كتاب : لسان العرب
المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور

أرن
الأَرَنُ النشاطُ أَرِنَ يأْرَنُ أَرَناً وإرِاناً وأَرِيناً أَنشد ثعلب للحَذْلميّ مَتى يُنازِعْهُنَّ في الأَرِينِ يَذْرَعْنَ أَو يُعْطِينَ بالماعونِ وهو أَرِنٌ وأَرُونٌ مثل مَرِحٍ ومروحٍ قال حُميد الأَرْقَط أقَبَّ ميفاءٍ على الرُّزون حدّ الرَّبيع أَرِنٍ أَرُونِ والجمع آرانٌ التهذيب الأَرَنُ البطَرُ وجمعه آرانٌ والإرانُ النَّشاطُ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر يصف ثَوْراً فانْقَضَّ مُنْحَدِباً كأَنَّ إرانَه قَبَسٌ تَقَطَّع دون كفِّ المُوقِد وجمعه أُرُنٌ وأَرِنَ البعيرُ بالكسر يأْرَنُ أَرَناً إذا مَرِحَ مَرَحاً فهو أَرِنٌ أَي نشيطٌ والإرانُ الثورُ وجمعه أُرُنٌ غيره الإرانُ الثورُ الوحشيُّ لأنه يُؤارِنُ البقرةَ أَي يطلبُها قال الشاعر وكم من إرانٍ قد سَلَبْتُ مقِيلَه إذا ضَنَّ بالوَحْشِ العِتاقِ مَعاقِلُه وآرَنَ الثورُ البقرةَ مُؤارَنَةً وإراناً طلبَها وبه سُمِّي الرجل إراناً وشاةُ إرانٍ الثورُ لذلك قال لبيد فكأَنها هي بعدَ غِبِّ كلالِها أَو أَسْفعِ الخَدَّيْنِ شاةُ إرانِ وقيل إرانٌ موضعٌ ينسب إليه البقرُ كما قالوا ليْثُ خفيَّةٍ وجنُّ عَبْقَر والمِئْرانُ كِناسُ الثورِ الوحشيّ وجمعُه الميَارينُ والمآرينُ الجوهري الإرانُ كِناسُ الوحش قال الشاعر كأَنه تَيْسُ إرانِ مُنْبَتِلْ أَي مُنْبَتّ وشاهد الجمع قول جرير قد بُدِّلَتْ ساكن الآرام بَعْدهم والباقِر الخِيس يَنْحينَ المَآرِينا وقال سُؤْرُ الذِّئب قَطَعْتُها إذا المَها تَجَوَّفَتْ مآرِناً إلى ذُراها أَهْدَفَتْ والإرانُ الجنازةُ وجمعه أُرُنٌ وقال أَبو عبيد الإرانُ خشبٌ يُشدُّ بعضه إلى بعض تُحْمَل فيه الموتى قال الأَعشى أثَّرَتْ في جَناجِنٍ كإرانِ ال مَيتِ عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ وقيل الإران تابوت الموتى أَبو عمرو الإرانُ تابوتُ خشب قال طرفة أَمُونٍ كأَلواحِ الإرانِ نَسَأْتُها على لاحبٍ كأَنه ظَهْرُ بُرْجُدِ ابن سيده الإرانُ سرير الميت وقول الراجز إذا ظُبَيُّ الكُنُساتِ انْغَلاَّ تحتَ الإرانِ سَلَبَتْه الظِّلاَّ يجوز أَن يعني به شجرةً شِبْه النعْش وأَن يعني به النشاط أَي أَن هذه المرأَة سريعة خفيفة وذلك فيهن مذموم والأُرْنةُ الجُبن الرَّطْب وجمعها أُرَنٌ وقيل حبٌّ يُلقى في اللبن فينتفخُ ويسمّى ذلك البياضُ الأُرْنةَ وأَنشد هِدانٌ كشَحْمِ الأُرْنةِ المُتَرَجْرِج وحكي الأُرنى أَيضاً
( * قوله « وحكي الأرنى أيضاً » هكذا في الأصل هنا وفيما بعد مع نقط النون وفي القاموس بالباء مضبوطاً بضم الهمزة وفتح الراء والباء ) والأُرانى الجُبن الرَّطبُ على وزن فُعالى وجمعه أَرانيّ قال ويقال للرجل إنما أَنتَ كالأُرْنةِ وكالأُرْنى والأُرانى حبُّ بقْلٍ يُطرَح في اللبن فيُجبِّنُه وقول ابن أَحمر وتَقَنَّعَ الحِرْباءُ أُرْنَتَه قيل يعني السَّرابَ والشمس عن ابن الأَعرابي وقال ثعلب يعني شعرَ رأْسه وفي التهذيب وتقنَّع الحرباء أُرْتَته بتاءَين قال وهي الشَّعرات التي في رأْسه وقوله هِدانٌ نَوَّامٌ لا يُصلِّي ولا يُبكِّر لحاجته وقد تَهَدَّن ويقال هو مَهْدونٌ قال ولم يُعَوَّدْ نَوْمةَ المَهْدُونِ الجوهري وأُرْنةُ الحِرباء بالضم موضعه من العود إذا انتصب عليه وأَنشد بيت ابن أَحمر وتَعَلَّلَ الحِرْباءُ أُرْنَتَه مُتَشاوِساً لِوَريدِهِ نَقْرُ وكنى بالأُرْنة عن السَّراب لأَنه أَبيض ويروى أُرْبَته بالباء وأُرْبَتُه قِلادته وأَراد سَلْخَه لأَن الحِرْباء يُسْلَخ كما يُسلخ الحيّة فإذا سُلخ بقي في عُنُقِهِ منه شيء كأَنه قلادة وقيل الأُرْنة ما لُفَّ على الرأْس والأَرُون السّمُّ وقيل هو دماغُ الفيل وهو سمٌّ أَنشد ثعلب وأَنتَ الغَيْثُ ينفعُ ما يَليه وأَنتَ السَّمُّ خالَطه الأَرُونُ أَي خالطه دماغُ الفيل وجمعه أُرُنٌ وقال ابن الأَعرابي هو حبُّ بقْلةٍ يقال له الأُراني والأُراني أُصول ثمر الضَّعة وقال أَبو حنيفة هي جناتُها والأَرانيةُ ما يطول ساقُه من شجر الحَمْض وغيره وفي نسخة ما لا يطول ساقُه من شجر الحمض وغيره وفي حديث اسْتسقاء عمر رضي الله عنه حتى رأَيت الأَرِينةَ تأْكلها صغارُ الإبل الأَرينةُ نبتٌ معروف يُشْبه الخِطميّ وقد روي هذا الحديث حتى رأَيْتُ الأَرْنبةَ قال شمر قال بعضهم سأَلت الأَصمعي عن الأَرينة فقال نبتٌ قال وهي عندي الأَرْنبة قال وسمعت في الفصيح من أَعراب سَعْد بن بكر ببطن مُرٍّ قال ورأَيتُه نباتاً يُشبَّه بالخطميّ عريض الورق قال شمر وسمعت غيره من أَعراب كنانة يقولون هو الأَرِين وقالت أَعرابيَّة من بطن مُرٍّ هي الأَرينةُ وهي خِطْمِيُّنا وغَسولُ الرأْس قال أَبو منصور والذي حكاه شمر صحيحٌ والذي روي عن الأَصمعي أَنه الأَرْنَبة من الأَرانب غيرُ صحيح وشمر مُتْقِن وقد عُنِيَ بهذا الحرف وسأَل عنه غيرَ واحدٍ من الأَعراب حتى أَحكمه والرُّواة ربما صحَّفوا وغيَّروا قال ولم أَسمع الأَرينةَ في باب النبات من واحد ولا رأَيته في نُبوت البادية قال وهو خطأ عندي قال وأحسب القتيبي ذكرَ عن الأَصمعي أَيضاً الأَرْنبة وهو غير صحيح وحكى ابن بري الأَرين على فَعِيل نبتٌ بالحجاز له ورق كالخِيريّ قال ويقال أَرَنَ يأْرُنُ أُروناً دنا للحج النهاية وفي حديث الذبيحة أَرِنْ أَو اعْجَلْ ما أَنَهَر الدمَ قال ابن الأَثير هذه اللفظة قد اختُلف في ضبطها ومعناها قال الخطابي هذا حرف طال ما اسْتَثْبَتُّ فيه الرُّواةَ وسأَلتُ عنه أَهلَ العلم فلم أَجدْ عند واحد منهم شيئاً يُقْطعُ بصحته وقد طلبت له مَخْرَجاً فرأَيته يتجه لوجوه أَحدها أَن يكون من قولهم أَرانَ القوم فهم مُرينون إذا هلكت مواشيهم فيكون معناه أَهلِكْها ذَبحاً وأَزْهِقْ نفْسَها بكل ما أَنَهَرَ الدمَ غير السنّ والظفر على ما رواه أَبو داود في السُّنن بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون النون والثاني أَن يكون إئْرَنْ بوزن أَعْرَبْ من أَرِنَ يأْرَنُ إذا نَشِط وخَفَّ يقول خِفَّ واعْجَلْ لئلا تقتُلَها خَنْقاً وذلك أَن غير الحديد لا يمورُ في الذكاة مَوْرَه والثالث أَن يكون بمعنى أَدِمِ الحَزَّ ولا تَفْتُرْ من قولك رَنَوْتُ النظرَ إلى الشيء إذا أَدَمْتَه أَو يكون أَراد أَدِمِ النظرَ إليه وراعِه ببصرِك لئلا يَزلَّ عن المذبح وتكون الكلمة بكسر الهمزة
( * قوله « وتكون الكلمة بكسر الهمزة إلخ » كذا في الأصل والنهاية وتأمله مع قولهما قبل من قولك رنوت النظر إلخ فإن مقتضى ذلك أن يكون بضم الهمزة والنون مع سكون الراء بوزن اغز إلا أن يكون ورد يائياً أيضاً ) والنون وسكون الراء بوزن ارْمِ قال الزمخشري كلُّ مَن علاكَ وغَلَبكَ فقد رانَ بك ورِينَ بفلان ذهبَ به الموتُ وأَرانَ القومُ إذا رِينَ بمواشيهم أَي هلكت وصاروا ذَوي رَيْنٍ في مواشيهم فمعنى أَرِنْ أَي صِرْ ذا رَيْنٍ في ذبيحتك قال ويجوز أَن يكون أَرانَ تَعْدِيةَ رانَ أَي أَزْهِقْ نَفْسَها ومنه حديث الشعبي اجتمع جوارٍ فأَرِنَّ أَي نَشِطْنَ من الأَرَنِ النَّشاطِ وذكر ابن الأَثير في حديث عبد الرحمن النخعي لو كان رأْيُ الناسِ مثلَ رأْيك ما ادِّيَ الأَرْيانُ وهو الخراجُ والإتاوةُ وهو اسم واحدٌ كالشيْطان قال الخطابي الأَشْبَهُ بكلام العرب أَن يكون الأُرْبانَ بضم الهمزة والباء المعجمة بواحدة وهو الزيادة على الحقّ يقال فيه أُرْبانٌ وعُرْبانٌ فإن كانت معجمة باثنتين فهو من التأْرية لأَنه شيء قُرّر على الناس وأُلْزِموه

أزن
الأَزَنِيّة لغةٌ في اليَزَنِيّة يعني الرماحَ والياء أَصل يقال رُمْحٌ أَزَنيٌّ ويَزَنِيٌّ منسوب إلى ذي يَزن أَحد ملوك الأَذْواءِ من اليَمن وبعضهم يقول يَزانيٌّ وأَزانيّ

أسن
الآسِنُ من الماء مثلُ الآجِن أَسَنَ الماءُ يأْسِنُ ويأْسُنُ أَسْناً وأُسوناً وأَسِنَ بالكسر يأْسَنُ أَسَناً تغيَّر غير أَنه شروبٌ وفي نسخة تغيَّرت ريحُه ومياهٌ آسانٌ قال عوْفُ بن الخَرِع وتشْربُ آسانَ الحِياضِ تَسوفُها ولوْ ورَدَتْ ماءَ المُرَيرةِ آجِما أَرادَ آجِناً فقلبَ وأَبدلَ التهذيب أَسَنَ الماءُ يأْسِنُ أَسْناً وأُسوناً وهو الذي لا يشربه أَحدٌ من نَتْنِه قال الله تعالى من ماءٍ غيرِ آسِنٍ قال الفراء غير متغيّرٍ وآجِنٍ وروى الأَعمش عن شَقِيق قال قال رجل يقال له نَهيك بن سنان يا أَبا عبد الرحمن أَياءً تجدُ هذه الآية أَم أَلفاً من ماءٍ غيرِ آسِنٍ ؟ قال عبد الله وقد علمتُ القرآنُ كله غير هذه قال إني أَقرأُ المفصَّل في ركعة واحدة فقال عبد الله كهذِّ الشِّعْر قال الشيخ أَراد غيرَ آسِنٍ أَم ياسِنٍ وهي لغة لبعض العرب وفي حديث عمر أَن قَبيصةَ بن جابر أَتاه فقال إنِّي دَمَّيْتُ ظَبياً وأَنا مُحْرِم فأَصَبْتُ خُشَشَاءَه فأَسِنَ فمات قال أَبو عبيد قوله فأَسِنَ فمات يعني دِيرَ به فأَخذه دُوارٌ وهو الغَشْيُ ولهذا قيل للرجل إذا دخل بِئراً فاشتدَّت عليه ريحُها حتى يُصيبَه دُوارٌ فيسقط قد أَسِنَ وقال زهير يُغادِرُ القِرْنَ مُصْفرَّا أَنامِلُه يميدُ في الرُّمْحِ مَيْدَ المائحِ الأَسِنِ قال أَبو منصور هو اليَسِنُ والآَسِنُ قال سمعته من غير واحد من العرب مثلَ اليَزَنِيِّ والأَزَنِيّ واليَلَنْدَدِ والأَلَنْدَدِ ويروى الوَسِن قال ابن بري أَسِنَ الرجلُ من ريح البئر بالكسر لا غير قال والذي في شعره يميل في الرمح مثلَ المائح وأَورده الجوهري قد أَترك القرن وصوابه يغادر القرن وكذا في شعره لأَنه من صفة الممدوح وقبله أَلَمْ ترَ ابنَ سِنانٍ كيفَ فَضَّلَه ما يُشْتَرى فيه حَمْدُ الناسِ بالثَّمن ؟ قال وإنّما غلَّط الجوهريّ قولُ الآخر قد أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه كأَنَّ أَثوابَه مُجَّت بفِرْصاد وأَسِنَ الرجلُ أَسَناً فهو أَسِنٌ وأَسِنَ يأْسَنُ ووَسِنَ غُشِيَ عليه من خُبْث ريحِ البئر وأَسِنَ لا غير استدارَ رأْسُه من ريح تُصيبه أَبو زيد ركيّة مُوسِنةٌ يَوْسَنُ فيها الإنسانُ وَسَناً وهو غَشْيٌ يأْخذه وبعضهم يهمز فيقول أَسِن الجوهري أَسِنَ الرجلُ إذا دخل البئر فأَصابته ريحٌ مُنْتِنة من ريح البئر أَو غير ذلك فغُشِيَ عليه أَو دار رأْسُه وأَنشد بيت زهير أَيضاً وتأَسَّنَ الماءُ تغيّر وتأَّسَّنَ عليّ فلانٌ تأَسناً اعْتَلَّ وأَبْطَأَ ويروى تأَسَّرَ بالراء وتأَسَّنَ عَهْدُ فلان ووُدُّه إذا تغيَّر قال رؤبة راجَعَه عهداً عن التأّسُّن التهذيب والأَسينةُ سَيْرٌ واحد من سُيور تُضْفَر جميعُها فتُجعل نِسعاً أَو عِناناً وكلُّ قُوَّة من قُوَى الوَتَر أَسِينةٌ والجمع أَسائِنُ والأُسونُ وهي الآسانُ
( * قوله « والأسون وهي الآسان أيضاً » هذه الجملة ليست من عبارة التهذيب وهما جمعان لآسن كحمل لا لأسينة ) أَيضاً الجوهري الأُسُن جمع الآسان وهي طاقات النِّسْع والحَبْل عن أَبي عمرو وأَنشد الفراء لسعد بن زيد مناة لقد كنتُ أَهْوَى الناقِميَّة حِقْبةً وقد جعلَتْ آسانُ وَصْلٍ تَقطَّعُ قال ابن بري جعل قُوَى الوصْلِ بمنزلة قُوى الحبْل وصواب قول الجوهري أَن يقول والآسان جمع الأُسُن والأُسُنُ جمع أَسينة وتجمع أَسينة أَيضاً على أَسائنَ فتصير مثل سفينة وسُفُن وسَفائنَ وقيل الواحد إسْنٌ والجمع أُسُونٌ وآسانٌ قال وكذا فسر بيت الطرماح كحلْقومِ القَطاة أُمِرَّ شَزْراً كإمْرارِ المُحَدْرَجِ ذي الأُسونِ ويقال أَعطِني إسْناً من عَقَبٍ والإسْنُ العَقَبةُ والجمعُ أُسونٌ ومنه قوله ولا أَخا طريدةٍ وإسْنِ وأَسَنَ الرجلُ لأَخيه يأْسِنُه ويأْسُنُه إذا كسَعَه برجلِه أَبو عمرو الأََسْنُ لُعْبة لهم يسمونها الضَّبْطَة والمَسَّة وآسانُ الرجل مَذاهبُه وأَخلاقُه قال ضابئٌ البُرْجُمِيّ في الآسانِ الأَخلاق وقائلةٍ لا يُبْعِدُ اللهُ ضابئاً ولا تبْعَدَنْ آسانه وشمائله والآسانُ والإسانُ الآثار القديمةُ والأُسُن بقيَّة الشحم القديم وسَمِنت على أُسُنٍ أَي على أَثارةَ شحم قديم كان قبل ذلك وقال يعقوب الأُسُنُ الشحمُ القديم والجمع آسانٌ الفراء إذا أَبقيتَ من شحم الناقة ولحمها بقيةً فاسمُها الأُسُنُ والعُسُنُ وجمعها آسانٌ وأَعْسانٌ يقال سَمِنَت ناقتُه عن أُسُنٍ أَي عن شحمٍ قديم وآسانُ الثّيابِ ما تقطَّع منها وبَلِيَ يقال ما بقي من الثوب إلا آسانٌ أَي بقايا والواحد أُسُنٌ قال الشاعر يا أَخَوَيْنا من تَميمٍ عَرِّجا نَسْتَخْبِر الرَّبْعَ كآسانِ الخَلَقْ وهو على آسانٍ من أَبيه أَي مَشابِهَ واحدُها أُسُنٌ كعُسُنٍ وقد تأَسَّنَ أَباه إذا تَقَيّله أَبو عمرو تأَسَّنَ الرجلُ أَباه إذا أَخذ أَخْلاقَه قال اللحياني إذا نزَعَ إليه في الشَّبَه يقال هو على آسانٍ من أَبيه أَي على شَمائلَ من أَبيه وأَخْلاقٍ من أَبيه واحدُها أُسُنٌ مثل خُلُقٍ وأَخلاق قال ابن بري شاهد تأَسَّنَ الرجلُ أَباه قول بشير الفريري تأَسَّنَ زيدٌ فِعْلَ عَمْرو وخالدٍ أُبُوّة صِدْقٍ من فريرٍ وبُحْتُر وقال ابن الأَعرابي الأُسُنُ الشبَهُ وجمعُه آسانٌ وأَنشد تعْرِفُ في أَوْجُهِها البَشائِرِ آسانَ كلِّ أَفِقٍ مُشاجِرِ وفي حديث العباس في موت النبي صلى الله عليه وسلم قال لعُمَرَ خَلِّ بيننا وبين صاحبنا فإنه يأْسَنُ كما يأْسَنُ الناسُ أَي يتغيَّر وذلك أَن عمر كان قد قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَمُتْ ولكنه صَعِقَ كما صَعِقَ موسى ومنعهم عن دَفْنِه وما أَسَنَ لذلك يأْسُنُ أَسْناً أَي ما فَطَنَ والتأَسُّنُ التوهُّم والنِّسْيانُ وأَسَنَ الشيءَ أَثْبَتَه والمآسِنُ منابتُ العَرْفجِ وأُسُنٌ ماءٌ لبني تميم قال ابن مقبل قالت سُلَيْمَى ببَطْنِ القاعِ من أُسُنٍ لا خَيْرَ في العَيْشِ بعدَ الشَّيْبِ والكِبَر وروي عن ابن عمر أَنه كان في بيتِه الميْسُوسَنُ فقال أَخْرِجُوه فإنه رِجْسٌ قال شمر قال البكراوي المَيْسُوسَنُ شيء تجعله النساء في الغِسْلة لرؤوسهن

أشن
الأُشْنةُ شيءٌ من الطيب أَبيضُ كأَنه مقشورٌ قال ابن بري الأُشْنُ شيء من العطر أبيضُ دقيق كأَنه مقشورٌ من عِرْقٍ قال أَبو منصور ما أُراه عربيّاً والأُشنانُ والإشْنانُ من الحمض معروف الذي يُغْسَل به الأَيْدِي والضم أَعلى والأَوْشَنُ الذي يُزيّن الرجلَ ويقعد معه على مائدته يأْكل طعامَه والله أَعلم

أضن
إضانٌ اسم موضع قال تميم بن مقبل تأَمَّلْ خلِيلي هل تَرَى من ظَعائنٍ تَحَمَّلْنَ بالعَلْياءِ فوقَ إضانِ ؟ ويروى بالطاء والظاء

أطن
إطانٌ اسم موضع وأَنشد بيت ابن مقبل تأَمل خليلي هل ترى من ظعائن تحملن بالعلياء فوق إطان ؟ ويروى إظان بالظاء المعجمة

أطربن
الأَطْرَبونُ من الرُّومِ الرئيسُ منهم وقيل المُقدَّم في الحرب قال عبد الله بن سَبْرة الحَرَشيّ فإن يكن أطْرَبونُ الرُّومِ قَطَّعها فإن فيها بحَمْدِ الله مُنْتَفَعا قال ابن جني هي خماسية كَعَضْرَفوط

أظن
إظانٌ اسم موضع قال تميم بن مقبل تأَمل خليلي هل ترى من ظعائن تحملن بالعلياء فوق إظان ؟ ويروى بالضاد وبالطاء وقد تقدم

أفن
أَفَنَ الناقةَ والشاةَ يأْفِنُها أَفْناً حلَبها في غير حينها وقيل هو استخراجُ جميع ما في ضرعها وأَفَنْتُ الإبلَ إذا حلَبْتَ كلَّ ما في ضرعها وأَفَنَ الحالبُ إذا لم يدَعْ في الضَّرْع شيئاً والأَفْنُ الحَلْب خلاف التَّحْيين وهو أَن تَحْلُبَها أَنَّى شئتَ من غير وقت معلوم قال المُخبَّل إذا أُفِنَتْ أَرْوَى عِيالَك أَفْنُها وإن حُيّنَت أَرْبى على الوَطْبِ حِينُها وقيل هو أَن يحتَلِبها في كل وقت والتَّحْيِينُ أَن تُحْلَب كل يوم وليلة مرة واحدة قال أَبو منصور ومِن هذا قيل للأحمق مأْفونٌ كأَنه نُزِع عنه عقلُه كلُّه وأَفِنَت الناقةُ بالكسر قلَّ لبنُها فهي أَفِنةٌ مقصورة وقيل الأَفْنُ أَن تُحْلَبَ الناقةُ والشاةُ في غير وقت حَلْبِها فيفسدها ذلك والأَفْنُ النقصُ والمُتأَفِّنُ المُتنقِّص وفي حديث عليّ إيّاكَ ومُشاوَرَةَ النساء فإن رأْيَهنّ إلى أَفْنٍ الأَفْنُ النقصُ ورجل أَفينٌ ومأْفونٌ أَي ناقصُ العقلِ وفي حديث عائشة قالت لليهود عليكم اللعنةُ والسامُ والأََفْنُ والأفْنُ نقصُ اللبَنِ وأَفَنَ الفصيلُ ما في ضرع أُمِّه إذا شرِبَه كلَّه والمأْفونُ والمأْفوكُ جميعاً من الرجال الذي لا زَوْرَ له ولا صَيُّورَ أَي لا رأْيَ له يُرْجَعُ إليه والأَفَنُ بالتحريك ضعفُ الرأْي وقد أَفِنَ الرجلُ بالكسر وأُفِنَ فهو مأْفونٌ وأَفينٌ ورجل مأْفونٌ ضعيفُ العقلِ والرأْيِ وقيل هو المُتمدِّحُ بما ليس عنده والأَول أَصح وقد أفِنَ أَفْناً وأَفَناً والأفينُ كالمأْفونِ ومنه قولهم في أَمثال العرب كثرةُ الرِّقين تُعَفِّي على أََفْنِ الأََفِين أَي تُغطِّي حُمْقَ الأَحْمَق وأَفَنَه الله يأْفِنُه أَفْناً فهو مأْفونٌ ويقال ما في فلان آفِنةٌ أَي خصلة تأْفِنُ عقلَه قال الكميت يمدح زياد بن مَعْقِل الأَسديّ ما حَوَّلَتْك عن اسْمِ الصِّدْقِ آفِنَةٌ من العُيوبِ ما يبرى بالسيب
( * هكذا بالأصل ) يقول ما حَوَّلَتْك عن الزيادة خَصلةٌ تنْقُصُك وكان اسمه زِياداً أَبو زيد أُفِنَ الطعامُ يُؤْفَنُ أَفْناً وهو مأْفونٌ للذي يُعْجِبُك ولا خير فيه والجَوْزُ المأْفونُ الحَشَف ومن أَمثال العرب البِطْنةُ تأْفِنُ الفِطْنَة يريد أَن الشِّبَعَ والامْتِلاءَ يُضْعف الفِطنةَ أَي الشَّبْعان لا يكون فَطِناً عاقلاً وأَخذَ الشيءَ بإِفّانِه أَي بزمانه وأَوَّله وقد يكون فِعْلاناً وجاءَه على إفَّان ذلك أَي إبّانه وعلى حِينه قال ابن بري إفَّانٌ فِعْلانٌ والنون زائدة بدليل قولهم أَتيتُه على إِفّانِ ذلك وأَفَفِ ذلك قال والأَفينُ الفَصيل ذكراً كان أَو أُنثى والأَفاني نبتٌ وقال ابن الأَعرابي هو شجر بيض وأَنشد كأَنّ الأَفانى سَبيبٌ لها إذا التَفَّ تحتَ عَناصي الوَبَرْ وقال أَبو حنيفة الأَفانى من العُشْب وهو غبراء لها زهرة حمراء وهي طيِّبةٌ تكثر ولها كلأ يابس وقيل الأَفانى شيء ينبت كأَنه حَمْضةٌ يُشَبَّه بفراخ القَطا حين يُشَوِّك تبدَأُ بقلةً ثم تصير شجرة خضراء غبراء قال النابغة في وصف حَمِير توالِبُ تَرْفَعُ الأَذْنابَ عنها شَرَى أَسْتاههنَّ من الأَفانى وزاد أَبو المكارم أَن الصبْيان يجعلونها كالخواتم في أَيديهم وأَنها إذا يَبِسَت وابيضَّتْ شَوَّكت وشوْكَها الحَماطُ وهو لا يقع في شراب إلاّ رِيحَ مَنْ شرِبه وقال أَبو السَّمْح هي من الجَنْبة شجرة صغيرة مجتمع ورقها كالكُبَّة غُبَيراء مَلِيسٌ ورقها وعيدانها شِبْه الزَّغَب لها شُوَيكٌ لا تكاد تستَبينُه فإذا وقع على جلد الإنسان وجَدَه كأَنه حريقُ نار وربما شَرِيَ منه الجلدُ وسال منه الدم التهذيب والأَفانى نبت أَصفر وأَحمر واحدته أَفانِية الجوهري والأَفانى نبتٌ ما دام رَطْباً فإذا يبس فهو الحَماطُ واحدتها أَفانية مثل يمانيةٍ ويقال هو عِنَب الثعلب ذكره الجوهري في فصل فني وذكره اللغوي في فصل أَفن قال ابن بري وهو غلط

أقن
الأُقْنةُ الحُفرة في الأَرض وقيل في الجبل وقيل هي شبه حفرة تكون في ظهور القِفاف وأَعالي الجبال ضيِّقةُ الرأْس قعْرُها قدر قامة أَو قامتين خِلْقةً وربما كانت مَهْواة بين شَقَّين قال ابن الكلبي بيوت العرب ستة قُبَّةٌ من أَدَمٍ ومِظَلَّة من شعَر وخِباءٌ من صوفٍ وبجاد من وَبَر وخيمة من شجر وأُقْنة من حجر وجمعها أُقَنٌ ابن الأَعرابي أَوْقَنَ الرجلُ إذا اصطاد الطيرَ من وُقْنَتِه وهي مَحْضِنُه وكذلك يُوقَنُ إذا اصطاد الحمام من مَحاضِنها في رؤُوس الجبال والتَّوَقُّن التَّوَقُّل في الجبل وهو الصعود فيه أَبو عبيدة الوُقْنةُ والأُقْنةُ والوُكْنةُ موضع الطائر في الجبل والجمع الأُقَنات والوُقَنات والوُكَنات قال الطرماح في شَناظِي أُقَنٍ بينَها عُرَّةُ الطيرِ كصَوم النَّعامِ الجوهري الأُقْنةُ بيت يُبْنى من حجر والجمع أُقَنٌ مثل رُكْبة ورُكَب وأَنشد بيت الطرماح

ألن
فرس أَلِنٌ مجتمع بعضه على بعض قال المرّار الفقعسي أَلِنٌ إذْ خَرَجَتْ سَلَّتُه وهِلاً تَمْسَحُه ما يَسْتَقِرّ

ألبن
قال ابن الأَثير أَلْبُونُ بالباء الموحدة مدينة باليمن زعموا أَنها ذاتُ البئر المُعطَّلة والقصر المَشيد قال وقد تفتح الباء

ألين
في الحديث ذكر حصين أَلْيُون هو بفتح الهمزة وسكون اللام وضم الياء اسم مدينة مصر قديماً فتحها المسلمون وسمَّوْها الفُسْطاطَ ذكره ابن الأَثير قال وأَلْبُونُ بالباء الموحدة مدينةٌ باليمن وقد تقدم ذكرها والله أَعلم

أمن
الأَمانُ والأَمانةُ بمعنى وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان والأَمْنُ ضدُّ الخوف والأَمانةُ ضدُّ الخِيانة والإيمانُ ضدُّ الكفر والإيمان بمعنى التصديق ضدُّه التكذيب يقال آمَنَ به قومٌ وكذَّب به قومٌ فأَما آمَنْتُه المتعدي فهو ضدُّ أَخَفْتُه وفي التنزيل العزيز وآمَنَهم من خوف ابن سيده الأَمْنُ نقيض الخوف أَمِن فلانٌ يأْمَنُ أَمْناً وأَمَناً حكى هذه الزجاج وأَمَنةً وأَماناً فهو أَمِنٌ والأَمَنةُ الأَمْنُ ومنه أَمَنةً نُعاساً وإذ يَغْشاكم النعاسُ أَمَنةً منه نصَب أَمَنةً لأَنه مفعول له كقولك فعلت ذلك حَذَر الشر قال ذلك الزجاج وفي حديث نزول المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام وتقع الأمَنةُ في الأَرض أَي الأَمْنُ يريد أَن الأَرض تمتلئ بالأَمْن فلا يخاف أَحدٌ من الناس والحيوان وفي الحديث النُّجومُ أَمَنةُ السماء فإذا ذهبت النجومُ أَتى السماءَ ما تُوعَد وأَنا أَمَنةٌ لأَصحابي فإذا ذهبتُ أَتى أَصحابي ما يُوعَدون وأََصحابي أَمَنةٌ لأُمَّتي فإذا ذهبَ أصحابي أَتى الأُمَّةَ ما تُوعَد أَراد بِوَعْد السماء انشقاقَها وذهابَها يوم القيامة وذهابُ النجومُ تكوِيرُها وانكِدارُها وإعْدامُها وأَراد بوَعْد أَصحابه ما وقع بينهم من الفِتَن وكذلك أَراد بوعْد الأُمّة والإشارةُ في الجملة إلى مجيء الشرّ عند ذهابِ أَهل الخير فإنه لما كان بين الناس كان يُبَيِّن لهم ما يختلفون فيه فلما تُوفِّي جالت الآراءُ واختلفت الأَهْواء فكان الصَّحابةُ يُسْنِدونَ الأَمرَ إلى الرسول في قول أَو فعل أَو دلالة حال فلما فُقِدَ قَلَّت الأَنوارُ وقَويَت الظُّلَمُ وكذلك حالُ السماء عند ذهاب النجوم قال ابن الأَثير والأَمَنةُ في هذا الحديث جمع أَمينٍ وهو الحافظ وقوله عز وجل وإذ جَعَلْنا البيتَ مثابةً للناس وأَمْناً قال أَبو إسحق أَراد ذا أَمْنٍ فهو آمِنٌ وأَمِنٌ وأَمِين عن اللحياني ورجل أَمِن وأَمين بمعنى واحد وفي التنزيل العزيز وهذا البَلد الأَمين أَي الآمِن يعني مكة وهو من الأَمْنِ وقوله أَلم تعْلمِي يا أَسْمَ ويحَكِ أَنني حلَفْتُ يميناً لا أَخونُ يَميني قال ابن سيده إنما يريد آمنِي ابن السكيت والأَمينُ المؤتمِن والأَمين المؤتَمَن من الأَضداد وأَنشد ابن الليث أَيضاً لا أَخونُ يَمِيني أََي الذي يأْتَمِنُني الجوهري وقد يقال الأَمينُ المأْمونُ كما قال الشاعر لا أَخون أَميني أَي مأْمونِي وقوله عز وجل إن المتقِينَ في مقامٍ أَمينٍ أَي قد أَمِنُوا فيه الغِيَرَ وأَنتَ في آمِنٍ أَي في أَمْنٍ كالفاتح وقال أَبو زياد أَنت في أَمْنٍ من ذلك أَي في أَمانٍ ورجل أُمَنَةٌ يأْمَنُ كلَّ أَحد وقيل يأْمَنُه الناسُ ولا يخافون غائلَته وأُمَنَةٌ أَيضاً موثوقٌ به مأْمونٌ وكان قياسُه أُمْنةً أَلا ترى أَنه لم يعبَّر عنه ههنا إلا بمفعول ؟ اللحياني يقال ما آمَنْتُ أَن أَجِدَ صحابةً إيماناً أَي ما وَثِقْت والإيمانُ عنده الثِّقةُ ورجل أَمَنةٌ بالفتح للذي يُصَدِّق بكل ما يسمع ولا يُكَذِّب بشيء ورجل أَمَنةٌ أَيضاً إذا كان يطمئنّ إلى كل واحد ويَثِقُ بكل أَحد وكذلك الأُمَنَةُ مثال الهُمَزة ويقال آمَنَ فلانٌ العدُوَّ إيماناً فأَمِنَ يأْمَنُ والعدُوُّ مُؤْمَنٌ وأَمِنْتُه على كذا وأْتَمَنْتُه بمعنىً وقرئ ما لَك لا تأَمَننا على يوسف بين الإدغامِ والإظهارِ قال الأَخفش والإدغامُ أَحسنُ وتقول اؤتُمِن فلانٌ على ما لم يُسمَّ فاعلُه فإن ابتدأْت به صيَّرْت الهمزة الثانية واواً لأن كلَّ كلمة اجتمع في أَولها هَمزتانِ وكانت الأُخرى منهما ساكنة فلك أَن تُصَيِّرها واواً إذا كانت الأُولى مضمومة أَو ياءً إن كانت الأُولى مكسورة نحو إيتَمَنه أَو أَلفاً إن كانت الأُولى مفتوحة نحو آمَنُ وحديث ابن عمر أَنه دخل عليه ابنُه فقال إنّي لا إيمَنُ أَن يكون بين الناسِ قتالٌ أَي لا آمَنُ فجاء به على لغة من يكسر أَوائل الأَفعال المستقبلة نحو يِعْلَم ونِعْلم فانقلبت الأَلف ياء للكسرة قبلها واسْتأْمَنَ إليه دخل في أَمانِه وقد أَمَّنَه وآمَنَه وقرأَ أَبو جعفر المدنيّ لستَ مُؤَمَّناً أَي لا نُؤَمِّنك والمَأْمَنُ موضعُ الأَمْنِ والأمنُ المستجيرُ ليَأْمَنَ على نفسه عن ابن الأَعرابي وأَنشد فأَحْسِبُوا لا أَمْنَ من صِدْقٍ وَبِرْ وَسَحّْ أَيْمانٍ قَليلاتِ الأَشرْ أَي لا إجارة أَحْسِبُوه أَعطُوه ما يَكْفيه وقرئَ في سورة براءة إنهم لا إِيمانَ لهم مَنْ قرأَه بكسر الأَلف معناه أَنهم إن أَجارُوا وأَمَّنُوا المسلمين لم يَفُوا وغَدَروا والإيمانُ ههنا الإجارةُ والأَمانةُ والأَمَنةُ نقيضُ الخيانة لأَنه يُؤْمَنُ أَذاه وقد أَمِنَه وأَمَّنَه وأْتَمَنَهُ واتَّمَنه عن ثعلب وهي نادرة وعُذْرُ مَن قال ذلك أَن لفظه إذا لم يُدْغم يصير إلى صورة ما أَصلُه حرفُ لين فذلك قولهم في افْتَعَل من الأَكل إيتَكَلَ ومن الإزْرةِ إيتَزَرَ فأَشْبه حينئذٍ إيتَعَدَ في لغة من لم يُبْدِل الفاء ياء فقال اتَّمَنَ لقول غيره إيتَمَنَ وأَجود اللغتين إقرارُ الهمزة كأَن تقول ائتمن وقد يُقَدِّر مثلُ هذا في قولهم اتَّهَلَ واسْتَأْمَنه كذلك وتقول اسْتَأْمَنني فلانٌ فآمَنْتُه أُومِنُهُ إيماناً وفي الحديث المُؤَذِّنُ مؤتَمَنٌ مُؤْتَمَنُ القوم الذي يثِقون إليه ويتخذونه أَمِيناً حافظاً تقول اؤتُمِنَ الرجل فهو مُؤْتَمَن يعني أَن المؤذِّنَ أَمينُ الناسِ على صلاتهم وصيامهم وفي الحديث المَجالِسُ بالأَمانةِ هذا ندْبٌ إلى تركِ إعادةِ ما يَجْرِي في المجلس من قولٍ أَو فعلٍ فكأَنَّ ذلك أَمانةٌ عند مَن سَمِعه أَو رآه والأََمانةُ تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثِّقةِ والأَمان وقد جاء في كل منها حديث وفي الحديث الأَمانةُ غِنًى أَي سبب الغنى ومعناه أَن الرجل إذا عُرِفَ بها كثُر مُعاملوه فصار ذلك سبباً لِغناه وفي حديث أَشْراطِ الساعة والأَمانة مَغْنَماً أَي يرى مَن في يده أَمانةٌ أَن الخِيانَة فيها غَنيمةٌ قد غَنِمها وفي الحديث الزَّرعُ أَمانةٌ والتاجِرُ فاجرٌ جعل الزرع أَمانَةً لسلامتِه من الآفات التي تقع في التِّجارة من التَّزَيُّدِ في القول والحَلِف وغير ذلك ويقال ما كان فلانٌ أَميناً ولقد أَمُنَ يأْمُنُ أَمانةً ورجلٌ أَمينٌ وأُمّانٌ أَي له دينٌ وقيل مأْمونٌ به ثِقَةٌ قال الأَعشى ولَقَدْ شَهِدْتُ التّاجرَ ال أُمّانَ مَوْروداً شرابُهْ التاجِرُ الأُمّانُ بالضم والتشديد هو الأَمينُ وقيل هو ذو الدِّين والفضل وقال بعضهم الأُمّان الذي لا يكتب لأَنه أُمِّيٌّ وقال بعضهم الأُمّان الزرّاع وقول ابن السكيت شَرِبْت مِنْ أَمْنِ دَواء المَشْي يُدْعى المَشُْوَّ طعْمُه كالشَّرْي الأَزهري قرأْت في نوادر الأَعراب أَعطيت فلاناً مِنْ أَمْنِ مالي ولم يفسّر قال أَبو منصور كأَنَّ معناه مِنْ خالِص مالي ومِنْ خالص دَواءِ المَشْي ابن سيده ما أَحْسَنَ أَمَنَتَك وإِمْنَك أَي دِينَكَ وخُلُقَكَ وآمَنَ بالشيء صَدَّقَ وأَمِنَ كَذِبَ مَنْ أَخبره الجوهري أَصل آمَنَ أَأْمَنََ بهمزتين لُيِّنَت الثانية ومنه المُهَيْمِن وأَصله مُؤَأْمِن لُيِّنَتْ الثانيةُ وقلبت ياء وقلبت الأُولى هاء قال ابن بري قوله بهمزتين لُيِّنَتْ الثانية صوابه أَن يقول أُبدلت الثانية وأَما ما ذكره في مُهَيْمِن من أَن أَصلَه مُؤَأْمِن لُيِّنَتْ الهمزةُ الثانية وقلبت ياءً لا يصحُّ لأَنها ساكنة وإنما تخفيفها أَن تقلب أَلفاً لا غير قال فثبت بهذا أَن مُهَيْمِناً منْ هَيْمَنَ فهو مُهَيْمِنٌ لا غير وحدَّ الزجاجُ الإيمانَ فقال الإيمانُ إظهارُ الخضوع والقبولِ للشَّريعة ولِما أَتَى به النبيُّ صلى الله عليه وسلم واعتقادُه وتصديقُه بالقلب فمن كان على هذه الصِّفة فهو مُؤْمِنٌ مُسْلِم غير مُرْتابٍ ولا شاكٍّ وهو الذي يرى أَن أَداء الفرائض واجبٌ عليه لا يدخله في ذلك ريبٌ وفي التنزيل العزيز وما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لنا أَي بمُصدِّقٍ والإيمانُ التصديقُ التهذيب وأَما الإيمانُ فهو مصدر آمَنَ يُؤْمِنُ إيماناً فهو مُؤْمِنٌ واتَّفق أَهلُ العلم من اللُّغَويّين وغيرهم أَن الإيمانَ معناه التصديق قال الله تعالى قالتِ الأَعرابُ آمَنّا قل لَمْ تُؤْمِنوا ولكن قولوا أَسْلمنا ( الآية ) قال وهذا موضع يحتاج الناس إلى تَفْهيمه وأَين يَنْفَصِل المؤمِنُ من المُسْلِم وأَيْنَ يَسْتَويانِ والإسْلامُ إظهارُ الخضوع والقبول لما أَتى به النبي صلى الله عليه وسلم وبه يُحْقَنُ الدَّمُ فإن كان مع ذلك الإظْهارِ اعتِقادٌ وتصديق بالقلب فذلك الإيمانُ الذي يقال للموصوف به هو مؤمنٌ مسلمٌ وهو المؤمنُ بالله ورسوله غير مُرْتابٍ ولا شاكٍّ وهو الذي يرى أَن أَداء الفرائض واجبٌ عليه وأَن الجِهادَ بنفسِه وماله واجبٌ عليه لا يدخله في ذلك رَيْبٌ فهو المؤمنُ وهو المسلمُ حقّاً كما قال الله عز وجل إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يَرتابوا وجاهدوا بأَموالهم وأَنفسِهم في سبيل الله أُولئك هم الصادقون أَي أُولئك الذين قالوا إنّا مؤمنون فهم الصادقون فأَما من أَظهرَ قَبولَ الشريعة واسْتَسْلَم لدفع المكروه فهو في الظاهر مُسْلمٌ وباطِنُه غيرُ مصدِّقٍ فذلك الذي يقول أَسْلَمْتُ لأَن الإيمان لا بدّ من أَن يكون صاحبُه صِدِّيقاً لأَن قولَكَ آمَنْتُ بالله أَو قال قائل آمَنْتُ بكذا وكذا فمعناه صَدَّقْت فأَخْرج الله هؤلاء من الإيمان فقال ولَمّا يدْخل الإيمانُ في قُلوبِكم أَي لم تُصدِّقوا إنما أَسْلَمْتُمْ تَعَوُّذاً من القتل فالمؤمنُ مُبْطِنٌ من التصديق مثلَ ما يُظْهِرُ والمسلمُ التامُّ الإسلامِ مُظْهرٌ للطاعة مؤمنٌ بها والمسلمُ الذي أَظهر الإسلامَ تعوُّذاً غيرُ مؤمنٍ في الحقيقة إلاّ أَن حُكْمَه في الظاهر حكمُ المسلمين وقال الله تعالى حكاية عن إخْوة يوسف لأَبيهم ما أَنت بمُؤْمِنٍ لنا ولو كُنّا صادقين لم يختلف أَهل التفسير أَنّ معناه ما أَنت بمُصدِّقٍ لنا والأَصلُ في الإيمان الدخولُ في صِدْقِ الأَمانةِ التي ائْتَمَنه الله عليها فإذا اعتقد التصديقَ بقلبه كما صدَّقَ بلِسانِه فقد أَدّى الأَمانةَ وهو مؤمنٌ ومن لم يعتقد التصديق بقلبه فهو غير مؤدٍّ للأَمانة التي ائتمنه الله عليها وهو مُنافِقٌ ومَن زعم أَن الإيمان هو إظهار القول دون التصديقِ بالقلب فإنه لا يخلو من وجهين أَحدهما أَن يكون مُنافِقاً يَنْضَحُ عن المنافقين تأْييداً لهم أَو يكون جاهلاً لا يعلم ما يقول وما يُقالُ له أَخْرَجَه الجَهلُ واللَّجاجُ إلى عِنادِ الحقِّ وتَرْكِ قبولِ الصَّوابِ أَعاذنا الله من هذه الصفة وجعلنا ممن عَلِم فاسْتَعْمل ما عَلِم أَو جَهِل فتعلّم ممن عَلِمَ وسلَّمَنا من آفات أَهل الزَّيْغ والبِدَع بمنِّه وكرمه وفي قول الله عز وجل إنما المؤمنون الذين آمَنوا بالله ورسوله ثم لَمْ يرتابوا وجاهَدوا بأَموالِهِم وأَنفسِهم في سبيل الله أُولئك هم الصادقون ما يُبَيّنُ لك أَن المؤمنَ هو المتضمّن لهذه الصفة وأَن مَن لم يتضمّنْ هذه الصفة فليس بمؤمنٍ لأَن إنما في كلام العرب تجيء لِتَثْبيتِ شيءٍ ونَفْيِ ما خالَفَه ولا قوّةَ إلا بالله وأَما قوله عز وجل إنا عَرَضْنا الأَمانةَ على السموات والأَرضِ والجبالِ فأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَها وأَشْفَقْنَ منها وحمَلَها الإنسانُ إنه كان ظَلُوماً جهولاً فقد روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أَنهما قالا الأَمانةُ ههنا الفرائضُ التي افْتَرَضَها الله تعالى على عباده وقال ابن عمر عُرِضَت على آدمَ الطاعةُ والمعصيةُ وعُرِّفَ ثوابَ الطاعة وعِقَابَ المعْصية قال والذي عندي فيه أَن الأَمانة ههنا النِّيّةُ التي يعتقدها الإنسان فيما يُظْهِره باللّسان من الإيمان ويؤَدِّيه من جميع الفرائض في الظاهر لأَن الله عز وجل ائْتَمَنَه عليها ولم يُظْهِر عليها أَحداً من خَلْقِه فمن أَضْمر من التوحيد والتصديق مثلَ ما أَظهرَ فقد أَدَّى الأَمانةَ ومن أَضمَر التكذيبَ وهو مُصَدِّقٌ باللسان في الظاهر فقد حَمَل الأَمانةَ ولم يؤدِّها وكلُّ مَنْ خان فيما اؤتُمِنَ عليه فهو حامِلٌ والإنسان في قوله وحملها الإنسان هو الكافر الشاكُّ الذي لا يُصدِّق وهو الظَّلُوم الجهُولُ يَدُلُّك على ذلك قوله ليُعَذِّبَ اللهُ المُنافقينَ والمُنافقات والمُشركين والمُشْرِكاتِ ويتوبَ اللهُ على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيماً وفي حديث ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم الإيمانُ أَمانةٌ ولا دِينَ لِمَنْ لا أَمانةَ له وفي حديث آخر لا إيمانَ لِمَنْ لا أَمانةَ له وقوله عز وجل فأَخْرَجْنا مَنْ كان فيها من المؤمنين قال ثعلب المؤمِنُ بالقلب والمُسلِمُ باللسان قال الزجاج صفةُ المؤمن بالله أَن يكون راجياً ثوابَه خاشياً عقابه وقوله تعالى يؤمنُ بالله ويؤمنُ للمؤمنين قال ثعلب يُصَدِّق اللهَ ويُصدق المؤمنين وأَدخل اللام للإضافة فأَما قول بعضهم لا تجِدُه مؤمناً حتى تجِدَه مؤمنَ الرِّضا مؤمنَ الغضب أَي مؤمِناً عندَ رضاه مؤمناً عند غضبه وفي حديث أَنس أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمنُ مَن أَمِنَه الناسُ والمسلِمُ من سَلِمَ المسلمون من لِسانه ويَدِه والمُهاجِرَ من هَجَر السُّوءَ والذي نفسي بيده لا يدخلُ رجلٌ الجنة لا يَأْمَنُ جارُهُ بوائقَه وفي الحديث عن ابن عمر قال أَتى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وقال مَنِ المُهاجرُ ؟ فقال مَنْ هجَر السيئاتِ قال فمَن المؤمنُ ؟ قال من ائْتَمَنه الناس على أَموالِهم وأَنفسهم قال فَمَن المُسلِم ؟ قال مَن سلِمَ المسلمون من لسانِه ويده قال فمَن المجاهدُ ؟ قال مَنْ جاهدَ نفسَه قال النضر وقالوا للخليل ما الإيمانُ ؟ قال الطُّمأْنينةُ قال وقالوا للخليل تقول أَنا مؤمنٌ قال لا أَقوله وهذا تزكية ابن الأَنباري رجل مُؤمِنٌ مُصَدِّقٌ لله ورسوله وآمَنْت بالشيء إذا صَدَّقْت به وقال الشاعر ومِنْ قَبْل آمَنَّا وقد كانَ قَوْمُنا يُصلّون للأَوثانِ قبلُ محمدا معناه ومن قبلُ آمَنَّا محمداً أَي صدَّقناه قال والمُسلِم المُخْلِصُ لله العبادة وقوله عز وجل في قصة موسى عليه السلام وأَنا أَوَّلُ المؤمنين أَراد أَنا أوَّلُ المؤمنين بأَنّك لا تُرَى في الدنيا وفي الحديث نَهْرانِ مؤمنانِ ونَهْرانِ كافرانِ أَما المؤمنانِ فالنيلُ والفراتُ وأَما الكافران فدِجْلةُ ونهْرُ بَلْخ جعلهما مؤمنَيْن على التشبيه لأَنهما يفيضانِ على الأَرضِ فيَسقِيانِ الحَرْثَ بلا مَؤُونةٍ وجعل الآخَرَيْنِ كافِرَيْن لأَنهما لا يسقِيانِ ولا يُنْتَفَعُ بهما إلا بمؤونة وكُلفةٍ فهذان في الخيرِ والنفعِ كالمُؤْمِنَيْنِ وهذان في قلَّة النفع كالكافِرَين وفي الحديث لا يَزْني الزاني وهو مُؤْمِنٌ قيل معناه النَّهْي وإن كان في صورة الخبر والأَصلُ حذْفُ الياء من يَزْني أَي لا يَزْنِ المؤمنُ ولا يَسْرِقُ ولا يَشْرَبْ فإن هذه الأَفعال لا تليقُ بالمؤمنين وقيل هو وعيدٌ يُقْصَدُ به الرَّدْع كقوله عليه السلام لا إيمانَ لمنْ لا أمانة له والمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الناسُ من لِسانِه ويدِه وقيل معناه لا يَزْني وهو كاملُ الإيمانِ وقيل معناه أَن الهوى يُغطِّي الإيمانَ فصاحِبُ الهَوى لا يَزني إلاّ هواه ولا ينْظُر إلى إيمانه الناهي له عن ارتكابِ الفاحشة فكأَنَّ الإيمانَ في تلك الحالة قد انْعَدم قال وقال ابن عباس رضي الله عنهما الإيمانُ نَزِهٌ فإذا أَذْنَبَ العبدُ فارَقَه ومنه الحديث إذا زَنَى الرجلُ خرجَ منه الإيمانُ فكان فوقَ رأْسه كالظُّلَّةِ فإذا أَقْلَع رجَع إليه الإيمانُ قال وكلُّ هذا محمول على المجاز ونَفْي الكمالِ دون الحقيقة ورفع الإيمان وإِبْطالِه وفي حديث الجارية أعْتِقُها فإنها مُؤمِنةٌ إنما حكَمَ بإيمانِها بمُجرَّد سُؤاله إياها أَين الله ؟ وإشارَتِها إلى السماء وبقوله لها مَنْ أَنا ؟ فأَشارت إليه وإلى السماء يعني أنْتَ رسولُ الله وهذا القدر لا يكفي في ثبوت الإسلام والإيمان دون الإقرار بالشهادَتَيْن والتبرِّي من سائر الأَديان وإنما حكم عليه السلام بذلك لأَنه رأى منها أَمارة الإسلام وكوْنَها بين المسلمين وتحت رِقِّ المُسْلِم وهذا القدر يكفي علَماً لذلك فإن الكافر إذا عُرِضَ عليه الإسلامُ لم يُقْتَصَرْ منه على قوله إني مُسْلِمٌ حتى يَصِفَ الإسلامَ بكماله وشرائِطه فإذا جاءنا مَنْ نَجْهَل حالَه في الكفر والإيمان فقال إني مُسْلِم قَبِلْناه فإذا كان عليه أَمارةُ الإسلامِ من هَيْئَةٍ وشارةٍ ودارٍ كان قبولُ قوله أَولى بل يُحْكَمُ عليه بالإسلام وإنْ لم يَقُلْ شيئاً وفي حديث عُقْبة بن عامر أَسْلم الناسُ وآمَنَ عمرُو بن العاص كأَنَّ هذا إشارةٌ إلى جماعةٍ آمَنوا معه خوفاً من السيف وأنَّ عَمْراً كان مُخْلِصاً في إيمانه وهذا من العامّ الذي يُرادُ به الخاصّ وفي الحديث ما مِنْ نبيٍّ إلاَّ أُعْطِيَ منَ الآياتِ ما مثلُه آمَنَ عليه البَشَرُ وإنما كان الذي أُوتِيتُهُ وحْياً أَوْحاهُ اللهُ إليَّ أَي آمَنوا عند مُعايَنة ما آتاهم من الآياتِ والمُعْجِزات وأَراد بالوَحْيِ إعْجازَ القرآن الذي خُصَّ به فإنه ليس شيء من كُتُبِ الله المُنزَّلة كان مُعْجِزاً إلا القرآن وفي الحديث مَنْ حَلَف بالأَمانةِ فليس مِنَّا قال ابن الأَثير يشبه أَن تكون الكراهةُ فيه لأجل أَنه أُمِر أَن يُحْلَفَ بأَسماءِ الله وصفاتِه والأَمانةُ أَمرٌ من أُمورِه فنُهُوا عنها من أَجل التسوية بينها وبين أَسماء الله كما نُهوا أَن يحلِفوا بآبائهم وإذا قال الحالفُ وأَمانةِ الله كانت يميناً عند أَبي حنيفة والشافعيُّ لا يعدُّها يميناً وفي الحديث أَسْتَوْدِعُ الله دينَكَ وأمانتَكَ أَي أَهلك ومَنْ تُخَلِّفُه بَعْدَكَ منهم ومالَكَ الذي تُودِعُه وتستَحْفِظُه أَمِينَك ووكِيلَكَ والأَمينُ القويُّ لأَنه يُوثَقُ بقوَّتِه وناقةٌ أَمون أَُمينةٌ وثِيقةُ الخَلْقِ قد أُمِنَتْ أَن تكون ضعيفةً وهي التي أُمِنتْ العِثَارَ والإعْياءَ والجمع أُمُنٌ قال وهذا فعولٌ جاء في موضع مَفْعولةٍ كما يقال ناقة عَضوبٌ وحَلوبٌ وآمِنُ المالِ ما قد أَمِنَ لنفاسَتِه أَن يُنْحَرَ عنَى بالمال الإبلَ وقيل هو الشريفُ من أَيِّ مالٍ كانَ كأَنه لو عَقَلَ لأَمِنَ أَن يُبْذَل قال الحُوَيْدرة ونَقِي بآمِنِ مالِنا أَحْسابَنا ونُجِرُّ في الهَيْجا الرِّماحَ وندَّعي قولُه ونَقِي بآمِنِ مالِنا
( * قوله « ونقي بآمن مالنا » ضبط في الأصل بكسر الميم وعليه جرى شارح القاموس حيث قال هو كصاحب وضبط في متن القاموس والتكملة بفتح الميم )
أَي ونَقِي بخالِصِ مالِنا نَدَّعي ندعو بأَسمائنا فنجعلها شِعاراً لنا في الحرب وآمِنُ الحِلْم وَثِيقُه الذي قد أَمِنَ اخْتِلاله وانْحِلاله قال والخَمْرُ لَيْسَتْ منْ أَخيكَ ول كنْ قد تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ ويروى تَخُون بثامِرِ الحِلْمِ أَي بتامِّه التهذيب والمُؤْمنُ مِن أَسماءِ الله تعالى الذي وَحَّدَ نفسَه بقوله وإِلهُكم إِلهٌ واحدٌ وبقوله شَهد الله أَنه لا إِله إِلاَّ هو وقيل المُؤْمِنُ في صفة الله الذي آمَنَ الخلقَ من ظُلْمِه وقيل المُؤْمن الذي آمَنَ أَوْلياءَ عذابَه قال قال ابن الأَعرابي قال المنذري سمعت أَبا العباس يقول المُؤْمنُ عند العرب المُصدِّقُ يذهب إلى أَنَّ الله تعالى يُصدّق عبادَه المسلمين يومَ القيامة إذا سُئلَ الأُمَمُ عن تبليغ رُسُلِهم فيقولون ما جاءنا مِنْ رسولٍ ولا نذير ويكذِّبون أَنبياءَهم ويُؤْتَى بأُمَّة محمد فيُسْأَلون عن ذلك فيُصدِّقونَ الماضِينَ فيصدِّقُهم الله ويصدِّقهم النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم وهو قوله تعالى فكيفَ إذا جِئْنا بك على هؤُلاء شهيداً وقوله ويُؤْمِنُ للمؤْمنين أَي يصدِّقُ المؤْمنين وقيل المُؤْمن الذي يَصْدُق عبادَه ما وَعَدَهم وكلُّ هذه الصفات لله عز وجل لأَنه صَدَّق بقوله ما دعا إليه عبادَه من توحيد وكأَنه آمَنَ الخلقَ من ظُلْمِه وما وَعَدَنا من البَعْثِ والجنَّةِ لمن آمَنَ به والنارِ لمن كفرَ به فإنه مصدَّقٌ وعْدَه لا شريك له قال ابن الأَثير في أَسماء الله تعالى المُؤْمِنُ هو الذي يَصْدُقُ عبادَه وعْدَه فهو من الإيمانِ التصديقِ أَو يُؤْمِنُهم في القيامة عذابَه فهو من الأَمانِ ضدّ الخوف المحكم المُؤْمنُ اللهُ تعالى يُؤْمِنُ عبادَه من عذابِه وهو المهيمن قال الفارسي الهاءُ بدلٌ من الهمزة والياء مُلْحِقةٌ ببناء مُدَحْرِج وقال ثعلب هو المُؤْمِنُ المصدِّقُ لعبادِه والمُهَيْمِنُ الشاهدُ على الشيء القائمُ عليه والإيمانُ الثِّقَةُ وما آمنَ أَن يَجِدَ صَحابةً أَي ما وَثِقَ وقيل معناه ما كادَ والمأْمونةُ من النساء المُسْتراد لمثلها قال ثعلب في الحديث الذي جاء ما آمَنَ بي مَن باتَ شَبْعانَ وجارُه جائعٌ معنى ما آمَنَ بي شديدٌ أَي ينبغي له أَن يُواسيَه وآمينَ وأَمينَ كلمةٌ تقال في إثْرِ الدُّعاء قال الفارسي هي جملةٌ مركَّبة من فعلٍ واسم معناه اللهم اسْتَّجِبْ لي قال ودليلُ ذلك أَن موسى عليه السلام لما دعا على فرعون وأَتباعه فقال رَبَّنا اطْمِسْ على أَموالِهِم واشْدُدْ على قلوبهم قال هرون عليه السلام آمِينَ فطبَّق الجملة بالجملة وقيل معنى آمينَ كذلك يكونُ ويقال أَمَّنَ الإمامُ تأْميناً إذا قال بعد الفراغ من أُمِّ الكِتاب آمين وأَمَّنَ فلانٌ تأْميناً الزجاج في قول القارئ بعد الفراغ من فاتحة الكتاب آمينَ فيه لغتان تقول العرب أَمِينَ بِقَصْرِ الأَلف وآمينَ بالمد والمدُّ أَكثرُ وأَنشد في لغة مَنْ قَصَر تباعَدَ منِّي فُطْحُلٌ إذ سأَلتُه أَمينَ فزادَ اللهُ ما بيْننا بُعْدا وروى ثعلب فُطْحُل بضم الفاء والحاء أَرادَ زادَ اللهُ ما بيننا بُعْداً أَمين وأَنشد ابن بري لشاعر سَقَى الله حَيّاً بين صارةَ والحِمَى حِمَى فَيْدَ صَوبَ المُدْجِناتِ المَواطرِ أَمِينَ ورَدَّ اللهُ رَكْباً إليهمُ بِخَيْرٍ ووَقَّاهُمْ حِمامَ المقادِرِ وقال عُمَر بن أَبي ربيعة في لغة مَنْ مدَّ آمينَ يا ربِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أَبَداً ويرْحمُ اللهُ عَبْداً قال آمِينا قال ومعناهما اللهمَّ اسْتَجِبْ وقيل هو إيجابٌ ربِّ افْعَلْ قال وهما موضوعان في موضع اسْمِ الاستحابةِ كما أَنَّ صَهْ موضوعٌ موضعَ سُكوتٍ قال وحقُّهما من الإعراب الوقفُ لأَنهما بمنزلة الأَصْواتِ إذا كانا غيرَ مشتقين من فعلٍ إلا أَن النون فُتِحت فيهما لالتقاء الساكنين ولم تُكسر النونُ لثقل الكسرة بعد الياء كما فتحوا أَينَ وكيفَ وتشديدُ الميم خطأٌ وهو مبنيٌ على الفتح مثل أَينَ وكيف لاجتماع الساكنين قال ابن جني قال أَحمد ابن يحيى قولهم آمِينَ هو على إشْباع فتحةِ الهمزة ونشأَت بعدها أَلفٌ قال فأَما قول أَبي العباس إنَّ آمِينَ بمنزلة عاصِينَ فإنما يريدُ به أَن الميم خفيفة كصادِ عاصِينَ لا يُريدُ به حقيقةَ الجمع وكيف ذلك وقد حكي عن الحسن رحمه الله أَنه قال آمين اسمٌ من أَسماء الله عز وجل وأَين لك في اعتقاد معنى الجمع مع هذا التفسير ؟ وقال مجاهد آمين اسم من أَسماء الله قال الأَزهري وليس يصح كما قاله عند أَهل اللغة أَنه بمنزلة يا الله وأَضمر اسْتَجِبْ لي قال ولو كان كما قال لرُفِعَ إذا أُجْرِي ولم يكن منصوباً وروى الأَزهري عن حُمَيْد بن عبد الرحمن عن أُمِّه أُمِّ كُلْثومٍ بنت عُقبة في قوله تعالى واسْتَعِينوا بالصَّبْرِ والصَّلاةِ قالت غُشِيَ على عبد الرحمن بن عوفٍ غَشيةَ ظَنُّوا أَنَّ نفْسَه خرجت فيها فخرجت امرأَته أُم كلثوم إلى المسجد تسْتَعين بما أُمِرَتْ أَن تسْتَعينَ به من الصَّبْرِ والصَّلاةِ فلما أَفاقَ قال أَغُشِيَ عليَّ ؟ قالوا نعمْ قال صدَقْتُمْ إنه أَتاني مَلَكانِ في غَشْيَتِي فقالا انْطلِقْ نحاكِمْكَ إلى العزيز الأَمين قال فانطَلَقا بي فلقِيَهُما مَلَكٌ آخرُ فقال وأَين تُرِيدانِ به ؟ قالا نحاكمه إلى العزيز الأمين قال فارْجِعاه فإن هذا ممن كتَب الله لهم السعادةَ وهم في بطون أُمَّهاتهم وسَيُمَتِّعُ الله به نبيَّه ما شاء الله قال فعاش شهراً ثم ماتَ والتَّأْمينُ قولُ آمينَ وفي حديث أَبي هريرة أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال آمين خاتَمُ ربِّ العالمين على عباده المؤمنين قال أَبو بكر معناه أَنه طابَعُ الله على عبادِه لأَنه يَدْفعُ به عنهم الآفات والبَلايا فكان كخاتَم الكتاب الذي يَصُونه ويمنع من فسادِه وإظهارِ ما فيه لمن يكره علمه به ووُقوفَه على ما فيه وعن أَبي هريرة أَنه قال آمينَ درجةٌ في الجنَّة قال أَبو بكر معناه أَنها كلمةٌ يكتَسِبُ بها قائلُها درجةً في الجنة وفي حديث بلال لا تسْبِقْني بآمينَ قال ابن الأَثير يشبه أَن يكون بلالٌ كان يقرأُ الفاتحةَ في السَّكتةِ الأُولى من سكْتَتَي الإمام فربما يبقى عليه منها شيءٌ ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرَغ من قراءتِها فاسْتَمْهَلَه بلال في التأْمينِ بِقَدْرِ ما يُتِمُّ فيه قراءةَ بقيَّةِ السورة حتى يَنَالَ بركةَ موافَقتِه في التّأْمين

