كتاب : لسان العرب
المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور

عذا
العَذَاةُ الأَرضُ الطَّيِّبة التُّرْبَةِ الكَريمَةُ المَنْبِتِ التي ليستْ بسَبِخَةٍ وقيل هي الأَرضُ البعيدةُ عن الأَحْساءِ والنُّزُورِ والريف السَّهْلَة المَريئَة التي يكون كَلَؤُها مَريئاً ناجِعاً وقيل هي البعيدةُ من الأَنْهارِ والبُحورِ والسِّبَاخِ وقيل هي البعيدة من الناس ولا تكونُ العَذاةُ ذات وخامَةٍ ولا وَباءٍ قال ذو الرمة بأَرْضٍ هِجانِ التُّرْب وسْمِيَّةِ الثَّرى عَذَاةٍ نَأَتْ عنها المُلوحة والبَحْرُ والجمع عَذَواتٌ وعَذاً والعِذْيُ كالعَذاةِ قلبَت الواوُ ياءً لضعف الساكن أَن يَحْجُز كما قالوا صِبْية وقد قيل إِنه ياءٌ والاسم العَذاءُ وكذلك أَرضٌ عَذِيَةٌ مثلُ خَرِبَةٍ أَبو زيد وعَذُوَتِ الأَرض وعَذِيَتْ أَحسنَ العَذاةِ وهي الأَرضُ الطيبةُ التُّرْبةِ البعيدةُ من الماء وقال حُذَيفة لرجل إِن كنت لا بدَّ نازلاً بالبَصْرة فانْزِلْ عَذَواتِها ولا تَنْزِلْ سُرَّتها جمعُ عَذاةٍ وهي الأَرضُ الطيبة التربة البعيدة من المِياه والسِّباخ واسْتَعْذَيْتُ المكانَ واسْتَقْمَأْتُه وقد قامأَني فلانٌ أَي وافَقَني وأَرْضٌ عَذاةٌ إِذا لم يكن فيها حَمْضٌ ولم تكنْ قَريبةً من بلاده والعَذاة الخَامَةُ من الزَّرْعِ يقال رَعَيْنا أَرْضاً عَذَاةً ورَعَيْنا عَذَواتِ الأَرْض ويقال في تصريفه عَذيَ يَعْذى عَذىً فهو عَذِيٌّ وعِذْيٌ وجمع العِذْيِ أَعْذاءٌ وقال ابن سيده في ترجمة عذي بالياء العِذْيُ اسم للموضع الذي يُنبت في الصيف والشتاءِ من غير نَبْعِ ماءٍ والعِذْيُ بالتسكين الزَّرْع الذي لا يُسْقي إِلاَّ من ماءِ المَطَرِ لبُعْدِه من المِياهِ وكذلك النَّخْلُ وقيل العِذْي من النَّخِيل ما سَقَتْه السماءُ والبَعْلُ ما شَرِبَ بعُرُوقه من عيونِ الأَرض من غيرِ سَماءٍ ولا سَقْيٍ وقيل العِذْيُ البَعْل نَفْسُه قال وقال أَبو حنيفة العِذْيُ كلُّ بَلَدٍ لا حَمْضَ فيه وإبلٌ عَواذٍ إِذا كانت في مَرْعىً لا حَمْض فيه فإِذا أَفْرَدْت قلتَ إِبل عاذِيَة قال ابن سيده ولا أَعْرِفُ معنى هذا وذهبَ ابنُ جني إِلى أَنَّ ياءَ عِذْيٍ بدلٌ من واوٍ لقولهم أَرَضُونَ عَذَواتٌ فإِن كان ذلك فبابُه الواو وقال أَبو حنيفة إِبلٌ عاذِيَةٌ وعَذَوِيَّة تَرْعى الخُلَّة والليث والعِذْيُ موضعٌ بالبادية قال الأَزهري لا أَعرِفُه ولم أَسْمَعْه لغيرِه وأَما قوله في العِذْيِ أَيضاً إِنه اسم للموضع الذي يُنْبِتُ في الشتاء والصيف من غير نَبْعِ ماءٍ فإِن كلام العرب على غيره وليس العِذْيُ اسماً للموضع ولكن العِذْيُ من الزروع والنخيلِ ما لا يُسْقَى إِلاَّ بماء السماء وكذلك عِذْيُ الكَلإِ والنباتِ ما بَعُدَ عن الرِّيفِ وأَنْبَتَه ماءُ السماءِ قال ابن سيده والعَذَوانُ النَّشِيطُ الخفيف الذي ليس عنده كبِيرُ حِلمٍ ولا أَصالةٍ عن كراع والأُنثى بالهاء وعَذا يَعْذُو إذا طابَ هَواؤه

عرا
عَرَاهُ عَرْواً واعْتَراه كلاهما غَشِيَه طالباً معروفه وحكى ثعلب أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول إِذا أَتيْت رجُلاً تَطْلُب منه حاجة قلتَ عَرَوْتُه وعَرَرْتُه واعْتَرَيْتُه واعْتَرَرْتُه قال الجوهري عَرَوْتُه أَعْرُوه إِذا أَلْمَمْتَ به وأَتيتَه طالباً فهو مَعْرُوٌّ وفي حديث أَبي ذرّ ما لَك لا تَعْتَريهمْ وتُصِيبُ منهم ؟ هو من قَصْدِهم وطَلَبِ رِفْدِهم وصِلَتِهِم وفلان تَعْرُوه الأَضْيافُ وتَعْتَرِيهِ أَي تَغْشاهُ ومنه قول النابغة أَتيتُكَ عارِياً خَلَقاً ثِيابي على خَوْفٍ تُظَنُّ بيَ الظُّنونُ وقوله عز وجل إِنْ نقولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بعض ألِهَتِنا بسُوءٍ قال الفراء كانوا كَذَّبوه يعني هُوداً ثم جعَلوه مُخْتَلِطاً وادَّعَوْا أَنَّ آلهَتَهم هي التي خَبَّلَتْه لعَيبِه إِيَّاها فهُنالِكَ قال إِني أُشْهِدُ اللهَ واشْهَدُوا أَني بريء مما تُشْرِكون قال الفراء معناه ما نقول إِلا مَسَّكَ بعضُ أَصْنامِنا بجُنون لسَبِّكَ إِيّاها وعَراني الأَمْرُ يَعْرُوني عَرْواً واعْتَراني غَشِيَني وأَصابَني قال ابن بري ومنه قول الراعي قالَتْ خُلَيْدةُ ما عَراكَ ؟ ولمْ تكنْ بَعْدَ الرُّقادِ عن الشُّؤُونِ سَؤُولا وفي الحديث كانت فَدَكُ لِحُقوقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تَعْرُوه أَي تغشاه وتَنْتابُه وأَعْرَى القومُ صاحِبَهُم تركوه في مكانه وذَهَبُوا عنه والأَعْراءُ القوم الذين لا يُهِمُّهم ما يُهِمُّ أَصحابَهم ويقال أعْراه صَدِيقُه إِذا تباعد عنه ولم يَنْصُرْه وقال شمر يقال لكلِّ شيء أَهْمَلْتَه وخَلَّيْتَه قد عَرَّيْته وأَنشد أَيْجَعُ ظَهْري وأُلَوِّي أَبْهَرِي ليس الصحيحُ ظَهْرُه كالأَدْبَرِ ولا المُعَرَّى حِقْبةً كالمُوقَرِ والمُعَرَّى الجَمَل الذي يرسَلُ سُدًى ولا يُحْمَل عليه ومنه قول لبيد يصف ناقة فكَلَّفْتُها ما عُرِّيَتْ وتأَبَّدَتْ وكانت تُسامي بالعَزيبِ الجَمَائِلا قال عُرِّيت أُلْقي عنها الرحْل وتُرِكت من الحَمْل عليها وأُرْسِلَتْ تَرْعى والعُرَواءُ الرِّعْدَة مثل الغُلَواء وقد عَرَتْه الحُمَّى وهي قِرَّة الحُمَّى ومَسُّها في أَوَّلِ ما تأْخُذُ بالرِّعْدة قال ابن بري ومنه قول الشاعر أَسَدٌ تَفِرُّ الأُسْدُ من عُرَوائِه بمَدَافِعِ الرَّجَّازِأَو بِعُيُون الرَّجَّازُ واد وعُيُونٌ موضعٌ وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْمل فيه صيغة ما لم يُسَمَّ فاعِلُه ويقال عَراه البَرْدُ وعَرَتْه الحُمَّى وهي تَعْرُوه إِذا جاءَته بنافضٍ وأَخَذَتْه الحُمَّى بعُرَوائِها واعْتراهُ الهمُّ عامٌّ في كل شيء قال الأَصمعي إِذا أَخَذَتِ المحمومَ قِرَّةٌ ووَجَدَ مسَّ الحُمَّى فتلك العُرَواء وقد عُرِيَ الرجلُ على ما لم يُسَمَّ فاعله فهو مَعْرُوٌّ وإِن كانت نافضاً قيل نَفَضَتْه فهو مَنْفُوضٌ وإِن عَرِقَ منها فهي الرُّحَضاء وقال ابن شميل العُرَواء قِلٌّ يأْخذ الإِنسانَ من الحُمَّى ورِعدَة وفي حديث البراء بن مالك أَنه كان تُصيبُه العُرَواءُ وهي في الأَصْل بَرْدُ الحُمَّى وأَخَذَتْه الحُمَّى بنافضٍ أَي برِعْدة وبَرْد وأَعْرى إِذا حُمَّ العُرَواء ويقال حُمَّ عُرَواء وحُمَّ العُرَواء وحُمَّ عُرْواً
( * قوله « وحم عرواً » هكذا في الأصل ) والعَراة شدة البرْد وفي حديث أَبي سلمة كنتُ أَرى الرُّؤْيا أُعْرَى منها أَي يُصيبُني البَرْدُ والرِّعْدَة من الخَوْف والعُرَواء ما بينَ اصْفِرارِ الشَّمْسِ إِلى اللَّيْلِ إِذا اشْتَدَّ البَرْدُ وهاجَتْ رِيحٌ باردةٌ ورِيحٌ عَرِيٌّ وعَرِيَّةٌ بارِدَة وخص الأَزهري بها الشِّمالَ فقال شَمال عَرِيَّةٌ باردة وليلة عَريَّةٌ باردة قال ابن بري ومنه قول أَبي دُواد وكُهولٍ عند الحِفاظ مَراجِي ح يُبارُونَ كلَّ ريح عَرِيَّة وأَعْرَيْنا أَصابنا ذلك وبلغنا بردَ العشيّ ومن كلامِهم أَهْلَكَ فقَدْ أَعْرَيْتَ أَي غابت الشمس وبَرَدَتْ قال أَبو عمرو العَرَى البَرْد وعَرِيَت لَيْلَتُنا عَرىً وقال ابن مقبل وكأَنَّما اصْطَبَحَتْ قَرِيحَ سَحابةٍ بِعَرًى تنازعُه الرياحُ زُلال قال العَرَى مكان بارد وعُرْوَةُ الدَّلْوِ والكوزِ ونحوهِ مَقْبِضُهُ وعُرَى المَزادة آذانُها وعُرْوَةُ القَمِيص مَدْخَلُ زِرِّه وعَرَّى القَمِيص وأَعْراه جَعَلَ له عُرًى وفي الحديث لا تُشَدُّ العُرى إلا إِلى ثلاثة مَساجِدَ هي جمعُ عُرْوَةٍ يريدُ عُرَى الأَحْمالِ والرَّواحِلِ وعَرَّى الشَّيْءَ اتَّخَذَ له عُرْوةً وقوله تعالى فقَدِ اسْتَمْسَكَ بالعُرْوةِ الوُثْقَى لا انْفِصامَ لها شُبِّه بالعُرْوَة التي يُتَمسَّك بها قال الزجاج العُرْوة الوُثْقَى قولُ لا إِلهَ إلا الله وقيل معناه فقد عَقَدَ لنَفْسِه من الدِّين عَقْداً وثيقاً لا تَحُلُّه حُجَّة وعُرْوَتا الفَرْجِ لحْمٌ ظاهِرٌ يَدِقُّ فيَأْخُذُ يَمْنَةً ويَسْرةً مع أَسْفَلِ البَطْنِ وفَرْجٌ مُعَرىً إذا كان كذلك وعُرَى المَرْجان قلائدُ المَرْجان ويقال لطَوْق القِلادة عُرْوةٌ وفي النوادر أَرضٌ عُرْوَةٌ وذِرْوَة وعِصْمة إِذا كانت خَصيبة خصباً يَبْقَى والعُرْوة من النِّباتِ ما بَقِي له خضْرة في الشتاء تَتعلَّق به الإبلُ حتى تُدرِكَ الرَّبيع وقيل العُروة الجماعة من العِضاهِ خاصَّةً يرعاها الناسُ إذا أَجْدَبوا وقيل العُرْوةُ بقية العِضاهِ والحَمْضِ في الجَدْبِ ولا يقال لشيء من الشجر عُرْوةٌ إلا لها غيرَ أَنه قد يُشْتَقُّ لكل ما بَقِيَ من الشجر في الصيف قال الأَزهري والعُرْوة من دِقِّ الشجر ما له أَصلٌ باقٍ في الأَرض مثل العَرْفَج والنَّصِيِّ وأَجناسِ الخُلَّةِ والحَمْضِ فأذا أَمْحَلَ الناسُ عَصَمت العُرْوةُ الماشيةَ فتبلَّغَت بها ضربها اللهُ مثلاً لما يُعْتَصَم به من الدِّين في قوله تعالى فقد اسْتمْسَك بالعُرْوة الوُثْقى وأَنشد ابن السكيت ما كان جُرِّبَ عندَ مَدِّ حِبالِكُمْ ضَعْفٌ يُخافُ ولا انْفِصامٌ في العُرى قوله انفصام في العُرى أَي ضَعْف فيما يَعْتَصِم به الناس الأَزهري العُرى ساداتُ الناس الذين يَعْتَصِم بهم الضُّعفاء ويَعيشون بعُرْفِهم شبِّهوا بعُرَى الشَّجَر العاصمة الماشيةَ في الجَدْب قال ابن سيده والعُروة أَيضاً الشجر المُلْتَفُّ الذي تَشْتُو فيه الإبل فتأْكلُ منه وقيل العُروة الشيءُ من الشجرِ الذي لا يَزالُ باقياً في الأرض ولا يَذْهَب ويُشَبَّه به البُنْكُ من الناس وقيل العُروة من الشجر ما يَكْفِي المالَ سَنَته وهو من الشجر ما لا يَسْقُط وَرَقُه في الشِّتاء مثل الأَراكِ والسِّدْرِ الذي يُعَوِّلُ الناسُ عليه إِذا انقطع الكلأ ولهذا قال أَبو عبيدة إنه الشجر الذي يَلجأُ إليه المالُ في السنة المُجْدبة فيَعْصِمُه من الجَدْبِ والجمعُ عُرًى قال مُهَلْهِل خَلَع المُلوكَ وسارَ تحت لِوائِه شجرُ العُرَى وعُراعِرُ الأَقوامِ يعني قوماً يُنتَفَع بهم تشبيهاً بذلك الشجر قال ابن بري ويروى البيت لشُرَحْبِيل بنِ مالكٍ يمدَحُ معديكرب بن عكب قال وهو الصحيح ويروى عُراعِر وْضراعِر فمن ضَمَّ فهو واحد ومن فتَح جعله جمعاً ومثلُه جُوالِق وجَوالِق وقُماقِم وقَماقِم وعُجاهِن وعَجاهِن قال والعُراعِرُ هنا السيِّد وقول الشاعر ولمْ أَجِدْ عُرْوةَ الخلائقِ إلا الدِّينَ لمَّا اعْتَبَرْتُ والحَسبَا أَي عِمادَه ورَعَيْنا عُرْوة مكَّةَ لِما حولَها والعُروة النفيسُ من المالِ كالفَرَسِ الكريم ونحوه والعُرْيُ خلافُ اللُّبْسِ عَرِيَ من ثَوْبه يَعْرَى عُرْياً وعُرْيَةً فهو عارٍ وتَعَرَّى هو عُرْوة شديدة أَيضاً وأعراهُ وعرَّاه وأَعراهُ من الشيءِ وأَعراه إِياهُ قال ابن مُقْبلٍ في صفة قِدْحٍ به قَرَبٌ أَبْدَى الحَصَى عن مُتونِه سَفاسقُ أَعراها اللِّحاءَ المُشَبِّحُ ورَجلٌ عُريانٌ والجمع عُرْيانون ولا يُكسَّر ورجل عارٍ من قومٍ عُراةٍ وامرأَة عُرْيانةٌ وعارٍ وعاريةٌ قال الجوهري وما كان على فُعْلانٍ فَمُؤَنَّثُه بالهاء وجاريةٌ حسَنة العُرْيةِ والمُعَرَّى والمُعَرَّاةِ أي المُجَرَّدِ أَي حَسَنَة عندَ تَجْريدِها من ثيابها والجمع المَعاري والمَحاسِرُ من المرأةِ مِثْلُ المَعاري وعَريَ البَدَن من اللَّحْم كذلك قال قيس بنُ ذَريح وللحُبِّ آيات تُبَيّنُ بالفَتى شُحوباً وتَعْرَى من يَدَيْه الأَشاجعُ ويروى تَبَيَّنُ شُحُوبٌ وفي الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم عارِي الثَّدْيَيْن ويروى الثَّنْدُوَتَيْن أَراد أَنه لم يكن عليهما شعر وقيل أَرادَ لم يكن عليهما لحم فإنه قد جاء في صفته صلى الله عليه وسلم أَشْعَر الذراعَيْن والمَنْكِبَين وأَعْلى الصَّدرِ الفراء العُرْيانُ من النَّبْتِ الذي قد عَرِيَ عُرْياً إذا اسْتَبانَ لك والمَعاري مبادي العِظامِ حيثُ تُرى من اللَّحْمِ وقيل هي الوَجْهُ واليَدَانِ والرِّجْلانِ لأَنها باديةٌ أَبداً قال أَبو كبِيرٍ الهُذَليّ يصف قوماً ضُرِبُوا فسَقَطوا على أَيْديهم وأَرْجُلِهمْ مُتَكَوِّرِينَ على المَعاري بَيْنَهُم ضَرْبٌ كتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ ويروى الأَنْجَلِ ومُتَكَوِّرينَ أَي بعضُهم على بَعْضٍ قال الأَزهري ومَعاري رؤوس العظام حيث يُعَرَّى اللحمُ عن العَظْم ومَعاري المرأة ما لا بُدَّ لها من إظْهاره واحدُها مَعْرًى ويقال ما أَحْسَنَ مَعارِيَ هذه المرأَة وهي يَدَاها ورِجْلاها ووجهُها وأَورد بيت أَبي كبير الهذلي وفي الحديث لا يَنْظُر الرجل إلى عِرْيَة المرأَةِ قال ابن الأَثير كذا جاء في بعض روايات مسلم يريد ما يَعْرَى منها ويَنْكَشِفُ والمشهور في الرواية لا يَنْظُر إلى عَوْرَة المرأَةِ وقول الراعي فإنْ تَكُ ساقٌ من مُزَيْنَة قَلَّصَتْ لِقَيْسٍ بحَرْبٍ لا تُجِنُّ المَعَارِيا قيل في تفسيره أَراد العورةَ والفَرْجَ وأَما قول الشاعر الهُذَلي أَبِيتُ على مَعارِيَ واضِحَاتٍ بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ فإنما نَصَبَ الياءَ لأنه أَجْراها مُجْرى الحَرْفِ الصحيح في ضَرُورةِ الشِّعْرِ ولم يُنَوّن لأنه لا يَنْصرِف ولو قال مَعارٍ لم ينكَسر البيتُ ولكنه فرَّ من الزحاف قال ابن سيده والمَعَارِي الفُرُش وقيل إنَّ الشاعر عَناها وقيل عَنى أَجْزاءَ جِسْمِها واخْتار مَعَارِيَ على مَعَارٍ لأنه آثَرَ إتْمامَ الوَزْنِ ولو قال معارٍ لمَا كُسر الوزن لأنه إنما كان يصير من مُفاعَلَتُن إلى مَفاعِيلن وهو العَصْب ومثله قول الفرزدق فلَوْ كانَ عبدُ اللهِ مَولىً هَجَوْتُه ولكِنَّ عبدَ اللهِ مَولى مَوَالِياَ قال ابن بري هو للمُتَنَخّل الهذلي قال ويقال عَرِيَ زيدٌ ثوبَه وكسِي زيدٌ ثَوْباً فيُعَدِّيه إلى مفعول قال ضَمْرة بنُ ضمرة أَرَأَيْتَ إنْ صَرَخَتْ بلَيلٍ هامَتي وخَرَجْتُ مِنْها عارياً أَثْوابي ؟ وقال المحدث أَمَّا الثِّيابُ فتعرْى من مَحاسِنِه إذا نَضاها ويُكْسَى الحُسْنَ عُرْيانا قال وإذا نَقَلْتَ أَعرَيْت بالهمز قُلْتَ أَعْرَيْتُه أَثْوَابَه قال وأَما كَسِيَ فتُعَدِّيه من فَعِل فتقول كسوته ثوباً قال الجوهري وأَعْرَيْته أَنا وعَرَّيْتُه تَعْرية فتَعَرَّى أَبو الهيثم دابة عُرْيٌ وخَيْلٌ أَعْرَاءٌ ورَجلٌ عُرْيان وامرأَةٌ عُرْيانةٌ إذا عَرِيا من أَثوابهما ولا يقال رجلٌ عُرْيٌ ورجلٌ عارٍ إذا أَخْلَقَت أَثوابُه وأَنشد الأزهري هنا بيت التابغة أَتَيْتُك عارِياً خَلَقاً ثِيابي وقد تقدم والعُرْيانُ من الرَّمْل نقاً أَو عَقِدٌ ليس عليه شجر وفَرَسٌ عُرْيٌ لا سَرْجَ عليه والجمع أَعْراءٌ قال الأزهري يقال هو عِرْوٌ من هذا الأَمر كما يقال هو خِلْوٌ منه والعِرْوُ الخِلْو تقول أَنا عِرْوٌ منه بالكسر أي خِلْو قال ابن سيده ورجلٌ عِرْوٌ من الأَمْرِ لا يَهْتَمُّ به قال وأُرَى عِرْواً من العُرْيِ على قولهم جَبَيْتُ جِباوَةً وأَشاوَى في جمع أَشْياء فإن كان كذلك فبابُه الياءُ والجمعُ أَعْراءٌ وقول لبيد والنِّيبُ إنْ تُعْرَ منِّي رِمَّةً خَلَقاً بَعْدَ المَماتِ فإني كُنتُ أَتَّئِرُ ويروى تَعْرُ مِنِّي أَي تَطْلُب لأنها ربما قَضِمت العظامَ قال ابن بري تُعْرَ منِّي من أَعْرَيْتُه النخلةَ إذا أَعطيته ثمرتها وتَعْرُ مني تَطْلُب من عَرَوْتُه ويروى تَعْرُمَنِّي بفتح الميم من عَرَمْتُ العظمَ إذا عَرَقْت ما عليه من اللحم وفي الحديث أنه أُتيَ بفرس مُعْرَوْرٍ قال ابن الأَثير أَى لا سَرْجٍ عليه ولا غيره واعْرَوْرَى فرسَه رَكبه عُرْياً فهو لازم ومتعدّ أَو يكون أُُتي بفرس مُعْرَوْرىً على المفعول قال ابن سيده واعْرَوْرَى الفرسُ صارَ عُرْياً واعْرَوْرَاه رَكبَه عُرْياً ولا يُسْتَعْمل إلا مزيداً وكذلك اعْرَوْرى البعير ومنه قوله واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه أُمُّ الفوارس بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ وهو افعَوْعَل واسْتَعارَه تأَبَّطَ شرّاً للمَهْلَكة فقال يَظَلُّ بمَوْماةٍ ويُمْسِي بغيرِها جَحِيشاً ويَعْرَوْرِي ظُهورَ المَهالكِ ويقال نحن نُعاري أَي نَرْكَبُ الخيل أَعْرَاءً وذلك أَخفُّ في الحرب وفي حديث أَنس أَن أَهل المدينة فَزِعوا ليلاً فركب النبي صلى الله عليه وسلم فرساً لأبي طلحة عُرْياً واعْرَوْرَى مِنِّي أَمراً قبيحاً رَكِبَه ولم يَجِئ في الكلامِ افْعَوْعَل مُجاوِزاً غير اعْرَ وْرَيْت واحْلَوْلَيْت المكانَ إذا اسْتَحْلَيْته ابن السكيت في قولهم أَنا النَّذير العُريان هو رجل من خَثْعَم حَمَل عليه يومَ ذي الخَلَصة عوفُ بنُ عامر بن أبي عَوْف بن عُوَيْف بن مالك بن ذُبيان ابن ثعلبة بن عمرو بن يَشْكُر فقَطع يدَه ويد امرأَته وكانت من بني عُتْوارة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما مَثَلي ومَثَلُكم كمثل رجل أَنْذَر قومَه جَيْشاً فقال أَنا النَّذير العُرْيان أُنْذِركم جَيْشاً خص العُرْيان لأنه أَبْيَنُ للعين وأَغرب وأَشنع عند المُبْصِر وذلك أَن رَبيئة القوم وعَيْنَهم يكون على مكان عالٍ فإذا رأى العَدُوَّ وقد أَقبل نَزَع ثوبه وأَلاحَ به ليُنْذِرَ قومَه ويَبْقى عُرْياناً ويقال فلان عُرْيان النَّجِيِّ إذا كان يُناجي امرأَتَه ويُشاوِرها ويصَدُرُ عن رَأْيها ومنه قوله أَصاخَ لِعُرْيانِ النَّجِيِّ وإنَّه لأزْوَرُ عن بَعْض المَقالةِ جانِبُهْ أَي اسْتَمع إلى امرأته وأَهانني وأَعْرَيتُ المَكانَ ترَكْتُ حضُوره قال ذو الرمة ومَنْهَل أَعْرى حَياه الحضر والمُعَرَّى من الأسماء ما لمْ يدخُلْ عَلَيه عاملٌ كالمُبْتَدإ والمُعَرَّى من الشِّعْر ما سَلِمَ من الترْفِيلِ والإذالةِ والإسْباغِ وعَرَّاهُ من الأمرِ خَلَّصَه وجَرَّده ويقال ما تَعَرَّى فلان من هذا الأَمر أَي ما تخلَّص والمَعاري المواضع التي لا تُنْبِتُ وروى الأزهري عن ابن الأعرابي العَرَا الفِناء مقصور يكتب بالألف لأن أُنْثاه عَرْوَة قال وقال غيره العَرَا الساحةُ والفِناء سمي عَراً لأَنه عَرِيَ من الأنبية والخِيام ويقال نزل بِعَراء وعَرْوَتِه وعَقْوَتِه أَي نزَل بساحَتهِ وفنائه وكذلك نَزَل بِحَراه وأَما العَراء ممدوداً فهو ما اتَّسَع من فضاء الأرض وقال ابن سيده هو المكانُ الفَضاءُ لا يَسْتَتِرُ فيه شيءٌ وقيل هي الأرضُ الواسعة وفي التنزيل فنَبَذْناه بالعَراءِ وهو سَقيمٌ وجَمْعُه أَعْراءٌ قال ابن جني كَسَّروا فَعالاً على أَفْعالٍ حتى كأنهم إنما كسَّروا فَعَلاً ومثله جَوادٌ وأَجوادٌ وعَياءٌ وأَعْياءٌ وأَعْرَى سارَ فِيها
( * قوله سار فيها أي سار في الأرض العراء )
وقال أَبو عبيدة إنما قيل له عَراءٌ لأنه لا شجر فيه ولا شيء يُغَطِّيه وقيل إن العَراء وَجْه الأَرض الخالي وأَنشد وَرَفَعْتُ رِجلاً لا أَخافُ عِثارَها ونَبَذْتُ بالبَلَدِ العَراء ِثيابي وقال الزجاج العَراء على وجْهين مقصور وممدود فالمقصور الناحية والممدود المكان الخالي والعَراء ما اسْتَوَى من ظَهْر الأَرض وجَهَر والعَراء الجَهراء مؤنثة غير مصروفة والعَراء مُذكَّر مصروف وهُما الأَرض المستوية المُصْحرة وليس بها شجر ولا جبالٌ ولا آكامٌ ولا رِمال وهما فَضاء الأرض والجماعة الأعْراء يقال وَطِئْنا عَراءَ الأرض والأَعْراية وقال ابن شميل العَرَا مثل العَقْوَة يقال ما بِعَرانا أَحَدٌ أَي مابعَقْوَتنا أَحدٌ وفي الحديث فكَرِهَ أَن يُعْرُوا المدينة وفي رواية أَن تَعْرَى أَي تخلو وتصير عَرَاءً وهو الفضاء فتصير دُورهُم في العَراء والعَراء كلُّ شيءٍ أُعْرِيَ من سُتْرَتِه وتقول اسُتُرْه عن العَراء وأَعْراءُ الأَرض ما ظَهَر من مُتُونِها وظُهورِها واحدُها عَرًى وأَنشد وبَلَدٍ عارِيةٍ أَعْراؤه والعَرَى الحائطُ وقبلَ كلُّ ما سَتَرَ من شيءٍ عَرًى والعِرْو الناحيةُ والجمع أَعْراءٌ والعَرى والعَراةُ الجنابُ والناحِية والفِناء والساحة ونزَل في عَراه أَي في ناحِيَتِه وقوله أَنشده ابن جني أو مُجْزَ عنه عُرِيَتْ أَعْراؤُه
( * قوله « أو مجز عنه » هكذا في الأصل وفي المحكم أو مجن عنه )
فإنه يكونُ جمعَ عَرىً من قولك نَزَل بِعَراهُ ويجوز أَن يكون جَمْعَ عَراءٍ وأَن يكون جَمع عُرْيٍ واعْرَوْرَى سار في الأرضِ وَحْدَه وأَعْراه النخلة وَهَبَ له ثَمرَة عامِها والعَرِيَّة النخلة المُعْراةُ قال سُوَيدُ بن الصامت الأنصاري ليست بسَنْهاء ولا رُجَّبِيَّة ولكن عَرايا في السِّنينَ الجَوائحِ يقول إنَّا نُعْرِيها الناسَ والعَرِيَّةُ أَيضاً التي تُعْزَلُ عن المُساومةِ عند بيع النخلِ وقيل العَرِيَّة النخلة التي قد أكِل ما عليها وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال خَفِّفوا في الخَرْصِ فإنّ في المال العَرِيَّة والوَصِيَّة وفي حديث آخر أنه رَخَّص في العَريَّة والعرايا قال أَبو عبيد العَرايا واحدتها عَرِيَّة وهي النخلة يُعْرِيها صاحبُها رجلاً محتاجاً والإعراءُ أن يجعلَ له ثَمرَة عامِها وقال ابن الأعرابي قال بعض العرب مِنَّا مَنْ يُعْرِي قال وهو أَن يشتري الرجل النخلَ ثم يستثني نخلة أَو نخلتين وقال الشافعي العرايا ثلاثة أَنواع واحدتها أَن يجيء الرجل إلى صاحب الحائط فيقول له بِعْني من حائطك ثَمَرَ نَخلاَت بأَعيانها بِخرْصِها من التَّمْر فيبيعه إياها ويقبض التَّمر ويُسَلِّم إليه النخَلات يأْكلها ويبيعها ويُتَمِّرها ويفعل بها ما يشاء قال وجِماعُ العرايا كلُّ ما أُفْرِد ليؤكل خاصَّة ولم يكن في جملة المبيع من ثَمَر الحائط إذا بيعَتْ جُمْلتُها من واحد والصنف الثاني أَن يَحْضُر رَبَّ الحائط القومُ فيعطي الرجلَ النخلة والنخلتين وأَكثر عرِيَّةً يأْكلها وهذه في معنى المِنْحة قال وللمُعْرَى أَن يبيع ثَمرَها ويُتَمِّره ويصنع به ما يصنع في ماله لأنه قد مَلَكه والصنف الثالث من العرايا أَن يُعْرِي الرجلُ الرجلَ النَّخلةَ وأَكثر من حائطه ليأْكل ثمرها ويُهْدِيه ويُتَمِّره ويفعل فيه ما أَحبَّ ويبيع ما بقي من ثمر حائطه منه فتكون هذه مُفْرَدة من المبيع منه جملة وقال غيره العَرايا أَن يقول الغنيُّ للفقير ثَمَرُ هذه النخلة أَو النَّخلات لك وأَصلُها لي وأَما تفسير قوله صلى الله عليه وسلم إنه رخَّص في العَرايا فإن الترخيص فيها كان بعد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المُزابَنة وهي بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر ورخَّصَ من جملة المزابنة في العرايا فيما دون خمسة أَوسُق وذلك للرجل يَفْضُل من قوت سَنَته التَّمْرُ فيُدْرِك الرُّطَب ولا نَقْدَ بيده يشتري به الرُّطَب ولا نخل له يأْكل من رُطَبه فيجيء إلى صاحب الحائط فيقول له بِعْنِي ثمر نخلة أَو نخلتين أَو ثلاث بِخِرْصِها من التَّمْر فيعطيه التمر بثَمَر تلك النَّخلات ليُصيب من رُطَبها مع الناس فرَخَّص النبيُّ صلى الله عليه وسلم من جملة ما حَرَّم من المُزابَنة فيما دون خمسة أَوْسُق وهو أَقلُّ مما تجب فيه الزكاة فهذا معنى ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم في العَرايا لأن بيع الرُّطَب بالتَّمْر محرَّم في الأصل فأَخرج هذا المقدار من الجملة المُحَرَّمة لحاجة الناس إليه قال الأزهري ويجوز أَن تكون العَرِيَّة مأْخوذة من عَرِيَ يَعْرَى كأَنها عَرِيَتْ من جملة التحريم أَي حَلَّتْ وخَرَجَتْ منها فهي عَرِيَّة فعيلة بمعنى فاعلة وهي بمنزلة المستثناةِ من الجملة قال الأزهري وأَعْرَى فلان فلاناً ثمر نخلةٍ إذا أَعطاه إياها يأْكل رُطَبها وليس في هذا بيعٌ وإنما هو فضل ومعروف وروى شَمِرٌ عن صالح بن أَحمد عن أَبيه قال العَرايا أَن يُعْرِي الرجلُ من نخله ذا قرابته أَو جارَه ما لا تجب فيه الصدقة أَي يَهبَها له فأُرْخص للمُعْرِي في بيع ثمر نخلة في رأسها بِخِرْصِها من التمر قال والعَرِيَّة مستثناةٌ من جملة ما نُهِي عن بيعه من المُزابنَة وقيل يبيعها المُعْرَى ممن أَعراه إيَّها وقيل له أَن يبيعها من غيره وقال الأزهري النخلة العَرِيَّة التي إذا عَرَضْتَ النخيلَ على بَيْع ثَمَرها عَرَّيْت منها نخلة أَي عَزَلْتها عن المساومة والجمع العَرايا والفعل منه الإعراء وهو أَن تجعل ثمرتها لِمُحْتاج أَو لغير محتاج عامَها ذلك قال الجوهري عَرِيَّة فعيلة بمعنى مفعولة وإنما أُدخلت فيها الهاء لأنها أُفردت فصارت في عداد الأسماء مثل النَّطِيحة والأكيلة ولو جئت بها مع النخلة قلت نخلة عرِيٌّ وقال إن ترخيصه في بيع العَرايا بعد نهيه عن المُزابنة لأنه ربَّما تأَذَّى بدخوله عليه فيحتاج إلى أَن يشتريها منه بتمر فرُخِّص له في ذلك واسْتعْرَى الناسُ في كلِّ وجهٍ وهو من العَرِيَّة أَكلوا الرُّطَبَ من ذلك أَخَذَه من العَرايا قال أبو عدنان قال الباهلي العَرِية من النخل الفارِدَةُ التي لا تُمْسِك حَمْلَها يَتَناثر عنها وأَنشدني لنفسه فلما بَدَتْ تُكْنَى تُضِيعُ مَوَدَّتي وتَخْلِطُ بي قوماً لِئاماً جُدُودُها رَدَدْتُ على تُكْنَى بقية وَصْلِها رَمِيماً فأمْسَتْ وَهيَ رثٌّ جديدُها كما اعْتكرَتْ للاَّقِطِين عَرِيَّةٌ من النَّخْلِ يُوطَى كلِّ يومٍ جَريدُها قال اعْتِكارُها كثرةُ حَتِّها فلا يأْتي أَصلَها دابَّةٌ إلا وَجَدَ تحتها لُقاطاً من حَمْلِها ولا يأتي حَوافيها إلا وَجَد فيها سُقاطاً من أَي ما شاءَ وفي الحديث شَكا رجلٌ إلى جعفر بن محمد رضي الله عنه وَجَعاً في بطنه فقال كُلْ على الريق سَبْعَ تَمَرات من نَخْلٍ غير مُعَرّىً قال ثعلب المُعرَّى المُسَمَّد وأَصله المُعَرَّر من العُرَّة وقد ذكر في موضعه في عرر والعُرْيان من الخيل الفَرَس المُقَلِّص الطويل القوائم قال ابن سيده وبها أَعراءٌ من الناسِ أَي جماعةٌ واحدُهُم عِرْوٌ وقال أَبو زيد أَتَتْنا أَعْراؤُهم أَي أَفخاذهم وقال الأصمعي الأعراء الذين ينزلون بالقبائل من غيرهم واحدهم عُرْيٌ قال الجعدي وأَمْهَلْت أَهْلَ الدار حتى تَظاهَرُوا عَليَّ وقال العُرْيُ مِنْهُمْ فأَهْجَرَا وعُرِيَ إلى الشيء عَرْواً باعه ثم اسْتَوْحَش إليه قال الأزهري يقال عُريتُ إلى مالٍ لي أَشدَّ العُرَواء إذا بِعْته ثم تَبِعَتْه نفسُكَ وعُرِيَ هَواه إلى كذا أَي حَنَّ إليه وقال أَبو وَجْزة يُعْرَى هَواكَ إلى أَسْماءَ واحْتَظَرَتْ بالنأْيِ والبُخْل فيما كان قَد سَلَفا والعُرْوة الأَسَدُ وبِه سُمِّي الرجل عُروَة والعُرْيان اسم رجل وأَبو عُرْوَةَ رجلٌ زَعَموا كان يصيح بالسَّبُعِ فيَموت ويَزْجُرُ الذِّئْبَ والسَّمْعَ فيَموتُ مكانَه فيُشَقُّ بَطْنُه فيوجَدُ قَلْبُه قد زالَ عن مَوْضِعِهِ وخرَجَ من غِشائه قال النابغة الجعدي وأَزْجُرُ الكاشِحَ العَدُوَّ إذا اغْ تابَك زَجْراً مِنِّي على وَضَمِ زَجْرَ أَبي عُرْوَةَ السِّباعَ إذا أَشْفَقَ أَنْ يَلْتَبِسْنَ بالغَنَمِ وعُرْوَةُ اسمٌ وعَرْوَى وعَرْوانُ موضعان قال ساعِدَة بن جُؤيَّة وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَسْقِي دَبُوبَها دُفاقٌ فعَرْوانُ الكَراثِ فَضِيمُها ؟ وقال الأَزهري عَرْوَى اسم جبل وكذلك عَرْوانُ قال ابن بري وعَرْوَى اسم أَكَمة وقيل موضع قال الجعدي كَطاوٍ بعَرْوَى أَلْجَأَتْهُ عَشِيَّةٌ لها سَبَلٌ فيه قِطارٌ وحاصِبُ وأَنشد لآخر عُرَيَّةُ ليسَ لها ناصرٌ وعَرْوَى التي هَدَمَ الثَّعْلَبُ قال وقال عليّ بن حَمزة وعَرْوَى اسم أَرْضٍ قال الشاعر يا وَيْحَ ناقتي التي كَلَّفْتُها عَرْوَي تَصِرُّ وبِارُها وتُنَجِّم أَي تَحْفِرُ عن النَّجْمِ وهو ما نَجَم من النَّبْت قال وأَنْشَدَه المُهَلَّبي في المَقصور ملَّفْتها عَرَّى بتشديد الراءِ وهو غلط وإنما عَرَّى وادٍ وعَرْوى هَضْبَة وابنُ عَرْوانَ جبَل قال ابن هَرْمة حِلْمُه وازِنٌ بَناتِ شَمامٍ وابنَ عَرْوانَ مُكْفَهِرَّ الجَبينِ والأُعْرُوانُ نَبْتٌ مثَّل به سيبويه وفسَّره السيرافي وفي حديث عروةٍ بن مسعود قال والله ما كلَّمتُ مسعودَ بنَ عَمْروٍ منذ عَشْرِ سِنين والليلةَ أُكَلِّمُه فخرج فناداه فقال مَنْ هذا ؟ قال عُرْوَة فأَقْبَل مسعودٌ وهو يقول أَطَرَقَتْ عَراهِيَهْ أَمْ طَرَقَتْ بِداهِيهْ ؟ حكى ابن الأَثير عن الخطابي قال هذا حرفٌ مُشْكِل وقد كَتَبْتُ فيه إلى الأَزهري وكان من جوابه أَنه لم يَجِدْه في كلام العرب والصوابُ عِنْده عَتاهِيَهْ وهي الغَفْلة والدَّهَش أَي أَطَرَقْت غَفْلَةً بلا روِيَّة أَو دَهَشاً قال الخطابي وقد لاح في هذا شيءٌ وهو أَنْ تكون الكَلِمة مُركَّبةً من اسْمَيْن ظاهرٍ ومكْنِيٍّ وأَبْدَل فيهما حَرْفاً وأَصْلُها إماَّ من العَراءِ وهو وجه الأَرض وإِما منَ العَرا مقصورٌ وهو الناحيَِة كأَنه قال أَطَرَقْتَ عَرائي أَي فِنائي زائراً وضَيْفاً أَم أَصابتك داهِيَةٌ فجئْتَ مُسْتَغِيثاً فالهاءُ الأُولى من عَراهِيَهْ مُبدلَة من الهمزة والثانية هاءُ السَّكْت زيدت لبيان الحركة وقال الزمخشري يحتمِل أَن يكونَ بالزاي مصدرٌ من عَزِه يَعْزَهُ فهو عَزِةٌ إذا لم يكن له أَرِبٌ في الطَّرَب فيكون معناه أَطَرَقْت بلا أَرَبٍ وحاجةٍ أَم أَصابَتْك داهية أَحوجَتْك إلى الاستغاثة ؟ وذكر ابن الأثير في ترجمة عَرَا حديث المَخْزومية التي تَسْتَعِيرُ المَتاع وتَجْحَدُه وليس هذا مكانَه في ترتيبِنا نحن فذكرناه في ترجمة عَوَر

عزا
العَزَاءُ الصَّبْرُ عن كل ما فَقَدْت وقيل حُسْنُه عَزِي يَعْزى عَزَاءً ممدود فهو عَزٍ ويقال إنه لعَزِيٌّ صَبُورٌ إذا كان حَسَنَ العَزَاء على المَصائِب وعَزَّاه تَعْزِيةً على الحذف والعِوَض فتَعَزَّى قال سيبويه لا يجوز غيرُ ذلك قال أَبو زيد الإتمامُ أَكثر في لِسان العرب يعني التفعيل من هذا النحو وإنما ذكَرْت هذا ليُعْلَمَ طريقُ القِياس فيه وقيل عَزَّيتُه من باب تَظَنَّيْت وقد ذكر تعليله في موضعه وتقول عَزَّيتُ فلاناً أُعَزِّيه تَعْزِيَةً أَي أَسَّيْته وضَرَبْت له الأُسى وأَمَرْتُه بالعَزَاء فتَعَزَّى تَعَزِّياً أَي تَصَبَّرَ تَصَبُّراً وتَعازى القومُ عَزَّى بعضهم بعضاً عن ابن جني والتَّعْزُوَةُ العَزاءُ حكاه ابن جني عن أَبي زيد اسم لا مصدرٌ لأَن تَفْعُلَة ليستْ من أَبْنِية المصادر والواو ههنا ياءٌ وإنما انقلبت للضَّمَّة قبلَها كما قالوا الفُتُوّة وعَزَا الرجلَ إلى أبيه عَزْواً نسبه وإنه لحَسَن العِزْوةِ قال ابن سيده وعزاه إلى أَبيه عَزْياً نَسَبه وإنه لحَسَنُ العِزْيَة عن اللحياني يقال عَزَوْتُه إلى أَبيه وعزيتُه قال الجوهري والاسم العَزَاء وعَزَا فلانٌ نفسَه إلى بني فلانٍ يَعْزُوها عَزْواً وعَزَا واعْتَزَى وتَعَزَّى كله انتَسَب صِدْقاً أَو كَذباً وانْتَمى إليهم مثله والاسمُ العِزْوَة والنِّمْوَة وهي بالياء أَيضاً والاعتزاءُ الادِّعاءُ والشِّعارُ في الحَرْبِ منه والاعتزاءُ الانْتِماءُ ويقال إلى من تَعْزي هذا الحديث ؟ أَي إلى مَن تَنْمِيه قال ابن جريج حدَّث عطاءٌ بحديث فقيل له إلى مَن تَعْزِيه ؟ أَي إلى مَنْ تُسْنِدُه وفي رواية فقُلْتُ له أَتَعْزِيهِ إلى أَحد ؟ وفي الحديث مَن تَعَزَّى بعَزاء الجاهلية فأَعِضُّوه بِهَنِ أَبيه ولا تَكْنُوا قوله تَعَزَّى أَي انْتَسَبَ وانْتَمى يقال عَزَيْتُ الشيءَ وعَزَوْتُه أَعْزيه وأَعْزُوه إذا أَسْنَدْتَه إلى أَحدٍ ومعنى قوله ولا تَكْنُوا أَي قولوا له اعضَضْ بأَيْرِ أَبيك ولا تَكْنُوا عن الأَيْرِ بالْهَنِ والعَزَاءُ والعِزْوَة اسم لدَعْوَى المُسْتَغِيثِ وهو أَن يقول يا لَفُلانٍ أَو يا لَلأَنصار أَو يا لَلْمُهاجرينَ قال الراعي فَلَمَّا الْتَقَتْ فُرْسانُنا ورجالُهم دَعَوْا يا لَكَعْبٍ واعْتَزَيْنا لعامِرِ وقول بشرِ بن أَبي خازِمٍ نَعْلُو القَوانِسَ بالسيُّوف ونَعْتَزِي والخَيلُ مُشْعَرَة النُّحورِ من الدَّمِ وفي الحديث مَن لمْ يَتَعَزَّ بعزَاءِ الله فليس منّا أَي مَن لم يَدْعُ بدَعْوَى الإسلامِ فيقولَ يا لله أَو يا لَلإسلامِ أَو يا لَلْمُسْلِمِينَ وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه قال يا للهِ لِلْمُسْلِمِينَ قال الأَزهري له وَجْهان أَحدهما أَنّ لا يَتَعَزَّى بعَزاء الجاهِليَّة ودَعْوَى القَبائل ولكن يقول يا لَلْمُسْلِمِينَ فتكون دَعْوَة المُسْلِمِينَ واحدةً غيرَ مَنْهِيٍّ عنها والوجه الثاني أَن مَعْنى التَّعَزِّي في هذا الحديث التَّأَسِّي والصَّبرُ فإذا أَصاب المُسْلِمَ مصيبةٌ تَفْجَعُه قال إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون كما أَمَره الله ومَعنى قوله بعَزَاءِ الله أَي بتَعْزِيَةِ الله إيّاه فأَقام الاسمَ مُقامَ المَصْدرِ الحقيقي وهو التَّعْزية مِنْ عَزَّيْتُ كما يقال أَعْطَيْته عَطاءً ومعناه أَعْطَيته إعطاءً وفي الحديث سَيَكون للْعَرَبِ دَعْوَى قَبائِلَ فإذا كان كذلك فالسَّيفَ السَّيفَ حتى يَقُولوا يا لَلْمُسلمين وقال الليث الاعْتِزاءُ الاتّصالُ في الدَّعوَى إذا كانت حربٌ فكلُّ مَنِ ادَّعى في شعارِهِ أَنا فلانٌ ابنُ فُلانٍ أَو فلانٌ الفُلانيُّ فقدِ اعْتَزَى إليه والعِزَةُ عُصْبَة من الناس والجمع عِزُونَ الأصمعي يقال في الدارِ عِزُونَ أَي أَصنافٌ من النَّاسِ والعِزَة الجماعةُ والفِرْقَةُ من الناسِ والهاءُ عِوَضٌ من الياء والجَمع عِزًى على فِعَل وعِزُون وعُزون أَيضاً بالضم ولم يقولوا عِزات كما قالوا ثُبات وأَنشد ابن بري للكميت ونحنُ وجَنْدَلٌ باغٍ تَرَكْنا كَتائبَ جَنْدَلٍ شَتىً عِزِينا وقوله تعالى عن اليَميِن وعن الشِّمالِ عِزِينَ معنى عِزين حِلَقاً حِلَقاً وجَماعةً جماعةً وعِزُونَ جَمْعِ عِزَةٍ فكانوا عن يَمِينِه وعن شِماله جماعاتٍ في تَفْرِقَة وقال الليث العِزَةُ عُصْبَة من الناس فَوْقَ الحَلْقَة ونُقَصانُها واو وفي الحديث ما لي أَراكم عِزِينَ ؟ قالوا هي الحَلْقَة المُجْتَمِعَة من الناس كأَنَّ كلَّ جماعةٍ اعْتِزَاؤها أَي انْتِسابُها واحِدٌ وأَصلها عِزْوَة فحذفت الواو وجُمِعَت جمعَ السلامَةِ على غَيْر قياسٍ كثُبِين وبُرِينَ في جمع ثُبَةٍ وبُرَةٍ وعِزَةٌ مثلُ عِضَةٍ أَصْلُها عِضْوَة وسنذكرها في موضعها قال ابن بري ويَأْتي عِزين بمعنى مُتَفَرِّقِين ولا يلزم أَن يكون من صفَة الناس بمَنْزِلَة ثُبِين قال وشاهده ما أَنشده الجوهري فلما أَنْ أَتَيْنَ على أُضاخٍ ضَرَحْنَ حَصاهُ أَشْتاتاً عِزِينا لأنه يريد الحَصى ومثله قول ابن أَحمر البجلي حُلِقَتْ لَهازِمُه عِزينَ ورأْسُه كالقُرْصِ فُرْطِحَ من طَحِينِ شَعِيرِ وعِزْوِيتٌ فِعْلِيتٌ قال ابن سيده وإنما حكمنا عليه بأَنَّه فِعْلِيتٌ لوجود نَظيره وهو عِفْرِيت ونِفْريتٌ ولا يكون فِعْويلاً لأَنه لا نَظِيرَ له قال ابن بري جَعَلَه سيبويه صفَة وفسَّره ثعلب بأَنه القصير وقال ابن دُرَيد هو اسم مَوْضِع وبَنو عَزْوانَ حَيٌّ من الجِنِّ قال ابن أَحمر يصف الظَّلِيمَ والعربُ تقول إن الظِّلِيمَ من مَراكِبِ الجنِّ حَلَقَتْ بَنُو عَزْوَانَ جُؤْجُؤْهُ والرأْسَ غيرَ قَنازِعٍ زُعْرِ قال الليث وكلمة شَنْعاءُ من لغة أَهل الشحر يقولون يَعْزَى ما كان كذا وكذا كما نقولُ نحن لعَمْري لقد كان كذا وكذا ويَعْزِيكَ ما كان كذا وقال بعضهم عَزْوَى كأَنهم كلمة يُتَلَطَّف بها وقيل بِعِزِّي وقد ذُكِرَ في عزز قال ابن دريد العَزْوُ لغة مرغوبٌ عنها يَتكلم بها بَنُو مَهْرَة بن حَيْدَانَ يقولون عَزْوَى كأَنها كلمة يُتَلَطّفُ بها وكذلك يقولون يَعْزى

