كتاب : لسان العرب
المؤلف : محمد بن مكرم بن منظور

ظأب
الظَّأْبُ الزَّجَلُ والظَّأْبُ والظَّأْمُ مهموزان السِّلْفُ تقول هو ظَأْبُه وظَأْمُه وقد ظاءَبه وظَاءَمَه وتَظاءَبا وتَظاءَما إِذا تزوّجت أَنت امرأَة وتزوّج هو أُختها اللحياني ظاءَبني فُلانٌ مُظاءَبةً وظاءَمَني إِذا تزوّجت أَنت امرأَة وتزوّج هو أُختها وفلانٌ ظَأْبُ فلانٍ أَي سلْفُه وجمعه أَظْؤُبٌ وحُكي عن أَبي الدُّقَيْشِ في جمعه ظُؤُوبٌ والظَّأْبُ الكلامُ والجَلَبةُ والصَّوْتُ ابن الأَعرابي ظَأَب إِذا جَلَّبَ وظَأَب إِذا تزوّج وظَأَب إِذا ظَلَم والأَعْرَفُ أَن الظَّأْب السِّلْفُ مهموز وأَن الصوتَ والجَلَبة وصِياحَ التَّيْسِ كل ذلك مهموز الأَصمعي قال سمعت ظَأْبَ تَيْسِ فلانٍ وظَأْمَ تيسِه وهو صياحُه في هِياجِه وأَنشد لأَوْس بن حَجَرٍ
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ ... له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَرِيمُ
قال وليس أَوْسُ بنُ حَجَر هذا هو التيميّ لأَن هذا لم يجئ في شعره قال ابن بري هذا البيت للمُعَلَّى بن جَمالٍ العَبْدي يَصُوعُ أَي يَسُوقُ ويَجْمَعُ وعُنُوق جمع عَناقٍ للأُنثى من وَلد المَعزِ والأَحْوى أَراد به تَيْساً أَسْوَدَ والحُوَّةُ سوادٌ يَضْرِبُ إِلى حُمْرةٍ والزَّنيم الذي له زَنَمتانِ في حَلْقه

ظبب
ابن الأَثير في حديث البراء فَوَضَعْتُ ظَبِيبَ السَّيْفِ في بَطْنِه قال قال الحَرْبِيُّ هكذا رُوِي وإِنما هو ظُبَةُ السيف وهو طَرَفُه ويُجْمع على الظُّباةِ والظُّبِينَ وأَما الضَّبِيبُ بالضاد فسيلانُ الدم من الفم وغيره وقال أَبو موسى إِنما هو بالصاد المهملة وقد تقدم في موضعه

ظبظب
التهذيب أَما ظَبَّ فإِنه لم يُستعمل إِلاَّ مكرَّراً والظَّبْظَابُ كلامُ المُوعِدِ بِشَرٍّ قال الشاعر مُواغِدٌ جاءَ له ظَبْظابُ قال والمُواغِدُ بالغين المُبادِرُ المُتَهَدِّدُ أَبو عمرو ظَبْظَبَ إِذا صاح وله ظَبْظابٌ أَي جَلَبةٌ وأَنشد
جاءَتْ معَ الصُّبْحِ لها ظَبَاظِبُ ... فغَشِيَ الذَّارَةَ مِنها عَاكِبُ
ابن سيده يقال ما به ظَبْظابٌ أَي ما به قَلَبَةٌ وقيل ما به شيءٌ من الوَجَع قال رؤبة كأَنَّ بي سُلاًّ وما بي ظَبْظابْ قال ابن بري صواب إِنشاده « وما مِنْ ظَبْظَابْ » وبعده بي والبِلى أَنْكَرُ تِيكَ الأَوْصابْ قال ابن بَري وفي هذا البيت شاهد على صحة السِّلِّ لأَنَّ الحريري ذكر في كتابه دُرَّة الغَوَّاص أَنه من غلط العامة وصوابُه عنده السُّلال ولم يُصِبْ [ ص 569 ] في إِنكاره السِّلَّ لكثرة ما جاءَ في أَشْعار الفُصحاءِ وقد ذكره سيبويه في كتابه أَيضاً والأَوْصابُ الأَسقام الواحد وَصَبٌ والأَصل في الظَّبْظاب بَثْرٌ يخرج بين أَشفار العين وهو القَمَعُ يُدَاوى بالزعفران وقيل ما به ظَبْظابٌ أَي ما به عَيْب قال بُنَيَّتِي ليس بها ظَبْظابُ والظَّبْظابُ البَثْرة في جَفْن العين تُدْعَى الجُدْجُدَ وقيل هو بَثْرٌ يخرج بالعين ابن الأَعرابي الظَّبْظابُ البثرة التي تخرج في وجوه المِلاحِ والظَّبْظابُ داء يُصِيبُ الإِبلَ ابن سيده الظَّبْظابُ أَصواتُ أَجْواف الإِبل من شدَّة العطش حكاها ابن الأَعرابي والظَّبْظابُ الصياحُ والجَلَبة وظَباظِبُ الغَنم لَبالِبُها وهي أَصواتُها وجَلَبَتُها وقوله « جاءَتْ معَ الشَّرْبِ لها ظباظِبُ » يجوز أَن يعني به أَصواتَ أَجواف الإِبل من العطش ويجوز أَن يعني بها أَصوات مشيها وقوله أَيضاً « مُواغِدٌ جاءَ له ظَباظِبُ » فسره ثعلب بالجَلَبة وبأَنَّ ظَباظِبَ جمعُ ظَبْظَبَةٍ قال ابن سيده وقد يجوز أَن يكون جمع ظَبْظابٍ على حذف الياءِ للضرورة كقوله والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا

ظرب
الظَّرِبُ بكسر الراءِ كلُّ ما نَتأَ من الحجارة وحُدَّ طَرَفُه وقيل هو الجَبَل المُنْبَسِط وقيل هو الجَبَلُ الصغير وقيل الرَّوابي الصغار والجمعُ ظِرابٌ وكذلك فسر في الحديث الشَّمْسُ على الظِّرَابِ وفي حديث الاستسقاءِ اللهم على الآكام والظِّرابِ وبُطونِ الأَوْدية والتِّلالِ والظِّرابُ الرَّوابي الصِّغارُ واحدها ظَرِبٌ بوزن كَتِفٍ وقد يجمع في القلة على أَظْرُبٍ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه أَيْنَ أَهْلُكَ يا مَسْعُودُ ؟ فقال بهذه الأَظْرُبِ السَّوَاقِطِ السَّواقِطُ الخاشعةُ المنخفضةُ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها رأَيتُ كأَني على ظَرِبٍ ويُصَغَّر على ظُرَيْبٍ وفي حديث أَبي أُمامة في ذكر الدجال حتى ينزلَ على الظُّرَيْبِ الأَحمر وفي حديث عمر رضي اللّه عنه إِذا غَسَقَ الليلُ على الظِّرابِ إِنما خَصَّ الظِّراب لِقَصرها أَراد أَنّ ظُلْمة الليل تَقْرُبُ من الأَرض الليث الظَّرِبُ من الحجارة ما كان ناتِئاً في جَبَلٍ أَو أَرضٍ خَرِبةٍ وكان طَرَفُه الثاني مُحَدَّداً وإِذا كان خِلْقَةُ الجَبَلِ كذلك سُمِّيَ ظَرِباً وقيل الظَّرِبُ أَصْغَرُ الإِكامِ وأَحَدُّه حَجراً لا يكون حَجَرُه إِلاَّ طُرَراً أَبيضُه وأَسْودُه وكلُّ لونٍ وجمعه أَظْرابٌ والظَّرِبُ اسم رجل منه ومنه سُمِّي عامِرُ بن الظَّرِبِ العَدْوانيّ أَحدُ فُرْسانِ بني حِمَّانَ بنِ عبدِالعُزَّى وفي الصحاح
أَحَدُ حُكَّامِ العَرَب قال مَعْد يِكرب المعروفُ بغَلْفاءَ يَرْثي أَخاه
شُرَحْبيلَ وكان قُتِلَ يومَ الكُلابِ الأَوَّل
إِنَّ جَنْبِي عن الفِراشِ لَنابِ ... كَتَجافي الأَسَرّ فَوْقَ الظِّرابِ
من حديثٍ نَمَى إِليَّ فما تَرْقأُ ... عَيْني ولا أُسِيغُ شَرابِي
من شُرَحْبيلَ إِذ تَعاوَرَهُ الأَرْ ... ماحُ في حالِ صَبْوةٍ وشَبَابِ
والكُلابُ اسمُ ماءٍ وكان ذلك اليومَ رئيس بَكْرٍ والأَسَرُّ البعير الذي في كِرْكِرَتِه [ ص 570 ] دَبْرَةٌ وقال المُفَضَّلُ المُظَرَّبُ الذي لَوَّحَتْهُ الظِّرابُ قال رؤْبة شَدَّ الشَّظِيُّ الجَنْدَلَ المُظَرَّبا وقال غيره ظُرِّبَتْ حَوافِرُ الدابةِ تَظْريباً فهي مُظَرَّبة إِذا صَلُبَتْ واشْتَدَّتْ وفي الحديث كان له فرسٌ يقال له الظَّرِبُ تشبيهاً بالجُبَيْل لقُوَّته وأَظْرابُ اللِّجَامِ العُقَدُ التي في أَطْرافِ الحَديدِ قال بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ وهذا البيتُ ذكره الجوهريّ شاهداً على قوله والأَظْرابُ أَسْناخُ الأَسْنانِ قال عامر بن الطُّفَيْلِ
ومُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالةِ سابِحٍ ... بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ
وقال ابن بري البيت للَبيد يصف فرساً وليس لعامر بن الطفيل وكذلك أَورده الأَزهري للبيد أَيضاً وقال يقول يُقَطِّعُ حَلَقَ الرِّحالةِ بوثُوبِه وتَبْدو نَواجِذُه إِذا وَطِئَ على الظِّرابِ أَي كَلَح يقول هو هكذا وهذه قُوَّتُه قال وصوابه ومُقَطِّعٌ بالرفع لأَن قبله
تَهْدي أَوائِلَهُنَّ كلُّ طِمِرَّةٍ ... جَرْداءُ مثلُ هِراوةِ الأَعْزابِ
والنَّواجذُ ههنا الضَّواحِكُ وهو الذي اختاره الهروي وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم ضَحِكَ حتى بَدَتْ نواجذُه قال لأَن جُلَّ ضَحِكِه كان التَّبَسُّمَ والنواجذُ هنا آخر الأَضراس وذلك لا يَبينُ عند الضَّحِك ويقوّي أَن الناجذَ الضاحكُ قول الفرزدق
ولو سأَلَتْ عنِّي النَّوارُ وقَوْمُها ... إِذَنْ لم تُوارِ الناجِذَ الشَّفَتانِ
وقال أَبو زُبَيْدٍ الطائي
بارِزاً ناجذاه قد بَرَدَ المَوْ ... تُ على مُصْطَلاهُ أَيَّ بُرودِ
والظُّرُبُ على مثال عُتُلٍّ القصير الغليظُ اللَّحِيمُ عن اللحياني وأَنشد يا أُمَّ عبدِاللّهِ أُمَّ العبدِ يا أَحسَنَ الناسِ مَناطَ عِقْدِ لا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ أَبو زيد الظَّرِباءُ ممدود على فَعِلاءَ ( 1 )
( 1 قوله « الظرباء ممدود الخ » أي بفتح الظاء وكسر الراء مخفف الباء ويقصر كما في التكملة وبكسر الظاء وسكون الراء ممدوداً ومقصوراً كما في الصحاح والقاموس ) دابة شبه القرد قال أَبو عمرو هو الظَّرِبانُ بالنون وهو على قدر الهِرِّ ونحوه وقال أَبو الهيثم هو الظَّرِبَى مقصور والظَّرِباءُ ممدود لحن وأَنشد قول الفرزدق
فكيف تُكَلِّمُ الظَّرِبَى عليها ... فِراءُ اللُّؤْمِ أَرْباباً غِضابا
قال والظَّرِبَى جمع على غير معنى التوحيد قال أَبو منصور وقال الليث هو الظَّرِبَى مقصور كما قال أَبو الهيثم وهو الصواب وروى شمر عن أَبي زيد هي الظَّرِبانُ وهي الظَّرابِيُّ بغير نون وهي الظِّرْبَى الظاء مكسورة والراء جزم والباء مفتوحة وكلاهما جِماعٌ وهي دابة تشبه القرد وأَنشد
لو كنتُ في نارٍ جحيمٍ لأَصْبَحَت ... ظَرابِيُّ من حِمّانَ عنِّي تُثيرُها
[ ص 571 ] قال أَبو زيد والأُنثى ظَرِبانةٌ وقال البَعِيثُ
سَواسِيَةٌ سُودُ الوجوهِ كأَنهم ... ظَرابِيُّ غِربانٍ بمَجْرودةٍ مَحْلِ
والظَّرِبانُ دُوَيْبَّة شِبْهُ الكلب أَصَمُّ الأُذنين صِماخاه يَهْوِيانِ طويلُ الخُرْطوم أَسودُ السَّراة أَبيضُ البطن كثير الفَسْوِ مُنْتِنُ الرائحة يَفْسُو في جُحْرِ الضَّبِّ فيَسْدَرُ من خُبْث رائحته فيأْكله وتزعم الأَعراب أَنها تفسو في ثوب أَحدهم إِذا صادها فلا تذهب رائحته حتى يَبْلى الثوبُ أَبو الهيثم يقال هو أَفْسى من الظَّرِبانِ وذلك أَنها تَفْسُو على باب جُحْرِ الضَّبِّ حتى يَخْرُجَ فيُصادَ الجوهري في المثل فَسا بَيْنَنا الظَّرِبانُ وذلك إِذا تَقاطَعَ القومُ ابن سيده قيل هي دابة شِبْهُ القِرْد وقيل هي على قَدْرِ الهِرِّ ونحوه قال عبداللّه بن حَجَّاج الزُّبَيْدِيّ التَّغْلَبيّ
أَلا أََبْلِغا قَيْساً وخِنْدِفَ أَنني ... ضَرَبْتُ كَثِيراً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ
يعني كثير بن شهاب المَذْحِجيّ وكان معاويةُ ولاّه خُراسان فاحْتازَ مالاً واستتر عند هانئ بن عُروة المُراديّ فأَخذه من عنده وقتله وقوله مَضْرِبَ الظَّرِبانِ أَي ضَرَبْتُه في وجهه وذلك أَن للظَّرِبان خَطّاً في وجهه فشَبَّه ضربته في وجهه بالخَطِّ الذي في وَجْهِ الظَّرِبانِ وبعده
فيا لَيْتَ لا يَنْفَكُّ مِخْطَمُ أَنفِه ... يُسَبُّ ويُخْزَى الدَّهْرَ كُلُّ يَمانِ
قال ومن رواه ضَرَبْتُ عُبَيْداً فليس هو لعبداللّه ابن حَجَّاج
وإِنما هو لأَسَدِ بن ناغِصةَ وهو الذي قَتَلَ عُبيداً بأَمر النُّعْمان يوم بُوسَةَ والبيت
أَلا أَبلغا فِتْيانَ دُودانَ أَنَّني ... ضَرَبْتُ عُبيداً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ
غَداةَ تَوَخَّى المُلْكَ يَلتَمِسُ الحِبا ... فَصادَفَ نَحْساً كانَ كالدَّبَرانِ
الأَزهري قال قرأْت بخط أَبي الهيثم قال الظِّرْبانُ دابة صغير القوائم يكون طُولُ قوائمه قدر نصف إِصبع وهو عريضٌ يكون عُرْضُه شبراً أَو فتراً وطُولُه مقدار ذراع وهو مُكَربَسُ الرأْس أَي مجتمعه قال وأُذناه كأُذُنَي السِّنَّوْر وجمعه الظِّرْبَى وقيل الظِّرْبَى الواحدُ وجمعه ظِرْبانٌ ابن سيده والجمعُ ظَرابينُ وظَرابِيُّ الياء الأُولى بدل من الأَلف والثانية بدل من النون والقول فيه كالقول في إِنسانٍ وسيأْتي ذكره الجوهري الظِّرْبَى على فِعْلَى جمع مثل حِجْلَى جمع حَجَلٍ قال الفرزدق وما جعل الظِّرْبَى القِصارُ أُنوفُها إِلى الطِّمِّ من مَوْجِ البحارِ الخَضارمِ وربما مُدَّ وجُمع على ظَرابِيّ مثل حِرْباءٍ وحَرابيّ كأَنه جمع ظِرْباء وقال
وهل أَنتُم إِلاّ ظَرابِيُّ مَذْحِجٍ ... تَفَاسَى وتَسْتَنْشِي بآنُفِها الطُّخْمِ
وظِرْبَى وظِرْباء اسمان للجمع ويُشْتَمُ به الرجلُ فيقال يا ظَرِبانُ ويقال تَشاتَما فكأَنما جَزَرا بينهما ظَرِباناً شَبَّهوا فُحْشَ تشاتمهما بنَتْنِ الظَّربان وقالوا هما يَتنازعان جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي يَتَسابَّانِ فكَأَنَّ بينهما جِلْدَ ظَرِبانٍ يَتَناولانِه ويَتَجاذَبانِه ابن الأَعرابي من أَمثالهم هما يَتَماشَنانِ جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي [ ص 572 ] يَتَشاتمان والمَشْنُ مَسْحُ اليدين بالشيءِ الخَشِنِ

ظنب
الظُّنْبة عَقَبةٌ تُلَفُّ على أَطرافِ الرِّيش مما يَلي الفُوقَ عن أَبي حنيفة والظُّنْبوبُ حَرْفُ الساقِ اليابِسُ من قُدُمٍ وقيل هو ظاهرُ الساق وقيل هو عَظْمه قال يصف ظليماً
عارِي الظَّنَابيبِ مُنْحَصٌّ قَوادِمُه ... يَرْمَدُّ حتى تَرَى في رَأْسِه صَتَعا
أَي التِواءً وفي حديث المُغِيرة عارية الظُّنْبوبِ هو حَرْفُ العظم اليابِسُ من السَّاقِ أَي عَرِيَ عَظْمُ ساقِها من اللَّحْم لهُزالها وقَرَع لذلك الأَمْر ظُنْبُوبَه تَهَيَّأَ له قالَ سلامة بن جَنْدل
كُنَّا إِذا ما أَتانا صارِخٌ فَزِعٌ ... كانَ الصُّراخُ له قَرْعَ الظَّنابِيبِ
ويقال عنى بذلك سُرْعةَ الإِجابة وجَعَل قَرْعَ السَّوْطِ على ساقِ الخُفِّ في زجْر الفرس قَرْعاً للظُّنْبوبِ وقَرَعَ ظَنابِيبَ الأَمْر
ذلَّلَهُ أَنشد ابن الأَعرابي
قَرَعْتُ ظَنابِيبَ الهَوَى يومَ عالِجٍ ... ويومَ اللِّوَى حتى قَسَرْتُ الهَوَى قَسْرا
فإِنْ خِفْتَ يَوْماً أَن يَلِجَّ بكَ الهَوَى ... فإِنَّ الهوَى يَكْفِيكَهُ مِثلُه صَبرَا
يقول ذَلَّلْتُ الهوَى بقَرْعي ظُنْبوبَه كما تَقْرَعُ ظُنْبوبَ البعير ليَتَنَوَّخَ لك فتَرْكَبَه وكل ذلك على المَثَل فإِن الهوَى وغيرَه من الأَعْراض لا ظُنْبوبَ له والظُّنْبوب مِسْمارٌ يكون في جُبَّةِ
السِّنانِ حيثُ يُرَكَّبُ في عاليةِ الرُّمح وقد فُسِّرَ به بيتُ سَلامةَ وقيل قَرْعُ الظُّنْبوبِ أَن يَقْرَعَ الرَّجلُ ظُنْبوبَ راحلته بعَصاه إِذا أَناخَها ليركبها رُكوبَ المُسْرِعِ إِلى الشيءِ وقيل أَن يَضْرِبَ ظُنْبوبَ دابته بسَوْطِه لِيُنزِقَه إِذا أَراد رُكوبَه ومن أَمثالهم قَرَعَ فُلانٌ لأَمْرِه ظُنْبوبَه إِذا جَدَّ فيه قال أَبو زيد لا يقال لذواتِ الأَوْظِفَة ظُنْبوبٌ ابن الأَعرابي الظِّنْبُ أَصلُ الشجرة قال
فلَوْ أَنها طافَتْ بِظِنْبٍ مُعَجَّمٍ ... نَفَى الرِّقَّ عنه جَدْبُه فهو كالِحُ
لَجاءَتْ كأَنَّ القَسْورَ الجَوْنَ بَجَّها ... عَسالِيجَه والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
يصف مِعْزَى بحُسْنِ القَبول وقلة الأَكل والمُعَجَّم الذي قد أُكِلَ حتى لم يَبْقَ منه إِلاَّ قليل والرِّقُّ ورق الشجر والكالِحُ المُقَشَّرُ من الجَدْبِ والقَسْوَرُ ضَرْبٌ من الشَّجَر