أنن
أَنَّ الرجلُ من الوجع يَئِنُّ أَنيناً قال ذو الرمة يَشْكو الخِشاشَ ومَجْرى النَّسْعَتَين كما أَنَّ المرِيضُ إلى عُوَّادِه الوَصِبُ والأُنانُ بالضم مثل الأَنينِ وقال المغيرة بن حَبْناء يخاطب أَخاه صخراً أَراكَ جَمَعْتَ مسْأَلةً وحِرْصاً وعند الفَقْرِ زَحّاراً أُنانا وذكر السيرافي أَن أُُناناً هنا مثل خُفافٍ وليس بمصدر فيكون مثل زَحّار في كونه صفة قال والصِّفتان هنا واقِعتان موقع المصدر قال وكذلك التأْنانُ وقال إنَّا وجَدْنا طَرَدَ الهَوامِلِ خيراً من التَّأْنانِ والمَسائِلِ
( * قوله « إنا وجدنا إلخ » صوّب الصاغاني زيادة مشطور بين المشطورين وهو بين الرسيسين وبين عاقل )
وعِدَةِ العامِ وعامٍ قابِلِ مَلْقوحةً في بَطْنِ نابٍ حائلِ ملقوحة منصوبةٌ بالعِدَة وهي بمعنى مُلْقَحَةً والمعنى أَنها عِدةٌ لا تصح لأَن بطنَ الحائل لا يكون فيه سَقْبٌ مُلْقَحة ابن سيده أَنَّ الرجلُ يَئِنُّ أَنّاً وأَنيناً وأُناناً وأَنَّةً تأَوَّه التهذيب أَنَّ الرجلُ يَئِنُّ أَنيناً وأَنَتَ يأْنِتُ أَنيتاً ونأَتَ يَنْئِتُ نَئِيتاً بمعنى واحد ورجل أَنّانٌ وأُنانٌ وأُنَنةٌ كثيرُ الأَنين وقيل الأُنَنةُ الكثيرُ الكلام والبَثِّ والشَّكْوَى ولا يشتقّ منه فعل وإذا أَمرت قلت إينِنْ لأَن الهمزتين إذا التَقَتا فسكنت الأَخيرة اجتمعوا على تَلْيينِها فأَما في الأَمر الثاني فإنه إذا سكنت الهمزة بقي النونُ مع الهمزة وذهبت الهمزة الأُولى ويقال للمرأَة إنِّي كما يقال للرجل اقْررْ وللمرأَة قِرِّي وامرأَة أنّانةٌ كذلك وفي بعض وصايا العرب لا تَتّخِذْها حَنَّانةً ولا مَنّانةً ولا أَنّانةً وما له حانَّةٌ ولا آنّةٌ أَي ما لَه ناقةٌ ولا شاةٌ وقيل الحانّةُ الناقةُ والآنّةُ الأَمَةُ تَئِنّ من التعب وأَنَّتِ القوسُ تَئِنُّ أَنيناً أَلانت صوتَها ومَدّته حكاه أَبو حنيفة وأَنشد قول رؤبة تِئِنُّ حينَ تجْذِبُ المَخْطوما أَنين عَبْرَى أَسْلَمت حَميما والأُنَنُ طائرٌ يَضْرِبُ إلى السَّواد له طَوْقٌ كهيئة طَوْق الدُّبْسِيّ أَحْمَرُ الرِّجْلين والمِنْقار وقيل هو الوَرَشان وقيل هو مثل الحمام إلا أَنه أَسود وصوتُه أَنِينٌ أُوهْ أُوهْ وإنِّه لَمِئنّةٌ أَن يفعل ذلك أَي خَليقٌ وقيل مَخْلَقة من ذلك وكذلك الإثنان والجمع والمؤنث وقد يجوز أَن يكون مَئِنّةٌ فَعِلَّةً فعلى هذا ثلاثيٌّ وأَتاه على مَئِنّةِ ذلك أَي حينهِ ورُبّانِه وفي حديث ابن مسعود إنّ طُولَ الصلاةِ وقِصَرَ الخُطْبةِ مَئِنّةٌ من فِقْهِ الرجل أَي بيانٌ منه أَبو زيد إنِّه لَمَئِنّةٌ أَن يفعل ذلك وأَنتما وإنّهنّ لَمَئِنّةٌ أَن تفعلوا ذلك بمعنى إنّه لخَليق أَن يفعل ذلك قال الشاعر ومَنْزِل منْ هَوَى جُمْلٍ نَزَلْتُ به مَئِنّة مِنْ مَراصيدِ المَئِنّاتِ به تجاوزت عن أُولى وكائِده إنّي كذلك رَكّابُ الحَشِيّات أَول حكاية
( * قوله « أول حكاية » هكذا في الأصل ) أَبو عمرو الأَنّةُ والمَئِنّة والعَدْقةُ والشَّوْزَب واحد وقال دُكَيْن يَسْقِي على درّاجةٍ خَرُوسِ مَعْصُوبةٍ بينَ رَكايا شُوسِ مَئِنّةٍ مِنْ قَلَتِ النُّفوسِ يقال مكان من هلاكِ النفوس وقولُه مكان من هلاك النفوس تفسيرٌ لِمَئِنّةٍ قال وكلُّ ذلك على أَنه بمنزلة مَظِنَّة والخَروسُ البَكْرةُ التي ليست بصافية الصوتِ والجَروسُ بالجيم التي لها صوت قال أَبو عبيد قال الأَصمعي سأَلني شعبة عن مَئِنَّة فقلت هو كقولك عَلامة وخَليق قال أََبو زيد هو كقولك مَخْلَقة ومَجْدَرة قال أبو عبيد يعني أَن هذا مما يُعْرَف به فِقْهُ الرجل ويُسْتَدَلُّ به عليه قال وكلُّ شيءٍ دلَّكَ على شيءٍ فهو مَئِنّةٌ له وأَنشد للمرّار فَتَهامَسوا سِرّاً فقالوا عَرِّسوا من غَيْر تَمْئِنَةٍ لغير مُعَرِّسِ قال أَبو منصور والذي رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي وأَبي زيد في تفسير المَئِنّة صحيحٌ وأمّا احْتِجاجُه برأْيه ببَيْت المرار في التَّمْئِنَة للمَئِنَّة فهو غلط وسهوٌ لأَن الميمَ في التَّمْئِنة أَصليةٌ وهي في مَئِنّةٍ مَفْعِلةٌ ليست بأَصلية وسيأْتي تفسير ذلك في ترجمة مأَن اللحياني هو مَئِنَّةٌ أَن يفعل ذلك ومَظِنَّة أَن يفعل ذلك وأَنشد إنَّ اكتِحالاً بالنَّقِيّ الأمْلَجِ ونَظَراً في الحاجِبِ المُزَجَّجِ مَئِنَّةٌ منَ الفعال الأعْوجِ فكأَن مَئِنّةً عند اللحياني مبدلٌ الهمزةُ فيها من الظاء في المَظِنَّة لأَنه ذكر حروفاً تُعاقِب فيها الظاءُ الهمزةَ منها قولُهم بيتٌ حسَنُ الأَهَرَةِ والظَّهَرةِ وقد أَفَرَ وظَفَر أَي وثَب وأَنَّ الماءَ يؤُنُّه أنّاً إذا صبَّه وفي كلام الأَوائل أُنَّ ماءً ثم أَغْلِه أَي صُبَّه وأَغْلِه حكاه ابن دريد قال وكان ابن الكلبي يرويه أُزّ ماءً ويزعُمُ أَنَّ أُنَّ تصحيفٌ قال الخليل فيما روى عنه الليث إنَّ الثقيلةُ تكون منصوبةَ الأَلفِ وتكونُ مكسورةَ الأَلف وهي التي تَنْصِبُ الأَسماء قال وإذا كانت مُبتَدأَةً ليس قبلها شيءٌ يُعْتمد عليه أَو كانت مستأْنَفَةً بعد كلام قديم ومَضَى أَو جاءت بعدها لامٌ مؤكِّدَةٌ يُعْتمد عليها كُسِرَتْ الأَلفُ وفيما سوى ذلك تُنْصَب الأَلف وقال الفراء في إنَّ إذا جاءت بعد القول وما تصرَّف من القول وكانت حكايةً لم يَقَعْ عليها القولُ وما تصرَّف منه فهي مكسورة وإن كانت تفسيراً للقول نَصَبَتْها وذلك مثل قول الله عز وجل ولا يَحْزُنْك قولُهم إن العِزَّة لله جميعاً وكذلك المعنى استئنافٌ كأَنه قال يا محمد إن العزَّة لله جميعاً وكذلك وقوْلِهم إنَّا قَتَلْنا المسيحَ عيسى بن مَريَمَ كسَرْتَها لأَنها بعد القول على الحكاية قال وأَما قوله تعالى ما قلتُ لهم إلا ما أَمَرْتَني به أَنِ اعْبُدوا الله فإنك فتحْتَ الأَلفَ لأَنها مفسِّرة لِمَا وما قد وقع عليها القولُ فنصبَها وموضعُها نصبٌ ومثله في الكلام قد قلت لك كلاماً حسَناً أَنَّ أَباكَ شريفٌ وأَنك عاقلٌ فتحتَ أَنَّ لأَنها فسَّرت الكلام والكلامُ منصوبٌ ولو أَردْتَ تكريرَ القول عليها كسَرْتَها قال وقد تكون إنَّ بعد القول مفتوحةً إذا كان القول يُرافِعُها منْ ذلك أَن تقول قولُ عبد الله مُذُ اليومِ أَن الناس خارجون كما تقول قولُكَ مُذ اليومِ كلامٌ لا يُفْهم وقال الليث إذا وقعت إنَّ على الأَسماء والصفات فهي مشدّدة وإذا وقعت على فعلٍ أَو حرفٍ لا يتمكن في صِفةٍ أَو تصريفٍ فخفِّفْها تقول بلغني أَن قد كان كذا وكذا تخفِّف من أَجل كان لأَنها فعل ولولا قَدْ لم تحسن على حال من الفعل حتى تعتمد على ما أَو على الهاء كقولك إنما كان زيد غائباً وبلَغني أَنه كان أَخو بكر غَنِيّاً قال وكذلك بلغني أَنه كان كذا وكذا تُشَدِّدُها إذا اعتمدَتْ ومن ذلك قولك إنْ رُبَّ رجل فتخفف فإذا اعتمدَتْ قلت إنه رُبَّ رجل شدَّدْت وهي مع الصفات مشدّدة إنَّ لك وإنَّ فيها وإنَّ بك وأَشباهها قال وللعرب لغتان في إنَّ المشدَّدة إحداهما التثقيل والأُخرى التخفيف فأَما مَن خفَّف فإنه يرفع بها إلا أَنَّ ناساً من أَهل الحجاز يخفِّفون وينصبون على توهُّم الثقيلة وقرئَ وإنْ كلاً لما ليُوفّينّهم خففوا ونصبوا وأَنشد الفراء في تخفيفها مع المضمر فلوْ أَنْكِ في يَوْمِ الرَّخاءِ سأَلْتِني فِراقَك لم أَبْخَلْ وأَنتِ صديقُ وأَنشد القول الآخر لقد عَلِمَ الضَّيفُ والمُرْمِلون إذا اغْبَرَّ أُفْقٌ وهَبَّتْ شمالا بأَنَّكَ ربيعٌ وغَيْثٌ مريع وقِدْماً هناكَ تكونُ الثِّمالا قال أَبو عبيد قال الكسائي في قوله عز وجل وإنَّ الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد كسرت إنّ لِمكان اللام التي استقبلتها في قوله لَفي وكذلك كلُّ ما جاءَك من أَنَّ فكان قبله شيءٌ يقع عليه فإنه منصوب إلا ما استقبَله لامٌ فإن اللام تُكْسِره فإن كان قبل أَنَّ إلا فهي مكسورة على كل حال اسْتَقبَلَتْها اللام أَو لم تستقبلها كقوله عز وجل وما أَرسلْنا قبْلَك من المُرْسَلين إلا إنهم ليَأْكلون الطعامَ فهذه تُكْسر وإن لم تستقبلها لامٌ وكذلك إذا كانت جواباً ليَمين كقولك والله إنه لقائمٌ فإذا لم تأْتِ باللام فهي نصبٌ واللهِ أَنَّكَ قائم قال هكذا سمعته من العرب قال والنحويون يكسرون وإن لم تستقبلها اللامُ وقال أَبو طالب النحوي فيما روى عنه المنذري أَهل البصرة غير سيبويه وذَوِيه يقولون العرب تُخَفِّف أَنَّ الشديدة وتُعْمِلها وأَنشدوا ووَجْهٍ مُشْرِقِ النَّحْر كأَنْ ثَدْيَيْه حُقَّانِ أَراد كأَنَّ فخفَّف وأََعْمَلَ قال وقال الفراء لم نسمع العربَ تخفِّف أَنَّ وتُعْمِلها إلا مع المَكْنيّ لأَنه لا يتبيَّن فيه إعراب فأَما في الظاهر فلا ولكن إذا خَفَّفوها رفَعُوا وأَما من خفَّف وإنْ كلاً لمَا ليُوَفِّيَنَّهم فإنهم نصبوا كُلاًّ بِلَيُوَفِّيَنَّهم كأَنه قال وإنْ ليُوفِّينَّهم كُلاًّ قال ولو رُفِعت كلٌّ لصلَح ذلك تقول إنْ زيدٌ لقائمٌ ابن سيده إنَّ حرف تأْكيد وقوله عز وجل إنَّ هذانِ لساحِران أَخبر أَبو علي أَن أَبا إسحق ذهب فيه إلى أَنَّ إنَّ هنا بمعنى نَعَمْ وهذان مرفوعٌ بالابتداء وأَنَّ اللامَ في لَساحران داخلةٌ على غير ضرورة وأَن تقديره نَعَمْ هذان هما ساحِران وحكي عن أَبي إسحق أَنه قال هذا هو الذي عندي فيه والله أَعلم قال ابن سيده وقد بيَّن أَبو عليٍّ فسادَ ذلك فغَنِينا نحن عن إيضاحه هنا وفي التهذيب وأَما قول الله عز وجل إنَّ هذان لَساحِران فإنَّ أبا إسحق النحوي اسْتَقْصى ما قال فيه النحويون فحَكَيْت كلامه قال قرأَ المدنيُّون والكوفيون إلا عاصماً إنَّ هذان لَساحِران وروي عن عاصم أَنه قرأَ إنْ هذان بتخفيف إنْ وروي عن الخليل إنْ هذان لساحِران قال وقرأَ أَبو عمرو إنّ هذين لساحران بتشديد إنّ ونصْبِ هذين قال أَبو إسحق والحجةُ في إنّ هذان لساحِران بالتشديد والرفع أَن أَبا عبيدة روى عن أَبي الخطاب أَنه لغةٌ لكنانةَ يجعلون أَلفَ الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد يقولون رأَيت الزيدان وروى أَهلُ الكوفة والكسائي والفراء أَنها لغة لبني الحرث بن كعب قال وقال النحويون القُدَماء ههنا هاءٌ مضمرة المعنى إنه هذانِ لساحِران قال وقال بعضهم إنّ في معنى نعَمْ كما تقدم وأَنشدوا لابن قيس الرُّقَيَّات بَكَرَتْ عليَّ عواذِلي يَلْحَيْنَنِي وأَلومُهُنَّهْ ويَقُلْنَ شَيْبٌ قدْ علاّ كَ وقد كَبِرْتَ فقلتُ إنَّهْ أَي إنه قد كان كما تَقُلْن قال أَبو عبيد وهذا اختصارٌ من كلام العرب يُكتفى منه بالضمير لأَنه قد عُلِم معناه وقال الفراء في هذا إنهم زادوا فيها النونَ في التثنية وتركوها على حالها في الرفع والنصب والجر كما فعَلوا في الذين فقالوا الَّذِي في الرفع والنصب والجر قال فهذا جميع ما قال النحويون في الآية قال أَبو إسحق وأَجودُها عندي أَن إنّ وقعت موقع نَعَمْ وأَن اللام وَقَعتْ موقِعَها وأَنّ المعنى نعَمْ هذان لهما ساحران قال والذي يلي هذا في الجَوْدَة مذهبُ بني كنانة وبَلْحَرِث بن كعب فأَما قراءةُ أَبي عمرو فلا أُجيزُها لأَنها خلافُ المصحف قال وأَستحسن قراءةَ عاصم والخليل إنْ هذان لَساحِران وقال غيرُه العرب تجعل الكلام مختصراً ما بعْدَه على إنَّه والمراد إنه لكذلك وإنه على ما تقول قال وأَما قول الأَخفش إنَّه بمعنى نَعَمْ فإنما يُراد تأْويله ليس أَنه موضوع في اللغة لذلك قال وهذه الهاء أُدْخِلت للسكوت وفي حديث فَضالة بن شَريك أَنه لقِيَ ابنَ الزبير فقال إنّ ناقتي قد نَقِبَ خفُّها فاحْمِلْني فقال ارْقَعْها بجِلدٍ واخْصِفْها بهُلْبٍ وسِرْ بها البَرْدَين فقال فَضالةُ إنما أَتَيْتُك مُسْتَحْمِلاً لا مُسْتَوْصِفاً لا حَمَلَ الله ناقةً حمَلتْني إليك فقال ابن الزبير إنّ وراكِبَها أَي نعَمْ مع راكبها وفي حديث لَقيط ابن عامر ويقول رَبُّكَ عز وجل وإنه أَي وإنه كذلك أَو إنه على ما تقول وقيل إنَّ بمعنى نعم والهاء للوقف فأَما قوله عز وجل إنا كلَّ شيء خلْقناه بقَدَر وإنَّا نحنُ نحْيي ونميت ونحو ذلك فأَصله إنَّنا ولكن حُذِفَت إحدى النُّونَين من إنَّ تخفيفاً وينبغي أَن تكونَ الثانيةَ منهما لأَنها طرَفٌ وهي أَضعف ومن العرب من يُبْدِلُ هَمْزَتَها هاء مع اللام كما أَبدلوها في هَرَقْت فتقول لَهِنَّك لَرَجُلُ صِدْقٍ قال سيبويه وليس كلُّ العرب تتكلم بها قال الشاعر أَلا يا سَنا بَرْقٍ على قُنَنِ الحِمَى لَهِنّكَ من بَرْقٍ عليَّ كريم وحِكى ابن الأَعرابي هِنّك وواهِنّك وذلك على البدل أَيضاً التهذيب في إنّما قال النحويون أَصلها ما مَنَعت إنَّ من العمل ومعنى إنما إثباتٌ لما يذكر بعدها ونفيٌ لما سواه كقوله وإنما يُدافعُ عن أَحسابهم أَنا ومِثْلي المعنى ما يُدافع عن أَحسابِهم إلا أَنا أَو مَنْ هو مِثْلي وأَنَّ كإن في التأْكيد إلا أَنها تقع مَوْقِعَ الأَسماء ولا تُبْدَل همزتُها هاءً ولذلك قال سيبويه وليس أَنَّ كإنَّ إنَّ كالفِعْلِ وأَنَّ كالاسْمِ ولا تدخل اللامُ مع المفتوحة فأَما قراءة سعيد بن جُبيَر إلاَّ أَنهم ليأْكلون الطعام بالفتح فإن اللام زائدة كزيادتها في قوله لَهِنَّك في الدنيا لبَاقيةُ العُمْرِ الجوهري إنَّ وأَنَّ حرفان ينصبان الأَسماءَ ويرفعان الأَخبارَ فالمكسورةُ منهما يُؤكَّدُ بها الخبرُ والمفتوحة وما بعدها في تأْويل المصدر وقد يُخَفِّفان فإذا خُفِّفتا فإن شئتَ أَعْمَلْتَ وإن شئت لم تُعْمِلْ وقد تُزادُ على أَنَّ كافُ التشبيه تقول كأَنه شمسٌ وقد تخفف أَيضاً فلا تعْمَل شيئاً قال كأَنْ ورِيداهُ رِشاءَا خُلُب ويروى كأَنْ ورِيدَيْهِ وقال آخر ووَجْهٍ مُشْرِقِ النحرِ كأَنْ ثَدْياه حُقَّانِ ويروى ثَدْيَيْه على الإعمال وكذلك إذا حذفْتَها فإن شئت نصبت وإن شئت رفعت قال طرفة أَلا أَيُّهَذا الزاجِرِي أَحْضُرَ الوغَى وأَن أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هل أَنتَ مُخْلدي ؟ يروى بالنصب على الإعمال والرفْعُ أَجود قال الله تعالى قل أَفغَيْرَ الله تأْمرونِّي أَعبُدُ أَيُّها الجاهلون قال النحويون كأَنَّ أَصلُها أَنَّ أُدخِلَ عليها كافُ التشبيه وهي حرفُ تشبيه والعربُ تنصب به الاسمَ وترفع خبرَه وقال الكسائي قد تكون كأَنَّ بمعنى الجحد كقولك كأَنك أميرُنا فتأْمُرُنا معناه لستَ أََميرَنا قال وكأَنَّ أُخرى بمعنى التَّمَنِّي كقولك كأَنك بي قد قلتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه معناه لَيْتَني قد قلتُ الشِّعْرَ فأُجيدَه ولذلك نُصِب فأُجيدَه وقيل تجيء كأَنَّ بمعنى العلم والظنِّ كقولك كأَنَّ الله يفعل ما يشاء وكأَنك خارجٌ وقال أَبو سعيد سمعت العرب تُنشِد هذا البيت ويومٍ تُوافينا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إلى ناضِرِ السَّلَمْ وكأَنْ ظَبْيَةٍ وكأَنْ ظَبْيَةٌ فمن نَصَبَ أَرادَ كأَنَّ ظَبْيَةً فخفف وأَعْمَل ومَنْ خفَض أَراد كظَبْيَةٍ ومَن رفع أَراد كأَنها ظبْيَةٌ فخفَّفَ وأَعْمَل مع إضمارِ الكِناية الجرار عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشد كأمَّا يحْتَطِبْنَ على قَتادٍ ويَسْتَضْكِكْنَ عن حَبِّ الغَمامِ قال يريد كأَنما فقال كأَمَّا والله أَعلم وإنِّي وإنَّني بمعنى وكذلك كأَنِّي وكأَنَّني ولكنِّي ولكنَّني لأَنه كثُر استعمالهم لهذه الحروف وهم قد يَسْتَثْقِلون التضعيف فحذفوا النون التي تَلي الياء وكذلك لَعَلِّي ولَعَلَّني لأَن اللام قريبة من النون وإن زِدْتَ على إنَّ ما صارَ للتَّعيين كقوله تعالى إنما الصَّدَقاتُ للفُقراء لأَنه يُوجِبُ إثْباتَ الحكم للمذكور ونَفْيَه عما عداه وأَنْ قد تكون مع الفعل المستقبل في معنى مصدرٍ فتَنْصِبُه تقول أُريد أن تقومَ والمعنى أُريد قيامَك فإن دخلت على فعل ماضٍ كانت معه بمعنى مصدرٍ قد وقَع إلا أَنها لا تَعْمَل تقول أَعْجَبَني أَن قُمْتَ والمعنى أَعجبني قيامُك الذي مضى وأَن قد تكون مخفَّفة عن المشدَّدة فلا تعمل تقول بَلَغَني أَنْ زيدٌ خارجٌ وفي التنزيل العزيز ونُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الجنَّةُ أُورِثْتُموها قال ابن بري قوله فلا تعمل يريدُ في اللفظ وأَما في التقدير فهي عاملةٌ واسمها مقدَّرٌ في النيَّة تقديره أَنه تِلْكُمْ الجنة ابن سيده ولا أَفعل كذا ما أَنَّ في السماء نجْماً حكاه يعقوب ولا أَعرف ما وجهُ فتْح أَنَّ إلا أَن يكون على توهُّم الفعل كأَنه قال ما ثبت أَنَّ في السماء نجْماً أَو ما وُجد أَنَّ في السماء نجْماً وحكى اللحياني ما أَنَّ ذلك الجَبَل مكانَه وما أَن حِراءً مكانَه ولم يفسّره وقال في موضع آخر وقالوا لا أَفْعَله ما أَنَّ في السماء نجْمٌ وما عَنَّ في السماء نجْمٌ أَي ما عَرَضَ وما أَنَّ في الفُرات قَطْرةٌ أَي ما كان في الفُراتِ قطرةٌ قال وقد يُنْصَب ولا أَفْعَله ما أَنَّ في السماء سماءً قال اللحياني ما كانَ وإنما فسره على المعنى وكأَنَّ حرفُ تشْبيهٍ إنما هو أَنَّ دخلت عليها الكاف قال ابن جني إن سأَل سائلٌ فقال ما وَجْهُ دخول الكاف ههنا وكيف أَصلُ وضْعِها وترتيبها ؟ فالجوابُ أَن أَصلَ قولنا كأَنَّ زيداً عمرٌو إنما هو إنَّ زيداً كعمْرو فالكاف هنا تشبيهٌ صريحٌ وهي متعلقة بمحذوف فكأَنك قلت إنَّ زيداً كائنٌ كعمْرو وإنهم أَرادُوا الاهتمامَ بالتشبيه الذي عليه عقَدُوا الجملةَ فأَزالُوا الكاف من وسَط الجملة وقدّموها إلى أَوَّلها لإفراطِ عنايَتهم بالتشبيه فلما أَدخلوها على إنَّ من قَبْلِها وجب فتحُ إنَّ لأَنَّ المكسورة لا يتقدَّمُها حرفُ الجر ولا تقع إلاَّ أَولاً أَبداً وبقِي معنى التشبيه الذي كانَ فيها وهي مُتوسِّطة بحالِه فيها وهي متقدّمة وذلك قولهم كأَنَّ زيداً عمروٌ إلا أَنَّ الكافَ الآنَ لمَّا تقدَّمت بطَل أَن تكون معلَّقةً بفعلٍ ولا بشيءٍ في معنى الفعل لأَنها فارَقَت الموضعَ الذي يمكن أَن تتعلَّق فيه بمحذوف وتقدمت إلى أَوَّل الجملة وزالت عن الموضع الذي كانت فيه متعلّقة بخبرِ إنَّ المحذوف فزال ما كان لها من التعلُّق بمعاني الأَفعال وليست هنا زائدةً لأَن معنى التشبيه موجودٌ فيها وإن كانت قد تقدَّمت وأُزِيلت عن مكانها وإذا كانت غير زائدة فقد بَقي النظرُ في أنَّ التي دخلت عليها هل هي مجرورة بها أَو غير مجرورة قال ابن سيده فأَقوى الأَمرين عليها عندي أََن تكون أنَّ في قولك كأَنك زيدٌ مجرورة بالكاف وإن قلت إنَّ الكافَ في كأَنَّ الآن ليست متعلقة بفعل فليس ذلك بمانعٍ من الجرِّ فيها أَلا ترى أَن الكاف في قوله تعالى ليس كمِثْله شيءٌ ليست متعلقة بفعل وهي مع ذلك جارّة ؟ ويُؤَكِّد عندك أَيضاً هنا أَنها جارّة فتْحُهم الهمزة بعدها كما يفْتحونها بعد العَوامِل الجارّة وغيرها وذلك قولهم عجِبتُ مِن أَنك قائم وأَظنُّ أَنك منطلق وبلغَني أَنك كريمٌ فكما فتحت أَنَّ لوقوعِها بعد العوامل قبلها موقعَ الأَسماء كذلك فتحت أَيضاً في كأَنك قائم لأَن قبلها عاملاً قد جرَّها وأَما قول الراجز فبادَ حتى لَكأَنْ لمْ يَسْكُنِ فاليومَ أَبْكي ومَتى لمْ يُبْكنِي
( * قوله « لكأن لم يسكن » هكذا في الأصل بسين قبل الكاف ) فإنه أَكَّد الحرف باللام وقوله كأَنَّ دَريئةً لمّا التَقَيْنا لنَصْل السيفِ مُجْتَمَعُ الصُّداعِ أَعْمَلَ معنى التشبيه في كأَنَّ في الظرف الزَّمانيّ الذي هو لما التَقَيْنا وجاز ذلك في كأَنَّ لما فيها من معنى التشبيه وقد تُخَفَّف أَنْ ويُرْفع ما بعدها قال الشاعر أَنْ تقْرآنِ على أَسْماءَ وَيحَكُما منِّي السلامَ وأَنْ لا تُعْلِما أَحَدا قال ابن جني سأَلت أَبا عليّ رحمه الله تعالى لِمَ رَفَع تَقْرآنِ ؟ فقال أَراد النون الثقيلة أَي أَنكما تقْرآن قال أَبو علي وأَوْلى أَنْ المخففة من الثقيلة الفعل بلا عِوَض ضرورة قال وهذا على كل حال وإن كان فيه بعضُ الصَّنعة فهو أَسهلُ مما ارتكبه الكوفيون قال وقرأْت على محمد بن الحسن عن أَحمد بن يحيى في تفسير أَنْ تقْرآنِ قال شبَّه أَنْ بما فلم يُعْمِلها في صِلَتها وهذا مذهب البَغْداديّين قال وفي هذا بُعْدٌ وذلك أَنَّ أَنْ لا تقع إذا وُصلت حالاً أَبداً إنما هي للمُضيّ أَو الاستقبال نحو سَرَّني أَن قام ويُسرُّني أَن تقوم ولا تقول سَرَّني أَن يقوم وهو في حال قيام وما إذا وُصِلت بالفعل وكانت مصدراً فهي للحال أَبداً نحو قولك ما تقومُ حسَنٌ أَي قيامُك الذي أَنت عليه حسن فيَبْعُد تشبيهُ واحدةٍ منهما بالأُخرى ووُقوعُ كلّ واحدة منهما مَوْقِعَ صاحبتها ومن العرب من يَنصب بها مخففة وتكون أَنْ في موضع أَجْل غيره وأَنَّ المفتوحةُ قد تكون بمعنى لعلّ وحكى سيبويه إئتِ السوقَ أَنك تشتري لنا سَويقاً أَي لعلك وعليه وُجِّه قوله تعالى وما يُشْعِركم أَنها إذا جاءت لا يؤْمنون إذ لو كانت مفتوحةً عنها لكان ذلك عذراً لهم قال الفارسي فسأَلتُ عنها أَبا بكر أَوانَ القراءة فقال هو كقول الإنسان إنَّ فلاناً يَقْرأُ فلا يَفْهم فتقول أَنتَ وما يُدْريك أَنه لا يَفْهَمُ
( * قوله « إن فلاناً يقرأ فلا يفهم فتقول أنت وما يدريك إنه لا يفهم » هكذا في الأصل المعوَّل عليه بيدنا بثبوت لا في الكلمتين ) وفي قراءة أُبَيٍّ لعلها إذا جاءَت لا يؤْمنون قال ابن بري وقال حُطائِط بن يعْفُر ويقال هو لدُريد أَريني جَواداً مات هَزْلاً لأَنَّني أَرى ما تَرَيْنَ أَو بَخيلاً مُخَلَّدا وقال الجوهري أَنشده أَبو زيد لحاتم قال وهو الصحيح قال وقد وجدته في شعر مَعْن بن أَوس المُزَني وقال عدي بن زيد أَعاذِلَ ما يُدريكِ أَنَّ مَنِيَّتي إلى ساعةٍ في اليوم أَو في ضُحى الغَدِ ؟ أَي لعل منيتي ويروى بيت جرير هَلَ انْتُمْ عائجون بِنا لأَنَّا نرى العَرَصاتِ أَو أَثَرَ الخِيامِ قال ويدُلك على صحة ما ذكرت في أَنَّ في بيت عديّ قوله سبحانه وما يُدْريك لعله يَزَّكَّى وما يُدْريك لعل الساعةَ تكون قريباً وقال ابن سيده وتُبْدِل من همزة أَنَّ مفتوحةً عيناً فتقول علمتُ عَنَّكَ منطلق وقوله في الحديث قال المهاجرون يا رسول الله إنَّ الأَنصارَ قد فَضَلونا إنهم آوَوْنا وفَعَلوا بنا وفَعَلوا فقال تَعْرفون ذلك لهم ؟ قالوا نعم قال فإنَّ ذلك قال ابن الأَثير هكذا جاء مقطوع الخبر ومعناه إنَّ اعترافكم بصنيعهم مُكافأَةٌ منكم لهم ومنه حديثه الآخر من أُزِلَّتْ إليه نِعمةٌ فليُكافِئْ بها فإن لم يجِدْ فَليُظهِر ثناءً حسَناً فإنَّ ذلك ومنه الحديث أَنه قال لابن عمر في سياق كلامٍ وَصَفه به إنَّ عبدَ الله إنَّ عبدالله قال وهذا وأَمثاله من اختصاراتهم البليغة وكلامهم الفصيح وأَنَّى كلمة معناها كيف وأَين التهذيب وأَما إنْ الخفيفةُ فإنّ المنذري روى عن ابن الزَّيْدي عن أَبي زيد أَنه قال إنْ تقع في موضع من القرآن مَوْضعَ ما ضَرْبُ قوله وإنْ من أَهل الكتاب إلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ به قبْل موتِه معناه ما مِن أَهل الكتاب ومثله لاتَّخَذْناه من لَدُنَّا إنْ كنَّا فاعلين أَي ما كنا فاعلين قال وتجيء إنْ في موضع لَقَدْ ضَرْبُ قوله تعالى إنْ كانَ وعْدُ رَبِّنا لَمَفْعولاً المعنى لقَدْ كان من غير شكٍّ من القوم ومثله وإنْ كادوا لَيَفْتِنونك وإنْ كادوا ليَسْتَفِزُّونك وتجيء إنْ بمعنى إذْ ضَرْبُ قوله اتَّقُوا اللهَ وذَروا ما بَقِيَ من الرِّبا إن كنتم مُؤْمنين المعنى إذْ كنتم مْمنين وكذلك قوله تعالى فرُدُّوه إلى الله والرسول إن كُنتمْ تُؤْمنون بالله معناه إذْ كنتم قال وأَنْ بفتح الأَلف وتخفيف النون قد تكون في موضع إذْ أَيضاً وإنْ بخَفْض الأَلف تكون موضعَ إذا من ذلك قوله عز وجل لا تَتَّخِذوا آباءَكُم وإخْوانَكم أَوْلياءَ إن اسْتَحَبُّوا مَنْ خَفضَها جعلَها في موضع إذا ومَنْ فتحها جعلها في موضع إذْ على الواجب ومنه قوله تعالى وامْرأَةً مُؤمِنةً إن وَهَبَتْ نَفْسَها للنبيّ من خفضها جعلها في موضع إذا ومن نصبها ففي إذ ابن الأَعرابي في قوله تعالى فذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى قال إنْ في معنى قَدْ وقال أَبو العباس العرب تقول إنْ قام زيد بمعنى قد قام زيد قال وقال الكسائي سمعتهم يقولونه فظَنَنْتُه شَرْطاً فسأَلتهم فقالوا نُرِيدُ قد قام زيد ولا نُرِيدُ ما قام زيد وقال الفراء إن الخفيفةُ أُمُّ الجزاء والعرب تُجازِي بحروف الاستفهام كلها وتَجْزمُ بها الفعلين الشرطَ والجزاءَ إلاَّ الأَلِفَ وهَلْ فإنهما يَرْفعَانِ ما يليهما وسئل ثعلبٌ إذا قال الرجل لامرأَته إن دَخلتِ الدارَ إن كَلَّمْتِ أَخاكِ فأَنتِ طالقٌ متى تَطْلُق ؟ فقال إذا فَعَلَتْهما جميعاً قيل له لِمَ ؟ قال لأَنه قد جاء بشرطين قيل له فإن قال لها أَنتِ طالقٌ إن احْمَرّ البُسْرُ ؟ فقال هذه مسأَلةُ محال لأَن البُسْرَ لا بُدّ من أَن يَحْمَرّ قيل له فإن قال أَنت طالِقٌ إذا احْمَرَّ البُسْرُ ؟ قال هذا شرط صحيح تطلُقُ إذا احْمرَّ البُسْرُ قال الأَزهري وقال الشافعي فيما أُثْبِت لنا عنه إن قال الرجل لامرأَته أَنتِ طالقٌ إن لم أُطَلِّقْكِ لم يَحْنَِثْ حتى يُعْلَم أَنه لا يُطَلِّقُها بموته أَو بموتِها قال وهو قول الكوفيين ولو قال إذا لم أُطَلِّقْك ومتى ما لم أُطَلِّقْك فأَنت طالق فسكتَ مدَّةً يمكنه فيها الطّلاق طَلُقَت قال ابن سيده إنْ بمعنى ما في النفي ويُوصل بها ما زائدة قال زهير ما إنْ يَكادُ يُخلِّيهمْ لِوِجْهَتِهمْ تَخالُجُ الأَمْرِ إنَّ الأَمْرَ مُشْتَرَكُ قال ابن بري وقد تزاد إنْ بعد ما الظرفية كقول المَعْلوط بن بَذْلٍ القُرَيْعيّ أَنشده سيبويه ورجَّ الفتى للْخَيْر ما إنْ رأَيْتَه على السِّنِّ خيراً لا يَزالُ يَزِيدُ وقال ابن سيده إنما دخَلت إنْ على ما وإن كانت ما ههنا مصدريةً لِشَبَهَها لفظاً بما النافية التي تُؤكِّد بأَنْ وشَبَهُ اللفظ بينهما يُصَيِّر ما المصدريةَ إلى أَنها كأَنها ما التي معناها النفيُ أَلا ترى أَنك لو لم تَجْذِب إحداهما إلى أَنها كأَنها بمعنى الأُخرى لم يجز لك إلحاقُ إنْ بها ؟ قال سيبويه وقولُهم افْعَل كذا وكذا إمّا لا أَلْزَموها ما عوضاً وهذا أَحْرى إذ كانوا يقولون آثِراً ما فيُلْزمون ما شبَّهوها بما يَلْزَم من النوتات في لأَفعلنّ واللامِ في إِنْ كان لَيَفْعل وإن كان ليْس مِثْلَه وإنَّما هو شاذ ويكونُ الشرطَ نحو إنْ فعلتَ فعلتُ وفي حديث بيع الثمر إمّا لا فلا تبَايَعُوا حتى يَبْدُوَ صلاَحُه قال ابن الأَثير هذه كلمة تَرِدُ في المُحاورَات كثيراً وقد جاءَت في غير موضع من الحديث وأَصلها إنْ وما ولا فأُدْغِمت النونُ في الميم وما زائدةٌ في اللفظ لا حُكمَ لها وقد أَمالت العربُ لا إمالةً خفيفةً والعوامُّ يُشْبِعون إمالَتها فتَصيرُ أَلفُها ياءً وهي خطأٌ ومعناها إنْ لم تَفعلْ هذا فلْيَكن هذا وأَما إنْ المكسورة فهو حرفُ الجزاء يُوقِع الثانيَ من أَجْل وُقوع الأَوَّل كقولك إنْ تأْتني آتِك وإن جِئْتني أَكْرَمْتُك وتكون بمعنى ما في النفي كقوله تعالى إنِ الكافرون إلاّ في غُرور ورُبَّما جُمِع بينهما للتأْكيد كما قال الأَغْلَبُ العِجْليُّ ما إنْ رَأَينا مَلِكاً أَغارا أَكْثَرَ منه قِرَةً وقَارا قال ابن بري إنْ هنا زائدةٌ وليست نفياً كما ذكر قال وقد تكون في جواب القسم تقول والله إنْ فعلتُ أَي ما فعلت قال وأَنْ قد تكون بمعنى أَي كقوله تعالى وانطَلَق الملأُ منهم أَنِ امْشُوا قال وأَن قد تكون صِلةً لِلَمَّا كقوله تعالى فلما أَنْ جاء البشيرُ وقد تكون زائدةً كقوله تعالى وما لهم أَن لا يُعَذِّبَهم الله يريد وما لهُم لا يعذِّبُهُم الله قال ابن بري قول الجوهري إنَّها تكونُ صلةً لِلَمّا وقد تكون زائدةً قال هذا كلامٌ مكرَّر لأَنَّ الصلةَ هي الزائدةُ ولو كانت زائدةً في الآية لم تَنْصِب الفعلَ قال وقد تكونُ زائدةً مع ما كقولك ما إنْ يقُومُ زيد وقد تكون مخففةً من المشددة فهذه لا بد من أَنْ يدخُلَ اللامُ في خبرها عوضاً مما حُذِفَ من التشديد كقوله تعالى إنْ كُلُّ نفسٍ لمَّا عليها حافظٌ وإنْ زيدٌ لأَخوك لئلا يلتبس بإنْ التي بمعنى ما للنفي قال ابن بري اللامُ هنا دخلت فرقاً بين النفي والإيجاب وإنْ هذه لا يكون لها اسمٌ ولا خبر فقولُه دخلت اللامُ في خبرها لا معنى له وقد تدخُلُ هذه اللامُ مع المَفعول في نحو إنْ ضربت لزَيداً ومع الفاعل في قولك إن قام لزيدٌ وحكى ابن جني عن قطرب أَن طَيِّئاً تقول هِنْ فَعَلْتَ فعلتُ يريدون إنْ فيُبْدِلون وتكون زائدةً مع النافية وحكى ثعلب أَعْطِه إنْ شاء أَي إذا شاء ولا تُعْطِه إنْ شاءَ معناه إذا شاء فلا تُعْطِه وأَنْ تَنْصب الأَفعال المضارِعة ما لم تكن في معنى أَنَّ قال سيبويه وقولُهم أَمَّا أَنت مُنْطلِقاً انْطلقْتُ مَعَك إنما هي أَنْ ضُمّت إليها ما وهي ما للتوكيد ولَرِمَت كراهية أَن يُجْحِفوا بها لتكون عوضاً من ذَهاب الفعل كما كانت الهاءُ والأَلفُ عوضاً في الزّنادقةِ واليَماني من الياء فأَما قول الشاعر تعَرَّضَتْ لي بمكانٍ حِلِّ تَعَرُّضَ المُهْرَةِ في الطِّوَلِّ تَعَرُّضاً لم تأْلُ عن قَتْلاً لي فإنه أَراد لم تأْلُ أَن قَتْلاً أَي أَنْ قَتَلَتْني فأَبدل العينَ مكان الهمزة وهذه عَنْعنةُ تميمٍ وهي مذكورة في موضعها ويجوز أَنْ يكون أَراد الحكاية كأَنه حكى النصبَ الذي كان معتاداً في قولها في بابه أَي كانت قول قَتْلاً قَتْلاً أَي أَنا أَقْتُلُه قَتْلاً ثم حكى ما كانت تَلَفَّظُ به وقوله إني زَعيمٌ يا نُوَيْ قَةُ إنْ نجَوْتِ من الرَّزاح أَنْ تَهْبِطينَ بلادَ قَوْ مٍ يَرْتَعُون من الطِّلاح قال ثعلب قال الفراء هذه أَن الدائرةُ يليها الماضي والدائم فتَبْطُل عنهما فلما وَلِيها المستقبل بطلت عنه كما بطلت عن الماضي والدائم وتكون زائدة مع لما التي بمعنى حين وتكون بمعنى أَي نحو قوله وانْطَلَق الملأُ منهم أَنِ امْشُوا قال بعضهم لا يجوز الوقوف عليها لأَنها تأْتي ليُعبَّر بها وبما بعدها عن معنى الفعل الذي قبل فالكلامُ شديدُ الحاجةِ إلى ما بعدها ليُفَسَّر به ما قبلها فبحسب ذلك امتنع الوقوفُ عليها ورأَيت في بعض نسخ المحكم وأَنْ نِصْفُ اسمٍ تمامُه تَفْعَل وحكى ثعلب أيضاً أَعْطِه إلا أَن يشاءَ أَي لا تُعْطِه إذا شاء ولا تُعْطِه إلا أَن يشاءَ معناه إذا شاء فأَعْطِه وفي حديث رُكوبِ الهَدْيِ قال له ارْكَبْها قال إنها بَدنةٌ فكرر عليه القولَ فقال ارْكَبْها وإنْ أَي وإن كانت بَدنةً التهذيب للعرب في أَنا لغاتٌ وأَجودها أَنَّك إذا وقفْتَ عليها قلت أَنا بوزن عَنَا وإذا مضَيْتَ عليها قلت أَنَ فعلتُ ذلك بوزن عَنَ فَعَلْتُ تحرّك النون في الوصل وهي ساكنة منْ مثلِه في الأَسماء غير المتمكنة مثل مَنْ وكَمْ إذا تحرَّك ما قبلها ومن العرب من يقول أَنا فعلت ذلك فيُثْبِتُ الأَلفَ في الوصل ولا يُنوِّن ومنهم مَن يُسَكِّنُ النونَ وهي قليلة فيقول أَنْ قلتُ ذلك وقُضاعةُ تمُدُّ الأَلفَ الأُولى آنَ قلتُه قال عديّ يا لَيْتَ شِعْري آنَ ذُو عَجَّةٍ مَتى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصيصْ ؟ وقال العُدَيْل فيمن يُثْبِت الأَلفَ أَنا عَدْلُ الطِّعانِ لِمَنْ بَغاني أَنا العَدْلُ المُبَيّنُ فاعْرِفوني وأَنا لا تَثنيهَ له من لفظه إلا بنَحْن ويصلح نحنُ في التثنية والجمع فإن قيل لم ثَنَّوا أَنْ فقالوا أَنْتُما ولم يُثَنُّوا أَنا ؟ فقيل لمَّا لم تُجِزْ أَنا وأَنا لرجلٍ آخرَ لم يُثَنُّوا وأَما أَنْتَ فَثَنَّوْه بأَنْتُما لأَنَّك تجيز أَن تقول لرجل أَنتَ وأَنتَ لآخرَ معه فلذلك ثُنِّيَ وأَما إنِّي فتَثْنيتُه إنَّا وكان في الأَصل إنَّنا فكثُرت النوناتُ فحُذِفت إحداها وقيل إنَّا وقوله عز وجل إنَّآ أَو إِيَّاكم
( الآية ) المعنى إنَّنا أَو إنَّكم فعطف إياكم على الاسم في قوله إنَّا على النون والأَلف كما تقول إني وإيَّاك معناه إني وإنك فافْهمه وقال إنّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَعْدَكم فحَمَلْت بَرَّةَ واحْتَمَلت فَجارِ إنَّا تثنيةُ إني في البيت قال الجوهري وأَما قولهم أَنا فهو اسمٌ مكنيٌّ وهو للمتكَلِّم وحْدَه وإنما يُبْنى على الفتح فرقاً بينه وبين أَن التي هي حرفٌ ناصب للفعل والأَلفُ الأَخيرةُ إنما هي لبيان الحركة في الوقف فإن وُسِّطت سَقَطت إلا في لغة رديئةٍ كما قال أَنا سَيْفُ العَشيرةِ فاعْرفوني جميعاً قد تَذَرَّيْتُ السَّنامَا واعلم أَنه قد يُوصل بها تاءُ الخطاب فيَصيرانِ كالشيء الواحد من غير أَن تكون مضافة إليه تقول أَنت وتكسر للمؤَنث وأَنْتُم وأَنْتُنَّ وقد تدخلُ عليه كافُ التشبيه فتقول أَنتَ كأَنا وأَنا كأَنتَ حكي ذلك عن العرب وكافُ التشبيه لا تتَّصِلُ بالمضمر وإنما تتصل بالمُظهر تقول أَنتَ كزيدٍ ولا تقول أَنت كِي إلا أَن الضمير المُنْفَصل عندهم كان بمنزلة المُظْهَر فلذلك حَسُنَ وفارقَ المُتَّصِل قال ابن سيده وأَنَ اسم المتكلم فإذا وَقفْت أَلْحَقْتَ أَلَفاً للسكوت مَرْويّ عن قطرب أَنه قال في أَنَ خمسُ لغات أَنَ فعلتُ وأَنا فعلْتُ وآنَ فَعلتُ وأَنْ فعلت وأَنَهْ فعلت حكى ذلك عنه ابن جني قال وفيه ضعف كما ترى قال ابن جني يجوز الهاء في أَنَهْ بدلاً من الأَلف في أَنا لأَن أَكثر الاستعمال إنما هو أَنا بالأَلف والهاء قِبَلَه فهي بدل من الأَلف ويجوز أَن تكون الهاءُ أُلْحِقَتْ لبيان الحركة كما أُلحقت الأَلف ولا تكون بدلاً منها بل قائمة بنفسها كالتي في كتابِيَة وحسابِيَة ورأَيت في نسخة من المحكم عن الأَلف التي تلحق في أَنا للسكوت وقد تحذفُ وإثباتُها أَحْسَنُ وأَنْتَ ضميرُ المخاطَب الاسمُ أَنْ والتاء علامةُ المخاطَب والأُنثى أَنْتِ وتقول في التثنية أَنْتُما قال ابن سيده وليس بتثنيةِ أَنْتَ إذ لو كان تثنيتَه لوجب أَن تقول في أَنْتَ أَنْتانِ إنما هو اسمٌ مصوغٌ يَدُلُّ على التثنية كما صيغَ هذان وهاتان وكُما مِنْ ضرَبْتُكما وهُما يدلُّ على التثنية وهو غيرُ مُثَنّىً على حدّ زيد وزيدان ويقال رجل أُنَنَةٌ قُنَنَةٌ أَي بليغ

