهاءِ وفي حديث عليٍّ كرّم اللّه وجهه فبَعَثَ من اليَمَنِ بذُهَيْبَة قال ابن الأَثير وهي تصغير ذَهَبٍ وأَدْخَلَ الهاءَ فيها لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث والمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْحِقَ في تصغيرِه الهاءُ نحو قُوَيْسَةٍ وشُمَيْسَةٍ وقيل هو تصغيرُ ذَهَبَةٍ على نِيَّةِ القِطْعَةِ منها فصَغَّرَها على لفظِها والجمع الأَذْهابُ والذُّهُوبُ وفي حديث عليّ كرّم اللّه تعالى وجهه لو أَرادَ اللّه أَن يَفْتَحَ لهم كنوزَ الذِّهْبانِ لفَعَل هو جمعُ ذَهَبٍ كبَرَقٍ وبِرْقانٍ وقد يجمع بالضمِّ نحو حَمَلٍ وحُمْلانٍ وأَذْهَبَ الشيءَ طلاه بالذَّهَبِ والمُذْهَبُ الشيءُ المَطْليُّ بالذَّهَب قال لبيد
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ على أَلْواحِهِ ... أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
ويروى على أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ وإِنما عَدَل عن ذلك بعض الرُّواةِ اسْتِيحاشاً من قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل وهذا جائِزٌ عند سيبويه في الشِّعْرِ ولاسِيَّما في الأَنْصافِ لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ وأَهلُ الحِجازِ يقولون هي الذَّهَبُ ويقال نَزَلَت بلُغَتِهِم والذين يَكنِزُونَ الذَّهَبَ والفضة ولا يُنْفِقونها في سبيل اللّه ولولا ذلك لَغَلَبَ المُذَكَّرُ المُؤَنَّثَ قال وسائِرُ العَرب يقولون هو الذَّهَب قال الأَزهري الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب ولا يجوزُ تأْنِيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لذَهَبَةٍ وأَما قوله عزَّ وجلَّ ولا يُنْفِقُونَها ولم يَقُلْ ولا يُنْفِقُونَه ففيه أَقاويل أَحَدُها أَنَّ المعنى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ في سَبِيلِ اللّه وقيل جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولاً على الأَمْوالِ فيكون ولا يُنْفِقُونَ الأَموال ويجوز أن يَكونَ ولا يُنْفِقُونَ الفِضَّة وحذف الذَّهب كأَنه قال والذين يَكْنِزُونَ الذَّهَب ولا يُنْفِقُونَه والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَها فاخْتُصِرَ الكَلام كما قال [ ص 395 ] واللّه ورسولُه أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ولم يَقُلْ يُرْضُوهُما وكُلُّ ما مُوِّهَ بالذَّهَبِ فقَدْ أُذْهِبَ وهو مُذْهَبٌ والفاعل مُذْهِبٌ والإِذْهابُ والتَّذْهِيبُ واحدٌ وهو التَّمويهُ بالذَّهَب ويقال ذَهَّبْتُ الشيءَ فهو مُذَهَّب إِذا طَلَيْتَه بالذَّهَبِ وفي حديث جرير وذِكْرِ الصَّدَقَةِ حتى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يَتَهَلَّل كأَنَّه مُذْهَبَةٌ كذا جاءَ في سنن النسائي وبعضِ طُرُقِ مُسْلم قال والرواية بالدال المهملة والنون وسيأْتي ذكره فَعَلى قوله مُذْهَبَةٌ هو من الشيءِ المُذْهَب وهو المُمَوَّه بالذَّهَبِ أَو هو من قولهم فَرَس مُذْهَبٌ إِذا عَلَتْ حُمْرَتَه صُفْرَةٌ والأُنْثَى مُذْهَبَة وإِنما خَصَّ الأُنْثَى بالذِّكْرِ لأَنَّها أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً ويقال كُمَيْتٌ مُذْهَب للَّذي تَعْلُو حُمْرَتَه صُفْرَة فإِذا اشتَدَّتْ حُمْرَتُه ولم تَعْلُه صُفْرَةٌ فهو المُدَمَّى والأُنْثى مُذْهَبَة وشيءٌ ذَهِيبٌ مُذْهَبٌ قال أُراه على تَوَهُّم حَذْفِ الزِّيادَةِ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ
مُوَشَّحَة الأَقْرابِ أَمَّا سَرَاتُها ... فَمُلْسٌ وأَمَّا جِلْدُها فَذَهِيبُ
والمَذَاهِبُ سُيُورٌ تُمَوَّه بالذَّهَبِ قال ابن السّكيت في قول قيس بن الخَطِيم أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرَادِ المَذَاهِبِ المَذاهِبُ جُلُودٌ كانت تُذْهَب واحِدُها مُذْهَبٌ تُجْعَلُ فيه خُطوطٌ مُذَهَّبة فيرى بَعْضُها في أَثرِ بَعْضٍ فكأَنها مُتَتابِعَةٌ ومنه قول الهذلي
يَنْزِعْنَ جِلْدَ المَرْءِ نَزْ ... عَ القَينِ أَخْلاقَ المَذَاهِبْ
يقول الضِّباع يَنزِعْنَ جِلْدَ القَتِيل كما يَنزِعُ القَين خِلَل السُّيُوف قال ويقالُ المَذاهِبُ البُرود المُوَشَّاةُ يقال بُرْدٌ مُذْهَبٌ وهو أَرْفَعُ الأَتحَمِيِّ وذَهِبَ الرجلُ بالكسر يَذْهَبُ ذَهَباً فهو ذَهِبٌ هَجَمَ في المَعْدِن على ذَهبٍ كثير فرآه فَزَالَ عقلُه وبَرِقَ بَصَره من كثرة عِظَمِه في عَيْنِه فلم يَطْرِفْ مُشْتَقٌّ من الذهب قال الرَّاجز ذَهِبَ لمَّا أَن رآها تَزْمُرَهْ وفي رواية ( 1 )
( 1 قوله « وفي رواية إلخ » قال الصاغاني في التكملة الرواية « ذهب لما أن رآها تزمرة » وهذا صريح في أنه ليس فيه رواية أخرى )
ذَهِبَ لمَّا أَن رآها ثُرْمُلَهْ وقال يا قَوْمِ رأَيتُ مُنْكرَهْ شَذْرَةَ وادٍ ورأَيتُ الزُّهَرَهْ وثُرْمُلَة اسمُ رجل وحكى ابن الأَعرابي ذِهِبَ قال وهذا عندنا مُطَّرِدٌ إِذا كان ثانيهِ حَرْفاً من حُروفِ الحَلْقِ وكان الفعْل مكسور الثاني وذلك في لغة بني تميمٍ وسمعه ابن الأَعرابي فظَنَّه غيرَ مُطَّرِدٍ في لغتِهِم فلذلك حكاه والذِّهْبةُ بالكسر المَطْرَة وقيل المَطْرةُ الضَّعيفة وقيل الجَوْدُ والجمع ذِهابٌ قال [ ص 396 ] ذو الرُّمة يصف روضة
حَوَّاءُ قَرْحاءُ أَشْراطِيَّة وكَفَتْ ... فيها الذِّهابُ وحفَّتْها البراعيمُ
وأَنشد الجوهري للبعيث
وذي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه ... ذِهابُ الصَّبَا والمُعْصِراتُ الدَّوالِحُ
وقيل ذِهْبةٌ للمَطْرة واحدَةُ الذِّهاب أَبو عبيد عن أَصحابه الذِّهابُ الأَمْطارُ الضَّعيفة ومنه قول الشاعر
تَوَضَّحْنَ في قَرْنِ الغَزَالَةِ بَعْدَمَا ... تَرَشَّفْنَ دِرَّاتِ الذِّهابِ الرَّكائِكِ
وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه في الاستسقاء لا قَزَعٌ رَبابُها ولا شِفّانٌ ذِهابُها الذِّهابُ الأَمْطارُ اللَّيِّنة وفي الكلام مُضافٌ محذوف تقديرُه ولا ذَاتُ شِفّانٍ ذِهابُها والذَّهَب بفتح الهاءِ مِكيالٌ معروفٌ لأَهْلِ اليَمَن والجمع ذِهابٌ وأَذهابٌ وأَذاهِيبُ وأَذاهِبُ جمع الجمع وفي حديث عِكرمة أَنه قال في أَذاهِبَ من بُرٍّ وأَذاهِبَ من شَعِيرٍ قال يُضَمُّ بعضُها إِلى بعضٍ فتُزَكَّى الذَّهَبُ مِكيالٌ معروفٌ لأَهلِ اليمنِ وجمعُه أَذهابٌ وأَذاهِبُ جمعُ الجمع والذِّهابُ والذُّهابُ موضعٌ وقيل هو جبلٌ بعَيْنه قال أَبو دواد
لِمَنْ طَلَلٌ كعُنْوانِ الكتابِ ... ببَطْنِ لُواقَ أَو بَطْنِ الذُّهابِ
ويروى الذِّهابِ وذَهْبانُ ابو بَطْنٍ وذَهُوبُ اسم امرأَةٍ والمُذْهِبُ اسمُ شيطانٍ يقالُ هو من وَلد ابليسَ يَتَصَوَّر للقُرَّاءِ فيَفْتِنهُم عند الوضوءِ وغيرِه قال ابن دُرَيْد لا أَحسبُه عَرَبِيّاً

ذوب
الذَّوْبُ ضِدُّ الجُمُودِ ذابَ يَذُوبُ ذَوْباً وذَوَباناً نَقيض جمَدَ وأَذابَه غيرُه وأَذَبْته وذَوَّبْته واسْتَذَبْته طَلَبْت منه ذاكَ على عامَّة ما يدُلُّ عليه هذا البِناءُ والمِذْوَبُ ما ذَوَّبْتُ فيه والذَّوْبُ ما ذَوَّبْت منه وذاب إِذا سال وذابت الشمسُ اشتدَّ حَرُّها قال ذو الرُّمة
إِذا ذابتِ الشمسُ اتَّقى صَقَراتِها ... بأَفْنانِ مَرْبُوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ
وقال الرَّاجز وذابَ للشمسِ لُعابٌ فنَزَلْ ويقال هاجِرَةٌ ذَوّابة شديدةُ الحَرِّ قال الشاعر
وظَلْماءَ من جَرَّى نَوارٍ سَرَيْتُها ... وهَاجِرَةٍ ذَوّابةٍ لا أَقِيلُها
والذَّوْبُ العَسَل عامَّة وقيل هو ما في أَبياتِ النَّحْل من العَسَلِ خاصَّة وقيل هو العَسَل الذي خُلِّص من شَمْعِه ومُومِه قال المُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ
شِرْكاً بماءِ الذَّوْب تَجْمَعُه ... في طَوْدِ أَيْمَنَ من قُرَى قَسْرِ
[ ص 397 ] أَيْمن موضع أَبو زيد قال الزُّبْدُ حين يَحْصُلُ في البُرْمة فيُطْبَخُ فهو الإِذْوابةُ فإِن خُلِطَ اللَّبَنُ بالزُّبْدِ قيل ارْتجَنَ والإِذْوابُ والإِذْوابةُ الزُّبْدُ يُذابُ في البُرْمةِ ليُطْبَخ سَمْناً فلا يزال ذلك اسمَه حتى يُحْقَن في السِّقاءِ وذَابَ إِذا قام على أَكْمَلِ الذَّوْبِ وهو العَسَل ويقال في المَثل ما يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيب ؟ وذلك عند شدَّةِ الأَمر قال بشر بن أَبي خازم
وكُنْتُمْ كَذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ إِذ غَلَتْ ... أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَمْ تُذِيبُها ؟
أَي لا تَدْرِي أَتَترُكُها خاثِرةً أَم تُذِيبُها ؟ وذلك إِذا خافت أَن يَفْسُدَ الإِذْوابُ وقال أَبو الهيثم قوله تُذِيبُها تُبْقيها من قولك ما ذَابَ في يَدِي شيءٌ أَي ما بَقِيَ وقال غيره تُذِيبُها تُنْهِبُها والمِذْوَبةُ المِغْرَفَةُ عن اللحياني وذَابَ عليه المالُ أَي حصَل وما ذابَ في يدِي منه خيرٌ أَي ما حصَل والإِذابةُ الإِغارةُ وأَذابَ علينا بنو فلانٍ أَي أَغارُوا وفي حديث قس أَذُوبُ اللَّيالي أَو يُجِيبَ صَداكُما أَي أَنْتَظِرُ في مُرورِ اللَّيالي وذَهابِها من الإِذابة الإِغارة والإِذابةُ النُّهْبةُ اسمٌ لا مصدَر واستشهد الجوهري هنا ببيت بشر بن أبي خازم وشرح قوله أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَم تُذِيبُها ؟ فقال أَي تُنْهِبُها وقال غيره تُثْبِتُها مِن قولهم ذابَ لي عليه من الحَقِّ كذا أَي وَجَبَ وثَبَتَ وذابَ عليه من الأَمْركذا ذَوْباً وجَبَ كما قالوا جَمَدَ وبَرَدَ وقال الأَصمعي هو مِن ذابَ نَقِيض جَمَدَ وأَصلُ المَثَل في الزُّبْدِ وفي حديث عبداللّه فيَفْرَحُ المَرْءُ أَن يَذُوبَ له الحَقُّ أَي يَجِبَ وذابَ الرجُل إِذا حَمُقَ بَعْدَ عَقْلٍ وظَهَرَ فيه ذَوْبةٌ أَي حَمْقة ويقال ذابَتْ حدَقَة فلان إِذا سالَتْ وناقةٌ ذَؤُوبٌ أَي سَمِينَةٌ وليست في غايةِ السِّمَنِ والذُّوبانُ بقيَّةُ الوَبَر وقيل هو الشَّعَر على عُنُقِ البَعِيرِ ومِشْفَرِه وسنذكر ذلك في الذِّيبانِ لأَنهما لغتان وعسى أَن يكون مُعاقَبةً فتَدْخُلُ كل واحدةٍ منهما على صاحِبَتها وفي الحديث مَنْ أَسْلَمَ عَلى ذَوْبةٍ أَو مأْثَرَةٍ فهي له الذَّوْبة بقيَّة المال يَسْتَذِيبُها الرجلُ أَي يَسْتَبْقِيها والمَأْثَرة المَكْرُمة والذَّابُ العَيْبُ مثلُ الذَّامِ والذَّيْمِ والذَّانِ وفي حديث ابن الحَنَفِيَّة أَنه كان يُذَوِّبُ أُمَّه أَي يَضْفِرُ ذَوائبَها قال والقياس يُذَئِّبُ بالهمز لأَن عين الذُّؤَابةِ همزة ولكنه جاءَ غيرَ مهموز كما جاءَ الذَّوائب على خلافِ القياس وفي حديث الغار فيُصْبِحُ في ذُوبانِ الناسِ يقال لصَعالِيك العرب ولُصُوصِها ذُوبانٌ لأَنهم كالذِّئْبانِ وأَصلُ الذُّوبانِ بالهمز ولكنه خُفِّف فانْقَلَبَت واواً [ ص 398 ]

ذيب
الأَذْيَبُ الماءُ الكَثِيرُ والأَذْيَبُ الفَزَعُ والأَذْيَبُ النَّشاطُ الأَصمعي مَرَّ فلانٌ وله أَذْيَبُ قال وأَحْسِبُه يقال أَزْيَب بالزاي وهو النَّشاطُ والذِّيبانُ الشَّعَر الذي يكون على عُنُقِ البعير ومِشْفَرِه والذيبان أَيضاً بَقِيَّة الوَبَرِ قال شمر لا أَعْرِفُ الذِّيبانَ إِلاَّ في بَيْتِ كثير
عَسُوف لأَجْوافِ الفَلا حِمْيَرِيَّة ... مَرِيش بِذِيبانِ الشَّلِيلِ تَلِيلُها
ويُرْوَى السبيب قال أَبو عبيد هو واحِدٌ وقال أَبو وجزة تَرَبَّعَ أَنْهِيَ الرَّنْقاءِ حتى - نَفَى ونَفَيْنَ ذِيبانَ الشِّتاءِ

رأب
رَأَبَ إِذا أَصْلَحَ ورَأَبَ الصَّدْعَ والإِناءَ يَرْأَبُه رَأْباً ورَأْبةً شَعَبَه وأَصْلَحَه قال الشاعر
يَرْأَبُ الصَّدْعَ والثَّأْيَ برَصِينٍ ... مِنْ سَجَايا آرائه ويَغِيرُ
الثَّأَى الفسادُ أَي يُصْلِحُه ويَغِيرُ يَمير وقال الفرزدق
وإِنيَ مِنْ قَوْمٍ بِهِم يُتَّقَى العِدَا ... ورَأْبُ الثَّأَى والجانِبُ المُتَخَوَّفُ
أَرادَ وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى فحذف الباءَ لتَقَدُّمها في قوله بِهِم تُتَّقَى العِدَا وإِن كانت حالاهما مُخْتَلِفَتَيْن أَلا ترى أَن الباءَ في قوله بِهِم يُتَّقى العِدا منصوبةُ الموضِع لتَعَلُّقِها بالفِعْلِ الظاهِرِ الذي هو يُتَّقَى كقولك بالسَّيْفِ يَضْرِبُ زَيْدٌ والباءُ في قوله وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى مرفوعةُ الموضِع عند قَوْمٍ وعلى كلِّ حال فهي متعَلِّقَة بمحذوف ورافعة الرأْب والمِرْأَبُ المشْعَبُ ورجلٌ مِرْأَبٌ ورَأّابٌ إِذا كان يَشْعَب صُدوعَ الأَقْداحِ ويُصْلِحُ بينَ القَوْم وقَوْمٌ مَرائِيبُ قال الطرماح يصف قوماً
نُصُرٌ للذَّلِيلِ في نَدْوَةِ الحيِّ ... مَرائِيبُ للثَّأَى المُنْهاضِ
وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه يَصِفُ أَبا بكر رضي اللّه عنه كُنْتَ لِلدِّين رَأّاباً الرَّأْبُ الجمعُ والشَّدُّ ورَأَبَ الشيءَ إِذا جَمَعه وشَدَّه برِفْقٍ وفي حديث عائشة تَصف أَباها رضي اللّه عنهما يَرْأَبُ شَعْبَها وفي حديثها الآخر ورَأَبَ الثَّأَى أَي أَصْلَحَ الفاسِدَ وجَبَر الوَهْيَ وفي حديث أُمِّ سلمة لعائشة رضي اللّه عنهما لا يُرْأَبُ بهنَّ إِن صَدَعَ قال ابن الأَثير قال القُتَيْبي الرواية صَدَعَ فإِن كان محفوظاً فإِنه يقال صَدَعْت الزُّجاجة فصَدَعَت كما يقال جَبَرْت العَظْمَ فَجَبرَ وإِلاّ فإِنه صُدِعَ أَو انْصَدَعَ ورَأَبَ بين القَوْمِ يَرْأَبُ رَأْباً أَصلحَ ما بَيْنَهم وكُلُّ ما أَصْلَحْتَه فقد رَأَبْتَه ومنه قولهم اللهم ارْأَبْ بينَهم أَي أَصلِحْ قال كعب بن زهير ( 1 )
( 1 قوله « كعب بن زهير إلخ » قال الصاغاني في التكملة ليس لكعب على قافية التاء شيء وإنما هو لكعب بن حرث
المرادي )
طَعَنَّا طَعْنَةً حَمْراءَ فِيهِمْ ... حَرامٌ رَأْبُها حتى المَمَاتِ
[ ص 399 ] وكلُّ صَدعٍ لأَمْتَه فقد رأَبْتَه والرُّؤْبةُ القِطْعَةُ تُدْخَل في الإِناءِ لِيُرْأَب والرُّؤْبةُ الرُّقْعة التي يُرْقَعُ بها الرَّحْلُ إِذا كُسِرَ والرُّؤْبةُ مهموزةٌ ما تُسَدُّ به الثَّلْمة قال طُفَيْل الغَنَوِي
لَعَمْرِي لقد خَلَّى ابنُ جندع ثُلْمةً ... ومِنْ أَينَ إِن لم يَرْأَب اللّهُ تُرأَبُ ( 1 ) ؟
( 1 قوله « لعمري البيت » هكذا في الأصل وقوله بعده قال يعقوب هو مثل لقد خلى ابن خيدع إلخ في الأصل أَيضاً )
قال يعقوب هو مثلُ لقد خَلَّى ابنُ خيدع ثُلْمةً قال وخَيْدَعُ هي
امرأَة وهي أُمُّ يَرْبُوعَ يقول من أَين تُسَدُّ تلك الثُّلْمةُ إِن لم يَسُدَّها اللّهُ ؟ ورُؤْبةُ اسمُ رجل والرُّؤْبة القِطْعة من الخَشَب يُشْعَب بها الإِناءُ ويُسَدُّ بها ثُلْمة الجَفْنة والجمعُ رِئابٌ وبه سُمِّيَ رُؤْبة بن العَجَّاج بن رؤْبة قال أُميَّة يصف السماءَ
سَراةُ صَلابةٍ خَلْقاءَ صِيغَتْ ... تُزِلُّ الشمسَ ليس لها رِئابُ ( 2 )
( 2 قوله « ليس لها رئاب » قال الصاغاني في التكملة الرواية ليس لها إِياب )
أَي صُدُوعٌ وهذا رِئابٌ قد جاءَ وهو مهموزٌ اسم رجُلٍ
التهذيب الرُّؤْبةُ الخَشَبة التي يُرْأَبُ بها المشَقَّر وهو القَدَحُ الكبيرُ من الخَشَب والرُّؤْبةُ القِطْعة من الحَجَر تُرْأَبُ بها البُرْمة وتُصْلَحُ بها

ربب
الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق لا شريك له وهو رَبُّ الأَرْبابِ ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ ولا يقال الربُّ في غَير اللّهِ إِلاّ بالإِضافةِ قال ويقال الرَّبُّ بالأَلِف واللام لغيرِ اللّهِ وقد قالوه في الجاهلية للمَلِكِ قال الحرث ابن حِلِّزة
وهو الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلى يَوْ ... مِ الحِيارَيْنِ والبَلاءُ بَلاءُ
والاسْم الرِّبابةُ قال
يا هِنْدُ أَسْقاكِ بلا حِسابَهْ ... سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابهْ
والرُّبوبِيَّة كالرِّبابة وعِلْمٌ رَبُوبيٌّ منسوبٌ إِلى الرَّبِّ على غير قياس وحكى أَحمد بن يحيى لا وَرَبْيِكَ لا أَفْعَل قال يريدُ لا وَرَبِّكَ فأَبْدَلَ الباءَ ياءً لأَجْل التضعيف وربُّ كلِّ شيءٍ مالِكُه ومُسْتَحِقُّه وقيل صاحبُه ويقال فلانٌ رَبُّ هذا الشيءِ أَي مِلْكُه له وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئاً فهو رَبُّه يقال هو رَبُّ الدابةِ ورَبُّ الدارِ وفلانٌ رَبُّ البيتِ وهُنَّ رَبَّاتُ الحِجالِ ويقال رَبٌّ مُشَدَّد ورَبٌ مخفَّف وأَنشد المفضل
وقد عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه ... رَبٌ غيرُ مَنْ يُعْطِي الحُظوظَ ويَرْزُقُ
وفي حديث أَشراط الساعة وأَن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّها أَو رَبَّتَها قال الرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ والسَّيِّدِ والمُدَبِّر والمُرَبِّي والقَيِّمِ والمُنْعِمِ قال ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلاّ على اللّه عزّ وجلّ وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِيفَ فقيلَ ربُّ كذا قال وقد جاءَ في الشِّعْر مُطْلَقاً على غيرِ اللّه تعالى [ ص 400 ] وليس بالكثيرِ ولم يُذْكَر في غير الشِّعْر قال وأَراد به في هذا الحديثِ المَوْلَى أَو السَّيِّد يعني أَن الأَمَةَ تَلِدُ لسيِّدها ولَداً فيكون كالمَوْلى لها لأَنَّه في الحَسَب كأَبيه أَراد أَنَّ السَّبْي يَكْثُر والنِّعْمة تظْهَر في الناس فتكثُر السَّراري وفي حديث إِجابةِ المُؤَذِّنِ اللهُمَّ رَبَّ هذه الدعوةِ أَي صاحِبَها وقيل المتَمِّمَ لَها والزائدَ في أَهلها والعملِ بها والإِجابة لها وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه لا يَقُل المَمْلُوكُ لسَيِّده ربِّي كَرِهَ أَن يجعل مالكه رَبّاً له لمُشاركَةِ اللّه في الرُّبُوبيةِ فأَما قوله تعالى اذْكُرْني عند ربك فإِنه خاطَبَهم على المُتَعارَفِ عندهم وعلى ما كانوا يُسَمُّونَهم به ومنه قَولُ السامِرِيّ وانْظُرْ إِلى إِلهِكَ أَي الذي اتَّخَذْتَه إِلهاً فأَما الحديث في ضالَّةِ الإِبل حتى يَلْقاها رَبُّها فإِنَّ البَهائم غير مُتَعَبَّدةٍ ولا مُخاطَبةٍ فهي بمنزلة الأَمْوالِ التي تَجوز إِضافةُ مالِكِيها إِليها وجَعْلُهم أَرْباباً لها وفي حديث عمر رضي اللّه عنه رَبُّ الصُّرَيْمة ورَبُّ الغُنَيْمةِ وفي حديث عروةَ بن مسعود رضي اللّه عنه لمَّا أَسْلَم وعادَ إِلى قومه دَخل منزله فأَنكَر قَومُه دُخُولَه قبلَ أَن يأْتِيَ الربَّةَ يعني اللاَّتَ وهي الصخرةُ التي كانت تَعْبُدها ثَقِيفٌ بالطائفِ وفي حديث وَفْدِ ثَقِيفٍ كان لهم بَيْتٌ يُسَمُّونه الرَّبَّةَ يُضاهِئُونَ به بَيْتَ اللّه تعالى فلما أَسْلَمُوا هَدَمَه المُغِيرةُ وقوله عزّ وجلّ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيةً مَرْضِيَّةً فادْخُلي في عَبْدي فيمن قرأَ به فمعناه واللّه أَعلم ارْجِعِي إِلى صاحِبِكِ الذي خَرَجْتِ منه فادخُلي فيه والجمعُ أَربابٌ ورُبُوبٌ وقوله عزّ وجلّ إِنه ربِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ قال الزجاج إِن العزيز صاحِبِي أَحْسَنَ مَثْوايَ قال ويجوز أَنْ يكونَ اللّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ والرَّبِيبُ المَلِكُ قال امرؤُ القيس
فما قاتلُوا عن رَبِّهم ورَبِيبِهم ... ولا آذَنُوا جاراً فَيَظْعَنَ سالمَا
أَي مَلِكَهُمْ ورَبَّهُ يَرُبُّهُ رَبّاً مَلَكَه وطالَتْ مَرَبَّتُهم الناسَ ورِبابَتُهم أَي مَمْلَكَتُهم قال علقمةُ بن عَبَدةَ
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي ... وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فَضِعتُ رُبوبُ ( 1 )
( 1 قوله « وكنت امرأً إلخ » كذا أنشده الجوهري وتبعه المؤلف وقال الصاغاني والرواية وأنت امرؤ يخاطب الشاعر الحرث بن جبلة ثم قال والرواية المشهورة أمانتي بدل ربابتي )
ويُروى رَبُوب وعندي أَنه اسم للجمع
وإِنه لَمَرْبُوبٌ بَيِّنُ الرُّبوبةِ أَي لَمَمْلُوكٌ والعِبادُ مَرْبُوبونَ للّهِ عزّ وجلّ أَي مَمْلُوكونَ ورَبَبْتُ القومَ سُسْتُهم أَي كنتُ فَوْقَهم وقال أَبو نصر هو من الرُّبُوبِيَّةِ والعرب تقول لأَنْ يَرُبَّنِي فلان أَحَبُّ إِليَّ من أَنْ يَرُبَّنِي فلان يعني أَن يكونَ رَبّاً فَوْقِي وسَيِّداً يَمْلِكُنِي وروي هذا عن صَفْوانَ بنِ أُمَيَّةَ أَنه قال يومَ حُنَيْنٍ عند الجَوْلةِ التي كانت من المسلمين فقال أَبو سفيانَ غَلَبَتْ واللّهِ هَوازِنُ فأَجابه صفوانُ وقال بِفِيكَ الكِثْكِثُ لأَنْ يَرُبَّنِي رجلٌ من قريش أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَرُبَّني رجلٌ من هَوازِنَ ابن الأَنباري الرَّبُّ يَنْقَسِم على ثلاثة أَقسام يكون الرَّبُّ المالِكَ ويكون الرَّبُّ السّيدَ المطاع [ ص 401 ] قال اللّه تعالى فيَسْقِي ربَّه خَمْراً أَي سَيِّدَه ويكون الرَّبُّ المُصْلِحَ رَبَّ الشيءَ إِذا أَصْلَحَه وأَنشد
يَرُبُّ الذي يأْتِي منَ العُرْفِ أَنه ... إِذا سُئِلَ المَعْرُوفَ زادَ وتَمَّما
وفي حديث ابن عباس مع ابن الزبير رضي اللّه عنهم لأَن يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَرُبَّنِي غيرُهم أَي يكونون عليَّ أُمَراءَ وسادةً مُتَقَدِّمين يعني بني أُمَيَّةَ فإِنهم إِلى ابنِ عباسٍ في النَّسَبِ أَقْرَبُ من ابن الزبير يقال رَبَّهُ يَرُبُّه أَي كان له رَبّاً وتَرَبَّبَ الرَّجُلَ والأَرضَ ادَّعَى أَنه رَبُّهما والرَّبَّةُ كَعْبَةٌ كانت بنَجْرانَ لِمَذْحِج وبني الحَرث بن كَعْب يُعَظِّمها الناسُ ودارٌ رَبَّةٌ ضَخْمةٌ قال حسان بن ثابت
وفي كلِّ دارٍ رَبَّةٍ خَزْرَجِيَّةٍ ... وأَوْسِيَّةٍ لي في ذراهُنَّ والِدُ
ورَبَّ ولَدَه والصَّبِيَّ يَرُبُّهُ رَبّاً ورَبَّبَه تَرْبِيباً وتَرِبَّةً عن اللحياني بمعنى رَبَّاه وفي الحديث لكَ نِعْمةٌ تَرُبُّها أَي تَحْفَظُها وتُراعِيها وتُرَبِّيها كما يُرَبِّي الرَّجُلُ ولدَه وفي حديث ابن ذي يزن أُسْدٌ تُرَبِّبُ في الغَيْضاتِ أَشْبالا أَي تُرَبِّي وهو أَبْلَغ منه ومن تَرُبُّ بالتكرير الذي فيه وتَرَبَّبَه وارْتَبَّه ورَبَّاه تَرْبِيَةً على تَحْويلِ التَّضْعيفِ وتَرَبَّاه على تحويل التضعيف أَيضاً أَحسَنَ القِيامَ عليه وَوَلِيَه حتى يُفارِقَ الطُّفُولِيَّةَ كان ابْنَه أَو لم يكن وأَنشد اللحياني
تُرَبِّبُهُ من آلِ دُودانَ شَلّةٌ ... تَرِبَّةَ أُمٍّ لا تُضيعُ سِخَالَها
وزعم ابن دريد أَنَّ رَبِبْتُه لغةٌ قال وكذلك كل طِفْل من الحيوان غير الإِنسان وكان ينشد هذا البيت كان لنا وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُهْ كسر حرف المُضارعةِ ليُعْلَم أَنّ ثاني الفعل الماضي مكسور كما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو قال وهي لغة هذيل في هذا الضرب من الفعل والصَّبِيُّ مَرْبُوبٌ ورَبِيبٌ وكذلك الفرس والمَرْبُوب المُرَبَّى وقول سَلامَة بن جندل
ليس بأَسْفَى ولا أَقْنَى ولا سَغِلٍ ... يُسْقَى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبُوبِ
يجوز أَن يكون أَراد بمربوب الصبيّ وأَن يكون أَراد به الفَرَس ويروى مربوبُ أَي هو مَرْبُوبٌ والأَسْفَى الخفيفُ الناصِيَةِ والأَقْنَى الذي في أَنفِه احْديدابٌ والسَّغِلُ المُضْطَرِبُ الخَلْقِ والسَّكْنُ أَهلُ الدار والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ ما يُؤْثَرُ به الضَّيْفُ والصَّبِيُّ ومربوب من صفة حَتٍّ في بيت قبله وهو
مِنْ كلِّ حَتٍّ إِذا ما ابْتَلَّ مُلْبَدهُ ... صافِي الأَديمِ أَسِيلِ الخَدِّ يَعْبُوب
الحَتُّ السَّريعُ واليَعْبُوب الفرسُ الكريمُ وهو الواسعُ الجَِرْي وقال أَحمد بن يَحيى للقَوْمِ الذين اسْتُرْضِعَ فيهم النبيُّ صلّى اللّه عليه وسلّم أَرِبَّاءُ النبيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم كأَنه جمعُ رَبِيبٍ فَعِيلٍ بمعنى [ ص 402 ]
فاعل وقولُ حَسَّانَ بن ثابت
ولأَنْتِ أَحسنُ إِذْ بَرَزْتِ لنا ... يَوْمَ الخُروجِ بِساحَةِ القَصْرِ
مِن دُرَّةٍ بَيْضاءَ صافيةٍ ... مِمَّا تَرَبَّب حائرُ البحرِ
يعني الدُّرَّةَ التي يُرَبِّيها الصَّدَفُ في قَعْرِ الماءِ والحائرُ مُجْتَمَعُ الماءِ ورُفع لأَنه فاعل تَرَبَّبَ والهاءُ العائدةُ على مِمَّا محذوفةٌ تقديره مِمَّا تَرَبَّبَه حائرُ البحرِ يقال رَبَّبَه وتَرَبَّبَه بمعنى والرَّبَبُ ما رَبَّبَه الطّينُ عن ثعلب وأَنشد في رَبَبِ الطِّينِ وماء حائِر والرَّبِيبةُ واحِدةُ الرَّبائِب من الغنم التي يُرَبّيها الناسُ في البُيوتِ لأَلبانها وغَنمٌ ربائِبُ تُرْبَطُ قَريباً مِن البُيُوتِ وتُعْلَفُ لا تُسامُ هي التي ذَكَر ابراهيمُ النَّخْعِي أَنه لا صَدَقةَ فيها قال ابن الأَثير في حديث النخعي ليس في الرَّبائبِ صَدَقةٌ الرَّبائبُ الغَنَمُ التي تكونُ في البَيْتِ وليست بِسائمةٍ واحدتها رَبِيبَةٌ بمعنى مَرْبُوبَةٍ لأَن صاحِبَها يَرُبُّها وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كان لنا جِيرانٌ مِن الأَنصار لهم رَبائِبُ وكانوا يَبْعَثُونَ إِلينا مِن أَلبانِها وفي حديث عمر رضي اللّه عنه لا تَأْخُذِ الأَكُولَة ولا الرُّبَّى ولا الماخضَ قال ابن الأَثير هي التي تُرَبَّى في البيت من الغنم لأَجْل اللَّبن وقيل هي الشاةُ القَريبةُ العَهْدِ بالوِلادة وجمعها رُبابٌ بالضم وفي الحديث أَيضاً ما بَقِيَ في غَنَمِي إِلاّ فَحْلٌ أَو شاةٌ رُبَّى والسَّحَابُ يَرُبُّ المَطَر أَي يَجْمَعُه ويُنَمِّيهِ والرَّبابُ بالفتح سَحابٌ أَبيضُ وقيل هو السَّحابُ واحِدَتُه رَبابةٌ وقيل هو السَّحابُ المُتَعَلِّقُ الذي تراه كأَنه دُونَ السَّحاب قال ابن بري وهذا القول هو المَعْرُوفُ وقد يكون أَبيضَ وقد يكون أَسْودَ وفي حديث النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أَنه نَظَرَ في الليلةِ التي أُسْرِيَ به إِلى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبابةِ البَيْضاء قال أَبو
عبيد الرَّبابةُ بالفتح السَّحابةُ التي قد رَكِبَ بعضُها بَعْضاً
وجمعها رَبابٌ وبها سمّيت المَرْأَةُ الرَّبابَ قال الشاعر
سَقَى دارَ هِنْدٍ حَيْثُ حَلَّ بِها النَّوَى ... مُسِفُّ الذُّرَى دَانِي الرَّبابِ ثَخِينُ
وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما أَحْدَقَ بِكُم رَبابه قال
الأَصمعي أَحسنُ بيت قالته العرب في وَصْفِ الرَّبابِ قولُ عبدِالرحمن بن حَسَّان على ما ذكره الأَصمعي في نِسْبَةِ البيت إِليه قال ابن بري ورأَيت من يَنْسُبُه لعُروة بنَ جَلْهَمةَ المازِنيّ
إِذا اللّهُ لم يُسْقِ إِلاّ الكِرام ... فَأَسْقَى وُجُوهَ بَنِي حَنْبَلِ
أَجَشَّ مُلِثّاً غَزيرَ السَّحاب ... هَزيزَ الصَلاصِلِ والأَزْمَلِ
تُكَرْكِرُه خَضْخَضاتُ الجَنُوب ... وتُفْرِغُه هَزَّةُ الشَّمْأَلِ
كأَنَّ الرَّبابَ دُوَيْنَ السَّحاب ... نَعامٌ تَعَلَّقَ بالأَرْجُلِ
والمطر يَرُبُّ النباتَ والثَّرى ويُنَمِّيهِ والمَرَبُّ [ ص 403 ] الأَرضُ التي لا يَزالُ بها ثَرًى قال ذو الرمة
خَناطِيلُ يَسْتَقْرِينَ كلَّ قرارَةٍ ... مَرَبٍّ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائسُ
وهي المَرَبَّةُ والمِرْبابُ وقيل المِرْبابُ من الأَرضِين التي كَثُرَ نَبْتُها ونَأْمَتُها وكلُّ ذلك مِنَ الجَمْعِ والمَرَبُّ المَحَلُّ ومكانُ الإِقامةِ والاجتماعِ والتَّرَبُّبُ الاجْتِماعُ ومَكانٌ مَرَبٌّ بالفتح مَجْمَعٌ يَجْمَعُ الناسَ قال ذو الرمة
بأَوَّلَ ما هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ ... بِأَجرَعَ مِحْلالٍ مَرَبٍّ مُحَلَّلِ
قال ومن ثَمَّ قيل للرّبابِ رِبابٌ لأَنهم تَجَمَّعوا وقال أَبو عبيد سُمُّوا رباباً لأَنهم جاؤُوا برُبٍّ فأَكلوا منه وغَمَسُوا فيه أَيدِيَهُم وتَحالفُوا عليه وهم تَيْمٌ وعَدِيٌّ وعُكْلٌ والرِّبابُ أَحْياء ضَبّةَ سُمُّوا بذلك لتَفَرُّقِهم لأَنَّ الرُّبَّة الفِرقةُ ولذلك إِذا نَسَبْتَ إِلى الرَّباب قلت رُبِّيٌّ بالضم فَرُدَّ إِلى واحده وهو رُبَّةٌ لأَنك إِذا نسبت الشيءَ إِلى الجمع رَدَدْتَه إِلى الواحد كما تقول في المساجِد مَسْجِدِيٌّ إِلا أَن تكون سميت به رجلاً فلا تَرُدَّه إِلى الواحد كما تقول في أَنْمارٍ أَنْمارِيٌّ وفي كِلابٍ كِلابِيٌّ قال هذا قول سيبويه وأَما أَبو عبيدة فإِنه قال سُمُّوا بذلك لتَرابِّهِم أَي تَعاهُدِهِم قال الأَصمعي سموا بذلك لأَنهم أَدخلوا أَيديهم في رُبٍّ وتَعاقَدُوا وتَحالَفُوا عليه وقال ثعلب سُموا ( 1 )
( 1 قوله « وقال ثعلب سموا إلخ » عبارة المحكم وقال ثعلب سموا رباباً لأنهم اجتمعوا ربة ربة بالكسر أي جماعة جماعة ووهم ثعلب في جمعه فعلة ( أي بالكسر ) على فعال وإنما حكمه أن يقول ربة ربة اه أي بالضم )
رِباباً بكسر الراءِ لأَنهم تَرَبَّبُوا أَي تَجَمَّعوا رِبَّةً رِبَّةً وهم خَمسُ قَبائلَ تَجَمَّعُوا فصاروا يداً واحدةً ضَبَّةُ وثَوْرٌ وعُكْل وتَيْمٌ وعَدِيٌّ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ربب الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله وفلان مَرَبٌّ أَي مَجْمعٌ يَرُبُّ الناسَ ويَجْمَعُهم ومَرَبّ الإِبل حيث لَزِمَتْه وأَرَبَّت الإِبلُ بمكان كذا لَزِمَتْه وأَقامَتْ به فهي إِبِلٌ مَرابُّ لَوازِمُ ورَبَّ بالمكان وأَرَبَّ لَزِمَه قال رَبَّ بأَرضٍ لا تَخَطَّاها الحُمُرْ وأَرَبَّ فلان بالمكان وأَلَبَّ إِرْباباً وإِلباباً إِذا أَقامَ به فلم يَبْرَحْه وفي الحديث اللهمّ إِني أَعُوذُ بك من غِنًى مُبْطِرٍ وفَقْرٍ مُرِبٍّ وقال ابن الأَثير أَو قال مُلِبٍّ أَي لازِمٍ غير مُفارِقٍ مِن أَرَبَّ بالمكانِ وأَلَبَّ إِذا أَقامَ به ولَزِمَه وكلّ لازِمِ شيءٍ مُرِبٌّ وأَرَبَّتِ الجَنُوبُ دامَت وأَرَبَّتِ السَّحابةُ دامَ مَطَرُها وأَرَبَّتِ الناقةُ أَي لَزِمَت الفحلَ وأَحَبَّتْه وأَرَبَّتِ الناقةُ بولدها لَزِمَتْه وأَحَبَّتْه وهي مُرِبٌّ كذلك هذه رواية أَبي عبيد عن أَبي زيد ورَوْضاتُ بني عُقَيْلٍ يُسَمَّيْن الرِّبابَ والرِّبِّيُّ والرَّبَّانِيُّ الحَبْرُ ورَبُّ العِلْم وقيل الرَّبَّانِيُّ الذي يَعْبُد الرَّبَّ زِيدت الأَلف والنون للمبالغة في النسب وقال سيبويه زادوا أَلفاً ونوناً في الرَّبَّاني إِذا أَرادوا تخصيصاً بعِلْم الرَّبِّ دون غيره كأَن معناه صاحِبُ عِلم بالرَّبِّ دون غيره من العُلوم وهو كما يقال رجل شَعْرانِيٌّ ولِحْيانِيٌّ ورَقَبانِيٌّ إِذا خُصَّ بكثرة الشعر وطول اللِّحْيَة وغِلَظِ الرَّقبةِ فإِذا [ ص 404 ] نسبوا إِلى الشَّعر قالوا شَعْرِيٌّ وإِلى الرَّقبةِ قالوا رَقَبِيٌّ وإِلى اللِّحْيةِ لِحْيِيٌّ والرَّبِّيُّ منسوب إِلى الرَّبِّ والرَّبَّانِيُّ الموصوف بعلم الرَّبِّ ابن الأَعرابي الرَّبَّانِيُّ العالم المُعَلِّم الذي يَغْذُو الناسَ بِصغارِ العلم قبلَ كِبارها وقال محمد بن عليّ ابن الحنفية لَمّا ماتَ عبدُاللّه بن عباس رضي اللّه عنهما اليومَ ماتَ رَبّانِيُّ هذه الأُمَّة ورُوي عن علي رضي اللّه عنه أَنه قال الناسُ ثلاثةٌ عالِمٌ ربَّانيٌّ ومُتَعَلِّمٌ على سَبيلِ نَجاةٍ وهَمَجٌ رَعاعٌ أَتْباعُ كلِّ ناعق قال ابن الأَثير هو منسوب إِلى الرَّبِّ بزيادة الأَلف والنون للمبالغة قال وقيل هو من الرَّبِّ بمعنى التربيةِ كانوا يُرَبُّونَ المُتَعَلِّمينَ بِصغار العُلوم قبلَ كبارِها والرَّبَّانِيُّ العالم الرَّاسِخُ في العِلم والدين أَو الذي يَطْلُب بِعلْمِه وجهَ اللّهِ وقيل العالِم العامِلُ المُعَلِّمُ وقيل الرَّبَّانِيُّ العالي الدَّرجةِ في العِلمِ قال أَبو عبيد سمعت رجلاً عالماً بالكُتب يقول الرَّبَّانِيُّون العُلَماءُ بالحَلال والحَرام والأَمْرِ والنَّهْي قال والأَحبارُ أَهلُ المعرفة بأَنْباءِ الأُمَم وبما كان ويكون قال أَبو عبيد وأَحْسَب الكلمَة ليست بعربية إِنما هي عِبْرانية أَو سُرْيانية وذلك أَن أَبا عبيدة زعم أَن العرب لا تعرف الرَّبَّانِيّين قال أَبو عبيد وإِنما عَرَفَها الفقهاء وأَهل العلم وكذلك قال شمر يقال لرئيس المَلاَّحِينَ رُبَّانِيٌّ ( 1 )
( 1 قوله « وكذلك قال شمر يقال إلخ » كذا بالنسخ وعبارة التكملة ويقال لرئيس الملاحين الربان بالضم وقال شمر الرباني بالضم منسوباً وأنشد للعجاج صعل وبالجملة فتوسط هذه العبارة بين الكلام على الرباني بالفتح ليس على ما ينبغي إلخ ) وأَنشد صَعْلٌ مِنَ السَّامِ ورُبَّانيُّ ورُوي عن زِرِّ بن عبدِاللّه في قوله تعالى كُونوا رَبَّانِيِّينَ قال حُكَماءَ عُلَماءَ غيره الرَّبَّانيُّ المُتَأَلِّه العارِفُ باللّه تعالى وفي التنزيل كُونوا رَبَّانِيِّين والرُّبَّى على فُعْلى بالضم الشاة التي وضعَت حديثاً وقيل هي الشاة إِذا ولدت وإِن ماتَ ولدُها فهي أَيضاً رُبَّى بَيِّنةُ الرِّبابِ وقيل رِبابُها ما بَيْنها وبين عشرين يوماً من وِلادتِها وقيل شهرين وقال اللحياني هي الحديثة النِّتاج مِن غير أَنْ يَحُدَّ وَقْتاً وقيل هي التي يَتْبَعُها ولدُها وقيل الرُّبَّى من المَعز والرَّغُوثُ من الضأْن والجمع رُبابٌ بالضم نادر تقول أَعْنُزٌ رُبابٌ والمصدر رِبابٌ بالكسر وهو قُرْبُ العَهْد بالولادة قال أَبو زيد الرُّبَّى من المعز وقال غيره من المعز والضأْن جميعاً وربما جاءَ في الإِبل أَيضاً قال الأَصمعي أَنشدنا مُنْتَجع ابن نَبْهانَ حَنِينَ أُمِّ البَوِّ في رِبابِها قال سيبويه قالوا رُبَّى ورُبابٌ حذفوا أَلِف التأْنيث وبَنَوْه على هذا البناءِ كما أَلقوا الهاءَ من جَفْرة فقالوا جِفارٌ إِلاَّ أَنهم ضموا أَوَّل هذا كما قالوا ظِئْرٌ وظُؤَارٌ ورِخْلٌ ورُخالٌ وفي حديث شريح إِنّ الشاةَ تُحْلَبُ في رِبابِها وحكى اللحياني غَنَمٌ رِبابٌ قال وهي قليلة وقال رَبَّتِ الشاةُ تَرُبُّ رَبّاً إِذا وَضَعَتْ وقيل إِذا عَلِقَتْ وقيل لا فعل للرُّبَّى والمرأَةُ تَرْتَبُّ الشعَر بالدُّهْن قال الأَعشى
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِل تَرْتَبُّ ... سُخاماً تَكُفُّه بخِلالِ
وكلُّ هذا من الإِصْلاحِ والجَمْع [ ص 405 ] والرَّبِيبةُ الحاضِنةُ قال ثعلب لأَنها تُصْلِحُ الشيءَ وتَقُوم به وتَجْمَعُه وفي حديث المُغِيرة حَمْلُها رِبابٌ رِبابُ المرأَةِ حِدْثانُ وِلادَتِها وقيل هو ما بين أَن تَضَعَ إِلى أَن يأْتي عليها شهران وقيل عشرون يوماً يريد أَنها تحمل بعد أَن تَلِد بيسير وذلك مَذْمُوم في النساءِ وإِنما يُحْمَد أَن لا تَحْمِل بعد الوضع حتى يَتِمَّ رَضاعُ ولدها والرَّبُوبُ والرَّبِيبُ ابن امرأَةِ الرجل مِن غيره وهو بمعنى مَرْبُوب ويقال للرَّجل نَفْسِه رابٌّ قال مَعْنُ بن أَوْس يذكر امرأَته وذكَرَ أَرْضاً لها
فإِنَّ بها جارَيْنِ لَنْ يَغْدِرا بها ... رَبِيبَ النَّبيِّ وابنَ خَيْرِ الخَلائفِ
يعني عُمَرَ بن أَبي سَلَمة وهو ابنُ أُمِّ سَلَمةَ زَوْجِ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وعاصِمَ بن عمر ابن الخَطَّاب وأَبوه أَبو سَلَمَة وهو رَبِيبُ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم والأُنثى رَبِيبةٌ الأَزهري رَبِيبةُ الرجل بنتُ امرأَتِه من غيره وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما إِنما الشَّرْطُ في الرَّبائبِ يريد بَناتِ الزَّوْجاتِ من غير أَزواجِهن الذين معهن قال والرَّبِيبُ أَيضاً يقال لزوج الأُم لها ولد من غيره ويقال لامرأَةِ الرجل إِذا كان له ولدٌ من غيرها رَبيبةٌ وذلك معنى رابَّةٍ ورابٍّ وفي الحديث الرَّابُّ كافِلٌ وهو زَوْجُ أُمِّ اليَتيم وهو اسم فاعل مِن رَبَّه يَرُبُّه أَي إِنه يَكْفُل بأَمْرِه وفي حديث مجاهد كان يكره أَن يتزوَّج الرجلُ امرأَةَ رابِّه يعني امرأَة زَوْج أُمِّه لأنه كان يُرَبِّيه غيره والرَّبيبُ والرَّابُّ زوجُ الأُم قال أَبو الحسن الرماني هو كالشَّهِيدِ والشاهِد والخَبِير والخابِرِ والرَّابَّةُ امرأَةُ الأَبِ وَرَبَّ المعروفَ والصَّنِيعةَ والنِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِباباً ورِبابةً حكاهما اللحياني ورَبَّبها نَمَّاها وزادَها وأَتَمَّها وأَصْلَحَها ورَبَبْتُ قَرابَتَهُ كذلك أَبو عمرو رَبْرَبَ الرجلُ إِذا رَبَّى يَتيماً وَرَبَبْتُ الأَمْرَ أَرُبُّهُ رَبّاً ورِبابةً أَصْلَحْتُه ومَتَّنْتُه ورَبَبْتُ الدُّهْنَ طَيَّبْتُه وأَجدتُه وقال اللحياني رَبَبْتُ الدُّهْنَ غَذَوْتُه بالياسَمينِ أَو بعض الرَّياحِينِ قال ويجوز فيه رَبَّبْتُه ودُهْنٌ مُرَبَّبٌ إِذا رُبِّبَ الحَبُّ الذي اتُّخِذَ منه بالطِّيبِ والرُّبُّ الطِّلاءُ الخاثِر وقيل هو دبْسُ كل ثَمَرَة وهو سُلافةُ خُثارَتِها بعد الاعتصار والطَّبْخِ والجمع الرُّبُوبُ والرِّبابُ ومنه سقاءٌ مَرْبُوبٌ إِذا رَبَبْتَه أَي جعلت فيه الرُّبَّ وأَصْلَحتَه به وقال ابن دريد رُبُّ السَّمْنِ والزَّيْتِ ثُفْلُه الأَسود وأَنشد كَشائطِ الرُّبّ عليهِ الأَشْكَلِ وارْتُبَّ العِنَبُ إِذا طُبِخَ حتى يكون رُبّاً يُؤْتَدَمُ به عن أَبي حنيفة وَرَبَبْتُ الزِّقَّ بالرُّبِّ والحُبَّ بالقِير والقارِ أَرُبُّه رَبّاً ورُبّاً ورَبَّبْتُه متَّنْتُه وقيل رَبَبْتُه دَهَنْتُه وأَصْلَحْتُه قال عمرو بن شأْس يُخاطِبُ امرأَته وكانت تُؤْذِي ابنه عِراراً
فَإِنَّ عِراراً إِن يَكُنْ غيرَ واضِحٍ ... فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المَنْكِبِ العَمَمْ
[ ص 406 ]
فإِن كنتِ مِنِّي أَو تُريدينَ صُحْبَتي ... فَكُوني له كالسَّمْنِ رُبَّ له الأَدَمْ
أَرادَ بالأَدَم النُّحْي يقول لزوجته كُوني لوَلدي عِراراً كَسَمْنٍ رُبَّ أَدِيمُه أَي طُلِيَ برُبِّ التمر لأَنَّ النِّحْي إِذا أُصْلِحَ بالرُّبِّ طابَتْ رائحتُه ومَنَعَ السمنَ مِن غير أَن يفْسُد طَعْمُه أَو رِيحُه يقال رَبَّ فلان نِحْيه يَرُبُّه رَبّاً إِذا جَعل فيه الرُّبَّ ومَتَّنه به وهو نِحْيٌ مَرْبُوب وقوله سِلاءَها في أَديمٍ غيرِ مَرْبُوبِ أَي غير مُصْلَحٍ وفي صفة ابن عباس رضي اللّه عنهما كأَنَّ على صَلَعَتِهِ الرُّبَّ من مسْكٍ أَو عَنْبرٍ الرُّبُّ ما يُطْبَخُ من التمر وهو الدِّبْسُ أَيضاً وإِذا وُصِفَ الإِنسانُ بحُسْنِ الخُلُق قيل هو السَّمْنُ لا يَخُمُّ والمُربَّبَاتُ الأَنْبِجاتُ وهي المَعْمُولاتُ بالرُّبِّ كالمُعَسَّلِ وهو المعمول بالعسل وكذلك المُرَبَّياتُ إِلا أَنها من التَّرْبيةِ يقال زنجبيل مُرَبًّى ومُرَبَّبٌ والإِربابُ الدُّنوُّ مِن كل شيءٍ والرِّبابةُ بالكسر جماعةُ السهام وقيل خَيْطٌ تُشَدُّ به السهامُ وقيل خِرْقةٌ تُشَدُّ فيها وقال اللحياني هي السُّلْفةُ التي تُجْعَلُ فيها القِداحُ شبيهة بالكِنانة يكون فيها السهام وقيل هي شبيهة بالكنانةِ يجمع فيها سهامُ المَيْسرِ قال أَبو ذؤَيب يصف الحمار وأُتُنَه
وكأَنهنَّ رِبابةٌ وكأَنه ... يَسَرٌ يُفِيضُ على القِداح ويَصْدَعُ
والرِّبابةُ الجِلدةُ التي تُجْمع فيها السِّهامُ وقيل الرِّبابةُ سُلْفَةٌ يُعْصَبُ بها على يَدِ الرَّجُل الحُرْضَةِ وهو الذي تُدْفَعُ إِليه الأَيسارُ للقِدح وإِنما يفعلون ذلك لِكَيْ لا يَجِدَ مَسَّ قِدْحٍ يكون له في صاحِبِه هَوًى والرِّبابةُ والرِّبابُ العَهْدُ والمِيثاقُ قال عَلْقَمَةُ بن عَبَدةَ
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي ... وقَبْلَكَ رَبَّتْني فَضِعْتُ رُبُوبُ
ومنه قيل للعُشُور رِبابٌ والرَّبِيبُ المُعاهَدُ وبه فسر قَوْلُ امرِئِ القيس فما قاتَلوا عن رَبِّهِم ورَبِيبِهِمْ وقال ابن بري قال أَبو علي الفارسي أَرِبَّةٌ جمع رِبابٍ وهو العَهْدُ قال أَبو ذؤَيب يذكر خَمْراً
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً وتُؤْلِفُ ... الجِوارَ ويُعْطِيها الأَمانَ رِبابُها
قوله تُؤْلِفُ الجِوار أَي تُجاوِرُ في مَكانَيْنِ والرِّبابُ العَهْدُ الذي يأْخُذه صاحِبُها من الناس لإِجارتِها وجَمْعُ الرَّبِّ رِبابٌ وقال شمر الرِّبابُ في بيت أَبي ذؤَيب جمع رَبٍّ وقال غيره يقول إِذا أَجار المُجِيرُ هذه الخَمْر أَعْطَى صاحِبَها قِدْحاً ليَعْلَموا أَنه قد أُجِيرَ فلا يُتَعَرَّض لها كأَنَّه ذُهِبَ بالرِّبابِ إِلى رِبابةِ سِهامِ المَيْسِر والأَرِبَّةُ أَهلُ المِيثاق قال أَبو ذُؤَيْب
كانت أَرِبَّتَهم بَهْزٌ وغَرَّهُمُ ... عَقْدُ الجِوار وكانوا مَعْشَراً غُدُرا
[ ص 407 ] قال ابن بري يكون التقدير ذَوِي أَرِبَّتِهِم ( 1 )
( 1 قوله « التقدير ذوي إلخ » أي داع لهذا التقدير مع صحة الحمل بدونه ) وبَهْزٌ حَيٌّ من سُلَيْم والرِّباب العُشُورُ وأَنشد بيت أَبي ذؤَيب ويعطيها الأَمان ربابها وقيل رِبابُها أَصحابُها والرُّبَّةُ الفِرْقةُ من الناس قيل هي عشرة آلافٍ أَو نحوها والجمع رِبابٌ وقال يونس رَبَّةٌ ورِبابٌ كَجَفْرَةٍ وجِفار والرَّبَّةُ كالرُّبَّةِ والرِّبِّيُّ واحد الرِّبِّيِّين وهم الأُلُوف من الناس والأَرِبَّةُ مِن الجَماعاتِ واحدتها رَبَّةٌ وفي التنزيلِ العزيز وكأَيِّنْ مِن نَبيِّ قاتَلَ معه رِبِّيُّون كثير قال الفراءُ الرِّبِّيُّونَ الأُلوف وقال أَبو العباس أَحمد بن يحيى قال الأَخفش الرِّبيون منسوبون إِلى الرَّبِّ قال أَبو العباس ينبغي أَن تفتح الراءُ على قوله قال وهو على قول الفرّاء من الرَّبَّةِ وهي الجماعة وقال الزجاج رِبِّيُّون بكسر الراء وضمّها وهم الجماعة الكثيرة وقيل الربيون العلماء الأَتقياءُ الصُّبُر وكلا القولين حَسَنٌ جميلٌ وقال أَبو طالب الربيون الجماعات الكثيرة الواحدة رِبِّيٌّ والرَّبَّانيُّ العالم والجماعة الرَّبَّانِيُّون وقال أَبو العباس الرَّبَّانِيُّون الأُلوفُ والرَّبَّانِيُّون العلماءُ و قرأَ الحسن رُبِّيُّون بضم الراء وقرأَ ابن عباس رَبِّيُّون بفتح الراءِ والرَّبَبُ الماءُ الكثير المجتمع بفتح الراءِ والباءِ وقيل العَذْب قال الراجز والبُرَّةَ السَمْراء والماءَ الرَّبَبْ وأَخَذَ الشيءَ بِرُبَّانه ورَبَّانِه أَي بأَوَّله وقيل برُبَّانِه بجَمِيعِه ولم يترك منه شيئاً ويقال افْعَلْ ذلك الأَمْرَ بِرُبَّانه أَي بِحِدْثانِه وطَراءَتِه وجِدَّتِه ومنه قيل شاةٌ رُبَّى ورُبَّانُ الشَّبابِ أَوَّله قال ابن أَحمر
وإِنَّما العَيْشُ بِرُبَّانِه ... وأَنْتَ من أَفنانِه مُفْتَقِر
ويُروى مُعْتَصِر وقول الشاعر
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) ربب الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله
خَلِيلُ خَوْدٍ غَرَّها شَبابُه ... أَعْجَبَها إِذْ كَبِرَتْ رِبابُه
أَبو عمرو الرُّبَّى أَوَّلُ الشَّبابِ يقال أَتيته في رُبَّى شَبابِه ورُبابِ شَبابِه ورِبابِ شَبابِه ورِبَّان شَبابه أَبو عبيد الرُّبَّانُ من كل شيءٍ حِدْثانُه ورُبّانُ الكَوْكَب مُعْظَمُه وقال أَبو عبيدة الرَّبَّانُ بفتح الراءِ الجماعةُ وقال الأَصمعي بضم الراءِ وقال خالد بن جَنْبة الرُّبَّةُ الخَير اللاَّزِمُ بمنزلة الرُّبِّ الذي يَلِيقُ فلا يكاد يذهب وقال اللهم إِني أَسأَلُك رُبَّةَ عَيْشٍ مُبارَكٍ فقيل له وما رُبَّةُ عَيْشٍ ؟ قال طَثْرَتَهُ وكَثْرَتُه وقالوا ذَرْهُ بِرُبَّان أَنشد ثعلب
فَذَرْهُمْ بِرُبّانٍ وإِلاّ تَذَرْهُمُ ... يُذيقُوكَ ما فيهم وإِن كان أَكثرا
قال وقالوا في مَثَلٍ إِن كنتَ بي تَشُدُّ ظَهْرَك فأَرْخِ بِرُبَّانٍ أَزْرَكَ وفي التهذيب إِن كنتَ بي تشدُّ ظَهْرَكَ فأَرْخِ مِن رُبَّى أَزْرَكَ يقول إِن عَوّلْتَ عَليَّ فَدَعْني أَتْعَبْ واسْتَرْخِ أَنتَ واسْتَرِحْ ورُبَّانُ غير مصروف اسم رجل [ ص 408 ] قال ابن سيده أَراه سُمي بذلك والرُّبَّى الحاجةُ يقال لي عند فلان رُبَّى والرُّبَّى الرَّابَّةُ والرُّبَّى العُقْدةُ المُحْكَمةُ والرُّبَّى النِّعْمةُ والإِحسانُ والرِّبَّةُ بالكسرِ نِبْتةٌ صَيْفِيَّةٌ وقيل هو كل ما اخْضَرَّ في القَيْظِ مِن جميع ضُروب النبات وقيل هو ضُروب من الشجر أَو النبت فلم يُحَدَّ والجمع الرِّبَبُ قال ذو الرمة يصف الثور الوحشي
أَمْسَى بِوَهْبِينَ مُجْتازاً لِمَرْتَعِه ... مِن ذِي الفَوارِسِ يَدْعُو أَنْفَه الرِّبَبُ
والرِّبَّةُ شجرة وقيل إِنها شجرة الخَرْنُوب التهذيب الرِّبَّةُ بقلة ناعمةٌ وجمعها رِبَبٌ وقال الرِّبَّةُ اسم لِعدَّةٍ من النبات لا تَهِيج في الصيف تَبْقَى خُضْرَتُها شتاءً وصَيْفاً ومنها الحُلَّبُ والرُّخَامَى والمَكْرُ والعَلْقى يقال لها كلها رِبَّةٌ التهذيب قال النحويون رُبَّ مِن حروف المَعاني والفَرْقُ بينها وبين كَمْ أَنَّ رُبَّ للتقليل وكَمْ وُضِعت للتكثير إِذا لم يُرَدْ بها الاسْتِفهام وكلاهما يقع على النَّكِرات فيَخْفِضُها قال أَبو حاتم من الخطإِ قول العامة رُبَّما رأَيتُه كثيراً ورُبَّما إِنما وُضِعَتْ للتقليل غيره ورُبَّ ورَبَّ كلمة تقليل يُجَرُّ بها فيقال رُبَّ رجلٍ قائم ورَبَّ رجُلٍ وتدخل عليه التاء فيقال رُبَّتَ رجل ورَبَّتَ رجل الجوهري ورُبَّ حرفٌ خافض لا يقع إِلاَّ على النكرة يشدَّد ويخفف وقد يدخل عليه التاء فيقال رُبَّ رجل ورُبَّتَ رجل ويدخل عليه ما ليُمْكِن أَن يُتَكَلَّم بالفعل بعده فيقال رُبما وفي التنزيل العزيز رُبَّما يَوَدُّ الذين كفروا وبعضهم يقول رَبَّما بالفتح وكذلك رُبَّتَما ورَبَّتَما ورُبَتَما وَرَبَتَما والتثقيل في كل ذلك أَكثر في كلامهم ولذلك إِذا صَغَّر سيبويه رُبَّ من قوله تعالى رُبَّما يودّ ردَّه إِلى الأَصل فقال رُبَيْبٌ قال اللحياني قرأَ الكسائي وأَصحاب عبداللّه والحسن رُبَّما يودُّ بالتثقيل وقرأَ عاصِمٌ وأَهلُ المدينة وزِرُّ بن حُبَيْش رُبَما يَوَدُّ بالتخفيف قال الزجاج من قال إِنَّ رُبَّ يُعنى بها التكثير فهو ضِدُّ ما تَعرِفه العرب فإِن قال قائل فلمَ جازت رُبَّ في قوله ربما يود الذين كفروا ورب للتقليل ؟ فالجواب في هذا أَن العرب خوطبت بما تعلمه في التهديد والرجل يَتَهَدَّدُ الرجل فيقول له لَعَلَّكَ سَتَنْدَم على فِعْلِكَ وهو لا يشك في أَنه يَنْدَمُ ويقول رُبَّما نَدِمَ الإِنسانُ مِن مِثْلِ ما صَنَعْتَ وهو يَعلم أَنَّ الإِنسان يَنْدَمُ كثيراً ولكنْ مَجازُه أَنَّ هذا لو كان مِمَّا يُوَدُّ في حال واحدة من أَحوال العذاب أَو كان الإِنسان يخاف أَن يَنْدَمَ على الشيءِ لوجَبَ عليه اجْتِنابُه والدليل على أَنه على معنى التهديد قوله ذَرْهُم يأْكُلُوا ويَتَمَتَّعُوا والفرق بين رُبَّما ورُبَّ أَن رُبَّ لا يليه غير الاسم وأَما رُبَّما فإِنه زيدت ما مع رب ليَلِيَها الفِعْلُ تقول رُبَّ رَجُلٍ جاءَني وربما جاءَني زيد ورُبَّ يوم بَكَّرْتُ فيه ورُبَّ خَمْرةٍ شَرِبْتُها ويقال ربما جاءَني فلان وربما حَضَرني زيد وأَكثرُ ما يليه الماضي ولا يَلِيه مِن الغابرِ إِلاَّ ما كان مُسْتَيْقَناً كقوله تعالى رُبَما يَوَدُّ الذين كفروا ووَعْدُ اللّهِ حَقٌّ كأَنه قد كان فهو بمعنى ما مَضَى وإِن كان لفظه مُسْتَقْبَلاً وقد تَلي ربما الأَسماءَ وكذلك ربتما [ ص 409 ] وأَنشد ابن الأَعرابي
ماوِيّ يا رُبَّتَما غارةٍ ... شَعْواءَ كاللَّذْعَةِ بالمِيسَمِ
قال الكسائي يلزم مَن خَفَّف فأَلقى إِحدى الباءَين أَن يقول رُبْ رجل فيُخْرِجَه مُخْرَجَ الأَدوات كما تقول لِمَ صَنَعْتَ ؟ ولِمْ صَنَعْتَ ؟ وبِأَيِّمَ جِئْتَ ؟ وبِأَيِّمْ جئت ؟ وما أَشبه ذلك وقال أَظنهم إِنما امتنعوا من جزم الباءِ لكثرة دخول التاءِ فيها في قولهم رُبَّتَ رجل ورُبَتَ رجل يريد الكسائي أَن تاءَ التأْنيث لا يكون ما قبلها إِلاَّ مفتوحاً أَو في نية الفتح فلما كانت تاءُ التأْنيث تدخلها كثيراً امتنعوا من إِسكان ما قبل هاءِ التأْنيث وآثروا النصب يعني بالنصب الفتح قال اللحياني وقال لي الكسائي إِنْ سَمِعتَ بالجزم يوماً فقد أَخبرتك يريد إِن سمعت أَحداً يقول رُبْ رَجُلٍ فلا تُنْكِرْه فإِنه وجه القياس قال اللحياني ولم يقرأْ أَحد رَبَّما بالفتح ولا رَبَما وقال أَبو الهيثم العرب تزيد في رُبَّ هاءً وتجعل الهاءَ اسماً مجهولاً لا يُعرف ويَبْطُل معَها عملُ رُبَّ فلا يخفض بها ما بعد الهاءِ وإِذا فَرَقْتَ بين كَمِ التي تَعْمَلُ عَمَلَ رُبَّ بشيءٍ بطل عَمَلُها وأَنشد
كائِنْ رَأَبْتُ وَهايا صَدْعِ أَعْظُمِه ... ورُبَّه عَطِباً أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ
نصب عَطِباً مِن أَجْل الهاءِ المجهولة وقولهم رُبَّه رَجُلاً ورُبَّها امرأَةً أَضْمَرت فيها العرب على غير تقدّمِ ذِكْر ثم أَلزَمَتْه التفسير ولم تَدَعْ أَنْ تُوَضِّح ما أَوْقَعت به الالتباسَ ففَسَّروه بذكر النوع الذي هو قولهم رجلاً وامرأَة وقال ابن جني مرة أَدخلوا رُبَّ على المضمر وهو على نهاية الاختصاص وجاز دخولها على المعرفة في هذا الموضع لمُضارَعَتِها النَّكِرَة بأَنها أُضْمِرَت على غير تقدّم ذكر ومن أَجل ذلك احتاجت إِلى التفسير بالنكرة المنصوبة نحو رجلاً وامرأَةً ولو كان هذا المضمر كسائر المضمرات لَمَا احتاجت إِلى تفسيره وحكى الكوفيون رُبَّه رجلاً قد رأَيت ورُبَّهُما رجلين ورُبَّهم رجالاً ورُبَّهنَّ نساءً فَمَن وَحَّد قال إِنه كناية عن مجهول ومَن لم يُوَحِّد قال إِنه ردّ كلام كأَنه قيل له ما لكَ جَوَارٍ ؟ قال رُبَّهُنّ جَوارِيَ قد مَلَكْتُ وقال ابن السراج النحويون كالمُجْمعِينَ على أَن رُبَّ جواب والعرب تسمي جمادى الأُولى رُبّاً ورُبَّى وذا القَعْدةِ رُبَّة وقال كراع رُبَّةُ ورُبَّى جَميعاً جُمادَى الآخِرة وإِنما كانوا يسمونها بذلك في الجاهلية والرَّبْرَبُ القَطِيعُ من بقر الوحش وقيل من الظِّباءِ ولا واحد له قال
بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلى ولا أُمَّ شادِنٍ ... غَضِيضَةَ طَرْفٍ رُعْتَها وَسْطَ رَبْرَبِ
وقال كراع الرَّبْرَبُ جماعة البقر ما كان دون العشرة