عسا
عَسَا الشيخُ يَعْسو عَسْواً وعُسُوّاً وعُسِيّاً مثلُ عُتِيّاً وعَساءً وعَسْوَةً وعَسِيَ عَسًى كلُّه كَبِرَ مثلُ عَتِيَ ويقال للشيخ إذا وَلَّى وكَبِرَ عَتَا يَعْتُو عُتِيّاً وعَسا يَعْسُو مِثله ورأيت في حاشية أَصل التهذيب للأزهري الذي نَقَلْت منه حديثاً متصلَ السَّند إلى ابن عباس قال قد عَلِمْتُ السنَّةَ كلَّها غير أَني لا أَدْري أَكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقرَأُ من الكِبَرِ عُتِيّاً أَو عُسِيّاً فما أَدري أَهذا من أَصلِ الكتاب أَم سَطَره بعضُ الأفاضلُ وفي حديث قتادة بن النُّعْمان لمَّا أَتيتُ عَمِّي بالسلام وكان شيخاً قد عَسا أَو عَشا عَسَا بالسين المهملة أَي كَبِرَ وأَسَنَّ من عَسا القضِيبُ إذا يَبِسَ وبالمعجمة أي قَلَّ بصرُه وضَعُف وعَسَتْ يَدُه تَعْسُو عُسُوّاً غَلُظَتْ مِن عَمَلٍ قال ابن سيده وهذا هو الصواب في مصدرِ عَسا وعَسَا النباتُ عُسُوّاً غَلُظَ واشْتَدَّ وفيه لغة أُخرى عَسِيَ يَعْسيَ عَسًى وأَنشد يَهْوُون عن أَركانِ عِزٍّ أَدْرَما عن صامِلٍ عاسٍ إذا ما اصْلَخْمَما قال والعَساءُ مصدرُ عَسا العُودُ يَعْسُو عَساءً والقَساءُ مصدر قَسا القلبُ يَقْسُو قَساءً وعَسا الليلُ اشتَدت ظُلْمَته قال وأَظْعَنُ الليلَ إذا الليلُ عَسَا والغَينُ أَعْرَفُ والعاسِي مِثلُ العاتي وهو الجافي والعاسي الشِّمْراخُ من شماريخِ العِذْقِ في لغة بَلْحرِث بن كعبٍ الجوهري وعَسا الشيءُ يَعْسُو عُسُوَّاً وعَساءً ممدود أَي يَبِسَ واشتد وصَلُبَ والعَسَا مقصوراً البَلَح
( * قوله « والعسا مقصوراً البلح » هذه عبارة الصحاح وقال الصاغاني في التكملة وهو تصحيف قبيح والصواب الغسا بالغين )
والعَسْوُ الشَّمَعُ في بعضِ اللغات وعَسَى طَمَعٌ وإشفاقٌ وهو من الأَفعال غيرِ المُتَصَرِّفة وقال الأَزهري عَسَى حرف من حروف المُقارَبةِ وفيه تَرَجٍّ وطَمَعٌ قال الجوهري لا يَتَصَرَّف لأَنه وقع بلفظ الماضي لِما جاء في الحال تقول عَسَى زيدٌ أَن يَخْرُجَ وَعَسَتْ فلانةُ أَن تَخْرُجَ فزَيْدٌ فاعلُ عَسَى وأَن يَخْرُجَ مفعولُها
( * عسى عند جمهور النحويين من اخوات كاد ترفع الاسم وتنصب الخبر ) وهو بمعنى الخروج إلا أَن خبرَه لا يكون اسماً لا يقال عَسَى زيدٌ مُنْطَلِقاً قال ابن سيده عَسَيْتُ أَنْ أَفْعَل كذا وعَسِيتُ قارِبْتُ والأُولى أَعْلى قال سيبويه لا يقال عَسَيْتُ الفعلَ ولا عَسَيْتُ للفعلِ قال اعلم أَنهم لا يَستعملون عَسَى فِعلُك اسْتَغْنَوْا بأَن تَفْعَلَ عن ذلكَ كما استَغْنى أَكثرُ العربِ بِعَسى عن أَن يقولوا عَسَيا وعَسَوْا وبِلَوْ أَنه ذاهبٌ عن لو ذهابُه ومع هذا انهم لم يَسْتَعْمِلوا المَصْدر في هذا الباب كما لم يَسْتَعْمِلوا الاسمَ الذي في موضِعِه يَفْعَل في عَسَى وكادَ يعني أَنهم لا يقولون عَسَى فاعلاً ولا كادَ فاعِلاً فتُرِك هذا مِنْ كلامِهِمْ للاسْتغْناء بالشيء عن الشيء وقال سيبويه عَسَى أَن تَفْعَلَ كقولك دنا أَن تَفْعل وقالوا عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُُساً أَي كان الغُوَيْرُ أَبْؤُساً حكاه سيبويه قال الجوهري أَما قولُهم عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً فشاذٌّ نادرٌ وضع أَبْؤُساً موضعَ الخَبَر وقد يأْتي في الأمثال ما لا يأْتي في غيرها وربما شَبَّهوا عَسَى بكادَ واستعملوا الفِعل بعدَه بغير أَن فقالوا عسَى زيدٌ يَنْطَلِق قال سُماعَةُ بن أسول النعامي عَسى اللهُ يغني عن بلادِ ابنِ قادرٍ بمُنْهَمِرٍ جَوْنِ الرَّبابِ سَكُوب هكذا أَنشده الجوهري قال ابن بري وصواب إنشاده عن بلادِ ابن قاربٍ وقال كذا أنشده سيبويه وبعده هِجَفٍّ تَحُفُّ الريحُ فوق سِبالِهِ له من لَوِيَّاتِ العُكُومِ نَصِيبُ وحكى الأَزهري عن الليث عَسَى تَجْرِي مَجْرى لعلَّ تقول عَسَيْتَ وعَسَيْتُما وعَسَيْتُمْ وعَسَتِ المرأَة وعَسَتا وعَسَيْنَ يُتَكلَّم بها على فعلٍ ماضٍ وأُمِيتَ ما سواه من وجوهِ فِعْلِهِ لا يقالُ يَعْسى ولا مفعولَ له ولا فاعلَ وعَسَى في القرآنِ من اللهِ جَلَّ ثَناؤُه واجبٌ وهو مِنَ العِبادِ ظَنٌّ كقوله تعالى عَسى اللهُ أَن يأْتي بالفتح وقد أَتى اللهُ به قال الجوهري إلا في قوله عَسى ربُّه ان طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَه قال أَبو عبيدة عَسى من الله إيجابٌ فجاءَت على إحْدى اللغتين لأَن عسى في كلامهم رجاءٌ ويَقِين قال ابن سيده وقيل عسى كلمة تكون للشَّك واليَقينِ قال الأزهري وقد قال ابن مقبل فجعله يَقِيناً أَنشده أَبو عبيد ظَنِّي بهم كعَسى وهم بِتَنُوفَةٍ يَتَنازَعُونَ جوائزَ الأَمثالِ أَي ظَنِّي بهم يَقين قال ابن بري هذا قول أَبي عبيدة وأَما الأَصمعي فقال ظَنِّي بهم كعَسى أَي ليس بثبت كعَسى يريد أَن الظَّن هنا وإن كان بمعنى اليقين فهو كعَسى في كونها بمعنى الطمع والرجاء وجوائزُ الأَمثال ما جاز من الشعر وسار وهو عَسِيٌ أَن يَفْعَل كذا وعَسٍ أَي خَلِيقٌ قال ابن الأَعرابي ولا يقال عَسًى وما أَعْساهُ وأَعْسِ به وأَعْسِ بأَن يفعلَ ذلك كقولك أَحْرِ بهِ وعلى هذا وجَّهَ الفارِسِيُّ قراءة نافع فهل عَسِيتُم بكسر السين قال لأنَّهم قد قالوا هو عَسٍ بذلك وما أَعْساهُ وأَعْسِ به فقوله عَسٍ يقوّي عَسِيتم ألا ترى أَنَّ عَسٍ كحَرٍ وشجٍ ؟ وقد جاء فَعَلَ وفَعِلَ في نَحْوِ وَرَى الزَّنْدُ ووَرِيَ فكذلك عَسيَتُم وعَسِيتُم فإن أُسْنِدَ الفِعلُ إلى ظاهِرٍ فقياس عَسِيتم أَن يقول فيه عَسِيَ زيدٌ مثلُ رَضِيَ زيدٌ وإن لم يَقُلْه فسائِغٌ له أَن يأْخذَ باللغَتَين فيستعملَ إحداهما في موضع دون الأُخرى كما فَعَلَ ذلك في غيرها وقال الأزهري قال النحويون يقال عَسَى ولا يقال عَسِيَ وقال الله عز وجل فهل عَسَيْتُمْ إن توَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدوا في الأرضِ اتَّفَقَ القراءُ أَجمعون على فتح السين من قوله عَسَيْتُمْ إلاَّ ما جاء عن نافِعٍ أَنه كان يقرأُ فهل عَسِيتم بكسر السين وكان يقرأُ عَسَى رَبُّكم أَنْ يُهْلِكَ عَدُوِّكمْ فدلَّ موافقتُه القرّاء على عَسَى على أَنّ الصواب في قوله عَسَيْتُم فتح السين قال الجوهري ويقال عَسَيْتُ أَنْ أَفْعَلَ ذلك وعَسِيتُ بالفتح والكسر وقرئ بهما فهل عَسَيْتُم وعَسِيتُمْ وحكى اللحياني عن الكسائي بالعَسَى أن يَفْعَل قال ولم أَسْمعهم يُصَرِّفُونها مُصَرَّفَ أَخَواتِها يعني بأَخواتها حَرَى وبالْحَرَى وما شاكَلَها وهذا الأَمرُ مَعْساةٌ منه أَي مَخْلَقَة وإنه لَمَعْساةٌ أن يَفْعَل ذاك كقولك مَحْراةٌ يكون للمُذَكر والمُؤنَّث والاثنين والجمع بلفظٍ واحد والمُعسِيةُ الناقة التي يُشَكُّ فيها أَبِها لَبَنٌ أَم لا والجمع المُعْسِياتُ قال الشاعر إذا المُعْسِيات مَنَعْنَ الصَّبُو حَ خَبَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ جَرِيُّه وكِيلُه ورَسُولُه وقيل الجَرِيُّ الخَادِمُ والمُحْصَنُ ما أُحْصِنَ وادُّخِرَ من الطَّعامِ للجَدْبِ وأَما ما أَنشده أَبو العباس أَلم تَرَني تَرَكْتُ أَبا يَزِيدٍ وصاحِبُه كمِعْساءِ الجَوارِي بلا خَبْطٍ ولا نَبْكٍ ولكنْ يَداً بِيدٍ فَها عِيثي جَعارِ قال هذا رجل طَعَن رجُلاً ثم قال ترَكْتُه كمِعْساءٍ الجَواري يسِيلُ الدَّمُ عليه كالمرأة التي لم تأْخذ الحُشْوةَ في حَيْضِها فَدَمُها يسيلُ والمِعْساءُ من الجوارِي المُراهِقَة التي يَظنُّ من رآها أَنها قد تَوَضَّأَتْ وحكى الأَزهري عن ابن كيسان قال اعلم أَن جَمْعَ المقصور كله إذا كان بالواو والنون والياء فإن آخره يَسْقُط لسكونه وسكونِ واوِ الجمعِ وياء الجمعِ ويبقى ما قبلَ الأَلِف على فَتْحه من ذلك الأدْنَونَ جمع أَدْنَى والمُصْطَفَون والمُوسَون والعِيسَوْنَ وفي النصب والخفض الأَدْنَين والمُصْطَفَيْن والأَعْساء الأرزانُ الصُّلبَةُ واحدُها عاسٍ وروى ابن الأثير في كتابه في الحديث أَفضلُ الصدقة المَنِيحة تَغْدُو بِعِساءٍ وتروح بعِساء وقال قال الخطابي قال الحُمَيْدِي العِساءُ العُسُّ قال ولم أَسْمعه إلاَّ في هذا الحديث قال والحُمَيْدي من أَهْلِ اللِّسانِ قال ورواه أَبو خيثَمة ثم قال بِعِساسٍ كان أَجودَ
( * قوله « بعساس كان أجود » هكذا في جميع الاصول ) وعلى هذا يكون جَمْع العُسِّ أَبدل الهمزة من السين وقال الزمخشري العِساءُ والعِساسُ جمعُ عُسٍّ وأَبو العَسا رَجُلٌ قال الأزهري كان خلاَّد صاحبُ شُرَطَة البَصْرَة يُكْنَى أَبا العَسا

عشا
العَشا مقصورٌ سوءُ البَصَرِ بالليلِ والنهارِ يكونُ في الناسِ والدَّوابِّ والإبلِ والطَّيرِ وقيل هو ذَهابُ البَصَرِ حكاه ثعلب قال ابن سيده وهذا لا يصحُّ إذا تأَمَّلته وقيل هو أَن لا يُبْصِر بالليل وقيل العَشا يكونُ سُوءَ البصَرِ من غيرِ عَمًى ويكونُ الذي لا يُبْصِرُ باللَّيْلِ ويُبْصِرُ بالنَّهارِ وقد عَشا يَعْشُو عَشْواً وهو أَدْنَى بَصَرِه وإنما يَعْشُو بعدَما يَعْشَى قال سيبويه أَمالوا العَشا وإن كان من ذَواتِ الواوِ تَشْبيهاً بذَوات الواوِ من الأفعال كغَزا ونحوها قال وليس يطَّرِدُ في الأَسْماء إنما يَطَّرِدُ في الأَفْعالِ وقد عَشِيَ يَعْشَى عَشًى وهو عَشٍ وأَعْشَى والأُنثى عَشْواء والعُشْوُ جَمعُ الأَعْشَى قال ابن الأعرابي العُشْوُ من الشُّعراء سَبْعة أَعْشَى بني قَيْسٍ أَبو بَصِير وأَعْشى باهلَةَ أَبو قُحافة
( * قوله « أبو قحافة » » هكذا في الأصل وفي التكملة أبو قحفان )
وأَعْشَي بَني نَهْشَلٍ الأَسْودُ بنُ يَعْفُرَ وفي الإسلام أَعْشَى بَني رَبيعة من بني شَيْبانَ وأَعْشَى هَمْدان وأَعْشَى تَغْلِب ابنُ جاوانَ وأَعْشَى طِرْودٍ من سُلَيْم وقال غيره وأَعْشَى بَني مازِنٍ من تَمِيم ورَجُلان أَعْشَيانِ وامرأتانِ عَشْواوانِ ورجال عُشوٌ وأَعْشَوْنَ وعَشَّى الطَّيْرَ أَوْقَد ناراً لتعَشى منها فيصيدها وعَشا يَعْشُو إذا ضَعُفَ بَصَرُه وأَعشاهُ الله وفي حديث ابنِ المُسَيَّب أَنه ذَهَبَتْ إحدْى عَينَيْه وهو يَعْشُو بالأُخْرى أَي يُبْصِر بها بَصَراً ضَعِيفاً وعَشا عن الشيء يَعْشُو ضَعُفَ بَصَرُه عنه وخَبَطَه خَبْطَ عَشْواء لم يَتَعَمَّدْه وفلانٌ خابطٌ خَبْطَ عَشْواء وأَصْلُه من الناقةِ العَشْواءِ لأنها لا تُبْصِر ما أَمامَها فهي تَخْبِطُ بِيَديْها وذلك أَنها تَرْفَع رَأْسها فلا تَتَعَهَّدُ مَواضِعَ أَخْفافِها قال زهير رأَيْتُ المَنايَا خَبْطَ عَشْواءَ مَنْ تَصِبْ تُمِيتْهُ ومَنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ ومن أَمثالهم السَّائرة وهو يَخْبِط خَبْطَ عَشْواء يضرَبُ مثلاً للسَّادِرِ الذي يَرْكَبُ رَأْسَهُ ولا يَهْتَمُّ لِعاقِبَتِهِ كالنَّاقَة العَشْواء التي لا تُبْصِرُ فهي تَخْبِطُ بيَدَيْها كلَّ ما مَرَّت به وشَبَّه زُهَيرٌ المنايا بخَبْطِ عَشْواءَ لأَنَّها تَعُمُّ الكُلَّ ولا تَخُصُّ ابن الأَعرابي العُقابُ العَشْواءُ التي لا تُبالي كيْفَ خَبَطَتْ وأَيْنَ ضَرَبَتْ بمخالِبها كالنَّاقة العَشْواء لا تَدْرِي كَيْفَ تَضَع يَدَها وتَعاشَى أَظْهَرَ العَشا وأَرى من نَفْسِه أَنه أَعْشَى وليس به وتعاشَى الرجلُ في أَمْرِه إذا تَجَاهَلَ على المَثَل وعَشا يَعْشوُ إذا أَتى ناراً للضِّيافَة وعَشا إلى النار وعَشاها عَشْواً وعُشُوّاً واعْتَشاها واعْتَشَى بها كلُّه رآها لَيْلاً على بُعْدٍ فقَصَدَها مُسْتَضِيئاً بها قال الحطيئة مَتَى تأْتِهِ تَعْشُو إِلى ضَوْْء نارِهِ تَجِدْ خَيرَ نارٍ عندَها خَيرُ مُوقِدِ أَي متي تأْتِهِ لا تَتَبَيَّن نارَهُ مِنْ ضَعْف بَصَرِك وأَنشد ابن الأَعرابي وُجُوهاً لو أنَّ المُدْلِجِينَ اعْتَشَوْا بها صَدَعْنَ الدُّجى حتَّى تَرى اللّيْلَ يَنْجَلي
( * قوله « وجوهاً » هو هكذا بالنصب في الأصل والمحكم وهو بالرفع فيما سيأتي )
وعَشَوْتُه قَصَدْتُه ليلاً هذا هو الأَصْلُ ثم صار كلُّ قاصِدٍ عاشِياً وعَشَوْت إِلى النارِ أَعْشُو إِليها عَشْواً إِذا اسْتَدْلَلْتَ عليها بِبَصَرٍ ضَعيفٍ ويُنْشد بيت الحُطيئة أَيضاً وفسَّره فقال المعنى متى تَأْتِه عاشِياً وهو مَرْفُوعٌ بين مَجْزُومَيْن لأَن الفعلَ المُسْتَقْبَل إِذا وَقَع مَوقِعَ الحال يَرْتَفِع كقولك إِن تأْتِ زيداً تُكْرِمُه يَأْتِكَ جَزَمْتَ تأْتِ بأَنْ وجَزَمْتَ يأْتِكَ بالجواب ورفَعْتَ تُكْرِمُه بينهما وجَعَلْتَه حالاً وإِن صَدَرْت عنه إِلى غيره قلت عَشَوْتُ عنه ومنه قوله تعالى ومَن يَعْشُ عن ذكْرِ الرَّحْمن نُقَيِّضْ له شيطاناً فهو له قَرينٌ قال الفراء معناه من يُعْرضْ عن ذكر الرحمن قال ومن قرأَ ومَن يَعْشُ عن ذكر الرحمن فمعناه مَن يَعْمَ عنه وقال القُتَيبي معنى قوله ومَنْ يَعْشُ عن ذكر الرحمن أَي يُظْلِمْ بَصَرُه قال وهذا قولُ أَبي عبيدة ثم ذهب يَرُدُّ قولَ الفراء ويقول لم أَرَ أَحداً يُجيزُ عَشَوْتُ عن الشيء أَعْرَضْتُ عنه إِنما يقال تَعاشَيْتُ عن الشيء أَي تَغافَلْت عنه كأَني لم أَرَهُ وكذلك تعامَيْت قال وعَشَوْتُ إِلى النار أَي اسْتَدْلَلْت عليها ببَصَرٍ ضعيف قال الأَزهري أَغْفَل القُتَيْبي موضعَ الصوابِ واعْتَرَض مع غَفْلَتِه على الفراء يَرُدُّ عليه فذكرت قوله لأَبَيِّن عُوارَه فلا يَغْتَرَّ به الناظرُ في كتابه والعرب تقول عَشَوْتُ إِلى النار أَعْشُو عَشْواً أَي قَصَدتُها مُهْتَدِياً بها وعَشَوْتُ عنها أَي أَعْرَضْت عنها فيُفرِّقون بين إِلى وعَنْ موصولَيْن بالفعل وقال أَبو زيد يقال عَشَا فلانٌ إِلى النار يَعْشُو عَشْواً إِذا رأَى ناراً في أَوَّل الليل فيَعْشُو إِليها يَسْتضِيءُ بضَوْئها وعَشَا الرجلُ إِلى أَهلِه يَعْشُو وذلك من أَوَّل الليل إِذا عَلِمَ مكانَ أَهلِه فقَصدَ إِليهم وقال أَبو الهيثم عَشِيَ الرجلُ يَعْشى إِذا صار أَعْشى لا يُبْصِرُ لَيْلاً وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلي فجعَل الاعتِشاء بالوجوه كالاعتشاء بالنار يَمْدَحُ قوماً بالجمال يَزينُ سَنا الماوِيِّ كلَّ عَشيَّةٍ على غَفلات الزَّيْنِ والمُتَجَمَّلِ وُجُوهٌ لوَانَّ المُدْلِجينَ اعْتَشَوْا بها سَطَعْنَ الدُّجى حتى ترَى الليْلَ يَنْجَلي وعَشَا عن كذا وكذا يَعْشُو عنه إِذا مَضى عنه وعَشَا إِلى كذا وكذا يَعْشُو إِليه عَشْواً وعُشُوّاً إِذا قَصَد إِليه مُهْتَدِياً بضَوْء نارِه ويقال اسْتَعْشَى فلانٌ ناراً إِذا اهْتَدى بها وأَنشد يَتْبعن حروباً إِذا هِبْنَ قَدَمْ كأَنه باللَّيْلِ يَسْتَعْشِي ضَرَم
( * قوله « حروبا » هكذا في الأصل ولعله محرف والأصل حُوذيّاً أي سائقاً سريع السير )
يقول هو نَشِيطٌ صادِقُ الطَّرْفِ جَرِيءٌ على الليلِ كأَنه مُسْتَعْشٍ ضَرَمةً وهي النارُ وهو الرجلُ الذي قد ساقَ الخارِبُ إِبله فطَرَدَها فَعَمَد إِلى ثَوْبٍ فشَقَّه وفَتَلَه فَتْلاً شديداً ثم غَمَره في زَيْتٍ أَو دُهْن فرَوَّاهُ ثم أَشْعل في طَرَفِه النار فاهْتَدى بها واقْتَصَّ أَثَرَ الخارِبِ ليَسْتَنْقِذَ إِبلَه قال الأَزهري وهذا كله صحيح وإِنما أَتى القُتَيْبيَّ في وهمه الخَطَأُ من جهة أَنه لم يَفْرُق بين عَشا إِلى النار وعَشا عنها ولم يَعْلَم أَن كلَّ واحدٍ منهما ضد الآخر من باب المَيْلِ إِلى الشيءِ والمَيْل عنه كقولك عَدَلْت إِلى بني فلانٍ إِذا قَصدتَهم وعَدَلْتُ عنهم إِذا مَضَيْتَ عنهم وكذلك مِلْتُ إِليهم ومِلْت عنهم ومَضيْت إِليهم ومضيْت عنهم وهكذا قال أَبو إِسحق الزجَّاج في قوله عز وجل ومن يعشُ عن ذكرِ الرحمن أَي يُعْرِض عنه كما قال الفراء قال أَبو إِسحق ومعنى الآية أَنَّ من أَعرض عن القرآن وما فيه من الحكمة إِلى أَباطِيل المضلِّين نُعاقِبْه بشيطانٍ نُقَيِّضُه له حتى يُضِلَّه ويلازمه قريناً له فلا يَهْتدي مُجازاةً له حين آثرَ الباطلَ على الحق البيِّن قال الأَزهري وأَبو عبيدة صاحب معرفة بالغريب وأَيام العرب وهو بَليدُ النظر في باب النحو ومقَاييسه وفي حديث ابن عمر أَنَّ رجلاً أَتاه فقال له كما لا يَنْفَعُ مع الشِّرْكِ عَمَلٌ هل يَضُرُّ مع الإِيمان ذَنْبٌ ؟ فقال ابن عمر عَشِّ ولا تَغْتَرَّ ثم سأَل ابنَ عباس فقال مثلَ ذلك هذا مَثَلٌ للعرب تَضْربُه في التَّوْصِية بالاحتِياط والأَخْذِ بالحَزْم وأَصلُه أَن رجلاً أَراد أَن يَقْطَع مَفازَة بإبلِه ولم يُعَشِّها ثقة على ما فيها
( * قوله « ثقة على ما فيها إلخ » هكذا في الأصل الذي بايدينا وفي النهاية ثقة بما سيجده من الكلأ وفي التهذيب فاتكل على ما فيها إلخ ) من الكَلإِ فقيل له عَشِّ إِبلَك قبل أَن تُفَوِّزَ وخُذْ بالاحتياط فإِن كان فيها كلأٌ يَضُرَّك ما صنَعْتَ وإِن لم يكن فيها شيءٌ كنتَ قد أَخَذْت بالثِّقة والحَزْم فأَراد ابن عمر بقوله هذا اجتَنِبِ الذنوبَ ولا تَرْكبْها اتِّكالاً على الإِسلام وخُذْ في ذلك بالثِّقة والاحتياط قال ابن بري معناه تَعَشَّ إِذا كنتَ في سَفَرٍ ولا تَتَوانَ ثِقةً منك أَنْ تتَعَشَّى عند أَهلِكَ فلَعَلَّك لا تَجِدُ عندهم شيئاً وقال الليث العَشْوُ إِتْيانُكَ ناراً تَرْجُو عندها هُدًى أَو خَيْراً تقول عَشَوْتُها أَعْشُوها عَشْواً وعُشُوّاً والعاشِية كل شيءٍ يعشُو بالليلِ إِلى ضَوءِ نارٍ من أَصنافِ الخَلقِ الفَراشِ وغيرِه وكذلك الإِبل العَواشِي تَعْشُو إِلى ضَوءِ نارٍ وأَنشد وعاشِيةٍ حُوشٍ بِطانٍ ذَعَرْتُها بضَرْبِ قَتِيلٍ وَسْطَها يَتَسَيَّفُ قال الأَزهري غَلِطَ في تفسير الإِبلِ العَواشي أَنها التي تَعْشُو إِلى ضَوْءِ النارِ والعَواشي جمعُ العاشِية وهي التي تَرْعى ليلاً وتتَعَشَّى وسنذكرها في هذا الفصل والعُشْوة والعِشْوة النارُ يُسْتَضاءُ بها والعاشِي القاصِدُ وأَصلُه من ذلك لأَنه يَعْشُو إِليه كما يَعْشُو إِلى النار قال ساعدة بن جُؤَيَّة شِهابي الذي أَعْشُو الطريقَ بضَوْئِه ودِرْعي فَلَيلُ الناسِ بَعْدَك أَسْوَدُ والعُشْوة ما أُخِذَ من نارٍ ليُقْتَبس أَو يُسْتَضاءَ به أَبو عمرو العُشْوة كالشُّعْلة من النارِ وأَنشد حتى إِذا اشْتالَ سُهَيْلٌ بسَحَرْ كعُشْوةِ القابِسِ تَرْمي بالشَّرر قال أَبو زيد ابْغُونا عُشْوةً أَي ناراً نَسْتَضيءُ بها قال أَبو زيد عَشِيَ الرجلُ عن حق أَصحابِه يَعْشَى عَشًى شديداً إِذا ظَلَمَهم وهو كقولك عَمِيَ عن الحق وأَصله من العَشَا وأَنشد أَلا رُبَّ أَعْشى ظالِمٍ مُتَخَمِّطٍ جَعَلْتُ بعَيْنَيْهِ ضِياءً فأَبْصَرا وقال عَشِيَ عليَّ فلانٌ يَعْشَى عَشًى منقوص ظَلَمَني وقال الليث يقال للرجال يَعْشَوْنَ وهُما يَعْشَيانِ وفي النساء هُنَّ يَعْشَيْن قال لمَّا صارت الواو في عَشِيَ ياءً لكَسْرة الشين تُرِكَتْ في يَعْشَيانِ ياءً على حالِها وكان قِياسُه يَعْشَوَانِ فتَرَكوا القياس وفي تثنية الأَعْشى هما يَعْشَيانِ ولم يقولوا يَعْشَوانِ لأَنَّ الواو لمَّا صارت في الواحد ياءً لكَسْرة ما قَبْلَها تُرِكَت في التَّثْنية على حالها والنِّسْبة إِلى أَعْشى أَعْشَويٌّ وإِلى العَشِيَّةِ عَشَوِيٌّ والعَشْوَةُ والعُشْوَةُ والعِشْوَةُ رُكوبُ الأَمْر على غير بيانٍ وأَوْطأَني عَشْوَةً وعِشْوَةً وعُشْوة لبَسَ عليَّ والمعنى فيه أَنه حَمَله على أَن يَرْكَب أَمراً غيرَ مُسْتَبينِ الرشد فرُبَّما كان فيه عَطَبُه وأَصله من عَشْواءِ الليل وعُشْوَتِه مثلُ ظَلْماءِ الليل وظُلْمَته تقول أَوْطَأْتَني عَشْوَةً أَي أَمْراً مُلْتَبِساً وذلك إِذا أَخْبَرْتَه بما أَوْقَعْتَه به في حَيْرَةٍ أَو بَلِيَّة وحكى ابن بري عن ابن قتيبة أَوطَأْته عَشْوة أَي غَرَرْته وحَمَلْته على أَن يَطَأَ ما لا يُبْصِرُه فرُبَّما وقع في بِئْرٍ وفي حديث علي كرم الله وجهه خَبَّاط عَشَوات أَي يَخْبِطُ في الظَّلامِ والأَمر المُلْتَبِس فيَتَحَيَّر وفي الحديث يا مَعْشَرَ العَرَب احْمَدُوا اللهَ الذي رَفَعَ عنكمُ العُشْوَةَ يريد ظُلْمة الكُفْرِ كُلَّما ركِبَ الإِنسانُ أَمراً بجَهْلٍ لا يُبْصرُ وجْهَه فهو عُشْوة من عُشْوة اللَّيْلِ وهو ظُلْمة أَوَّله يقال مَضى من اللَّيْلِ عَشْوة بالفتح وهو ما بين أَوَّلِه إِلى رُبْعه وفي الحديث حتى ذَهَبَ عَشْوَةٌ من اللَّيْلِ ويقال أَخَذْتُ عَلَيْهم بالعَشْوة أَي بالسَّوادِ من اللَّيل والعُشوة بالضم والفتح والكسر الأَمْرُ المُلْتَبس وركب فلانٌ العَشْواءَ إِذا خَبَطَ أَمرَه على غيرِ بَصِيرة وعَشْوَةُ اللَّيْلِ والسَّحَر وعَشْواؤه ظُلْمَتُه وفي حديث ابن الأكوع فأَخَذَ عَلَيْهِمْ بالعَشْوةِ أَي بالسَّوادِ من اللَّيْلِ ويُجْمَع على عَشَواتٍ وفي الحديث أَنه عليه السلام كان في سَفَر فاعْتَشى في أَوَّلِ اللَّيْلِ أَي سار وقتَ العِشاء كما يقال اسْتَحَر وابْتَكَر والعِشاءُ أَوَّلُ الظَّلامِ من اللَّيْلِ وقيل هو من صلاةِ المَغْرِب إِلى العَتَمة والعِشاءَانِ المَغْرِب والعَتَمة قال الأَزهري يقال لصلاتي المَغْرِب والعِشاءِ العِشاءَانِ والأَصلُ العِشاءُ فغُلِّبَ على المَغْرِب كما قالوا الأَبَوان وهما الأَبُ والأُمُّ ومثله كثير وقال ابن شميل العِشاءُ حينَ يُصَلّي الناسُ العَتَمة وأَنشد ومحوّل مَلَثَ العِشاءِ دَعَوْتُه والليلُ مُنْتَشِرُ السَّقِيط بَهِيمُ
( * قوله « ومحوّل » هكذا في الأصل )
قال الأَزهري صَلاةُ العِشاءِ هي التي بعدَ صلاةِ المَغْرِب ووَقْتُها حينَ يَغِيبُ الشَّفَق وهو قوله تعالى ومن بعد صلاةِ العِشاءِ وأَما العَشِيُّ فقال أَبو الهيثم إِذا زالت الشَّمْسُ دُعِي ذلك الوقتُ العَشِيَّ فَتَحَوَّلَ الظلُّ شَرْقِيّاً وتحوَّلت الشمْسُ غَرْبيَّة قال الأَزهري وصلاتا العَشِيِّ هما الظُّهْر والعَصْر وفي حديث أَبي هريرة رضي الله عنه صلى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إحْدى صلاتَي العشيِّ وأَكْبَرُ ظَني أَنها العَصْر وساقه ابن الأَثير فقال صَلى بنا إحْدى صلاتي العَشِيِّ فسَلَّم من اثْنَتَيْن يريدُ صلاةَ الظُّهْر أَو العَصْر وقال الأَزهري يَقَع العشيُّ على ما بَيْنَ زَوالِ الشمْسِ إلى وَقْت غُروبها كل ذلك عَشِيٌّ فإذا غابَتِ الشَّمْسُ فهو العِشاءُ وقيل العَشِيُّ منْ زَوالِ الشَّمْس إِلى الصَّباح ويقال لِما بين المَغْرِب والعَتَمة عِشاءٌ وزعم قوم أَنَّ العشاء من زَوال الشمس إِلى طُلوع الفَجْر وأَنشدوا في ذلك غَدَوْنا غَدْوَةً سَحَراً بليْلٍ عِشاءً بعدَما انْتَصف النَّهارُ وجاء عَشْوةَ أَي عِشاءً لا يتمكَّن لا تقول مضتْ عَشْوَةٌ والعَشِيُّ والعَشِيَّةُ آخرُ النهار يقال جئتُه عَشِيَّةً وعَشِيَّةً حكى الأَخيرةَ سيبويه وأَتَيْتُه العَشِيَّةَ ليوْمِكَ وآتيه عَشِيَّ غدٍ بغير هاءٍ إِذا كان للمُسْتَقبل وأَتَيتك عَشِيّاً غير مضافٍ وآتِيه بالعَشِيِّ والغد أَي كلَّ عَشيَّة وغَداةٍ وإِني لآتيه بالعشايا والغَدايا وقال الليث العَشِيُّ بغير هاءٍ آخِرُ النهارِ فإِذا قلت عَشية فهو لِيوْم واحدٍ يقال لقيته عَشِيَّةَ يوم كذا وكذا ولَقِيته عَشِيَّةَ من العَشِيّات وقال الفراء في قوله تعالى لم يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّة أَو ضُحاها يقول القائلُ وهل للعَشِيَّة ضُحًى ؟ قال وهذا جَيِّد من كلام العرب يقال آتِيك العَشِيَّةَ أَو غداتَها وآتيك الغَداةَ أَو عَشِيَّتَها فالمعنى لم يَلْبثوا إِلاَّ عَشِيَّة أَو ضُحى العَشِيَّة فأَضاف الضُّحى إِلى العَشِيَّة وأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي أَلا لَيتَ حَظِّي من زِيارَةِ أُمِّيَهْ غَدِيَّات قَيْظٍ أَو عَشِيَّات أَشْتِيَهْ فإِنه قال الغَدَوات في القَيْظ أَطْوَلُ وأَطْيَبُ والعَشِيَّاتُ في الشِّتاءِ أَطولُ وأَطيبُ وقال غَدِيَّةٌ وغَدِيَّات مثلُ عَشِيَّةٍ وعَشِيَّات وقيل العَشِيُّ والعَشِيَّة من صلاةِ المَغْرِب إلى العَتمة وتقول أَتَيْتُه عَشِيَّ أَمْسِ وعَشِيَّة أَمْسِ وقوله تعالى ولهمْ رزْقُهمْ فيها بُكرَةً وعَشِيَّاً وليسَ هُناك بُكْرَةٌ ولا عَشِيٌّ وإنما أَراد لهُم رزْقُهُم في مِقْدار بين الغَداةِ والعَشِيِّ وقد جاء في التَّفْسِير أَنَّ معْناه ولهُمْ رِزْقُهُم كلَّ ساعةٍ وتصٌغِيرُ العَشِيِّ عُشَيْشِيانٌ على غير القياس وذلك عند شَفىً وهو آخِرُ ساعةٍ من النَّهار وقيل تصغير العَشِيِّ عُشَيَّانٌ على غير قياس مُكَبَّره كأنهم صَغَّروا عَشيْاناً والجمع عُشَيَّانات ولَقِيتُه عُشَيْشِيَةً وعُشَيْشِيَاتٍ وعُشَيْشِياناتٍ وعُشَيَّانات كلُّ ذلك نادر ولقيته مُغَيْرِبانَ الشَّمْسِ ومُغَيْرِباناتِ الشَّمْسِ وفي حديث جُنْدَب الجُهَني فأَتَيْنا بَطْنَ الكَديد فنَزَلْنا عُشَيْشِيَةً قال هي تصغير عَشِيَّة على غير قياس أُبْدلَ من الياء الوُسْطى شِينٌ كأَنّ أَصلَه عُشَيِّيةً وحكي عن ثعلب أَتَيْتُه عُشَيْشَةً وعُشَيْشِياناً وعُشيَّاناً قال ويجوز في تَصْغيرِ عَشِيَّةٍ عُشَيَّة وعُشَيْشِيَةٌ قال الأَزهري كلام العرب في تصغير عَشِيَّة عُشَيْشِيَةٌ جاء نادراً على غير قياس ولم أَسْمَع عُشَيَّة في تصغير عَشيَّة وذلك أَنَّ عُشَيَّة تصْغِيرُ العَشْوَة وهو أَولُ ظُلْمة الليل فأَرادوا أَن يَفْرُقوا بين تصغير العَشِيَّة وبين تَصغير العَشْوَة وأَمَّا ما أَنشده ابن الأَعرابي من قوله هَيْفاءُ عَجْزاءُ خَرِيدٌ بالعَشِي تَضْحَكُ عن ذِي أُشُرٍ عَذْبٍ نَقِي فإنه أَراد باللَّيل فإمَّا أَن يكون سَمَّى الليلَ عَشِياً لمَكانِ العِشاء الذي هو الظلمة وإمَّا أَن يكون وضع العَشِيَّ موضِعَ الليل لقُرْبِه منه من حيث كانَ العَشِيُّ آخِرَ النَّهار وآخرُ النَّهارِ مُتَّصِلٌ بأَوَّل الليل وإنما أَرادَ الشاعرُ أَنْ يُبالغَ بتَخَرُّدِها واسْتِحيائِها لأنَّ الليلَ قد يُعْدَمُ فيه الرُّقَباءُ والجُلَساءُ وأَكثرُ من يُسْتَحْيا منه يقول فإذا كان ذلك مع عدم هَؤُلاء فما ظَنُّكَ بتَخَرُّدِها نَهاراً إذا حَضَرُوا ؟ وقد يجوز أَن يُعْنَى به اسْتِحياؤها عند المُباعَلَة لأَنَّ المُباعَلَة أَكثرُ ما تكون لَيْلاً والعِشْيُ طَعامُ العَشىّ والعِشاءِ قلبت فيه الواوُ ياءً لقُرْب الكسرة والعَشاءُ كالعِشْيِ وجَمعه أَعْشِيَة وعَشِيَ الرجلُ يَعْشَى وعَشا وتَعَشَّى كلُّه أَكلَ العَشاء فهو عاشٍ وعَشَّيْتِ الرجلَ إذا أَطْعَمته العَشاءَ وهو الطعام الذي يُؤكَلُ بعد العِشاء ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا حَضَر العَشاءُ والعِشاءُ فابْدَؤوا بالعَشاءِ العَشاء بالفتح والمدِّ الطعامُ الذي يؤكَلُ عند العِشاء وهو خِلاف الغَداءِ وأَزاد بالعِشاءِ صلاةَ المغرب وإنما قدَّم العَشاء لئلاَّ يَشْتَغِل قلْبُه به في الصلاة وإنما قيل انها المغرب لأنها وقتُ الإفطارِ ولِضِيقِ وقتِها قال ابن بري وفي المثل سَقَطَ العَشاءُ به على سِرْحان يضرب للرجُلِ يَطْلُب الأمر التَّافِه فيقَع في هَلَكةٍ وأَصله أَنَّ دابَّة طَلبَت العَشاءَ فَهَجََمَتْ على أَسَدٍ وفي حديث الجمع بعَرفة صلَّى الصَّلاتَيْن كلُّ صلاةٍ وحْدها والعَشاءُ بينهما أَي أَنه تَعَشَّى بين الصَّلاتَيْن قال الأصمعي ومن كلامهم لا يَعْشَى إلا بعدما يَعْشُو أَي لا يَعْشَى إلا بعدما يَتَعَشَّى وإذا قيل تَعَشَّ قلتَ ما بي من تَعَشٍّ أَي احتياج إلى العَشاءِ ولا تقُلْ ما بي عَشاءٌ وعَشَوْتُ أَي تَعَشَّيْتُ ورجلٌ عَشْيانٌ مُتَعَشٍّ والأَصل عَشْوانٌ وهو من باب أَشاوَى في الشُّذُوذِ وطَلَب الخِفَّة قال الأزهري رجلٌ عَشْيان وهو من ذوات الواوِ لأنه يقال عَشَيته وعَشَوته فأَنا أَعْشُوه أَي عَشَّيْته وقد عشِيَ يعشَى إذا تَعشَّى وقال أَبو حاتم يقال من الغَداء والعَشاء رجلٌ غَدْيان وعَشْيان والأصل غَدْوان وعَشْوان لأنَّ أَصْلَهُما الواوُ ولكن الواوُ تُقْلَب إلى الياء كثيراً لأن الياء أَخفُّ من الواوِ وعَشاه عَشْواً وعَشْياً فتَعَشَّى أَطْعَمَهُ العَشاءَ الأَخيرةُ نادرةٌ وأَنشد ابن الأعرابي قَصَرْنا عَلَيْه بالمَقِيظِ لِقاحَنَا فَعَيَّلْنَه من بَينِ عَشْيٍ وتَقْييلِ
( * قوله « فعيلنه إلخ » هكذا في الأصول )
وأَنشد ابن بري لقُرْط بن التُّؤام اليشكري كاتَ ابنُ أَسْماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه من هَجْمَةٍ كفَسِيلِ النَّخلِ دُرَّارِ وعَشَّاهُ تَعْشِية وأَعْشاه كَعَشاه قال أَبو ذؤيب فأَعْشَيْتُه من بَعدِ ما راثَ عِشْيُهُ بسَهْمٍ كسَيْرِ التَّابِرِيَّةِ لَهْوَقِ عدّاه بالباء في معنى غَذََّيْتُه وعَشَّيْتُ الرجُل أَطْعَمْتُهُ العَشاءَ ويقال عَشِّ إِبِلَكَ ولا تَغْتَرَّ وقوله باتَ يُعَشِّيها بِعَضْبٍ باتِرِ يَقْصِدُ في أَسْؤُقِها وجائِرِ أَي أَقامَ لهَا السَّيْفَ مُقامَ العَشاءِ الأَزهري العِشْيُ ما يُتَعَشَّى به وجَْمْعه أَعْشاء قال الحُطَيْئة وقَدْ نَظَرْتُكُمُ أَعْشاءَ صادِرَةٍ للْخِمْسِ طالَ بها حَوْزي وتَنْساسِي قال شمر يقولُ انْتَظَرْتُكُمُ انْتِظارَ إبِلٍ خَوامِسَ لأَنَّها إذا صَدَرَتْ تَعَشَّت طَويلاً وفي بُطونِها ماءٌ كثيرٌ فهي تَحْتاجُ إلى بَقْلٍ كَثِيرٍ وواحدُ الأَعْشاء عِشْيٌ وعِشْيُ الإبلِ ما تَتَعشَّاه وأَصلُه الواو والعَواشِي الإبل والغَنم التي تَرْعَى بالليلِ صِفَةٌ غالبَةٌ والفِعْلُ كالفِعْل قال أَبو النجم يَعْشَى إذا أَظْلَم عن عَشائِه ثم غَدَا يَجْمَع من غَدائِهِ يقول يَتَعَشَّى في وقت الظُّلْمة قال ابن بري ويقال عَشِيَ بمعنى تَعَشَّى وفي حديث ابن عمر ما مِنْ عاشِيَةٍ أَشَدَّ أَنَقاً ولا أَطْولَ شِبَعاً مِنْ عالِمٍ مِن عِلْمٍ العاشية التي تَرْعَى بالعَشِيِّ من المَواشِي وغيرِها يقال عَشِيَت الإبلُ و وتَعَشَّتْ المعنى أَنَّ طالِبَ العِلْمِ لا يكادُ يَشْبَعُ منه كالحديث الآخر مَنْهُومانِ لا يَشْبَعانِ طالِبُ عِلْمٍ وطالِبُ دُنْيا وفي كتاب أَبي موسى ما مِنْ عاشِية أَدوَمُ أَنقاً ولا أَبْعَدُ مَلالاً من عاشيةِ عِلْمٍ وفسره فقال العَشْوُ إتْيانُكَ ناراً تَرْجُو عندَها خيراً يقال عَشَوْتُه أَعْشُوه فأَنا عاشٍ من قوم عاشِية وأراد بالعاشية هَهُنا طالبي العِلْمِ الرَّاجينَ خيرَه ونَفْعَه وفي المثل العاشِيةُ تَهِيجُ الآبِيَةَ أَي إذا رَأتِ التي تأَبَى الرَّعْيَ التي تَتَعَشَّى هاجَتْها للرَّعْي فرَعَتْ معها وأنشد تَرَى المِصَكَّ يَطْرُدُ العَواشِيَا جِلَّتَها والأُخرَ الحَواشِيَا وبَعِيرٌ عَشِيٌّ يُطِىلُ العَشاءَ قال أَعْرابيٌّ ووصف بَعىرَه عريضٌ عَروُضٌ عَشِيٌّ عَطُوّ وعَشا الإبلَ وعَشَّاها أَرْعاها ليلا وعَشَّيْتُ الإبلَ إذا رَعَيْتَها بعد غروب الشمس وعَشِيَت الإبلُ تَعْشَى عشًى إذا تَعشَّت فهي عاشِية وجَمَلٌ عَشٍ وناقة عَشِيَة يَزيدان على الإبلِ في العَشاء كلاهُما على النَّسَب دون الفعل وقول كُثَيِّر يصف سحاباً خَفِيٌّ تَعَشَّى في البحار ودُونَه من اللُّجِّ خُضْرٌ مُظْلِماتٌ وسُدَّفُ إنما أَراد أَنَّ السحابَ تَعَشَّى من ماء البحر جَعَلَه كالعَشاءِ له وقول أُحَيْحَةَ بنِ الجُلاح تَعَشَّى أَسافِلُها بالجَبُوب وتأْتي حَلُوبَتُها من عَل يعني بها النخل يعني أَنها تَتَعَشَّى من أَسفل أَي تَشْرَبُ الماءَ ويأْتي حَمْلُها من فَوْقُ وعَنى بِحَلُوبَتِها حَمْلَها كأَنه وَضَعَ الحَلُوبة موضعَ المَحْلُوب وعَشِيَ عليه عَشًى ظَلَمه وعَشَّى عن الشيء رَفَقَ به كَضَحَّى عنه والعُشْوان ضَرْبٌ من التَّمْرِ أَو النَّخْلِ والعَشْواءُ مَمْدودٌ صربٌ من متأخِّر النخلِ حَمْلاً