أنبجن
في الحديث ائْتُوني بأَنْبِجانِيَّةِ أَبي جَهْمٍ قال ابن الأثير المحفوظُ بكسر الباء ويروى بفتحها يقال كساءٌ أَنْبِجانيّ منسوب إلى مَنْبِج المدينة المعروفة وهي مكسورة الباء ففُتَحت في النسب وأُبدلت الميمُ همزة وقيل إنها منسوبة إلى موضع اسمه أَنْبِجان قال وهو أَشبه لأَن الأَولَ فيه تعسُّف وهو كِساءٌ من الصُّوف له خَمَلٌ ولا علمَ له وهي من أَدْوَنِ الثياب الغليظة وإنما بَعثَ الخميصةَ إلى أَبي جَهْمٍ لأَنه كان أَهْدَى للنبي صلى الله عليه وسلم خميصةً ذاتَ أَعلامٍ فلما شَغَلَتْه في الصلاة قال رُدُّوها عليه وأْتُوني بأَنْبِجانيَّته وإنما طَلَبها منه لئلا يُؤَثِّرَ رَدُّ الهديَّةِ في قلْبِه والهمزة فيها زائدةٌ في قول

أنتن
الأَزهري سمعت بعض بني سُلَيم يقول كما انْتني
( * قوله « كما انتني » هكذا بضبط الأصل ) يقولُ انْتَظِرْني في مكانك

أهن
الإهانُ عُرْجُونُ الثَّمرةِ والجمع آهِنَة وأُهُنٌ الليث هو العُرْجونُ يعني ما فوق الشماريخ ويجمع أُهُناً والعددُ ثلاثةُ آهِنةٍ قال الأَزهري وأَنشدني أَعرابي مَنَحْتَني يا أَكرمَ الفِتْيان جَبّارةً ليستْ من العَيْدان حتى إذا ما قلتُ أَلآنَ الآن دَبَّ لها أَسْودُ كالسِّرْحان بِمِخْلَبٍ يَخْتَذِمُ الإهان وأَنشد ابن بري للمغيرة بن حَبْناء فما بَيْنَ الرَّدَى والأَمْن إلا كما بينَ الإهانِ إلى العَسِيب

أون
الأَوْنُ الدَّعَةُ والسكينةُ والرِّفْقُ أُنْتُ بالشيء أَوْناً وأُنْتُ عليه كلاهما رَفَقْت وأُنْتُ في السير أَوْناً إذا اتّدَعْت ولم تَعْجَل وأُنْتُ أَوْناً تَرَفّهْت وتوَدَّعْت وبيني وبين مكة عشرُ ليالٍ آيناتٌ أَي وادعاتٌ الياءُ قبل النون ابن الأَعرابي آنَ يَؤُونُ أَوْناً إذا اسْتَراحَ وأَنشد غَيَّر يا بنتَ الحُلَيْسِ لَوْني مَرُّ اللَّيالي واخْتِلافُ الجَوْنِ وسَفَرٌ كانَ قليلَ الأَوْنِ أَبو زيد أُنْتُ أَؤُونُ أَوْناً وهي الرَّفاهية والدَّعَةُ وهو آئنٌ مثال فاعِلٍ أَي وادعٌ رافِهٌ ويقال أُنْ على نفسك أَي ارْفُقْ بها في السير واتَّدِعْ وتقول له أَيضاً إذا طاشَ أُنْ على نفسِك أَي اتَّدِعْ ويقال أَوِّنْ على قَدْرِك أَي اتَّئِدْ على نحوِك وقد أَوَّنَ تأْويناً والأَوْنُ المَشْيُ الرُّوَيْدُ مبدل من الهَوْنِ ابن السكيت أَوِّنُوا في سَيْرِكم أَي اقْتَصِدوا من الأَوْنِ وهو الرِّفْقُ وقد أَوَّنْتُ أَي اقْتَصَدْتُ ويقال رِبْعٌ آئنٌ خيرٌ من عَبٍّ حَصْحاصٍ وتأَوَّنَ في الأَمر تَلَبَّث والأَوْنُ الإعياءُ والتَّعَبُ كالأَيْنِ والأَوْنُ الجمَل والأَوْنانِ الخاصِرتان والعِدْلان يُعْكَمانِ وجانِبا الخُرج وقال ابن الأَعرابي الأَوْنُ العِدْل والخُرْجُ يُجْعل فيه الزادُ وأَنشد ولا أَتَحَرَّى وُدَّ مَنْ لا يَوَدُّني ولا أَقْتَفي بالأَوْنِ دُونَ رَفِيقي وفسره ثعلب بأَنه الرِّفْقُ والدَّعَةُ هنا الجوهري الأَوْنُ أَحدُ جانِبَي الخُرج وهذا خُرْجٌ ذو أَوْنَين وهما كالعِدْلَيْنِ قال ابن بري وقال ذو الرمة وهو من أَبيات المعاني وخَيْفاء أَلْقَى الليثُ فيها ذِراعَه فَسَرَّتْ وساءتْ كلَّ ماشٍ ومُصْرِمِ تَمَشَّى بها الدَّرْماءُ تَسْحَبُ قُصْبَها كأَنْ بطنُ حُبْلى ذاتِ أَوْنَينِ مُتْئِمِ خَيْفاء يعني أَرضاً مختلفة أَلوان النباتِ قد مُطِرت بِنَوْءِ الأَسدِ فسَرَّت مَنْ له ماشِيةٌ وساءَت مَنْ كان مُصْرِماً لا إبِلَ له والدَّرْماءُ الأَرْنَب يقول سَمِنَت حتى سَحَبَت قُصْبَها كأَنّ بَطْنَها بطنُ حُبْلى مُتْئِمٍ ويقال آنَ يَؤُونُ إذا استراح وخُرْجٌ ذو أَوْنَينِ إذا احْتَشى جَنْباه بالمَتاعِ والأَوانُ العِدْلُ والأَوانانِ العِدْلانِ كالأَوْنَينِ قال الراعي تَبِيتُ ورِجْلاها أَوانانِ لاسْتِها عَصاها اسْتُها حتى يكلَّ قَعودُها قال ابن بري وقد قيل الأَوانُ عَمُودٌ من أََعْمِدة الخِباء قال الراعي وأَنشد البيت قال الأَصمعي أقامَ اسْتَها مُقامَ العَصا تدفعُ البعيرَ باسْتِها ليس معها عصاً فهي تُحرِّك اسْتَها على البعيرِ فقولُه عصاها اسْتُها أَي تُحرِّك حِمارَها باسْتِها وقيل الأَوانانِ اللِّجامانِ وقيل إناءَانِ مَمْلُوءَانِ على الرَّحْل وأَوَّنَ الرجلُ وتَأَوَّنَ أَكَلَ وَشَرِبَ حتى صارت خاصِرتاه كالأَوْنَيْنِ ابن الأَعرابي شرِبَ حتى أَوَّنَ وحتى عَدَّنَ وحتى كأَنَّه طِرافٌ وأَوَّنَ الحِمارُ إذا أَكلَ وشربَ وامْتَلأَ بطنُه وامتدَّت خاصِرتاه فصار مثل الأَوْن وأَوَّنَت الأَتانُ أَقْرَبَت قال رؤبة وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصاً ربَّ الفَلَقْ سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوِينَ العُقُقْ التهذيب وصفَ أُتُناً وردت الماء فشَرِبت حتى امتلأَت خَواصِرُها فصار الماءُ مثلَ الأَوْنَيْنِ إذا عُدلا على الدابة والتَّأَوُّنُ امْتِلاءُ البَطْنِ ويُريدُ جمعَ العَقوقِ وهي الحاملُ مثل رسول ورُسُل والأَوْنُ التَّكَلُّفُ للنَّفَقة والمَؤُونة عند أَبي عليّ مَفْعُلةٌ وقد ذكرنا أَنها فَعُولة من مأَنْت والأَوانُ والإوانُ الحِينُ ولم يُعلَّ الإوانُ لأَنه ليس بمصدر الليث الأَوانُ الحينُ والزمانُ تقول جاء أَوانُ البَردِ قال العجاج هذا أَوانُ الجِدِّ إذْ جَدَّ عُمَرْ الكسائي قال أَبو جامع هذا إوانُ ذلك والكلامُ الفتحُ أَوانٌ وقال أَبو عمرو أَتَيتُه آئِنةً بعد آئنةٍ
( * قوله « آئنة بعد آئنة » هكذا بالهمز في التكملة وفي القاموس بالياء ) بمعنى آوِنة وأَما قول أَبي زيد طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ فأَجَبْنا أَن ليس حينَ بقاء فإن أَبا العباس ذهب إلى أَن كسرة أَوان ليس إعراباً ولا عَلَماً للجرّ ولا أَن التنوين الذي بعدها هو التابع لحركات الإعراب وإنما تقديره أَنّ أَوانٍ بمنزلة إذ في أَنَّ حُكْمَه أَن يُضاف إلى الجملة نحو قولك جئت أَوانَ قام زيد وأَوانَ الحَجّاجُ أَميرٌ أَي إذ ذاكَ كذلك فلما حذف المضافَ إليه أَوانَ عَوّض من المضاف إليه تنويناً والنون عنده كانت في التقدير ساكنة كسكون ذال إذْ فلما لَقِيها التنوينُ ساكناً كُسِرت النون لالتقاء الساكنين كما كُسِرت الذالُ من إِذْ لالتقاء الساكنين وجمع الأَوان آوِنةٌ مثل زمان وأَزْمِنة وأَما سيبويه فقال أَوان وأَوانات جمعوه بالتاء حين لم يُكسَّر هذا على شُهْرةٍ آوِنةً وقد آنَ يَئينُ قال سيبويه هو فَعَلَ يَفْعِل يَحْمِله على الأَوان والأَوْنُ الأَوان يقال قد آنَ أَوْنُك أَي أَوانك قال يعقوب يقال فلانٌ يصنعُ ذلك الأَمر آوِنةً إذا كان يَصْنعه مراراً ويدَعه مراراً قال أَبو زُبيد حَمّال أثقالِ أَهلِ الوُدِّ آوِنةً أُعْطِيهمُ الجَهْدَ مِنِّي بَلْهَ ما أَسَعُ وفي الحديث مَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم برجُل يَحْتَلِب شاةً آوِنةً فقال دعْ داعِيَ اللبن يعني أَنه يحْتَلِبها مرة بعد أُخرى وداعي اللبن هو ما يتركه الحالبُ منه في الضرع ولا يَسْتَقْصيه ليجتمع اللبنُ في الضَّرع إليه وقيل إنّ آوِنة جمع أَوانٍ وهو الحين والزمان ومنه الحديث هذا أَوانُ قطَعَتُ أَبْهَري والأَوانُ السَّلاحِفُ عن كراع قال ولم أَسمع لها بواحد قال الراجز وبَيَّتُوا الأَوانَ في الطِّيّاتِ الطِّيّات المنازِلُ والإوانُ والإيوانُ الصُّفَّةُ العظيمة وفي المحكم شِبْهُ أَزَجٍ غير مسْدود الوجه وهو أَعجمي ومنه إيوانُ كِسْرى قال الشاعر إيوان كِسْرى ذي القِرى والرَّيحان وجماعة الإوان أُوُنٌ مثل خِوان وخُوُن وجماعة الإيوان أَواوِينُ وإيواناتٌ مثل دِيوان ودَواوين لأَن أَصله إوّانٌ فأُبدل من إحدى الواوَين ياء وأَنشد شَطَّتْ نَوى مَنْ أَهْلُه بالإيوان وجماعةُ إيوانِ اللِّجامِ إيواناتٌ والإوانُ من أَعْمِدة الخباء قال كلُّ شيءٍ عَمَدْتَ به شيئاً فهو إوان له وأَنشد بيت الراعي أَيضاً تبيتُ ورِجْلاها إِوانانِ لاسْتِها أَي رِجْلاها سَنَدان لاسْتها تعتمد عليهما والإوانةُ ركيَّةٌ معروفة عن الهجريّ قال هي بالعُرْف قرب وَشْحى والوَرْكاء والدَّخول وأَنشد فإنَّ على الإوانةِ من عُقَيْلٍ فتىً كِلْتا اليَدَين له يَمينُ

أين
آنَ الشيءُ أَيناً حانَ لغة في أَنى وليس بمقلوب عنه لوجود المصدر وقال أَلَمَّا يَئِنْ لي أَنْ تُجَلَّى عمايَتي وأُقْصِرَ عن ليْلى ؟ بَلى قد أَنى لِيا فجاء باللغتين جميعاً وقالوا آنَ أَيْنُك وإينُك وآن آنُك أَي حانَ حينُك وآنَ لك أَن تفعل كذا بَئينُ أَيْناً عن أَبي زيد أَي حانَ مثل أَنى لك قال وهو مقلوبٌ منه وقالوا الآن فجعلوه اسماً لزمان الحال ثم وصفوا للتوسُّع فقالوا أَنا الآنَ أَفعل كذا وكذا والأَلف واللام فيه زائدة لأَنَّ الاسمَ معرفة بغيرهما وإنما هو معرفة بلام أُخرى مقدَّرة غير هذه الظاهرة ابن سيده قال ابن جني قوله عز وجل قالوا الآنَ جئتَ بالحقِّ الذي يدل على أَن اللام في الآن زائدة أَنها لا تخلو من أَن تكونَ للتعريف كما يظنُّ مخالفُنا أَو تكون زائدة لغير التعريف كما نقول نحن فالذي يدل على أَنها لغير التعريف أَنَّا اعتبرنا جميعَ ما لامُه للتعريف فإذا إسقاطُ لامِه جائز فيه وذلك نحو رجل والرجل وغلام والغلام ولم يقولوا افْعَلْه آنَ كما قالوا افعَلْه الآنَ فدل هذا على أَن اللامَ فيه ليست للتعريف بل هي زائدة كما يُزاد غيرُها من الحروف قال فإذا ثَبتَ أَنها زائدةٌ فقد وجب النظرُ فيما يُعَرَّف به الآن فلن يخلو من أَحد وجوه التعريف الخمسة إما لأَنه من الأَسماء المُضْمَرة أَو من الأَسماء الأَعلام أَو من الأَسماء المُبْهَمة أَو من الأَسماء المضافة أو من الأَسماء المُعَرَّفة باللام فمُحالٌ أَن تكون من الأَسماء المضمرة لأَنها معروفة محدودة وليست الآن كذلك ومُحالٌ أَن تكون من الأَسماء الأَعْلام لأَن تلك تخُصُّ الواحد بعَيْنه والآن تقعَ على كلِّ وقتٍ حاضر لا يَخُصُّ بعضَ ذلك دون بعض ولم يَقُلْ أَحدٌ إن الآن من الأَسماء الأَعلام ومُحالٌ أَيضاً أن تكون من أَسماء الإشارة لأَن جميع أَسماء الإشارة لا تجد في واحدٍ منها لامَ التعريف وذلك نحو هذا وهذه وذلك وتلك وهؤلاء وما أَشْبَهَ ذلك وذهب أَبو إسحق إلى أَن الآن إنما تَعَرُّفه بالإشارة وأَنه إنما بُنِيَ لما كانت الأَلف واللام فيه لغير عهد متقدم إنما تقولُ الآن كذا وكذا لمن لم يتقدم لك معه ذِكْر الوقت الحاضر فأَما فساد كونه من أَسماء الإشارة فقد تقدم ذِكرُه وأَما ما اعْتَلَّ به من أَنه إنما بُنيَ لأَن الأَلف واللام فيه لغير عهدٍ متقَدِّمٍ ففاسدٌ أَيضاً لأَنا قد نجد الأَلف واللام في كثير من الأَسماء على غير تقدُّم عهْد وتلك الأَسماء مع كون اللام فيها مَعارف وذلك قولك يا أَيها الرجلُ ونظَرْتُ إلىه هذا الغلام قال فقد بطلَ بما ذكَرْنا أَن يكون الآنَ من الأَسماء المشار بها ومحالٌ أَيضاً أَن تكون من الأَسماء المتعَرِّفة بالإضافة لأَننا لا نشاهد بعده اسماً هو مضاف إليه فإذا بَطَلَت واسْتَحالت الأَوجه الأَربعة المقَدَّم ذكرُها لم يَبْقَ إلا أَن يكون معرَّفاً باللام نحو الرجل والغلام وقد دلت الدلالةُ على أَن الآن ليس مُعَرَّفاً باللام الظاهرة التي فيه لأَنه لو كان مَُعرَّفاً بها لجازَ سُقوطُها منه فلزومُ هذه اللام للآن دليلٌ على أَنها ليست للتعريف وإذا كان مُعَرَّفاً باللام لا محالَةَ واستَحال أَن تكونَ اللام فيه هي التي عَرَّفَتْه وجب أَن يكون مُعَرَّفاً بلام أُخرى غير هذه الظاهرة التي فيه بمنزلة أَمْسِ في أَنه تَعَرَّف بلام مرادة والقول فيهما واحدٌ ولذلك بنيا لتضمُّنهما معنى حرف التعريف قال ابن جني وهذا رأْيُ أَبي علي وعنه أَخَذْتُه وهو الصوابُ قال سيبويه وقالوا الآن آنُكَ كذا قرأْناه في كتاب سيبويه بنصب الآنَ ورفعِ آنُك وكذا الآنَ حدُّ الزمانَيْن هكذا قرأْناه أَيضاً بالنصب وقال ابن جني اللام في قولهم الآنَ حَدُّ الزمانين بمنزلتها في قولك الرجلُ أَفضلُ من المرأَة أَي هذا الجنسُ أَفضلُ من هذا الجنس فكذلك الآن إذا رَفَعَه جَعَلَه جنسَ هذا المُسْتَعْمَلِ في قولهم كنتُ الآن عنده فهذا معنى كُنتُ في هذا الوقت الحاضر بعْضُه وقد تَصَرَّمَتْ أَجزاءٌ منه عنده وبُنيت الآن لتَضَمُّنها معنى الحرف وقال أَبو عمرو أَتَيْتُه آئِنَةً بعد آئِنَةٍ بمعنى آوِنةٍ الجوهري الآن اسمٌ للوقت الذي أَنت فيه وهو ظَرْف غير مُتَمَكِّنٍ وَقَع مَعْرِفةً ولم تدخُل عليه الأَلفُ واللامُ للتعريف لأَنَّه لَيْس له ما يَشْرَكُه وربَّما فَتَحوا اللامَ وحَذَفوا الهمْزَتَيْنِ وأَنشد الأَخفش وقد كُنْتَ تُخْفِي حُبَّ سَمْراءَ حِقْبَةً فَبُحْ لانَ منْها بالذي أَنتَ بائِحُ قال ابن بري قولُه حَذَفوا الهمزَتَين يعني الهمزةَ التي بَعْد اللامِ نَقَلَ حركتها على اللامِ وحَذَفها ولمَّا تَحَرَّكَت اللامُ سَقَطَتْ همزةُ الوَصْلِ الداخلةُ على اللام وقال جرير أَلانَ وقد نَزَعْت إلى نُمَيْرٍ فهذا حينَ صِرْت لَهُمْ عَذابا قال ومثْلُ البيتِ الأَوَّل قولُ الآخَر أَلا يا هِنْدُ هِنْدَ بَني عُمَيْرٍ أَرَثٌّ لانَ وَصْلُكِ أَم حَديدُ ؟ وقال أَبو المِنْهالِ حَدَبْدَبَى بَدَبْدَبَى منْكُمْ لانْ إنَّ بَني فَزارَةَ بنِ ذُبيانْ قد طرقَتْ ناقَتُهُمْ بإنْسانْ مُشَنَّإٍ سُبْحان رَبِّي الرحمنْ أَنا أَبو المِنْهالِ بَعْضَ الأَحْيانْ ليس عليَّ حَسَبي بِضُؤْلانْ التهذيب الفراء الآن حرفٌ بُنِيَ على الأَلف واللام ولم يُخْلَعا منه وتُرِك على مَذْهَب الصفةِ لأَنَّه صفةٌ في المعنى واللفظ كما رأَيتهم فَعَلوا بالذي والذين فَتَرَكوهما على مذهب الأَداةِ والأَلفُ واللامُ لهما غير مفارِقَةٍ ومنه قول الشاعر فإِن الأُلاء يعلمونك منهم كعلم مظنول ما دمت أَشعرا
( * قوله « فان الألاء إلخ » هكذا في الأصل ) فأَدْخلَ الأَلف واللام على أُولاء ثم تَرَكَها مخفوضةً في موضع النصب كما كانت قبل أَن تدخُلَها الأَلف واللام ومثله قوله وإنِّي حُبِسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه بِبابِكَ حتى كادَتِ الشمسُ تَغْربُ فأَدخَلَ الأَلفَ واللام على أَمْسِ ثم تركه مخفوضاً على جهة الأُلاء ومثله قوله وجُنَّ الخازِبازِ به جُنوناً فمثلُ الآن بأَنها كانت منصوبة قبل أَن تُدْخِلَ عليها الأَلفَ واللام ثم أَدْخَلْتَهما فلم يُغَيِّراها قال وأَصلُ الآن إنما كان أَوَان فحُذِفَت منها الأَلف وغُيِّرت واوُها إلى الألف كما قالوا في الرّاح الرَّياح قال أَنشد أَبو القَمْقام كأَنَّ مكاكِيَّ الجِواءِ غُدَيَّةً نَشاوَى تَساقَوْا بالرَّياحِ المُفَلْفَلِ فجعل الرَّياحَ والأَوانَ مرَّة على جهة فَعَلٍ ومرة على جهة فَعالٍ كما قالوا زَمَن وزَمان قالوا وإن شئت جعلتَ الآن أَصلها من قولِه آنَ لك أَن تفعلَ أَدخَلْتَ عليها الأَلفَ واللام ثم تركتَها على مذهب فَعَلَ فأَتاها النصبُ مِنْ نَصْبِ فعَل وهو وجهٌ جيّد كما قالوا نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن قِيلَ وقالَ فكانتا كالاسمين وهما منصوبتان ولو خَفَضْتَهما على أَنهما أُخْرِجتا من نيّة الفعل إلى نيّة الأَسماء كان صواباً قال الأَزهري سمعت العرب يقولون مِنْ شُبَّ إلى دُبََّ وبعضٌ من شُبٍّ إلى دُبٍّ ومعناه فعَل مُذْ كان صغيراً إلى أَن دَبّ كبيراً وقال الخليل الآن مبنيٌّ على الفتح تقول نحنُ من الآنَ نَصِيرُ إليك فتفتح الآنَ لأَنَّ الأَلفَ واللام إنما يدخُلانِ لعَهْدٍ والآنَ لم تعْهَدْه قبل هذا الوقت فدخلت الأَلف واللام للإشارة إلى الوقت والمعنى نحنُ من هذا الوقت نفعلُ فلما تضمَّنَت معنى هذا وجَب أَن تكون موقوفةً ففُتِحَت لالتقاء الساكنين وهما الأَلف والنون قال أَبو منصور وأَنكر الزجاجُ ما قال الفراء أَنَّ الآنَ إنما كان في الأَصل آن وأَن الأَلف واللام دخلتا على جهة الحكاية وقال ما كان على جهة الحكاية نحو قولك قام إذا سَمَّيْتَ به شيئاً فجعلتَه مبنيّاً على الفتح لم تدخُلْه الأَلفُ واللام وذكر قولَ الخليل الآنَ مبنيٌّ على الفتح وذهب إليه وهو قول سيبويه وقال الزجاج في قوله عز وجل الآنَ جئتَ بالحقِّ فيه ثلاثُ لُغاتٍ قالوا الآنَ بالهمز واللام ساكنة وقالوا أَلانَ متحركة اللام بغير همز وتُفْصَل قالوا مِنْ لانَ ولغة ثالثة قالوا لانَ جئتَ بالحقّ قال والآنَ منصوبةُ النون في جميع الحالات وإن كان قبلها حرفٌ خافضٌ كقولك من الآنَ وذكر ابن الأَنباري الآن فقال وانتصابُ الآن بالمضمر وعلامةُ النصب فيه فتحُ النون وأَصلُه الأَوانُ فأُسقِطَت الأَلف التي بعد الواو وجُعِلَت الواوُ أَلفاً لانفتاح ما قبلها قال وقيل أَصله آنَ لك أَن تفعلَ فسُمِّي الوقتُ بالفعل الماضي وتُرِك آخرُه على الفتح قال ويقال على هذا الجواب أَنا لا أُكلِّمُك مِنَ الآنَ يا هذا وعلى الجواب الأَول من الآنِ وأَنشد ابن صخر كأَنهما ملآنِ لم يَتَغَيَّرا وقد مَرَّ للدارَينَ مِن بعدِنا عَصْرُ وقال ابن شميل هذا أَوانُ الآنَ تَعْلم وما جئتُ إلاَّ أَوانَ الآنَ أَي ما جئت إلا الآن بنصب الآن فيهما وسأَل رجلٌ ابنَ عمر عن عثمان قال أَنشُدك اللهَ هل تعْلم أَنه فرَّ يوم أُحُد وغاب عن بدرٍ وعن بَيْعةِ الرّضوان ؟ فقال ابنُ عمر أَما فِرارُه يوم أُحُد فإن الله عز وجل يقول ولقد عَفا اللهُ عنهم وأَما غَيْبَتُه عن بدرٍ فإنه كانت عنده بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضةً وذكر عُذْرَه في ذلك ثم قال اذهبْ بهذه تَلآنَ مَعَك قال أَبو عبيد قال الأُمَويّ قوله تَلآنَ يريد الآن وهي لغة معروفة يزيدون التاءَ في الآن وفي حينٍ ويحذفون الهمزة الأُولى يقال تَلآن وتَحين قال أَبو وجزة العاطِفون تحينَ ما من عاطِفٍ والمُطْعِمونَ زمانَ ما من مُطْعِم وقال آخر وصَلَّيْنا كما زَعَمَت تَلانا قال وكان الكسائي والأَحمر وغيرُهما يذهبون إلى أَن الرواية العاطفونَة فيقول جعل الهاء صلةً وهو وسط الكلام وهذا ليس يُوجد إلا على السكت قال فحَدَّثتُ به الأُمَويَّ فأَنكره قال أَبو عبيد وهو عندي على ما قال الأُمَويُّ ولا حجة لمن احتج بالكتاب في قوله ولاتَ حينَ مَناص لأَن التاء منفصلةٌ من حين لأَنهم كتبوا مثلها منفصلاً أَيضاً مما لا ينبغي أَن يُفْصَل كقوله يا وَيْلتَنا مالِ هذا الكتابِ واللامُ منفصلة من هذا قال أَبو منصور والنحويون على أَن التاء في قوله تعالى ولاتَ حينَ في الأَصل هاءٌ وإنما هي وَلاهْ فصارت تاءً للمرورِ عليها كالتاءَاتِ المؤَنثة وأَقاوِيلُهم مذكورة في ترجمة لا بما فيه الكفاية قال أَبو زيد سمعت العرب تقول مررت بزيدِاللاَّنَ ثقَّلَ اللامَ وكسر الدال وأَدْغم التنوين في اللام وقوله في حديث أَبي ذر أَما آن للرجل أَن يَعْرف مَنزِلة أَي أَما حانَ وقرُبَ تقول منه آنَ يَئينُ أَيْناً وهو مثل أَنَى يَأْني أَناً مقلوبٌ منه وآنَ أَيْناً أَعيا أَبو زيد الأَيْنُ الإعْياء والتعب قال أَبو زيد لا يُبْنى منه فِعْلٌ وقد خُولِفَ فيه وقال أَبو عبيدة لا فِعْل لِلأَين الذي هو الإعياء ابن الأَعرابي آنَ يَئِينُ أَيْناً من الإعياء وأَنشد إنَّا ورَبِّ القُلُص الضَّوامِرِ إنا أَي أَعْيَينا الليث ولا يشتَقُّ منه فِعْل إلاَّ في الشِّعْر وفي قصيد كعب بن زهير فيها على الأَيْنِ إِرْقالٌ وتَبْغيلُ الأَيْنُ الإعياء والتعب ابن السكيت الأَيْنُ والأَيْمُ الذَّكَر من الحيات وقيل الأَينُ الحيَّةُ مثل الأَيمِ نونه بدلٌ من اللام قال أَبو خيرة الأُيونُ والأُيومُ جماعة قال اللحياني والأَينُ والأَيم أَيضاً الرجل والحِمل وأَيْنَ سُؤَالٌ عن مكانٍ وهي مُغْنية عن الكلام الكثير والتطويل وذلك أَنك إذا قلت أَيْنَ بَيْتُك أَغناك ذلك عن ذِكْر الأَماكن كلها وهو اسمٌ لأَنك تقول من أَينَ قال اللحياني هي مُؤَنثة وإن شئت ذكَّرْت وكذلك كلُّ ما جعله الكتابُ اسماً من الأَدوات والصِّفات التأْنيثُ فيه أَعْرَفُ والتذكيرُ جائز فأَما قول حُمَيد بن ثور الهلالي وأَسماء ما أَسماءُ لَيْلَةَ أَدْلَجَتْ إِلَيَّ وأَصحابي بأَيْنَ وأَيْنَما فإنه جعل أَينَ علماً للبُقْعة مجرداً من معنى الاستفهام فمنَعَها الصرف للتعريف والتأْنيث كأُنَى فتكونُ الفتحةُ في آخر أَين على هذا فتحةَ الجرِّ وإعراباً مثلها في مررْتُ بأَحْمَدَ وتكون ما على هذا زائدةً وأَينَ وحدها هي الاسم فهذا وجهٌ قال ويجوز أَن يكون ركَّب أَينَ مع ما فلما فعل ذلك فتح الأُولى منها كفتحة الياء من حَيَّهَلْ لما ضُمَّ حَيَّ إلى هَلْ والفتحةُ في النون على هذا حادثةٌ للتركيب وليست بالتي كانت في أَيْنَ وهي استفهام لأَن حركة التركيب خَلَفَتْها ونابَتْ عنها وإذا كانت فتحةُ التركيب تؤَثر في حركة الإعراب فتزيلُها إليها نحو قولك هذه خمسةٌ فتُعْرِب ثم تقول هذه خمْسةَ عشَر فتخلُف فتحةُ التركيب ضمةَ الإعراب على قوة حركة الإعراب كان إبدالُ حركة البناء من حركة البناء أَحرى بالجواز وأَقرَبَ في القياس الجوهري إذا قلتَ أَين زيد فإنما تسأَلُ عن مكانه الليث الأَينُ وقتٌ من الأَمْكِنة
( * قوله « الأين وقت من الأمكنة » كذا بالأصل ) تقول أَينَ فلانٌ فيكون منتصباً في الحالات كلها ما لم تَدْخُلْه الأَلف واللام وقال الزجاج أَينَ وكيف حرفان يُسْتَفْهَم بهما وكان حقُّهما أَن يكونا مَوْقوفَين فحُرِّكا لاجتماع الساكنين ونُصِبا ولم يُخْفَضا من أَجل الياء لأَن الكسرة مع الياء تَثْقُل والفتحةُ أَخفُّ وقال الأََُخفش في قوله تعالى ولا يُفْلِحُ الساحِرُ حَيْث أَتى في حرف ابن مسعود أَينَ أَتى قال وتقول العرب جئتُك من أَينَ لا تَعْلَم قال أَبو العباس أَما ما حكي عن العرب جئتُك من أَين لا تعْلم فإنما هو جواب مَنْ لم يفهم فاستفهم كما يقول قائل أَينَ الماءُ والعُشْب وفي حديث خطبة العيد قال أَبو سعيد وقلت أَيْنَ الابتداءُ بالصلاة أَي أَينَ تذْهَب ثم قال الابْتِداءُ بالصلاة قبل الخطبة وفي رواية أَين الابتداء بالصلاة أَي أَينَ يَذْهَبُ الإبتداءُ بالصلاة قال والأَول أَقوى وأَيّانَ معناه أَيُّ حينٍ وهو سُؤَالٌ عن زمانٍ مثل متى وفي التنزيل العزيز أَيَّان مُرْساها ابن سيده أَيَّان بمعنى مَتى فينبغي أَن تكون شرطاً قال ولم يذكرها أَصحابنا في الظروف المشروط بها نحو مَتى وأَينَ وأَيٌّ وحِينَ هذا هو الوجه وقد يمكن أَن يكون فيها معنى الشرط ولم يكن شرطاً صحيحاً كإِذا في غالب الأمر قال ساعدة بن جؤية يهجو امرأَة شبَّه حِرَها بفُوق السهم نفاثِيّة أَيّانَ ما شاءَ أَهلُها رَوِي فُوقُها في الحُصِّ لم يَتَغَيّب وحكى الزجاج فيه إيَّانَ بكسر الهمزة وفي التنزيل العزيز وما يَشْعُرون أَيّانَ يُبْعَثون أَي لا يعلمون متى البَعْث قال الفراء قرأَ أَبو عبد الرحمن السُّلَمي إيّانَ يُبْعَثون بكسر الأَلف وهي لغة لبعض العرب يقولون متى إوانُ ذلك والكلام أَوان قال أَبو منصور ولا يجوز أَن تقولَ أَيّانَ فعلت هذا وقوله عز وجل يَسْأَلون أَيّانَ يومُ الدِّين لا يكون إلا استفهاماً عن الوقت الذي لم يجئ والأَيْنُ شجرٌ حجازي واحدته أَينةٌ قالت الخنساء تذَكَّرْتُ صَخْراً أَنْ تَغَنَّتْ حمامةٌ هَتُوفٌ على غُصنٍ من الأَيْنِ تَسْجَعُ والأَواينُ بلد قال مالك بن خالد الهُذليّ هَيْهاتَ ناسٌ من أُناسٍ ديارُهم دُفاقٌ ودارُ الآخَرينَ الأَوايِنُ قال وقد يجوز أَن يكون واواً

ببن
التهذيب في حديث عمر رضي الله عنه لَئِنْ عِشْتُ إلى قابل لأُلْحِقَنَّ آخر الناس بأَوَّلهم حتى يكونوا بَبّاناً واحداً قال أَبو عبيد قال ابن مَهديّ يعني شيئاً واحداً قال وذلك الذي أَرادَ عمرُ قال ولا أَحسب الكلمة عربية ولم أَسمعها إلا في هذا الحديث قال ابن بري بَبّانٌ هو فَعّآلٌ لا فَعْلانٌ قال وقد نص على هذا أَبو عليّ في التذكرة قال ولم تُحْمل الكلمة على أَن فاءَها وعينَها ولامَها من موضع واحد وذكره الجوهري في فصل ببب النهاية في حديث عمر أَيضاً لولا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ الناس بَبّاناً واحداً ما فُتِحَت عليّ قريةٌ إلاّ قَسَمْتُها أَي أَتركُهم شيئاً واحداً لأَنَّه إذا قَسَمَ البلادَ المفتوحةَ على الغانِمينَ بقيَ مَنْ لم يحضُر الغنيمةَ ومن يَجِيء بعدُ من المسلمين بغير شيء منها فلذلك تركها لتكون بينهم جميعهم قال أَبو عبيد ولا أَحسبه عربيّاً وقال أَبو سعيد الضَّرير ليس في كلام العرب بَبّان قال والصحيحُ عندنا بَيّاناً واحداً قال والعربُ إذا ذَكَرت مَنْ لا يُعْرف قالوا هذا هيّان بن بَيّان ومعنى الحديث لأُسَوِّيَنَّ بينهم في العَطاء حتى يكونوا شيئاً واحداً لا فَضْلَ لأَحدٍ على غيره قال ابن الأَثير قال الأزهري ليس الأَمرُ كما ظنَّ قال وهذا حديث مشهور رواه أهل الإتقان وكأَنَّها لغة يمانية ولم تَفْشُ في كلام مَعدٍّ وهو البأْجُ بمعنى واحد قال أَبو الهيثم الكواكبُ البابانيات هي التي لا يَنْزِل بها شمسٌ ولا قمرٌ إنَّما يُهْتَدى بها في البرّ والبحر وهي شاميّة ومهبُّ الشَّمالِ منها أَولُها القطب وهو كوكبٌ لا يزولُ والجَدْيُ والفَرْقَدان وهو بين القطب
( * قوله « وهو بين القطب » كذا في الأصل ) وفيه بناتُ نَعْشٍ الصُّغْرى

بثن
البَثْنَةُ والبِثْنَةُ الأَرضُ السَّهْلَةُ اللَّينة وقيل الرَّملة والفتح أَعلى وأَنشد ابن بَري لجميل بَدَتْ بَدْوةً لمَّا اسْتَقَلَّت حُمولُها بِبَثْنةَ بين الجُرْفِ والحاج والنُّجْلِ وبها سميت المرأَة بَثْنة وبتصغيرها سميت بُثَيْنة والبَثَنِيّةُ الزُّبْدةُ والبَثَنِيَّةُ ضَرْبٌ من الحنطة والبَثَنِيَّةُ بلادٌ بالشأْم وقول خالد بن الوليد لمَّا عَزَلَه عمرُ عن الشام حين خطَبَ الناسَ فقال إنَّ عُمَر اسْتَعْمَلني على الشام وهو له مُهِمٌّ فلما أَلْقَى الشامُ بَوانِيَه وصارَ بَثَنِيَّةً وعسلاً عزَلني واستعمل غيري فيه قولان قيل البَثَنِيَّة حِنْطَةٌ منسوبةٌ إلى بلدة معروفةٍ بالشام من أَرض دِمَشق قال ابن الأَثير وهي ناحية من رُسْتاقِ دِمشق يُقال لها البَثَنِيَّة والآخر أَنه أَراد البَثَنِيَّة الناعمة من الرملة اللَّينة يقال لها بَثْنة وتصغيرها بُثَيْنَة فأَراد خالدٌ أَن الشأْم لمَّا سكن وذهبت شَوْكَتُه وصار ليّناً لا مكْروهَ فيه خِصْباً كالحِنْطة والعسلِ عزلني قال والبَثْنةُ الزُّبْدة الناعمة أَي لما صار زُبْدة ناعمة وعسلاً صِرْفَيْن لأَنها صارت تجبى أَموالها من غير تعب قال وينبغي أَن يكون بُثَيْنةُ اسم المرأَة تصغيرَها أَعني الزبدة فقال جميل أُحِبُّكَ أَنْ نَزَلْتَ جِبال حِسْمَى وأَنْ ناسَبْتَ بَثْنةَ من قريبٍ
( * هنا جميل يخاطب أخا بثينة لا بثينة نفسها ) البَثْنةُ ههنا الزبدةُ والبَثْنةُ النَّعْمةُ في النِّعْمةِ والبَثْنَةُ الرَّملةُ اللَّيِّنة والبَثْنةُ المرأَةُ الحَسْناء البضّة قال الأَزهري قرأْتُ بخط شمر وتقييده البِثْنة بكسر الباء الأَرض اللينة وجمعُها بِثَنٌ ويقال هي الأَرض الطيبة وقيل البُثُنُ الرياض وأَنشد قول الكميت مباؤكَ في البُثُنِ النَّاعِمَاْ تِ عَيْناً إذا رَوَّحَ المؤْصِل يقول رِياضُك تَنْعَمُ أَعْيُنَ الناسِ أَي تُقِرُّ عيونَهم إذا أَراحَ الراعي نَعَمَه أَصيلاً والمَباءُ والمَباءةُ المنزلُ قال الغنوي بَثَنِيَّةُ الشام حنطةٌ أَو حبّة مُدَحْرجَةٌ قال ولم أَجد حَبّةً أَفضلَ منها وقال ابن رُوَيشد الثقفي فأَدْخَلْتُها لا حِنْطةً بَثَنِيَّةً تُقَابِلُ أَطْرافَ البيوتِ ولا حُرْفا قال بَثَنِيّة منسوبةٌ إلى قرية بالشام بين دمشق وأَذْرِعات وقال أَبو الغوث كلُّ حِنْطَةٍ تَنْبُت في الأَرض السَّهْلة فهي بَثَنيَّة خلاف الجبَليَّة فجعله من الأَول

بحن
بَحْنةُ نخلةٌ معروفة وبنات بَحْنَةَ ضربٌ من النخل طِوالٌ وبها سمِّي ابنُ بُحَينة وابنُ بَحْنَة السوطُ تَشْبيهاً بذلك قال أَبو منصور قيل للسوط ابنُ بَحْنةَ لأَنه يُسَوّى من قُلوس العراجين وبَحْنَةُ اسمُ امرأَةٍ نُسِبَ إليها نَخْلاتٌ كُنَّ عند بيتها كانت تقول هُنَّ بناتي فقيل بناتُ بَحْنةً قال ابن بري حكى أَبو سهل عن التميمي في قولهم بنت بحْنة أَن البَحْنة نخلة معروفة بالمدينة وبها سميت المرأَة بَحْنة والجمع بنات بَحْنٍ المحكم وبَحْنةُ وبُحَيْنَةُ اسمُ امرأَتين عن أَبي حنيفة والبَحْونُ رملٌ متراكبٌ قال من رَمْلِ تُرْنَى ذي الرُّكامِ البَحْون ورجل بَحْوَنٌ وبَحْوَنةٌ عظيمُ البطن والبَحْوَنةُ القِرْبةُ الواسعةُ البطن أَنشد ابن بري للأَسود بن يَعْفُر جَذْلان يَسَّرَ جُلَّةً مكنوزةً حَبْناءَ بَحْوَنةً ووَطْباً مِجْزَما
( * قوله « جذلان » رواية ابن سيده ريان ) أَبو عمرو البَحْنانةُ الجُلَّة العظيمةُ البَحْرانية التي يُحْملُ فيها الكَنْعَد المالحُ وهي البَحْوَنةُ أَيضاً ويقال للجُلَّة العظيمة البَحْناء وفي الحديث إذا كان يومُ القيامة تخرجُ بَحْنانةٌ من جهنم فتلْقُطُ المنافقين لَقْطَ الحَمامةِ القِرْطِمَ البَحْنانةُ الشرارةُ من النار ودلْوٌ بَحْوَنيٌّ عظيمٌ كثيرُ الأَخْذِ للماء وجُلَّة بَحْوَنةٌ عظيمةٌ قال وكذلك الدلو العظيم والبَحْوَنُ ضربٌ من التمر حكاه ابن دريد قال فلا أَدري ما حقيقتُه وبَحْوَن وبَحْوَنةُ اسمان

بخن
رجل بَخْنٌ طويلٌ مثل مَخْن قال ابن سيده وأُراه بدلاً ابن بري بَخَنَ فهو باخِنٌ طال قال الشاعر في باخِنٍ منْ نهارِ الصيف مُحْتَدِم التهذيب ويقال للناقة إذا تمدَّدَت للحالب قد ابْخَأَنَّت ويقال للميت أَيضاً ابْخَأَنَّ قال الراجز فترك الهمزة مُرْبَّة بالنَّقْرِ والإبْساسِ ولابْخِنانِ الدَّرِّ والنُّعاسِ يقال قد ابْخأَنَّتْ وابْخانَّت مهموز وغير مهموز

بخدن
امرأَة بَخْدَنٌ رَخصةٌ ناعمة تارَّةً وبَخْدَن وبِخْدِن والبِخْدِنُ كلُّ ذلك اسمُ امرأَة قال يا دارَ عَفْراءَ ودارَ البِخْدِنِ

بدن
بَدَنُ الإنسان جسدُه والبدنُ من الجسدِ ما سِوَى الرأْس والشَّوَى وقيل هو العضوُ عن كراع وخص مَرّةً به أَعضاءَ الجَزور والجمع أَبْدانٌ وحكى اللحياني إِنها لحَسنةُ الأَبدانِ قال أَبو الحسن كأَنهم جعلو كل جُزْءٍ منه بَدَناً ثم جمعوه على هذا قال حُمَيد بن ثور الهلالي إنّ سُلَيْمى واضِحٌ لَبَّاتُها لَيِّنة الأَبدانِ من تحتِ السُّبَجْ ورجل بادنٌ سمين جسيم والأُنثى بادنٌ وبادنةٌ والجمعُ بُدْنٌ وبُدَّنٌ أَنشد ثعلب فلا تَرْهَبي أَن يَقْطَع النَّأْيُ بيننا ولَمّا يُلَوِّحْ بُدْنَهُنَّ شُروبُ وقال زهير غَزَتْ سِماناً فآبَتْ ضُمَّراً خُدُجاً من بَعْدِ ما جَنَّبوها بُدَّناً عُقُقا وقد بَدُنَتْ وبَدَنَتْ تَبْدُن بَدْناً وبُدْناً وبَداناً وبدانةً قال وانْضَمَّ بُدْنُ الشيخ واسمَأَلاً إنما عنى بالبُدن هنا الجوهرَ الذي هو الشحم لا يكون إلا على هذا لأَنك إن جعلت البُدْنَ عرَضاً جعلته محلاًّ للعرض والمُبَدَّنُ والمُبَدّنةُ كالبادِنِ والبادنةِ إلا أَن المُبَدَّنةَ صيغةُ مفعول والمِبْدانُ الشَّكورُ السَّريعُ السَّمَن قال وإني لَمِبْدانٌ إذا القومُ أَخْمصُوا وفيٌّ إذا اشتدَّ الزَّمانُ شحُوب وبَدَّنَ الرجلُ أَسَنَّ وضعف وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لا تُبادروني بالركوع ولا بالسجودِ فإنه مهْما أَسْبِقكم به إذا ركعتُ تُدْرِكوني إذا رَفَعْتُ ومهما أَسْبقْكم إذا سجدت تُدْرِكوني إذا رفعتُ إني قد بَدُنْتُ هكذا روي بالتخفيف بَدُنْت قال الأُموي إنما هو بَدَّنْت بالتشديد يعني كَبِرْتُ وأَسْنَنْتُ والتخفيفُ من البدانة وهي كثرةُ اللحم وبَدُنْتُ أَي سَمِنْتُ وضَخُمْتُ ويقال بَدَّنَ الرجلُ تَبْديناً إذا أَسَنَّ قال حُمَيد الأَرقط وكنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتَّبْدينا والهَمَّ مما يُذْهِلُ القَرينا قال وأَما قولُه قد بَدُنْتُ فليس له معنىً إلا كثرة اللحم ولم يكن صلى الله عليه وسلم سَميناً قال ابن الأَثير وقد جاء في صفته في حديث ابن أَبي هالةَ بادِنٌ مُتمَاسِك والبادنُ الضخمُ فلما قال بادِنٌ أَرْدَفَه بمُتماسِكٍ وهو الذي يُمْسِكُ بعضُ أَعْضائِه بعضاً فهو مُعْتَدِلُ الخَلْقِ ومنه الحديث أَتُحِبُّ أَنّ رجلاً بادِناً في يوم حارٍّ غَسَلَ ما تَحتَ إزارِه ثم أَعْطاكَه فشَرِبْتَه ؟ وبَدَنَ الرجلُ بالفتح يَبْدُنُ بُدْناً وبَدانةً فهو بادِنٌ إذا ضخُمَ وكذلك بَدُنَ بالضم يَبْدُن بَدانةً ورجل بادِنٌ ومُبَدَّنٌ وامرأَة مُبَدَّنةٌ وهما السَّمينانِ والمُبَدِّنُ المُسِنُّ أَبو زيد بَدُنَت المرأَةُ وبَدَنَت بُدْناً قال أَبو منصور وغيره بُدْناً وبَدانةً على فَعالة قال الجوهري وامرأَةٌ بادِنٌ أَيضاً وبَدين ورجل بَدَنٌ مُسِنٌّ كبير قال الأَسود بن يعفر هل لِشَبابٍ فاتَ من مَطْلَبِ أَمْ ما بكاءُ البَدَنِ الأَشْيَبِ ؟ والبَدَنُ الوعِلُ المُسِنُّ قال يصفَ وعِلاً وكَلْبة قد قُلْتُ لما بَدَتِ العُقابُ وضَمّها والبَدَنَ الحِقابُ جِدِّي لكلِّ عاملٍ ثَوابُ والرأْسُ والأَكْرُعُ والإهابُ العُقابُ اسمُ كلبة والحِقابُ جبل بعينه والبَدَنُ المُسِنُّ من الوُعول يقول اصْطادي هذا التيْسَ وأَجعلُ ثوابَك الرأْسَ والأَكْرُعَ والإهابَ وبيتُ الاستشهاد أَورده الجوهري قد ضمَّها وصوابه وضمَّها كما أَوردناه ذكره ابن بري والجمع أَبْدُنٌ قال كُثَيّر عزّة كأَنّ قُتودَ الرَّحْلِ منها تُبِينُها قُرونٌ تَحَنَّتْ في جَماجِمِ أَبْدُنِ وبُدونٌ نادر عن ابن الأَعرابي والبَدنةُ من الإبلِ والبقر كالأُضْحِيَة من الغنم تُهْدَى إلى مكة الذكر والأُنثى في ذلك سواء الجوهري البَدْنةُ ناقةٌ أَو بقرةٌ تُنْحَرُ بمكة سُمِّيت بذلك لأَنهم كانوا يُسَمِّنونَها والجمع بُدُنٌ وبُدْنٌ ولا يقال في الجمع بَدَنٌ وإن كانوا قد قالوا خَشَبٌ وأَجَمٌ ورَخَمٌ وأَكَمٌ استثناه اللحياني من هذه وقال أَبو بكر في قولهم قد ساقَ بَدَنةً يجوز أَن تكون سُمِّيَتْ بَدَنةً لِعِظَمِها وضَخامتِها ويقال سمِّيت بدَنةً لسِنِّها والبُدْنُ السِّمَنُ والاكتنازُ وكذلك البُدُن مثل عُسْر وعُسُر قال شَبيب بن البَرْصاء كأَنها من بُدُنٍ وإيفارْ دَبَّت عليها ذَرِباتُ الأَنبارْ وروي من سِمَنٍ وإيغار وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنه أُتِيَ ببَدَناتٍ خَمْسٍ فطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إليه بأَيَّتِهِنَّ يَبْدأُ البَدَنةُ بالهاء تقع على الناقة والبقرة والبعير الذَّكر مما يجوز في الهدْي والأَضاحي وهي بالبُدْن أَشْبَه ولا تقع على الشاة سمِّيت بَدَنةً لِعِظَمِها وسِمَنِها وجمع البَدَنةِ البُدْن وفي التنزيل العزيز والبُدْنَ جعَلْناها لكم من شعائِرِ الله قال الزجاج بَدَنة وبُدْن وإنما سُمِّيت بَدَنةً لأَنها تَبْدُنُ أَي تَسْمَنُ وفي حديث الشعبي قيل له إن أَهلَ العِراق يقولون إذا أَعْتَقَ الرجلُ أَمَتَه ثم تَزوَّجها كان كمَنْ يَرْكَبُ بدَنتَه أَي مَنْ أَعْتَقَ أَمتَه فقد جعلها مُحرَّرة لله فهي بمنزلة البَدَنةِ التي تُهْدَى إلى بيت الله في الحجّ فلا تُرْكبُ إلا عن ضرورةٍ فإذا تزَوَّجَ أَمتَه المُعْتَقة كان كمن قد رَكِبَ بدَنتَه المُهْداةَ والبَدَنُ شِبْهُ دِرْعٍ إلا أَنه قصير قدر ما يكون على الجسد فقط قصير الكُمَّينِ ابن سيده البَدَنُ الدِّرعُ القصيرة على قدر الجسد وقيل هي الدرع عامَّة وبه فسر ثعلب قوله تعالى فاليومَ نُنَجِّيكَ ببدَنِك قال بِدِرْعِك وذلك أَنهم شكُّوا في غَرَقِه فأَمرَ اللهُ عز وجل البحرَ أَن يَقْذِفَه على دَكَّةٍ في البحر بِبَدنه أَي بِدرْعِهِ فاستيقنوا حينئذ أَنه قد غَرِقَ الجوهري قالوا بجَسَدٍ لا رُوحَ فيه قال الأَخفش وقولُ مَن قالَ بِدرْعِك فليس بشيء والجمع أَبْدانٌ وفي حديث عليّ كرم الله وجهَه لما خطَب فاطمةَ رضوان الله عليها قيل ما عندكَ ؟ قال فَرَسي وبَدَني البَدَنُ الدِّرْع من الزَّرَدِ وقيل هي القصيرةُ منها وفي حديث سَطيح أَبْيَضُ فَضْفاضُ الرِّداءِ والبَدَنِ أَي واسعُ الدِّرْعِ يريد كثرةَ العطاء وفي حديث مَسْح الخُفَّين فأَخْرجَ يدَه من تحتِ بدَنِه اسْتعارَ البَدَنَ ههنا للجُبَّةِ الصغيرةِ تشبيهاً بالدِّرع ويحتمل أَن يريد من أَسفَل بدَنِ الجُبَّة ويشهد له ما جاء في الرواية الأُخرى فأَخرجَ يده من تحتِ البَدَنِ وبدَنُ الرجلِ نَسَبُه وحسبُه قال لها بدَنٌ عاسٍ ونارٌ كريمةٌ بمُعْتَركِ الآريّ بين الضَّرائِم