رتب
رَتَبَ الشيءُ يَرْتُبُ رتُوباً وتَرَتَّبَ ثبت فلم يتحرّك يقال رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَي انْتَصَبَ انْتِصابَه ورَتَّبَه تَرتِيباً أَثْبَتَه وفي حديث لقمان بن عاد رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَيْ انْتَصَب كما يَنْتَصِبُ الكَعْبُ إِذا رَمَيْتَه وصفه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النَّفْس ومنه حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما كان يُصَلّي في المسجدِ [ ص 410 ] الحرام وأَحجارُ المَنْجَنِيقِ تَمُرُّ على أُذُنِه وما يَلْتَفِتُ كأَنه كَعْبٌ راتِبٌ وعَيْشٌ راتِبٌ ثابِتٌ دائمٌ وأَمْرٌ راتِبٌ أَي دارٌّ ثابِت قال ابن جني يقال ما زِلْتُ على هذا راتِباً وراتِماً أَي مُقيماً قال فالظاهر من أَمر هذه الميم أَن تكون بدلاً من الباءِ لأَنه لم يُسمع في هذا الموضع رَتَمَ مثل رَتَب قال وتحتمل الميم عندي في هذا أَن تكون أَصلاً غير بدل من الرَّتِيمَة وسيأْتي ذكرها والتُّرْتُبُ والتُّرْتَبُ كلُّه الشيءُ المُقِيم الثابِتُ والتُّرْتُبُ الأَمْرُ الثابِتُ وأَمْرٌ تُرْتَبٌ على تُفْعَلٍ بضم التاءِ وفتح العين أَي ثابت قال زيادة ابن زيد العُذْرِيّ وهو ابن أُخْت هُدْبةَ
مَلَكْنا ولَمْ نُمْلَكْ وقُدْنا ولَمْ نُقَدْ ... وكان لنَا حَقّاً على الناسِ تُرْتَبا
وفي كان ضمير أَي وكان ذلك فينا حَقّاً راتِباً وهذا البيت مذكور في أَكثر الكتب وكان لنا فَضْلٌ ( 1 ) على الناسِ تُرْتَبا
( 1 قوله « وكان لنا فضل » هو هكذا في الصحاح وقال الصاغاني والصواب في الاعراب فضلاً )
أَي جميعاً وتاءُ تُرْتَبٍ الأُولى زائدة لأَنه ليس في الأُصول مثل جُعْفَرٍ والاشتقاقُ يَشهد به لأَنه من الشيءِ الرَّاتِب والتُّرْتَبُ العَبْدُ يَتوارَثُه ثلاثةٌ لثَباتِه في الرِّقِّ وإِقامَتِه فيه والتُّرْتَبُ التُّرابُ ( 2 )
( 2 قوله « والترتب التراب » في التكملة هو بضم التاءَين كالعبد السوء ثم قال فيها والترتب الأبد والترتب بمعنى الجميع بفتح التاء الثانية فيهما ) لثَباتِه وطُولِ بَقائه هاتانِ الأَخيرتان عن ثعلب والتُّرْتُبُ بضم التاءَين العبد السوء ورَتَبَ الرجلُ يَرْتُبُ رَتْباً انْتَصَبَ ورَتَبَ الكَعْبُ رُتُوباً انْتَصَبَ وثَبَتَ وأَرْتَبَ الغُلامُ الكَعْبَ إِرتاباً أَثْبَتَه التهذيب عن ابن الأَعرابي أَرْتَبَ الرجلُ إِذا سأَل بعدَ غِنًى وأَرْتَبَ الرجلُ إِذا انْتَصَبَ قائماً فهو راتِبٌ وأَنشد
وإِذا يَهُبُّ من المَنامِ رأَيتَه ... كرُتُوبِ كَعْبِ الساقِ ليسَ بزُمَّلِ
وصَفَه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النفسِ يقول هو أَبداً مُسْتَيْقِظٌ مُنْتَصِبٌ والرَّتَبَةُ الواحدة من رَتَباتِ الدَّرَجِ والرُّتْبةُ والمَرْتَبةُ المَنْزِلةُ عند المُلوكِ ونحوها وفي الحديث مَن ماتَ على مَرْتَبةٍ من هذه المَراتِبِ بُعِثَ عليها المَرْتَبةُ المَنْزِلةُ الرَّفِيعةُ أَراد بها الغَزْوَ والحجَّ ونحوهما من العبادات الشاقة وهي مَفْعلة مِن رتَبَ إِذا انْتَصَبَ قائماً والمَراتِبُ جَمْعُها قال الأَصمعي والمَرْتبةُ المَرْقَبةُ وهي أَعْلَى الجَبَل وقال الخليل المَراتِبُ في الجَبل والصَّحارِي هي الأَعْلامُ التي تُرَتَّبُ فيها العُيُونُ والرُّقَباءُ والرَّتَبُ الصُّخُورُ المُتقارِبةُ وبعضُها أَرفعُ من بعض واحدتها رَتَبةٌ وحكيت عن يعقوب بضم الراءِ وفتح التاءِ وفي حديث حذيفة قال يومَ الدَّارِ أَما انه سيكُونُ لها وقَفَاتٌ ومَراتِبُ فمن ماتَ في وقَفاتِها خيرٌ ممَّن ماتَ في مَراتِبها المَراتِبُ مَضايِقُ الأَوْدية في حُزُونةٍ والرَّتَبُ ما أَشرفَ من الأَرضِ كالبَرْزَخِ [ ص 411 ] يقال رَتَبةٌ ورَتَبٌ كقولك دَرَجةٌ ودَرَجٌ والرَّتَبُ عَتَبُ الدَّرَجِ والرَّتَب الشدّةُ قال ذو الرمة يصف الثور الوحشي
تَقَيَّظَ الرَّمْلَ حتى هَزَّ خِلْفَتَه ... ترَوُّحُ البَرْدِ ما في عَيْشِه رَتَبُ
أَي تَقَيَّظ هذا الثورُ الرَّمْل حتى هَزَّ خِلْفَتَه وهو النباتُ الذي يكون في أَدبارِ القَيْظِ وقوله ما في عَيْشِه رَتَب أَي هو في لِينٍ من العيشِ والرَّتْباءُ الناقةُ المُنْتَصِبةُ في سَيْرِها والرَّتَبُ غِلَظُ العَيْشِ وشِدَّتُه وما في عَيْشِه رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي ليس فيه غِلَظٌ ولا شِدّةٌ أَي هو أَمْلَسُ وما في هذا الأَمر رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي عَناءٌ وشِدّةٌ وفي التهذيب أَي هو سَهْلٌ مُستقِيمٌ قال أَبو منصور هو بمعنى النَّصَب والتَّعَب وكذلك المَرْتبةُ وكلُّ مَقامٍ شديدٍ مَرْتَبةٌ قال الشماخ
ومَرْتبة لا يُسْتَقالُ بها الرَّدَى ... تلاقى بها حِلْمِي عن الجَهْلِ حاجز
والرَّتَبُ الفَوْتُ بين الخِنْصِرِ والبِنْصِر وكذلك بين البِنْصِر والوُسْطَى وقيل ما بين السَّبَّابة والوُسْطَى وقد تسكن

رجب
رَجِبَ الرجلُ رَجَباً فَزِعَ ورَجِبَ رَجَباً ورَجَبَ يَرْجُبُ اسْتَحْيا قال فَغَيْرُكَ يَسْتَحيِي وغيرُكَ يَرْجُبُ ورَجِبَ الرجلَ رَجَباً ورَجَبَه يرجُبُه رَجْباً ورُجُوباً ورَجَّبه وتَرَجَّبَه وأَرْجَبَه كلُّه هابَه وعَظَّمه فهو مَرْجُوبٌ وأَنشد شمر أَحْمَدُ رَبّي فَرَقاً وأَرْجَبُهْ أَي أُعَظِّمُه ومنه سمي رَجَبٌ ورَجِبَ بالكسر أَكثر قال
إِذا العَجوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخَبْها ... ولا تَهَيَّبْها ولا تَرْجَبْها
وهكذا أَنشده ثعلب ورواية يعقوب في الأَلفاظ ولا تَرَجَّبْها ولا تَهَبْها شمر رَجِبْتُ الشيءَ هِبْتُه ورَجَّبْتُه عَظَّمْتُه ورَجَبٌ شهر سموه بذلك لتعظيمهم إِيَّاه في الجاهلية عن القتالِ فيه ولا يَسْتَحِلُّون القتالَ فيه وفي الحديث رَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبانَ قوله بين جُمادَى وشعبانَ تأْكيد للبَيانِ وإِيضاحٌ له لأَنهم كانوا يؤَخرونه من شهر إِلى شهر فيَتَحَوَّل عن موضعه الذي يَخْتَصُّ به فبين لهم أَنه الشهر الذي بين جُمادَى وشعبانَ لا ما كانوا يسمونه على حِساب النَّسِيءِ وإِنما قيل رَجَبُ مُضَرَ إِضافة إِليهم لأَنهم كانوا أَشدّ تعظيماً له من غيرهم فكأَنهم اخْتَصُّوا به والجمع أَرْجابٌ تقول هذا رجب فإِذا ضَمُّوا له شَعْبانَ قالوا رَجَبانِ والتَّرْجِيبُ التعظيمُ وإِن فلاناً لَمُرَجَّبٌ ومنه تَرْجِيبُ العَتِيرةِ وهو ذَبحُها في رَجَبٍ وفي الحديث هل تَدْرُون ما العَتِيرةُ ؟ هي التي يسمونها الرَّجَبِيَّةَ كانوا يَذْبحون في شهر رَجَبٍ ذَبيحَةً ويَنْسُبونَها إِليه والتَّرْجِيبُ ذَبْحُ النَّسائكِ في رَجَبٍ يقال هذه أَيَّامُ تَرْجِيبٍ وتَعْتارٍ وكانت العربُ تُرَجِّبُ وكان ذلك لهم [ ص 412 ] نُسُكاً أَو ذَبائحَ في رَجَبٍ أَبو عمرو الرَّاجِبُ المُعَظِّم لسيده ومنه رَجِبَهُ يَرْجَبُه رَجَباً ورَجَبَهُ يَرْجُبُه رَجْباً ورُجُوباً ورَجَّبَه تَرْجيباً وأَرْجَبَه ومنه قول الحُباب عُذَيْقُها المُرَجَّبُ قال الأَزهري أَما أَبو عبيدة والأَصمعي فإِنهما جَعلاه من الرُّجْبةِ لا مِن التَّرْجِيبِ الذي هو بمعنى التعظيم وقول أَبي ذُؤَيب
فَشَرَّجَها مِنْ نُطْفةٍ رَجَبِيَّةٍ ... سُلاسِلَةٍ من ماءِ لِصْبٍ سُلاسِلِ
يقول مَزَجَ العَسَلَ بماءِ قَلْتٍ قد أَبْقاها مَطَرُ رَجَبٍ هُنالك والجمع أَرْجابٌ ورُجُوبٌ ورِجابٌ ورَجَباتٌ والتَّرْجِيبُ أَنْ تُدْعَمَ الشجرةُ إِذا كَثُرَ حَمْلُها لئلا تَتَكسَّرَ أَغْصانُها ورَجَّبَ النخلةَ كانت كريمةً عليه فمالَتْ فبَنَى تحتَها دُكَّاناً تَعْتَمِد عليه لضَعْفِها والرُّجْبةُ اسم ذلك الدُّكَّان والجمع رُجَبٌ مثل رُكْبةٍ ورُكَبٍ والرُّجَبِيَّةُ من النخل منسوبة إِليه ونَخْلَةٌ رُجَبِيَّةٌ ورُجَّبِيَّةٌ بُنِيَ تحتها رُجْبةٌ كِلاهُما نَسَبٌ نادِرٌ والتثقيل أَذهَبُ في الشُّذُوذ التهذيب والرُّجْبَةُ والرُّجْمةُ أَن تُعْمَدَ النخلةُ الكريمةُ إِذا خِيفَ عليها أَن تَقَعَ لطُولها وكثرة حَمْلِها بِبِناء من حِجارة تُرَجَّبُ بها أَي تُعْمَدُ به ويكون تَرْجِيبُها أَن يُجْعَلَ حَوْلَ النخلة شَوْكٌ لئلا يَرْقَى فيها راقٍ فيَجْنِي ثمرها الأَصمعي الرُّجْمةُ بالميم البناء من الصخر تُعْمَدُ به النخلةُ والرُّجْبةُ أَن تُعمد النخلة بخَشبةٍ ذاتِ شُعْبَتَيْنِ وقد روي بيت سُوَيْدِ بن صامِتٍ بالوجهين جميعاً
ليست بِسَنْهاءٍ ولا رُجَّبِيَّةٍ ... ولكِنْ عَرايا في السِّنينَ الجَوائِح
يَصِفُ نَخْلة بالجَوْدةِ وأَنها ليس فيها سَنْهاءُ والسنهاءُ التي أَصابتها السَّنةُ يعني أَضَرَّ بها الجَدْبُ وقيل هي التي تحمل سنة وتَترك أُخرى والعَرايا جمع عَرِيَّةٍ وهي التي يُوهَبُ ثَمَرُها والجَوائحُ السِّنونُ الشِّدادُ التي تُجِيحُ المالَ وقبل هذا البيت
أَدِينُ وما دَيْنِي عَلَيْكُم بِمَغْرَمٍ ... ولكِنْ عَلى الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ
أَي إِنما آخُذُ بدَيْنٍ على أَن أُؤَدِّيَه من مالي وما يَرْزُقُ اللّه من ثَمَرة نَخْلي ولا أُكلِّفُكم قَضاءَ دَيْني عني والشُّمُّ الطِّوالُ والجِلادُ الصَّابِراتُ على العَطَشِ والحَرِّ والبَرْدِ والقَراوِحُ التي انْجَرَدَ كَرَبُها واحِدها قِرْواحٌ وكان الأَصل قَراويحَ فحَذَفَ الياءَ للضرورة وقيل تَرْجِيبُها أَن تُضَمَّ أَعْذاقُها إِلى سَعَفاتِها ثم تُشَدُّ بالخُوصِ لئلا يَنْفُضَها الرِّيحُ وقيل هو أَن يُوضَعَ الشَّوْكُ حَوالي الأَعْذاقِ لئلا يَصِلَ إِليها آكلٌ فلا تُسْرَق وذلك إِذا كانت غَريبةً طَريفةً تقول رَجَّبْتُها تَرْجِيباً وقال الحُبابُ ابن المُنْذِر أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ قال يعقوب التَّرْجِيبُ هنا إِرفادُ النَّخلةِ من جانب لِيَمْنَعَها من السُّقوط أَي إِن لي عَشِيرةً تُعَضِّدُني وتَمْنَعُني وتُرْفِدُني والعُذَيْقُ تصغير عَذْقٍ بالفتح وهي النخلة وقد وَرَدَ في حَديث السَّقِيفَةِ أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ وهو تصغير تعظيم وقيل أَراد بالتَّرْجِيبِ التَّعْظِيمَ [ ص 413 ] ورَجِبَ فلانٌ مولاه أَي عَظَّمَه ومِنه سمي رَجَبٌ لأَنه كان يُعَظَّم فأَما قول سَلامةَ بن جَنْدَلٍ
والعادِياتُ أَسابِيُّ الدِّماءِ بِها ... كأَنَّ أَعْناقَها أَنْصابُ تَرْجِيبِ
فإِنه شَبَّهَ أَعْناقَ الخيل بالنخل المُرَجَّبِ وقيل شبَّه أَعْناقَها بالحجارة التي تُذْبَح عليها النَّسائِكُ قال وهذا يدل على صِحَّةِ قولِ مَن جَعل التَّرجِيبَ دَعْماً للنخلة وقال أَبو عبيد ُيفَسِّر هذا البيتَ تَفْسيرانِ أَحدهما أَنت يكون شبَّه انْتِصابَ أَعْناقِها بِجِدارِ تَرْجِيبِ النخل والآخَرُ أَن يكون أَراد الدِّماءَ التي تُراقُ في رجب وقال أَبو حنيفة رُجِّبَ الكَرْمُ سُوِّيت سُرُوغُه ووُضِعَ مَواضِعَه مِنَ الدِّعَمِ والقِلالِ ورَجَبَ العُودُ خَرج مُنْفَرداً والرُّجْبُ ما بين الضِّلَعِ والقَصِّ والأَرْجابُ الأَمْعاءُ وليس لها واحد عند أَبي عبيد وقال كراع واحدها رَجَبٌ بفتح الراءِ والجيم وقال ابن حمدويه واحدها رِجْبٌ بكسر الراءِ وسكون الجيم والرَّواجِبُ مَفاصِلُ أُصولِ الأَصابع التي تلي الأَنامل وقيل هي بَواطِنُ مَفاصِلِ أُصولِ الأَصابِع وقيل هي قَصَبُ الأَصابع وقيل هي ظُهُورُ السُّلاميَّات وقيل هي ما بين البَراجِم من السُّلاميَّات وقيل هي مَفاصِلُ الأَصابع واحدتها راجِبةٌ ثم البَراجِمُ ثم الأَشاجِعُ اللاتي تلي الكَفَّ ابن الأَعرابي الرَّاجِبةُ البُقْعَةُ المَلْساء بينَ البراجِمِ قال والبراجِمُ المُشَنَّجاتُ في مَفاصِل الأَصابع في كل إِصْبَعٍ ثَلاثُ بُرْجُماتٍ إِلاَّ الإِبهامَ وفي الحديث أَلا تُنَقُّونَ رواجِبَكم ؟ هي ما بين عُقد الأَصابع من داخل واحدها راجِبةٌ والبراجِمُ العُقَد المُتَشَنِّجَةُ في ظاهِر الأَصابعِ الليث راجِبةُ الطائِر الإِصْبَعُ التي تلي الدَّائِرةَ مِن الجانبين الوَحْشِيَّيْن مِن الرِّجْلَيْن وقول صخر الغي
تَمَلَّى بها طُولَ الحياةِ فَقَرْنُه ... له حَيَدٌ أَشْرافُها كالرَّواجِبِ
شَبَّه ما نتأَ مِنْ قَرْنِه بما نَتَأَ من أُصُولِ الأَصابع إِذا ضُمَّت الكَفُّ وقال كراع واحدتها رُجْبةٌ قال ولا أَدري كيف ذلك لأَنَّ فُعْلة لا تكسر على فَواعِلَ أَبو العميثل رَجَبْتُ فلاناً بقَوْلِ سَيِّئٍ ورَجَمْتُه بمعنى صكَكْتُه والرَّواجِبُ من الحِمار عُروقُ مَخارج صَوْتِه عن ابن الأَعرابي وأَنشد
طَوَى بَطنَه طُولُ الطِّراد فأَصْبَحَتْ ... تَقَلْقَلُ مِنْ طُولِ الطِّرادِ رَواجِبُهْ
والرُّجْبةُ بناءٌ يُبْنى يُصَادُ به الذئب وغيره يوضع فيه لحم ويُشَدُّ بخَيْط فإِذا جَذَبه سَقَط عليه الرُّجْبةُ