ظوب
ظابُ التَّيْسِ صِياحُه عند الهياج ويُستعمل في الإِنسان قال أَوْسُ بن حجرٍ
يَصُوعُ عُنوقَها أَحْوى زَنِيمُ ... له ظَابٌ كما صَخِبَ الغَريمُ
والظَّابُ الكلامُ والجَلَبَة قال ابن سيده وإِنما حملناه على الواو لأَنا لا نعرف له مادَّةً فإِذا لم توجد له مادَّة وكان انقِلابُ الأَلف عن الواو عيناً أَكثر كان حَمْلُه على الواو أَولى

عبب
العَبُّ شُرْبُ الماء من غير مَصٍّ وقيل أَن يَشْرَبَ الماءَ ولا يَتَنَفَّس وهو يُورِثُ الكُبادَ وقيل العَبُّ أَن يَشْرَبَ الماءَ دَغْرَقَةً بلا غَنَثٍ الدَّغْرَقَةُ أَن يَصُبَّ الماءَ مرة واحدة والغَنَثُ [ ص 573 ] أَن يَقْطَعَ الجَرْعَ وقيل العَبُّ الجَرعُ وقيل تَتابُعُ الجَرْعِ عَبَّه يَعُبُّه عَبّاً وعَبَّ في الماءِ أَو الإِناءِ عَبّاً كرَع قال
يَكْرَعُ فيها فَيَعُبُّ عَبّا ... مُحَبَّباً في مائها مُنْكَبَّا ( 1 )
( 1 قوله « محبباً في مائها الخ » كذا في التهذيب محبباً بالحاء المهملة بعدها موحدتان ووقع في نسخ شارح القاموس مجبأ بالجيم وهمز آخره ولا معنى له هنا وهو تحريف فاحش وكان يجب مراجعة الأصول )
ويقال في الطائر عَبَّ ولا يقال شرِبَ وفي الحديث مُصُّوا الماءَ مَصّاً ولا تَعُبُّوه عَبّاً العَبُّ الشُّرْبُ بلا تَنَفُّس ومنه
الحديث الكُبادُ من العبِّ الكُبادُ داءٌ يعرض للكَبِدِ وفي حديث الحوض يَعُبُّ فيه مِيزابانِ أَي يَصُبّانِ فلا يَنْقَطِعُ انْصِبابُهما هكذا جاء في رواية والمعروف بالغين المعجمة والتاء المثناة فوقها والحمامُ يَشْرَبُ الماء عبّاً كما تَعُبُّ الدَّوابُّ قال الشافعي الحمامُ من الطير ما عَبَّ وهَدَر وذلك ان الحمام يَعُبُّ الماء عَبّاً ولا يَشرب كما يشرب الطَّير شيئاً فشيئاً وعَبَّتِ الدَّلْوُ صَوَّتَتْ عند غَرْفِ الماء وتَعَبَّبَ النبيذَ أَلَحَّ في شُرْبه عن اللحياني ويقال هو يَتَعَبَّبُ النبيذ أَي يَتَجَرَّعُه وحكى ابن الأَعرابي أَن العرب تقول إِذا أَصابت الظِّباءُ الماءَ فلا عَبابَ وإِن لم تُصِبْهُ فلا أَباب أَي إِن وَجَدَتْه لم تَعُبَّ وإِن لم تجده لم تَأْتَبَّ له يعني لم تَتَهَيَّأْ لطلبه ولا تشربه من قولك أَبَّ للأَمر وائْتَبَّ له تَهَيَّأَ وقولهم لا عَبابَ أَي لا تَعُبّ في الماء وعُبَابُ كلّ شيء أَوَّلُه وفي الحديث إِنَّا حَيٌّ من مَذحِجٍ عُبَابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها عُبابُ الماءِ أَوَّلهُ ومُعْظَمُه ويقال جاؤوا بعُبابهِم أَي جاؤوا بأَجمعهم وأَراد بسَلَفِهم مَنْ سَلَفَ من آبائهم أَو ما سَلَفَ من عِزِّهم ومَجْدِهم وفي حديث علي يصف أَبا بكر رضي اللّه تعالى عنهما طِرْتَ بعُبابها وفُزْتَ بحبابها أَي سبَقْتَ إِلى جُمَّة الإِسلام وأَدْرَكْتَ أَوائلَه وشَرِبتَ صَفْوَه وحَوَيْتَ فَضائِلَه قال ابن الأَثير هكذا أَخرج الحديث الهَرَوي والخَطَّابيُّ وغيرُهما من أَصحاب الغريب وقال بعضُ فُضلاء المتأَخرين هذا تفسير الكلمة على الصواب لو ساعدَ النقلُ وهذا هو حديث أُسَيْدِ بنِ صَفْوانَ قال لما مات أَبو بكر جاءَ عليٌّ فمدحه فقال في كلامه طِرْتَ بِغَنائها بالغين المعجمة والنون وفُزْتَ بحِيائها بالحاءِ المكسورة والياء المثناة من تحتها هكذا ذكره الدارقطني من طُرُق في كتاب ما قالت القرابة في الصحابة وفي كتابه المؤتلف والمختلف وكذلك ذكره ابنُ بَطَّة في الإِبانةِ والعُبابُ الخُوصَةُ قال المَرّارُ
رَوافِعَ للحِمَى مُتَصَفِّفاتٍ ... إِذا أَمْسى لصَيِّفه عُبابُ
والعُبابُ كثرة الماءِ والعُبابُ المَطَرُ الكثير وعَبَّ النَّبْتُ أَي طال وعُبابُ السَّيْل مُعْظمُه وارتفاعُه وكثرته وقيل عُبابُه مَوجُه وفي التهذيب العُبابُ معظم السيل ابن الأَعرابي العُبُبُ المياهُ المتدفقة والعُنْبَبُ ( 2 )
( 2 قوله « والعنبب » وعنبب كذا بضبط المحكم بشكل القلم بفتح العين في الأول محلى بأل وبضمها في الثاني بدون أل والموحدة مفتوحة فيهما اه ) كثرة الماء عن ابن الأَعرابي وأَنشد
فَصَبَّحَتْ والشمسُ لم تُقَضِّبِ ... عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ العُنْبَبِ
[ ص 574 ] ويُرْوى نجوج قال أَبو منصور جعل العُنْبَبَ الفُنْعَلَ من العَبِّ والنون ليست أَصلية وهي كنون العُنْصَل والعَنْبَبُ وعُنْبَبٌ كلاهما وادٍ سمي بذلك لأَنه يَعُبُّ الماءَ وهو ثلاثي عند سيبويه وسيأْتي ذكره ابن الأَعرابي العُبَبُ عِنَبُ الثَّعلب قال وشجَرَةٌ يقال لها الرَّاءُ ممدود قال ابن حبيب هو العُبَبُ ومن قال عِنَبُ الثعلبِ فقد أَخطأَ قال أَبو منصور عِنَبُ الثعلب صحيح ليس بخطإٍ والفُرْسُ تسميه رُوسْ أَنْكَرْدَهْ ورُوسْ اسم الثعلب وأَنْكَرْدَهْ حَبُّ العِنَب ورُوِيَ عن الأَصمعي أَنه قال الفَنا مقصور عِنَبُ الثعلب فقال عِنَبُ ولم يَقُلْ عُبَبُ قال الأَزهري وجَدْتُ بيتاً لأَبي وَجْزَة يَدُلُّ على ما قاله ابن الأَعرابي وهو
إِذا تَرَبَّعْتَ ما بَينَ الشُّرَيْقِ إِلى ... أَرْضِ الفِلاجِ أُولاتِ السَّرْحِ والعُبَبِ ( 1 )
( 1 قوله « ما بين الشريق » بالقاف مصغراً والفلاج بكسر الفاء وبالجيم واديان ذكرهما ياقوت بهذا الضبط وأنشد البيت فيهما فلا تغتر بما وقع من التحريف في شرح القاموس اه )
والعُبَبُ ضَرْبٌ من النبات زعم أَبو حنيفة أَنه من الأَغْلاثِ
وبَنُو العَبّابِ قوم من العرب سُمُّوا بذلك لأَنهم خالَطوا فارِسَ حتى عَبَّتْ خيلُهم في الفُرات واليَعْبوبُ الفَرَسُ الطويلُ السريع وقيل الكَثير الجَرْيِ وقيل الجوادُ السَّهْل في عَدْوه وهو أَيضاً الجَوادُ البعيدُ القَدْرِ في الجَرْي واليَعْبُوبُ فرسُ الربيع بن زياد صفةٌ غالبة واليَعْبُوبُ الجَدْوَلُ الكثير الماء الشديدُ الجِريةِ وبه شُبِّه الفَرَسُ الطويلُ اليَعْبُوبُ وقال قُسٌّ عِذْقٌ بساحَةِ حائِرٍ يَعْبُوبِ الحائر المكان المطمئن الوَسَطِ المرتفعُ الحُروف يكون فيه الماءُ وجمعه حُورانٌ واليَعْبوبُ الطويلُ جَعَلَ يَعْبوباً من نَعْتِ حائر واليَعبوبُ السَّحابُ والعَبِيبةُ ضَرْبٌ من الطَّعام والعَبيبةُ أَيضاً شرابٌ يُتَّخَذُ من العُرْفُطِ حُلْوٌ وقيل العَبيبةُ التي تَقْطُرُ من مَغافِيرِ العُرْفُطِ وعَبيبةُ اللَّثَى غُسالَتُه واللَّثَى شيءٌ يَنْضَحُه الثُّمامُ حُلْوٌ كالناطِفِ فإِذا سال منه شيءٌ في الأَرض أُخِذَ ثم جُعِلَ في إِناءٍ وربما صُبَّ عليه ماءٌ فشُرِب حُلْواً وربما أُعْقِدَ أَبو عبيد العَبِيبةُ الرائب من الأَلبان قال أَبو منصور هذا تصحيف مُنْكَر والذي أَقرأَني الإِياديُّ عن شَمِرٍ لأَبي عبيد في كتاب المؤتلف الغَبيبةُ بالغين معجمة الرائب من اللبن قال وسمعت العرب تقول للَّبنِ البَيُّوتِ في السِّقاءِ إِذا رابَ من الغَدِ غَبِيبةٌ والعَبيبةُ بالعين بهذا المعنى تصحيف فاضح قال أَبو منصور رأَيتُ بالبادية جنساً من الثُّمام يَلْثَى صَمْغاً حُلْواً يُجْنى من أَغصانِه ويؤكل يقال له لَثَى الثُّمام فإِن أَتَى عليه الزمانُ تَناثر في أَصل الثُّمام فيؤخَذُ بتُرابه ويُجْعَلُ في ثوب ويُصَبُّ عليه الماءُ ويُشْخَلُ به أَي يُصَفَّى ثم يُغْلى بالنارِ حتى يَخْثُرَ ثم يُؤكل وما سال منه فهو العَبِيبَة وقد تَعَبَّبْتُها أَي شَرِبْتُها وقيل هو عِرْقُ الصَّمْغِ وهو حُلْو يُضْرَبُ بمِجْدَحٍ حتى يَنْضَجَ ثم يُشْرَبَ والعَبِيبةُ الرِّمْثُ إِذا كان في وَطاءٍ من الأَرض والعُبَّى على مثال فُعْلى عن كراع المرأَةُ التي لا تَكادُ يموتُ لها ولدٌ والعُبِّيَّة والعِبِّيَّةُ الكِبْرُ والفَخْرُ حكى اللحياني هذه عُبِّيَّةُ قُريشٍ وعِبِّيَّةُ ورجل فيه [ ص 575 ] عُبِّيَّة وعِبِّيَّة أَي كِبر وفخر وعِبِّيَّةُ الجاهلية نَخْوَتُها وفي الحديث إِن اللّه وضَعَ عَنْكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وتَعَظُّمَها بآبائها يعني الكِبْرَ بضم العين وتُكْسَر وهي فُعُّولة أَو فُعِّيلة فإِن كان فُعُّولة فهي من التَّعْبِيةِ لأَن المتكبر ذو تكلف وتَعْبِيَةٍ خلافُ المُسترْسِل على سَجِيَّتِه وإِن كانت فُعِّيلَة فهي من عُبابِ الماءِ وهو أَوَّلُه وارتفاعُه وقيل إِن الباءَ قُلِبَتْ ياء كما فَعَلوا في تَقَضَّى البازي والعَبْعَبُ الشَّبابُ التامُّ والعَبْعَبُ نَعْمَةُ الشَّبابِ قال العجاج بعد الجَمالِ والشَّبابِ العَبْعَبِ وشبابٌ عَبْعَبٌ تامٌّ وشابٌّ عَبْعَبٌ مُمْتَلِئُ الشَّباب والعَبْعَبُ ثَوْبٌ واسِعٌ والعَبْعَبُ كِساءٌ غليظ كثير الغَزْلِ ناعمٌ يُعْمَلُ من وَبَرِ الإِبِلِ وقال الليث العَبْعَبُ من الأَكْسِية الناعمُ الرقيق قال الشاعر بُدِّلْتِ بعدَ العُرْي والتَّذَعْلُبِ ولُبْسِكِ العَبْعَبَ بعدَ العَبْعَبِ نَمارِقَ الخَزِّ فَجُرِّي واسْحَبي وقيل كِساءٌ مُخَطَّطٌ وأَنشد ابن الأَعرابي تَخَلُّجَ المجنونِ جَرَّ العَبْعَبا وقيل هو كساء من صوف والعَبْعَبَةُ الصوفةُ الحمراء والعَبْعَبُ صَنَمٌ وقد يقال بالغين المعجمة وربما سمي موضعُ الصنم عَبْعَباً والعَبْعَبُ والعَبْعابُ الطويلُ من الناس والعَبْعَبُ التَّيسُ من الظِّباءِ وفي النوادر تَعَبْعَبْتُ الشيءَ وتَوَعَّبْتُه واستوعبْتُه وتَقَمْقَمْتُه وتَضَمَّمْتُه إِذا أَتيتَ عليه كله ورجلٌ عَبْعابٌ قَبْقابٌ إِذا كان واسِعَ الحَلْقِ والجَوْفِ جليلَ الكلام وأَنشد شمر بعد شَبابٍ عَبْعَبِ التصوير يعني ضَخمَ الصُّورة جليلَ الكلام وعَبْعَبَ إِذا انهزم وعَبَّ إِذا شرب وعَبَّ إِذا حَسُنَ وجهُه بعد تَغيُّر وعَبُ الشمسِ ضُوءُها بالتخفيف قال ورَأْسُ عَبِ الشَّمْسِ المَخُوفُ ذِماؤُها ( 1 )
( 1 قوله « المخوف ذماؤها » الذي في التكملة المخوف ونابها )
ومنهم من يقول عَبُّ الشمسِ فيشدِّد الباء الأَزهري عَبُّ الشمسِ ضَوءُ الصُّبْح الأَزهري في ترجمة عبقر عند إِنشاده كأَنَّ فاها عَبُّ قُرٍّ بارِدِ قال وبه سمي عَبْشَمْسٌ وقولهم عَبُّ شمسٍ أَرادوا عبدشَمْسٍ قال ابن شميل في سَعْدٍ بنو عَبِّ الشَّمْسِ وفي قريشٍ بنو عبدِالشمسِ ابن الأَعرابي عُبْ عُبْ إِذا أَمرته أَن يَسْتَتِر وعُباعِبُ موضع قال الأَعشى
صَدَدْتَ عن الأَعْداءِ يومَ عُباعِبٍ ... صُدودَ المَذاكي أَفْرَعَتْها المَساحِلُ
وعَبْعَبٌ اسم رجل

عبرب
العَبْرَبُ السُّمّاقُ وهو العَبْرَبُ والعَرَبرَبُ وطَبَخ قِدْراً عَرَبْرَبِيَّةً أَي سُمّاقيَّة وفي حديث الحجاج قال لطَبّاخِه اتَّخِذْ لنا عَبرَبيَّةً وأَكْثِرْ فَيْجَنَها والفَيْجَن السَّذابُ [ ص 576 ]