بذن
قال ابن شميل في المَنْطِق بأْذَنَ فلانٌ من الشرّ بأْذَنةً وهي المُبَأْذَنةُ مصدر ويقال أَنائِلاً تريدُ ومُعَتْرَسةً أَراد بالمُعَترسة الاسم يريد به الفعلَ مثل المُجاهَدة
( * قوله ويقال أنائلاً إلخ فلا علاقة له بمادة بأذن )

بذبن
باذَبِينُ رسولٌ كان للحجاج أَنشد ثعلب لرجل من بني كلاب أَقولُ لصاحبي وجَرَى سَنيحٌ وآخرُ بارِحٌ مِن عنْ يَميني وقد جَعَلَتْ بَوائقُ من أُمورٍ تُوَقِّعُ دونَه وتَكُفُّ دُوني نشدْتُك هلْ يَسُرُّك أَنّ سَرْجي وسَرْجَك فوقَ بَغْلٍ باذَبِيني ؟ قال نسبه إلى هذا الرجل الذي كان رسولاً للحجاج

برن
البَرْنيُّ ضرْبٌ من التمر أَصْفَرُ مُدَوّر وهو أَجود التمر واحدتُه بَرْنِيّةٌ قال أَبو حنيفة أَصله فارسي قال إنما هو بارِنيّ فالبار الحَمْلُ ونِيّ تعظيمُ ومبالغة وقول الراجز خالي عُوَيْفٌ وأَبو عَلِجِّ المُطْعِمانِ اللحْمَ بالعَشِجِّ وبالغَداةِ كِسَرَ البَرْنِجِّ يُقْلَعُ بالوَدِّ وبالصِّيصِجِّ فإنه أَراد أَبو عليّ وبالعشيّ والبرنّي والصِّيصِيّ فأَبدل من الياء المشددة جيماً التهذيب البَرْنِيُّ ضربٌ من التمر أَحمرُ مُشْرَب بصُفْرة كثير اللِّحاء عَذْب الحَلاوة يقال نخلةٌ بَرْنِيَّة ونخلٌ بَرْنِيٌّ قال الراجز بَرْنِيّ عَيْدانٍ قَليل قشْرُهْ ابن الأَعرابي البَرْنِيُّ الدِّيَكةُ وقيل البَرَانيُّ بلغة أَهل العراق الدِّيَكةُ الصِّغارُ حين تُدْرِك واحدتُها بَرْنِيّة والبَرْنِيَّةُ شبْهُ فخّارةٍ ضخمةٍ خَضْراء وربما كانت من القَواريرِ الثِّخانِ الواسعةِ الأَفْواه غيره والبَرْنيَّة إناءٌ من خَزَفٍ ويَبْرينُ موضع يقال رملُ يَبْرينَ قال ابن بري حقُّ يَبْرينَ أَنْ يُذْكَر في فصل بَرَى من باب المعتل لأنّ يبرينَ مثل يَرْمينَ قال والدليل على صحة ذلك قولهم يَبْرونَ في الرفع ويبرين في النصب والجر وهذا قاطعٌ بزيادة النون قال ولا يجوز أَن يكون يَبْرين فَعْلْينَ لأَنه لم يأْتِ له نظيرٌ وإنما في الكلام فِعْلينٌ مثلُ غِسْلينٍ قال وهذا مذهب أَبي العباس أَعني أَن يَبْرين مثلُ يَرْمين قال وهو الصحيح

برثن
البُرْثُنُ مِخْلَبُ الأَسَد وقيل هو للسبُع كالإصْبَع للإنسان وقيل البُرْثُنُ الكَفُّ بكمالها مع الأَصابع الليث البَراثِن أَظْفار مَخالِب الأَسَد يقال كأَنّ بَراثِنَه الأَشافي وقال أَبو زيد البُرْثُن مِثْلُ الإصْبع والمِخْلَبُ ظُفُر البُرْثُن قال امرؤ القيس وتَرى الضّبَّ خفيفاً ماهِراً رَافعاً بُرْثُنَه ما يَنْعَفِرْ والمشهور في شعر امرئ القيس ثانياً برثنه يصف مطراً كثيراً أَخرجَ الضَّبٍَّ من جُحْره فعامَ في الماء ماهراً في سباحَته يَبْسُطُ بَراثْنه ويَثْنيها في سِباحَته وقولُه ما يَنْعَفِر أَي لا يُصِيبُ بَراثنَه الترابُ وهو العَفَرُ والبَراثن للسباع كلها وهي من السباعِ والطير بمَنْزلة الأَصابع من الإنسان وقد تُستعارُ البَراثِنُ لأَصابع الإنسان كما قال ساعدةُ ابنُ جؤيّة يَذْكُرُ النَّحْلَ ومُشْتَار العَسَلِ حتَّى أُشِبَّ لها وطال أَبابُها ذو رُجْلَةٍ شَتْنُ البَراثِنِ جَحْنَبُ والجَحْنَب القَصير وليس يَهْجوه وإنما أَراد أَنه مُجْتَمِعُ الخَلْق وفي حديث القبائِلِ سُئِلَ عن مُضَرَ فقال تَميمٌ بُرْثُمَتُها وجُرْثُمَتُها قال الخطابي إنما هو بُرْثُنَتُها بالنون أَي مَخالِبُها يريد شَوْكَتها وقُوَّتَها والميمُ والنونُ يتَعاقبان فيجوز أَن تكونَ الميمُ لغةً ويجوز أَن تكونَ بدلاً لازْدِواج الكلام في الجُرْثومة كما قال الغَدايا والعَشايا والبُرْثُن لما لم يَكنْ من سِباعِ الطير مثلُ الغراب والحمام وقد يكونُ للضَّبِّ والفأْر واليَرْبوع وبُرْثُنُ قبيلة أَنشد سيبويه لقَيْسِ ابنِ المُلَوَّح لَخُطَّابُ لَيْلى يالَ بُرْثُنَ منكُمُ أَدَلُّ وأَمْضَى من سُلَيكِ المَقانِبِ غيره بُرْثُن حَيٌّ من بني أَسد قال وقال قُرّانٌ الأَسَديّ لَزُوّارُ لَيْلى منكُمُ آلَ بُرْثُن على الهَوْلِ أَمْضَى من سُلَيْكِ المَقانِب تَزُورُونَها ولا أَزورُ نِساءَكم أَلَهْفي لأَولاد الإماءِ الحَوطِب قال والمشهور في الرواية الأَوّلُ جَعَلَ اهتِداءَهم لِفَسادِ زوجتِه كاهْتِداء سُلَيْكِ بن السُّلَكةِ في سَيْره في الفَلَوات وفي النهاية لابن الأَثير بَرْثان بفتح الباء وسكون الراء واد في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر قال وقيل في ضبطه غيرُ ذلك برذن البِرْذَوْنُ الدابة معروف وسَيْرَتُه البَرْذَنَةُ والأُنثى بِرْذَوْنَةٌ قال رأَيتُكَ إذْ جالَتْ بكَ الخَيْلُ جَوْلةً وأَنتَ على بِرْذَوْنةٍ غير طائلِ وجَمْعُه بَراذينُ والبراذين من الخَيْلِ ما كان من غير نِتاج العِرابِ وبَرذَنَ الفرسُ مَشَى مشيَ البَراذينِ وبَرْذَنَ الرجلُ ثَقُلَ قال ابن دريد وأَحسِبُ أَن البرْذَوْن مشتقّ من ذلك قال وهذا ليس بشيء وحكي عن المؤرّج أَنه قال سأَلتُ فلاناً عن كذا وكذا فبَرْذَنَ لي أَي أَعْيا ولم يُجِبْ فيه

برذن
البِرْذَوْنُ الدابة معروف وسَيْرَتُه البَرْذَنَةُ والأُنثى بِرْذَوْنَةٌ قال رأَيتُكَ إذْ جالَتْ بكَ الخَيْلُ جَوْلةً وأَنتَ على بِرْذَوْنةٍ غير طائلِ وجَمْعُه بَراذينُ والبراذين من الخَيْلِ ما كان من غير نِتاج العِرابِ وبَرذَنَ الفرسُ مَشَى مشيَ البَراذينِ وبَرْذَنَ الرجلُ ثَقُلَ قال ابن دريد وأَحسِبُ أَن البرْذَوْن مشتقّ من ذلك قال وهذا ليس بشيء وحكي عن المؤرّج أَنه قال سأَلتُ فلاناً عن كذا وكذا فبَرْذَنَ لي أَي أَعْيا ولم يُجِبْ فيه

برزن
البِرْزينُ بالكسر إناء من قِشْرِ الطَّلْع يُشْرَب فيه فارسيّ مُعرّب وهي التَّلْتَلة وقال أَبو حنيفة البِرْزِينُ قِشْرُ الطَّلْعةِ يُتَّخَذ من نصفه تَلْتَلةٌ وأَنشد لعَديّ بن زيد إنَّما لِقْحَتُنا باطيةٌ جَوْنةٌ يَتْبَعُها بِرْزِينُها فإِذا ما حارَدتْ أَو بَكَأَتْ فُكَّ عن حاجِبِ أُخْرى طينُها وفي التهذيب إنما لِقْحتُنا خابيةٌ شَبَّه خابيتَه بلِقْحةٍ جَوْنةٍ أَي سوداءَ فإِذا قلّ ما فيها أَو انْقَطَعَ فُتِحَتْ أُخرى قال وصوابُ برْزينٍ أَن يُذْكَر في فصل برَز لأَنّ وَزْنه فِعْلينٌ مثل غِسْلين قال والجوهري جعل وزنه فِعْليلاً النَّضْر البِرزين كُوز يُحْمَلُ به الشَّرابُ من الخابِية الجوهري البِرْزينُ بالكسر التَّلْتَلةُ وهي مِشْرَبة تُتّخذ من قِشر الطَّلعة

بركن
التهذيب في الرباعي الفراء يقال للكساء الأَسود بَرْكان ولا يقال بَرَنكان

برهن
التهذيب قال الله عز وجل قُل هاتوا بُرْهانَكم إن كنتم صادقين البُرْهان الحُجّة الفاصلة البيّنة يقال بَرْهَنَ يُبَرْهِنُ بَرْهَنةً إذا جاء بحُجّةٍ قاطعة لِلَدَد الخَصم فهو مُبَرْهِنٌ الزجاج يقال للذي لا يبرهن حقيقته إنما أَنت متمنٍّ فجعلَ يُبَرْهن بمعنى يُبَيِّن وجَمْعُ البرهانِ براهينُ وقد بَرْهَنَ عليه أَقام الحجّة وفي الحديث الصَّدَقةُ بُرْهانٌ البُرْهانُ الحجّةُ والدليل أَي أَنها حُجَّةٌ لطالب الأَجْر من أَجل أَنَّها فَرْضٌ يُجازِي اللهُ به وعليه وقيل هي دَليلٌ على صحة إيمان صاحبها لطيب نَفْسه بإخْراجها وذلك لعَلاقةٍ مّا بين النفْسِ والمال

برهمن
البُرَهْمِنُ العالِم بالسُّمَنيَّة التهذيب البُرَهْمِنُ بالسُّمَنِيّة عالِمُهم وعابِدُهم

بزن
الأَبْزَنُ شيءٌ يُتَّخَذ من الصُّفْر للماء وله جَوْف وقد أَهْمله الليث وجاء في شعرٍ قديم قال أَبو دُوادٍ الإياديّ يصف فرساً وَصَفه بانتفاخ جَنْبَيْه أَجْوَفُ الجَوْفِ فهو منه هواءٌ مثل ما جافَ أَبْزَناً نَجَّارُ أَصله آبْزَنَ فجعله الأَبْزَنَ حَوْض من نُحاسٍ يَسْتَنْقعُ فيه الرجلُ وهو مُعَرّب وجعَل صانِعَه نجّاراً جافَ أَيَزْناً وسَّع جوفَه لتجويده إيّاه ابن بري الأَبْزَنُ شيء يَعْمَله النّجار مثل التابوت وأَنشد بيت أَبي دُواد مِثل ما جاف أَبزناً نجّارُ أَبو عمرو الشّيْباني يقال إبْزِيمٌ وإبْزِينٌ ويُجْمَع أَبازينَ قال أَبو دواد في صفة الخيل إنْ لَم تَلِطْني بهمْ حقّاً أَتَيْتُكُمُ حُوّاً وكُمْتاً تَعادَى كالسّراحين من كلّ جَرْداءَ قد طارَتْ عقيقتُها وكلّ أَجْرَدَ مُسْتَرْخِي الأَبازِينِ جمعُ إبْزِين ويقال للقُفْل أَيضاً الإبْزيمَ لأَنّ الإبْزِيم إفْعيل من بَزَمَ إذا عَضَّ ويقال أَيضاً إبْزين بالنون الجوهري البُزْيونُ بالضمّ السُّنْدُس قال ابن بري هو رَقيقُ الديباج قال والإبْزين لغةٌ في الإبزيم وأَنشد وكلّ أَجردَ مُسْترْخي الأَبازينِ

بسن
الباسِنةُ كالْجُوالِقِ غَليظٌ يُتَّخذُ من مُشاقةِ الكَتَّان أَغْلظُ ما يَكونُ ومنهم من يَهْمِزها وقال الفراء البأْسِنةُ كِساء مَخيطٌ يُجْعلُ فيه طعام والجمعُ البَآسِنُ والبآسِنةُ اسم لآلات الصُّنَّاع قال وليس بَعَرَبيّ مَحْضٍ وفي حديث ابن عباس نَزَل آدمُ عليه السلامُ من الجَنة بالباسِنةِ التفسيرُ للهرَويّ قال ابن الأَثير قيل إنها آلاتُ الصُّنَّاع وقيل إنها سِكّةُ الحَرْث قال وليس بعربي محض ابن بري البَواسِنُ جمعُ باسِنةٍ سِلال الفُقّاع قال حكاه ابنُ دَرَسْتَوَيْه عن النَّضْر بنِ شُمَيْل وحَسَنٌ بَسَنٌ إتْباعٌ ابن الأَعرابي أَبْسَنَ الرجلُ إذا حَسُنَتْ سَحْنَتُه وبَيْسانُ موضع بنواحي الشام قال أَبو دُواد نَخَلاتٌ من نَخْلِ بَيْسانَ أَينَعْ نَ جميعاً ونَبْتُهنَّ تُؤامُ

بصن
بُصان اسمُ رَبيعٍ الآخِرِ في الجاهلية هكذا حكاه قُطْربٌ على شَكْل غُرابٍ قال والجمع أَبْصِنَةٌ وبِصْنانٌ كأَغْربةٍ وغِرْبانٍ وأَما غيرُه من اللغويِّين فإنما هو عندهم وَبُصان على مثال سَبُعان ووَبِصان على مِثال شَقِرانٍ قال وهو الصحيح قال أَبو إسحق سُمّي بذلك لِوبيص السلاح فيه أَي بَريقه التهذيب بَصَنَّى
( * قوله « بصنى » كذا ضبط في الأصل وهو موافق لقول القاموس وبصنى محركة مشددة النون إلخ والذي في ياقوت إنه بفتح الباء وكسر الصاد وتشديد النون ) قرية فيها السُّتور البَصَنِّيّة وليست بعربية

بطن
البَطْنُ من الإنسان وسائِر الحيوان معروفٌ خلاف الظَّهْر مذكَّر وحكى أَبو عبيدة أَن تأْنيثه لغةٌ قال ابن بري شاهدُ التذكير فيه قولُ ميّةَ بنتِ ضِرار يَطْوي إذا ما الشُّحُّ أَبْهَمَ قُفْلَه بَطْناً من الزادِ الخبيثِ خَميصا وقد ذَكرْنا في ترجمة ظهر في حرف الراء وجهَ الرفع والنصب فيما حكاه سيبويه من قولِ العرب ضُرِبَ عبدُ الله بَطْنُه وظهرُه وضُرِبَ زيدٌ البطنُ والظهرُ وجمعُ البَطْنِ أَبطُنٌ وبُطُونٌ وبُطْنانٌ التهذيب وهي ثلاثةُ أَبْطُنٍ إلى العَشْرِ وبُطونٌ كثيرة لِما فوْقَ العَشْرِ وتصغيرُ البَطْنِ بُطَيْنٌ والبِطْنةُ امتلاءُ البَطْنِ من الطعام وهي الأَشَرُ من كَثْرةِ المال أَيضاً بَطِنَ يَبْطَنُ بَطَناً وبِطْنةً وبَطُنَ وهو بَطينٌ وذلك إذا عَظُمَ بطْنُه ويقال ثَقُلَتْ عليه البِطْنةُ وهي الكِظَّة وهي أَن يَمْتلِئَ من الطعام امتلاءً شديداً ويقال ليس للبِطْنةِ خيرٌ من خَمْصةٍ تَتْبَعُها أَراد بالخَمْصَة الجوعَ ومن أَمثالهم البِطْنة تُذْهِبُ الفِطْنةَ ومنه قول الشاعر يا بَني المُنْذرِ بن عَبْدانَ والبِط نةُ ممّا تُسَفِّهُ الأَحْلاما ويقال مات فلانٌ بالبَطَنِ الجوهري وبُطِنَ الرجلُ على ما لم يسمَّ فاعله اشْتَكَى بَطْنَه وبَطِن بالكسر يَبْطَن بَطَناً عَظُم بَطْنُه من الشِّبَعِ قال القُلاخ ولم تَضَعْ أَولادَها من البَطَنْ ولم تُصِبْه نَعْسَةٌ على غَدَنْ والغَدَنُ الإسْتِرخاءُ والفَتْرة وفي الحديث المَبْطونُ شهيدٌ أَي الذي يموتُ بمَرَض بَطْنه كالاسْتِسْقاء ونحوه ومنه الحديث أَنَّ امرأَةً ماتت في بَطَن وقيل أَراد به ههنا النِّفاسَ قال وهو أَظهر لأَن البخاريّ ترْجَم عليه باب الصلاة على النُّفَساء وقوله في الحديث تَغْدُو خِماصاً وتَرُوحُ بِطاناً أَي ممتَلِئةَ البُطونِ وفي حديث موسى وشعيبٍ على نبيّنا وعليهما الصلاة والسلام وعَوْد غَنَمِه حُفَّلاً بِطاناً ومنه حديث عليّ عليه السلام أَبِيتُ مِبْطاناً وحَوْلي بُطونٌ غَرْثى المِبْطان الكثيرُ الأَكل والعظيمُ البطنِ وفي صفة علي عليه السلام البَطِينُ الأَنْزَعُ أَي العظيمُ البطْنِ ورجلٌ بَطِنٌ لا هَمَّ له إلاَّ بَطْنُه وقيل هو الرَّغيب الذي لا تَنْتَهِي نفسُه من الأَكل وقيل هو الذي لا يَزَالُ عظيمَ البَطْنِ من كثرةِ الأَكل وقالوا كِيسٌ بَطينٌ أَي مَلآنُ على المَثَل أَنشد ثعلبٌ لبعض اللُّصوص فأَصْدَرْتُ منها عَيْبةً ذاتَ حُلَّةٍ وكِيسُ أَبي الجارُودِ غَيْرُ بَطينِ ورجل مِبْطانٌ كثيرُ الأَكل لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه وبَطينٌ عظيمُ البَطْنِ ومُبَطَّنٌ ضامِر البَطْنِ خَميصُه قال وهذا على السَّلْب كأَنه سُلِبَ بَطْنَه فأُعْدِمَه والأُنثى مُبَطَّنةٌ ومَبْطونٌ يَشْتَكي بَطْنَه قال ذو الرمة رَخِيمات الكلامِ مُبَطَّنات جَواعِل في البُرَى قَصَباً خِدالا ومن أَمثالهم الذئب يُغْبَط بِذي بَطْنه قال أَبو عبيد وذلك أَنه لا يُظَنُّ به أَبداً الجوع إنما يُظَنّ به البِطْنةُ لِعَدْوِه على الناس والماشِيَةِ ولعلَّه يكونُ مَجْهوداً من الجوع وأَنشد ومَنْ يَسْكُنِ البَحْرَيْنِ يَعْظُمْ طِحالُه ويُغْبَطُ ما في بَطْنه وهْو جائعُ وفي صفة عيسى على نبينا وعليه أَفضل الصلاة والسلام فإذا رجُل مُبَطَّنٌ مثلُ السَّيف المُبَطَّنُ الضامِرُ البَطْن ويقال للذي لا يَزالُ ضَخْمَ البطنِ من كثرة الأَكل مِبْطانٌ فإذا قالوا رَجُلٌ مُبَطَّنٌ فمعناه أَنه خَميص البَطْن قال مُتمّم بن نُوَيرة فَتىً غَيْرَ مِبْطانِ العَشِيَّةِ أَرْوعا ومن أَمثال العرب التي تُضْرَب للأَمر إذا اشتدّ التَقَتْ حَلْقَتا البِطانِ وأَما قول الراعي يصف إبلاً وحالبها إذا سُرِّحَتْ من مَبْرَكٍ نامَ خلفَها بمَيْثاءَ مِبْطان الضُّحى غير أَرْوعا مِبْطانُ الضُّحى يعني راعياً يُبادِر الصَّبوح فيشرَبُ حتى يَميلَ من اللَّبَن والبَطينُ الذي لا يَهُمُّه إلا بَطْنُه والمَبْطُونُ العَليل البَطْنِ والمِبْطانُ الذي لا يزالُ ضخْمَ البطنِ والبَطَنُ داءُ البَطْن ويقال بَطَنَه الداءُ وهو يَبْطُنُه إذا دَخَله بُطوناً ورجل مَبْطونٌ يَشْتَكي بَطْنَه وفي حديث عطاء بَطَنتْ بك الحُمَّى أَي أَثَّرَت في باطنك يقال بَطَنَه الداءُ يبطُنه وفي الحديث رجل ارْتَبَطَ فرَساً لِيَسْتبْطِنَها أَي يَطْلُبَ ما في بطنها من النِّتاج وبَطَنَه يبْطُنُه بَطْناً وبَطَنَ له كِلاهما ضرَب بَطْنَه وضرَب فلانٌ البعيرَ فبَطَنَ له إذا ضرَب له تحت البَطْن قال الشاعر إذا ضرَبْتَ مُوقَراً فابْطُنْ لهْ تحتَ قُصَيْراهُ ودُون الجُلَّهْ فإنَّ أَنْ تَبْطُنَهُ خَيرٌ لَهْ أَراد فابطُنْه فزاد لاماً وقيل بَطَنَه وبَطَن له مثل شَكَره وشَكَرَ له ونصَحَه ونصحَ له قال ابن بري وإنما أَسكن النون للإدغام في اللام يقول إذا ضربت بعيراً مُوقَراً بحِمْله فاضْرِبْه في موضع لا يَضُرُّ به الضربُ فإنّ ضرْبَه في ذلك الموضع من بطْنه خير له من غيره وأَلقَى الرجلُ ذا بَطْنه كناية عن الرَّجيع وأَلْقَت الدَّجاجةُ ذا بَطْنِها يعني مَزْقَها إذا باضت ونثرَت المرأَةُ بَطْنَها ولداً كَثُر ولدُها وأَلقت المرأَةُ ذا بطنِها أَي وَلَدَت وفي حديث القاسم بن أَبي بَرَّةَ أَمَرَ بعشَرَةٍ من الطَّهارة الخِتانِ والاستِحدادِ وغَسْلِ البَطِنةِ ونَتْفِ الإبْطِ وتقليم الأَظفار وقصِّ الشارب والاستِنْثار قال بعضهم البَطِنة هي الدبُر هكذا رواها بَطِنة بفتح الباء وكسر الطاء قال شمر والانتِضاحُ
( * قوله « والانتضاح » هكذا بدون ذكره في الحديث )
الاسْتِنجاءُ بالماء والبَطْنُ دون القبيلة وقيل هو دون الفَخِذِ وفوق العِمارة مُذَكَّر والجمع أَبْطُنٌ وبُطُونٌ وفي حديث علي عليه السلام كَتَب على كلِّ بطْنٍ عُقولَه قال البَطْنُ ما دون القبيلة وفوق الفخِذ أَي كَتَب عليهم ما تَغْرَمُه العاقلة من الدِّيات فبَيَّن ما على كل قوم منها فأَما قوله وإنَّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبْطُنٍ وأَنتَ بريءٌ من قبَائِلِها العَشْر فإنه أَنّث على معنى القبيلة وأَبانَ ذلك بقوله من قبائلها العشر وفرسٌ مُبَطَّنٌ أَبيضُ البَطْنِ والظهر كالثوب المُبطَّن ولَوْنُ سائرِه ما كان والبَطْنُ من كل شيء جَوْفُه والجمع كالجمع وفي صفة القرآن العزيز لكل آية منها ظَهْرٌ وبطْن أَراد بالظَّهْرِ ما ظَهَرَ بيانُه وبالبَطْن ما احتيج إلى تفسيره كالباطِن خلاف الظاهر والجمع بَواطِنُ وقوله وسُفْعاً ضِياهُنَّ الوَقودُ فأَصْبَحَت ظواهِرُها سُوداً وباطِنُها حُمْرا أَراد وبواطِنُها حُمْراً فوَضع الواحدَ موضعَ الجمع ولذلك استَجاز أَن يقول حُمْراً وقد بَطُنَ يَبْطُنُ والباطِنُ من أَسماء الله عز وجل وفي التنزيل العزيز هو الأَوّلُ والآخِرُ والظاهر والباطن وتأْويلُه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تَمْجيد الربّ اللهمّ أَنتَ الظاهِر فليس فوقَك شيءٌ وأَنت الباطِنُ فليس دونَك شيء وقيل معناه أَنه علِمَ السرائرَ والخفيَّاتِ كما علم كلَّ ما هو ظاهرُ الخَلْقِ وقيل الباطِن هو المُحْتَجِب عن أَبصار الخلائِق وأَوْهامِهم فلا يُدرِكُه بَصَر ولا يُحيطُ به وَهْم وقيل هو العالمُ بكلِّ ما بَطَن يقال بَطَنْتُ الأَمرَ إذا عَرَفتَ باطنَه وقوله تعالى وذَرُوا ظاهرَ الإثْمِ وباطِنَه فسره ثعلب فقال ظاهرُه المُخالَّة وباطنُه الزِّنا وهو مذكور في موضعه والباطِنةُ خلافُ الظاهرة والبِطانةُ خلافُ الظِّهارة وبِطانةُ الرجل خاصَّتُه وفي الصحاح بِطانةُ الرجل وَليجتُه وأَبْطَنَه اتَّخَذَه بِطانةً وأَبْطَنْتُ الرجلَ إذا جَعَلْتَه من خَواصِّك وفي الحديث ما بَعَثَ الله من نبيّ ولا استَخْلَفَ من خليفة إلا كانت له بِطانتانِ بِطانةُ الرجل صاحبُ سِرِّه وداخِلةُ أَمره الذي يُشاوِرُه في أَحواله وقوله في حديث الاستسقاء وجاء أَهلُ البِطانةِ يَضِجُّون البِطانةُ الخارجُ من المدينة والنَّعْمة الباطنةُ الخاصَّةُ والظاهرةُ العامَّةُ ويقال بَطْنُ الراحهِ وظَهْرُ الكَفّ ويقال باطنُ الإبْط ولا يقال بطْن الإبْط وباطِنُ الخُفّ الذي تَليه الرجْلُ وفي حديث النَّخَعي أَنه كان يُبَطِّنُ لِحْيتَه ويأْخُذُ من جَوانِبها قال شمر معنى يُبَطِّن لحيتَه أَي يأْخذ الشَّعَر من تحت الحَنَك والذَّقَنِ والله أَعلم وأَفْرَشَني ظَهْر أَمرِه وبَطْنَه أَي سِرَّه وعلانِيَتَه وبَطَنَ خبرَه يَبْطُنُه وأَفرَشَني بَطْنَ أَمره وظَهْرَه ووَقَف على دَخْلَته وبَطَن فلانٌ بفلان يَبْطُنُ به بُطوناً وبطانة إذا كان خاصّاً به داخلاًفي أَمره وقيل بَطَنَ به دخل في أَمره وبَطَنتُ بفلان صِرْتُ من خواصِّه وإنَّ فلاناً لذو بِطانة بفلان أَي ذو علمٍ بداخلةِ أَمره ويقال أَنتَ أَبْطنْتَ فلاناً دوني أَي جَعلْتَه أَخَصَّ بك مني وهو مُبَطَّنٌ إذا أَدخَله في أَمره وخُصَّ به دون غيره وصار من أَهل دَخْلَتِه وفي التنزيل العزيز يا أَيها الذين آمنوا لا تَتَّخِذُوا بِطانةً من دونكم قال الزجاج البِطانة الدُّخَلاء الذين يُنْبَسط إليهم ويُسْتَبْطَنونَ يقال فلان بِطانةٌ لفلان أَي مُداخِلٌ له مُؤانِس والمعنى أَن المؤمنين نُهوا أَن يَتَّخِذوا المنافقين خاصَّتَهم وأَن يُفْضُوا إليهم أَسرارَهم ويقال أَنت أَبْطَنُ بهذا الأَمر أَي أَخبَرُ بباطِنِه وتبَطَّنْت الأَمرَ عَلِمت باطنَه وبَطَنْت الوادي دَخَلْته وبَطَنْت هذا الأَمرَ عَرَفْت باطنَه ومنه الباطِن في صفة الله عز وجل والبطانةُ السريرةُ وباطِنةُ الكُورة وَسَطُها وظاهرتُها ما تنَحَّى منها والباطنةُ من البَصْرةِ والكوفة مُجْتَمَعُ الدُّور والأَسواقِ في قَصَبتها والضاحيةُ ما تنَحَّى عن المساكن وكان بارزاً وبَطْنُ الأَرض وباطنُها ما غَمَض منها واطمأَنّ والبَطْنُ من الأَرض الغامضُ الداخلُ والجمعُ القليل أَبْطِنةٌ نادرٌ والكثير بُطْنان وقال أَبو حنيفة البُطْنانُ من الأَرض واحدٌ كالبَطْن وأَتى فلانٌ الوادي فتَبَطَّنه أَي دخل بطنَه ابن شميل بُطْنانُ الأَرض ما تَوَطَّأَ في بطون الأَرض سَهْلِها وحَزْنها ورياضها وهي قَرار الماء ومستَنْقَعُه وهي البواطنُ والبُطون ويقال أَخذ فلانٌ باطناً من الأَرض وهي أَبطأُ جفوفاً من غيرها وتبطَّنْتُ الوادي دخلْت بطْنه وجَوَّلْت فيه وبُطْنانُ الجنة وسَطُها وفي الحديث ينادي مُنادٍ من بُطْنانُ العرش أَي من وسَطه وقيل من أَصله وقيل البُطْنان جمع بطن وهو الغامض من الأَرض يريد من دواخل العرش ومنه كلام علي عليه السلام في الاستسقاء تَرْوَى به القِيعانُ وتسيل به البُطْنان والبُطْنُ مسايلُ الماء في الغَلْظ واحدها باطنٌ وقول مُلَيْح مُنِيرٌ تَجُوزُ العِيسُ من بَطِناتِه نَوىً مثل أَنْواءِ الرَّضيخِ المُفَلَّق قال بَطِناتُه مَحاجُّه والبَطْنُ الجانب الطويلُ من الريش والجمع بُطْنانٌ مثل ظَهْرٍ وظُهْرانٍ وعَبْدٍ وعُبْدانٍ والبَطْنُ الشِّقُّ الأَطولُ من الريشة وجمعها بُطْنان والبُطْنانُ أَيضاً من الريش ما كان بطنُ القُذَّة منه يَلي بطنَ الأُخرى وقيل البُطْنانُ ما كان من تحت العَسيب وظُهْرانُه ما كان فوق العسيب وقال أَبو حنيفة البُطْنانُ من الريش الذي يَلي الأَرضَ إذا وقَع الطائرُ أَو سَفَعَ شيئاً أَو جَثَمَ على بَيْضه أَو فِراخه والظُّهارُ والظُّهْرانُ ما جُعِلَ من ظَهر عَسيب الريشة ويقال راشَ سهمَه بظُهْرانٍ ولم يَرِشْه ببُطْنانٍ لأَنَّ ظُهْرانَ الريش أَوفَى وأَتَمُّ وبُطْنانُ الريش قِصار وواحدُ البُطْنانِ بَطْنٌ وواحدُ الظُّهْرانِ ظَهْرٌ والعَسِيبُ قَضيبُ الريش في وسَطِه وأَبْطَن الرجل كَشْحَه سَيفَه ولسيفه جعله بطانتَه وأَبطنَ السيفَ كشْحَه إذا جعله تحت خَصْره وبطَّنَ ثوبَه بثوبٍ آخر جعله تحته وبِطانةُ الثوب خلافُ ظِهارته وبطَّنَ فلان ثوبه تبطيناً جعل له بطانةً ولِحافٌ مَبْطُونٌ ومُبَطَّن وهي البِطانة والظِّهارة قال الله عز وجل بَطائنُها من إسْتَبْرقٍ وقال الفراء في قوله تعالى مُتَّكِئِين على فُرُشٍ بَطائنُها من إستبرقٍ قال قد تكونُ البِطانةُ ظِهارةً والظهارةُ بطانةً وذلك أَن كلَّ واحدٍ منها قد يكونُ وجهاً قال وقد تقول العربُ هذا ظهرُ السماء وهذا بطنُ السماء لظاهرها الذي تراه وقال غير الفراء البِطانةُ ما بطَنَ من الثوب وكان من شأْن الناس إخْفاؤه والظهارة ما ظَهَرَ وكان من شأْن الناس إبداؤه قال وإنما يجوز ما قال الفراء في ذي الوجهين المتساويين إذا وَلِيَ كلُّ واحد منهما قوْماً كحائطٍ يلي أَحد صَفْحَيْه قوماً والصَّفْحُ الآخرُ قوماً آخرين فكلُّ وجهٍ من الحائط ظَهْرٌ لمن يليه وكلُّ واحدٍ من الوجهين ظَهْر وبَطْن وكذلك وجْها الجبل وما شاكلَه فأَما الثوبُ فلا يجوز أَن تكونَ بطانتُه ظهارةً ولا ظِهارتُه بِطانةً ويجوز أَن يُجْعَل ما يَلينا من وجه السماء والكواكِب ظهْراً وبطْناً وكذلك ما يَلينا من سُقوف البيت أَبو عبيدة في باطِن وظِيفَيِ الفرس أَبْطَنانِ وهما عِرْقان اسْتَبْطَنا الذِّراعَ حتى انغَمَسا في عَصَب الوَظيف الجوهري الأَبْطَنُ في ذِراع الفرسِ عِرْق في باطنها وهما أَبْطَنانِ والأبْطَنانِ عِرْقان مُسْتَبْطِنا بَواطِن وظِيفَي الذراعَينِ حتى يَنْغَمِسا في الكَفَّين والبِطانُ الحزامُ الذي يَلي البَطْنَ والبِطانُ حِزامُ الرَّحْل والقَتَب وقيل هو للبعير كالحِزام للدابة والجمع أَبطِنةٌ وبُطُن وبَطَنَه يَبْطُنُه وأَبْطَنَه شَدَّ بِطانه قال ابن الأَعرابي وحده أَبْطَنْتُ البعير ولا يقال بَطَنْتُه بغير أَلف قال ذو الرمة يصف الظليم أَو مُقْحَم أَضْعَفَ الإبْطانَ حادجُه بالأَمسِ فاستَأْخَرَ العِدْلانِ والقَتَبُ شَبَّه الظَّليمَ بجَمَل أَضْعَفَ حادِجُهُ شَدَّ بِطانِه فاسترْخَى فشبَّه استِرْخاء
( * قوله « فشبه استرخاء إلخ » كذا بالأصل والتهذيب أيضاً ولعلها مقلوبة والأصل فشبه استرخاء جناحي الظليم باسترخاء عكميه )
عِكْمَيْه باسترخاء جَناحَيِ الظَّليم وقد أَنكر أَبو الهيثم بَطَنْت وقال لا يجوز إلا أَبْطَنت واحتجَّ ببيت ذي الرمة قال الأَزهري وبَطَنْتُ لغةٌ أَيضاً والبِطانُ للقَتَب خاصة وجمعه أَبْطِنة والحزامُ للسَّرْج ابن شميل يقال أَبْطَنَ حِمْلَ البعيرِ وواضَعَه حتى يتَّضِع أَي حتى يَسْترْخي على بَطْنه ويتمكن الحِمْل منه الجوهري البِطانُ للقَتَب الحزامُ الذي يجعل تحت بطن البعير يقال التَقَتْ حَلْقَتا البطان للأَمر إذا اشتدَّ وهو بمنزلة التَّصدير للرحْل يقال منه أَبْطَنْتُ البعيرَ إِبْطاناً إذا شَدَدْتَ بِطانَه وإنه لعريضُ البِطانِ أَي رَخِيُّ البالِ وقال أَبو عبيد في باب البخيل يموتُ ومالُه وافِرٌ لم يُنْفق منه شيئاً مات فلانٌ بِبِطْنَتِه لم يتَغَضْغَضْ منها شيء ومثله مات فلانٌ وهو عريضُ البِطانِ أَي مالُه جَمٌّ لم يَذهَبْ منه شيءٌ قال أَبو عبيد ويُضْرَب هذا المثلُ في أَمر الدِّين أَي خرَجَ من الدنيا سليماً لم يَثْلِمْ دينَه شيءٌ قال ذلك عمرو ابنُ العاص في عبد الرحمن بن عَوف لما مات هنيئاً لك خرَجْتَ من الدنيا بِبِطْنَتِكَ لم يتَغَضْغَضْ منها شيء ضرَبَ البطْنةَ مثلاً في أَمر الدين وتغضْغَضَ الماءُ نَقَصَ قال وقد يكون ذمَّاً ولم يُرِدْ به هنا إلاْ المَدْحَ ورجل بَطِنٌ كثيرُ المال والبَطِنُ الأَشِرُ والبِطْنةُ الأَشَرُ وفي المَثَل البِطْنةُ تُذْهِبُ الفِطْنةَ وقد بَطِنَ وشأْوٌ بَطِينٌ واسعٌ والبَطين البعيد يقال شأْوٌ بطين أَي بعيد وأَنشد وبَصْبَصْنَ بين أَداني الغَضَا وبين عُنَيْزةَ شأْواً بَطِيناً قال وفي حديث سليمان بن صُرَد الشَّوْطُ بَطِينٌ أَي بعيد وتبطَّن الرجلُ جاريتَه إذا باشَرها ولمَسَها وقيل تبطَّنها إذا أَوْلَج ذكرَه فيها قال امرؤُ القيس كأَنِّي لم أَرْكَبْ جَواداً لِلَذَّةٍ ولم أَتَبطَّنْ كاعِباً ذاتَ خَلْخالِ وقال شمر تبطَّنها إذا باشَرَ بطنُه بطنَها في قوله إذا أَخُو لذَّةِ الدنيا تبطَّنها ويقال اسْتَبْطَن الفحلُ الشَّوْلَ إذا ضربَها فلُقحَت كلُّها كأَنه أَوْدع نطفتَه بطونها ومنه قول الكميت فلما رأَى الجَوْزاءَ أَولُ صابِحٍ وصَرَّتَها في الفجر كالكاعِب الفُضُلْ وخَبَّ السَّفا واسْتبطن الفحلُ والتقتْ بأَمْعَزِها بُقْعُ الجَنادِبِ تَرْتَكِلْ صرَّتُها جماعة كواكبها والجَنادِب ترتَكِل من شدة الرَّمْضاء وقال عمرو بن بَحْر ليس من حَيَوانٍ يتبطَّنُ طَروقتَه غيرُ الإنسان والتمساح قال والبهائم تأْتي إناثها من ورائها والطيرُ تُلْزِق الدُّبُرَ بالدبر قال أَبو منصور وقول ذي الرمة تبطَّنَها أَي علا بطْنَها ليُجامِعَها واسْتبطنْتُ الشيءَ وتبَطَّنْتُ الكلأَ جَوَّلتُ فيه وابْتَطنْتُ الناقةَ عشرةَ أَبطن أَي نَتجْتُها عشرَ مرات ورجل بَطِين الكُرْز إذا كان يَخبَأُ زادَه في السفر ويأْكل زادَ صاحبه وقال رؤبة يذم رجلاً أَو كُرَّزٌ يمشي بَطينَ الكُرْزِ والبُطَيْن نجم من نجوم السماء من منازل القمر بين الشرَطَيْن والثُّرَيَّا جاء مصغَّراً عن العرب وهو ثلاثةُ كواكبَ صغار مستوية التثليث كأَنها أَثافي وهو بطن الحمَل وصُغِّر لأَن الحمَل نجومٌ كثيرة على صورة الحَمَل والشرَطان قَرْناه والبُطَيْن بَطنُه والثريا أَليتُه والعرب تزعُم أَن البُطَين لا نَوْء له إلا الريحُ والبَطينُ فرس معروف من خيل العرب وكذلك البِطان وهو ابن البَطين
( * قوله « وهو ابن البطين » عبارة القاموس وهو أبو البطين ) والبَطين رجل من الخَوارج والبُطَين الحِمْضيّ من شُعَرائهم

بعكن
رَمْلة بَعْكنةٌ غليظة تشتدُّ على الماشي فيها

بغدن
بَغْداذ وبَغْذاد وبَغْذاذ وبَغْدانُ بالنون وبَغْدينُ ومَغْدان مدينة السلام معرّب تذكَّر وتؤَنث وأَنشد الكسائي فيا ليلةً خُرْسَ الدَّجاجِ طويلةً بِبَغْدانَ ما كادَتْ عن الصبح تَنْجَلي قال يعني خرساً دجاجُها

بقن
الأَزهري أَما بقن فإن الليث أَهمله وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَبْقَن إذا أَخضَبَ جَنابُه واخضرَّت نِعالُه والنِّعالُ الأَرضون الصُّلبة

بلن
في الحديث ستَفْتَحون بلاداً فيها بَلاَّناتٌ أَي حمّامات قال ابن الأَثير الأَصل بَلاّلات فأَبدل اللام نوناً

بلسن
البُلْسُن العَدَس يمانية قال الشاعر وهل كانت الأَعرابُ تَعْرِف بُلْسُنا الجوهري البُلْسُن بالضم حَبٌّ كالعدس وليس له

بلهن
البُلَهْنِية والرُّفَهْنِية سَعَة العيش وكذلك الرُّفَغْنِية يقال هو في بُلَهْنِية من العيش أَي في سَعة ورَفاغِية وهو مُلْحق بالخماسي بأَلف في آخره وإنما صارت ياءً لكسرة ما قبلها قال ابن بري بُلَهْنِية حقها أَن تُذْكر في بله في حرف الهاء لأَنها مُشتقة من البَلَه أَي عَيْش أَبْلَه قد غَفَل
( * قوله « قد غفل » عبارة القاموس وعيش أبله ناعم كأن صاحبه غافل عن الطوارق ) والنونُ والياءُ فيه زائدتان للإلحاق بخُبَعْثِنةٍ والإلحاق هو بالياء في الأَصل فأَما أَلف مِعْزًى فإنها بدل من ياء الإلحاق

بنن
البَنَّة الريح الطيِّبة كرائحة التُّفّاح ونحوها وجمعُها بِنانٌ تقول أَجِدُ لهذا الثوب بَنَّةً طيِّبة من عَرْف تفاح أَو سَفَرْجَل قال سيبويه جعلوه اسماً للرائحة الطيبة كالخَمْطة وفي الحديث إن للمدينة بَنَّةً البَنَّة الريح الطيِّبة قال وقد يُطلق على المكروهة والبَنَّة ريحُ مَرابِضِ الغنم والظباء والبقر وربما سميت مرابضُ الغنم بَنَّة قال أَتاني عن أَبي أَنَسٍ وعيدٌ ومَعْصُوبٌ تَخُبُّ به الرِّكابُ وعيدٌ تَخْدُجُ الأَرآمُ منه وتَكره بَنَّةَ الغَنمِ الذَّئابُ ورواه ابن دريد تُخْدِجُ أَي تَطْرَح أَولادَها نُقَّصاً وقوله معصوبٌ كتابٌ أَي هو وعيد لا يكونُ أَبداً لأَن الأَرْآم لا تُخْدِجُ أَبداً والذئاب لا تكره بَنَّة الغنم أَبداً الأَصمعي فيما روى عنه أَبو حاتم البَنَّة تقال في الرائحة الطيّبة وغير الطّيبة والجمع بِنانٌ قال ذو الرمة يصف الثورَ الوحشيّ أَبَنَّ بها عوْدُ المَباءَةِ طَيِّبٌ نسيمَ البِنانِ في الكِناسِ المُظَلَّلِ قوله عَود المباءَة أَي ثَوْر قديم الكِناس وإنما نَصَب النسيمَ لَمَّا نَوَّنَ الطيِّبَ وكان من حقه الإضافةُ فضارع قولَهم هو ضاربٌ زيداً ومنه قوله تعالى أَلم نجعل الأَرضَ كِفاتاً أَحياء وأَمواتاً أَي كِفاتَ أَحياءٍ وأَمواتٍ يقول أَرِجَتْ ريحُ مباءتنا مما أَصاب أَبعارَه من المطر والبَنَّة أَيضاً الرائحة المُنْتِنة قال والجمع من كل ذلك بِنانٌ قال ابن بري وزعم أَبو عبيد أَن البَنَّة الرائحة الطيّبة فقط قال وليس بصحيح بدليل قول عليّ عليه السلام للأَشْعث بن قَيْس حين خطَب إليه ابْنَتَه قُمْ لعنك الله حائكاً فَلَكَأَنِّي أَجِدُ منكَ بَنَّةَ الغَزْلِ وفي رواية قال له الأَشْعثُ بنُ قَيْس ما أَحْسِبُكَ عَرَفْتني يا أَمير المؤْمنين قال بلى وإني لأَجِدُ بَنَّة الغزل منك أَي ريح الغزل رماه بالحياكة قيل كان أَبو الأَشْعث يُولَع بالنِّساجة والبِنُّ الموضعُ المُنتِنُ الرائحة الجوهري البَنَّةُ الرائحة كريهةً كانت أَو طيبةً وكِناسٌ مُبِنٌّ أَي ذو بَنَّةٍ وهي رائحة بَعْر الظِّباء التهذيب وروى شمر في كتابه أَن عمر رضي الله عنه سأَل رجلاً قَدِمَ من الثَّغْر فقال هل شَرِبَ الجَيْشُ في البُنيات الصغار
( * قوله « في البنيات الصغار » وقوله « البنيات ههنا الأقداح إلخ » هكذا بالتاء آخره في الأصل ونسخة من النهاية وأورد الحديث في مادة بني وفي نسخة منها بنون آخره ) ؟ قال لا إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء فيَتداولُونه حتى يشربوه كلُّهم قال بعضهم البُنيات ههنا الأَقداحُ الصِّغار والإبْنانُ اللُّزومُ وأَبْنَنْتُ بالمكان إِبْناناً إذا أَقمْت به ابن سيده وبَنَّ بالمكان يَبِنُّ بَنّاً وأَبَنَّ أَقام به قال ذو الرمة أَبَنَّ بها عَوْدُ المباءةِ طَيِّبٌ وأَبي الأَصمعي إلا أَبَنَّ وأَبَنّتِ السحابةُ دامَتْ ولزِمَتْ ويقال رأَيت حيّاً مُبِنّاً بمكان كذا أَي مقيماً والتبنينُ التثبيت في الأَمر والبَنِينُ المتثبِّت العاقل وفي حديث شريح قال له أَعرابيّ وأَراد أَن يَعْجَل عليه بالحكومة تَبَنَّن أَي تثَبَّتْ من قولهم أَبَنَّ بالمكان إذا أَقام فيه وقوله بَلَّ الذُّنابا عَبَساً مُبِنّاً يجوز أَن يكون اللازمَ اللازق ويجوز أَن يكون من البَنَّة التي هي الرائحة المنتنة فإما أَن يكون على الفعل وإما أَن يكون على النسب والبَنان الأَصابع وقيل أَطرافها واحدتها بَناتةٌ وأَنشد ابن بري لعباس بن مرداس أَلا ليتَني قطَّعتُ منه بَنانَه ولاقَيْتُه يَقْظان في البيتِ حادِرا وفي حديث جابر وقتْل أَبيه يومَ أُحُد ما عَرَفْتُه إلا ببَنانه والبَنانُ في قوله تعالى بَلَى قادرين على أَن نُسوّيَ بَنانه يعني شَواهُ قال الفارسي نَجْعلُها كخُفّ البعير فلا ينتفع بها في صناعة فأَما ما أَنشده سيبويه من قوله قد جَعَلَت مَيٌّ على الطِّرارِ خَمْسَ بنانٍ قانِئ الأَظفارِ فإنه أَضاف إلى المفرد بحسب إضافة الجنس يعني بالمفرد أَنه لم يكسَّر عليه واحدُ الجمع إنما هو كسِدْرة وسِدَر وجمعُ القلة بناناتٌ قال وربما استعاروا بناءَ أَكثر العدد لأَقله وقال خَمْسَ بنانٍ قانئِ الأَظفار يريد خمساً من البَنان ويقال بنانٌ مُخَضَّبٌ لأَن كل جمع بينه وبين واحده الهاءُ فإِنه يُوَحِّد ويذكَّرُ وقوله عز وجل فاضربوا فوق الأَعْناق واضربوا منهم كل بَنان قال أَبو إسحق البَنانُ ههنا جميعُ أَعضاء البدن وحكى الأَزهري عن الزجاج قال واحدُ البنان بَنانة قال ومعناه ههنا الأَصابعُ وغيرُها من جميع الأَعضاء قال وإنما اشتقاقُ البنان من قولهم أَبَنَّ بالمكان والبَنانُ به يُعْتَمل كلُّ ما يكون للإقامة والحياة الليث البنان أَطرافُ الأَصابع من اليدين والرجلين قال والبَنان في كتاب الله هو الشَّوى وهي الأَيدي والأَرجُل قال والبنانة الإصْبَعُ الواحدة وأَنشد لا هُمَّ أَكْرَمْتَ بني كنانهْ ليس لحيٍّ فوقَهم بَنانهْ أَي ليس لأَحدٍ عليهم فضل قِيسَ إصبعٍ أَبو الهيثم قال البَنانة الإصبعُ كلُّها قال وتقال للعُقدة العُليا من الإصبع وأَنشد يُبَلِّغُنا منها البَنانُ المُطرَّفُ والمُطرَّفُ الذي طُرِّفَ بالحنّاء قال وكل مَفْصِل بَنانة وبُنانةُ بالضم اسمُ امرأَة كانت تحتَ سَعْد بن لُؤَيّ بن غالبِ بن فِهْرٍ ويُنسَبُ ولدُه إليها وهم رَهْط ثابت البُنانيّ ابن سيده وبُنانةُ حيٌّ من العرب وفي الحديث ذكرُ بُنانة وهي بضم الباء وتخفيف النون الأُولى مَحِلة من المَحالّ القديمة بالبَصرة والبَنانة والبُنانة الرَّوْضة المُعْشِبة أَبو عمرو البَنْبَنة صوتُ الفُحْشِ والقَذَع قال ابن الأَعرابي بَنْبَنَ الرجلُ إذا تكلَّم بكلام الفحش وهي البَنْبنة وأَنشد أَبو عمرو لكثير المحاربيّ قد مَنَعَتْني البُرَّ وهي تَلْحانْ وهو كَثيرٌ عندَها هِلِمّانْ وهي تُخَنْذي بالمَقالِ البَنْبانْ قال البَنْبانْ الرديءِ من المنطق والبِنُّ الطِّرْق من الشحم يقال للدابة إِِِِِِِِِِِِِِِذا سَمِنتْ ركِبَها طِرْقٌ على طِرْقٍ
( * قوله « ركبها طرق على طرق » هكذا بالأصل وفي التكملة بعد هذه العبارة وبنّ على بنّ وهي المناسبة للاستشهاد فلعلها ساقطة من الأصل ) الفراء في قولهم بَلْ بمعنى الاستدراك تقول بَلْ واللّهِ لا آتيكَ وبَنْ واللّه يجعلون اللام فيها نوناً قال وهي لغة بني سعد ولغة كلب قال وسمعت الباهِلِيين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ قال ومن خَفيفِ هذا الباب بَنْ ولا بَنْ لغةٌ في بَلْ ولا بَلْ وقيل هو على البدل قال ابن سيده بَلْ كلمة استدراكٍ وإعلامٍ بالإضْراب عن الأَولِ وقولهم قام زيد بَلْ عَمْروٌ وبَنْ عَمْروٌ فإن النون بدلٌ من اللام أَلا ترى إلى كثرة استعمال بَلْ وقلَّة استعمال بَنْ والحُكْمُ على الأَكثر لا الأَقلِّ ؟ قال هذا هو الظاهر من أَمره قال ابن جني ولسْتُ أَدفعُ مع هذا أَن يكون بَنْ لغةً قائمة بنفسها قال ومما ضوعف من فائِه ولامِه بَنْبان غير مصروف موضع عن ثعلب وأَنشد شمر فصار َ ثنَاها في تميمٍ وغيرِهم عَشِيَّة يأْتيها بِبَنْبانَ عِيرُها يعني ماءً لبني تميم يقال له بَنْبان وفي ديار تميم ماءٌ يقال له بَنْبان ذكره الحُطيئة فقال مُقِيمٌ على بَنْبانَ يَمْنَعُ ماءَه وماءَ وَسِيعٍ ماءَ عَطْشان َ مُرْمل ِ يعني الزِّبْرِقان أَنه حَلأَه عن الماء