عصا
العَصا العُودُ أُنْثَى وفي التنزيل العزيز هي عَصايَ أَتَوَكَّأُ عليها وفلانٌ صُلْبُ العَصا وصليبُ العَصا إذا كان يَعْنُفُ بالإبل فيَضْرِبْها بالعَصا وقوله فأَشْهَدُ لا آتِيكِ ما دامَ تَنْضُبٌ بأَرْضِكِ أَو صُلْبُ العصا من رجالِكِ أَي صَلِيبُ العَصا قال الأزهري ويقال للرّاعي إذا كان قَويّاً على إبِلِه ضابطاً لها إنه لصُلْبُ العَصا وشديدُ العَصا ومنه قول عمر بنِ لَجَإٍ صُلْبُ العَصا جافٍ عن التَّغَزُّلِ قال ابن بري ويقال إنه لصُلْبُ العَصا أي صُلْبٌ في نفسه وليس ثَمَّ عَصاً وأَنشد بيت عمر بن لجإٍ ونسبه إلى أبي النَّجْم ويقال عَصاً وعَصَوانِ والجمع أَعْصٍ وأَعْصاءٌ وعُصِيٌّ وعِصِيٌّ وهو فُعول وإنما كُسِرت العَيْنُ لما بَعْدَها من الكسرة وأَنكر سيبويه أَعصاءً قال جعلوا أَعْصِياً بدلاً منه ورجلٌ لَيِّنُ العصا رفيقٌ حَسَنُ السياسة لما يَلي يكْنونُ بذلك عن قِلة الضَّرْب بالعَصا وضعيفُ العَصا أَي قليلُ الضَّرْب للإبلِ بالعَصا وذلك مما يُحْمَدُ به حكاه ابن الأعرابي وأَنشد الأزهري لمَعْنِ بنِ أَوْسٍ المُزَني عليه شَرِيبٌ وادِعٌ لَيِّنُ العَصا يُساجِلُها جُمَّاتِهِ وتُساجِلُهْ قال الجوهري موضعُ الجُمَّاتِ نَصْبٌ وجَعَل شُرْبَها للماء مُساجَلة وأَنشد غيرهُ قول الراعي يصف راعياً ضَعيفُ العَصا بادي العُروقِ ترى له عليها إذا ما أَجْدَبَ الناسُ إصبَعَا وقولهم إنه لضعيف العَصا أَي تِرْعِيةَ قال ابن الأعرابي والعربُ تَعيبُ الرِّعاءَ بضَرْبِ الإبلِ لأن ذلك عُنْفٌ بها وقلَّةُ رِفْقٍ وأَنشد لا تَضْرِباها واشْهَرا لها العصِي فرُبّ بَكْرٍ ذِي هِبابٍ عَجْرَفي فيها وصَهْباءَ نَسوُلٍ بالعَشِي يقول أَخيفاها بشهّرِكُما العِصِيِّ لها ولا تَضْرِباها وأَنشد دَعْها مِن الضَّرْبِ وبَشِّرّها بِرِيْ ذاكَ الذِّيادُ لا ذِيادٌ بالعِصِيْ وعَصاه بالعَصا فهو يَعْصُوه عَصْواً إذا ضَرَبَه بالعصا وعَصى بها أَخذها وعَصِيَ بسَيْفه وعَصا به يَعْصُو عَصاً أَخذَه أَخْذَ العَصا أَو ضَرَبَ به ضَرْبَه بها قال جرير تَصِفُ السُّيُوفَ وغيرُكُمْ يَعْصَى بها يا ابنَ القُيونِ وذاكَ فِعْلُ الصَّيْقَلِ والعَصا مقصورٌ مصدرٌ قَولِك عَصِيَ بالسيف يَعْصَى إذا ضَرَبَ به وأَنشد بيت جرير أَيضاً وقالوا عَصَوتُه بالعَصا وعَصَيْتُه وعَصِيتُه بالسيف والعَصا وعَصَيْتُ وعَصِيتُ بهما عليه عَصاً قال الكسائي يقال عَصَوْتُه بالعَصا قال وكَرِهِهَا بعضُهم وقال عَصِيت بالعَصا ثم ضَرَبْتُه بها فأَنا أَعْصَى حتى قالوها في السيف تشبيهاً بالعصا وأَنشد ابن بري لمعبد بن علقمة ولكنَّنا نأْتي الظَّلامَ ونَعْتَصِي بكُلِّ رَقِيقِ الشَّفْرَتَينَ مُصَمِّمِ وقال أَبو زيد عَصِيَ الرجلُ في القوم بسيفه وعَصاه فهو يَعْصَى فيهم إذا عاثَ فيهم عَيْثاً والاسمُ العَصا قال ابن الأَعرابي يقال عَصاهُ يَعْصُوه إذا ضرَبَه بالعصا وعَصِيَ يَعْصَى إذا لَعِبَ بالعَصا كَلِعبه بالسيفِ قال ابن سيده في المعتل بالياء عَصَيته بالعصا وعَصِيته ضربْتُه كلاهما لُغةٌ في عَصَوْتُه وإنما حَكَمْنا على أَلف العَصا في هذا الباب أنها ياءٌ لقَولهم عَصَيْته بالفتح فأَمّا عَصِيته فلا حجة فيه لأَنه قد يكون من بابِ شَقِيتُ وغَبِيت فإذا كان كذلك فلامُه واوٌ والمعروف في كل ذلك عَصَوْته واعْتَصى الشجرةَ قَطَع منها عَصاً قال جرير ولا نَعْتصِي الأَرْطَى ولكن سَيُوفُنا حِدادُ النواحي لا يُبِلُّ سَلِيمُها وهو يَعْتَصِي على عَصاً جَيِّدة أَي يَتوَكَّأُ واعْتَصَى فلانٌ بالعَصا إذا تَوكَّأَ عليها فهو مُعْتصٍ بها وفي التنزيل هي عَصايَ أَتوَكَّأُ عليها وفلان يَعْتَصِي بالسيفِ أَي يجعلهُ عَصاً قال الأزهري ويقال للعصا عَصاةٌ بالهاء يقال أَخذْتُ عَصاتَه قال ومنهم مَن كرِهَ هذه اللغة روى الأصمعي عن بعض البصريين قال سُمِّيت العَصا عَصاً لأن اليَدَ والأَصابعَ تَجْتَمعُ عليها مأْخوذٌ من قول العرب عَصَوْتُ القومَ أَعْصُوهم إذا جَمَعْتهم على خير أَو شرٍّ قال ولا يجوز مَدُّ العَصا ولا إدخال التاء معها وقال الفراء أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ بالعِراق هذه عَصاتي بالتاء وفي الحديث أَنه حرم شجرَ المدينة إلاَّ عَصَا حَديدةٍ أَي عصًا تصلح أَن تكون نِصاباً لآلة من الحديد وفي الحديث أَلا إنَّ قَتِيل الخَطَإ قَتيلُ السَّوْطِ والعَصا لأَنَّهما ليسا من آلات القتل فإذا ضُرِبَ بهما أَحدٌ فماتَ كان قَتْلُه خطأً وعاصاني فعَصَوْتُه أَعْصُوه عن اللحياني لم يزد على ذلك وأُراه أَرادَ خاشَنني بها أَو عارَضَني بها فغَلَبْتُه وهذا قليل في الجواهر إنما بابه الأعْراضُ ككَرَمْتُه وفَخَرْتُه من الكَرَم والفَخْر وعَصَّاه العَصَا أَعطاه إياها قال طُرَيح حَلاَّك خاتَمَها ومِنْبَرَ مُلْكِها وعَصا الرسولِ كرامةً عَصَّاكَها وأَلْقى المسافِرُ عَصاهُ إذا بَلَغ موضِعَه وأَقام لأنه إذا بلغ ذلك أَلْقى عَصاه فخيَّم أَو أَقام وتركَ السفر قال مُعَقِّرُ بنُ حِمارٍ البارقيُّ يصف امرأَةً كانت لا تَسْتَقِرُ على زَوْج كلما تَزَوَّجت رجلاً فارَقتْه واسْتَبْدلتْ آخرَ به وقال ابن سيده كلما تزوَّجَها رجُلٌ لم تواتِه ولم تَكْشِفْ عن رأْسِها ولم تُلْقِ خِمارها وكان ذلك علامة إبائِها وأَنها تُريدُ الزَّوْج ثم تَزَوَّجها رجُلٌ فرَضِيتْ به وأَلْقَتْ خِمارها وكَشفتْ قِناعَها فأَلْقتْ عَصاها واسْتَقرَّ بها النَّوَى كما قَرَّ عَيْناً بالإيابِ المُسافِرُ وقال ابن بري هذا البَيتُ لعبدِ رَبِّه السلمي ويقال لسُلَيْم بن ثُمامَة الحَنَفي وكان هذا الشاعر سَيَّر امرأَتَه من اليمامة إِلى الكوفة وأَول الشعر تَذَكَّرْتُ من أُمِّ الحُوَيْرث بَعْدَما مَضَتْ حِجَجٌ عَشْرٌ وذو الشَّوق ذاكِرُ قال وذكر الآمِدي أَنَّ البيت لمُعَقِّر بن حمارٍ البارقي وقبله وحَدَّثَها الرُّوّادُ أَنْ ليس بينَها وبين قُرى نَجْرانَ والشامِ كافِرُ كافر أَي مَطَر وقوله فأَلْقَتْ عَصاها واسْتَقرَّ بها النَّوى يُضْرب هذا مثلاً لكلِّ منْ وافَقَه شيءٌ فأَقام عليه وقال آخر فأَلْقَتْ عَصَا التَّسْيارِ عنها وخَيَّمَتْ بأَرْجاءِ عَذْبِ الماءِ بِيضٍ مَحافِرُه وقيل أَلْقى عَصاه أَثْبَتَ أَوتادَه في الأَرض ثم خَيَّمَ والجمع كالجمع قال زهير وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي أَظُنُّك لمَّا حَضْحَضَتْ بَطْنَكَ العَصا ذَكَرْتَ من الأَرْحام ما لَسْتَ ناسِيا
( * قوله « حضحضت إلخ » هو هكذا بالحاء المهملة في الأصل )
قال العَصا عَصا البينَ هَهُنا الأَصمعي في باب تَشبيه الرجُل بأَبيه العَصَا من العُصَيّة قال أَبو عبيد هكذا قال
( * قوله « قال أبو عبيد هكذا قال إلخ » في التكملة والعصية أم العصا التي هي لجذيمة وفيها المثل العصا من العصية ) وأَنا أَحسَبُه العُصَيَّةُ من العَصَا إِلاَّ أَن يُرادَ به أَن الشيء الجلِيل إنما يكون في بَدْئه صَغِيراً كما قالوا إِنَّ القَرْمَ من الأَفِيلِ فيجوز على هذا المعنى أَنْ يقال العَصا من العُصَيَّة قال الجوهري أَي بَعْضُ الأَمر من بَعضٍ وقوله أَنشده ثعلب ويَكْفِيكَ أَنْ لا يَرْحلَ الضَّيْفُ مُغْضَباً عَصَا العَبْدِ والبِئْرُ التي لا تُمِيهُها يعني بعَصَا العَبْدِ العُودَ الذي تحرَّكُ به المَلَّة وبالبئر التي لا تُمِيهُها حُفْرَةَ المَلَّة وأَرادَ أَنْ يرحَلَ الضيفُ مغْضَباً فزاد لا كقوله تعالى ما مَنَعَك أَن لا تَسْجُد أَي أَنْ تَسْجُدَ وأَعْصَى الكَرْمُ خَرَجَت عِيدانُه أَو عِصِيُّه ولم يُثْمِرْ قال الأَزهري ويقال للقوْم إِذا اسْتُذِلُّوا ما هم إِلاَّ عبيدُ العَصَا قال ابن سيده وقولهم عبيدُ العَصا أَي يُضْرَبُون بها قال قولا لِدُودانَ عَبِيدِ العَصَا ما غَرَّكمْ بالأَسَد الباسِلِ ؟ وقَرَعْته بالعَصا ضَرَبْته قال يزيد بن مُفَرِّغ العَبْدُ يُضْرَبُ بالعَصا والحُرُّ تَكْفِيهِ المَلامَة قال الأَزهري ومن أَمْثالِهم إِن العَصا قُرِعَتْ لذي الحِلْم وذلك أَن بعض حُكَّامِ العَرب أَسَنَّ وضعُف عن الحُكْم فكان إِذا احْتَكَم إِليه خَصْمانِ وزَلَّ في الحُكْم قَرَع له بعضُ ولدِه العَصا يُفَطِّنُه بقَرْعِها للصَّواب فيَفْطُنُ له وأَما ما ورد في حديث أَبي جَهْمٍ فإنه لا يَضَعُ عَصاهُ عن عاتِقِه فقيل أَراد أَنه يُؤَدِّبُ أَهْلَه بالضَّرْبِ وقيل أَراد به كَثْرةَ الأَسْفار يقال رَفَع عَصاهُ إِذا سار وأَلْقى عَصاهُ إِذا نزَل وأَقام وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لرجُلٍ لا تَرْفَعْ عَصاكَ عن أَهْلِكَ أَي لا تَدَعْ تَأْديبَهُم وجَمْعَهُم على طاعَةِ الله تعالى روي عن الكسائي وغيره أَنه لم يُرِد العَصا التي يُضْرَبُ بها ولا أَمَر أَحَداً قطُّ بذلك ولم يُرِدِ الضَّرْبَ بالعَصا ولكنه أَراد الأَدَبَ وجَعَلَه مَثَلاً يعني لا تَغْفُلْ عن أَدَبهم ومَنْعِهم من الفَساد قال أَبو عبيد وأَصْلُ العَصا الاجْتِماعُ والائْتِلافُ ومنه الحديث إِن الخَوارجَ قد شَقُّوا عصا المُسْلِمين وفَرَّقوا جَماعَتهم أَي شَقُّوا اجْتماعَهُم وأْتِلافَهُم ومنه حديث صِلَة إِيَّاك وقَتِيلَ العَصا معناه إِيَّاك أَن تكونَ قاتِلاً أَو مَقْتُولاً في شَقِّ عَصا المُسْلِمِين وانْشَقَّت العَصا أَي وقَع الخِلافُ قال الشاعر إِذا كانتِ الهَيْجاءُ وانْشَقَّت العَصا فحَسْبُك والضَّحَّكَ سَيْفٌ مُهَنِّدُ أَي يكفيك ويكفي الضَّحَّاكَ قال ابن بري الواو في قوله والضحاك بمعنى الباء وإن كانت معطوفة على المفعول كما تقول بِعْتُ الشاءَ شاةً ودِرْهَماً لأَن المعنى أَن الضَّحَّاكَ نَفْسَه هو السَّيْفُ المُهَنَّدُ وليس المعنى يَكْفِيكَ ويَكْفِي الضَّحَّاك سَيْفٌ مُهَنَّدٌ كما ذكر ويقال للرجُلِ إِذا أَقام بالمَكان واطْمَأَنَّ واجْتَمع إِليه أَمْرُه قد أَلْقى عصاه وأَلْقى بَوانِيَهُ أَبو الهيثم العَصا تُضْرَب مثلاً للاجتماع ويُضْرب انْشِقاقُها مثلاً للافْتِراقِ الذي لا يكونُ بعده اجتماعٌ وذلك لأَنها لا تُدْعى عَصاً إِذا انْشَقَّت وأَنشد فَلِلَّهِ شَعْبَا طِيَّةٍ صَدَعا العَصا هي اليَوْمَ شَتَّى وهي أَمْسِ جَميع قوله فَلِلَّه له معنيان أَحدهما أَنها لامُ تَعجُّب تَعجَّبَ مما كانا فيه من الأُنس واجتماعِ الشَّمْل والثاني أَن ذلك مُصِيبَةٌ موجِعة فقال لله ذلك يَفْعَلُ ما يشاءُ ولا حِيلة فيه للْعِباد إِلا التَّسْلِيم كالاسْتِرْجاع والعِصِيُّ العظامُ التي في الجَناح وقال وفي حُقّها الأَدْنى عِصيُّ القَوادم وعَصا السَّاق عَظْمُّها على التشبيه بالعَصا قال ذو الرمة ورِجْلٍ كظِلِّ الذِّئْبِ أَلْحَقَ سَدْوَها وظِيفٌ أَمَرَّتْهُ عَصا السَّاقِ أَرْوَحُ ويقال قَرَع فلانٌ فلاناً بعَصا المَلامَةِ إِذا بالغَ في عذله ولذلك قيل للتَّوْبِيخ تَقْريعٌ وقال أَبو سعيد يقال فلانٌ يُصَلِّي عَصا فلانٍ أَي يُدَبِّرُ أَمْره ويَلِيه وأَنشد وما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ قال الأَزهري والأَصل في تَصْلِيَة العَصا أَنها إِذا اعْوَجَّتْ أَلْزَمَها مُقَوِّمُها حَرَّ النَّارِ حتى تَلِين وتُجِيب التَّثْقِيفَ يقال صَلَّيْتُ العَصا النارَ إِذا أَلْزَمْتَها حَرَّها حتى تَلِينَ لِغامِزها وتفاريقُ العَصا عند العرب أَن العَصا إِذا انْكَسَرَت جُعِلَت أَشِظَّةً ثم تُجْعَلُ الأَشِظَّةُ أَوْتاداً ثم تجعل الأَوْتادُ تَوادِيَ للصِّرار يقال هو خَيْرٌ من تَفاريق العَصا ويقال فلانٌ يَعْصِي الريحَ إِذا اسْتَقْبل مَهَبَّها ولم يَتَعرَّضْ لها ويقال عَصا إِذا صَلُبَ قال الأَزهري كأَنه ارادَ عسا بالسين فقَلَبها صاداً وعَصَوْتُ الجُرْحَ شَدَدْتُه قال ابن بري العُنْصُوَة الخُصْلة من الشَّعَر قال وعَصَوَا البئر عَرْقُوتاهُ وأَنشد لذي الرمة فجاءَتْ بنَسْجِ العَنْكبُوتِ كأَنَّه على عَصَوَيْها سابِرِيٌّ مُشَبْرَقُ والذي ورد في الحديث أَنَّ رَجُلاً قال مَنْ يُطِعِ اللهَ ورسُوله فقَدْ رَشَدَ ومنْ يَعْصِهِما فقد غَوى فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بِئْسَ الخَطِيبُ أَنتَ قُلْ ومَنْ يَعْصِ اللهَ ورسُوله فقد غَوى إِنما ذمَّه لأَنه جمَع في الضَّمِير بين الله تعالى ورسُوله في قوله ومَنْ يَعْصِهِما فأَمَرَهُ أَن يَأْتي بالمُظْهَرِ ليَتَرَتَّب اسم الله تعالى في الذِّكْر قبل اسْم الرَّسُول وفيه دليل على أَن الواو تُفِيد التَّرْتِيب والعِصيانُ خِلافُ الطَّاعَة عَصى العبدُ ربه إِذا خالَف أَمْرَه وعصى فلان أَميرَه يَعْصِيه عَصْياً وعِصْياناً ومَعْصِيَةً إِذا لم يُطِعْهُ فهو عاصٍ وعَصِيٌّ قال سيبويه لا يجيءُ هذا الضَّرْبُ على مَفْعِلٍ إِلاَّ وفيه الهاء لأَنه إن جاءَ على مَفْعِلٍ بغير هاءٍ اعْتلَّ فعدَلوا إِلى الأَخَفِّ وعاصَاهُ أَيضاً مثلُ عَصَاه ويقال للجَماعةِ إِذا خَرَجَتْ عن طاعةِ السلْطان قد اسْتَعْصَتْ عليه وفي الحديث لْولا أَنْ نَعْصِيَ اللهَ ما عَصانا أَي لم يَمْتَنعْ عن إِجابَتِنا إِذا دَعَوْناه فجعَل الجوابَ بمنْزِلة الخِطاب فسمَّاهُ عِصْياناً كقوله تعالى ومَكَرُوا ومَكَر الله وفي الحديث أَنه غيَّرَ اسْم العاصِي إنما غَيَّره لأَنَّ شعارَ المُؤْمِن الطَّاعة والعِصْيانُ ضِدُّها وفي الحديث لم يكن أَسْلَم مِنْ عُصاة قُريش غير مُطِيع بن الأَسْوَدِ يريد مَنْ كانَ اسْمُه العاصِي واسْتَعْصى عليه الشيءُ اشْتَدَّ كأَنه من العِصْيانِ أَنشد ابن الأَعرابي عَلِقَ الفُؤادُ برَيِّقِ الجَهْلِ فأَبَرَّ واسْتَعْصَى على الأَهْلِ والعاصي الفَصِيلُ إِذا لم يَتْبَع أُمَّه لأَنه كأَنه يَعْصِيها وقد عَصى أُمَّه والعاصي العِرْقُ الذي لا يَرْقَأُ وعِرْقٌ عاصٍ لا يَنْقَطعُ دَمُه كما قالوا عانِدٌ ونَعَّارٌ كأَنه يَعصي في الانْقِطاع الذي يُبْغى منه ومنه قول ذي الرمَّة وهُنَّ مِنْ واطئٍ تُثْنى حَوِيَّتُه وناشِجٍ وعَواصِي الجَوْفِ تَنْشَخِبُ يعني عُروقاً تَقَطَّعَتْ في الجَوف فلم يَرْقَأْ دَمُها وأَنشد الجوهري صَرَتْ نَظْرةً لوْ صادَفَتْ جَوْزَ دارِعٍ غَدا والعَواصِي مِنْ دَمِ الجَوْف تَنْعَرُ وعَصى الطائِرُ يَعْصِي طار قال الطرماح تُعِيرُ الرِّيحَ مَنْكِبَها وتَعْصِي بأَحْوذَ غَيْرِ مُخْتَلِف النَّباتِ وابنُ أَبي عاصِيَة من شُعرائهم ذكره ثعلب وأَنشد له شِعْراً في مَعْن بن زائدة وغيره قال ابن سيده وإنما حَمَلْناه على الياء لأَنهم قد سمّوْا بضِدِّه وهو قولُهُم في الرجل مُطِيع وهو مُطِيع بن إياس قال ولا عَليْك من اخْتِلافِهما بالذَّكَريَّة والإِناثيَّة لأَن العَلَم في المذكَّر والمؤنث سواءٌ في كونه عَلَماً واعْتَصَت النَّواةُ أَي اشْتَدَّتْ والعَصا اسمُ فَرس عوف بن الأَحْوصِ وقيل فَرس قَصِير بن سعدٍ اللخْمِي ومن كلام قَصِير يا ضُلَّ ما تَجْري به العَصا وفي المثل رَكب العَصا قصِير قال الأَزهري كانت العَصا لجَذيمة الأَبْرش وهو فَرسٌ كانت من سَوابق خيْل العرب وعُصَيَّةُ قبيلةٌ من سُلَيم

عضا
العُضْوُ والعِضْوُ الواحدُ من أَعضاءِ الشاةِ وغيرها وقيل هو كلُّ عَظْمٍ وافِرٍ بلَحْمه وجمْعُهما أَعضاءٌ وعَضَّى الذَّبيحة قطَّعها أَعْضاءً وعَضَّيْتُ الشاةَ والجَزُور تَعْضِيةً إِذا جعَلْتها أَعضاءً وقَسَمْتَها وفي حديث جابر في وقت صلاة العصر ما لوْ أَنَّ رجُلاً نَحَرَ جَزُوراً وعَضَّاها قبل غُروبِ الشمسِ أَي قَطَّعَها وفَصَّلَ أَعضاءَها وعَضَّى الشيءَ وزَّعَه وفرّقه قال وليس دينُ اللهِ بالمُعَضَّى ابن الأَعرابي وعَضا مالاً يَعْضُوه إِذا فرَّقَه وفي الحديث لا تَعْضِيةَ في مِيراثٍ إِلاَّ فيما حَمَلَ القَسْمَ معناه أن يموتَ المَيِّت ويَدَعَ شيئاً إِن قُسِمَ بينَ ورَثَته كان في ذلك ضَرَرٌ على بعضهم أَو على جَميعِهم يقول فلا يُقْسَم وعَضَّيت الشيءَ تَعْضِية إِذا فَرَّقْته والتَّعْضِية التَّفْرِيقُ وهو مأْخُوذٌ من الأَعْضاءِ قال والشيءُ اليَسِير الذي لا يَحْتَمِل القَسْمَ مثلُ الحَبَّة من الجَوهر لأَنها إِن فُرِّقَتْ لم يُنْتَفع بها وكذلك الطَّيْلَسان من الثياب والحَمَّام وما أَشْبهَه وإِذا أَراد بعضُ الوَرَثَة القَسْمَ لم يُجَبْ إِليه ولكن يُباعُ ثم يُقسم ثمنُه بينَهم والعِضَة القِطْعَة والفِرْقة وفي التنزيل جعَلُوا القرآن عِضِينَ واحدَتها عضة ونقصانها الواو أَو الهاء وقد ذكره في باب الهاء والعِضَةُ من الأسماء الناقِصة وأَصلُها عِضْوَة فنُقِصَت الواوُ كما قالوا عِزَة وأَصْلُها عِزْوَةُ وثُبَة وأَصلُها ثُبْوَة من ثَبَّيت الشيء إِذا جمَعْته وفي حديث ابن عباس في تفسير جَعَلوا القرآن عِضِين أَي جَزَّؤُوه أَجْزاءً وقال الليث أَي جَعَلُوا القرآن عِضَةً عِضَة فتفَرَّقوا فيه أَي آمَنوا ببَعْضِه وكفَروا ببَعضه وكلُّ قِطعة عِضَةٌ وقال ابن الأَعرابي جَعَلُوا القرآن عِضِين فرَّقوا فيه القَوْل فقالوا شِعْر وسِحْر وكَهانة قال المشركون أَساطِيرُ الأَوَّلِين وقالوا سِحْرٌ وقالوا شِعْرٌ وقالوا كَهانة فقسّمُوه هذه الأَقْسام وعَضَّوْه أَعْضاءً وقيل إِنَّ أَهلَ الكِتابِ آمَنُوا ببعضٍ وكفَرُوا ببعضٍ كما فعل المشركون أَي فرَّقوه كما تُعَضَّى الشاةُ قال الأَزهري من جَعَل تفسير عِضِين السِّحْرَ جعل واحدتها عِضَةً قال وهي في الأَصل عِضَهَة وقال ابن عباس كما أَنزلنا على المُقْتَسِمين المُقْسمون اليَهودُ والنصارَى والعِضةُ الكَذِبُ منه والجمع كالجمع ورجل عاضٍ بيِّن العُضُوِّ طَعِمٌ كاسٍ مَكْفِيٌّ قال الأَصمعي في الدار فِرَقٌ من الناس وعِزُون وعِضُونَ وأَصْناف بمعنى واحدٍ

عطا
العَطْوُ التَّناوُلُ يقال منه عَطَوْت أَعْطُو وفي حديث أَبي هريرة أَرْبَى الرِّبا عَطْوُ الرجُلِ عِرْضَ أَخِيه بغَير حَقٍّ أَي تَناوُلُه بالذَّمِّ ونحوه وفي حديث عائشة رضي الله عنها لا تَعْطُوهُ الأَيْدِي أَي لا تَبْلُغُه فتَتناوَلَه وعَطا الشيءَ وعَطا إِليه عَطْواً تَناوَله قال الشاعر يصف ظبية وتَعْطُو البَرِيرَ إِذا فاتَها بِجِيدٍ تَرَى الخَدِّ منه أَسِيلاَ وظَبيٌ عَطُوٌّ يَتطاوَلُ إِلى الشَّجَر ليَتناولَ منه وكذلك الجَدْي ورواه كُراع ظَبْيٌ عَطْوٌ وجَدْي عَطْوٌ كأَنه وصفَهُما بالصدر وعَطا بيدِه إِلى الإِناء تَناوَله وهو محمولٌ قَبل أَن يُوضَع على الأَرض وقول بشر بن أَبي خازم أَو الأُدْم المُوَشَّحةَ العَواطِي بأَيْدِيهِنَّ مِنْ سَلَمِ النِّعافِ يعني الظِّباء وهي تَتطاوَلُ إِذا رَفَعت أَيْدِيها لتَتَناوَل الشَّجَر والإِعْطاءُ مأْخوذٌ من هذا قال الأَزهري وسَمِعتُ غير واحدٍ من العَرَب يقول لراحِلَته إِذا انْفَسَحَ خَطْمُه عن مِخْطَمِه أَعْطِ فيَعُوجُ رأْسه إِلى راكبه فيُعِيدُ الخَطْمَ على مَخْطِمِه ويقال أَعْطَى البعِيرُ إِذا انْقادَ ولم يَسْتَصْعِبْ والعَطاء نَوْلٌ للرجُلِ السَّمْحِ والعَطاءُ والعَطِيَّة اسمٌ لما يُعْطَى والجمع عَطايا وأَعْطِيَة وأَعْطِياتٌ جمعُ الجَمع سيبويه لم يُكَسَّر على فُعُل كراهية الإِعْلالِ ومن قال أُزْرٌ لم يقل عُطْيٌ لأَن الأَصل عندَهم الحركة ويقال إِنَّه لَجَزيلُ العَطاء وهو اسمٌ جامِعٌ فإذا أُفرِد قيلَ العَطيَّة وجمعُها العَطايا وأَمَّا الأَعطية فهو جَمْع العَطاء يقال ثلاثةُ أَعْطِيةٍ ثم أَعْطِياتٌ جمعُ الجمعِ وأَعطاه مالاً والاسمُ العَطاء وأَصله عَطارُ بالواو لأَنه من عَطَوْت إِلا أَنَّ العرب تَهْمِزُ الواوَ والياء إِذا جاءتا بعد الأَلف لأَنَّ الهمزة أَحْمَل للحركة منهما ولأَنهم يستثقلون الوقف على الواو وكذلك الياءُ مثل الرداءِ وأَصله رِدايٌ فإِذا أَلْحقوا فيها الهاء فمنهم من يهمزها بناءً على الواحد فيقول عَطاءَةٌ ورِداءَةٌ ومنهم من يَرُدُّها إِلى الأَصل فيقول عَطاوة ورداية وكذلك في التثنية عطاءَان وعطاوان ورداءَان وردايان قال ابن بري في قول الجوهري إِلا أَن العرب تهمز الواوَ والياء إذا جاءَتا بعد الأَلف لأنّ الهمزة أَحْمل للحركة منهما قال هذا ليس سبَب قَلْبِها وإِنما ذلك لكَوْنها متَطَرِّفة بعد أَلِفٍ زائدة وقال في قوله في تثنية رداء ردايان قال هذا وهَمٌ منه وإنما هو رِداوانِ بالواو فليست الهمزةُ تُرَدُّ إِلى أضصْلِها كما ذَكَر وإِنما تُبْدل منها واوٌ في التثنية والنسَب والجمعِ بالأَلف والتاءِ ورجلٌ مِعْطاءٌ كثيرُ العَطاءِ والجمعُ مَعاطٍ وأَصلُّه معاطِييُ اسْتَثْقلُوا الياءَيْن وإِن لم يكونا بعد أَلِفٍ يَلِيانِها ولا يمتَنع مَعاطِيّ كأَثافيّ هذا قول سيبويه وقومٌ مَعاطِيُّ ومَعاطٍ قال الأَخفش هذا مثلُ قولِهِم مَفاتِيح ومَفاتِح وأَمانيّ وأَمانٍ وقولهم ما أَعْطاهُ للمال كما قالوا ما أَولاه للمَعْروف وما أَكْرَمَه لي وهذا شاذّ لا يَطرّد لأَن التعجّب لا يدخل على أَفْعَلَ وإنما يجوز من ذلك ما سُمِع من العرب ولا يقاسُ عليه قال الجوهري ورجلٌ مِعطاءٌ كثير العَطاء وامرأة مِعْطاءٌ كذلك ومِفْعالٌ يَسْتَوِي فيه المذكَّر والمؤنَّث والإِعْطاء والمُعاطاةُ جميعاً المُناوَلة وقد أَعْطاهُ الشيءَ وعَطَوْتُ الشيءَ تَناوَلْته باليَدِ والمُعاطاة المُناوَلة وفي المَثل عاطٍ بغَيرِ أَنْواط أَي يَتَناوَلُ ما لا مَطْمَع فيه ولا مُتَناوَل وقيل يُضْرَب مثلاً لمن يَنْتَحِلُ عِلْماً لا يقومُ به وقول القُطامي أَكُفْراً بعدَ رَدِّ المَوْتِ عَنِّي وبعدَ عَطائِكَ المِاثَةَ الرِّتاعَا ؟

( عظي ) قال ابن سيده العَظاية على خِلْقة سامِّ أَبْرص أُعَيْظِمُ منها شيئاً والعَظاءَة لغة فيها كما يقال امرأَةٌ سَقَّاية وسقَّاءَة والجمع عَظايا وعَظاءٌ وفي حديث عبد الرحمن بن عوف كَفِعْلِ الهِرِّ يَفْتَرِسُ العَظايا قال ابن الأَثير هي جمع عَظاية دُوَيْبَّة معروفة قال وقيل أَراد بها سامَّ أَبْرَصَ قال سيبويه إِنما هُمِزَت عَظاءَة وإِن لم يكن حرفُ العِلة فيها طَرَفاً لأَنهم جاؤوا بالواحد على قولهم في الجمع عِظاء قال ابن جني وأَما قولهم عَظاءَة وعَباءَةٌ وصَلاءَةٌ فقد كان ينبغي لمَّا لَحِقَت الهاءُ آخراً وجَرى الإِعرابُ عليها وقَويت الياءُ ببعدِها عن الطرَف أَن لا تُهْمَز وأَن لا يقال إِلا عَظايةٌ وعَباية وصَلاية فيُقْتَصَر على التصحيح دون الإِعلال وأَن لا يجوز فيه الأَمران كما اقتُصر في نهاية وغَباوةٍ وشقاوة وسِعاية ورماية على التصحيح دون الإِعلالِ إِلا أَنَّ الخليل رحمه الله قد علل ذلك فقال إِنهم إِنما بَنَوُا الواحدَ على الجمع فلما كانوا يقولون عَظاءٌ وعَباءٌ وصَلاءٌ فيلزَمُهم إِعلالُ الياءِ لوقوعِها طرَفاً أَدخلوا الهاء وقد انقَلَبت اللامُ همزَةً فبَقيت اللامُ معتلَّة بعد الهاء كما كانت معتَلَّة قبلَها قال فإِن قيل أَوَلست تَعْلَم أَن الواحد أَقدَم في الرُّتْبة من الجمع وأَن الجمعَ فَرعٌ على الواحد فكيف جاز للأَصل وهو عَظاءَةٌ أَن يبني على الفرع وهو عَظاء وهل هذا إِلا كما عابه أَصحابُك على الفراء في قوله إِن الفعلَ الماضي إِنما بني على الفتح لأَنه حُمِل على التثنية فقيل ضرَب لقولهم ضَرَبا فمن أَين جازَ للخليل أَن يَحْمِل الواحدَ على الجمع ولم يجُزْ للفراء أَن يحمِل الواحِدَ على التثنية ؟ فالجواب أَن الانفصال من هذه الزيادة يكون من وجهين أَحدهما أَنَّ بين الواحدِ والجمعِ من المضارعة ما ليس بين الواحِدِ والتثنية أَلا تَراك تقول قَصْرٌ وقُصُور وقَصْراً وقُصُوراً وقَصْرٍ وقُصُورٍ فتُعرب الجمع إعراب الواحد وتجد حرفَ إِعراب الجمع حرف إِعراب الواحد ولستَ تجد في التثنية شيئاً من ذلك إِنما هو قَصْران أَو قَصْرَيْن فهذا مذهب غير مذهب قَصْرٍ وقُصُورٍ أَوَ لا ترى إِلى الواحد تختلف معانيه كاختلاف معاني الجمع لأَنه قد يكونُ جمعٌ أَكثرَ من جَمْعٍ كما يكون الواحدُ مخالفاً للواحد في أَشياءَ كثيرة وأَنت لا تجدُ هذا إِذا ثَنَّيْت إِنما تَنْتَظِم التثنية ما في الواحد البتة وهي لضرب من العدد البتة لا يكونُ اثنان أَكثرَ من اثنين كما تكون جماعة أَكثرَ من جماعة هذا هو الأَمر الغالب وإِن كانت التثنية قد يراد بها في بعض المواضع أَكثر من الاثنين فإِن ذلك قليل لا يبلغ اختلاف أَحوال الجمع في الكثرة والقلَّة فلما كانت بين الواحد والجمع هذه النسبة وهذه المقاربة جاز للخليل أَن يحمل الواحدَ على الجمع ولما بَعُدَ الواحد من التثنية في معانيه ومواقِعِه لم يجُزْ للفرّاء أَن يحمِل الواحدَ على التثنية كما حمل الخليل الواحدَ على الجماعة وقالت أَعرابيَّة لمولاها وقد ضَرَبَها رَماكَ اللهُ بداءٍ ليس له دَواءٌ إِلا أَبْوالُ العَظاءِ وذلك ما لا يوجد وعَظاه يَعْظُوه عَظْواً اغْتاله فسَقاه ما يَقْتُله وكذلك إِذا تَناوَله بلسانِه وفَعَل به ما عَظاه أَي ما ساءَه قال ابن شميل العَظا أَن تأْكلَ الإِبلُ العُنْظُوانَ وهو شجرٌ فلا تستطيعَ أَن تَجْتَرَّه ولا تَبْعَرَه فتَحْبَطَ بطونُها فيقال عَظِيَ الجَمَلُ يَعْظَى عَظاً شديداً فهو عَظٍ وعَظْيانُ إِذا أَكثر من أَكل العُنْظُوانِ فتوَلّد وجَعٌ في بطْنه وعَظاهُ الشيءُ يَعْظِيه عَظْياً ساءَه ومن أَمثالهم طَلبتُ ما يُلْهيني فلَقِيتُ ما يَعْظِيني أَي ما يَسُوءُني أَنشد ابن الأَعرابي ثم تُغاديك بما يَعْظِيك الأَزهري في المثل أَردتَ ما يُلْهيني فقُلْتَ ما يَعْظِيني قال يقال هذا للرجل يريدُ أَن يَنْصَح صاحبَه فيُخْطِىُّ ويقولُ ما يسوءُه قال ومثله أَراد ما يُحْظِيها فقال ما يَعْظِيها وحكى اللحياني عن ابن الأَعرابي قال ما تَصْنع بي ؟ قال ما عَظَاكَ وشَرَاك وأَوْرَمَك يعني ما ساءَك يقال قلت ما أَوْرَمَه وعَظَاه أَي قلت ما أَسْخَطهُ وعَظى فلانٌ فلاناً إِذا ساءَه بأَمرٍ يأْتِيه إِليه يَعْظِيه عَظْياً ابن الأَعرابي عَظا فلاناً يَعْظُوه عَظْواً إِذا قَطَّعَه بالغِيبَة وعَظِي هلك والعَظاءَةُ بئرٌ بَعِيدة القَعْرِ عَذبة بالمَضْجَع بين رَمْل السُّرَّة
( * قوله « رمل السرة إلخ » هكذا في الأصل المعتمد والمحكم ) وبِيشَة عن الهَجَري ولقي فلانٌ ما عَجاهُ وما عَظاهُ أَي لَقيَ شِدَّة ولَقّاه اللهُ ما عَظَاه أَي ما ساءه

عفا
في أَسماءِ الله تعالى العَفُوُّ وهو فَعُولٌ من العَفْوِ وهو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقابِ عليه وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس وهو من أَبْنِية المُبالَغةِ يقال عَفَا يَعْفُو عَفْواً فهو عافٍ وعَفُوٌّ قال الليث العَفْوُ عَفْوُ اللهِ عز وجل عن خَلْقِه والله تعالى العَفُوُّ الغَفُور وكلُّ من اسْتحقَّ عُقُوبةً فَتَرَكْتَها فقد عَفَوْتَ عنه قال ابن الأَنباري في قوله تعالى عَفَا الله عنكَ لمَ أَذِنْتَ لهُم مَحا اللهُ عنكَ مأْخوذ من قولهم عفَت الرياحُ الآثارَ إِذا دَرَسَتْها ومَحَتْها وقد عَفَت الآثارُ تَعْفُو عُفُوّاً لفظُ اللازم والمُتَعدِّي سواءٌ قال الأَزهري قرأْت بخَطّ شمر لأَبي زيد عَفا الله تعالى عن العبد عَفْواً وعَفَتِ الريحُ الأَثر عفاءً فعَفَا الأَثَرُ عُفُوّاً وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه سَلُوا اللهَ العَفْو والعافية والمُعافاة فأَما العَفْوُ فهو ما وصفْناه من مَحْو الله تعالى ذُنوبَ عبده عنه وأَما العافية فهو أَن يُعافيَهُ الله تعالى من سُقْمٍ أَو بَلِيَّةٍ وهي الصِّحَّةُ ضدُّ المَرَض يقال عافاهُ الله وأَعْفاه أَي وهَب له العافية من العِلَل والبَلايا وأَما المُعافاةُ فأَنْ يُعافِيَكَ اللهُ من الناس ويُعافِيَهم منكَ أَي يُغْنيك عنهم ويغنيهم عنك ويصرف أَذاهم عنك وأَذاك عنهم وقيل هي مُفاعَلَة من العفوِ وهو أَن يَعْفُوَ عن الناس ويَعْفُوا هُمْ عنه وقال الليث العافية دِفاعُ الله تعالى عن العبد يقال عافاه اللهُ عافيةً وهو اسم يوضع موضِع المصدر الحقيقي وهو المُعافاةُ وقد جاءَت مصادرُ كثيرةٌ على فاعلة تقول سَمعْت راغِيَة الإِبل وثاغِيَة الشاءِ أَي سمعتُ رُغاءَها وثُغاءَها قال ابن سيده وأَعْفاهُ الله وعافاهُ مُعافاةً وعافِيَةً مصدرٌ كالعاقِبة والخاتِمة أَصَحَّه وأَبْرأَه وعَفا عن ذَنْبِه عَفْواً صَفَح وعَفا الله عنه وأَعْفاه وقوله تعالى فمَن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتِّباعٌ بالمعروف وأَداءٌ إِليه بإِحسانٍ قال الأَزهري وهذه آية مشكلة وقد فسَّرها ابن عباس ثم مَنْ بعدَه تفسيراً قَرَّبوه على قَدْر أَفْهام أَهل عصرهم فرأَيتُ أَن أَذكُر قولَ ابن عباس وأُؤَيِّدَه بما يَزيدهُ بياناً ووُضوحاً روى مجاهد قال سمعت ابنَ عباسٍ يقول كان القصاصُ في بني إِسرائيلَ ولم تكن فيهم الدِّيَة فقال الله عز وجل لهذه الأُمَّة كتِب عليكم القِصاصُ في القَتْلى الحرُّ بالحُرِّ والعبدُ بالعبدِ والأُنثْى بالأُنْثى فمن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتّباع بالمعروف وأَداءٌ إِليه بإِحسان فالعَفْوُ أَن تُقْبَلَ الديَةُ في العَمْدِ ذلك تخفيفٌ من ربِّكم مما كُتِبَ على من كان قَبْلَكم يطلُب هذا بإِحسانٍ ويُؤَدِّي هذا بإحسانٍ قال الأَزهري فقول ابن عباس العَفْوُ أَن تُقْبَل الديَة في العَمْد الأَصلُ فيه أَنَّ العَفْو في موضوع اللغة الفضلُ يقال عَفا فلان لفلان بماله إِذا أَفضَلَ له وعفَا له عَمَّا له عليه إِذا تَرَكه وليس العَفْو في قوله فمن عُفِيَ له من أَخيه عَفْواً من وليِّ الدَّمِ ولكنه عفوٌ من الله عز وجل وذلك أَنَّ سائرَ الأُمَم قبلَ هذه الأُمَّة لم يكن لهم أَخذُ الدِّية إِذا قُتِلَ قتيل فجعَله الله لهذه الأُمة عَفْواً منه وفَضْلاً مع اختيار وَليِّ الدمِ ذلك في العمْد وهو قوله عز وجل فمن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتّباعٌ بالمعروف أَي مَن عَفا اللهُ جَلَّ اسمُه بالدّية حين أَباحَ له أَخْذَها بعدما كانت مَحْظُورةً على سائر الأُمم مع اختياره إِيَّاها على الدَّمِ فعليه اتِّباع بالمعروف أَي مطالبَة للدِّية بمعرُوف وعلى القاتل أَداءُ الديَةِ إِليه بإحْسانٍ ثم بَيَّنَ ذلك فقال ذلك تخفيفٌ من ربكم لكم يا أُمَّة محمدٍ وفَضْل جعله الله لأَوْلِياءِ الدم منكم ورحمةٌ خصَّكم بها فمن اعْتَدَى أَي فمن سَفَك دَمَ قاتل وليِّه بعدَ قبولِه الدِّيَة فله عذاب أَليم والمعنى الواضح في قوله عز وجل فمن عُفِيَ له من أَخيه شيء أي من أُحِلَّ لَه أَخذُ الدِّية بدلَ أَخيه المَقتول عفْواً من الله وفَضْلاً مع اختياره فلْيطالِبْ بالمَعْروف ومِن في قوله مِنْ أَخيه معناها البدل والعَرَبُ تقولُ عرَضْتُ له من حَقِّه ثَوْباً أَي أَعْطَيْته بدَل حقّه ثوباً ومنه قول الله عز وجل ولو نَشاءُ لَجَعَلْنا منكُم ملائكَة في الأَرض يَخْلُقُون يقول لو نشاء لجعلنا بدلكم ملائكة في الأَرض والله أَعلم قال الأَزهري وما علمت أَحداً أَوضَح من مَعْنى هذه الآية ما أَوْضَحْتُه وقال ابن سيده كان الناسُ من سائِر الأُمَمِ يَقْتُلون الواحدَ بالواحدِ فجعل الله لنا نحنُ العَفْوَ عَمَّن قتل إِن شِئْناه فعُفِيَ على هذا مُتَعَدٍّ أَلا تراه مُتَعَدِّياً هنا إِلى شيء ؟ وقوله تعالى إِلاَّ أَنْ يَعْفُون أَو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَة النِّكاح معناه إِلا أَن يَعْفُوَ النساء أَو يعفُوَ الذي بيده عُقْدَة النكاح وهو الزَّوْجُ أَو الوَليُّ إِذا كان أَباً ومعنى عَفْوِ المَرْأَة أَن تَعْفُوَ عن النِّصْفِ الواجبِ لها فتَتْرُكَه للزوج أَو يَعْفُوَ الزوج بالنّصفِ فيُعْطِيَها الكُلَّ قال الأَزهري وأَما قولُ الله عزَّ وجلَّ في آية ما يجبُ للمرأَة من نصف الصَّداق إِذا طُلِّقَت قبل الدخول بها فقال إِلاَّ أَن يعفُونَ أَو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَة النكاحِ فإن العَفْوَ ههنا معناهُ الإِفْضالُ بإعْطاء ما لا يَجبُ عليه أَو تركُ المرأَة ما يَجبُ لها يقال عَفَوْتُ لِفلان بمالي إِذا أَفْضَلْت له فأَعْطَيْته وعَفَوْت له عمَّا لي عليه إِذا تركْتَه له وقوله إِلاَّ أَن يَعْفُونَ فِعْلٌ لجَماعَةِ النِّساءِ يطلِّقُهُنَّ أَزْواجُهُنَّ قبل أَن يَمَسُّوهُنَّ مع تسمية الأَزْواجِ لهنَّ مُهورَهُنَّ فيَعْفُون لأَزْواجِهِنَّ بما وَجَب لهن من نِصفِ المْهرِ ويَتْرُكْنَه لَهُم أَو يَعْفُوَ الذي بيدِه عُقْدةُ النكاحِ وهو الزوج بأَن يُتَمِّمَ لها المَهْر كله وإِنما وَجَبَ لها نصْفُه وكلُّ واحد من الزَّوْجين عافٍ أَي مُفْضِلٌ أَما إِفْضالُ المرأَةِ فأَن تتركَ للزوج المُطَلِّق ما وجَبَ لها عليه من نِصف المَهْر وأَما إِفْضاله فأَنْ يُتِمَّ لها المَهْرَ كَمَلاً لأَنَّ الواجِبَ عليه نصْفُه فيُفْضِلُ مُتَبَرِّعاً بالكلِّ والنونُ من قوله يعفُون نونُ فِعلِ جماعةِ النساءِ في يَفْعُلْنَ ولو كان للرجال لوجَبَ أَن يقال إِلاَّأَن يعفُوا لأَنَّ أَن تنصب المستقبلَ وتحذف النونَ وإِذا لم يكن مع فعلِ الرجال ما ينْصِب أَو يجزِم قيل هُم يَعْفُونَ وكان في الأَصل يَعْفُوُون فحُذِفت إِحْدى الواوينِ استثقالاً للجمع بينهما فقيل يَعْفُونَ وأَما فِعلُ النساء فقِيلَ لهُنَّ يَعْفُونَ لأَنه على تقدير يَفْعُلْنَ ورجل عَفُوٌّ عن الذَّنْبِ عافٍ وأَعْفاهُ من الأَمرِ بَرَّأَه واسْتَعْفاه طَلَب ذلك منه والاسْتِعْفاءُ أَن تَطْلُب إِلى مَنْ يُكَلِّفُكَ أَمراً أَن يُعْفِيَكَ مِنْه يقال أَعْفِني منَ الخرُوجِ مَعَك أَي دَعْني منه واسْتَعْفاهُ من الخُروجِ مَعَه أَي سأَله الإِعفاءَ منه وعَفَت الإِبلُ المَرعى تَناولَتْه قَريباً وعَفاه يَعْفُوه أَتاه وقيل أَتاه يَطْلُب معروفه والعَفْوُ المَعْروف والعَفْوُ الفضلُ وعَفَوْتُ الرجلَ إذا طَلَبْتَ فضلَه والعافية والعُفاةُ والعُفَّى الأَضْيافُ وطُلاَّب المَعْرُوف وقيل هم الذين يَعْفُونك أي يأْتونك يَطْلبُون ما عندك وعافيةُ الماء وارِدَتُه واحدهم عافٍ وفلان تَعْفُوه الأَضْيافُ وتَعْتَفيه الأَضْيافُ وهو كثير العُفَاةِ وكثيرُ العافية وكثيرُ العُفَّى والعافي الرائدُ والوارِدُ لأَن ذلك كلَّه طلبٌ قال الجُذامي يصف ماءً ذا عَرْمَضٍ تَخْضَرُّ كَفُّ عافِيهْ أَي وارِدِه أَو مُسْتَقِيه والعافيةُ طُلاَّبُ الرزقِ من الإِنسِ والدوابِّ والطَّيْر أَنشد ثعلب لَعَزَّ عَلَيْنا ونِعْمَ الفَتى مَصِيرُك يا عَمْرُو والعافِيهْ يعني أَنْ قُتِلْتَ فصِرْتَ أُكْلةً للطَّيْر والضِّباعِ وهذا كلُّه طَلَب وفي الحديث مَن أَحْيا أَرضاً مَيِّتَةً فهي له وما أَكَلَتِ العافيةُ منها فهو له صَدقةٌ وفي رواية العَوافي وفي الحديث في ذكرِ المدينة يتْرُكُها أَهلُها على أَحسنِ ما كانت مُذَلَّلة للعَوافِي قال أَبو عبيد الواحدُ من العافية عافٍ وهو كلُّ من جاءَك يطلُب فضلاً أَو رزقاً فهو عافٍ ومُعْتَفٍ وقد عَفَاك يَعْفُوكَ وجمعه عُفاةٌ وأَنشد قول الأَعشى تطوفُ العُفاةُ بأَبوابِه كطَوْفِ النصارى ببَيْتِ الوَثنْ قال وقد تكونُ العافيةُ في هذا الحديث من الناسِ وغيرهم قال وبيانُ ذلك في حديث أُمّ مُبَشِّرٍ الأَنصارية قالت دخل عَليَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم وأَنا في نَخْلٍ لي فقال مَن غَرَسَه أَمُسْلِمٌ أَم كافرٌ ؟ قلت لا بَلْ مُسْلِمٌ فقال ما من مُسْلِمٍ يَغْرِس غَرْساً أَو يزرَع زرعاً فيأْكلُ منه إِنسانٌ أَو دابَةٌ أَو طائرٌ أَو سَبُعٌ إِلا كانت له صدقةً وأَعطاه المالَ عَفْواً بغير مسألةٍ قال الشاعر خُذِي العَفْوَ مني تَسْتَديمي مَوَدّتي ولا تَنْطِقِي في سَوْرَتي حين أَغضَبُ وأَنشدَ ابن بري فتَمْلأُ الهَجْمَ عَفْواً وهْي وادِعَة حتى تكادَ شِفاهُ الهَجْمِ تَنْثَلِمُ وقال حسان بن ثابت خُذْ ما أَتى منهمُ عَفْواً فإن مَنَعُوا فلا يَكُنْ هَمَّكَ الشيءُ الذي مَنَعُوا قال الأَزهري والمُعْفِي الذي يَصْحَبُكَ ولا يَتَعَرَّضُ لمَعْروفِك تقولُ اصْطَحَبْنَا وكلُّنا مُعْفٍ وقال ابن مقبل فإنَّكَ لا تَبْلُو امْرَأً دونَ صُحْبةٍ وحتى تَعيشا مُعْفِيَيْنِ وتَجْهَدا وعَفْوُ الملِ ما يُفْضُلُ عن النَّفَقة وقوله تعالى ويَسْأَلونك ماذا يُنُفِقون قُلِ العَغْوَ قال أَبو إسحق العَفْوُ الكثرة والفَضْلُ فأُمِرُوا أَن يُنُفِقوا الفَضْل إلى أَن فُرِضَت الزكاةُ وقوله تعالى خُذِ العَفْوَ قيل العَفْو الفَضْلُ الذي يجيءُ بغيرِ كُلْفَةٍ والمعنى اقْبَلِ المَيْسُورَ مِنْ أَخْلاقِ الناسِ ولا تَسْتَقْصِ عليهم فيَسْتَقْصِيَ اللهُ عليك مع ما فيه من العَداوة والبَغْضاءِ وفي حديث ابن الزبير أَمَرَ اللهُ نَبيَّه أَن يأَخُذ العَفْوَ من أَخْلاقِ الناسِ قال هو السَّهْل المُيَسَّر أَي أَمرَه أَن يَحْتَمِل أَخْلاقَهُم ويَقْبَلَ منها ما سَهُل وتَيَسَّر ولا يستَقْصِيَ عليهم وقال الفراء في قوله تعالى يسأَلونك ماذا يُنْفِقون قل العَفْو قال وجه الكلام فيه النصبُ يريدُ قل يُنْفِقُون العَفْوَ وهو فضلُ المال وقال أَبو العباس مَنْ رَفَع أَراد الذي يُنْفِقون العَفْوُ قال وإنما اختار الفراء النصبَ لأن ماذا عندنا حَرْفٌ واحد أَكثرُ في الكلام فكأنه قال ما يُنْفِقُون فلذلك اخْتِيرَ النَّصبُ قال ومَنْ جَعلَ ذا بمَعْنى الذي رَفَعَ وقد يجوز أن يكونَ ماذا حرفاً ويُرْفَع بالائتناف وقال الزجاج نَزَلَت هذه الآية قبلَ فرض الزكاة فأُمروا أَن يُنْفِقوا الفَضْلَ إلى أَن فُرضَت الزكاةُ فكان أَهلُ المَكاسِب يأْخذُ الرجلُ ما يُحْسِبه في كل يوم أَي ما يَكْفِيه ويَتَصَدَّقُ بباقيِه ويأخذُ أَهلُ الذَّهَب والفِضَّة ما يَكْفِيهم في عامِهِمْ وينفِقُون باقيَهُ هذا قد روي في التفسير والذي عليه الإجماع أَنَّ الزَّكاةَ في سائرِ الأشياء قد بُيِّنَ ما يَجْبُ فيها وقيل العَفْوُ ما أَتَى بغَيرِ مسألةٍ والعافي ما أَتى على ذلك من غير مسأَلةٍ أَيضاً قال يُغْنِيكَ عافِيه وعِيدَ النَّحْزِ النَّحْزُ الكَدُّ والنَّخْس يقول ما جاءَكَ منه عَفْواً أَغْناكَ عن غيره وأَدْرَكَ الأَمْرَ عَفْواً صَفْواً أَي في سُهُولة وسَراحٍ ويقال خُذْ من مالِه ما عَفا وصَفا أَي ما فَضَل ولم يَشُقَّ عليه وابن الأعرابي عَفا يَعْفُو إذا أَعطى وعَفَا يَعْفُو إذا تَرَكَ حَقّاً وأَعْفَى إذا أَنْفَقَ العَفْوَ من ماله وهو الفاضِلُ عن نَفَقَتِه وعَفا القومُ كَثُرُوا وفي التنزيل حتى عَفَوْا أَي كَثُرُوا وعَفا النَّبتُ والشَّعَرُ وغيرُه يَعْفُو فهو عافٍ كثُرَ وطالَ وفي الحديث أَنه صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بإعْفاء اللِّحَى هو أَن يُوفَّر شَعَرُها ويُكَثَّر ولا يُقَصَر كالشَّوارِبِ من عَفا الشيءُ إذا كَثُرَ وزاد يقال أَعْفَيْتُه وعَفَّيْتُه لُغتان إذا فعَلتَ به كذلك وفي الصحاح وعَفَّيْتُه أَنا وأَعْفَيْتُه لغتان إذا فعَلْتَ به ذلك ومنه حديث القصاص لا أَعْفَى مَنْ قَتَل بعدَ أَخْذِ الدِّيَةِ هذا دُعاء عليه أَي لا كَثُر مالُه ولا اسْتَغنى ومنه الحديث إذا دخَل صَفَرُ وعَفا الوَبَرُ وبَرِئَ الدَّبَر حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ أَي كَثُرَ وبرُ الإبلِ وفي رواية وعَفا الأَثَرُ بمعنى دَرَس وامَّحَى وفي حديث مُصْعَبِ بن عُمَير إنه غلامٌ عافٍ أَي وافي اللَّحم كثيرُه والعافي الطويلُ الشَّعَر وحديث عمر رضي الله عنه إنَّ عامِلَنا ليسَ بالشَّعِثِ ولا العافي ويقال للشَّعَرِ إذا طال ووَفى عِفاءٌ قال زهير أَذلِكَ أَمْ أَجَبُّ البَطْنِ جَأْبٌ عَلَيْهِ مِنْ عَقِيقَتِهِ عِفاءُ ؟ وناقةٌ ذاتُ عِفاءٍ كثيرةُ الوَبَر وعَفا شَعْرُ ظَهْرِ البعيرِ كَثُرَ وطالَ فغَطَّى دَبَرَه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي هَلاَّ سَأَلْت إذا الكَواكِبُ أَخْلَفَت وعَفَتْ مَطِيَّة طالِبِ الأَنْسابِ فسره فقال عَفَت أَي لم يَجِد أَحدٌ كريماً يرحلُ إليه فعَطَّل مَطِيَّته فسَمِنت وكَثُر وَبَرُها وأَرضٌ عافيةٌ لم يُرْعَ نَبْتُها فوَفَرَ وكثر وعَفْوَةُ المَرْعَى ما لم يُرْعَ فكان كثيراً وعَفَتِ الأَرضُ إذا غَطَّاها النبات قال حُمَيْد يصف داراً عَفَتْ مثلَ ما يَعْفُو الطَّلِيحُ فأَصْبَحَتْ بها كِبرياءُ الصَّعْبِ وهيَ رَكُوبُ يقول غَطاها العشْبُ كما طَرَّ وَبَرُ البعيرِ وبَرَأَ دَبَرُه وعَفْوَةُ الماءِ جُمَّتُه قبل أَن يُسْتَقَى منه وهو من الكثرة قال الليث
ناقةٌ عافيةُ اللَّحْمِ ... كثيرةُ اللحم ونوقٌ عافياتٌ وقال لبيد
بأَسْوُقِ عافياتِ اللحمِ كُوم ويقالُ عَفُّوا ظَهْرَ هذا البعيرِ أَي دَعُوه حتى يَسْمَن ويقال عَفَا فلانٌ على فلان في العلمِ إذا زاد عليه قال الراعي إذا كان الجِراءُ عَفَتْ عليه أَي زادت عليه في الجَرْيِ وروى ابن الأعرابي بيت البَعيث بَعِيد النَّوَى جالَتْ بإنسانِ عَيْنه عِفاءَةُ دَمْعٍ جالَ حتى تَحَدَّرا يعني دَمْعاً كَثُرَ وعَفَا فسالَ ويقال فلانٌ يعفُو على مُنْيةِ المتَمَنِّي وسؤالِ السائلِ أَي يزيد عطاؤُه عليهما وقال لبيد يَعْفُو على الجهْدِ والسؤالِ كما يَعْفُو عِهادُ الأمْطارِ والرَّصَد أَي يزيدُ ويُفْضُلُ وقال الليث العَفْوُ أَحلُّ المالِ وأَطْيَبُه وعَفْوُ كلِّ شيءٍ خِيارُه وأَجْوَدُه وما لا تَعَب فيه وكذلك عُفاوَتُه وعِفاوتُه وعَفا الماءُ إذا لم يَطأْهُ شيءٌ يُكَدِّرُه وعَفْوةُ المالِ والطعامِ والشَّرابِ وعِفْوَتُه الكسر عن كراعٍ خياره وما صفا منه وكَثُرَ وقد عَفا عَفْواً وعُفُوّاً وفي حديث ابن الزبير أَنه قال للنابغة أَمَّا صَفْوُ أَموالِنا فلآلِ الزُّبَيْرِ وأما عَفْوُه فإن تَيْماً وأَسَداً تَشْغَلُه عنكَ قال الحَرْبي العَفْوُ أَحَلُّ المالِ وأَطيَبُه وقيل عَفْوُ المالِ ما يَفْضُلُ عن النَّفَقة قال ابن الأثير وكِلاهما جائزٌ في اللغة قال والثاني أشبَه بهذا الحديث وعَفْوُ الماءِ ما فَضَل عن الشَّارِبَةِ وأُخذَ بغيرِ كُلْفةٍ ولا مزاحمة عليه ويقال عفَّى على ما كان منه إذا أَصلَح بعد الفساد أبو حنيفة العُفْوَة بضم العين من كل النبات لَيِّنُه وما لا مَؤُونة على الراعية فيه وعَفْوة كلّ شيء وعِفَاوتُه الضم عن اللحياني صَفْوُه وكثرَتُه يقال ذَهَبَتْ عِفْوَة هذا النَّبْت أَي لِينُه وخَيرُه قال ابن بري ومنه قول الأخطل المانعينَ الماءَ حتى يَشْرَبوا عِفْواتِه ويُقَسِّمُوه سِِجالا والعِفاوةُ ما يرفع للإنسان من مَرَقٍ والعافي ما يُرَدُّ في القِدْرِ من المَرَقةِ إذا اسْتُعِيرَتْ قال ابن سيده وعافِي القِدْرِ ما يُبْقِي فيها المُسْتَعِير لمُعِيرِها قال مُضَرِّس الأَسَدي فلا تَسْأَليني واسأَ ما خَلِيقَتي إذا رَدَّ عافي القِدْرِ مَن يَسْتَعيرُها قال ابن السكيت عافي في هذا البيت في موضع الرَّفْع لأَنه فاعل ومَن في موضع النَّصْب لأنه مفعول به ومعناه أَنَّ صاحبَ القِدرِ إذا نَزَلَ به الضَّيْفُ نَصَبَ لهم قِدْراً فإذا جاءهُ مَنْ يستعير قِدْرهُ فرآها منصوبَةً لهُم رجَعَ ولم يَطْلُبْها والعافي هو الضَّيْفُ كأَنه يرُدُّ المُسْتَعِير لارْتِدادِه دونَ قضاءِ حاجَته وقال غيرُه عافي القِدْرِ بقِيَّة المَرَقة يردُّها المستَعيرُ وهو في موضع النَّصْبِ وكانَ وجه الكلام عافِيَ القدر فترَك الفتح للضرورة قال ابن بري قال ابن السكيت العافي والعَفْوة والعِفاوة ما يَبْقَى في أَسْفَلِ القِدْرِ من مَرَقٍ وما اخْتَلَط به قال وموضِعُ عافي رَفْعٌ لأَنه هو الذي رَدَّ المُسْتَعِير وذلك لكلَب الزمان وكونه يمنَع إعارَة القِدْرِ لتِلك البَقِيَّة والعِفاوةُ الشيءُ يُرْفَع من الطَّعام للجارية تُسَمَّنُ فَتُؤثَرُ به وقال الكميت وظَلَّ غُلامُ الحَيّ طَيّانَ ساغِباً وكاعِبُهُم ذاتُ العِفاوَةِ أَسْغَبُ قال الجوهري والعِفارة بالكسر ما يُرْفَعُ من المَرَقِ أَوَّلاً يُخَصُّ به مَنْ يُكْرَم وأَنشد بيت الكميت أَيضاً تقول منه عَفَوْت له منَ المَرَق إذا غَرَفْتَ له أَوَّلاً وآثَرْتَهُ به وقيل العفاوة بالكسر أَوّل المَرَقِ وأَجودُه والعُفاوة بالضم آخِرهُ يردُّها مُسْتَعِيرُ القِدْرِ مع القِدْرِ يقال منه عَفَوْت القِدْرَ إذا تركت ذلك في أَسفلها والعِفاء بالمدِّ والكَسْر ما كَثُر من الوَبَر والرِّيشِ الواحِدَةُ عِفاءَةٌ قال ابن بري ومنه قول ساعدة بن جؤية يصف الضبع كمَشْيِ الأَفْتَلِ السَّارِي عليه عِفاءٌ كالعَباءَةِ عَفْشَلِيلُ وعِفَاءُ النَّعام وغيره الريشُ الذي على الزِّفِّ الصِّغار وكذلك عِفاءُ الدِّيكِ ونحوه من الطير الواحدة عِفاءَةٌ ممدودة وناقةٌ ذاتِ عِفاءٍ وليست همزة العِفاءِ والعِفاءَةِ أَصْلِيَّة إنما هي واو قلبتْ أَلِفاً فمُدَّت مثل السماء أَصلُ مَدَّتِها الواو ويقال في الواحدة سَماوَة وسَماءَة قال ولا يقال للرِّيشة الواحدة عِفاءَةٌ حتى تكون كثيرة كَثيفة وقال بعضُهم في همزة العِفاء إنَّها أَصلِيَّة قال الأزهري وليست همزتها أَصليَّة عند النحويين الحُذَّاقِ ولكنها همزةٌ ممدودة وتصغيرها عُفَيٌّ وعِفاءُ السَّحابِ كالخَمْل في وجْهِه لا يَكادُ يُخْلِفُ وعِفْوَةُ الرجُل وعُفْوَتُه شَعَر رَأْسِه وعَفا المَنزِلُ يَعْفُو وعَفَت الدارُ ونحوُها عَفاءً وعُفُوّاً وعَفَّت وتَعَفَّت تَعَفِّياً دَرَسَت يَتَعدَّى ولا يَتَعَدَّى وعَفَتْها الرِّيحُ وعَفَّتْها شدّد للمبالغة وقال أَهاجَكَ رَبْعٌ دارِسُ الرَّسْمِ باللِّوَى لأَسماءَ عَفَّى آيَةُ المُورُ والقَطْرُ ؟ ويقال عَفَّى اللهُ على أَثَرِ فلان وعَفا الله عليه وقَفَّى الله على أَثَرِ فلانٍ وقَفا عليه بمعنًى واحدٍ والعُفِيُّ جمع عافٍ وهو الدارسُ وفي حديث الزكاة قد عَفَوْتُ عن الخَيل والرَّقيقِ فأَدُّوا زَكَاةَ أَموالِكم أَي ترَكْتُ لكم أَخْذَ زكاتها وتجاوَزْت عنه من قولهم عَفَت الريحُ الأَثَرَ إذا طَمَسَتْه ومَحَتْه ومنه حديث أَُم سلمة قالت لعثمان رضي الله عنهما لا تُعَفِّ سبيلاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لَحَبَها أَي لا تَطْمِسْها ومنه الحديث تَعافَوُا الحُدُود فيما بينكم أَي تجاوَزُوا عنها ولا تَرْفَعُوها إ فإني متى علمْتُها أَقَمْتُها وفي حديث ابن عباس وسُئل عما في أَموال أَهلِ الذِّمَّةِ فقال العَفْو أَي عُفِيَ لهم عَمَّا فيها من الصَّدَقَة وعن العُشْرِ في غَلاَّتهم وعَفا أَثَرهُ عَفاءً هَلَك على المَثَل قال زهير يذكر داراً تَحَمَّلَ أَهلُها منها فبانُوا على آثارِ مَن ذَهَبَ العَفاءُ والعَفاءُ بالفتح التُرابُ روى أَبو هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا كان عندك قوتُ يومِكَ فعَلى الدنيا العَفاءُ قال أَبو عبيدة وغيرُه العَفاءُ التراب وأَنشد بيتَ زهير يذكر الدارَ وهذا كقولهم عليه الدَّبارُ إذا دَعا عليه أَنْ يُدْبِرَ فلا يَرْجِع وفي حديث صفوانَ ابنِ مُحْرِزٍ إذا دَخَلْتُ بَيْتي فأَكَلْتُ رغيفاً وشَرِبْتُ عليه ماءً فعَلى الدُّنْيا العَفاءُ والعَفاءُ الدُّرُوس والهَلاكُ وذهاب الأَثَر وقال الليث يقال في السَّبِّ بِفيِهِ العَفاءُ وعليه العَفاءُ والذئبُ العَوّاءُ وذلك أَنَّ الذئب يَعْوِي في إثْرِ الظاعِنِ إذا خَلَت الدار عليه وأَما ما ورد في الحديث إنَّ المُنافِقَ إذا مَرِضَ ثم أُعْفِيَ كان كالبعير عَقَلَه أَهلُه ثم أَرْسَلوه فلم يَدْرِ لِمَ عَقَلُوه ولا لِمَ أَرسَلوه قال ابن الأثير أَُعْفِيَ المريض بمعنى عُوفِيَ والعَفْوُ الأَرضُ الغُفْل لم تُوطَأْ وليست بها آثارٌ قال ابن السكيت عَفْوُ البلاد ما لا أَثَرَ لأَحدٍ فيها بِمِلْكٍ وقال الشافعي في قول النبي صلى الله عليه وسلم من أَحْيا أَرْضاً ميتَة فهي له إنما ذلك في عَفْوِ البلادِ التي لم تُمْلَكْ وأَنشد ابن السكيت قَبيلةٌ كَشِراكِ النَّعْلِ دارِجةٌ إنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لا يُوجَدْ لهم أَثَرُ قال ابن بري الشِّعْر للأَخطَل وقبله إنَّ اللَّهازِمَ لا تَنْفَكُّ تابِعَةً هُمُ الذُّنابَى وشِرْبُ التابِع الكَدَرُ قال والذي في شعره تَنْزُو النِّعاجُ عليها وهْي بارِكة تَحْكي عَطاءَ سُويدٍ من بني غُبَرا قبيلةٌ كشِراكِ النَّعْل دارجةٌ إنْ يَهْبِطُوا عَفْوَ أَرضٍ لا ترى أَثرَا قال الأزهري والعَفَا من البلاد مقصورٌ مثلُ العَفْو الذي لا ملْك لأَحد فيه وفي الحديث أَنه أَقْطَعَ من أَرض المدينة ما كان عَفاً أَي ما ليس لأحد فيه أَثَرٌ وهو من عَفا الشيءُ إذا دَرَس أو ما ليس لأحد فيه مِلْكٌ من عفا الشيءُ يَعْفُو إذا صَفا وخلُص وفي الحديث ويَرْعَوْن عَفاها أَي عَفْوَها والعَفْوُ والعِفْو والعَفا والعِفا بقصرهما الجَحشُ وفي التهذيب وَلَد الحِمار وَلَد الحِمار وأَنشد ابن السكيت والمُفَصَّل لأَبي الطَّمحان حَنْظَلة بن شَرْقيِّ بضَرْبٍ يُزيلُ الهامَ عن سَكِناتِه وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفَا هَمَّ بالنَّهْقِ والجمع أَعْفاءٌ وعِفاءٌ وعِفْوةٌ والعِفاوة بكسر العين الأَتانُ بعَينِها عن ابن الأعرابي أَبو زيد يقال عِفْوٌ وثلاثة عِفَوَةٍ مثلُ قِرَطَةٍ قال وهو الجَحْشُ والمُهْرُ أَيضاً وكذلك العِجَلَة والظِّئَبة جمع الظَّأْبِ وهو السلْفُ أَبو زيد العِفَوَةُ أَفْتاءُ الحُمُر قال ولا أَعلم في جميع كلام العرب واواً متحركة بعد حرف متحرك في آخر البناء غيرَ واوِ عِفَوَةٍ قال وهي لغة لقَيس كَرهُوا أَن يقولوا عفاة في موضع فِعَلة وهم يريدون الجماعة فتَلْتَبس بوُحْدانِ الأَسماء وقال ولو متكَلِّف أَن يَبنيَ من العفو اسماً مفْرداً على بناء فِعَلة لقال عِفاة وفي حديث أبي ذرّ رضي الله عنه أَنه ترك أَتانَيْن وعِفْواً العِفْو بالكسر والضم والفتح الجَحْش قال ابن الأثير والأُنثى عُفٌوة وعِفْوَة ومعافًى اسم رجل عن ثعلب