رحب
الرُّحْبُ بالضم السَّعةُ رَحُبَ الشيءُ رُحْباً ورَحابةً فهو رَحْبٌ ورَحِيبٌ ورُحابٌ وأَرْحَبَ اتَّسَعَ وأَرْحَبْتُ الشيءَ وسَّعْتُه قال الحَجَّاجُ حِينَ قَتَلَ ابن القِرِّيَّة أَرْحِبْ يا غُلامُ جُرْحَه وقيل للخيل أَرْحِبْ وأَرْحِبي أَي تَوَسَّعِي وتَباعَدي [ ص 414 ] وتَنَحِّي زجر لها قال الكميت بن معروف
نُعَلِّمُها هَبِي وهَلاَ وأَرْحِبْ ... وفي أَبْياتِنا ولَنا افْتُلِينا
وقالوا رَحُبَتْ عليكَ وطُلَّتْ أَي رَحُبَتِ البِلادُ عليك وطُلَّتْ وقال أَبو إِسحق رَحُبَتْ بِلادُكَ وطُلَّت أَي اتَّسَعَتْ وأَصابَها الطَّلُّ وفي حديث ابن زِمْلٍ على طَريقٍ رَحْبٍ أَي واسِعٍ ورجُل رَحْبُ الصَّدْرِ ورُحْبُ الصدر ورحِيبُ الجَوْفِ واسِعُهما وفلان رحِيبُ الصَّدْر أَي واسع الصدر وفي حديث ابن عوف رضي اللّه عنه قَلِّدوا أَمْرَكُم رَحْب الذِّراع أَي واسِعَ القُوَّةِ عند الشَّدائد ورَحُبَت الدَّارُ وأَرْحَبَتْ بمعنى أَي اتَّسَعَتْ وامرأَةٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ والرَّحْبُ بالفتح والرَّحِيبُ الشيء الواسِعُ تقول منه بلد رَحْبٌ وأَرضٌ رَحْبةٌ الأَزهري ذهب الفراء إِلى أَنه يقال بَلَدٌ رَحْبٌ وبِلادٌ رَحْبةٌ كما يقال بَلَدٌ سَهْلٌ وبِلادٌ سَهْلة وقد رَحُبَت تَرْحُبُ ورَحُبَ يَرْحُبُ رُحْباً ورَحابةً ورَحِبَتْ رَحَباً قال الأَزهري وأَرْحَبَتْ لغة بذلك المعنى وقِدْرٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ وقول اللّه عز وجل وضاقَتْ عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ أَي على رُحْبِها وسَعَتها وفي حديث كَعْب بن مالك فنحنُ كما قال اللّه تعالى وضاقَت عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ وأَرضٌ رَحِيبةٌ واسِعةٌ ابن الأَعرابي والرَّحْبةُ ما اتَّسع من الأَرض وجمعُها رُحَبٌ مثل قَرْيةٍ وقُرًى قال الأَزهري وهذا يجيء شاذاً في باب الناقص فأَما السالم فما سمعت فَعْلةً جُمعت على فُعَلٍ قال وابن الأَعرابي ثقة لا يقول إِلا ما قد سَمِعَه وقولهم في تحية الوارد أَهْلاً ومَرْحَباً أَيْ صادَفْتَ أَهْلاً ومَرْحَباً وقالوا مَرْحَبَك اللّهُ ومَسْهَلَكَ وقولهم مَرْحَباً وأَهْلاً أَي أَتَيْتَ سَعةً وأَتَيْتَ أَهْلاً فاسْتَأْنِس ولا تَسْتَوْحِشْ وقال الليث معنى قول العرب مَرْحَباً انزل في الرَّحْب والسَّعةِ وأَقِمْ فلَكَ عِندنا ذلك وسئل الخليل عن نصب مَرْحَباً فقال فيه كَمِينُ الفِعْل أَراد به انْزِلْ أَو أَقِمْ فنُصِب بفعل مضمر فلما عُرِف معناه المراد به أُمِيتَ الفِعلُ قال الأَزهري وقال غيره في قولهم مَرْحَباً أَتَيْتَ أَو لَقِيتَ رُحْباً وسَعةً لا ضِيقاً وكذلك إِذا قال سَهْلاً أَراد نَزَلْت بلَداً سَهْلاً لا حَزْناً غَلِيظاً شمر سمعت ابن الأَعرابي يقول مَرْحَبَكَ اللّهُ ومَسْهَلَكَ ومَرْحَباً بك اللّهُ ومَسْهَلاً بك اللّهُ وتقول العرب لا مَرْحَباً بك أَي لا رَحُبَتْ عليك بلادُك قال وهي من المصادر التي تقع في الدُّعاءِ للرجل وعليه نحو سَقْياً ورَعْياً وجَدْعاً وعَقْراً يريدون سَقاكَ اللّهُ ورَعاكَ اللّهُ وقال الفراءُ معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً كأَنه وُضِعَ مَوْضِعَ التَّرْحِيبِ ورَحَّبَ بالرجل تَرْحِيباً قال له مَرْحَباً ورَحَّبَ به دعاه إِلى الرَّحْبِ والسَّعَةِ وفي الحديث قال لِخُزَيمةَ بن حُكَيْمٍ مَرْحَباً أَي لَقِيتَ رَحْباً وسَعةً وقيل معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً فجعلَ المَرْحَبَ موضع التَّرْحِيب ورَحَبةُ المسجِد والدارِ بالتحريك ساحَتُهما ومُتَّسَعُهما قال سيبويه رَحَبةٌ ورِحابٌ [ ص 415 ] كرَقَبةٍ ورِقابٍ ورَحَبٌ ورَحَباتٌ الأَزهري قال الفراءُ يقال للصَّحْراءِ بين أَفْنِيَةِ القوم والمَسْجِد رَحْبةٌ ورَحَبةٌ وسميت الرَّحَبةُ رَحَبةً لسَعَتِها بما رَحُبَتْ أَي بما اتَّسَعَتْ يقال منزل رَحِيبٌ ورَحْبٌ ورِحابُ الوادِي مَسايِلُ الماءِ من جانِبَيْه فيه واحدتها رَحَبةٌ ورَحَبةُ الثُّمام مُجْتَمَعُه ومَنْبِتُه ورَحائبُ التُّخوم سَعةُ أَقْطارِ الأَرض والرَّحَبةُ مَوضِعُ العِنَبِ بمنزلة الجَرينِ للتَّمر وكلُّه من الاتساع وقال أَبو حنيفة الرَّحْبةُ والرَّحَبةُ والتثقيل أَكثر أَرض واسِعةٌ مِنْباتٌ مِحْلالٌ وكلمة شاذة تحكى عن نصر بن سَيَّارٍ أَرَحُبَكُم الدُّخولُ في طاعةِ ابن الكِرْمانِي أَي أَوَسِعَكم فعَدَّى فَعُلَ وليست مُتَعدِّيةً عند النحويين إِلا أَن أَبا علي الفارسي حكى أَن هذيلاً تعديها إِذا كانت قابلة للتعدّي بمعناها كقوله ولم تَبْصُرِ العَيْنُ فيها كِلابا قال في الصحاح لم يجئْ في الصحيح فَعُلَ بضم العين متعدياً غير هذا وأَمَّا المعتل فقد اختلفوا فيه قال الكسائي أَصل قُلْتُه قَوُلْتُه وقال سيبويه لا يجوز ذلك لأَنه لا يتعدّى وليس كذلك طُلْته أَلا ترى أَنك تقول طويل ؟ الأَزهري قال الليث هذه كلمة شاذة على فَعُلَ مُجاوِزٌ وفَعُلَ لا يكون مُجاوِزاً أَبداً قال الأَزهري لا يجوز رَحُبَكُم عند النحويين ونصر ليس بحجة والرُّحْبَى على بناءِ فُعْلَى أَعْرَضُ ضِلَعٍ في الصدرِ وإِنما يكون الناحِزُ في الرُّحْبَيَيْنِ وهما مَرْجِعا المِرْفقين والرُّحْبَيانِ الضِّلَعانِ اللتان تَلِيانِ الإِبْطَيْنِ في أَعْلَى الأَضْلاع وقيل هما مَرْجِعا المِرْفقين واحدهما رُحْبَى وقيل الرُّحْبى ما بين مَغْرِز العُنق إِلى مُنْقَطَعِ الشَّراسِيف وقيل هي ما بين ضِلَعَي أَصل العُنق إِلى مَرْجع الكَتِف والرُّحْبى سِمةٌ تَسِمُ بها العرَبُ على جَنْبِ البَعِير والرُّحَيْباءُ من الفرس أَعْلَى الكَشْحَيْنِ وهما رُحَيْباوانِ الأَزهري الرُّحْبَى مَنْبِضُ القَلْبِ من الدَّوابِّ والانسانِ أَي مكانُ نَبْض قلبه وخَفَقانِه ورَحْبةُ مالك بن طَوْقٍ مَدينةٌ أَحْدَثَها مالكٌ على شاطِئِ الفُراتِ ورُحابةُ موضعٌ معروفٌ ابن شميل الرِّحابُ في الأَودية الواحدة رحْبةٌ وهي مواضع مُتَواطِئةٌ يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ وهي أَسْرَعُ الأَرض نباتاً تكون عند مُنْتَهَى الوادِي وفي وَسَطِه وقد تكون في المكانِ المُشْرِف يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ وما حَوْلَها مُشْرِفٌ عليها وإِذا كانت في الأَرضِ المُسْتَوِيَةِ نزلَها الناسُ وإِذا كانت في بطن المَسايِل لم يَنْزلْها الناسُ فإِذا كانت في بطن الوادي فهي أُقْنَةٌ أَي حُفْرةٌ تُمْسِكُ الماءَ ليست بالقَعِيرة جِدّاً وسَعَتُها قَدْرُ غلْوةٍ والناسُ يَنْزِلُون ناحيةً منها ولا تكون الرِّحابُ في الرَّمل وتكون في بطون الأَرضِ وفي ظَواهِرِها وبنُو رَحْبةَ بَطْنٌ مِن حِمْيَر وبنُو رَحَبٍ بَطْن من هَمْدانَ [ ص 416 ] وأَرْحَبُ قَبِيلَةٌ من هَمْدانَ وبنُو أَرْحَبَ بَطْنٌ من هَمْدانَ إِليهم تُنْسَبُ النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ قال الكميت شاهداً على القبيلة بني أَرْحَبَ
يَقُولونَ لَمْ يُورَثْ ولَوْلا تُراثُه ... لقد شَرِكَتْ فيه بَكِيلٌ وأَرْحَبُ
الليث أَرْحَبُ حَيٌّ أَو موضع يُنْسَبُ إِليه النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ قال الأَزهري ويحتمل أَن يكون أَرْحَبُ فَحْلاً تُنْسَبُ إِليه النجائب لأَنها من نَسْلِه والرَّحِيبُ الأَكُولُ ومَرْحَبٌ اسم ومَرْحَبٌ فَرَسُ عبدِاللّه بن عَبْدٍ
والرُّحابةُ أُطُمٌ بالمدينة وقول النابغة الجعدي
وبعضُ الأَخِلاَّءِ عِنْدَ البَلا ... ءِ والرُّزْءِ أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبِ
وكيفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خَلالَتُه كأَبِي مَرْحَبِ ؟
أَراد كخَلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ يَعْنِي به الظِّلَّ

ردب
الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهلِ مِصْر قيل يَضُمُّ أَربعةً
وعشرين صاعاً قال الأَخطل
قَوْمٌ إِذا اسْتَنْبَحَ الأَضْيافُ كَلْبَهُمُ ... قالوا لأُمِّهِم بُولي على النَّارِ
والخُبزُ كالعَنْبرِ الهِنْدِيِّ عِنْدَهُمُ ... والقَمْحُ سَبْعُونَ إِرْدَبّاً بِدِينارِ
قال الأَصمعي وغيره البَيْتُ الأَوَّل من هذين البَيْتَيْنِ أَهْجَى بيت قالته العَرَبُ لأَنه جَمَع ضُرُوباً من الهِجاءِ لأَنه نَسَبَهم إِلى البُخْل لكونهم يُطْفِئُون نارَهم مَخافةَ الضِّيفان وكونِهم يَبْخَلُون بالماءِ فيُعَوِّضُونَ عنه البولَ وكونِهم يَبْخَلُون بالحَطَبِ فنارُهُمْ ضَعِيفَةٌ يُطْفِئُها بَوْلَة وكونِ تلكَ البَوْلَة بَوْلَة عَجُوزٍ وهي أَقلُّ مِن بَوْلَةِ الشابة ووصَفَهم بامْتِهانِ أُمِّهم وذلك لِلُؤْمِهِم وأَنهم لا خَدَمَ لَهم قال الشيخ أَبو محمد بن بري قوله الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهْلِ مِصْر ليس بصحيح لأَنَّ الإِرْدَبَّ لا يُكال به وإِنما يُكالُ بالوَيْبَةِ والإِرْدَبُّ بها سِتُّ وَيْباتٍ وفي الحديث مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمَها وقَفِيزَها ومَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّها وعُدْتُم من حَيْثُ بَدَأْتُمْ الأَزهري الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ معروف لأَهْلِ مِصْرَ يقال إِنه يَأْخُذُ أَرْبَعَةً وعِشرِينَ صاعاً مِن الطَّعامِ بصاعِ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم والقَنْقَل نِصفُ الإِرْدَبّ قال والإِرْدَبُّ أَربعةٌ وستُّون مَنّاً بمَنِّ بَلَدِنا ويقال للبالُوعةِ من الخَزَف الواسِعَةِ إِرْدَبَّة شُبِّهَتْ بالإِرْدَبِّ المكيالِ وجمع الإِرْدَبِّ أَرادِبُّ والإِرْدَبُّ القَناةُ التي يَجْري فيها الماءُ على وجهِ الأَرضِ والإِرْدَبَّةُ القِرْمِيدَةُ وفي الصحاح الإِرْدَبَّة القِرْمِيدُ وهو الآجُرُّ الكبيرُ

رزب
المِرْزَبَة والإِرْزَبَّة عُصَيَّة من حديدٍ والإِرْزَبَّة التي يُكْسر بها المَدَرُ فإِن قُلْتَها بالميم خَفَّفْتَ الباءَ وقُلْتَ المِرْزَبَة وأَنشد الفراءُ ضَرْبك بالمِرْزَبَةِ العُودَ النَّخِرْ [ ص 417 ] وفي حديث أَبي جهل فإِذا رجلٌ أَسودُ يَضْرِبُه بِمِرْزَبةٍ المِرْزَبة بالتخفيفِ المِطْرَقةُ الكبيرةُ التي تكون للحدَّادِ وفي حديث المَلك وبيدِه مِرْزَبَة ويقال لها الإِرْزَبَّة أَيضاً بالهمز والتشديدِ ورجلٌ إِرْزَبٌّ ملحق بِجِرْدَحْلٍ قصيرٌ غليظٌ شديدٌ وفَرْجٌ إِرْزَبٌّ ضَخْمٌ وكذلك الرَّكَب قال
إِنَّ لها لرَكَباً إِرْزَبَّا ... كأَنه جَبْهَةُ ذَرَّى حبَّا
والإِرْزَبُّ فَرْجُ المرأَةِ عن كراع جَعَلَه اسماً له الجوهري رَكَبٌ إِرْزَبٌّ أَي ضَخْمٌ قال رؤْبة كَزّ المُحَيَّا أُنَّح إِرْزَبّ ورجل إِرْزَبٌّ كبيرٌ قال أَبو العباس الإِرْزَبُّ العظيم الجسيمُ الأَحْمَق وأَنشد الأَصمعي كَزّ المُحَيَّا أُنَّح إِرْزَبّ والمِرْزابُ لغة في الميزابِ وليست بالفصيحة وأَنْكَرَه أَبو عبيد والمِرزابُ السفينة العظيمة والجمعُ المرازيبُ قال جرير
يَنْهَسْنَ من كلِّ مَخْشِيِّ الرَّدَى قُذُفٍ ... كما تَقاذَف في اليَمِّ المَرازيبُ
الجوهري المرازِيبُ السُّفُنُ الطِّوالُ وأَما المَرازِبةُ من الفُرْسِ فمُعَرَّبٌ الواحِدُ مَرْزُبانٌ بضم الزاي وفي الحديث أَتيتُ الحِيرَة فرأَيْتُهم يسْجُدون لمَرْزُبانٍ لهم هو بضم الزاي أَحَدُ مَرَازِبة الفُرْسِ وهو الفارِسُ الشُّجاعُ المقدّمُ على القَوْمِ دون المَلِك وهو مُعَرَّب ومنه قولهم للأَسَدِ مَرْزُبان الزَّأْرَةِ والأَصل فيه أَحَدُ مَرازِبة الفُرْسِ قال أَوسُ بن حَجَر في صفَةِ أَسَد
لَيْثٌ عليه من البَرْدِيِّ هِبْرِيةٌ ... كالمَرْزُبانيِّ عَيَّالٌ بأَوْصالِ
قال ابن بري والهِبْرِيةُ ما سَقَط عليه من أَطْرافِ البَرْدِيِّ ويقال للحَزازِ في الرأْس هِبْرِية وإِبْرِية والعَيَّالُ المُتَبَخْتِرُ في مَشْيِه ومن رواه عَيَّارٌ بالراءِ فمعناه أَنه يَذْهَب بأَوْصالِ الرِّجالِ إِلى أَجَمَتِه ومنه قولهم ما أَدْرِي أَيُّ الرِّجالِ عارَه أَي ذَهَبَ به والمَشهورُ فيمن رواه عَيَّالٌ أَن يكون بعدَه بآصالِ لأَن العَيَّال المُتَبَختر أَي يخرُج العَشِيَّاتِ وهي الأَصائلُ متَبَخْتِراً ومن رواه عَيَّار بالراءِ قال الذي بعدَه بأَوْصالِ والذي ذكره الجوهري عَيَّالٌ بأَوْصالِ وليس كذلك في شعره إِنما هو على ما قَدَّمنا ذِكره قال الجوهري ورواه المفَضَّل كالمَزبراني بتقديم الزاي عَيّارٌ بأَوْصال بالراءِ ذهب إِلى زُبْرَةِ الأَسَد فقال له الأَصْمَعي يا عَجَباهْ الشيءُ يُشَبَّه بنفسِه وإِنما هو المَرْزُبانيُّ وتقول فلانٌ على مَرْزَبة كذا وله مَرْزَبة كذا كما تقول له دَهْقَنة كذا ابن بري حكي عن الأَصمعي أَنه يقال للرئيس من العجم مَرْزُبان ومَزْبُران بالراءِ والزاي قال فعلى هذا يصحّ ما رواه المُفَضَّل

رسب
الرُّسُوبُ الذَّهابُ في الماءِ سُفْلاً رَسَبَ ( 1 )
( 1 قوله « رسب » في القاموس أنه على وزن صرد وسبب ) الشيءُ في الماءِ يَرْسُب رُسُوباً ورَسُبَ ذهَبَ سُفلاً ورَسَبَتْ عَيْناه غارَتَا وفي حديث [ ص 418 ] الحسن يَصِفُ أَهلَ النار إِذا طَفَتْ بهم النارُ أَرْسَبَتْهُم الأَغْلالُ أَي إِذا رَفَعَتْهم وأَظْهَرَتْهُم حَطَّتْهم الأَغْلالُ بثِقَلِها إِلى أَسْفَلِها
وسَيْفٌ رَسَبٌ ورَسُوبٌ ماضٍ يَغِيبُ في الضَّريبةِ قال الهذلي
أَبيض كالرَّجْعِ رَسُوب إِذا ... ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلِي
وكان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سَيْفٌ يقال له رَسُوبٌ أَي يَمْضِي في الضَّريبةِ ويَغِيبُ فيها وكان لخالد بن الوليد سَيْفٌ سَمَّاه مِرْسَباً وفيه يقول
ضَرَبْتُ بالمِرْسَبِ رأْسَ البِطْريقِ ... بصارِمٍ ذِي هَبَّةٍ فَتِيقِ ( 1 )
( 1 قوله « ضربت بالمرسب رأس البطريق بصارم إلخ » أورد الصاغاني في التكملة بين هذين المشطورين ثالثاً وهو « علوت منه مجمع الفروق » ثم قال وبين أضرب هذه المشاطير تعاد لأَن الضرب الأول مقطوع مذال والثاني والثالث مخنونان مقطوعان اه وفيه مع ذلك أن القافية في الأول مقيدة وفي الأخيرين مطلقة )
كأَنه آلةٌ للرُّسوبِ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
قُبِّحْت من سالِفةٍ ومِن قَفا ... عَبْدٍ إِذا ما رَسَبَ القَوْمُ طَفَا
قال أَبو العباس معناه أَن الحُلَماءَ إِذا ما تَرَزَّنوا في مَحافِلِهِم طَفا هو بجَهْلِه أَي نَزَا بجَهْلِه والمَرَاسِبُ الأَواسِي والرَّسوبُ الحليم وفي النوادر الرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ الداهِيةُ والرَّسُوب الكَمَرة كأَنها لِمَغيبِها عند الجماعِ وجَبَل راسِبٌ ثابتٌ وبَنُو راسبٍ حيٌّ من العرب قال وفي العربِ حَيَّانِ يُنْسبان إِلى راسبٍ حيّ في قُضاعة وحيٌّ في الأَسْد الذين منهم عبداللّه بن وهب الراسبِي

رشب
التهذيبُ أَبو عمرو المَراشِبُ جَعْوُ رُؤُوسِ الخُروسِ والجَعْوُ الطينُ والخُرُوسُ الدِّنانُ

رضب
الرُّضابُ ما يَرْضُبُه الإِنسانُ من رِيقِه كأَنه يَمْتَصُّه وإِذا قَبَّل جاريَتَه رَضَبَ رِيقَها وفي الحديث كأَنِّي أَنْظُر إِلى رُضابِ بُزاقِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم البُزاقُ ما سالَ والرُّضابُ منه ما تَحَبَّبَ وانْتَشَر يريد كأَني أَنْظُر إِلى ما تحَبَّبَ وانْتَشَر من بُزَاقِه حين تَفَلَ فيه قال الهرويّ وإِنما أَضاف في الحديث الرُّضابَ إِلى البُزاقِ لأَن البُزاقَ من الريقِ ما سالَ وقد رَضَبَ ريقَها يَرْضُبُه رَضْباً وتَرَضَّبَه رَشَفَه والرُّضابُ الريقُ وقيل الريقُ المَرْشُوف وقيل هو تَقَطُّع الريقِ في الفَمِ وكثْرةُ ماءِ الأَسنانِ فعُبِّر عنه بالمَصْدرِ قال ولا أَدري كيف هذا وقيل هو قِطَعُ الريق قال ولا أَدري كيف هذا أَيضاً والمَراضِب الأَرْياق العذبة والرُّضَاب قطَع الثلج والسُّكَّر والبَرَد قاله عُمارة بن عَقِيل والرُّضَابُ لُعَابُ العَسَل وهو رَغْوته ورُضَاب المِسْك قِطَعه والرُّضابُ فُتاتُ المِسْكِ قال
وإِذَا تَبْسِمُ تُبْدِي حَبَباً ... كرُضابِ المِسْكِ بِالمَاءِ الخَصِرْ
ورُضابُ الفَمِ ما تَقَطَّع من رِيقِه ورُضابُ [ ص 419 ] النَّدَى ما تَقَطَّع منه على الشَّجَرِ والرَّضْب الفِعْل وماءٌ رُضابٌ عَذْبٌ قال رُؤْبة كالنَّحْلِ في المَاءِ الرُّضَابِ العَذْبِ وقيل الرُّضابُ هَهنا البَرْدُ وقوله كالنَّحْلِ أَي كَعَسَلِ النَّحْل ومثله قول كثير عزة كاليَهُودِيِّ مِنْ نَطَاةَ الرِّقالِ أَراد كنَخْلِ اليَهُوديّ أَلا تَرى أَنه قد وَصَفَها بالرِّقَالِ وهي الطِّوالُ من النَّخْلِ ؟ ونَطَاةُ خَيْبَر بعَيْنِها ويقال لحَبّ الثَّلْجِ رُضَاب الثَّلْج وهو البَرَدُ والرَّاضِبُ من المَطَرِ السَّحُّ قال حذيفة بن أَنس يصف ضبعاً في مغارة
خُنَاعَةُ ضَبْعٌ دَمَّجَتْ في مَغارَةٍ ... وأَدْرَكَها فِيها قِطارٌ ورَاضِبُ
أَراد ضَبُعاً فأَسْكَن الباء ومعنى دَمَّجَتْ بالجيم دَخَلَت ورواه أَبو عمرو دَمَّحَتْ بالحاءِ أَي أَكَبَّتْ وخُناعَة أَبو قَبِيلَة وهو خُناعَةُ بنُ سَعْدِ بنِ هُذَيل بن مُدْرِكَة وقد رَضَبَ المَطَر وأَرْضَب قال رؤبة
كأَنَّ مُزْناً مُسْتَهِلَّ الإِرْضَابْ ... رَوَّى قِلاتاً في ظِلالِ الأَلْصَابْ
أَبو عمرو رَضَبَتِ السَّماءُ وهَضَبَتْ ومَطَرٌ راضِبٌ أَي هَاطِلٌ والرَّاضِبُ ضَرْبٌ من السِّدْرِ واحدته رَاضِبَة ورَضَبة فإِنْ صَحَّت رَضَبَة فَراضِبٌ في جَمِيعِها اسمٌ للجمع ورَضَبَتِ الشَّاةُ كرَبَضَت قَلِيلَةٌ

رطب
الرَّطْبُ بالفَتْحِ ضدُّ اليابسِ والرَّطْبُ النَّاعِمُ رَطُبَ بالضَّمِّ يَرْطُب رُطوبَةً ورَطابَةً ورَطِبَ فهو رَطْبٌ ورَطِيبٌ ورَطَّبْتُه أَنا تَرْطِيباً وجارِيَةٌ رَطْبَة رَخْصَة وغلام رَطْبٌ فيه لِينُ النساءِ ويقال للمرْأَةِ يا رَطَابِ تُسَبُّ به والرُّطُبُ كلُّ عُودٍ رَطْبٍ وهو جَمْعُ رَطْبٍ وغُصنٌ رَطِيبٌ ورِيشٌ رَطِيبٌ أَي ناعِمٌ والمَرْطُوبُ صاحِبُ الرُّطُوبَةِ وفي الحديث مَن أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآن رَطْباً أَي لَيِّناً لا شِدَّةَ في صَوْتِ قَارِئِه والرُّطْبُ والرُّطُبُ الرِّعْيُ الأَخْضَرُ من بُقُولِ الرَّبِيعِ وفي التهذيب من البَقْلِ والشجر وهو اسْمٌ للجِنْسِ والرُّطْبُ بالضمِّ ساكِنَةَ الطاءِ الكَلأُ ومنه قول ذي الرمة
حَتى إِذا مَعْمَعَانُ الصَّيْفِ هَبَّ لَهُ ... بأَجَّةٍ نَشَّ عَنْها المَاءُ والرُّطْبُ
وهو مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ أَراد هَيْجَ كُلِّ عُودٍ رَطْبٍ والرُّطْبُ جَمعُ رَطْبٍ أَراد ذَوَى كُلُّ عُودٍ رَطْبٍ فَهاجَ وقال أَبو حنيفة الرُّطْب جماعة العُشْبِ الرَّطْبِ وأَرْضٌ مُرْطِبةٌ أَي مُعْشِبَةٌ كَثِيرةُ الرُّطْبِ والعُشْبِ والكَلإِ والرَّطْبة رَوْضَة الفِصْفِصَة ما دامَتْ خَضْراءَ وقيل هي الفِصْفِصَةُ نَفْسُها وجمعُها رِطابٌ [ ص 420 ] ورَطَبَ الدَّابَّة عَلَفها رَطْبَةً وفي الصحاح الرَّطبة بالفَتْح القَضْبُ خَاصَّة ما دامَ طَرِيّاً رَطْباً تقول منه رَطَبْتُ الفَرَس رَطْباً ورُطوباً عن أَبي عبيد وفي الحديث أَنَّ امرَأَةً قالت يا رسولَ اللّه إِنَّا كَلٌّ على آبائِنَا وأَبْنائِنَا فما يَحِلُّ لَنا منْ أَمْوالِهِمْ ؟ فقال الرَّطْبُ تَأْكُلْنَه وتُهْدِينَه أَراد مَا لا يُدَّخَر ولا يَبْقَى كالفواكهِ والبُقول وإِنما خَصَّ الرَّطْبَ لأَنَّ خَطْبَه أَيْسَر والفسادَ إِليه أَسرَعُ فإِذا تُرِكَ ولم يُؤْكَلْ هَلَك ورُمِيَ بخلافِ اليابس إِذا رُفِعَ وادُّخِرَ فَوَقَعَتِ المُسامَحة في ذلك بتركِ الاسْتِئْذانِ وأَن يجري على العادةِ المُسْتحسَنةِ فيه قال وهذا فيما بين الآباءِ والأُمَّهاتِ والأَبناءِ دون الأَزواجِ والزَّوجاتِ فليس لأَحدِهما أَن يَفعل شيئاً إِلاَّ بإِذنِ صاحبِه والرُّطَبُ نَضِيجُ البُسْرِ قبلَ أَنْ يُتْمِر واحدتُه رُطَبةً قال سيبويه ليس رُطَبٌ بتكسيرِ رُطَبةٍ وإِنما الرُّطَب كالتَّمْرِ واحد اللفظ مُذَكَّر يقولون هذا الرُّطَب ولو كان تَكْسيراً لأَنَّثوا وقال أَبو حنيفة الرُّطَبُ البُسْرُ إِذا انهَضَم فَلانَ وحََلا وفي الصحاح الرُّطَبُ من التمر معروفٌ الواحدة رُطَبة وجمع الرُّطَبِ أَرْطابٌ ورِطابٌ أَيضاً مثلُ رُبَعٍ ورِباعٍ وجمعُ الرُّطَبةِ رُطَباتٌ ورُطَبٌ ورَطَبَ الرُّطَبُ ورَطُبَ ورَطَّبَ وأَرْطَبَ حانَ أَوانُ رُطَبِه وتَمرٌ رَطِيبٌ مُرْطِبٌ وأَرْطَبَ البُسْر صار رُطَباً وأَرْطَبَتِ النخلة وأَرْطَبَ القَوْمُ أَرْطَبَ نَخْلُهم وصار ما عليه رُطَباً ورَطَبَهم أَطْعَمَهم الرُّطَب أَبو عمرو إِذا بلَغ الرُّطَب اليَبِيس فوُضِعَ في الجِرارِ وصُبَّ عليه الماءُ فذلك الرَّبيطُ فإِنْ صُبَّ عليه الدِّبْسُ فهو المُصَقَّر ابن الأَعرابي يقال للرَّطْبِ رَطِبَ يَرْطَبُ ورَطُبَ يَرْطُبُ رُطُوبة ورَطَّبَتِ البُسرة وأَرْطَبَت فهي مُرَطِّبةٌ ومُرْطِبة والرَّطْبُ المُبْتَلُّ بالماءِ ورَطَّبَ الثوْبَ وَغيرَه وأَرْطَبَه كِلاهما بَلَّه قال ساعدة بن جُؤَيَّة
بشَرَبَّةٍ دَمِثِ الكَثِيب بدُوره ... أَرْطَى يَعُوذُ به إِذا مَا يُرطَبُ

رعب
الرُّعْبُ والرُّعُبُ الفَزَع والخَوْفُ رَعَبَه يَرْعَبُه رُعْباً ورُعُباً فهو مَرْعُوبٌ ورَعِيبٌ أَفْزَعَه ولا تَقُلْ أَرْعَبَه ورَعَّبَه تَرْعِيباً وتَرْعاباً فَرَعَب رُعْباً وارْتَعَبَ فهو مُرَعَّبٌ ومُرْتَعِبٌ أَي فَزِعٌ وفي الحديث نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرةَ شَهرٍ كان أَعداءُ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم قد أَوْقَعَ اللّهُ في قلوبِهمُ الخَوْفَ منه فإِذا كان بينَه وبينَهم مَسِيرَةُ شَهْرٍ هابُوه وفَزِعُوا منه وفي حديث الخَنْدَق إِنَّ الأُولى رَعَّبُوا عَلَيْنا قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في رواية بالعين المهملة ويروى بالغين المعجمة والمشهورُ بَغَوْا من البَغْيِ قال وقد تكرر الرُّعْب في الحديث والتِّرْعابةُ الفَرُوقة من كلِّ شيءٍ والمَرْعَبة القَفْرة المُخِيفة وأَن يَثِب الرجُلُ فيَقْعُدَ بجَنْبِكَ وأَنتَ عنه غافِلٌ فتَفْزَعَ [ ص 421 ] ورَعَبَ الحَوْضَ يَرْعَبُه رَعْباً مَلأَه ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ يَرْعَبُه مَلأَه وهُو منه وسَيْلٌ راعِبٌ يَمَْلأُ الوادِيَ قال مُلَيْحُ بنُ الحَكَم الهُذَلي
بِذِي هَيْدَبٍ أَيْمَا الرُّبى تحتَ وَدْقِه ... فتَرْوى وأَيْمَا كلُّ وادٍ فيَرْعَبُ
ورَعَبَ فِعْلٌ مُتَعَدٍّ وغيرُ متعدٍّ تقول رَعَبَ الوادي فهو راعِبٌ إِذا امْتَلأَ بالماءِ ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ إِذا مََلأَهُ مِثْلُ قَولِهم نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه فمن رواه فيَرْعَبُ بضم لام كلّ وفتح ياءِ يَرْعَب فمعناه فيَمْتَلِئُ ومن رَوَى فيُرْعَب بضم الياء فمعناه فيُمْلأُ وقد رُوِيَ بنصب كلٍّ على أَن يكونَ مفعولاً مقدَّماً لِيَرْعَبُ كقولك أَمَّا زيداً فضَرَبْت وكذلك أَمّا كلّ وادٍ فيَرْعَب وفي يَرْعَبُ ضميرُ السَّيْلِ والمطَرِ وروي فيُرْوِي بضم الياءِ وكسر الواو بدل قوله فتَرْوَى فالرُّبى على هذه الرواية في موضع نصب بيُرْوِي وفي يُرْوي ضميرُ السَّيْل أَو المطَر ومَن رواه فتَرْوَى رَفَع الرُّبى بالابتداءِ وتَرْوَى خَبره والرَّعِيبُ الذي يَقْطُر دَسَماً ورَعَّبَتِ الحمامةُ رَفَعَت هَديلَها وشَدَّتْه والرَّاعِبيُّ جِنْسٌ من الحَمَامِ وحَمامةٌ راعِبِيَّة تُرَعِّبُ في صَوْتِها تَرْعِيباً وهو شِدّة الصوت جاءَ على لفظِ النَّسَب وليس به وقيلَ هو نَسَبٌ إِلى موضِعٍ لا أَعرِفُ صِيغة اسمِه وتقول إِنه لشَدِيدُ الرَّعْبِ قال رؤبة ولا أُجِيبُ الرَّعْبَ إِن دُعِيتُ ويُرْوى إِنْ رُقِيتُ أَراد بالرَّعْب الوعيد إِن رُقِيتُ أَي خُدِعْتُ بالوعيدِ لمْ أَنْقَدْ ولم أَخَفْ والسَّنامُ المُرَعَّبُ المُقَطَّع ورَعَب السَّنامَ وغيرَهُ يَرْعَبُه ورَعَّبَه قَطَعَه والتِّرعِيبةُ بالكسر القِطْعَةُ منه والجمعُ تِرْعِيبٌ وقيل التِّرْعِيبُ السنامُ المُقَطَّع شَطَائِبَ مُسْتَطِيلَةً وهو اسمٌ لا مَصدر وحكى سيبويه التِّرْعِيبَ في التَّرعِيبِ على الإِتباعِ ولم يَحْفِلْ بالساكِنِ لأَنه حاجِزٌ غيرُ حَصِينٍ وسَنامٌ رَعِيبٌ أَي مُمْتَلِئٌ سَمِينٌ وقال شمر تَرْعِيبُه ارتِجاجُه وسِمَنُه وغِلَظُه كأَنه يَرْتَجُّ من سِمَنِه والرُّعْبُوبَة كالتِّرْعِيبةِ ويقال أَطْعَمَنا رُعْبُوبةً من سَنامٍ عندَه وهو الرُّعْبَبُ وجاريةٌ رُعْبوبةٌ ورُعْبوبٌ ورِعْبيبٌ شَطْبة تارَّةٌ الأَخيرة عن السيرافي من هذا والجمع الرَّعابِيبُ قال حُمَيْد
رَعابِيبُ بِيضٌ لا قِصارٌ زَعانِفٌ ... ولا قَمِعات حُسْنُهُنَّ قَرِيبُ
أَي لا تَسْتَحْسِنُها إِذا بَعُدَتْ عَنْك وإِنما تَسْتَحْسِنُها عند التأَمُّلِ لدَمامَة قامتِها وقيل هي البيضاءُ الحَسَنةُ الرَّطْبة الحُلْوة وقيل هي البيضاءُ فقط وأَنشد الليث
ثُمَّ ظَلِلْنا في شِواءٍ رُعْبَبُه ... مُلَهْوَجٌ مِثل الكُشَى نُكَشِّبُهْ
وقال اللحياني هي البيضاءُ الناعمة ويقال لأَصلِ الطلعة رُعْبوبة أَيضاً والرُّعْبُوبة الطويلة عن ابن الأَعرابي وناقة رُعْبوبة ورُعْبوبٌ خفيفة [ ص 422 ] طَيَّاشة قال عبيد بن الأَبرص
إِذا حَرَّكَتْها الساقُ قلت نَعامَةٌ ... وإِن زُجِرَتْ يوماً فلَيْسَتْ برُعْبُوبِ
والرُّعْبوبُ الضعِيفُ الجبان والرَّعْب رُقْيةٌ من السِّحْر رَعَبَ الرَّاقي يَرْعَب رَعْباً ورجلٌ رَعَّابٌ رَقَّاءٌ من ذلك والأَرْعَبُ القَصِيرُ وهو الرَّعيبُ أَيضاً وجَمْعُه رُعُبٌ ورُعْبٌ قالت امرأَة
إِني لأَهْوَى الأَطْوَلِين الغُلْبَا ... وأُبْغِضُ المُشَيَّبِينَ الرُّعْبا
والرَّعْباءُ موضِعٌ وليس بثَبَتٍ

رغب
الرَّغْبُ والرُّغْبُ والرَّغَبُ والرَّغْبَة والرَّغَبُوتُ والرُّغْبَى والرَّغْبَى والرَّغْبَاءُ الضَّراعة والمسأَلة وفي حديث الدعاءِ رَغْبَةً ورَهْبَةً إِلَيْكَ قال ابن الأَثير أَعمل لَفْظَ الرَّغْبَة وَحْدَها ولو أَعْمَلَهُما مَعاً لقال رَغْبة إِليكَ ورَهْبة منكَ ولكن لمَّا جمَعَهُما في النظم حَمَل أَحدَهما على الآخَرِ كقول الراجز وزَجَّجْنَ الحَواجِبَ والعُيونا وقول الآخر مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحاً وفي حديث عمر رضي اللّه عنه قالوا له عند موتِه جزاكَ اللّهُ خيراً فعَلْتَ وفَعَلْتَ فقال راغِبٌ وراهِبٌ يعني انَّ قولَكم لِي هذا القولَ إِمَّا قولُ راغِبٍ فيما عندي أَو راهِبٍ منِّي وقيل أَراد إِنَّنِي راغِبٌ فيما عندَ اللّه وراهِبٌ من عذابِه فلا تَعْويلَ عندي على ما قُلتم من الوصف والإِطْراءِ ورجل رَغَبُوت من الرَّغْبَةِ وقد رَغِبَ إِليه ورَغَّبَه هو عن ابن الأَعرابي وأَنشد
إِذا مالَتِ الدُّنْيا على المَرْءِ رَغَّبَتْ ... إِليه ومالَ الناسُ حيثُ يَمِيلُ
وفي الحديث أَن أَسماءَ بنتَ أَبي بكر رضي اللّه عنهما قالت أَتَتْنِي أُمِّي راغِبةً في العَهْدِ الذي كان بين رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبينَ قريشٍ وهي كافِرة فسأَلَتْنِي فسأَلتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أَصِلُها ؟ فقال نعم قال الأَزهري قولُها أَتَتْنِي أُمِّي راغِبةً أَي طائعة تَسْأَلُ شيئاً يقال رَغِبْتُ إِلى فلانٍ في كذا وكذا أَي سأَلتُه إِيَّاه ورُوِي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال كيفَ أَنتُم إِذا مَرِجَ الدِّينُ وظَهَرَتِ الرَّغْبة ؟ وقوله ظَهَرَتِ الرَّغْبةُ أَي كثُر السُّؤال وقَلَّتِ العِفَّة ومَعْنَى ظُهورِ الرَّغْبة الحِرْصُ على الجَمْع مع مَنْعِ الحَقِّ رَغِبَ يَرْغَبُ رَغْبة إِذا حَرَصَ على الشيءِ وطَمِعَ فيه والرَّغْبة السُّؤالُ والطَّمَع وأَرْغَبَنِي في الشَّيءِ ورغَّبَنِي بمعنًى ورَغَّبَه أَعْطاه ما رَغِبَ قال ساعدة بنُ جُؤَيَّة
لَقُلْتُ لدَهْري إِنَّه هو غَزْوَتي ... وإِنِّي وإِنْ رَغَّبْتَني غيرُ فاعِلِ
والرَّغِيبةُ من العَطاءِ الكثيرُ والجمعُ الرَّغائبُ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ
لا تَغْضَبَنَّ على امْرِئٍ في ماله ... وعلى كرائِمِ صُلْبِ مالِكَ فاغْضَبِ
[ ص 423 ]
ومَتى تُصِبْكَ خَصاصةٌ فارْجُ الغِنى ... وإِلى الَّذي يُعْطِي الرَّغائبَ فارْغَبِ
ويقال إِنه لَوَهُوبٌ لكلِّ رَغِيبةٍ أَي لكلِّ مَرْغُوبٍ فيه والمَراغِبُ الأَطْماعُ والمَراغِبُ المُضْطَرَباتُ للمَعاشِ ودَعا اللّهَ رَغْبةً ورُغْبةً عن ابن الأَعرابي وفي التنزيل العزيز يَدْعُونَنا رَغَباً ورَهَباً قال ويجوز رُغْباً ورُهْباً قال ولا نعلم أَحَداً قَرَأَ بها ونُصِبَا على أَنهما مفعولٌ لهما ويجوز فيهما المصدر ورَغِبَ في الشيءِ رَغْباً ورَغْبةً ورَغْبَى على قياس سَكْرَى ورَغَباً بالتحريك أَراده فهو راغِبٌ وارْتَغَبَ فيه مثلُه وتقول إِليك الرَّغْبَاءُ ومنكَ النَّعْماءُ وقال يعقوب الرُغْبَى والرَّغْبَاءُ مثل النُّعْمَى والنَّعْمَاءِ وفي الحديث أَنَّ ابنَ عُمرَ كان يَزِيدُ في تَلْبِبتِه والرُّغْبَى إِليكَ والعَمَل وفي رواية والرَّغْباءُ بالمدّ وهما من الرَّغْبة كالنُّعْمى والنَّعْماءِ من النِّعْمةِ أَبو زيد يقال للبَخِيل يُعْطِي من غيرِ طَبْعِ جُودٍ ولا سَجِيَّةِ كَرَمٍ رُهْباك خير من رُغْباكَ يقول فَرَقُه منكَ خيرٌ لك وأَحْرى أَنْ يُعْطِيَكَ عليه من حُبّه لك قال ومثَلُ العامَّة في هذا فَرَقٌ خيرٌ من حُبٍّ قال أَبو الهيثم يقول لأَنْ تُرْهَبَ خيرٌ من أَن يُرْغَبَ فيكَ قال وفعلتُ ذلك رُهْباكَ أَي من رَهْبَتِك قال ويقال الرُّغْبَى إِلى اللّه تعالى والعملُ أَي الرَّغْبة وأَصَبْتُ منك الرُّغْبَى أَي الرَّغْبة الكَثيرة وفي حديث ابن عمر لا تَدَعْ رَكْعَتَيِ الفجر فإِنَّ فيهما الرَّغائِبَ قال الكلابي الرَّغائِبُ ما يُرْغَبُ فيه من الثوابِ العظيمِ يقال رَغيبة ورَغائِب وقال غيره هي ما يَرْغَبُ فيه ذو رَغَبِ النفسِ ورَغَبُ النفسِ سَعَةُ الأَمَلِ وطَلَبُ الكثير ومن ذلك صلاةُ الرَّغائِب واحدتُها رَغيبةٌ والرَّغيبةُ الأَمرُ المَرْغوبُ فيه ورَغِبَ عن الشيءِ تَرَكَه مُتَعَمّداً وزَهِدَ فيه ولم يُرِدْهُ ورَغِبَ بنفسه عنه رأَى لنفسِه عليه فضلاً وفي الحديث إِني لأَرْغَبُ بك عن الأَذانِ يقال رَغِبْتُ بفلانٍ عن هذا الأَمرِ إِذا كَرِهْتَه له وزَهِدتَ له فيه والرُّغْبُ بالضم كثرة الأَكلِ وشدة النَّهْمة والشَّرَهِ وفي الحديث الرُّغْبُ شُؤْمٌ ومعناه الشَّرَه والنَّهْمة والحِرْصُ على الدنيا والتَّبَقُّرُ فيها وقيل سَعَة الأَمَل وطَلَبُ الكثير وقد رَغُبَ بالضم رُغْباً ورُغُباً فهو رغيب التهذيب ورُغْبُ البطنِ كثرةُ الأَكلِ وفي حديث مازنٍ وكنت امْرَأً بالرُّغْبِ والخَمْرِ مُولَعاً أَي بسَعَةِ البطنِ وكثرةِ الأَكلِ ورُوِي بالزاي يعني الجماع قال ابن الأَثير وفيه نظر والرَّغابُ بالفتح الأَرضُ اللَّيِّنة وأَرضٌ رَغابٌ ورُغُبٌ تأْخُذُ الماءَ الكَثيرَ ولا تَسيلُ إِلاّ من مَطَرٍ كثير وقيل هي اللينة الواسعة الدَّمِثةُ وقد رَغُبَتْ رُغْباً والرَّغيب الواسع الجوفِ ورجلٌ رَغيبُ الجَوْفِ إِذا كان أَكُولاً وقد رَغُبَ يَرْغُب رَغابةً يقال حَوْضٌ رَغيبٌ وسِقاءٌ رَغيبٌ وقال أَبو حنيفة وادٍ رَغيبٌ ضَخْمٌ واسِعٌ كثير الأَخذِ للماءِ ووادٍ زَهيدٌ قليلُ الأَخْذِ وقد [ ص 424 ] رَغُبَ رُغْباً ورُغُباً وكلُّ ما اتَّسَع فقد رَغُبَ رُغْباً ووادٍ رُغُبٌ واسعٌ وطريق رَغِبٌ كذلك والجمع رُغُبٌ قال الحطيئة
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ كالأُسْتيِّ قد جَعَلَتْ ... أَيْدي المَطِيِّ به عاديَّةً رُغُبا
ويُروى رُكُبا جمع رَكُوبٍ وهي الطريقُ التي بها آثارٌ وتراغَبَ المكانُ إِذا اتَّسَع فهو مُتَراغبٌ وحِمْلٌ رَغِيبٌ ومُرْتَغِبٌ ثقِيلٌ قال ساعدة ابنُ جُؤَيَّة
تَحَوَّبُ قَدْ تَرَى إِنِّي لِحَمْلٍ ... على ما كانَ مُرْتَغِبٌ ثَقِيلُ
وفَرَسٌ رَغِيبُ الشَّحْوة كَثيرُ الأَخذِ من الأَرضِ بِقَوائِمِه والجمعُ رِغَابٌ وإِبِلٌ رِغابٌ كَثِيرَةٌ قال لبيد
ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغَابِ كأَنَّها ... اشَاءٌ دَنا قِنْوانُهُ أَوْ مَجادِلُ
وفي الحديث أَفْضَلُ الأَعْمالِ مَنْحُ الرِّغابِ قال ابن الأَثير هي الواسِعَة الدَّرِّ الكَثيرَةُ النَّفْعِ جَمْعُ الرَّغِيبِ وهو الواسِعُ جَوْفٌ رَغيبٌ وواد رَغيبٌ وفي حديث حُذَيْفة ظَعَنَ بهم أَبو بكر ظَعْنَةً رَغيبةً ثم ظَعَنَ بهم عمر كذلك أَي ظَعْنَةً واسعةً كثيرةً قال الحربي هو إِن شاء اللّه تَسْيِير أَبي بكر الناسَ إِلى الشام وفتحه إِيَّاها بهم وتَسْيِيرُ عمر إِيَّاهم إِلى العراق وفتْحُها بهم وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ بئسَ العَوْنُ عَلى الدِّينِ قَلْبٌ نَخِيبٌ وبَطْنٌ رَغِيبٌ وفي حديث الحجاج لمَّا أَراد قَتْلَ سعيدِ بن جبير ائتُوني بسيفٍ رَغِيبٍ أَي واسِعِ الحدَّينِ يأْخُذُ في ضَرْبَتِه كثيراً من المَضْرِب ورجلٌ مُرْغِبٌ مَيِّلٌ غَنيٌّ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً مِن سَوامِهِ ... سَوامُ أَخٍ داني القَرابةِ مُرْغِبِ
شمر رَجلٌ مُرْغِبٌ أَي مُوسِرٌ له مالٌ كثيرٌ رَغِيبٌ والرُّغْبانةُ من النَّعْل العُقْدَة التي تحتَ الشِّسْع وراغِبٌ ورُغَيْبٌ ورَغْبانُ أَسْماء ورَغباء بِئرٌ معروفة قال كثَيّر عزة
إِذا وَرَدَتْ رَغْباءَ في يومِ وِرْدِها ... قَلُوصِي دَعَا إِعْطاشَه وتَبَلَّدَا
والمِرْغابُ نَهْر بالبَصْرة ومَرْغابِينُ موضعٌ وفي التهذيب اسم لنَهْرٍ بالبَصْرة