بهكن
إمرأَة بِهْكنةٌ وبُهاكِنة تاّرة غضَّة وهي ذات شَبابٍ بَهْكَنٍ أَي غَضٍّ وربما قالوا بَهْكَل قال السَّلوليّ بُهاكِنةٌ غَضَّةٌ بَضَّة بَرُودُ الثَّنايا خِلافَ الكَرى التهذيب جارية بَهْكَنةٌ تارّة غَريضة وهُنَّ البَهْكَناتُ والبَهاكِن ابن الأَعرابي البَهْكَنةُ الجاريةُ الخفيفةُ الروح الطيِّبة الرائحةِ المليحةُ الحلوة

بهنن
البَهْنانةُ الضحَّاكة المُتهلِّلة قال الشاعر يا رُبَّ بَهْنانةٍ مُخَبَّأَةٍ تَفْتَرُّ عن ناصعٍ من البَرَد وقيل البَهْنانةُ الطيِّبةُ الريح وقيل الطيِّبة الرائحة الحسَنة الخُلقِ السَّمْحة لزَوْجِها وفي الصحاح الطيِّبة النفَس والأَرَجِ وقيل هي الليِّنة في عملها ومَنْطقها وفي حديث الأَنصار ابْهَنُوا منها آخِرَ الدهر أَي افرَحوا وطيبُوا نفْساً بصُحْبَتي من قولهم امرأَةٌ بَهْنانةٌ أَي ضاحكة طيّبة النفَس والأَرَج فأَما قول عاهان بن كعب بن عمرو بن سعد أَنشده ابن الأَعرابي أَلا قالتْ بَهانِ ولمْ تأَبَّقْ نَعِمْتَ ولا يَليقُ بكَ النَّعيمُ بَنونَ وهَجْمَةٌ كأَشاءِ بُسٍّ صَفايا كَثَّةُ الأَوْبارِ كُومُ فإنه يقال بَهانِ أَراد بَهْنانةً قال وعندي أَنه اسم علم كحَذامِ وقَطامِ وقوله لم تَأَبَّقْ أَي لم تأْنفْ وقيل لم تأَبَّقْ لم تفِرّ مأْخوذ من أَباقِ العبدِ وهذا البيت أَورده الجوهري منسوباً لعامانَ بالميم ولم يُنبِّه عليه ابن بري بل أَقرّه على اسمه وزاد في نسبَه وهو عاهان بالهاء كما أَورده ابن سيده وذكره أَيضاً في عوه وقال هو على هذا فَعْلانُ وفاعال فيمن جعله من عَهنَ وأَورده الجوهري كبِرْتَ ولا يليق بك النعيم وصوابه نَعِمتَ كما أَورده ابن سيده وغيره وبُسُّ اسمُ موضع كثير النخل الجوهري وبَهانِ اسمُ امرأَة مثل قَطامِ وفي حديث هَوازن أَنهم خرجوا بدُرَيْد بن الصّمّة يتَبَهّنون به قال ابن الأَثير قيل إن الراوي غَلِطَ وإنما هو يَتَبَهْنَسون والتَّبَهنُسُ كالتَّبَخْتر في المشي وهي مِشْية الأَسد أَيضاً وقيل إنما هو تصحيفُ يتَيمَّنُون به من اليُمْنِ ضِدّ الشُّؤْم والباهِينُ ضرْبٌ من التمر عن أَبي حنيفة وقال مُرة أَخبرني بعضُ أَعرابْ عُمانَ أَنَّ بهَجَر نخلة يقال لها الباهينُ لا يزال عليها السَّنةَ كلَّها طلعٌ جديدٌ وكبائسُ مُبْسِرة وأُخَرُ مُرْطِبة ومُتْمِرة الأَزهري عن أَبي يوسف البَيْهَنُ النَّسْتَرَنُ من الرّياحِين والبَهْنَوِيُّ من الإبلِ ما بين الكِرْمانيّة والعربيّة وهو دَخِيل في العربية

بون
البَوْنُ والبُونُ مسافةُ ما بين الشيئين قال كُثيِّر عزَّة إذا جاوَزوا معروفَه أَسْلَمْتُهُمْ إلى غمرةٍ ينظرُ القومُ بُونَها
( * قوله « إلى غمرة إلخ » هكذا فيه بياض بالأصل ) وقد بانَ صاحبُه بَوْناً والبِوانُ بكسر الباء
( * قوله « بكسر الباء » عبارة التكملة والبوان بالضم عمود الخيمة لغة في البوان بالكسر عن الفراء ) عمود من أَعْمِدة الخِباء والجمع أَبْوِنةٌ وبُونٌ بالضم وبُوَنٌ وأَباها سيبويه والبُونُ موضعٌ قال ابن دريد لا أَدري ما صحتُه الجوهري البانُ ضربٌ من الشجر واحدتها بانةٌ قال امرؤُ القيس بَرَهْرهةٌ رُؤْدةٌ رَخْصةٌ كخُرْعوبةِ البانةِ المنفطِرْ ومنه دُهْنُ البانِ وذكره ابن سيده في بَيَنَ وعلله وسنذكره هناك وفي حديث خالد فلما أَلْقى الشامُ بَوانِيَه عزلَني واستعمل غيري أَي خيرَه وما فيه من السَّعة والنّعْمة ويقال أَلقى عَصاه وأَلقي بَوانِيَه قال ابن الأَثير البَواني في الأَصل أَضْلاعُ الصدْرِ وقيل الأَكتافُ والقوائمُ الواحدة بانية قال ومنْ حقِّ هذه الكلمة أَن تجيء في باب الباء والنون والياء قال وذكرناها في هذا الباب حملاً على ظاهرها فإنها لم ترد حيث وردت إلا مجموعة وفي حديث عليّ أَلقَت السماءُ بَرْكَ بَوانيها يريدُ ما فيها من المطر والبُوَيْن موضع قال مَعْقِل ابن خوَيلد لعَمْري لقد نادى المُنادي فراعَني غَداةَ البُوَيْنِ من قريب فأَسْمَعا وبُوانات موضع قال مَعْن بن أَوس سَرَتْ من بُواناتٍ فبَوْنٍ فأَصْبَحَتْ بقَوْرانَ قَورانِ الرِّصاف تُواكِله وقال الجوهري بُوانةُ بالضم اسمُ موضع قال الشاعر لقد لَقِيَتْ شَوْلٌ بجَنْبَيْ بُوانةٍ نَصِيّاً كأَعْرافِ الكَوادِنِ أَسْحَما وقال وضَّاح اليمن أَيا نَخْلَتَيْ وادِي بُوانةَ حَبَّذا إذا نامَ حُرَّاسُ النخيلِ جَناكما قال وربما جاء بحذف الهاء قال الزَّفَيان ماذا تَذَكَّرْتُ من الأَظْعان طَوالِعاً من نحوِ ذي بُوانِ قال وأَما الذي ببلاد فارس فهو شِعْب بَوَّان بالفتح والتشديد قال محمد بن المكرَّم يقال إنه من أَطْيب بقاع الأَرض وأَحسَن أَماكِنِها وإيّاه عَنى أَبو الطّيب المتنَبِّي بقوله يَقول بشِعْبِ بَوَّانٍ حِصاني أَعَنْ هذا يُسارُ إلى الطِّعانِ ؟ أَبوكُمْ آدَمٌ سَنَّ المَعاصي وعَلَّمكُمْ مُفارَقةَ الجِنانِ وفي حديث النذْر أَن رجلاً نَذَرَ أَن يَنْحَر إبلاً بِبُوانَةَ قال ابن الأَثير هي بضم الباء وقيل بفتحها هَضْبةٌ من وَراء يَنبُع ابن الأَعرابي البَوْنة البنت الصغيرة والبَوْنة الفصيلة والبَوْنة الفراق

بين
البَيْنُ في كلام العرب جاء على وجْهَين يكون البَينُ الفُرْقةَ ويكون الوَصْلَ بانَ يَبِينُ بَيْناً وبَيْنُونةً وهو من الأَضداد وشاهدُ البَين الوَصل قول الشاعر لقد فَرَّقَ الواشِينَ بيني وبينَها فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عيني وعينُها وقال قيسُ بن ذَريح لَعَمْرُك لولا البَيْنُ لا يُقْطَعُ الهَوى ولولا الهوى ما حَنَّ لِلبَيْنِ آلِفُ فالبَينُ هنا الوَصْلُ وأَنشد أَبو عمرو في رفع بين قول الشاعر كأَنَّ رِماحَنا أَشْطانُ بئْرٍ بَعيدٍ بينُ جالَيْها جَرُورِ وأَنشد أَيضاً ويُشْرِقُ بَيْنُ اللِّيتِ منها إلى الصُّقْل قال ابن سيده ويكون البَينُ اسماً وظَرْفاً مُتمكِّناً وفي التنزيل العزيز لقد تقَطَّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تَزْعُمون قرئَ بينكم بالرفع والنصب فالرفع على الفعل أَي تقَطَّع وَصْلُكم والنصبُ على الحذف يريدُ ما بينكم قرأَ نافع وحفصٌ عن عاصم والكسائي بينَكم نصباً وقرأَ ابن كَثير وأَبو عَمْروٍ وابنُ عامر وحمزة بينُكم رفعاً وقال أَبو عمرو لقد تقطَّع بينُكم أَي وَصْلُكم ومن قرأَ بينَكم فإن أَبا العباس روى عن ابن الأَعرابي أَنه قال معناه تقطَّع الذي كانَ بينَكم وقال الزجاج فيمَنْ فتَحَ المعنى لقد تقطَّع ما كنتم فيه من الشَّركة بينَكم ورُوي عن ابن مسعودٍ أَنه قرأَ لقد تقطَّع ما بينَكم واعتمد الفراءُ وغيرُه من النحويين قراءةَ ابن مسعود لِمَنْ قرأَ بينَكم وكان أَبو حاتم يُنْكِر هذه القراءةَ ويقول من قرأَ بينَكم لم يُجِزْ إلا بمَوْصول كقولك ما بينَكم قال ولا يجوز حذفُ الموصول وبقاء الصلةِ لا تُجيزُ العربُ إنّ قامَ زيدٌ بمعنى إنّ الذي قام زيدٌ قال أَبو منصور وهذا الذي قاله أَبو حاتم خطأ لأَن الله جَلّ ثناؤه خاطَبَ بما أَنزَل في كتابه قوماً مشركين فقال ولقد جئتمونا فُرادَى كما خَلقْناكم أَوّلَ مرّةٍ وترَكتم ما خوّلناكم وراءَ ظُهوركم وما نرَى معكم شُفعاءَكم الذين زعمتم أَنهم فيكم شركاءُ لقد تقطّع بينَكم أَراد لقد تقطع الشِّرْكُ بينكم أَي فيما بينَكم فأَضمرَ الشركَ لما جرَى من ذِكْر الشُّركاء فافهمه قال ابن سيده مَن قرأَ بالنصب احتمل أَمرين أَحدُهما أَن يكونَ الفاعلُ مضمَراً أَي لقد تقطَّع الأَمرُ أَو العَقْدُ أَو الودُّ بينََكم والآخرُ ما كان يراهُ الأَخفشُ من أَن يكونَ بينكم وإن كان منصوبَ اللفظ مرفوعَ الموضِع بفعله غيرَ أَنه أُقِرّتْ عليه نَصْبةُ الظرف وإن كان مرفوعَ الموضع لاطِّراد استعمالهم إياه ظرفاً إلا أَن استعمالَ الجملة التي هي صفةٌ للمبتدأ مكانَه أَسهلُ من استعمالِها فاعِلةً لأَنه ليس يَلزمُ أَن يكون المبتدأُ اسماً محضاً كلزوم ذلك في الفاعل أَلا ترى إلى قولهم تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ من أَن تراه أَي سماعُك به خيرٌ من رؤْيتك إياه وقد بانَ الحيُّ بَيْناً وبَيْنونةً وأَنشد ثعلب فهاجَ جوىً في القَلْب ضَمَّنه الهَوَى بَبَيْنُونةٍ يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ والمُبايَنة المُفارَقَة وتَبايَنَ القومُ تَهاجَرُوا وغُرابُ البَين هو الأَبْقَع قال عنترة ظَعَنَ الذين فِراقَهم أَتَوَقَّعُ وجَرَى ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأَبْقَعُ حَرِقُ الجَناحِ كأَنَّ لحْيَيْ رأْسِه جَلَمانِ بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ وقال أَبو الغَوث غرابُ البَيْنِ هو الأَحمرُ المِنْقارِ والرِّجْلينِ فأَما الأَسْود فإِنه الحاتِمُ لأَنه يَحْتِمُ بالفراق وتقول ضربَه فأَبانَ رأْسَه من جسدِه وفَصَلَه فهو مُبِينٌ وفي حديث الشُّرْب أَبِنِ القَدَحَ عن فيك أَي افْصِلْه عنه عند التنفُّس لئلا يَسْقُط فيه شيءٌ من الرِّيق وهو من البَينِ البُعْد والفِراق وفي الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائِن أَي المُفْرِطِ طُولاً الذي بَعُدَ عن قَدِّ الرجال الطِّوال وبانَ الشيءُ بَيْناً وبُيوناً وحكى الفارسيُّ عن أَبي زيد طَلَبَ إلى أَبَوَيْه البائنةَ وذلك إذا طَلَب إليهما أَن يُبِيناهُ بمال فيكونَ له على حِدَةٍ ولا تكونُ البائنةُ إلا من الأَبوين أَو أَحدِهما ولا تكونُ من غيرهما وقد أَبانَه أَبواه إِبانةً حتى بانَ هو بذلك يَبينُ بُيُوناً وفي حديث الشَّعْبي قال سمعتُ النُّعْمانَ بن بَشيرٍ يقول سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وطَلَبَتْ عَمْرةُ إلى بشير بن سعدٍ أَن يُنْحِلَني نَحْلاً من ماله وأَن يَنْطلِقَ بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُشْهدَه فقال هل لك معه ولدٌ غيرُه ؟ قال نعم قال فهل أَبَنْتَ كلَّ واحد منهم بمثل الذي أَبَنتَ هذا ؟ فقال لا قال فإني لا أَشهَدُ على هذا هذا جَورٌ أَشهِدْ على هذا غيري أعْدِلوا بين أَولادكم في النُِّحْل كما تُحِبُّون أَن يَعْدلوا بينكم في البرِّ واللُّطف قوله هل أَبَنْتَ كلَّ واحد أَي هل أَعْطَيْتَ كلَّ واحدٍ مالاً تُبِينُه به أَي تُفْرِدُه والاسم البائنةُ وفي حديث الصديق قال لعائشة رضي الله عنهما إني كنتُ أَبَنْتكِ بنُحْل أَي أَعطيتُكِ وحكى الفارسي عن أَبي زيد بانَ وبانَه وأَنشد كأَنَّ عَيْنَيَّ وقد بانُوني غَرْبانِ فَوقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِ وتبَايَنَ الرجُلانِ بانَ كلُّ واحد منهما عن صاحبه وكذلك في الشركة إذا انفصلا وبانَت المرأَةُ عن الرجل وهي بائنٌ انفصلت عنه بطلاق وتَطْليقةٌ بائنة بالهاء لا غير وهي فاعلة بمعنى مفعولة أَي تَطْليقةٌ
( * قوله « وهي فاعلة بمعنى مفعولة أي تطليقة إلخ » هكذا بالأصل ولعل فيه سقطاً ) ذاتُ بَيْنونةٍ ومثله عِيشةٌ راضيةٌ أَي ذاتُ رِضاً وفي حديث ابن مسعود فيمن طَلق امرأَتَه ثمانيَ تَطْلِيقاتٍ فقيل له إنها قد بانَتْ منك فقال صدَقُوا بانَتِ المرأَةُ من زوجِها أَي انفصلت عنه ووقع عليها طلاقُه والطَّلاقُ البائِنُ هو الذي لا يَمْلِك الزوجُ فيه استِرْجاعَ المرأَةِ إلا بعَقْدٍ جديدٍ وقد تكرر ذكرها في الحديث ويقال بانَتْ يدُ الناقةِ عن جَنْبِها تَبِينُ بُيوناً وبانَ الخلِيطُ يَبينُ بَيْناً وبَيْنونةً قال الطرماح أَآذَنَ الثاوي بِبَيْنُونة ابن شميل يقال للجارية إذا تزوَّجت قد بانَت وهُنّ قد بِنَّ إذا تزوَّجْنَ وبَيَّن فلانٌ بِنْثَه وأَبانَها إذا زوَّجَها وصارت إلى زوجها وبانَت هي إذا تزوجت وكأَنه من البئر البعيدة أَي بَعُدَتْ عن بيت أَبيها وفي الحديث مَنْ عالَ ثلاثَ بناتٍ حتى يَبِنَّ أَو يَمُتْنَ يَبِنَّ بفتح الياء أَي يتزوَّجْنَ وفي الحديث الآخر حتى بانُوا أَو ماتوا وبئرٌ بَيُونٌ واسعةُ ما بين الجالَيْنِ وقال أَبو مالك هي التي لا يُصيبُها رِشاؤُها وذلك لأَن جِرابَ البئر مستقيم وقيل البَيُونُ البئرُ الواسعة الرأْسِ الضَّيِّقَة الأَسْفَل وأَنشد أَبو علي الفارسي إِنَّك لو دَعَوْتَني ودُوني زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ لقُلْتُ لَبَّيْه لمنْ يَدْعوني فجعلها زَوْراءَ وهي التي في جِرابِها عَوَجٌ والمَنْزَعُ الموضعُ الذي يَصْعَدُ فيه الدَّلْوُ إذا نُزِع من البئر فذلك الهواء هو المَنْزَعُ وقال بعضهم بئرٌ بَيُونٌ وهي التي يُبِينُ المُسْتَقي الحبل في جِرابِها لِعَوَجٍ في جُولها قال جرير يصف خيلاً وصَهِيلَها يَشْنِفْنَ للنظرِ البعيد كأَنما إرْنانُها ببَوائنُ الأَشْطانِ أَراد كأَنها تَصْهَل في ركايا تُبانُ أَشْطانُها عن نواحيها لِعَوَجٍ فيها إرنانها ذوات
( * قوله « ارنانها ذوات إلخ » كذا بالأصل وفي التكملة والبيت للفرزدق يهجو جريراً والرواية إرنانها أي كأنها تصهل من آبار بوائن لسعة أجوافها إلخ وقول الصاغاني والرواية إرنانها يعني بكسر الهمزة وسكون الراء وبالنون كما هنا بخلاف رواية الجوهري فإنها أذنابها وقد عزا الجوهري هذا البيت لجرير كما هنا فقد رد عليه الصاغاني من وجهين )
الأَذنِ والنَّشاطِ منها أَراد أَن في صهيلِها خُشْنة وغِلَظاً كأَنها تَصْهَل في بئرٍ دَحُول وذلك أَغْلَظُ لِصَهيلِها قال ابن بري رحمه الله البيت للفرزدق لا لجرير قال والذي في شعره يَصْهَلْنَ والبائنةُ البئرُ البعيدةُ القعر الواسعة والبَيونُ مثلُه لأَن الأَشْطانَ تَبِينُ عن جرابِها كثيراً وأَبانَ الدَّلوَ عن طَيِّ البئر حادَ بها عنه لئلا يُصيبَها فتنخرق قال دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بي مَنينُها لم تَرَ قَبْلي ماتِحاً يُبينُها وتقول هو بَيْني وبَيْنَه ولا يُعْطَفُ عليه إلا بالواو لأَنه لا يكون إلا من اثنين وقالوا بَيْنا نحن كذلك إذ حَدَثَ كذا قال أَنشده سيبويه فبَيْنا نحن نَرْقُبُه أَتانا مُعَلّق وَفْضةٍ وزِناد راعِ إنما أَراد بَيْنَ نحن نَرْقبُهُ أَتانا فأَشْبَعَ الفتحة فحدَثتْ بعدها أَلفٌ فإِن قيل فلِمَ أَضافَ الظرفَ الذي هو بَيْن وقد علمنا أَن هذا الظرفَ لا يضاف من الأَسماء إلا لما يدلُّ على أَكثر من الواحد أَو ما عُطف عليه غيره بالواو دون سائر حروف العطف نحو المالُ بينَ القومِ والمالُ بين زيدٍ وعمرو وقولُه نحن نرقُبُه جملةٌ والجملة لا يُذْهَب لها بَعْدَ هذا الظرفِ ؟ فالجواب أَن ههنا واسطة محذوفةٌ وتقدير الكلام بينَ أَوقاتِ نحن نرْقُبُه أَتانا أَي أَتانا بين أَوقات رَقْبَتِنا إياه والجُمَلُ مما يُضافُ إليها أَسماءُ الزمان نحو أَتيتك زمنَ الحجاجُ أَميرٌ وأَوانَ الخليفةُ عبدُ المَلِك ثم إنه حذف المضافُ الذي هو أَوقاتٌ ووَليَ الظرف الذي كان مضافاً إلى المحذوف الجملة التي أُقيمت مُقامَ المضاف إليها كقوله تعالى واسأَل القرية أَي أَهلَ القرية وكان الأَصمعيُّ يَخْفِضُ بعدَ بَيْنا إذا صلَح في موضعه بَيْنَ ويُنشِد قول أَبي ذؤيب بالكسر بَيْنا تَعَنُّقِه الكُماةَ ورَوْغِه يوماً أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلْفَعُ وغيرُه يرفعُ ما بعدَ بَيْنا وبَيْنَما على الابتداء والخبر والذي يُنْشِدُ برَفع تَعنُّقِه وبخفْضِها
( * قوله « والذي ينشد إلى وبخفضها هكذا في الأصل ولعل في الكلام سقطاً ) قال ابن بري ومثلُه في جواز الرفع والخفض بعدها قولُ الآخر كُنْ كيفَ شِئْتَ فقَصْرُك الموتُ لا مَزْحَلٌ عنه ولا فَوْتُ بَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِهِ زالَ الغِنَى وتَقَوَّضَ البيتُ قال ابن بري وقد تأْتي إذْ في جواب بينا كما قال حُمَيْد الأَرقط بَيْنا الفَتى يَخْبِطُ في غَيْساتِه إذ انْتَمَى الدَّهْرُ إلى عِفْراتِه وقال آخر بيْنا كذلك إذْ هاجَتْ هَمَرَّجةٌ تَسْبي وتَقْتُل حتى يَسْأَمَ الناسُ وقال القطامي فبَيْنا عُمَيْرٌ طامحُ الطَّرف يَبْتَغي عُبادةَ إذْ واجَهْت أَصحَم ذا خَتْر قال ابن بري وهذا الذي قلناه يدلُّ على فسادِ قول من يقول إنَّ إذ لا تكون إلا في جواب بَيْنما بزيادة ما وهذه بعدَ بَيْنا كما ترى ومما يدل على فساد هذا القول أَنه قد جاء بَيْنما وليس في جوابها إذ كقول ابن هَرْمة في باب النَّسيبِ من الحَماسةِ بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالْقا عِ سِراعاً والعِيسُ تَهْوي هُوِيّا خطَرَتْ خَطْرةٌ على القلبِ من ذك راكِ وهْناً فما استَطَعتُ مُضِيّاً ومثله قول الأَعشى بَيْنَما المرءُ كالرُّدَيْنيّ ذي الجُبْ بَةِ سَوَّاه مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ رَدَّه دَهْرُه المُضَلّلُ حتى عادَ من بَعْدِ مَشْيِه التَّدْليفِ ومثله قول أَبي دواد بَيْنما المرءُ آمِنٌ راعَهُ را ئعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه انْبِعاقَهْ وفي الحديث بَيْنا نحن عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجلٌ أَصلُ بَيْنا بَيْنَ فأُشبِعتْ الفتحة فصارت أَلفاً ويقال بَيْنا وبَيْنما وهما ظرفا زمانٍ بمعنى المفاجأَة ويُضافان إلى جملة من فعلٍ وفاعلٍ ومبتدإِ وخبر ويحْتاجان إلى جواب يَتِمُّ به المعنى قال والأَفصَح في جوابهما أَن لا يكون فيه إذا وإذا وقد جاءا في الجواب كثيراً تقول بَينا زيدٌ جالسٌ دخَل عليه عمرٌو وإذ دخَل عليه وإذا دخل عليه ومنه قول الحُرَقة بنت النُّعمان بَيْنا نَسوسُ الناسَ والأَمرُ أَمْرُنا إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ وأَما قوله تعالى وجعلنا بينهم مَوْبِقاً فإنّ الزجاج قال معناه جعلنا بينَهم من العذاب ما يُوبِقُهم أَي يُهْلِكهم وقال الفراء معناه جعلنا بينهم أَي تواصُلهم في الدنيا مَوْبقاً لهم يوم القيامة أَي هُلْكاً وتكون بَيْن صفة بمنزلة وسَط وخِلال الجوهري وبَيْن بمعنى وسْط تقول جلستُ بينَ القوم كما تقول وسْطَ القوم بالتخفيف وهو ظرفٌ وإن جعلته اسماً أَعرَبْتَه تقول لقد تقطَّع بينُكم برفع النون كما قال أَبو خِراش الهُذلي يصف عُقاباً فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَراحٍ فصادَفَ بينَ عَينَيْه الجَبُوبا الجبُوب وجه الأَرض الأَزهري في أَثناء هذه الترجمة روي عن أَبي الهيثم أَنه قال الكواكب البَبانيات
( * وردت في مادة بين « البابانيات » تبعاً للأصل والصواب ما هنا ) هي التي لا يَنزِلها شمسٌ ولا قمرٌ إنما يُهْتَدى بها في البرِّ والبحر وهي شامية ومَهَبُّ الشَّمالِ منها أَوَّلها القُطْب وهو كوكبٌ لا يَزول والجدْي والفَرْقَدان وهو بَيْنَ القُطب وفيه بَنات نعْشٍ الصغرى وقال أَبو عمرو سمعت المبرَّد يقول إذا كان الاسم الذي يجيء بعد بَيْنا اسماً حقيقيّاً رفَعته بالابتداء وإن كان اسماً مصدريّاً خفضْتَه ويكون بَيْنا في هذا الحال بمعنى بينَ قال فسأَلت أَحمد بن يحيى عنه ولم أُعلِمْه قائله فقال هذا الدرُّ إلا أَنَّ من الفصحاء من يرفع الاسم الذي بعد بَينا وإن كان مصدريّاً فيُلحقه بالاسم الحقيقي وأَنشد بيتاً للخليل ابن أَحمد بَينا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِه ذهَبَ الغِنى وتَقَوَّضَ البَيْتُ وجائز وبهْجَتُه قال وأَما بَيْنما فالاسمُ الذي بعده مرفوعٌ وكذلك المصدر ابن سيده وبَيْنا وبينما من حروف الابتداء وليست الأَلف في بَيْنا بصلةٍ وبَينا فعْلى أُشبِعت الفتحةُ فصارت أَلفاً وبينما بَين زِيدت عليه ما والمعنى واحد وهذا الشيء بَينَ بَينَ أَي بَيْنَ الجيِّد والرَّديء وهما اسمان جُعِلا واحداً وبُنيا على الفتح والهمزة المخفَّفة تسمّى همزة بَيْنَ بَيْنَ وقالوا بَين بَين يريدون التَّوَسُّط كما قال عَبيد بن الأَبرص نَحْمي حَقيقَتَنا وبع ض القَوْم يَسْقُطُ بَينَ بَيْنا وكما يقولون همزة بَين بَين أَي أَنها همزةٌ بَيْنَ الهمزةِ وبين حرف اللين وهو الحرف الذي منه حركتُها إن كانت مفتوحة فهي بين الهمزة والأَلف مثل سأَل وإن كانت مكسورة فهي بين الهمزة والياء مثل سَئِمَ وإن كانت مضمومةً فهي بين الهمزة والواو مثل لَؤُم إلا أَنها ليس لها تمكينُ الهمزة المحققة ولا تقَعُ الهمزةُ المخففة أَبداً أَوَّلاً لقُرْبِها بالضَّعْف من الساكن إلا أَنها وإن كانت قد قرُبَت من الساكن ولم يكن لها تَمْكين الهمزةِ المحقَّقة فهي متحرِّكة في الحقيقة فالمفتوحة نحو قولك في سأَل سأَلَ والمكسورةُ نحو قولك في سَئِمَ سَئِمَ والمضمومة نحو قولك في لؤُم لؤُم ومعنى قول سيبويه بَيْنَ بَيْنَ أَنها ضعيفة ليس لها تمكينُ المحقَّقة ولا خُلوصُ الحرف الذي منه حركتُها قال الجوهري وسميت بَينَ بينَ لضَعْفِها وأَنشد بيت عبيد بن الأَبرص وبعض القومِ يسقط بين بينا أَي يتساقط ضَعيفاً غير معتدٍّ به قال ابن بري قال السيرافي كأَنه قال بَينَ هؤلاء وهؤلاء كأَنه رجلٌ يدخل بينَ فريقين في أَمرٍ من الأُمور فيسقُطُ ولا يُذْكَر فيه قال الشيخ ويجوز عندي أَن يريد بينَ الدخول في الحرب والتأَخر عنها كما يقال فلانُ يُقَدِّم رِجْلاً ويُؤَخر أُخرى ولَقِيتُه بُعَيدات بَيْنٍ إذا لقِيتَه بعدَ حينٍ ثم أَمسكتَ عنه ثم أَتيته وقوله وما خِفْتُ حتى بَيَّنَ الشربُ والأَذى بِقانِئِه إِنِّي من الحيِّ أَبْيَنُ أَي بائن والبَيانُ ما بُيِّنَ به الشيءُ من الدلالة وغيرِها وبانَ الشيءُ بَياناً اتَّضَح فهو بَيِّنٌ والجمع أَبْيِناءُ مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناء وكذلك أَبانَ الشيءُ فهو مُبينٌ قال الشاعر لو دَبَّ ذَرٌّ فوقَ ضاحِي جلدِها لأَبانَ من آثارِهِنَّ حُدورُ قال ابن بري عند قول الجوهري والجمع أَبْيِناء مثل هيِّن وأَهْيِناء قال صوابه مثل هيِّنٍ وأَهْوِناء لأَنه من الهَوانِ وأَبَنْتُه أَي أَوْضَحْتُه واستَبانَ الشيءُ ظهَر واستَبَنْتُه أَنا عرَفتُه وتَبَيَّنَ الشيءُ ظَهَر وتَبيَّنْتهُ أَنا تتعدَّى هذه الثلاثةُ ولا تتعدّى وقالوا بانَ الشيءُ واسْتَبانَ وتَبيَّن وأَبانَ وبَيَّنَ بمعنى واحد ومنه قوله تعالى آياتٍ مُبَيِّناتٍ بكسر الياء وتشديدها بمعنى مُتبيِّنات ومن قرأَ مُبَيَّنات بفتح الياء فالمعنى أَن الله بَيَّنَها وفي المثل قد بَيَّنَ الصبحُ لذِي عينَين أَي تَبَيَّن وقال ابن ذَريح وللحُبِّ آياتٌ تُبَيَّنُ للفَتى شُحوباً وتَعْرى من يَدَيه الأَشاحم
( * قوله « الأشاحم » هكذا في الأصل ) قال ابن سيده هكذا أَنشده ثعلب ويروى تُبَيِّن بالفتى شُحوب والتَّبْيينُ الإيضاح والتَّبْيين أَيضاً الوُضوحُ قال النابغة إلاَّ الأَوارِيّ لأْياً ما أُبَيِّنُها والنُّؤْيُ كالحَوض بالمظلومة الجلَد يعني أَتَبيَّنُها والتِّبْيان مصدرٌ وهو شاذٌّ لأَن المصادر إنما تجيء على التَّفْعال بفتح التاء مثال التَّذْكار والتَّكْرار والتَّوْكاف ولم يجيءْ بالكسر إلا حرفان وهما التِّبْيان والتِّلقاء ومنه حديث آدم وموسى على نبينا محمد وعليهما الصلاة والسلام أَعطاكَ اللهُ التوراةَ فيها تِبْيانُ كلِّ شيءٍ أَي كشْفُه وإيضاحُه وهو مصدر قليل لأَن مصادرَ أَمثاله بالفتح وقوله عز وجل وهو في الخِصام غيرُ مُبين يريد النساء أَي الأُنثى لا تكاد تَسْتَوفي الحجةَ ولا تُبينُ وقيل في التفسير إن المرأَة لا تكاد تحتجُّ بحُجّةٍ إِلا عليها وقد قيل إنه يعني به الأَصنام والأَوّل أَجود وقوله عز وجل لا تُخْرِجوهُنَّ من بيوتهنّ ولا يَخْرُجْنَ إلا أَن يأْتِين بفاحِشةٍ مُبَيِّنة أَي ظاهرة مُتَبيِّنة قال ثعلب يقول إذا طلَّقها لم يحِلّ لها أَن تَخْرُجَ من بيته ولا أَن يُخْرجها هو إلا بحَدٍّ يُقام عليها ولا تَبينُ عن الموضع الذي طُلِّقت فيه حتى تنقضي العدّة ثم تخرُج حيث شاءت وبِنْتُه أَنا وأَبَنتُه واسْتَبنْتُه وبَيَّنْتُه وروي بيت ذي الرمة تُبَيِّنُ نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً كما بَيَّنْتَ في الأَدَم العَوارا أَي تُبَيِّنُها ورواه عليّ بن حمزة تُبيِّن نِسبةُ بالرفع على قوله قد بَيَّنَ الصبحُ لذي عَينين ويقال بانَ الحقُّ يَبينُ بَياناً فهو بائنٌ وأَبانَ يُبينُ إبانة فهو مُبينٌ بمعناه ومنه قوله تعالى حم والكتاب المُبين أَي والكتاب البَيِّن وقيل معنى المُبين الذي أَبانَ طُرُقَ الهدى من طرق الضلالة وأَبان كلَّ ما تحتاج إليه الأُمّة وقال الزجاج بانَ الشيءُ وأَبانَ بمعنى واحد ويقال بانَ الشيءُ وأَبَنتُه فمعنى مُبين أَنه مُبينٌ خيرَه وبرَكَته أَو مُبين الحقَّ من الباطل والحلالَ من الحرام ومُبينٌ أَن نُبُوَّةَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حقٌّ ومُبين قِصَصَ الأَنبياء قال أَبو منصور ويكون المستبين أَيضاً بمعنى المُبين قال أَبو منصور والاسْتِبانةُ يكون واقعاً يقال اسْتَبنتُ الشيءَ إذا تأَملتَه حتى تَبيَّن لك قال الله عز وجل وكذلك نُفصِّل الآيات ولِتَستبين سبيلَ المجرمين المعنى ولتستبينَ أَنت يا محمد سبيلَ المجرمين أَي لتزدادَ استِبانة وإذا بانَ سبيلُ المجرمين فقد بان سبيل المؤمنين وأَكثرُ القراء قرؤُوا ولتَستبينَ سبيلُ المجرمين والاسْتبانة حينئذٍ يكون غير واقع ويقال تبَيَّنْت الأَمر أَي تأَمَّلته وتوسَّمْتُه وقد تبيَّنَ الأَمرُ يكون لازِماً وواقِعاً وكذلك بَيَّنْته فبَيَّن أَي تَبَيَّن لازمٌ ومتعدّ وقوله عز وجل وأَنزلنا عليكَ الكتاب تِبْياناً لكلّ شيءٍ أَي بُيِّن لك فيه كلُّ ما تحتاج إليه أَنت وأُمتُك من أَمر الدِّين وهذا من اللفظ العامِّ الذي أُريد به الخاصُّ والعرب تقول بَيَّنْت الشيءَ تَبْييناً وتِبْياناً بكسر التاء وتِفْعالٌ بكسر التاء يكون اسماً فأَما المصدر فإِنه يجيء على تَفْعال بفتح التاء مثل التَّكْذاب والتَّصْداق وما أَشبهه وفي المصادر حرفان نادران وهما تِلْقاء الشيء والتِّبْيان قال ولا يقاس عليهما وقال النبي صلى الله عليه وسلم أَلا إنَّ التَّبيين من الله والعَجَلة من الشيطان فتبيَّنُوا قال أَبو عبيد قال الكسائي وغيره التَّبْيين التثبُّتُ في الأَمر والتَّأَني فيه وقرئ قوله عز وجل إذا ضَرَبتم في سبيل الله فتبيَّنُوا وقرئ فتثبَّتوا والمعنيان متقاربان وقوله عز وجل إنْ جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيَّنوا وفتَثبَّتُوا قرئ بالوجهين جميعاً وقال سيبويه في قوله الكتاب المُبين قال وهو التِّبيان وليس على الفعل إنما هو بناءٌ على حدة ولو كان مصدراً لفُتِحتْ كالتَّقْتال فإنما هو من بيَّنْتُ كالغارة من أَغَرْت وقال كراع التِّبيان مصدرٌ ولا نظير له إلا التِّلقاء وهو مذكور في موضعه وبينهما بَينٌ أَي بُعْد لغة في بَوْنٍ والواو أَعلى وقد بانَه بَيْناً والبَيانُ الفصاحة واللَّسَن وكلامٌ بيِّن فَصيح والبَيان الإفصاح مع ذكاء والبَيِّن من الرجال الفصيح ابن شميل البَيِّن من الرجال السَّمْح اللسان الفصيح الظريف العالي الكلام القليل الرتَج وفلانٌ أَبْيَن من فلان أَي أَفصح منه وأَوضح كلاماً ورجل بَيِّنٌ فصيح والجمع أَبْيِناء صحَّت الياء لسكون ما قبلها وأَنشد شمر قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ ويَلْتَئي على البَيِّنِ السَّفّاكِ وهو خَطيبُ قوله يَلتئي أَي يُبْطئ من اللأْي وهو الإبطاء وحكى اللحياني في جمعه أَبْيان وبُيَناء فأَما أَبْيان فكميِّت وأَموات قال سيبويه شَبَّهوا فَيْعِلاً بفاعل حين قالوا شاهد وأَشهاد قال ومثله يعني ميِّتاً وأَمواتاً قيِّل وأَقيال وكَيِّس وأَكياس وأَما بُيِّناء فنادر والأَقيَس في ذلك جمعُه بالواو وهو قول سيبويه روى ابنُ عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال إنّ من البيان لسِحْراً وإنّ من الشِّعر لحِكَماً قال البَيان إظهار المقصود بأَبلغ لفظٍ وهو من الفَهْم وذكاءِ القلْب مع اللَّسَن وأَصلُه الكَشْفُ والظهورُ وقيل معناه إن الرجُلَ يكونُ عليه الحقُّ وهو أَقْوَمُ بحُجَّتِه من خَصْمِه فيَقْلِبُ الحقَّ بِبَيانِه إلى نَفْسِه لأَن معنى السِّحْر قَلْبُ الشيءِ في عَيْنِ الإنسانِ وليس بِقَلْبِ الأَعيانِ وقيل معناه إنه يَبْلُغ من بَيانِ ذي الفصاحة أَنه يَمْدَح الإنسانَ فيُصدَّق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قولِه وحُبِّه ثم يذُمّه فيُصدّق فيه حتى يَصْرِفَ القلوبَ إلى قوله وبُغْضِهِ فكأَنه سَحَرَ السامعين بذلك وهو وَجْهُ قوله إن من البيانِ لسِحْراً وفي الحديث عن أَبي أُمامة أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحياءُ والعِيُّ شُعْبتان من الإيمانِ والبَذاءُ والبيانُ شُعْبتانِ من النِّفاق أَراد أَنهما خَصْلتان مَنْشَؤهما النِّفاق أَما البَذاءُ وهو الفُحْشُ فظاهر وأَما البيانُ فإنما أَراد منه بالذّم التعمُّق في النُّطْق والتفاصُحَ وإظهارَ التقدُّم فيه على الناس وكأَنه نوعٌ من العُجْب والكِبْرِ ولذلك قال في رواية أُخْرى البَذاءُ وبعضُ البيان لأَنه ليس كلُّ البيانِ مذموماً وقال الزجاج في قوله تعالى خَلَق الإنْسان علَّمَه البيانَ قيل إنه عنى بالإنسان ههنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم علَّمَه البيان أَي علَّمه القرآنَ الذي فيه بيانُ كلِّ شيء وقيل الإنسانُ هنا آدمُ عليه السلام ويجوز في اللغة أَن يكون الإنسانُ اسماً لجنس الناس جميعاً ويكون على هذا علَّمَه البيانَ جعَله مميَّزاً حتى انفصل الإنسانُ ببيَانِه وتمييزه من جميع الحيوان ويقال بَيْنَ الرجُلَين بَيْنٌ بَعيدٌ وبَوْنٌ بعيد قال أَبو مالك البَيْنُ الفصلُ
( * قوله « البين الفصل إلخ » كذا بالأصل ) بين الشيئين يكون إمّا حَزْناً أَو بقْرْبه رَمْلٌ وبينَهما شيءٌ ليس بحَزنٍ ولا سهلٍ والبَوْنُ الفضلُ والمزيّةُ يقال بانه يَبونُه ويَبينُه والواوُ أَفصحُ فأَما في البُعْد فيقال إن بينهما لَبَيْناً لا غير وقوله في الحديث أَولُ ما يُبِينُ على أَحدِكم فَخِذُه أَي يُعْرب ويَشهد عليه ونخلةٌ بائنةٌ فاتَتْ كبائسُها الكوافيرَ وامتدّت عراجِينُها وطالت حكاه أَبو حنيفة وأَنشد لحَبيب القُشَيْري من كل بائنةٍ تَبينُ عُذوقَها عنها وحاضنةٍ لها مِيقارِ قوله تَبينُ عذوقَها يعني أَنها تَبين عذوقَها عن نفسها والبائنُ والبائنةُ من القِسِيِّ التي بانتْ من وتَرِها وهي ضد البانِية إلا أَنها عيب والباناةُ مقلوبةٌ عن البانِية الجوهري البائنةُ القوسُ التي بانت عن وَتَرِها كثيراً وأَما التي قد قرُبَتْ من وَتَرِها حتى كادت تلْصَق به فهي البانيةُ بتقديم النون قال وكلاهما عيب والباناةُ النَّبْلُ الصِّغارُ حكاه السُّكَّريّ عن أَبي الخطاب وللناقة حالِبانِ أَحدُهما يُمْسِك العُلْبة من الجانب الأَيمن والآخرُ يحلُب من الجانب الأَيْسر والذي يَحْلُب يسمَّى المُسْتَعْلي والمُعَلِّي والذي يُمْسِك يسمَّى البائنَ والبَيْنُ الفراق التهذيب ومن أَمثال العرب اسْتُ البائنِ أَعْرَفُ وقيل أَعلمُ أَي مَنْ وَلِيَ أَمْراً ومارَسَه فهو أَعلم به ممن لم يُمارِسْه قال والبائن الذي يقومُ على يمين الناقة إذا حلبَها والجمع البُيَّنُ وقيل البائنُ والمُسْتَعْلي هما الحالبان اللذان يَحْلُبان الناقةَ أَحدُهما حالبٌ والآخر مُحْلِب والمُعينُ هو المُحْلِب والبائن عن يمين الناقة يُمْسِك العُلْبةَ والمُسْتَعْلي الذي عن شِمالها وهو الحالبُ يَرْفع البائنُ العُلْبةَ إليه قال الكميت يُبَشِّرُ مُسْتعلِياً بائنٌ من الحالبَيْنِ بأَن لا غِرارا قال الجوهري والبائنُ الذي يأْتي الحلوبةَ من قِبَل شمالها والمُعَلِّي الذي يأْتي من قِبل يمينها والبِينُ بالكسر القطعةُ من الأَرض قدر مَدِّ البصر من الطريق وقيل هو ارتفاعٌ في غِلَظٍ وقيل هو الفصل بين الأَرْضَيْن والبِينُ أَيضاً الناحيةُ قال الباهلي المِيلُ قدرُ ما يُدْرِكُ بصره من الأَرضُ وفَصْلٌ بَيْنَ كلّ أَرْضَيْن يقال له بِينٌ قال وهي التُّخومُ والجمعُ بُيونٌ قال ابن مُقْبِل يُخاطِبُ الخيالَ لَمْ تَسْرِ لَيْلى ولم تَطْرُقْ لحاجتِها من أَهلِ رَيْمانَ إلا حاجةً فينا بِسَرْوِ حِمْيَر أَبْوالُ البِغالِ به أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْناً ذلكَ البِينا
( * قوله « بسرو » قال الصاغاني والرواية من سرو حمير لا غير ) ومَن كسَر التاءَ والكافَ ذهَب بالتأْنيث إلى ابنة البكريّ صاحبة الخيال قال والتذكير أَصْوَبُ ويقال سِرْنا ميلاً أَي قدر مدّ البَصَرِ وهو البِينُ وبِينٌ موضعٌ قريب من الحيرة ومُبِينٌ موضع أَيضاً وقيل اسمُ ماءٍ قال حَنْظلةُ بن مصبح يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ على مبينٍ جَرَدِ القَصيمِ التارك المَخاضَ كالأُرومِ وفَحْلَها أَسود كالظَّليمِ جمع بين النون والميم وهذا هو الإكْفاء قال الجوهري وهو جائز للمطْبوع على قُبْحِه يقول يا رِيَّ ناقتي على هذا الماء فأَخرَجَ الكلامَ مُخْرَجَ النداء وهو تعجُّب وبَيْنونةُ موضع قال يا رِيحَ بَيْنونةَ لا تَذْمِينا جئْتِ بأَلوانِ المُصَفَّرِينا
( * قوله « بألوان » في ياقوت بأرواح ) وهُما بَيْنونَتانِ بَيْنونةُ القُصْوَى وبَينونة الدُّنيا وكِلْتاهما في شِقِّ بني سعدٍ بَيْنَ عُمانَ ويَبْرِين التهذيب بَيْنونة موضعٌ بينَ عُمان والبحرَيْن وبيءٌ وعَدَنُ أَبْيَنَ وإِبْيَن موضعٌ وحكى السيرافي عَدَن أَبْيَن وقال أَبْيَن موضع ومثَّل سيبويه بأَبْيَن ولم يُفَسِّرْهُ وقيل عَدَن أَبْيَن اسمُ قريةٍ على سيفِ البحر ناحيةَ اليمن الجوهري أَبْيَنُ اسمُ رجلٍ ينسب إليه عَدَن يقال عَدَنُ أَبْيَنَ والبانُ شجرٌ يَسْمُو ويَطُول في اسْتِواءٍ مثل نَبات الأَثْل وورَقُه أَيضاً هدبٌ كهَدَب الأَثْل وليس لخَشَبه صلابةٌ واحدتُه بانةٌ قال أَبو زياد من العِضاه البانُ وله هَدَبٌ طُوالٌ شديدُ الخُضْرة وينبت في الهِضَبِ وثمرتُه تُشبه قُرونَ اللُّوبياء إلا أَن خُضْرَتَها شديدةٌ ولها حبٌّ ومن ذلك الحبِّ يُسْتَخْرَج دُهْنُ البانِ التهذيب البانةُ شجرةٌ لها ثمرة تُرَبَّبُ بأَفاوِيه الطيِّب ثم يُعْتَصر دُهْنها طِيباً وجمعها البانُ ولاسْتِواءِ نباتِها ونباتِ أَفنانِها وطُولِها ونَعْمَتِها شَبَّه الشُّعَراءُ الجاريةَ الناعمة ذاتَ الشِّطاطِ بها فقيل كأَنها بانةٌ وكأَنها غُصْنُ بانٍ قال قيس بن الخَطيم حَوْراءَ جَيداء يُسْتَضاءُ بها كأَنها خُوطُ بانةٍ قَصِفُ ابن سيده قَضَينا على أَلف البانِ بالياء وإن كانت عيناً لغلبةِ ( ب ي ن ) على ( ب و ن )

تأن
أَنشد ابن الأََعرابي أَغَرَّكَ يا مَوْصولُ منها ثُمالةٌ وبَقْلٌ بأَكنافِ الغُرَيِّ تُؤَانُ قال أَراد تُؤَامُ فأَبدل هذا قوله قال وأَحسن منه أَن يكون وَضْعاً لا بدلاً قال ولم نسمع هذا إلا في هذا البيت وقوله يا موصولُ إِما أَن يكون شَبَّهه بالموصول من الهوامّ وإما أَن يكون اسمَ رجل وحكى ابن بري قال تتَاءَنَ الرجلُ الصيدَ إذا جاءَه من هنا مرّةً ومن هنا مرة أُخرى وهو ضرْبٌ من الخديعة قال أَبو غالب المَعْنِيّ تتَاءَنَ لي بالأَمرِ من كل جانبٍ ليَصْرِفَني عمّا أُرِيدُ كَنود

تبن
التِّبْنُ عَصيفة الزَّرْع من البُرِّ ونحوه معروف واحدته تِبْنة والتَّبْنُ لغة فيه والتَّبْنُ بالفتح مصدر تَبَنَ الدابةَ يَتْبِنُها تَبْناً عَلَفَها التِّبْنَ ورجل تَبّانٌ يَبيع التِّبْنَ وإن جعلتَه فَعْلانَ من التَّبّ لم تصْرِفْه والتِّبْنُ بكسر التاء وسكون الباء أَعظم الأَقْداعْ يكادُ يُرْوي العشرين وقيل هو الغليظ الذي لم يُتَنَوَّق في صَنْعَتِه قال ابن بري وغيره ترتيبُ الأَقداحِ الغُمَر ثم القَعْب يُرْوي الرجل ثم القَدَحُ يُرْوي الرَّجلين ثم العُسُّ يُروي الثلاثةَ والأَربعة ثم الرَّفْد ثم الصَّحْن مقارب التِّبْنِ قال ابن بري وذكر حمزة الأَصفهاني بعد الصَّحْن ثم المعْلَق ثم العُلْبة ثم الجَنْبَة ثم الحَوْأَبةُ قال وهي أَنْكَرُها قال ونسب هذه الفروق إلى الأَصمعي وفي حديث عمرو بن معديكرب أَشْرَبُ التِّبْنَ من اللَّبَن والتَّبَانةُ الطَّبانةُ والفِطْنة والذَّكاءُ وتَبِنَ له تَبَناً وتَبانةً وتَبانِيَةً طَبِنَ وقيل التَّبَانةُ في الشر والطَّبَانةُ في الخير وفي حديث سالم بن عبد الله قال كنا نقول في الحامل المتوفَّى عنها زوجُها إنه يُنْفَقُ عليها من جميع المال حتى تَبَّنْتُم ما تَبَّنْتُم قال عبد الله أُراها خَلَّطْتُم وقال أَبو عبيدة هو من التَّبانة والطَّبانةِ ومعناهما شدَّةُ الفِطْنةِ ودِقَّةُ النظر ومعنى قول سالم تَبَّنْتُمْ أَي أَدْقَقْتُمْ النظر فقُلْتُم إنه يُنْفَقُ عليها من نصيبها وقال الليث طَبِنَ له بالطاء في الشرِّ وتَبِنَ له في الخير فجعَل الطَّبانة في الخَديعةِ والاغْتِيال والتَّبانةَ في الخير قال أَبو منصور هما عند الأَئمة واحدٌ والعرب تُبْدِلُ الطاءَ تاءً لقُرْب مَخرَجِهما قالوا مَتَّ ومَطَّ إذا مَدَّ وطَرَّ وتَرَّ إذا سقط ومثله كثير في الكلام وقال ابن شميل التَّبَنُ إنما هو اللُّؤْمُ والدِّقَّة والطَّبَنُ العِلْمُ بالأُمور والدَّهاءُ والفِطنة قال أَبو منصور وهذا ضدُّ الأَول وروي عن الهوازني أَنه قال اللهم اشْغَلْ عنا أَتبانَ الشعراء قال وهو فِطْنَتهم لما لا يُفطَنُ له الجوهري وتَبِنَ الرجلُ بالكسر يَتْبَنُ تَبَناً بالتحريك أَي صارَ فَطِناً فهو تَبِنٌ أَي فَطِنٌ دقيقُ النظر في الأُمور وقد تَبَّنَ تَتْبيناً إذا أَدَقَّ النظرَ قال أَبو عبيد وفي الحديث أَن الرجلَ لَيَتكلَّم بالكلمةِ يُتَبِّنُ فيها يَهْوِي بها في النار قال أَبو عبيد هو عندي إِغْماضُ الكلام وتَدقيقُه في الجدلِ والخصومات في الدِّين ومنه حديث مُعاذٍ إياكم ومُغَمَّضاتِ
( * قوله « ومغمضات » هكذا ضبط في بعض نسخ النهاية وفي بعض آخر كمؤمنات وعليه القاموس وشرحه ) الأُمور ورجل تَبِنٌ بَطِنٌ دقيقُ النظر في الأُمور فَطِنٌ كالطَّبِن وزعم يعقوب أَن التاء بدل قال ابن بري قال أَبو سعيد السيرافي تَبِنَ الرجلُ انْتفخ بَطْنُه ذكَره عند قول سيبويه وبَطِنَ بَطَناً فهو بَطِنٌ وتَبِنَ تَبَناً فهو تَبِنٌ فقرَنَ تَبِنَ ببَطِنَ قال وقد يجوز أَن يريد سيبويه بتَبِنَ
( * قوله « وقد يجوز أن يريد سيبويه بتبن إلخ » هكذا فيما بأيدينا من النسخ امتَلأَ بطنُه لأَنه ذكره بعده وبَطِنَ بَطَناً وهذا لا يكون إلا الفطنة قال والتَّبِنُ الذي يَعْبَثُ بيدِه في كل شيء وقوله في حديث عمر ابن عبد العزيز إنه كان يَلْبَسُ رداءً مُتَبَّناً بالزَّعْفَرانِ أَي يُشْبه لونه لونَ التَِّبْنِ والتُّبَّان بالضم والتشديد سَراويلُ صغيرٌ مقدارُ شبْر يستر العورة المغلَّظة فقط يكون للملاَّحينَ وفي حديث عمّار أَنه صلى في تُبّانٍ فقال إني مَمْثونٌ أَي يشتكي مَثانَتَه وقيل التُّبّانُ شِبْهُ السَّراويلِ الصغير وفي حديث عمر صلى رجل في تُبّانٍ وقميص تذكَِّره العرب والجمع التَّبابِين وتُبْنَى موضع قال كثيِّر عزة عَفا رابغٌ من أََهلِه فالظَّواهِرُ فأَكنافُ تُبْنَى قد عَفَتْ فالأَصافِرُ