عقا
العَقْوةُ والعَقَاةُ الساحة وما حوْلَ الدارِ والمَحَلَّة وجمعُهما عِقاءٌ وعَقْوَةُ الدار ساحَتُها يقال نَزَل بعَقْوَته ويقال ما بِعَقْوةِ هذه الدَّار مثل فلانٍ وتقول ما يَطُورُ أَحد بعقوَة هذا الأسدِ ونَزَلَت الخيلُ بعَقْوة العَدُؤِّ وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما المؤمنُ الذي يأْمَنُ مَن أَمْسى بعَقْوتِه عَقْوةُ الدارِ حَوْلَها وقريباً منها وعَقَا يَعْقُو واعْتَقَى احْتَقفَرَ البئر فأَنْبَطَ من جانبها والاعتقاء أَن يأْخذَ الحافِرُ في البئر يمنَةً ويَسْرَةً إذا لم يُمكِنُه أَن يُنْبِطَ الماءَ من قَعْرِها والرجلُ يحفرُ البئرَ فإذا لم يُنْبِطِ الماءَ من قَعْرها اعْتَقَى يَمْنَةً ويَسْرَةً واعْتَقَى في كلامه استَوْفاه ولم يَقْصِدْ وكذلك الأَخذ في شُعَبِ الكلامِ ويَشْتَقُّ الإنسانُ الكلامَ فيَعْتَقي فيه والعاقي كذلك قال وقَلَّما يقولون عَقَا يَعْقُو وأَنشد لبعضهم ولقد دَرِبْتُ بالاعتِقا ءِ والاعْتقامِ فنِلْت نُجْحَا وقال رؤبة بشَيْظَمِيٍّ يفهمُ التَّفهيما ويَعْتَقي بالعُقَمِ التَّعْقيما وقال غيره معنى قوله ويَعْتَقي بالعُقَمِ التَّعْقيما معنى يعْتَقي أي يحبِسُ ويمنَع بالعُقم التَّعْقيمَ أَي بالشرِّ الشرَّ قال الأزهري أَما الاعْتقام في الحَفْر فقد فسرناه في موضعه من عَقَم وأَما الاعتقاء في الحفر بمعنى الاعتقامِ فما سمعتُه لغير الليث قال ابن بري البيت بشُطَسِيٍّ يفهم التَّفْهيما قال ويَعْتَقِي يَرُدُّ أَي يردُّ أَمر من عَلا عليه قال وقيل التعقيمُ هنا القَهْرُ ويقال عَقَّ الرجلُ بسَهْمِه إذا رَمى به في السماء فارتَفع ويُسَمَّى ذلك السهمُ العَقيقة وقال أَبو عبيدة عَقَّى الرامي بسهمِه فجعله من عَقَّق وعَقَّى بالسهم رَمى به في الهواء فارتفع لغة في عَقَّه قال المُتَنَخَّل الهذ عَقَّوا بسَهْمٍ فلم يَشْعُرْ به أَحدٌ ثم اسْتَفاؤُوا وقالوا حَبَّذا الوَضَحُ يقول رَمَوْا بسهمٍ نحو الهواءِ إِشْعاراً أَنهم قد قَبِلوا الدِّية ورَضُوا بها عِوَضاً عن الدَّمِ والوَضَحُ اللَّبنَ أَي قالوا حَبَّذا الإِبل التي نأْخُذُها بدَلاً من دَمِ قَتِيلنا فنشرَبَ أَلبْانَها وقد تَقَدَّم ذلك وعَقَا العَلَمُ وهو البَنْدُ عَلا في الهواء وأَنشد ابن الأَعرابي وهْوَ إذا الحَرْبُ عَقَا عُقَابُهُ كُرْهَ اللِّقاء تَلْتَظي حِرابُهُ ذكّر الحَرْب على معنى القِتال ويروى عَفَا عُقابُه أَي كثُر وعَقَّى الطائِرُ إذا ارْتَفَع في طَيَرانه وعَقَّتِ العُقاب ارْتَفَعَت وكذلك النَّسْر والمُعَقِّي الحائِمُ على الشيء المُرْتَفِعُ كما تَرْتَفِعُ العُقابُ وقيل المُعَقِّي الحائِمُ المُسْتَدِيرُ من العِقْبَان بالشيء وعَقَّتِ الدَّلْوُ إذا ارْتَفَعت في البِئْر وهي تَسْتَديرُ وأَنشد في صفة دلو لا دَلْوَ إلاَّ مِثْلُ دَلْوِ أُهْبانْ واسِعَة الفَرْغ أَدِيمانِ اثْنانْ مما تَبَقَّى من عُكاظِ الرُّكْبانْ إذا الكُفاةُ اضطَجَعُوا للأَذْقانْ
( * قوله « الكفاة » هكذا في الأصل وفي كثير من المواد السقاة )
عَقَّت كما عَقَّتْ دَلُوفُ العِقْبانْ بها فَنَاهِبْ كلَّ ساقٍ عَجْلانْ عقَّتْ أَي حامَتْ وقيل ارْتَفَعتْ يعني الدَّلْوَ كما تَرْتَفِعُ العُقابُ في السماء قال وأَصله عَقَّقَتْ فلمَّا توالْتَ ثلاثُ قافَاتٍ قُلِبت إحداهنَّ ياءً كما قال العجاج تَقَضِّيَ البازي إذا البازي كَسَرْ ومثله قولهم التظَنِّي من الظَّنّ والتَّلَعِّي من اللُّعاعَةِ قال وأَصل تَعْقِيَةِ الدَّلْوِ من العَقِّ وهو الشَّقُّ أَنشد أَبو عمرو لعَطاءٍ الأَسَدي وعَقَّتْ دَلْوُهُ حينَ اسْتَقَلَّت بما فيها كَتَعْقِيَةِ العُقابِ واعْتَقى الشيءَ وعَقَاه احْتَبَسَه مقلوب عن اعْتاقَه ومنه قول الراعي صَباً تَعْتَقِيها تارَةً وتُقِيمُها وقال بعضهم معنى تَعْتَقيها تُمْضِيها وقال الأَصمعي تَحْتَبِسُها والاعْتِقاءُ الاحْتِباسُ وهو قَلْبُ الاعْتِيَاق قال ابن بري ومنه قول مزاحم صَباً وشَمالاً نَيْرَجاً يَعْتَقِيهما أَحايين نَوْبات الجَنُوبِ الزَّفازِف وقال ابن الرقاع ودُونَ ذلِكَ غُولٌ يَعْتَقي الأَجَلا وقالوا عاقٍ على تَوَهُّمِ عَقَوْتُه الجوهري عَقَاه يَعْقُوه إذا عاقَه على القَلْب وعاقَني وعاقاني وعَقَاني بمعنىً واحدٍ وأَنشد أَبو عبيد لذي الخِرَقِ الطُّهَوي أَلَمْ تَعْجَبْ لذِئْبٍ باتَ يَسْري ليُؤْذِنَ صاحِبًا لهُ باللَّحاقِ حَسِبْتَ بُغامَ راحِلتي عَناقًا وما هِيَ ويْبَ غَيْرِكَ بالعَناقِ ولَوْ أَني رَمَيْتُكَ من قَريبٍ لعَاقَك عن دُعاءِ الذِّئْبِ عاقِ ولكنِّي رَمَيتُك من بَعِيدٍ فلَمْ أَفْعَلْ وقدْ أَوهَتْ بساقي عليكَ الشاءَ شاءَ بني تَمِيمٍ فعَافِقْهُ فإنَّكَ ذو عِفاقِ أراد بقوله عاقِ عائِقٌ فقَلَبه وقيل هو على توهم عَقَوْتُه قال الأَزهري يجوز عاقَني عنْك عائِقٌ وعَقاني عنكَ عاقٍ بمعنىً واحد على القَلْب وهذا الشعر اسْتَشْهد الجوهري بقوله ولو أَني رميتك من قريبٍ وقال في إيراده ولو أَني رميتك من بَعيدٍ لعاقَك قال ابن بري وصواب إنشاده ولو أَنيَ رَمَيْتُك من قَريبٍ لعَاقَك عن دُعاءِ الذِّئْبِ عاقِ كما أَوردناه وعَقَا يَعْقُو ويَعْقِي إذا كَرِه شيئاً والعاقي الكارِهُ للشيء والعِقْيُ بالكسر أولُ ما يَخْرُجُ من بَطْن الصَّبي يَخْرَؤُه حين يولد إذا أَحْدَثَ أَولَ ما يُحْدِثُ قال الجوهري وبعد ذلك ما دام صغيراً يقال في المثل أَحْرَصُ من كَلْبٍ على عِقْيِ صَبيٍّ وهو الرَّدَجُ من السَّخْلة والمُهْر قال ابن شميل الحُوَلاءُ مضمَنة لما يَخْرُجُ من جَوْف الوَلد وهو فيها وهو أَعْقاؤه والواحد عِقْيٌ وهو شيء يخرُج من دُبُره وهو في بطنِ أُمّه أَسْودُ بَعْضِه وأَصْفَرُ بَعْضٍ وقد عَقى يَعْقي يَعني الحُوارَ إذا نُتِجَتْ أُمُّه فما خرج من دُبُره عِقْيٌ حتى يأْكل الشَّجَر وفي حديث ابن عباس وسُئل عن امْرَأَةٍ أَرضعَت صَبياً رَضْعةً فقال إذا عَقَى حَرُمَت عليه المرأَةُ وما ولَدَتْ العِقْيُ ما يَخْرُِج من بَطْنِ الصَّبيِّ حين يُولَدُ أَسودُ لزجٌ كالغِراءِ قبلَ أَن يَطْعَم وإنما شرطَ العَقْيَ ليُعْلم أَن اللبَن قد صارَ في جَوفه ولأَنْه لا يَعْقي من ذلك اللَّبنِ حتى يصير في جوفه قال ابن سيده وهو كذلك من المُهْر والجَحْشِ والفَصيلَ والجَدْي والجمع أَعْقاءٌ وقد عَقَى المَوْلُودُ يَعْقي من الإنْس والدوابِّ عَقْياً فإذا رَضَع فما بعد ذلك فهو الطَّوْفُ وعَقَّاه سَقاه دواءً يُسْقِط عِقْيَه يقال هل عَقَّيْتُم صبيَّكُم أَي سقَيتُموه عَسَلاً ليَسْقُط عِقْيُه والعِقْيانُ ذهبٌ ينبتُ نَباتاً وليس مما يُستَذابُ ويُحصَّلُ من الحجارة وقيل هو الذَّهبُ الخالصُ وفي حديث عليٍّ لو أَراد الله أَن يَفْتَحَ عليهم مَعادن العِقْيان قيل هو الذَّهبَ الخالصُ وقيل هو ما ينبُتُ منه نَباتاً والأَلف والنون زائدتان وأَعْقى الشيءُ يُعْقي إعْقاء صار مُرّاً وقيل اشْتَدَّتْ مَرارَتُه ويقال في مَثلٍ لا تكُنْ مَرًّا فتُعْقِيَ ولا حُلْواً فتُزْدَرَدَ ويقال فتُعْقَى فمن رواه فتُعْقِيَ على تُفْعِل فمعناه فتَشْتَدَّ مرارَتُك ومن رواه فتُعْقَى فمعناه فتُلْفَظَ لمرارَتِكَ وأَعْقَيْتُ الشيء إذا أَزَلْته من فيك لِمَرارَتِه كما تقولُ أَشْكَيْتُ الرجلَ إذا أَزَلْتَه عما يَشْكُو وفي النوادر يقال ما أَدْري مِنْ أَيْنَ عُقِيت ولا من أَيْنَ طُبِيت واعْتُقِيت واطُّبِيت ولا مِنْ أَيْنَ أُتِيت ولا مِنْ أَيْنَ اغْتُيِلْت بمعنى واحد قال الأزهري وجه الكلام اغْتِلْت وبَنُو العِقْيِ قبيلةٌ وهُم العُقاةُ

عكا
العُكْوَة أَصلُ اللِّسانِ والأكثر العَكَدَة والعَكْوَة أَصلُ الذَّنَب بفتح العين حيثُ عَرِيَ من الشَّعرَ من مَغْرِز الذَّنَب وقيل فيه لغتان عَكْوة وجمعها عُكىً وعِكاءٌ قال الشاعر هَلَكْتَ إن شَرِبْتَ في إكْبابها حتَّى تُوَلِّيك عُكَى أَذْنابِها قال ابن الأَعرابي وإذا تَعَطَّف ذَنَبُه عند العَكْوة وتعَقَّد قيلَ بَعِيرٌ أَعْكى ويقال بِرْذَوْنٌ مَعْكُوٌّ قال الأَزهري ولو استعْمِل الفعلُ في هذا لقِيل عَكِيَ يَعْكى فهو أَعكَى قال ولم أَسْمَعْ ذلك وعَكا الذَّنَبَ عَكْواً عَطَفَه إلى العُكْوة وعَقَده وعَكَوْتُ ذَنَبَ الدابةِ وعكى الضَّبُّ بذَنَبِه لواه والضَّبُّ يعكُو بذَنَبِه يَلْويه ويَعْقِدُه هنالك والأَعْكى الشديد العُكْوة وشاةٌ عَكْواءُ بيضاءُ الذَّنَبِ وسائِرُها أَسْودُ ولا فِعْلَ له ولا يكون صفةً للمذكَّر وقيل الشاةُ التي ابْيَضَّ مؤَخَّرُها واسْودَّ سائرُها وعُكْوةُ كلِّ شيءٍ غِلَظُه ومُعْظَمُه والعُكْوة الحُجْزة الغَلِيظة وعَكا بإزاره عَكْواً أَعْظَم حُجْزَتَه وغَلَّظها وعَكَت الناقةُ والإبل تَعْكُو عَكْواً غَلُظَت وسَمِنَتْ من الربيع واشتَدَّتْ من السِّمَنِ وإبلٌ مِعْكاءٌ غَلِيظة سَمينة ممتلئة وقيل هي التي تَكْثُر فيكونُ رأْس ذا عند عُكْوة ذا قال النابغة الواهِب المائَةَ المِعْكاءَ زَيَّنَها ال سَّعدانُ يُوضح في أَوْبارِها اللِّبَدِ
( * في رواية ديوان النابغة تُوضَحُ بدل يُوضِح وهو اسم موضع )
ابن السكيت المِعْكاءُ على مِفْعالٍ الإبلُ المجتمعة يقال مائة مِعْكاءٌ ويُوضِحُ يُبَيِّنُ في أَوْبارِها إذا رُعِيَ فقال المائةَ المِعْكاءَ أَي هِي الغِلاظُ الشِّداد لا يثنّى ولا يجمع قال أَوس الواهِب المائةَ المِعكاءَ يَشْفَعُها يَومَ الفِضالِ بأُخْرَى غير مجْهُود والعاكي الشادُّ وقد عَكا إذا شَدَّ ومنه عَكْوُ الذَّنَبِ وهو شَدُّه والعُكْوةُ الوَسَط لغِلَظِه والعاكي الغَزَّالُ الذي يبِيع العُكى جمع عُكْوة وهي الغَزْلُ الذي يَخْرُج من المِغْزَلِ قبلَ أَن يُكَبَّبَ على الدُّجاجة وهي الكُبَّة ويقال عَكا بإزارِه يَعْكُو عُكِيّاً أَغْلَظَ مَعْقِدَه وقيل إذا شَّده قالِصاً عن بَطْنِه لئَلاَّ يَسْتَرْخِيَ لِضِخَمِ بطنه قال ابن مقبل شُمٌّ مَخامِيضُ لا يَعْكون بالأُزُرِ يقول ليسوا بِعظام البطون فيرفعوا مآزِرَهُم عن البطونِ ولكنهم لِطافُ البطون وقال الفراء هو عَكْوانُ من الشَّحْمِ وامرأَة مُعَكِّيةٌ ويقال عَكَوْتُه في الحديد والوَثاقِ عَكْواً إذا شَدَدْتَه قال أُمَيَّة يذكر مُلْك سليمان أَيُّما شاطِنٍ عَصاهُ عَكاهُ ثم يُلْقى في السِّجنِ والأَغْلالِ والأَعْكى الغلِيظُ الجَنْبَين عن ثعلب فأَمَّا قول ابنةِ الخُسِّ حين شاوَرَ أَبوها أَصحابه في شِراءِ فَحْلٍ اشْتَرِهِ سَلْجَمَ اللَّحْييَنِ أَسْحَجَ الخَدَّيْن غائرَ العَيْنَين أَرْقَبَ أَحْزَمَ أَعْكَى أَكْوَمَ إنْ عُصِيَ غَشَمَ وإن أُطِيعَ اجْرَنْثَمَ فقد يكونُ الغَلِيظَ العُكْوةِ التي هي أَصلُ الذَّنَبِ ويكونُ الغَلِيظَ الجَنْبَين والعَظيمَ الوَسَط والأَحْزَمُ والأَرْقَبُ والأَكْوَمُ كلٌّ مذكور في موضعه والعَكْوَةُ والعُكْوَةُ جميعاً عَقَبٌ يُشَقُّ ثم يُفتَل فَتْلَين كما يُفْتَلُ المِخراقُ وعَكاهُ عَكْواً شدَّه وعَكَّى على سيفه ورُمحِه شدَّ عليهما عِلْباءً رَطْباً وعَكا بخُرْئِه إذا خرَج بعضُه وبَقِي بَعضٌ وعَكَّى مات قال الأَزهري يقال للرجل إذا ماتَ عَكَّى وقَرضَ الرِّباطَ والعاكي المَيّت وعكَّى الدخانُ تَصَعَّد في السماءِ عن أبي حنيفة وذكر في ترجمة كعي الأَعْكاءُ العُقَد وعكا بالمكان أَقَامَ وعَكَتِ المرأَة شَعْرَها إذا لم تُرْسِلْه وربما قالوا عَكا فلان على قومه أَي عَطَف مثلُ قولِهِم عَكَّ على قَوْمِه الفراء العَكيُّ من اللَّبن المَحْضُ والعَكِيُّ من أَلْبَانِ الضَّأْنِ ما حُلِبَ بعضُه على بعضٍ وقال شمر العَكِيُّ الخاثِر وأَنشد للراجز تَعَلَّمَنْ يا زيدُ يا ابنَ زَيْنِ لأُكْلَةٌ من أَقِطٍ وسَمْنِ وشَرْبَتانِ من عَكِيِّ الضأْنِ أَحْسَنُ مَسّاً في حَوايا البَطْنِ من يَثْرَبِيَّاتٍ قِذاذٍ خُشْنِ يَرْمي بها أَرْمى من ابنِ تِقْنِ قال شمر النِّيُّ من اللَّبَنِ ساعَة يُحْلَب والعَكِيُّ بعدما يَخْثُر والعَكيُّ وَطْبُ اللَّبن