رقب
في أَسماءِ اللّه تعالى الرَّقِيبُ وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ فَعِيلٌ بمعنى فاعل وفي الحديث ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم وفي الحديث ما مِن نَبيٍّ إِلاَّ أُعْطِيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه والرَّقيبُ الحَفِيظُ ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً بالكسر فيهما ورُقُوباً وترَقَّبَه وارْتَقَبَه انْتَظَرَه ورَصَدَه والتَّرَقُّبُ الانتظار وكذلك الارْتِقابُ وقوله تعالى ولم تَرْقُبْ قَوْلي معناه لم تَنتَظِرْ قولي والتَّرَقُّبُ تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ [ ص 425 ] ورَقِيبُ الجَيْشِ طَلِيعَتُهم ورَقِيبُ الرجُلِ خَلَفُه من ولدِه أَو عَشِيرتِه والرَّقِيبُ المُنْتَظِرُ وارْتَقَبَ أَشْرَفَ وعَلا والمَرْقَبُ والمَرْقَبةُ الموضعُ المُشْرِفُ يَرْتَفِعُ عليه الرَّقِيبُ وما أَوْفَيْتَ عليه من عَلَمٍ أَو رابِيةٍ لتَنْظُر من بُعْدٍ وارْتَقَبَ المكانُ عَلا وأَشْرَف قال بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه أَي أَشْرَفَتْ الجِدُّ هنا الجَدَدُ من الأَرض شمر المَرْقَبة هي المَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ وجَمْعه مَراقِبُ وقال أَبو عمرو المَراقِبُ ما ارتَفَعَ من الأَرض وأَنشد
ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ أَشْرَفْتُ رأْسَها ... أُقَلِّبُ طَرْفي في فَضاءِ عَريضِ
ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً حَرَسَه حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الحُوتِ يَصِفُ رَفِيقاً له يقول يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً على الرَّحِيلِ كحِرْصِ الحُوتِ على الماءِ ينظر النَّجْمَ حِرْصاً على طُلوعِه حتى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ والرِّقْبةُ التَّحَفُّظُ والفَرَقُ ورَقِيبُ القومِ حارِسُهم وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبةٍ ليَحْرُسَهم والرَّقِيبُ الحارِسُ الحافِظُ والرَّقَّابةُ الرجُل الوَغْدُ الذي يَرْقُب للقوم رَحْلَهم إِذا غابُوا والرَّقِيبُ المُوَكَّل بالضَّريبِ ورَقِيبُ القِداحِ الأَمِينُ على الضَّريبِ وقيل هو أَمِينُ أَصحابِ المَيْسِرِ قال كعب بن زهير
لها خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ ... مكانَ الرَّقِيبِ من الياسِرِينا
وقيل هو الرجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الحُرْضَة في المَيْسِرِ ومعناه كلِّه سواءٌ والجمعُ رُقَباءُ التهذيب ويقال الرَّقِيبُ اسمُ السَّهْمِ الثالِثِ من قِدَاحِ المَيْسِرِ وأَنشد
كَمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ للضُّ ... رَباءِ أَيْديهِمْ نَواهِدْ
قال اللحياني وفيه ثلاثةُ فُروضٍ وله غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن فَازَ وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباءَ إِن لم يَفُزْ وفي حديث حَفْرِ زَمْزَم فغارَ سَهْمُ اللّهِ ذي الرَّقِيبِ الرَّقِيبُ الثالِثُ من سِهام الميسر والرَّقِيبُ النَّجْمُ الذي في المَشْرِق يُراقِبُ الغارِبَ ومنازِلُ القمرِ كل واحدٍ منها رَقِيبٌ لِصاحِبِه كُلَّما طَلَع منها واحِدٌ سقَطَ آخر مثل الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكلِيلُ إِذا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غَابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا ورَقِيبُ النَّجْمِ الذي يَغِيبُ بِطُلُوعِه مثل الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكليلُ وأَنشد الفراء
أَحَقّاً عبادَ اللّهِ أَنْ لَسْتُ لاقِياً ... بُثَيْنَةَ أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُها ؟
وقال المنذري سمعت أَبا الهيثم يقول الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ ويقال إِنَّ رَقِيبَ الثُرَيَّا من الأَنْواءِ الإِكليلُ لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حتى تَغِيبَ كما أَنَّ الغَفْرَ رَقِيبُ الشَّرَطَيْنِ لا يَطْلُع الغَفْرُ [ ص 426 ] حتى يَغِيبَ الشَّرَطانِ وكما أَن الزُّبانيَيْن رَقِيبُ البُطَيْنِ لا يَطْلُع أَحدُهما إلا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه فلا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه وكذلك الشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ والنَّعائِمُ رَقِيبُ الهَنْعَةِ والبَلْدَة رَقِيبُ الذِّرَاعِ وإِنما قيلَ للعَيُّوق رَقِيبُ الثُّرَيَّا تَشْبِيهاً برَقِيبِ المَيْسِرِ ولذلك قال أَبو ذؤيب
فوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَد رابئِ الضُّ ... رَباءِ خَلْفَ النَّجْمِ لا يَتَتَلَّع
النَّجْمُ ههنا الثُّرَيَّا اسمٌ عَلَم غالِبٌ والرَّقِيب نَجْمٌ من نُجومِ المَطَرِ يُراقبُ نَجْماً آخَر وراقبَ اللّهَ تعالى في أَمرِهِ أَي خافَه وابنُ الرَّقِيبِ فَرَسُ الزِّبْرقانِ بن بَدْرٍ كأَنه كان يُراقِبُ الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه والرُّقْبى أَن يُعْطِيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ داراً أَو أَرْضاً فأَيُّهما ماتَ رَجَعَ ذلك المالُ إِلى وَرَثَتِهِ وهي من المُراقَبَة سُمِّيَتْ بذلك لأَن كلَّ واحدٍ منهما يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه وقيل الرُّقْبَى أَن تَجْعَلَ المَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه فإِن ماتَ سكَنه فلانٌ فكلُّ واحدٍ منهما يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه وقد أَرْقَبه الرُّقْبَى وقال اللحياني أَرْقَبَه الدارَ جَعَلَها لَه رُقْبَى ولِعَقبِه بعده بمنزلةِ الوقفِ وفي الصحاح أَرْقَبْتُه داراً أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فكانت للباقي مِنْكُما وقُلْتَ إِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك وإِن مُتَّ قَبْلِي فهي لِي والاسمُ الرُّقْبى وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم في العُمْرَى والرُّقْبَى انها لمن أُعْمِرَها ولمن أُرْقِبَها ولوَرَثَتِهِما من بعدِهِما قال أَبو عبيد حدثني ابنُ عُلَيَّة عن حَجَّاج أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عن الرُّقْبَى فقال هو أَن يقول الرجل للرجل وقد وَهَبَ له داراً إِنْ مُتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِليَّ وإِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك قال أَبو عبيد وأَصلُ الرُّقْبَى من المُراقَبَة كأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما إِنما يَرْقُبُ موت صاحِبِه أَلا ترى أَنه يقول إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فهي لك ؟ فهذا يُنْبِئك عن المُراقَبة قال والذي كانوا يُريدون من هذا أَن يكون الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل على صاحِبِه بالشيءِ فَيَسْتَمْتِعَ به ما دامَ حَيّاً فإِذا ماتَ الموهوبُ له لم يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ منه شيءٌ فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى اللّه عليه وسلّم بنَقْضِ ذلك أَنه مَنْ مَلَك شيئاً حَيَاتَه فهُو لوَرَثَتِهِ من بَعْدِه قال ابن الأَثير وهي فُعْلى من المُراقَبَةِ والفُقهاءُ فيها مُختَلِفون منهم مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِيكاً ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة قال وجاء في هذا الباب آثارٌ كثيرةٌ وهي أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً واشترط فيها شرطاً أَنَّ الهِبَة جائزةٌ وأَنَّ الشرط باطِلٌ ويقال أَرْقَبْتُ فلاناً داراً وأَعْمَرْتُه داراً إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بهذا الشرط فهو مُرْقَب وأَنا مُرْقِبٌ ويقال وَرِثَ فلانٌ مالاً عن رِقْبَةٍ أَي عن كلالةٍ لم يَرِثْهُ عن آبائِه وَوَرِثَ مَجْداً عن رِقْبَةٍ إِذا لم يكن آباؤُهُ أَمْجاداً قال الكميت
كان السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً ... تلك المَكارِمُ لم يُورَثْنَ عن رِقَبِ
أَي وَرِثَها عن دُنًى فدُنًى من آبائِهِ ولم يَرِثْهَا من وراءُ وَراءُ [ ص 427 ] والمُراقَبَة في عَرُوضِ المُضارِعِ والمُقْتَضَبِ أَن يكون الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ سمي بذلك لأَن آخرَ السَّببِ الذي في آخِرِ الجزءِ وهو النُّونُ من مَفاعِيلُن لا يثبت مع آخِر السَّببِ الذي قَبْلَه وهو الياءُ في مَفاعِيلُن وليست بمعاقَبَةٍ لأَنَّ المُراقَبَة لا يَثْبُت فيها الجزآن المُتراقِبانِ وإِنما هو من المُراقَبَة المُتَقَدّمة الذِّكْر والمُعاقَبة يَجْتمعُ فيها المُتعاقِبانِ التهذيب الليث المُراقَبَة في آخِرِ الشِّعْرِ عند التَّجْزِئَة بين حَرْفَيْنِ وهو أَن يَسْقُط أَحدهما ويَثْبُتَ الآخَرُ ولا يَسْقُطانِ مَعاً ولا يَثْبُتان جَمِيعاً وهو في مَفَاعِيلُن التي للمُضارع لا يجوز أَن يتمَّ إِنما هو مَفاعِيلُ أَو مَفاعِلُنْ والرَّقِيبُ ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ وفي التهذيب ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ خَبيث والجمعُ رُقُبٌ ورقِيباتٌ والرَّقِيب والرَّقُوبُ مِنَ النِّساءِ التي تُراقِبُ بَعْلَها لِيَمُوت فَتَرِثَه والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل التي لا تَدْنُو إِلى الحوضِ من الزِّحامِ وذلك لكَرَمِها سُميت بذلك لأَنها تَرْقبُ الإِبِلَ فإِذا فَرَغْنَ مِنْ شُرْبِهنّ شَربَت هي والرَّقُوبُ من الإِبل والنِّساءِ التي لا يَبْقَى لها وَلَدٌ قال عبيد لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ وقيل هي التي ماتَ وَلَدُها وكذلك الرجُل قال الشاعر
فلم يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمِّنا ... ولا كَأَبِينا عاشَ وهو رَقُوبُ
وفي الحديث أَنه قال ما تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكم ؟ قالوا الذي لا يَبْقى لَه وَلَد قال بل الرَّقُوبُ الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِهِ شيئاً قال أَبو عبيد وكذلك معناه في كلامِهِم إِنما هو عَلى فَقْدِ الأَوْلادِ قال صخر الغيّ
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ رَقُوبٍ ... بوَاحِدِها إِذا يَغْزُو تُضِيفُ
قال أَبو عبيد فكان مَذْهَبُه عندهم على مَصائِب الدنيا فَجَعَلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على فَقْدِهِم في الآخرة وليس هذا بخلافِ ذلك في المعنى ولكنه تحويلُ الموضع إِلى غيرِه نحو حديثه الآخر إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه وليس هذا أَن يكونَ من سُلِبَ مالَه ليس بمحْروبٍ قال ابن الأَثير الرَّقُوبُ في اللغة الرجل والمرأَة إِذا لم يَعِشْ لهما ولد لأَنه يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عليه فنَقَلَه النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى الذي لم يُقَدِّم من الولد شيئاً أَي يموتُ قبله تعريفاً لأَن الأَجرَ والثوابَ لمن قَدَّم شيئاً من الولد وأَن الاعتِدادَ به أَعظم والنَّفْعَ به أَكثر وأَنَّ فقدَهم وإِن كان في الدنيا عظيماً فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ على الصبرِ والتسليم للقضاءِ في الآخرة أَعظم وأَنَّ المسلم وَلَدُه في الحقيقة من قَدَّمه واحْتَسَبَه ومن لم يُرزَق ذلك فهو كالذي لا وَلدَ له ولم يقله صلى اللّه عليه وسلم إِبطالاً لتفسيره اللغوي إِنما هو كقولِه إِنما المَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه ليس على أَن من أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ والرَّقَبَةُ العُنُقُ وقيل أَعلاها وقيل مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ ورِقابٌ وأَرْقُبٌ الأَخيرة على طَرْح الزائِدِ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد [ ص 428 ]
تَرِدْ بنا في سَمَلٍ لم يَنْضُبِ ... منها عِرَضْناتٌ عِظامُ الأَرْقُبِ
وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ فقال
تَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ ... مَراضيعُ صُهْبُ الريشِ زُغْبٌ رِقابُها
والرَّقَب غِلَظُ الرَّقَبة رَقِبَ رَقَباً وهو أَرْقَب بَيِّنَ الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة ورَقَبانيٌّ أَيضاً على غير قياسٍ والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ الغليظُ الرَّقَبَة قال سيبويه هو من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ المَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ ويقال للأَمَةِ الرَّقَبانِيَّةِ رَقْباءُ لا تُنْعَتُ به الحُرَّة وقال ابن دريد يقال رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً ولا يقال للمرأَة رَقَبانِيَّة والمُرَقَّبُ الجلدُ الذي سُلِخَ من قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه قال سيبويه وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة لم تُضِفْ إِليه إِلاَّ على القياسِ ورَقَبَه طَرَحَ الحَبْلَ في رَقَبَتِه والرَّقَبةُ المملوك وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً وفَكَّ رقَبةً أَطْلَق أَسيراً سُمِّيت الجملة باسمِ العُضْوِ لشرفِها التهذيب وقوله تعالى في آية الصدقات والمُؤَلَّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ قال أَهل التفسير في الرقابِ إِنهم المُكاتَبون ولا يُبْتَدَأُ منه مملوك فيُعْتَقَ وفي حديث قَسْم الصَّدَقاتِ وفي الرِّقابِ يريدُ المُكاتَبين من العبيد يُعْطَوْنَ نَصِيباً من الزكاةِ يَفُكون بهِ رِقابَهم ويَدفعونه إِلى مَوالِيهم الليث يقال أَعتق اللّهُ رَقَبَتَه ولا يقال أَعْتَقَ اللّه عُنُقَه وفي الحديث كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً قال ابن الأَثير وقد تكَرَّرَتِ الأَحاديث في ذكر الرَّقَبة وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها وهي في الأَصل العُنُق فجُعِلَتْ كِنايةً عن جميع ذاتِ الإِنسانِ تَسْمية للشيءِ ببعضِه فإِذا قال أَعْتِقْ رَقَبةً فكأَنه قال أَعْتِقْ عبداً أَو أَمَة ومنه قولُهم دَيْنُه في رَقَبَتِه وفي حديث ابنِ سِيرين لَنا رِقابُ الأَرضِ أَي نَفْس الأَرضِ يعني ما كان من أَرضِ الخَراجِ فهو للمسلمين ليس لأَصحابهِ الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً وفي حديث بِلالٍ والرَّكائِب المُناخَة لكَ رِقابُهُنَّ وما عليهِنَّ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ وفي حديث الخَيْلِ ثم لمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في رِقابِها وظُهورِها أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها وبحَقِّ ظُهورِها الحَمْلَ عليها وذُو الرُّقَيْبة أَحدُ شُعراءِ العرب وهو لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ لأَنه كان أَوْقَصَ وهو الذي أَسَرَ حاجبَ بن زُرارة يَوْمَ جَبَلَة والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ لَقَبُ رجلٍ من فُرْسانِ العَرَب وفي حديث عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذي الرَّقِيبة وهو بفتح الراءِ وكسرِ القافِ جَبَل بخَيْبَر

ركب
رَكِبَ الدابَّة يَرْكَبُ رُكُوباً عَلا عليها والاسم الرِّكْبة بالكسر والرَّكْبة مرَّةٌ واحدةٌ وكلُّ ما عُلِيَ فقد رُكِبَ وارْتُكِبَ والرِّكْبَةُ بالكسر ضَرْبٌ من الرُّكوبِ يقال هو حَسَنُ الرِّكْبَةِ ورَكِبَ فلانٌ فُلاناً بأَمْرٍ وارْتَكَبَه وكلُّ شيءٍ عَلا شيئاً فقد رَكِبَه ورَكِبَه الدَّيْنُ ورَكِبَ الهَوْلَ واللَّيْلَ ونحوَهما مثلاً بذلك ورَكِب منه أَمْراً قبيحاً وارْتَكَبَه وكذلك رَكِب الذَّنْبَ وارْتَكَبَه كلُّه على المَثَل [ ص 429 ] وارْتِكابُ الذُّنوب إِتْيانُها وقال بعضُهم الراكِبُ للبَعِير خاصة والجمع رُكَّابٌ ورُكْبانٌ ورُكُوبٌ ورجلٌ رَكُوبٌ ورَكَّابٌ الأُولى عن ثَعْلَب كثيرُ الرُّكوبِ والأُنْثَى رَكَّابة قال ابن السكيت وغيره تقول مَرَّ بنا راكبٌ إِذا كان على بعيرٍ خاصَّة فإِذا كان الراكبُ على حافِرِ فَرَسٍ أَو حِمارٍ أَو بَغْلٍ قلت مَرَّ بنا فارِسٌ على حِمارٍ ومَرَّ بنا فارسٌ على بغلٍ وقال عُمارة لا أَقولُ لصاحِبِ الحِمارِ فارسٌ ولكن أَقولُ حَمَّارٌ قال ابن بري قولُ ابنِ السّكيت مَرَّ بنا راكبٌ إِذا كان على بَعيرٍ خاصَّة إِنما يُريدُ إِذا لم تُضِفْه فإِن أَضَفْتَه جاز أَن يكونَ للبعيرِ والحِمارِ والفرسِ والبغلِ ونحو ذلك فتقول هذا راكِبُ جَمَلٍ وراكِبُ فَرَسٍ وراكِبُ حِمارٍ فإِن أَتَيْتَ بجَمْعٍ يَخْتَصُّ بالإِبِلِ لم تُضِفْه كقولك رَكْبٌ ورُكْبان لا تَقُلْ رَكْبُ إِبل ولا رُكْبانُ إِبل لأَن الرَّكْبَ والرُّكْبانَ لا يكون إِلا لِرُكَّابِ الإِبِلِ غيره وأَما الرُّكَّاب فيجوز إِضافتُه إِلى الخَيْلِ والإِبِلِ وغيرِهما كقولك هؤُلاءِ رُكَّابُ خَيْلٍ ورُكَّابُ إِبِل بخلافِ الرَّكْبِ والرُّكْبانِ قال وأَما قولُ عُمارَة إِني لا أَقول لراكبِ الحِمارِ فارِسٌ فهو الظاهر لأَن الفارِسَ فاعلٌ مأْخوذٌ من الفَرَس ومعناه صاحبُ فَرَسٍ مثلُ قَوْلِهِم لابِنٌ وتامِرٌ ودارِعٌ وسائِفٌ ورامِحٌ إِذا كان صاحبَ هذه الأَشْياءِ وعلى هذا قال العنبري
فَلَيْتَ لِي بهم قَوْماً إِذا رَكِبُوا ... شَنُّوا الإِغارَةَ فُرْساناً ورُكْبانا
فجَعَلَ الفُرْسانَ أَصحابَ الخَيْلِ والرُّكْبانَ أَصحابَ الإِبِلِ والرُّكْبانُ الجَماعة منهم قال والرَّكْبُ رُكْبانُ الإِبِلِ اسم للجمع قال وليس بتكسيرِ راكِبٍ والرَّكْبُ أَصحابُ الإِبِلِ في السَّفَر دُونَ الدَّوابِّ وقال الأَخفش هو جَمْعٌ وهُم العَشَرة فما فوقَهُم وأُرى أَن الرَّكْبَ قد يكونُ للخَيْل والإِبِلِ قال السُّلَيْكُ بنُ السُّلَكَة وكان فرَسُه قد عَطِبَ أَوْ عُقِرَ
وما يُدْرِيكَ ما فَقْرِي إِلَيْه ... إِذا ما الرَّكْبُ في نَهْبٍ أَغاروا
وفي التنزيل العزيز والرَّكْبُ أَسْفَلَ منكُم فقد يجوز أَن يكونوا رَكْبَ خَيْلٍ وأَن يكونوا رَكْبَ إِبِلٍ وقد يجوزُ أَن يكونَ الجيشُ منهما جميعاً وفي الحديث بَشِّرْ رَكِيبَ السُّعاةِ بِقِطْعٍ من جهنم مِثْلِ قُورِ حِسْمَى الرَّكِيبُ بوزن القَتِيلِ الراكِبُ كالضَّريبِ والصريم للضارِبِ والصارِم وفلانٌ رَكِيبُ فلانٍ للذي يَرْكَبُ معه وأَراد برَكِيبِ السُّعاةِ مَنْ يَرْكَبُ عُمَّال الزكاة بالرَّفْعِ عليهم ويَسْتَخِينُهم ويَكْتُبُ عليهم أَكثَر مما قبَضُوا ويَنْسُب إِليهم الظُّلْمَ في الأَخْذِ قال ويجوزُ أَن يُرادَ مَنْ يَركَبُ منهم الناسَ بالظُّلْم والغَشْم أَو مَنْ يَصْحَبُ عُمَّال الجَور يعني أَن هذا الوَعِيدَ لمن صَحِبَهم فما الظَّنُّ بالعُمَّالِ أَنفسِهم وفي الحديث سَيَأْتِيكُمْ رُكَيْبٌ مُبْغَضُون فإِذا جاؤُوكُم فرَحِّبُوا بهم يريدُ عُمَّال الزكاة وجَعَلَهم مُبْغَضِينَ لِما في نُفوسِ أَربابِ الأَمْوالِ من حُبِّها وكَراهَةِ فِراقِها [ ص 430 ] والرُّكَيْبُ تصغيرُ رَكْبٍ والرَّكْبُ اسمٌ من أَسماءِ الجَمْعِ كنَفَرٍ ورَهْطٍ قال ولهذا صَغَّرَه على لفظِه وقيل هو جمعُ راكِبٍ كصاحِبٍ وصَحْبٍ قال ولو كان كذلك لقال في تصغيره رُوَيْكِبُونَ كما يقال صُوَيْحِبُونَ قال والرَّكْبُ في الأَصْلِ هو راكبُ الإِبِل خاصَّة ثم اتُّسِعَ فأُطْلِقَ على كلِّ مَن رَكِبَ دابَّةً وقولُ عليٍّ رضي اللّه عنه ما كان مَعَنا يومئذٍ فَرَسٌ إِلا فَرَسٌ عليه المِقْدادُ بنُ الأَسْوَدِ يُصَحِّحُ أَن الرَّكْبَ ههنا رُكّابُ الإِبِلِ والجمعُ أَرْكُبٌ ورُكوبٌ والرَّكَبةُ بالتحريك أَقَلُّ من الرَّكْبِ
والأُرْكُوبُ أَكثرُ من الرَّكْبِ قال أَنشده ابن جني
أَعْلَقْت بالذِّئب حَبْلاً ثم قلت له ... إِلْحَقْ بأَهْلِكَ واسْلَمْ أَيُّها الذِّيبُ
أَما تقولُ به شاةٌ فيأْكُلُها ... أَو أَن تَبِيعَهَ في بعضِ الأَراكِيب
أَرادَ تَبِيعَها فحَذف الأَلف تَشْبِيهاً لها بالياءِ والواو لِما بينَهما وبينها من النِّسْبة وهذا شاذٌّ والرِّكابُ الإِبلُ التي يُسار عليها واحِدَتُها راحِلَةٌ ولا واحِدَ لها من لَفْظِها وجمعها رُكُبٌ بضم الكاف مثل كُتُبٍ وفي حديث النبيّ صلى اللّه عليه وسلم إِذا سافرْتُم في الخِصْب فأَعْطُوا الرِّكابَ أَسِنَّتَها أَي أَمْكِنُوها من المَرْعَى وأَورد الأَزهري هذا الحديث فأَعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَها قال أَبو عبيد الرُّكُبُ جمعُ الرِّكابِ ( 1 )
( 1 قوله « قال أبو عبيد الركب جمع إلخ » هي بعض عبارة التهذيب وأصلها الركب جمع الركاب والركاب الإبل التي يسار عليها ثم تجمع إلخ ) ثم يُجمَع الرِّكابُ رُكُباً وقال ابن الأَعرابي الرُّكُبُ لا يكونُ جمعَ رِكابٍ وقال غيره بعيرٌ رَكُوبٌ وجمعه رُكُب ويُجْمع الرِّكابُ رَكائبَ ابن الأَعرابي راكِبٌ ورِكابٌ وهو نادر ( 2 )
( 2 وقول اللسان بعد ابن الأعرابي راكب وركاب وهو نادر هذه أيضاً عبارة التهذيب أوردها عند الكلام على الراكب للإبل وان الركب جمع له أو اسم جمع ) ابن الأَثير الرُّكُبُ جمعُ رِكابٍ وهي الرَّواحِلُ من الإِبِلِ وقيل جمعُ رَكُوبٍ وهو ما يُركَبُ من كلِّ دابَّةٍ فَعُولٌ بمعنى مَفْعولٍ قال والرَّكُوبة أَخَصُّ منه وزَيْتٌ رِكابيٌّ أَي يُحمل على ظُهورِ الإِبِل من الشَّامِ والرِّكابُ للسَّرْجِ كالغَرْزِ للرَّحْلِ والجمع رُكُبٌ والمُرَكَّبُ الذي يَسْتَعِيرُ فَرَساً يَغْزُو عليه فيكون نِصْفُ الغَنِيمَةِ له ونِصْفُها للمُعِيرِ وقال ابن الأَعرابي هو الذي يُدْفَعُ إِليه فَرَسٌ لبعضِ ما يُصِيبُ من الغُنْمِ ورَكَّبَهُ الفَرَسَ دفعه إِليه على ذلك وأَنشد
لا يَرْكَبُ الخَيْلَ إِلا أَن يُرَكَّبَها ... ولو تَناتَجْنَ مِنْ حُمْرٍ ومِنْ سُودِ
وأَرْكَبْتُ الرَّجُلَ جَعَلْتُ له ما يَرْكَبُه وأَرْكَبَ المُهْرُ حان أَن يُرْكَبَ فهو مُرْكِبٌ ودابَّةٌ مُرْكِبَةٌ بَلَغَتْ أَنْ يُغْزى عليها [ ص 431 ] ابن شميل في كتابِ الإِبِل الإِبِلُ التي تُخْرَجُ لِيُجاءَ عليها بالطَّعامِ تسمى رِكاباً حِين تَخْرُج وبعدَما تَجِيءُ وتُسَمَّى عِيراً على هاتينِ المَنزِلَتَيْن والتي يُسافَرُ عليها إِلى مَكَّةَ أَيضاً رِكابٌ تُحْمَل عليها المَحامِلُ والتي يُكْرُون ويَحْمِلُونَ عليها مَتاعَ التُّجَّارِ وطَعَامَهُم كُلُّها رِكابٌ ولا تُسمّى عِيراً وإِن كان عليها طعامٌ إِذا كانت مؤاجَرَةً بِكِراءٍ وليس العِيرُ التي تَأْتي أَهلَها بالطَّعامِ ولكنها رِكابٌ والجماعةُ الرَّكائِبُ والرِّكاباتُ إِذا كانت رِكابٌ لي ورِكابٌ لك ورِكابٌ لهذا جِئنا في رِكاباتِنا وهي رِكابٌ وإِن كانت مَرْعِيَّة تقول تَرِدُ علينا اللَّيلَةَ رِكابُنا وإِنما تسمى ركاباً إِذا كان يُحَدِّثُ نَفْسَه بأَنْ يَبْعَثَ بها أَو يَنْحَدِرَ عليها وإِن كانت لم تُرْكَبْ قَطُّ هذه رِكابُ بَني فلانٍ وفي حديث حُذَيْفة إِنما تَهْلِكُون إِذا صِرْتُمْ تَمْشُون الرَّكَباتِ كأَنكم يَعاقِيبُ الحَجَلِ لا تَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً ولا تُنْكِرُونَ مُنْكَراً معناه أَنكم تَرْكَبُون رُؤُوسَكُمْ في الباطِلِ والفتن يَتْبَعُ بَعْضُكم بعضاً بِلا رَوِيَّةٍ والرِّكابُ الإِبِلُ التي تَحْمِلُ القومَ وهي رِكابُ القوم إِذا حَمَلَتْ أَوْ أُرِيدَ الحَمْلُ عليها سُمِّيت رِكاباً وهو اسمُ جَماعَةٍ قال ابنُ الأَثير الرَّكْبَة المَرَّة من الرُّكُوبِ وجَمْعُها رَكَباتٌ بالتَّحْريك وهي مَنْصوبة بفِعْلٍ مُضْمَرٍ هو خالٌ من فاعِلِ تَمْشُون والرَّكَباتِ واقعٌ مَوقِعَ ذلك الفعلِ مُسْتَغْنًى به عنه والتقديرُ تَمْشُونَ تَرْكَبُون الرَّكَباتِ مثلُ قولِهم أَرْسَلَها العِرَاكَ أَي أَرسَلَها تَعْتَرِكُ العِراكَ والمعنى تَمْشُونَ رَاكِبِينَ رُؤُوسَكُمْ هائمِينَ مُسْتَرْسِلينَ فيما لا يَنْبَغِي لَكُم كأَنَّكم في تَسَرُّعِكُمْ إِليهِ ذُكُورُ الحَجَلِ في سُرْعَتِها وَتَهَافُتِها حتى إِنها إِذا رَأَت الأُنْثَى مَعَ الصائِد أَلْقَتْ أَنْفُسَها عَلَيْها حتى تَسْقُط في يَدِه قال ابن الأَثير هكذا شَرَحَه الزمخشري قال وقال القُتَيْبي أَرادَ تَمْضُونَ على وُجُوهِكُمْ من غَيْر تَثَبُّتٍ والمَرْكَبُ الدَّابة تقول هذا مَرْكَبي والجَمْع المراكِبُ والمَرْكَبُ المَصْدَرُ تَقُول رَكِبْتُ مَرْكَباً أَي رُكُوباً والمَرْكَبُ الموْضِعُ وفي حديث السَّاعَة لَوْ نَتَجَ رَجُلٌ مُهْراً لم يُرْكِبْ حتى تَقُومَ السّاعة يقال أَرْكَبَ المُهْرُ يُرْكِبُ فهو مُرْكِبٌ بكَسْرِ الكاف إِذا حانَ له أَنْ يُرْكَبَ والمَرْكَبُ واحِدُ مَراكِبِ البرِّ والبَحْرِ ورُكَّابُ السّفينةِ الذين يَرْكَبُونَها وكذلك رُكَّابُ الماءِ الليث العرب تسمي مَن يَرْكَبُ السَّفينة رُكَّابَ السَّفينةِ وأَما الرُّكْبانُ والأُرْكُوبُ والرَّكْبُ فراكِبُو الدوابِّ يقال مَرُّوا بنَا رُكُوباً قال أَبو منصور وقد جعل ابن أَحمر رُكَّابَ السفينة رُكْباناً فقال
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها ... كما يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ
يعني قوماً رَكِبُوا سفينةً فغُمَّتِ السماءُ ولم يَهْتَدُوا فلما طَلَعَ الفَرْقَدُ كَبَّروا لأَنهم اهْتَدَوْا للسَّمْتِ الذي يَؤُمُّونَه والرَّكُوبُ والرَّكوبة من الإِبِلِ التي تُرْكَبُ وقيل الرَّكُوبُ كلُّ دابَّة تُركب [ ص 432 ] والرَّكُوبة اسم لجميع ما يُرْكَب اسم للواحد والجميع وقيل الرَّكوبُ المَركوبُ والرَّكوبة المُعَيَّنة للرُّكوبِ وقيل هي التي تُلْزَمُ العَمَل من جميعِ الدوابِّ يقال ما لَه رَكُوبةٌ ولا حمولةٌ ولا حلوبةٌ أَي ما يَرْكَبُه ويَحْلُبُه ويَحْمِلُ عليه وفي التنزيل العزيز وَذَلَّلناها لهم فمنها رَكُوبُهم ومنها يأْكُلُون قال الفراء اجتمع القُرَّاءُ على فتح الراءِ لأَن المعنى فمنها يَرْكَبُون ويُقَوِّي ذلك قولُ عائشة في قراءتها فمنها رَكُوبَتُهم قال الأَصمعي الرَّكُوبةُ ما يَرْكَبون وناقةٌ رَكُوبةٌ ورَكْبانةٌ ورَكْباةٌ أَي تُرْكَبُ وفي الحديث أَبْغِني ناقةً حَلْبانة رَكْبانةً أَي تَصْلُح للحَلْب والرُّكُوبِ الأَلف والنون زائدتان للمُبالغة ولتُعْطِيا معنى النَّسَب إِلى الحَلْب والرُّكُوبِ وحكى أَبو زيدٍ ناقةٌ رَكَبُوتٌ وطريقٌ رَكوبٌ مَرْكُوبٌ مُذَلَّل والجمع رُكُبٌ وعَوْدٌ رَكُوبٌ كذلك وبعير رَكُوبٌ به آثار الدَّبَر والقَتَب وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه فإِذا عُمَرُ قد رَكِبني أَي تَبعَني وجاءَ على أَثَري لأَنَّ الراكبَ يَسير بسير المَرْكُوبِ يقال ركِبتُ أَثَره وطريقَه إِذا تَبِعْتَه مُلْتَحِقاً به والرَّاكِبُ والراكِبةُ فَسيلةٌ تكونُ في أَعلى النخلة متَدَلِّيةً لا تَبْلُغُ الأَرض وفي الصحاح الرَّاكِبُ ما يَنْبُتُ من الفَسِيلِ في جُذوعِ النخلِ وليس له في الأَرضِ عِرْقٌ وهي الراكوبةُ والراكوبُ ولا يقال لها الركَّابةُ إِنما الركَّابة المرأَة الكثيرةُ الركوب على ما تقدّم هذا قول بعض اللُّغَويِّين وقال أَبو حنيفة الرَّكَّابة الفَسِيلةُ وقيل شبْهُ فَسِيلةٍ تَخْرُجُ في أَعْلَى النَّخْلَةِ عند قِمَّتِها ورُبَّما حَمَلَتْ مع أُمِّها وإِذا قُلِعَت كان أَفضل للأُمِّ فأَثْبَتَ ما نَفى غيرُه من الرَّكَّابة وقال أَبو عبيد سمعت الأَصمعي يقول إِذا كانتِ الفَسِيلة في الجِذْعِ ولم تكن مُسْتَأْرِضةً فهي من خَسِيسِ النَّخْلِ والعرب تُسَمِّيها الرَّاكِبَ وقيل فيها الراكوبُ وجَمْعُها الرَّواكِيبُ والرِّياحُ رِكابُ السَّحابِ في قولِ أُمَيَّة تَرَدَّدُ والرِّياحُ لها رِكابُ وَتَراكَبَ السَّحابُ وتَراكَم صار بعضُه فَوْقَ بعض وفي النوادِرِ يقال رَكِيبٌ من نَخْلٍ وهو ما غُرِسَ سَطْراً على جَدْوَلٍ أَو غيرِ جَدْوَلٍ ورَكَّبَ الشيءَ وَضَعَ بَعضَه على بعضٍ وقد تَرَكَّبَ وتَراكَبَ والمُتراكِبُ من القافِيَةِ كلُّ قافِيةٍ توالت فيها ثلاثة أَحْرُفٍ متحركةٍ بين ساكنَين وهي مُفاعَلَتُن ومُفْتَعِلُن وفَعِلُنْ لأَنَّ في فَعِلُنْ نوناً ساكنةً وآخر الحرف الذي قبل فَعِلُنْ نون ساكنة وفَعِلْ إِذا كان يَعْتَمِدُ على حَرْفٍ مُتَحَرِّك نحو فَعُولُ فَعِلْ اللامُ الأَخيرة ساكنة والواوُ في فَعُولُ ساكنة والرَّكِيبُ يكون اسماً للمُرَكَّبِ في الشيءِ كالفَصِّ يُرَكَّب في
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ركب رَكِبَ الدابَّة يَرْكَبُ رُكُوباً عَلا عليها والاسم الرِّكْبة كِفَّةِ الخاتَمِ لأَن المُفَعَّل والمُفْعَل كلٌّ يُرَدُّ إِلى فَعِيلٍ وثَوْبٌ مُجَدَّدٌ جَديدٌ ورجل مُطْلَق طَلِيقٌ وشيءٌ حَسَنُ التَّرْكِيبِ وتقولُ في تَركِيبِ الفَصِّ في الخاتَمِ والنَّصْلِ في السَّهْم رَكَّبْتُه فَترَكَّبَ فهو مُرَكَّبٌ ورَكِيبٌ والمُرَكَّبُ أَيضاً الأَصلُ والمَنْبِتُ تقول [ ص 433 ] فلانٌ كرِيمُ المُرَكَّبِ أَي كرِيمُ أَصلِ مَنْصِبِه في قَوْمِهِ ورُكْبانُ السُّنْبُل سوابِقُه التي تَخْرُجُ من القُنْبُعِ في أَوَّلِه يقال قد خرجت في الحَبّ رُكْبانُ السُّنْبُل وروَاكِبُ الشَّحْمِ طَرائِقُ بعضُها فوقَ بعضٍ في مُقدّمِ السَّنامِ فأَمَّا التي في المُؤَخَّرِ فهي الرَّوادِفُ واحِدَتُها رَاكِبةٌ ورادِفةٌ والرُّكْبَتانِ مَوْصِلُ ما بينَ أَسافِلِ أَطْرافِ الفَخِذَيْنِ وأَعالي الساقَيْنِ وقيل الرُّكْبةُ موصِلُ الوظِيفِ والذِّراعِ ورُكبةُ البعيرِ في يدِهِ وقد يقال لذواتِ الأَربعِ كُلها من الدَّوابِّ رُكَبٌ ورُكْبَتا يَدَيِ البعير المَفْصِلانِ اللَّذانِ يَليانِ البَطْنَ إِذا بَرَكَ وأَما المَفْصِلانِ الناتِئَانِ من خَلْفُ فهما العُرْقُوبانِ وكُلُّ ذي أَربعٍ رُكْبَتاه في يَدَيْهِ وعُرْقُوباهُ في رِجْلَيه والعُرْقُوبُ مَوْصِلُ الوظِيفِ وقيل الرُّكْبةُ مَرْفِقُ الذِّراعِ من كلِّ شيءٍ وحكى اللحياني بعيرٌ مُسْتَوْقِحُ الرُّكَبِ كأَنه جعلَ كُلَّ جُزْءٍ منها رُكْبةً ثم جَمَع على هذا والجمعُ في القِلَّة رُكْباتٌ ورُكَبات ورُكُباتٌ والكثير رُكَبٌ وكذلك جَمْعُ كلِّ ما كان على فُعْلَةٍ إِلا في بناتِ الياءِ فإِنهم لا يُحَرِّكونَ مَوْضِعَ العينِ منه بالضم وكذلك في المُضاعَفة والأَرْكَبُ العظِيمُ الرُّكْبة وقد رَكِبَ رَكَباً وبعيرٌ أَرْكَبُ إِذا كانت إِحدى رُكْبَتَيْهِ أَعظمَ من الأُخرى والرَّكَب بياضٌ في الرُّكْبةِ ورُكِبَ الرجلُ شَكَا رُكْبته ورَكَبَ الرجلُ يَرْكُبُه رَكْباً مثالُ كَتَب يَكْتُبُ كَتْباً ضَرَبَ رُكْبَته وقيل هو إِذا ضَرَبَه برُكْبتِه وقيل هو إِذا أَخذ بفَوْدَيْ شَعَرِه أَو بشعرِه ثم ضَرَبَ جَبْهَتَه برُكْبتِه وفي حديث المُغِيرة مع الصديق رضي اللّه عنهما ثم رَكَبْتُ أَنفه برُكْبَتِي هو من ذلك وفي حديث ابن سيرين أَما تَعْرِفُ الأَزدَ ورُكَبَها ؟ اتَّقِ الأَزدَ لا يأْخُذوكَ فيركُبُوكَ أَي يَضربُوك برُكَبِهِم وكان هذا معروفاً في الأَزد وفي الحديث أَن المُهَلَّب بن أَبي صُفْرَةَ دَعا بمُعاويةَ بن أَبي عَمْرو فجَعَلَ يَرْكُبُه بِرِجْلِه فقال أَصلحَ اللّهُ الأَمِير أَعْفِني من أُمّ كَيْسانَ وهي كُنْيةُ الرُّكْبة بلغة الأَزد ويقال للمصلِّي الذي أَثَّر السُّجودُ في جَبْهَتِه بين عَيْنَيْه مثلُ رُكْبةِ العَنزِ ويقال لكلِّ شَيْئَيْنِ يَسْتَوِيانِ ويَتكافآنِ هُما كَرُكْبَتَي العنزِ وذلك أَنهما يَقَعانِ معاً إِلى الأَرض منها إِذا رَبَضَتْ والرَّكِيبُ المَشارةُ وقيل الجَدولُ بين الدَّبْرَتَيْنِ وقيل هي ما بين الحائطينِ من الكَرْمِ والنَّخْل وقيل هي ما بين النَّهْرَين من الكرمِ وهو الظَّهْرُ الذي بين النَّهْرَيْنِ وقيل هي المَزرعة التهذيب وقد يقال للقَراحِ الذي يُزْرَعُ فيه رَكِيبٌ ومنه قول تأَبَّطَ شَرّاً
فيَوْماً على أَهْلِ المَواشِي وتارةً ... لأَهْلِ رَكِيبٍ ذي ثَمِيلٍ وسُنْبُلِ
الثَّمِيلُ بَقِيَّةُ ماءٍ تَبْقَى بعد نُضُوبِ المياهِ قال وأَهل الرَّكِيبِ هُم الحُضَّار والجمعُ رُكُبٌ والرَّكَبُ بالتحريك العانة وقيل مَنْبِتُها وقيل هو ما انحدرَ عن البطنِ فكان تحتَ الثُّنَّةِ [ ص 434 ]
وفوقَ الفَرْجِ كلُّ ذلك مذكَّرٌ صرَّح به اللحياني وقيل الرَّكَبانِ أَصْلا الفَخِذَيْنِ اللذانِ عليهما لحم الفرج من الرجُل والمرأَة وقيل الرَّكَبُ ظاهرُ الفَرْج وقيل هو الفَرْج نَفْسُه قال
غَمْزَكَ بالكَبْساءِ ذاتِ الحُوقِ ... بينَ سِماطَيْ رَكَبٍ مَحْلوقِ
والجمع أَرْكابٌ وأَراكِيبُ أَنشد اللحياني
يا لَيْتَ شِعْري عَنْكِ يا غَلابِ ... تَحمِلُ مَعْها أَحْسَنَ الأَركابِ
أَصْفَرَ قد خُلِّقَ بالمَلابِ ... كجَبْهةِ التُّركيِّ في الجِلْبابِ
قال الخليل هو للمرأَةِ خاصَّةً وقال الفراءُ هو للرجُلِ والمرأَة
وأَنشد الفراءُ
لا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضابُ ... ولا الوِشَاحانِ ولا الجِلْبابُ
من دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكابُ ... ويَقْعُدَ الأَيْرُ له لُعابُ
التهذيب ولا يقال رَكَبٌ للرجُلِ وقيل يجوز أَن يقال رَكَبٌ للرجُلِ والرَّاكِبُ رأْسُ الجَبلِ والراكبُ النخلُ الصِّغارُ تخرُج في أُصُولِ النخلِ الكِبارِ والرُّكْبةُ أَصلُ الصِّلِّيانةِ إِذا قُطِعَتْ ورَكُوبةٌ ورَكُوبٌ جَميعاً ثَنِيَّةٌ معروفة صَعْبة سَلَكَها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم قال ولكنَّ كَرّاً في رَكُوبةَ أَعْسَرُ وقال علقمة فإِنَّ المُنَدَّى رِحْلةٌ فرَكُوبُ رِحْلةُ هَضْبةٌ أَيضاً ورواية سيبويه رِحْلةٌ فرُكُوبُ أَي أَن تُرْحَلَ ثم تُرْكَبَ ورَكُوبة ثَنِيَّةٌ بين مكة والمدينة عند العَرْجِ سَلَكَها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم في مُهاجَرَتِه إِلى المدينة وفي حديث عمر لَبَيْتٌ برُكْبَةَ أَحبُّ إِليَّ من عَشرةِ أَبياتٍ بالشامِ رُكْبة موضعٌ بالحِجازِ بينَ غَمْرَةَ وذاتِ عِرْقٍ قال مالك بن أَنس يريدُ لطُولِ الأَعْمارِ والبَقاءِ ولشِدَّةِ الوَباءِ بالشام ومَرْكُوبٌ موضعٌ قالت جَنُوبُ أُختُ عَمْروٍ ذِي الكَلْبِ
أَبْلِغْ بَني كاهِلٍ عَني مُغَلْغَلَةً ... والقَوْمُ مِنْ دونِهِمْ سَعْيا فمَرْكُوبُ