عتب
العَتَبَةُ أُسْكُفَّةُ البابِ التي تُوطأُ وقيل العَتَبَةُ العُلْيا والخَشَبَةُ التي فوق الأَعلى الحاجِبُ والأُسْكُفَّةُ السُّفْلى والعارِضَتانِ العُضادَتانِ والجمع عَتَبٌ وعَتَباتٌ والعَتَبُ الدَّرَج وعَتَّبَ عَتَبةً اتخذها وعَتَبُ الدَّرَجِ مَراقِيها إِذا كانت من خَشَب وكلُّ مِرْقاةٍ منها عَتَبةٌ وفي حديث ابن النَّحّام قال لكعب بن مُرَّةَ وهو يُحدِّثُ بدَرَجاتِ المُجاهد ما الدَّرَجةُ ؟ فقال أَما إِنَّها ليستْ كعَتَبةِ أُمِّك أَي إِنها ليست بالدَّرَجة التي تَعْرِفُها في بيتِ أُمِّكَ فقد رُوِيَ أَنَّ ما بين الدرجتين كما بين السماء والأَرض وعَتَبُ الجبالِ والحُزون مَراقِيها وتقول عَتِّبْ لي عَتَبةً في هذا الموضع إِذا أَردت أَنْ تَرْقى به إلى موضع تَصعَدُ فيه والعَتَبانُ عَرَجُ الرِّجْل وعَتَبَ الفحلُ يَعْتِبُ ويَعْتُبُ عَتْباً وعَتَباناً وتَعْتاباً ظَلَع أَو عُقِلَ أَو عُقِرَ فمشى على ثلاثِ قوائمَ كأَنه يَقْفِزُ قَفْزاً وكذلك الإِنسانُ إِذا وثَبَ برجل واحدة ورفع الأُخرى وكذلك الأَقْطَع إِذا مشى على خشبة وهذا كله تشبيه كأَنه يمشي على عَتَب دَرَج أَو جَبَل أَو حَزْنٍ فيَنْزُو من عَتَبةٍ إِلى أُخرى وفي حديث الزهري في رجل أَنْعَلَ ( 1 )
( 1 قوله « في رجل أنعل الخ » تمامه كما بهامش النهاية إن كان ينعل فلا شيء عليه وإن كان ذلك الإنعال تكلفاً وليس من عمله ضمن ) دابةَ رجل فعَتِبَتْ أَي غَمَزَتْ ويروى عَنِتَتْ بالنون وسيذكر في موضعه وعَتَبُ العُودِ ما عليه أَطراف الأَوْتار من مُقَدَّمِه عن ابن الأَعرابي وأَنشد قول الأَعشى
وثَنَى الكَفَّ على ذِي عَتَبٍ ... صَحِلِ الصَّوْتِ بذي زِيرٍ أَبَحّ ( 2 )
( 2 قوله « صحل الصوت » كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يصل الصوت )
العَتَبُ الدَّسْتاناتُ وقيل العَتَبُ العِيدانُ المعروضة على وجْه
العُودِ منها تمدُّ الأَوتار إِلى طرف العُودِ وعَتَبَ البرقُ عَتَباناً بَرَق بَرْقاً وِلاءً وأُعْتِبَ العظمُ أُعْنِتَ بعدَ الجَبْرِ وهو التَّعْتابُ وفي حديث ابن المسيب كلُّ عظمٍ كُسِر ثم جُبِرَ غير منقوصٍ ولا مُعْتَبٍ فليس فيه إِلا إِعْطاءُ المُداوِي فإِن جُبِرَ وبه عَتَبٌ فإِنه يُقَدَّر عَتَبُهُ بقيمة أَهل البَصر العَتَب بالتحريك النقصُ وهو إِذا لم يُحْسِنْ جَبْره وبقي فيه ورَم لازم أَو عَرَجٌ يقال في العظم المجبور أُعْتِبَ فهو مُعْتَبٌ وأَصلُ العَتَبِ الشدَّة وحُمِلَ على عَتَبٍ من الشَّرِّ وعَتَبةٍ أَي شدَّة يقال حُمِلَ فلانٌ على عَتَبةٍ كريهةٍ وعلى عَتَبٍ كريهٍ من البلاءِ والشرِّ قال الشاعر يُعْلى على العَتَبِ الكَريهِ ويُوبَسُ ويقال ما في هذا الأَمر رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي شِدَّة وفي حديث عائشة رضي اللّه تعالى عنها إِنَّ عَتَبات الموتِ تأْخُذُها أَي شدائدَه والعَتَبُ ما دَخَلَ في الأَمر منَ الفَساد قال
فما في حُسْنِ طاعَتِنا ... ولا في سَمْعِنا عَتَبُ
وقال
أَعْدَدْتُ للحَرْبِ صارِماً ذكَراً ... مُجَرَّبَ الوَقْعِ غير ذِي عَتَبِ
[ ص 577 ] أَي غيرَ ذِي التِواءٍ عند الضَّريبة ولا نَبْوة ويقال ما في طاعةِ فلان عَتَبٌ أَي التِواءٌ ولا نَبْوةٌ وما في مَوَدَّته عَتَبٌ إِذا كانت خالصة لا يَشُوبها فسادٌ وقال ابن السكيت في قول علقمة لا في شَظاها ولا أَرْساغِها عَتَبُ ( 1 )
( 1 قوله « لا في شظاها الخ » عجزه كما في التكملة ولا السنابك أفناهن تقليم ويروى عنت بالنون والمثناة الفوقية )
أَي عَيْبٌ وهو من قولك لا يُتَعَتَّبُ عليه في شيءٍ
والتَّعَتُّبُ التَّجَنِّي تَعَتَّبَ عليه وتَجَنَّى عليه بمعنى واحدٍ وتَعَتَّبَ عليه أَي وَجَدَ عليه
والعَتْبُ المَوْجِدَةُ عَتَبَ عليه يَعْتِبُ ويَعْتُبُ عَتْباً وعِتاباً ومَعْتِبَة ومَعْتَبَةً ومَعْتَباً أَي وجد عليه قال الغَطَمَّشُ الضَّبِّيُّ وهو من بني شُقْرة بنِ كعب بن ثَعْلبة بن ضَبَّة والغَطَمَّشُ الظالِمُ الجائر
أَقُولُ وقد فَاضَتْ بعَيْنِيَ عَبْرةٌ ... أَرَى الدَّهْرَ يَبْقَى والأَخِلاَّءُ تَذْهَبُ
أَخِلاَّيَ لو غَيْرُ الحِمام أَصابَكُمْ ... عَتَبْتُ ولكنْ ليسَ للدَّهْرِ مَعْتَبُ
وقَصَرَ أَخِلاَّيَ ضرورةً ليُثْبِتَ باءَ الإِضافة والرواية الصحيحة أَخِلاَّءَ بالمد وحذف ياء الإِضافة وموضع أَخِلاَّءَ نصبٌ بالقول لأَن قوله أَرى الدهر يبقى متصلٌ بقوله أَقول وقد فاضت تقديره أقول وقد بَكَيْتُ وأَرى الدهرَ باقياً والأَخِلاَّءَ ذاهبين وقوله عَتَبْتُ أَي سَخِطْتُ أَي لو أُصبْتُمْ في حَرْب لأَدْركنا بثأْركم وانتصرنا ولكن الدهرَ لا يُنْتَصَرُ منه وعاتَبهُ مُعاتَبَةً وعِتاباً كلُّ ذلك لامه قال الشاعر
أُعاتِبُ ذا المَودَّةِ من صَديقٍ ... إِذا ما رَابَني منه اجْتِنابُ
إِذا ذَهَبَ العِتابُ فليس وُدٌّ ... ويَبْقَى الوُدُّ ما بَقِيَ العِتابُ
ويقال ما وَجَدْتُ في قوله عُِتْباناً وذلك إِذا ذكر أَنه أَعْتَبَكَ ولم تَرَ لذلك بَياناً وقال بعضهم ما وَجَدْتُ عنده عَتْباً ولا عِتاباً بهذا المعنى قال الأَزهري لم أَسمع العَتْبَ والعُتْبانَ والعِتاب بمعنى الإِعْتابِ إِنما العَتْبُ والعُتْبانُ لومُك الرجلَ على إِساءة كانت له إِليك فاسْتَعْتَبْتَه منها وكلُّ واحد من اللفظين يَخْلُصُ للعاتِب فإِذا اشتركا في ذلك وذَكَّرَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه ما فَرَطَ منه إِليه من الإِساءة فهو العِتابُ والمُعاتَبة فأَمَّا الإِعْتابُ والعُتْبَى فهو رُجوعُ المَعْتُوب عليه إِلى ما يُرْضِي العاتِبَ والاسْتِعْتابُ طَلَبُك إِلى المُسِيءِ الرُّجُوعَ عن إِساءَته والتَّعَتُّبُ والتَّعاتُبُ والمُعاتَبَةُ تواصف الموجِدَة قال الأَزهري التَّعَتُّبُ والمُعاتَبَةُ والعِتابُ كل ذلك مُخاطَبَةُ الإِدْلالِ وكلامُ المُدِلِّينَ أَخِلاَّءَهم طالبين حُسْنَ مُراجعتهم ومذاكرة بعضِهم بعضاً ما كَرِهُوه مما كسبَهم المَوْجِدَةَ وفي الحديث كان يقول لأَحَدِنا عند المَعْتِبَة ما لَهُ تَرِبَتْ يمينُه ؟ رويت المعْتَبَة بالفتح والكسر من المَوْجِدَة والعِتْبُ الرجلُ الذي يُعاتِبُ صاحِبَه أَو صديقَه في كل شيءٍ إِشفاقاً عليه ونصيحة له [ ص 578 ] والعَتُوبُ الذي لا يَعْمَلُ فيه العِتابُ ويقال فلانٌ يَسْتَعْتِبُ من نَفْسه ويَسْتَقِيلُ من نفسه ويَسْتَدْرِك من نفسه إِذا أَدْرَكَ بنفسه تَغْييراً عليها بحُسْن تقدير وتدبير والأُعْتُوبةُ ما تُعُوتِبَ به وبينهم أُعْتُوبة يَتَعاتَبُون بها ويقال إِذا تَعاتَبُوا أَصْلَحَ ما بينهم العتابُ والعُتْبَى الرِّضا وأَعْتَبَه أَعْطاه العُتْبَى ورَجَع إِلى مَسَرَّته قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ
شابَ الغُرابُ ولا فُؤادُك تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ ولا عِتابُك يُعْتَبُ
أَي لا يُسْتَقْبَلُ بعُتْبَى وتقول قد أَعْتَبني فلانٌ أَي تَرَكَ ما كنتُ أَجد عليه من أَجلِه ورَجَع إِلى ما أَرْضاني عنه بعد إِسْخاطِه إِيَّايَ عليه وروي عن أَبي الدرداءِ أَنه قال مُعاتَبة الأَخِ خيرٌ من فَقْدِه قال فإِن اسْتُعْتِبَ الأَخُ فلم يُعْتِبْ فإِنَّ مَثَلَهم فيه كقولهم لك العُتْبَى بأَنْ لا رَضِيتَ قال الجوهري هذا إِذا لم تُرِدِ الإِعْتابَ قال وهذا فِعْلٌ مُحَوَّلٌ عن موضعه لأَن أَصْلَ العُتْبَى رجوعُ المُسْتَعتِبِ إِلى مَحبَّةِ صاحبه وهذا على ضدِّه تقول أُعْتِبُكَ بخلاف رِضاكَ ومنه قول بِشْر بن أَبي خازمٍ
غَضِبَتْ تَميمٌ أَنْ تَقَتَّلَ عامِرٌ ... يومَ النِّسارِ فأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
أَي أَعْتَبْناهم بالسَّيْف يعني أَرْضَيْناهم بالقَتْل وقال شاعر
فَدَعِ العِتابَ فَرُبَّ شَرٍّ ... هاجَ أَوَّلهُ العِتاب
والعُتْبَى اسم على فُعْلى يوضع موضع الإِعْتاب وهو الرجوعُ عن الإِساءة إِلى ما يُرْضِي العاتِبَ وفي الحديث لا يُعاتَبُونَ في أَنفسهم يعني لعِظَمِ ذُنُوبهم وإِصْرارِهم عليها وإِنما يُعاتَبُ من تُرْجَى عنده العُتْبَى أَي الرُّجوعُ عن الذنب والإِساءة وفي المثل ما مُسِيءٌ من أَعْتَبَ وفي الحديث عاتِبُوا الخَيْلَ فإِنها تُعْتِبُ أَي أَدِّبُوها ورَوِّضُوها للحَرْبِ والرُّكُوبِ فإِنها تَتَأَدَّبُ وتَقْبَلُ العِتابَ واسْتَعْتَبَه كأَعْتَبه واسْتَعْتَبه طَلب إِليه العُتْبَى تقول اسْتَعْتَبْتُه فأَعْتَبَنِي أَي اسْتَرْضَيْته فأَرْضاني واسْتَعْتَبْتُه فما أَعْتَبَني كقولك اسْتَقَلْته فما أَقالَني والاستِعتابُ الاستِقالة واسْتَعْتَب فلانٌ إِذا طَلب أَن يُعْتَبَ أَي يُرْضَى والمُعْتَبُ المُرْضَى وفي الحديث لا يَتَمَنَّيَن أَحدُكم الموتَ إِما مُحْسِناً فلَعَلَّه يَزْداد وإِمّا مُسِيئاً فلعله يَسْتَعْتِبُ أَي يرْجِعُ عن الإِساءة ويَطْلُبُ الرضا ومنه الحديث ولا بَعْدَ الموْتِ من مُسْتَعْتَبٍ أَي ليس بعد الموت من اسْتِرْضاءٍ لأَن الأَعمال بَطَلَتْ وانْقَضَى زَمانُها وما بعد الموْت دارُ جزاءٍ لا دارُ عَمَلٍ وقول أَبي الأَسْود
فأَلْفَيْتُه غيرَ مُسْتَعْتِبٍ ... ولا ذَاكِرَ اللّهِ إِلا قليلا
يكون من الوجهين جميعاً وقال الزجاج قال الحسن في قوله تعالى وهو الذي جعلَ الليل والنهارَ خِلْفَةً لمن أَراد أَن يَذَّكَّر أَو أَرادَ شُكوراً قال من فاتَهُ عَمَلُه من الذِّكْر والشُّكْر بالنهار كان له [ ص 579 ] في الليل مُسْتَعْتَبٌ ومن فاته بالليل كان له في النهار مُسْتَعْتَبٌ قال أُراه يَعْنِي وقتَ اسْتِعْتابٍ أَي وقتَ طَلَبِ عُتْبى كأَنه أَراد وقت اسْتِغفار وفي التنزيل العزيز وإِن يُسْتَعْتبُوا فما هم من المُعْتِبِين معناه إِن أَقالَهُم اللّهُ تعالى وردَّهم إِلى الدنيا لم يُعْتِبُوا يقول لم يَعْمَلُوا بطاعةِ اللّهِ لِما سَبَقَ لهم في عِلْمِ اللّهِ من الشَّقاءِ وهو قوله تعالى ولو رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهوا عنه وإِنَّهم لكاذبون ومن قرأَ وإِن يَسْتَعْتِبُوا فما هم من المُعْتَبِين فمعناه إِن يَسْتَقِيلُوا ربهم لم يُقِلْهم قال الفراءُ اعْتَتَبَ فلانٌ إِذا رَجعَ عن أَمر كان فيه إِلى غيره من قولهم لك العُتْبَى أَي الرجوعُ مما تَكْرَهُ إِلى ما تُحِبُّ والاعْتِتابُ الانْصِرافُ عن الشيءِ واعْتَتَبَ عن الشيءِ انْصَرَف قال الكميت
فاعْتَتَبَ الشَّوْقُ عن فُؤَادِيَ وال ... شِّعْرُ إِلى مَنْ إِليه مُعْتَتَبُ
واعْتَتَبْتُ الطريقَ إِذا تركتَ سَهْلَهُ وأَخَذْتَ في وَعْرِه واعْتَتَبَ أَي قَصَدَ قال الحُطَيْئةُ
إِذا مَخارِمُ أَحْناءٍ عَرَضْنَ له ... لم يَنْبُ عنها وخافَ الجَوْرَ فاعتَتَبا
معناه اعْتَتَبَ من الجبل أَي رَكِبَهُ ولم يَنْبُ عنه يقول لم يَنْبُ عنها ولم يَخَفِ الجَوْرَ ويقال للرجل إِذا مَضَى ساعةً ثم رَجَع قد اعْتَتَبَ في طريقه اعْتِتاباً كأَنه عَرَضَ عَتَبٌ فتَراجَعَ وعَتيبٌ قبيلة وفي أَمثال العرب أَوْدَى كما أَوْدَى عَتِيبٌ عَتِيبٌ أَبو حيٍّ من اليمن وهو عَتِيبُ بنُ أَسْلَمَ بن مالك بن شَنُوءة بن تَديلَ وهم حَيٌّ كانوا في دِينِ مالكٍ أَغارَ عليهم بعضُ الملوكِ فَسَبَى الرجالَ وأَسَرَهم واسْتَعْبَدَهُم فكانوا يقولون إِذا كَبِرَ صِبيانُنا لم يتركونا حتى يَفْتَكُّونا فما زالوا كذلك حتى هلكوا فضَرَبَتْ بهم العربُ مثلاً لمن ماتَ وهو مغلوب وقالت أَوْدَى عَتيبٌ ومنه قول عَدِيّ بن زيد
تُرَجِّيها وقد وَقَعَت بقُرٍّ ... كما تَرْجو أَصاغِرَها عَتِيبُ
ابن الأَعرابي الثُّبْنة ما عَتَّبْتَه من قُدَّام السراويل وفي حديث سَلْمان أَنه عَتَّبَ سراويلَه فتَشَمَّرَ قال ابن الأَثير التَّعْتِيبُ أَن تُجْمَعَ الحُجْزَةُ وتُطْوى من قُدَّام وعَتَّبَ الرجلُ أَبْطَأَ قال ابن سيده وَأُرى الباءَ بدلاً من ميم عَتَّمَ والعَتَبُ ما بين السَّبَّابة والوُسْطَى وقيل ما بين الوسطى والبِنْصَر والعِتْبانُ الذكر من الضِّباع عن كراع وأُمُّ عِتْبانٍ وأُمُّ عَتَّابٍ كلتاهما الضَّبُعُ وقيل إِنما سميت بذلك لعَرَجها قال ابن سيده ولا أَحُقُّه وعَتَبَ من مكانٍ إِلى مكانٍ ومن قولٍ إِلى قولٍ إِذا اجتاز من موضع إِلى موضع والفعل عَتَبَ يَعْتِبُ وعَتَبَةُ الوادي جانبه الأَقصى الذي يَلي الجَبَلَ والعَتَبُ ما بين الجبلين والعربُ تَكْنِي عن المرأَة ( 1 )
( 1 قوله « والعرب تكني عن المرأة الخ » نقل هذه العبارة الصاغاني وزاد عليها الريحانة والقوصرة والشاة والنعجة ) بالعَتَبةِ والنَّعْلِ والقارورة والبيت والدُّمْيةِ والغُلِّ والقَيْدِ وعَتِيبٌ قبيلة وعَتَّابٌ وعِتْبانٌ ومُعَتِّبٌ وعُتْبة وعُتَيْبةُ كلُّها أَسماءٌ [ ص 580 ] وعُتَيْبَةُ وعَتَّابةُ من أَسماءِ النساءِ والعِتابُ ماءٌ لبني أَسدٍ في طريق المدينة قال الأَفوه
فأَبْلِغْ بالجنابةِ جَمْعَ قَوْمِي ... ومَنْ حَلَّ الهِضابَ على العِتابِ

عتلب
بالتاءِ المثناة جبل مُعَتْلَبٌ رِخْوٌ قال الراجز مُلاحِمُ القارةِ لم يُعَتْلَبِ

عثب
عَوْثَبانُ اسم رجل

عثرب
العُثْرُبُ شجر نحوُ شجر الرُّمَّان في القدرِ وورقُه أَحمر مثلُ ورق الحُمّاضِ تَرِقُّ عليه بطونُ الماشية أَوَّل شيءٍ ثم تَعْقِدُ عليه الشَّحْمَ بعد ذلك وله عسالِيجُ حُمْرٌ وله حَبٌّ كحَبِّ الحُمَّاضِ واحدته عُثْرُبة كل ذلك عن أَبي حنيفة

عثلب
عَثْلَبَ زَنْدَهُ أَخَذَه من شجرة لا يَدرِي أَيُصْلِدُ أَم يُوري وعَثْلَبَ الحَوْضَ وجِدارَ الحَوْضِ ونحوَه كسَرَه وهَدَمَه قال النابغة وسُفْعٌ على آسٍ ونُؤْيٌ مَعَثْلَبُ ( 1 )
( 1 قوله « ونؤي معثلب » ضبطه المجد كالذي بعده بكسر اللام وضبط في بعض نسخ الصحاح الخط كالتهذيب بفتحها ولا مانع منه حيث يقال عثلبت جدار الحوض إذا كسرته وعثلبت زنداً أخذته لا أدري أَيوري أم لا بل هو الوجيه )
أَي مَهْدومٌ وأَمْرٌ مُعَثْلِبٌ إِذا لم يُحْكَم ورُمْح مُعَثْلِبٌ مكسور وقيل المُعَثْلِبُ المكسور من كل شيءٍ وعَثْلَبَ عَمَلَه أَفْسَدَه وعَثْلَبَ طَعامَه رَمَّدَه أَو طَحَنَه فَجَشَّشَ طَحْنَه وعَثْلَبٌ اسم ماء قال الشَّمَّاخ
وصَدَّتْ صُدوداً عن شريعةِ عَثْلَبٍ ... ولابْنَيْ عِياذٍ في الصُّدُورِ حَوامِزُ ( 2 )
( 2 قوله « في الصدور حوامز » كذا بالأصل كالتهذيب والذي في التكملة في الصدور حزائز ) وشَيْخ مُعَثْلِبٌ إِذا أَدْبَرَ كِبَراً