علا
عُلْو كلّ شيء وعِلْوه وعَلْوُه وعُلاوَتُه وعالِيه وعالِيَتُه أَرْفَعُه يَتَعَدَّى إليه الفعلُ بحَرْف وبغير حَرْف كقولك قَعَدْتُ عُلْوه وفي عُلْوِه قال ابن السكيت سِفْلُ الدار وعِلْوُها وسُفْلُها وعُلْوُها وعلا الشيءُ عُلُوًّا فهو عَليٌّ وعَلِيَ وتَعَلَّى وقال بعض الرُّجَّاز وإنْ تَقُلْ يا لَيْتَه اسْتَبلاَّ مِن مَرَضٍ أَحْرَضَه وبَلاَّ تَقُلْ لأَنْفَيْهِ ولا تَعَلَّى وفي حديث ابن عباس فإذا هو يَتَعَلَّى عنِّي أَي يَتَرَفَّع عليَّ وعَلاه عُلُوّاً واسْتَعْلاه واعْلَوْلاه وعَلا به وأَعْلاهُ وعَلاَّهُ وعالاه وعالَى به قال كالثِّقْلِ إذ عالَى به المُعَلِّي ويقال عَلا فلانٌ الجَبَلَ إذا رَقِيَه يَعْلُوه عُلُوّاً وعَلا فلان فلاناً إذا قَهَرَه والعَليُّ الرَّفيعُ وتَعالَى تَرَفَّع وقول أبي ذؤيب عَلَوْناهُمُ بالمَشْرَفيِّ وعُرِّيَتْ نِصالُ السُّيوفِ تَعْتَلي بالأَماثِلِ تَعْتَلي تَعْتَمِد وعدّاه بالباء لأَنه في معنى تَذهَب بهم وأَخذَه من عَلِ ومن عَلُ قال سيبويه حَرَّكوه كما حَرَّكوا أَوَّلُ حين قالوا ابْدَأْ بهذا أَوَّلُ وقالوا من عَلا وعَلْوُ ومن عالٍ ومُعالٍ قال أَعْشى باهِلَة إنِّي أَتَتْني لِسانٌ لا أُسَرُّ بها مِنْ عَلْوُ لا عَجَبٌ منها ولا سَخَرُ ويُرْوَى من عَلْوِ وعَلْوَ أَي أَتاني خَبرٌ من أَعْلى وأَنشد يعقوب لدُكَيْن بنِ رجاءٍ في أَتيتُه من عالٍ يُنْجِيِه مِنْ مثلِ حَمامِ الأَغْلالْ وَقْعُ يَدٍ عَجْلى ورِجْلٍ شِمْلالْ ظَمأَى النَّسَامِنْ تَحْتُ رَيَّا منْ عالْ يعني فرساً وقال ذو الرمَّة في مِن مُعال فَرَّجَ عنه حَلَقَ الأَغلالِ جَذْبُ العُرىَ وجِرْيةُ الجِبالِ ونَغَضانُ الرَّحْلِ من مُعالِ أَراد فَرَّج عن جَنِين الناقة حَلَقَ الأَغْلالِ يعني حَلَق الرحِمِ سَيرُنا وقيل رَمَى به من عَلِ الجبَل أَي من فَوْقِه وقول العجلي أَقَبُّ من تَحْتُ عَرِيضٌ مِن عَلِي إنما هو محذوف المضاف إليه لأَنه معرفة وفي موضِع المبنِيِّ على الضمّ أَلا تراه قابَل به ما هذه حالُه وهو قوله مِنْ تَحْتُ وينبغي أَن تُكْتَب عَلي في هذا الموضِع بالياء وهو فَعِلٌ في معنى فاعِلٍ أَي أَقَبُّ من تحتِه عريضٌ من عالِيه بمعنى أَعْلاه والعا والسافلُ بمنزلة الأَعْلى والأَسْفل قال ما هو إلا المَوتُ يَغْلي غالِيهْ مُخْتَلِطاً سافِلُه بعالِيهْ لا بُدَّ يوماً أَنَّني مُلاقِيه وقولهم جئتُ من عَلُ أَي من أَعْلى كذا قال ابن السكيت يقال أَتَيْته مِنْ عَلُ بضم اللام وأَتَيته من عَلُو بضم اللام وسكون الواو وأَتيته مِن علي بياء ساكنة وأَتيته من عَلْوُ بسكون اللام وضم الواو ومن عَلْوَ ومن عَلْوِ قال الجوهري ويقال أَتيتُه من عَلِ الدارِ بكسر اللام أَي من عالٍ قال امرؤ القيس مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معاً كجلمودِ صَخْرٍ حَطَّه السَّيلُ من عَلِ وأَتيتُه من عَلا قال أَبو النجم باتَتْ تَنُوشُ الحَوْضَ نَوْشاً مِن عَلا نَوْشاً به تَقْطَعُ أَجْوازَ الفَلا وأَتَيْتُه من عَلُ بضم اللامِ أَنشد يعقوب لعَدِيّ ابن زيد في كِناسٍ ظاهِرٍ يَسْتُرُه من عَلُ الشَّفَّان هُدَّابُ الفَنَنْ وأَما قول أَوس فَمَلَّكَ باللِّيطِ الذي تحتَ قِشْرِها كغِرْقئِ بَيْضٍ كَنَّه القَيْضُ مِنْ عَلُو فإن الواو زائدة وهي لإطلاقِ القافية ولا يجوزُ مثلُه في الكلام وقال الفراء في قوله تعالى عالِيَهُم ثيابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ قرئ عالِيَهُم بفتح الياء وعالِيهِم بسكونها قال فمَن فتَحها جَعَلها كالصفة فوقَهم قال والعرب تقول قَوْمُك داخِلَ الدارِ فيَنْصِبون داخلَ لأنه محَلٌ فعالِيَهُم من ذلك وقال الزجاج لا نعرف عالِيَ في الظروف قال ولعلَّ الفراء سمع بِعا في الظروف قال ولو كان ظرفاً لم يَجُزْ إسكان الياء ولكنه نَصَبه على الحال من شيئين أَحدُهما من الهاء والميم في قوله تعالى يَطُوفُ عليهم ثم قال عالِيَهُمْ ثيابُ سندس أي في حالِ عُلُوِّ الثياب إياهم قال ويجوز أن يكون حالاً من الوِلْدان قال والنصب في هذا بَيِّنٌ قال ومن قرأَ عالِيِهم فرفْعُه بالابتداء والخبر ثياب سندس قال وقد قرئ عالِيَتَهُمْ بالنصب وعالِيَتُهم بالرفع والقراءة بهما لا تجوز لخلافهما المصحف وقرئ عَلَيْهم ثيابُ سندس وتفسير نصب عالِيَتَهُم ورفعها كتفسير عالِيَهُم وعالِيهم والمُسْتَعْلي من الحروف سبعة وهي الخاءُ والغين والقاف والضاد والصاد والطاء والظاء وما عدا هذه الحروفَ فمنخفِض ومعنى الاستعْلاء أَن تَتَصَعَّد في الحَنَك الأَعلى فأَربعةٌ منها مع استعلائها إطْباقٌ وأَما الخاء والغينُ والقاف فلا إطباق مع استعلائها والعَلاءُ الرِّفْعَة والعلاءُ اسم سُمِّيَ بذلك وهو معرفة بالوضع دون اللام وإنما أُقِرَّت اللامُ بعد النَّقل وكونه علَماً مراعاةً لمذهب الوصف فيها قبلَ النَّقْلِ ويدلُّ على تَعَرُّفِه بالوضع قولُهُم أَبو عمرو بنُ العَلاء فطَرْحُهم التنوينَ من عَمْرو إنما هو لأَنَّ ابناً مضافٌ إلى العَلَم فجرَى مَجْرَى قولِك أَبو عمرِو بنُ بكر ولو كان العَلاء مُعَرَّفاً باللامِ لوجب ثبوت التنوين كما تُثْبته مع ما تعرَّف باللام نحو جاءَني أَبو عمرٍ وابن الغُلامِ وأَبو زيدٍ ابنُ الرجلِ وقد ذهَب عَلاءً وعَلْواً وعَلا النهارُ واعْتَلى واسْتَعْلى ارْتَفَعَ والعُلُوُّ العَظَمة والتَّجَبُّر وقال الحسن البصري ومسلم البَطِين في قوله تعالى تِلْكَ الدارُ الآخِرةُ نجْعَلها للذين لا يريدون عُلُوّاً في الأَرض ولا فَساداً قال العُلُو التكبُّر في الأَرض وقال الحسن الفَسادُ المَعاصي وقال مسلم الفَسادُ أَخذ المال بغير حق وقال تعالى إن فِرْعَوْنَ عَلا في الأرض جاء في التفسير أَن معناه طَغَى في الأَرض يقال عَلا فلانٌ في الأرض إذا اسْتَكْبَرَ وطَغَى وقوله تعالى ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كبيراً معناه لَتَبْغُنّ ولَتَتَعَظَّمُنّ ويقال لكل مُتَجَبِّر قد عَلا وتَعَظَّمَ واللهُ عز وجل هو العَليّ المُتعالي العا الأَعْلَى ذُو العُلا والعَلاء والمَعا تَعالى عَمَّا يقول الظالمون عُلُوّاً كبيراً هو الأَعْلى سبحانه بمعنى العا وتفسير تَعالَى جلَّ ونَبَا عن كلِّ ثناءٍ فهو أَعظم وأَجلُّ وأَعْلى مما يُثنى عليه لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال الأزهري وتفسير هذه الصفات سبحانه يَقْرُب بعضُها من بعض فالعَلِيُّ الشريف فَعِيل من عَلا يَعْلُو وهو بمعنى العالِي وهو الذي ليس فوقه شيء ويقال هو الذي عَلا الخلقَ فَقَهَرهم بقدرته وأَما المُتعا فهو الذي جَلَّ عن إفْكِ المُفْتَرِين وتَنَزَّه عن وَساوس المتحيِّرين وقد يكون المُتعا بمعنى العا والأَعْلى هو الله الذي هو أَعْلى من كل عالٍ واسمه الأَعْلى أَي صفته أَعْلى الصفات والعَلاءُ الشرفُ وذو العُلا صاحب الصفات العُلا والعُلا جمع العُلْيا أَي جمع الصفة العُليا والكلمة العلْيا ويكون العُلى جمع الاسم الأَعْلى وصفةُ الله العُلْيا شهادةُ أَنْ لا إله إلا الله فهذه أَعلى الصفات ولا يوصف بها غير الله وحده لا شريك له ولم يزل الله عَلِيّاً عالياً متعالياً تعالى اللهُ عن إِلحاد المُلْحدِين وهو العَليُّ العظيم وعَلا في الجبَل والمَكان وعلى الدابَّةِ وكلِّ شيء وعَلاهُ عُلُوّاً واسْتَعْلاه واعْتلاه مثلُه وتَعلَّى أَي عَلا في مُهْلة وعَلِيَ بالكسر في المَكارِم والرِّفْعة والشَّرَف يَعْلَى عَلاءً ويقال أَيضاً عَلا بالفتح يَعْلى قال رؤبة فَجَمَع بين
اللغتين لَمَّا عَلا كَعْبُك ... عَلِيتُ
دَفْعك دَأْداني وقد جَوِيتُ
( * قوله دأداني وقد جويت » هكذا في الأصل )
قال ابن سيده كذا أَنشده يعقوب وأَبو عبيد عَلا كَعْبُك ووجهه عندي عَلا كَعْبُكَ بي أَي أَعْلاني لان الهمزة والباء يَتَعاقبان وحكى اللحياني عَلا في هذا المعنى ويقال فلان تَعْلو عنه العَينُ بمعنى تَنْبو عنه العَين وإذا نَبا الشيءُ عن الشيء ولم يَلْصَقْ به فقد عَلا عنه وفي الحديث تَعْلو عنهُ العين أَي تَنْبو عنه ولا تَلْصَق به ومنه حديث النجاشي وكانوا بِهِمْ أَعْلى عَيْناً أَي أَبصَرَ بهم وأَعْلَم بحالِهِم وفي حديث قيلة لا يزالُ كعْبُكِ عالِياً أَي لا تزالِين شريفة مرتَفِعة على من يعادِيكِ وفي حديث حمنَةَ بنت جَحْشٍ كانت تَجْلِسُ في المِرْكَنِ ثم تَخْرُج وهي عالية الدَّمِ أَي يَعْلُو دَمُها الماءَ واعْلُ على الوِسادة أَي اقْعُد عليها وأَعْلِ عنها أَي انْزِلْ عنها أَنشد أَبو بكر الإياديّ لامرَأة من العرب عُنِّنَ عَنْها زوجُها فَقَدْتُك مِنْ بَعْلٍ عَلامَ تَدُكُّني بصَدْرِكَ ؟ لا تُغْني فَتِيلاً ولا تُعْلي أَي لا تَنْزِل وأَنت عاجزٌ عن الإِيلاجِ وعالِ عنِّي وأَعْلِ عَنِّي تَنَحَّ وعالِ عَنَّا أَي اطْلُبْ حاجَتك عندَ غيرنا فإِنَّا نَحْن لا نَقْدِرُ لك عليها كأَنك تقول تَنَحَّ عنَّا إِلى مَن سِوانا وفي حديث ابن مسعود فلما وضَعْتُ رِجْلي على مُذَمَّر أَبي جَهْل قال أَعْلِ عَنِّجْ أَي تَنَحَّ عني وأَراد بِعَنِّجْ عني وهي لغة قوم يقلبون الياء في الوَقْف جيماً وعالِ عليَّ أَي احْمِلْ وقول أُميَّة بن أَبي الصَّلْت سَلَعٌ مَّا ومْثْلُه عُشَرٌ مَّا عائِلٌ مَّا وعالَتِ البَيْقُورا أَي أَنَّ السَّنَة الجَدْبة أَثْقَلَت البَقَر بما حُمِّلَتْ من السَّلَع والعُشَر ورجل عالي الكَعْبِ شريفٌ ثابتُ الشَرف عالي الذِّكْر وفي حديث أُحدٍ قال أَبو سيفان لمَّا انْهزَم المسلمون وظَهروا عليهم اعْلُ هُبَلُ فقال عُمَر رضي الله عنه اللهُ أَعْلى وأَجَلّ فقال لعُمَر أَنْعَمَتْ فَعالِ عنها كان الرجلُ من قريشٍ إِذا أَراد ابْتِداءَ أَمْرٍ عمَد إِلى سَهْمَيْن فكَتَب على أَحدِهما نَعَمْ وعلى الآخر لا ثم يتَقَدَّم إِلى الصَّنَم ويُجِيلُ سِهامَه فإِن خَرج سَهْمُ نَعَمْ أَقْدَم وإِن خَرَج سَهْم لا امْتَنَع وكان أَبو سيفان لَمَّا أَراد الخُروجَ إِلى أُحدٍ اسْتَفْتى هُبَلَ فخَرَج له سَهْمُ الإِنْعامِ فذلك قوله لعُمَر رضي الله عنه أَنْعَمَتْ فَعالِ أَي تَجافَ عَنْها ولا تَذْكُرْها بسُوءٍ يعني آلهَتَهم وفي حديثٍ اليَدُ العُلْيا خَيْرٌ من اليَدِ السُّفْلى العُلْيا المَتَعَفِّفة والسُّفْلى السائلة روي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما ورُوِيَ عنه أَنها المُنْفِقة وقيل العُلْيا المُعْطِيَة والسُّفْلى الآخِذة وقيل السُّفْلى المانِعة والمَعْلاة كَسْبُ الشَّرَف قال الأَزهري المَعْلاة مَكْسَبُ الشَّرَف وجمعها المَعالي قال ابن بري ويقال في واحدة المَعالي مَعْلُوَة ورَجُلٌ عَليٌّ أَي شريف وجمعه عِلْيةٌ يقال فلان مِنْ عِلْية الناس أَي من أَشرافهم وجِلَّتِهم لا من سِفْلَتهم أَبدلوا من الواو ياءً لضعف حَجْز اللام الساكنة ومثله صبيٌّ وصبِيْة وهو جمع رجُل عَليٍّ أَي شَريف رَفيعٍ وفلانٌ من عِلِّيَّةِ قَوْمِه
( * قوله « من علية قومه إلخ » هو بتشديد اللام والياء في الأصل )
وعِلِيِّهم وعُلِيِّهِم أَي في الشَّرَفِ والكَثْرة قال ابن بري ويقال رَجلٌ عَليٌّ أَي صُلْبٌ قال الشاعر وكلّ عَليٍّ قُصَّ أَسْفَل ذَيْلِه فشَمَّرَ عَنْ ساقٍ وأَوْظِفَةٍ عُجْرِ ويقال فَرَسٌ عَلِيٌّ والعِلِّيَّة والعُلِّيَّة جميعاً الغُرفة على بناء حُرِّية قال وهي في التصريف فُعُّولةٌ والجمع العَلاليُّ قال الجوهري هي فُعِّيلة مثلُ مُرِّيقةٍ وأَصلُه عُلِّيْوَة فأُبْدِلَت الواوُ ياءً وأُدغمت لأَنَّ هذه الواو إِذا سَكَن ما قبلها صَحَّت كما يُنْسب إِلى الدَّلْوِ دَلْوِيٌّ قال وبعضهم يقول هي العِلِّيَّة بالكسر على فِعِّيلة وبعضهم يَجْعَلُها من المُضاعف قال وليس في الكلام فُعِّيلة وقال الأَصمعي العِلِّيُّ جمع الغُرَفِ واحدتها عِلِّيَّة قال العجاج وبِيعَة لِسُورها عِلِيٌّ وقال أَبو حاتم العَلاليُّ من البيوت واحدتها عِلِّيَّة قال ووزن عِلِّيَّة فِعِّيلة العين شديدة قال الأَزهري وعِلِّيَّة أَكثر من عُلِّيَّة وفي حديث عمر رضي الله عنه فارْتَقَى عُلِّيَّة هو من ذلك بضم العين وكسرها وعَلا به وأَعْلاهُ وعَلاَّه جَعَلَه عالياً والعالية أَعْلى القَناةِ وأَسْفَلُها السافِلةُ وجمعها العَوالي وقيل العالية القَناة المستقيمة وقيل هو النصفُ الذي يَلي السِّنانَ وقيل عالِية الرُّمْح رأْسُه وبه فَسَّرَ السُّكَّري قول أَبي ذُؤيْب أَقَبَّا الكُشُوحِ أَبْيَضانِ كِلاهما كعالِية الخَطِّيِّ واري الأَزانِدِ أَي كلُّ واحدٍ منهما كرأْسِ الرُّمْح في مُضِيِّه وفي حديث ابن عمر أَخذت بعالِيهِ رُمْحٍ قال وهي ما يَلي السِّنانَ من القَناةِ وعَوالي الرماح أَسِنَّتُها واحدتُها عاليةٌ ومنه قول الخَنْساءِ حين خَطَبَهَا دُرَيْدُ بن الصِّمَّة أَتَرَوْنَني تارِكةً بَني عَمِّي كأَنهم عَوالي الرِّماح ومُرْتَثَّةً شَيْخَ بني جُشَم شَبَّهَتْهم بعَوالي الرِّماح لطَراءة شَبابهم وبريق سَحْنائهم وحُسْن وجوههم وقيل عالية الرُّمْحِ ما دَخَل في السِّنانِ إِلى ثُلُثِه والعالِيةُ ما فوق أَرض نَجْدٍ إِلى أَرض تِهامَةَ وإِلى ما وراء مكة وهي الحجاز وما وَالاها وفي الحديث ذكر العالِية والعَوالي في غير موضع من الحديث وهي أَماكِنُ بأَعْلى أَراضي المدينة وأَدْناها من المدينة على أَربعةِ أَمْيالٍ وأَبعَدُها من جهة نَجْدٍ ثمانية والنسب إِليها عاليٌّ على القياس وعُلْوِيٌّ نادر على غير قياس وأَنشد ثعلب أَأَنْ هَبَّ عُلْوِيٌّ يُعَلِّل فِتْيَةً بنخلة وَهْناً فاض منك المَدامعُ وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما وجاء أَعرابيٌّ عُلْويٌّ جافٍ وعالوا أَتَوُا العالِيَة قال الأَزهري عالِية الحجاز أَعلاها بلداً وأَشرفُها موضعاً وهي بلاد واسعة وإِذا نَسَبُوا إِليها قيل عُلْوِيٌّ والأُنثى عُلْوِيَّة ويقال عالى الرجلُ وأَعْلى إِذا أَتى عالِية الحجاز ونَجْدٍ قال بشر بن أَبي خازم مُعالِيَة لا هَمَّ إِلاَّ مُحَجَّرٌ وحَرَّة لَيلى السَّهْلُ منها فَلُوبُها وحَرَّة لَيْلى وحَرَّة شَوْران وحَرَّة بني سُلَيم في عالِية الحجاز وعلى السطحَ عَلْياً وعِلْياً
( * قوله « وعلياً » هكذا في الأصل والمحكم بكسر العين وسكون اللام وكذلك في قراءة ابن مسعود وفي القاموس وشرحه والعلي بكسرتين وشد الياء العلو ومنه قراءة ابن مسعود ظلماً وعلياً اه يعني بكسر العين واللام وتشديد الياء ) وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه ظُلْماً وعِلْياً كل هذا عن اللحياني وعلى حرف جَرٍّ ومعناه اسْتِعْلاء الشيءِ تقول هذا على ظهر الجبل وعلى رأْسه ويكون أَيضاً أَن يَطْوي مُسْتَعْلِياً كقولك مَرَّ الماءُ عليه وأَمْررْت يدي عليه وأَما مَرَرْت على فلان فَجَرى هذا كالمثل وعلينا أَميرٌ كقولك عليه مالٌ لأَنه شيء اعْتَلاهُ وهذا كالمثَل كما يَثْبُت الشيءُ على المكان كذلك يَثْبُت هذا عليه فقد يَتَّسِع هذا في الكلام ولا يريد سيبويه بقوله عليه مال لأَنه شيء اعْتَلاه أَنَّ اعْتَلاه من لفظ على إِنما أَراد أَنها في معناها وليست من لفظها وكيف يظن بسيبويه ذلك وعَلى من ع ل ي واعْتَلاه من ع ل و ؟ وقد تأْتي على بمعنى في قال أَبو كبير الهُذَلي ولَقَدْ سَرَيْتُ على الظَّلامِ بِمِغْشَمٍ جَلْدٍ من الفِتْيانِ غَيْرِ مُهَبَّل أَي في الظلام ويجيء عَلى في الكلام وهو اسم ولا يكون إِلا ظرفاً ويَدُلُّك على أَنه اسم قول بعض العرب نَهَضَ من عَلَيْه قال مزاحم العُقَيْلي غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَما تَمَّ ظِمْؤُها تَصِلُّ وعَنْ قَيْضٍ بزِيزاء مَجْهَل وهو بمعنى عِنْد وهذا البيت معناه غَدَتْ مِنْ عِنْدِهِ وقوله في الحديث فإِذا انْقَطَعَ مَنْ عَلَيها رَجع إِليه الإِيمانُ أَي منْ فَوْقها وقيل منْ عندها وقالوا رَمَيْتُ عَلى القوس ورَمَيْت عنها ولا يقال رَمَيْتُ بها قال أَرْمِي عَلَبْها وهي فَرْعٌ أَجْمَع وفي الحديث مَنْ صامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عليه جَهَنَّم قال ابن الأَثير حَمَل بعضهم هذا الحديث على ظاهِره وجعله عُقوبةً لصائم الدَّهْرِ كأَنه كَرِه صومَ الدَّهْرِ ويشهد لذلك منعُه عبدَ الله بنَ عَمْرو عن صومِ الدهرِ وكَراهيتُه له وفيه بُعدٌ لأَنَّ صومَ الدَّهر بالجُمْلة قُرْبة وقد صامه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم والتابِعين رحمهم الله فما يَسْتَحِقُّ فاعلُه تضييقَ جهَنَّم عليه وذهب آخرون إِلى أَن على هنا بمعنى عن أَي ضُيِّقت عَنْه فلا يدخُلُها وعن وعلى يَتداخلان ومنه حديث أَبي سيفان لولا أَن يأْثُروا عليَّ الكَذِبَ لكَذَبْتُ أَي يَروُوا عنِّي وقالوا ثَبَتَ عليه مالٌ أَي كثر وكذلك يقال عَلَيْه مالٌ يريدون ذلك المعنى ولا يقال له مالٌ إِلا من العين كما لا يقال عليه مالٌ إِلاَّ من غير العَين قال ابن جني وقد يستعمل عَلى في الأَفعال الشاقة المستثقلة تقول قد سِرْنا عَشْراً وبَقِيَتْ عَلَيْنا ليلتان وقد حَفِظْتُ القرآن وبَقِيَت عليَّ منه سورتان وقد صُمْنا عِشْرين من الشهر وبَقِيَتْ علينا عشر كذلك يقال في الاعتداد على الإِنسان بذنوبه وقُبح أَفعاله وإنما اطَّرَدَتْ على في هذه الأَفعال من حيث كانت على في الأَصل للاسْتِعْلاءِ والتَّفَرُّع فلما كانت هذه الأَحوال كُلَفاً ومَشاقً تَخْفِضُ الإِنسانَ وتَضَعُه وتَعْلُوه وتَتَفَرَّعُه حتى يَخْنَع لها ويَخْضع لما يَتَسَدَّاه منها كان ذلك من مواضع على أَلا تراهم يقولون هذا لك وهذا عَلَيْك فتستعمل اللامَ فيما تُؤْثِره وعَلى فيما تكرهه ؟ وقالت الخنساء سأَحْمِلُ نَفْسي عَلى آلةٍ فإِمّا عَليْها وإِمَّا لَها وعَلَيْكَ من أَسماء الفعل المُغْرى به تقول عَلَيْك زيداً أَي خُذْه وعَلَيكَ بزيد كذلك قال الجوهري لما كثر استعماله صار بمنزلة هَلُمَّ وإِن كان أَصله الارتفاع وفسر ثعلب معنى قوله عَلَيْكَ بزيد فقال لم يجيء بالفعل وجاء بالصفة فصارت كالكناية عن الفعل فكأَنك إِذا قلت عَلَيْك بزيد قلت افْعَلْ بزيد مثل ما تكني عن ضربت فتقول فعلتُ به وفي الحديث عليكم بكذا أَي افْعَلُوه وهو اسمٌ للفعل بمعنى خذ يقال عَلَيْك زيداً وعليك بزيدٍ أَي خذه قال ابن جني ليس زيداً من قولك عَلَيْك زيداً منصوباً بخُذ الذي دلت عليه عَليْك إِنما هو منصوبٌ بنفسِ عَليْك من حيث كان اسماً لفعلٍ متعدٍّ قال الأَزهري عَلى لها معانٍ والقُرَّاء كلهم يُفَخِّمونها لأَنها حرف أَداة قال أَبو العباس في قوله تعالى عَلى رجل منكم جاء في التفسير مَعَ رجل منكم كما تقول جاءني الخَيْرُ على وجهك ومع وجهك وفي حديث زكاة الفِطْر على كلِّ حُرٍّ وعبدٍ صاعٌ قال على بمعنى مع لأَن العبد لا تجب عليه الفطرة وإِنما تجب على سيّده قال ابن كيسان عَلَيك ودونكَ وعندك إِذا جُعِلْنَ أَخباراً فعن الأَسماء كقولك عليك ثوبٌ وعندَك مالٌ ودونك مالٌ ويُجْعَلْنَ إِغْراءً فتُجْرى مُجْرى الفعل فيَنْصِبْنَ الأَسماء كقولك عليكَ زيداً ودونَك وعندك خالداً أَي الزَمْه وخُذُه وأَما الصفاتُ سواهُنَّ فيرفعن إِذا جُعِلَت أَخباراً ولا يغْري بها ويقولون عَلَيْه دَيْن ورأَيته على أَوْفازٍ كأَنه يريد النُّهُوض وتَجِيء على بمعنى عن قال الله عز وجل إِذا اكْتالُوا على الناسِ يَسْتَوْفُون معناه إِذا اكتالوا عَنْهُم قال الجوهري عَلى لها ثلاثةُ مواضعَ قال المبرّد هي لفظة مشتَرَكة للاسم والفعل والحرف لا أَن الاسم هو الحرف أَو الفعل ولكن يَتَّفِق الاسمُ والحرف في اللفظ أَلا تَرى أَنك تقول على زيدٍ ثوبٌ فعلى هذه حرفٌ وتقول عَلا زيداً ثوبٌ فعلا هذه فعلٌ من عَلا يَعْلُو قال طرَفة وتَساقى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً وعَلا الخَيْلَ دِماءٌ كالشَّقِرْ ويروى على الخيل قال سيبويه أَلف عَلا زيداً ثوبٌ منقلبةٌ من واو إِلا أَنها تقلب مع المضمر ياءً تقول عليكَ وبعضُ العرب يتركها على حالها قال الراجز أَيّ قَلُوصِ راكبٍ تَراها فاشْدُدْ بمَثْنَيْ حَقَبٍ حَقْواها نادِيَةً ونادِياً أَباها طارُوا عَلاهُنَّ فَطِرْ عَلاها ويقال هي بلغة بلحرث بن كعب قال ابن بري أَنشده أَبو زيد ناجِيةً وناجِياً أَباها قال وكذلك أَنشده الجوهري في ترجمة نجا وقال أَبو حاتم سأَلت أَبا عبيدة عن هذا الشعر فقال لي انْقُطْ عليه هذا من قول المفضل وعلى حرف خافض وقد تكون اسماً يدخل عليه حرف قال يزيد بن الطَّثَرِيَّة غَدَتْ مِنْ عَلِيْه تَنْقُضُ الطَّلَّ بعدَما رأَتْ حاجِبَ الشمسِ اسْتَوَى فَتَرَفَّعَا أَي غدت من فوقه لأَن حرف الجرّ لا يدخل على حرف الجرّ وقولهم كانَ كذا على عهد فلان أَي في عهده وقد يوضع موضع من كقوله تعالى إِذا اكْتالُوا على الناسِ يَسْتَوْفُون أَي من الناس وتقول عَليَّ زيداً وعَليَّ بزيد معناه أَعْطِني زيداً قال ابن بري وتكون علَى بمعنى الباء قال أَبو ذؤيب وكأَنَّهنّ ربَابةٌ وكأَنه يَسَرٌ يَفِيضُ علَى القِداحِ ويَصْدَعُ أَي بالقِداحِ وعلَى صفةٌ من الصِّفاتِ وللعَرَب فيها لغتانِ كُنْت على السَّطْح وكنت أَعْلَى السَّطْح قال الزجاج في قوله عليهم وإِليهم الأَصل عَلاهُم وإِلاهُم كما تقول إِلى زَيْد وعَلَى زَيدٍ إِلا أَنَّ الأَلف غُيِّرَت مع المضمر فأُبْدلت ياءً لتَفْصِل بينَ الأَلف التي في آخر المُتَمَكِّنة وبَيْنَ الأَلف في آخر غير المتمكنة التي الإِضافة لازمة لها أَلا تَرَى أَنّ عَلَى وَلَدي وإِلى لا تَنْفَرِدُ من الإِضافة ؟ ولذلك قالت العرب في كِلا في حال النصب والجر رأَيْتُ كِلَيْهما وكِلَيْكُما ومررت بكِلَيْهما ففَصَلت بين الإِضافة إِلى المُظْهرِ والمُضْمر لما كانت كِلا لا تَنْفَرِد ولا تكون كلاماً إِلا بالإِضافة والعِلاوَة أَعْلَى الرَّأْسِ وقيل أَعْلَى العُنُق يقال ضربت عِلاوَتَه أَي رأْسه وعُنُقه والعِلاوة أَيضاً رأْسُ الإِنسانِ ما دامَ في عُنُقهِ والعِلاوة ما يُحْمَل على البعير وغيره وهو ما وُضِع بين العِدْلَيْنِ وقيل عِلاوَة كلِّ شيءٍ ما زاد عليه يقال أَعطاه أَلفاً وديناراً عِلاوةً وأَعطاه أَلفين وخمسمائةٍ عِلاوةً وجمع العِلاوة عَلاوَى مثل هِراوَة وهَرَاوَى وفي حديث معاوية قال للبيد الشاعِر كم عَطاؤك ؟ فقال أَلفان وخمسمائة فقال ما بالُ العِلاوَةِ بينَ الفَوْدَيْنِ ؟ العِلاوَة ما عُوليَ فوقَ الحِمْلِ وزِيدَ عليه والفَودانِ العِدْلانِ ويقال عَلِّ عَلاواكَ على الأَحْمال وعالِها والعِلاوَةُ كلُّ ما عَلَّيْتَ به على البعير بعد تمامِ الوِقْرِ أَو عَلَّقْته عليه نحو السِّقاءِ والسَّفُّودِ والجمع العَلاوَى مثلُ إِداوَة وأَداوَى والعَلْياءُ رأْسُ الجَبَل وفي التهذيب رأْسُ كلّ جَبَلٍ مشرفٍ وقيل كلُّ ما عَلا من الشيءِ قال زهير تَبَصَّرْ خَلِيلي هَلْ تَرَى من ظَعائِنٍ تَحَمَّلْنَ بالعَلْياءِ من فوقِ جُرْثُم ؟ والعَلْياءُ السماءُ اسمٌ لها وليس بصفةٍ وأَصله الواو إِلا أَنه شَذَّ والسَّموات العُلَى جمع السماء العُلْيا والثَّنايا العلْيا والثَّنايا السُّفْلى يقال للجماعة عُلْيَا وسُفْلَى لتأْنيث الجماعة ومنه قوله تعالى لِنُرِيَكَ من آياتنا الكُبْرَى ولم يقل الكُبَر وهو بمنزلة الأَسماء الحُسْنَى وبمنزلة قوله تعالى وليَ فيها مآرِبُ أُخرى والعَلْياءُ كل مكانٍ مُشْرِفٍ وفي شعر العباس يمدَح النّبي صلى الله عليه وسلم حتى احْتَوَى بيتُك المُهَيْمِنُ مِنْ خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تَحتَها النُّطُقُ قال عَلياء اسمُ المكان المرتَفعِ كاليفاعِ وليست بتأْنيثِ الأَعْلَى لأَنها جاءت منكرَّة وفَعْلاءُ أَفْعَل يلزَمها التعريف والعلْيا اسمٌ للمكان العالي وللفَعْلة العالية على المَثَل صارت الواو فيها ياءً لأَن فَعلَى إِذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبْدِلَت واوُه ياءً كما أَبدلوا الواوَ مكان الياء في فُعْلى إِذا كانت اسماً فأَدْخَلوها عليها في فعْلَى لتتكافآ في التغير قال ابن سيده هذا قول سيبويه ويقال نزل فلان بعالِيَة الوادِي وسافِلَته فعالِيَتُه حيث يَنْحَدِرُ الماءُ منه وسافِلتُه حيث يَنْصَبُّ إِليه وعَلا حاجتَه واسْتَعْلاها ظَهَر عليها وعَلا قِرْنَه واسْتَعْلاهُ كذلك ورجل عَلُوٌّ للرجال على مثال عَدُوّ عن ابن الأَعرابي ولم يستثنها يعقوب في الأَشياء التي حصرها كَحَسُوّ وفَسُوّ وكل من قَهَر رجلاً أَو عَدُوّاً فإِنه يقال عَلاه واعْتَلاه واسْتَعْلاه واسْتعْلى عليه واسْتَعْلَى على الناس غَلَبَهم وقَهَرَهُم وعَلاهُم قال الله عز وجل وقد أَفْلَح اليومَ مَن اسْتَعْلى قال الليث الفرسُ إِذا بَلَغَ الغاية في الرِّهانِ يقال قد اسْتَعْلَى على الغاية وعَلَوْت الرجل غَلَبْته وعَلَوته بالسيف ضَرَبْته والعُلْو ارْتِفاعُ أَصل البناءِ وقالوا في النداءِ تَعالَ أَي اعل ولا يُسْتَعْمَلُ في غير الأَمر والتَّعالي الارْتِفاعُ قال الأَزهري تقول العرب في النداء للرجل تَعالَ بفتح اللام وللاثنين تَعالَيا وللرجال تَعالَوْا وللمرأَة تَعالَي وللنساء تَعالَيْنَ ولا يُبالُون أَين يكون المدعوّ في مكان أَعْلى من مكان الداعي أَو مكان دونه ولا يجوز أَن يقال منه تعالَيْت ولا يُنْهى عنه وتقول تَعالَيْت وإِلى أَي شيء أَتَعالَى وعَلا بالأَمْرِ اضْطَلَع به واسْتَقَلَّ قال كعب بن سعد الغَنَوي يُخاطِبُ ابنَه عليّ بن كعب وقيل هو لعليّ بن عديٍّ الغَنَوي المعروف بابن العرير
( * قوله « العرير » هو هكذا في الأصل )
اعْمِدْ لِما تَعْلُو فما لكَ بالذِي لا تَسْتَطِيع مِنَ الأُمورِ يَدانِ هكذا أَورده الجوهري قال ابن بري صوابه فاعْمِد بالفاءِ لأَنّ قبله وإذا رأيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَه شَعْبَ العَصا ويَلِجُّ في العِصيان يقول إِذا رأيت المَرْءَ يَسعَى في فَسادِ حاله ويَلِجُّ في عِصْيانِك مُخالَفَة أَمْرِك فيما يُفْسدُ حاله فدَعْه واعْمِدْ لِما تَسْتَقِلُّ به من الأَمْر وتَضْطَلِعُ به إِذ لا قُوَّة لك على مَنْ لا يُوافِقُك وعَلا الفَرَسَ رَكِبَه وأَعْلَى عنه نَزَلَ وعَلَّى المَتاعَ عن الدابَّة أَنْزَله ولا يقال أَعْلاهُ في هذا المَعْنى إِلاَّ مُسْتَكْرَهاً وعالَوْا نَعِيَّهُ أَظْهَروهُ عن ابن الأَعرابي قال ولا يقال أَعْلَوْه ولا عَلَّوه ابن الأَعرابي تَعَلَّى فلانٌ إِذا هَجَمَ على قوم بغير إِذن وكذلك دَمَقَ ودَمَرَ ويقال عالَيْتُه على الحمار وعَلَّيْتُه عليه وأَنشد ابن السكيت عالَيْتُ أَنْساعي وجِلبَ الكُورِ عَلَى سَراةِ رائحِ مَمْطُورِ وقال فَإِلاَّ تَجلَّلْها يُعالُوك فَوْقَها وكَيْفَ تُوَقَّى ظَهْرَ ما أَنتَ راكِبُه ؟ أَي يُعْلُوك فوقها وقال رؤبة وإِنْ هَوَى العاثِرُ قُلْنا دَعْدَعا لَهُ وعالَيْنا بتَنْعِيشٍ لَعا أَبو سعيد عَلَوْتُ على فلان الرِّيحَ أَي كنت في عُلاوَتِها ويقال لا تَعْلُ الريحَ على الصَّيْدِ فَيراحَ رِيحَكَ ويَنْفِرَ ويقال كُنْ في عُلاوةِ الرِّيحِ وسُفالَتِها فعُلاوَتُها أَن تكون فوق الصيدِ وسُفالَتُها أَن تكون تحتَ الصيدِ لئَلاَّ يَجِدَ الوَحْش رائِحَتَك ويقال أَتَيْتُ الناقةَ من قِبَل مُسْتَعْلاها أَي من قِبَل إِنْسِيِّها والمُعَلَّى بفتح اللام القِدْحُ السابِعُ في المَيْسِر وهو أَفْضَلُها إِذا فازَ حازَ سبعةَ أَنْصباء من الجَزُور وقال اللحياني وله سبعة فُروض وله غُنْمُ سبعة أنصباء إِن فاز وعليه غُرْمُ سبعة أَنصباء إِن لم يَفُزْ والعَلاةُ الصَّخْرة وقيل صَخْرة يُجْعَلُ لها إِطار من الأَخْثاء ومن اللَّبِنِ والرماد ثم يطبخ فيها الأَقِطُ وتجمع علاً وأَنشد أَبو عبيد وقالُوا عَلَيْكُمْ عاصِماً نَسْتَغِثْ به رُوَيْدَكَ حَتَّى يَصْفِقَ البَهْمَ عاصمُ وحَتَّى تَرَى أَن العَلاةَ تَمُدُّها جُخادِيَّةٌ والرائحاتُ الرَّوائِمُ يريد أَن تلك العَلاة يَزيدُ فيها جُخادِيَّة وهي قِرْبةٌ مَلأَى لَبَناً أَو غِرارةٌ مَلأَى تَمْراً أَو حِنْطَةً يُصَبُّ منها في العَلاة للتأْقيط فذلكَ مَدُّها فيها قال الجوهري والعَلاةُ حَجَرٌ يُجْعَل عليه الأَقِطُ قال مبَشِّر بن هُذَيل الشمجي لا يَنْفَعُ الشاوِيَّ فيها شاتُه وَلا حِمارَاه ولا عَلاتُه والعَلاة الزُّبْرة التي يَضْرِب عليها الحدَّاد الحديدَ والعلاة السَّنْدان وفي حديث عَطاءٍ في مَهْبَطِ آدَمَ هَبَطَ بالعَلاةِ وهي السَّنْدانُ والجمع العَلا ويقال للناقة عَلاةٌ تُشَبَّه بها في صَلابَتِها يقال ناقَةٌ عَلاةُ الخَلْقِ قال الشاعر ومَتْلَفٍ بينَ مَوْماةٍ بمَهْلَكَةٍ جاوَزْتُها بعَلاةِ الخَلْقِ علْيان أَي طَوِيلَة جَسِيمة وذكر ابن بري عن الفراء أَنه قال ناقة عِلْيان بكسر العين وذكر أَبو علي أَنه يقال رجل عِلْيان وعِلِّيان وأَصلُ الياءِ واوٌ انقلبت ياءً كما قالوا صبية وصِبْيان وعليه قول الأَجلح تَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيان ويقال رجلٌ عَلْيانُ مثلُ عَطْشانَ وكذلك المرأَة يستَوي فيه المذكَّر والمؤنّث وفي التنزيل وأَنْزَلْنا الحديدَ فيه بأْس شديد قيل في تفسيره أَنْزَل العَلاةَ والمَرّ وعلَّى الحَبْلَ أَعادَه إِلى مَوْضِعِه من البَكَرة يُعَلِّيه ويقالُ للرجُل الذي يَرُدُّ حَبْلَ المُسْتَقي بالبَكَرة إِلى موضعه منها إِذا مَرِسَ المُعَلِّي والرِّشاء المُعَلَّى وقال أَبو عمرو التَّعْلِية أَن يَنْتَأَ بعضُ الطَّيِّ أَسفَل البئر فينزل رجل في البئر يُعلِّي الدَّلوَ عن الحجر الناتِئ وأَنشد لعديّ كَهُوِيِّ الدَّلْوِ نَزَّاها المُعَلْ أَراد المُعَلِّي وقال لَوْ أَنَّ سَلْمى أَبْصَرَتْ مَطَلِّي تَمْتَحُ أَو تَدْلِجُ أَو تُعَلِّى وقيل المُعَلِّي الذي يرفَعُ الدَّلْوَ مملوءة إِلى فوق يُعين المُسْتَقيَ بذلك وعُلْوان الكتاب سِمَتُه كعُنْوانِه وقد عَلَّيْتُه هذا أَقيس ويقال عَلْوَنْته عَلْوَنةً وعُلْواناً وعنْوَنْتُه عَنْوَنَةً وعُنْواناً قال أَبو زيد عُلْوانُ كل شيء ما عَلا منه وهو العُنْوانُ وأَنشد وحاجةٍ دُونَ أُخرى قد سَمَحْتُ بها جَعَلْتُها للَّذي أَخْفَيْتُ عُنْوانا أَي أَظْهَرْتُ حاجةً وكتمت أُخرى وهي التي أُريغُ فصارت هذه عُنْواناً لما أَرَدْتُ قال الأَزهري العرب تبدل اللام من النون في حروف كثيرة مثل لعَلَّك ولَعَنَّك وعَتَلَه إِلى السِّجن وعَتَنَه وكأَنَّ عُلْوان الكتاب اللام فيه مبدَلة من النون وقد مَضى تفسيره ورجل عِلْيانٌ وعِلِّيانٌ ضَخْم طويل والأُنثى بالهاء وناقة عِلْيان طويلَة جسِيمة عن ابن الأَعرابي وأَنشد أَنشد من خَوَّارةٍ عِلْيان مَضْبُورة الكاهِلِ كالبُنْيان وقال اللحياني ناقة عَلاةٌ وعَلِيَّة وعِلِّيان مُرْتَفِعة السير لا تُرى أَبداً إِلاَّ أَمام الرِّكاب والعِلْيان الطويل من الضِّباع وقيل الذَّكَر من الضِّباعِ قال الأَزهري هذا تصحيف وإِنما يقال لذكر الضباع عِثْيَان بالثاء فصحَّفه الليث وجعل بدل الثاء لاماً وقد تقدم ذكره وبَعِيرٌ عِلْيانٌ ضَخْمٌ وقال اللحياني هو القديم الضخم وصوت عِلْيانٌ جَهِيرٌ عنه أَيضاً والياء في كلِّ ذلك منقلِبة عن واو لقرب الكسْرة وخفاء اللامِ بمشابَهَتِها النون مع السكون والعَلايَه موضِعٌ قال أَبو ذؤيب فَما أُمُّ خِشْفٍ بالعَلايةِ فاردٌ تَنُوشُ البَرير حَيْثُ نال اهْتِصارها قال ابن جني الياء في العَلاية بدل عن واو وذلك أَنَّا لا نعرف في الكلام تصريف ع ل ي إنما هو ع ل و فكأَنه في الأَصل علاوة إِلاَّ أَنه غُيِّر إِلى الياء من حيث كان عَلَماً والأَعلام مما يكثرُ فيها التغيير والخلاف كمَوْهَب وحَيْوَة ومَحْبَب وقد قالوا الشِّكاية فهذه نظير العَلاية إِلاَّ أَن هذا ليس بعَلَمٍ وفي الحديث ذكْر العُلا بالضَّمِّ والقَصْر هو مَوْضِعٌ من ناحِيةِ وادي القُرى نزلَه سيِّدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في طَرِيقِه إِلى تَبُوكَ وبه مَسْجِد واعْتَلى الشيء قَوِيَ عليه وعَلاه قال إِني إِذا ما لم تَصِلْني خلَّتي وتَباعَدَتْ مِني اعْتَلَيْتُ بِعادَها أَي عَلَوْتُ بعادَها ببعاد أَشدَّ منه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي لبعض ولد بلال بن جرير لَعَمْرُكَ إِني يَوْمَ فَيْدَ لمُعْتَلٍ بما ساء أَعْدائي على كَثْرَة الزَّجْر فسره فقال مُعْتَلٍ عالٍ قادرٌ قاهرٌ والعَلِيُّ الصُّلْب الشديدُ القَويُّ وعالِيَةُ تميمٍ هم بَنُو عَمْرو بن تميم وهم بَنُو الهُجَيم والعَنْبَر ومازنٍ وعُلْيا مُضَر أَعْلاها وهم قُرَيْش وقَيْس والعَلِيَّة من الإِبل والمُعْتَلِيَةُ والمُسْتَعْلِية القويَّة على حِمْلِها وللناقة حالِبانِ أَحدُهما يُمْسِك العُلْبَة من الجانب الأَيمن والآخر يَحْلُب من الجانب الأَيسر فالذي يَحْلُبُ يُسمَّى المُعَلِّيَ والمُسْتَعْليَ والذي يُمْسِك يُسَمَّى البائِنَ قال الأَزهري المُسْتَعْلي هو الذي يقوم على يَسار الحَلُوبة والبائن الذي يقوم على يمينها والمُسْتَعْلي يأْخذ العُلْبة بيَده اليُسْرى ويَحْلُب باليمنى وقال الكميت في المُسْتَعْلي والبائن يُبَشِّرُ مُسْتَعْلِياً بائِنٌ من الحالِبَيْنِ بأَنْ لا غِرارا والمُسْتَعْلي الذي يَحْلُبها من شِقِّها الأَيْسر والبائن من الأَيمن قال الجوهري المُعَلِّي بكسر اللام الذي يأْتي الحَلُوبة من قِبَل يَمِينها والعَلاة أَيضاً شبيه بالعُلْبة يُجْعَل حَوالَيْها الخِثْي يُحْلَب بها وناقة عَلاةٌ عالِيةٌ مُشْرِفة قال حَرْف عَلَنْداة عَلاة ضَمْعَج ويقال عَلِيَّة حَلِيَّة أَي حُلْوة المَنْظَر والسير عَلِيَّة فائقة والعَلاةُ فرسُ عمرو بن جَبَلة صفة غالِبة وعُولِيَ السمن والشَّحْم في كل ذي سمن صُنِعَ حتى ارتفع في الصَّنْعة عن اللحياني وأَنشد غيره قول طَرَفة لها عَضُدانِ عُوليَ النَّحْضُ فيهما كأَنهما بابا مُنِيفٍ مُمرَّدِ وحكى اللحياني عن العامِريَّة كان لي أَخٌ هَنِيُّ
( * قوله « هني إلخ » هكذا في الأصل المعتمد وفي بعض الاصول هييّ ) عَلِيّ أَي يَتَأَنَّثُ للنساء وعلِيٌّ اسم فإِمَّا أَن يكون من القُوَّة وإِما أَن يكون من عَلا يَعْلُو وعِلِّيُّون جماعة عِلِّيٍّ في السماء السابعة إليه يُصْعَدُ بأَرواح المؤمنين وقوله تعالى كلا إِنَّ كتابَ الأَبرارِ لَفي عِلِّيِّين أَي في أَعلى الأَمكنة يقول القائل كيف جُمِعَتْ عِلِّيُّون بالنون وهذا من جمع الرجال ؟ قال والعرب إِذا جَمَعَتْ جَمْعاً لا يذهبون فيه إِلى أَن له بناءً من واحدٍ واثنين وقالوا في المذكر والمؤنث بالنون من ذلك عِلِّيُّون وهو شيءٌ فوق شيءٍ غير معروف واحده ولا اثناه قال وسمِعْتُ العربَ تقول أَطْعمنا مَرَقةَ مَرَقِينَ تريد اللُّحْمان إِذا طُبِخَتْ بماءٍ واحدٍ وأَنشد قد رَوِيَتْ إِلاَّ دُهَيْدِهِينا قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرِينا فجمع بالنون لأنه أَراد العَدَد الذي لا يُحَدُّ آخره وكذلك قول
الشاعر فأَصْبَحَتِ المَذاهِبُ قد أَذاعَتْ ... بها الإعْصارُ بَعْدَ الْوابِلِينا
أَراد المَطَر بعد المَطَر غير محدود وكذلك عِلِّيُّون ارتفاعٌ بعد ارتفاعٍ قال أبو إسحق في قوله جل وعز لفي عِلِّيِّين أَي في أَعلى الأَمكنة وما أَدراك ما عِلِّيُّون قال وإعراب هذا الاسم كإعرابِ الجَمْع لأَنه على لفظِ الجَمْعِ كما تَقُول هذه قِنِّسْرُون ورأَيت قِنَّسْرينَ وعِلِّيُّون السماءُ السابعة قال الأَزهري ومنه قولُ النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَهل الجنة ليَتَراءَوْن أَهلَ عِلِّيِّن كما تَراءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ في أُفُق السماء قال ابن الأَثير عِلِّيُّون اسم للسماء السابعة وقيل هو اسم لدِيوانِ الملائكة الحَفَظَة يُرفع إليه أَعمال الصالحين من العِبادِ وقيل أَرادَ أَعْلى الأَمكنة وأَشرف المراتب وأَقربها من الله في الدارِ الآخرة ويُعْرَب بالحروفِ والحركات كقِنِّسْرين وأَشباهِها على أَنه جمعٌ أَو واحد قال أَبو سعيد هذه كلمة معروفةٌ عند العرب أَن يقولوا لأَهل الشَّرَف في الدنيا والثَّرْوَة والغِنى أَهل عِلِّيِّين فإذا كانوا مَتَّضِعين قالوا سِفْلِيُّون والعِلِّيُّون في كلام العرب الذين يَنزلون أَعا َ البلاد فإذا كانوا ينزلون أَسافِلهَا فهم سِفْلِيُّون ويقال هذه الكلمة تَسْتَعْلي لساني إذا كانت تَعْتَرُّه وتَجْري عليه كثيراً وتقول العرب ذهب الرجل عَلاءً وعُلْواً ولم يذهب سُفْلاً إذا ارْتَفع وتَعَلَّتِ المرأَةُ طهرت من نِفاسِها وفي حديث سُبَيْعة أَنها لما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من نفاسها وسَلِمَت وقيل تَشَوَّفَتْ لخُطَّابها ويروى تعالت أَي ارْتَفَعَت وظهرت قال ويجوز أَن يكون من قولهم تَعَلَّى الرجلُ من عِلَّتِه إذا برأَ ومنه قول الشاعر ولا ذات بَعْلٍ من نفاس تَعَلَّتِ وتَعَلَّى المريضُ من عِلَّتِه أَفاق منها ويَعْلى اسمٌ فأَما قوله قدْ عَجِبَتْ مِني ومن يُعَيْلِيا لَمّا رأَتْني خلقاً مُعْلَوْلِيا فإنه أَراد من يُعَيْلي فردّه إلى أَصله بأَن حَرَّك الياءَ ضرورة وأَصل الياءَات الحركة وإنما لم يُنَوَّن لأَنه لا ينصرف قال الجوهري ويُعَيْلي مُصَغَّر اسم رجل قال ابن بري صوابه يُعَيْلٍ وإذا نُسِبَ الرجلُ إلى عليِّ بن أَبي طالب رضي الله عنه قالوا عَلَوِيٌّ وإذا نسبوا إلى بني عَليٍّ وهم قبيلة من كنانة قالوا هؤُلاء العَلِيُّون وروي عن ابن الأَعرابي في قوله بَنُو عَلِيٍّ كلُّهم سواء قال بَنُو عَلِيٍّ من بني العَبَلات من بني أُمَيَّة الأَصغر كان وَلِيَ من بعد طَلْحة الطَّلَحات لأن أُمّهم عَبْلة بنت حادل
( * قوله « حادل » هكذا في الأصل ) من البراجم وهي أُمّ ولد بن أُمية الأصْغر وعَلْوان ومُعَلّىً اسمان والنسب إلى مُعَلًّى مُعَلّوِيٌّ وتِعْلى اسم امْرَأَة
( * قوله « وتعلى اسم امرأة » هكذا في الأصل والتكملة وفي القاموس يعلى بكسر الياء )
وأَخَذَ ما عَلْوةً أَي عَنْوَة حكاها اللحياني عن الرُّؤاسي وحكى أَيضاً أَنه يقال للكثير المال اعْل به أَي ابْقَ بعده قال ابن سيده وعندي أنه دعاء له بالبَقاء وقول طُفَيل الغَنَوي ونَحْنُ مَنَعْنا يَوْمَ حَرْسٍ نِساءَكُمْ غَداةَ دَعانا عامِرٌ غَيْرَ مُعْتَلِ إنما أَراد مُؤْتَلي فحوّل الهمزة عيْناً يقال فلانٌ غير مُؤْتَلٍ في الأَمْر وغير مُعْتَلٍ أَي غير مُقَصِّر والمعتلي فرس عقبة بن مُدْلجٍ والمُعَلِّي أَيضاً
( * قوله « والمعلي أيضاً إلخ » هكذا في الأصل والصحاح وكتب عليه في التكملة فقال وقال الجوهري والمعلي بكسر اللام الذي يأتي الحلوبة من قبل يمينها والمعلي أيضاً فرس الاشعر الشاعر وفرس الأشعر المعلى بفتح اللام ) اسم فَرَسِ الأَشْعرِ الشاعر وعَلْوَى اسم فَرَس سُلَيكٍ وعَلْوَى اسم فرس خُفَاف بن نُدْبة وهي التي يقول فيها وَقَفْتُ له عَلْوَى وقد خامَ صُحْبَتِي لأَبْنيَ مَجْداً أَو لأَثْأَرَ هالِكا وقيل عَلْوَى فَرَس خُفافِ بن عُمَيْر قال الأَزهري وعَلْوى اسم فرس كانت من سَوابق خَيْل العَرَب

( عمي ) العَمَى ذهابُ البَصَر كُلِّه وفي الأزهري من العَيْنَيْن كِلْتَيْهِما عَمِيَ يَعْمَى عَمًى فهو أَعْمَى واعمايَ يَعْمايُ
( * وقد تشدد الياء كما في القاموس )
اعْمِياءَ وأَرادوا حَذْوَ ادْهامَّ يَدْهامُّ ادْهِيماماً فأَخْرَجُوه على لفْظٍ صحيح وكان في الأصل ادْهامَمَ فأَدْغَمُوا لاجْتماع المِيمَين فَلما بَنَوا اعْمايَا على أَصل ادهامَمَ اعتمدت الياءُ الأَخيرة على فَتْحَةِ الياء الأُولى فصارت أَلِفاً فلما اختلفا لم يكن للإدْغامِ فيها مَساغٌ كمساغِه في المِيمين ولذلك لم يَقولوا اعمايَّ فلان غير مستعمل وتَعَمَّى في مَعْنى عَمِيَ وأَنشد الأخْفَش صَرَفْتَ ولم نَصْرِف أَواناً وبادَرَتْ نُهاكَ دُموعُ العَيْنِ حَتَّى تَعَمَّت وهو أَعْمَى وعَمٍ والأُنثى عَمْياء وعَمِية وأَما عَمْية فَعَلى حدِّ فَخْذٍ في فَخِذٍ خَفَّفُوا مِيم عَمِيَة قال ابن سيده حكاه سيبويه قال الليث رجلٌ أَعْمَى وامْرَأَةٌ عَمْياء ولا يقع هذا النَّعْتُ على العينِ الواحِدَة لأن المعنى يَقَعُ عليهما جميعاً يقال عَمِيتْ عَيْناهُ وامرأتانِ عَمْياوانِ ونساءٌ عَمْياواتٌ وقومٌ عُمْيٌ وتَعامى الرجلُ أَي أَرَى من نفسه ذلك وامْرَأَةٌ عَمِيةٌ عن الصواب وعَمِيَةُ القَلْبِ على فَعِلة وقومٌ عَمُون وفيهم عَمِيَّتُهم أَي جَهْلُهُم والنِّسْبَة إلى أَعْمَى أَعْمَويٌّ وإلى عَمٍ عَمَوِيٌّ وقال الله عز وجل ومَن كان في هذه أَعْمَى فهُو في الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً قال الفراء عَدَّدَ الله نِعَم الدُّنْيا على المُخاطَبين ثم قال من كان في هذه أَعْمَى يَعْني في نِعَم الدُّنْيا التي اقْتَصَصْناها علَيكم فهو في نِعَمِ الآخرة أَعْمَى وأَضَلُّ سبيلاً قال والعرب إذا قالوا هو أَفْعَلُ مِنْك قالوه في كلِّ فاعل وفعِيلٍ وما لا يُزادُ في فِعْلِه شيءٌ على ثَلاثة أَحْرُفٍ فإذا كان على فَعْلَلْت مثل زَخْرَفْت أَو على افْعَلَلت مثل احْمَرَرْت لم يقولوا هو أَفْعَلُ منكَ حتى يقولوا هو أَشدُّ حُمْرَةً منك وأَحسن زَخْرفةً منك قال وإنما جازَ في العَمَى لأنه لم يُرَدْ به عَمَى العَيْنَينِ إنما أُرِيد والله أَعلم عَمَى القَلْب فيقال فلانٌ أَعْمَى من فلان في القَلْبِ ولا يقال هو أَعْمَى منه في العَيْن وذلك أَنه لمَّا جاء على مذهب أَحَمَر وحَمْراءَ تُرِك فيه أَفْعَلُ منه كما تُرِكَ في كَثيرٍ قال وقد تَلْقى بعض النحويين يقولُ أُجِيزُه في الأَعْمَى والأَعْشَى والأَعْرَج والأَزْرَق لأَنَّا قد نَقُول عَمِيَ وزَرِقَ وعَشِيَ وعَرِجَ ولا نقول حَمِرَ ولا بَيضَ ولا صَفِرَ قال الفراء ليس بشيء إنما يُنْظر في هذا إلى ما كان لصاحبِهِ فِعْلٌ يقلُّ أَو يكثُر فيكون أَفْعَلُ دليلاً على قِلَّةِ الشيء وكَثْرَتِه أَلا تَرَى أَنك تقولُ فلان أَقْوَمُ من فلانٍ وأََجْمَل لأَنَّ قيام ذا يزيدُ على قيام ذا وجَمالَهُ يزيدُ على جَمالِه ولا تقول للأَعْمَيَيْن هذا أَعْمَى من ذا ولا لِمَيِّتَيْن هذا أَمْوتُ من ذا فإن جاء شيءٌ منه في شعر فهو شاذٌّ كقوله أَمَّا المُلوك فأَنت اليومَ أَلأَمُهُمْ لُؤْماً وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ وقولهم ما أَعْماهُ إنما يُراد به ما أَعْمَى قَلْبَه لأَنَّ ذلك ينسبُ إليه الكثيرُ الضلالِ ولا يقال في عَمَى العيونِ ما أَعْماه لأَنَّ ما لا يَتزَيَّد لا يُتَعَجَّب منه وقال الفراء في قوله تعالى وهُوَ عَلَيْهِم عَمًى أُولئك يُنادَوْنَ من مكانٍ بَعيدٍ قرأَها ابنُ عباس رضي الله عنه عَمٍ وقال أَبو معاذ النحويّ من قرأَ وهُو علَيهم عَمًى فهو مصدرٌ يقا هذا الأمرُ عَمًى وهذه الأُمورُ عَمًى لأَنه مصدر كقولك هذه الأُمور شُبْهَةٌ ورِيبةٌ قال ومن قرأَ عَمٍ فهو نَعْتٌ تقول أَمرٌ عَمٍ وأُمورٌ عَمِيَةٌ ورجل عَمٍ في أَمرِه لا يُبْصِره ورجل أَعْمَى في البصر وقال الكُمَيت أَلا هَلْ عَمٍ في رَأْيِه مُتَأَمِّلُ ومثله قول زهير ولكِنَّني عَنْ عِلْمِ ما في غَدٍ عَمٍ والعامِي الذي لا يُبْصرُ طَريقَه وأَنشد لا تَأْتِيَنِّي تَبْتَغِي لِينَ جانِبي بِرَأْسِك نَحْوي عامِيًا مُتَعاشِيَا قال ابن سيده وأَعْماه وعَمَّاهُ صَيَّره أَعْمَى قال ساعدة بنُ جُؤيَّة وعَمَّى علَيهِ المَوْتُ يأْتي طَريقَهُ سِنانٌ كعَسْراء العُقابِ ومِنْهَب
( * قوله « و

عمى
الموت إلخ » برفع الموت فاعلاً كما في الاصول هنا وتقدم لنا ضبطه في مادة عسر بالنصب والصواب ما هنا وقوله ويروى وعمى عليه الموت بابي طريقه يعني عينيه إلخ هكذا في الأصل والمحكم هنا وتقدم لنا في مادة عسر أيضاً ويروى يأبى طريقه يعني عيينة والصواب ما هنا )
يعني بالموت السنانَ فهو إذاً بدلٌ من الموت ويروى وعَمَّى عليه الموت بابَيْ طَريقه يعني عَيْنَيْه ورجل عَمٍ إذا كان أَعْمَى القَلْبِ ورجل عَمِي القَلْب أَي جاهلٌ والعَمَى ذهابُ نَظَرِ القَلْبِ والفِعْلُ كالفِعْلِ والصِّفةُ كالصّفةِ إلاَّ أَنه لا يُبْنَى فِعْلُه على افْعالَّ لأَنه ليس بمَحسوسٍ وإنما هو على المَثَل وافْعالَّ إنما هو للمَحْسوس في اللَّوْنِ والعاهَةِ وقوله تعالى وما يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصير ولا الظُّلُماتُ ولا النُّورُ ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ قال الزجاج هذا مَثَل ضَرَبه اللهُ للمؤمنين والكافرين والمعنى وما يَسْتَوي الأَعْمَى عن الحَق وهو الكافِر والبَصِير وهو المؤمن الذي يُبْصِر رُشْدَهُ ولا الظُّلماتُ ولا النورُ الظُّلماتُ الضلالات والنورُ الهُدَى ولا الظلُّ ولا الحَرورُ أَي لا يَسْتَوي أَصحابُ الحَقِّ الذينَ هم في ظلٍّ من الحَقّ ولا أَصحابُ الباطِلِ الذين هم في حَرٍّ دائمٍ وقول الشاعر وثلاثٍ بينَ اثْنَتَينِ بها يُرْ سلُ أَعْمَى بما يَكيِدُ بَصيرَا يعني القِدْحَ وجَعَله أَعْمى لأَنه لا بَصَرَ لَهُ وجعله بصيراً لأَنه يُصَوِّب إلى حيثُ يَقْصد به الرَّامِي وتَعامَى أَظْهَر العَمَى يكون في العَين والقَلب وقوله تعالى ونَحشُرُه يومَ القيامة أَعْمَى قيلٍ هو مثْلُ قوله ونحشرُ المُجْرِمِينَ يومئذٍ زُرْقًا وقيل أَعْمَى عن حُجَّته وتأْويلُه أَنَّه لا حُجَّة له يَهْتَدي إلَيْها لأَنه ليس للناس على الله حجةٌ بعد الرسُل وقد بَشَّر وأَنْذَر ووَعَد وأَوْعَد وروي عن مجاهد في قوله تعالى قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وقد كُنْتُ بصيراً قال أَعْمَى عن الحُجَّة وقد كنتُ بصيراً بها وقال نَفْطَوَيْه يقال عَمِيَ فلانٌ عن رُشْدِه وعَمِيَ عليه طَريقُه إذا لم يَهْتَدِ لِطَرِيقه ورجلٌ عمٍ وقومٌ عَمُونَ قال وكُلَّما ذكرَ الله جل وعز العَمَى في كتابه فَذَمَّه يريدُ عَمَى القَلْبِ قال تعالى فإنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى القُلوبُ التي في الصدورِ وقوله تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ هو على المَثَل جَعَلهم في ترك العَمَل بما يُبْصِرُون ووَعْي ما يَسْمعُون بمنزلة المَوْتى لأَن ما بَيّن من قدرتِه وصَنعته التي يَعْجز عنها المخلوقون دليلٌ على وحدانِيَّته والأعْمِيانِ السَّيْلُ والجَمَل الهائِجُ وقيل السَّيْلُ والحَرِيقُ كِلاهُما عن يَعقوب قال الأَزهري والأَعْمَى الليلُ والأَعْمَى السَّيْلُ وهما الأَبهمانِ أَيضاً بالباء للسَّيْلِ والليلِ وفي الحديث نَعُوذُ بالله مِنَ الأَعْمَيَيْن هما السَّيْلُ والحَريق لما يُصيبُ من يُصيبانِهِ من الحَيْرَة في أَمرِه أَو لأَنهما إذا حَدَثا ووَقَعا لا يُبْقِيان موضِعاً ولا يَتَجَنَّبانِ شيئاً كالأَعْمَى الذي لا يَدْرِي أَينَ يَسْلك فهو يَمشِي حيث أَدَّته رجْلُه وأَنشد ابن بري ولما رَأَيْتُك تَنْسَى الذِّمامَ ولا قَدْرَ عِنْدَكَ للمُعْدِمِ وتَجْفُو الشَّرِيفَ إذا ما أُخِلَّ وتُدْنِي الدَّنيَّ على الدِّرْهَمِ وَهَبْتُ إخاءَكَ للأَعْمَيَيْن وللأَثْرَمَيْنِ ولَمْ أَظْلِمِ أُخِلَّ من الخَلَّة وهي الحاجة والأَعْمَيانِ السَّيْل والنارُ والأَثْرَمان الدهْرُ والموتُ والعَمْيَاءُ والعَمَايَة والعُمِيَّة والعَمِيَّة كلُّه الغَوايةُ واللَّجاجة في الباطل والعُمِّيَّةُ والعِمِّيَّةُ الكِبرُ من ذلك وفي حديث أُم مَعْبَدٍ تَسَفَّهُوا عَمايَتَهُمْ العَمايةُ الضَّلالُ وهي فَعالَة من العَمَى وحكى اللحياني تَرَكْتُهم في عُمِّيَّة وعِمِّيَّة وهو من العَمَى وقَتيلُ عِمِّيَّا أَي لم يُدْرَ من قَتَلَه وفي الحديث مَنْ قاتَلَ تحتَ راية عِمِّيَّة يَغْضَبُ لعَصَبَةٍ أَو يَنْصُرُ عَصَبَةً أَو يَدْعو إلى عَصَبَة فقُتِلَ قُتِلَ قِتْلَةً جاهلِيَّةً هو فِعِّيلَةٌ من العَماء الضَّلالِة كالقتالِ في العَصَبِيّةِ والأَهْواءِ وحكى بعضُهم فيها ضَمَّ العَيْن وسُئل أَحْمدُ بن حَنْبَل عَمَّنْ قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ قال الأَمرُ الأَعْمَى للعَصَبِيَّة لا تَسْتَبِينُ ما وجْهُه قال أَبو إسحق إنما مَعنى هذا في تَحارُبِ القَوْمِ وقتل بعضهم بعضاً يقول مَنْ قُتِلَ فيها كان هالكاً قال أَبو زيد العِمِّيَّة الدَّعْوة العَمْياءُ فَقَتِيلُها في النار وقال أَبو العلاء العَصَبة بنُو العَمِّ والعَصَبيَّة أُخِذَتْ من العَصَبة وقيل العِمِّيَّة الفِتْنة وقيل الضَّلالة وقال الراعي كما يَذُودُ أَخُو العِمِّيَّة النَّجدُ يعني صاحبَ فِتْنَةٍ ومنه حديث الزُّبَير لئلا يموتَ مِيتَةَ عِمِّيَّةٍ أَي مِيتَةَ فِتْنَةٍ وجَهالَةٍ وفي الحديث من قُتِلَ في عِمِّيّاً في رَمْيٍ يكون بينهم فهوخطأٌ وفي رواية في عِمِّيَّةٍ في رِمِّيًّا تكون بينهم بالحجارة فهو خَطَأٌ العِمِّيَّا بالكسر والتشديد والقصر فِعِّيلى من العَمَى كالرِّمِّيَّا من الرَّمْي والخِصِّيصَى من التَّخَصُّصِ وهي مصادر والمعنى أَن يوجَدَ بينهم قَتِيلٌ يَعْمَى أَمرُه ولا يَبِينُ قاتِلُه فحكمُه حكْمُ قتيلِ الخَطَإ تجب فيه الدِّية وفي الحديث الآخر يَنزُو الشيطانُ بينَ الناس فيكون دَماً في عَمياء في غَير ضَغِينَة أَي في جَهالَةٍ من غير حِقْدٍ وعَداوة والعَمْياءُ تأْنيثُ الأَعْمَى يُريدُ بها الضلالة والجَهالة والعماية الجهالة بالشيء ومنه قوله تَجَلَّتْ عماياتُ الرِّجالِ عن الصِّبَا وعَمايَة الجاهِلَّيةِ جَهالَتها والأعماءُ المَجاهِلُ يجوز أن يكون واحدُها عَمىٌ وأَعْماءٌ عامِيَةٌ على المُبالَغة قال رؤبة وبَلَدٍ عَامِيةٍ أَعْماؤهُ كأَنَّ لَوْنَ أَرْضِه سَماؤُهُ يريد ورُبَّ بَلَد وقوله عامية أَعْماؤُه أَراد مُتَناهِية في العَمَى على حدِّ قولِهم ليلٌ لائلٌ فكأَنه قال أَعْماؤُه عامِيَةٌ فقدَّم وأَخَّر وقلَّما يأْتون بهذا الضرب من المُبالَغ به إلا تابعاً لِما قَبْلَه كقولهم شغْلٌ شاغلٌ وليلٌ لائلٌ لكنه اضْطُرَّ إلى ذلك فقدَّم وأَخَّر قال الأَزهري عامِيَة دارِسة وأَعْماؤُه مَجاهِلُه بَلَدٌ مَجْهَلٌ وعَمًى لا يُهْتدى فيه والمَعامِي الأَرَضُون المجهولة والواحدة مَعْمِيَةٌ قال ولم أَسْمَعْ لها بواحدةٍ والمعامِي من الأَرَضين الأَغْفالُ التي ليس بها أَثَرُ عِمارَةٍ وهي الأَعْماءُ أَيضاً وفي الحديث إنَّ لنا المَعامِيَ يُريدُ الأَراضِيَ المجهولة الأَغْفالَ التي ليس بها أَثَرُ عِمارةٍ واحدُها مَعْمًى وهو موضِع العَمَى كالمَجْهَلِ وأَرْضٌ عَمْياءُ وعامِيةٌ ومكانٌ أَعْمَى لا يُهْتَدَى فيه قال وأَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي وماءٍ صَرىً عافِي الثَّنايا كأَنَّه من الأَجْنِ أَبْوالُ المَخاضِ الضوارِبِ عَمٍ شَرَكَ الأَقْطارِ بَيْني وبَيْنَه مَرَارِيُّ مَخْشِيّ به المَوتُ ناضِب قال ابن الأَعرابي عَمٍ شَرَك كما يقال عَمٍ طَريقاً وعَمٍ مَسْلَكاً يُريدُ الطريقَ ليس بيّن الأَثَر وأَما الذي في حديث سلمان سُئِلَ ما يَجِلُّ لنا من ذمّتِنا ؟ فقال من عَماك إلى هُداكَ أَي إذا ضَلَلْتَ طريقاً أَخَذْتَ منهم رجُلاً حتى يَقِفَكَ على الطريق وإنما رَخّص سَلْمانُ في ذلك لأَنَّ أَهلَ الذمَّة كانوا صُولِحُوا على ذلك وشُرِطَ عليهم فأَما إذا لم يُشْرَط فلا يجوزُ إلاَّ بالأُجْرَة وقوله من ذِمَّتِنا أَي من أَهلِ ذِمَّتِنا ويقال لقيته في عَمايَةِ الصُّبحِ أَي في ظلمته قبل أن أَتَبَيَّنَه وفي حديث أَبي ذرّ أَنه كان يُغِيرُ على الصِّرْمِ في عَمايةِ الصُّبْحِ أَي في بقيَّة ظُلمة الليلِ ولقِيتُه صَكَّةَ عُمَيٍّ وصَكَّةَ أَعْمَى أَي في أَشدَّ الهاجِرَةِ حَرّاً وذلك أَن الظَّبْيَ إذا اشتَدَّ عليه الحرُّ طَلَبَ الكِناسَ وقد بَرَقَتْ عينُه من بياضِ الشمسِ ولَمعانِها فيَسْدَرُ بصرُه حتى يَصُكَّ بنفسِه الكِناسَ لا يُبْصِرُه وقيل هو أَشدُّ الهاجرة حرّاً وقيل حين كادَ الحَرُّ يُعْمِي مِن شدَّتِه ولا يقال في البرْد وقيل حين يقومُ قائِمُ الظَّهِيرة وقيل نصف النهار في شدَّة الحرّ وقيل عُمَيٌّ الحَرُّ بعينه وقيل عُمَيٌّ رجلٌ من عَدْوانَ كان يُفتي في الحجِّ فأَقبل مُعْتَمِرًا ومعه ركبٌ حتى نَزَلُوا بعضَ المنازل في يومٍ شديدِ الحَرِّ فقال عُمَيٌّ من جاءتْ عليه هذه الساعةُ من غَدٍ وهو حرامٌ لم يَقْضِ عُمْرَتَه فهو حرامٌ إلى قابِلٍ فوثَبَ الناسُ يَضْرِبون حتى وافَوُا البيتَ وبَينهم وبَينَه من ذلك الموضِع ليلتانِ جوادان فضُرِبَ مَثلاً وقال الأزهري هو عُمَيٌّ كأَنه تصغيرُ أَعْمى قال وأَنشد ابن الأعرابي صَكَّ بها عَيْنَ الظَّهِيرة غائِراً عُمَيٌّ ولم يُنْعَلْنَ إلاّ ظِلالَها وفي الحديث نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة نصفَ النهار إذا قام قائم الظهيرة صَكَّةَ عُمَيٌّ قال وعُمَيٍّ تصغير أَعْمى على التَّرْخيم ولا يقال ذلك إلا في حَمارَّة القَيْظِ والإنسان إذا خَرَج نصفَ النهارِ في أَشدّ الحرِّ لم يَتَهَيّأْ له أَن يَمْلأَ عينيه من عَين الشمس فأَرادُوا أَنه يصيرُ كالأَعْمَى ويقال هو اسم رجلٍ من العَمالِقةِ أَغارَ على قومٍ ظُهْراً فاسْتَأْصَلَهم فنُسِبَ الوقتُ إِليه وقولُ الشاعر يَحْسَبُه الجاهِلُ ما كان عَمَى شَيْخاً على كُرْسِيِّهِ مُعَمَّمَا أَي إِذا نظَرَ إِليه من بعيد فكأَنَّ العَمَى هنا البُعْد يصف وَطْبَ اللَّبن يقول إِذا رآه الجاهلُ من بُعْدٍ ظَنَّه شيخاً معَمَّماً لبياضه والعَماءُ ممدودٌ السحابُ المُرْتَفِعُ وقيل الكثِيفُ قال أَبو زيد هو شِبهُ الدُّخانِ يركب رُؤوس الجبال قال ابن بري شاهِدُه قولُ حميدِ بن ثورٍ فإِذا احْزَأَلا في المُناخِ رأَيتَه كالطَّوْدِ أَفْرَدَه العَماءُ المُمْطِرُ وقال الفرزدق ووَفْراء لم تُخْرَزْ بسَيرٍ وكِيعَة غَدَوْتُ بها طبّاً يَدِي بِرِشائِها ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيّاً جُلودُه كنَجْمِ الثُّرَيَّا أَسْفَرَتْ من عَمائِها ويروى إِذْ بَدَتْ من عَمائها وقال ابن سيده العَماء الغَيْمُ الكثِيفُ المُمْطِرُ وقيل هو الرقِيقُ وقيل هو الأَسودُ وقال أَبو عبيد هو الأَبيض وقيل هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّعَ الجِفَالِ واحدتُه عماءةٌ وفي حديث أَبي رَزين العُقَيْلي أَنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أَين كان ربُّنا قبلَ أَن يخلق السمواتِ والأَرضَ ؟ قال في عَماءٍ تَحْتَه هَواءٌ وفَوْقَه هَواءٌ قال أَبو عبيد العَماء في كلام العرب السحاب قاله الأَصمعي وغيرُه وهو ممدودٌ وقال الحرث بن حِلِّزَة وكأَنَّ المنون تَرْدِي بنا أَعْ صم صمٍّ يَنْجابُ عنه العَماءُ يقول هو في ارتفاعه قد بلَغ السحابَ فالسحابُ يَنْجابُ عنه أَي ينكشف قال أَبو عبيد وإِنما تأَوَّلْنا هذا الحديث على كلام العرب المَعْقُول عنهم ولا نَدْري كيف كان ذلك العَماءُ قال وأَما العَمَى في البَصَر فمقصور وليس هو من هذا الحديث في شيء قال الأَزهري وقد بلَغَني عن أَبي الهيثم ولم يعْزُه إِليه ثقةٌ أَنه قال في تفسير هذا الحديث ولفظِه إِنه كان في عمًى مقصورٌ قال وكلُّ أَمرٍ لا تدرِكه القلوبُ بالعُقولِ فهو عَمًى قال والمعنى أَنه كان حيث لا تدْرِكه عقولُ بني آدمَ ولا يَبْلُغُ كنهَه وصْفٌ قال الأَزهري والقولُ عندي ما قاله أَبو عبيد أَنه العَماءُ ممدودٌ وهو السحابُ ولا يُدْرى كيف ذلك العَماء بصفةٍ تَحْصُرُه ولا نَعْتٍ يحدُّه ويُقَوِّى هذا القولَ قولُه تعالى هل يَنْظُرون إِلا أَن يأْتِيَهُم الله في ظُلَلٍ من الغَمام والملائكة والغَمام معروفٌ في كلام العرب إِلا أَنَّا لا ندْري كيف الغَمامُ الذي يأْتي الله عز وجل يومَ القيامة في ظُلَلٍ منه فنحن نُؤْمن به ولا نُكَيِّفُ صِفَتَه وكذلك سائرُ صِفاتِ الله عز وجل وقال ابن الأَثير معنى قوله في عَمًى مقصورٌ ليسَ مَعَه شيءٌ قال ولا بد في قوله أَين كان ربنا من مضاف محذوف كما حزف في قوله تعالى هل ينظرون إِلا أَن يأْتيهم الله ونحوه فيكون التقدير أَين كان عرش ربّنا ويدلّ عليه قوله تعالى وكانَ عرْشُه على الماء والعَمايَةُ والعَماءَة السحابَةُ الكثِيفة المُطْبِقَةُ قال وقال بعضهم هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّع الجَفْل
( * قوله « هو الذي إلخ » اعاد الضمير إلى السحاب المنويّ لا إلى السحابة )
والعربُ تقولُ أَشدُّ بردِ الشِّتاء شَمالٌ جِرْبِياء في غبِّ سَماء تحتَ ظِلِّ عَماء قال ويقولون للقِطْعة الكَثِيفة عَماءةٌ قال وبعضٌ ينكرُ ذلك ويجعلُ العماءَ اسْماً جامعاً وفي حديث الصَّوْم فإِنْ عُمِّيَ عَلَيكُمْ هكذا جاء في رواية قيل هو من العَمَاء السَّحابِ الرقِيقِ أَي حالَ دونَه ما أَعْمى الأَبْصارَ عن رُؤيَتِه وعَمَى الشيءُ عَمْياً سالَ وعَمى الماءُ يَعْمِي إِذا سالَ وهَمى يَهْمِي مثله قال الأَزهري وأَنشد المنذري فيما أَقرأَني لأَبي العباس عن ابن الأَعرابي وغَبْراءَ مَعْمِيٍّ بها الآلُ لم يَبِنْ بها مِنْ ثَنَايا المَنْهَلَيْنِ طَريقُ قال عَمَى يَعْمي إِذا سالَ يقول سالَ عليها الآلُ ويقال عمَيْتُ إِلى كذا وكذا أَعْمِي عَمَياناً وعطِشْت عَطَشاناً إِذا ذَهَبْتَ إِليه لا تُريدُ غيره غيرَ أَنَّك تَؤُمُّه على الإِبْصار والظلْمة عَمَى يَعْمِي وعَمَى الموجُ بالفتح يَعْمِي عَمْياً إِذا رَمى بالقَذى والزَّبَدِ ودَفَعَه وقال الليث العَمْيُ على مِثالِ الرَّمْي رفعُ الأَمْواج القَذَى والزَّبَد في أَعالِيها وأَنشد رَها زَبَداً يَعْمي به المَوْجُ طامِيا وعَمى البَعِيرُ بلُغامه عَمْياً هَدَرَ فرمَى به أَيّاً كان وقيل رَمى به على هامَته وقال المؤرج رجلٌ عامٍ رامٍ وعَماني بكذا وكذا رماني من التُّهَمَة قال وعَمى النَّبْتُ يَعْمِي واعْتَمَّ واعْتَمى ثلاثُ لغاتٍ واعْتَمى الشيءَ اخْتاره والاسم العِمْيَة قال أَبو سعيد اعْتَمَيْتُه اعْتِماءً أَي قَصَدته وقال غيره اعْتَمَيته اختَرْته وهو قَلب الاعْتِيامِ وكذلك اعتَمْته والعرب تقول عَمَا واللهِ وأَمَا واللهِ وهَمَا والله يُبْدِلون من الهمزة العينَ مرَّة والهاءَ أُخْرى ومنهم من يقول غَمَا والله بالغين المعجمة والعَمْو الضلالُ والجمع أَعْماءٌ وعَمِيَ عليه الأَمْرُ الْتَبَس ومنه قوله تعالى فعَمِيَتْ عليهمُ الأَنباء يومئذٍ والتَّعْمِيَةُ أَنْ تُعَمِّيَ على الإِنْسانِ شيئاً فتُلَبِّسَه عليه تَلْبِيساً وفي حديث الهجرة لأُعَمِّيَنَّ على مَنْ وَرائي من التَّعْمِية والإِخْفاء والتَّلْبِيسِ حتى لا يَتبعَكُما أَحدٌ وعَمَّيتُ معنى البيت تَعْمِية ومنه المُعَمَّى من الشِّعْر وقُرئَ فعُمِّيَتْ عليهم بالتشديد أَبو زيد تَرَكْناهُم عُمَّى إِذا أَشْرَفُوا على الموت قال الأَزهري وقرأْت بخط أَبي الهيثم في قول الفرزدق غَلَبْتُك بالمُفَقِّئ والمُعَمَّى وبَيْتِ المُحْتَبي والخافِقاتِ قال فَخَر الفرزدق في هذا البيت على جرير لأَن العرب كانت إِذا كان لأَحَدهم أَلفُ بعير فقأَ عينَ بعيرٍ منها فإِذا تمت أَلفان عَمَّاه وأَعْماه فافتخر عليه بكثرة ماله قال والخافقات الرايات ابن الأَعرابي عَمَا يَعْمو إِذا خَضَع وذَلَّ ومنه حديث ابنِ عُمر مَثَلُ المُنافق مَثَلُ الشاةِ بينَ الرَّبيضَيْنِ تَعْمُو مَرَّةً إِلى هذه ومَرَّةً إِلى هذه يريد أَنها كانت تَمِيلُ إِلى هذه وإِلى هذه قال والأَعرف تَعْنُو التفسير للهَرَويِّ في الغريبَين قال ومنه قوله تعالى مُذَبْذَبينَ بينَ ذلك والعَمَا الطُّولُ يقال ما أَحْسَنَ عَما هذا الرجُلِ أَي طُولَه وقال أَبو العباس سأَلتُ ابنَ الأَعرابي عنه فعَرَفه وقال الأَعْماءُ الطِّوال منَ الناسِ وعَمايَةُ جَبَلٌ من جبال هُذَيْلٍ وعَمايَتانِ جَبَلان معروفان