رنب
الأَرْنَبُ معروفٌ يكونُ للذكَرِ والأُنثى وقيل الأَرْنَبُ الأُنْثى والخُزَزُ الذَّكر والجمعُ أَرانِبُ وأَرانٍ عن اللحياني فأَما سيبويه فلم يُجِزْ أَرانٍ إِلاَّ في الشِّعْر وأَنشد لأَبي كاهل
اليَشْكُريّ يشَبِّه ناقَتَه بعُقابٍ
كأَنَّ رَحْلي على شَغْواءَ حادِرَةٍ ... ظَمْياءَ قد بُلَّ مِن طَلّ خَوافِيها
لها أَشارِيرُ من لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ ... منَ الثَّعالي وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها
يريد الثَّعالِبَ والأَرانِبَ ووَجَّهه فقال إِن الشاعر لما احتاجَ إِلى الوَزْنِ واضْطُرَّ إِلى الياءِ أَبْدَلَها من الباءِ وفي الصحاح أَبدلَ من الباءِ حرفَ اللِّينِ والشَّغْواءُ العُقابُ سميت بذلك من الشَّغَى [ ص 435 ] وهو انْعِطافُ مِنْقارِها الأَعْلى والحادِرة الغليظة والظَّمْياءُ المائلة إِلى السَّوادِ وخَوافِيها يريدُ خَوَافيَ رِيشِ جَنَاحَيْها والأَشاريرُ جمعُ إِشْرارَةٍ وهي اللحمُ المُجَفَّف وتُتَمِّرُه تُقَطِّعُه واللحمُ المُتَمَّر المُقَطَّع والوَخْزُ شيءٌ منه ليس بالكثيرِ وكِساءٌ مَرْنَبانيٌّ لوْنُه لونُ الأَرْنَبِ
ومُؤَرْنَبٌ ومُرْنَبٌ خُلِطَ في غَزْلِه وَبَرُ الأَرْنَبِ وقيل المؤَرْنَبُ كالمَرْنَبانيّ قالت لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة تَصِفُ قَطَاةً تَدَلَّت على فِراخِها وهي حُصُّ الرُّؤُوسِ لا رِيشَ عليها
تَدَلَّتْ على حُصِّ الرُّؤُوسِ كأَنها ... كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ
وهو أَحَدُ ما جاءَ على أَصْلِهِ مثلُ قولِ خِطام المجاشعي
لم يَبْقَ مِنْ آيٍ بها يُحَلَّيْنْ ... غيرُ خِطامٍ ورَمادٍ كِنفَيْنْ
وغيرُ وَدٍّ جاذِلٍ أَو وَدَّيْنْ ... وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ
أَي لم يَبْقَ من هذه الدارِ التي خَلَت من أَهلها مما تُحَلَّى به وتُعْرَفُ غيرُ رَمادِ القِدْرِ والأَثافي وهي حِجارةُ القِدْرِ والوَتِدِ الذي تُشَدُّ إِليه حِبالُ البُيوت والوَدُّ الوَتِدُ إِلاّ أَنه أَدْغَم التاءَ في الدالِ فقال وَدٍّ والجاذِلُ المنتصِبُ قال ابن بري ومثلُه قولُ الآخر فإِنه أَهْلٌ لأَنْ يُؤَكْرَمَا والمعروفُ في كلامِ العَرَب لأَنْ يُكْرَمَ وكذلك هو مع حروفِ المُضارَعَة نحو أُكْرِمُ ونُكْرِمُ وتُكْرِمُ ويُكْرِمُ قال وكان قياس يُؤَثْفَيْن عنده يُثْفَيْن من قولك أَثْفَيْتُ القِدْر إِذا جَعَلْتَها على الأَثافيِّ وهي الحِجارةُ وأَرضٌ مُرْنِبَة ومُؤَرْنِبَة بكسر النونِ الأَخيرة عن كُراع كثيرةُ الأَرانِبِ قال أَبو منصور ومنه قول الشاعر كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ قال كان في العَرَبِيَّة مُرْنَبِ فرُدَّ إِلى الأَصْل قال الليث أَلِفُ أَرْنَبٍ زائدة قال أَبو منصور وهي عندَ أَكثرِ النَّحْوِيِّين قَطْعِيَّة وقال الليث لا تجيءُ كَلِمةٌ في أَوَّلِها أَلِفٌ فتكون أَصْلِيَّة إِلاَّ أَن تكون الكَلِمَةُ ثَلاثَة أَحْرُفٍ مثل الأَرض والأَرْش والأَمْر أَبو عمرو المَرْنَبَةُ القَطِيفَةُ ذاتُ الخَمْلِ والأَرْنَبَةُ طَرَفُ الأَنْفِ وجَمْعُها الأَرانبُ يقال هم شُمُّ الأُنُوفِ وارِدَةٌ أَرانِبُهمْ وفي حديث الخُدْريّ فلقد رأَيتُ على أَنْفِ رسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم وأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الطِّينِ الأَرْنَبَةُ طَرَفُ الأَنْف وفي حديث وائل كان يسجدُ على جَبْهَتِهِ وأَرْنَبَتِه واليَرْنَبُ والمَرْنَبُ جُرَذٌ كاليَرْبُوعِ قَصِيرُ الذَّنَبِ والأَرْنَبُ موضِعٌ قال عَمْرُو بنُ مَعْدي كَرِب
عَجَّتْ نِساءُ بَني زُبَيْدٍ عَجَّةً ... كَعَجِيجِ نِسْوَتِنا غداةَ الأَرْنَبِ
والأَرْنَبُ ضَرْبٌ مِنَ الحُلِيِّ قال رؤبة وعَلَّقَتْ مِنْ أَرْنَبٍ ونَخْلِ [ ص 436 ] والأُرَيْنِبَةُ عُشْبةٌ شَبِيهةٌ بالنَّصِيِّ إِلاَّ أَنها أَرَقُّ وأَضْعَفُ وأَليَنُ وهي ناجِعةٌ في المالِ جِدّاً ولها إِذا جَفَّتْ سَفًى كُلَّما حُرِّكَ تَطايَرَ فارْتَزَّ في العُيونِ والمَناخِر عن أَبي حنيفة وفي حديث اسْتِسْقاءِ عمر رضي اللّه عنه حتى رأَيت الأَرْنَبَةَ تأْكلها صغار الإِبل قال ابن الأَثير هكذا يرويه أَكثر المحدِّثين وفي معناها قولان ذكرهما القتيبي في غريبه أَحدهما أَنها واحدة الأَرانِب حَملَها السَّيْلُ حتى تَعَلقت في الشجر فأُكِلَتْ قال وهو بعيد لأَن الإِبل لا تأْكل اللحم والثاني أَن معناه أَنها نبت لا يكاد يطول فأَطاله هذا المطر حتى صار للإِبل مرعى والذي عليه أَهل اللغة أَن اللفظة إِنما هي الأَرِينةُ بياءٍ تحتها نُقْطتانِ وبعدها نون وهو نَبْتٌ معروف يُشْبِه الخِطْمِيَّ عَرِيضُ الوَرقِ وسنذكره في أَرن الأَزهري قال شمر قال بعضهم سأَلت الأَصمعي عن الأَرْنَبةِ فقال نَبْت قال شمر وهو عندي الأَرِينةُ سَمِعْتُ في الفصيح من أَعْرابِ سَعْدِ بن بكر بِبَطْنِ مَرٍّ قال ورأَيته نَباتاً يُشْبِه الخِطْمِيَّ عَرِيضَ الوَرَقِ قال شمر وسمعت غيرَه من أَعْرابِ كِنانةَ يقول هو الأَرِينُ وقالت أَعْرابِيَّةٌ مِنْ بَطْنِ مَرٍّ هي الأَرِينةُ وهي خِطْمِيُّنا وغَسُولُ الرأْسِ قال أَبو منصور وهذا الذي حكاه شمر صحيح والذي رُوي عن الأَصمعي أَنه الأَرنبة من الأَرانِبِ غير صحيح وشمر مُتْقِنٌ وقد عُنِيَ بهذا الحَرْفِ فسأَلَ عنه غير واحِد من الأَعْراب حتى أَحْكَمَه والرُّواةُ رُبَّما صَحّفُوا وغَيَّرُوا قال ولم أَسمع الأَرْنبةَ في باب النَّباتِ من واحِد ولا رأَيتُه في نُبُوتِ البادِية قال وهو خَطَأٌ عندي قال وأَحْسَبُ القُتَيْبيَّ ذكر عن الأَصمعي أَيضاً الأَرْنَبةَ وهو غير صحيح وأَرْنَبُ اسم امرأَةٍ قال مَعْنُ بن أَوْس
مَتى تَأْتِهِمْ تَرْفَعْ بَناتي بِرَنَّةٍ ... وتَصْدَحْ بِنَوْحٍ يُفْزِعُ النَّوحَ أَرْنَبُ

رهب
رَهِبَ بالكسر يَرْهَبُ رَهْبَةً ورُهْباً بالضم ورَهَباً بالتحريك أَي خافَ ورَهِبَ الشيءَ رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً خافَه والاسم الرُّهْبُ والرُّهْبى والرَّهَبوتُ والرَّهَبُوتى ورَجلٌ رَهَبُوتٌ يقال رَهَبُوتٌ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ أَي لأَن تُرْهَبَ خَيرٌ من أَنْ تُرْحَمَ وتَرَهَّبَ غيرَه إِذا تَوَعَّدَه وأَنشد الأَزهري للعجاج يَصِفُ عَيراً وأُتُنَه تُعْطِيهِ رَهْباها إِذا تَرَهَّبَا على اضْطِمَارِ الكَشْحِ بَوْلاً زَغْرَبا ( 1 )
عُصارةَ الجَزْءِ الذي تَحَلَّبا
( 1 قوله « الكشح » هو رواية الأزهري وفي التكملة اللوح )
رَهْباها الذي تَرْهَبُه كما يقال هالكٌ وهَلْكَى إِذا تَرَهَّبا إِذا تَوَعَّدا وقال الليث الرَّهْبُ جزم لغة في الرَّهَب قال والرَّهْباءُ اسم من الرَّهَبِ تقول الرَّهْباءُ من اللّهِ والرَّغْباءُ إِليه وفي حديث الدُّعاءِ رَغْبةً ورَهْبةً إِليك الرَّهْبةُ الخَوْفُ والفَزَعُ جمع بين الرَّغْبةِ والرَّهْبةِ ثم أَعمل الرَّغْبةَ وحدها كما تَقدَّم في الرَّغْبةِ وفي حديث رَضاعِ الكبير فبَقِيتُ سنَةً لا أُحَدِّثُ بها رَهْبَتَه قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في روايةٍ أَي من أَجل رَهْبَتِه وهو منصوب على المفعول له وأرْهَبَه ورَهَّبَه واستَرْهَبَه أَخافَه وفَزَّعه [ ص 437 ] واسْتَرْهَبَه اسْتَدْعَى رَهْبَتَه حتى رَهِبَه الناسُ وبذلك فسر قوله عز وجل واسْترْهَبُوهُم وجاؤُوا بسحْرٍ عظيمٍ أَي أَرْهَبُوهم وفي حديث بَهْز بن حَكِيم إِني لأَسمع الرَّاهِبةَ قال ابن الأَثير هي الحالة التي تُرْهِبُ أَي تُفْزِعُ وتُخَوِّفُ وفي رواية أَسْمَعُك راهِباً أَي خائفاً وتَرَهَّب الرجل إِذا صار راهِباً يَخْشَى اللّه والرَّاهِبُ المُتَعَبِّدُ في الصَّوْمعةِ وأَحدُ رُهْبانِ النصارى ومصدره الرَّهْبةُ والرَّهْبانِيّةُ والجمع الرُّهْبانُ والرَّهابِنَةُ خطأٌ وقد يكون الرُّهْبانُ واحداً وجمعاً فمن جعله واحداً جعله على بِناءِ فُعْلانٍ أَنشد ابن الأَعرابي
لو كَلَّمَتْ رُهْبانَ دَيْرٍ في القُلَلْ ... لانْحَدَرَ الرُّهْبانُ يَسْعَى فنَزَلْ
قال ووجهُ الكلام أَن يكون جمعاً بالنون قال وإِن جمعت الرُّهبانَ الواحد رَهابِينَ ورَهابِنةً جاز وإِن قلت رَهْبانِيُّون كان صواباً وقال جرير فيمن جعل رهبان جمعاً
رُهْبانُ مَدْيَنَ لو رَأَوْكَ تَنَزَّلُوا ... والعُصْمُ من شَعَفِ العقُولِ الفادِرُ
وَعِلٌ عاقِلٌ صَعِدَ الجبل والفادِرُ المُسِنُّ من الوُعُول والرَّهْبانيةُ مصدر الراهب والاسم الرَّهْبانِيَّةُ وفي التنزيل العزيز وجعَلْنا في قُلُوب الذين اتَّبَعُوه رَأْفةً ورَحْمةً ورَهْبانيَّةً ابْتَدَعوها ما كَتَبْناها عليهم إِلا ابتغاء رِضوانِ اللّهِ قال الفارسي رَهْبانِيَّةً منصوب بفعل مضمر كأَنه قال وابْتَدَعُوا رَهْبانيَّةً ابْتَدَعوها ولا يكون عطفاً على ما قبله من المنصوب في الآية لأَن ما وُضِعَ في القلب لا يُبْتَدَعُ وقد تَرَهَّبَ والتَّرَهُّبُ التَّعَبُّدُ وقيل التَّعَبُّدُ في صَوْمَعَتِه قال وأَصلُ الرَّهْبانِيَّة من الرَّهْبةِ ثم صارت اسماً لِما فَضَل عن المقدارِ وأَفْرَطَ فيه ومعنى قوله تعالى ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها قال أَبو إِسحق يَحتمل ضَرْبَيْن أَحدهما أَن يكون المعنى في قوله « ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها » وابتدعوا رهبانية ابتدعوها كما تقول رأَيتُ زيداً وعمراً أَكرمته قال ويكون « ما كتبناها عليهم » معناه لم تُكتب عليهم البَتَّةَ ويكون « إِلا ابتغاءَ رِضوان اللّه » بدلاَ من الهاءِ والأَلف فيكون المعنى ما كَتَبْنا عليهم إِلا ابتغاءَ رِضوانِ اللّهِ وابتغاءُ رِضوانِ اللّه اتِّباعُ ما أَمَرَ به فهذا واللّه أَعلم وجه وفيه وجه آخر ابتدعوها جاءَ في التفسير أَنهم كانوا يَرَوْن من ملوكهم ما لا يَصْبِرُون عليه فاتخذوا أَسراباً وصَوامِعَ وابتدعوا ذلك فلما أَلزموا أَنفسهم ذلك التَّطَوُّعَ ودَخَلُوا فيه لَزِمَهم تمامُه كما أَن الإِنسانَ إِذا جعل على نفسِه صَوْماً لم يُفْتَرَضْ عليه لزمه أَن يُتِمه والرَّهْبَنَةُ فَعْلَنَةٌ منه أَو فَعْلَلَةٌ على تقدير أَصْلِيَّةِ النون وزيادتها قال ابن الأَثير والرَّهْبانِيَّةُ مَنْسوبة إِلى الرَّهْبَنةِ بزيادة الأَلف وفي الحديث لا رَهْبانِيَّةَ في الإِسلام هي كالاخْتِصاءِ واعْتِناقِ السَّلاسِلِ وما أَشبه ذلك مما كانت الرَّهابِنَةُ تَتَكَلَّفُه وقد وضعها اللّه عز وجل عن أُمة محمد صلى اللّه عليه وسلم قال ابن الأَثير هي من رَهْبَنةِ النصارى قال وأَصلها من الرَّهْبةِ الخَوْفِ كانوا يَتَرَهَّبُون بالتَّخَلي [ ص 438 ] من أَشْغالِ الدنيا وتَرْكِ مَلاذِّها والزُّهْدِ فيها والعُزلةِ عن أَهلِها وتَعَهُّدِ مَشاقِّها حتى إِنَّ منهم مَن كان يَخْصِي نَفْسَه ويَضَعُ السِّلسلةَ في عُنقه وغير ذلك من أَنواع التعذيب فنفاها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم عن الإِسلام ونهى المسلمين عنها وفي الحديث عليكم بالجهاد فإِنه رَهْبانِيَّة أُمتي يُريد أَنَّ الرُّهْبانَ وإِن تركوا الدنيا وزَهِدُوا فيها وتَخَلَّوْا عنها فلا تَرْكَ ولا زُهْدَ ولا تَخَلِّيَ أَكثرُ من بذل النفس في سبيل اللّه وكما أَنه ليس عند النصارى عَمَلٌ أَفضلُ من التَّرَهُّب ففي الإِسلام لا عَمَلَ أَفضلُ من الجهاد ولهذا قال ذِرْوة سَنامُ الإِسلامِ الجِهادُ في سبيل اللّه ورَهَّبَ الجَمَلُ ذَهَبَ يَنْهَضُ ثم بَرَكَ مِن ضَعْفٍ بصُلْبِه والرَّهْبَى الناقةُ المَهْزُولةُ جِدّاً قال
ومِثْلِكِ رَهْبَى قَدْ تَرَكْتُ رَذِيَّةً ... تُقَلِّبُ عَيْنَيْها إِذا مَرَّ طائِرُ
وقيل رَهْبَى ههنا اسم ناقة وإِنما سماها بذلك والرَّهْبُ كالرَّهْبَى قال الشاعر
وأَلْواحُ رَهْبٍ كأَنَّ النُّسوعَ ... أَثْبَتْنَ في الدَّفِّ منها سِطارا
وقيل الرَّهْبُ الجمل الذي استُعْمِلَ في السَّفر وكَلَّ والأُنثى رَهْبةٌ وأَرْهَبَ الرَّجُلُ إِذا رَكِبَ رَهْباً وهو الجَمَلُ العالي وأَما قول الشاعر
ولا بُدَّ مِن غَزْوَةٍ بالمَصِيفِ ... رَهْبٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا
فإِنَّ الرَّهْبَ مِن نَعْت الغَزْوَةِ وهي التي كَلَّ ظَهْرُها وهُزِلَ وحكي عن أَعرابي أَنه قال رَهَّبَتْ ناقةُ فلان فقَعَد عليها يُحابِيها أَي جَهَدَها السَّيرُ فَعَلَفَها وأَحْسَنَ إِليها حتى ثابَتْ إِليها نفْسُها وناقةٌ رَهْبٌ ضامِرٌ وقيل الرَّهْبُ الجَمَلُ العَريضُ العِظامِ المَشْبُوحُ الخَلْقِ قال رَهْبٌ كبُنْيانِ الشَّآمي أَخْلَقُ
والرَّهْبُ السَّهمُ الرَّقيقُ وقيل العظيمُ والرَّهْبُ النَّصْلُ الرقيقُ مِن نِصالِ السِّهام والجمعُ رِهابٌ قال أَبو ذؤَيب
فَدَنا له رَبُّ الكِلابِ بكَفِّه ... بِيضٌ رِهابٌ رِيشُهُنّ مُقَزَّعُ
وقال صَخْر الغَيّ الهُذَليّ
إِني سَيَنْهَى عَنّي وَعِيدَهُمُ ... بِيضٌ رِهابٌ ومُجْنَأٌ أُجُدُ
وصارِمٌ أُخْلِصَت خَشِيبتُه ... أَبيضُ مَهْوٌ في مَتْنِه رُبَدُ
المُجْنَأُ التُّرْسُ والأُجْدُ المُحْكَمُ الصَّنعةِ وقد فسَّرْناه في ترجمة جنأَ وقوله تعالى واضْمُمْ إِليكَ جَناحَك من الرَّهَبِ قال أَبو إِسحق من الرُّهْبِ والرَّهَبِ إِذا جزم الهاءَ ضمّ الراءَ وإِذا حرك الهاءَ فتح الراءَ ومعناهما واحد مثل الرُّشْدِ والرَّشَدِ قال ومعنى جَناحَك ههنا يقال العَضُدُ ويقال اليدُ كلُّها جَناحٌ قال الأَزهري وقال مقاتل في قوله من الرَّهَبِ الرَّهَبُ كُمُّ مَدْرَعَتِه قال [ ص 439 ] الأَزهري وأَكثرُ الناس ذهبوا في تفسير قوله من الرَّهَب أَنه بمعنى الرَّهْبةِ ولو وَجَدْتُ إِماماً من السلف يجعل الرَّهَبَ كُمّاً لذهبت إِليه لأَنه صحيح في العَربية وهو أَشبه بسياق الكلام والتفسيرِ واللّه أَعلم بما أَراد والرُّهْبُ الكُمُّ ( 1 )
( 1 قوله « والرهب الكم » هو في غير نسخة من المحكم كما ترى بضم فسكون وأَما ضبطه بالتحريك فهو الذي في التهذيب والتكملة وتبعهما المجد ) يقال وضعت الشيءَ في رُهْبِي أَي في كُمِّي أَبو عمرو يقال لِكُمِّ القَمِيصِ القُنُّ والرُّدْنُ والرَّهَبُ والخِلافُ ابن الأَعرابي أَرْهَبَ الرجلُ إِذا أَطالَ رَهَبَه أَي كُمَّه والرُّهابةُ والرَّهابة على وَزْنِ السَّحابةِ عُظَيْمٌ في الصَّدْرِ مُشْرِفٌ على البطن قال الجوهري مِثلُ اللِّسان وقال غيره كأَنه طرَف لسان الكَلْبِ والجمع رَهابٌ وفي حديث عَوْف ابن مالك لأَنْ يَمْتَلِئَ ما بين عانَتي إِلى رَهابَتي قَيْحاً أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَمْتَلئَ شِعْراً الرَّهابةُ بالفتح غُضْرُوفٌ كاللِّسان مُعَلَّق في أَسْفَلِ الصَّدْرِ مُشْرِفٌ على البطن قال الخطابي ويروى بالنون وهو غَلَط وفي الحديث فَرَأَيْتُ السَّكاكِينَ تَدُورُ بين رَهابَتِه ومَعِدَتِه ابن الأَعرابي الرَّهابةُ طَرَفُ المَعِدة والعُلْعُلُ طَرَفُ الضِّلَع الذي يُشْرِفُ على الرَّهابةِ وقال ابن شميل في قَصِّ الصدْرِ رَهابَتُه قال وهو لِسانُ القَصِّ من أَسْفَل قال والقَصُّ مُشاشٌ وقال أَبو عبيد في باب البَخِيل يُعْطِي من غير طَبْعِ جُودٍ قال أَبو زيد يقال في مثل هذا رَهْباكَ خَيرٌ من رَغْباكَ يقول فَرَقُه منكَ خيرٌ من حُبّه وأَحْرَى أَن يُعْطِيَكَ عليه قال ومثله الطَّعْنُ يَظْأَرُ غيره ويقال فَعَلْتُ ذلك من رُهْباكَ أَي من رَهْبَتِك والرُّغْبَى الرَّغْبةُ قال ويقال رُهْباكَ خيرٌ من رُغْباكَ بالضم فيهما ورَهْبَى موضعٌ ودارةُ رَهْبَى موضع هناك ومُرْهِبٌ اسم

روب
الرَّوْبُ اللَّبنُ الرائبُ والفعل رابَ اللَّبن يَرُوبُ رَوْباً ورُؤُوباً خَثُرَ وأَدْرَكَ فهو رائبٌ وقيل الرائبُ الذي يُمْخَضُ فيُخْرَجُ زُبْدُه ولبَنٌ رَوْبٌ ورائبٌ وذلك إِذا كَثُفَتْ دُوايَتُه وتكَبَّدَ لبَنُه وأَتى مَخْضُه ومنه قيل اللبن المَمْخُوض رائبٌ لأَنه يُخْلَط بالماءِ عند المَخْضِ ليُخْرَجَ زُبْدُه تقول العرب ما عندي شَوْبٌ ولا رَوْبٌ فالرَّوْبُ اللَّبنُ الرائبُ والشَّوْبُ العَسَلُ المَشُوبُ وقيل الرَّوْبُ اللَّبن والشَّوْبُ العَسَلُ من غير أَن يُحَدَّا وفي الحديث لا شَوْبَ ولا رَوْبَ في البيعِ والشِّراءِ تقول ذلك في السِّلْعةِ تَبِيعُها أَي إِني بَريءٌ من عَيْبِها وهو مَثَلٌ بذلك وقال ابن الأَثير في تفسير هذا الحديث أَي لا غِشَّ ولا تَخْلِيطَ ومنه قيل للبن المَمْخُوضِ رائبٌ كما تقدَّم الأَصمعي من أَمثالهم في الذي يُخْطِئُ ويُصِيب هو يَشُوبُ ويَروب قال أَبو سعيد معنى يَشُوبُ يَنْضَحُ ويَذُبُّ يقال للرجل إِذا نَضَح عن صاحبه قد شَوَّب عنه قال ويَرُوبُ أَي يَكْسَل والتَّشْويبُ أَنْ يَنْضَحَ نَضْحاً غير مُبالَغٍ فيه [ ص 440 ] فهو بمعنى قوله يَشُوبُ أَي يُدافِعُ مُدافعةً لا يُبالِغُ فيها ومرة يَكْسَلُ فلا يُدافِعُ بَتَّةً قال أَبو منصور وقيل في قولهم هو يَشُوبُ أَي يَخْلِطُ الماءَ باللبن فيُفْسِدُه ويَرُوبُ يُصْلِحُ من قول الأَعرابي رابَ إِذا أَصْلَح قال والرَّوْبةُ إِصْلاحُ الشأْن والأَمر ذكرهما غير مهموزين على قول من يُحَوِّل الهمزةَ واواً ابن الأَعرابي رابَ إِذا سكن ورابَ اتَّهَمَ قال أَبو منصور إِذا كان رابَ بمعنى أَصْلَحَ فأَصْله مهموز من رَأَبَ الصَّدْعَ وقد مضى ذكرها ورَوَّبَ اللبنَ وأَرابه جَعله رائِباً وقيل المُرَوَّبُ قبْل أَن يُمْخَضَ والرَّائِبُ بعد المَخْضِ وإِخْراجِ الزبد وقيل الرَّائبُ يكون ما مُخِضَ وما لم يُمْخَضْ قال الأَصمعي الرائبُ الذي قد مُخِضَ وأُخْرِجَتْ زُبْدَتُه والمُروَّبُ الذي لم يُمْخَضْ بعد وهو في السقاءِ لم تُؤْخَذْ زُبْدَتُه قال أَبو عبيد إِذا خَثُرَ اللبن فهو الرَّائبُ فلا يزال ذلك اسمَه حتى يُنْزَعَ زُبده واسمه على حاله بمنزلة العُشَراءِ من الإِبل وهي الحامل ثم تَضَعُ وهو اسمها وأَنشد الأَصمعي
سَقاك أَبو ماعزٍ رَائباً ... ومَنْ لك بالرائِبِ الخاثِرِ ؟
يقول إِنما سَقاكَ المَمْخُوضَ ومَن لك بالذي لمْ يُمْخَضْ ولم يُنْزَعْ زُبْدُه ؟ وإِذا أَدْرَكَ اللَّبَنُ ليُمْخَضَ قيل قد رابَ أَبو زيد التَّرْويبُ أَن تَعْمِدَ إِلى اللبن إِذا جَعَلْته في السِّقاءِ فَتُقَلِّبَه ليُدْرِكَه المَخْضُ ثم تَمْخَضُه ولم يَرُبْ حَسَناً هذا نص قوله وأَراد بقوله حَسَناً نِعِمّا والمِرْوَبُ الإِناءُ والسِّقاءُ الذي يُرَوَّبُ فيه اللبنُ وفي التهذيب إِناءٌ يُرَوَّبُ فيه اللبن قال
عُجَيِّزٌ منْ عامر بن جَنْدَبِ ... تُبْغِضُ أَن تَظْلِمَ ما في المِرْوَبِ
وسِقاءٌ مُرَوَّبٌ رُوِّبَ فيه اللبَنُ وفي المثل للعرب أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقاءٌ مُرَوَّبٌ وأَصله السِّقاءُ يُلَفُّ حتى يَبْلُغ أَوانَ المَخْضِ والمَظْلُومُ الذي يُظْلَم فيُسْقَى أَو يُشْرَب قبل أَن تَخْرُجَ زُبْدَتُه أَبو زيد في باب الرجل الذليل المُسْتَضْعَفِ أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقاءٌ مُرَوَّبٌ وظَلَمْتُ السِّقاءَ إِذا سَقَيْتُه قبل إِدْراكِه والرَّوْبَةُ بَقِيةُ اللبن المُرَوَّب تُتْرَكُ في المِرْوَبِ حتى إِذا صُبَّ عليه الحَلِيبُ كان أَسْرَعَ لرَوْبِه والرُّوبةُ والرَّوْبةُ خَميرةُ اللبن الفتح عن كراع ورَوْبةُ اللبن خَمِيرة تُلْقَى فيه من الحامِض ليَرُوبَ وفي المثل شُبْ شَوْباً لك رُوبَتُه كما يقال احْلُبْ حَلَباً لك شَطْرُه غيره الرَّوْبَةُ خَمِيرُ اللبن الذي فيه زُبْدُه وإِذا أُخْرِجَ زُبْدُه فهو رَوْبٌ ويسمى أَيضاً رائباً بالمعنيين وفي حديث الباقر أَتَجْعَلُونَ في النَّبِيذِ الدُّرْدِيَّ ؟ قيل وما الدُّرْدِيُّ ؟ قال الرُّوبةُ الرُّوبةُ في الأَصل خَمِيرةُ اللَّبَنِ ثم يُسْتَعمَلُ في كل ما أَصْلَحَ شيئاً وقد تهمز قال ابن الأَعرابي روي عن أَبي بكر في وَصِيَّتِه لعُمَرَ رضي اللّه عنهما عَلَيْكَ بالرَّائِبِ مِن الأُمُورِ وإِيَّاكَ والرَّائِبَ [ ص 441 ] منها قال ثعلب هذا مَثَل أَراد عَلَيْكَ بالأَمْرِ الصافي الذي ليس فيه شُبْهَةٌ ولا كَدَرٌ وإِيَّاكَ والرَّائبَ أَي الأَمْرَ الذي فيه شُبْهَةٌ وكَدَرٌ ابن الأَعرابي شابَ إِذا كَذَبَ وشابَ إِذا خَدَع في بَيْعٍ أَو شِراءٍ والرُّوبةُ والرَّوْبةُ الأَخيرة عن اللحياني جِمامُ ماءِ الفَحْلِ وقيل هو اجْتِماعُه وقيل هو ماؤُه في رَحِمِ الناقةِ وهو أَغْلَظُ من المَهاةِ وأَبْعَدُ مَطْرَحاً وما يَقُومُ بِرُوبةِ أَمْرِه أي بِجِماعِ أَمْرِه أَي كأَنه من رُوبةِ الفحل الجوهري ورُوبةُ الفرس ماءُ جِمامِه يقال أَعِرْني رُوبةَ فَرَسِك ورُوبةَ فَحْلِك إِذا اسْتَطْرَقْته إِياه ورُوبةُ الرجل عَقْلُه تقول وهو يُحدِّثُني وأَنا إِذ ذاك غلام ليست لي رُوبةٌ والرُّوبةُ الحاجةُ وما يقوم فلان برُوبةِ أَهلِه أَي بشأْنِهم وصَلاحِهم وقيل أَي بما أَسْنَدوا إِليه من حَوائِجهم وقيل لا يَقومُ بقُوتهم ومَؤُونَتهم والرُّوبةُ إِصْلاحُ الشأْنِ والأَمرِ والرُّوبةُ قِوامُ العَيْشِ والرُّوبةُ الطائفةُ مِن الليلِ ورُوبةُ بن العجاج مُشْتَقٌّ منه فيمن لم يهمز لأَنه وُلِدَ بعد طائفةٍ من الليل وفي التهذيب رُؤْبةُ بن العجاج مهموز وقيل الرُّوبةُ الساعةُ من الليل وقيل مَضت رُوبةٌ من الليل أَي ساعةٌ وبَقِيَتْ رُوبةٌ من الليل كذلك ويقال هَرِّق عَنَّا من رُوبةِ الليل وقَطِّعِ اللحمَ رُوبةً رُوبةً أَي قِطْعةً قِطْعةً ورابَ الرَّجلُ رَوْباً ورُؤُوباً تَحَيَّر وفَتَرَتْ نَفْسُه من شِبَعٍ أَو نُعاسٍ وقيل سَكِرَ من النَّوم وقيل إِذا قام من النوم خاثِرَ البدَنِ والنَّفْسِ وقيل اخْتَلَطَ عَقْلُه ورَأْيُه وأَمْرُه ورَأَيت فلاناً رائباً أَي مُخْتَلِطاً خائِراً وقوم رُوَباءُ أَي خُثَراء الأَنْفُسِ مُخْتَلِطُون ورَجلٌ رائبٌ وأَرْوَبُ ورَوْبانُ والأُنثى رائِبةٌ عن اللحياني لم يزد على ذلك من قوم رَوبى إِذا كانوا كذلك وقال سيبويه هم الذين أَثْخَنَهُم السفَرُ والوَجَعُ فاسْتَثْقَلُوا نوماً ويقال شَرِبُوا من الرَّائبِ فسَكِرُوا قال بشر
فأَمَّا تَمِيمٌ تَمِيمُ بنُ مُرٍّ ... فأَلْفاهُمُ القومُ رَوْبى نِياما
وهو في الجمع شبيه بِهَلْكَى وسَكْرَى واحدهم رَوْبانُ وقال الأَصمعي واحدهم رائبٌ مثل مائقٍ ومَوْقَى وهالِكٍ وهَلْكَى ورابَ الرجل ورَوَّبَ أَعيا عن ثعلب والرُّوبةُ التَّحَيُّر والكَسَلُ من كثرةِ شُرْبِ اللبن ورابَ دَمُه رَوْباً إِذا حانَ هَلاكُه أَبو زيد يقال دَعِ الرَّجلَ فقد رابَ دَمُه يَرُوبُ رَوْباً أَي قد حان هلاكُه وقال في موضع آخر إِذا تَعَرَّضَ لما يَسْفِكُ دَمَه قال وهذا كقولهم فلان يَحْبِسُ نَجِيعَه ويَفُورُ دَمُه ورَوَّبَت مَطِيَّةُ فلان تَرْويباً إِذا أَعْيَتْ والرُّوبةُ مَكرمَةٌ من الأَرض كثيرة النبات والشجر هي أَبْقَى الأَرضِ كَلأً وبه سمي رُوبةُ بن العَجّاج قال وكذلك رُوبةُ القَدَحِ ما يُوصَلُ به والجمع رُوَبٌ والرُّوبةُ شجر النِّلْك والرُّوبةُ كَلُّوبٌ يُخْرَجُ به الصَّيْدُ من الجُحْر وهو المِحْرَشُ عن أَبي العميثل الأَعرابي ورُوَيْبةُ أَبو بطن من العرب واللّه أَعلم [ ص 442 ]

ريب
الرَّيْبُ صَرْفُ الدَّهْرِ والرَّيْبُ والرِّيبةُ الشَّكُّ والظِّنَّةُ والتُّهْمَةُ والرِّيبةُ بالكسر والجمع رِيَبٌ والرَّيْبُ ما رابَك مِنْ أَمْرٍ وقد رابَنِي الأَمْر وأَرابَنِي وأَرَبْتُ الرجلَ جَعَلْتُ فيه رِيبةً ورِبْتُه أَوصَلْتُ إِليه الرِّيبةَ وقيل رابَني عَلِمْتُ منه الرِّيبة وأَرابَنِي أَوهَمَني الرِّيبةَ وظننتُ ذلك به ورابَنِي فلان يَريبُني إِذا رَأَيتَ منه ما يَريبُك وتَكْرَهُه وهذيل تقول أَرابَنِي فلان وارْتابَ فيه أَي شَكَّ واسْتَرَبْتُ به إِذا رأَيتَ منه ما يَريبُك وأَرابَ الرجلُ صار ذا رِيبةٍ فهو مُريبٌ وفي حديث فاطمةَ يُريبُني ما يُريبُها أَي يَسُوءُني ما يَسُوءُها ويُزْعِجُني ما يُزْعِجُها هو من رابَني هذا الأَمرُ وأَرابني إِذا رأَيتَ منه ما تَكْرَهُ وفي حديث الظَّبْي الحاقِفِ لا يَريبُه أَحدٌ بشيء أَي لا يَتَعَرَّضُ له ويُزْعِجُه ورُوي عن عمر رضي اللّه عنه أَنه قال مَكْسَبَةٌ فيها بعضُ الرِّيبةِ خيرٌ من مسأَلةِ الناسِ قال القتيبي الرِّيبةُ والرَّيبُ الشَّكُّ يقول كَسْبٌ يُشَكُّ فيه أَحَلالٌ هو أَم حرامٌ خيرٌ من سُؤَالِ الناسِ لمن يَقْدِرُ على الكَسْبِ قال ونحو ذلك المُشْتَبهاتُ وقوله تعالى لا رَيْبَ فيه معناه لا شَكَّ فيه ورَيْبُ الدهرِ صُرُوفُه وحَوادِثُه ورَيْبُ المَنُونِ حَوادِثُ الدَّهْر وأَرابَ الرجلُ صار ذا رِيبةٍ فهو مُريبٌ وأَرابَنِي جعلَ فيَّ رِيبةً حكاهما سيبويه التهذيب أَرابَ الرجلُ يُريبُ إِذا جاءَ بِتُهْمَةٍ وارْتَبْتُ فلاناً أَي اتَّهَمْتُه ورابني الأَمرُ رَيْباً أَي نابَنِي وأَصابني ورابني أَمرُه يَريبُني أَي أَدخل عليَّ شَرّاً وخَوْفاً قال ولغة رديئة أَرابني هذا الأَمرُ قال ابن الأَثير وقد تكرّر ذكر الرَّيْب وهو بمعنى الشَّكِّ مع التُّهمَةِ تقول رابني الشيءُ وأَرابني بمعنى شَكَّكَنِي وقيل أَرابني في كذا أَي شككني وأَوهَمَني الرِّيبةَ فيه فإِذا اسْتَيْقَنْتَه قلت رابنِي بغير أَلف وفي الحديث دَعْ ما يُريبُك إِلى ما لا يُرِيبُكَ يروى بفتح الياءِ وضمّها أَي دَعْ ما تَشُكُّ فيه إِلى ما لا تَشُكُّ فيه وفي حديث أَبي بكر في وَصِيَّتِه لعمر رضي اللّه عنهما قال لعمر عليك بالرّائبِ من الأُمور وإِيَّاك والرائبَ منها قال ابن الأَثير الرائبُ من اللبَنِ ما مُخِضَ فأُخِذَ زُبْدُه المعنى عليك بالذي لا شُبْهةَ فيه كالرّائبِ من الأَلْبانِ وهو الصَّافي وإِياك والرائبَ منها أَي الأَمر الذي فيه شُبْهَةٌ وكَدَرٌ وقيل المعنى إِن الأَوَّلَ من رابَ اللبنُ يَرُوبُ فهو رائِبٌ والثاني من رَابَ يَريبُ إِذا وقع في الشكّ أَي عليك بالصّافي من الأُمورِ وَدَعِ المُشْتَبِهَ منها وفي الحديث إِذا ابْتَغَى الأَميرُ الرّيبةَ في الناسِ أَفْسَدَهم أَي إِذا اتَّهَمَهم وجاهَرهم بسُوءِ الظنِّ فيهم أَدّاهم ذلك إِلى ارتكابِ ما ظَنَّ بهم ففَسَدُوا وقال اللحياني يقال قد رابَنِي أَمرُه يَريبُني رَيْباً ورِيبَةً هذا كلام العرب إِذا كَنَوْا أَلْحَقُوا الأَلف وإِذا لم يَكْنُوا أَلْقَوا الأَلفَ قال وقد يجوز فيما يُوقَع أَن تدخل الأَلف فتقول أَرابني الأَمرُ قال خالد بن زُهَيْر الهُذَلي
يا قَوْمِ ما لي وأَبا ذُؤَيْبِ ... كنتُ إِذا أَتَيْتُه من غَيْبِ
[ ص 443 ]
يَشَمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبي ... كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ
قال ابن بري والصحيح في هذا أَنَّ رابني بمعنى شَكَّكَني وأَوْجَبَ عندي رِيبةً كما قال الآخر قد رابَني مِنْ دَلْوِيَ اضْطرابُها وأَمّا أَراب فإِنه قد يأْتي مُتَعَدِّياً وغير مُتَعَدٍّ فمن عَدَّاه جعله بمعنى رابَ وعليه قول خالد كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ وعليه قول أَبي الطيب أَتَدرِي ما أَرابَكَ مَنْ يُرِيبُ ويروى كأَنني قد رِبْتُه بريب فيكون على هذا رابَني وأَرابَني بمعنى واحد وأَما أَرابَ الذي لا يَتَعَدَّى فمعناه أَتى برِيبةٍ كما تقول أَلامَ إِذا أَتى بما يُلامُ عليه وعلى هذا يتوَجَّهُ البيت المنسوب إِلى المُتَلمِّس أَو إِلى بَشَّار بن بُرْدٍ وهو
أَخُوكَ الذي إِنْ رِبْتَه قال إِنَّما ... أَرَبْتَ وإِنْ لايَنْتَه لانَ جانِبُهْ
والرواية الصحيحةُ في هذا البيت أَرَبْتُ بضم التاءِ أَي أَخُوكَ الذي إِنْ رِبْتَه برِيبةٍ قال أَنا الذي أَرَبْتُ أَي أَنا صاحِبُ الرِّيبَةِ حتى تُتَوَهَّمَ فيه الرِّيبةُ ومن رواه أَرَبْتَ بفتح التاءِ فإِنه زعم أَن رِبْتَه بمعنى أَوْجَبْتَ له الرِّيبةَ فأَما أَرَبْتُ بالضم فمعناه أَوْهَمْتُه الرِّيبةَ ولم تكن واجِبةً مَقْطُوعاً بها قال الأَصمعي أَخبرني عيسى بن عُمَرَ أَنه سَمِع هُذَيْلاً تقول أَرابَني أَمْرُه وأَرابَ الأَمْرُ صار ذا رَيْبٍ وفي التنزيل العزيز إِنهم كانوا في شَكٍّ مُريبٍ أَي ذي رَيْبٍ وأَمْرٌ رَيَّابٌ مُفْزِعٌ وارْتابَ به اتَّهَمَ والرَّيْبُ الحاجةُ قال كَعْبُ بن مالِكٍ الأَنصاريّ
قَضَيْنا مِنْ تِهامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ... وخَيْبَرَ ثم أَجْمَمْنا السُّيُوفا
وفي الحديث أَنَّ اليَهُودَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم فقال بعضُهم سَلُوه وقال بعضهم ما رَابُكُمْ إِليه ؟ أَي ما إِرْبُكُم وحاجَتُكم إِلى سُؤَالِه ؟ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه ما رابُكَ إِلى قَطْعِها ؟ قال ابن الأَثير قال الخطابي هكذا يَرْوُونه يعني بضم الباءِ وإِنما وَجْهُه ما إِرْبُكَ ؟ أَي ما حاجَتُكَ ؟ قال أَبو موسى يحتمل أَن يكون الصوابُ ما رابَكَ بفتح الباءِ أَي ما أَقْلَقَكَ وأَلجأَكَ إِليه ؟ قال وهكذا يرويه بعضهم والرَّيْبُ اسم رَجُل والرَّيبُ اسم موضع قال ابن أَحمر
فَسارَ بِه حتى أَتى بَيْتَ أُمِّه ... مُقِيماً بأَعْلى الرَّيْبِ عِنْدَ الأَفاكِلِ

زأب
زأَبَ القِرْبةً يَزْأَبُها زَأْباً وازْدَأَبها حَمَلَها ثم أَقْبَلَ بها سَرِيعاً والازْدِئابُ الاحْتِمالُ وكلُّ ما حَمَلْتَه بِمَرَّةٍ شِبْهَ الاحْتِضانِ فقد زَأَبْتَه وزَأَبَ الرَّجُلُ وازْدَأَبَ إِذا حَمَل ما [ ص 444 ] يُطِيقُ وأَسْرَعَ في المشي قال وازْدَأَبَ القِرْبَةَ ثم شَمَّرا وزَأَبْتُ القِرْبةَ وزَعَبْتُها وهو حَمْلُكها مُحْتَضِناً والزَّأْبُ أَن تَزْأَبَ شيئاً فتَحْمِلَه بمرّةٍ واحدة وزَأَبَ الرَّجلُ إِذا شَرِبَ شُرْباً شَديداً الأَصمعي زَأَبْتُ وقَأَبْتُ أَي شَرِبْتُ وزَأَبْتُ به زَأْباً وازْدأَبْتُه وزَأَبَ بِحِمْلِه جَرَّه

زأنب
الزَّآنِبُ القَوارِيرُ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
ونحْنُ بَنُو عَمٍّ على ذَاكَ بَيْنَنا ... زآنِبُ فيها بِغْضةٌ وتَنافُسُ
ولا واحد لها