عجب
العُجْبُ والعَجَبُ إِنكارُ ما يَرِدُ عليك لقِلَّةِ اعْتِيادِه وجمعُ العَجَبِ أَعْجابٌ قال
يا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ ... الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ
وقد عَجِبَ منه يَعْجَبُ عَجَباً وتَعَجَّبَ واسْتَعْجَبَ قال
ومُسْتَعْجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا ... ولو زَبَنَتْهُ الحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ
والاسْتِعْجابُ شِدَّةُ التَّعَجُّبِ وفي النوادر تَعَجَّبنِي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني والاسم العَجِيبةُ والأُعْجُوبة والتَّعاجِيبُ العَجائبُ لا واحدَ لها من لفظها قال الشاعر
ومنْ تَعاجِيبِ خَلْقِ اللّهِ غَاطِيةٌ ... يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
الغَاطِيَةُ الكَرْمُ وقوله تعالى بل عَجِبْت ويَسْخَرُون قرأَها حمزة والكسائي بضم التاءِ وكذا قراءة علي بن أَبي طالب وابن عباس وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأَبو عمرو بل عَجِبْتَ بنصب التاءِ الفراءُ العَجَبُ وإِن أُسْنِدَ إِلى اللّه فليس معناه من اللّه كمعناه من العباد قال الزجاج أَصلُ العَجَبِ في اللغة أَن الإِنسان إِذا رأَى ما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه قال قد عَجِبْتُ من كذا وعلى هذا معنى قراءة من قرأَ بضم التاءِ لأَن الآدمي إِذا فعل ما يُنْكِرُه اللّهُ جاز أَن يقول فيه عَجِبْتُ واللّه عز وجل قد علم ما أَنْكَره قبل كونه ولكن الإِنكارُ والعَجَبُ الذي تَلْزَمُ به [ ص 581 ] الحُجَّة عند وقوع الشيءِ وقال ابن الأَنباري في قوله بل عَجِبْتُ أَخْبَر عن نفسه بالعَجَب وهو يريد بل جازَيْتُهم على عَجَبِهم من الحَقِّ فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم وقيل بل عَجِبْتَ معناه بل عَظُمَ فِعْلُهم عندك وقد أَخبر اللّه عنهم في غير موضع بالعَجَب من الحَقِّ قال أَكَانَ للناسِ عَجَباً وقال بل عَجِبُوا أَنْ جاءهم مُنْذِرٌ منهم وقال الكافرون إِنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ ابن الأَعرابي العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ وقوله عز وجل وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولُهم الخطابُ للنبي صلى اللّه عليه وسلم أَي هذا موضعُ عَجَبٍ حيث أَنكروا البعْثَ وقد تبين لهم مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض ما دَلَّهم على البَعْث والبعثُ أَسهلُ في القُدْرة مما قد تَبَيَّنُوا وقوله عز وجل واتَّخَذَ سبيلَه في البحر عَجَباً قال ابن عباس أَمْسَكَ اللّه تعالى جرْيَةَ البَحْرِ حتى كان مثلَ الطاقِ فكان سَرَباً وكان لموسى وصاحبه عَجَباً وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكَ من قوم يُقادُونَ إِلى الجنةِ في السلاسِل أَي عَظُمَ ذلك عنده وكَبُرَ لديه أَعلم الّله أَنه إِنما يَتَعَجَّبُ الآدميُّ من الشيءِ إِذا عَظُمَ مَوْقِعُه عنده وخَفِيَ عليه سببُه فأَخبرهم بما يَعْرِفون ليعلموا مَوْقعَ هذه الأَشياء عنده وقيل معنى عَجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِيَ وأَثابَ فسماه عَجَباً مجازاً وليس بعَجَبٍ في الحقيقة والأَولُ الوجه كما قال ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللّهُ معناه ويُجازيهم اللّه على مكرهم وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكَ من شَابٍّ ليستْ له صَبْوَةٌ هو من ذلك وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكم وقُنُوطِكم قال ابن الأَثير إِطْلاقُ العَجَب على اللّه تعالى مَجَازٌ لأَنه لا يخفى عليه أَسبابُ الأَشياء والتَّعَجُّبُ مما خَفِيَ سببه ولم يُعْلَم وأَعْجَبَه الأَمْرُ حَمَلَهُ على العَجَبِ منه وأَنشد ثعلب
يا رُبَّ بَيْضَاءَ على مُهَشَّمَهْ ... أَعْجَبَها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَهْ
هذه امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل فأَعْجَبها ذلك أَي كَسَبها عَجَباً
وكذلك قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ
رَأَتْ في الرأْسِ منِّي شَيْ ... بَةً لَسْتُ أُغَيِّبُها
فقالتْ لي ابنُ قَيْسٍ ذا ... وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْجِبُها
أَي يَكْسِبُها التَّعَجُّبَ وأُعْجِبَ به عَجِبَ وعَجَّبَه بالشيءِ تَعْجِيباً نَبَّهَهُ على التَّعَجُبِ منه وقِصَّةٌ عَجَبٌ وشيء مُعْجِبٌ إِذا كان حَسَناً معدًّا والتَّعَجُّبُ أَن تَرَى الشيءَ يُعْجِبُكَ تَظُنُّ أَنك لم تَرَ مِثلَه وقولهم للّه زيدٌ كأَنه جاءَ به اللّه من أَمْرٍ عَجِيبٍ وكذلك قولهم للّه دَرّهُ أَي جاءَ اللّهُ بدَرِّه من أَمْرٍ عَجِيبٍ لكثرته وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَجَبٌ وعَجِيبٌ وعَجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ على المبالغة يؤكد به وفي التنزيل إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ قرأَ أَبو عبدالرحمن السُّلَمِيُّ ان هذا لشيء عُجَّابٌ بالتشديد وقال الفراء هو مِثْلُ قولهم رجل كريم وكُرامٌ وكُرَّامٌ وكَبيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ وعُجَّاب بالتشديد أَكثر من عُجَابٍ وقال صاحب العين بين العَجِيب والعُجَاب فَرْقٌ أَمَّا العَجِيبُ فالعَجَبُ يكون مثلَه وأَمَّا العُجَاب فالذي تَجاوَزَ حَدَّ العَجَبِ وأَعْجَبَهُ الأَمْرُ سَرَّه وأُعْجِبَ به كذلك على [ ص 582 ] لفظ ما تَقَدَّم في العَجَبِ والعَجِيبُ الأَمْرُ يُتَعَجَّبُ منه وأَمْرٌ عَجِيبٌ مُعْجِبٌ وقولهم عَجَبٌ عاجِبٌ كقولهم لَيْلٌ لائِلٌ يؤكد به وقوله أَنشده ثعلب
وما البُخْلُ يَنْهاني ولا الجُودُ قادَني ... ولكنَّها ضَرْبٌ إِليَّ عَجيبُ
أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني أَو نَهاني وقَادَني وإِنما عَلَّقَ عَجِيبٌ بإِليَّ لأَنه في معنى حَبِيب فكأَنه قال حَبِيبٌ إِليَّ قال الجوهري ولا يجمع عَجَبٌ ولا عَجِيبٌ ويقال جمعُ عَجِيب عَجائبُ مثل أَفِيل وأَفائِل وتَبيع وتَبائعَ وقولهم أَعاجِيبُ كأَنه جمع أُعْجُوبةٍ مثل أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ والعُجْبُ الزُّهُوُّ ورجل مُعْجَبٌ مَزْهُوٌّ بما يكون منه حَسَناً أَو قَبِيحاً وقيل المُعْجَبُ الإِنسانُ المُعْجَبُ بنفسه أَو بالشيءِ وقد أُعْجِبَ فلانٌ بنفسه فهو مُعْجَبٌ برأْيه وبنفسه والاسم العُجْبُ بالضم وقيل العُجْب فَضْلَةٌ من الحُمْق صَرَفْتَها إِلى العُجْبِ وقولُهم ما أَعجَبَه برأْيه شاذّ لا يُقاس عليه والعُجْب الذي يُحِبُّ مُحادثةَ النساء ولا يأْتي الريبة والعُجْبُ والعَجْبُ والعِجْبُ الذي يُعْجِبُه القُعُود مع النساءِ والعَجْبُ والعُجْبُ من كل دابة ( 1 )
( 1 قوله « والعجب والعجب من كل دابة الخ » كذا بالأصل وهذه عبارة التهذيب بالحرف وليس فيها ذكر العجب مرتين بل قال والعجب من كل دابة الخ وضبطه بشكل القلم بفتح فسكون كالصحاح والمحكم وصرح به المجد والفيومي وصاحب المختار لاسيما وأُصول هذه المادة متوفرة عندنا فتكرار العجب في نسخة اللسان ليس إلا من الناسخ اغتر به شارح القاموس فقال عند قول المجد العجب بالفتح وبالضم من كل دابة ما انضم إلى آخر ما هنا ولم يساعده على ذلك أصل صحيح ان هذا لشيء عجاب ) ما انْضَمَّ عليه الوَرِكان من أَصل الذَّنَبِ المَغْروز في مؤخر العَجُزِ وقيل هو أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه وقال اللحياني هو أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه وهو العُصْعُصُ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ وفي الحديث كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَجْبَ وفي رواية إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَب العَجْبُ بالسكون العظم الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز وهو العَسِيبُ من الدَّوابِّ وناقة عَجْباءُ بَيِّنَةُ العَجَبِ غلِيظةُ عَجْبِ الذَّنَب وقد عَجِبَتْ عَجَباً ويقال أَشَدُّ ما عَجُبَتِ الناقةُ إِذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها وأَشْرَفَتْ جاعِرَتاها والعَجْباءُ أَيضاً التي دَق أَعلى مُؤَخَّرها وأَشرَفَتْ جاعِرَتاها وهي خلْقَةٌ قبيحة فيمن كانت وعَجْبُ الكَثِيبِ آخِرُه المُسْتَدِقُّ منه والجمعُ عُجُوب قال لبيد
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً ... بعُجُوبِ أَنْقاءٍ يَميلُ هَيامُها
ومعنى يَجتابُ يَقْطَع ومن روى يَجْتافُ بالفاءِ فمعناه يَدْخُلُ يصف مطراً والقالِصُ المرتفعُ والمُتَنَبِّذُ المُتَنَحِّي ناحيةً والهَيَامُ الرَّمْل الذي يَنْهار وقيل عَجْبُ كلّ شيءٍ مُؤَخَّرُه وبَنُو عَجْبٍ قبيلة وقيل بَنُو عَجْبٍ بطن وذكر أَبو زيد خارجةُ بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قوله
انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ ... تُونِسُ دونَ البَلْقاءِ مِن أَحَدِ
فبكى حَسَّان بذِكْرِ ما كان فيه من صِحَّة البصر والشَّبابِ بعدما كُفَّ بَصَرُه وكان ابنه عبدُالرحمن حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه قال خارجةُ يقول عَجِبْتُ من سُروره ببكاءِ أَبيه قال ومثله قوله
فقالتْ لي ابنُ قَيْسٍ ذا ... وبعضُ الشَّيءِ يُعْجِبُها
[ ص 583 ] أَي تَتَعَجَّبُ منه أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ فتَرك الأَلفَ الأُولى

عدب
العَدَابُ من الرَّمْل كالأَوْعَسِ وقيل هو المُسْتَدِقُّ منه حيث يَذْهبُ مُعظَمُه ويَبْقَى شيء من لَيْنِه قبل أَن يَنْقَطِعَ وقيل هو جانِبُ الرَّمْلِ الذي يَرِقُّ من أَسْفَل الرملة ويَلي الجَدَدَ من الأَرض قال ابن أَحمر
كثَوْرِ العَدَاب الفَرْدِ يَضْربُه النَّدَى ... تَعَلَّى النَّدَى في مَتْنِه وتَحَدَّرا
الواحدُ والجمعُ سواءٌ وأَنشد الأَزهري وأَقْفَرَ المُودِسُ من عَدَابِها يعني الأَرضَ التي قد أَنبتت أَوّلَ نَبْتٍ ثم أَيْسَرَتْ والعَدُوبُ الرمل الكثير قال الأَزهري والعُدَبيُّ من الرجال الكريمُ الأَخْلاق قال كَثِير بنُ جابر المُحاربيُّ ليس كُثَيِّرَ عَزَّةَ
سَرَتْ ما سَرَتْ من ليلِها ثم عَرَّسَتْ ... إِلى عُدَبيٍّ ذِي غَناءٍ وذي فَضْلِ
وهذا الحرف ذكره الأَزهري في تهذيبه هنا في هذه الترجمة وذكره الجوهري في صحاحه في ترجمة عذب بالذال المعجمة والعَدَابةُ الرَّحِمُ قال الفرزدق
فكُنْتُ كذاتِ العَرْك لم تُبْقِ ماءَها ... ولا هِيَ مِنْ ماءِ العَدَابةِ طاهِرُ
وقد رويت العَذَابَة بالذال المعجمة وهذا البيت أورده الجوهري ولا هي مما بالعَدَابةِ طاهر وكذلك وجدته في عِدَّةِ نُسَخ

عذب
العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ كُلُّ مُسْتَسَاغٍ والعَذْبُ الماءُ الطَّيِّبُ ماءةٌ عَذْبَةٌ ورَكِيَّة عَذْبَةٌ وفي القرآن هذا عَذْبٌ فُراتٌ والجمع عِذَابٌ وعُذُوبٌ قال أَبو حَيَّةَ النُّميري
فَبَيَّتْنَ ماءً صافِياً ذا شَريعةٍ ... له غَلَلٌ بَيْنَ الإِجامِ عُذُوبُ أَراد بغَلَلٍ الجنْسَ ولذلك جَمَع الصِّفَةَ
والعَذْبُ الماء الطَّيِّبُ وعَذُبَ الماءُ يَعْذُبُ عُذوبةً فهو عَذْبٌ طَيِّبٌ وأَعْذَبَه اللّه جَعَلَه عَذْباً عن كُراع وأَعْذَبَ القومُ عَذُبَ ماؤُهم واستَعْذَبُوا استَقَوا وشَرِبوا ماءً عَذْباً واستعْذَبَ لأَهلِه طَلب له ماءً عَذْباً واستَعذَب القومُ ماءَهم إِذا استَقَوهُ عَذْباً واستَعْذَبَه عَدّه عَذْباً ويُستَعْذَبُ لفلان من بئر كذا أَي يُسْتَقى له وفي الحديث أَنه كان يُسْتَعْذَبُ له الماءُ من بيوتِ السُّقْيا أَي يُحْضَرُ له منها الماءُ العَذْبُ وهو الطَّيِّبُ الذي لا مُلوحة فيه وفي حديث أَبي التَّيّهان أَنه خرج يَسْتَعذبُ الماءَ أَي يَطْلُبُ الماءَ العَذْبَ وفي كلام عليّ يَذُمُّ الدنيا اعْذَوْذَبَ جانبٌ منها واحْلَوْلَى هما افْعَوعَلَ من العُذُوبة والحَلاوة هو من أَبنية المبالغة وفي حديث الحجاج ماءٌ عِذَابٌ يقال ماءة عَذْبَةٌ وماء عِذَابٌ على الجمع لأَن الماء جنس للماءة وامرأَةٌ مِعْذابُ الرِّيقِ سائغَتُه حُلْوَتُه قال أَبو زُبَيْدٍ
إِذا تَطَنَّيْتَ بَعْدَ النَّوْمِ عَلَّتَها ... نَبَّهْتَ طَيِّبةَ العَلاَّتِ مِعْذابا
والأَعْذَبان الطعامُ والنكاح وقيل الخمر والريقُ وذلك لعُذوبَتهما [ ص 584 ] وإِنه لَعَذْبُ اللسان عن اللحياني قال شُبِّهَ بالعَذْبِ من الماءِ والعَذِبَةُ بالكسر ( 1 )
( 1 قوله « بالكسر » أي بكسر الذال كما صرح به المجد )
عن اللحياني أَرْدَأُ ما يَخْرُجُ من الطعام فيُرْمَى به والعَذِبَة والعَذْبَةُ القَذاةُ وقيل هي القَذاةُ تَعْلُو الماءَ وقال ابن الأَعرابي العَذَبَةُ بالفتح الكُدْرةُ من الطُّحْلُب والعَرْمَضِ ونحوهما وقيل العَذَبة والعَذِبة والعَذْبةُ الطُّحْلُب نفسُه والدِّمْنُ يَعْلُو الماءَ وماءٌ عَذِبٌ وذو عَذَبٍ كثير القَذى والطُّحْلُب قال ابن سيده أَراه على النسب لأَني لم أَجد له فعلاً وأَعْذَبَ الحَوْضَ نَزَع ما فيه من القَذَى والطُّحْلُبِ وكَشَفَه عنه والأَمرُ منه أَعْذِبْ حوضَك ويقال اضْرِبْ عَذَبَة الحَوْضِ حتى يَظْهَر الماء أَي اضْرِبْ عَرْمَضَه وماء لا عَذِبَةَ فيه أَي لا رِعْيَ فيه ولا كَلأَ وكل غُصْنٍ عَذَبةٌ وعَذِبَةٌ والعَذِبُ ما أَحاطَ بالدَّبْرةِ والعاذِبُ والعَذُوبُ الذي ليس بينه وبين السماءِ سِتْر قال الجَعْدِيُّ يصف ثوراً وَحْشِيّاً بات فَرْداً لا يذُوقُ شيئاً
فباتَ عَذُوباً للسَّماءِ كأَنَّه ... سُهَيْلٌ إِذا ما أَفرَدَتْهُ الكَواكِبُ
وعَذَبَ الرجلُ والحِمارُ والفرسُ يَعْذِبُ عَذْباً وعُذُوباً فهو عاذِبٌ والجمعُ عُذُوبٌ وعَذُوبٌ والجمعُ عُذُبٌ لم يأْكل من شِدَّةِ العطَشِ ويَعْذِبُ الرجلُ عن الأَكل فهو عاذِب لا صائم ولا مُفْطِرٌ ويقال للفرس وغيره باتَ عَذُوباً إِذا لم يأْكل شيئاً ولم يشرب قال الأَزهري القول في العَذُوب والعاذِب انه الذي لا يأْكل ولا يشرب أَصْوَبُ من القول في العَذُوب انه الذي يمتنع عن الأَكل لعَطَشِه وأَعْذَبَ عن الشيء امتنع وأَعْذَبَ غيرَه منعه فيكون لازماً وواقعاً مثل أَمْلَقَ إِذا افتقر وأَمْلَقَ غيرَه وأَما قول أَبي عبيد وجمعُ العَذُوبِ عُذُوبٌ فخطأٌ لأَنَّ فَعولاً لا يُكَسَّر على فُعولٍ والعاذِبُ من جميع الحيوان الذي لا يَطْعَمُ شيئاً وقد غَلَبَ على الخيل والإِبل والجمع عُذُوبٌ كساجدٍ وسُجُود وقال ثعلب العَذُوب من الدوابِّ وغيرها القائم الذي يرفع رأْسه فلا يأْكل ولا يشرب وكذلك العاذِبُ والجمع عُذُب والعاذِبُ الذي يبيت ليله لا يَطْعَم شيئاً وما ذاقَ عَذُوباً كَعَذُوفٍ وعَذَبَه عنه عَذْباً وأَعْذَبَه إِعْذاباً وعَذَّبَه تَعْذيباً مَنَعه وفَطَمه عن الأَمر وكل من منعته شيئاً فقد أَعْذَبْتَه وعَذَّبْته وأَعْذَبه عن الطعام منعه وكَفَّه واسْتَعْذَبَ عن الشيء انتهى وعَذَب عن الشيء وأَعْذَب واسْتَعْذَبَ كُلُّه كَفَّ وأَضْرَب وأَعْذَبَه عنه منعه ويقال أَعْذِبْ نَفْسَك عن كذا أَي اظْلِفْها عنه وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه أَنه شَيَّعَ سَرِيَّةً فقال أَعْذِبُوا عن ذِكْرِ النساء أَنْفُسَكم فإِن ذلك يَكْسِرُكم عن الغَزْو أَي امْنَعوها عن ذكر النساءِ وشَغْل القُلوب بهنَّ وكلُّ من مَنَعْتَه شيئاً فقد أَعْذَبْتَه وأَعْذَبَ لازم ومُتَعَدٍّ والعَذَبُ ماءٌ يَخْرُجُ على أَثرِ الوَلَدِ من الرَّحِم وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال العَذَابَةُ الرَّحِمُ وأَنشد
وكُنْتُ كذاتِ الحَيْضِ لم تُبْقِ ماءَها ... ولا هِيَ من ماءِ العَذَابةِ طاهِرُ
[ ص 585 ] قال والعَذَابةُ رَحِمُ المرأَة وعَذَبُ النَّوائح هي المَآلي وهي المَعاذِبُ أَيضاً واحدتها مَعْذَبةٌ ويقال لخرقة النائحة عَذَبَةٌ ومِعْوَزٌ وجمعُ العَذَبةِ مَعاذِبُ على غير قياس والعَذَابُ النَّكَالُ والعُقُوبة يقال عَذَّبْتُه تَعْذِيباً وعَذَاباً وكَسَّرَه الزَّجَّاجُ على أَعْذِبَةٍ فقال في قوله تعالى يُضَاعَفْ لها العَذَابُ ضِعْفَيْن قال أَبو عبيدة تُعَذَّبُ ثَلاثَة أَعذِبَةٍ قال ابن سيده فلا أَدري أَهذا نَصُّ قولِ أَبي عبيدة أَم الزجاجُ استعمله وقد عَذَّبَه تَعْذِيباً ولم يُسْتَعمل غيرَ مزيد وقوله تعالى ولقد أَخَذْناهُم بالعَذاب قال الزجاج الذي أُخذُوا به الجُوعُ واسْتعار الشاعِرُ التَّعْذِيبَ فيما لا حِسَّ له فقال
لَيْسَتْ بِسَوْداءَ من مَيْثاءَ مُظْلِمَةٍ ... ولم تُعَذَّبْ بإِدْناءٍ من النارِ
ابن بُزُرْجَ عَذَّبْتُه عَذابَ عِذَبِينَ وأَصابه مني عَذَابُ عِذَبِينَ وأَصابه مني العِذَبونَ أَي لا يُرْفَعُ عنه العَذابُ وفي الحديث أَنَّ الميت يُعَذَّبُ ببكاءِ أَهله عليه قال ابن الأَثير يُشْبِهُ أَن يكون هذا من حيث أَن العرب كانوا يُوصُونَ أَهلَهم بالبكاءِ والنَّوح عليهم وإِشاعةِ النَّعْيِ في الأَحياءِ وكان ذلك مشهوراً من مذاهبهم فالميت تلزمه العقوبةُ في ذلك بما تَقَدَّم من أَمره به وعَذَبةُ اللسان طَرَفُه الدقيق وعَذَبَةُ السَّوْطِ طَرَفُه والجمع عَذَبٌ والعَذَبةُ أَحَدُ عَذَبَتَي السَّوْط وأَطْرافُ السُّيوفِ عَذَبُها وعَذَباتُها وعَذَّبْتُ السَّوْطَ فهو مُعَذَّبٌ إِذا جَعَلتَ له عِلاقَةً قال وعَذَبَة السَّوْطِ عِلاقَتُه وقول ذي الرمة
غُضُفٌ مُهَرَّتةُ الأَشْداقِ ضَارِيَةٌ ... مِثْلُ السَّراحِينِ في أَعْنَاقِها العَذَبُ
يعني أَطرافَ السُّيُور وعَذَبةُ الشَّجَرِ غُصْنُه وعَذَبَةُ قَضِيبِ الجَمَل أَسَلَتُه المُسْتَدِقُّ في مُقَدَّمِه والجمع العَذَبُ وقال ابن سيده عَذَبةُ البعير طَرَفُ قَضِيبِه وقيل عَذَبةُ كل شيء طرفُه وعَذَبَةُ شِرَاكِ النعل المُرْسَلةُ من الشِّرَاك والعَذَبَةُ الجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ خَلْفَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ من أَعْلاه وعَذَبَةُ الرُّمْح خِرقة تُشَدُّ على رأْسه والعَذَبة الغُصْنُ وجمعه عَذَبٌ والعَذَبة الخَيْطُ الذي يُرْفَعُ به المِيزانُ والجمعُ من كل ذلك عَذَبٌ وعَذَباتُ الناقة قوائمها وعاذِبٌ اسم مَوْضِع قال النابغة الجَعْدِي
تَأَبَّدَ من لَيْلى رُماحٌ فعاذِبُ ... فأَقْفَر مِمَّنْ حَلَّهُنَّ التَّناضِبُ
والعُذَيْبُ ماء لبَنِي تميم قال كثير
لَعَمْرِي لئِنْ أُمُّ الحَكِيمِ تَرَحَّلَتْ ... وأَخْلَتْ لِخَيْماتِ العُذَيْبِ ظِلالَها
قال ابن جني أَراد العُذَيْبةَ فحذف الهاء كما قال أَبْلِغ النُّعْمانَ عَنّي مَأْلُكاً قال الأَزهري العُذَيْبُ ماء معروف بين القادِسيَّةِ ومُغِيثَةَ وفي الحديث ذِكْرُ العُذَيْبِ وهو ماء لبني تميم على مَرْحلة من الكوفة مُسَمّى بتصغير العَذْبِ وقيل سمي به لأَنه طَرَفُ أَرض العرب من العَذَبة وهي طَرَفُ الشيء وعاذِبٌ مكانٌ وفي الصحاح العُذَبِيُّ الكَرِيمُ الأَخْلاق بالذال معجمة وأَنشد لكثيرٍ
سَرَتْ ما سَرَتْ من لَيْلِها ثم أَعْرَضَتْ ... إِلى عُذَبِيٍّ ذِي غَناءٍ وذي فَضْلِ
[ ص 586 ] قال ابن بري ليس هذا كُثَيِّر عَزَّة إِنما هو كُثَيِّرُ بن جابر المُحارِبيُّ وهذا الحرف في التهذيب في ترجمة عدب بالدال المهملة وقال هو العُدَبِيُّ وضبطه كذلك