عنا
قال الله تعالى وعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيِّ القَيُّوم قال الفراء عَنَتِ الوُجوهُ نَصِبَتْ له وعَمِلتْ له وذكر أَيضاً أَنه وضْعُ المُسْلِمِ يَدَيْه وجَبْهَته وركْبَتَيْه إِذا سَجَد ورَكَع وهو في معنى العَرَبيَّة أَن تقول للرجل عَنَوْتُ لَكَ خَضَعْت لك وأَطَعْتُك وعَنَوْتُ للْحَقِّ عُنُوّاً خَضَعْت قال ابن سيده وقيل كلُّ خاضِعٍ لِحَقٍّ أَو غيرِه عانٍ والاسم من كلّ ذلك العَنْوة والعَنْوة القَهْرُ وأَخَذْتُه عَنْوةً أَي قَسْراً وقَهْراً من باب أَتَيْته عَدْواً قال ابن سيده ولا يَطَّرِدُ عندَ سيبويه وقيل أَخَذَه عَنْوة أَي عن طَاعَة وعن غيرِ طاعَةٍ وفُتِحَتْ هذه البلدةُ عَنْوةً أَي فُتِحَت بالقتال قُوتِل أَهلُها حتى غُلِبوا عليها وفُتِحَت البلدةُ الأُخرى صُلْحاً أَي لم يُغْلبوا ولكن صُولِحُوا على خَرْج يؤدُّنه وفي حديث الفتح أَنه دَخَل مَكَّة عَنْوَةً أَي قَهْراً وغَلَبةً قال ابن الأَثير هو من عَنا يَعْنُو إِذا ذلَّ وخَضَع والعَنْوَة المَرَّة منه كأَنَّ المأْخُوذَ بها يَخْضَع ويَذلُّ وأُخِذَتِ البلادُ عَنْوَةً بالقَهْرِ والإِذْلالِ ابن الأَعرابي عَنا يَعْنُو إِذا أَخَذَ الشيءَ قَهْراً وعَنَا يَعْنُو عَنْوَةً فيهما إِذا أَخَذَ الشيءَ صُلْحاً بإكْرام ورِفْقٍ والعَنْوة أَيضاً الموَدَّة قال الأَزهري قولهم أَخَذْتُ الشيءَ عَنْوةً يكون غَلَبَةً ويكون عن تَسْلِيمٍ وطاعة ممن يؤْخَذُ منه الشيء وأَنشد الفراء لكُثَيِّر فما أَخَذُوها عَنْوةً عن مَوَدَّة ولكِنَّ ضَرْبَ المَشْرَفيِّ اسْتَقالهَا فهذا على معنى التَّسْلِيم والطَّاعَة بلا قِتالٍ وقال الأَخْفش في قوله تعالى وْعَنَتِ الوُجوهُ اسْتَأْسَرَتْ قال والعاني الأَسِيرُ وقال أَبو الهيثم العاني الخاضِعُ والعاني العَبْدُ والعاني السائِلُ من ماءٍ أَوْ دَمٍ يقال عَنَت القِرْبة تَعْنُو إِذا سالَ ماؤُها وفي المحكم وعَنَتِ القِرْبَةُ بماءٍ كَثِيرٍ تَعْنُو لم تَحْفَظْه فظهر قال المُتَنَخِّل الهُذَلي تَعْنُو بمَخْرُوتٍ له ناضحٌ ذُو رَيِّقٍ يَغْذُو وذُو شَلْشَل ويروى قاطِر بدَلَ ناضِحٍ قال شمر تعْنُو تَسِيلُ بمَخْرُوتٍ أَي من شَقّ مَخْرُوتٍ والخَرْتُ الشَّقُّ في الشِّنَّة والمَخْرُوتُ المَشْقُوقُ رَوَّاه ذُو شَلْشَلٍ قال الأَزهري معناه ذو قَطَرانٍ من الواشن وهو القاطِرُ ويروى ذو رَوْنَقٍ ودَمٌ عانٍ سائِلٌ قال لمَّا رأَتْ أُمُّه بالبابِ مُهْرَتَه على يَدَيْها دَمٌ من رَأْسِه عانِ وعَنَوْت فيهم وعَنَيْت عُنُوّاً وعَناءً صرتُ أَسيراً وأَعْنَيْته أَسَرْته وقال أَبو الهيثم العَناء الحَبْس في شدة وذُلٍّ يقال عَنا الرجُلُ يَعْنُو عُنُوّاً وعَناءً إِذا ذلَّ لك واسْتَأْسَرَ قال وعَنَّيْتُه أُعَنّيه تَعْنِيَةً إِذا أَسَرْتَه وحَبَسْته مُضَيِّقاً عليه وفي الحديث اتَّقُوا اللهَ في النِّساء فإِنَّهُنَّ عندكم عَوانٍ أَي أَسْرى أَو كالأَسْرَى واحدة العَواني عانِيَةٌ وهي الأَسيرة يقول إنما هُنَّ عندكم بمنزلة الأَسْرى قال ابن سيده والعَواني النساءُ لأَنَّهُنَّ يُظْلَمْنَ فلا يَنْتَصِرْنَ وفي حديث المِقْدامِ الخالُ وارِثُ منْ لا وارِثَ له يَفُكُّ عانَه أَي عانِيَه فحذَف الياء وفي رواية يَفُكُّ عُنِيَّه بضم العين وتشديد الياء يقال عَنَا يَعْنُو عُنُوّاً وعُنِيّاً ومعنى الأَسر في هذا الحديث ما يَلْزَمهُ ويتعلق به بسبب الجنايات التي سَبيلُها أَن يَتَحَمَّلَها العاقلَة هذا عند من يُوَرِّث الخالَ ومن لا يُوَرِّثه يكونُ معناه أَنها طُعْمَة يُطْعَمُها الخالُ لا أَن يكون وارثاً ورجلٌ عانٍ وقوم عُناة ونِسْوَةٌ عَوانٍ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم عُودُوا المَرْضى وفُكُّوا العانيَ يعني الأسيرَ وفي حديث آخر أَطْعِموا الجائِعَ وفُكُّوا العانيَ قال ولا أُراه مأْخُوذاً إِلا من الذُّلِّ والخُضُوع وكلُّ مَن ذَلَّ واسْتَكان وخَضَع فقد عَنَا والاسم منه العَنْوَة قال القُطاميّ ونَأَتْ بحاجَتِنا ورُبَّتَ عَنْوَةٍ لكَ مِنْ مَواعِدِها التي لم تَصْدُقِ الليث يقال للأَسِير عَنَا يَعْنُو وعَنِيَ يَعْنى قال وإِذا قلت أَعْنُوه فمعناه أَبْقُوه في الإِسار قال الجوهري يقال عَنى فيهم فلانٌ أَسيراً أَي أَقامَ فيهم على إِسارِه واحْتَبسَ وعَنَّاه غيرُه تَعْنِيةً حَبَسه والتَّعْنِية الحَبس قال أَبو ذؤيب مُشَعْشَعة من أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بها رِكابٌ وعَنَّتْها الزِّقاقُ وَقارُها وقال ساعدة بن جُؤيَّة فإن يَكُ عَتَّابٌ أَصابَ بِسَهْمِه حَشاه فعَنَّاه الجَوَى والمَحارِفُ دَعا عليه بالحَبْسِ والثِّقَلِ من الجِراحِ وفي حديث عليّ كرم الله وجهه أَنه كان يُحَرِّضُ أَصحابَه يومَ صِفِّينَ ويقولُ اسْتَشْعِرُوا الخَشْيَةَ وعَنُّوا بالأَصْواتِ أَي احْبِسُوها وأَخْفُوها من التَّعْنِية الحَبْسِ والأَسْرِ كأَنه نَهاهُمْ عن اللَّغَط ورفْعِ الأَصواتِ والأَعْناء الأَخْلاطُ من الناس خاصَّة وقيل من الناس وغيرهم واحدُها عِنْوٌ وعَنَى فيه الأَكْلُ يَعْنَى شاذَّةٌ نَجَعَ لم يَحكِها غيرُ أَبي عبيد قال ابن سيده حكمنا علَيها أَنَّها يائيَّة لأَنَّ انْقِلاب الأَلف لاماً عن الياء أَكثرُ من انقلابها عن الواو الفراء ما يَعْنَى فيه الأَكْلُ أَي ما يَنْجَعُ عَنَى يَعْنَى الفراء شَرِبَ اللبنَ شهراً فلم يَعْنَ فيه كقولك لم يُغْنِ عنه شيئاً وقد عَنِيَ يَعْنَى عُنِيّاً بكسر النون من عَنِيَ ومن أَمثالهم عَنِيَّتُه تَشْفِي الجَرب يضرب مثلاً للرجل إِذا كان جَيِّد الرأْي وأَصل العَنِيَّة فيما روى أَبو عبيد أَبوالُ الإِبل يؤخذ معها أَخلاط فتخلط ثم تُحْبس زماناً في الشمس ثم تعالج بها الإِبل الجَرْبَى سُمِّيت عَنِيَّةً من التَّعْنِيَة وهو الحبس قال ابن سيده والعَنِيَّة على فَعيلَةٍ والتَّعْنِية أَخلاطٌ من بَعَرٍ وبَوْلٍ يُحْبَس مُدَّة ثم يُطْلى به البعير الجَرِبُ قال أَوْسُ بن حجر كأَنَّ كُحَيلاً مُعْقَداً أَو عَنِيَّةً على رَجْعِ ذِفْراها من الليِّتِ واكِفُ وقيل العَنِيَّة أَبوالُ الإِبلِ تُسْتَبالُ في الربيع حين تَجْزَأُ عن الماءِ ثم تُطْبَخ حتى تَخْثُر ثم يُلْقَى عليها من زَهْرِ ضُروبِ العُشْبِ وحبِّ المَحْلَبِ فتُعْقدُ بذلك ثم تُجْعلُ في بساتِيقَ صغارٍ وقيل هو البول يُؤخذُ وأَشْياءَ معه فيُخْلَط ويُحْبَس زمناً وقيل هو البَوْلُ يوضَعُ في الشمس حتى يَخْثُر وقيل العَنِيَّة الهِناءُ ما كان وكله من الخَلْط والحَبْسِ وعَنَّيت البعير تَعْنية طَلَيْته بالعَنِيَّة عن اللحياني أَيضاً والعَنِيَّة أَبوالٌ يُطْبَخ معها شيءٌ من الشجرِ ثم يُهْنَأُ به البعيرُ واحِدُها عِنْو وفي حديث الشَّعبي لأَنْ أَتَعَنَّى بعَنِيَّةٍ أَحَبُّ إِليَّ من أَن أَقولَ في مسأَلة بِرَأْيي العَنِيَّة بولٌ فيه أَخلاطٌ تُطْلَى به الإِبل الجَرْبَى والتَّعَنِّي التَّطَلِّي بها سميت عَنِيَّة لطول الحَبسِ قال الشاعر عندي دَواءُ الأَجْرَبِ المُعَبَّدِ عنِيَّةٌ من قَطِرانٍ مُعْقَدِ وقال ذو الرمة كأَنَّ بذِفْراها عَنِيَّةَ مُجْربٍ لها وَشَلٌ في قُنْفُذِ اللَِّيت يَنْتَح والقُنْفُذُ ما يَعْرَقُ خَلْف أُذُن البعيرِ وأَعْناءُ السماءِ نواحيها الواحدُ عِنْوٌ وأَعْناءُ الوجه جوانِبُه عن ابن الأَعرابي وأَنشد فما بَرِحتْ تَقْرِِيه أَعناءَ وَجْهِها وجَبْهَتها حتى ثَنَته قُرونُها ابن الأَعرابي الأَعناء النَّواحي واحدُها عَناً وهي الأَعْنان أَيضاً قال ابن مقبل لا تُحْرِز المَرْء أَعْناءُ البلادِ ولا تُبْنَى له في السمواتِ السَّلالِيمُ ويروى أَحجاء وأَورد الأَزهري هنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنه سئل عن الإِبل فقال أعْنانُ الشياطِين أَراد أَنها مثلُها كأَنه أَراد أَنها من نَواحِي الشياطين وقال اللحياني يقال فيها أَعْناءٌ من الناس وأَعْراءٌ من الناس واحدهما عِنْوٌ وعِرْوٌ أَي جماعات وقال أَحمد بن يحيى بها أَعْناءٌ من الناس وأَفْناءٌ أَي أَخلاط الواحد عِنْوٌ وفِنْوٌ وهم قومٌ من قبَائِلَ شَتَّى وقال الأَصمعي أَعْناءُ الشيء جَوانِبُه واحدها عِنْوٌ بالكسر وعنَوْت الشيءَ أَبْدَيْته وعَنَوْت به وعَنَوْته أَخْرَجْته وأَظْهَرْته وأَعْنَى الغَيْثُ النَّباتَ كذلك قال عَدِيُّ بنُ زيد ويَأْكُلْنَ ما أَعْنَى الوَلِيُّ فلم يَلِتْ كأَنَّ بِحافاتِ النِّهاءِ المَزارِعَا فَلم يَلِتْ أَي فلم يَنْقُصْ منه شيئاً قال ابن سيده هذه الكلمة واوِيَّة وبائِيَّة وأَعْناه المَطَرُ أَنبَته ولَمْ تَعْنِ بلادُنا العامَ بشيء أَي لم تُنْبِتْ شيئاً والواو لغة الأَزهري يقال للأَرض لم تَعْنُ بشيء أَي لم تُنْبِت شيئاً ولم تَعْنِ بشيء والمعنى واحد كما يقال حَثَوْت عليه التراب وحَثَيْت وقال الأَصمعي سأَلته فلم يَعْنُ لي بشيء كقولك لم يَنْدَ لي بشيء ولم يَبِضَّ لي بشيء وما أَعْنَتِ الأَرضُ شيئاً أَي ما أَنْبَتَت وقال ابن بري في قول عدي ويَأْكُلْنَ ما أَعْنَى الوَلِيُّ قال حذف الضمير العائد على ما أَي ما أَعْناهُ الوَلِيُّ وهو فعل منقول بالهمز وقد يَتَعدَّى بالباء فيقال عَنَتْ به في معنى أَعْنَتْهُ وعليه قول ذي الرمة مما عَنَتْ به وسنذكره عقبها وعَنَت الأَرضُ بالنباتِ تَعْنُو عُنُوّاً وتَعْني أَيضاً وأَعْنَتْهُ أَظْهَرَتْه وْعَنَوْت الشيءَ أَخرجته قال ذو الرمة ولم يَبْقَ بالخَلْصاءِ مِمَّا عَنَتْ به مِن الرُّطْبِ إِلاَّ يُبْسُها وهَجِيرُها وأَنشد بيت المُتَنَخِّل الهُذَلي تَعْنُو بمَخْرُوتٍ له ناضِحٌ وعَنَا النَّبْتُ يَعْنُو إِذا ظهر وأَعْناهُ المَطَرُ إِعْناءً وعَنا الماءُ إِذا سالَ وأَعْنَى الرجلُ إِذا صادَف أَرضاً قد أَمْشَرَتْ وكَثُرَ كَلَؤُها ويقال خُذْ هذا وما عاناه أَي ما شاكَلَه وعَنَا الكلبُ للشيء يَعْنُو أَتاهُ فشَمَّه ابن الأَعرابي هذا يَعْنُو هذا أَي يأْتيه فيَشَمُّه والهُمُومُ تُعاني فلاناً أَي تأْتيه وأَنشد وإِذا تُعانِيني الهُمُومُ قَرَيْتُها سُرُحَ اليَدَيْنِ تُخالِس الخَطَرانا ابن الأَعرابي عَنَيْت بأَمره عِناية وعُنِيّاً وعَناني أَمره سواءٌ في المعنى ومنه قولهم إِيَّاكِ أَعْني واسْمَعي يا جارَهْ ويقال عَنِيتُ وتعَنَّيْت كلٌّ يقال ابن الأَعرابي عَنَا عليه الأَمرُ أَي شَقَّ عليه وأَنشد قول مُزَرِّد وشَقَّ على امْرِئٍ وعَنا عليه تَكاليفُ الذي لَنْ يَسْتَطِيعا ويقال عُنِيَ بالشيء فهو مَعْنِيٌّ به وأَعْنَيْته وعَنَّيْتُه بمعنى واحد وأَنشد ولم أَخْلُ في قَفْرٍ ولم أُوفِ مَرْبَأً يَفاعاً ولم أُعنِ المَطِيَّ النَّواجِيا وعَنَّيْتُه حَبَسْتُه حَبْساً طويلاً وكل حَبْسٍ طويل تَعْنِيَةٌ ومنه قول الوليد بن عقبة قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِمِ المُعَنَّى تُهَدِّرُ في دِمَشْقَ وما تَريمُ قال الجوهري وقيل إن المُعَنَّى في هذا البيت فَحْلٌ لَئيمٌ إِذا هاج حُبِسَ في العُنَّة لأَنه يُرغبُ عن فِحْلتِه ويقال أَصلُه معَنَّن فأُبدِلت من إِحدى النونات ياءٌ قال ابن سيده والمُعَنَّى فَحْلٌ مُقْرِفٌ يُقَمَّط إِذا هاج لأَنه يُرغب عن فِحْلتِه ويقال لَقِيتُ من فلان عَنْيةً وعَنَاءً أَي تَعَباً وعَناهُ الأَمرُ يَعْنيه عِنايةً وعُنِيّاً أَهَمَّه وقوله تعالى لكلِّ امْرئٍ منهم يَوْمئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه وقرئ يعْنيه فمن قرأَ يعْنيه بالعين المهملة فمعناه له شأْن لا يُهِمُّه معه غيرهُ وكذلك شأْن يُغنِيه أَي لا يقدر مع الاهتمام به على الاهتمام بغيره وقال أَبو تراب يقال ما أَعْنى شيئاً وما أَغنى شيئاً بمعنى واحد واعْتَنى هو بأَمره اهْتَمَّ وعُنِيَ بالأَمر عنايةً ولا يقال ما أَعْناني بالأَمر لأَن الصيغة موضوعة لما لم يُسَمَّ فاعله وصيغة التعجب إنما هي لما سُمِّي فاعله وجلس أَبو عثمان إِلى أَبي عبيدة فجاءه رجل فسأَله فقال له كيف تأْمر من قولنا عُنِيتُ بحاجتك ؟ فقال له أَبو عبيدة أُعْنَ بحاجتي فأَوْمأْتُ إِلى الرجل أَنْ ليس كذلك فلما خَلَوْنا قلت له إِنما يقال لِتُعْنَ بحاجتي قال فقال لي أَبو عبيدة لا تدخُلْ إِليّ قلت لِمَ ؟ قال لأَنك كنت مع رجل دوري سَرَقَ مني عامَ أَولَ قطِيفةً لي فقلت لا والله ما الأَمر كذلك ولكنَّك سمعتني أَقول ما سمعت أَو كلاماً هذا معناه وحكى ابن الأَعرابي وحده عَنِيتُ بأَمره بصيغة الفاعل عنايةً وعُنِيّاً فأَنا به عَنٍ وعُنِيتُ بأَمرك فأَنا مَعْنِيٌّ وعَنِيتُ بأَمرك فأَنا عانٍ وقال الفراء يقال هو مَعْنِيٌّ بأَمره وعانٍ بأَمره وعَنٍ بأَمره بمعنى واحد قال ابن بري إِذا قلت عُنِيتُ بحاجتك فعدَّيتُه بالباء كان الفعلُ مضمومَ الأَولِ فإِذا عَدَّيتَه بفي فالوجه فتحُ العين فتقول عَنِيت قال الشاعر إِذا لمْ تَكُنْ في حاجةِ المَرءِ عانِياً نَسِيتَ ولمْ يَنْفَعْكَ عَقدُ الرَّتائمِ وقال بعض أَهل اللغة لا يقال عُنِيتُ بحاجتك إِلا على مَعْنى قصَدْتُها من قولك عَنَيْتُ الشيء أَعنِيه إِذا كنت قاصِداً له فأَمَّا من العَناء وهو العِنايةُ فبالفتح نحوُ عَنَيتُ بكذا وعَنَيت في كذا وقال البطليوسي أَجاز ابن الأَعرابي عَنِيتُ بالشيء أَعنَى به فأَنا عانٍ وأَنشد عانٍ بأُخراها طَويلُ الشُّغْلِ له جَفِيرانِ وأَيُّ نَبْلِ وعُنِيتُ بحاجتك أُعْنى بها وأَنا بها مَعْنِّيٌّ على مفعول وفي الحديث مِنْ حُسنِ إِسلامِ المَرْءِ تَرْكُه ما لا يَعْنِيه أَي لا يُهِمُّه وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذا اشْتَكى أتاه جبريلُ فقال بسْمِ الله أَرْقِيكَ من كلِّ داءٍ يَعْنيك من شرِّ كلِّ حاسدٍ ومن شرِّ كلِّ عَين قوله يَعْنِيك أَي يشغَلُك ويقال هذا الأَمر لا يَعْنِيني أَي لا يَشْغَلُني ولا يُهِمُّني وأَنشد عَناني عنكَ والأَنْصاب حَرْبٌ كأَنَّ صِلابَها الأَبْطالَ هِيمُ أَراد شَغَلَني وقال آخر لا تَلُمْني على البُكاء خَلِيلي إِنه ما عَناكَ قِدْماً عَناني وقال آخر إِنَّ الفَتى ليس يَعْنِيهِ ويَقمَعُه إِلاَّ تَكَلُّفُهُ ما ليس يَعْنِيهِ أَي لا يَشْغَله وقيل معنى قول جبريل عليه السلام يَعْنِيكَ أَي يَقْصِدُك يقال عَنَيْتُ فلاناً عَنْياً أَي قَصَدْتُه ومَنْ تَعْني بقولك أَي مَنْ تَقْصِد وعَنانِي أَمرُك أَي قَصَدني وقال أَبو عمرو في قوله الجعدي وأَعْضادُ المَطِيّ عَوَاني أَي عَوامِلُ وقال أَبو سعيد معنى قوله عَوَاني أَي قَواصِدُ في السير وفُلانٌ تَتَعَنَّاه الحُمَّى أَي تَتَعَهَّده ولا تقال هذه اللفظة في غير الحُمَّى ويقال عَنِيتُ في الأَمر أَي تَعَنَّيْتُ فيه فأَنا أَعْنى وأَنا عَنٍ فإِذا سألت قلت كيف مَن تُعْنى بأَمره ؟ مضموم لأَن الأَمْرَ عَنَّاهُ ولا يقال كيف مَنْ تَعْنَى بأَمره وعانى الشيءَ قاساه والمُعاناةُ المُقاساة يقال عاناه وتَعَنَّاه وتَعَنَّى هو وقال فَقُلْتُ لها الحاجاتُ يَطْرَحْنَ بالفَتَى وهَمّ تَعَنَّاه مُعَنّىً رَكائبُهْ وروى أَبو سعيد المُعاناة المُدارة قال الأَخطل فإِن أَكُ قد عانَيْتُ قَوْمي وهِبْتُهُمْ فَهَلْهِلْ وأَوِّلْ عَنْ نُعَيْم بنِ أَخْثَما هَلْهِلْ تَأَنَّ وانْتَظِرْ وقال الأَصمعي المُعاناة والمُقَاناةُ حُسْنُ السِّياسة ويقال ما يُعانُونَ مالَهُم ولا يُقانُونه أَي ما يقومون عليه وفي حديث عُقُبَة بن عامِرٍ في الرمي بالسهام لَوْلا كلامٌ سَمِعْتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمْ أُعانِهِ مُعاناةُ الشيءِ مُلابَسَته ومُباشَرَته والقَوْمُ يُعانُون مالَهُم أَي يقومون عليه وعَنى الأَمْرُ يعني واعْتَنى نَزَلَ قال رؤبة إِني وقد تَعْني أُمورٌ تَعْتَني على طريقِ العُذْر إِنْ عَذَرْتَني وعَنَتْ به أُمورٌ نَزَلَتْ وعَنَى عَناءً وتَعَنَّى نَصِبَ وعَنَّيْتُه أَنا تَعْنِيَةً وتَعَنَّيْتُه أَيضاً فَتَعَنَّى وتَعنَّى العَناء تَجَشَّمَه وعَنَّاه هو وأَعْناه قال أُمَيَّة وإِني بِلَيْلَى والدِّيارِ التي أَرَى لَكالْمُبْتَلَى المُعْنَى بِشَوْقٍ مُوَكَّلِ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي عَنْساً تُعَنِّيها وعَنْساً تَرْحَلُ فسره فقال تُعَنِّيها تَحْرُثُها وتُسْقِطُها والعَنْيَةُ العَناء وعَناءٌ عانٍ ومُعَنٍّ كما يقال شِعْرٌ شاعِرٌ ومَوْتٌ مائتٌ قال تَميم بن مُقْبِل تَحَمَّلْنَ مِنْ جَبَّانَ بَعْدَ إِقامَةٍ وبَعْدَ عَناءٍ مِنْ فُؤادِك عانِ
( * قوله « من جبان » هو هكذا في الأصل بالباء الموحدة والجيم )
وقال الأَعشى لَعَمْرُكَ ما طُولُ هذا الزَّمَنْ على المَرْءِ إِلاَّ عَناءٌ مُعَنُّ ومَعْنى كلِّ شيء مِحْنَتُه وحالُه التي يصير إليها أَمْرُه وروى الأَزهري عن أَحمد بن يحيى قال المَعْنَى والتفسيرُ والتَّأْوِيل واحدٌ وعَنَيْتُ بالقول كذا أَردت ومَعْنَى كلّ كلامٍ ومَعْناتُه ومَعْنِيَّتُه مَقْصِدُه والاسم العَناء يقال عَرَفْتُ ذلك في مَعْنَى كلامِه ومَعْناةِ كلامه وفي مَعْنِيِّ كلامِه ولا تُعانِ أَصحابَك أَي لا تُشاجِرْهُم عن ثعلب والعَناء الضُّرُّ وعُنْوانُ الكتاب مُشْتَقّ فيما ذكروا من المَعْنَى وفيه لغات عَنْونْتُ وعَنَّيْتُ وعَنَّنْتُ وقال الأَخْفش عَنَوْتُ الكتاب واعْنُه وأَنشد يونس فَطِنِ الكِتابَ إِذا أَرَدْتَ جوابَه واعْنُ الكتابَ لِكَيْ يُسَرَّ ويُكْتما قال ابن سيده العُنْوانُ والعِنْوانُ سِمَةُ الكِتابِ وعَنْوَنَه عَنْوَنَةً وعِنْواناً وعَنَّاهُ كِلاهُما وَسَمَه بالعُنوان وقال أَيضاً والعُنْيانُ سِمَةُ الكتاب وقد عَنَّاه وأَعْناه وعَنْوَنْتُ الكتاب وعَلْوَنْته قال يعقوب وسَمِعْتُ من يقول أَطِنْ وأَعِنْ أَي عَنْوِنْه واخْتِمْه قال ابن سيده وفي جَبْهَتِه عُنْوانٌ من كَثْرَةِ السُّجودِ أَي أَثَر حكاه اللحياني وأَنشد وأَشْمَطَ عُنْوانٌ به مِنْ سُجودِه كَرُكْبَةِ عَنزٍ من عُنوزِ بَني نَصْرِ والمُعَنَّى جَمَلٌ كان أَهلُ الجاهلية يَنزِعُونَ سناسِنَ فِقْرَتِهِ ويَعْقِرُون سَنامَه لئلاَّ يُرْكَب ولا يُنْتَفَع بظَهْرِه قال الليث كان أَهل الجاهلية إِذا بَلَغَتْ إِبلُ الرجل مائةً عمدوا إِلى البعير الذي أَمْأَتْ به إِبلُه فأَغْلقوا ظَهْرَه لئلا يُرْكَب ولا يُنْتَفَع بظَهْره ليعرف أَن صاحِبَها مُمْئٍ وإِغْلاق ظَهْرِه أَن يُنْزَع منه سناسِنُ من فَقْرته ويُعْقر سَنامَه قال ابن سيده وهذا يجوز أَن يكونَ من العَناءِ الذي هو التَّعَب فهو بذلك من المُعْتلّ بالياء ويجوز أَن يكونَ من الحَبْسِ عن التَّصَرُّفِ فهو على هذا من المعتَلِّ بالواو وقال في قول الفرزدق غَلَبْتُكَ بالمُفَقَّئِ والمُعَنِّي وبَيْتِ المُحْتَبي والخافقاتِ يقول غَلَبْتُك بأَربع قصائد منها المُفَتِّئُ وهو بيته فلَسْتَ ولو فَقَّأْتَ عَينَك واجداً أَباً لكَ إِن عُدَّ المَساعِي كَدارِم قال وأَراد بالمُعَنِّي قوله تَعَنَّى في بيته تعَنَّى يا جَرِيرُ لِغَيرِ شيءٍ وقد ذهَبَ القَصائدُ للرُّواةِ فكيف تَرُدُّ ما بعُمانَ منها وما بِجِبالِ مِصْرَ مُشَهَّراتِ ؟ قال الجوهري ومنها قوله فإِنّكَ إِذ تَسْعَى لتُدْرِكَ دارِماً لأَنْتَ المُعَنَّى يا جَرِيرُ المُكَلَّف وأَراد بالمُحْتَبي قوله بَيْتاً زُرارَةُ مُحْتَبٍ بِفنائه ومُجاشِعٌ وأَبو الفَوارسِ نَهْشَلُ لا يَحْتَبي بفِناءِ بَيْتِك مِثْلُهُم أَبداً إِذا عُدَّ الفعالُ الأَفْضَلُ وأَراد بالخافقات قوله وأَيْنَ يُقَضِّي المالِكانِ أُمُورَها بِحَقٍّ وأَينَ الخافِقاتُ اللَّوامِعُ ؟ أَخَذْنا بآفاقِ السَّماءِ عَلَيْكُمُ لنا قَمَرَاها والنُّجُومُ الطَّوالِعُ

عها
حَكى أَبو منصور الأَزهري في ترجمة عوه عن أَبي عدنان عن بعضهم قال العِفْوُ والعِهْوُ جميعاً الجَحْش قال ووَجَدْتُ لأَبي وجْزَة السَّعْدِيّ بيتاً في العِهْوِ قَرَّبْنَ كلَّ صَلَخْدىً مُحْنِقٍ قَطِمٍ عِهْوٍ له ثَبَجٌ بالنِّيِّ مَضْبُورُ وقيل هو جَمَلٌ عِهْوٌ نَبيلُ الثَّبَجِ لَطِيفُه وهو شديدٌ مع ذلك قال الأَزهري كأَنه شبَّه الجَمَل به لخِفَّتِه

( عوي ) العَوِيُّ الذِّئْبُ عَوَى الكَلْبُ والذئبُ يَعْوِي عَيّاً وعُواءً وعَوَّةً وعَوْيَةً كلاهما نادرٌ لَوَى خَطْمَه ثم صوَّت وقيل مَدَّ صَوْته ولم يُفْصِحْ واعْتَوَى كَعَوى قال جرير أَلا إِنما العُكْلِيُّ كلْبٌ فقُل لهُ إِذا ما اعْتَوَى إِخْسَأْ وأَلْقِ له عَرْقَا وكذلك الأَسَد الأَزهري عَوَت الكِلابُ والسِّباعُ تَعْوِي عُواءً وهو صوت تَمُدُّه وليس بِنَبْحٍ وقال أَبو الجَرَّاح الذِّئْبُ يَعْوِي وأَنشدني أَعرابي هَذا أَحَقُّ مَنْزِلٍ بالتَّرْكِ الذِّئبُ يَعْوِي والغُرابُ يَبْكي وقال الجوهري عَوَى الكلْبُ والذِّئبُ وابنُ آوى يَعْوِي عُواءً صاحَ وهو يُعاوِي الكلابَ أَي يُصايِحُها قال ابن بري الأَعلم العِواء في الكلاب لا يكون إِلاَّ عِندَ السِّفادِ يقال عاوَتِ الكِلاب إِذا اسْتَحْرَمَتْ فإِنْ لم يكن للسفاد فهو النُّباحُ لا غَيْر قال وعلى ذلك قوله جَزَى رَبُّه عَنِّي عَدِيَّ بن حاتِمٍ جَزاءَ الكِلابِ العاوِياتِ وقَدْ فَعَلْ وفي حديث حارثة كأَني أَسْمَعُ عُواءَ أَهل النَّارِ أَي صِياحَهُمْ قال ابن الأَثير العُواءُ صَوْتُ السِّباع وكأَنَّه بالذئْبِ والكَلْبِ أَخَصُّ والعَوَّةُ الصَّوْتُ نادِر والعَوَّاءُ ممدُود الكَلْب يَعْوي كَثيراً وكَلْبٌ عَوّاءٌ كثير العُواء وفي الدُّعاء عليه عليه العَفاءُ والكَلْبُ العَوَّاءُ والمُعاويَة الكَلْبَة المُسْتَحْرِمَةُ تَعْوي إِلى الكلاب إِذا صَرَفَتْ ويَعْوينَ وقد تَعاوَتِ الكِلابُ وعاوَت الكِلابُ الكَلْبَة نابَحَتْها ومُعاوِيَةُ اسم وهو منه وتصغير مُعاوِيَة مُعَيَّة هذا قول أَهل البصرة لأَن كلَّ اسم اجْتمَع فيه ثلاث ياءاتٍ أُولاهُنَّ ياءُ التصغير خُذِفَتْ واحدة مِنْهُنَّ فإِن لم تكن أُولاهن ياء التَّصْغِير لم يُحْذَف منه شيءٌ تقول في تصغير مَيَّة مُيَيَّة وأَما أَهلُ الكوفة فلا يحذفون منه شيئاً يقولون في تصغير مُعاوية مُعَيِّيَة على قول من قال أُسَيِّد ومُعَيْوة على قول من يقول أُسَيْوِد قال ابن بري تصغير معاوية عند البصريين مُعَيْويَة على لغة من يقول في أَسْودَأُسَيْوِد ومُعَيَّة على قول من يقول أُسَيَّدٌ ومُعَيَّيَة على لغة من يقول في أَحْوَى أُحَيِّيٌ قال وهو مذهب أَبي عمرو بن العَلاء قال وقولُ الجَوْهري ومُعَيْوة على قَوْلِ من يقولُ أُسَيْوِد غَلَطٌ وصوابه كما قُلنا ولا يجوز مُعَيْوة كما لا يجوز جُرَيْوة في تصغير جِرْوة وإِنما يجوز جُرَيَّة وفي المَثَل لَوْ لَك أَعْوِي ما عَوَيْتُ وأَصله أَنَّ الرجلَ كان إِذا أَمْسى بالقَفْرِ عَوَى ليُسمِعَ الكِلابَ فإن كان قُرْبَه أَنِيسٌ أَجابَتْه الكلابُ فاستَدَلَّ بعُوائها فعَوَى هذا الرجلُ فجاءَهُ الذِّئْب فقال لَو لَك أَعْوِي ما عَوَيْتُ وحكاه الأَزهري ومن أَمثالهم في المُستَغِيث بمَنْ لا يُغِيثُه قولُهم لَوْ لَكَ عَوَيْتُ لم أَعْوِهْ قال وأَصله الرجلُ يبيت بالبَلَدِ القَفْرِ فيَستَنْبِحُ الكِلابَ بعُوائِه ليَسْتَدِلَّ بنُباحِها على الحَيِّ وذلك أَنّ رجلاً باتَ بالقَفْرِ فاستَنْبَح فأَتاه ذِئْبٌ فقال لَوْ لَكَ عَوَيْتُ لم أَعْوِهْ قال ويقال للرجل إِذا دَعا قوماً إِلى الفِتنة عَوَى قوماً فاستُعْوُوا وروى الأَزهري عن الفراء أَنه قال هو يَستَعْوي القَوْمَ ويَسْتَغْويهم أَي يَستَغِيثُ بهمْ ويقال تَعاوى بنُو فلانٍ على فلانٍ وتَغاوَوْا عليه إِذا تَجَمَّعُوا عليه بالعين والغين ويقال استَعْوى فلان جَماعَةً إِذا نَعَقَ بهم إِلى الفِتنَة ويقال للرجُل الحازمِ الجَلْدِ مايُنْهى ولا يُعْوَى وما له عاوٍ ولا نابحٌ أَي ما له غَنَم يَعْوي فيها الذئبُ ويَنْبَح دونها الكَلب ورُبَّما سُمِّي رُغاءُ الفصِيلِ عُواءً إِذا ضَعُف قال بها الذِّئْبُ مَحزُوناً كأَنَّ عُواءَهُ عُواءُ فَصِيلٍ آخِرَ الليْلِ مُحْثَلِ وعَوَى الشيءَ عَيّاً واعْتَواهُ عَطَفَه قال فلَمَّا جَرَى أَدْرَكنَه فاعْتَوَينَه عَنِ الغايَة الكُرْمى وهُنَّ قُعودُ وعَوَى القَوْسَ عَطَفَها وعَوَى رأْسَ الناقة فانْعَوَى عاجَه وعَوَتِ الناقَةُ البُرَةَ عَيّاً إِذا لَوَتْها بخَطْمِها قال رؤبة إِذا مَطَوْنا نِقْضَةً أَو نِقضا تَعْوِي البُرَى مُسْتَوْفِضاتٍ وَفْضا وعَوى القَومُ صُدُورَ رِكابهمْ وعَوَّوْها إِذا عَطَفُوها وفي الحديث أَنَّ أُنَيْفاً سأَله عن نَحرِ الإِبلِ فأَمَرَه أَن يَعْوِيَ رُؤوسَها أَي يَعْطِفَها إِلى أَحَد شِقَّيها لتَبرُز اللَّبةُ وهي المَنحَرُ والعَيُّ اللَّيُّ والعَطْفُ قال الجوهري وعَوَيْتُ الشَّعْر والحَبل عَيّاً وعَوَّيْته تَعْوِيَةً لَوَيته قال الشاعر وكأَنَّها لما عَوَيْت قُرُونَها أَدْماءُ ساوَقَها أَغَرُّ نَجِيبُ واستَعْوَيته أَنا إِذا طَلَبتَ منه ذلك وكلُّ ما عَطَفَ من حَبْلٍ ونحوه فقد عَواهُ عَيّاً وقيل العَيُّ أَشَدُّ من اللَّيِّ الأَزهري عَوَيْتُ الحبلَ إِذا لَوَيتَه والمصدَر العَيُّ والعَيُّ في كلِّ شيءٍ اللَّيُّ وعَفَتَ يَدَهُ وعَواها إِذا لَواها وقال أَبو العَمَيثَلِ عَوَيْت الشيءَ عَيّاً إِذا أَمَلْته وقال الفراء عَوَيْت العِمامَة عَيَّةً ولَوَيتُها لَيَّةً وعَوَى الرجلُ بلغ الثلاثين فقَويَتْ يَدهُ فعَوَى يَدَ غيره أَي لَواها لَيّاً شديداً وفي حديث المسلم قاتِلِ المشرِكِ الذي سَبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فتَعاوى المشركون عليه حتى قتلوه أَي تعاوَنوا وتَساعَدوا ويروى بالغين المعجمة وهو بمعناه الأَزهري العَوّا اسمُ نَجمٍ مقصورٌ يكتَب بالأَلف قال وهي مؤنثة من أَنْواءِ البَرْدِ قال ساجع العرب إِذا طَلَعَتِ العَوَّاءُ وجَثَم الشِّتاءُ طاب الصِّلاءُ وقال ابن كُناسة هي أَربعة كواكبَ ثلاثةٌ مُثَقَّاةٌ متفرقة والرابع قريبٌ منها كأَنه من الناحية الشاميَّة وبه سميت العَوَّاءُ كأَنه يَعْوِي إِليها من عُواءِ الذئْب قال وهو من قولك عَوَيْتُ الثوبَ إِذا لَوَيتَه كأَنه يعْوي لما انفرد قال والعَوَّاءُ في الحساب يَمانيَةٌ وجاءت مُؤَنَّثَة عن العرب قال ومنهم من يقول أَوَّل اليَمانية السِّماكُ الرامِحُ ولا يجعل العَوَّاء يمانية للكوكب الفَردْ الذي في الناحية الشاميَّة وقال أَبو زيد العَوَّاءُ ممدودةٌ والجوزاء ممدودة والشِّعْرى مقصور وقال شمر العَوَّاءُ خمسة كواكِبَ كأَنها كِتابة أَلِفٍ أَعْلاها أَخفاها ويقال كأَنها نُونٌ وتُدْعى ورِكي الأَسَد وعُرْقوبَ الأَسَد والعرب لا تُكْثِرُ ذِكْرَ نَوْئِها لأَن السِّماكَ قد استَغْرَقَها وهو أَشهر منها وطُلوعها لاثنَتين وعشرين ليلةً من أَيلولٍ وسقُوطُها لاثنتين وعشرين ليلةً تَخْلُو من أَذار وقال الحُصَيْني في قصيدته التي يذكر فيها المنازل وانْتَثَرَت عَوَّاؤه تَناثُرَ العِقْد انْقَطعْ ومن سجعهم فيها إِذا طَلَعت العَوَّاءُ ضُرِبَ الخِباءُ وطابَ الهواءُ وكُرِه العَراءُ وشَثُنَ السِّقاءُ قال الأَزهري مَن قَصَرَ العَوَّا شَبَّهَها باسْتِ الكلبِ ومَن مَدَّها جَعَلها تَعْوِي كما يَعْوِي الكلبُ والقَصْرُ فيها أَكثرُ
( * قوله « والقصر فيها اكثر » هكذا في الأصل والمحكم والذي في التهذيب والمدّ فيها أكثر ) قال ابن سيده العَوَّاءُ مَنْزِلٌ من منازل القمر يُمَدُّ ويُقَصَر والألف في آخره للتأْنيث بمنزلة ألف بُشْرَى وحُبْلى وعينُها ولامُها واوان في اللفظ كما ترى ألا ترى أَن الواوَ الآخرة التي هي لامٌ بدل من ياءٍ وأَصلها عَوْيَا وهي فَعْلَى من عَوَيْت ؟ قال ابن جني قال أَبو علي إنما قيلَ العَوَّا لأَنها كواكبُ مُلْتَويةٌ قال وهي من عَوَيْتُ يدَه أَي لَوَيتها فإن قيل فإذا كان أَصلها عَوْيا وقد اجتمعت الواو والياء وسبقت الأَولى بالسكون وهذه حالٌ توجب قَلْب الواو ياءً وليستْ تقتضي قلبَ الياء واواً أَلا تراهم قالوا طَوَيْت طَيّاً وشوَيْت شَيّاً وأَصلُهما طَوْياً وشَوْياً فقلت الواوَ ياءً فهلاَّ إذ كان أَصل العَوَّا عَوْيَا قالوا عَيّاً فقلَبوا الواو ياءً كما قلبوها في طَوَيت طَيّاً وشَوَيت شَيّاً ؟ فالجواب أَن فَعْلَى إذا كانت اسماً لا وصفاً وكانت لامُها ياءً فقلبت ياؤها واواً وذلك نحو التَّقْوَى أَصلُها وَقْيَا لأَنها فَعْلَى من وَقَيْت والثَّنْوَى وهي فَعْلَى من ثَنَيْتُ والبَقْوَى وهي فَعْلى من بَقِيت والرَّعْوَى وهي فَعْلَى من رَعَيْت فكذلك العَوَّى فَعْلى من عَوَيْت وهي مع ذلك اسمٌ لا صفة بمنزلة البَقْوَى والتَّقْوَى والفَتْوَى فقلبت الياء التي هي لامٌ واواً وقبلها العين التي هي واو فالتقت واوان الأُولى ساكنة فأُدغمت في الآخِرة فصارت عَوًّا كما تَرَى ولو كانت فَعْلَى صفة لما قُلِبَت ياؤها واواً ولَبَقِيَت بحالها نحو الخَزْيَا والصَّدْيا ولو كانت قبل هذه الياء واوٌ لَقُلِبَت الواوُ ياءً كما يجب في الواوِ والياء إذ التَقَتا وسَكَن الأَوَّل منهما وذلك نحو قولهم امرأَة طَيَّا ورَيَّا وأَصلُهما طوْيَا ورَوْيَا لأَنهما من طَوَيْت ورَوِيت فقلبت الواوُ منهما ياءً وأُدغِمَت في الياء بَعْدَها فصارت طَيَّا وريَّا ولو كانت ريّاً اسماً لوَجَب أَن يُقال رَوَّى وحالُها كحالِ العَوَّا قال وقد حُكِيَ عنهم العَوَّاءُ بالمدِّ في هذا المنزِلِ من منازِل القَمر قال ابن سيده والقولُ عندي في ذلك أَنه زاد للمدّ الفاصل أَلفَ التأْنيثِ التي في العَوَّاء فصار في التقدير مثالُ العَوَّاا أَلفين كما ترى ساكنين فقلبت الآخرة التي هي علم التأْنيث همزة لمَّا تحركت لالتقاء الساكنين والقولُ فيها القولُ في حمراء وصَحْراءَ وصَلْفاءَ وخَبْراءَ فإن قيل فلَمَّا نُقِلَت من فَعْلى إلى فَعْلاء فزال القَصْرُ عنها هلاّ رُدَّت إلى القياس فقلبت الواو ياء لزوال وزن فَعْلى المقصورة كما يقال رجل أَلْوى وامرأَة لَيَّاءُ فهلاَّ قالوا على هذا العَيَّاء ؟ فالجواب أَنهم لم يَبْنوا الكَلِمةِ على أَنها ممدودة البَتْة ولو أَرادوا ذلك لقالوا العَيَّاء فمدّوا وأَصله العَوْياء كما قالوا امرأَة لَيَّاء وأَصلها لَوْياء ولكنهم إنما أَرادوا القَصْر الذي في العَوّا ثم إنهم اضْطُرُّوا إلى المدّ في بعض المواضِع ضرورة فبَقّوا الكلمة بحالِها الأُولى من قلب الياء التي هي لامٌ واواً وكان تَرْكُهُم القلبَ بحالِه أَدلَّ شيءٍ على أَنهم لم يَعتَزِموا المدّ البتَّة وأَنهم إنما اضْطُرُّوا إليه فَرَكبوه وهم حينئذ للقصر ناوُون وبه مَعْنيُّون قال الفرزدق فلَو بَلَغَتْ عَوّا السِّماكِ قَبيلةٌ لزادَت علَيها نَهْشَلٌ ونَعَلَّت ونسبه ابن بري إلى الحطيئة الأزهري والعوّاء النابُ من الإبلِ ممدودةٌ وقيل هي في لُغة هُذيل النابُ الكَبيرة التي لا سَنامَ لها وأنشد وكانوا السَّنامَ اجْتُثَّ أَمْسِ فقَوْمُهُم كَعَوَّاءَ بعد النِّيِّ غابَ رَبِيعُها وعَواهُ عن الشيء عَيّاً صَرفه وعَوَّى عن الرجُل كَذَّب عنه وردَّ على مُغْتابه وأَعواءٌ موضع قال عبدُ منافِ بنُ رِبْع الهُذ أَلا رُبَّ داعٍ لا يُجابُ ومُدَّعٍ صلى الله عليه وسلم بساحةِ أَعْواءِ وناجِ مُوائِلِ الجوهري العَوَّاءُ سافِلَة الإنسانِ وقد تُقْصر ابن سيده العَوَّا والعُوَّى والعَوَّاء والعُوَّة كلُّه الدُّبُر والعَوَّةُ عَلَم من حِجارة يُنْصَب على غَلْظِ الأَرض والعَوَّةُ الضَّوَّة وعَوْعَى عَوْعاةً زجَرَ الضأْنَ الليث العَوَّا والعَوّة لغتان وهي الدُّبُر
وأَنشد قِياماً يُوارُون عَوّاتِهمْ ... بِشَتْمِي وعَوََّّاتُهُم أَظْهَر
وقال الآخر في العَوَّا بمعنى العَوَّة فَهَلاَّ شَدَدْتَ العَقْدَ أَو بِتَّ طاوِياً ولم يفرح العوّا كما يفرح القتْبُ
( * قوله « ولم يفرح إلخ » هكذا في الأصل )
والعَوّةُ والضَّوَّةُ الصَّوْتُ والجلَبَة يقال سمِعت عَوَّةَ القومِ وضَوَّتَهُم أَي أَصْواتَهُم وجَلَبَتَهُم والعَوُّ جمع عَوَّةٍ وهي أُمُّ سُوَيْد وقال الليث عَا مَقْصورٌ زجْرٌ للضِّئِينَ ورُبَّما قالوا عَوْ وعاء وعايْ كل ذلك يُقال والفعل منه عاعَى يُعاعِي مُعاعاةً وعاعاةً ويقال أَيضاً عَوْعَى يُعَوْعِي عَوْعاةً وعَيْعَى يُعَيْعِي عَيْعاة وعِيعاءً وأَنشد وإنّ ثِيابي من ثِيابِ مُحَرَّقٍ ولمْ أَسْتَعِرْها من مُعاعٍ وناعِقِ