زبب
الزَّبَبُ مصدر الأَزَبِّ وهو كَثرة شَعَر الذّراعَيْنِ والحاجبين والعينين والجمعُ الزُّبُّ والزَّبَبُ طولُ الشعَرِ وكَثرتُه قال ابن سيده الزَّبَبُ الزَّغَب والزَّبَبُ في الرجل كثرةُ الشعر وطُولُه وفي الإِبل كثرة شَعَرِ الوجه والعُثْنُونِ وقيل الزَّبَبُ في الناس كَثرَةُ الشَّعَرِ في الأُذنين والحاجبين وفي الإِبل كَثرةُ شَعَرِ الأُذنين والعينين زَبَّ يَزُبُّ زَبِيباً وهو أَزَبُّ وفي المثل كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ وقال الأَخطل
أَزَبُّ الحاجِبين بِعَوْفِ سَوءٍ ... من النَّفَرِ الذين بأَزْقُبانِ
وقال الآخر
أَزَبُّ القَفا والمَنْكِبَيْنِ كأَنه ... من الصَّرْصَرانِيَّاتِ عَوْدٌ مُوَقَّعُ
ولا يكادُ يكون الأَزَبُّ إِلاَّ نَفُوراً لأَنه يَنْبُتُ على حاجِبَيْهِ شُعَيْراتٌ فإِذا ضَرَبَتْه الرِّيحُ نَفَرَ قال الكميت أَو يَتَنَاسَى الأَزَبُّ النُّفورا
قال ابن بري هذا العجز مُغَيَّرٌ ( 1 )
( 1 قوله « مغير » لم يخطئ الصاغاني فيه إلا النفورا فقال الصواب النفارا وأورد صدره وسابقه ما أورده ابن الصلاح ) والبيتُ بكمالِه
بَلَوْناكَ من هَبَواتِ العَجَاج ... فلم تَكُ فيها الأَزَبَّ النَّفُورا
ورأَيت في نسخة الشيخ ابن الصلاح المُحَدِّث حاشِيةً بخط أَبيه أَنَّ هذا الشعر
رَجائيَ بالعَطْفِ عَطْفَ الحُلُوم ... ورَجْعةَ حَيرانَ إِن كان حارا
وخَوْفيَ بالظَّنِّ أَنْ لا ائْتِلا ... فَ أَو يَتناسَى الأَزَبُّ النُّفُورا
وبين قول ابن بري وهذه الحاشية فرق ظاهر والزَّبَّاءُ الاست لشعرها وأُذُنٌ زَبَّاءُ كثيرةُ الشَّعَر وفي حديث الشعبي كان إِذا سُئِلَ عن مسأَلةٍ مُعْضِلَةٍ قال زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر لو سُئِل عنها أَصحابُ رسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم لأَعْضَلَتْ بهم يقال للدَّاهيةِ الصَّعْبةِ زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر يعني أَنها جَمَعَتْ بين الشَّعَر والوَبَرِ أَراد أَنها مسأَلةٌ مُشْكِلَةٌ شبَّهها بالناقة النَّفُور لصُعُوبَتِها وداهيةٌ زبَّاءُ شديدة كما قالوا شَعْراءُ ويقال للدَّاهية المُنْكَرةِ زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر ويقال للناقة الكثيرة الوبَر زَبَّاءُ والجملُ أَزبُّ وعامٌ أَزَبُّ مُخْصِبٌ كثير النباتِ [ ص 445 ] وزَبَّتِ الشمسُ زَبّاً وأَزَبَّتْ وزَبَّبَتْ دَنَتْ للغُروبِ وهو من ذلك لأَنها تَتَوارَى كما يَتَوارَى لَوْنُ العُضْوِ بالشَّعر وفي حديث عُروةَ يَبْعَثُ أَهلُ النار وَفْدَهُم فَيَرْجِعُون إِليهم زُبّاً حُبْناً الزُّبُّ جمع الأَزَبِّ وهو الذي تَدِقُّ أَعاليه ومَفاصِلُه وتَعْظُم سُفْلَتُه والحُبْنُ جَمع الأَحْبَنِ وهو الذي اجتمعَ في بطنِه الماءُ الأَصفر والزُّبُّ الذَّكَرُ بلغة أَهل اليَمَنِ وخصَّ ابن دريد به ذَكَرَ الإِنسان وقال هو عربي صحيح وأَنشد
قد حَلَفَتْ باللّهِ لا أُحِبُّهْ ... أَن طالَ خُصْياهُ وقَصرَ زُبُّهْ
والجمع أَزُبٌّ وأَزْبابٌ وزَبَبَةٌ والزُّبُّ اللِّحْيَةُ يَمانِيَّةٌ وقيل هو مُقَدَّم اللِّحْية عند بعض أَهل اليمن قال الشاعر
ففاضَتْ دُمُوع الجَحْمَتَيْنِ بِعَبْرةٍ ... على الزُّبِّ حتى الزُّبُّ في الماءِ غامِسُ
قال شمر وقيل الزُّبُّ الأَنْف بلغة أَهل اليمن والزَّبُّ مَلْؤُكَ القِرْبَةَ إِلى رَأْسِها يقال زَبَبْتُها فازْدَبَّتْ والزَّبِيبُ السَّمُّ في فَمِ الحيَّةِ والزَّبِيبُ زَبَدُ الماء ومنه قوله حتى إِذا تَكَشَّفَ الزَّبِيبُ والزَّبِيبُ ذاوِي العِنَب معروف واحدته زَبِيبَةٌ وقد أَزَبَّ العِنَبُ وزَبَّبَ فلان عنبه تَزْبِيباً قال أَبو حنيفة واستعمل أَعرابي من أَعرابِ السَّراة الزَّبِيبَ في التين فقال الفَيْلحانِيُّ تِينٌ شَديدُ السَّوادِ جَيِّدُ الزَّبِيبِ يعني يابِسَه وقد زَبَّبَ التِّينُ عن أَبي حنيفة أَيضاً والزَّبِيبةُ قُرْحَةٌ تَخرُج في اليَد كالعَرْفَةِ وقيل تسمى العَرْفةَ والزَّبِيبُ اجتماعُ الرِّيقِ في الصِّماغَيْنِ والزَّبِيبَتانِ زَبَدَتانِ في شِدْقَي الإِنسان إِذا أَكثرَ الكلام وقد زَبَّبَ شِدْقاه اجْتَمَعَ الرِّيقُ في صامِغَيْهِما واسمُ ذلك الرِّيقِ الزَّبِيبَتانِ وزَبَّبَ فَمُ الرَّجُلِ عند الغَيْظِ إِذا رأَيتَ له زَبِيبَتَيْنِ في جَنْبَيْ فيهِ عند مُلْتَقَى شَفَتَيْه مما يلي اللسان يعني ريقاً يابساً وفي حديث بعض القُرَشِيِّينَ حتى عَرِقْتَ وزَبَّبَ صِماغاكَ أَي خرَج زَبَدُ فِيكَ في جانِبَيْ شَفَتَيْكَ وتقول تكَلَّمَ فلان حتى زَبَّبَ شِدْقاه أَي خَرج الزَّبَدُ عليهما وتزَبَّبَ الرجلُ إِذا امْتَلأَ غَيْظاً ومنه الحيَّةُ ذو الزَّبِيبَتَيْنِ وقيل الحيَّةُ ذاتُ الزَّبِيبَتَيْنِ التي لها نُقْطَتانِ سَوْداوانِ فوقَ عَيْنَيْها وفي الحديث يَجيءُ كَنْزُ أَحَدِهم يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ له زَبِيبَتانِ الشُّجاعُ الحيَّةُ والأَقْرَعُ الذي تمَرَّطَ جِلْدُ رأْسِه وقوله زَبِيبَتانِ قال أَبو عبيد النُّكْتَتانِ السَّوْداوانِ فوق عَيْنَيْهِ وهو أَوْحَشُ ما يكون من الحيَّاتِ وأَخْبَثُه قال ويقال إِنَّ الزَّبِيبَتَيْنِ هما الزَّبَدَتانِ تكونان في شِدْقَي الإِنسان إِذا غَضِبَ وأَكثرَ الكلامَ حتى يُزْبِدَ قال ابن الأَثير الزَّبِيبَةُ نُكْتَةٌ سَوْداءُ فوق عَيْنِ الحيَّةِ وهما نُقْطَتانِ تَكْتَنِفانِ فاها وقيل هما زَبَدَتانِ في شِدْقَيْها وروي عن أُمِّ غَيْلان بنتِ جَريرٍ أَنها قالت رُبَّما أَنشَدْتُ أَبي حتى يَتَزَبَّبَ شِدقاي قال الراجز [ ص 446 ] إِنِّي إِذا ما زَبَّبَ الأَشْداقُ وكَثُرَ الضِّجاجُ واللَّقْلاقُ ثَبْتُ الجَنانِ مِرْجَمٌ وَدَّاقُ أَي دانٍ من العَدُوِّ ودَقَ أَي دَنا والتَّزَبُّبُ التَّزَيُّدُ في الكلام وزَبْزَبَ إِذا غَضِبَ وزَبْزَبَ إِذا انْهَزَمَ في الحَرْب والزَّبْزَبُ ضَرْبٌ من السُّفُن والزَّبابُ جِنْس من الفَأْر لا شعرَ عليه وقيل هو فأْر عظيم أَحمر حَسَن الشعرِ وقيل هو فأْرٌ أَصَمُّ قال الحرِث بنِ حِلِّزةَ
وهُمُ زَبابٌ حائرٌ ... لا تَسْمَع الآذانُ رَعْدا
أَي لا تسمعُ آذانُهم صوتَ الرعْد لأَنهم صُمٌّ طُرْشٌ والعرب تضْرِب بها المَثَل فتقول أَسْرَقُ من زَبابة ويُشَبَّه بها الجاهلُ واحدته زَبابة وفيها طَرَش ويجمع زَباباً وزَباباتٍ وقيل الزَّبابُ ضَرْب من الجِرْذانِ عظام وأَنشد وثْبةَ سُرْعُوبٍ رَأَى زَبابا السُّرْعُوب ابنُ عُرْس أَي رأَى جُرَذاً ضَخْماً وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه أَنا إِذاً واللّهِ مثلُ الذي أُحيطَ بها فقيلَ زَبابِ زَبابِ حتى دَخَلَت جُحْرها ثم احْتُفِرَ عنها فاجْتُرَّ برِجلِها فذُبِحَت أَرادَ الضَّبُعَ إِذا أَرادوا صَيْدَها أَحاطُوا بها في جُحْرِها ثم قالوا لها زَبابِ زَبابِ كأَنهم يُؤْنِسُونَها بذلك قال والزَّبابُ جِنسٌ من الفَأْرِ لا يَسْمَعُ لَعَلَّها تأْكُله كما تأْكُلُ الجرادَ المعنى لا أَكون مِثْلَ الضَّبُعِ تُخادَعُ عن حَتْفِها والزَّبَّاءُ اسم المَلِكَةِ الرُّومِيَّةِ يُمَدُّ ويُقْصَر وهي مَلكة الجزيرةِ تُعَدُّ مِن مُلوكِ الطَّوائف والزَّبَّاء شُعْبَةُ ماء لِبَني كُلَيْبٍ قال غَسّانُ السَّلِيطِيُّ يَهجُو جريراً
أَمَّا كُلَيْبٌ فإِنَّ اللُّؤْمَ حالَفها ... ما سال في حَقْلةِ الزَّبَّاءِ وادِيها
واحدته زبابة ( 1 )
( 1 قوله « واحدته زبابة » كذا في النسخ ولا محل له هنا فإِن كان المؤلف عنى أَنه واحد الزباب كسحاب الذي هو الفأر فقد تقدم وسابق الكلام في الزباء وهي كما ترى لفظ مفرد علم على شيء بعينه اللهم إلا أن يكون في الكلام سقط )
وبنو زَبِيبةَ بَطْنٌ وزبَّانٌ اسم فَمَن جعل ذلك فَعَّالاً من زَبَنَ صرَفَه ومن جعله فَعْلانَ من زَبَّ لم يَصْرِفْه ويقال زَبَّ الحِملَ وَزأَبه وازْدَبَّه إِذا حَمَلَه

زجب
ما سَمِعْت له زُجْبةً أَي كلمةً

زحب
زَحَب إِليه زَحْباً دَنا ابن دريد الزَّحْبُ الدُّنُوُّ من الأَرض زَحَبْتُ إِلى فلان وزَحَبَ إِليَّ إِذا تَدانَيْنا قال الأَزهري جعل زَحَبَ بمعنى زَحَفَ قال ولَعَلَّها لغة ولا أَحفظها لغيره

زحزب
الزُّحْزُبُّ الذي قد غَلُظَ وقَوِيَ واشْتَدَّ الأَزهري روى أَبو عبيد هذا الحرف في كتابه بالخاءِ زُخْزُبٌّ وجاءَ به في حديث مرفوع وهو الزُّخْزُب للحُوار الذي قد عَبُلَ واشْتَدَّ لَحْمه قال وهذا هو الصحيح والحاء عندنا تصحيف

زخب
روى ثعلب عن ابن الأَعرابي الزَّخْباءُ الناقةُ الصُّلْبةُ على السَّيْر [ ص 447 ]

زخزب
الزُّخْزُبُّ بالضم وتشديد الباء القَويُّ الشديدُ وقيل الغليظُ وقيل هو من أَولاد الإِبل الذي قد غَلُظَ جِسْمُه واشتدَّ لحمه يقال صار ولد الناقة زُخْزُبّاً إِذا غَلُظَ جسمُه واشتدَّ لحمه وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن الفَرَعِ وذَبْحِه فقال هو حقٌّ ولأَن تَتْرُكَه حتى يكون ابنَ مَخاضٍ أَو ابنَ لَبونٍ زُخْزُبّاً خيرٌ من أَن تَكْفَأَ إِناءَكَ وتُوَلِّهَ ناقَتَكَ الفَرَعُ أَوَّلُ ما تَلِده الناقةُ كانوا يذبحونه لآلهتهم فكَرِهَ ذلك وقال لأَنْ تَتْرُكَه حتى يَكْبَر ويُنْتَفَعَ بلحمه خيرٌ من أَن تَذْبحَه فيَنْقَطِعَ لبنُ أُمِّه فتَكُبَّ إِناءَكَ الذي كنت تَحْلُبُ فيه وتَجْعَلَ ناقَتَكَ والِهَةً بِفَقْدِ ولدها

زخلب
فُلانٌ مُزَخْلِبٌ يَهْزَأُ بالناس

زرب
الزَّرْبُ المَدْخَلُ والزَّرْبُ والزِّرْبُ موضعُ الغنم والجمع فيهما زُرُوبٌ وهو الزَّرِيبَةُ أَيضاً والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ حَظيرةُ الغنم من خشب تقول زَرَبْتُ الغنمَ أَزْرُبُها زَرْباً وهو من الزَّرْبِ الذي هو المَدْخَلُ وانْزَرَب في الزَّرْبِ انْزِراباً إِذا دخل فيه والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ بئر يَحْتَفِرُها الصائدُ يَكْمُن فيها للصَّيْد وفي الصحاح قُترةُ الصائِدِ وانْزَرَبَ الصائدُ في قُتْرَتِه دخل قال ذو الرمة
وبالشَّمائِلِ من جَلاَّنَ مُقْتَنِصٌ ... رَذْلُ الثِّيابِ خَفيُّ الشخصِ مُنْزَرِبُ
وجَلاَّنُ قَبيلةٌ والزَّرْبُ قُتْرةُ الرامي قال رؤبة في الزَّرْبِ لو يَمْضَغُ شَرْباً ما بَصَقْ والزَّريبةُ مَكْتَنُّ السَّبُع وفي الصحاح زَريبةُ السَّبُعِ بالإِضافة إِلى السبع موضعه الذي يَكْتَنُّ فيه والزَّرابيُّ البُسُطُ وقيل كلُّ ما بُسِطَ واتُّكِئَ عليه وقيل هي الطَّنافِسُ وفي الصحاح النَّمارِقُ والواحد من كل ذلك زَرْبِيَّةٌ بفتح الزاي وسكون الراء عن ابن الأَعرابي الزجاج في قوله تعالى وزَرابيُّ مَبْثُوثةٌ الزَّرابيُّ البُسُطُ وقال الفراء هي الطَّنافِسُ لها خَمْلٌ رقيقٌ وروي عن المؤرج أَنه قال في قوله تعالى وزَرابيُّ مَبْثوثةٌ قال زَرابيُّ النَّبْت إِذا اصْفَرَّ واحْمَرَّ وفيه خُضْرةٌ وقد ازْرَبَّ فلما رأَوا الأَلوانَ في البُسُطِ والفُرُش شبَّهُوها بزَرابيِّ النَّبْتِ وكذلك العَبْقَرِيُّ من الثِّياب والفُرُشِ وفي حديث بني العنبر فأَخَذوا زِرْبِيَّةَ أُمِّي فأَمرَ بها فرُدَّتْ الزِّرْبيَّةُ الطِّنْفِسةُ وقيل البِساطُ ذو الخَمْلِ وتُكْسَرُ زايُها وتفتح وتضم وجمعها زَرابيُّ والزِّرْبِيَّةُ القِطْعُ الحِيريُّ وما كان على صَنْعَتِه وأَزْرَبَ البَقْلُ إِذا بدا فيه اليُبْسُ بخُضرة وصُفْرة وذاتُ الزَّرابِ مِن مَساجِد سيِّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين مَكةَ والمدينة والزِّرْبُ مَسِيلُ الماء وزَرِبَ الماءُ وسَرِبَ إِذا سالَ ابن الأَعرابي الزِّرْيابُ الذَّهَبُ والزِّرْيابُ الأَصْفَر من كل شيء ويقال للمِيزاب المِزْرابُ والمِرْزابُ قال والمِزرابُ لغة في المِيزابِ قال ابن السكيت المِئْزابُ وجمعه مآزِيبُ [ ص 448 ] ولا يقال المِزْرابُ وكذلك الفراء وأَبو حاتم وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه وَيْلٌ للعَرب مِنْ شَرٍّ قد اقْتَرَبَ وَيْلٌ للزِّرْبِيَّةِ قيل وما الزِّرْبِيَّةُ ؟ قال الذين يَدخُلون على الأُمراءِ فإِذا قالوا شرّاً أَو قالوا شيئاً قالوا صَدقَ شبَّهَهُم في تلَوُّنهم بواحِدة الزَّرابيِّ وما كان على صَنْعَتِها وأَلوانِها أَو شبَّههم بالغَنَمِ المَنْسُوبةِ إِلى الزَّرب والزِّرْبِ وهو الحظِيرةُ التي تأْوي إِليها في أَنهم يَنْقادون للأُمراءِ ويَمْضُون على مِشْيَتِهم انْقِيَادَ الغَنمِ لراعِيها وفي رجز كعب تَبِيتُ بينَ الزِّرْبِ والكَنِيفِ وتكسر زاؤه وتُفتح والكَنِيفُ المَوْضِعُ السَّاتِرُ يريد أَنها تُعْلَفُ في الحَظَائر والبُيوتِ لا بالكَلإِ ولا بالمَرعَى

زردب
زَرْدَبَه خَنَقَه وزَرْدَمَه كذلك

زرغب
الزَّرْغَبُ الكَيْمَخْتُ

زرنب
الزَّرْنَبُ ضَرْبٌ من النَّباتِ طَيِّبُ الرَّائحة وهو فَعْلَلٌ وقيل الزَّرْنَبُ ضَرْبٌ من الطِّيبِ وقيل هو شجر طَيِّبُ الرِّيح وفي حديث أُمّ زَرْعٍ المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ والرِّيحُ ريحُ زَرْنَبٍ وقال ابن الأَثير في تفسيره هو الزَّعْفرانُ ويجوز أَن يُعْنى طِيبُ رائحتِه ويجوز أَن يُعْنى طِيبُ ثنائه في الناس قال الراجز وابِأَبي ثَغْرُكِ ذاك الأَشْنَبُ كأَنما ذُرَّ علَيه الزَّرْنَبُ والزَّرْنَبُ فَرْجُ المرأَةِ وقيل هو فَرْجُها إِذا عَظُمَ وهو أَيضاً ظاهِرُه ابن الأَعرابي الكَيْنَةُ لَحْمَةٌ داخلَ الزَّرَدان والزَّرْنبةُ خَلْفَها لَحْمةٌ أُخرى

زعب
زَعَبَ الإِناءَ يَزْعَبُهُ زَعْباً ملأَه ومَطَرٌ زاعِبٌ يَزْعَبُ كلَّ شيء أَي يَمْلؤُه وأَنشد يصف سَيْلاً
ما جازَتِ العُفْرُ من ثُعالةَ فالرَّ ... وْحاء منه مَزْعُوبةُ المُسُلِ
أَي مَملوءة وزَعَبَ السَّيْلُ الواديَ يَزعَبُه زَعْباً ملأَه وزَعَبَ الوادي نفسُه يَزْعَبُ تَمََّلأَ ودَفَعَ بعضُه بعضاً وسَيْلٌ زَعُوبٌ زاعِبٌ وجاءَنا سَيْلٌ يَزْعَبُ زَعْباً أَي يَتدافَعُ في الوادي ويجْري وإِذا قلت يَرْعَبُ بالراءِ تعني يَملأُ الوادِيَ وزَعَبَ المرأَةَ يَزْعَبُها ( 1 )
( 1 قوله « يزعبها » وقع في مادتي فرن وجمل يرعبها بالراء ) زَعْباً جامَعها فملأَ فَرْجها بِفَرْجِه وقيل مَلأَ فَرْجَها ماء وقيل لا يكون الزَّعْبُ إِلاَّ منْ ضِخَمٍ وازْدَعَبْتُ الشيء إِذا حَمَلْتَه يقال مَرَّ به فازْدَعَبَه وقِرْبةٌ مَزْعُوبةٌ وممْزُورَةٌ مملوءة وزَعَبَ القِربةَ مَلأَها وأَنشد مِنَ الفُرْنيِّ يَزْعَبُها الجَميلُ أَي يَمْلَؤُها وزَعَبَ القِرْبَةَ احْتَمَلَها وهي مُمتلِئةٌ يقال جاءَ فلان يَزْعَبُها ويَزْأَبُها أَي يَحْمِلُها مملوءة وزَعَبَتِ القِرْبةُ دَفَعَتْ ماءها وفي حديث أَبي الهيثم رضي اللّه عنه فلم يَلْبَثْ أَنْ جاءَ ئ [ ص 449 ] بقِرْبَةٍ يَزْعَبُها أَي يَتَدافَعُ بها ويَحْمِلُها لثِقَلها وقيل زَعَبَ بحِمْلِه إِذا استقام وزَعَبَ بحملِه يَزْعَبُ وازْدَعَبَ تَدافَعَ ومَرَّ يَزْعبُ به مَرَّ سريعاً وزَعَبَ البعيرُ بحملِه يَزْعَبُ به مَرَّ به مُثْقَلاً وزعَبْتُه عني زَعْباً دفَعْتُه والزَّاعِبيُّ من الرِّماح الذي إِذا هُزَّ تَدافَعَ كلُّه كأَنَّ آخِرَه يَجْري في مُقَدَّمِه والزاعِبِيَّةُ رِماحٌ منسوبة إِلى زاعِبٍ رجلٍ أَو بلَدٍ قال
الطرماح ( 1 )
( 1 قوله « قال الطرماح » تبع المؤلف الجوهري وفي التكملة ردّاً على الجوهري وليس البيت للطرماح )
وأَجْوِبةٌ كالزَّاعِبِيَّة وخْزُها ... يُبادهُها شَيْخُ العِراقَينِ أَمْرَدا
وقال المبردُ تُنْسَبُ إِلى رجل من الخزْرَج يقال له زاعِبٌ كان يَعْمَلُ الأَسِنَّةَ ويقال سِنانٌ زاعِبيٌّ وقال الأَصمعي الزاعِبيُّ الذي إِذا هُزَّ كأَنَّ كُعُوبَه يَجرِي بعضُها في بعض للِينِه وهو من قولك مَرَّ يَزْعَبُ بحِمْلِه إِذا مَرَّ مَرّاً سَهْلاً وأَنشد ونَصْل كنَصْلِ الزَّاعِبيِّ فَتِيق أَراد كنَصْلِ الرُّمْحِ الزاعِبيِّ ويقال الزَّاعِبِيَّةُ الرِّماحُ كلُّها والزَّاعِبُ الهادي السَّيَّاحُ في الأَرض قال ابن هَرْمة يَكادُ يَهْلِكُ فيها الزَّاعِبُ الهادي وزَعَبَ الرَّجلُ في قَيْئه إِذا أَكثر حتى يَدْفَعَ بعضُه بعضاً وزَعَبَ له من المالِ قليلاً قَطَع وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال لعَمْرو بن العاص رضي اللّه عنه إِني أَرْسَلْتُ إِليْكَ لأَبْعَثَكَ في وَجْهٍ يُسَلِّمُكَ اللّهُ ويُغَنِّمُكَ وأَزْعَبُ لك زَعْبةً مِنَ المالِ أَي أُعْطِيكَ دُفْعةً من المالِ والزَّعْبةُ الدُّفْعةُ من المال قال وأَصل الزَّعْبِ الدَّفْعُ والقَسْمُ يقال زَعَبْتُ له زَعْبةً من المال وزُعْبةً وَزَهبْتُ زُهْبَةً دَفَعْتُ له قِطْعةً وافِرةً مِن المالِ وأَصلُ الزَّعْبِ الدَّفْعُ والقَسْمُ يقال أَعْطاه زِعْباً مِن مالِه فازْدَعَبَه وزِهْباً من مالِه فازْدَهَبَه أَي قِطْعةً وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه وعَطِيَّتِه أَنه كان يَزْعَبُ لِقَوْمٍ ويُخَوِّصُ لآخَرينَ الزَّعْبُ الكَثْرَةُ وزَعَبَ النَّحْلُ يَزْعَبُ زَعْباً صَوَّتَ والزَّعِيبُ والنَّعِيبُ صوت الغُرابِ وقد زَعَبَ ونَعَبَ بمعنى واحد وقال شمر في قوله زَعَبَ الغُرابُ ولَيْتَه لم يَزْعَبِ يكون زَعَبَ بمعنى زعَم أَبدل الميم باءً مثل عَجْبِ الذَّنَبِ وعَجْمِه وزَعَبَ الشَّرابَ يَزْعَبُه زَعْباً شَرِبَه كلَّه ووَتَرٌ أَزْعَبُ غَلِيظٌ وذَكَرٌ أَزْعَبُ كذلك والأَزْعَبُ والزُّعْبُوبُ القَصِيرُ من الرجال وقال ابن السكيت الزُّعْبُ اللِّئامُ القِصارُ واحدهم زُعْبُوبٌ على غير قياس وأَنشد الفراءُ في الزُّعْبِ
من الزُّعْبِ لم يَضْرِبْ عَدُوّاً بسَيْفِه ... وبالفَأْسِ ضَرَّابٌ رُؤُوسَ الكَرانِفِ
[ ص 450 ] وروى أَبو تراب عن أَعرابي أَنه قال هذا البيت مجتزئ بزَعْبِه وزَهْبِه أَي بنَفْسِه والتَّزَعُّب النَّشاطُ والسُّرْعةُ والتَّزَعُّبُ التَّغَيُّظُ وزُعَيْبٌ اسم وزُعْبةُ اسم حِمار معروف قال جرير زُعْبةَ والشَّحاجَ والقُنابِلا وفي حديث سِحْرِ النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان تحتَ زَعُوبةٍ أَو زَعُوفةٍ قال ابن الأَثير هي بمعنى راعُوفة وهي صَخْرة تكون في أَسفل البئر إِذا حفرت وهو مذكور في موضعه وفي حواشي بعض نسخ الصحاح الموثوق بها وزَعْبان اسم رجل

زغب
الزَّغَبُ الشُّعَيْرات الصفر على ريش الفرخ وقيل هو صِغارُ الشَّعَر والرِّيشِ ولَيِّنه وقيل هو دُقاق الريش الذي لا يطول ولا يجود والزَّغَبُ ما يعلو ريش الفرخ وقيل الزَّغَبُ أَوَّل ما يَبْدُو من
شَعَر الصبيّ والمُهْرِ وريشِ الفَرْخِ واحدته زَغَبةٌ وأَنشد
كان لنا وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُه ... مُجَعْثَنُ الخَلْقِ يَطِيرُ زَغَبُه ( 1 )
( 1 قوله « نرببه » كسر حرف المضارعة وفتح الباء الأولى لغة هذيل فيه بل في كل فعل مضارع ثاني ماضيه مكسور كعلم كما تقدم في ربب عن ابن دريد معبراً بزعم وضبط في التكملة بفتحه وضم الباء الأولى )
وقال أَبو ذؤَيب
تَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ ... مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيش زُغُبٌ رِقابُها
والفِراخُ زُغْبٌ وقد زَغَّبَ الفَرْخُ تَزْغِيباً ورَجُل زَغِبُ الشَّعَر ورَقَبةٌ زَغْباءُ والزَّغَبُ ما يَبْقَى في رأْس الشيخ عند رِقّةِ شَعَرِه والفِعْلُ من ذلك كلِّه زَغِبَ زَغَباً فهو زَغِبٌ وزَغَّبَ وازْغابَّ وأَزْغَبَ الكَرْمُ وازْغابَّ صارَ في أُبَنِ الأَغْصانِ التي تَخرُج منها العَناقِيدُ مثل الزَّغَبِ قال وذلك بعد جَرْيِ الماءِ فيه وقال أَبو عبيد في المُصَنَّفِ في باب الكَمْأَةِ بناتُ أَوْبَرَ وهي المُزَغِّبَة فجعل الزَّغَب لهذا النوع من الكَمْأَة واستَعمل منها فِعْلاً والزُّغابةُ أَقَلُّ من الزَّغَبِ وقيل أَصغَر من الزَّغَبِ وما أَصَبْتُ منه زُغابةً أَي قَدْرَ ذلك وقال أَبو حنيفة من التِّينِ الأَزْغَبُ وهو أَكبر من الوَحْشِيِّ عليه زَغَبٌ فإِذا جُرِّدَ من زَغَبِه خرج أَسْوَدَ وهو تِين غَلِيظ حُلوٌ وهو دَنِيُّ التين وفي الحديث أُهْدِيَ إِلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قِناعٌ من رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغْب فالقِناعُ الطَّبَقُ والأَجْري ههنا صِغارُ القِثَّاءِ شُبِّهت بِصغارِ أَولاد الكِلاب لنَعْمَتِها واحدها جروٌ كذلك جِراءُ الحَنْظَل صِغارُها والزُّغْبُ من القِثَّاءِ التي يعلوها مثل زَغَب الوبر فإِذا كَبِرت القِثَّاءُ تَساقَط زَغَبُها وامْلاسَّتْ وواحد الزُّغْبِ أَزْغَبُ وزَغْباء شبَّه ما على القِثاءِ من الزَّغَبِ بِصِغارِ الرِّيشِ أَوَّلَ ما تَطْلُع وازْدَغَبَ ما على الخِوانِ اجْتَرَفَه كازْدَعَفَه والزُّغْبةُ دُويْبَّةٌ تُشْبِه الفأْرة وزُغْبةُ موضع عن ثعلب وأَنشد
عَلَيْهِنَّ أَطْرافٌ من القَوْم لم يكن ... طَعامُهمُ حَبّاً بِزُغْبَة أَسْمرا
[ ص 451 ] وزُغْبةُ من حُمُرِ جَرير بن الخَطَفَى قال زُغْبةُ لا يُسْأَلُ إِلاَّ عاجِلا يَحْسَبُ شَكْوى الموجَعاتِ باطِلا قد قَطَعَ الأَمْراسَ والسَّلاسِلا وزُغْبةُ وزُغَيْبٌ اسمان وزُغابةُ موضع بقُرْب المدينة

زغدب
الزَّغْدَبُ والزُّغادِبُ الهَديرُ الشديد قال العجاج يَرُجُّ زَأْراً وهَديراً زَغْدَبا وقال رؤبة يصف فحلاً وزَبَداً من هَدْرِه زُغادِبا والزَّغْدَبُ من أَسماءِ الزَّبَد والزَّغْدَبُ الإِهالةُ أَنشد ثعلب
وأَتَتْه بزَغْدَبٍ وحَتِيٍّ ... بعدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمالِ
أَراد وسَنامٍ تامِكٍ وذهب ثعلب إِلى أَن الباءَ من زَغْدَب زائدة وأَخَذَه من زَغْدِ البعير في هَديره قال ابن سيده وهذا كلامٌ تَضِيقُ عن احتمالِه المَعاذيرُ وأَقْوَى ما يُذْهَبُ إِليه فيه أَن يكون أَرادَ أَنهما أَصلانِ مُتَقارِبانِ كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ قال ابن جني وإِن أَراد ذلك أَيضاً فإِنه قد تَعَجْرَفَ والزُّغادِبُ الضَّخْمُ الوجهِ السَّمِجُه العظيمُ الشَّفَتَيْنِ وقيل هو العظيمُ الجسْمِ وزَغْدَبَ على الناس أَلحفَ في المَسأَلةِ

زغرب
البُحُور الزَّغارِبُ الكَثِيرةُ المِياهِ وَبَحْرٌ زَغْرَبٌ كَثِيرُ الماءِ قال الكميت
وفي الحَكَمِ بْنِ الصَّلْتِ مِنْكَ مَخِيلةٌ ... نَراها وبَحْرٌ مِنْ فَعالِكَ زَغْرَبُ
الفَعالُ للواحد والفَعالُ للاثنين ويقال بَحْرٌ زَغْرَبٌ وزَغْرَفٌ بالباءِ والفاءِ وسنذكره في الفاءِ والزَّغْرَبُ الماءُ الكثير وعَيْنٌ زَغْرَبةٌ كثيرة الماءِ وكذلك البئر وماءٌ زَغْرَبٌ كَثِير قال الشاعر
بَشِّرْ بَنِي كَعْبٍ بِنَوْءِ العَقْرَبِ ... مِنْ ذِي الأَهاضِيبِ بِماءٍ زَغْرَبِ
وبَوْلٌ زَغْرَبٌ كَثيرٌ قال الشاعر على اضْطِمارِ اللَّوحِ بَوْلاً زَغْرَبا ورَجُل زَغْرَبٌ بالمَعْرُوفِ على المثل وفي التهذيب رَجُل زَغْرَبُ المَعْروفِ كَثيرُه

زغلب
( 1 )
( 1 قوله « زغلب » هذه المادة أوردها المؤلف في باب الباء ولم يوافقه على ذلك أحد وقد أوردها في باب الميم على الصواب كما في تهذيب الأزهري وغيره ) الأَزهري لا يَدْخُلَنَّك من ذلك زُغْلُبةٌ أَي لا يَحِيكَنَّ في صدرك منه شَكٌّ ولا وَهْم

زقب
زَقَبْتُه في جُحْرِهِ وزَقَبْتُ الجُرَذَ في الكُوَّةِ فانْزَقَبَ أَي أَدْخَلْتُه فدَخَل وانْزَقَب في جُحْره دَخَل وزَقَبَه هو التهذيب ويقال انْزَبَق وانْزَقَب إِذا دخل في الشيءِ والزَّقَبُ الطَّريقُ والزَّقَبُ الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ واحدتها زَقَبةٌ وقيل الواحد والجمع [ ص 452 ] سواءٌ وطريقٌ زَقَبٌ أَي ضيِّقٌ قال أَبو ذؤَيب
ومَتْلَفٍ مِثْلِ فَرْقِ الرَّأْسِ تَخْلُجُه ... مَطارِبٌ زَقَبٌ أَمْيالُها فِيحُ ( 1 )
( 1 قوله « تخلجه » ضبط في بعض نسخ الصحاح بضم اللام وقال في المصباح خلجت الشيء خلجاً من باب قتل انتزعته وقال المجد خلج يخلج جذب وغمز وانتزع وقاعدته إِذا ذكر المضارع فالفعل من باب ضرب )
أَبدل زَقَباً مِن مَطارِبَ قال أَبو عبيد المَطارِبُ طُرُقٌ ضَيِّقةٌ واحدتها مَطْرَبةٌ والزَّقَبُ الضَّيِّقةُ ويروى زُقُبٌ بالضم
وقال اللحياني طَريقٌ زَقَبٌ ضَيِّقٌ فجعله صفةً فزَقَبٌ على هذا من قول أَبي ذُؤَيْبٍ مَطارِبٌ زَقَبٌ نَعْت لِمَطارِبَ وإِن كان لفظه لفظَ الواحد ويروى زُقُبٌ بالضم وأَزْقُبانُ موضع قال الأَخطل
أَزَبُّ الحاجِبَيْنِ بِعَوْفِ سَوْءٍ ... مِنَ النَّفَرِ الذين بأَزْقُبانِ
أَبو زيد زَقَّبَ المُكَّاءُ تَزْقِيباً إِذا صاح وأَنشد
وما زَقَّبَ المُكَّاءُ في سَوْرَةِ الضُّحَى ... بنَوْرٍ مِنَ الوَسْمِيِّ يَهتَزُّ مائدِ

زكب
ابن الأَعرابي الزَّكْبُ إِلقاءُ المرأَةِ وَلدَها بِزَحْرةٍ واحدة يقال زَكَبَتْ به وأَزْلَخَتْ وأَمْصَعَتْ به وحَطَأَتْ به الجوهري زَكَبَتِ المرأَةُ ولدها رَمَتْ به عند الوِلادةِ والإِناءَ مَلأَتْه وزكب المرأَةَ نَكَحَها وزَكَبَتْ به أُمُّه زَكْباً رَمَتْه وزَكَبَ بنُطْفَتِه زَكْباً وزَكَمَ بها رَمَى بها وأَنْفَصَ بها والزُّكْبةُ النُّطْفةُ والزُّكْبةُ الوَلد لأَنه عن النُّطْفةِ يكون وهو أَلأَمُ زُكْبةٍ في الأَرض وزُكْمَةٍ أَي أَلأَمُ شيءٍ لَفَظَه شيءٌ وزعم يعقوب أَن الباءَ هنا بدل من ميم زُكْمةٍ والزَّكْبُ النِّكاحُ وانْزَكَب البحرُ اقْتَحَم في وَهْدةٍ أَو سَرَب والزَّكْبُ المَلْءُ وزَكَبَ إِناءَه يَزْكُبُه زَكْباً وزُكُوباً مَلأَه والمَزْكُوبةُ المَلْقُوطةُ من النساءِ والمَزْكُوبةُ من الجَواري ( 2 )
( 2 قوله « والمزكوبة من الجواري » هذه العبارة أوردها في التهذيب في مقلوب المزكوبة بلفظ المكزوبة بتقديم الكاف على الزاي فليست من هذا الفصل فزل القلم فأوردها هنا كما ترى نعم في نسخة من التهذيب كما ذكر المؤلف لكن لم يوردها أحد إلا في فصل الكاف ) الخِلاسِيَّةُ في لونِها

زلب
رأَيت في أَصل من أُصول الصحاح مقروءٍ على الشيخ أَبي محمد بن بري رحمه اللّه زَلِبَ الصَّبيُّ بأُمه يَزْلَبُ زلَباً لَزِمَها ولم يُفارِقْها عن الجرشي الليث ازْدَلَبَ في معنى اسْتَلَبَ قال وهي لغة رَدِيَّةٌ

زلدب
زَلْدَبَ اللّقْمة ابْتَلَعَها حكاه ابن دريد قال وليس بثَبت

زلعب
ازْلِعْبابُ السَّيْلِ كثرتُه وتدافُعُه سَيْلٌ مُزْلَعِبٌّ كثيرٌ قَمْشُه والمُزْلَعِبُّ أَيضاً الفَرْخ إِذا طَلَع رِيشُه والغين أَعلى وازْلَعَبَّ السَّحابُ كَثُفَ وأَنشد
تَبْدُو إِذا رَفَعَ الضَّبابُ كُسُورَه ... وإِذا ازْلَعَبَّ سَحابُه لم تَبْدُ لي
[ ص 453 ]

زلغب
ازْلَغَبَّ الطائرُ شَوَّكَ رِيشُه قبل أَن يَسْوَدَّ والمُزْلَغِبُّ الفَرْخ إِذا طلع رِيشُه وازْلَغَبَّ الفَرْخُ طَلَعَ رِيشُه بزيادة اللام وقال الليث ازْلَغَبَّ الطيرُ والرِّيشُ في كلٍّ يقال إِذا شَوَّكَ وقال
تُرَبِّبُ جَوْناً مُزْلَغِبّاً تَرَى له ... أَنابِيبَ مِن مُسْتَعْجِلِ الرِّيش جَمَّما ( 1 )
( 1 قوله « جمما » هو هكذا في التهذيب بالجيم )
وازْلَغَبَّ الشعَرُ وذلك في أَوَّل ما يَنْبُتُ لَيِّناً
وازْلَغَبَّ شعَرُ الشَّيخ كازْغابَّ وازْلَغَبَّ الشعَرُ إِذا نَبَتَ بعد الحَلْقِ

زنب
زُنابةُ العَقْرب وزُناباها كلتاهما إِبْرتُها التي تَلْدَغُ بها والزُّنابى شِبْهُ المُخاطِ يقع من أُنوف الإِبل فُعالى هكذا رواه بعضهم والصواب الذُّنابى وقد تقدّم وزَنْبةُ وزَيْنَبُ كلتاهما امرأَة وأَبو زُنَيبةَ كُنيةٌ من كُناهم قال
نَكِدْتَ أَبا زُنَيْبةَ أَن سَأَلْنا ... بحاجَتنا ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وهو تصغير زَيْنَبَ بعد الترخيم فأَما قوله بعد هذا
فَجُنِّبْتَ الجُيُوشَ أَبا زُنَيْبٍ ... وجادَ على مَنازِلِكَ السَّحابُ
فإِنما أَراد أَبا زُنَيْبةَ فرَخَّمه في غير النداءِ اضطراراً على لغة من قال يا حارُ أَبو عمرو الأَزْنَبُ القصير السمين وبه سميت المرأَة زَيْنَبَ وقد زَنِبَ يَزْنَبُ زَنَباً إِذا سَمِنَ والزَّنَبُ السِّمَنُ ابن الأَعرابي الزَّيْنَبُ شجر حَسَنُ المَنْظَر طَيِّبُ الرائحة وبه سميت المرأَة وواحد الزَّيْنَبِ للشجر زَيْنَبة

زنجب
أَبو عمرو الزُّنْجُبُ والزَّنْجُبانُ المِنْطَقة والزُّنْجُبُ ثَوْبٌ تَلْبَسُه المرأَة تحت ثيابها إِذا حاضت

زنقب
زُنْقُبٌ ماءٌ بعينه قال
شَرْجٌ رَواءٌ لَكُما وزُنْقُبُ ... والنَّبَوانُ قَصَبٌ مُثَقَّبُ
النَّبَوانُ ماءٌ أَيضاً والقَصَب هنا مَخارجُ ماءِ العُيونِ ومُثَقَّبٌ مفتوحٌ يَخْرُجُ منه الماءُ وقيل يَتَثَقَّبُ بالماءِ وهو تعبير ضعيف لأَن الراجز إِنما قال مُثَقَّب لا مُتَثَقِّبٌ فالحُكْمُ أَن يُعَبَّر عن اسم المفعول بالفعل المصوغ للمفعُول

زهب
الأزهري عن الجعفري أَعطاه زِهْباً من ماله فازْدَهَبَه إِذا احتمله وازْدَعَبَه مثله

زهدب
زَهْدَبٌ اسم

زهلب
رجلٌ زَهْلَبٌ خفيفُ اللِّحية زعموا

زوب
التهذيب الفراءُ زابَ يَزُوبُ إِذا انْسَلَّ هَرَباً قال وقال ابن الأَعرابي زابَ إِذا جَرَى وسابَ إِذا انْسَلَّ في خَفاءٍ

زيب
الأَزْيَبُ الجَنُوبُ هُذَلِيّة أَو هي النَّكْباءُ التي تَجْري بين الصَّبا والجَنُوب وفي الحديث إِن للّه تعالى ريحاً يقال لها الأَزْيَبُ [ ص 454 ] دونها بابٌ مُغْلَقٌ ما بين مِصْراعَيْه مسيرةُ خمسمائة عام فرياحُكم هذه ما يَتَفَصَّى من ذلك الباب فإِذا كان يوم القيامة فُتِح ذلك البابُ فصارت الأَرضُ وما عليها ذَرْواً قال ابن الأَثير وأَهلُ مكة يَستعملون هذا الاسم كثيراً وفي رواية اسمُها عند اللّه الأَزْيَب وهي فيكم الجَنُوبُ قال شمر أَهلُ اليمن ومن يَرْكَبُ البَحر فيما بين جُدَّة وعَدَن يُسَمُّون الجَنُوبَ الأَزْيَبَ لا يعرفون لها اسماً غيره وذلك أَنها تَعْصِفُ الرِّياحَ وتُثيرُ البحر حتى تُسَوِّده وتَقْلب أَسفلَه فتجعله أَعلاه وقال ابن شميل كلُّ ريحٍ شديدة ذاتُ أَزْيَب فإِنما زَيَبُها شدَّتُها والأَزْيَبُ الماءُ الكثير حكاه أَبو علي عن أَبي عمرو الشيباني وأَنشد أَسْقانيَ اللّهُ رَواءً مَشْرَبُهْ ببطْنِ كَرٍّ حين فاضت حِبَبُهْ عن ثَبَج البحرِ يَجِيشُ أَزْيَبُه الكَرُّ الحِسْيُ والحِبَبَةُ جمع حُبٍّ لخابيةِ الماءِ والأَزْيَبُ على أَفْعَل السُّرعة والنشاط مؤَنث يقال مَرَّ فلانٌ وله أَزْيَبٌ مُنْكَرةٌ إِذا مَرَّ مَرّاً سريعاً من النَّشاط والأَزْيَبُ النَّشيطُ وأَخذَه الأَزْيَبُ أَي الفَزَعُ والأَزْيَبُ الرجلُ المُتقارِبُ المَشْيِ ويقال للرجل القصير المُتقارِبِ الخَطْوِ أَزْيَب والأَزْيَبُ العَداوة والأَزْيَبُ الدَّعِيُّ قال الأَعشى يَذْكُر رجلاً
من قَيْس عَيْلانَ كان جاراً لعمرو بن المنذر وكان اتَّهمَ هَدَّاجاً
قائد الأَعشى بأَنه سَرَقَ راحلةً له لأَنه وَجَد بعض لحمها في بَيْتِه فأُخِذَ هَدَّاجٌ وضُرِبَ والأَعْشى جالسٌ فقام ناسٌ منهم فأَخَذوا من الأَعْشى قيمةَ الراحلة فقال الأَعشى
دَعا رَهْطَه حَوْلي فجاؤُوا لنَصْرِه ... ونادَيْتُ حَيّاً بالمُسَنَّاةِ غُيَّبا
فأَعْطَوْهُ مِني النِّصْفَ أَو أَضْعَفُوا له ... وما كنتُ قُلاًّ قبلَ ذلك أَزْيَبا
أَي كنتُ غَريباً في ذلك الموضع لا ناصر لي وقال قبل ذلك
ومن يَغْتَرِبْ عن قَوْمِه لا يَزَلْ يَرَى ... مَصارِعَ مَظْلومٍ مَجَرّاً ومَسْحَبا
وتُدْفَنُ منه الصالحاتُ وإِن يُسئْ ... يَكُنْ ما أَساءَ النارَ في رأْسِ كَبْكَبا
والنِّصْفُ النَّصَفة يقول أَرْضَوْه وأَعْطَوه النِّصْفَ أَو فَوْقَه وامرأَةٌ إِزْيَبَّة بخيلة ابن الأَعرابي الأَزْيَبُ القُنْفُذ والأَزْيَبُ من أَسماءِ الشيطان والأَزْيَبُ الداهية وقال أَبو المكارم الأَزْيَبُ البُهْثةُ وهو وَلَدُ المُساعاة وأَنشد غيره وما كنتُ قُلاًّ قبل ذلك أَزْيَبا وفي نوادر الأَعراب رجل أَزْبة وقوم أَزْبٌ إِذا كان جَلْداً ورجل زَيْبٌ أَيضاً ويقال تَزَيَّبَ لحمُه وتَزَيَّم إِذا تَكَتَّلَ واجْتَمع واللّه أَعلم

سأب
سَأَبه يَسْأَبُه سَأْباً خَنَقَه وقيل سَأَبه خَنَقَه حتى قَتَلَه وفي حديث المَبْعَثِ فأَخذ جبريلُ بحَلْقِي فسأَبَني حتى أَجْهَشْتُ بالبكاءِ [ ص 455 ] أَراد خَنَقَني يقال سأَبْتُه وسَأَتُّه إِذا خَنَقْتَهُ قال ابن الأَثير السَّأْبُ العَصْر في الحَلْق كالخَنْق وسَئِبْتُ من الشراب وسَأَبَ من الشراب يَسْأَبُ سَأْباً وسَئِبَ سَأَباً كلاهما رَويَ والسَّأْبُ زِقُّ الخَمْر وقيل هو العظيم منها وقيل هو الزِّقُّ أَيّاً كان وقيل هو وعاءٌ من أَدمٍ يُوضع فيه الزِّقُّ والجمع سُؤُوبٌ وقوله
إِذا ذُقْتَ فاها قلتَ عِلْقٌ مُدَمَّسٌ ... أُريدَ به قَيْلٌ فغُودِرَ في ساب
إِنما هو في سَأْبٍ فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً لإِقامة الرِّدْف والمِسْأَبُ الزِّقُّ كالسَّأْب قال ساعدة بن جؤية الهذلي
معه سِقاءٌ لا يُفَرِّطُ حَمْلَه ... صُفْنٌ وأَخراصٌ يَلُحْنَ ومِسْأَبُ
صُفْنٌ بدلٌ وأَخراصٌ معطوف على سِقاء وقيل هو سِقاءُ العسل قال شمر المِسْأَب أَيضاً وِعاءٌ يُجْعَل فيه العسلُ وفي الصحاح المِسْأَبُ سِقاءُ العسل وقول أَبي ذؤيب يصف مُشْتار العَسَل
تأَبَّطَ خافةً فيها مِسابٌ ... فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَداً بشِيقِ
أَراد مِسْأَباً بالهمز فخفف الهمزة على قولهم فيما حكاه صاحب الكتاب المراةُ والكَماة وأَراد شِيقاً بمَسَدٍ فقَلب والشِّيقُ الجَبَل وسأَبْتُ السِّقاءَ وسَّعْتُه وإِنه لَسُؤْبانُ مالٍ أَي حَسَنُ الرِّعْية والحِفْظ له والقيام عليه هكذا حكاه ابن جني قال وهو فُعْلانٌ من السَّأْبِ الذي هو الزِّقُّ لأَن الزِّقَّ إِنما وضع لحِفْظِ ما فيه