عرب
العُرْبُ والعَرَبُ جِيْلٌ من الناس معروف خِلافُ العَجَم وهما واحدٌ مثل العُجْمِ والعَجَم مؤنث وتصغيره بغير هاء نادر الجوهري العُرَيْبُ تصغير العَرَبِ قال أبو الهِنْدِيّ واسمه عَبْدُالمؤمن ابن عبدالقُدُوس
فأَمَّا البَهَطُ وحِيتَانُكُم ... فما زِلْتُ فيها كثيرَ السَّقَمْ
وقد نِلْتُ منها كما نِلْتُمُ ... فلَمْ أرَ فيها كَضَبٍّ هَرِمْ
وما في البُيُوضِ كبَيْضِ الدَّجاج ... وبَيْضُ الجَرادِ شِفاءُ القَرِمْ
ومَكْنُ الضِّبابِ طَعامُ العُرَيْ ... بِ لا تَشْتَهيهِ نفوسُ العَجَمْ
صَغَّرهم تعظيماً كما قال أنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ والعَرَبُ العارِبة هم الخُلَّصُ منهم وأُخِذ من لَفْظه فأُكِّدَ به كقولك لَيلٌ لائِلٌ تقول عَرَبٌ عارِبةٌ وعَرْباءُ صُرَحاءُ ومُتَعَرِّبةُ ومُسْتَعْرِبةٌ دُخَلاءُ ليسوا بخُلَّصٍ والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن بدوياً والأعرابي البدوي وهم الأعراب والأعاريب جمع الأعراب وجاء في الشعر الفصيح الأعاريب وقيل ليس الأعراب جمعاً لعرب كما كان الأنباط جمعاً لنبطٍ وإنما العرب اسم جنس والنسب إلى الأعراب أعرابي قال سيبويه إنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي لأنه لا واحد له على هذا المعنى ألا ترى أنك تقول العرب فلا يكون على هذا المعنى ؟ فهذا يقويه وعربي بين العروبة والعروبية وهما من المصادر التي لا أفعال لها وحكى الأزهري رجل عربي إذا كان نسبه في العرب ثابتاً وإن لم يكن فصيحاً وجمعه العرب كما يقال رجل مجوسي ويهودي والجمع بحذف ياء النسبة اليهود والمجوس ورجل معرب إذا كان فصيحاً وإن كان عجمي النسب ورجل أعرابي بالألف إذا كان بدوياً صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلإ وتتبع لمساقط الغيث وسواء كان من العرب أو من مواليهم ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب والأعرابي إذا قيل له يا عربي فرح بذلك وهش له والعربي إذا قيل له يا أعرابي غضب له فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ومن نزل بلاد الريف واستوطن مدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء وقول اللّه عز وجل قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة طمعاً في الصدقات لا رغبة في الإسلام فسماهم اللّه تعالى العرب ومثلْهم الذين ذكرهم اللّه في سورة التوبة فقال الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً الآية قال الأزهري والذي لا يفرق بين العربي والأعراب والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية وهو لا يميز بين العرب والأعراب ولا يجوز أن يقال للمهاجرين [ ص 587 ] والأنصار أعراب إنما هم عرب لأنهم استوطنوا القرى العربية وسكنوا المدن سواء منهم الناشئ بالبدو ثم استوطن القرى والناشئ بمكة ثم هاجر إلى المدينة فإن لحقت طائفة منهم بأهل البدو بعد هجرتهم واقتنوا نعماً ورعوا مساقط الغيث بعد ما كانوا حاضرة أو مهاجرة قيل قد تعربوا أي صاروا أعراباً بعدما كانوا عرباً وفي الحديث تمثل في خطبته مهاجر ليس بأعرابي جعل المهاجر ضد الأعرابي قال والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة والعرب هذا الجيل لا واحد له من لفظه وسواء أقام بالبادية والمدن والنسبة إليهما أعرابيٌّ وعربيٌّ وفي الحديث ثلاث ( 1 )
( 1 قوله « وفي الحديث ثلاث الخ » كذا بالأصل والذي في النهاية وقيل ثلاث إلخ ) من الكبائر منها التعرب بعد الهجرة هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجراً وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) عذب العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ كُلُّ مُسْتَسَاغٍ والعَذْبُ عذر يعدونه كالمرتد ومنه حديث ابن الأكوع لما قتل عثمان خرج إلى الربذة وأقام بها ثم إنه دخل على الحجاج يوماً فقال له يا ابن الأكوع ارتددت على عقبك وتعربت قال ويروى بالزاي وسنذكره في موضعه قال والعرب أهل الأمصار والأعراب منهم سكان البادية خاصة وتعرب أي تشبه بالعرب وتعرب بعد هجرته أي صار أعرابياً والعربية هي هذه اللغة واختلف الناس في العرب لم سموا عرباً فقال بعضهم أول من أنطق اللّه لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان وهو أبو اليمن كلهم وهم العرب العاربة ونشأ إسمعيل ابن إبراهيم عليهما السلام معهم فتكلم بلسانهم فهو وأولاده العرب المستعربة وقيل إن أولاد إسمعيل نشؤوا بعربة وهي من تهامة فنسبوا إلى بلدهم وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال خمسة أنبياء من العرب وهم محمد وإسمعيل وشعيب وصالح وهود صلوات اللّه عليهم وهذا يدل على أن لسان العرب قديم وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب فكان شعيب وقومه بأرض مدين وكان صالح وقومه بأرض ثمود ينزلون بناحية الحجر وكان هود وقومه عاد ينزلون الأحقاف من رمال اليمن وكانوا أهل عمدٍ وكان إسمعيل ابن إبراهيم والنبي المصطفى محمد صلى اللّه عليهم وسلم من سكان الحرم وكل من سكن بلاد العرب وجزريتها ونطق بلسان أهلها فهم عرب يمنهم ومعدهم قال الأزهري والأقرب عندي أنهم سموا عرباً باسم بلدهم العربات وقال إسحق ابن الفرج عربة باحة العرب وباحة دار أبي الفصاحة إسمعيل ابن إبراهيم عليهما السلام وفيها يقول قائلهم
وعربة أرض ما يحل حرامها ... من الناس إلا اللوذعي الحلاحل
يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم أحلت له مكة ساعة من نهارٍ ثم هي حرام إلى يوم القيامة قال واضطر الشاعر إلى تسكين الراء من عربة فسكنها وأنشد قول الآخر
ورجت باحة العربات رجا ... ترقرق في مناكبها الدماءُ
[ ص 588 ] قال وأقامت قريش بعربة فتنخت بها وانتشر سائر العرب في جزيرتها فنسبوا كلهم إلى عربة لأن أباهم إسمعيل صلى اللّه عليه وسلم بها نشأ وربل أولاده فيها فكثروا فلما لم تحتملهم البلاد انتشروا وأقامت قريش بها وروي عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أنه قال قريش هم أوسط العرب في العرب داراً وأحسنه جواراً وأعربه ألسنة وقال قتادة كانت قريش تجتبي أي تختار أفضل لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها فنزل القرآن بها قال الأزهري وجعل اللّه عز وجل القرآن المنزل على النبي المرسل محمد صلى اللّه عليه وسلم عربياً لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب في باديتها وقراها العربية وجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم عربياً لأنه من صريح العرب ولو أن قوماً من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القرى العربية وغيرها وتناءوا معهم فيها سموا عرباً ولم يسموا أعراباً وتقول رجل عربي اللسان إذا كان فصيحاً وقال الليث يجوز أن يقال رجل عرباني اللسان قال والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد فاستعربوا قال الأزهري المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحكوا هيئاتهم وليسوا بصرحاء فيهم وقال الليث تعربوا مثل استعربوا قال الأزهري ويكون التعرب أن يرجع إلى البادية بعدما كان مقيماً بالحضر فيلحق بالأعراب ويكون التعرب المقام بالبادية ومنه قول الشاعر
تعرب آبائي فهلا وقاهم ... من الموت رملاً وزرود
يقول أقام آبائي بالبادية ولم يحضروا القرى وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال الثيب تعرب عن نفسها أي تفصح وفي حديث آخر الثيب يعرب عنها لسانها والبكر تستأمر في نفسها وقال أبو عبيد هذا الحرف جاء في الحديث يعرب بالتخفيف وقال الفراء إنما هو يعرب بالتشديد يقال عربت عن القوم إذا تكلمت عنهم واحتججت لهم وقيل إن أعرب بمعنى عرب وقال الأزهري الإعراب والتعريب معناهما واحد وهو الإبانة يقال أعرب عنه لسانه وعرب أي أبان وأفصح وأعرب عن الرجل بين عنه وعرب عنه تكلم بحجته وحكى ابن الأثير عن ابن قتيبة الصواب يعرب عنها بالتخفيف وإنما سمي الإعراب إعراباً لتبيينه وإيضاحه قال وكلا القولين لغتان متساويتان بمعنى الإبانة والإيضاح ومنه الحديث الآخر فإنما كان يعرب عما في قلبه لسانه ومنه حديث التيمي كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي حين يعرب أن يقول لا إله إلا اللّه سبع مرات أي حين ينطق ويتكلم وفي حديث السقيفة أعربهم أحساباً أي أبينهم وأوضحهم ويقال أعرب عما في ضميرك أي أبن ومن هذا يقال للرجل الذي أفصح بالكلام أعرب وقال أبو زيد الأنصاري يقال أعرب الأعجمي إعراباً وتعرب تعرباً واستعرب استعراباً كل ذلك للأغتم دون [ ص 589 ]
الصبي قال وأفصح الصبي في منطقه إذا فهمت ما يقول أول ما يتكلم وأفصح الأغتم إفصاحاً مثله ويقال للعربي أفصح لي أي أبن لي كلامك وأعرب الكلام وأعرب به بينه أنشد أبو زياد
وإني لأكني عن قذوربغيرها ... وأعرب أحياناً بها فأصارح
وعربه كأعربه وأعرب بحجته أي أفصح بها ولم يتقِّ أحداً قال الكميت وجدنا لكم في آل حمِ آية ... تأولها منا تقيٌّ معربُ
هكذا أنشده سيبويه كَمُكَلِّمٍ وأورد الأزهري هذا البيت « تقي ومعرب » وقال تقي يتوقى إظهاره حذر أن يناله مكروه من أعدائكم ومعرب أي مفصح بالحقِّ لا يتوقاهم وقال الجوهري معربٌ مفصحٌ بالتفصيل وتقيٌّ ساكتٌ عنهُ للتقيّة قال الأزهري والخطاب في هذا لبني هاشم حين ظهروا على بني أمية والآية قوله عز وجل قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى وعرب منطقه أي هذبه من اللحن والإعراب الذي هو النحو إنما هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ وأعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب ويقال عربت له الكلام تعريباً وأعربت له إعراباً إذا بينته له حتى لا يكون فيه حضرمة وعرب الرجل ( 1 )
( 1 قوله « وعرب الرجل إلخ » بضم الراء كفصح وزناً ومعنى وقوله وعرب إذا فصح بعد لكنة بابه فرح كما هو مضبوط بالأصول وصرح به في المصباح )
يعرب عرباً وعروباً عن ثعلب وعروبة وعرابة وعروبية كفصح وعرب إذا فصح بعد لكنة في لسانه ورجل عريب معرب وعرّبه علمه العربية وفي حديث الحسن أنه قال له البتّيُّ ما تقول في رجل رعف في الصلاة ؟ فقال الحسن إن هذا يعرب الناس وهو يقول رعف أي يعلمهم العربية ويلحن إنما هو رعف وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها تقول عربته العرب وأعربته أيضاً وأعرب الأغتم وعرب لسانه بالضم عروبة أي صار عربياً وتعرب واستعرب أفصح قا ل الشاعر
ماذا لقينا من المستعربين ومن ... قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
وأعرب الرجل أي ولد له ولد عربي اللون وفي الحديث لا تنقشوا في خواتمكم عربياً أي لا تنقشوا فيها محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأنه كان نقش خاتم النبي صلى اللّه عليه وسلم ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه لا تنقشوا في خواتمكم العربية وكان ابن عمر يكره أن ينقش في الخاتم القرآن وعربية الفرس عتقه وسلامته من الهجنة وأعرب صهل فعرف عتقه بصهيله والإعراب معرفتك بالفرس العربي من الهجين إذا صهل وخيل عراب معربة قال الكسائي والمعرب من الخيل الذي ليس فيه عرق هجين والأنثى معربة وإبل عراب كذلك وقد قالوا خيل أعرب وإبل أَعربٌ قال
ما كان إلا طلقُ الإهماد ... وكرنا بالأعرب الجياد
[ ص 590 ]
حتى تحاجزن عن الرواد ... تحاجز الري ولم تكاد
حول الإخبار إلى المخاطبة ولو أراد الإخبار فاتزن له لقال ولم تكد وفي حديث سطيح تقود خيلاً عراباً أي عربية منسوبة إلى العرب وفرقوا بين الخيل والناس فقالوا في الناس عرب وأعراب وفي الخيل عراب والإبل العراب والخيل العراب خلاف البخاتي والبراذين وأعرب الرجل ملك خيلاً عراباً أو إبلاً عراباً أو اكتسبها فهو معرب قال الجعدي
ويصهل في مثل جوف الطويّ ... صهيلاً تبين للمعرب
يقول إذا سمع صهيله من له خيل عراب عرف أنه عربي والتعريب أن يتخذ فرساً عربياً ورجل معربٌ معه فرسٌ عربيٌّ وفرسٌ معربٌ خلصتْ عربيتهُ وعرّب الفرسَ بزَّغَهُ وذلك أنْ تنسفَ أسفلَ حافرهُ ومعناهُ أنهُ قدْ بانَ بذلك ما كان خفيّاً من أمرهِ لظهورهِ إلى مرآةِ العينِ بعد ما كان مستوراً وبذلك تُعرفُ حالهُ أصلبٌ هو أم رِخْوٌ وصحيح هو أم سقيم قال الأزهريُّ والتعريبُ تعريبُ الفرسِ وهو أن يكوى على أشاعر حافره في مواضعَ ثمَّ يُبزَغُ بمَبْزِغٍ بَزْغَاً رفيقاً لا يؤثر في عصبه ليشتدّ أشعره وعرب الدابة بزغها على أشاعرها ثم كواها والإعراب والتعريب الفحش والتعريب والإعراب والإعرابة والعرابة بالفتح والكسر ما قبح من الكلام وأعرب الرجل تكلم بالفحش وقال ابن عباس في قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق هو العرابة في كلام العرب قال والعرابة كأنه اسم موضوع من التعريب وهو ما قبح من الكلام يقال منه عربت وأعربت ومنه حديث عطاء أنه كره الإعراب للمحرم وهو الإفحاش في القول والرفث ويقال أراد به الإيضاح والتصريح بالهجر من الكلام وفي حديث ابن الزبير لا تحل العرابة للمحرم وفي الحديث أن رجلاً من المشركين كان يسب النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له رجل من المسلمين واللّه لتكفنَّ عن شتمه أو لأرحلنَّك بسيفي هذا فلم يزدد إلا استعراضاً فحمل عليه فضربه وتعاوى عليه المشركون فقتلوه الإستعراب الإفحاش في القول وقال رؤبة يصف نساء جمعن العفاف عند الغرباء والإعراب عند الأزواج وهو ما يستفحش من ألفاظ النكاح والجماع فقال والعرب في عفافة وإعراب وهذا كقولهم خير النساء المتبذلة لزوجها الخفرة في قومها وعرب عليه قبح قوله وفعله وغيره عليه ورده عليه والإعراب كالتعريب والإعراب ردك الرجل عن القبيح وعرب عليه منعه وأما حديث عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس أنْ لا تعربوا عليه فليس من التعريب الذي جاء في الخبر وإنما هو من قولك عربت على الرجل قوله إذا قبحت عليه وقال الأصمعي وأبو زيد في قوله أن لا تعربوا عليه معناه أن لا تفسدوا عليه كلامه [ ص 591 ] وتقبحوه ومنه قول أوس ابن حجر
ومثل ابن عثمٍ إنْ ذحولٌ تذكرت ... وقتلى تياس عن
صلاح تعرب ويروى يعرب يعني أن هؤلاء الذين قتلوا منا ولم نثئر بهم ولم نقتل الثأر إذا ذكر دماؤهم أفسدت المصالحة ومنعتنا عنها والصلاح المصالحة ابن الأعرابي التعريب التبيين والإيضاح في قوله الثيب تعرب عن نفسها أي ما يمنعكم أن تصرحوا له بالإنكار والرد عليه ولا تستأثروا قال والتعريب المنع والإنكار في قوله أن لا تعربوا أي لا تمنعوا وكذلك قوله عن صلاح تعرب أي تمنع وقيل الفحش والتقبيح من عرب الجرح مصعب أبو عمار

عرتب
العَرْتَبةُ الأَنْفُ وقيل ما لانَ منه وقيل هي الدائرةُ تحته في وَسَطِ الشفةِ الأَزهري ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب والأعرابي إذا قيل له يا عربي فرح بذلك وهش له والعربي إذا قيل له يا أعرابي غضب له فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ومن نزل بلاد الريف واستوطن مدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء وقول اللّه عز وجل قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة طمعاً في الصدقات لا رغبة في الإسلام فسماهم اللّه تعالى العرب ومثلْهم الذين ذكرهم اللّه في سورة التوبة فقال الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً الآية قال الأزهري والذي لا يفرق بين العربي والأعراب والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية وهو لا يميز بين العرب والأعراب ولا يجوز أن يقال للمهاجرين [ ص 594 ] ويقال للدائرة التي عند الأَنف وَسَطَ الشَّفَةِ العُلْيا العَرْتَمَةُ والعَرْتَبةُ لغة فيها الجوهري سأَلتُ عنها أَعرابياً من أَسَد فوَضَع أُصْبُعَه على وَتَرةِ أَنفه