عيا
عَيَّ بالأَمرِ عَيّاً وعَيِيَ وتَعايا واسْتَعْيا هذه عن الزجَّاجي وهو عَيٌّ وعَييٌ وعَيَّانُ عجز عنه ولم يُطِقْ إحْكامه قال سيبويه جمع العَييِّ أَعْيِياءُ وأَعِيَّاءُ والتصحيح من جهة أَنه ليس على وزن الفِعْلِ والإعْلال لاسْتِثقالِ اجتماع الياءَينِ وقد أَعْياه الأمرُ فأَمَّا قول أبي ذؤيب وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يأْوِي مَلِيكُها إلى طُنُفٍ أَعْيا بِراقٍ ونارِلِ فإنما عَدّى أَعْيا بالباء لأنه في معنى برَّح فكأَنه قال برَّح بِراقٍ ونازِلٍ ولولا ذلك لما عَدَّاه بالباء وقال الجوهري قوم أَعْياء وأَعْيِياء قال وقال سيبويه أَخبرنا بهذه اللغة يونس قال ابن بري صوابه وقوم أَعِيّاء وأَعْيِياء كما ذكره سيبويه قال ابن بري وقال يعني الجوهري وسَمِعْنا من العرب من يقول أَعْيِياء وأَحْيِيَةٌ فيُبَيِّن قال في كتاب سيبويه أَحْيِيَةٌ جمع حَياء لفَرْج الناقة وذكر أَنَّ من العرب من يُدْغِمُه فيقول أَحِيَّة الأزهري قال الليث العِيُّ تأْسِيسٌ أَصله من عَين وياءَيْن وهو مصدر العَيِيِّ قال وفيه لغتان رجل عَيِيٌّ بوزن فعيل وقال العجاج لا طائِشٌ قاقٌ ولا عَيِيُّ ورجل عَيٌّ بوَزْنِ فَعْلٍ وهو أَكثر من عَييٍّ قال ويقال عَيِيَ يَعْيا عن حُجَّته عَيّاً وعَيَّ يَعْيَا وكلُّ ذلك يقال مثل حَيِيَ يَحْيَا وحَيِّ قال الله عز وجل ويَحْيا مَنْ حَيَّ عن بَيِّنَةٍ قال والرِّجلُ يَتَكَلَّف عملاً فيَعْيا به وعَنه إذا لم يَهْتَدِ لوجِه عَمَله وحكي عن الفراء قال يقال في فِعْلِ الجميع من عَيَّ عَيُّوا وأَنشد لبعضهم يَحِدْنَ عَنْ كلِّ حَيٍّ كأَنَّنا أَخاريسُ عَيُّوا بالسَّلامِ وبالنَّسَبْ وقال آخر مِنَ الذين إذا قُلْنا حديثَكُمُ عَيُّوا وإنْ نَحْن حَدَّثْناهُمُ شَغِبُوا قال وإذا سُكِّن ما قبل الياء الأُولى لم تُدْغَمْ كقولك هو يُعْيي ويُحْيي قال ومن العربَ منْ أَذْعَمَ في مثلِ هذا وأَنشد لبعضهم فكَأَنَّها بينَ النّساء سَبيكةٌ تَمْشي بسُدَّة بَيتها فتُعِيُّ وقال أبو إسحق النحوي هذا غيرُ جائزٍ عند حُذَّاق النحويين وذكر أَنَّ البيتَ الذي اسْتَشْهد به الفراء ليس بمعروف قال الأَزهري والقياس ما قاله أَبو إسحق وكلامُ العرب عليه وأَجمع القُرّاء على الإظْهار في قوله يُحْيِي ويُمِيتُ وحكي عن شمر عَيِيتُ بالأَمر وعَييتُه وأَعْيا عليَّ ذلك وأَعياني وقال الليث أَعْياني هذا الأَمرُ أَن أَضْبِطَه وعَيِيت عنه وقال غيره عَيِيتُ فلاناً أَعْياهُ أَي جَهِلْته وفلان يَعْياه أَحدٌ أي لا يَجْهَله أحدٌ والأصل في ذلك أن لا تَعْيا عن الإخبارِ عنه إذا سُئِلْتَ جَهْلاً به قال الراعي يسأَلْنَ عنك ولا يَعْياك مسؤولُ أَي لا يَجْهَلُك وعَيِيَ في المَنْطِق عِيّاً حَصِرَ وأَعْيا الماشي كلَّ وأَعْيا السيرُ البَعيرَ ونحوَه أَكَلَّه وطَلَّحه وإبلٌ مَعايا مُعْيِيَة قال سيبويه سألت الخليلَ عن مَعايا فقال الوَجْه مَعايٍ وهو المُطَّرد وكذلك قال يونس وإنما قالوا مَعايا كما قالوا مَدارى وصَحارى وكانت مع الياء أَثقلَ إذا كانت تُستَثقَل وحدَها ورجلٌ عَياياءُ عَيِيٌّ بالأُمور وفي الدعاء عَيٌّ له وشَيٌّ والنَّصْبُ جائِزٌ والمُعاياةُ أَن تأْتيَ بكلامٍ لا يٌهتَدى له وقال الجوهري أَن تأْتي بشيءٍ لا يهتدى له وقد عاياهُ وعَيَّاه تَعْيِيَةً والأُعْيِيَّةُ ما عايَيْتَ به وفَحْلٌ عَياءٌ لا يَهْتَدي للضراب وقيل هو الذي لم يَضْرِبْ ناقةً قطُّ وكذلك الرجل الذي لا يَضْرِبُ والجمع أَعْياءٌ جمَعُوه على حذف الزائد حتى كأَنهم كسَّروا فَعَلاً كما قالوا حياءُ الناقةِ والجمع أَحْياءٌ وفَحْلٌ عَياياءُ كْعَياءٍ وكذلك الرجُلُ وفي حديث أُمّ زرع أَنَّ المرأَة السادسة قالت زوجي عَياياءُ طَبافاءُ كلُّ داءٍ داءٌ قال أبو عبيد العَياياءُ من الإبلِ الذي لا يَضْرِبُ ولا يُلْقِحُ وكذلك هو من الرجال قال ابن الأثير في تفسيره العَياياءُ العِنِّينُ الذي تُعْييهِ مُباضَعَة النساء قال الجوهري ورَجلٌ عَياياءُ إذا عَيِّ بالأَمْر والمَنْطِقِ وذكر الأزهري في ترجمة عبا كَجَبْهَةِ الشَّيخِ العَباء الثَّطِّ وفسره بالعَبام وهو الجافي العَيِيُّ ثم قال ولم أَسْمَع العَباءَ بمعنى العَبام لغير الليث قال وأَما الرَّجَز فالرواية عنه كَجَبْهَة الشيخ العياء بالياء يقال شيخ عَياءٌ وعَياياءُ وهو العَبامُ الذي لا حاجة له إلى النساء قال ومن قاله بالباء فقد صَحَّف وداءٌ عَياءٌ لا يُبْرَأُ منه وقد أَعْياه الداءُ وقوله وداءٌ قدَ أعْيا بالأطبَّاء ناجِسُ أراد أَعْيا الأَطِبَّاءَ فعَدَّاه بالحَرْفِ إذ كانت أَعْيا في معنى بَرَّحَ على ما تقدم الأَزهري وداءٌ عَيُّ مثلُ عَياءٍ وعَيِيٌّ أَجود قال الحرث بن طُفَيل وتَنْطِقُ مَنْطِقًا حُلْواً لذيذاً شِفاءَ البَثِّ والسُّقْمِ العَيِيِّ كأَن فَضِيضَ شارِبه بكأْس شَمُول لَوْنُها كالرَّازِقِيِّ جَمِيعاً يُقْطَبانِ بِزَنْجَبيلٍ على فَمِها مَعَ المِسْكِ الذَّكِيِّ وحكي عن الليث الداءُ العَيادُ الذي لا دَواءَ له قال ويقال الداءُ العَياءُ الحُمْقُ قال الجوهري داءٌ عَياءٌ أَي صعبٌ لا دواءَ له كأَنه أَعْيا على الأَطِباء وفي حديث علي كرم الله وجهه فِعْلُهم الداءُ العَياءُ هو الذي أَعْيا الأَطِباء ولم يَنْجَعْ فيه الدواءُ وحديث الزُّهْري أَنَّ بَرِيداً من بعض المُلوك جاءَه يسأله عن رجل معه ما مع المرأة كيف يُوَرَّث ؟ قال من حيثُ يخرجُ الماءُ الدافِقُ فقال في ذلك قائلهم ومُهِمَّةٍ أَعْيا القُضاةَ عَياؤُها تَذَرُ الفقيهَ يَشُكُّ شَكَّ الجاهِلِ عَجَّلْتَ قبلَ حَنِيذها بِشِوَائِها وقَطَعْتَ مَحْرِدَها بحُكْمٍ فاصِلِ قال ابن الأثير أَرادَ أَنك عجلتَ الفَتْوى فيها ولم تَسْتَأْنِ في الجواب فشَبَّهه برجُلٍ نَزلَ به ضيفٌ فعَجَّل قِراهُ بما قَطعَ له من كَبِدِ الذَّبيحة ولَحْمِها ولم يَحْبِسُه على الحَنيذِ والشّواء وتَعْجيلُ القِرى عندهم محمودٌ وصاحبُه ممدوح وتَعَيَّا بالأمر كَتَعَنَّى عن ابن الأعرابي وأَنشد حتى أَزُورَكُم وأَعْلَمَ عِلْمَكُمْ إنَّ التَّعَيِّيَ بأَمرِك مُمْرِضُ وبنو عَياءٍ حَيٌّ من جَرْمٍ وعَيْعايةُ حَيٌّ من عَدْوان فيهم خَساسة الأزهري بَنُو أَعْيا يُنْسَبُ إليهم أَعْيَوِيٌّ قال وهم حَيٌّ من العرب وعاعَى بالضأْنِ عاعاةً وعِيعاءً قال لها عا وربما قالوا عَوْ وعايْ وعاءِ وعَيْعَى عَيْعاةً وعِيعاءً كذلك قال الأَزهري وهو مثال حاحَى بالغَنَم حِيحاءً وهو زَجْرُها وفي الحديث شِفاءُ العِيِّ السؤالُ العِيُّ الجهلُ وعيِيَ به يَعْيا عِيّاً وعَيَّ بالإدغام والتشديد مثلُ عَييَ ومنه حديث الهَدْي فأَزْحَفَتْ عليه بالطريق فعَيَّ بشأْنِها أَي عَجَزَ عنها وأَشكل عليه أَمرُها قال الجوهري العِيُّ خلافُ البيانِ وقد عَيَّ في مَنْطِقِه وفي المثل أَعْيَا من باقِلٍ ويقال أَيضًا عَيَّ بِأَمرِه وعَيِيَ إذا لم يَهْتَدِ لوجهِه والإدْغامُ أَكثر وتقول في الجمع عَيُوا مخَفَّفاً كما قلناه في حَيُوا ويقال أَيضًا عَيُّوا بالتشديد وقال عبيد بن الأبرص عَيُّوا بأَمرِهِمُ كما عَيَّتْ ببَيْضتِها الحَمامَهْ وأَعياني هو وقال عمرو بن حسان من بني الحَرِث ابنِ همَّام فإنَّ الكُثْرَ أَعْياني قَديماً ولم أُقْتِرْ لَدُنْ أَنّي غُلامُ يقول كنت متوسطاً لم أَفْتَقر فقراً شديداً ولا أَمكَنني جمعُ المال الكثير ويُرْوى أَغناني أَي أَذَلِّني وأَخْضَعني وحكى الأَزهري عن الأصمعي عيِيَ فلان بياءَين بالأَمر إذا عَجَز عنه ولا يقال أَعْيا به قال ومن العرب من يقول عَيٌّ به فيُدْغِمُ ويقال في المَشْي أَعْيَيْت وأَنا عَيِيّ
( * قوله « اعييت وأنا عييّ » هكذا في الأصل وعبارة التهذيب أعييت اعياء قال وتكلمت حتى عييت عياً قال واذا طلب علاج شيء فعجز يقال عييت وأنا عيي ) قال النابغة عَيَّتْ جواباً وما بالرَّبْعِ من أَحد قال ولا يُنْشَدُ أَعْيَتْ جواباً وأَنشد لشاعر آخر في لغة من يقول عيي وحتى حسِبْناهْم فوارِسَ كَهْمَسٍ حَيُوا بعدما ماتُوا من الدَّهْرِ أَعْصُرَا ويقال أَعْيا عليَّ هذا الأَمرُ وأَعْياني ويقال أَعْياني عَيَاؤه قال المرَّارُ وأَعْيَتْ أَن تُجِيبَ رُقىً لِرَاقِ قال ويقال أَعْيا به بعيره وأَذَمَّ سواءٌ والإعْياءُ الكَلال يقال مَشَيْت فأَعْيَيْت وأَعيا الرجلُ في المَشْيِ فهو مُعْيٍ وأَنشد ابن بري إنّ البَراذِيِنَ إذا جَرَيْنَهْ مَعَ العِتاقِ ساعَةً أَعْيَيَنَهْ قال الجوهري ولا يقال عَيَّانٌ وأَعْيا الرجلُ وأَعياهُ الله كلاهما بالأَلف وأَعيا عليه الأَمْرُ وتَعَيَّا وتَعايا بمعنى وأَعْيا أَبو بطن من أَسَدٍ وهو أَعيا أَخو فَقْعسٍ ابنا طَريفِ بن عمرو بن الحَرِثِ بن ثَعْلبة بن دُوادانَ بن أَسدٍ قال حُرَيث بنُ عتَّابٍ النَّبْهاني تَعالَوْا أُفاخِرْكُمْ أَأَعْيا وفَقْعَسٌ إلى المَجْدِ أَدْنَى أَمْ عَشِيرَةُ حاتِمِ والنسبَة إليهم أَعْيَويّ

غبا
غَبِيَ الشيءَ وغَبِيَ عنه غَباً وعباوَةً لم يَفْطُنْ له قال الشاعر في بَلْدَة يَغَبى بها الخِرَّيتُ أَي يَخْفَى وقال ابن الرقاع أَلا رُبَّ لَهْوٍ آنِسٍ ولَذاذَةٍ من العَيْشِ يُغبِيِه الخِباءُ المُسَتَّرُ وغَبِيَ الأَمرُ عني خَفِيَ فلمْ أَعرفه وفي حديث الصوم فإن غَبِيَ عليكم أَي خَفِيَ ورواه بعضهم غُبِّيَ بضم الغين وتشديد الباء المكسورة لما لم يسم فاعله وهما من الغَباء شِبه الغَبَرة في السماء التهذيب ابن الأَنباري الغَبا يكتب بالألف لأنه من الواو يقال غَبِيت عن الأمْر غَباوة الليث يقال غَبِيَ عن الأَمرِ غَباوَةً فهو غَبِيٌّ إذا لم يَفْطُنْ للخِبِّ ونحوه يقال غَبِيَ عليَّ ذلك الأمرُ إذا كان لا يَفطُن له ولا يعرفُه والغَباوة المصدر ويقال فلان ذو غَباوَةٍ أي تَخْفى عليه الأُمور ويقال غَبِيتُ عن ذلك الأَمرِ إذا كان لا يَفْطُن له ويقال ادْخُلْ في الناس فهو أَغْبى لك أَي أَخفى لك ويقال دَفَن فلان مُغَبَّاةً ثم حَمَلني عليها وذلك إذا أَلْقاك في مَكْرٍ أَخْفاّه ويقال غَبِّ شَعْرَك أَي استَأْصِلْهُ وقد غَبَّى شَعَرَه تَغْبِيةً وغَبيتُ الشيءَ أَغْباهُ وقد غَبِيَ عليَّ مثلُه إذا لم تَعْرفه وقولُ قيسِ بن ذَريح وكَيفَ يَصَلِّي مَنْ إذا غَبِيتْ لهُ دِماءُ ذوي الذمَّاتِ والعَهْدِ طُلَّتْ لم يفسر ثعلب غبيَتْ له وتَغابى عنه تَغَافَلَ وفيه غَبْوَة وغَباوَةَ أَي غَفْلَةٌ والغَبيُّ على فَعيل الغافِلُ القليلُ الفِطْنة وهو من الواو وأَما أَبو علي فاشْتَقَّ الغَبيَّ من قولهم شَجَرَة غَبْياءُ كأَنَّ جهْلَه غَطَّى عنه ما وَضَح لغيره وغَبِيَ الرجُلُ غَباوةً وغَباً وحكى غيره غَباءً بالمدّ وفي الحديث إلا الشَّياطِينَ وأَغْبِياءَ بني آدم الأَغبياء جمع غَبِيٍّ كغني وأَغْنِياء ويجوز أَن يكون أَغْباءً كأَيْتامٍ ومثلُه كمِيٌّ وأَكْماءٌ وفي الحديث قَلِيلُ الفِقْهِ خيرٌ كثيرِ العباوةِ وفي حديث عَليٍّ تغابَ عن كلِّ ما لا يَصِحُّ لك أَي تغافَلْ وتَبالَهْ وحكى ابن خالويه أَنَّ الغَباء الغُبارُ وقد يضم ويقصر فيقال الغُبَى والغُباءُ شبيهٌ بالغَبَرَة تكونُ في السماء والغَبْيَة الدفْعَة من المطر وقال امرؤ القيس وغَبْيَة شُؤْبُوبٍ من الشِّدِّ مُلْهِب وهي الدفْعَة من الخُضْر شَبَّهها بدفْعَة المطر قال ابن سيده الغَبْية الدفْعة الشديدةُ من المطر وقيل هي المَطْرَة ليست بالكثيرة وهي فوقَ البَغْشَةِ قال فصَوَّبْتُه كأَنَّه صَوْبُ غَبْيةٍ على الأمْعَزِ الضَّاحي إذا سِيطَ أَحْضَرا ويقال أَغْبَتِ السماءُ إغْباءً فهي مُغْبِيَة قال الراجز وغَبَياتٌ بينَهُنَّ وَبْلُ قال وربما شُبِّه بها الجَرْيُ الذي يَجِيءُ بعدَ الجَرْي الأَوَّل وقال أَبو عبيد الغَبْية كالوَثْبَة في السَّيْر والغَبْية صَبٌ كثيرٌ من ماءٍ ومن سياطٍ عن ابن الأعرابي أنشد إنَّ دَواءَ الطامِحاتِ السَّجْلُ السَّوْطُ والرِّشاءُ ثم الحَبْلُ وغَبَياتٌ بَيْنَهُنَّ هَطْلُ قال ابن سيده وأَنا أُرى على التشبيه بغَبَيات المَطر وجاء على غَبْيةِ الشمسِ أي غَيْبتها قال أُراه على القلبِ وشجرةٌ غَبْياءُ مُلْتَفَّة وغُصن أَغْبَى كذلك وغَبْية التُّرابِ ما سَطَعَ منه قال الأعشى إذا حالَ من دُونها غَبْيةٌ من التُّرْبِ فانْجال سِربالُها وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أَنه قال الحُمَّى في أُصول النَّخْل وشَرُّ الغَبَياتِ غَبْية التَّبْل وشرُّ النساء السُّوَيْداء المِمْراضُ وشَرٌّ منها الحُمَيْراءُ المِحْياضُ وغَبَّى شَعْره قَصَّر منه لغة لعبد القيس وقد تكلم بها غيرهم قال ابن سيده وإنما قضينا بأَنَّ أَلِفَها ياءٌ لأنها ياءٌ واللامُ ياءً أَكثرُ منها واواً وغَبَّى الشيءَ سَتَره قال ابن أَحمر فما كَلَّفْتُكِ القَدَرَ المُغَبَّى ولا الطَيرَ الذي لا تُعبِرِينَا الكسائي غَبَّيت البئرَ إذا غَطَّيت رَأْسها ثم جَلعت فوقَها تُرابًا قال أَبو سعيد وذلك التُّرابُ هو الغِباءُ والغابياءُ بعضُ جِحَرة اليَرْبوع

غثا
الغُثاءُ بالضم والمدّ ما يَحملِهُ السَّيلُ من القَمَشِ وكذلك الغُثَّاءُ بالتشديد وهو أَيضاً الزَّبَد والقَذَر وحَدَّه الزجاج فقال الغُثاءُ الهالِكُ البا من ورق الشجر الذي إذا خَرَجَ السيلُ رأَيته مخالِطاً زَبَدَه والجمع الأَغْثاء وفي حديث القيامة كما تَنْبتُ الحِبَّة في غُثاءِ السيلِ قال الغُثاءُ بالمدّ والضم ما يجيءُ فوقَ السيلِ مما يَحْمِلُه من الزَّبَدِ والوَسَخِ وغيره وقد تكرر في الحديث وجاء في مسلم كما تَنْبُت الغُثاءةُ يريد ما احتمَله السيلُ من البُزورات وفي حديث الحسن هذا الغُثاءُ الذي كنا نُحَدَّث عنه يريد أَرْذال الناسِ وسَقَطهم وغَثا الوادِي يَغْثْو غَثْواً فهو غاثٍ إذا كثر غُثاؤُه وهو ما عَلا الماءَ قال ابن سيده هذه الكلمة يائِيَّة وواوِيَّة والغَثَيان خُبْثُ النفس غَثَتْ نَفْسَه تَغْثِي غَثْياً وغَثَياناً وغَثِيَتْ غَثىً جاشت وخَبُثَتْ قال بعضهم هو تحلُّب الفَمِ فربَّما كان منه القَيءُ وهو الغَثَيان وغَثَت السماء بسَحاب تَغْثِي إذا بَدَأَت تُغِيمُ وغَثَا السيلُ المَرْتَعَ يَغْثوه غَثْواً إذا جمع بعضه إلى بعض وأَذْهَب حلاوَتَه وأَغْثاهُ مثلُه وقال أَبو زيد غَثا الماءُ يَغْثُو غَثْواً وغَثاءً إذا كثر فيه البَعَرُ والوَرَق والقَصب وقال الزجاج في قوله تعالى الذي أَخرج المَرْعَى فجعله غُثاءً أََحْوَى قال جَعَله غُثاءً جَفَّفَه حتى صَيَّره هَشِيماً جافاً كالغُثاء الذي تراه فوق السَّيل وقيل معناه أَخْرَج المَرْعَى أَحْوَى أَي أَخْضَر فجَعَله غُثاءً بعدَ ذلك أَي يابساً وحكى ابن جني غَثَى الوادِي يَغْثِي فهمزةُ الغُثاءِ على هذا منقلبة عن ياء وسَهّلَه ابن جني بأَن جَمَع بينه وبين غَثَيان المعدَة لما يَعْلوها من الرُّطوبةِ ونحوها فهو مُشَبّه بغُثاء الوادي والمعروف عند أَهْلِ اللغة غَثَا الوادِي يَغْثُو غَثًا قال الأَزهري الذي رواه أَبو عبيد عن أَبي زيد وغيره غَثَتْ نَفسُه غَثْياً وأَما الليث فقال في كتابه غَثِيَت نفسُه تَغْثَى غَثىً وغَثَيانًا قال الأَزهري وكلام العرب على ما رواه أَبو عبيد قال وما رواه الليث فهو مولَّد وذكر ابن بري في ترجمة عَثَا يقال للضَّبعُ عَثْواء لكَثْرةِ شعرها قال ويقال غَثْواءُ بالغين المعجمة قال الشاعر لا تَسْتَوي ضَبُعٌ غَثْواءُ جَيْأَلَةٌ وعَلْجَمٌ من تُيوسِ الأُدْمِ قِنْعال
( * قوله « قنعال » هو هكذا في الأصل المعتمد بيدنا بالعين المهملة )

غدا
الغُدْوة بالضم البُكْرَة ما بين صَلاةِ الغَداة وطلُوعِ الشمس وغُدْوَةُ من يومٍ بعينِه غير مُجْراة عَلَمٌ للوقت والغداة كالغُدْوة وجمعها غَدَوات التهذيب وغُدْوة معرفة لا تُصْرَفُ قال الأزهري هكذا يقولُ قال النحويون إنها لا تُنَوَّن ولا يَدخل فيها الأَلِف واللامُ وإذا قالوا الغَداة صَرَفوا قال الله تعالى بالغداة والعَشِيِّ يُريدون وجْهَه وهي قراءةُ جميع القُرّاء إلا ما رُوي عن ابن عامرٍ فإنه قرأَ بالغُدْوَةِ وهي شاذة ويقال أَتَيْته غُدْوَةَ غير مصروفةٍ لأَنها معرفة مثلُ سَحَر إلاّ أَنها من الظروفِ المُتَمَكِّنةِ تقولُ سِيرَ على فَرسك غُدْوَةَ وغُدْوةً وغُدوَةُ وغُدوةٌ فما نُوِّنَ من هذا فهو نَكِرَة وما لم يُنَوَّنْ فهو معرفة والجمع غُدىً ويقال آتِيك غَداةَ غَدٍ والجمع الغَدَواتُ مثل قَطاةٍ وقَطَواتٍ الليث يقال غَدَا غَدُكَ وغَدَا غَدْوُكَ ناقصٌ وتامٌّ وأَنشد للبيد وما الناسُ إلاَّ كالدِّيارِ وأَهلِها بها يومَ حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ وغَدٌ أَصلُه غَدْوٌ حَذَفُوا الواوَ بلا عوضٍ ويدخلُ فيه الأَلفُ واللامُ للتعريف قال اليوم عاجله ويعذل في الغد
( * قوله « اليوم عاجله إلخ » هو هكذا في الأصل )
وقال آخر
( * هو النابغة واول البيت لا مرحباً بغد ولا أهلاً بِه )
إن كانَ تَفْرِيقُ الأَحِبَّةِ في غَدِ وغْدْوٌ هو الأَصلُ كما أَتى به لَبِيد والنِّسبةُ إليه غَدِيٌّ وإن شئت غَدَوِيٌّ وأَنشد ابن بري للراجز لا تَغْلُواها وادْلُواها دَلْوَا إنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخاه غَدْوَا وفي حديث عبدِ المطلبِ والفيلِ لا يَغْلِبَنّ صَليبُهُم ومِحالُهمْ غَدْواً مِحالَكْ الغَدْوُ أَصلُ الغَدِ وهو اليومُ الذي يأْتي بعدَ يومِك فحُذِفَت لامُه ولم يُسْتَْعمَلْ تامّاً إلاَّ في الشعر ولم يُرد عبدُ المطَّلب الغَدَ بعَيْنِه وإنما أَرادَ القريبَ من الزمان والغَدُ ثاني يومكَ محذوفُ اللامِ وربما كُنِيَ به عن الزَّمن الأَخِير وفي التنزيل العزيز سَيَعْلَمُونَ غَداً مَن الكَذَّابُ الأَشِرُ يعني يومَ القيامة وقيل عَنَى يومَ الفتح وفي حديث قَضَاءِ الصلَواتِ فلْيُصَلِّها حين يذكُرُها ومن الغَدِ لِلْوَقْتِ قال الخطابي لا أَعْلَمُ أَحداً من الفُقهاء قال إنَّ قضاء الصلَواتِ يؤخَّر إلى وقتِ مثْلِها من الصلواتِ ويُقْضى قال ويُشْبِه أَن يكونَ الأَمرُ اسْتِحْباباً ليَحُوزَ فَضِيلة الوقتِ في القَضاء ولم يرد إعادة الصلاة المَنْسِية حتى تُصَلَّى مَرَّتَين وإنما أَراد أَن هذه الصلاة وإن انْتَقل وقتُها للنِّسيْان إلى وقتِ الذُّكْر فرنها باقِيةٌ على وقتها فيما بعد ذلك مع الذُّكْرِ لئلاَّ يَظُنَّ ظانٌّ أَنها قد سَقَطت بانِقضاءِ وقتها أَو تَغَيّرَتْ بتَغَيُّرِه وقال ابن السكيت في قوله تعالى ولْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قدَّمَتْ لغَدٍ قال قدّمت لغد بغير واو فإذا صَرَّفوها قالوا غَدَوْت أَغْدوُ غَدْواً وغُدُوّاً فأَعادوا الواوَ وقال الليث الغُدُوُّ جمع مثلُ الغَدَواتِ والغُدَى جمعُ غُدْوَة وأَنشد بالغُدى والأَصائِلِ وقالوا إني لآتِيه بالغَدايا والعَشايا والغَداةُ لا تُجْمع على الغَدايا ولكنهم كسَّروه على ذلك ليطابقوا بين لَفظِه ولَفْظِ العشايا فإذا أَفْردُوه لم يكَسِّروه وقال ابن السكيت في قولهم إني لآتيِه بالغَدايا والعَشايا قال أَرادوا جمع الغَداة فأَتْبَعُوها العَشايا للازدواج وإذا أَفْرَدَ لم يجز ولكن يقال غَداةٌ وغَدَواتٌ لا غيرُ كما قالوا هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني وإنما قالوا أَمْرَأَني قال ابن الأعرابي غَدِيَّةٌ مثلُ عَشِيَّة لغةٌ في غَدْوةٍ كضَحيَّة لغة في ضَحْوة فإذا كان كذلك فغَدِيَّة وغَدايا كعَشِيَّةٍ وعَشايا قال ابن سيده وعلى هذا لا تقول إنَّهم إنما كَسَّروا الغَدايا من قولهم إني لآتيه بالغدايا والعَشايا على الإتْباع للعشايا إنما كسَّروه على وجْهِه لأن فَعِيلة بابُه أَن يكَسَّر على فَعائِلَ أَنشد ابن الأعرابي أَلا لَيْتَ حَظِّي من زِيارَة أُمِّيَهْ غَدِيَّاتُ قَيْظِ أَو عَشِيّاتُ أَشْتِيَهْ قال إنما أَراد غَدِيَّات قيظٍ أَو عَشِيّات أَشْتِية لأَنَّ غدِيَّاتِ القَيْظِ أَطول من عَشِيَّاتِه وعَشِيَّاتُ الشتَاءِ أَطْولُ من غَدِيَّاته والغُدُوُّ جمع غداةٍ نادرةٌ وأَتَيْته غُدَيَّانات على غير قياس كعُشَيَّانات حكاهما سيبويه وقال هما تصغيرٌ شاذّ وغَدا عليه غدْواً وغُدُوّاً واغْتَدى بكَّر والاغْتِداء الغُدُوُّ وغاداه باكَره وغَدَا عليه والغُدُوُّ نقِيضُ الرَّواحِ وقد غَدا يَغْدُو غُدُوّاً وقوله تعالى بالغُدُوِّ والآصالِ أَي بالغدوات فعبَّر بالفعْل عن الوَقْتِ كما يقال أَتَيْتُك طلوعَ الشمسِ أَي في وقْتِ طلوع الشمس ويقال غَدا الرجلُ يَغْدُو فهو غادٍ وفي الحديث لَغَدْوَةٌ أَو رَوْحَةٌ في سبيلِ الله الغَدْوة المَرَّة من الغُدُوِّ وهو سَيْرُ أَولِ النهارِ نقيضُ الرَّواحِ والغادِيَة السَّحابَة التي تَنْشَأُ غُدْوة وقيل لابنة الخُسِّ ما أَحْسَنُ شيءٍ ؟ قالت أَثَرُ غادية في إثْرِ ساريةٍ في مَيْثاء رابيَةٍ وقيل الغادِية السَّحابة تنشأُ فتُمْطر غُدْوةً وجمعُها غَوادٍ وقيل الغادِيةُ سحابةٌ تَنْشَأُ صباحاً والغَداءُ الطَّعامُ بعَيْنِه وهو خِلافُ العَشاء ابن سيده الغَداءُ طَعامُ الغُدْوِةِ والجمع أَغْدِيَة عن ابن الأَعرابي أَبو حنيفة الغَداءُ رَعْيُ الإبلِ في أَولِ النهارِ وقد تَغَدَّتْ وتَغَدَّى الرجل وغَدَّيْتُه ورجلٌ غَدْيانُ وامرأَة غَدْيا على فَعْلى وأَصلُها الواو ولكنها قُلِبَت اسْتِحْساناً لا عن قُوَّةِ علّة وغَدَّيْتُه فتَغَدَّى وإذا قيل لك تَغَدَّ قلتَ ما بي غَدَاءٌ حكاه يعقوبُ وتقول أَيضاً ما بي من تَغَدٍّ وقيل لا يقال ما بي غَداء
( * قوله « قلت ما بي غداء » حكاه يعقوب هكذا في الأصل وعبارة المحكم قلت ما بي تغدّ ولا تقل ما بي غداه حكاه يعقوب ) ولا عَشاءٌ لأَنه الطعامُ بعيْنه وإذا قيل لك ادْنُ فكُلْ قلتَ ما بي أَكْلٌ بالفتح وفي حديث السحور قال هَلُمَّ إلى الغَداء المُباركِ قال الغَداءُ الطعامُ الذي يُؤْكَل أَوّلَ النهارِ فسُمِّي السحور غَداءً لأَنه للصائم بمنزلته لِلمُفْطِر ومنه حديث ابن عباس كنتُ أَتَغَدَّى عندَ عُمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه في رمضانَ أَي أَتَسَحَّر ويقال غَدِيَ الرجل يَغْدَى فهو غَدْيانٌ وامرأَة غَدْيانةٌ وعَشِيَ الرجلُ يَعْشى فهو عَشْيانٌ وامرأَةٌ عَشْيانةٌ بمعنى تَغَدَّى وتَعَشَّى وما تَرَكَ من أَبِيهِ مَغْدًى ولا مَراحاً ومَغْدَاةً ولا مَراحَةً أَي شَبَهاً حكاهما الفارسي والغَدَوِيُّ كلُّ ما في بُطون الحَواملِ وقومٌ يجعَلونه في الشتاءِ خاصَّة والغَدَوِيُّ أَن يُباعَ البعيرُ أَو غيرُه بما يَضْرِب الفَحْلُ وقيل هو أَن تُباعَ الشاةُ بِنتاجِ ما نَزا به الكَبْشُ ذلك العامَ قال الفرزدق ومُهورُ نِسْوتِهمْ إِذا ما أَنْكحوا غَدَويُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبالِ قال ابن سيده والمَحْفوظ عند أَبي عبيد الغَذَوِيُّ بالذال المعجمة وقال شمر قال بعضهم هو الغَذَوي بالذال المعجمة في بيت الفرزدق ثم قال ويروى عن أَبي عبيدة أَنه قال كلُّ ما في بُطون الحَواملِ غَدَويٌّ من الإِبل والشاءِ وفي لغة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في بطون الشاءِ خاصة وأَنشد أَبو عبيدة أَرْجُو أَبا طَلْقٍ بحُسْنِ ظَنِّى كالغَدَوِيِّ يُرْتَجَى أَن يُغْني وفي الحديث عن يزيدَ بن مرَّة أَنه قال نُهِي عن الغَدَويِّ وهو كلُّ ما في بُطون الحوامِل كانوا يَتبايَعُونَه فيما بينهم فنُهوا عن ذلك لأَنه غَرَرٌ وأَنشد أَعْطَيْتِ كَبْشاً وارِمَ الطِّحالِ بالغَدَوِيَّاتِ وبالفِصالِ وعاجِلاتِ آجِلِ السِّخَالِ في حلَقِ الأَرْحامِ ذِي الأَقْفالِ وبعضهم يرويه بالذال المعجمة وغادِيَةُ امْرأَةٌ من بني دُبَيْرٍ وهي غادِيَة بنتُ قَزَعَة

غذا
الغِذاءُ ما يُتَغَذّى به وقيل ما يكونُ به نَماءُ الجِسْمِ وقِوامُه من الطَّعامِ والشَّرابِ واللَّبن وقيل اللَّبَنُ غِذاء الصغير وتُحْفَةُ الكَبيرِ وغَذاهُ يَغٌذُوهُ غِذاء قال ابن السكيت يقال غَذَوْتُه غِذاءً حَسَناً ولا تقل غَذَيْتُه واستَعْمله أَيوبُ بنُ عَبايةَ في سَقْيِ النَّخل فقال فجاءَتْ يَداً مَعَ حُسْنِ الغِذَا ءِ إِذْ غَرْسُ قَوْمٍ قَصِيرٌ طويلُ غَذاهُ غَذْواً وغَذَّاه فاغْتَذى وتغَذَّى ويقال غَذَوْتُ الصبيَّ باللَّبَنِ فاغْتذَى أَي رَبَّيْته به ولا يقال غَذَيْته بالياء والتَّغْذية أَيضاً التَّرْبية قال ابن سيده غَذَيتُ الصبِيَّ لغة في غَذَوْتُه إِذا غَذَّيْتَه عن اللحياني وفي الحديث لا تُغَذُّوا أَولادَ المشركين أَرادَ وَطْءَ الحَبالى من السَّبْيِ فجَعَلَ ماءَ الرَّجُلِ لِلْحَمْل كالغذَاء والغَذِيُّ السَّخْلَةُ أَنشد أَبو عمرو بنُ العلاء لو أَنَّني كُنْتُ من عادٍ ومن إِرَمِ غَذِيَّ بَهْمٍ ولُقْماناً وذا جَدَنِ قال ابن بري البيت لأَفْنُونٍ التغلبي واسمه صُرَيم بن مَعْشر قال وغَذِيُّ بَهْمٍ في البيت هو أَحد أَملاكِ حِمْيَرَ وسُمِّي بذلك لأَنه كان يُغَذَّى بلُحُوم البَهْمِ وعليه قول سلمى بن ربيعة الضَّبّي من لَذَّة العَيْشِ والفَتَى للدهر والدَّهْرُ ذُو فُنُونِ أَهْلَكْنَ طَسْماً وبَعْدَهمْ غَذِيَّ بَهْمٍ وذا جُدُونِ قال ويَدُلُّك على صحة ذلك عَطْفُه لقماناً وذا جَدَنٍ عليه في قوله لو أَنني كنتُ من عادٍ ومن إرَمِ قال وهو أَيضاً خبر كُنتُ ولا يَصِحُّ كنتُ سِخالاً قال الأَصمعي أَخْبرَني خَلَف الأَحْمر أَنه سمِع العرب تنشد البيت غُذَيَّ بَهْمٍ بالتصغير لقبُ رجلٍ قال شمر وبلغني عن ابن الأَعرابي أَنه قال الغَذَوِيُّ البَهْمُ الذي يُغَذَى قال وأَخبرني أَعرابي من بَلْهُجَيم قال الغَذَوِيُّ الحَمَلُ أَو الجَدْيُ لا يُغَذَّى بلَبَنِ أُمِّه ولكن يُعاجَى وجمع غَذِيٍّ غِذاءٌ مثلُ فَصِيلٍ وفِصالٍ ومنه قول عمر رضي الله عنه أَمُحْتَسِبٌ عليهم بالغِذاءِ هكذا رواه الجوهري وقال ابن بري الصواب في حديث عمر أَنه قال احْتَسِبْ عليهم بالغِذَاءِ ولا تَأْخُذْها منهم وكذلك ورد في حديث عمر رضي الله عنه أَنه قال لعامل الصَّدَقات احْتَسِبْ عليهم بالغِذاءِ ولا تأْخذها منهم قال أَبو عبيدة الغِذاءُ السِّخالُ الصِّغارُ واحِدُها غَذِيٌّ وفي حديث عمر رضي الله عنه شَكا إِليه أَهلُ الماشِيَة تَصْديقَ الغِذاء وقالوا إِن كنتَ مُعْتَدًّا علينا بالغِذاءِ فخُذْ منه صَدَقَته فقال إِنا نَعْتَدُّ بالغِذاءِ حتى السَّخْلَةَ يَرُوحُ بها الرَّاعِي على يَدِه ثم قال في آخره وذلك عَدْلٌ بَيْنَ غِذاء المالِ وخِيارِه قال ابن الأَثير وإِنما ذَكَّرَ الضميرَ رَدّاً إِلى لفظ الغِذاء فإِنه بوزْن كِساءٍ ورداءٍ قد جاء السِّمامُ المُنْقَع وإن كان جَمْع سَمٍّ قال والمراد بالحديث أَنْ لا يَأْخُذَ الساعي خِيارَ المالِ ولا رَدِيَّه وإِنما يَأْخُذُ الوسَط وهو معنى قوله وذلك عَدْلٌ بين غِذاءِ المال وخيارِه وغَذِيُّ المال وغَذَوِيُّه صِغارُه كالسِّخالِ ونحْوِها والغَذَوِيُّ أَن يَبِيعَ الرجُلُ الشاةَ بِنتاجِ ما نَزَا به الكَبْشُ ذلك العامَ قال الفرزدق ومُهُورُ نِسْوَتِهِمْ إِذا ما أَنكحوا غَذَوِيُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبالِ ويروى غَدَوِيُّ بالدال المهملة منسوب إِلى غَدٍ كأَنهم يُمَنُّونَه فيقولون تَضَعُ إِبلُنا غَداً فنُعْطِيك غَداً قال ابن بري وروى أَبو عبيد هذا البيت ومُهورُ نِسْوَتِهِم إِذا ما أَنْكَحُوا بفتح الهمزة والكاف مبنياً للفاعل والغَذَى مقصورٌ بَوْلُ الجَمَلِ وغَذَا بِبَوْلهِ وغَذاهُ غَذْواً قَطَعَه وفي التهذيب غَذَّى البيعرُ ببَوْلِه يُغَذِّي تَغْذِيَةً وفي الحديث حتى يَدْخُلَ الكلبُ فيُغَذِّيَ على سَواري المَسْجِدِ أَي يبولَ على السَّوارِي لعدَم سُكَّانِه وخُلُوِّه من الناس يقال غَذَّى ببَوْلِه يغذي إِذا أَلقاهُ دَفْعَة دَفْعَة غَذَا البَوْلُ نَفْسُه يَغْذُو غَذْواً وغَذَواناً سالَ وكذلك العَرَقُ والماءُ والسِّقاءُ وقيل كلُّ ما سالَ فقد غَذَا والعِرْق يَغْذُو وغَذْواً أَي يسِيلُ دَماً ويُغَذِّي تَغْذيَةً مثلُه وفي حديث سعد بن مُعاذٍ فإِذا جُرْحُه يَغْذُو دَماً أَي يَسِيلُ وغَذَا الجُرْحُ يَغْذُو إِذا دام سَيَلانُه وفي حديث العباس مَرَّت سَحابة فنظر إِليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما تُسَمُّون هذه ؟ قالوا السَّحابَ قال والمُزْنَ قالوا والمُزْنَ قال والغَيْذَى قال الزمخشري كأَنَّه فَيْعَلٌ من غَذا يَغْذُو إِذا سالَ قال ولم أَسمع بفَيْعل في معتلّ اللام غير هذا إِلاَّ الكَيْهاةَ وهي الناقة الضَّخْمة قال الخطابي إِن كانَ محفوظاً فلا أُراه سُمِّي به إِلاَّ لسيلان الماء من غَذَا يَغْذُو وغَذَا البَوْلُ انْقَطَع وغَذَا أَي أَسْرَع والغَذَوانُ المُسْرِعُ الذي يَغْذُو ببَوْلِه إِذا جَرَى قال وصَخْر بن عَمْرِو بنِ الشريدِ كأَنَّه أَخُو الحَربِ فَوْقَ القارِح الغَذَوانِ هذه رواية الكوفيين ورواه غيرهم العَدَوانِ بالفتح وقد غَذَا والغَذَوانُ أَيضاً المُسْرِع وفي الصحاح والغَذَوانُ من الخَيْل النَّشِيطُ المُسْرِعُ وقد روي بيتُ امرئ القيس كَتَيْسِ ظِباءِ الحُلَّب الغَذَوانِ مكان العَدَوانِ أَبو عبيد غَذَا الماءُ يَغْذُو إِذا مرَّ مرّاً مُسرِعاً قال الهذلي تَعْنُو بمَخْرُوتٍ لَه ناضِحٌ ذُو رَيِّقٍ يَغْذُو وذُو شَلْشَلِ وعَرَقٌ غاذٍ أَي جارٍ والغَذَوان النَّشِيطُ من الخيل وغذا الفَرسُ غَذواً مَرَّ مَرّاً سَريعاً أَبوزيد الغاذِية يافُوخُ الرَأْسِ ما كانَتْ جِلْدَةً رَطْبَةً وجَمْعُها الغَواذِي قال ابن سيده والغاذِيةُ من الصَّبيِّ الرَّمَّاعَةُ ما دامَتْ رَطْبَةً فإِذا صَلُبَتْ وصارَتْ عَظماً فهي يافُوخٌ

غرا
الغِراءُ الذي يُلْصَق به الشيءُ يكونُ من السَّمَكِ إِذا فَتَحْتَ الغَين قَصَرتَ وإِن كَسَرْت مَدَدْتَ تقول منه غَرَوْتُ الجِلْدَ أَي أَلْصَقْتُه بالغِراءِ وغَرَا السِّمَنُ قَلْبَهُ يَغْرُوه غَرْواً لَصِقَ به وغَطَّاه وفي حديث الفَرَعِ لا تَذْبحْها وهي صغِيرَة لم يَصْلُبْ لَحْمُها فيَلْصَقَ بعضُها ببعضٍ كالغِراءِ قال الغِرَا بالمدِّ والقَصْرِ هو الذي يُلْصَقُ به الأَشياء ويُتَّخذُ من أَطْرافِ الجُلود والسَّمَكِ ومنه الحديث فَرِّعُوا إِن شِئْتُمْ ولكن لا تَذْبَحُوا غَرَاةً حتى يَكْبَرَ وهي بالفتح والقصر القِطْعَة من الغَرَا وهي لغة في الغِراء وفي الحديث لَبَّدْت رَأْسِي بغِسْلٍ أَو بغِراءٍ وفي حديث عمرو بن سَلَمَة الجَرْمي فكأَنَّما يَغْرَى في صَدْرِي أَي يَلْصَقُ به يقال غَرِيَ هذا الحديث في صَدْري بالكسر يَغْرى بالفتح كأَنه أُلْصِقَ بالغِراءِ وغَرِيَ بالشيء يَغْرى غَراً وغَراءً أُولِعَ به وكذلك أُغْرِيَ به إِغْراءً وغَراةً وغُرِّيَ وأَغْراهُ به لا غيرُ والاسم الغَرْوى وقيل الاسم الغَراءُ بالفتح والمد وحكى أَبو عبيد غارَيْتُ بين الشَّيْئين غِراءً إِذا والَيْت ومنه قول كثير إِذا قُلْتُ أَسْلُو غارَتِ العَيْنُ بالبُكا غِرَاءً ومَدّتْها مَدامِعُ حُفَّلُ قال وهو فاعلْت من قولك غَرِيت به أَغْرى غَراءً وغَرِيَ به غَراةً فهو غَرِيٌّ لَزِقَ به ولَزمه عن اللحياني وفي حديث جابر فَلمَّا رأَوه أَغْروا بي تلك الساعة أَي لَجُّوا في مُطالَبتي وأَلَحُّوا وغارَيْتُه أُغارِيه مُغاراةً وغِراءً إِذا لاجَجْتَه وقال في بيت كثير إِذا قُلتُ أَسْلُو غارَتِ العَيْنُ بالبُكا غِراءً ومَدَّتها مَدامِعُ حُفَّلُ قال هو من غارَيْت وقال خالد بن كُلْثوم غارَيْتُ بين اثْنَيْن وعادَيْتُ بين اثْنَيْن أَي والَيت وأَنشد أَيضاً بيت كثير ويقال غارَت فاعَلَتْ من الوِلاءِ وقال أَبو عبيدة هي فاعَلَت من غَرِيت به أَغْرَى غَراءً وأَغْرَى بينهم العَداوة أَلْقاها كأَنه أَلْزَقَها بهمْ والاسم الغَراةُ والإِغْراءُ الإِيسادُ وقد أَغْرَى الكَلْبَ بالصَّيْد وهو منه لأَنه إِلْزاقٌ وأَغْرَيْتُ الكَلْبَ إِذا آسَدْتَه وأَرَّشْتَه وغَريتُ به غَراءً أَي أُولِعْتُ وغَريت به غَراةً قال الحرث لا تُحِلْنا على غَراتِكَ إِنّا قَبْلُ ما قَدْ وَشى بنا الأَعْداءُ أَي على إِغْرائِكَ بنا إِغْراءً وغَراةً وهو يُغارِيه ويُوارِيه ويُمارِيه ويُشارُّه ويُلاحُّه قال الهذلي ولا بالدِّلاءِ لَه نازِعٌ يُغاري أَخاهُ إِذا ما نَهاهُ وغَرَا الشيءَ غَرْواً وغَرَّاهُ طَلاهُ وقَوْسٌ مَغْرُوَّةٌ ومَغْرِيَّةٌ بُنِيت الأَخيرة على غَرَيْت وإِلا فأَصله الواو وكذلك السَّهْمُ ويقال غَرَوْتُ السَّهْمَ وغَرَيْته بالواو والياء أَغْرُوه وأَغْريه وهو سَهْمٌ مَغْرُوٌّ ومَغْرِيٌّ قال أَوس لأَسْهُمِه غارٍ وبارٍ وراصِفُ وفي المثل أَدْرِكْني ولو بأَحَدِ المَغْرُوَّيْنِ قيل يعني بالمَغْرُوَّيْنِ السمَ والرُّمْحَ عن أَبي عليّ في البصريات وقيل بأَحَد السَّهْمَيْنِ وقال ثعلب أَدْرِكْني بسهم أَو برُمْحٍ قال الأَزهري ومن أَمثالهم أَنْزِلْني ولَوْ بأَحَدِ المَغْرُوَّيْن حكاه المُفَضَّل أَي بأَحَد السَّهْمَيْن قال وذلك أَن رجلاً رَكِبَ بعِيراً صَعْباً فَتَقَحَّمَ به فاسْتغاث بصاحبٍ له معه سَهْمان فقال أَنْزِلْني ولو بأَحَدِ المَغْرُوَّيْنِ قال ابن بري يُضْرَب مثلاً في السُّرْعةِ والتعجِيلِ بالإِغاثةِ ولو بأَحَدِ السَّهْمَيْن المكسورَين وقيل بل الذي لم يَجِفّ عليه الغِراء والغِراءُ ما طُليَ به قال بعضهم غَرَى السَّرْجِ مقصورٌ مفتوحُ الأَوّل فإِذا كسَرْتَه مَدَدْتَه وقال أَبو حنيفة قومٌ يفتحون الغَرَا فيَقْصُرونَه وليْست بالجَيِّدة والغَريُّ صِبْغٌ أَحْمَر
( * قوله « والغري صبغ أحمر » هو هكذا في الأصل وكذلك ضبطه شارح القاموس كغني ) كأَنه يُغْرَى به قال كأَنَّما جَبِينُه غَرِيُّ الليث الغِراءُ ما غَرَّيْتَ به شيئاً ما دامَ لَوناً واحداً ويقال أَيضاً أَغْرَيْتُه ويقال مَطْلِيٌّ مُغَرّى بالتشديد والغَرِيُّ صَنَمٌ كانَ طُليّ بدَمٍ أَنشد ثعلب كغَرِيٍّ أَجْسَدَتْ رَأْسَه فُرُعٌ بينَ رِئاسٍ وحام أَبو سعيد الغَريُّ نُصُبٌ كان يُذْبَحُ عليه النسكُ وأَنشد البيت والغَرَى مقصورٌ الحسن والغَريّ الحَسَنُ من الرجالِ وغيرهمْ وفي التهذيب الحَسن الوَجْه وأَنشد ابن بري للأَعشى وتَبْسِمُ عَن مَهاً شَبِمٍ غَرِيٍّ إِذا تُعْطِي المُقَبِّلَ يَسْتَزيدُ وكلُّ بناءٍ حَسَنٍ غَرِيُّ والغَرِيَّانِ المَشْهورانِ بالكوفة منه حكاها سيبويه أَنشد ثعلب لو كان شيءٌ لَهُ أَنْ لا ليَبِيدَ على طُولِ الزَّمانِ لَمَا بادَ الغَرِيَّانِ قال ابن بري وأَنشد ثعلب لو كان شيءٌ أَبَى أَنْ لا يَبِيدَ على طُولِ الزَّمانِ لَمَ بادَ الغَرِيَّانِ قال وهما بناءَان طويلان يقال هُما قَبْرُ مالكٍ وعَقِيلٍ نَديمَي جَذيمَةَ الأَبْرش وسُمِّيا الغَريَّيْن لأَنَّ النعمان بن المنذرِ كان يُغَرِّيهما بدَمِ من يَقْتُله في يوم يُؤْسِه قال خطام المجاشعي أَهَلْ عَرَفْتَ الدارَ بالغَرِيَّيْنْ ؟ لم يَبْقَ منْ آيٍ بها يُحَلَّيْنْ غير خِطامٍ ورَمادٍ كِنْفَيْنْ وصالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَيْنْ والغَرْوُ موضعٌ قال عُرْوةُ بنُ الوَرْدِ وبالغَرْوِ والغَرَّاءِ منها مَنازِلٌ وحَوْلَ الصَّفَا منْ أَهْلِها مُتَدَوَّرُ والغَريُّ والغُرَيُّ موضعٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد أَغَرَّكَ يا مَوْصولُ منها ثُمالَةٌ وبَقْلٌ بأَكْناف الغَرِيِّ تُؤَانُ ؟ أَراد تُؤَامُ فأَبْدلَ والغَرَا وَلدُ البقرة وفي التهذيب البَقَرَةِ الوَحْشِيَّة قال الفراء ويكتب بالأَلف وتَثْنِيتُه غَرَوانِ وجمعه أَغْراءٌ ويقال للحُوارِ أَوَّلَ ما يُلدَ غَراً أَيضاً ابن شميل الغَرا مَنقُوصٌ هو الوَلَد الرَّطْبُ جِدّاً وكلُّ مولود غَراً حتى يَشْتَدَّ لَحْمه يقال أَيُكَلِّمُني فلانٌ وهو غَراً وغِرْسٌ للصَّبِيِّ والغَرْوُ العَجَب ولا غَرْوَ ولا غَرْوى أَي لا عَجَب ومنه قول طَرَفة لا غَرْوَ إِلاَّ جارَتي وسؤالَها أَلا هَلْ لَنا أَهْلٌ سئلت كذلك ؟ وفي الحديث لا غَرْوَ إِلاَّ أَكْلَةٌ بِهَمْطَةٍ الغَرْوُ العَجَبُ وغَرَوْت أَي عجبت ورَجلٌ غِراءٌ لا دابَّةَ له قال أَبو نُخَيْلة بَلْ لَفَظَتْ كلَّ غِراءٍ معظم وغَرِيَ العِدُّ بَرَدَ ماؤُه وروى بيت عمرو بن كُلْثوم كأَنَّ مُتُونَهُنَّ مُتُونُ عِدٍّ تُصَفِّقُه الرِّياحُ إِذا غَرِينا وغَرِيَ فلانٌ إِذا تمادَى في غَضَبه وهو من الواو