سبب
السَّبُّ القَطْعُ سَبَّه سَبّاً قَطَعه قال ذو الخِرَقِ
الطُّهَوِيُّ
فما كان ذَنْبُ بَني مالِكٍ ... بأَنْ سُبَّ منهم غُلامٌ فَسَبْ ( 1 )
( 1 قوله « بأن سب » كذا في الصحاح قال الصاغاني وليس من الشتم في شيء والرواية بأن شب بفتح الشين المعجمة )
عَراقِيبَ كُومٍ طِوالِ الذُّرَى ... تَخِرُّ بَوائِكُها للرُّكَبْ
بأَبْيضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ ... يَقُطُّ العِظَامَ ويَبْري العَصَبْ
البَوائِكُ جمع بائكة وهي السَّمِينةُ يريدُ مُعاقَرةَ أَبي الفَرَزْدق غالِب بن صَعْصعة لسُحَيْم بن وَثِيلٍ الرِّياحِيّ لما تَعاقَرا بصَوْأَر فعَقَرَ سُحَيْم خمساً ثم بدا له وعَقَرَ غالِبٌ مائة التهذيب أَراد بقوله سُبَّ أَي عُيِّر بالبُخْلِ فسَبَّ عَراقيبَ إِبله أَنَفةً مما عُيِّر به كالسيف يسمى سَبَّابَ العَراقيب لأَنه يَقْطَعُها
التهذيب وسَبْسَبَ إِذا قَطَع رَحِمه والتَّسابُّ التَّقاطُعُ والسَّبُّ الشَّتْم وهو مصدر سَبَّه يَسُبُّه سَبّاً شَتَمَه وأَصله من ذلك وسَبَّبه أَكثر سَبَّه قال
إِلاَّ كَمُعْرِضٍ المُحَسِّرِ بَكْرَهُ ... عَمْداً يُسَبِّبُني على الظُّلْمِ
أَراد إِلا مُعْرِضاً فزاد الكاف وهذا من الاستثناءِ [ ص 456 ] المنقطع عن الأَوَّل ومعناه لكن مُعْرِضاً وفي الحديث سِبابُ المُسْلِم فُسوقٌ وقِتاله كُفرٌ السَّبُّ الشَّتْم قيل هذا محمول على من سَبَّ أَو قاتَلَ مسلماً من غير تأْويل وقيل إِنما قال ذلك على جهة التغليظ لا أَنه يُخْرِجُه إِلى الفِسْقِ والكفر وفي حديث أَبي هريرة لا تَمْشِيَنَّ أَمام أَبيك ولا تجْلِسْ قَبْله ولا تَدْعُه باسمه ولا تَسْتَسِبَّ له أَي لا تُعَرِّضْه للسَّبِّ وتَجُرَّه إِليه بأَن تَسُبَّ أَبا غَيْرك فيَسُبَّ أَباك مُجازاةً لك قال ابن الأَثير وقد جاءَ مفسراً في الحديث الآخر انَّ من أَكبر الكبائر أَن يَسُبَّ الرجلُ والديه قيل وكيف يَسُبُّ والديه ؟ قال يَسُبُّ أَبا الرجلِ فيسُبُّ أَباه ويَسُبُّ أُمَّه فيَسُبُّ أُمَّه وفي الحديث لا تَسُبُّوا الإِبلَ فإِن فيها رُقُوءَ الدَّم والسَّبَّابةُ الإِصْبَعُ التي بين الإبهام والوُسْطى صفةٌ غالبة وهي المُسَبِّحَةُ عند المُصَلِّين والسُّبَّة العارُ ويقال صار هذا الأَمر سُبَّةً عليهم بالضم أَي عاراً يُسبُّ به ويقال بينهم أُسْبوبة يَتَسابُّونَ بها أَي شيء يَتشاتَمُونَ به والتَّسابُّ التَّشاتُم وتَسابُّوا تَشاتَمُوا وسابَّه مُسابَّةً وسِباباً شاتَمه والسَّبِيبُ والسِّبُّ الذي يُسابُّكَ وفي الصحاح وسِبُّكَ الذي يُسابُّكَ قال عبدالرحمن بن حسان يهجو مِسْكِيناً الدَّارِمِيَّ
لا تَسُبَّنَّنِي فَلسْتَ بِسِبِّي ... إِنَّ سِبِّي من الرِّجالِ الكَرِيمُ
ورجل سِبٌّ كثيرُ السِّبابِ ورجلٌ مِسَبٌّ بكسر الميم كثيرُ السِّبابِ ورجل سُبَّة أَي يَسُبُّه الناسُ وسُبَبَة أَي يَسُبُّ الناسَ وإِبِلٌ مُسَبَّبَة أَي خِيارٌ لأَنَّه يقال لها عندَ الإِعْجابِ بها قاتلَها اللّه وقول الشَّمَّاخ يَصِفُ حُمُر الوَحْشِ وسِمَنَها وجَوْدَتَها
مُسَبَّبَة قُبّ البُطُونِ كأَنها ... رِماحٌ نَحاها وجْهَة الريحِ راكزُ
يقولُ من نَظَر إِليها سَبَّها وقال لها قاتَلها اللّهُ ما أَجودَها والسِّبُّ السِّتْرُ والسِّبُّ الخمارُ والسِّبُّ العِمامة والسِّبُّ شُقَّة كَتَّانٍ رقِيقة والسَّبِيبَةُ مِثلُه والجمع السُّبُوبُ والسَّبائِبُ قال الزَّفَيانُ السَّعْدِي يَصِفُ قَفْراً قَطَعَه في الهاجرة وقد نَسَجَ السَّرابُ به سَبائِبَ يُنيرُها ويُسَدِّيها ويُجيدُ صَفْقَها
يُنيرُ أَو يُسْدي به الخَدَرْنَقُ ... سَبائِباً يُجِيدُها ويصْفِقُ
والسِّبُّ الثَّوْبُ الرَّقِيقُ وجَمْعُه أَيضاً سُبُوبٌ قال أَبو عمرو السُّبُوبُ الثِّيابُ الرِّقاقُ واحدُها سِبٌّ وهي السَّبائِبُ واحدُها سَبيبَة وأَنشد
ونَسَجَتْ لوامِعُ الحَرُورِ ... سَبائِباً كَسَرَقِ الحَريرِ
وقال شمر السَّبائِب متاعُ كَتَّانٍ يُجاءُ بها من ناحية النيلِ وهي مشهورة بالكَرْخِ عند التُّجّار ومنها ما يُعْملُ بِمصْر وطولها ثمانٌ في سِتٍّ والسَّبِيبَة الثوبُ الرقِيقُ وفي الحديث ليس في السُّبوبِ زَكاةٌ وهي الثِّيابُ الرِّقاقُ الواحِدُ سِبٌّ بالكسرِ يعني إِذا [ ص 457 ] كانت لغير التجارةِ وقيل إِنما هي السُّيُوبُ بالياءِ وهي الرِّكازُ لأَن الركاز يَجِبُ فيه الخُمس لا الزكاةُ وفي حديث صِلَة بن أَشْيَمَ فإِذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّةُ رُطَبٍ أَي ثوبٌ رَقِيقٌ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه سُئِلَ عن سَبائِبَ يُسْلَفُ فيها السَّبائِبُ جمع سَبِيبَةٍ وهي شُقَّة من الثِّيابِ
أَيَّ نوعٍ كان وقيل هي منَ الكتَّانِ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فعَمَدَتْ إِلى سَبِيبةٍ من هذه السَّبائبِ فَحَشَتْها صوفاً ثم أَتتني بها وفي الحديث دَخَلْتُ على خالد وعليه سَبِيبة وقول المخبل السعدي
أَلم تَعْلَمِي يا أُمَّ عَمْرَةَ أَنني ... تخَاطأَني رَيْبُ الزَّمانِ لأَكْبَرا
وأَشْهَدُ من عَوْفٍ حُلُولاً كثيرةً ... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
قال ابن بري صواب إِنشاده وأَشْهَدَ بنَصْبِ الدالِ والحُلولُ الأَحْياءُ المجتمعةُ وهو جمع حالٍّ مثلُ شاهِدٍ وشُهودٍ ومعنى يَحُجُّون يَطْلُبونَ الاختلافَ إِليه ليَنْظُروه وقيل يعني عمامَتَه وقيل اسْتَه وكان مَقروفاً فيما زَعَم قُطْرُبٌ والمُزَعْفَر المُلَوَّن بالزَّعْفَران وكانت سادةُ العرب تَصْبُغُ عَمائمَها بالزَّعْفَرانِ والسَّبَّةُ الاسْتُ وسَأَلَ النُّعمانُ بنُ المُنْذِرِ رجُلاً طَعَنَ رجُلاً فقال كيف صَنَعْتَ ؟ فقال طَعَنْتُه في الكَبَّةِ طَعْنةً في السَّبَّة فأَنْفَذْتُها من اللَّبَّة فقلت لأَبي حاتمٍ كيف طَعَنَه في السَّبَّة وهو فارس ؟ فَضَحِكَ وقال انْهَزَم فاتَّبَعه فلما رَهِقَه أَكبَّ ليَأْخُذَ بمَعْرَفَةِ فَرَسِه فَطَعَنَه في سَبَّتِه وسَبَّه يَسُبُّه سَبّاً طَعَنَه في سَبَّتِه وأَورد الجوهري هنا بَيْتَ ذِي الخِرَقِ الطُّهَوِيّ بأَنْ سُبَّ مِنْهُم غُلامٌ فَسَبْ ثم قال ما هذا نصه يعني مُعاقَرَة غالِبٍ وسُحَيْمٍ فقوله سُبّ شُتِمَ وسَبَّ عَقَرَ قال ابن بري هذا البيت فسره الجوهري على غير ما قَدَّم فيه من المعنى فيكون شاهداً على سَبَّ بمعنى عَقَر لا بمعنى طَعَنه في السَّبَّة وهو الصحيح لأَنه يُفَسَّر بقوله في البَيْتِ الثاني عَراقِيبَ كُومٍ طوالِ الذُّرَى ومما يدل على أَنه عَقْرٌ نَصْبُه لِعَراقيبَ وقد تقدَّمَ ذلك مُستَوْفًى في صدْر هذه الترجَمة وقالت بعض نساءِ العرَب لأَبِيها وكان مَجْرُوحاً أَبَتَ أَقَتَلُوكَ ؟ قال نعم إِي بُنَيَّةُ وسبُّوني أَي طَعَنُوه في سَبَّتِه الأَزهري السَّبُّ الطِّبِّيجاتُ عن ابن الأَعرابي قال الأَزهري جعل السَّبَّ جمعَ السَّبَّة وهي الدُّبرُ ومَضَتْ سَبَّة وسَنْبَة من الدَّهْر أَي مُلاوَةٌ نونُ سَنْبَةٍ بَدَلٌ مِنْ باءِ سَبَّة كإِجّاصٍ وإِنجاصٍ لأَنه ليس في الكلام « س ن ب » الكسائي عِشْنا بها سَبَّة وسَنْبَة كقولك بُرهةً وحِقْبَةً وقال ابن شميل الدهرُ سَبّاتٌ أَي أَحْوالٌ حالٌ كذا وحالٌ كذا يقال أَصابَتْنَا سَبَّة من بَرْدٍ في الشِّتاءِ وسَبَّةٌ مِنْ صَحْوٍ وسَبَّةٌ من حَرٍّ وسَبَّةٌ من رَوْحٍ إِذا دامَ ذلك أَيَّاماً والسِّبُّ والسَّبِيبَةُ الشُّقَّةُ وخَصَّ بعضُهم به الشُّقَّة البَيْضاء وقولُ عَلْقَمَة بنِ عَبَدة
كأَنَّ إِبريقَهُم ظَبْيٌ على شَرَفٍ ... مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتَّانِ مَلْثُومُ
[ ص 458 ] إِنما أَراد بِسَبائِب فحَذف وليس مُفَدَّمٌ من نَعْت الظَّبْي لأَنَّ الظَّبيَ لا يُفَدَّم إِنما هو في موضع خَبرِ المُبْتَدَإِ كأَنه قال هو مُفَدَّمٌ بسَبا الكَتَّانِ والسَّبَبُ كلُّ شيءٍ يُتَوَصَّلُ به إِلى غيره وفي نُسْخةٍ كلُّ شيءٍ يُتَوَسَّل به إِلى شيءٍ غيرِه وقد تَسَبَّبَ إِليه والجمعُ أَسْبابٌ وكلُّ شيءٍ يُتَوصّلُ به إِلى الشيءِ فهو سَبَبٌ وجَعَلْتُ فُلاناً لي سَبَباً إِلى فُلانٍ في حاجَتي وَوَدَجاً أَي وُصْلَة وذَريعَة قال الأَزهري وتَسَبُّبُ مالِ الفَيءِ أُخِذَ من هذا لأَنَّ المُسَبَّبَ عليه المالُ جُعِلَ سَبَباً لوُصول المال إِلى مَن وَجَبَ له من أَهل الفَيءِ وقوله تعالى وتَقَطَّعَتْ بهمُ الأَسْبابُ قال ابن عباس المودّةُ وقال مجاهدٌ تواصُلُهم في الدنيا وقال أَبو زيد الأَسبابُ المنازلُ وقيل المودّةُ قال الشاعر وتقَطَّعَتْ أَسبابُها ورِمامُها فيه الوجهان مَعاً المودة والمنازِلُ واللّه عز وجل مُسَبِّبُ الأَسْبابِ ومنه التَّسْبِيبُ
والسَّبَبُ اعْتِلاقُ قَرابة وأَسبابُ السماء مَراقِيها قال زهير
ومَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلْقَها ... ولو رَامَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّم
والواحدُ سَبَبٌ وقيل أَسبابُ السماءِ نواحيها قال الأَعشى
لئن كنتَ في جُبٍّ ثمانينَ قامةً ... ورُقِّيتَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّمِ
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ الأَمرُ حتى تَهُرَّه ... وتَعْلَمَ أَني لستُ عنكَ بمُحْرِمِ
والمُحْرِمُ الذي لا يَسْتَبيح الدِّماءَ وتَهُرّه تَكْرَهه وقوله عز وجل لَعَلِّي أَبْلُغ الأَسبابَ أَسبابَ السموات قال هي أَبوابُها وارْتَقَى في الأَسبابِ إِذا كان فاضِل الدين والسِّبُّ الحَبْلُ في لغة هُذَيْلٍ وقيل السِّبُّ الوَتِد وقول أَبي ذُؤَيْب يصف مُشْتارَ العَسَل
تَدَلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطةٍ ... بجَرْداءَ مثلِ الوَكْفِ يَكْبُو غُرابُها
قيل السِّبُّ الحَبْل وقيل الوَتِدُ وسيأْتي في الخَيْطة مثلُ هذا الاختلاف وإِنما يصف مُشْتارَ العَسَل أَراد أَنه تَدَلَّى من رأْسِ جبلٍ على خلِيَّةِ عَسَلٍ ليَشْتارَها بحَبْلٍ شدَّه في وَتِدٍ أَثْبَته في رأْس الجبَل وهو الخَيْطة وجَمْع السِّبِّ أَسبابٌ والسَّبَبُ الحَبْلُ كالسِّبِّ والجمع كالجمع والسُّبوبُ الحِبال قال ساعدة
صَبَّ اللهيف لها السُّبوبَ بطَغْيةٍ ... تُنْبي العُقابَ كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
وقوله عز وجل مَن كان يظُنُّ أَن لنْ يَنْصُرَه اللّه في الدنيا والآخرة فلْيَمدُدْ بسببٍ إِلى السماءِ معناه من كان يَظُنّ أَن لن يَنْصُرَ اللّهُ سبحانه محمداً صلى اللّه عليه وسلم حتى يُظْهِرَه على الدين كلِّه فلْيَمُتْ غَيظاً وهو معنى قوله تعالى فلْيَمدُدْ بسَبَب إِلى السماءِ والسَّبَبُ الحَبْل والسماءُ السَّقْف أَي فلْيَمْدُدْ حَبْلاً في سَقفِهِ ثم [ ص 459 ] ليَقْطَعْ أَي ليَمُدَّ الحَبْل حتى ينْقَطِع فيَموتَ مخْتَنِقاً وقال أَبو عبيدة السَّببُ كلُّ حَبْل حَدَرْتَه من فوق وقال خالدُ بنُ جَنَبَة السَّبَب من الحِبال القويُّ الطويلُ قال ولا يُدعى الحبلُ سَبباً حتى يُصْعَد به ويُنْحَدَرَ به وفي الحديث كلُّ سببٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلاّ سَبَبي ونَسَبي النَّسَبُ بالولادةِ والسَّبَبُ بالزواج وهو من السَّبَبِ وهو الحَبْل الذي يُتَوَصَّل به إِلى الماءِ ثم اسْتُعِير لكلّ ما يُتوصَّل به إِلى شيءٍ كقوله تعالى وتقَطَّعَتْ بهِمُ الأَسبابُ أَي الوُصَل والمَوَدَّاتُ وفي حديث عُقْبَة رضي اللّه عنه وإِن كان رزْقُه في الأَسباب أَي في طُرُقِ السماءِ وأَبوابها وفي حديث عَوْفِ بن مالك رضي اللّه عنه أَنه رأَى في المنامِ كأَنَّ سَبباً دُلِّيَ من السماءِ أَي حَبْلاً وقيل لا يُسَمَّى الحبلُ سبباً حتى يكونَ طَرَفُه مُعَلَّقاً بالسَّقْفِ أَو نحوِه والسببُ من مُقَطَّعات الشِّعْرِ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ وحرفٌ ساكنٌ وهو على ضَرْبَيْن سَبَبانِ مَقرونانِ وسَببانِ مَفْروقان فالمقْرونانِ ما توالَتْ فيه ثلاثُ حَرَكاتٍ بعدَها ساكِنٌ نحو مُتَفَا من مُتَفاعِلُنْ وعَلَتُنْ من مُفاعَلَتُن فحركة التَّاءِ من مُتَفا قد قَرَنَت السَّبَبَين وكذلك حركةُ اللامِ مِن عَلَتُنْ قد قَرَنَتِ السَّبَبَيْنِ أَيضاً والمَفْرُوقان هما اللذانِ يقومُ كلُّ واحدٍ منهما بنفسِه أَي يكونُ حرفٌ متحركٌ وحرفٌ ساكنٌ ويَتْلُوه حرفٌ متحرك نحو مُسْتَفْ من مُسْتَفْعِلُنْ ونحو عِيلُنْ مِن مَفاعِيلُنْ وهذه الأَسبابُ هي التي يَقَع فيها الزِّحافُ على ما قد أَحْكَمَته صِناعةُ العَروض وذلك لأَن الجُزْءَ غيرُ مُعْتَمِدٍ عليها وقوله جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بِالسَّبَبْ يجوز أَن يكونَ الحَبْلَ وأَن يكونَ الخَيْطَ قال ابنُ دُرَيْدٍ هذه امرأَةٌ قَدَّرَتْ عَجِيزَتَها بخَيْطٍ وهو السبب ثم أَلْقَتْه إِلى النساءِ لِيَفْعَلْنَ كما فَعَلَتْ فَغَلَبَتْهُنّ وقَطَعَ اللّه به السببَ أَي الحَياة والسَّبِيبُ من الفَرَس شَعَر الذَّنَبِ والعُرْفِ والنَّاصِيَةِ وفي الصحاح السبِيبُ شَعَر الناصِيةِ والعُرْفِ والذَّنَبِ ولم يَذْكُر الفَرَس وقال الرياشِيُّ هو شَعْرُ الذَّنَب وقال أَبو عبيدة هو شَعَر الناصِية وأَنشد بِوافي السَّبِيبِ طَوِيلِ الذَّنَبْ والسَّبِيبُ والسَّبِيبَةُ الخُصْلة من الشَّعَر وفي حديثِ استسْقاءِ عُمَرَ رضي اللّه عنه رأَيتُ العباسَ رضي اللّه عنه وقد طالَ عُمَرَ وعَيْناه تَنْضَمَّان وسَبائِبُهُ تَجُولُ على صَدْرِه يعني ذَوائِبَهُ واحدُها سَبِيبٌ قال ابن الأَثير وفي كتاب الهَرَوِيّ على اختلافِ نسخه وقد طالَ عُمْرُه وإِنما هو طال عُمَرَ أَي كان أَطْوَلَ منه لأَنَّ عُمَرَ لمَّا استَسْقَى أَخَذَ العباس إِليه وقال اللهم إِنَّا نَتَوسَّل إِليك بعَمِّ نَبِيِّكَ وكان إِلى جانِبِه فرآهُ الراوي وقد طالَهُ أَي كان أَطوَلَ منه والسَّبِيبة العِضاهُ تَكْثُرُ في المكانِ

سبسب
السَّباسِبُ والسَّبْسَبُ شجرٌ يُتَّخَذُ منه السهامُ قالَ يَصِفُ قانِصاً ظَلّ يُصادِيهَا دُوَيْنَ المَشْرَبِ لاطٍ بصَفْراءَ كَتُومِ المَذْهَبِ وكلِّ جَشْءٍ من فُروعِ السَّبْسَبِ [ ص 460 ] أَرادَ لاطِئاً فأَبدَل من الهمزِ ياءً وجَعَلَها من بابِ قاضٍ للضَّرورة وقول رؤبة راحتْ وراحَ كعصَا السَّبْسابِ يحتمل أَن يكون السَّبْسابُ فيه لغةً في السَّبْسَبِ ويحتمل أَن يكون أَراد السَّبْسَب فزاد الأَلف للقافية كما قال الآخر
أَعوذ باللّهِ من العَقْرابِ ... الشائِلاتِ عُقَدَ الأَذْنابِ
قال الشائِلاتِ فوصَفَ به العَقْرَبَ وهو واحدٌ لأَنه على الجنْسِ وسَبْسَبَ بَوْلَه أَرْسَلَه والسَّبْسَبُ المَفازَة وفي حديث قُسٍّ فبَيْنا أَنا أَجُولُ سَبْسَبَها السَّبْسَبُ القَفْرُ والمَفازة قال ابنُ الأَثير ويُرْوَى بَسْبَسَها قال وهُما بمعنًى والسَّبْسَبُ الأَرضُ المُسْتَوِية البعيدة ابن شميل السَّبْسَب الأَرض القَفْرُ البعيدة مُسْتَوِيَةً وغيرَ مستويةٍ وغَليظة وغيرَ غليظةٍ لا ماءَ بها ولا أَنِيسَ أَبو عبيد السَّباسِبُ والبَسابِسُ القِفارُ واحِدُها سَبْسَبٌ وبَسْبَسٌ ومنه قيل للأَباطيل التُّرَّهات البَسابِسُ وحكى اللحياني بلدٌ سَبْسَبٌ وبَلَد سَباسِبُ كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منهُ سَبْسَباً ثم جَمَعُوه على هذا وقال أَبو خَيْرة السَّبْسَبُ الأَرْضُ الجَدْبة أَبو عمرو سَبْسَبَ إِذا سار سَيْراً ليِّناً وسَبْسَبَ إِذا قَطَعَ رَحِمَه وسَبْسَبَ إِذا شَتَم شَتْماً قبيحاً والسَّباسِبُ أَيامُ السَّعانينِ أَنْبأَ بذلك أَبو العَلاءِ وفي الحديث إِن اللّه تعالى أَبْدَلَكُمْ بيومِ السَّباسِب يومَ العيدِ يومُ السَّباسِبِ عيدٌ للنصارَى ويسمُّونَه يومَ السَّعانِينِ وأَما قول النابغة
رِقاقُ النِّعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ ... يُحَيّونَ بالرَّيْحان يومَ السَّباسِبِ
فإِنما يَعْني عِيداً لَهم والسَّيْسَبانُ والسَّيْسَبَى الأَخيرة عن ثعلب شجرٌ وقال أَبو حنيفة السَّيْسَبانُ شجرٌ يَنْبُتُ من حَبَّة ويَطولُ ولا يَبْقَى على الشتاءِ له ورقٌ نحو ورق الدِّفْلَى حَسَنٌ والناسُ يَزْرَعُونَه في البَساتِينِ يريدون حُسْنَه وله ثمرٌ نحو خَرائط السِّمْسِم إِلاَّ أَنها أَدَقّ وذكره سيبويه في الأَبْنِيَة وأَنشد أَبو حنيفة يصفُ أَنه إِذا جَفَّتْ خَرائِطُ ثَمَرِه خَشْخَشَ كالعِشْرِق قال
كأَنَّ صَوْت رَأْلِها إِذا جَفَلْ ... ضَرْبُ الرِّياحِ سَيْسباناً قد ذَبَلْ
قال وحكى الفراء فيه سَيْسَبَى يذكَّر ويؤَنث ويؤْتى به من بلاد الهند وربما قالوا السَّيْسَبُ وقال طَلْق وعِتْق مثلُ عُودِ السَّيْسَبِ وأَما أَحمد بن يحيى فقال في قول الراجز وقد أُناغي الرَّشَأَ المُرَبَّبا خَوْداً ضِنَاكاً لا تَمُدُّ العُقَبا يَهْتَزُّ مَتْناها إِذا ما اضْطَرَبَا كهَزِّ نَشْوانٍ قَضِيبَ السَّيْسَبَى إِنما أَراد السَّيْسَبانَ فحَذف للضرورة [ ص 461 ]

سحب
السَّحْبُ جَرُّكَ الشيءَ على وجه الأَرض كالثوب وغيره سَحَبَه يَسْحَبُه سَحْباً فانْسَحَبَ جَرَّه فانْجَرَّ والمرأَةُ تَسْحَبُ ذَيْلَها والريحُ تَسْحَبُ التُّراب والسَّحابةُ الغَيْمُ والسحابةُ التي يكون عنها المطر سُمِّيَتْ بذلك لانْسِحابِها في الهواءِ والجمع سَحائبُ وسَحابٌ وسُحُبٌ وخَلِيقٌ أَن يكونَ سُحُبٌ جمعَ سَحابٍ الذي هو جمعُ سَحابةٍ فيكونَ جمعَ جمعٍ وفي الحديث كانَ اسمُ عِمامَتِه السَّحابَ سُمِّيَتْ به تشبيهاً بسَحابِ المطر لانْسِحابِه في الهواءِ وما زِلْتُ أَفْعَلُ ذلك سَحابةَ يَومِي أَي طُولَه قال
عَشِيَّةَ سَالَ المِرْبَدانِ كِلاهُما ... سَحابةَ يَومٍ بالسُّيوفِ الصَّوارِمِ
وتسَحَّب عليه أَي أَدَلَّ الأَزهري فلانٌ يَتَسَحَّبُ علينا أَي يَتَدَلَّلُ وكذلك يَتَدَكَّلُ ويَتَدَعَّبُ وفي حديث سعيدٍ وأَرْوَى فقامت فتسَحَّبَتْ في حَقِّه أَي اغْتَصَبَتْه وأَضافَتْه إِلى حَقِّها وأَرْضِها والسَّحْبةُ فَضْلَةُ ماءٍ تَبْقَى في الغَدِير يقال ما بَقِيَ في الغَديرِ إِلاّ سُحَيْبةٌ من ماءٍ أَي مُوَيْهَةٌ قليلةٌ والسَّحْبُ شدَّة الأَكْلِ والشُّرْبِ ورجلٌ أُسْحُوبٌ أَي أَكُولٌ شَرُوبٌ قال الأَزهري الذي عَرَفْناه وحَصَّلْناه رَجُلٌ أُسْحُوتٌ بالتَّاء إِذا كان أَكُولاً شَرُوباً ولَعَلَّ الأُسْحُوبَ بالبَاءِ بهذا المعنى جائزٌ ورجلٌ سَحْبانُ أَي جُرَافٌ يَجْرُف كُلَّ ما مَرَّ به وبه سُمِّيَ سَحْبانُ وسَحْبانُ اسْمُ رَجُلٍ من وائِلٍ كان لَسِناً بَلِيغاً يُضْرَبُ به المَثَلُ في البَيانِ والفَصَاحةِ فيقال أَفْصَحُ من سَحْبانِ وائِلٍ قال ابن بري ومن شِعْرِ سَحْبانَ قوله
لَقَدْ عَلِمَ الحَيُّ اليَمَانونَ أَنَّنِي ... إِذا قُلْتُ أَمَّا بعدُ أَنِّي خَطِيبُها
وسَحابَةُ اسمُ امْرَأَةٍ قال أَيا سَحابُ بَشِّري بِخَيْرِ

سحتب
السَّحْتَبُ الجَريءُ الماضي

سخب
السِّخَابُ قِلادَةٌ تُتَّخَذُ من قَرَنْفُلٍ وسُكٍّ ومَحْلَبٍ ليس فيها من اللُّؤْلُؤِ والجوهر شيءٌ والجمعُ سُحُبٌ الأَزهري السِّخَابُ عند العرب كُلُّ قِلادَةٍ كانت ذاتَ جَوْهَرٍ أَو لَمْ تَكُنْ قال الشاعر
ويومُ السِّخَابِ مِنْ تَعاجِيبِ رَبِّنا ... عَلى أَنَّه مِنْ بَلْدَة السُّوءِ نَجَّانِي
وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم حَضَّ النساءَ على الصَّدَقَةِ فَجَعَلَت المَرْأَةُ تُلْقِي الخُرْصَ والسِّخَابَ يعني القِلادَةَ قال ابن الأَثير هو خَيْطٌ يُنْظَمُ فيه خَرَزٌ وتُلْبَسُه الصِّبْيانُ والجَواري وقيل هو ما بُدِئَ بتفسيره وفي حديث فاطمَة فَأَلْبَسَتْهُ سِخَاباً يعني ابْنَها الحُسَيْنَ وفي الحديث الآخر أَنَّ قَوْماً فَقَدوا سِخَابَ فَتَاتهِمْ فاتَّهَمُوا به امْرَأَةً وفي الحديث في ذكر المنافقين خُشُبٌ بالليلِ سُخُبٌ بالنهار يقول إِذا جنَّ عليهمُ الليلُ سَقَطُوا [ ص 462 ] نِياماً كأَنهم خُشُبٌ فإِذا أَصْبَحُوا تَسَاخَبُوا على الدُّنيا شُحّاً وحِرْصاً والسَّخَب والصَّخَب بمعنى الصياح والصادُ والسينُ يجوزُ في كُلِّ كَلِمَة فيها خاءٌ وفي حديث ابن الزبير فكأَنهم صِبْيانٌ يَمْرُثونَ سُخُبَهُم هو جمعُ سِخَاب الخَيْطُ الذي نُظِمَ فيه الخَرَزُ والسَّخَبُ لُغَةٌ في الصَّخَبِ مضارعة

سرب
السَّرْبُ المالُ الرَّاعي أَعْني بالمال الإِبِلَ وقال ابن الأَعرابي السَّرْبُ الماشيَةُ كُلُّها وجمعُ كلِّ ذلك سُروبٌ تقول سَرِّبْ عليَّ الإِبِلَ أَي أَرْسِلْهَا قِطْعَةً قِطْعَة وسَرَب يَسْرُب سُرُوباً خَرَجَ وسَرَبَ في الأَرضِ يَسْرُبُ سُرُوباً ذَهَبَ وفي التنزيل العزيز ومَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بالليل وسارِبٌ بالنهار أَي ظاهرٌ بالنهارِ في سِرْبِه ويقال خَلِّ سِرْبَه أَي طَرِيقَه فالمعنى الظاهرُ في الطُّرُقاتِ والمُسْتَخْفِي في الظُّلُماتِ والجاهرُ بنُطْقِه والمُضْمِرُ في نفسِه عِلْمُ اللّهِ فيهم سواءٌ ورُوي عن الأَخْفش أَنه قال مُسْتَخْفٍ بالليل أَي ظاهرٌ والساربُ المُتواري وقال أَبو العباس المستخفي المُسْتَتِرُ قال والساربُ الظاهرُ والخَفيُّ عنده واحدٌ وقال قُطْرب سارِبٌ بالنهار مُسْتَتِرٌ يقال انْسَرَبَ الوحشيُّ إِذا دخل في كِناسِه قال الأَزهري تقول العرب سَرَبَتِ الإِبلُ تَسْرُبُ وسَرَبَ الفحل سُروباً أَي مَضَتْ في الأَرضِ ظاهرة حيثُ شاءَتْ والسارِبُ الذاهبُ على وجهِه في الأَرض قال قَيْس بن الخَطيم
أَنَّى سرَبْتِ وكنتِ غيرَ سَرُوبِ ... وتَقَرُّبُ الأَحلامِ غيرُ قَرِيبِ
قال ابن بري رواه ابن دريد سَرَبْتِ بباءٍ موحدة لقوله وكنتِ غيرَ سَروب ومن رواه سَرَيْت بالياء باثنتين فمعناه كيف سَرَيْت ليلاً وأَنتِ لا تَسرُبِينَ نَهاراً وسَرَبَ الفحْلُ يَسْرُبُ سُروباً فهو ساربٌ إِذا توجَّه للمَرْعَى قال الأَخْنَسُ بن شهاب التَّغْلبي
وكلُّ أُناسٍ قارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ ... ونحنُ خَلَعْنا قَيْدَه فهو سارِبُ
قال ابن بري قال الأَصْمعي هذا مَثَلٌ يريدُ أَن الناسَ أَقاموا في موضِعٍ واحدٍ لا يَجْتَرِئون على النُّقْلة إِلى غيره وقارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهم أَي حَبَسُوا فَحْلَهم عن أَن يتقدَّم فتَتْبَعه إِبلُهم خوفاً أَن يُغَارَ عليها ونحن أَعِزَّاءُ نَقْتَري الأَرضَ نَذْهَبُ فيها حيث شِئْنا فنحن قد خَلَعْنا قيدَ فَحْلِنا ليَذْهَب حيث شاء فحيثُما نَزَع إِلى غَيْثٍ تَبِعْناه وظَبْية سارِبٌ ذاهبة في مَرْعاها أَنشد ابن الأَعرابي في صفة عُقابٍ
فخاتَتْ غَزالاً جاثِماً بَصُرَتْ به ... لَدَى سَلَماتٍ عند أَدْماءَ سارِبِ
ورواه بعضهم سالِبِ وقال بعضهم سَرَبَ في حاجته مضَى فيها نهاراً وعَمَّ به أَبو عبيد وإِنه لقَرِيبُ السُّرْبةِ أَي قريبُ المذهب يُسرِعُ في حاجته حكاه ثعلب ويقال أَيضاً بعيدُ السُّرْبة أَي بعيدُ المَذْهَبِ في الأَرض قال الشَّنْفَرَى وهو ابن أُخْت تأَبَّط شَرّاً [ ص 463 ]
خرَجْنا من الوادي الذي بينَ مِشْعَلٍ ... وبينَ الجَبَا هَيْهاتَ أَنْسَأْتُ سُرْبَتي ( 1 )
( 1 قوله « وبين الجبا » أورده الجوهري وبين الحشا بالحاء المهملة والشين المعجمة وقال الصاغاني الرواية وبين الجبا بالجيم والباء وهو موضع )
أَي ما أَبْعَدَ الموضعَ الذي منه ابتَدَأْت مَسِيري ابن الأَعرابي
السَّرْبة السَّفَرُ القريبُ والسُّبْأَةُ السَّفَرُ البَعيد والسَّرِبُ الذاهِبُ الماضي عن ابن الأَعرابي والانْسِرابُ الدخول في السَّرَب وفي الحديث مَنْ أَصْبَحَ آمِناً في سَرْبِه بالفتح أَي مَذْهَبِه قال ابن الأَعرابي السِّرْب النَّفْسُ بكسر السين وكان الأَخفش يقول أَصْبَح فلانٌ آمِناً في سَرْبِه بالفتح أَي مَذْهَبِه ووجهِه والثِّقاتُ من أَهل اللغة قالوا أَصْبَح آمِناً في سِرْبِه أَي في نَفْسِه وفلان آمن السَّرْبِ لا يُغْزَى مالُه ونَعَمُه لعِزِّه وفلان آمن في سِرْبِه بالكسر أَي في نَفْسِه قال ابن بري هذا قول جماعةٍ من أَهل اللغة وأَنكر ابنُ دَرَسْتَوَيْه قولَ من قال في نَفْسِه قال وإِنما المعنى آمِنٌ في أَهلِه ومالِه وولدِه ولو أَمِنَ على نَفْسِه وَحْدَها دون أَهله ومالِه وولدِه لم يُقَلْ هو آمِنٌ في سِرْبِه وإِنما السِّرْبُ ههنا ما للرجُل من أَهلٍ ومالٍ ولذلك سُمِّيَ قَطِيعُ البَقَرِ والظِّباءِ والقَطَا والنساءِ سِرْباً وكان الأَصلُ في ذلك أَن يكون الراعِي آمِناً في سِرْبِه والفحلُ آمناً في سِرْبِه ثم استُعْمِلَ في غير الرُّعاةِ استعارةً فيما شُبِّهَ به ولذلك كُسرت السين وقيل هو آمِنٌ في سِرْبِه أَي في قومِه والسِّرْبُ هنا القَلْبُ يقال فلانٌ آمِنُ السِّرْبِ أَي آمِنُ القَلْبِ والجمع سِرابٌ عن الهَجَري وأَنشد
إِذا أَصْبَحْتُ بينَ بَني سُلَيمٍ ... وبينَ هَوازِنٍ أَمِنَتْ سِرابي
والسِّرْب بالكسر القَطِيعُ من النساءِ والطَّيرِ والظِّباءِ والبَقَرِ والحُمُرِ والشاءِ واستعارَه شاعِرٌ من الجِنِّ زَعَمُوا
للعظاءِ فقال أَنشده ثعلب رحمه اللّه تعالى
رَكِبْتُ المَطايا كُلَّهُنَّ فلم أَجِدْ ... أَلَذَّ وأَشْهَى مِن جِناد الثَّعالِبِ
ومن عَضْرَفُوطٍ حَطَّ بي فَزَجَرْتُه ... يُبادِرُ سِرْباً من عَظاءٍ قَوارِبِ
الأَصمعي السِّرْبُ والسُّرْبةُ من القَطَا والظِّباءِ والشاءِ القَطيعُ يقال مَرَّ بي سِرْبٌ من قَطاً وظِبَاءٍ ووَحْشٍ ونِساءٍ أَي قَطِيعٌ وقال أَبو حنيفة ويقال للجماعةِ من النخلِ السِّرْبُ فيما ذَكَرَ بعضُ الرُّواةِ قال أَبو الحَسَنِ وأَنا أَظُنُّه على التَّشبِيه والجمعُ من كلِّ ذلك أَسْرابٌ والسُّرْبةُ مِثلُه ابن الأَعرابي السُّرْبةُ جماعة يَنْسَلُّونَ من العَسْكَرِ فيُغيرون ويَرْجعُون والسُّرْبة الجماعة من الخيلِ ما بين العشرين إِلى الثلاثينَ وقيل ما بين العشرةِ إِلى العِشرينَ تقول مَرَّ بي سُرْبة بالضم أَي قِطْعة من قَطاً وخَيْلٍ وحُمُرٍ وظِباءٍ قال ذو الرُّمَّة يصف ماءً
سِوَى ما أَصابَ الذِّئْبُ منه وسُرْبةٍ ... أَطافَتْ به من أُمَّهاتِ الجَوازِلِ
وفي الحديث كأَنهم سِرْبٌ ظِباءٍ السِّرْبُ [ ص 464 ] بالكسرِ والسُّرْبة القَطِيعُ من الظِّباءِ ومن النِّساءِ على التَّشْبيه بالظِّباءِ وقيل السُّرْبةُ الطائفة من السِّرْبِ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إِليَّ فيَلْعَبْنَ مَعِي أَي يُرْسلُهُنَّ إِليَّ ومنه حديث عليٍّ إِني لأُسَرِّبُه عليه أَي أُرْسِلُه قِطْعةً قِطْعةً وفي حديث جابر فإِذا قَصَّرَ السَّهْمُ قال سَرِّبْ شيئاً أَي أَرْسِلْه يقال سَرَّبْتُ إِليه الشيءَ إِذا أَرْسَلْتَه واحداً واحداً وقيل سِرْباً سِرباً وهو الأَشْبَه ويقال سَرَّبَ عليه الخيلَ وهو أَن يَبْعَثَها عليه سُرْبةً بعدَ سُربةٍ الأَصمعي سَرِّبْ عليَّ الإِبلَ أَي أَرْسِلْها قِطْعةً قِطْعةً والسَّرْبُ الطريقُ وخَلِّ سَرْبَه بالفتح أَي طريقَه ووجهَه وقال أَبو عمرو خَلِّ سِرْبَ الرجلِ بالكسرِ قال ذو الرمة
خَلَّى لَها سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَها ... من خَلْفِها لاحِقُ الصُّقْلَينِ هِمْهِيمُ
قال شمر أَكثر الرواية خَلَّى لَها سَرْبَ أُولاها بالفتح قال الأَزهري وهكذا سَمِعْتُ العربَ تقول خلِّ سَرْبَه أَي طَريقَه وفي حديث ابن عمر إِذا ماتَ المؤمنُ يُخَلَّى له سَرْبُه يَسْرَحُ حيثُ شاءَ أَي طريقُه ومذهبُه الذي يَمُرُّ به وإِنه لواسعُ السِّرْبِ أَي الصَّدْرِ والرأْي والهَوَى وقيل هو الرَّخِيُّ البال وقيل هو الواسعُ الصَّدْرِ البَطِيءُ الغَضَب ويُروى بالفتح واسعُ السَّرْبِ وهو المَسْلَك والطريقُ والسَّرْبُ بالفتح المالُ الراعي وقيل الإِبل وما رَعَى من المالِ يقال أُغِيرَ على سَرْبِ القومِ ومنه قولُهم اذْهَب فلا أَنْدَهُ سَرْبَكَ أَي لا أَرُدُّ إِبلكَ حتى تَذْهَب حيثُ شاءَت أَي لا حاجة لي فيك ويقولون للمرأَة عند الطلاقِ اذْهَبي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ فتَطْلُق بهذه الكلمة وفي الصحاح وكانوا في الجاهليةِ يقولون في الطَّلاقِ فَقَيَّده بالجاهليةِ وأَصْلُ النَّدْهِ الزَّجْرُ الفراءُ في قوله تعالى فاتخذَ سبيلَه في البحرِ سَرَباً قال كان الحُوت مالحاً فلما حَيِيَ بالماءِ الذي أَصابَه من العَينِ فوقَع في البحرِ جَمَد مَذْهَبُه في البحرِ فكان كالسَّرَبِ وقال أَبو إِسحق كانت سمكةً مملوحةً وكانت آيةً لموسى في الموضعِ الذي يَلْقَى الخَضِرَ فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً أَحْيا اللّه السمكة حتى سَرَبَتْ في البحر قال وسَرَباً منصوبٌ على جهتَين على المفعولِ كقولك اتخذْتُ طريقِي في السَّرَب واتخذتُ طريقي مكانَ كذا وكذا فيكون مفعولاً ثانياً كقولك اتخذت زيداً وكيلاً قال ويجوز أَن يكونَ سَرَباً مصدراً يَدُلُّ عليه اتخذ سبيلَه في البحر فيكون المعنى نَسِيَا حُوتَهما فجَعَل الحوتُ طريقَه في البحر ثم بَيَّن كيف ذلك فكأَنه قال سَرِبَ الحوتُ سَرَباً وقال المُعْتَرِض الظَّفَرِي في السَّرَب وجعله طريقاً
تَرَكْنا الضَّبْع سارِبةً إِليهم ... تَنُوبُ اللحمَ في سَرَبِ المَخِيمِ
قيل تَنُوبُه تأْتيه والسَّرَب الطريقُ والمخيم اسم وادٍ وعلى هذا معنى الآية فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً أَي سبيل الحوت طريقاً لنفسِه لا يَحِيدُ عنه المعنى اتخذ الحوتُ سبيلَه الذي سَلَكَه طريقاً طَرَقَه قال أَبو حاتم اتخذ طريقَه في البحر [ ص 465 ] سَرباً قال أَظُنُّه يريد ذَهاباً كسَرِب سَرَباً كقولك يَذهَب ذَهاباً ابن الأَثير وفي حديث الخضر وموسى عليهما السلام فكان للحوت سَرَباً السَّرَب بالتحريك المَسْلَك في خُفْيةٍ والسُّرْبة الصَّفُّ من الكَرْمِ وكلُّ طريقةٍ سُرْبةٌ والسُّرْبة
والمَسْرَبةُ والمَسْرُبة بضم الراءِ الشَّعَر المُسْتدَقُّ النابِت وَسَطَ الصَّدْرِ إِلى البطنِ وفي الصحاح الشَّعَر المُسْتَدِقُّ
الذي يأْخذ من الصدرِ إِلى السُّرَّة قال سيبويه ليست المَسْرُبة على المكان ولا المصدرِ وإِنما هي اسم للشَّعَر قال الحرث بنُ وَعْلة الذُّهْلي
أَلآنَ لمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتي ... وعَضَضْتُ من نابي على جِذْمِ
وحَلَبْتُ هذا الدَّهْرَ أَشْطُرَه ... وأَتَيْتُ ما آتي على عِلْمِ
تَرْجُو الأَعادي أَن أَلينَ لها ... هذا تَخَيُّلُ صاحبِ الحُلْمِ
قوله وعَضَضْتُ من نابي عَلى جِذْمِ أَي كَبِرْتُ حتى أَكَلْت على جِذْمِ نابي قال ابن بري هذا الشعر ظنَّه قوم للحرث بن وَعْلة الجَرْمي وهو غلط وإِنما هو للذُّهلي كما ذكرنا والمَسْرَبة بالفتح واحدة المَسارِبِ وهي المَراعِي ومَسارِبُ الدوابِّ مَراقُّ بُطونِها أَبو عبيد مَسْرَبَة كلِّ دابَّةٍ أَعالِيهِ من لَدُن عُنُقِه إِلى عَجْبِه ومَراقُّها في بُطونِها وأَرْفاغِها وأَنشد
جَلال أَبوهُ عَمُّه وهو خالُه ... مَسارِبُهُ حُوٌّ وأَقرابُه زُهْرُ
قال أَقْرابهُ مَراقُّ بُطُونه وفي حديث صفةِ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان دَقِيقَ المَسْرُبَة وفي رواية كانَ ذا مَسْرُبَة وفلانٌ مُنْساحُ السرب يُريدون شَعر صَدْرِه وفي حديث الاسْتِنْجاءِ بالحِجارة يَمْسَحُ صَفْحَتَيْهِ بحَجَرَيْن ويَمْسَحُ بالثَّالِثِ المَسْرُبة يريدُ أَعْلى الحَلْقَة هو بفتح الراءِ وضمِّها مَجْرَى الحَدَث من الدُّبُر وكأَنها من السِّرْب المَسْلَك وفي بعض الأَخبار دَخَل مَسْرُبَتَه هي مثلُ الصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفَةِ ولَيْسَتْ التي بالشين المعجمة فإِنَّ تِلك الغُرْفَةُ والسَّرابُ الآلُ وقيل السَّرابُ الذي يكونُ نِصفَ النهارِ لاطِئاً بالأَرضِ لاصقاً بها كأَنه ماءٌ جارٍ والآلُ الذي يكونُ بالضُّحَى يَرفَعُ الشُّخُوصَ ويَزْهَاهَا كالمَلا بينَ السماءِ والأَرض وقال ابن السكيت السَّرَابُ الذي يَجْرِي على وجهِ الأَرض كأَنه الماءُ وهو يكونُ نصفَ النهارِ الأَصمعي الآلُ والسَّرابُ واحِدٌ وخالَفه غيرُه فقال الآلُ من الضُّحَى إِلى زوالِ الشمسِ والسَّرَابُ بعدَ الزوالِ إِلى صلاة العصر واحْتَجُّوا بإِنَّ الآل يرفعُ كلَّ شيءٍ حتى يصِير آلاً أَي شَخْصاً وأَنَّ السَّرابَ يَخْفِضُ كلَّ شيءٍ حتى يَصِيرَ لازِقاً بالأَرضِ لا شَخْصَ له وقال يونس تقول العرب الآلُ من غُدوة إِلى ارْتفاع الضُّحَى الأَعْلى ثم هو سرابٌ سائرَ اليومِ ابن السكيت الآلُ الذي يَرْفَع الشُّخوصَ وهو يكون بالضُّحَى والسرابُ الذي يَجْري على وجهِ الأَرض كأَنه الماءُ وهو نصفُ النهارِ قال الأَزهري وهو الذي رأَيتُ العرب بالبادية يقولونه وقال أَبو الهيثم سُمِّيَ السَّرابُ سَراباً لأَنَّه يَسْرُبُ سُروباً أَي يَجْري جَرْياً [ ص 466 ] يقال سَرَب الماءُ يَسْرُب سُروباً والسَّريبة الشاة التي تصدرها إِذا رَوِيَت الغَنَم فتَتْبَعُها والسَّرَبُ حَفِير تحتَ الأَرض وقيل بَيْتٌ تحتَ الأَرضِ وقد سَرَّبْتُه وتَسْريبُ الحَافِرِ أَخْذُه في الحَفْرِ يَمْنَة ويَسْرَة الأَصمعي يقال للرجل إِذا حَفر قد سَرَبَ أَي أَخذ يميناً وشمالاً والسَّرَب جُحْر الثَّعْلَبِ والأَسَد والضَّبُعِ والذِّئْبِ والسَّرَب الموضعُ الذي قَدْ حَلَّ فيه الوحشِي والجمع أَسْرابٌ وانْسَرَب الوَحْشِي في سَرَبه والثعلب في جُحْرِه وتَسَرَّبَ دخل ومَسارِب الحَيَّاتِ مَواضِعُ آثارها إِذا انْسابَتْ في الأَرض على بُطُونِها والسَّرَبُ القَناةُ الجَوْفاءُ التي يدخل منها الماءُ الحائِطَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) سرب السَّرْبُ المالُ الرَّاعي أَعْني بالمال الإِبِلَ وقال ابن والسَّرَب بالتحريك الماءُ السائِلُ ومِنهم مَن خَصَّ فقال السائِلُ من المَزادَة ونحوها سَرِبَ سَرَباً إِذا سَالَ فهو سَرِبٌ وانْسَرَب وأَسْرَبَه هو وسَرَّبَه قال ذو الرمة
ما بالُ عَيْنِكَ منها الماءُ يَنْسَكِبُ ؟ ... كأَنَّه منْ كُلى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ
قال أَبو عبيدة ويروى بكسر الراءِ تقول منه سَرِبَت المَزادة بالكسر تَسْرَب سرَباً فهي سَرِبَةٌ إِذا سَالَت وتَسْريبُ القِرْبة أَن يَنْصَبَّ فيها الماءُ لتَنْسَدَّ خُرَزُها ويقال خرجَ الماءُ سَرِباً وذلك إِذا خرج من عُيونِ الخُرَزِ وقال اللحياني سَرِبَتِ العَيْنُ سَرَباً وسَرَبَتْ تَسْرُبُ سُروباً وتَسَرَّبَت سالَتْ والسَّرَبُ الماءُ يُصَبُّ في القِرْبة الجديدة أو المَزادةِ ليَبْتَلَّ السَّيْرُ حتى يَنْتَفِخَ فتَسْتَدَّ مواضع الخَرْزِ وقد سَرَّبَها فَسَرِبَتْ سَرَباً ويقال سَرِّبْ قِرْبَتَك أَي اجعلْ فيها ماءً حتى تَنْتَفِخَ عيونُ الخُرَز فتَستَدَّ قال جرير
نَعَمْ وانْهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ ... كما عَيَّنْت بالسَّرَبِ الطِّبابَا
أَبو مالك تَسَرَّبْتُ من الماءِ ومن الشَّرابِ أَي تَمََّلأْتُ وطَريقٌ سَرِبٌ تَتابَعَ الناسُ فيه قال أَبو خِراشٍ
فِي ذَاتِ رَيْدٍ كزلق الرخ مُشْرِفَةٍ ... طَريقُها سَرِبٌ بالناسِ دُعْبُوبُ ( 1 )
( 1 قوله « كزلق الرخ إلخ » هكذا في الأصل ولعله كرأس الزج )
وتَسَرَّبُوا فيه تَتابَعُوا
والسَّرْبُ الخَرْزُ عن كُراعٍ والسَّرْبةُ الخَرْزة وإِنَّكَ لتُريدُ سَرْبةً أَي سَفَراً قَريباً عن ابن الأَعرابي شمر الأَسْرابُ من الناسِ الأَقاطِيعُ واحدها سِرْبٌ قال ولم أَسْمَعْ سِرْباً في الناسِ إِلا للعَجّاجِ قال ورُبَّ أَسْرابِ حَجِيجٍ نظمِ والأُسْرُبُ والأُسْرُبُّ الرَّصاصُ أَعْجَمِيٌّ وهو في الأَصْل سُرْبْ والأُسْرُبُ دُخانُ الفِضَّةِ يَدخُلُ في الفَمِ والخَيْشُومِ والدُّبُرِ فيُحْصِرُه فرُبَّما أَفْرقَ [ ص 467 ] ورُبَّما ماتَ وقد سُرِبَ الرجل فهو مَسْرُوبٌ سَرْباً وقال شمر الأُسْرُبُ مخفَّف الباءِ وهو بالفارسية سُرْبْ واللّه أَعلم