ترن
تُرْنَى المرأَةُ الفاجرة فيمن جعلها فُعْلى وقد قيل إنها تُفْعَل من الرُّنُوّ وهو مذكور في موضعه قال أَبو ذؤَيب فإنَّ ابنَ تُرْنَى إذا جِئْتُكم يُدافِعُ عَنِّيَ قولاً بَرِيحا قوله قولاً بريحا أَي يسمعني بمُشْتَقِّه
( * قوله « بمشتقه » أي بخصامه كذا في بعض النسخ وفي بعض آخر بمشقة منه ) قال ابن بري قال أَبو العباس الأَحْوَل ابن تُرْنَى اللئيمُ وكذا قال في ابن فَرْتَنَى قال ثعلب ابن تُرْنَى وابن فَرْتَنَى أَي ابن أَمة ابن الأَعرابي العرب تقول للأَمةِ تُرْنَى وفَرْتَنَى وتقول لولد البَغيّ ابن تُرْنَى وابن فَرْتَنَى قال صخر الغي فإنَّ ابنَ تُرْنَى إذا جِئتُكم أَراه يُدافِعُ قوْلاً عنيفاً أَي قولاً غير حسَنٍ وقال عمروٌ ذو الكلب تمَنّاني ابنُ تُرْنَى أَن يَراني فغيْري ما يُمَنَّى من الرِّجالِ قال أَبو منصور يحتمل أَن يكون تُرْنَى مأْخوذاً من رُنِيَتْ تُرْنَى إذا أُديمَ النظرُ إليها

تعهن
في الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بِتُعُهِّنَ وهو قائلٌ السُّقْيا قال أَبو موسى هو بضم التاء والعين وتشديد الهاء موضعٌ فيما بين مكة والمدينة قال ومنهم من يَكْسِر التاء قال وأَصحاب الحديث يقولونه بكسر التاء وسكون العين

تفن
ابن الأَعرابي التَّفْنُ الوَسَخُ قال ابن بري تَفَنَ الشيءَ طَرَدَه ومنه الحديث حمَلَ فلانٌ على الكتيبة فجعل يَتْفِنها أَي يَطْرُدها ويروى يَثْفِنُها أَي يَطْرُدها أَيضاً

تقن
التِّقْنُ تُرْنوقُ البئرِ والدِّمَن وهو الطينُ الرقيقُ يُخالطه حَمْأَة يخرُج من البئر وقد تتَقَّنَتْ واستعمله بعضُ الأَوائل في تكَدُّر الدم ومُتكدِّره والتِّقْنةُ رُسابة الماء وخُثارتُه الليث التِّقْنُ رُسابةُ الماء في الرِّبيع وهو الذي يجيءُ به الماءُ من الخُثورةِ والتِِّقْنُ الطِّينُ الذي يذهَب عنه الماء فيتشقَّقُ وتَقَّنُوا أَرْضَهم أَرْسَلوا فيها الماءَ الخاثرَ لتجُودَ والتَّقْنُ بقيَّةُ الماءِ الكدِرِ في الحوض ويقال زَرَعْنا في تِقْنِ أَرضٍ طيِّبة أَو خبيثةٍ في تُرْبَتِها والتِّقْنُ الطبيعةُ والفَصاحةُ من تِقْنِه أَي من سُوسِه وطَبْعِه وأَتْقَنَ الشيءَ أَحْكَمَه وإتْقانُه إِحْكامُه والإتْقانُ الإحكامُ للأَشياء وفي التنزيل العزيز صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كلَّ شيء ورجل تِقْنٌ وتَقِن مُتْقِنٌ للأَشياء حاذِقٌ ورجل تِقْنٌ وهو الحاضرُ المَنْطِق والجواب وتِقْنٌ رجلٌ من عادٍ وابنُ تِقْنٍ رجلٌ وتِقْنٌ اسم رجل كان جيِّدَ الرَّمي يُضْرَب به المثل ولم يكن يَسْقُط له سَهْم وأَنشد فقال لأَكْلةٌ من أَقِطٍ وسَمْنِ وشَرْبتانِ من عَكيِّ الضأْنِ أَلْيَنُ مَسّاً في حَوايا البَطْنِ من يَثرَبيّاتٍ قِذاذٍ خُشْنِ يَرْمي بها أَرْمى من ابن تِقْنِ قال أَبو منصور الأَصل في التِّقْن ابنُ تِقْنٍ هذا ثم قيل لكل حاذق بالأَشياء تِقْنٌ ومنه يقال أَتْقَنَ فلانٌ عمَله إذا أَحْكَمَه وأَنشد شمر لسليمان بن ربيعة بن دَبّاب
( * قوله « ابن دباب » كذا في الأصل والذي في مادة د ب ب من شرح القاموس ودباب بن عبد الله بن عامر بن الحرث بن سعد بن تيم بن مرة من رهط أَبي بكر الصديق وابنه الحويرث بن دباب وآخرون اه وفي نسخة من التهذيب ابن ريان ) بن عامر بن ثعلبة بن السيِّد أَهلكن طَسماً وبَعْدَهمُ غَذِيّ بهم وذا جُدون
( * قوله « أهلكن إلخ » كذا في الأصل والتهذيب وأَهْلُ جاشٍ وأَهلُ مَأْرِب وحيّ لقن والتُّقون واليُسْر كالعسر والغنى كالعدم والحياة كالمنون فجمعه على تُقونٍ لأَنه أَراد تِقْناً ومَن انتسب إليه والتُّقونُ من بَني تِقْن بن عاد منهم عُمر بن تِقْن وكعْب بنِ تِقْن وبه ضُرب المثل فقيل أَرْمى من ابن تِقْن

تكن
الأَزهري وتُكْنَى من أَسماء النساء في قول العجاج خَيال تُكْنَى وخَيال تُكْتما قال أَحسبه من كُنَيتْ تُكْنَى وكُتِمَتْ تُكْتَم

تلن
التَّلُونةُ
( * قوله « التلونة » هي والتلون مضبوطان في التكملة والتهذيب بفتح التاء في جميع المعاني الآتية وضبطا في القاموس بضمها )
والتُّلُنَّةُ الحاجةُ وما فيه تُلُنَّةٌ وتَلونةٌ أَي حَبْسٌ ولا تَرْدادٌ عن ابن الأَعرابي ويقال لنا قِبَلك تَلُنَّةٌ وتُلُنَّةٌ أَيضاً بفتح التاء وضمها وقال أَبو عبيد لنا فيه تَلونةٌ أَي حاجةٌ أَبو حبان التُّلانةُ الحاجةُ وهي التَّلونةُ والتَّلُونُ وأَنشد فقلتُ لها لا تَجْزَعي أَنَّ حاجَتي بِجزْعِ الغَضَا قد كاد يُقْضى تَلونُها قال وقال أَبو رُغَيْبة هي التُّلُنَّةُ ويقال لنا تُلُنَّاتٌ نَقْضِيها أَي حاجاتٌ ويقال متى لم نَقْضِ التُّلُنَّة أَخَذَتْنا اللُّثُنَّة واللُّثُنَّة بتقديم اللام القُنْفُذُ والتَّلُونةُ الإقامةُ وأَنشد فإِنَّكم لسْتمْ بِدارِ تَلُونةٍ ولكنَّما أَنْتم بِهِنْدِ الأَحامِسِ وشَرْحُ هند الأَحامس مذكورٌ في موضعه وهذا البيت أَورده الأَزهري عن ابن الأَعرابي فإِنكم لَسْتُم بدارِ تُلونةٍ ولكِنَّكم أَنتم بدارِ الأَحامِسِ يقال لَقِيَ هِنْدَ الأَحامِسِ إذا مات الفراء لي فيهم تُلُنَّةٌ وتَلُنَّةٌ وتَلُونَةٌ على فَعولةٍ أَي مُكْثٌ ولُبْثٌ ويقال ما هذه الدارُ بدارِ تُلُنَّةٍ وتَلُنَّةٍ أَي إقامةٍ ولُبْثٍ الأَحمر تَلانَ في معنى الآنَ وأَنشد لِجَميل بن معمر فقال نَوِّلي قبْلَ نأْيِ داري جُمانا وصِلِينا كما زَعَمْتِ تَلانا إنَّ خَيْرَ المُواصِلينَ صَفَاءً مَنْ يُوافي خليلَه حَيْثُ كانا وقد ذكره في فصل الهمزة وفي حديث ابن عمر وسؤالِه عن عثمان وفِرارِه يوم أُحُدٍ وغَيْبَتِه عن بَدْرٍ وبَيْعةِ الرضوان وذكْرِ عُذْرِه وقوله اذْهَبْ بهذا تَلانَ معَك يُريد الآن وقد تقدم ذكره

تمن
تَيْمَن اسمُ موضع قال عبدة بن الطبيب سَمَوْتُ له بالرَّكْبِ حتى وجَدْتُه بتَيْمَنَ يَبْكِيه الحمامُ المُغَرِّدُ وترَكَ صرفه لما عنى به البُقْعة وفي حديث سالمٍ سَبَلانَ قال سمعت عائشة رضي الله تعالى عنها وهي بمكان من تَمَنِّ بسفْح هرْشى بفتح التاء والميم وكسر النون المشددة اسم ثنِيّة هَرْشى بين مكة والمدينة

تنن
التِّنُّ بالكسر التِّرْبُ والحَِتْنُ وقيل الشِّبْه وقيل الصاحب والجمع أَتْنان يقال صِبْوةٌ أَتنانٌ ابن الأعرابي هو سِنُّه وتِنُّه وحِتْنُه وهم أَسنان وأَتنان وأَتراب إذا كان سِنُّهم واحداً وهما تِنّان قال ابن السكيت هما مستويان في عَقْلٍ أَو ضَعْف أَو شِدّة أَو مروءَة قال ابن بري جمع تِنٍّ أَتنان وتَنِين عن الفراء وأَنشد فقال فأَصبح مبصراً نهاره وأَقصر ما يعدّ له التَّنِينا
( * قوله « فأصبح » كذا في النسخ ) وفي حديث عمار إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تِنِّي وتِرْبي تِنُّ الرجل مثله في السّنِّ والتَّنُّ والتِّنُّ الصبيّ الذي قصَعَه المرضُ فلا يَشِبّ وقد أَتَنَّه المرضُ أَبو زيد يقال أَتَنَّه المرضُ إذا قصَعَه فلم يَلحقْ بأَتنانِه أَي بأَقرانه فهو لا يَشِبّ قال والتِّنُّ الشخصُ والمِثال وتَنَّ بالمكان أَقام عن ثعلب والتِّنِّينُ ضرْب من الحيّات من أَعظمها كأَكبر ما يكون منها وربما بعث الله عز وجل سحابةً فاحتملته وذلك فيما يقال والله أَعلم أَن دوابّ البحر يشكونه إلى الله تعالى فيرْفَعُه عنها قال أَبو منصور وأَخبرني شيخ من ثِقاتِ الغُزاة أَنه كان نازلاً على سِيف بَحْرِ الشام فنظر هو وجماعة أَهل العَسْكر إلى سحابةٍ انقَسَمت في البحر ثم ارتفعت ونظرنا إلى ذَنَبِ التِّنِّين يَضطرب في هَيْدب السحابةَ وهَبَّت بها الريحُ ونحن نَنظر إليها إلى أَن غابت السحابةُ عن أَبصارِنا وجاء في بعض الأَخبار أَن السحابة تحمل التِّنّين إلى بلاد يَأْجوج ومَأْجوج فتَطرحه فيها وأَنهم يجتمعون على لحمِه فيأْكلونه والتِّنّينُ نجمٌ وهو على التشبيه بالحيّة الليث التِّنّين نجمٌ من نجوم السماء وقيل ليس بكوكب ولكنه بياضٌ خفيٌّ يكون جسَده في ستة بروج من السماء وذنَبهُ دقيق أَسود فيه التِواء يكون في البرج السابع من رأْسه وهو يَنتقل كتَنقُّل الكواكب الجواري واسمه بالفارسية في حساب النجوم هُشْتُنْبُر
( * قوله « هشتنبر » كذا ضبط في القاموس وضبط في التكملة بفتح الهاء والتاء والباء )
وهو من النُّحوس قال ابن بري وتُسمِّيه الفُرس الجوزهر وقال هو مما يُعدُّ من النحوس قال محمد بن المكرم الذي عليه المُنجِّمون في هذا أَن الجوزهر الذي هو رأْس التِّنِّين يُعدُّ مع السُّعود والذنَب يُعد مع النحوس الجوهري والتِّنّين موضع في السماء ابن الأَعرابي تَنْتَن الرجلُ إذا ترك أَصدقاءه وصاحب غيرهم أَبو الهيثم فيما قرئ بخطه سَيْفٌكَهامٌ ودَدانٌ ومتنن
( * قوله « ومتنن » لم نقف على ضبطه ) أَي كِليلٌ وسيف كَهِيم مثله وكلُّ متنن مذموم

تهن
الأَزهري أَهمله الليث وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي تَهِنَ يَتْهَنُ تَهَناً فهو تَهِنٌ إذا نام وفي حديث بلال حين أَذَّنَ قبل الوقت أَلا إن العبدَ تَهِنَ أَي نامَ وقيل النون بدل فيه من الميم يقال تَهِمَ يَهْتَمُ إذا نام المعنى أَنه أَشكَل عليه وقتُ الأَذان وتحَيَّر فيه فكأَنه قد نام

تون
التهذيب أَبو عمرو التَّتاوُن احْتيال وخديعة والرجل يَتتاوَنُ الصيدَ إذا جاءه مرة عن يمينه ومرة عن شماله وأَنشد تَتاوَن لي في الأَمر من كلِّ جانبٍ لِيَصْرِفَني عمّا أُريدُ كَنُود وقال ابن الأَعرابي التُّونُ
( * قوله « التون الخزفة » كذا بالأصل والتكملة والتهذيب والذي في القاموس الخرقة ) الخَزَفة التي يُلعب عليها بالكُجّة قال الأَزهري ولم أَرَ هذا الحرف لغيره قال وأَنا واقفٌ فيه إنه بالنون أَو بالزاي

تين
التِّينُ الذي يُؤكل وفي المحكم والتينُ شجر البَلَس وقيل هو البَلَس نفْسُه واحدته تِينة قال أَبو حنيفة أَجناسُه كثيرة بَرِّيّة وريفيّة وسُهْليّة وجبَلِيّة وهو كثير بأَرض العرب قال وأَخبرني رجل من أَعراب السَّراة وهم أَهلُ تينٍ قال التِّينُ بالسراة كثيرٌ جدّاً مُباح قال وتأْكله رَطباً وتُزَبِّبه فتَدَّخِرُه وقد يُكسَّر على التِّين والتينةُ الدُّبُرُ والتين جبَل بالشأْم وقال أَبو حنيفة هو جبل في بلاد غَطَفان وليس قول من قال هو جبل بالشأْم بشيء لأَنه ليس بالشأْم جبل يقال له التِّين ثم قال وأَين الشأْم من بلاد غَطَفان قال النابغة يصف سَحائب لا ماءَ فيها فقال صُهْب الشمال أَتَينَ التِّينَ عن عُرُضٍ يُزْجِينَ غَيْماً قليلاً ماؤُه شَبِما وإيّاه عَنى الحَذْلِميُّ بقوله تَرْعى إلى جُدٍّ لها مَكِين أَكْنافَ خَوٍّ فبِراقِ التِّين والتِّينةُ مُوَيهة في أَصل هذا الجبل هكذا حكاه أَبو حنيفة مُوَيهة كأَنه تصغيرُ الماء وقوله عز وجل والتين والزيتون قيل التين دِمَشق والزَّيتونُ بيتُ المَقْدس وقيل التين والزيتون جَبَلان وقيل جَبَلان بالشأْم وقيل مَسجِدان بالشام وقيل التين والزيتون هو الذي نَعرفه قال ابن عباس هو تِينُكم هذا وزَيتونكم قال الفراء وسمعت رجلاً من أَهل الشأْم وكان صاحبَ تفسير قال التين جبالُ ما بين حُلوان إلى هَمَذان والزيتونُ جبال الشأْم وطُورُ تَيْنا وتَيْناء وتِيناء كَسِيناء والتِّينانُ الذئبُ قال الأَخطل يَعْتَفْنَه عند تِينانٍ يُدَمِّنُه بادي العُواءِ ضَئيل الشَّخْصِ مُكتَسِب وقيل جاء الأَخطل بحرْفَيْن لم يجئْ بهما غيرُه وهما التِّينانُ الذئبُ والعَيْثومُ أُنْثى الفِيَلةِ وفي حديث ابن مسعود تانِ كالمرّتانِ قال أَبو موسى هكذا ورد في الرواية وهو خطأٌ والمراد به خَصْلَتانِ مَرَّتانِ والصواب أَن يقال تانِكَ المرَّتانِ وتَصِل الكافَ بالنون وهي للخطاب أَي تانِك الخَصْلَتانِ اللَّتانِ أَذْكُرُهما لكَ ومَنْ قَرَنَها بالمرَّتيْن احتاج أَن يَجُرَّهما ويقول كالمرَّتَيْن ومعناه هاتانِ الخَصْلَتان كخَصْلَتَيْن مَرَّتَيْن والكافُ فيها للتشبيه

ثأن
التهذيب التثاؤُن الاحْتيال والخَديعةُ يقال تَثاءَنَ للصيد إذا خادَعَه جاءه مرَّة عن يمينِه ومرة عن شمالِه ويقال تَثاءنْت له لأَصْرِفَه عن رأْيِه أَي خادَعْتُه واحْتَلْتُ له وأَنشد تَثَاءَنَ لي في الأَمْرِ من كلِّ جانِبٍ لِيَصْرِفَني عما أُريدُ كَنُودُ

ثبن
الثُّبْنة والثِّبانُ الموضعُ الذي تَحْمِلُ فيه من الثوب إذا تلَحَّفْتَ بالثوب أَو توَشَّحْتَ به ثم ثنَيْتَ بين يديك بعضَه فجعلتَ فيه شيئاً وقد اثْتَبَنْتُ في ثوبي وثَبَنْتُ أَثْبِنُ ثَبْناً وثِباناً وتَثَبَّنْتُ إذا جَعَلْتَ في الوعاء شيئاً وحملتُه بين يديك وثَبَنْتُ الثوبَ أَثِبْنُه ثَبْناً وثِباناً إذا ثَنَيْتَ طرَفَه وخِطْتَه مثل خَبَنْته قال والثِّبانُ بالكسر وعاءٌ نحو أَن تَعْطِفَ ذَيْلَ قَميصِك فتجعلَ فيه شيئاً تحمله تقول منه تَثَبَّنْت الشيءَ إذا جعلتَه فيه وحملتَه بين يديك وكذلك إذا لَفَفْتَ عليه حُجْزةَ سَراويلِك من قُدَّام والاسم منه الثُّبْنةُ وقال ابن الأََعرابي واحدُ الثُّبانِ
( * قوله « واحد الثبان إلخ » عبارة شرح القاموس الثبان بالضم جمع ثبنة إلخ )
ثُبْنةٌ وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه قال إذا مَرَّ أَحدكم بحائطٍ فلْيأْكُلْ منه ولا يَتخِذْ ثِباناً قال أَبو عمرو الثِّبانُ الوِعاءُ الذي يُحْمَل فيه الشيءُ ويوضعُ بين يدَي الإنسان فإن حملتَه بين يديك فهو ثِبانٌ وقد ثَبَنْتُ ثِباناً وإن جعلتَه في حِضْنِك فهو خُبْنةٌ يعني بالحديث المضْطرَّ الجائعَ يَمُرُّ بحائطٍ فيأْكل من ثمَرِ نَخْلِه ما يَرُدُّ جَوْعَته وقال ابن الأَعرابي وأَبو زيد الثُّبانُ واحدتها ثُبْنةٌ وهي الحُجْزة تُحْمَل فيها الفاكهةُ وغيرها قال الفرزدق ولا نَثَرَ الجاني ثِباناً أَمامَها ولا انْتَقَلَتْ من رَهْنِه سَيْل مِذْنَب قال أَبو سعيد ليس الثِّبانُ بالوِعاء ولكن ما جُعل فيه من التمر فاحتُمل في وعاء أَو غيره فهو ثِبانٌ وقد يَحْمِل الرجلُ في كُمِّه فيكون ثِبانَه ويقال قَدِمَ فلانٌ بِثبانٍ في ثوبه قال الأَزهري ولا أَدري ما هو الثَِّبانُ قال وَثَبَنَه في ثوبه قال ولا تكون ثُبْنةٌ إلا ما حَمَل قُدَّامَه وكان قليلاً فإذا كثُر فقد خرج من حدّ الثِّبانِ والثِّبانُ طرَفُ الرداءِ حين تَثْبِنُه والمَثْبَنةُ كِيسٌ تَضَعُ فيه المرأَة مِرْآتَها وأَداتَها يمانية وثَبِنةُ موضعٌ

ثتن
التهذيب ثَتِنَ ثَتَناً إذا أَنْتَنَ مثل ثَنِتَ قال الشاعر وثَتِنٌ لَثاتُه تِئْبابةٌ تثْبايةٌ أَي يأْبى كلَّ شيء ويقال ثَتِنَتْ لِثَتُه قال الراجز لَمَّا رأَتْ أَنْيابَه مُثَلَّمَهْ ولِثةً قد ثَتِنَتْ مُشَخَّمهْ

ثجن
الثَّجْنُ والثَّجَنُ طريقٌ في غلظ من الأَرض يمانية وليست بثَبْتٍ

ثخن
ثَخُنَ الشيءُ ثُخونةً وثَخانةً وثِخَناً فهو ثَخِينٌ كثُفَ وغُلظ وصلُبَ وحكى اللحياني عن الأَحمر ثَخُنَ وثَخَنَ وثوب ثخينٌ جيّدُ النَّسْج والسَّدى كثيرُ اللُّحْمةِ ورجل ثَخينٌ حَليمٌ رَزِينٌ ثَقيلٌ في مجلسه ورجل ثَخينُ السِّلاحِ أَي شاكٍ والثَّخَنةُ والثَّخَنُ الثِّقْلةُ قال العجاج حتى يَعِجَّ ثَخَناً مَنْ عَجْعَجاً وقد أَثْخَنَه وأَثْقَله وفي التنزيل العزيز حتى إذا أَثْخَنْتُموهم فشُدُّوا الوَثاق قال أَبو العباس معناه غلَبْتُموهم وكثُر فيهم الجِراحُ فأَعْطَوْا بأَيديهم ابن الأَعرابي أَثخَنَ إذا غلَبَ وقهَرَ أَبو زيد يقال أَثْخَنْتُ فلاناً معرفةً ورَصَّنْتُه معرفةً نحوُ الإثْخان واسْتَثْخَنَ الرجلُ ثقُلَ من نَومٍ أَو إعْياءٍ وأَثْخَنَ في العَدُوِّ بالَغَ وأَثْخَنَتْه الجِراحةُ أَوْهَنَتْه ويقال أَثْخَنَ فلانٌ في الأرض قَتْلاً إذا أَكثره وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى حتى يُثْخِنَ في الأَرض معناه حتى يُبالِغَ في قَتْلِ أَعدائه ويجوز أَن يكون حتى يتمكن في الأَرض والإثْخانُ في كلّ شيء قُوَّتُه وشدَّتُه وفي حديث عمر رضي الله عنه في قوله تعالى حتى يُثْخِنَ في الأَرض ثم أَحَلَّ لهم الغنائمَ قال الإثْخانُ في الشيء المبالغةُ فيه والإكثارُ منه يقال قد أَثْخَنَه المرضُ إذا اشتدَّ قُوَّتُه عليه ووَهَنَه والمراد به ههنا المبالغةُ في قَتْل الكفار وأَثْخَنَه الهَمُّ ويقال اسْتُثْخِنَ من المرض والإعْياءِ إذا غلَبَه الإعْياءُ والمرضُ وكذلك اسْتُثْخن في النَّوْم وفي حديث أَبي جهل وكان قد أُثْخِنَ أَي أُثْقِلَ بالجراح وفي حديث عليّ كرّم الله وجهه أَوْطأَكم إِثخانُ الجِراحةِ وفي حديث عائشة وزينب لم أَنْشَبْها حتى أَثْخَنْتُ عليها أَي بالَغْتُ في جَوابِها وأَفْحَمْتها وقولُ الأَعشى عليه سِلاحُ امْرِئٍ حازِمٍ تَمهَّلَ في الحربِ حتى اثَّخَنْ أَصله اثْتَخَنَ فأَدْغم قال ابن بري اثَّخَنَ في البيت افْتَعَلَ من الثَّخانة أَي بالَغ في أَخذ العُدَّة وليس هو من الإثْخانِ في القَتْل

ثدن
ثَدِنَ اللحمُ بالكسر تغيَّرت رائحتُه والثَّدِنُ الرجلُ الكثير اللحم وكذلك المُثَدَّن بالتشديد قال ابن الزبير يفضِّل محمد بن مَرْوان على عبد العزيز لا تَجْعَلَنَّ مُثَدَّناً ذا سُرَّةٍ ضَخْماً سُرادقُه وطيءَ المَركب كأَغَرَّ يَتَّخِذ السُّيوفَ سُرادِقاً يَمْشي برائشِه كمَشْيِ الأَنْكَبِ وثَدِنَ الرجلُ ثَدَناً كثُر لحمُه وثقُل ورجل مُثَدَّنٌ كثير اللحم مُسترْخٍ قال فازتْ حَليلةُ نَوْدلٍ بِهَبَنْقَعٍ رِخْو العِظام مُثَدَّنٍ عَبْلِ الشَّوَى وقد ثُدِّنَ تَثْديناً وامرأَة مُثَدَّنة لَحيمة في سماجةٍ وقيل مسمَّنة وبه فسر ابن الأَعرابي قول الشاعر لا أُحِبُّ المُثَدَّناتِ اللَّواتي في المَصانيعِ لا يَنِينَ اطِّلاعا قال ابن سيده وقال كراع إن الثاء في مُثَدَّنٍ بدل من الفاء من مُفَدَّن مشتق من الفَدَن وهو القَصْر قال وهذا ضعيف لأَنا لم نسمع مُفَدَّناً وقال قال ابن جني هو من الثُّنْدُوةِ مقلوبٌ منه قال وهذا ليس بشيء وامرأَةٌ ثَدِنة ناقصةُ الخَلْق عنه وفي حديث علي رضي الله عنه أَنه ذكر الخوارج فقال فيهم رجل مُثدَّن اليَدِ أَي تُشْبه يدُه ثَدْيَ المرأَة كأَنه كان في الأَصل مُثَنَّد اليد فقُلب وفي التهذيب والنهاية مَثْدُونُ اليد أَي صغيرُ اليد مجتمعها وقال أَبو عبيد إن كان كما قيل إنه من الثُّنْدُوة تشبيهاً له به في القِصَر والاجتماع فالقياس أَن يقال مُثَنَّد إلا أَن يكون مقلوباً وفي رواية مُثْدَن اليد قال ابن بري مُثْدَن اسم المفعول من أَثدَنْتُ الشيء إذا قصَّرْته والمُثْدَن والمَثْدُون الناقصُ الخَلْق وقيل مُثْدَن اليد معناه مُخْدَج اليد ويروى مُوتَن اليد بالتاء من أَيْتَنَت المرأَة إذا وَلدَت يَتْناً وهو أَن تخرُج رِجلا الولد في الأَول وقيل المُثْدَن مقلوب ثند يريد أَنه يُشْبه ثُندوة الثَّدْي وهي رأْسه فقدم الدال على النون مثل جذب وجبذ والله أَعلم

ثرن
التهذيب ابن الأََعرابي ثَرِنَ الرجلُ إذا آذى صَديقَه أَو جارَه

ثفن
الثَّفِنةُ من البعير والناقة الرُّكْبة وما مَسَّ الأَرضَ من كِرْكِرتِه وسَعْداناتِه وأُصول أَفخاذه وفي الصحاح هو ما يقع على الأَرض من أَعضائه إذا استناخ وغلُظ كالرُّكْبَتين وغيرهما وقيل هو كل ما وَلِيَ الأَرض من كل ذي أَربعٍ إذا بَرَك أَو رَبَض والجمع ثَفِنٌ وثَفِناتٌ والكِرْكِرةُ إحدى الثَّفِنات وهي خَمْسٌ بها قال العجاج خَوَى على مُسْتَوياتٍ خَمْسِ كِرْكِرةٍ وثَفِناتٍ مُلْسِ قال ذو الرمة فجعل الكِرْكِرة من الثَّفِنات كأَنَّ مُخَوَّاها على ثَفِناتِها مُعَرَّسُ خَمْسٍ من قَطاً مُتجاوِر وقَعْنَ اثنتَينِ واثنتَينِ وفَرْدةً جرائداً هي الوسطى لتغليس حائر
( * قوله « جرائداً إلخ » ) كذا بالأصل قال الشاعر يصف ناقة ذات انْتِباذٍ عن الحادي إذا بَرَكَت خَوَّتْ على ثَفِناتٍ مُحْزَئِلاّت وقال عمر بن أَبي ربيعة يصف أَربعَ رَواحِلَ وبُروكَها على قلَوصَينِ مِن رِكابِهم وعَنْتَرِيسَين فيهما شَجَعُ كأَنَّما غادَرَتْ كَلاكِلُها والثَّفِناتُ الخِفافُ إذ وَقَعُوا مَوْقِعَ عشرينَ من قَطاً زُمَرٍ وَقعْنَ خمساً خمسا معاً شِبَعُ قال ابن السكيت الثَّفينةُ مَوْصِل الفخذ في الساق من باطِنٍ ومَوْصل الوَظيف في الذراع فشبَّه آبارَ كراكِرها وثَفِناتها بمَجاثِم القَطا وإنما أَراد خِفَّةَ بُروكِهن وثَفَنَتْه الناقةُ تَثْفِنُه بالكسر ثَفْناً ضربَتْه بثَفِناتها قال وليس الثَّفِناتُ مما يخُصُّ البعير دون غيره من الحيوان وإنما الثَّفِناتُ من كل ذي أَربع ما يُصيب الأَرضَ منه إذا بَرك ويحصل فيه غِلظٌ من أَثر البُروك فالرُّكبتان من الثَّفِنات وكذلك المِرْفَقان وكِركرة البعير أيضاً وإنما سميت ثفِنات لأَنها تَغْلُظُ في الأَغلب من مباشرة الأَرض وقتَ البُروك ومنه ثَفِنتْ يدُه إذا غَلُظت من العمل وفي حديث أنَس أَنه كان عند ثَفِنة ناقةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ حَجَّة الوداع وفي حديث ابن عباس في ذكر الخوارج وأَيديهم كأَنها ثَفِنُ الإِبل هو جمع ثَفِنة والثَّفِنةُ من الإبل التي تَضْرِب بثَفِناتها عند الحلب وهي أَيسر أَمراً من الضَّجُور والثَّفِنةُ رُكْبةُ الإنسان وقيل لعبد الله بن وهب الراسبي رئيس الخوارج ذو الثَّفِنات لكثرة صلاتِه ولأَنَّ طولَ السجود كان أَثَّرَ في ثَفِناته وفي حديث أَبي الدرداء رضي الله عنه رأَى رجُلاً بين عينَيْه مثْل ثَفِنة البعير فقال لو لم تكن هذه كان خيراً يعني كان على جَبْهته أَثر السجود وإنما كرِهها خوفاً من الرياء بها وقيل الثَّفِنةُ مُجْتَمع الساق والفخذ وقيل الثَّفِناتُ من الإبل ما تقدم ومن الخيل مَوْصِل الفخذ في الساقين من باطنِها وقول أُميَّة بن أَبي عائذ فذلك يومٌ لَنْ تُرى أُمُّ نافِعٍ على مُثْفَنٍ من وُلْدِ صَعْدة قَنْدَل قال يجوز أَن يكون أَراد بمُثْفَن عظيمَ الثَّفِنات أَو الشديدَها يعني حماراً فاستَعار له الثَّفِنات وإنما هي للبعير وثَفِنَتا الجُلَّة حافَتا أَسفلِها من التمر عن أَبي حنيفة وثُفْنُ المَزادة جوانبُها المخروزة وثَفَنَه ثَفْناً دفعَه وضربَه وثَفِنَت يدُه بالكسر تَثْفَنُ ثَفَناً غَلُظت من العمل وأَثْفَنَ العملُ يدَه والثَّفِنةُ العددُ والجماعةُ من الناس قال ابن الأَعرابي في حديث له إن في الحِرْمازِ اليومَ الثَّفِنةَ أُثْفِيَة من أَثافي الناس صُلْبة ابن الأَعرابي الثفن الثقل وقال غيره الثَّفْنُ الدَّفْعُ وقد ثَفَنَه ثَفْناً إذا دفعه وفي حديث بعضهم فحمَل على الكَتيبةِ فجعل يَثْفِنُها أَي يَطْردُها قال الهروي ويجوز أَن يكون يَفُنُّها والفَنُّ الطَّرْدُ وثافَنْتُ الرجلَ مُثافنةً أَي صاحَبْتُه لا يخفى عليّ شيءٌ من أَمره وذلك أَن تَصْحَبه حتى تَعْلَمَ أَمرَه وثَفَنَ الشيءَ يَثْفِنُه ثَفْناً لَزِمَه ورجل مِثْفَنٌ لِخَصْمِه مُلازِمٌ له قال رؤبة في معناه أَلَيْسَ مَلْوِيّ المَلاوَى مِثْفَن وثافَنَ الرجلَ إذا باطَنَه ولَزِمَه حتى يَعْرِفَ دَخْلَته والمُثافِنُ المواظِب ويقال ثافَنْتُ فلاناً إذا حابَبْتَه تُحادِثُه وتُلازِمُه وتُكَلِّمُه قال أَبو عبيد المُثافِنُ والمُثابِر والمُواظِب واحدٌ وثافَنْت فلاناً جالسْته ويقال اشْتِقاقُه من الأَوَّل كأَنك أَلْصَقْتَ ثَفِنَةَ رُكْبَتِك بثَفِنةِ ركْبَتِهِ ويقال أَيضاً ثافَنْتُ الرجلَ على الشيء إذا أَعَنْتَه عليه وجاء يَثْفُِنُ أََي يَطْرُد شيئاً من خَلْفِه قد كاد يَلْحقُه ومَرَّ يَثْفِنُهم ويَثْفُنُهم ثَفْناً أَي يَتْبَعُهم

ثكن
الثُّكْنةُ الجماعةُ من الناس والبهائم وخص بعضهم به الجماعة من الطير قال الثُّكْنةُ السِّرْبُ من الحَمام وغيره قال الأَعشى يصف صَقراً يُسافِعُ وَرْقاءَ غَوْرِيَّةً لِيُدْرِكَها في حَمامٍ ثُكَنْ أَي في حَمام مجتمعة والثُّكْنةُ القِلادةُ والثُّكْنةُ الإرةُ وهي بئرُ النارِ والثُّكْنةُ القبْرُ والثُّكْنةُ المحجّةُ وثُكْنةُ الذئبِ أَيضاً جمعُها ثُكَنٌ قال أُمية بن أَبي عائذ عاقِدينَ النارَ في ثُكَنِ الأَذْ نابِ منها كَيْ تَهيجَ البُحورَا وثُكْنُ الطريقِ سَنَنُه ومحجَّتُه ويقال خَلِّ عن ثُكْنِ الطريق أَي عن سُجْحِه وثُكَنُ الجُنْدِ مَراكِزُهم واحدتها ثُكْنة فارسية والثُّكْنةُ الرايةُ والعلامةُ وجمعها ثُكَنٌ وفي الحديث يُحْشَرُ الناسُ يومَ القيامةِ على ثُكَنِهم فسّره ابن الأَعرابي فقال على راياتهم ومُجْتَمَعهم على لِواء صاحبِهم حكاه الهروي في الغَريبين وقيل على راياتهم في الخير والشر وقيل على ما ماتوا عليه من الخير والشر وقيل على ما ماتوا عليه فأُدْخِلوا قبورَهم من الخير والشر الليث الثُّكَنُ مَراكِزُ الأَجْنادِ على راياتهم ومجتمعُهم على لواء صاحبهم وعَلَمِهِم وإن لم يكن هناك عَلَمٌ ولا لِواء وواحدتُها ثُكْنةٌ وفي حديث عليّ كرّم الله وجهه يَدْخل البيتَ المعمورَ كلَّ يوم سبعون أَلفَ ملك على ثُكَنِهم أَي بالرايات والعلامات وقال طرفة وهانئاً هانئاً في الحيّ مُومِسةً ناطَتِ سِخاباً وناطت فوقَه ثكَناً ويقال للعُهون التي تُعَلَّق في أَعناق الإبل ثُكَن والثُّكْنة حفرة على قدر ما يُواريه والأُثْكُونُ للعِذق بشاريخه لغة في الأُثْكول قال وعسى أَن يكون بدلاً وثَكَنٌ جبل معروف وقيل جبل حجازي بفتح الثاء والكاف قال عبد المسيح ابن أُخت سَطيح في معناه تَلُفُّه في الريح بَوْغاءٌ الدِّمَنْ كأَنَّما حُثْحِتَ من حِضْنَي ثَكَنْ

ثمن
الثُّمُن والثُّمْن من الأَجزاء معروف يطِّرد ذلك عند بعضهم في هذه الكسور وهي الأَثمان أَبو عبيد الثُّمُنُ والثَّمينُ واحدٌ وهو جزء من الثمانية وأَنشد أَبو الجراح ليزيد بن الطَّثَرِيَّة فقال وأَلْقَيْتُ سَهْمِي وَسْطَهم حين أَوْخَشُوا فما صارَ لي في القَسْمِ إلا ثَمينُها أَوْخَشُوا رَدُّوا سِهامَهم في الرَّبابةِ مرة بعد مرة وثَمَنَهم يَثْمُنُهم بالضم ثَمْناً أَخذ ثمْنَ أَموالهم والثَّمانيةُ من العدد معروف أَيضاً قال ثَمانٍ عن لفظ يَمانٍ وليس بنَسبٍ وقد جاء في الشعر غير مصروف حكاه سيبويه عن أَبي الخطاب وأَنشد لابن مَيَّادة يَخْدُو ثمانيَ مُولَعاً بِلِقاحها حتى هَمَمْنَ بزَيْغةِ الإرْتاج قال ابن سيده ولم يَصْرِفْ ثَمانيَ لشبَهِها بجَوارِيَ لَفْظاً لا معنى أَلا ترى أَن أَبا عثمان قال في قول الراجز ولاعبِ بالعشيّ بينَها كفِعْل الهِرّ يَحْتَرِشُ العَظايا فأَبْعَدَه الإله ولا يُؤتَّى ولا يُشْفَى من المَرضِ الشَّفايا
( * قوله « ولاعب إلخ » البيتين هكذا في الأصل الذي بأيدينا والأول ناقص )
إنه شبَّه أَلفَ النَّصْبِ في العظَايا والشِّفايا بهاء التأْنيث في نحو عَظاية وصَلاية يريد أَنه صحَّح الياء وإن كانت طَرَفاً لأَنه شبَّه الأَلف التي تحدُث عن فتحة النصب بهاء التأْنيث في نحو عَظاية وعَباية فكما أَنَّ الهاء فيها صحَّحت الياءَ قبلها فكذلك أَلفُ النصب الذي في العَظايا والشِّفايا صحَّحت الياء قبلها قال هذا قول ابن جني قال وقال أَبو عليّ الفارسي أَلفُ ثَمانٍ للنسَبِ قال ابن جني فقلت له فلِمَ زَعَمْتَ أَن أَلِفَ ثَمانٍ للنسب ؟ فقال لأَنها ليست بجمع مكسر كصحارٍ قلت له نعم ولو لم تكن للنسب للزمتها الهاءُ البتَّة نحو عَتاهية وكراهِية وسَباهية فقال نعم هو كذلك وحكى ثعلب ثمانٌ في حدّ الرفع قال لها ثَنايا أَرْبَعٌ حِسانُ وأَرْبَعٌ فثَغْرُها ثَمانُ وقد أَنكروا ذلك وقالوا هذا خطأ الجوهري ثمانيةُ رجالٍ وثماني نِسْوة وهو في الأَصل منسوب إلى الثُّمُن لأَنه الجزء الذي صيَّر السبعةَ ثمانيةً فهو ثُمُنها ثم فتحوا أَوله لأَنهم يغيِّرون في النسب كما قالوا دُهْريٌّ وسُهْليٌّ وحذفوا منه إحدى ياءَي النسب وعَوَّضوا منها الأَلِفَ كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن فثَبَتتْ ياؤُه عند الإضافة كما ثبتت ياءُ القاضي فتقول ثماني نِسْوةٍ وثماني مائة كما تقول قاضي عبد الله وتسقُط مع التنوين عند الرفع والجر وتثبُت عند النصب لأَنه ليس بجمع فيَجري مَجْرى جَوارٍ وسَوارٍ في ترك الصرف وما جاء في الشعر غيرَ مصروفٍ فهو على توهّم أَنه جمع قال ابن بري يعني بذلك قولَ ابن مَيّادة يَحْدو ثمانِيَ مُولَعاً بلِقاحِها قال وقولهم الثوبُ سَبْعٌ في ثمانٍ كان حقُّه أَن يقال ثمانية لأَن الطُّول يُذْرَع بالذراع وهي مؤنثة والعَرْضُ يُشْبَر بالشِّبر وهو مذكَّر وإنما أَنثه لمَّا لم يأْت بذكر الأَشبار وهذا كقولهم صُمْنا من الشهر خَمْساً وإنما يريد بالصَّوْم الأَيام دون الليالي ولو ذكَر الأَيام لم يَجِدْ بُدّاً من التذكير وإن صغَّرت الثمانيةَ فأَنت بالخيار إن شئت حذَفْت الأَلِف وهو أَحسَن فقلت ثُمَيْنِية وإن شئت حذفت الياء فقلت ثُمَيِّنة قُلِبت الأَلف ياء وأُدغمت فيها ياء التصغير ولك أَن تعوّض فيهما وثَمَنَهم يَثْمِنُهم بالكسر ثَمْناً كان لهم ثامِناً التهذيب هُنَّ ثمانِيَ عَشْرة امرأَة ومررت بثمانيَ عشرة امرأَة قال أَبو منصور وقول الأَعشى ولقد شَرِبْتُ ثَمانياً وثمانيا وثمانِ عَشْرةَ واثنَتَين وأَرْبَعا قال ووجْه الكلام بثمانِ عشْرة بكسر النون لتدل الكسرةُ على الياء وتَرْكِ فتحة الياء على لغة من يقول رأَيت القاضي كما قال الشاعر كأَنَّ أَيديهنّ بالقاع القَرِق وقال الجوهري إنما حذف الياء في قوله وثمانِ عشْرة على لغة من يقول طِوالُ الأَيْدِ كما قال مُضرِّس بن رِبْعيٍّ الأَسَديّ فَطِرْتُ بِمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ دَوامِي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السِّريحا قال شمر ثَمَّنْت الشيء إذا جمعته فهو مُثَمَّن وكساء ذو ثمانٍ عُمِل من ثمانِ جِزّات قال الشاعر في معناه سَيَكْفيكِ المُرَحَّلَ ذو ثَمانٍ خَصيفٌ تُبْرِمِين له جُفالا وأَثَمَنَ القومُ صاروا ثمانية وشيء مُثَمَّنٌ جعل له ثمانية أَركان والمُثَمَّن من العَروض ما بُنِيَ على ثمانية أَجزاء والثِّمْنُ الليلة الثامنة من أَظماء الإبل وأَثمَنَ الرجلُ إذا ورَدت إبلُه ثِمْناً وهو ظِمءٌ من أَظمائها والثمانونَ من العدد معروفٌ وهو من الأَسماء التي قد يوصف بها أَنشد سيبويه قول الأَعشى لئن كنتُ في جُبٍّ ثمانينَ قامةً ورُقِّيت أَسْبابَ السماءِ بسُلَّم وصف بالثمانين وإن كان اسماً لأَنه في معنى طويل الجوهري وقولهم هو أَحمقُ من صاحب ضأْنٍ ثمانين وذلك أَن أَعرابيّاً بَشَّرَ كِسْرى ببُشْرى سُرَّ بها فقال اسْأَلني ما شئتَ فقال أَسأَلُك ضأْناً ثمانين قال ابن بري الذي رواه أَبو عبيدة أَحمقُ من طالب شأْن ثمانين وفسره بما ذكره الجوهري قال والذي رواه ابن حبيب أَحمقُ من راعي ضأْنٍ ثمانين وفسره بأَنَّ الضأْنَ تَنْفِرُ من كل شيء فيَحتاج كلَّ وقت إلى جمعها قال وخالف الجاحظُ الروايتين قال وإنما هو أَشْقى من راعي ضأْن ثمانين وذكر في تفسيره لأَن الإبل تتَعشَّى وتربِضُ حَجْرةً تجْتَرُّ وأَن الضأْن يحتاج راعيها إلى حِفْظها ومنعها من الانتشار ومن السِّباع الطالبة لها لأَنها لا تَبرُك كبُروكِ الإبل فيستريح راعيها ولهذا يتحكَّمُ صاحب الإبل على راعيها ما لا يتحكَّم صاحبُ الضأْن على راعيها لأَن شَرْطَ صاحب الإبل على الراعي أَن عليك أَن تَلوطَ حَوْضَها وترُدَّ نادَّها ثم يَدُك مبسوطةٌ في الرِّسْل ما لم تَنْهَكْ حَلَباً أَو تَضُرَّ بنَسْلٍ فيقول قد الْتزَمْتُ شرْطك على أَن لا تذكر أُمّي بخير ولا شرٍّ ولك حَذْفي بالعصا عند غضَبِك أَصَبْت أَم أَخْطَأْت ولي مَقعدي من النار وموضع يَدِي من الحارّ والقارّ وأَما ابن خالويه فقال في قولهم أَحمقُ من طالب ضأْنٍ ثمانين إنه رجل قضى للنبي صلى الله عليه وسلم حاجَته فقال ائتِني المدينةَ فجاءه فقال أَيُّما أَحبُّ إليك ثمانون من الضأْنِ أَم أَسأَل الله أَن يجعلك معي في الجنة ؟ فقال بل ثمانون من الضأْن فقال أَعطوه إياها ثم قال إن صاحبةَ موسى كانت أَعقلَ منك وذلك أَن عجوزاً دلَّتْه على عظام يوسف عليه السلام فقال لها موسى عليه السلام أَيُّما أَحبُّ إليكِ أَن أَسأَل الله أَن تكوني معي في الجنة أَم مائةٌ من الغنم ؟ فقالت بل الجنة والثَّماني موضعٌ به هضَبات قال ابن سيده أُراها ثمانيةً قال رؤبة أَو أَخْدَرِيّاً بالثماني سُوقُها وثَمينةُ موضع قال ساعدة بن جُؤيّة بأَصْدَقَ بأْساً من خليلِ ثَمينةٍ وأَمْضَى إذا ما أَفْلَط القائمَ اليدُ والثَّمَنُ ما تستحقّ به الشيءَ والثَّمَنُ ثمنُ البيعِ وثمَنُ كلّ شيء قيمتُه وشيء ثَمينٌ أَي مرتفعُ الثَّمَن قال الفراء في قوله عز وجل ولا تَشْتَروا بآياتي ثَمَناً قليلاً قال كل ما كان في القرآن من هذا الذي قد نُصِب فيه الثَّمَنُ وأُدخلت الباء في المَبِيع أَو المُشْتَرَى فإن ذلك أَكثر ما يأْتي في الشَّيئين لا يكونان ثَمَناً معلوماً مثل الدنانير والدراهم فمن ذلك اشتريت ثوباً بكساء أَيهما شئت تجعله ثمناً لصاحبه لأَنه ليس من الأَثمان وما كان ليس من الأَثمان مثل الرَّقِيق والدُّور وجميعِ العروض فهو على هذا فإذا جئت إلى الدراهم والدنانير وضعت الباء في الثَّمَن كما قال في سورة يوسف وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دراهِم لأَن الدراهم ثمن أَبداً والباء إنما تدخل في الأَثْمانِ وكذلك قوله اشْتَرَوْا بآياتي ثمناً قليلاً واشترَوا الحياةَ الدنيا بالآخرة والعذاب بالمغفرة فأَدْخِل الباءَ في أَيِّ هذين شئت حتى تصير إلى الدراهم والدنانير فإنك تُدْخِل الباء فيهن مع العروض فإذا اشتريت أَحدَ هذين يعني الدنانيرَ والدراهم بصاحبه أَدخلت الباء في أَيّهما شئت لأَن كل واحد منهما في هذا الموضع مَبِيعٌ وثَمَنٌ فإذا أَحْبَبْت أَن تعرف فَرْقَ ما بين العُروض والدراهم فإنك تعلم أَنَّ مَنِ اشترى عبداً بأَلف دينار أَو أَلِفِ درهم معلومة ثم وجد به عيباً فردّه لم يكن على المشتري أَن يأْخذ أَلْفَه بعينها ولكن أَلْفاً ولو اشترى عبداً بجارية ثم وجد به عيباً لم يرجع بجارية أُخرى مثلها وذلك دليل على أَن العُروض ليست بأَثمان وفي حديث بناء المسجد ثامِنُوني بحائِطِكُم أَي قَرِّرُوا مَعي ثَمَنَه وبِيعُونِيهِ بالثَّمَنِ يقال ثامَنْتُ الرجلَ في المَبيع أُثامِنُه إذا قاوَلْتَه في ثَمَنِه وساوَمْتَه على بَيْعِه واْشتِرائِه وقولُه تعالى واشْتَرَوا به ثمناً قليلاً قيل معناه قبلوا على ذلك الرُّشى وقامت لهم رِياسةٌ والجمع أَثْمانٌ وأَثْمُنٌ لا يُتَجاوَزُ به أَدْنى العدد قال زهيرفي ذلك مَنْ لا يُذابُ له شَحْمُ السَّدِيفِ إذا زارَ الشِّتاءُ وعَزَّتْ أَثْمُنُ البُدُنِ ومن روى أَثْمَن البُدُنِ بالفتح أَراد أَكثَرها ثَمَناً وأَنَّث على المعنى ومن رواه بالضم فهو جمع ثَمَن مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ ويروى شحمُ النَّصيبِ يريد نصيبه من اللحم لأَنه لا يَدَّخِرُ له منه نَصيباً وإنما يُطْعِمُه وقد أَثْمَنَ له سلعته وأَثْمَنَهُ قال الكسائي وأَثْمَنْتُ الرجلَ متاعَه وأَثْمَنْتُ له بمعنى واحدٍ والمِثْمَنَة المِخْلاةُ حكاها اللحياني عن ابن سنبل العُقَيْلي والثَّماني نَبْتٌ لم يَحْكِه غيرُ أَبي عبيد الجوهري ثمانية اسم موضع
( * قوله « ثمانية اسم موضع » في التكملة هي تصحيف والصواب ثمينة على فعيلة مثال دثينة )

ثنن
الثِّنُّ بالكسر يَبِيسُ الحَلِيِّ والبُهْمَى والحَمْض إذا كثر ورَكِبَ بعضُه بعضاً وقيل هو ما اسْوَدَّ من جميع العِيدانِ ولا يكون من بَقْلٍ ولا عُشْبٍ وقال ابن دريد الثِّنُّ حُطامُ اليَبِيس وأَنشد فظَلْنَ يَخْبِطْنَ هَشِيم الثِّنِّ بَعْدَ عَمِيمِ الرَّوْضةِ المُغِنِّ الأَصمعي إذا تَكَسَّرَ اليَبِيسُ فهو حُطامٌ فإذا ارتكب بعضُه على بعضٍ فهو الثِّنُّ فإذا اسوَدَّ من القِدَمِ فهو الدِّنْدِنُ وقال ثعلب الثِّنُّ الكَلأُ وأَنشد الباهلي يا أَيُّها الفَصِيلُ ذَا المُعَنِّي إنَّكَ دَرْمانُ فصَمِّتْ عَنِّي تَكْفي اللَّقُوحَ أَكْلةٌ من ثِنِّ ولَمْ تَكُنْ آثَرَ عِندِي مِنِّي ولَمْ تَقُمْ في المَأْتَمِ المُرِنِّ يقول إذا شرب الأَضيافُ لَبَنَها عَلَفَها الثِّنِّ فعادَ لَبَنُها وصَمِّت أَي اصْمُتْ قال ابن بري الشعر للأَخوص بن عبد الله الرِّياحي والأَخوص بخاء معجمة واسمه زيد بنُ عمرو بن قيس بن عَتّاب بن هرمي ابن رياح ابن الأَعرابي الثِّنانُ النّباتُ الكثير المُلْتَفُّ وقال ثَنْثَنَ إذا رَعَى الثِّنَّ ونَثْنَثَ إذا عَرِقَ عَرَقاً كثيراً الجوهري الثُّنّة الشَّعَراتُ التي في مُؤَخَّرِ رُسْغِ الدَّابَّةِ التي أُسْبِلَتْ على أُمِّ القِرْدانِ تَكادُ تَبْلُغُ الأَرْضَ والجمع الثُّنَنُ وأَنشد ابن بري للأَغلب العجلي فبِتُّ أَمْريها وأَدنو للثُّنَنْ بِقاسِحِ الجلْدِ مَتينٍ كالرِّسَنْ والثُّنَّة من الفَرَس مُؤَخَّر الرُّسْغ وهي شعرات مُدَلاّةٌ مُشْرِفات من خَلْف قال وأَنشد الأَصمعي لربيعة بن جُشَم رجل من النَّمِر بن قاسِط قال وهو الذي يَخْلط بشعرِه شعرَ امرئ القيس وقيل هو لامرئ القيس لَها ثُنَنٌ كخَوافي العُقَا ب سُودٌ يَفِينَ إذا تَزْبَئِرّ قوله يَفِين غير مهموز أَي يَكْثُرن يقال وَفَى شَعرُه يقول لَيْست بمُنْجَردة لا شعر عليها وفي حديث فتح نُهاوَنْد وبلَغَ الدمُ ثُنَنَ الخَيْل قال الثُّنَنُ شعَرات في مُؤَخَّر الحافر من اليَدِ والرِّجْل وثَنَّن الفرسُ رَفَع ثُنَّتَه أَن يَمَسَّ الأَرض في جَرْيه من خِفَّتِه قال أَبو عبيد في وَظِيفَي الفرس ثُنَّتان وهو الشعر الذي يكون على مُؤخَّر الرُّسْغ فإن لم يكن ثَمَّ شعرٌ فهو أَمْرَدُ وأَمْرَطُ ابن الأَعرابي الثُّنَّة من الإنسان ما دون السرّة فوق العانة أَسفل البطن ومن الدوابِّ الشعر الذي على مؤخَّر الحافِر في الرُّسْغ قال وثَنَّنَ الفرسُ إذا رَكِبَه الثقيلُ حتى تُصِيبَ ثُنَّتُه الأَرض وقيل الثُّنَّةُ شعرُ العانة وفي الحديث أَن آمِنةَ قالت لمَّا حملت بالنبيّ صلى الله عليه وسلم واللهِ ما وَجَدْتُه في قَطَنٍ ولا ثُنَّة وما وَجَدته إلاّ على ظهر كَبِدي القَطَنُ أَسفل الظَّهر والثُّنَّة أَسفل البطن وفي مَقْتَل حمزة سيّد الشهداء رضي الله عنه أَن وَحْشياً قال سَدَّدْتُ حَرْبَتي يوم أُحُدٍ لثُنَّته فما أَخطأْتُها وهذان الحديثان
( * قوله « وهذان الحديثان إلخ » هكذا في الأصل بدون تقدم نسبة إلى الليث ) يُقَوِّيان قول الليث في الثُّنَّة وفي حديث فارِعَة أُخْت أُمَيَّة فشَقَّ ما بين صَدْره إلى ثُنَّتِه وثُنانُ بُقْعة عن ثعلب جأْن الجُؤنة سَلَّة مُسْتَديرة مُغَشَّة أَدَماً يجعل فيها الطِّيبُ والثِّياب