غزا
غَزَا الشيءَ غَزْواً أَرادَه وطَلَبَه وغَزَوت فُلاناً أَغْزُوه غَزْواً والغِزْوَة ما غُزِي وطُلِبَ قال ساعدة بن جُؤية لَقُلْتُ لدَهْرِي إِنه هو غِزْوَتي وإِنِّي وإِن أَرْغَبْتَني غيرُ فاعِلِ ومَغْزَى الكلام مَقْصِدُه وعَرفْتُ ما يُغْزَى من هذا الكلام أَي ما يُرادُ والغَزْوُ القَصْدُ وكذلك الغَوْزُ وقد غَزاهُ وغازَهُ غَزْواً وغَوْزاً إِذا قَصَدَه وغَزَا الأَمرَ واغْتَزاه كلاهما قَصَدَه عن ابن الأَعرابي وأَنشد قد يُغْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّمِ التَّجَرُّمُ هنا ادِّعاءُ الجُرْم وغَزْوِي كذا أَي قَصْدِي ويقال كا تَغْزو وما مَغزاك أَي ما مَطْلَبُك والغَزْوُ السيرُ إِلى قِتالِ العَدُوِّ وانْتِهابه غَزاهُم غَزْواً وغَزَواناً عن سيبويه صحت الواو فيه كراهِية الإِخلالِ وغَزواةً قال الهذلي تقولُ هُذَيْلٌ لا غَزاوة عندَه بَلَى غَزَواتٌ بَينَهُنّ تَواثُبُ قال ابن جني الغَزاوة كالشَّقاوة والسَّراوَةِ وأَكثرُ ما تأْتي الفَعالةُ مصدراً إِذا كانت لغيرِ المُتَعَدِّي فأَكما الغَزاوة ففِعْلُها مُتَعَدٍّ وكأَنها إِنما جاءت على غَزُوَ الرجلُ جاد غَزْوُه وقَضُوَ جادَ قضاؤُه وكما أَن قَوْلَهم ما أَضْرَبَ زيداً كأَنه على ضَرُبَ إِذا جادَ ضَرْبُه قال وقد رُوِينا عن محمد بن الحسن عن أَحمدَ بن يحيى ضَرُبَتْ يَدُهُ إِذا جاد ضَرْبُها وقال ثعلب إِذا قيل غَزاةٌ فهو عَمَلُ سنَةٍ وإِذا قيل غَزْوَةٌ فهي المَرَّةُ الواحدة من الغَزْوِ ولا يَطَّرِدُ هذا الأَصل لا تقول مثلَ هذا في لَقاةٍ ولَقْيَةٍ بل هما بمعنًى واحد ورجل غازٍ من قوم غُزًّى مثل سابقٍ وسُبَّقٍ وغَزِيّ على مثال فَعِيلٍ مثل حاجٍّ وحَجِيجٍ وقاطِنٍ وقَطِينٍ حكاها سيبويه وقال قلبت فيه الواو ياءً لخفة الياء وثقل الجمع وكسرت الزاي لمجاورتها الياء قال الأَزهري يقال لجمع الغازِي غَزِيٌّ مثل نادٍ ونَدِيٍّ وناجٍ ونَجِيٍّ للقوم يَتَناجَوْنَ قال زياد الأَعجم قُلْ للقَوافِلِ والغَزِيِّ إِذا غَزَوْا والباكِرين وللمُجِدِّ الرائِحِ ورأَيتُ في حاشية بعض نسخ حواشي ابن بري أَنَّ هذا البيت للصِّلِّيان العَبْدِي لا لزِياد قال ولها خبر رواه زياد عن الصِّلِّيان مع القصيدة فذُكِر ذلك في ديوان زياد فتَوهَّم من رآها فيه أَنها له وليس الأَمر كذلك قال وقد غلط أَيضاً في نسبتها لزياد أَبو الفَرَج الأَصْبهاني صاحب الأَغاني وتبعه الناسُ على ذلك ابن سيده والغَزِيُّ اسمٌ للجمع قال الشاعر سرَيْت بهم حتى تكلّ غَزِيُّهُم وحتى الجِيادُ ما يُقَدْن بأَرْسانِ وفي جمعِ غازٍ أَيضاً غُزَّاءٌ بالمدِّ مثلُ فاسِقٍ وفُسَّاقٍ قال تأَبَّط شَرًّا فيَوْماً يغُزَّاءٍ ويوماً بسُرْيةٍ ويوماً بخَشْخاشٍ مِنَ الرَّجْلِ هَيْضَلِ وغُزاةٌ مثلُ قاضٍ وقُضاةٍ قال الأَزهري والغُزَّى على بِناءِ الرُّكَّعِ والسُّجَّدِ قال الله تعالى أَو كانوا غُزًّى سيبويه رجلٌ مَغْزِيٌّ شَبَّهُوها حيث كانَ قَبْلَها حرفٌ مضمومٌ ولم يكن بينهما إِلاَّ حرفٌ ساكنٌ بأَدْلٍ والوجْهُ في هذا النَّحْوِ الواوُ والأُخرى عَرَبيَّة كثيرةٌ وأَغْزَى الرجلَ وغَزَّاه حَمَلَه على أَن يَغْزُوَ وأَغْزَى فلان فلاناً إِذا أَعْطاه دابَّة يَغْزُو عليها قال سيبويه وأَغْزَيْتُ الرجُل أَمْهَلْته وأَخَّرْت ما لي عليه من الدَّين قال وقالوا غَزاة واحدةٌ يريدون عَمَلَ وَجْهٍ واحدٍ كما قالوا حَجَّة واحدة يريدون عَمَلَ سنَةٍ واحدة قال أَبو ذؤيب بَعِيد الغَزاةِ فما إِنْ يَزا لُ مُضُطَمِراً طُرَّاتاهُ طَلِيحا والقياس غَزْوَة قال الأَعشى ولا بُدَّ من غَزْوَةٍ في الرَّبيعِ حَجُونٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا والنَّسب إِلى الغَزْوِ غَزَوِيٌّ وهو من نادر معدول النسب وإِلى غَزِيَّة غَزَوِيٌّ والمَغازِي مَناقِبُ الغُزاةِ الأَزهري والمَغْزَى والمَغْزاةُ والمغازي مواضِعُ الغَزْوِ وقد تكون الغَزْوَ نَفْسه ومنه الحديث كان إِذا اسْتَقْبَلَ مَغْزًى وتكون المَغازِي مَناقِبَهُم وغَزَواتِهِم وغَزَوْتُ العَدُوَّ غَزْواً والاسم الغَزاةُ قال ابن بري وقد جاء الغَزْوَة في شعر الأَعشى قال وفي كلِّ عامٍ أَنت حاسم غَزْوةٍ تَشُدُّ لأَقْصاها عَزِيمَ عَزائكا
( * قوله « حاسم » هو هكذا في الأصل )
وقوله وفي كلِّ عام له غَزْوَةٌ تَحُثُّ الدَّوابِرَ حَثَّ السَّفَنْ وقال جميل يقولُون جاهِدْ يا جميلُ يغَزْوَةٍ وإِنَّ جِهاداً طَيِّءٌ وقِتالُها تقديرها وإِنَّ جِهاداً جِهادُ طَيِّءٍ فحذف المضاف وفي الحديث قال يوم فتح مكة لا تُغْزَى قُرَيْشٌ بعدَها أَي لا تَكْفُرُ حتى تُغْزَى على الكُفْرِ ونظيره لا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبراً بعد اليومِ أَي لا يَرْتَدُّ فَيُقْتَلَ صَبْراً على رِدَّتِه ومنه الحديث الآخر لا تُغْزَى هذه بعدَ اليومِ إِلى يومِ القيامة يعني مكة أَي لا تَعودُ دارَ كُفْرٍ يُغْزَى عليه ويجوز أَن يُراد بها أَنَّ الكفَّار لا يَغْزُونَها أَبداً فإِن المسلمين قد غَزَوْها مَرَّات وأَما قوله ما مِنْ غازِيَةٍ تُخْفِقُ وتُصابُ إِلاَّ تَمَّ أَجْرُهُم الغازية تأْنيثُ الغازِي وهي ههنا صفةٌ لجماعة وأَخْفَقَ الغازِي إِذا لم يَغْنَم ولم يَظْفَرْ وأَغْزَتِ المرأَةُ فهي مُغْزِيَّةٌ إِذا غَزَا بَعْلُها والمُغْزِية التي غزَا زوجُها وبَقِيتَ وحْدُها في البيت وحديث عمر رضي الله عنه لا يزال أَحدُهم كاسِراً وِسادَهُ عند مُغْزِيةٍ وغَزا فلانٌ بفلانٍ واغْتَزَى اغْتزاءً إِذا اخْتصَّه من بين أَصحابه والمُغْزِيَة من الإِبل التي جازَتِ الحَقَّ ولم تَلِدْ وحَقُّها الوَقْت الذي ضُرِبَتْ فيه ابن سيده والمُغْزِيَة من النُّوقِ التي زادت على السَّنَةِ شَهْراً أَو نَحْوَه ولم تَلِدْ مثل المِدْراجِ والمُغْزي من الإِبلِ التي عَسُر لِقاحُها وأَغْزَتِ الناقةُ من ذلك ومنه قول رؤبة والحَرْبُ عسْراءُ اللِّقاحِ مُغْزِ أَي عَسِرَة اللقاح واستعارَه أُمَيَّة في الأُتُنِ فقال تُزَنُّ على مُغْزِياتِ العِقاقِ ويَقْرُو بها قفِراتِ الصِّلال يريد القَفِرات التي بها الصلال وهي أَمْطارٌ تَقَع متفرّقة واحدتها صَلَّة وأَتانٌ مُغْزِيةٌ متأَخرة النِّتاجِ ثم تُنْتَج والإِغْزاءُ والمُغْزى نِتاجُ الصَّيْفِ عن ابن الأَعرابي قال وهو مَذْموم وقال ابن سيده وعنْدي أَنَّ هذا ليس بشيء قال ابن الأَعرابي النِّتاجُ الصَّيٌفِي هو المُغْزى والإِغْزاءُ نِتاجُ سَوْءٍ حُوارُه ضعيف أَبداً الأَصمعي المُغْزِيَة من الغَنَمِ التي يَتَأَخَّرُ وِلادُها بعد الغَنَم شهراً أَو شَهْرَين لأَنها حَمَلت بأَخَرَة وقال ذو الرمة فجعل الإِغْزاءَ في الحمير رَباعٌ أَقبُّ البَطْنِ جأْب مُطَرَّد بلَحْيَيهِ صَكُّ المُغْزِياتِ الرَّواكِلِ وغَزِيَّة قبيلة قال دُريدُ بنُ الصِّمَّة وهَل أَنا إِلا من غَزِيَّةَ إِن غَوَتْ غَوَيْتُ وإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ وقال نَزَلت في غَزيَّة أَو مَرَاد وأَبو غَزيَّة كنية وابنُ غَزيَّة من شعراء هذيل وغَزْوان اسمُ رجل

غسا
غَسا الليلُ يَغْسُو غُسُوًّا وغَسِيَ يَغْسى قال ابن أَحمر كأَنّ الليلَ لا يَغْسى عَليه إِذا زَجَر السَّبَنْتاةَ الأَمُونا وأَغْسى يُغْسي أَظْلَم قال ابن أَحمر فلما غَسى لَيْلي وأَيْقَنْتُ أَنَّها هي الأُرَبى جاءَت بأُمِّ حَبَوْكَرى وقد ذكره ابن سيده في معتل الياء أَيضاً قال ابن بري شاهدُ أَغْسَى قول الهجيمي هَجَوْا شَرَّ يَرْبوعٍ رجالاً وخَيْرَها نِساءً إِذا أَغْسى الظلامُ تُزارُ قال وقال العجاج ومرّ أَعْوام بلَيْلٍ مُغْسِ وحكى ابنُ جنِّي غَسى يَغْسى كأَبى يأْبى قال وذلك لأَنهم شَبَّهوا الأَلفَ في آخِره بالهمزة في قَرَأَ يقْرأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ وقد قالوا غَسِيَ يَغْسى قال ابن سيده فقَدْ يجوز أَن يكون غَسى يَغْسى من التركيب يعني أَنه إِنما قامَ يَغْسى من غَسِيَ ويَغْسُو من غَسا وقد أَغْسَيْنا وذلك عند المغرب وبُعَيْده وأَغْسِ من اللَّيْل أَي لا تَسِرْ أَوَّله حتى يذهَبَ غُسُوُّه كما يقال أَفْحِمْ عنك من اللَّيْلِ أَي لا تَسِرْ حتى تَذْهب فَحْمَتُه وشيخٌ غاسٍ قد طالَ عُمْرُه قال ابن سيده ولم أَرَها بالغين المعجمة إِلاَّ في كتاب العين قال الأَزهري الصواب شيخٌ عاسٍ بالعين المهملة ومن قال غاسٍ فقد صحَّف والغَساةُ البَلَحة الصَّغيرةُ وجمعها غَسَواتٌ وغَساً وقال أَبو حنيفة الغَسا البَلَح فعَمَّ به وقال مَرَّةً الغاسِي أَوْلُ ما يخرُجُ من التَّمْرِ فيكون كأَبْعارِ الفِصالِ قال وإنما حملناه على الواو لمقارَبَتِهِ الغَسواتِ في المعنى

غشا
الغِشاءُ الغِطاءُ غَشَّيْت الشيءَ تَغْشِية إِذا غَطَّيْته وعلى بَصَره وقَلْبِه غَشْوٌ وغَشْوةٌ وغُشْوة وغِشْوة وغِشاوةٌ وغَشَاوَة وغُشاوةٌ وغاشِيةٌ وغُشْية وغُشاية وغِشايةٌ هذه الثلاث عن اللحياني أَي غِطاءٌ وغاشِية القَلْب وغِشاوتُه قَمِيصُه قال أَبو عبيد في القَلْبِ غِشاوةٌ وهي الجِلْدة المُلْبَسة وربما خرج فؤادُ الإِنسانِ والدابَّة من غِشائه وذلك من فَزَعٍ يَفْزَعه فيموتُ مكانه وكذلك تقول العرب أَنْخَلَعَ فؤادُه والفؤادُ في الجَوْفِ هو القَلْبُ وفيه سُوَيداؤه وهي عَلَقةٌ سَوْداءُ إِذا شُقَّ القَلْبُ بَدَتْ كقِطْعة كَبِدٍ والغِشاوةُ ما غَشِيَ القَلْبَ من الطَّبَع وقال بعضهم الغِشاوةُ جِلْدةٌ غُشِّيَتِ القَلْبَ فإِذا انْخَلَعَ منها القَلْب ماتَ صاحبُه وأَنشد ابن بري للحرث بن خالد المخزومي صَحِبْتُكَ إِذْ عَيْني عليها غِشاوةٌ فلمّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسي أَلُومُها تقول غَشَّيْت الشيءَ تَغْشِيةً إِذا غَطَّيْته وقد غَشَّى اللهُ على بَصَرِه وأَغْشى ومنه قوله تعالى فأَغْشَيْناهم فهم لا يُبْصِرُون وقال تعالى وعلى أَبْصارِهِمْ غِشاوةٌ وقرئ غَشْوة كأَنه رُدَّ إِلى الأَصل لأَن المصادر كلها تردّ إِلى فَعْلة والقراءة المختارة الغِشاوة وكل ما كان مشتملاً على الشيء فهو مبنيٌّ على فِعالَةٍ نحو الغِشاوةِ والعِمامة والعِصابة وكذلك أَسماءُ الصِّناعاتِ لاشْتِمالِ الصِّناعةِ على كلِّ ما فيها نحو الخِياطة والقِصارةِ وغَشِيَه الأَمْرُ وتغَشَّاه وأَغْشَيْته إِيَّاه وغَشَّيْته وفي التنزيل العزيز يُغْشِي الليلَ النهارَ وقال اللحياني وقرئ يُغَشِّي الليلَ النهارَ قال وقرئ في الأَنْفال يُغْشِيكُم النُّعاسَ ويُغَشِّكم النعاسَ ويَغْشاكُم النُّعاسُ وقوله تعالى هل أَتاكَ حديث الغاشِيَة قيل الغاشِيَة القيامة لأَنها تَغْشى الخَلْق بأَفْزاعِها وقيل الغاشِية النارُ لأَنَّها تَغْشى وجُوه الكُفَّار وغِشاءُ كلِّ شيءٍ ما تَغَشَّاه كغِشاءِ القَلْب والسَّرْجِ والرَّحْلِ والسَّيْفِ ونحوِها والغَشْواءُ من المَعَزِ التي يَغْشى وجْهَها كلَّه بياضٌ وهي بَيِّنةُ الغَشا والأَغْشى من الخَيْلِ الذي غَشِيَتْ غُرَّتُه وجْهَه واتَّسَعَتْ وقيل الأَغْشى من الخَيْلِ وغيرها ما ابْيَضَّ رأْسُه كلُّه من بَيْنِ جَسدِه مثل الأَرْخَمِ والغَشْواءُ فَرَس حَسَّانَ ابنِ سَلَمة صِفةٌ غالِبة والغاشِيةُ السُّؤَّالُ الذين يَغْشَوْنَكَ يَرْجُون فَضْلَكَ ومَعْرُوفَكَ وغاشِية الرجُلِ مَنْ يَنْتابُه من زُوَّارِه وأَصْدقائه وغاشِيةُ الرَّحْلِ الحَديدة التي فوقَ المؤخرَةِ قال أَبو زيد يقال للحديدة التي فوق مؤخِرَةِ الرَّحْلِ الغاشِية وهي الدامِغة والغاشية غاشية السَّرْج وهي غِطاؤه والغاشِية ما أُلْبِسَ جَفْنُ السَّيْفِ من الجُلودِ من أَسْفلِ شاربِ السَّيفِ إِلى أَن يَبْلُغَ نَعْلَ السَّيْفِ وقيل هي ما يَتَغَشَّى قوائِمَ السُّيوفِ من الأَسْفانِ
( * قوله « من الاسفان » هكذا في الأصل تبعاً للمحكم وفي القاموس من الاسفار ) وقال جعفر بن عُلْبة الحارثي نُقاسِمُهُم أَسْيافَنا شَرَّ قِسْمَةٍ ففِينا غَواشِيها وفيهم صُدُورُها والغاشِية داءٌ يأْخُذُ في الجَوْفِ وكلُّه من التَّغْطِية يقال رماه الله بغاشِيَة قال الشاعر في بطنِه غاشِيةٌ تُتَمِّمُهْ قال تُتَمِّمه تُهْلِكُه قال أَبو عمرو وهُو داءٌ أَو وَرَم يكونُ في البطنِ يعني الغاشِيَة وقوله تعالى أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهم غاشِيةٌ من عذابِ اللهِ أَي عُقوبة مُجَلِّلة تَعُمُّهم واسْتَغْشى ثِيابَه وتَغَشَّى بها تَغَطَّى بها كَيْ لا يُرَى ولا يُسْمَع وفي التنزيل العزيز واسْتَغْشَوْا ثِيابَهُم وقال تعالى أَلا حينَ يَسْتَغْشُون ثيابَهُم ( الآية ) وقيل إَنَّ طائفة من المنافقين قالوا إِذا أَغْلَقْنا أَبوابَنا وأَرْخَيْنا سُتُورَنا واسْتَغْشَيْنا ثِيابَنا وثَنيْنا صُدُورَنا على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم كيف يَعْلمُ بنا ؟ فأَنزل اللهُ تعالى أَلا حين يَسْتَغْشُون ثِيابَهُم يَعْلم ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُون اسْتَغْشى بثَوْبِه وتَغَشَّى أَي تَغَطَّى والغَشْوَة السِّدْرَة قال غَدَوْتُ لغَشْوَةٍ في رَأْسِ نِيقٍ ومُورَة نَعْجَةٍ ماتَتْ هُزالا وغُشِي عليه غَشْيَةً وغَشْياً وغَشَياناً أُغْمِيَ فهو مَغْشِيٌّ عليه وهي الغَشْيَة وكذلك غشْيَةُ المَوْت قال الله تعالى نَظَرَ المَغْشِيِّ عليه من المَوْتِ وقال تعالى لهم من جهنمَ مِهادٌ ومن فَوقِهم غَواشٍ أَي إِغْماءٌ قال أَبو إِسحق زعم الخليل وسيبويه جميعاً أَن النونَ ههنا عوضٌ من الياء لأَنَّ غواشٍ لا يَنْصَرِفُ والأَصل فيها غَواشيُ إِلاَّ أَن الضمة تَحذَفُ لِثِقَلِها في الياء فإِذا ذَهَبَت الضمة أَدخَلْتَ التنوينَ عوضاً منها قال وكان سيبويه يذهب إِلى أَنَّ التنوينَ عِوضٌ من ذهابِ حركةِ الياء والياءُ سَقَطت لسُكونِها وسكون التنوين وغَشِيَهُ غِشْياناً أَتاه وأَغْشاهُ إِيَّاهُ غيرُه فأَما قوله أَتُوعِدُ نِضْوَ المَضْرَحِيِّ وقد تَرَى بعَيْنَيْك ربَّ النَّضْوِ يَغْشى لكم فَرْدا ؟ فقد يكون يَغْشى من الأَفْعالِ المُتَعَدِّية بحَرْفٍ وغيرِحرفٍ وقد تكونُ اللامُ زائدةً أَي يَغْشاكم كقوله تعالى قلْ عَسَى أَن يكونَ رَدِفَ لكم أَي رَدِفَكُم وغَشِيَ الأَمرَ غَشياناً باشرَه وغَشِيتُ الرجُلَ بالسَّوْط ضَرَبْته والغِشْيانُ إِتْيانُ الرجُلِ المرأَةَ والفِعْلُ غَشِيَ يَغْشى وغَشِيَ المرأَةَ غِشْياناً جامَعَها وقوله تعالى فلما تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمرَّتْ به كناية عن الجِماع يقال تغَشَّى المرأَة إِذا عَلاها وتجَلَّلها مثله وقيل للقِيامةِ غاشِية لأَنها تُجَلِّلُ الخُلْق فتَعُمُّهم ابن الأَثير وفي حديث المَسْعى فإِن الناسَ غَشُوه أَي ازْدَحَمُوا عليه وكَثُروا يقال غَشِيَةُ يَغْشاهُ غِشْياناً إِذا جاءَهُ وغَشَّاهُ تَغْشِيةً إِذا غَطَّاه وغَشِيَ الشيء إِذا لابَسَه وغَشِيَ المرأَة إِذا جامَعها وغُشِيَ عليه أُغْمِيَ عليه واسْتغْشى بثَوْبه وتَغَشَّى إِذا تغَطّى والجميع قد جاء في الحديث على اختلاف لفظه فمنها قوله وهو مُتغَشٍّ بثوْبه وقوله وتَغْشى أَنامِلَه أَي تسْتُرها وقولُه غَشِيَتْهُم الرَّحْمَة وغَشِيَها أَلْوانٌ أَي تعْلوُها وقوله فلا يَغْشَنا في مساجدنا وقوله وإِن غشِينَا من ذلك شيءٌ من القَصد إِلى الشيءِ والمُباشَرَة وقوله ما لم يَغْشَ الكبَائِرَ ومنه حديث سَعْد فَلَمّا دَخَلَ عليه وجدَه في غاشِيةٍ الغاشِيةُ الدَّاهِية من خَيْر أَو شرٍّ أَو مكْروهٍ ومنه قيلَ للْقِيامة الغاشِيةُ وأَراد في غَشْيةٍ منْ غَشَياتِ المَوْتِ قال ويجوز أَن يُرِيدَ بالغاشِيَة القوْمَ الحُضُورَ عندَه الذين يَغْشَوْنه للخِدْمَة والزيارَةِ أَي جماعة غاشِيةٍ أَو ما يَتغَشَّاه من كَرْب الوَجع الذي به أَي يُغَطِّيه فظُنَّ أَنْ قد مات وغُشَيٌّ موضعٌ

غضا
غَضَوْت على الشيءِ وعلى القَذى وأَغْضيْت سَكَتّ وقول الطرماح غَضِيٌّ عن الفحْشاء يَقْصُرُ طَرْفَه وإِنْ هُوَ لاقى غارَةً لمْ يُهَلِّلِ يجوز أَن يكون من غَضا وأَن يكونَ منْ أَغْضى كقولهم عَذابٌ أَليمٌ وضرْبٌ وَجِيع والأَوَّل أَجْوَد والإِغْضاءُ إِدْناءُ الجُفُونِ وغَضى الرجلُ وأَغْضى أَطْبَقَ جفْنيْهِ على حَدَقَتِه وأَغْضى عَيْناً على قَذىً صَبَر على أَذىّ وأَغْضى عنه طَرْفَه سَدَّه أَو صَدَّهُ أَنشد ثعلب دَفعْتُ إِلَيْه رِسْلَ كَوْماءَ جَلْدَةٍ وأَغْضَيْتُ عنْه الطَّرْفَ حتَّى تَضَلَّعا وقول الشاعر كعتِيقِ الطَّيْرِ يُغْضِي ويُجَلْ يعني يُغْضي الجُفُون مَرَّةً ويُجَلِّي مَرَّة وقال الآخر لم يُغْضِ في الحَرْبِ على قَذاكا قال ابن بري أَغْضَيْتُ يَتعدَّى ولا يَتعدَّى فمثاله مُتعدِّياً قولُ الشاعر فما أَسْلَمَتْنا عندَ يومِ كرِيهَةٍ ولا نَحنُ أَغْضَيْنا الجُفونَ على وَتْرِ ومنه ما يُحْكى عن عَليّ رضي الله عنه فكمْ أُغْضِي الجُفونَ على القَذَى وأَسْحَبُ ذَيْلي على الأَذى وأَقولُ لعَلَّ وعَسى ومثاله غيرَ مُتَعدٍّ قول الآخر
( * هو الفرزدق )
يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى من مَهابَتِه فما يُكَلَّمُ إِلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ وتَغاضَيْت عن فُلان إِذا تَغابَيْت عنه وتَغافَلْت ولَيلٌ غاضٍ غاطٍ وقال ابن بزُرْج لَيلٌ مُغْضٍ وغاضٍّ ومَقامٌ فاضٍ ومُفْضٍ وأَنشد عَنْكُمْ كِراماً بالمَقامِ الفاضي وغَضى الليلُ غُضُوّاً وأَغْضى أَلْبَسَ كلَّ شيءٍ وأَغْضَى الليلُ أَظْلَم ولَيلٌ مُغْضٍ لُغَةٌ قليلة وأَكثَرُ ما يُقال لَيْلٌ غاضٍ قال رؤبة يَخْرُجْنَ مِنْ أَجْوازِ لَيْلٍ غاضِ نَضْوَ قداحِ النَّابِلِ النَّواضِي كأَنَّما يَنْضَخْنَ بالخَضْخاضِ الخَضْخاضُ القَطِرانُ يُريدُ أَنَّها عَرِقَتْ من شِدَّةِ السَّيرِ فاسْوَدَّتْ جُلُودُها ولَيْلَةٌ غاضِيةٌ شَدِيدَة الظُّلْمَةِ ونارٌ غاضِيَةٌ عَظيمة مُضيئةٌ وهو من الأَضْدادِ قال الأَزهري قوله نار غاضِيَة عَظِيمة أُخِذَ من نارِ الغَضَى وهو من أَجودِ الوُقُودِ عند العرب ورَجلٌ غاضٍ طاعِمٌ كاسٍ مَكْفِيٌّ وقد غَضَا يَغْضو والغَضَى شَجَر ومنه قولُ سُحَيْمٍ عبدِ بني الحَسْحاسِ كأَنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ فَوْقَ نَحْرِها وجَمْر غَضىً هَبَّتْ له الريحُ ذاكِيَا ومنه قولهم ذِئبُ غَضًى والغَضَى من نَباتِ الرمل له هَدَب كهَدَبِ الأَرْطَى ابن سيده وقال ثعلب يُكْتَبُ بالأَلِفِ ولا أَدْرِي لمَ ذلك واحِدتُه غَضاةٌ قال أَبو حنيفة وقد تكونُ الغضاة جَمْعاً وأَنشد لَنا الجَبَلانِ من أَزمانِ عادٍ ومُجْتَمَعُ الأَلاءَةِ والغَضاةِ ويقال لِمَنْبِتِها الغَضْيا وأَهلُ الغَضَى أَهلُ نَجْدٍ لكَثْرَتِه هنالك قالت أُمُّ خالِدٍ الخَثْعَمِيَّة لَيْتَ سِماكِيّاً تَطِيرُ رَبابُه يُقادُ إِلى أَهلِ الغَضَى بِزِمامِ وفيها رأَيتُ لهم سِيماءَ قَوْمٍ كَرِهْتُهُمْ وأَهْلُ الغَضَى قومٌ عليَّ كِرام أَراد كَرِهْتُهم لها أَو بها ابن السكيت يقال للإِبلِ الكثيرةِ غَضْيَا مقصورٌ قال شُبِّهَتْ عندي بمنابِتِ الغَضَى وإِبلٌ غَضَويَّةٌ منسوبة إِلى الغَضَى قال كيف تَرَى وقْعَ طُلاحِيَّاتِها بالغَضَويَّاتِ على عِلاَّتِها ؟ وإِبِلٌ غاضِيةٌ وغَواضٍ وبعيرٌ غاضٍ يأْكل الغَضَى قال ابن بري ومنه قول الشاعر أَبعير عض أَنتَ ضَخْمٌ رأْسُه شَثْنُ المَشافِرِ أَمْ بعيرٌ غاضِ ؟ وبعيرٌ غَضٍ يَشْتَكِي بَطْنَهُ من أَكل الغَضَى والجمع غَضِيَةٌ وغَضايا وقد غَضِيَتْ غَضًى وإِذا نَسَبْتَه إِلى الغَضَى قلتَ بعيرٌ غَضَوِيٌّ والرِّمْتُ والغَضَى إِذا باحتَتْهما الإِبِلُ ولم يَكُنْ لها عُقْبة من غيرِهما يُصيبُها الداءُ فيقال رَمِثَتْ وغَضِيَتْ فهي رَمِثَةٌ وغَضِيَةٌ وأَرْض غَضْيا كثيرة الغَضى والغَضْياءُ ممدودٌ منَبِتُ الغَضَى ومُجْتَمَعُه والغَضَى الخَمَرُ عن ثعلب والعرب تقول أَخْبثُ الذِّئابِ ذِئبُ الغَضَى وإِنما صار كذا لأَنه لا يُباشِرُ الناس إِلا إِذا أَراد أَن يُغيرَ يَعْنُونَ بالغَضَى هنا الخَمَرَ فيما ذكر ثعلب وقيل الغَضَى هنا هذا الشَّجَرُ ويزعُمون أَنه أَخبثُ الشَّجَرِ ذِئاباً وذِئابُ الغَضَى بنُو كعبِ بنِ مالكِ بن حَنْظَلة شُبِّهُوا بتلك الذئابِ لخُبْثِها وغَضْيَا معرِفةٌ مقصورٌ مائةٌ من الإِبلِ مثلُ هُنَيْدَةَ لا يَنْصَرِفان قال ومُسْتَبْدِلٍ مِنْ بَعْدِ غَضْيَا صُرَيْمَةً فأَحْرِ به من طُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا أَراد وأَحْرِيَنْ فجعل النونَ أَلفاً ساكنةً أَبو عمرو الغَضْيانَةُ من الإِبل الكِرامُ وغَضْيانُ موضع عن ابن الأَعرابي وأَنشد فَصَبَّحَتْ والشمسُ لم تُقَضِّبِ عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ العُنْبُبِ

( غطي ) غَطَى الشَّبابُ غَطْياً وغُطِيّاً امْتَلأَ يقال للرجُلِ إِذا امْتَلأَ شَباباً غَطَى يَغْطِي غَطْياً وغُطِيّاً قال رجل من قيس يَحْمِلْنَ سِرْباً غَطَى فيه الشَّبابُ مَعاً وأَخْطَأَتْه عُيونُ الجِنِّ والحَسَدُ وهذا البيت في الصحاح وأَخْطأَتْه عيونُ الجِنِّ والحَسَدَهْ قال ابن سيده وكذلك أَنشده أَبو عبيد ابن بري قال ابن الأَنباري أَكثرُ الناسِ يروي هذا البيت وأَخْطأَتْه عيونُ الجِنِّ والحَسَدَهْ وإِنما هو وأَخْطأَتْه عيونُ الجنِّ والحَسَدُ وبعده ساجِي العُيونِ غَضِيض الطَّرْفِ تَحْسِبُه يوماً إِذا ما مَشى في لِينِه أَوَدُ اللحياني غَطاهُ الشبابُ يَغْطِيه غَطْياً وغُطِيّاً وغَطَّاه كلاهما أَلْبَسَه وغَطَاه الليلُ وغَطَّاه أَلْبَسَه ظُلْمَته عنه أَيضاً وغَطَتِ الشَجرة وأَغْطتْ طالَتْ أَغْصانُها وانْبَسَطَت على الأَرض فأَلْبَسَت ما حولها وقوله أَنشده ابن قتيبة ومِن تَعاجِيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ يُعْصَرُ منها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ إِنما عَنى به الداليَةَ وذلك لسُمُوِّها وبُسُوقها وانتِشارِها وإِلْباسِها المفضل يقال للكَرْمةِ الكثيرةِ النَّوامي غاطِيةٌ والنَّوامي الأَغْصانُ واحِدَتُها نامِيةٌ وغَطَى الشيءَ يَغْطِيه غَطْياً وغَطَّى عليه وأَغْطاه وغَطَّاه سَتَره وعَلاه قال أَنا ابنُ كِلابٍ وابنُ أَوْسٍ فمَنْ يَكُنْ قِناعُه مَغْطِيّاً فإِني مُجْتَلى وفي التهذيب فإني لَمُجْتَلى وفلانٌ مَغْطِيُّ القِناعِ إِذا كان خامِلَ الذِّكْرِ وقال حسان رُبَّ حِلْمٍ أَضاعه عَدَمُ الما ل وجَهْلٍ غَطَّى عليه النَّعِيمُ قال أَبو عبد الله بنُ الأَعرابي حُكِيَ أَنَّ حسانَ بنَ ثابت صاحَ قبلَ النُّبوّة فقال يا بَني قَيْلةَ يا بَني قَيْلة قال فجاءه الأَنصارُ يْهْرَ عُونَ إِليه قالوا ما دَهاكَ ؟ قال لهم قلتُ الساعةَ بيتاً خَشِيتُ أَن أَموتَ فيَدّعِيَه غيري قالوا هاتِه فأَنشَدهم هذا البيت رُبَّ حِلْمٍ أَضاعَه عَدَمُ المالِ والغِطاءُ ما غُطِّيَ به وفي الحديث أَنه نَهَى أَن يُغَطِّيَ الرجلُ فاهُ في الصلاةِ ابن الأَثير من عادة العرب التَّلَثُّم بالعَمائمِ على الأَفْواه فنُهوا عن ذلك في الصلاة فإِنْ عَرَضَ له التَّثاؤب جاز له أَن يُغَطِّيه بثَوْبه أَو يده لحديث ورد فيه وقالوا اللهمَّ أَغْطِ على قَلْبه أَي غَشِّ قلْبَه وفعَلَ به ما غطاه أَي ما ساءَه وماءٌ غاطٍ كثيرٌ وقد غَطى يَغْطِي قال الشاعر يَمُرُّ كمُزْبِدِ الأَعْرافِ غاطِ ابن سيده وغَطا الشيءَ غَطْواً وغَطَّاه تَغْطِيةً وأَغْطاه واراهُ وسَتَرَه قال وهذه الكلمة واويَّة وبائيَّة والجمع الأَغْطِيَة وقد تَغَطَّى والغِطاءُ ما تَغَطَّى به أَو غَطَّى به غيرَه والغِطايةُ ما تغَطَّتْ به المرأَةُ من حشْو الثياب تحت ثيابها كالغِلالة ونحوها قُلبَت الواو فيها ياء طَلَبَ الخفَّة مع قربِ الكسرة وغَطا الليلُ يَغْطُو ويَغْطِي غُطْواً وغَطُوّاً إِذا غَسا وأَظْلَم وقيل ارْتَفَع وغَشَّى كلَّ شيءٍ وأَلبسه وغَطا الماء وكل شيءٍ ارْتَفَع وطالَ على شيءٍ فقدْ غَطا عليه قال ساعدة بن جُؤيَّة كذَوائِب الحَفاءِ الرَّطِيبِ غَطا به عَبْلٌ ومَدَّ بجانبيه الطُّحْلُبُ غَطا به ارْتَفَع وليلٌ غاطٍ مظْلِمٌ قال العجاج حتى تَلا أَعْجازَ لَيْلٍ غاطِ ويقال غَطا عليهم البَلاءُ وأَغْطَى الكَرْمُ جَرى الماءُ فيه وزادَ وكلُّ ذلك مذكورٌ في الواو والياء

غفا
الأَزهري غَفَا الرجل وغيره غفوة إِذا نامَ نومَةً خَفيفة وفي الحديث فَغَفَوْتُ غَفْوةً أَي نِمْتُ نَوْمةً خفيفة قال وكلام العرب أَغْفى وقلَّما يقال غَفا ابن سيده غَفَى الرجلُ غَفْيَةً وأَغْفى نَعَس وأَغْفَيتُ إِغفاءً نِمْتُ قال ابن السكيت ولا تقُلْ غَفَوْتُ ويقال أَغْفى إِغْفاءً وإِغْفاءَةً إِذا نامَ أَبو عمرو وأَغْفى نامَ على الغَفا وهو التِّبْنُ في بَيْدَرِه والغَفْيَةُ الحُفْرة التي يَكْمُن فيها الصائد وقال اللحياني هي الزُّبيْة والغَفى ما يَنْفونَه من إِبِلهم والغَفى منقوصٌ ما يُخْرَج من الطعام فيُرْمى به كالزُّؤان والقَصَل وقيل غفى الحِنْطةِ عيدانُها وقيل الغَفى حُطامُ البُرِّ وما تَكَسَّر منه وقيل هو كلُّ ما يُخْرَجُ منه فيُرْمى به ابن الأَعرابي يقال في الطَّعامِ حَصَلَة وغَفاءَةٌ ممدود وفَغاةٌ وحُثالَةٌ كل ذلك الرَّديءُ الذي يُرْمى به قال ابن بري والغَفا قِشْرُ الحنْطة وتَثْنِيَتُه غَفَوان والجمع أَغْفاءٌ وهو سَقَطُ الطَّعام من عِيدانِه وقصبِه وقول أَوس حَسِبْتُمُ وَلَدَ البَرْشاءِ قاطِبَةً نَقْلَ السِّمادِ وتَسْلِيكاً غَفى الغِيَرِ
( * قوله « الغير » هكذا في الأصل وفي المحكم العبر بالعين المهملة والياء المثناة )
يجوز أَن يُعْنى به هذا ويجوز أَن يُعنى به السَّفِلة والواحِدة من كلِّ ذلك غَفاةٌ وحِنْطة غَفِيَةٌ فيها غَفًى على النَّسَب وغَفّى الطعامَ وأَغْفاه نَقَّاه من غفاه والغَفى قِشْرٌ صغِيرٌ يَعْلُو البُسْر وقيل هو التَّمْر الفاسِدُ الذي يَغْلُظ ويَصِيرُ فيه مثلُ أَجْنِحَة الجَرادِ وقيل الغفى آفةٌ تصيبُ النَّخْلَ وهو شِبْهُ الغُبارِ يَقَع على البُسْر فيمْنعُه من الإِدْراك والنُّضْجِ ويَمْسَخ طَعْمَه والغَفَى حُسافةُ التَّمْرِ ودُقاقُ التمر والغَفى داءٌ يقع في التِّينِ فيُفْسِدُه وقول الأَغلب قَدْ سَرَّني الشيخُ الذي ساءَ الفَتى إِذْ لم يَكُنْ ما ضَمَّ أَمْساد الغفى أَمْسادُ الغَفى مُشاقَه الكَتَّانِ وما أَشْبَهَه ابن سيده في غَفا بالأَلف غَفا الشيءُ غَفْواً وغُفُوّاً طَفا فَوْقَ الماءِ والغَفْوُ والغَفْوَةُ جميعاً الزُّبْيَة عن اللحياني

غلا
الغَلاءُ نَقيضُ الرُّخْصِ غَلا السِّعْرُ وغيرُه يَغْلُو غَلاءً ممدود فهو غالٍ وغَلِيٌّ الأَخيرة عن كراعٍ وأَغْلاهُ الله جَعَلَه غالِياً وغالى بالشيءِ اشْتَراهُ بثَمنٍ غالٍ وغالى بالشيءِ وغَلاَّه سامَ فأَبْعَطَ قال الشاعر نُغالي اللَّحمَ للأَضْيافِ نِيئاً ونُرْخِصُهُ إِذا نَضِجَ القَديرُ فحذف الباء وهو يريدُها كما يقال لَعِبْتُ الكِعابَ ولَعِبْتُ بالكِعابِ المعنى نُغالي باللحمِ وقال أَبو مالك نُغالي اللحمَ نَشتَريه غالياً ثم نَبْذُلُه ونُطْعِمُه إِذا نَضِجَ في قُدُورِنا ويقال أَيضاً أَغْلى قال الشاعر كأَنَّها دُرَّة أَغْلى التِّجارُ بها وقال ابن بري شاهدُ أَغْلى اللحمَ قول شَبيب بن البَرْصاء وإِني لأَغْلي اللحمَ نِيئاً وإنَّني لمُمْسٍ بهَيْنِ اللحم وهو نَضِيجُ الفراء غالَيْتُ اللحمَ وغالَيتُ باللحم جائز ويقال غالَيتُ صَداق المرأَة أَي أَغْلَيته ومنه قول عمر رضي الله عنه لا تُغالوا صُدُقات النساء وفي رواية لا تُغالوا صُدُقَ النساء وفي رواية في صَدُقاتِهنَّ أَي لا تُبالِغُوا في كثرة الصَّداقِ وأَصلُ الغَلاء الارتفاعُ ومُجاوَزة القَدْرِ في كلِّ شيء وبِعْتُه بالغَلاءِ والغالي والغَلِيّ كلهنَّ عن ابن الأَعرابي وأَنشد ولو أَنَّا نُباعُ كَلامَ سَلْمى لأَعْطَيْنا به ثَمَناً غَلِيَّا وغَلا في الدِّينِ والأَمْر يَغْلُو غُلُوّاً جاوَزَ حَدَّه وفي التنزيل لا تَغْلُوا في دينِكم وقال الحَرِث بن خالد خُمْصانة قَلِق مُوَشَّحُها رُؤْد الشَّبابِ غَلا بها عَظْمُ التهذيب وقال بعضهم غَلَوْت في الأَمر غُلُوّاً وغَلانِيَةً وغَلانِياً إِذا جاوزْتَ فيه الحَدّ وأفْرَطْت فيه قال الأَعشى أَنشده ابن بري أَوْ زِدْ عليه الغَلانِيا وفي التهذيب زادوا فيه النونَ قال ذو الرمة وذو الشَّنْءِ فاشْنَأْه وذو الوِدِّ فاجْزِه على وِدِّه وازْدَدْ عليه الغَلانِيا زاد فيه النونَ وفي الحديث إِياكم والغُلُوَّ في الدين أَي التَّشَدُّدَ فيه ومجاوَزة الحَدِّ كالحديث الآخر إِنَّ هذا الدينَ مَتِينٌ فأَوْغِلْ فيه بِرفْقٍ وقيل معناه البحثُ عن بواطنِ الأَشْياء والكَشْفُ عن عِلَلِها وغَوامِضِ مُتَعَبَّداتِها ومنه الحديث وحاملُ القرآن غيرُ الغالي فيه ولا الجافي عنه إِنما قال ذلك لأَنَّ من آدابه وأَخلاقِه التي أَمرَ بها القَصْدَ في الأُمورِ وخيرُ الأُمورِ أَوْساطُها و كلا طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمورِ ذَمِيمُ والغُلُوُّ الإِعْداءُ وغَلا بالسَّهْمِ يَغْلُو غَلْواً وغُلُوًّا وغالَى به غِلاءً رَفَع يدَه يريد به أَقْصَى الغاية وهو من التجاوزِ ومنه قول الشاعر كالسَّهْمِ أَرْسَلَه من كَفِّه الغالي وقال الليث رمى به وأَنشد للشماخ كما سَطَع المِرِّيخُ شَمَّره الغالي والمُغالي بالسِّهْمِ الرافِعُ يدَه يريدُ به أَقصَى الغايةِ ورجلٌ غَلاَّءٌ بَعيدُ الغُلُوِّ بالسِّهْم قال غَيْلانُ الرَّبَعِي يصف حَلْبَة أَمْسَوْا فَقادُوهُنّ حولَ المِيطاءْ بمائَتَيْن بغِلاءِ الغَلاَّءْ وغَلا السَّهْمُ نفسُه ارتفَع في ذَهابِه وجاوَزَ المَدَى وكذلك الحجَر وكلُّ مَرْماةٍ من ذلك غَلْوَةٌ وأَنشد من مائةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غال وكلُّه من الارتفاعِ والتَّجاوزِ والجمعُ غَلَواتٌ وغِلاءٌ وفي الحديث أَهْدَى له يَكْسُومُ سِلاحاً وفيه سَهْم فسَمَّاه قِتْرَ الغِلاءِ الغِلاء بالكسر والمدّ من غالَيْته أُغالِيه مُغالاةً وغِلاءً إِذا رامَيْتَه والقِترُ سَهْم الهَدَف وهي أَيضاً أَمَدُ جَرْيِ الفَرَسِ وشوْطِه والأَصلُ الأَول وفي حديث ابن عمر بَيْنه وبينَ الطَّرِيق غَلْوةٌ الغَلْوَةُ قدرُ رَمْيةٍ بسَهْمٍ وقد تُسْتَعْمَل الغَلْوة في سِباقِ الخَيْل والغَلْوَةُ الغاية مقدار رَمْيةٍ وفي المثل جَرْيُ المُذْكيات غِلاءٌ والمِغْلاةُ سهمٌ يُتَّخَذُ لمغالاة الغَلْوَة ويقال له المِغْلَى بلا هاءٍ قال ابن سيده والمِغْلى سَهْمٌ تُعْلى به أَي تُرْفَعُ به اليَدُ حتى يَتَجاوزَ المِقدارَ أَو يقارِب ذلك وسهمُ الغِلاءِ ممدودٌ السهمُ الذي يقدَّر به مَدَى الأَمْيالِ والفراسِخِ والأَرضِ التي يُسْتَبَقُ إِليها التهذيب الفَرْسَخ التامُّ خمسٌ وعشرون غَلْوَةً والغُلُوُّ في القافِية حَرَكَةُ الرَّوِيّ الساكِنِ بعد تمامِ الوزنِ والغالي نونٌ زائدة بعد تلك الحركة وذلك نحو قوله في إنشادِ من أَنشده هكذا وقاتِم الأَعْماقِ خاوي المُخْتَرَقِنْ فحركة القافِ هي الغُلُوُّ والنونُ بعد ذلك هي الغالي وإنما اشتُقَّ من الغُلُوِّ الذي هو التجاوُزُ لقدر ما يحبُ وهو عندهم أَفْحَشُ من التَّعَدّي وقد ذكرنا التَّعَدِّيَ في الموضع الذي يَليق به ولا يُعْتَدُّ به في الوزنِ لأَنَّ الوزنَ قد تَناهَى قبلَه جعلوا ذلك في آخرِ البيت بمَنْزلة الخَزْمِ في أَوَّله والدابَّة تَغْلُو في سَيْرِها غَلْواً وتَغْتَلي بخفَّةِ قوائمِها وأَنشد فَهْي أَمامَ الفَرْقَدَيْن تَغْتَلي ابن سيده وغَلَتِ الدابة في سَيرِها غُلُوًّا واغْتَلت ارْتَفَعَت فجاوَزَت حُسْنَ السَّيْر قال الأَعشى جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا والاغْتِلاءُ الإِسْراعُ قال الشاعر كَيْفَ تَراها تَغْتَلي يا شَرْجُ وقد سَهَجْناها فَطال السَّهْجُ ؟ وناقةٌ مِغْلاةُ الوهَقِ إِذا تَوَهَّقت أَخفافُها قال رؤبة تَنَشَّطَتهُ كلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ مَضْبُورَةٍ قَرْواءَ هِرْجابٍ فُنُقْ الهاء للمُخْتَرَق وهو المفازة وغَلا بالجارِية والغلام عَظْمٌ غُلُوًّا وذلك في سرعة شبابهما وسَبْقِهِما لداتِهِما وهو من التجاوُزِ وغُلْوانُ الشَّبابِ وغُلَواؤُه سُرْعَتُه وأَوَّله أَبو عبيد الغُلَواءُ ممدودٌ سرعةُ الشبابِ وأنشد قول ابن الرُّقَيَّات لمْ تَلْتَفِتْ لِلِداتِها ومَضَتْ على غُلَوائِها وقال آخر فَمَضَى عَلى غُلَوائِهِ وكأَنَّه نَجْمٌ سَرَتْ عَنْهُ الغُيُومُ فَلاحَا وقال طُفَيْل فَمَشَوْا إِلى الهَيْجاءِ في غُلَوائِها مَشْيَ اللُّيُوثِ بكُلِّ أَبْيَضَ مُذْهَبِ وفي حديث علي رضي الله عنه شُمُوخُ أَنْفِه وسُمُوُّ غُلَوائِه غُلَواءُ الشبابِ أَوَّلُه وشِرَّتُه وقال ابن السكيت في قول الشاعر خُمْصانَة قَلِق مُوَشَّحُها رُؤد الشبابِ غَلا بِها عَظْمُ قال هذا مثلُ قول ابن الرقيات لمْ تَلْتَفِتْ لِلِداتِها ومَضَتْ على غُلَوائِها وكما قال كالغُصْنِ في غُلَوائِهِ المُتَأَوِّدِ وقال غيرُه الغالي اللّحْمُ السَّمِينُ أُخِذَ منه قوله غَلا بها عَظْمُ إِذا سَمِنَتْ وقال أَبو وجْزَة السَّعْدي تَوَسَّطَها غالٍ عَتِيقٌ وزانَها مُعَرّسُ مَهْرِيٍّ به الذَّيْلُ يَلْمَعُ أَراد بمُعَرّس مَهْرِيّ حَمْلَها الذي أَجَنَّتْه في رَحِمِها من ضِرابِ جَملٍ مَهْرِيّ أَي تَوَسَّطَها شَحْم عَتِيق في سنامِها ويقال للشيء إذا ارْتَفَع قد غَلا قال ذو الرمة فما زالَ يَغْلُو حُبُّ مَيَّة عنْدَنا ويَزْدادُ حتى لم نَجِدْ ما نَزِيدُها وغَلا النَّبْت ارْتَفَع وعَظُمَ والْتَفَّ قال لبيد فغَلا فُرُوعُ الأَيْهُقانِ وأَطْفَلَتْ بالجَلْهَتَيْنِ ظِباؤُها ونَعامُها وكذلك تغالى واغْلَوْلَى قال ذو الرمة مِمَّا تَغَالَى مِنَ البُهْمَى ذَوائِبُه بالصَّيْفِ وانْضَرَجَتْ عنه الأَكامِيمُ وأَغْلى الكَرْمُ التَفّ وَرَقُه وكَثُرَتْ نوامِيهِ وطالَ وأَغْلاهُ خَفَّفَ من وَرَقِه لِيَرتَفِعَ ويَجُودَ وكلّ ما ارْتَفَع فقدْ غَلا وتَغالى وتَغالى لَحْمُه انْحَسر عند الضَّمادِ كأَنّه ضِدٌّ التهذيب وتَغالى لحمُ الدابَّة أَو الناقة إذا ارتفع وذهَب وقيل إذا انْحَسَرَ عندَ التَّضْمِير قال لبيد فإذا تَغالى لَحْمُها وتحَسَّرَتْ وتقَطَّعت بعدَ الكَلالِ خِدامُها تغالى لَحْمُها أَي ارْتفَع وصارَ على رُؤوس العِظام ورواه ثعلب بالعين غير المعجمة والغُلَواءُ الغُلُوُّ وغَلْوى اسمُ فرَسٍ مَشْهورَةٍ وغَلَتِ القِدرُ والجَرَّةُ تَغْلي غَلْياً وغَلَياناً وأَغْلاها وغَلاَّها ولا يقال غَلِيتْ قال أَبو الأَسود الدُّؤَ ولا أَقولُ لِقدرِ القَوْمِ قدْ غَلِيتْ ولا أَقولُ لبابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ أَي أَني فَصِيح لا أَلْحَنُ ابن سيده قال ابن دريد وفي بعْضِ كلامِ الأَوائِلِ أَنَّ ماءً وغَلِّه قال وبعضهم يرويه أُزَّ ماءً وغَلِّه والغالِيَةُ من الطِّيب معروفة وقد تَغَلَّى بها عن ثعلب وغَلَّى غَيرَه يقال إنَّ أَولَ منْ سَمَّاها بذلك سليمانُ بنُ عبدِ المَلكِ ويقال منها تَغَلَّلتُ وتَغَلَّفْتُ وتَغَلَّيْت كله من الغالية وقال أَبو نصر سألت الأَصمعي هل يجوز تغَلَّلت ؟ فقال إنْ أَرَدْتَ أَنَّكَ أَدْخَلْتَه في لِحْيَتِك أو شارِبك فجائِزٌ والغَلْوى الغالية في قول عَديّ ابن زيد يَنْفَحُ من أَرْدانِها المِسْكُ وال عَنْبَرُ والغَلْوى ولُبْنى قَفُوص وفي حديث عائشة رضي الله عنها كنتُ أُغَلِّفُ لِحْيَةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالغالِيةِ قال هو نوعٌ من الطِّيب مَرَكَّبٌ من مِسْكٍ وعَنْبَرٍ وعُودٍ ودُهْنٍ وهي معروفة والتَّغلُّف بها التَّلَطُّخ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88