سرحب
السُّرْحُوبُ الطويلُ الحَسَنُ الجسْمِ والأُنثى سُرْحُوبةٌ ولم يَعْرِفْه الكِلابِيُّون في الإِنْسِ والسُّرْحُوبةُ من الإِبل السَّريعةُ الطويلة ومن الخيلِ العَتِيقُ الخفيفُ قال الأزهري وأَكثرُ ما يُنْعَتُ به الخيلُ وخَصَّ بعضُهم به الأُنثى من الخيل وقيل فَرَسٌ سُرْحوبٌ سُرُحُ اليَدَيْن بالعَدْوِ وفَرَسٌ سُرْحُوبٌ طويلة على وجه الأَرض وفي الصحاح تُوصَفُ به الإِناثُ دون الذُّكور

سردب
قال ابن أَحمر هي السِّرْدابُ ( 1 )
( 1 قوله « هي السرداب » هكذا في الأصل وليس بعده شيء وعبارة القاموس وشرحه ( السرداب بالكسر خباء تحت الأرض للصيف ) كالزرداب والأول عن الأحمر والثاني تقدم بيانه وهو معرب الى آخر عبارته اه )

سرعب
السُّرعُوبُ ابنُ عِرْسٍ أَنشد الأَزهري وَثْبة سُرْعُوبٍ رأَى زَبَابَا أَي رأَى جُرَذاً ضَخْماً ويُجْمَع سَراعِيبَ

سرندب
التهذيب في الخماسي سَرَنْديبُ بَلَدٌ معروف بناحيةِ الهِنْدِ

سرهب
أَبو زيد قال سمعت أَبا الدُّقَيْش يقول امرأَةٌ سَرْهَبةٌ كالسَّلْهَبَةِ من الخيلِ في الجِسمِ والطُّول

سطب
ابن الأَعرابي المَساطِبُ سَنادينُ الحَدّادينَ أَبو زيد هي المَسْطَبةُ والمِسطَبة وهي المَجَرَّة ويقال للدُّكَّانِ يَقْعُدُ الناسُ عليه مَسْطَبة قال سمعت ذلك من العرب

سعب
السَّعابِيبُ التي تَمْتَدُّ شِبْهَ الخُيُوطِ من العَسَل والخِطْمِيّ ونَحْوِه قال ابن مقبل
يَعْلُون بالمَرْدَقُوشِ الوَرْدَ ضاحيةً ... على سَعابِيبِ ماءِ الضالةِ اللَّجِنِ
يقول يَجْعَلْنَه ظاهراً فوقَ كلِّ شيءٍ يَعْلُون به المُشْطَ وقوله ماءِ الضالةِ يُريدُ ماءَ الآسِ شَبَّه خُضْرَتَه بخُضْرَةِ ماءِ السِّدْرِ وهذا البيت وقَعَ في الصِّحاحِ وأَظُنُّه في المُحْكَم أَيضاً ماء الضالَة اللَّجِزِ بالزاي وفَسَّره فقال اللجِزُ المُتَلَزِّجُ وقال الجوهري أَراد اللَّزِجَ فَقَلَبه ولم يَكْفِه أَنْ صَحَّف إِلى أَنْ أَكَّد التَّصْحيف بهذا القَوْل قال ابن بري هذا تصحيف تَبع فيه الجوهري ابن السكيت وإِنما هو اللَّجِن بالنونِ من قصيدة نُونِيَّةٍ وقَبْلَه
مِن نِسْوةٍ شُمُسٍ ولا مَكْرَهٍ عُنُفٍ ... ولا فَواحِشَ في سِرٍّ ولا عَلَنِ
قوله ضاحِيةً أَراد أَنها بارِزة للشمسِ والضَّالَة السِّدْرة أَراد ماءَ السِّدْرِ يُخْلَطُ به المَرْدَقوشُ ليُسَرِّحْن به رؤُوسَهنّ والشُّمُس جمع شَمُوسٍ وهي النافِرة من الرِّيبةِ والخَنَا والمَكْرَه الكَريهاتُ المَنْظَرِ وهو مما يوصَف به الواحدُ والجمعُ وسال فَمُه سَعابِيبَ وثَعابِيبَ امْتَدَّ لُعابُه كالخُيوطِ وقيل جَرى منه ماءٌ صافٍ فيه تَمدُّدٌ واحدها سُعْبُوبٌ وانْسَعَبَ الماءُ وانْثَعَبَ إِذا سالَ وقال ابن شميل السَّعابِيبُ ما أَتْبَعَ يَدَكَ من اللَّبنِ عند الحَلْبِ مثلَ النُّخاعة يَتَمَطَّطُ والواحدةُ سُعْبُوبةٌ [ ص 468 ] وتَسَعَّبَ الشيءُ تَمَطَّطَ والسَّعْبُ كلُّ ما تَسَعَّبَ من شرابٍ أَو غيرِه وفي نوادر الأَعراب فلانٌ مُسَعَّبٌ له كذا وكذا ومُسَغَّبٌ ومُسَوَّعٌ له كذا وكذا ومُسَوَّغٌ ومُرَغَّب كلُّ ذلك بمعنًى واحدٍ ( 1 )
( 1 أي مُعطى له عطاءً خالصاً )

سغب
سَغِبَ الرجلُ يَسْغَب وسَغَبَ يَسْغُبُ سَغْباً وسَغَباً وسَغابةً وسُغُوباً ومَسْغَبةً جاعَ والسَّغْبة الجُّوعُ وقيل هو الجوعُ مع التَّعَب وربما سُمِّيَ العَطَش سَغَباً وليس بمُسْتعمَلٍ ورجلٌ ساغِبٌ لاغِبٌ ذو مَسْغَبة وسَغِبٌ وسَغْبانُ لَغْبانُ جَوْعانُ أَوعَطْشانُ وقال الفراءُ في قوله تعالى في يومٍ ذِي مَسْغَبةٍ أَي مَجاعةٍ وأَسْغَبَ الرجلُ فهو مُسْغِبٌ إِذا دخَل في المَجاعةِ كما تقولُ أَقْحطَ الرجلُ إِذا دخَل في القَحْط وفي الحديث ما أَطعمته إِذ كان ساغِباً أَي جائعاً وقيل لا يكونُ السَّغَبُ إِلاَّ مع التَّعَب وفي الحديث أَنه قَدِم خَيْبَر بأَصحابِه وهم مُسْغِبُون أَي جِياعٌ وامرأَةٌ سَغْبَى وجَمْعُها سِغابٌ ويَتِيمٌ ذو مَسْغَبةٍ أَي ذو مَجاعةٍ

سقب
السَّقْبُ ولدُ الناقةِ وقيل الذكَرُ من ولدِ الناقةِ بالسين لا غَيْرُ وقيل هو سَقْبٌ ساعةَ تَضَعُه أُمُّه قال الأَصمعي إِذا وَضَعَتِ الناقةُ ولدَها فولدُها ساعةَ تَضَعُه سَليلٌ قَبْلَ أَن يُعْلَم أَذَكَرٌ هو أَم أُنثى فإِذا عُلم فإِن كانَ ذَكَراً فهو سَقْبٌ وأُمُّه مِسْقَبٌ الجوهري ولا يقال للأُنثى سَقْبةٌ ولكن حائلٌ فأَما قوله أَنشده سيبويه
وساقِيَيْنِ مثلِ زَيْدٍ وجُعَلْ ... سَقْبانِ مَمْشُوقانِ مَكْنوزا العضَلْ
فإِنَّ زيداً وجُعَلاً ههنا رجُلان وقوله سَقْبانِ إِنما أَراد هنا مثلُ سَقْبَيْن في قوَّة الغَناءِ وذلك لأَنَّ الرجُلَين لا يكونان سَقْبَيْنِ لأَنَّ نوعاً لا يَسْتَحِيلُ إِلى نوعٍ وإِنما هو كقولك مررْت برجلٍ أَسَدٍ شِدَّةً أَي هو كأَسَدٍ في الشِّدَّة ولا يكون ذلك حقيقة لأَن الأَنْواع لا تستحيل إِلى الأَنواع في اعتقادِ أَهلِ الإِجماعِ قال سيبويه وتقولُ مررتُ برجلٍ الأَسَدُِ شِدَّة كما تقولُ مررتُ برجُلٍ كامِلٍ لأَنك أَردتَ أَن تَرْفَعَ شأْنَه وإِن شئت اسْتَأْنَفْتَ كأَنه قيل له ما هو ولا يكونُ صفة كقولك مررت برجُلٍ أَسَدٍ شِدَّةً لأَن المعرفة لا توصف بها النَّكِرةُ ولا يجوز نَكِرةً أَيضاً لما ذكَرْتُ لك وقد جاءَ في صفة النكرة فهو في هذا أَقوى ثم أَنشد ما أَنْشَدتُكَ من قولِه وجَمْعُ السَّقْبِ أَسْقُبٌ وسُقُوبٌ وسِقَابٌ وسُقْبَانٌ والأُنثى سَقْبَةٌ وأُمُّها مِسْقَبٌ ومِسْقَابٌ والسَّقْبَةُ عندهم هي الجَحشَة قال الأَعشى يَصِفُ حِماراً وَحْشِيّاً
تَلا سَقْبَةً قَوْداءَ مَهْضُومَةَ الحَشَا ... مَتى ما تُخَالِفْهُ عن القصد يَعْذِمِ
وناقةٌ مِسْقابٌ إِذا كانت عادتُها أَن تَلِدَ الذُّكورَ وقد أَسْقَبَتِ الناقةُ إِذا وَضَعَتْ أَكثَرَ ما تَضَعُ الذُّكورَ قال رؤْبة بن العجاج يصف أَبَوَيْ رجل مَمْدُوحٍ
وكانتِ العِرْسُ التي تَنَخَّبا ... غَرَّاءَ مِسْقاباً لفَحْلٍ أَسْقَبا
[ ص 469 ] قوله أَسقَبا فِعْلٌ ماض لا نَعْتٌ لفَحْلٍ على أَنه اسمٌ مثلُ أَحْمَر وإِنما هو فِعْلٌ وفاعِلٌ في مَوْضِعِ النَّعْتِ له واسْتَعْمَل الأَعشى السَّقْبَةَ للأَتانِ فقال
لاحَه الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفا ... قٌ على سَقْبَةٍ كَقَوْسِ الضَّالِ
الأَزهري كانتِ المرأَة في الجاهليةِ إِذا ماتَ زَوْجُها حَلَقَتْ رَأْسَها وخَمَشَتْ وجْهَها وحَمَّرَتْ قُطْنةً من دمِ نفسِها ووضَعَتها على رأْسِها وأَخرجت طَرف قُطْنتِها مِن خَرْقِ قِناعِها ليَعْلم الناسُ أَنها مُصابة ويُسَمى ذلك السِّقابَ ومنه قول خَنْساءَ
لمَّا اسْتَبانَتْ أَن صاحِبَها ثَوَى ... حَلَقَتْ وعَلَّتْ رَأْسَها بِسِقابِ
والسَّقَبُ القُرْبُ وقد سَقِبَتِ الدَّارُ بالكسر سُقُوباً أَي قَرُبَتْ وأَسْقَبَتْ وأَسْقَبْتُها أَنا قرَّبتها وأَبْياتُهم مُتساقِبة أَي مُتدانِية ومنه الحديث الجارُ أَحقُّ بِسَقَبِه السَّقَبُ بالسين والصاد في الأَصل القُرْب يقال سَقِبَتِ الدارُ وأَسْقَبَتْ إِذا قَرُبَتْ ابن الأَثير ويَحْتَجُّ بهذا الحديثِ من أَوجبَ الشُّفْعَة للجارِ وإِن لم يَكُنْ مقاسِماً أَي إِن الجارَ أَحقُّ بالشُّفْعَةِ من الذي ليس بجارٍ ومَنْ لم يُثْبِتْها للجارِ تأَوَّلَ الجارَ على الشَّرِيكِ فإِنَّ الشَّريكَ يُسَمَّى جاراً قال ويحتمل أَن يكونَ أَرادَ أَنه أَحقّ بالبِرِّ والمعونةِ بسبب قُرْبه من جارِه كما جاءَ في الحديث الآخر أَن رجلاً قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم إِن لي جارَيْنِ فإِلى أَيهما أُهدي ؟ قال إِلى أَقْرَبِهِما منك باباً والسَّقْبُ والصَّقْبُ والسَّقِيبَة عَمُودُ الخِباءِ وسُقُوبُ الإِبِل أَرْجُلُها عن ابن الأَعرابي وأَنشد لها عَجُزٌ رَيَّا وسَاقٌ مُشِيحَةٌ على البِيدِ تَنْبُو بالمَرادِي سُقُوبُها والسَّعْبُ كلُّ ما تَسَعَّبَ من شرابٍ أَو غيرِه والصادُ في كلِّ ذلك لغة والسَّقْبُ الطَّويلُ من كلِّ شيءٍ مع تَرَارَةٍ الأَزهري في ترجمة صَقَب يقال للْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ سَقْبٌ وقال ذو الرمة سَقْبانِ لم يَتَقَشَّرْ عنهما النَّجَبُ قال وسئل أَبو الدُّقَيْشِ عنه فقال هو الذي قد امتلأَ وتم عامٌّ في كلِّ شيءٍ من نحوِه 1
( 1 قوله « من نحوه » الضمير يعود إلى الغصن في عبارة الأزهري التي قبل هذه ) شمر في قوله سَقْبانِ أَي طَويلانِ ويقال صَقْبَانِ

سقعب
السَّقْعَبُ الطَّوِيلُ من الرجال بالسينِ والصاد

سقلب
السَّقْلَبُ جِيلٌ من الناسِ وسَقْلَبَه صَرَعَهُ

سكب
السَّكْبُ صَبُّ الماءِ سَكَبَ الماءَ والدَّمْعَ ونحوَهما يَسْكُبُه سَكْباً وتَسْكاباً فسَكَبَ وانْسَكَبَ صَبَّه فانْصَبَّ وسَكَبَ الماءُ بنفسِه سُكوباً وتَسْكاباً وانْسَكَبَ بمعنًى وأَهلُ المدينة يقولون اسْكُبْ على يَدِي وماءٌ سَكْبٌ وساكِبٌ وسَكُوبٌ وسَيْكَبٌ وأُسْكُوبٌ مُنْسَكِبٌ أَو مَسكُوبٌ يجري على وجهِ الأَرضِ من غَيرِ حَفر [ ص 470 ] ودمْعٌ ساكِبٌ وماءٌ سَكْبٌ وُصِفَ بالمصدرِ كقولِهم ماءٌ صَبٌّ وماءٌ غَوْرٌ أَنشد سيبويه بَرْقٌ يُضِيءُ أَمامَ البَيْتِ أُسْكوبُ كأَنَّ هذا البَرْقَ يَسْكُب المطَر وطَعْنَةٌ أُسْكُوبٌ كذلك وسَحابٌ أُسْكُوبٌ وقال اللحياني السَّكْبُ والأُسْكوبُ الهَطَلانُ الدَّائمُ وماءٌ أُسْكُوبٌ أَي جارٍ قالتْ جَنُوبُ أُخْتُ عمرٍو ذي الكلب تَرثِيه
والطَّاعِنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلاءَ يَتْبَعها ... مُثْعَنْجِرٌ من دَمِ الأَجْوافِ أُسْكوبُ
ويروى من نَجِيعِ الجَوْفِ أُثْعُوبُ والنَّجْلاءُ الواسعة والمُثْعَنْجِرُ الدَّمُ الذي يَسِيلُ يَتْبَعُ بعضُه بَعْضاً والنَّجِيعُ الدَّمُ الخالِصُ والأُثْعُوبُ من الإِثْعابِ وهو جَرْي الماءِ في المَثْعَبِ وفي الحديث عن عروة عن عائشة رضي اللّه عنها أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يُصَلِّي فيما بين العشاءِ إِلى انْصِدَاعِ الفَجر إِحدى عَشْرَةَ رَكْعَةً فإِذا سَكَبَ المُؤَذِّنُ بالأُولى من صلاةِ الفجْرِ قامَ فرَكَعَ رَكْعَتَيْن خَفِيفَتَيْنِ قال سُوَيْدٌ سَكَبَ يريدُ أَذَّنَ وأَصْلُه من سَكْبِ الماءِ وهذا كما يقال أَخَذَ في خُطْبَة فسَحَلَها قال ابن الأَثير أَرادت إِذا أَذَّن فاسْتُعِيرَ السَّكْبُ للإِفاضَةِ في الكلامِ كما يقال أَفْرَغَ في أُذُني حديثاً أَيْ أَلْقَى وصَبَّ وفي بعض الحديث ما أَنا بِمُنْطٍ عنك شَيئاً يكون على أَهل بَيْتِكَ سُنَّةً سَكْباً يقال هذا أَمْرٌ سَكْبٌ أَي لازِمٌ وفي رواية إِنَّا نُمِيطُ عنكَ شيئاً وفَرَسٌ سَكْبٌ جوادٌ كثير العَدْوِ ذَرِيعٌ مثلُ حَتٍّ والسَّكْبُ فَرَسُ سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكان كُمَيْتاً أَغَرَّ مُحَجَّلاً مُطْلَقَ اليُمْنَى سمي بالسَّكْبِ من الخَيْلِ وكذلك فَرَسٌ فَيْضٌ وبَحْرٌ وغَمْرٌ وغُلامٌ سَكْبٌ إِذا كان خفيف الرُّوحِ نَشِيطاً في عَمَلِه ويقال هذا أَمْرٌ سَكْبٌ أَي لازمٌ ويقالُ سُنَّةٌ سَكْبٌ وقال لَقِيطُ بنُ زُرارَة لأَخيه مَعْبَدٍ لما طَلَبَ إِليه أَن يَفْدِيَه بمائتين من الإِبل وكان أَسِيراً ما أَنا بِمُنْطٍ عنك شيئاً يكون على أَهل بيتِك سُنَّةً سَكْباً ويَدْرَبُ الناسُ له بِنا دَرْباً والسَّكْبَةُ الكُرْدَة العُلْيا التي تُسْقى بها الكُرودُ من الأَرض وفي التهذيب التي يُسْقَى منها كُرْدُ الطِّبابَةِ من الأَرض والسَّكْبُ النُّحاسُ عن ابن الأَعرابي والسَّكْبُ ضَرْبٌ من الثيابِ رَقِيقٌ والسَّكْبَةُ الخِرْقَةُ التي تُقَوَّر للرأْس كالشَّبَكَة من ذلك التهذيب السَّكْبُ ضربٌ من الثيابِ رَقِيقٌ كأَنه غُبارٌ من رِقَّتِه وكأَنه سَكْبُ ماءٍ مِنَ الرِّقَّة والسَّكْبَة من ذلك اشْتُقَّتْ وهي الخِرْقَةُ التي تُقَوَّر للرأْسِ تُسَمِّيها الفُرْسُ الشُّسْتَقَةَ ابن الأَعرابي السَّكَبُ ضَرْبٌ من الثِّياب محرّك الكاف والسَّكَبُ الرَّصاصُ والسَّكْبة الغِرْسُ الذي يَخْرُجُ على الوَلَد أُرى من ذلك والسَّكَبة الهِبْرِية التي في الرأْس والأُسْكُوب والإِسْكاب لغة في الإِسكاف وأُسكُبَّة الباب أُسْكُفَّته [ ص 471 ] والإِسْكابة الفَلْكَةُ التي تُوضَعُ في قِمَع الدُّهْنِ ونحوه وقيل هي الفَلْكةُ التي يُشْعَبُ بها خَرْقُ القِرْبةِ والإِسْكابةُ خَشَبة على قدرِ الفَلْس إِذا انْشَقَّ السِّقاءُ جعلوها عليه ثم صَرُّوا عليها بسَيْرٍ حتى يَخْرُزوه معه فهي الإِسكابةُ يقال اجعلْ لي إِسكابةً فيُتَّخَذُ ذلك وقيل الإِسكابة والإِسكابُ قِطْعَةٌ من خَشَبٍ تُدْخَلُ في خَرْقِ الزِّقِّ أَنشد ثعلب قُمَّرِزٌ آذانُهُم كالإِسْكاب وقيل الإِسْكابُ هنا جمعُ إِسكابةٍ وليس بلُغةٍ فيه أَلا تراه قال آذانُهُم ؟ فتَشْبِيهُ الجمع بالجمع أَسْوَغُ من تَشْبِيهِه بالواحد والسَّكَبُ بالتحريك شَجَرٌ طَيِّبُ الريح كأَنَّ ريحَه رِيحُ الخَلُوقِ يَنْبُتُ مُسْتَقِلاًّ على عِرْقٍ واحدٍ له زَغَبٌ ووَرَقٌ مثلُ وَرَقِ الصَّعْتَر إِلا أَنه أَشدُّ خُضْرةً يَنْبُتُ في القِيعانِ والأَودِيَة ويَبيسُه لا يَنْفَعُ أَحداً وله جَنًى يُؤْكَلُ ويَصْنَعُه أَهل الحِجازِ نَبيذاً ولا يَنْبُتُ جَنَاهُ في عام حَياً إِنما يَنْبُتُ في أَعوامِ السنينَ وقال أَبو حنيفة السَّكَبُ عُشْبٌ يرتفِعُ قَدْرَ الذراع وله ورقٌ أَغْبَر شبيهٌ بورق الهِنْدباءِ وله نَوْرٌ أَبيضُ شديدُ البياضِ في خِلْقة نَوْرِ الفِرْسِكِ قال الكميت يصف ثوراً وَحْشيّاً
كأَنه منْ نَدَى العَرارِ معَ ال ... قُرَّاصِ أَو ما يُنَفِّضُ السَّكَبُ
الواحدة سَكَبة الأَصمعي من نباتِ السهلِ السَّكَبُ وقال غيرُه السَّكَبُ بَقْلَةٌ طَيِّبَة الريحِ لها زَهْرةٌ صَفراءُ وهي من شجر القَيْظِ ابن الأَعرابي يقال للسِّكَّةِ من النخلِ أُسْلُوبٌ وأُسْكُوبٌ فإِذا كان ذلك من غير النخل قيل له أُنْبوبٌ ومِدادٌ وقيل السَّكْبُ ضربٌ من النباتِ وسَكاب اسم فرسِ عُبيدةَ بن ربيعة وغيره قال وسَكابِ اسمُ فرسٍ مثلُ قَطامِ وحَذامِ قال الشاعر
أَبَيْتَ اللَّعْنَ إِنَّ سَكابِ عِلْقٌ ... نفيسٌ لا تُعارُ ولا تُباعُ

سلب
سَلَبَه الشيءَ يَسْلُبُه سَلْباً وسَلَباً واسْتَلَبَه إِياه وسَلَبُوتٌ فَعَلوتٌ مِنه وقال اللحياني رجل سَلَبوتٌ وامرأَةٌ سَلَبوتٌ كالرجل وكذلك رجلٌ سَلاَّبةٌ بالهاءِ والأُنثى سَلاَّبة أَيضاً والاسْتِلابُ الاختِلاس والسَّلَب ما يُسْلَبُ وفي التهذيب ما يُسْلَبُ به والجمع أَسلابٌ وكل شيءٍ على الإِنسانِ من اللباسِ فهو سَلَبٌ والفعل سَلَبْتُه أَسْلُبُه سَلْباً إِذا أَخَذْتَ سَلَبَه وسُلِبَ الرجلُ ثيابه قال رؤْبة يراع سير كاليراع للأَسلاب ( 1 )
( 1 قوله « يراع سير إلخ » هو هكذا في الأصل )
اليَراعُ القَصَب والأَسْلابُ التي قد قُشِرَتْ وواحدُ الأَسْلابِ سَلَبٌ وفي الحديث مَن قَتَل قَتيلاً فله سَلَبُه وقد تكرر ذكر السَّلَب وهو ما يأْخُذُه أَحدُ القِرْنَيْن في الحربِ من قِرْنِه مما يكونُ عليه ومعه من ثِيابٍ وسلاحٍ ودابَّةٍ وهو فَعَلٌ بمعنى مفعولٍ أَي مَسْلُوب والسَّلَبُ بالتحريك المَسْلُوب وكذلك السَّلِيبُ ورجلٌ سَلِيبٌ مُسْتَلَب العقل والجمع سَلْبى [ ص 472 ] وناقة سالِبٌ وسَلُوبٌ ماتَ وَلَدُها أَو أَلْقَتْهُ لغير تَمامٍ وكذلك المرأَة والجمع سُلُبٌ وسَلائبُ وربما قالوا امرأَة سُلُب قال الراجز ما بالُ أَصْحابِكَ يُنْذِرُونَكا ؟ أَأَنْ رَأَوْكَ سُلُباً يَرْمُونَكا ؟ وهذا كقولهم ناقةٌ عُلُطٌ بلا خِطامٍ وفَرس فُرُطٌ متَقَدِّمة وقد عَمِلَ أَبو عبيد في هذا باباً فأَكْثَرَ فيه من فُعُلٍ بغير هاءٍ للمُؤَنَّث والسَّلُوب من النُّوق التي أَلْقَتْ ولدها لغير تَمامٍ والسَّلُوب من النُّوق التي تَرْمي وَلَدها وأَسْلَبت النَّاقَةُ فهي مُسْلِبٌ أَلْقَتْ وَلَدَها من غيرِ أَن يَتِمَّ والجمع السَّلائِبُ وقيل أَسْلَبَت سُلِبَتْ وَلَدَها بِمَوتٍ أَو غير ذلك وظَبيةٌ سَلُوبٌ وسالِبٌ سُلِبَتْ وَلَدَها قال صخر الغيِّ
فَصادَتْ غَزالاً جاثماً بَصُرَتْ بِهِ ... لدى سَلَماتٍ عِنْدَ أَدْماءَ سالِبِ
وشَجَرةٌ سَلِيبٌ سُلِبَتْ وَرَقَها وأَغصانَها وفي حديث صِلَةَ خَرَجْتُ إِلى جَشَرٍ لَنا والنخلُ سُلُبٌ أَي لا حَمْلَ عليها وهو جمعُ سَلِيبٍ الأَزهري شَجَرَةٌ سُلُبٌ إِذا تَناثَرَ ورقُها وقال ذو الرمة أَو هَيْشَرٌ سُلُبُ قال شمر هَيْشَرٌ سُلُبٌ لا قِشْرَ عليه ويقال اسْلُبْ هذه القصبة أَي قَشِّرْها وسَلَبَ القَصَبَةَ والشَّجَرَة قشرها وفي حديث صفة مكة شرَّفها اللّه تعالى وأَسْلَب ثُمامُها أَي أَخْرَجَ خُوصَه وسَلَبُ الذَّبيحَةِ إِهابُها وأَكراعُها وبطْنُهَا وفَرَسٌ سَلْبُ القَوائم ( 1 )
( 1 قوله « سلب القوائم » هو بسكون اللام في القاموس وفي المحكم بفتحها ) خَفيفُها في النَّقل وقيل فَرَسٌ سَلِب القَوائم أَي طَويلُها قال الأَزهري وهذا صحيحٌ والسَّلْبُ السيرُ الخفيفُ السريعُ قال رؤْبة
قَدْ قَدَحَتْ مِنْ سَلْبِهِنَّ سَلْبا ... قارُورَةُ العينِ فصارت وَقْبَا
وانْسَلَبَتِ الناقَة إِذا أَسْرَعَت في سيرها حتى كأَنها تَخْرُج من جِلْدِها وثَوْرٌ سَلِبُ الطَّعْنِ بِالقَرْنِ ورجُلٌ سَلِبُ اليَدَيْنِ بالضَّرْبِ والطَّعْنِ خَفيفُهما ورُمْحٌ سَلِبٌ طَويلٌ وكذلك الرجلُ والجمعُ سُلُب قال
ومَنْ رَبَطَ الجِحاشَ فإِنَّ فِينا ... قَناً سُلُباً وأَفْراساً حِسانا
وقال ابن الأَعرابي السُّلْبَةُ الجُرْدَةُ يقال ما أَحْسَنَ سُلْبَتَها وجُرْدَتَها والسَّلِبُ بكسر اللام الطويل قال ذو الرمة يصف فراخ النعامة
كأَنَّ أَعناقَها كُرّاتُ سائِفَةٍ ... طارَتْ لفائِفُه أَو هَيْشَرٌ سَلِبُ
ويروى سُلُب بالضم من قولهم نَخْلٌ سُلُب لا حَمْلَ عليه وشَجَرٌ سُلُبٌ لا وَرَق عليه وهو جمع سَلِيبٍ فعيلٌ بمعنى مفعول والسِّلابُ والسُّلُب ثِيابٌ سودٌ تَلْبَسُها النساءُ في [ ص 473 ] المأْتَمِ واحدَتُها سَلَبة وسَلَّبَتِ المرأَةُ وهي مُسَلِّبٌ إِذا كانت مُحِدًّا تَلْبَس الثِّيابَ السُّودَ للحِدادِ وتَسَلَّبت لَبِسَتِ السِّلابَ وهي ثِيابُ المأْتَمِ السُّودُ قال لبيد
يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوجُهٍ صِحاحِ ... في السُّلُبِ السودِ وفي الأَمساحِ
وفي الحديث عن أَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْس أَنها قالت لمَّا أُصيبَ جعفرٌ أَمَرَني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال تَسَلَّبي ثلاثاً ثم اصْنَعِي بعدُ ما شِئْتِ تَسَلَّبي أَي الْبَسِي ثِيابَ الحِدادِ السُّودَ وهي السِّلاب وتَسَلَّبَتِ المرأَةُ إِذا لَبِسَتْهُ وهو ثَوْبٌ أَسودُ تُغَطِّي به المُحِدُّ رَأْسَها وفي حديث أُمِّ سلمة أَنها بَكَتْ على حَمْزَةَ ثلاثة أَيامٍ وتَسَلَّبَتْ وقال اللحياني المُسَلِّب والسَّلِيبُ والسَّلُوبُ التي يموتُ زَوجُها أَو حَمِيمُها فتَسَلَّبُ عليه وتَسَلَّبَتِ المرأَة إِذا أَحدّتْ وقيل الإِحدادُ على الزَّوْجِ والتَّسَلُّبُ قد يكون على غيرِ زَوجٍ أَبو زيدٍ يقال للرجل ما لي أَراكَ مُسْلَباً ؟ وذلك إِذا لم يَأْلَفْ أَحداً ولا يَسْكُن إِليه أَحد وإِنما شبِّه بالوَحْش ويقال إِنه لوَحْشِيٌّ مُسْلَبٌ أَي لا يأْلفُ ولا تَسْكُنُ نفسُه والسلبة خَيْطٌ يُشَدُّ على خَطْمِ البعيرِ دونَ الخِطامِ والسلبة عَقَبَةٌ تُشَدُّ على السهم والسِّلْبُ خَشَبَةٌ تُجْمَع إِلى أَصلِ اللُّؤَمةِ طَرَفُها في ثَقْبِ اللُّؤَمةِ قال أَبو حنيفة السِّلْبُ أَطْوَلُ أَداةِ الفَدَّانِ وأَنشد يا لَيْتَ شعْري هلْ أَتى الحسانا أَنَّى اتَّخَذْتُ اليَفَنَيْنِ شانا ؟ السِّلْبَ واللُّؤْمةَ والعيانا ويقال للسَّطْر من النخيل أُسْلوبٌ وكلُّ طريقٍ ممتدٍّ فهو أُسلوبٌ قال والأُسْلوبُ الطريق والوجهُ والمَذْهَبُ يقال أَنتم في أُسْلُوبِ سُوءٍ ويُجمَعُ أَسالِيبَ والأُسْلُوبُ الطريقُ تأْخذ فيه والأُسْلوبُ بالضم الفَنُّ يقال أَخَذ فلانٌ في أَسالِيبَ من القول أَي أَفانِينَ منه وإِنَّ أَنْفَه لفي أُسْلُوبٍ إِذا كان مُتكبِّراً قال
أُنوفُهُمْ بالفَخْرِ في أُسْلُوبِ ... وشَعَرُ الأَسْتاهِ بالجَبوبِ
يقول يتكبَّرون وهم أَخِسَّاء كما يقال أَنْفٌ في السماءِ واسْتٌ في الماءِ والجَبوبُ وجهُ الأَرضِ ويروى أُنوفُهُمْ مِلفَخْرِ في أُسْلُوبِ أَراد مِنَ الفَخْرِ فحَذف النونَ والسَّلَبُ ضَرْبٌ من الشجر ينبُتُ مُتَناسقاً ويَطولُ فيُؤخَذُ ويُمَلُّ ثم يُشَقَّقُ فتخرجُ منه مُشاقةٌ بيضاءُ كالليفِ واحدتُه سَلَبةٌ وهو منْ أَجودِ ما يُتخذ منه الحبال وقيل السَّلَبُ لِيفُ المُقْلِ وهو يُؤْتى به من مكة الليث السَّلَبُ ليفُ المُقْل وهو أَبيض قال الأَزهري غَلِطَ الليث فيه وقال أَبو حنيفة السَّلَبُ نباتٌ ينبتُ أَمثالَ الشَّمَع الذي يُسْتَصْبَحُ به في خِلْقَتِه إِلاَّ أَنه أَعظمُ وأَطولُ يُتَّخَذ منه الحبالُ على كلّ ضَرب والسَّلَبُ لِحاءُ شجرٍ معروف باليمن [ ص 474 ] تعمل منه الحبالُ وهو أَجفَى من ليفِ المُقْلِ وأَصْلَبُ وفي حديث ابن عمر أن سعيد بن جبير دخل عليه وهو مُتوسِّدٌ مِرْفَقَةَ أَدَم حَشْوُها لِيفٌ أَو سَلَبٌ بالتحريك قال أَبو عبيد سأَلتُ عن السَّلَبِ فقيل ليس بلِيفِ المُقْلِ ولكنه شجر معروفٌ باليمن تُعْمَلُ منه الحبالُ وهو أَجفى من لِيفِ المُقْلِ وأَصْلَبُ وقيل هو ليفُ المُقْل وقيل هو خُوصُ الثُّمام وبالمَدينة سُوقٌ يقال له سوقُ السَّلاَّبِين قال مُرَّة بن مَحْكان التَّميمي
فنَشْنَشَ الجِلدَ عَنْها وهْيَ بارِكةٌ ... كما تُنَشْنِشُ كفَّا فاتِلٍ سَلَبا
تُنَشْنِشُ تحرِّكُ قال شمر والسَّلَب قِشْرٌ من قُشورِ الشَّجَر تُعْمَلُ منهُ السِّلالُ يقال لسُوقِهِ سُوقُ السَّلاَّبِينَ وهي بمكَّة معروفَةٌ ورواه الأَصْمعي فَاتِل بالفاءِ وابن الأَعرابي قَاتِل بالقافِ قال ثعلب والصحيح ما رواه الأَصمعي ومنه قَولُهم أَسْلَبَ الثُّمامُ قال ومن رواه بالفاءِ فإِنه يريدُ السَّلَب الذي تُعْمَلُ منه الحِبال لا غير ومن رواه بالقاف فإِنه يريد سَلَبَ القَتِيل شَبَّه نَزْع الجازِرِ جِلْدَها عنها بأَخْذِ القاتِل سَلَبَ المَقْتُول وإِنما قال بارِكَة ولم يَقُلْ مُضْطَجِعَة كما يُسْلَخُ الحَيوانُ مُضْطَجِعاً لأَن العرب إِذا نَحَرَتْ جَزُوراً تركُوها باركة على حالها ويُرْدِفُها الرجالُ من جانِبَيْها خوفاً أَن تَضْطَجِعَ حين تموت كلُّ ذلك حرصاً على أَن يَسْلُخوا سَنامَها وهي باركة فيأْتي رجلٌ من جانِبٍ وآخَرُ من الجانب الآخر وكذلك يفعلون في الكَتِفَين والفَخِذَين ولهذا كان سَلْخُها باركةً خيراً عندهم من سَلْخِها مضطجعةً والأُسْلُوبةُ لُعْبَةٌ للأَعراب أَو فَعْلَةٌ يفعلونها بينهم حكاها اللحياني وقال بينهم أُسْلُوبة

سلحب
المُسْلَحِبُّ المُنْبَطِحُ والمُسْلَحِبُّ الطَّريقُ البَيِّنُ المُمتَدُّ وطريقٌ مُسْلَحِبٌّ أَي مُمْتَدٌّ والمُسْلَحِبُّ المُسْتَقِيمُ مثلُ المُتْلَئِبِّ وقد اسْلَحَبَّ اسْلِحْباباً قال جِرانُ العَوْد
فَخَرَّ جِرانٌ مُسْلَحِبّاً كأَنه ... على الدَّفِّ ضِبْعانٌ تَقَطَّرَ أَمْلَحُ
والسُّلْحُوبُ من النساءِ الماجِنة قال ذلك أَبو عمرو وقال خليفة الحُصَيْنِيُّ المُسْلَحِبُّ المُطْلَحِبُّ المُمْتَدُّ وسمعتُ غير واحدٍ من العرب يقول سِرْنا من موضع كذا غُدْوَةً فظَلَّ يَوْمُنا مُسْلَحِبّاً أَي مُمْتدّاً سَيْرُه واللّه أَعلم

سلقب
سَلْقَبٌ اسمٌ

سلهب
السَّلْهَبُ الطويلُ عامَّةً وقيل هو الطويلُ من الرجال وقيل هو الطويلُ من الخيلِ والناس الجوهري السَّلْهَبُ من الخيلِ الطويلُ على وجهِ الأَرض وربما جاءَ بالصادِ والجمع السَّلاهِبَةُ والسَّلْهَبةُ من النساءِ الجَسِيمةُ وليست بِمدْحَةٍ ويقال فَرَسٌ سَلْهَبٌ وسَلْهَبةٌ للذَّكَر إِذا عَظُم وطالَ وطالَتْ عِظَامُه وفَرَسٌ مُسْلَهِبٌّ ماضٍ ومنه قولُ الأَعرابيِّ في صِفَةِ الفَرَس وإِذا عَدَا اسْلَهَبَّ وإِذا قُيِّدَ اجْلَعَبَّ وإِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ واللّه أَعلم [ ص 475 ]

سنب
السَّنْبةُ الدَّهْرُ وعِشْنا بذلك سَنْبةً وسَنْبَتةً أَي حِقْبةً التاءُ في سَنْبَتةٍ مُلْحَقةٌ على قول سيبويه قال يدُلُّ على زِيادةِ التاءِ أَنك تقول سَنْبةٌ وهذه التاءُ تَثبُتُ في التصغير تقول سُنَيْبِتَةٌ لقولهم في الجمع سَنَابِتُ ويقال مَضَى سَنْبٌ مِنَ الدَّهْر أَو سَنْبةٌ أَي بُرْهةٌ وأَنشد شمر ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوانَ سَنْبَتِه والسَّنْبَاتُ والسَّنْبةُ سُوءُ الخُلُقِ وسُرْعةُ الغَضَبِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد قد شِبْتُ قَبْلَ الشَّيْبِ مِنْ لِداتي وذاكَ ما أَلْقَى من الأَذاةِ من زَوْجةٍ كثيرةِ السَّنْباتِ أَراد السَّنَباتِ فخفَّف للضرورة كما قال ذو الرمة
أَبَتْ ذِكْرَ مَنْ عوَّدْنَ أَحْشاءَ قَلْبِه ... خُفوقاً ورَقْصاتِ الهَوى في المَفاصِل
ورجُل سَنُوبٌ أَي مُتَغَضِّبٌ والسِّنْبابُ الرَّجل الكثير الشرّ قال والسَّنُوبُ الرَّجل الكَذَّابُ المُغْتابُ والمَسْنَبةُ الشِّرَّةُ ابن الأَعرابي السَّنْباءُ الاسْتُ وفرسٌ سَنِبٌ بكسر النون أَي كثير الجَرْي والجمع سُنُوبٌ الأَصمعي فرس سَنِبٌ إِذا كان كثيرَ العَدْوِ جواداً

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88