جأن
الجُؤنة سَلَّة مُسْتَديرة مُغَشَّة أَدَماً يجعل فيها الطِّيبُ والثِّياب

جبن
الجَبانُ من الرِّجالِ الذي يَهاب التقدُّمَ على كلّ شيء لَيْلاً كان أَو نهاراً سيبويه والجمع جُبَناء شَبَّهوه بفَعِيل لأَنه مثلُه في العِدَّة والزيادة وتكرّر في الحديث ذِكر الجُبْن والجَبان وهو ضِدُّ الشَّجاعة والشُّجاع والأُنثى جَبان مثل حصان ورَزَانٍ وجَبانةٌ ونِساء جَباناتٌ وقد جَبَنَ يَجْبُن وجَبُنَ جُبْناً وجُبُناً وجَبانةً وأَجْبَنَه وجده جَباناً أَو حَسِبَه إيّاه قال عمرو ابن معديكرب وكان قد زار رئيس بني سليم فأَعطاه عشرين أَلف دِرهم وسَيْفاً وفَرَساً وغُلاماً خبَّازاً وثِياباً وطِيباً لله دَرُّكم يا بني سليم قاتَلْتُها فما أَجْبَنْتُها وسأَلتُها فما أَبخَلْتها وهاجَيْتُها فما أَفحَمْتُها وحكى سيبويه وهو يُجَبَّن أَي يرمى بذلك ويقال له وجَبَّنَه تَجْبِيناً نسبَه إلى الجُبْن وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم احْتَضَنَ أَحَدَ ابْنَي ابنتِه وهو يقول والله إنكم لَتُجَبِّنُون وتُبَخِّلون وتُجَهِّلون وإنكم لَمِنْ رَيْحان الله يقال جَبَّنْتُ الرجل وبَخَّلْته وجهَّلْته إذا نسبْتَه إلى الجُبْنِ والبُخْلِ والجَهْل وأَجْبَنْته وأَبْخَلْته وأَجْهَلْته إذا وجَدْته بَخِيلاً جَباناً جاهلاً يريد أَن الولد لما صار سبَباً لجُبْن الأَب عن الجِهاد وإنفاق المال والافْتتان به كان كأَنه نسبَه إلى هذه الخِلال ورماه بها وكانت العرب تقول الولد مَجْهَلَة مَجْبَنة مَبْخَلة الجوهري يقال الولد مَجْبَنة مَبْخَلة لأَنه يُحب البقاءُ والمالُ لأَجله وتَجَبَّنَ الرجلُ غلُظ ابن الأَعرابي المفضل قال العرب تقول فلانٌ جبانُ الكَلْبِ إذا كان نِهايةً في السَّخاءِ وأَنشد وأَجْبَنُ من صافرٍ كَلْبُهم وإن قَذَفَتْه حصاةٌ أَضافا قَذَفَتْه أَصابتْه أَضافَ أَي أَشْفَق وَفَرَّ الليث اجْتَبَنْتُه حَسِبْتُه جَباناً والجَبِينُ فوق الصدْغ وهُما جَبِينان عن يمين الجبهة وشِمالها ابن سيده والجَبِينان حَرْفان مُكْتَنِفا الجَبْهة من جانِبَيْها فيما بين الحاجِبَيْن مُصْعِداً إلى قُصاصِ الشعر وقيل هما ما بين القُصاصِ إلى الحِجاجَيْن وقيل حروف الجبهة ما بين الصُّدغين مُتَّصِلاً عدا الناصِية كلُّ ذلك جَبِينٌ واحدٌ قال وبعض يقول هُما جَبينان قال الأَزهري وعلى هذا كلامُ العرب والجَبْهَتان الجَبِينان قال اللحياني والجَبِينُ مذكَّر لا غير والجمع أَجْبُنٌ وأَجْبِنةٌ وجُبُن والجُبْنِ والجُبُن والجُبُنُّ مثقّل الذي يؤكَل والواحدة من كل ذلك بالهاء
( * قوله « والواحدة من كل ذلك بالهاء » هذه عبارة ابن سيده وقوله « جبنة » هذه عبارة الأزهري ) جُبُنَّة وتَجَبَّن اللَّبَنُ صار كالجُبْن قال الأَزهري وهكذا قال أَبو عبيد في قوله كُلِ الجُبُنَّ عُرْضاً بتشديد النون غيره اجْتَبَنَ فلانٌ اللَّبَنَ إذا اتَّخَذَه جُبْناً الجوهري الجُبْن هذا الذي يُؤكَل والجُبْنة أَخص منه والجُبْنُ أَيضاً صِفة الجَبان والجُبُن بضم الجيم والباء لغة فيهما وبعضهم يقول جُبُنٌّ وجُبُنَّة بالضم والتشديد وقد جَبَن الرجل فهو جَبان وجَبُنَ أَيضاً بالضم فهو جَبين والجَبَّان والجَبَّانة بالتشديد الصحراء وتسمى بهما المقابر لأَنها تكون في الصحراء تسمية للشيء بموضعه وقال أَبو حنيفة الجَبابِينُ كِرامُ المَنابِت وهي مستوية في ارتفاع الواحدة جَبَّانة والجَبَّان ما استوى من الأَرض في ارتفاع ويكون كَريمَ المَنْبت وقال ابن شميل الجَبَّانة ما استوى من الأَرض ومَلُسَ ولا شجر فيه وفيه آكامٌ وجِلاهٌ وقد تكون مستوية لا آكامَ فيها ولا جِلاةَ ولا تكون الجَبَّانة في الرَّمْل ولا في الجَبَل وقد تكون في القِفاف والشَّقائق وكلُّ صحراءَ جَبَّانة

جبرن
جَِبْرينُ وجِبْريل وجَبْرَئيل كله اسم روح القُدس عليه السلام

جحن
الكسائي الجَحِنُ السَّيِّءُ الغِذاء وقد أَجْحَنَتْه أُمُّه وصبيٌّ جَحِنُ الغِذاء وقد جَحِن بالكسر يَجْحَن جَحَناً وأَجْحَنَتْه أَساءَت غِذاءه وقال الأَصمعي في المُجْحَن مثله والجَحِن البَطِيءُ الشباب وقول الشمّاخ وقد عَرِقَتْ مَغابنُها وجادَتْ بِدِرَّتِها قِرَى جَحِنٍ قَتِينِ قال ابن سيده أَراد قُراداً جعلَه جَحِناً لسوء غذائه يعني أَنها عَرِقَتْ فصار عَرَقُها قِرىً للقُراد وهذا البيت ذكره ابن بري بمفرده في ترجمة حجن بالحاء قبل الجيم قال والجَحِنُ المرأَةُ القليلةُ الطُّعْم وأَورد البيت وقد أَورده الأَزهري وابن سيده والجوهري هنا على ما ذكرناه فإما أَن يكون ابن بري صَحَّفه أَو وجد له وجهاً فيما ذكره قال والأُنثى جَحِنة وجَحْنة وأَنشد ثعلب كَواحِدةِ الأُدْحِيِّ لا مُشْمَعِلَّةٌ ولا جَحْنة تحتَ الثِّياب جَشُوبُ وقد جَحِنَ جَحَناً وجَحانة الأَزهري ومَثَلٌ من الأَمْثال عَجَبٌ من أَن يجيء من جَحِنٍ خَيْرٌ قال ابن سيده وقول النمر بن تولب فأَنْبَتها نَباتاً غير جَحْن إنما هو على تخفيف جَحِنٍ ونَبْت جَحِن زَميرٌ صغير مُعَطَّش وكلُّ نبت ضعف فهو جَحِنٌ والمُجْحَن بضم الميم من النبات القصيرُ القليل الماء ابن الأَعرابي يقال جَحَنَ وأَجْحَن وجَحَّنَ وحَجَنَ وأَحْجَنَ وحَجَّنَ وجَحَدَ وأَجْحَدَ وجَحَّد كله معناه إذا ضيَّق على عياله فَقْراً أَو بخلاً الأَزهري يقال جُحَيْناءُ قلبي ولُوَيحاءُ قلبي ولُوَيْذاء قلبي يعني ما لزِم القلب وجَيْحون وجَيْحان اسم نهر جاء فيهما حديث قال ابن الأَثير ورد في الحديث سَيْحان وجَيْحان قال هما نهران بالعواصم عند أَرض المِصّيصة وطَرَسوس الجوهري جَيْحون نهر بَلْخ وهو فَيْعول وجَيْحان نهر بالشام قال ابن بري يحتمل أَن يكون وزنُ جَيْحون فَعْلون مثل زَيتون وحَمْدون

جحشن
جَحْشَنٌ اسم

جخن
الأَصمعي الجُخُنَّةُ الرديئة عند الجماع من النساء وأَنشد سأُنذِرُ نَفْسي وَصْلَ كلِّ جُخُنَّةٍ قِضافٍ كبِرْذَوْنِ الشَّعير الفُرافِر

جدن
جَدَنٌ موضع وذو جَدَنٍ قَيْلٌ من أَقيال حِمْير وقيل من مَقاوِلة اليَمَن وفي التهذيب اسم ملك من ملوك حِمْيَر قال الأَصمعي وأَنشد أَبو عمرو بن العلاء الكلابي لو أَنَّني كنتُ من عادٍ ومن إِرَمٍ غَذِيَّ بَهْم ولُقْماناً وذا جَدَنِ ابن الأَعرابي أَجْدَنَ الرجلُ إذا استغنى بعد فقر

جرن
الجِرانُ باطن العُنُق وقيل مُقدَّم العنق من مذبح البعير إلى منحره فإذا برَك البعيرُ ومدّ عنُقَه على الأَرض قيل أَلقى جِرانَه بالأَرض وفي حديث عائشة رضي الله عنها حتى ضرَب الحقُّ بجِرانِه أَرادت أَن الحقَّ استقام وقَرَّ في قَراره كما أَن البعير إذا بَرَك واستراح مدّ جِرانَه على الأَرض أَي عُنُقَه الجوهري جِرانُ البعير مقدَّم عُنقه من مذبحه إلى منحره والجمع جُرُنٌ وكذلك من الفرس وفي الحديث أَن ناقتَه عليه السلام تَلَحْلحَتْ عند بيت أَبي أَيوب وأَرْزَمتْ ووَضَعتْ جِرانَها الجِران باطن العُنق اللحياني أَلقى فلانٌ على فلان أَجْرانه وأَجرامَه وشَراشِره الواحد جِرْمٌ وجِرْنٌ إنما سمعتُ في الكلام أَلقى عليه جِرانَه وهو باطن العُنق وقيل الجِران هي جلدة تَضْطرب على باطِن العنق من ثُغْرة النحر إلى منتهى العُنق في الرأْس قال فَقَدَّ سَراتَها والبَرْكَ منها فخَرَّتْ لليَدَيْنِ وللجِرانِ والجمع أَجْرِنة وجُرنٌ وفي الحديث فإذا جملان يَصْرفان فدَنا منهما فوَضَعا جُرُنهما على الأَرض واستعار الشاعر الجِران للإنسان أَنشد سيبويه مَتى تَرَ عَيْنَيْ مالكٍ وجِرانَه وجَنْبَيه تَعْلمْ أَنه غيرُ ثائرِ وقول طرَفة في وصف ناقة وأَجرِنةٍ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ إنما عظَّم صدرَها فجعل كلَّ جزء منه جِراناً كما حكاه سيبويه من قولهم للبعير ذو عَثانين وجِران الذكَر باطنُه والجمع أَجرِنةٌ وجُرُنٌ وجَرَنَ الثوبُ والأَديمُ يَجْرُن جُروناً فهو جارِن وجَرين لان وانسحق وكذلك الجلد والدرع والكتاب إذا درَس وأَدِيم جارِن وقال لبيد يصف غَرْبَ السانية بمُقابَلٍ سَرِبِ المَخارِزِ عِدْلُه قَلِقُ المَحالةِ جارِنٌ مَسْلومُ قال ابن بري يصف جِلداً عُمل منه دَلوٌ والجارِنُ الليِّن والمَسْلوم المدبوغ بالسَّلَم قال الأَزهري وكلُّ سِقاءٍ قد أَخلَق أَو ثوب فقد جَرَن جُروناً فهو جارِن وجَرَن فلانٌ على العَذْلِ ومَرَن ومَرَدِ بمعنى واحد ويقال للرجل والدابة إذا تعَوَّد الأَمرَ ومَرَن عليه قد جَرَنَ يَجْرُن جُروناً قال ابن بري ومنه قول الشاعر سَلاجِم يَثْرِبَ الأُولى عليها بيَثْرِبَ كرَّةٌ بعد الجُرونِ أَي بعد المُرون والجارِنة الليِّنة من الدروع أَبو عمرو الجارِنة المارِنة وكلُّ ما مَرَن فقد جَرَن قال لبيد يصف الدروع وجَوارِن بيض وكلّ طِمرَّةٍ يَعْدُو عليها القَرَّتَيْن غُلام يعني دُروعاً ليِّنة والجارِن الطريق الدارِس والجَرَنُ الأَرض الغليظة وأَنشد أَبو عمرو لأَبي حبيبة الشيباني تَدَكَّلَتْ بَعْدي وأَلْهَتْها الطُّبَنْ ونحنُ نَغْدو في الخَبار والجَرَنْ ويقال هو مبدل من الجَرَل وجَرَنَت يدُه على العمل جُروناً مرنَت والجارِن من المتاع ما قد اسْتُمْتِع به وبَلْيَ وسِقاءٌ جارِن يَبِس وغلُظ من العمل وسَوْطٌ مُجَرَّن قد مَرَن قَدُّه والجَرين موضع البُرّ وقد يكون للتمر والعنب والجمع أَجرِنة وجُرُن بضمتين وقد أَجرَن العنبَ والجَرينُ بَيْدَر الحَرْث يُجْدَر أَو يُحْظَر عليه والجُرْنَ والجَرين موضع التمر الذي يُجَفَّف فيه وفي حديث الحدود لا قَطْعَ في ثمر حتى يُؤْوِيَهُ الجَرينُ هو موضع تجفيف الثمر وهو له كالبَيدر للحنطة وفي حديث أُبَيّ مع الغول أَنه كان له جُرُنٌ من تمر وفي حديث ابن سيرين في المُحاقَلة كانوا يشترطُون قُمامةَ الجُرُنِ وقيل الجَرينُ موضع البَيْدر بلغة اليمن قال وعامَّتُهم يَكسِر الجيمَ وجمعه جُرُنٌ والجَرينُ الطِّحْنُ بلغة هُذيل وقال شاعرهم ولِسَوْطِه زَجَلٌ إذا آنَسْتَه جَرَّ الرَّحى بجَرينِها المَطْحونِ الجَرين ما طَحَنتَه وقد جُرِنَ الحبُّ جَرْناً شديداً والجُرْنُ حجر منقورُ يُصبُّ فيه الماء فيُتوضأُ به وتسميه أَهلُ المدينة المِهْراسَ الذي يُتَطهَّر منه والجارِنُ ولدُ الحية من الأَفاعي التهذيب الجارن ما لانَ من أَولاد الأَفاعي قال ابن سيده والجِرْنُ الجسم لغة في الجِرْم زعموا قال وقد تكون نونه بدلاً من ميم جِرْم والجمع أَجْران قال وهذا مما يقوي أَن النون غير بدل لأَنه لا يكاد يُتصرَّف في البلد هذا التصرف وأَلقى عليه أَجرانَه وجِرانه أَي أَثقاله وجِرانُ العَوْدِ لقَب لبعض شعراء العرب قال الجوهري هو من نُمير واسمه المُسْتورِد
( * قوله « واسمه المستورد » غلطه الصاغاني حيث قال وإنما اسم جران العود بن الحرث بن كلفة أي بالضم وقيل كلفة بالفتح ) وإنما لقِّب بذلك لقوله يخاطب امرأَتيه خُذا حَذَراً يا جارَتَيَّ فإنَّني رأَيتُ جِرانَ العَوْدِ قد كاد يَصْلَحُ أَراد بِجران العَوْد سوطاً قدَّه من جِران عَوْدٍ نَحَره وهو أَصلب ما يكون الأَزهري ورأَيت العرب تسوَّي سياطها من جُرُن الجِمال البُزْل لصَلابتِها وإنما حذَّر امرأَتيه سوطَه لنُشوزهما عليه وكان قد اتخذ من جلد البعير سوْطاً ليضرب به نساءَه وجَيرُون باب من أَبواب دمشق صانها الله عز وجل والجِرْيانُ لغة في الجِرْيال وهو صِبْغ أَحمر والمجرين
( * قوله « والمجرين » هكذا في الأصل بدون ضبط ) الميت عن كراع وسفَر مِجْرَنٌ بعيد قال رؤبة بعد أَطاوِيحِ السِّفار المِجْرن قال ابن سيده ولم أَجد له اشتقاقاً

جرشن
النهاية لابن الأَثير أَهدى رجل من العراق إلى ابن عُمر جَوارِشْنَ قال هو نوع من الأَدوية المركبة يقوِّي المعدة ويهضِم الطعام قال وليست اللفظة بعربية

جرعن
اجْرَعَنَّ الرجلُ صُرع عن دابَّته وامتدَّ على وجه الأَرض وضرَبْته حتى اجْرَعنّ

جزن
المؤرج حطَبٌ جَزْن وجَزْل وجمعه أَجْزُن وأَجْزُل وهو الخشب الغلاظ قال جَزْءُ ابنُ الحَرِث حَمَى دُونَه بالشَّوكِ والتفَّ دُونه من السِّدْر سُوقٌ ذاتُ هَول وأَجزُن

جشن
الجَشن الغليظ عن كراع زاد غيره أَو ما هو في معناه والجُشْنةُ طائرةٌ سوداءُ تعَشِّش بالحصى والجَوْشَنُ الصدرُ وقيل ما عَرُض من وسط الصدر وجَوْشَنُ الجَرادة صدرها وجَوْشَنُ الليل وسَطه وصَدْره والجوْشَن اسم الحديد الذي يُلبَس من السلاح قال ذو الرمة يصف ثوراً طَعَن كِلاباً بِرَوْقَيْه في صدرها فكَرَّ يَمْشُق طَعْناً في جَواشِنِها كأَنه الأَجْرَ في الإقبالِ يَحْتَسِبُ الجوهري والجَوْشَن الدِّرْع واسم الرجل وقيل الجوْشَن من السلاح زَرَدٌ يُلبَسه الصدرُ والحَيزوم ومضى جَوْشَنٌ من الليل أَي قطعة لغة في جَوْش فإن كان مزيداً منه فحكمه أَن يكون معه قال ابن أَحمر يصف سحابة يُضيء صَبيرُها في ذي خَبِيٍّ جَواشِن لَيْلها بِيناً فبِينا والبِينُ القطعة من الأَرض ابن الأَعرابي المَجْشونةُ المرأَة الكثيرة العمل النشيطة وجَواشِن التُّمام بقاياه قال كِرامٌ إذا لم يَبْقَ إلاَّ جَواشِن الث مامِ ومن شَرّ الثُّمام جَواشِنُه

جعن
جَعْوَنةُ من أَسماء العرب ورجل جَعْوَنة إذا كان قصيراً سميناً وقال ابن دريد الجَعْنُ فعل مُمات وهو التقبّض قال ومنه اشتقاق جَعْوَنة وقد وجدت حاشية قال أَبو جعفر النحاس في كتاب الاشتقاق له جَعْونةُ اسم رجل مشتق من الجَعْن وهو وَجَعُ الجسد وتكسُّره قال ويجوز أَن يكون مشتقاً من الجَعْو وهو جمع الشيء وتكون النون زائدة

جعثن
الأَزهري الجِعْثِنُ أُرومة الشجر بما عليها من الأَغصان إذا قطعت ابن سيده الجِعْثِنةُ أُرومة كل شجرة تَبقى على الشتاء والجمع جِعْثِن قال تَقْفِزُ بي الجِعْثِنَ يا مُرَّةُ زِدْها قَعْبا ويروى تُقَفِّز الجِعْثِنَ بي ومنهم من يقول للواحد جِعْثِنٌ والجمع الجَعاثِن قال أَبو حنيفة الجِعْثِنُ أَصل كل شجرة إلا شجرةً لها خشبة وأَنشد تَرى الجِعْثنَ العامِيَّ تُذْري أُصولَه مَناسِمُ أَخْفافِ المَطِيِّ الرَّواتِكِ الأَزهري كل شجرة تبقى أُرومتُها في الشتاء من عِظام الشجر وصغارها فلها جِعْثِنٌ في الأَرض وبعدما يُنزَع فهو جِعْثن حتى يقال لأُصول الشرك جِعْثن وفرس مُجَعْثَنُ الخَلْق شبِّه بأَصل الشجرة في كِدْنتِه وغلَظه قال ابن بري في معناه كانَ لَنا وهو فَلُوٌّ نُرّبُبُهْ مُجَعْثَنُ الخَلْق يَطيرُ زَغَبُهْ ورجل جِعْثِنةٌ جَبان ثقيل عن ابن الأَعرابي وأَنشد فيا فتىً ما قَتَلْتُمْ غيرَ جِعْثِنةٍ ولا عَنِيفٍ بِكَرِّ الخيل في الوادي والجِعْثِمُ والجِعْثِنُ بالكسر أُصولُ الصِّلِّيان وأَنشد للطرماح فقال أَو كمَجْلوحِ جِعْثنٍ بلَّهُ القط رُ فأَضحى مُوَدِّسَ الأَعراضِ وفي حديث طَهْفةَ ويَبِسَ الجِعْثنُ هو أَصلُ النبات وقيل أَصل الصِّلِّيان خاصة وقال أَبو زياد الجِعْثِنةُ أَصلُ كلِّ شجرة قد ذَهبَتْ سوى العِضاهِ وأَنشد بيت الطرمّاح وتَجَعْثنَ الرجلُ إذا تَجَمَّعَ وتقَبَّضَ ويقال لأَرُومة الصِّلِّيان جِعْثِنةٌ قال الطرمّاح ومَوْضع مَشْكوكين أَلقَتْهما معاً كوَطْأَة ظَبْيِ القُفِّ بين الجَعاثِن وجِعْثِنة شاعر معروف قال ابن الأَعرابي هو جِعْثِنة بن جَوَّاسٍ الرِّبْعي الأَزهري جِعْثِن من أَسماء النساء وعَيَّنه الجوهري فقال جعثْن أُختُ الفرزدق

جعفلن
الجَعْفَلين أُسْقُفُّ النصارى وكبيرُهم

جفن
الجَفْنُ جَفْنُ العَين وفي المحكم الجَفْنُ غطاءُ العين من أَعلى وأَسفل والجمع أَجْفُنٌ وأَجفان وجُفونٌ والجَفْنُ عمْدُ السيف وجَفْنُ السيف غِمده وقول حذيفة بن أَنس الهذلي نَجا سالمٌ والنفسُ منه بشِدْقِه ولم يَنْجُ إلا جَفْنَ سيفٍ ومِئْزَرا نصبَ جَفْنَ سيف على الاستثناء المنقطع كأَنه قال نجا ولم يَنْجُ قال ابن سيده وعندي أَنه أَراد ولم ينج إلا بجفن سيف ثم حذَف وأَُوْصَل وقد حكي بالكسر قال ابن دريد ولا أَدري ما صحتُه وفي حديث الخوارج سُلُّوا سيوفكم من جُفونها قال جفونُ السيوف أَغمادُها واحدها جَفْنٌ وقد تكرر في الحديث والجَفْنة معروفة أَعظمُ ما يكونُ من القِصاع والجمع جِفانٌ وجِفَنٌ عن سيبويه كهَضْبةٍ وهِضَب والعدد جفَنات بالتحريك لأَن ثانيَ فَعْلةٍ يُحَرَّك في الجمع إذا كان اسماً إلا أَن يكون ياءً أَو واواً فيُسَكَّنُ حينئذ وفي الصحاح الجَفْنة كالقَصْعة وجَفَنَ الجَزورَ اتخذ منها طعاماً وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه انكسَرتْ قلوصٌ من نَعَمِ الصَّدَقة فجَفَنها وهو من ذلك لأَنه يمْلأُ منها الجِفانَ وقيل معنى جَفَنَها أَي نَحرَها وطبَخَها واتخذ منها طعاماً وجعل لَحمها في الجفان ودعا عليها الناسَ حتى أَكلوها والجَفْنة ضرْبٌ من العنب والجَفْنة الكَرْم وقيل الأَصلُ من أُصول الكَرْم وقيل قضيب من قُضْبانه وقيل ورَقُه والجمع من ذلك جَفْنٌ قال الأَخطل يصف خابية خمر آلَتْ إلى النصف من كَلْفاءَ أَتْأَقها عِلْجٌ وكتَّمَها بالجَفْنِ والغار وقيل الجَفْن اسمٌ مفرد وهو أَصل الكَرْم وقيل الجَفْن نفس الكرم بلغة أَهل اليمن وفي الصحاح قُضْبان الكَرْم وقول النمر بن تولب سُقَيَّةُ بين أَنْهارٍ عِذابٍ وزَرْعٍ نابِتٍ وكُرومِ جَفْنِ أَراد وجَفْنِ كرومٍ فقَلَب والجَفْنُ
( * قوله « والجفن » لعله أو الجفن ) ههنا الكَرْمُ وأَضافه إلى نفسه وجَفن الكرمُ وتَجَفَّن صار له أَصلٌ ابن الأَعرابي الجَفْنُ قِشْرُ العنب الذي فيه الماء ويسمى الخمر ماءَ الجَفْنِ والسحابُ جَفْنَ الماء وقال الشاعر يصف ريقَ امرأَةٍ وشبَّهه بالخمر تُحْسي الضجيعَ ماءَ جفْنٍ شابَه صَبيحةَ البارِقِ مَثْلوج ثَلِج قال الأَزهري أَراد بماء الجَفْنِ الخمرَ والجَفْنُ أَصلُ العنبِ شيبَ أَي مُزِجَ بماءٍ باردٍ ابن الأَعرابي الجَفْنةُ الكَرْمة والجَفْنةُ الخمرةُ وقال اللحياني لُبُّ الخُبْزِ ما بين جَفْنَيه وجَفْنا الرغيفِ وَجْهاه من فوق ومن تحت والجَفْنُ شجرٌ طَيِّبُ الريح عن أَبي حنيفة وبه فسر بيت الأَخطل المتقدم قال وهذا الجَفْنُ غير الجَفْنِ من الكَرْمِ ذلك ما ارْتَقى من الحَبَلة في الشجرة فسُمِّيت الجَفْنَ لتجفُّنِه فيها والجَفْنُ أَيضاً من الأَحرارِ نبْتةٌ تَنْبُتُ مُتَسَطَّحة وإذا يَبِسَتْ تقبَّضَت واجتمعت ولها حبٌّ كأَنه الحُلْبَة وأَكثر مَنْبِتها الإكامُ وهي تبقى سِنين يابسة وأَكثرُ راعيتِها الحُمُر والمِعْزَى قال وقال بعض الأَعراب هي صُلْبة صغيرة مثل العَيْشوم ولها عِيدانٌ صِلابٌ رِقاقٌ قِصار وورقُها أَخضر أَغْبَرُ ونَباتُها في غَلْظِ الأَرض وهي أَسْرَعُ البَقْلِ نباتاً إذا مُطِرَتْ وأَسرعُها هَيْجاً وجَفَنَ نفسَه عن الشيء ظَلَفَها قال وَفَّرَ مالَ اللهِ فينا وجَفَنْ نفْساً عن الدُّنيا وللدنيا زِيَنْ قال الأَصمعي الجَفْنُ ظَلْفُ النفس عن الشيء الدنيء يقال جَفَنَ الرجلُ نفسَه عن كذا جَفْناً ظَلَفَها ومَنَعَها وقال أَبو سعيد لا أَعرف الجَفْنَ بمعنى ظَلْفِ النفس والتَّجْفينُ كثرةُ الجماع قال وقال أَعرابي أَضْواني دوامُ التجفينِ وأَجْفَنَ إذا أَكْثَر الجماعَ وأَنشد أَحمد البُسْتيّ يا رُبَّ شَيخ فيهم عِنِّينْ عن الطِّعانِ وعن التَّجفينْ قال أَحمد في قوله وعن التَّجْفين هو الجِفانُ التي يطعم فيها قال أَبو منصور والتَّجْفين في هذا البيت من الجِفانِ والإطعام فيها خطأٌ في هذ الموضع إنما التَّجفينُ ههنا كثرةُ الجماع قال رواه أَبو العباس عن ابن الأَعرابي والجَفْنةُ الرجلُ الكريم وفي الحديث أَنه قيل له أَنت كذا وأَنتَ كذا وأَنت الجَفْنَةُ الغَرّاء كانت العربُ تدعو السيدَ المِطْعامَ جَفْنةً لأَنه يضَعُها ويُطْعِم الناسَ فيها فسُمِّيَ باسمها والغَرّاء البيضاء أَي أَنها مَمْلُوءةٌ بالشحم والدُّهْن وفي حديث أَبي قتادة نادِيا جَفْنَةَ الرَّكْبِ أَي الذي يُطْعِمُهم ويُشْبِعُهم وقيل أَراد يا صاحِبَ جَفْنةِ الرَّكْبِ فحذف المضافَ للعِلْم بأَن الجَفْنةَ لا تُنادى ولا تُجيبُ وجَفْنةُ قبيلةٌ من الأَزْد وفي الصحاح قبيلةٌ من اليمن وآلُ جَفْنةَ مُلوكٌ من أَهل اليمن كانوا اسْتَوْطَنُوا الشأْم وفيهم يقول حَسَّن بن ثابت أَوْلادِ جَفْنةَ حولَ قبْرِ أَبِيهمُ قَبْر ابن مارِيةَ الكَريمِ المِفْضَل وأَراد بقوله عند قبر أَبيهم أَنهم في مساكن آبائهم ورِباعِهم التي كانوا ورِثُوها عنهم وجُفَيْنةُ اسمُ خَمَّارٍ وفي المثل عند جُفَيْنةَ الخبرُ اليقين كذا رواه أَبو عبيد وابن السكيت قال ابن السكيت ولا تقُل جُهَيْنة وقال أَبو عبيد في كتاب الأَمثال هذا قول الأَصمعي وأَما هشام ابن محمد الكلبي فإِنه أَخبر أَنه جُهَيْنة وكان من حديثه أَن حُصَيْنَ بنَ عمرو بنِ مُعاوية بن عمرو ابن كلاب خرج ومعه رجلٌ من جُهَيْنةَ يقال له الأَخْنَسُ فنزَلا منزلاً فقام الجُهَنِيُّ إلى الكلابيِّ وكانا فاتِكَيْنِ فقَتله وأَخذ مالَه وكانت صخرةُ بنتُ عمرِو بنِ معاوية تَبْكِيه في المَواسِم فقال الأَخْنس كصَخْرةَ إذ تُسائل في مراح وفي جَرْمٍ وعِلْمُهما ظُنونُ
( * قوله « وفي جرم » كذا في النسخ والذي في الميداني وأنمار بدل وفي جرم )
تُسائلُ عن حُصَيْنٍ كلَّ ركْبٍ وعند جُهَيْنةَ الخبرُ اليَقينُ قال ابن بري رواه أَبو سهل عن خصيل وكان ابنُ الكلبي بهذا النوع من العلم أَكبرَ من الأَصمعي قال ابن بري صخرةُ أُخْتُه قال وهي صُخَيرة بالتصغير أَكثرُ ومراح حيّ من قضاعة وكان أَبو عبيد يرويه حُفَيْنة بالحاء غير معجمة قال ابن خالويه ليس أَحد من العلماء يقول وعند حُفَيْنة بالحاء إلا أَبو عبيد وسائرُ الناس يقول جُفَيْنة وجُهَيْنة قال والأَكثرُ على جُفَيْنة قال وكان من حديث جُفَيْنة فيما حدَّث به أَبو عمر الزاهد عن ثعلب عن ابن الأَعرابي قال كان يهوديٌّ من أَهل تَيْماءَ خمَّار يقال له جُفَيْنة جارَ النبيِّ ضرَبَه ابنُ مُرَّة وكان لبني سَهْمٍ جارٌ يهوديٌّ خمَّار أََيضاً يقال له غُصَين وكان رجلٌ غَطَفانيٌّ أَتى جُفَيْنة فشَرِبَ عنده فنازَعه أَو نازع رجلاً عنده فقتلَه وخَفِيَ أَمرُه وكانت له أُختٌ تسأَل عنه فمرّت يوماً على غُصَيْن وعنده أَخوها وهو أَخو المقتول فسأَلته عن أَخيها على عادتها فقال غُصَين تُسائل عن أَخيها كلَّ رَكْب وعند جُفينةَ الخبرُ اليقينُ فلما سمع أَخوها وكان غُصَيْنٌ لا يدْرِي أَنه أَخوها ذهب على جُفَيْنة فسأَله عنه فناكَره فقَتله ثم إن بني صِرْمة شَدُّوا على غُصَين فقتلوه لأَنه كان سببَ قَتْل جُفَينة ومضى قومُه إلى حُصين بن الحُمام فشَكَوْا إليه ذلك فقال قتلتم يهوديَّنا وجارَنا فقتلنا يهوديَّكم وجارَكم فأَبَوْا ووقع بينهم قتالٌ شديد والجَفَنُ اسمُ موضعٍ

جلن
التهذيب الليث جَلَنْ حكايةُ صوتِ بابٍ ذي مِصْراعَيْن فيُرَدُّ أَحدهما فيقول جَلَنْ ويُرَدُّ الآخرُ فيقول بَلَقْ وأَنشد فتَسْمَع في الحالَيْن منه جَلَنْ بَلَقْ وقد ترجم عليه في حرف القاف جلنبلق

جمن
الجُمانُ هَنَواتٌ تُتَّخَذُ على أَشكال اللؤلؤ من فضَّة فارسي معرب واحدته جُمانة وتوهَّمَه لبيدٌ لُؤلُؤَ الصدفِ البَحْرِيِّ فقال يصف بقرة وتُضِيء في وَجْهِ الظَّلامِ مُنِيرةً كجُمانةِ البَحْريِّ سُلَّ نِظامُها الجوهري الجُمانةُ حبّة تُعْمَل من الفِضّة كالدُّرّة قال ابن سيده وبه سميت المرأَة وربما سميت الدُّرّة جُمانةً وفي صفته صلى الله عليه وسلم يَتَحَدَّرُ منه العَرَقُ مِثْل الجُمان قال هو اللؤلؤُ الصِّغارُ وقيل حَبٌّ يُتَّخذ من الفضة أَمثال اللؤلؤ وفي حديث المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام إذا رفَع رأْسَه تحدَّر منه جُمانُ اللؤلؤ والجُمانُ سَفيفةٌ من أَدَمٍ يُنْسَج فيها الخَرَزُ من كل لون تَتَوَشَّحُ به المرأَة قال ذو الرمة أَسِيلة مُسْتَنِّ الدُّموعِ وما جَرَى عليه الجُمانُ الجائلُ المُتَوَشَّحُ وقيل الجُمانُ خَرز يُبَيَّضُ بماء الفضة وجُمانٌ اسمُ جملِ العجّاج قال أَمْسَى جُمانٌ كالرَّهينِ مُضْرعا والجُمُن اسم جبل قال تميم بن مُقْبِل فقلت للقوم قد زالَتْ حَمائلُهم فَرْجَ الحَزِيزِ من القَرْعاءِ فالجُمُن
( * قوله « من القرعا » كذا في النسخ والذي في معجم ياقوت إلى القرعاء )
جنن جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنّاً سَتَره وكلُّ شيء سُتر عنك فقد جُنَّ عنك وجَنَّه الليلُ يَجُنُّه جَنّاً وجُنوناً وجَنَّ عليه يَجُنُّ بالضم جُنوناً وأَجَنَّه سَتَره قال ابن بري شاهدُ جَنَّه قول الهذلي وماء ورَدْتُ على جِفْنِه وقد جَنَّه السَّدَفُ الأَدْهَمُ وفي الحديث جَنَّ عليه الليلُ أَي ستَره وبه سمي الجِنُّ لاسْتِتارِهم واخْتِفائهم عن الأبصار ومنه سمي الجَنينُ لاسْتِتارِه في بطنِ أُمِّه وجِنُّ الليل وجُنونُه وجَنانُه شدَّةُ ظُلْمتِه وادْلِهْمامُه وقيل اختلاطُ ظلامِه لأَن ذلك كلَّه ساترٌ قال الهذلي حتى يَجيء وجِنُّ الليل يُوغِلُه والشَّوْكُ في وَضَحِ الرِّجْلَيْن مَرْكوزُ ويروى وجُنْحُ الليل وقال دريد بن الصَِّمَّة بن دنيان
( * قوله « دنيان » ) كذا في النسخ وقيل هو لِخُفافِ بن نُدْبة ولولا جَنانُ الليلِ أَدْرَكَ خَيْلُنا بذي الرِّمْثِ والأَرْطَى عياضَ بنَ ناشب فَتَكْنا بعبدِ اللهِ خَيْرِ لِداتِه ذِئاب بن أَسْماءَ بنِ بَدْرِ بن قارِب ويروى ولولا جُنونُ الليل أَي ما سَتَر من ظلمته وعياضُ بن جَبَل من بني ثعلبة بن سعد وقال المبرد عياض بن ناشب فزاري ويروى أَدرَك رَكْضُنا قال ابن بري ومثله لسَلامة بن جندل ولولا جَنانُ الليلِ ما آبَ عامرٌ إلى جَعْفَرٍ سِرْبالُه لم تُمَزَّقِ وحكي عن ثعلب الجَنانُ الليلُ الزجاج في قوله عز وجل فلما جَنَّ عليه الليلُ رأَى كَوْكباً يقال جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليلُ إذا أَظلم حتى يَسْتُرَه بظُلْمته ويقال لكل ما سَتر جنَّ وأَجنَّ ويقال جنَّه الليلُ والاختيارُ جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليل قال ذلك أَبو اسحق واسْتَجَنَّ فلانٌ إذا استَتَر بشيء وجَنَّ المَيّتَ جَنّاً وأَجَنَّه ستَره قال وقول الأَعشى ولا شَمْطاءَ لم يَتْرُك شَفاها لها من تِسْعةٍ إلاّع جَنينا فسره ابن دريد فقال يعني مَدْفوناً أَي قد ماتوا كلهم فَجُنُّوا والجَنَنُ بالفتح هو القبرُ لسَتْرِه الميت والجَنَنُ أَيضاً الكفَنُ لذلك وأَجَنَّه كفَّنَه قال ما إنْ أُبالي إذا ما مُتُّ ما فعَلوا أَأَحسنوا جَنَني أَم لم يُجِنُّوني ؟ أَبو عبيدة جَنَنْتُه في القبر وأَجْنَنْتُه أَي وارَيتُه وقد أَجنَّه إذا قبَره قال الأََعشى وهالِك أَهلٍ يُجِنُّونَه كآخَرَ في أَهْلِه لم يُجَنُّ والجَنينُ المقبورُ وقال ابن بري والجَنَنُ الميت قال كُثَيّر ويا حَبَّذا الموتُ الكريهُ لِحُبِّها ويا حَبَّذا العيْشُ المُجمّلُ والجَنَنْ قال ابن بري الجَنَنُ ههنا يحتمل أَن يراد به الميتُ والقبرُ وفي الحديث وَليَ دَفْنَ سَيّدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وإِجْنانَه عليٌّ والعباسُ أَي دَفْنه وسَتْرَه ويقال للقبر الجَنَنُ ويجمع على أَجْنانٍ ومنه حديث علي رضي الله عنه جُعِل لهم من الصفيح أَجْنانٌ والجَنانُ بالفتح القَلْبُ لاستِتاره في الصدر وقيل لِوَعْيه الأَشْياء وجَمْعِه لها وقيل الجَنانُ رُوعُ القلب وذلك أَذْهَبُ في الخَفاءِ وربما سمّي الرُّوحُ جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّه وقال ابن دريد سمّيت الرُّوح جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّها فأَنَّث الروح والجمع أَجْنانٌ عن ابن جني ويقال ما يستقرُّ جَنانُه من الفزَعِ وأَجَنَّ عنه واسْتَجَنَّ استَتَر قال شمر وسمي القلبُ جَناناً لأَن الصدْرَ أَجَنَّه وأَنشد لِعَدِيّ كلُّ حيّ تَقودُه كفُّ هادٍ جِنَّ عينٍ تُعْشِيه ما هو لاقي الهادي ههنا القَدَرُ قال ابن الأَعرابي جِنَّ عينٍ أَي ما جُنَّ عن العين فلم تَرَه يقول المَنيَّةُ مستورةٌ عنه حتى يقع فيها قال الأَزهري الهادي القَدَرُ ههنا جعله هادياً لأَنه تقدّم المنيَّة وسبَقها ونصبَ جِنَّ عينٍ بفعله أَوْقَعَه عليه وأَنشد ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ
( * قوله « ولا جن إلخ » صدره كما في تكملة الصاغاني تحدثني عيناك ما القلب كاتم )
ويروى ولا جَنَّ معناهما ولا سَتْر والهادي المتقدّم أَراد أَن القَدَر سابقُ المنيَّةِ المقدَّرة وأَما قول موسى بن جابر الحَنفيّ فما نَفَرتْ جِنِّي ولا فُلَّ مِبْرَدي ولا أَصْبَحَتْ طَيْري من الخَوْفِ وُقَّعا فإنه أَراد بالجِنّ القَلْبَ وبالمِبْرَدِ اللسانَ والجَنينُ الولدُ ما دام في بطن أُمّه لاسْتِتاره فيه وجمعُه أَجِنَّةٌ وأَجْنُنٌ بإظهار التضعيف وقد جَنَّ الجنينُ في الرحم يَجِنُّ جَنّاً وأَجَنَّتْه الحاملُ وقول الفرزذق إذا غابَ نَصْرانِيُّه في جَنِينِها أَهَلَّتْ بحَجٍّ فوق ظهْر العُجارِم عنى بذلك رَحِمَها لأَنها مُسْتَتِرة ويروى إذا غاب نَصْرانيه في جنيفها يعني بالنَّصْرانيّ ذكَر الفاعل لها من النصارى وبجَنِيفِها حِرَها وإنما جعله جَنيفاً لأَنه جزءٌ منها وهي جَنيفة وقد أَجَنَّت المرأَة ولداً وقوله أَنشد ابن الأَعرابي وجَهَرتْ أَجِنَّةً لم تُجْهَرِ يعني الأَمْواهَ المُنْدَفِنةَ يقول وردَت هذه الإبلُ الماءَ فكسَحَتْه حتى لم تدعْ منه شيئاً لِقِلَّتِه يقال جهَرَ البئرَ نزحَها والمِجَنُّ الوِشاحُ والمِجَنُّ التُّرْسُ قال ابن سيده وأُرى اللحياني قد حكى فيه المِجَنَّة وجعله سيبويه فِعَلاً وسنذكره والجمع المَجانُّ بالفتح وفي حديث السرقة القَطْعُ في ثَمَنِ المِجَنِّ هو التُّرْسُ لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره والميم زائدة وفي حديث علي كرَّم الله وجهَه كتب إليَّ ابنُ عباسٍ قلَبْتَ لابنِ عَمِّكَ ظَهْرَ المِجَنِّ قال ابن الأَثير هذه كلمة تُضْرَب مَثَلاً لمن كان لصاحبه على مودَّة أَو رعايةٍ ثم حالَ عن ذلك ابن سيده وقَلَبْ فلانٌ مِجَنَّة أَي أَسقَط الحياءَ وفعَل ما شاءَ وقلَبَ أَيضاً مِجَنَّة ملَك أَمرَه واستبدَّ به قال الفرزدق كيف تراني قالِباً مِجَنِّي ؟ أَقْلِبُ أَمْري ظَهْرَه للبَطْنِ وفي حديث أَشراطِ الساعةِ وُجوهُهم كالمَجانِّ المُطْرَقة يعني التُّرْكَ والجُنَّةُ بالضم ما واراكَ من السِّلاح واسْتَتَرْتَ به منه والجُنَّةُ السُّتْرة والجمع الجُنَنُ يقال اسْتَجَنَّ بجُنَّة أَي اسْتَتَر بسُتْرة وقيل كلُّ مستورٍ جَنِينٌ حتى إنهم ليقولون حِقْدٌ جَنينٌ وضِغْنٌ جَنينٌ أَنشد ابن الأَعرابي يُزَمِّلونَ جَنِينَ الضِّغْن بينهمُ والضِّغْنُ أَسْوَدُ أَو في وجْهِه كَلَفُ يُزَمِّلون يَسْتُرون ويُخْفُون والجَنينُ المَسْتُورُ في نفوسهم يقول فهم يَجْتَهِدون في سَتْرِه وليس يَسْتَتِرُ وقوله الضِّغْنُ أَسْوَدُ يقول هو بيِّنٌ ظاهرٌ في وجوههم ويقال ما عليَّ جَنَنٌ إلا ما تَرى أَي ما عليَّ شيءٌ يُواريني وفي الصحاح ما عليَّ جَنانٌ إلاّ ما تَرى أَي ثوبٌ يُوارِيني والاجْتِنان الاسْتِتار والمَجَنَّة الموضعُ الذي يُسْتَتر فيه شمر الجَنانُ الأَمر الخفي وأَنشد اللهُ يَعْلَمُ أَصحابي وقولَهُم إذ يَرْكَبون جَناناً مُسْهَباً وَرِبا أَي يَرْكبون أَمْراً مُلْتَبِساً فاسداً وأَجْنَنْتُ الشيء في صدري أَي أَكْنَنْتُه وفي الحديث تُجِنُّ بَنانَه أَي تُغَطِّيه وتَسْتُره والجُّنَّةُ الدِّرْعُ وكل ما وَقاك جُنَّةٌ والجُنَّةُ خِرْقةٌ تَلْبسها المرأَة فتغطِّي رأْسَها ما قبَلَ منه وما دَبَرَ غيرَ وسَطِه وتغطِّي الوَجْهَ وحَلْيَ الصدر وفيها عَيْنانِ مَجُوبتانِ مثل عيْنَي البُرْقُع وفي الحديث الصومُ جُنَّةٌ أَي يَقي صاحبَه ما يؤذِيه من الشهوات والجُنَّةُ الوِقايةُ وفي الحديث الإمامُ جُنَّةٌ لأَنه يَقِي المأْمومَ الزَّلَلَ والسَّهْوَ وفي حديث الصدقة كمِثْل رجُلين عليهما جُنَّتانِ من حديدٍ أَي وِقايَتانِ ويروى بالباء الموحدة تَثْنِية جُبَّةِ اللباس وجِنُّ الناس وجَنانُهم مُعْظمُهم لأَن الداخلَ فيهم يَسْتَتِر بهم قال ابن أَحمر جَنانُ المُسْلِمين أَوَدُّ مَسّاً ولو جاوَرْت أَسْلَمَ أَو غِفارا وروي وإن لاقَيْت أَسْلَم أَو غفارا قال الرِّياشي في معنى بيت ابن أَحمر قوله أَوَدُّ مَسّاً أَي أَسهل لك يقول إذا نزلت المدينة فهو خيرٌ لك من جِوار أَقارِبك وقد أَورد بعضهم هذا البيت شاهداً للجَنان السِّتْر ابن الأَعرابي جنَانُهم جماعتُهم وسَوادُهم وجَنانُ الناس دَهْماؤُهم أَبو عمرو جَنانُهم ما سَتَرك من شيء يقول أَكون بين المسلمين خيرٌ لي قال وأَسْلَمُ وغفار خيرُ الناس جِواراً وقال الراعي يصف العَيْرَ وهابَ جَنانَ مَسْحورٍ تردَّى به الحَلْفاء وأْتَزَر ائْتِزارا قال جنانه عينه وما واراه والجِنُّ ولدُ الجانّ ابن سيده الجِنُّ نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن والجمع جِنانٌ وهم الجِنَّة وفي التنزيل العزيز ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ إنهم لَمُحْضَرُون قالوا الجِنَّةُ ههنا الملائكةُ عند قوم من العرب وقال الفراء في قوله تعالى وجعلوا بينَه وبين الجِنَّةِ نَسَباً قال يقال الجِنَّةُ ههنا الملائكة يقول جعلوا بين الله وبين خَلْقِه نَسَباً فقالوا الملائكةُ بناتُ الله ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ أَن الذين قالوا هذا القولَ مُحْضَرون في النار والجِنِّيُّ منسوبٌ إلى الجِنِّ أَو الجِنَّةِ والجِنَّةُ الجِنُّ ومنه قوله تعالى من الجِنَّةِ والناسِ أَجمعين قال الزجاج التأْويلُ عندي قوله تعالى قل أَعوذ بربّ الناسِ ملِك الناسِ إله الناس من شَرِّ الوسواس الخَنَّاس الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس من الجِنَّةِ الذي هو من الجِن والناس معطوف على الوَسْوَاس المعنى من شر الوسواس ومن شر الناس الجوهري الجِنُّ خلاف الإنسِ والواحد جنِّيٌّ سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى جُنَّ الرجلُ جُنوناً وأَجنَّه اللهُ فهو مجنونٌ ولا تقل مُجَنٌّ وأَنشد ابن بري رأَت نِضْوَ أَسْفار أُمَيَّةُ شاحِباً على نِضْوِ أَسْفارٍ فَجُنَّ جُنونُها فقالت من أَيِّ الناسِ أَنتَ ومَن تكن ؟ فإِنك مَوْلى أُسْرةٍ لا يَدِينُها وقال مُدرك بن حُصين كأَنَّ سُهَيْلاً رامَها وكأَنها حَليلةُ وخْمٍ جُنَّ منه جُنونها وقوله ويَحَكِ يا جِنِّيَّ هل بَدا لكِ أَن تَرْجِعِي عَقْلي فقد أَنَى لكِ ؟ إنما أَراد مَرْأَة كالجِنِّيَّة إمَّا في جمالها وإما في تلَوُّنِها وابتِدالها ولا تكون الجِنِّيَّة هنا منسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خلاف الإنس حقيقة لأَن هذا الشاعر المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ والإنسيُّ لا يَتعشَّقُ جنِّيَّة وقول بدر بن عامر ولقد نطَقْتُ قَوافِياً إنْسِيّةً ولقد نَطقْتُ قَوافِيَ التَّجْنينِ أَراد بالإنْسِيَّة التي تقولها الإنْسُ وأَراد بالتَّجْنينِ ما تقولُه الجِنُّ وقال السكري أَراد الغريبَ الوَحْشِيّ الليث الجِنَّةُ الجُنونُ أَيضاً وفي التنزيل العزيز أَمْ به جِنَّةٌ والاسمُ والمصدرُ على صورة واحدة ويقال به جِنَّةٌ وجنونٌ ومَجَنَّة وأَنشد من الدَّارِميّينَ الذين دِماؤُهم شِفاءٌ من الداءِ المَجَنَّة والخَبْل والجِنَّةُ طائفُ الجِنِّ وقد جُنَّ جَنّاً وجُنوناً واسْتُجِنَّ قال مُلَيح الهُذَليّ فلمْ أَرَ مِثْلي يُسْتَجَنُّ صَبابةً من البَيْن أَو يَبْكي إلى غير واصِلِ وتَجَنَّن عليه وتَجانَّ وتجانَنَ أَرَى من نفسِه أَنه مجنونٌ وأَجَنَّه الله فهو مجنون على غير قياس وذلك لأَنهم يقولون جُنَّ فبُني المفعولُ من أَجنَّه الله على هذا وقالوا ما أَجنَّه قال سيبويه وقع التعجبُ منه بما أَفْعَلَه وإن كان كالخُلُق لأَنه ليس بلون في الجسد ولا بِخِلْقة فيه وإنما هو من نقْصان العقل وقال ثعلب جُنَّ الرجلُ وما أَجنَّه فجاء بالتعجب من صيغة فِعل المفعول وإنما التعجب من صيغة فِعْل الفاعل قال ابن سيده وهذا ونحوُه شاذٌّ قال الجوهري وقولهم في المَجْنون ما أَجَنَّه شاذٌّ لا يقاس عليه لأَنه لا يقال في المضروب ما أَضْرَبَه ولا في المَسْؤول ما أَسْأَلَه والجُنُنُ بالضم الجُنونُ محذوفٌ منه الواوُ قال يصف الناقة مِثْل النَّعامةِ كانت وهي سائمةٌ أَذْناءَ حتى زَهاها الحَيْنُ والجُنُنُ جاءت لِتَشْرِيَ قَرْناً أَو تُعَوِّضَه والدَّهْرُ فيه رَباحُ البَيْع والغَبَنُ فقيل إذْ نال ظُلْمٌ ثُمَّتَ اصْطُلِمَتْ إلى الصَّماخِ فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ والمَجَنَّةُ الجُنُونُ والمَجَنَّةُ الجِنُّ وأَرضُ مَجَنَّةٌ كثيرةُ الجِنِّ وقوله على ما أَنَّها هَزِئت وقالت هَنُون أَجَنَّ مَنْشاذا قريب أَجَنَّ وقع في مَجَنَّة وقوله هَنُون أَراد يا هنون وقوله مَنْشاذا قريب أَرادت أَنه صغيرُ السِّنّ تَهْزَأ به وما زائدة أَي على أَنها هَزِئَت ابن الأَعرابي باتَ فلانٌ ضَيْفَ جِنٍّ أَي بمكان خالٍ لا أَنيس به قال الأَخطل في معناه وبِتْنا كأَنَّا ضَيْفُ جِنٍّ بِلَيْلة والجانُّ أَبو الجِنِّ خُلق من نار ثم خلق منه نَسْلُه والجانُّ الجنُّ وهو اسم جمع كالجامِل والباقِر وفي التنزيل العزيز لم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانّ وقرأَ عمرو بن عبيد فيومئذ لا يُسْأَل عن ذَنْبِه إنْسٌ قَبْلَهم ولا جأَنٌّ بتحريك الأَلف وقَلْبِها همزةً قال وهذا على قراءة أَيوب السَّخْتِيالي ولا الضَّأَلِّين وعلى ما حكاه أَبو زيد عن أَبي الإصبغ وغيره شأَبَّة ومأَدَّة وقول الراجز
خاطِمَها زأَمَّها أَن تَذْهَبا
( * قوله « خاطمها إلخ » ذكر في الصحاح
يا عجباً وقد رأيت عجبا ... حمار قبان يسوق أرنبا
خاطمها زأَمها أن تذهبا ... فقلت أردفني فقال مرحبا )
وقوله
وجلَّه حتى ابْيَأَضَّ مَلْبَبُهْ وعلى ما أَنشده أَبو علي لكُثيّر وأَنتَ ابنَ لَيْلَى خَيْرُ قَوْمِكَ مَشْهداً إذا ما احْمأََرَّت بالعَبِيطِ العَوامِلُ وقول عِمْران بن حِطَّان الحَرُورِيّ قد كنتُ عندَك حَوْلاً لا تُرَوِّعُني فيه رَوائع من إنْسٍ ولا جاني إنما أَراد من إنسٍ ولا جانٍّ فأَبدل الونَ الثانية ياءً وقال ابن جني بل حذف النونَ الثانية تخفيفاً وقال أَبو إسحق في قوله تعالى أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ روي أَن خَلْقاً يقال لهم الجانُّ كانوا في الأَرض فأَفسَدوا فيا وسفَكوا الدِّماء فبعث اللهُ ملائكتَه أَجْلَتْهم من الأَرض وقيل إن هؤلاء الملائكةَ صارُوا سُكَّانَ الأَرض بعد الجانِّ فقالوا يا رَبَّنا أَتَجْعَلُ فيها مَن يُفسِد فيها أَبو عمرو الجانُّ من الجِنِّ وجمعُه جِنَّانٌ مثل حائطٍ وحِيطانٍ قال الشاعر فيها تَعَرَّفُ جِنَّانُها مَشارِبها داثِرات أُجُنْ وقال الخَطَفَى جَدّ جرير يصف إبلاً يَرْفَعْنَ بالليل إذا ما أَسْدَفا أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا وفي حديث زيد بن مقبل جِنَّان الجبال أَي يأْمرون بالفَساد من شياطين الإنس أَو من الجنِّ والجِنَّةُ بالكسر اسمُ الجِنّ وفي الحديث أَنه نَهى عن ذبائح الجِنّ قال هو أَن يَبْنِيَ الرجلُ الدارَ فإذا فرغ من بِنائها ذَبح ذَبيحةً وكانوا يقولون إذا فُعل ذلك لا يَضُرُّ أَهلَها الجِنُّ وفي حديث ماعزٍ أَنه صلى الله عليه وسلم سأَل أَهلَه عنه فقال أَيَشْتَكي أَم به جِنَّةٌ ؟ قالوا لا الجِنَّةُ بالكسر الجُنونُ وفي حديث الحسن لو أَصاب ابنُ آدمَ في كلِّ شيء جُنَّ أَي أُعْجِبَ بنفسِه حتى يصير كالمَجْنون من شدَّةِ إِعْجابِه وقال القتيبي وأَحْسِبُ قولَ الشَّنْفَرى من هذا فلو جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ وفي الحديث اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإعْجابِ به ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال ما هذا ؟ فقالوا مَجْنونٌ قال هذا مُصابٌ إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ بِمَنْكِبَيه وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه وفي حديث فَضالة كان يَخِرُّ رجالٌ من قامَتِهم في الصلاة من الخَصاصةِ حتى يقولَ الأَعْرابُ مجانين أَو مَجانُون المَجانِينُ جمعُ تكسيرٍ لمَجْنونٍ وأَما مَجانون فشاذٌّ كما شذَّ شَياطُون في شياطين وقد قرئ واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطون ويقال ضلَّ ضَلالَه وجُنَّ جُنونَه قال الشاعر هَبَّتْ له رِيحٌ فجُنَّ جُنونَه لمَّا أَتاه نَسِيمُها يَتَوَجَّسُ والجانُّ ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي وهو كثير في بيوت الناس سيبويه والجمعُ جِنَّانٌ وأَنشد بيت الخَطَفَى جدّ جرير يصف إبلاً أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا وعَنَقاً بعدَ الرَّسيم خَيْطَفا وفي الحديث أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ قال هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت واحدها جانٌّ وهو الدقيقُ الخفيف التهذيب في قوله تعالى تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ قال الجانُّ حيَّةٌ بيضاء أَبو عمرو الجانُّ حيَّةٌ وجمعُه جَوانٌ قال الزجاج المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً قال وكانت في صورة ثُعْبانٍ وهو العظيم من الحيَّاتِ ونحوَ ذلك قال أَبو العباس قال شبَّهها في عِظَمِها بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ ولذلك قال تعالى مرَّة فإذا هي ثُعْبانٌ ومرَّة كأَنها جانٌّ والجانُّ الشيطانُ أَيضاً وفي حديث زمزم أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ وكان أَهلُ الجاهليَّة يسمّون الملائكةُ عليهم السلام جِنّاً لاسْتِتارِهم عن العيون قال الأَعشى يذكر سليمان عليه السلام وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِكِ تِسعةً قِياماً لَدَيْهِ يَعْمَلونَ بلا أَجْرِ وقد قيل في قوله عز وجل إلا إبليس كان من الجنِّ إنه عَنى الملائكة قال أَبو إسحق في سِياق الآية دليلٌ على أَن إبليس أُمِرَ بالسجود مع الملائكة قال وأَكثرُ ما جاء في التفسير أَن إبليس من غير الملائكة وقد ذكر الله تعالى ذلك فقال كان من الجنّ وقيل أَيضاً إن إبليس من الجنّ بمنزلة آدمَ من الإنس وقد قيل إن الجِنّ ضرْبٌ من الملائكة كانوا خُزَّانَ الأَرض وقيل خُزّان الجنان فإن قال قائل كيف استَثْنَى مع ذكْر الملائكة فقال فسجدوا إلا إبليس كيف وقع الاستثناء وهو ليس من الأَول ؟ فالجواب في هذا أَنه أَمَره معهم بالسجود فاستثنى مع أَنه لم يَسْجُد والدليلُ على ذلك أَن تقول أَمَرْتُ عَبْدي وإخْوتي فأَطاعوني إلا عَبْدي وكذلك قوله تعالى فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين فرب العالمين ليس من الأَول لا يقد أَحد أَن يعرف من معنى الكلام غير هذا قال ويَصْلُحُ الوقفُ على قوله ربَّ العالمين لأَنه رأْسُ آيةٍ ولا يحسُن أَن ما بعده صفةٌ له وهو في موضع نصب ولا جِنَّ بهذا الأَمرِ أَي لا خَفاءِ قال الهذلي ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ فأَما قول الهذلي أَجِنِي كلَّما ذُكِرَتْ كُلَيْبٌ أَبِيتُ كأَنني أُكْوَى بجَمْر فقيل أَراد بجِدِّي وذلك أَن لفظ ج ن إنما هو موضوع للتستُّر على ما تقدم وإنما عبر عنه بجنِّي لأَن الجِدَّ مما يُلابِسُ الفِكْرَ ويُجِنُّه القلبُ فكأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ له ومُنْطوية عليه وقالت امرأَة عبد الله بن مسعود له أَجَنَّك من أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أَبو عبيد قال الكسائي وغيره معناه من أَجْلِ أَنك فترَكَتْ مِنْ والعرب تفعل ذلك تدَعُ مِن مع أَجْل كما يقال فعلتُ ذلك أَجْلَك وإِجْلَك بمعنى مِن أَجْلِك قال وقولها أَجَنَّك حذفت الأَلف واللام وأُلْقِيَت فتحةُ الهمزة على الجيم كما قال الله عز وجل لكنَّا هو الله ربِّي يقال إن معناه لكنْ أَنا هو الله ربِّي فحذف الأَلف والتقى نُونانِ فجاء التشديد كما قال الشاعر أَنشده الكسائي لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيّة لَوَسيمةٌ على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَنْ يَقُولُها أَراد لله إنَّك فحذف إحدى اللامَينِ من لله وحذَفَ الأَلف من إنَّك كذلك حُذِفَتْ اللامُ من أَجل والهمزةُ من إنَّ أَبو عبيد في قول عدي ابن زيد أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكم فوقَ مَن أَحْكى بصُلْبٍ وإزار الأَزهري قال ويقال إجْل وهو أَحبُّ إلي أَراد من أجّل ويروى فوق مَن أَحكأَ صلباً بإزار أَراد بالصلْب الحَسَبَ وبالإزارِ العِفَّةَ وقيل في قولهم أَجِنَّك كذا أَي من أَجلِ أَنك فحذفوا الأَلف واللام اختصاراً ونقلوا كسرة اللام إلى الجيم قال الشاعر أَجِنَّكِ عنْدي أَحْسَنُ الناسِ كلِّهم وأَنكِ ذاتُ الخالِ والحِبَراتِ وجِنُّ الشَّبابِ أَوَّلُه وقيل جِدَّتُه ونشاطُه ويقال كان ذلك في جِنِّ صِباه أَي في حَدَاثَتِه وكذلك جِنُّ كلِّ شيء أَوَّلُ شِدّاته وجنُّ المرَحِ كذلك فأَما قوله لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا إذا عَرَتْه جِنُّه وأَبْطَرا قد يجوز أَن يكون جُنونَ مَرَحِه وقد يكونُ الجِنُّ هنا هذا النوع المُسْتَتِر عن العَين أَي كأَنَّ الجِنَّ تَسْتَحِثُّه ويُقوِّيه قولُه عَرَتْه لأَن جنَّ المرَح لا يؤَنَّث إنما هو كجُنونه وتقول افْعَلْ ذلك الأَمرَ بجِنِّ ذلك وحِدْثانِه وجِدِّه بجِنِّه أَي بحِدْثانِه قال المتنخل الهذلي كالسُّحُل البيضِ جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى ولا يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ يريد الغيثَ الذي ذكره قبل هذا البيت يقول سقى هذا الغيثُ سَلْمى بحِدْثانِ نُزولِه من السحاب قَبْل تغيُّره ثم نهى نفسَه أَن يُنْصِبَه حُبُّ من هو مَلِقٌ يقول من كان مَلِقاً ذا تَحوُّلٍ فَصَرَمَكَ فلا ينْصِبْكَ صَرْمُه ويقال خُذ الأَمرَ بجِنِّه واتَّقِ الناقةَ فإِنها بجِنِّ ضِراسِها أَي بحِدْثانِ نتاجِها وجِنُّ النَّبْتِ زَهْرُه ونَوْرُه وقد تجنَّنَتْ الأَرضُ وجُنَّتْ جُنوناً قال كُوم تَظاهرَ نِيُّها لمّا رَعَتْ رَوْضاً بِعَيْهَمَ والحِمَى مَجْنوناً وقيل جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً غلُظ واكْتَهل وقال أَبو حنيفة نخلة مَجْنونة إذا طالت وأَنشد يا رَبِّ أَرْسِلْ خارِفَ المَساكِينْ عَجاجةً ساطِعَةَ العَثانِينْ تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ قال ابن بري يعني بخارفِ المساكين الريحَ الشديدةَ التي تنفُض لهم التَّمْرَ من رؤُوس النخل ومثله قول الآخر أَنا بارِحُ الجَوْزاءِ ما لَك لا تَرى عِيالَكَ قد أَمْسَوا مَرامِيلَ جُوَّعاً ؟ الفراء جُنَّت الأَرض إذا قاءتْ بشيء مُعْجِبٍ وقال الهذلي أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منهم وقد جُنَّ العِضاهُ من العَميم ومرَرْتُ على أَرضِ هادِرة مُتَجَنِّنة وهي التي تُهال من عشبها وقد ذهب عُشْبها كلَّ مذهب ويقال جُنَّت الأَرضُ جُنوناً إذا اعْتَمَّ نبتها قال ابن أَحمر تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري وجُنَّ الخازِبازِ به جُنونا جُنونُه كثرةُ تَرَنُّمه في طَيَرانِه وقال بعضهم الخازِ بازِ نَبْتٌ وقيل هو ذُبابٌ وجنون الذُّباب كثرةُ تَرَنُّمِه وجُنَّ الذُّبابُ أَي كثُرَ صوته وجُنونُ النَّبْت التفافُه قال أَبو النجم وطالَ جَنُّ السَّنامِ الأَمْيَلِ أَراد تُمُوكَ السَّنامِ وطولَه وجُنَّ النبتُ جُنوناً أَي طالَ والْتَفَّ وخرج زهره وقوله وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنونا يحتمل هذين الوجهين أَبو خيرة أَرضٌ مجنونةٌ مُعْشِبة لم يَرْعَها أَحدٌ وفي التهذيب شمر عن ابن الأَعرابي يقال للنخل المرتفع طولاً مجنونٌ وللنبتِ الملتَفّ الكثيف الذي قد تأَزَّرَ بعضُه في بعض مجنونٌ والجَنَّةُ البُسْتانُ ومنه الجَنّات والعربُ تسمِّي النخيلَ جَنَّةً قال زهير كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلةٍ من النَّواضِح تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً والجَنَّةُ الحَديقةُ ذات الشجر والنخل وجمعها جِنان وفيها تخصيص ويقال للنخل وغيرها وقال أَبو علي في التذكرة لا تكون الجَنَّة في كلام العرب إلا وفيها نخلٌ وعنبٌ فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجَنَّةٍ وقد ورد ذكرُ الجَنَّة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع والجَنَّةُ هي دارُ النعيم في الدار الآخرة من الاجْتنان وهو السَّتْر لتَكاثُفِ أَشْجارِها وتظليلها بالتِفافِ أَغصانِها قال وسميت بالجَنَّة وهي المرَّة الواحدة من مَصْدر جَنَّة جَنّاً إذا ستَرَه فكأَنها ستْرةٌ واحدةٌ لشدَّةِ التِفافِها وإظْلالِها وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وزعمَ أَنه للبيد دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً مُسَطَّعةَ الأَعْناق بُلْقَ القَوادِم قال يعني بالجَنَّة إبلاً كالبُسْتان ومُسطَّعة من السِّطاع وهي سِمةٌ في العنق وقد تقدم قال ابن سيده وعندي أَنه جِنَّة بالكسر لأَنه قد وصف بعبقرية أَي إبلاً مثل الجِنة في حِدَّتها ونفارها على أَنه لا يبعد الأَول وإن وصفها بالعبقرية لأَنه لما جعلها جَنَّة اسْتَجازَ أَن يَصِفَها بالعبقريّة قال وقد يجوز أَن يعني به ما أَخرج الربيعُ من أَلوانِها وأَوبارها وجميل شارَتِها وقد قيل كلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ فإذا كان ذلك فجائز أَن يوصَف به الجِنَّة وأَن يوصف به الجَنَّة والجِنِّيَّة ثياب معروفة
( * قوله « والجنية ثياب معروفة » كذا في التهذيب وقوله « والجنية مطرف إلخ » كذا في المحكم بهذا الضبط فيهما وفي القاموس والجنينة مطرف كالطيلسان اه أي لسفينة كما في شرح القاموس ) والجِنِّيّةُ مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ على خِلْقة الطَّيْلَسان تَلْبَسُها النساء ومَجَنَّةُ موضعٌ قال في الصحاح المَجَنَّةُ اسمُ موضع على أَميال من مكة وكان بِلالٌ يتمثَّل بقول الشاعر أَلا ليْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً بمكةَ حَوْلي إذْ خِرٌ وجَليلُ ؟ وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ ؟ وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ ؟ وكذلك مِجَنَّة وقال أَبو ذؤَيب فوافَى بها عُسْفانَ ثم أَتى بها مِجَنَّة تَصْفُو في القِلال ولا تَغْلي قال ابن جني يحتمل مَجَنَّةُ وَزْنَين أَحدهما أَن يكون مَفْعَلة من الجُنون كأَنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجِنِّ أَو بالجِنَّة أَعني البُسْتان أَو ما هذا سَبيلُه والآخر أَن يكون فَعَلَّةً من مَجَنَ يَمْجُن كأَنها سمِّيت بذلك لأَن ضَرْباً من المُجون كان بها هذا ما توجبُه صنعةُ عِلْمِ العرب قال فأَما لأَيِّ الأَمرَينِ وقعت التسمية فذلك أَمرٌ طريقه الخبر وكذلك الجُنَيْنة قال مما يَضُمُّ إلى عِمْرانَ حاطِبُه من الجُنَيْنَةِ جَزْلاً غيرَ مَوْزون وقال ابن عباس رضي الله عنه كانت مَجَنَّةٌ وذو المَجاز وعُكاظ أَسواقاً في الجاهليَّة والاسْتِجْنانُ الاسْتِطْراب والجَناجِنُ عِظامُ الصدر وقيل رؤُوسُ الأَضْلاع يكون ذلك للناس وغيرهم قال الأَسَْقَرُ الجُعْفِيّ لكن قَعِيدةَ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها ولها غِنا وقال الأعشى أَثَّرَتْ في جَناجِنٍ كإِران ال مَيْت عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ واحدها جِنْجِنٌ وجَنْجَنٌ وحكاه الفارسي بالهاء وغير الهاء جِنْجِن وجِنْجِنة قال الجوهري وقد يفتح قال رؤبة ومن عَجارِيهنَّ كلُّ جِنْجِن وقيل واحدها جُنْجون وقيل الجَناجِنُ أَطرافُ الأَضلاع مما يلي قَصَّ الصَّدْرِ وعَظْمَ الصُّلْب والمَنْجَنُونُ الدُّولابُ التي يُسْتَقى عليها نذكره في منجن فإِن الجوهري ذكره هنا وردَّه عليه ابنُ الأَعرابي وقال حقُّه أَن يذكر في منجن لأَنه رباعي وسنذكره هناك