عرزب
العَرْزَبُ المُخْتَلِطُ الشَّديد والعَرْزَبُ الصُّلْبُ

عرطب
العَرْطَبةُ طَبْلُ الحَبَشة والعَرْطَبَة والعُرْطُبة جميعاً اسم للعُود عُودِ اللَّهْوِ وفي الحديث ان اللّه يغفر لكل مُذْنِبٍ إِلاَّ لصاحب عَرْطَبةٍ أَو كُوبةٍ العَرْطَبة بالفتح والضم العُود وقيل الطُّنْبورُ

عرقب
العُرْقُوب العَصَبُ الغليظُ المُوَتَّرُ فوق عَقِبِ الإِنسان وعُرْقُوبُ الدابة في رجلها بمنزلة الرُّكْبة في يدها قال أَبو دُواد
حَديدُ الطَّرْفِ والمَنْكِ ... بِ والعُرْقُوب والقَلْبِ
قال الأَصمعي وكل ذي أَربع عُرْقُوباه في رجليه ورُكبتاه في يديه
والعُرْقُوبانِ من الفرس ما ضَمَّ مُلْتَقَى الوَظِيفَين والساقَيْن من
مآخِرِهما من العَصَب وهو من الإِنسان ما ضَمَّ أَسفَل الساقِ
والقَدَم وعَرْقَبَ الدابة قَطَعَ عُرْقُوبَها وتَعَرْقَبَها ركبها من
خَلْفها الأَزهري العُرْقُوب عَصَبٌ مُوَتَّرٌ خَلْفَ الكعبين ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ويْلٌ للعَراقِيبِ من النارِ يعني في الوُضوءِ
وفي حديث القاسم كان يقول للجَزَّارِ لا تُعَرْقِبْها أَي لا تَقْطَعْ
عُرْقُوبَها وهو الوَتَرُ الذي خَلْفَ الكعبين مِن مَفْصِل القدم
والساق من ذوات الأَربع وهو من الإِنسان فُوَيْقَ العَقِب وعُرْقُوبُ القَطا ساقُها وهو مما يُبالَغُ به في القِصَر فيقال يومٌ أَقْصَرُ من عُرقُوبِ القَطا قال الفِنْدُ الزِّمَّانيُّ
ونَبْلِي وفُقَاها ك ... عَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
قال ابن بري ذكر أَبو سعيد السيرافيّ في أَخبار النحويين أَن هذا البيت لامرئِ القيس بن عابس وذَكَر قبله أَبياتاً وهي
أَيا تَمْلِكُ يا تَمْلِي ... ذَريني وذَري عَذْلي
ذَريني وسِلاحي ثُم ... شُدِّي الكَفَّ بالعُزلِ
ونَبْلِي وفُقاها ك ... عَراقيبِ قَطاً طُحْلِ
وثَوْبايَ جَديدانِ ... وأُرخي شَرَكَ النَّعْلِ
ومني نظْرَةٌ خَلْفي ... ومِنِّي نَظْرةٌ قَبْلي
فإِمَّا مِتُّ يا تَمْلِي ... فَمُوتِي حُرَّةً مِثْلي
وزاد في هذه الأَبيات غيره
وقد أَخْتَلِسُ الضَّرْبَ ... ةَ لا يَدْمَى لها نَصْلي
وقد أَخْتَلِسُ الطَّعْنَ ... ةَ تَنْفي سَنَنَ الرِّجْلِ
كَجَيْبِ الدِّفْنِسِ الوَرْها ... ءِ رِيعَتْ وهي تَسْتَفْلِي
قال والذي ذكره السيرافيّ في تاريخ النحويين سَنَنَ الرِّجْل بالراءِ قال ومعناه أَن الدم يسيل على رِجْله فيُخْفِي آثارَ وَطْئِها وعُرْقُوبُ الوادِي ما انْحَنَى منه والتَوَى والعُرْقُوبُ مِن الوادي موضع فيه انْحِناءٌ والتِواءٌ شديدٌ والعُرْقُوب طَريقٌ في الجَبل قال الفراء يُقال ما أَكْثَرَ عَراقيبَ هذا الجبل وهي الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ في مَتْنِه قال الشاعر
ومَخُوفٍ من المناهِلِ وَحْشٍ ... ذِي عَراقيبَ آجِنٍ مِدْفانِ
[ ص 595 ] والعُرْقُوبُ طريقٌ ضَيّقٌ يكون في الوَادي البعيدِ القَعْرِ لا يَمْشِي فيه إِلا واحدٌ أَبو خَيْرة العُرْقُوبُ والعَراقِيبُ خَياشيم الجبالِ وأَطرافُها وهي أَبْعدُ الطُّرق لأَنك تَتَّبِع أَسْهَلَها أَيْنَ كان وتَعَرقَبْتُ إِذا أَخَذْتَ في تلك الطُّرُق وتَعَرْقَبَ لخَصْمِه إِذا أَخَذَ في طَريق تَخْفى عليه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي إِذا حَبَا قُفٌّ له تَعَرْقَبا معناه أَخَذَ في آخَرَ أَسْهَلَ منه وأَنشد
إِذا مَنْطِقٌ زَلَّ عن صاحِبي ... تَعَرْقَبْتُ آخَرَ ذا مُعْتَقَبْ
أَي أَخَذْتُ في مَنْطِقٍ آخَرَ أَسْهَلَ منه ويُرْوَى تَعَقَّبْتُ وعَراقيبُ الأُمور وعَراقيلُها عظامُها وصعابُها وعَصاويدُها وما دَخَلَ من اللَّبْس فيها واحدُها عُرْقُوب وفي المثل الشَّرُّ أَلْجأَهُ إِلى مُخِّ العُرْقُوبِ وقالوا شَرٌّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّة عُرْقُوبٍ يُضْرَبُ هذا عند طَلبِكَ إِلى اللَّئِيم أَعْطاكَ أَو مَنَعك وفي النوادر عَرْقَبْتُ للبعير وعَلَّيْتُ له إِذا أَعَنْتَه بِرَفْعٍ ويُقال عَرْقِبْ لبعيرِك أَي ارْفَعْ بعُرْقُوبِه حتى يقُومَ والعَرَبُ تسمي الشِّقِرَّاقَ طَيْرَ العَراقيبِ وهم يَتَشاءَمون به ومنه قول الشاعر
إِذا قَطَناً بَلَّغْتِنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ ... فلاقَيْتِ مِن طَيرِ العَراقيبِ أَخْيَلا
وتقول العربُ إِذا وقَعَ الأَخْيَلُ على البَعِير لَيُكْسَفَنَّ عُرْقوباه أَبو عمرو تقول إِذا أَعْياكَ غَريمُكَ فَعَرْقِبْ أَي احْتَلْ ومنه قول الشاعر
ولا يُعْيِيكَ عُرْقُوبٌ لِوَأْيٍ ... إِذا لم يُعْطِكَ النَّصَفَ الخَصِيمُ
ومن أَمثالهم في خُلْفِ الوَعْدِ مواعِيدُ عُرْقوب وعُرْقُوبٌ اسم رجل من العَمالِقة قيل هو عُرْقُوبُ بن مَعْبَدٍ كان أَكذبَ أَهل زمانه ضَرَبَتْ به العَرَبُ المَثَلَ في الخُلْف فقالوا مَواعِيدُ عُرْقوبٍ وذلك أَنه أَتاه أَخٌ له يسأَله شيئاً فقال له عُرْقوبٌ إِذا أَطْلَعَتْ هذه النخلةُ فلكَ طَلْعُها فلما أَطْلَعَتْ أَتاه للعِدَةِ فقال له دَعْها حتى تصيرَ بَلَحاً فلما أَبْلَحَتْ قال دَعْها حتى تَصيرَ زَهْواً فلما أَبْسَرَتْ قال دَعْها حتى تَصير رُطَباً فلما أَرْطَبَتْ قال دَعْها حتى تصير تمراً فلما أَتْمَرَتْ عَمدَ إِليها عُرْقُوبٌ من الليل فَجَدَّها ولم يُعْطِ أَخاه منه شيئاً فصارت مَثَلاً في إِخْلاف الوعد وفيه يقول الأَشْجَعي
وعَدْتَ وكان الخُلْفُ منكَ سَجِيَّةً ... مَواعيدَ عُرْقُوبٍ أَخاه بيَتْرَبِ
بالتاءِ وهي باليمامة ويروى بيَثْرِبِ وهي المدينة نَفسُها والأَوَّلُ أَصَحّ وبه فُسِّر قول كعب بن زهير
كانتْ مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً ... وما مَواعِيدُها إِلاَّ الأَباطيلُ
وعُرْقُوبٌ فرس زيدِ الفَوارِسِ الضَّبِّيِّ

عزب
رجل عَزَبٌ ومِعْزابة لا أَهل له ونظيرهُ مِطْرابة ومِطْواعة ومِجْذامة ومِقْدامة وامرأَة عَزبَةٌ وعَزَبٌ لا زَوْجَ لها قال الشاعر في صفة امرأَة ( 1 )
( 1 قوله « قال الشاعر في صفة امرأة إلخ » هو العجير السلولي بالتصغير )
[ ص 596 ]
إِذا العَزَبُ الهَوْجاءُ بالعِطْرِ نافَحَتْ ... بَدَتْ شَمْسُ دَجْنٍ طَلَّةً ما تَعَطَّرُ
وقال الراجز
يا مَنْ يَدُلُّ عَزَباً على عَزَبْ ... على ابْنَةِ الحُمارِسِ الشَّيْخِ الأَزَبّ
قوله الشيخ الأَزَبّ أَي الكَريهُ الذي لا يُدْنى من حُرْمَتِه ورجلان عَزَبانِ والجمع أَعْزابٌ والعُزَّابُ الذين لا أَزواجَ لهم من الرجال والنساءِ وقد عَزَبَ يَعْزُبُ عُزوبةً فهو عازِبٌ وجمعه عُزّابٌ والاسم العُزْبة والعُزُوبة ولا يُقال رجل أَعْزَبُ وأَجازه بعضهم ويُقال إِنه لَعَزَبٌ لَزَبٌ وإِنها لَعَزَبة لَزَبة والعَزَبُ اسم للجمع كخادمٍ وخَدَمٍ ورائِحٍ ورَوَحٍ وكذلك العَزيبُ اسم للجمع كالغَزِيِّ وتَعَزَّبَ بعد التأَهُّلِ وتَعَزَّبَ فلانٌ زماناً ثم تأَهل وتَعَزَّبَ الرجل تَرَك النكاحَ وكذلك المرأَةُ والمِعْزابةُ الذي طالتْ عُزُوبَتُه حتى ما لَه في الأَهلِ من حاجة قال وليس في الصفاتِ مِفْعالة غير هذه الكلمة قال الفراء ما كان من مِفْعالٍ كان مؤَنثه بغير هاء لأَنه انْعَدَلَ عن النُّعوت انْعِدالاً أَشدَّ من صبور وشكور وما أَشبههما مما لا يؤنث ولأَنه شُبِّهَ بالمصادر لدخولِ الهاءِ فيه يقال امرأَة مِحْماقٌ ومِذْكار ومِعطارٌ قال وقد قيل رجل مِجْذامةٌ إِذا كان قاطعاً للأُمور جاءَ على غير قياس وإِنما زادوا فيه الهاء لأَن العَرَبَ تُدْخِل الهاء في المذكر على جهتين إِحداهما المدح والأُخرى الذم إِذا بولغ في الوصف قال الأَزهري والمِعْزابة دخلتها الهاء للمبالغة أَيضاً وهو عندي الرجل الذي يُكْثر النُّهوضَ في مالِه العَزيبِ يَتَتَبَّعُ مَساقطَ الغَيْثِ وأُنُفَ الكَلإِ وهو مدْحٌ بالِغٌ على هذا المعنى والمِعْزابَةُ الرجلُ يَعْزُبُ بماشيته عن الناس في المَرْعَى وفي الحديث أَنه بَعَثَ بَعْثاً فَأَصْبَحوا بأَرْضٍ عَزُوبة بَجْراءَ أَي بأَرضٍ بعيدةِ المَرْعَى قليلَتِه والهاء فيها للمبالغة مثلُها في فَرُوقَةٍ ومَلُولة وعازِبةُ الرَّجُل ( 1 )
( 1 قوله « وعازبة الرجل » امرأته أو أمته وضُبطت المعزبة بكسر فسكون كمِغرفة وبضم ففتح فكسر مثقلاً كما في التهذيب والتكملة واقتصر المجد على الضبط الأول والجمع المعازب وأشبع أبو خراش الكسرة فولد ياء حيث يقول
بصاحب لا تنال الدهر غرّته ... إِذا افتلى الهدف القنَّ المعازيب
افتلى اقتطع والهدف الثقيل أي إذا شغل الإماء الهدف القنّ اه التكملة ) ومِعْزَبَتُه ورُبْضُه ومُحَصِّنَتُه وحاصِنَته وحاضِنَتُه وقابِلَتُه ولِحافُه امرأَتُه وعَزَبَتْه تَعزُبه وعَزَّبَتْه قامت بأُموره قال ثعلب ولا تكون المُعَزِّبةُ إِلاّ غريبةً قال الأَزهري ومُعَزِّبةُ الرجل امرأَتُه يَأْوي إِليها فتقوم بإِصلاح طعامه وحِفظِ أَداته ويقال ما لفلان مُعَزِّبة تُقَعِّدُه ويقال ليس لفلان امرأَة تُعَزِّبه أَي تُذْهِبُ عُزُوبتَه بالنكاح مثل قولك هي تُمَرِّضُه أَي تَقُوم عليه في مرضه وفي نوادر الأَعراب فلانٌ يُعَزِّبُ فلاناً ويُرْبِضُه ويُرَبِّصُه يكون له مثلَ الخازن وأَعْزَبَ عنه حِلْمُه وعَزَبَ عنه يَعْزُبُ عُزوباً ذهَب وأَعْزَبَه اللّهُ أَذْهَبَه وقوله تعالى عالِمُ الغَيْبِ لا يَعْزُب عنه مِثْقالُ ذَرَّةٍ في السمواتِ ولا في الأَرض معناه لا يَغِيبُ عن عِلْمِه شيءٌ وفيه لغتان عَزَبَ يَعْزُب ويَعْزِبُ إِذا غابَ وأَنشد وأَعْزَبْتَ حِلْمِي بعدما كان أَعْزَبا [ ص 597 ] جَعل أَعْزَبَ لازماً وواقعاً ومثله أَمْلَقَ الرجلُ إِذا أَعْدَم وأَمْلَقَ مالَه الحوادثُ والعازِبُ من الكَلإِ البعيدُ المَطْلَب وأَنشد وعازِبٍ نَوَّرَ في خَلائِه والمُعْزِبُ طالِبُ الكَلإِ وكَلأٌ عازِبٌ لم يُرْعَ قَطُّ ولا وُطِئَ وأَعْزَبَ القومُ إِذا أَصابوا كَلأً عازِباً وعَزَبَ عني فلانٌ يَعْزُبُ ويَعْزِبُ عُزوباً غابَ وبَعُدَ وقالوا رجلٌ عَزَبٌ للَّذي يَعْزُبُ في الأَرضِ وفي حديث أَبي ذَرّ كُنتُ أَعْزُبُ عن الماءِ أَي أُبْعِدُ وفي حديث عاتكة فهُنَّ هَواءٌ والحُلُومُ عَوازِبُ جمع عازب أَي إِنها خالية بعيدةُ العُقُول وفي حديث ابن الأَكْوَع لما أَقامَ بالرَّبَذَةِ قال له الحجاجُ ارْتَدَدْتَ على عَقِبَيْكَ تَعَزَّبْتَ قال لا ولكن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَذِنَ لي في البَدْوِ وأَراد بَعُدْتَ عن الجماعات والجُمُعاتِ بسُكْنى البادية ويُروى بالراءِ وفي الحديث كما تَتراءَوْنَ الكَوْكَبَ العازِبَ في الأُفُق هكذا جاءَ في رواية أَي البعيدَ والمعروف الغارِب بالغين المعجمة والراء والغابر بالباء الموحدة وعَزَبَتِ الإِبلُ أَبْعَدَتْ في المَرعَى لا تروح وأَعْزَبَها صاحِبُها وعَزَّبَ إِبلَه وأَعْزَبَها بَيَّتها في المَرْعَى ولم يُرِحْها وفي حديث أَبي بكر كان له غَنَمٌ فأَمَرَ عامرَ بن فُهَيْرة أَن يَعْزُبَ بها أَي يُبْعدَ بها في المَرْعى ويروى يُعَزّبَ بالتشديد أَي يَذْهَبَ بها إِلى عازبٍ من الكَلإِ وتَعَزَّب هو باتَ معها وأَعْزَبَ القومُ فهم مُعْزِبون أَي عَزَبَتْ إِبلُهم وعَزَبَ الرجلُ بإِبله إِذا رعاها بعيداً من الدار التي حَلَّ بها الحَيُّ لا يأْوي إِليهم وهو مِعْزابٌ ومِعْزابة وكلُّ مُنْفرد عَزَبٌ وفي الحديث أَنهم كانوا في سفر مع النبي صلى اللّه عليه وسلم فسَمِعَ منادياً فقال انْظُروه تَجِدوه مُعْزِباً أَو مُكْلِئاً قال هو الذي عَزَبَ عن أَهله في إِبله أَي غاب والعَزِيبُ المالُ العازبُ عن الحَيّ قال الأَزهري سمعته من العرب ومن أَمثالِهِم إِنما اشْتَرَيْتُ الغَنَمَ حِذارَ العازِبةِ والعازبةُ الإِبلُ قاله رجل كانت له إِبل فباعها واشترى غنماً لئلا تَعْزِبَ عنه فعَزَبَتْ غنمه فعاتَبَ على عُزُوبها يقال ذلك لمن تَرَفَّقَ أَهْوَنَ الأُمورِ مَؤونةً فلَزِمَه فيه مشقةٌ لم يَحْتَسِبْها والعَزيبُ من الإِبل والشاءِ التي تَعْزُبُ عن أَهلها في المَرْعَى قال
وما أَهْلُ العَمُودِ لنَا بأَهْلٍ ... ولا النَّعَمُ العَزِيبُ لنا بمالِ
وفي حديث أُمِّ مَعْبدٍ والشاءُ عازِبٌ حِيَالٌ أَي بَعِيدَةُ المَرْعَى لا تأْوي إِلى المنزل إِلاَّ في الليل والحِيالُ جمع حائل وهي التي لم تَحْمِلْ وإِبل عَزِيبٌ لا تَرُوحُ على الحَيِّ وهو جمع عازب مثل غازٍ وغَزِيٍّ وسَوَامٌ مُعَزَّبٌ بالتشديد إِذا عُزِّبَ به عن الدار والمِعْزابُ من الرجال الذي تَعَزَّبَ عن أَهلِه في ماله قال أَبو ذؤَيب
إِذا الهَدَفُ المِعْزابُ صَوَّبَ رأْسَه ... وأَعْجَبه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ
وهِراوةُ الأَعْزاب هِرَاوة الذين يُبْعِدُون بإِبلهم [ ص 598 ] في المَرْعَى ويُشَبَّهُ بها الفَرَسُ قال الأَزهري وهِرَاوةُ الأَعْزَابِ فَرسٌ كانت مشهورةً في الجاهلية ذكرها لبيدٌ ( 1 )
( 1 قوله « ذكرها لبيد » أي في قوله تهدي أوائلهن كل طمرّة جرداء مثل هراوة الأعزاب ) وغيره من قُدَماءِ الشعراء وفي الحديث من قَرَأَ القرآن في أَربعين ليلة فقد عَزَّبَ أَي بَعُدَ عَهْدُه بما ابْتَدَأَ منه وأَبْطَأَ في تِلاوَتهِ وعَزَبَ يَعْزُبُ فهو عازِبٌ أَبْعَدَ وعَزَبَ طُهْرُ المرأَةِ إِذا غابَ عنها زوجها قال النابغة الذُّبيانيّ
شُعَبُ العِلافِيَّاتِ بين فُروجِهِمْ ... والمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهارِ
العِلافِيَّاتُ رِحال منسوبة إِلى عِلافٍ رجل من قُضاعةَ كان يَصْنَعُها والفُروج جمع فَرْج وهو ما بين الرجلين يريد أَنهم آثروا الغَزْوَ على أَطْهارِ نسائهم وعَزَبَتِ الأَرضُ إِذا لم يكن بها أَحدٌ مُخْصِبةً كانت أَو مُجْدِبةً