جنن
جَنَّ الشيءَ يَجُنُّه جَنّاً سَتَره وكلُّ شيء سُتر عنك فقد جُنَّ عنك وجَنَّه الليلُ يَجُنُّه جَنّاً وجُنوناً وجَنَّ عليه يَجُنُّ بالضم جُنوناً وأَجَنَّه سَتَره قال ابن بري شاهدُ جَنَّه قول الهذلي وماء ورَدْتُ على جِفْنِه وقد جَنَّه السَّدَفُ الأَدْهَمُ وفي الحديث جَنَّ عليه الليلُ أَي ستَره وبه سمي الجِنُّ لاسْتِتارِهم واخْتِفائهم عن الأبصار ومنه سمي الجَنينُ لاسْتِتارِه في بطنِ أُمِّه وجِنُّ الليل وجُنونُه وجَنانُه شدَّةُ ظُلْمتِه وادْلِهْمامُه وقيل اختلاطُ ظلامِه لأَن ذلك كلَّه ساترٌ قال الهذلي حتى يَجيء وجِنُّ الليل يُوغِلُه والشَّوْكُ في وَضَحِ الرِّجْلَيْن مَرْكوزُ ويروى وجُنْحُ الليل وقال دريد بن الصَِّمَّة بن دنيان
( * قوله « دنيان » ) كذا في النسخ وقيل هو لِخُفافِ بن نُدْبة ولولا جَنانُ الليلِ أَدْرَكَ خَيْلُنا بذي الرِّمْثِ والأَرْطَى عياضَ بنَ ناشب فَتَكْنا بعبدِ اللهِ خَيْرِ لِداتِه ذِئاب بن أَسْماءَ بنِ بَدْرِ بن قارِب ويروى ولولا جُنونُ الليل أَي ما سَتَر من ظلمته وعياضُ بن جَبَل من بني ثعلبة بن سعد وقال المبرد عياض بن ناشب فزاري ويروى أَدرَك رَكْضُنا قال ابن بري ومثله لسَلامة بن جندل ولولا جَنانُ الليلِ ما آبَ عامرٌ إلى جَعْفَرٍ سِرْبالُه لم تُمَزَّقِ وحكي عن ثعلب الجَنانُ الليلُ الزجاج في قوله عز وجل فلما جَنَّ عليه الليلُ رأَى كَوْكباً يقال جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليلُ إذا أَظلم حتى يَسْتُرَه بظُلْمته ويقال لكل ما سَتر جنَّ وأَجنَّ ويقال جنَّه الليلُ والاختيارُ جَنَّ عليه الليلُ وأَجَنَّه الليل قال ذلك أَبو اسحق واسْتَجَنَّ فلانٌ إذا استَتَر بشيء وجَنَّ المَيّتَ جَنّاً وأَجَنَّه ستَره قال وقول الأَعشى ولا شَمْطاءَ لم يَتْرُك شَفاها لها من تِسْعةٍ إلاّع جَنينا فسره ابن دريد فقال يعني مَدْفوناً أَي قد ماتوا كلهم فَجُنُّوا والجَنَنُ بالفتح هو القبرُ لسَتْرِه الميت والجَنَنُ أَيضاً الكفَنُ لذلك وأَجَنَّه كفَّنَه قال ما إنْ أُبالي إذا ما مُتُّ ما فعَلوا أَأَحسنوا جَنَني أَم لم يُجِنُّوني ؟ أَبو عبيدة جَنَنْتُه في القبر وأَجْنَنْتُه أَي وارَيتُه وقد أَجنَّه إذا قبَره قال الأََعشى وهالِك أَهلٍ يُجِنُّونَه كآخَرَ في أَهْلِه لم يُجَنُّ والجَنينُ المقبورُ وقال ابن بري والجَنَنُ الميت قال كُثَيّر ويا حَبَّذا الموتُ الكريهُ لِحُبِّها ويا حَبَّذا العيْشُ المُجمّلُ والجَنَنْ قال ابن بري الجَنَنُ ههنا يحتمل أَن يراد به الميتُ والقبرُ وفي الحديث وَليَ دَفْنَ سَيّدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وإِجْنانَه عليٌّ والعباسُ أَي دَفْنه وسَتْرَه ويقال للقبر الجَنَنُ ويجمع على أَجْنانٍ ومنه حديث علي رضي الله عنه جُعِل لهم من الصفيح أَجْنانٌ والجَنانُ بالفتح القَلْبُ لاستِتاره في الصدر وقيل لِوَعْيه الأَشْياء وجَمْعِه لها وقيل الجَنانُ رُوعُ القلب وذلك أَذْهَبُ في الخَفاءِ وربما سمّي الرُّوحُ جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّه وقال ابن دريد سمّيت الرُّوح جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّها فأَنَّث الروح والجمع أَجْنانٌ عن ابن جني ويقال ما يستقرُّ جَنانُه من الفزَعِ وأَجَنَّ عنه واسْتَجَنَّ استَتَر قال شمر وسمي القلبُ جَناناً لأَن الصدْرَ أَجَنَّه وأَنشد لِعَدِيّ كلُّ حيّ تَقودُه كفُّ هادٍ جِنَّ عينٍ تُعْشِيه ما هو لاقي الهادي ههنا القَدَرُ قال ابن الأَعرابي جِنَّ عينٍ أَي ما جُنَّ عن العين فلم تَرَه يقول المَنيَّةُ مستورةٌ عنه حتى يقع فيها قال الأَزهري الهادي القَدَرُ ههنا جعله هادياً لأَنه تقدّم المنيَّة وسبَقها ونصبَ جِنَّ عينٍ بفعله أَوْقَعَه عليه وأَنشد ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ
( * قوله « ولا جن إلخ » صدره كما في تكملة الصاغاني تحدثني عيناك ما القلب كاتم )
ويروى ولا جَنَّ معناهما ولا سَتْر والهادي المتقدّم أَراد أَن القَدَر سابقُ المنيَّةِ المقدَّرة وأَما قول موسى بن جابر الحَنفيّ فما نَفَرتْ جِنِّي ولا فُلَّ مِبْرَدي ولا أَصْبَحَتْ طَيْري من الخَوْفِ وُقَّعا فإنه أَراد بالجِنّ القَلْبَ وبالمِبْرَدِ اللسانَ والجَنينُ الولدُ ما دام في بطن أُمّه لاسْتِتاره فيه وجمعُه أَجِنَّةٌ وأَجْنُنٌ بإظهار التضعيف وقد جَنَّ الجنينُ في الرحم يَجِنُّ جَنّاً وأَجَنَّتْه الحاملُ وقول الفرزذق إذا غابَ نَصْرانِيُّه في جَنِينِها أَهَلَّتْ بحَجٍّ فوق ظهْر العُجارِم عنى بذلك رَحِمَها لأَنها مُسْتَتِرة ويروى إذا غاب نَصْرانيه في جنيفها يعني بالنَّصْرانيّ ذكَر الفاعل لها من النصارى وبجَنِيفِها حِرَها وإنما جعله جَنيفاً لأَنه جزءٌ منها وهي جَنيفة وقد أَجَنَّت المرأَة ولداً وقوله أَنشد ابن الأَعرابي وجَهَرتْ أَجِنَّةً لم تُجْهَرِ يعني الأَمْواهَ المُنْدَفِنةَ يقول وردَت هذه الإبلُ الماءَ فكسَحَتْه حتى لم تدعْ منه شيئاً لِقِلَّتِه يقال جهَرَ البئرَ نزحَها والمِجَنُّ الوِشاحُ والمِجَنُّ التُّرْسُ قال ابن سيده وأُرى اللحياني قد حكى فيه المِجَنَّة وجعله سيبويه فِعَلاً وسنذكره والجمع المَجانُّ بالفتح وفي حديث السرقة القَطْعُ في ثَمَنِ المِجَنِّ هو التُّرْسُ لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره والميم زائدة وفي حديث علي كرَّم الله وجهَه كتب إليَّ ابنُ عباسٍ قلَبْتَ لابنِ عَمِّكَ ظَهْرَ المِجَنِّ قال ابن الأَثير هذه كلمة تُضْرَب مَثَلاً لمن كان لصاحبه على مودَّة أَو رعايةٍ ثم حالَ عن ذلك ابن سيده وقَلَبْ فلانٌ مِجَنَّة أَي أَسقَط الحياءَ وفعَل ما شاءَ وقلَبَ أَيضاً مِجَنَّة ملَك أَمرَه واستبدَّ به قال الفرزدق كيف تراني قالِباً مِجَنِّي ؟ أَقْلِبُ أَمْري ظَهْرَه للبَطْنِ وفي حديث أَشراطِ الساعةِ وُجوهُهم كالمَجانِّ المُطْرَقة يعني التُّرْكَ والجُنَّةُ بالضم ما واراكَ من السِّلاح واسْتَتَرْتَ به منه والجُنَّةُ السُّتْرة والجمع الجُنَنُ يقال اسْتَجَنَّ بجُنَّة أَي اسْتَتَر بسُتْرة وقيل كلُّ مستورٍ جَنِينٌ حتى إنهم ليقولون حِقْدٌ جَنينٌ وضِغْنٌ جَنينٌ أَنشد ابن الأَعرابي يُزَمِّلونَ جَنِينَ الضِّغْن بينهمُ والضِّغْنُ أَسْوَدُ أَو في وجْهِه كَلَفُ يُزَمِّلون يَسْتُرون ويُخْفُون والجَنينُ المَسْتُورُ في نفوسهم يقول فهم يَجْتَهِدون في سَتْرِه وليس يَسْتَتِرُ وقوله الضِّغْنُ أَسْوَدُ يقول هو بيِّنٌ ظاهرٌ في وجوههم ويقال ما عليَّ جَنَنٌ إلا ما تَرى أَي ما عليَّ شيءٌ يُواريني وفي الصحاح ما عليَّ جَنانٌ إلاّ ما تَرى أَي ثوبٌ يُوارِيني والاجْتِنان الاسْتِتار والمَجَنَّة الموضعُ الذي يُسْتَتر فيه شمر الجَنانُ الأَمر الخفي وأَنشد اللهُ يَعْلَمُ أَصحابي وقولَهُم إذ يَرْكَبون جَناناً مُسْهَباً وَرِبا أَي يَرْكبون أَمْراً مُلْتَبِساً فاسداً وأَجْنَنْتُ الشيء في صدري أَي أَكْنَنْتُه وفي الحديث تُجِنُّ بَنانَه أَي تُغَطِّيه وتَسْتُره والجُّنَّةُ الدِّرْعُ وكل ما وَقاك جُنَّةٌ والجُنَّةُ خِرْقةٌ تَلْبسها المرأَة فتغطِّي رأْسَها ما قبَلَ منه وما دَبَرَ غيرَ وسَطِه وتغطِّي الوَجْهَ وحَلْيَ الصدر وفيها عَيْنانِ مَجُوبتانِ مثل عيْنَي البُرْقُع وفي الحديث الصومُ جُنَّةٌ أَي يَقي صاحبَه ما يؤذِيه من الشهوات والجُنَّةُ الوِقايةُ وفي الحديث الإمامُ جُنَّةٌ لأَنه يَقِي المأْمومَ الزَّلَلَ والسَّهْوَ وفي حديث الصدقة كمِثْل رجُلين عليهما جُنَّتانِ من حديدٍ أَي وِقايَتانِ ويروى بالباء الموحدة تَثْنِية جُبَّةِ اللباس وجِنُّ الناس وجَنانُهم مُعْظمُهم لأَن الداخلَ فيهم يَسْتَتِر بهم قال ابن أَحمر جَنانُ المُسْلِمين أَوَدُّ مَسّاً ولو جاوَرْت أَسْلَمَ أَو غِفارا وروي وإن لاقَيْت أَسْلَم أَو غفارا قال الرِّياشي في معنى بيت ابن أَحمر قوله أَوَدُّ مَسّاً أَي أَسهل لك يقول إذا نزلت المدينة فهو خيرٌ لك من جِوار أَقارِبك وقد أَورد بعضهم هذا البيت شاهداً للجَنان السِّتْر ابن الأَعرابي جنَانُهم جماعتُهم وسَوادُهم وجَنانُ الناس دَهْماؤُهم أَبو عمرو جَنانُهم ما سَتَرك من شيء يقول أَكون بين المسلمين خيرٌ لي قال وأَسْلَمُ وغفار خيرُ الناس جِواراً وقال الراعي يصف العَيْرَ وهابَ جَنانَ مَسْحورٍ تردَّى به الحَلْفاء وأْتَزَر ائْتِزارا قال جنانه عينه وما واراه والجِنُّ ولدُ الجانّ ابن سيده الجِنُّ نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار ولأَنهم اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن والجمع جِنانٌ وهم الجِنَّة وفي التنزيل العزيز ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ إنهم لَمُحْضَرُون قالوا الجِنَّةُ ههنا الملائكةُ عند قوم من العرب وقال الفراء في قوله تعالى وجعلوا بينَه وبين الجِنَّةِ نَسَباً قال يقال الجِنَّةُ ههنا الملائكة يقول جعلوا بين الله وبين خَلْقِه نَسَباً فقالوا الملائكةُ بناتُ الله ولقد عَلِمَت الجِنَّةُ أَن الذين قالوا هذا القولَ مُحْضَرون في النار والجِنِّيُّ منسوبٌ إلى الجِنِّ أَو الجِنَّةِ والجِنَّةُ الجِنُّ ومنه قوله تعالى من الجِنَّةِ والناسِ أَجمعين قال الزجاج التأْويلُ عندي قوله تعالى قل أَعوذ بربّ الناسِ ملِك الناسِ إله الناس من شَرِّ الوسواس الخَنَّاس الذي يُوَسْوِسُ في صدور الناس من الجِنَّةِ الذي هو من الجِن والناس معطوف على الوَسْوَاس المعنى من شر الوسواس ومن شر الناس الجوهري الجِنُّ خلاف الإنسِ والواحد جنِّيٌّ سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى جُنَّ الرجلُ جُنوناً وأَجنَّه اللهُ فهو مجنونٌ ولا تقل مُجَنٌّ وأَنشد ابن بري رأَت نِضْوَ أَسْفار أُمَيَّةُ شاحِباً على نِضْوِ أَسْفارٍ فَجُنَّ جُنونُها فقالت من أَيِّ الناسِ أَنتَ ومَن تكن ؟ فإِنك مَوْلى أُسْرةٍ لا يَدِينُها وقال مُدرك بن حُصين كأَنَّ سُهَيْلاً رامَها وكأَنها حَليلةُ وخْمٍ جُنَّ منه جُنونها وقوله ويَحَكِ يا جِنِّيَّ هل بَدا لكِ أَن تَرْجِعِي عَقْلي فقد أَنَى لكِ ؟ إنما أَراد مَرْأَة كالجِنِّيَّة إمَّا في جمالها وإما في تلَوُّنِها وابتِدالها ولا تكون الجِنِّيَّة هنا منسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خلاف الإنس حقيقة لأَن هذا الشاعر المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ والإنسيُّ لا يَتعشَّقُ جنِّيَّة وقول بدر بن عامر ولقد نطَقْتُ قَوافِياً إنْسِيّةً ولقد نَطقْتُ قَوافِيَ التَّجْنينِ أَراد بالإنْسِيَّة التي تقولها الإنْسُ وأَراد بالتَّجْنينِ ما تقولُه الجِنُّ وقال السكري أَراد الغريبَ الوَحْشِيّ الليث الجِنَّةُ الجُنونُ أَيضاً وفي التنزيل العزيز أَمْ به جِنَّةٌ والاسمُ والمصدرُ على صورة واحدة ويقال به جِنَّةٌ وجنونٌ ومَجَنَّة وأَنشد من الدَّارِميّينَ الذين دِماؤُهم شِفاءٌ من الداءِ المَجَنَّة والخَبْل والجِنَّةُ طائفُ الجِنِّ وقد جُنَّ جَنّاً وجُنوناً واسْتُجِنَّ قال مُلَيح الهُذَليّ فلمْ أَرَ مِثْلي يُسْتَجَنُّ صَبابةً من البَيْن أَو يَبْكي إلى غير واصِلِ وتَجَنَّن عليه وتَجانَّ وتجانَنَ أَرَى من نفسِه أَنه مجنونٌ وأَجَنَّه الله فهو مجنون على غير قياس وذلك لأَنهم يقولون جُنَّ فبُني المفعولُ من أَجنَّه الله على هذا وقالوا ما أَجنَّه قال سيبويه وقع التعجبُ منه بما أَفْعَلَه وإن كان كالخُلُق لأَنه ليس بلون في الجسد ولا بِخِلْقة فيه وإنما هو من نقْصان العقل وقال ثعلب جُنَّ الرجلُ وما أَجنَّه فجاء بالتعجب من صيغة فِعل المفعول وإنما التعجب من صيغة فِعْل الفاعل قال ابن سيده وهذا ونحوُه شاذٌّ قال الجوهري وقولهم في المَجْنون ما أَجَنَّه شاذٌّ لا يقاس عليه لأَنه لا يقال في المضروب ما أَضْرَبَه ولا في المَسْؤول ما أَسْأَلَه والجُنُنُ بالضم الجُنونُ محذوفٌ منه الواوُ قال يصف الناقة مِثْل النَّعامةِ كانت وهي سائمةٌ أَذْناءَ حتى زَهاها الحَيْنُ والجُنُنُ جاءت لِتَشْرِيَ قَرْناً أَو تُعَوِّضَه والدَّهْرُ فيه رَباحُ البَيْع والغَبَنُ فقيل إذْ نال ظُلْمٌ ثُمَّتَ اصْطُلِمَتْ إلى الصَّماخِ فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ والمَجَنَّةُ الجُنُونُ والمَجَنَّةُ الجِنُّ وأَرضُ مَجَنَّةٌ كثيرةُ الجِنِّ وقوله على ما أَنَّها هَزِئت وقالت هَنُون أَجَنَّ مَنْشاذا قريب أَجَنَّ وقع في مَجَنَّة وقوله هَنُون أَراد يا هنون وقوله مَنْشاذا قريب أَرادت أَنه صغيرُ السِّنّ تَهْزَأ به وما زائدة أَي على أَنها هَزِئَت ابن الأَعرابي باتَ فلانٌ ضَيْفَ جِنٍّ أَي بمكان خالٍ لا أَنيس به قال الأَخطل في معناه وبِتْنا كأَنَّا ضَيْفُ جِنٍّ بِلَيْلة والجانُّ أَبو الجِنِّ خُلق من نار ثم خلق منه نَسْلُه والجانُّ الجنُّ وهو اسم جمع كالجامِل والباقِر وفي التنزيل العزيز لم يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانّ وقرأَ عمرو بن عبيد فيومئذ لا يُسْأَل عن ذَنْبِه إنْسٌ قَبْلَهم ولا جأَنٌّ بتحريك الأَلف وقَلْبِها همزةً قال وهذا على قراءة أَيوب السَّخْتِيالي ولا الضَّأَلِّين وعلى ما حكاه أَبو زيد عن أَبي الإصبغ وغيره شأَبَّة ومأَدَّة وقول الراجز
خاطِمَها زأَمَّها أَن تَذْهَبا
( * قوله « خاطمها إلخ » ذكر في الصحاح
يا عجباً وقد رأيت عجبا ... حمار قبان يسوق أرنبا
خاطمها زأَمها أن تذهبا ... فقلت أردفني فقال مرحبا )
وقوله
وجلَّه حتى ابْيَأَضَّ مَلْبَبُهْ وعلى ما أَنشده أَبو علي لكُثيّر وأَنتَ ابنَ لَيْلَى خَيْرُ قَوْمِكَ مَشْهداً إذا ما احْمأََرَّت بالعَبِيطِ العَوامِلُ وقول عِمْران بن حِطَّان الحَرُورِيّ قد كنتُ عندَك حَوْلاً لا تُرَوِّعُني فيه رَوائع من إنْسٍ ولا جاني إنما أَراد من إنسٍ ولا جانٍّ فأَبدل الونَ الثانية ياءً وقال ابن جني بل حذف النونَ الثانية تخفيفاً وقال أَبو إسحق في قوله تعالى أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ روي أَن خَلْقاً يقال لهم الجانُّ كانوا في الأَرض فأَفسَدوا فيا وسفَكوا الدِّماء فبعث اللهُ ملائكتَه أَجْلَتْهم من الأَرض وقيل إن هؤلاء الملائكةَ صارُوا سُكَّانَ الأَرض بعد الجانِّ فقالوا يا رَبَّنا أَتَجْعَلُ فيها مَن يُفسِد فيها أَبو عمرو الجانُّ من الجِنِّ وجمعُه جِنَّانٌ مثل حائطٍ وحِيطانٍ قال الشاعر فيها تَعَرَّفُ جِنَّانُها مَشارِبها داثِرات أُجُنْ وقال الخَطَفَى جَدّ جرير يصف إبلاً يَرْفَعْنَ بالليل إذا ما أَسْدَفا أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا وفي حديث زيد بن مقبل جِنَّان الجبال أَي يأْمرون بالفَساد من شياطين الإنس أَو من الجنِّ والجِنَّةُ بالكسر اسمُ الجِنّ وفي الحديث أَنه نَهى عن ذبائح الجِنّ قال هو أَن يَبْنِيَ الرجلُ الدارَ فإذا فرغ من بِنائها ذَبح ذَبيحةً وكانوا يقولون إذا فُعل ذلك لا يَضُرُّ أَهلَها الجِنُّ وفي حديث ماعزٍ أَنه صلى الله عليه وسلم سأَل أَهلَه عنه فقال أَيَشْتَكي أَم به جِنَّةٌ ؟ قالوا لا الجِنَّةُ بالكسر الجُنونُ وفي حديث الحسن لو أَصاب ابنُ آدمَ في كلِّ شيء جُنَّ أَي أُعْجِبَ بنفسِه حتى يصير كالمَجْنون من شدَّةِ إِعْجابِه وقال القتيبي وأَحْسِبُ قولَ الشَّنْفَرى من هذا فلو جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جُنَّتِ وفي الحديث اللهم إني أَعوذ بك من جُنونِ العَمَلِ أَي من الإعْجابِ به ويؤكِّد هذا حديثُه الآخر أَنه رأَى قوماً مجتمعين على إنسان فقال ما هذا ؟ فقالوا مَجْنونٌ قال هذا مُصابٌ إنما المَجْنونُ الذي يَضْرِبُ بِمَنْكِبَيه وينظرُ في عَطْفَيْه ويتَمَطَّى في مِشْيَتِه وفي حديث فَضالة كان يَخِرُّ رجالٌ من قامَتِهم في الصلاة من الخَصاصةِ حتى يقولَ الأَعْرابُ مجانين أَو مَجانُون المَجانِينُ جمعُ تكسيرٍ لمَجْنونٍ وأَما مَجانون فشاذٌّ كما شذَّ شَياطُون في شياطين وقد قرئ واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطون ويقال ضلَّ ضَلالَه وجُنَّ جُنونَه قال الشاعر هَبَّتْ له رِيحٌ فجُنَّ جُنونَه لمَّا أَتاه نَسِيمُها يَتَوَجَّسُ والجانُّ ضرْبٌ من الحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَين يَضْرِب إلى الصُّفْرة لا يؤذي وهو كثير في بيوت الناس سيبويه والجمعُ جِنَّانٌ وأَنشد بيت الخَطَفَى جدّ جرير يصف إبلاً أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا وعَنَقاً بعدَ الرَّسيم خَيْطَفا وفي الحديث أَنه نهَى عن قَتْلِ الجِنَّانِ قال هي الحيَّاتُ التي تكون في البيوت واحدها جانٌّ وهو الدقيقُ الخفيف التهذيب في قوله تعالى تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ قال الجانُّ حيَّةٌ بيضاء أَبو عمرو الجانُّ حيَّةٌ وجمعُه جَوانٌ قال الزجاج المعنى أَن العصا صارت تتحرَّكُ كما يتحرَّكُ الجانُّ حركةً خفيفةً قال وكانت في صورة ثُعْبانٍ وهو العظيم من الحيَّاتِ ونحوَ ذلك قال أَبو العباس قال شبَّهها في عِظَمِها بالثعْبانِ وفي خِفَّتِها بالجانِّ ولذلك قال تعالى مرَّة فإذا هي ثُعْبانٌ ومرَّة كأَنها جانٌّ والجانُّ الشيطانُ أَيضاً وفي حديث زمزم أَن فيها جِنَّاناً كثيرةً أَي حيَّاتٍ وكان أَهلُ الجاهليَّة يسمّون الملائكةُ عليهم السلام جِنّاً لاسْتِتارِهم عن العيون قال الأَعشى يذكر سليمان عليه السلام وسَخَّرَ من جِنِّ الملائِكِ تِسعةً قِياماً لَدَيْهِ يَعْمَلونَ بلا أَجْرِ وقد قيل في قوله عز وجل إلا إبليس كان من الجنِّ إنه عَنى الملائكة قال أَبو إسحق في سِياق الآية دليلٌ على أَن إبليس أُمِرَ بالسجود مع الملائكة قال وأَكثرُ ما جاء في التفسير أَن إبليس من غير الملائكة وقد ذكر الله تعالى ذلك فقال كان من الجنّ وقيل أَيضاً إن إبليس من الجنّ بمنزلة آدمَ من الإنس وقد قيل إن الجِنّ ضرْبٌ من الملائكة كانوا خُزَّانَ الأَرض وقيل خُزّان الجنان فإن قال قائل كيف استَثْنَى مع ذكْر الملائكة فقال فسجدوا إلا إبليس كيف وقع الاستثناء وهو ليس من الأَول ؟ فالجواب في هذا أَنه أَمَره معهم بالسجود فاستثنى مع أَنه لم يَسْجُد والدليلُ على ذلك أَن تقول أَمَرْتُ عَبْدي وإخْوتي فأَطاعوني إلا عَبْدي وكذلك قوله تعالى فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين فرب العالمين ليس من الأَول لا يقد أَحد أَن يعرف من معنى الكلام غير هذا قال ويَصْلُحُ الوقفُ على قوله ربَّ العالمين لأَنه رأْسُ آيةٍ ولا يحسُن أَن ما بعده صفةٌ له وهو في موضع نصب ولا جِنَّ بهذا الأَمرِ أَي لا خَفاءِ قال الهذلي ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ فأَما قول الهذلي أَجِنِي كلَّما ذُكِرَتْ كُلَيْبٌ أَبِيتُ كأَنني أُكْوَى بجَمْر فقيل أَراد بجِدِّي وذلك أَن لفظ ج ن إنما هو موضوع للتستُّر على ما تقدم وإنما عبر عنه بجنِّي لأَن الجِدَّ مما يُلابِسُ الفِكْرَ ويُجِنُّه القلبُ فكأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ له ومُنْطوية عليه وقالت امرأَة عبد الله بن مسعود له أَجَنَّك من أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أَبو عبيد قال الكسائي وغيره معناه من أَجْلِ أَنك فترَكَتْ مِنْ والعرب تفعل ذلك تدَعُ مِن مع أَجْل كما يقال فعلتُ ذلك أَجْلَك وإِجْلَك بمعنى مِن أَجْلِك قال وقولها أَجَنَّك حذفت الأَلف واللام وأُلْقِيَت فتحةُ الهمزة على الجيم كما قال الله عز وجل لكنَّا هو الله ربِّي يقال إن معناه لكنْ أَنا هو الله ربِّي فحذف الأَلف والتقى نُونانِ فجاء التشديد كما قال الشاعر أَنشده الكسائي لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيّة لَوَسيمةٌ على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَنْ يَقُولُها أَراد لله إنَّك فحذف إحدى اللامَينِ من لله وحذَفَ الأَلف من إنَّك كذلك حُذِفَتْ اللامُ من أَجل والهمزةُ من إنَّ أَبو عبيد في قول عدي ابن زيد أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكم فوقَ مَن أَحْكى بصُلْبٍ وإزار الأَزهري قال ويقال إجْل وهو أَحبُّ إلي أَراد من أجّل ويروى فوق مَن أَحكأَ صلباً بإزار أَراد بالصلْب الحَسَبَ وبالإزارِ العِفَّةَ وقيل في قولهم أَجِنَّك كذا أَي من أَجلِ أَنك فحذفوا الأَلف واللام اختصاراً ونقلوا كسرة اللام إلى الجيم قال الشاعر أَجِنَّكِ عنْدي أَحْسَنُ الناسِ كلِّهم وأَنكِ ذاتُ الخالِ والحِبَراتِ وجِنُّ الشَّبابِ أَوَّلُه وقيل جِدَّتُه ونشاطُه ويقال كان ذلك في جِنِّ صِباه أَي في حَدَاثَتِه وكذلك جِنُّ كلِّ شيء أَوَّلُ شِدّاته وجنُّ المرَحِ كذلك فأَما قوله لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا إذا عَرَتْه جِنُّه وأَبْطَرا قد يجوز أَن يكون جُنونَ مَرَحِه وقد يكونُ الجِنُّ هنا هذا النوع المُسْتَتِر عن العَين أَي كأَنَّ الجِنَّ تَسْتَحِثُّه ويُقوِّيه قولُه عَرَتْه لأَن جنَّ المرَح لا يؤَنَّث إنما هو كجُنونه وتقول افْعَلْ ذلك الأَمرَ بجِنِّ ذلك وحِدْثانِه وجِدِّه بجِنِّه أَي بحِدْثانِه قال المتنخل الهذلي كالسُّحُل البيضِ جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى ولا يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ يريد الغيثَ الذي ذكره قبل هذا البيت يقول سقى هذا الغيثُ سَلْمى بحِدْثانِ نُزولِه من السحاب قَبْل تغيُّره ثم نهى نفسَه أَن يُنْصِبَه حُبُّ من هو مَلِقٌ يقول من كان مَلِقاً ذا تَحوُّلٍ فَصَرَمَكَ فلا ينْصِبْكَ صَرْمُه ويقال خُذ الأَمرَ بجِنِّه واتَّقِ الناقةَ فإِنها بجِنِّ ضِراسِها أَي بحِدْثانِ نتاجِها وجِنُّ النَّبْتِ زَهْرُه ونَوْرُه وقد تجنَّنَتْ الأَرضُ وجُنَّتْ جُنوناً قال كُوم تَظاهرَ نِيُّها لمّا رَعَتْ رَوْضاً بِعَيْهَمَ والحِمَى مَجْنوناً وقيل جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً غلُظ واكْتَهل وقال أَبو حنيفة نخلة مَجْنونة إذا طالت وأَنشد يا رَبِّ أَرْسِلْ خارِفَ المَساكِينْ عَجاجةً ساطِعَةَ العَثانِينْ تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ قال ابن بري يعني بخارفِ المساكين الريحَ الشديدةَ التي تنفُض لهم التَّمْرَ من رؤُوس النخل ومثله قول الآخر أَنا بارِحُ الجَوْزاءِ ما لَك لا تَرى عِيالَكَ قد أَمْسَوا مَرامِيلَ جُوَّعاً ؟ الفراء جُنَّت الأَرض إذا قاءتْ بشيء مُعْجِبٍ وقال الهذلي أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منهم وقد جُنَّ العِضاهُ من العَميم ومرَرْتُ على أَرضِ هادِرة مُتَجَنِّنة وهي التي تُهال من عشبها وقد ذهب عُشْبها كلَّ مذهب ويقال جُنَّت الأَرضُ جُنوناً إذا اعْتَمَّ نبتها قال ابن أَحمر تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري وجُنَّ الخازِبازِ به جُنونا جُنونُه كثرةُ تَرَنُّمه في طَيَرانِه وقال بعضهم الخازِ بازِ نَبْتٌ وقيل هو ذُبابٌ وجنون الذُّباب كثرةُ تَرَنُّمِه وجُنَّ الذُّبابُ أَي كثُرَ صوته وجُنونُ النَّبْت التفافُه قال أَبو النجم وطالَ جَنُّ السَّنامِ الأَمْيَلِ أَراد تُمُوكَ السَّنامِ وطولَه وجُنَّ النبتُ جُنوناً أَي طالَ والْتَفَّ وخرج زهره وقوله وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنونا يحتمل هذين الوجهين أَبو خيرة أَرضٌ مجنونةٌ مُعْشِبة لم يَرْعَها أَحدٌ وفي التهذيب شمر عن ابن الأَعرابي يقال للنخل المرتفع طولاً مجنونٌ وللنبتِ الملتَفّ الكثيف الذي قد تأَزَّرَ بعضُه في بعض مجنونٌ والجَنَّةُ البُسْتانُ ومنه الجَنّات والعربُ تسمِّي النخيلَ جَنَّةً قال زهير كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلةٍ من النَّواضِح تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً والجَنَّةُ الحَديقةُ ذات الشجر والنخل وجمعها جِنان وفيها تخصيص ويقال للنخل وغيرها وقال أَبو علي في التذكرة لا تكون الجَنَّة في كلام العرب إلا وفيها نخلٌ وعنبٌ فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجَنَّةٍ وقد ورد ذكرُ الجَنَّة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع والجَنَّةُ هي دارُ النعيم في الدار الآخرة من الاجْتنان وهو السَّتْر لتَكاثُفِ أَشْجارِها وتظليلها بالتِفافِ أَغصانِها قال وسميت بالجَنَّة وهي المرَّة الواحدة من مَصْدر جَنَّة جَنّاً إذا ستَرَه فكأَنها ستْرةٌ واحدةٌ لشدَّةِ التِفافِها وإظْلالِها وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وزعمَ أَنه للبيد دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً مُسَطَّعةَ الأَعْناق بُلْقَ القَوادِم قال يعني بالجَنَّة إبلاً كالبُسْتان ومُسطَّعة من السِّطاع وهي سِمةٌ في العنق وقد تقدم قال ابن سيده وعندي أَنه جِنَّة بالكسر لأَنه قد وصف بعبقرية أَي إبلاً مثل الجِنة في حِدَّتها ونفارها على أَنه لا يبعد الأَول وإن وصفها بالعبقرية لأَنه لما جعلها جَنَّة اسْتَجازَ أَن يَصِفَها بالعبقريّة قال وقد يجوز أَن يعني به ما أَخرج الربيعُ من أَلوانِها وأَوبارها وجميل شارَتِها وقد قيل كلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ فإذا كان ذلك فجائز أَن يوصَف به الجِنَّة وأَن يوصف به الجَنَّة والجِنِّيَّة ثياب معروفة
( * قوله « والجنية ثياب معروفة » كذا في التهذيب وقوله « والجنية مطرف إلخ » كذا في المحكم بهذا الضبط فيهما وفي القاموس والجنينة مطرف كالطيلسان اه أي لسفينة كما في شرح القاموس ) والجِنِّيّةُ مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ على خِلْقة الطَّيْلَسان تَلْبَسُها النساء ومَجَنَّةُ موضعٌ قال في الصحاح المَجَنَّةُ اسمُ موضع على أَميال من مكة وكان بِلالٌ يتمثَّل بقول الشاعر أَلا ليْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً بمكةَ حَوْلي إذْ خِرٌ وجَليلُ ؟ وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ ؟ وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ ؟ وكذلك مِجَنَّة وقال أَبو ذؤَيب فوافَى بها عُسْفانَ ثم أَتى بها مِجَنَّة تَصْفُو في القِلال ولا تَغْلي قال ابن جني يحتمل مَجَنَّةُ وَزْنَين أَحدهما أَن يكون مَفْعَلة من الجُنون كأَنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجِنِّ أَو بالجِنَّة أَعني البُسْتان أَو ما هذا سَبيلُه والآخر أَن يكون فَعَلَّةً من مَجَنَ يَمْجُن كأَنها سمِّيت بذلك لأَن ضَرْباً من المُجون كان بها هذا ما توجبُه صنعةُ عِلْمِ العرب قال فأَما لأَيِّ الأَمرَينِ وقعت التسمية فذلك أَمرٌ طريقه الخبر وكذلك الجُنَيْنة قال مما يَضُمُّ إلى عِمْرانَ حاطِبُه من الجُنَيْنَةِ جَزْلاً غيرَ مَوْزون وقال ابن عباس رضي الله عنه كانت مَجَنَّةٌ وذو المَجاز وعُكاظ أَسواقاً في الجاهليَّة والاسْتِجْنانُ الاسْتِطْراب والجَناجِنُ عِظامُ الصدر وقيل رؤُوسُ الأَضْلاع يكون ذلك للناس وغيرهم قال الأَسَْقَرُ الجُعْفِيّ لكن قَعِيدةَ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها ولها غِنا وقال الأعشى أَثَّرَتْ في جَناجِنٍ كإِران ال مَيْت عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ واحدها جِنْجِنٌ وجَنْجَنٌ وحكاه الفارسي بالهاء وغير الهاء جِنْجِن وجِنْجِنة قال الجوهري وقد يفتح قال رؤبة ومن عَجارِيهنَّ كلُّ جِنْجِن وقيل واحدها جُنْجون وقيل الجَناجِنُ أَطرافُ الأَضلاع مما يلي قَصَّ الصَّدْرِ وعَظْمَ الصُّلْب والمَنْجَنُونُ الدُّولابُ التي يُسْتَقى عليها نذكره في منجن فإِن الجوهري ذكره هنا وردَّه عليه ابنُ الأَعرابي وقال حقُّه أَن يذكر في منجن لأَنه رباعي وسنذكره هناك

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88