عزلب
العَزْلَبَةُ النكاح حكاه ابن دريد قال ولا أَحُقُّه

عسب
العَسْبُ طَرْقُ الفَحْلِ أَي ضِرابُه يقال عَسَبَ الفَحلُ الناقةَ يَعْسِبُها ويقال إِنه لشديد العَسْب وقد يُسْتَعار للناس قال زهير في عبدٍ له يُدْعَى يَساراً أَسَرَه قومٌ فهَجَاهم
ولولا عَسْبُه لرَدَدْتُموه ... وشَرُّ مَنِيحةٍ أَيْرٌ مُعارُ ( 2 )
( 2 قوله « لرددتموه » كذا في المحكم ورواه في التهذيب لتركتموه )
وقيل العَسْبُ ماء الفَحْلِ فرساً كان أَو بعيراً ولا يَتَصَرَّفُ
منه فِعْلٌ وقَطَعَ اللّهُ عَسْبَه وعُسْبَه أَي ماءَه ونَسْلَه ويقال للوَلد عَسْبٌ قال كُثَيِّرٌ يصف خَيْلاً أَزْلَقَتْ ما في بُطُونِها مِن أَولادها من التَّعَب
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيِّ وناصِحٍ ... تَخُصُّ به أُمُّ الطَّرِيقِ عِيالَها
العَسْبُ الوَلَدُ أَو ماءُ الفَحْل يعني أَن هذه الخيلَ تَرْمي بأَجِنَّتِها من هذين الفَحْلين فتأْكلُها الطير والسباعُ وأُمُّ الطريق هنا الضَّبُعُ وأُمُّ الطريق أَيضاً مُعْظَمُه وأَعْسَبَهُ جَمَلَه أَعارَه إِياه عن اللحياني واسْتَعْسَبه إِياه اسْتَعاره منه قال أَبو زُبَيْدٍ
أَقْبَلَ يَردي مُغارَ ذِي الحِصانِ إِلى ... مُسْتَعْسِبٍ أَرِبٍ منه بتَمْهِينِ
والعَسْبُ الكِراء الذي يُؤْخَذ على ضَرْبِ الفَحْل وعَسَبَ الرجلَ يَعْسِبُه عَسْباً أَعطاه الكِراءَ على الضِّرابِ وفي الحديث نَهَى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن عَسْبِ الفَحْل تقول عَسَبَ فَحْلَه يَعْسِبُه أَي أَكراه عَسْبُ الفَحْل ماؤُه فرساً كان أَو بعيراً أَو غيرهما وعَسْبُه ضِرابُه ولم يَنْهَ عَن واحدٍ منهما وإِنما أَراد النَّهْيَ عن الكراء الذي يُؤْخَذ عليه فإِن إِعارة الفحل مندوب إِليها وقد جاءَ في الحديث ومِن حَقِّها إِطْراقُ فَحْلِها ووَجْهُ الحديث أَنه نهى عن كراء عَسْبِ الفَحْل فحُذِفَ المضافُ وهو كثير في الكلام وقيل يقال لكراء الفحل عَسْبٌ وإِنما نَهَى عنه للجَهالة التي فيه ولا بُدَّ في الإِجارة من تَعْيينِ العمل ومَعْرِفةِ مِقْدارِه وفي حديث أَبي معاذ كنتُ تَيَّاساً فقال لي البَراءُ بنُ عازب لا يَحِلُّ لك عَسْبُ الفَحْل وقال أَبو عبيد معنى العَسْبِ في [ ص 599 ] الحديث الكِراءُ والأَصل فيه الضِّرابُ والعَرَبُ تُسَمِّي الشيءَ باسم غيره إِذا كان معه أَو من سَببه كما قالوا للمَزادة راوِية وإِنما الرَّاوية البعيرُ الذي يُسْتَقَى عليه والكَلْبُ يَعْسِبُ أَي يَطْرُدُ الكلابَ للسِّفادِ واسْتَعْسَبَتِ الفرسُ إِذا اسْتَوْدَقَتْ والعرب تقول اسْتَعْسَبَ فلانٌ اسْتِعْسابَ الكَلْب وذلك إِذا ما هَاجَ واغْتَلَم وكلب مُسْتَعْسِبٌ والعَسِيبُ والعَسِيبةُ عَظْمُ الذَّنَب وقيل مُسْتَدَقُّهُ وقيل مَنْبِتُ الشَّعَرِ منه وقيل عَسِيبُ الذَّنَبِ مَنْبِتُه مِنَ الجِلْدِ والعظم وعَسِيبُ القَدَم ظاهرُها طُولاً وعَسِيبُ الرِّيشةِ ظاهرُها طُولاً أَيضاً والعَسِيبُ جَرِيدَةٌ من النخل مستقيمة دقيقة يُكْشَطُ خُوصُها أَنشد أَبو حنيفة
وقَلَّ لها مِنِّي على بُعْدِ دارِها ... قَنا النَّخْلِ أَو يُهْدَى إِليكِ عسِيبُ
قال إِنما اسْتَهْدَتْهُ عَسِيباً وهو القَنا لتَتَّخِذ منه نِيرةً وحَفَّة والجمع أَعْسِبَةٌ وعُسُبٌ وعُسُوبٌ عن أَبي حنيفة وعِسْبانٌ وعُسْبانٌ وهي العَسِيبة أَيضاً وفي التهذيب العَسِيب جريد النخل إِذا نُحِّيَ عنه خُوصه والعَسِيبُ من السَّعَفِ فُوَيْقَ الكَرَبِ لم ينبت عليه الخوصُ وما نَبَت عليه الخُوصُ فهو السَّعَفُ وفي الحديث أَنه خرج وفي يده عَسِيبٌ قال ابن الأَثير أَي جريدَةٌ من النخل وهي السَّعَفَة مما لا يَنْبُتُ عليه الخُوصُ ومنه حديث قَيْلة وبيده عُسَيِّبُ نخلةٍ مَقْشُوٌّ كذا يروى مصغراً وجمعه عُسُبٌ بضمتين ومنه حديث زيد بن ثابت فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ القرآنَ من العُسُبِ واللِّخَافِ ومنه حديث الزهري قُبِضَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم والقرآنُ في العُسُبِ والقُضُم وقوله أَنشده ثعلب على مَثاني عُسُبٍ مُسَاطِ فسره فقال عَنَى قَوائمه والعَسْبَةُ والعَسِبَةُ والعَسِيبُ شَقٌّ يكون في الجَبل قال المُسَيَّب بن عَلَسٍ وذكر العاسِلَ وأَنه صَبَّ العَسلَ في طَرَفِ هذا العَسِيبِ إِلى صاحب له دونه فتَقَبَّله منه
فهَراقَ في طَرَفِ العَسِيبِ إِلى ... مُتَقَبِّلٍ لنَواطِفٍ صُفْرِ
وعَسِيبُ اسمُ جَبَل وقال الأَزهري هو جَبَل بعالِيةِ نَجْدٍ معروف يقال لا أَفْعَلُ كذا ما أَقَامَ عَسِيبٌ قال امرؤ القيس
أَجارَتَنا إِنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ ... وإِنِّي مُقيمٌ ما أَقامَ عَسِيبُ
واليَعْسُوب أَمير النَّحْلِ وذكَرُها ثم كَثُر ذلك حتى سَمَّوْا كل رَئيسٍ يَعْسُوباً ومنه حديثُ الدَّجَّالِ فتَتْبَعُه كُنُوزُها كيَعاسِيبِ النَّحْل جمع يَعْسُوبٍ أَي تَظْهَر له وتجتمع عنده كما تجتمع النحلُ على يَعاسِيبها وفي حديث عليّ يصف أَبا بكر رضي اللّه عنهما كنتَ للدِّينِ يَعْسُوباً أَوَّلاً حين نَفَر الناسُ عنه اليَعْسُوب السَّيِّدُ والرئيسُ والمُقَدَّمُ وأَصله فَحْلُ النَّحْلِ وفي حديث علي رضي اللّه عنه أَنه ذَكرَ فتنةً فقال إِذا كان ذلك ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه فيَجْتَمِعُونَ إِليه كما يجتمع قَزَعُ الخَريفِ قال الأَصمعي أَراد بقوله يَعْسُوبُ الدين أَنه سَيِّدُ الناسِ في الدِّين يومئذٍ وقيل ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذنبه أَي فارَقَ الفتنةَ وأَهلَها وضرَبَ في [ ص 600 ] الأَرض ذاهِباً في أَهْلِ دِينِه وذَنَبُه أَتْباعُه الذين يتبعونه على رَأْيه ويَجْتَنِبُونَ اجْتِنابَهُ من اعْتزالِ الفِتَنِ ومعنى قوله ضَرَبَ أَي ذَهَبَ في الأَرض يقال ضَرَب في الأَرض مُسافِراً أَو مُجاهِداً وضَرَبَ فلانٌ الغائطَ إِذا أَبْعَدَ فيها للتَّغَوُّطِ وقوله بذنبه أَي في ذَنَبِه وأَتباعِه أَقامَ الباءَ مقام في أَو مُقامَ مع وكل ذلك من كلام العرب وقال الزمخشري الضَّرْبُ بالذَّنَب ههنا مَثَلٌ للإِقامة والثَّباتِ يعني أَنه يَثْبُتُ هو ومن تَبِعَه على الدِّينِ وقال أَبو سعيد أَراد بقوله ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدين بذَنَبه أَراد بيَعْسُوب الدين ضعيفَه ومُحْتَقَره وذليلَه فيومئذ يَعْظُم شأْنُه حتى يصير عَيْنَ اليَعْسُوب قال وضَرْبُه بذَنَبِه أَن يَغْرِزَه في الأَرضِ إِذا باضَ كما تَسْرَأُ الجراد فمعناه أَن القائم يومئذ يَثْبُتُ حتى يَثُوبَ الناسُ إِليه وحتى يظهر الدينُ ويَفْشُوَ ويقال للسَّيِّد يَعْسُوبُ قومه وفي حديث عليٍّ أَنا يَعْسُوبُ المؤمنين والمالُ يَعْسُوبُ الكفار وفي رواية المنافقين أَي يَلُوذُ بي المؤمِنونَ ويَلُوذ بالمالِ الكفارُ أَو المنافقون كما يَلُوذُ النَّحْلُ بيَعْسُوبِها وهو مُقَدَّمُها وسيدُها والباء زائدة وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه أَنه مَرَّ بعبدالرحمن ابن عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ مَقْتُولاً يوم الجَمل فقال لَهْفِي عليك يَعْسُوبَ قُرَيْشٍ جَدَعْتُ أَنْفي وشَفَيْتُ نَفْسِي يَعْسُوبُ قريش سَيِّدُها شَبَّهه في قُرَيش بالفَحْلِ في النَّحْلِ قال أَبو سعيد وقوله في عبدالرحمن بن أُسَيْدٍ على التَّحْقِير له والوَضْعِ من قَدْرِه لا على التفخيم لأَمره قال الأَزهري وليس هذا القولُ بشيء وأَمَّا ما أَنشده المُفَضَّلُ
وما خَيْرُ عَيْشٍ لا يَزالُ كأَنه ... مَحِلَّةُ يَعْسُوبٍ برأْسِ سِنَانِ
فإِن معناه أَن الرئيس إِذا قُتِلَ جُعِلَ رأسُه على سِنانٍ يعني أَن العَيْشَ إِذا كان هكذا فهو الموتُ وسَمَّى في حديث آخر الذَّهَبَ يَعْسُوباً على المَثَل لِقوامِ الأُمُورِ به واليَعْسُوبُ طائر أَصْغَرُ من الجَرادة عن أَبي عبيد وقيل أَعظمُ من الجرادة طويلُ الذَّنَب لا يَضُمُّ جناحيه إِذا وَقَع تُشَبَّه به الخَيْلُ في الضُّمْرِ قال بِشْر
أَبُو صِبْيةٍ شُعْثٍ يُطِيفُ بشَخْصِه ... كَوالِحُ أَمثالُ اليعاسِيبِ ضُمَّرُ
والياء فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول غير صَعْقُوقٍ وفي حديث مِعْضَدٍ لولا ظَمَأُ الهَواجر ما باليْتُ أَن أَكونَ يَعْسُوباً قال ابن الأَثير هو ههنا فَراشَةٌ مُخْضَرَّةٌ تطِيرُ في الربيع وقيل إِنه طائر أَعظمُ من الجَرادِ قال ولو قيل إِنه النَّحْلةُ لَجاز واليَعْسُوبُ غُرَّةٌ في وجْهِ الفرس مُسْتَطيلَةٌ تنقطع قبل أَن تُساوِيَ أَعْلى المُنْخُرَيْنِ وإِن ارتفع أَيضاً على قَصَبة الأَنف وعَرُضَ واعْتَدلَ حتى يبلغ أَسفلَ الخُلَيْقَاءِ فهو يَعْسُوب أَيضاً قلَّ أَو كَثُر ما لم يَبْلُغِ العَيْنَيْنِ واليَعْسُوبُ دائرةٌ في مَرْكَضِ الفارِسِ حيث يَرْكُضُ برجله من جَنْبِ الفرس قال الأَزهري هذا غلط اليَعْسُوب عند أَبي عبيدة وغيره خَطٌّ من بَياضِ الغُرَّةِ يَنْحَدِرُ حتى يَمَسَّ خَطْمَ الدابة ثم ينقطعُ واليَعْسُوب اسم فرس سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم [ ص 601 ] واليَعْسُوبُ أَيضاً اسم فرس الزُّبير بن العوامّ رضي اللّه تعالى عنه

عسقب
العِسْقِبُ والعِسْقِبةُ كلاهما عُنَيْقِيدٌ صغير يكون منفرداً يَلْتَصِقُ بأَصْل العُنْقُود الضَّخْمِ والجمع العَساقِبُ والعَسْقَبَةُ جُمُودُ العين في وقت البُكاء قال الأَزهري جعله الليث العَسْقَفةَ بالفاءِ والباءُ عندي أَصوب

عشب
العُشْبُ الكَلأُ الرَّطْبُ واحدته عُشْبَةٌ وهو سَرَعانُ الكَلإِ في الربيع يَهِيجُ ولا يَبْقَى وجمعُ العُشْب أَعْشابٌ والكَلأُ عند العرب يقع على العُشْبِ وغيره والعُشْبُ الرَّطْبُ من البُقول البَرِّيَّة يَنْبُتُ في الربيع ويقال رَوض عاشِبٌ ذو عُشْبٍ وروضٌ معْشِبٌ ويدخل في العُشْب أَحرارُ البُقول وذكورُها فأَحرارُها ما رَقَّ منها وكان ناعماً وذكورُها ما صَلُبَ وغَلُظَ منها وقال أَبو حنيفة العُشْبُ كُلُّ ما أَبادَهُ الشتاءُ وكان نَباته ثانيةً من أَرُومةٍ أَو بَذْرٍ وأَرضٌ عاشِبَةٌ وعَشِبَةٌ وعَشِيبةٌ ومُعْشِبَةٌ بَيِّنةُ العَشابةِ كثيرة العُشْبِ ومكانٌ عَشِيبٌ بَيِّنُ العَشابة ولا يقال عَشَبَتِ الأَرضُ وهو قياسٌ إِن قيل وأَنشد لأَبي النجم يَقُلْنَ للرائدِ أَعْشَبْتَ انْزِلِ وأَرضٌ مِعْشابة وأَرَضُونَ مَعاشِيبُ كريمةٌ مَنابيتُ فإِما أَن يكون جمعَ مِعْشاب وإِما أَن يكون من الجمع الذي لا واحد له وقد عَشَّبَتْ وأَعْشَبَتْ واعْشَوْشَبَتْ إِذا كَثُر عُشْبها وفي حديث خُزَيمة واعْشَوْشَبَ ما حَوْلَها أَي نَبَتَ فيه العُشْبُ الكثير وافْعَوْعَلَ من أَبنية المُبالغة كأَنه يُذْهَبُ بذلك إِلى الكثرة والمبالغة والعُموم على ما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو كقولك خَشُنَ واخْشَوْشَنَ ولا يقال له حَشيش حتى يَهِيجَ تقول بَلَدٌ عاشِبٌ وقد أَعْشَبَ ولا يقال في ماضيه إِلا أَعْشَبَتِ الأَرضُ إِذا أَنبتت العُشْبَ ويُقال أَرض فيها تَعاشِيبُ إِذا كان فيها أَلوانُ العُشْبِ عن اللحياني والتَّعاشِيبُ العُشْبُ النَّبْذُ المُتَفَرِّقُ لا واحدَ له وقال ثعلب في قول الرائِد عُشْباً وتَعاشيبْ وكَمْأَةً شِيبْ تُثِيرُها بأَخْفافِها النِّيبْ إِن العُشْبَ ما قد أَدْرَكَ والتَّعاشِيبُ ما لم يُدْرك ويعني بالكَمْأَةِ الشِّيبِ البِيضَ وقيل البِيضُ الكِبارُ والنِّيبُ الإِبلُ المَسَانُّ الإِناثُ واحدها نابٌ ونَيُوبٌ وقال أَبو حنيفة في الأَرض تَعاشِيبُ وهي القِطَعُ المُتَفَرِّقَة من النَّبْتِ وقال أَيضاً التَّعاشِيبُ الضروبُ من النَّبْت وقال في قولِ الرائدِ عُشْباً وتَعاشِيبْ العُشْبُ المُتَّصِلُ والتَّعاشِيبُ المتفَرِّق وأَعْشَبَ القومُ واعْشَوْشَبُوا أَصابُوا عُشْباً وبعيرٌ عاشِبٌ وإِبِلٌ عاشِبَةٌ تَرْعَى العُشْبَ وتَعَشَّبَت الإِبل رَعَتِ العُشْبَ قال تَعَشَّبَتْ من أَوَّلِ التَّعَشُّبِ - بينَ رِماحِ القَيْنِ وابْنَيْ تَغْلِبِ وتَعَشَّبَتِ الإِبلُ واعْتَشَبَتْ سَمِنَتْ عن العُشْب وعُشْبَةُ الدار التي تَنْبُتُ في دِمْنَتها وحَوْلَها عُشْبٌ في بَياضٍ من الأَرض والتُّراب الطَّيِّبِ وعُشْبةُ الدارِ الهَجينَةُ مَثَلٌ بذلك كقولهم خَضْراءُ الدِّمَنِ وفي بعض الوَصاةِ يا بُنَيَّ لا تَتَّخِذْها حَنَّانةً ولا مَنَّانة ولا عُشْبةَ الدار [ ص 602 ] ولا كَيَّةَ القَفَا وعَشِبَ الخُبْزُ يَبِسَ عن يعقوب ورجل عَشَبٌ قصير دَمِيمٌ والأُنثى بالهاءِ وقد عَشُبَ عَشابةً وعُشوبةً ورجل عَشَبٌ وامرأَة عَشَبةٌ يابسٌ من الهُزال أَنشد يعقوب
جَهِيزَ يا ابْنةَ الكِرامِ أَسْجِحِي ... وأَعْتِقِي عَشَبةً ذا وَذَحِ
والعَشَبة بالتحريك النابُ الكبيرة وكذلك العَشَمة بالميم يقال شيخ عَشَبَة وعَشَمة بالميم والباءِ يقال سأَلتُه فأَعْشَبَنِي أَي أَعْطانِي ناقةً مُسِنَّة وعِيالٌ عَشَبٌ ليس فيهم صغير قال الشاعر جَمَعْت منهم عَشَباً شَهابِرا ورجل عَشَبَةٌ قد انْحَنى وضَمَر وكَبِرَ وعجوز عَشَبة كذلك عن اللحياني والعَشَبةُ أَيضاً الكبيرة المُسِنَّة من النِّعاج

عشرب
العَشْرَبُ الخَشِنُ وأَسَدٌ عَشْرَبٌ كعَشَرَّبٍ ورجل عُشارِبٌ جَريءٌ ماضٍ الأَزهري والعَشْرَبُ والعَشْرَمُ السَّهْمُ الماضي

عشزب
أَسَدٌ عَشْزَبٌ شديدٌ

عصب
العَصَبُ عَصَبُ الإِنسانِ والدابةِ والأَعْصابُ أَطنابُ المَفاصل التي تُلائمُ بينَها وتَشُدُّها وليس بالعَقَب يكون ذلك للإِنسان وغيره كالإِبل والبقر والغنم والنعَم والظِّباءِ والشاءِ حكاه أَبو حنيفة الواحدة عَصَبة وسيأْتي ذكر الفرق بين العَصَب والعَقَب وفي الحديث أَنه قال لثَوْبانَ اشْتَرِ لفاطمةَ قِلادةً من عَصْبٍ وسِوارَيْنِ من عاج قال الخَطَّابيُّ في المَعالم إِن لم تكن الثيابَ اليمانية فلا أَدري ما هو وما أَدري أَن القلادة تكون منها وقال أَبو موسى يُحتَمَل عندي أَن الرواية إِنما هي العَصَب بفتح الصاد وهي أَطنابُ مفاصل الحيوانات وهو شيء مُدَوَّر فيُحتَمَلُ أَنهم كانوا يأْخذون عَصَبَ بعضِ الحيواناتِ الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شِبْه الخرز فإِذا يَبِسَ يتخذون منه القلائدَ فإِذا جاز وأَمْكَنَ أَن يُتَّخَذَ من عِظام السُّلَحْفاة وغيرها الأَسْوِرةُ جاز وأَمكن أَن يُتَّخَذ من عَصَبِ أَشْباهِها خَرَزٌ يُنْظَمُ منها القلائدُ قال ثم ذكر لي بعضُ أَهل اليمن أَن العَصْب سِنُّ دابةٍ بحرية تُسَمَّى فَرَسَ فِرْعَوْنَ يُتَّخَذُ منها الخَرزُ وغيرُ الخَرز مِن نِصابِ سكِّين وغيره ويكون أَبيضَ ولحم عَصِبٌ صُلْبٌ شديد كثير العَصَبِ وعَصِبَ اللحمُ بالكسر أَي كَثُرَ عَصَبُه وانْعَصَبَ اشْتَدَّ والعَصْبُ الطيُّ الشديدُ وعَصَبَ الشيءَ يَعْصِبُه عَصْباً طَواه ولَواه وقيل شَدَّه والعِصابُ والعِصابةُ ما عُصِبَ به وعَصَبَ رأْسَه وعَصَّبَه تَعْصيباً شَدَّه واسم ما شُدَّ به العِصابةُ وتَعَصَّبَ أَي شَدَّ العِصَابةَ والعِصابةُ العِمامةُ منه والعَمائمُ يقال لها العَصائبُ قال الفرزدق
وَرَكبَ كأَنَّنَّ الرِّيحَ تطلُبُ منهُم ... لها سَلَباً من جّبذبِها بالعَصائبِ
أي تَنْقُضُ لَيُّ عمائمهم من شِدّتها فكأنها تسلُبهم إياها وقد اعتصَبَ بها والعِصابة العمامة وكلُّ ما يُعَصّبُ به الرأسُ وقد اعتَصَبَ بالتاج والعمامة والعِصْبةُ هيئةُ الاعْتصَاب وكلُّ ما عُصبَ به كَسْرٌ أو قَرْحٌ [ ص 603 ] من خِرْقة أو خَبيبةٍ فهو عِصابٌ له وفي الحديث أنه رَخّص في المسح على العَصائب والتّساخِين وهِي كلُّ مَا عَصّبْتَ بِهِ رَأْسَكَ من عِمامة أو منْديل أو خِرقة والذي ورد في حديث بدر قال عُتْبة بن ربيعة ارْجِعوا ولا تُقاتلوا واعْصِبوها برأسي قال ابن الأثير يريد السُّبَّةَ التي تلحَقُهم بترك الحرب والجُنوح إلى السّلم فأضْمَرها اعتماداً على معرفة المخاطبين أي اقْرُنوا هذه الحال بي وانسبُوها إليّ وإن كانتْ ذميمة وعَصَبَ الشجرةَ يَعْصِبُها عَصْباً ضَمُّ ما تَفَرّقَ منها بحبل ثم خَبَطَها ليسقط وَرقها وروي عن الحجاج أنه خَطَبَ بالكُوفةِ فقال لأعْصِبَنكمْ عَصْبَ السّلَمَة السَّلَمَةُ شجرة من العضاء ذاتُ شَوكٍ وَوَرقهُا القرَظُ الذي يُدْبَغُ به الأَدَمُ ويَعْسُر خَرْطُ ورَقها لكثرة شوكها فتُعصَبُ أغْصانُها بأ تُجمَعَ ويُشَدَّ بعْضُها إلى بعض بحَبْلٍ شَدَّاً شديداً ثم يَهْصُرها الخابطُ إليه ويَخْبِطُها بعَصاه فيتناثر ورقُها للماشية ولمن أراد جمعه وقيل إنما يُفْعَلُ بها ذلك إذا أرادوا قطعها حتى يُمْكِنَهم الوصول إلى أَصله وأصْلُ العَصْب اللَّيُّ ومنه عَثْبُ التَّيْسِ والكبشِ وغيرهما من البهائم وهو أن تُشَدَّ خُصيْاه شدَّاً شديداً حتى تَنْدُرا مِنْ غير أَن تُنزَعا نَزْعاً أَو تُسَلاَّ سَلاًّ يقال : عَصَبْتُ التَّيْسَ أَعْصِبُه فهو مَعْصُوب . ومن أَمثال العرب : فلانٌ لا تُعْصَبُ سَلَماتُه . يُضْرَبُ مثلاً للرجل الشديد العزيز الذي لا يُقْهَر ولا يُسْتَذَلّ ومنه قول الشاعر : ولا سَلَماتي في بَجِيلَةَ تُعْصَبُ و عَصَبَ الناقة يَعْصِبُها عَصْباً و عِصاباً : شَدَّ فَخِذَيها أَو أَدْنى مُنْخُرَيها بحَبْل لتَدِرَّ . وناقة عَصُوبٌ : لا تَدِرُّ إِلا على ذلك قال الشاعر : فإِنْ صَعُبَتْ عليكم فاعْصِبُوها عِصاباً تُسْتَدَرُّ به شَدِيدا وقال أَبو زيد : العَصوبُ الناقة التي لا تَدِرُّ حتى تُعْصَب أَداني مُنْخُرَيها بخيطٍ ثم تُثَوَّرُ ولا تُحَلُّ حتى تُحْلَبَ . وفي حديث عمر ومعاوية : أَنَّ العَصُوبَ يَرْفُقُ بها حالبُها فتَحْلُب العُلْبَةَ . قال : العَصُوبُ الناقةُ التي لا تَدِرُّ حتى يُعْصَبَ فَخِذاها أَي تُشَدَّا بالعِصابة . و العِصابُ : ما عَصَبَها به . وأَعْطَى على العَصْبِ أَي على القهر مَثَلٌ بذلك قال الحُطَيْئَةُ : تَدِرُّونَ إِنْ شُدَّ العِصابُ عليكمُ ونَأْبَى إِذا شُدَّ العِصابُ فلا نَدِرْ ويقال للرجل إِذا كان شديدَ أَسْرِ الخَلْقِ غيرَ مُسْتَرْخي اللحمِ : إِنه لمَعْصُوبٌ ما حُفْضِجَ . ورجل مَعْصُوبُ الخَلْقِ : شديدُ اكْتِنازِ اللحمِ عُصِبَ عَصْباً قال حسان : دَعُوا التَّخاجُؤَ وامْشُوا مِشْيَةَ سُجُحاً إِنَّ الرجالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ وجارِيةٌ مَعْصوبة : حَسَنَةُ العَصْبِ أَي اللَّيِّ مَجْدُولة الخَلْق . ورجل مَعْصُوب : شديد . و العَصُوبُ من النساءِ : الزَّلاَّء الرَّسْحاءُ عن كُراع . قال أَبو عبيدة : والعَصُوبُ والرَّسْحاءُ والمَسْحاءُ والرَّصْعاءُ والمَصْواءُ والمِزْلاق والمِزْلاجُ والمِنْداصُ . و تَعَصَّبَ بالشيءِ و اعْتَصَبَ : تَقَنَّعَ به ورَضِي . و المَعْصُوبُ : الجائِعُ الذي كادَتْ أَمعاؤُهُ تَيْبَسُ جُوعاً . وخَصَّ الجوهريُّ هُذَيلاً بهذه اللغة . وقد عَصَبَ يَعْصِبُ عُصُوباً . وقيل : سمي مَعْصُوباً لأَنه عصب بَطْنَهُ بحَجَر من الجوع . و عَصَّبَ القومَ : جَوَّعَهم . ويقال للرجل الجائِعِ يشتدُّ عليه سَخْفَةُ الجُوعِ فَيُعَصِّبُ بَطْنَهُ بحجر : مُعَصَّبٌ ومنه قوله : ففي هذا فَنَحْنُ لُيوثُ حَرْبٍ وفي هذا غُيوثُ مُعَصَّبينا وفي حديث المُغِيرة : فإِذا هو مَعْصُوب الصَّدْرِ قيل : كان من عادتهم إِذا جاع أَحدُهم أَن يَشُدَّ جَوْفَه بعصابة . وربما جعل تحتها حجراً . و المُعَصَّبُ : الذي عَصَبَتْه السِّنونَ أَي أَكلت مالَه . و عَصَبَتْهم السِّنُونَ : أَجاعتهم . و المُعَصَّبُ : الذي يَتَعَصَّبُ بالخِرَقِ من الجُوعِ . و عَصَّبَ الدَّهْرُ مالَه : أَهلكه . ورجل مُعَصَّبٌ : فقير . و عَصَبَهم الجَهْدُ وهو من قوله : يومٌ عَصِيبٌ . و عَصَّبَ الرجلَ : دعاه مُعَصَّباً عن ابن الأَعرابي وأَنشد : يُدْعَى المُعَصَّبَ مَنْ قَلَّتْ حَلُوبَتُه وهَلْ يُعَصَّبُ ماضِي الهَمِّ مِقْدامُ ويقال : عَصَبَ الرجلُ بَيْتَه أَي أَقام في بيته لا يَبرَحُهُ لازماً له . ويُقال : عَصَبَ القَينُ صَدْعَ الزُّجاجة بضَبَّةٍ من فِضَّةٍ إِذا لأَمها مُحِيطةً به . والضَّبَّةُ : عِصابُ الصَّدْع . ويقال لأَمْعاءِ الشاة إِذا طُوِيَتْ وجُمِعَتْ ثم جُعِلَتْ في حَوِيَّةٍ من حَوايا بطنها عُصُبٌ واحدها عَصِيبٌ . و العَصِيبُ من أَمعاءِ الشاءِ : ما لُوِي منها والجمع أَعْصِبةٌ و عُصُبٌ . و العَصِيبُ : الرِّئَةُ تُعَصَّبُ بالأَمْعاءِ فتُشْوَى قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ وقيل هو للصِّمَّةِ بن عبد الله القُشَيْرِيّ : أُولئك لم يَدْرِينَ ما سَمَكُ القُرَى ولا عُصُبٌ فيها رِئاتُ العَمارِسِ و العَصْبُ : ضَرْبٌ من برود اليمن سُمِّي عَصْباً لأَن غزلهُ يُعْصَبُ أَي يُدْرَجُ ثم يُصْبَغُ ثم يُحاكُ وليس من برود الرَّقْم ولا يُجْمَعُ إِنما يقال : بُرْدُ عَصْبٍ وبُرودُ عَصْبٍ لأَنه مضاف إِلى الفعل . وربما اكْتَفَوْا بأَن يقولوا : عليه العَصْبُ لأَن البُرْدَ عُرِفَ بذلك الاسم قال : يَبْتَذِلْنَ العَصْبَ والخَزَّ مَعاً والحَبِراتِ ومنه قيل للسَّحاب كاللَّطْخ : عَصْبٌ . وفي الحديث : المُعْتَدَّة لا تَلْبَسُ المُصَبَّغَةَ إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ . العَصْبُ : بُرُودٌ يمنِيَّة يُعْصَبُ غزلُها أَي يُجْمَعُ ويُشَدُّ ثم يُصْبغُ ويُنْسَجُ فيأْتي مَوشِيّاً لبقاء ما عُصِبَ منه أَبيضَ لم يأْخذه صِبْغٌ وقيل : هي بُرودٌ مُخَطَّطة . و العَصْبُ : الفَتْلُ . و العَصَّابُ : الغَزَّالُ . فيكون النهيُ للمعتدة عما صُبِغَ بعد النَّسْج . وفي حديث عمر رضي الله عنه : أَنه أَراد أَن ينهى عن عصبِ اليمن وقال : نُبِّئْتُ أَنه يُصْبَغُ بالبَوْل ثم قال : نُهِينا عن التَّعَمُّق . و العَصْبُ : غَيْم أَحمر تراه في الأُفُقِ الغَرْبِيِّ يظهر في سِنِيّ الجَدْبِ قال الفرزدق : إِذا العَصْبُ أَمْسَى في السماءِ كأَنه سَدَى أُرْجُوانٍ واسْتَقَلَّتْ عُبورُها وهو العِصابةُ أَيضاً قال أَبو ذؤيب : أَعَيْنَيَّ لا يَبْقَى على الدَّهْرِ فادِرٌ بِتَيْهُورةٍ تحتَ الطِّخَافِ العَصَائِبِ وقد عَصَبَ الأُفُقُ يَعْصِبُ أَي احْمَرَّ . و عَصَبَةُ الرَّجلِ : بَنوه وقَرابتُه لأَبيه . و العَصَبة : الذين يرثون الرجلَ عن كَلالة من غير والد ولا ولد . فأَما في الفرائض فكلُّ مَنْ لم تكن له فريضةٌ مسماةٌ فهو عَصَبةٌ إِن بَقِيَ شيء بعد الفرائض أَخَذَ . قال الأَزهري : عَصَبةُ الرجل أَولياؤُهُ الذكور من ورَثَته سُمُّوا عَصَبةً لأَنهم عَصَبُوا بنَسبه أَي اسْتَكَفُّوا به فالأَبُ طَرَفٌ والابن طَرَفٌ والعَمُّ جانبٌ والأَخُ جانِبٌ والجمع العَصباتُ . والعرب تسمي قَراباتِ الرجلِ : أَطْرافَه ولما أَحاطتْ به هذه القراباتُ وعَصَبَت بنَسَبه سُموا عَصَبةً . وكل شيء اسْتَدارَ بشيء فقد عَصَبَ به . والعمائمُ يقال لها : العَصائِب واحدتُها عِصابة من هذا قال : ولم أَسمع للعَصَبة بواحدٍ والقياس أَن يكون عاصِباً مثل طالِبٍ وطَلَبةٍ وظالم وظَلَمة . ويقال : عَصَبَ القومُ بفلان أَي اسْتَكَفُّوا حَولَه . و عَصَبَتِ الإِبلُ بعَطَنِها إِذا اسْتَكَفَّتْ به قال أَبو النجم : إِذ عَصَبَتْ بالعَطَنِ المُغَرْبَلِ يعنمي المُدقَّق ترابُه . و العُصْبةُ و العِصابةُ : جماعةُ ما بين العَشَرة إِلى الأَربعين . وفي التنزيل العزيز : { ونحن عُصْبةٌ } . قال الأَخفش : و العُصْبة و العِصابَة جماعة ليس لها واحد . قال الأَزهري : وذكر ابن المُظَفَّر في كتابه حديثاً : أَنه يكون في آخر الزمان رَجُلٌ يُقال له أَمير العُصَب قال ابن الأَثير : هو جمع عُصْبةٍ . قال الأَزهري : وَجَدْتُ تَصْدِيقَ هذا الحديث في حديث مَروِيَ عن عُقْبة بن أَوْسٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص أَنه قال : وجدتُ في بعض الكتب يوم اليَرْمُوكِ : أَبو بكر الصديقُ أَصَبْتُم اسْمَه عُمَرُ الفاروقُ قَرْناً من حديدٍ أَصَبْتُم اسْمَه عثمانُ ذو النورين كِفْلَيْنِ من الرحمة لأَنه يُقْتلُ مَظْلُوماً أَصَبْتُم اسْمَه . قال : ثم يكون مَلِكُ الأَرض المُقَدَّسةِ وابنُه . قال عُقْبة : قلتُ لعبد الله : سَمِّهما . قال : معاويةُ وابنُه ثم يكونَ سَفَّاحٌ ثم يكون مَنْصور ثم يكون جابرٌ ثم مَهْدِيّ ثم يكون الأَمينُ ثم يكونُ سين ولام يعني صَلاحاً وعاقِبةً ثم يكون أُمَراءُ العُصَب : ستة منهم من وَلَد كَعْبِ بن لُؤَيّ ورجلٌ من قَحطانَ كلهم صالِحٌ لا يُرَى مِثْلُه . قال أَيّوب : فكان ابنُ سيرين إِذا حَدَّثَ بهذا الحديث قال : يكون على الناس مُلوكٌ بأَعمالهم . قال الأَزهري : هذا حديث عجيبٌ وإِسنادُه صحيح وا عَلاَّمُ الغُيُوب . وفي حديث الفتن قال : فإِذا رَأَى الناسُ ذلك أَتته أَبدالُ الشامِ وعَصَائبُ العِراق فَيَتَّبِعُونه . العَصائبُ : جمع عِصَابة وهي ما بين العشرة إِلى الأَربعين . وفي حديث عَلِيَ عليه السلام : الأَبْدالُ بالشام والنُّجَباءُ بمِصْرَ والعَصائبُ بالعِراق . أَراد أَن التَّجَمُّعَ للحُروب يكون بالعِراقِ . وقيل : أَراد جماعة من الزَّهَّادِ سَمَّاهم بالعَصائب لأَنه قَرَنَهم بالأَبدال والنُّجَباءِ . وكلُّ جماعةِ رجالٍ وخيلٍ بفُرْسانِها أَو جماعةِ طير أَو غيرها : عُصْبة و عِصابَةٌ ومنه قول النابغة : عِصابةُ طَيْرٍ تَهْتَدي بعَصَائِبِ و اعْتَصَبُوا : صاروا عُصْبَةً قال أَبو ذؤيب : هَبَطْنَ بَطْنَ رهاطٍ واعْتَصَبْنَ كما يَسْقِي الجُذُوعَ خِلالَ الدُّورِ نَضَّاحُ و التَّعَصُّبُ : من العَصَبِيَّة . و العَصَبِيَّةُ : أَن يَدْعُوَ الرجلَ إِلى نُصْرةِ عَصَبَتِه والتَّأَلُّبِ معهم على من يُناوِئُهُم ظالمين كانوا أَو مظلومين . وقد تَعَصَّبُوا عليهم إِذا تَجَمَّعُوا فإِذا تجمعوا على فريق آخر قيل : تَعَصَّبُوا . وفي الحديث : العَصَبِيُّ مَنْ يُعِين قومَه على الظُّلْم . العَصَبِيُّ هو الذي يَغْضَبُ لعَصَبتِه ويُحامي عنهم . و العَصَبةُ : الأَقارِبُ من جهة الأَب لأَنهم يُعَصِّبونه و يَعْتَصِبُ بهم أَي يُحِيطُون به ويَشْتَدُّ بهم . وفي الحديث : ليس مِنَّا من دَعا إِلى عَصَبِيَّةٍ أَو قاتَلَ عَصَبِيَّةً . العَصَبِيَّةُ و التَّعَصُّبُ : المُحاماةُ والمُدافعةُ : و تَعَصَّبْنا له ومعه : نَصَرناه . و عَصَبةُ الرَّجُل : قومُه الذين يَتَعَصَّبون له كأَنه على حَذْفِ الزائِد . و عَصَبُ القوم : خِيارُهم . و عَصَبُوا به : اجْتَمَعُوا حَوْلَه قال ساعدة : ولكنْ رأَيتُ القومَ قد عَصَبوا به فلا شَكَّ أَنْ قد كان ثَمَّ لَحِيمُ و اعْصَوصَبُوا : اسْتَجمعوا فإِذا تَجَمَّعُوا على فريقٍ آخرَ قيل : تَعَصَّبُوا . و اعْصَوصبُوا : اسْتَجْمَعُوا وصاروا عِصابةً وعَصائِبَ . وكذلك إِذا جَدُّوا في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَتِ الإِبلُ و أَعْصَبَتْ : جَدَّتْ في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَتْ و عَصَبَتْ و عَصِبَتْ : اجتمعتْ . وفي الحديث : أَنه كان في مَسِيرٍ فَرَفَعَ صَوْتَه فلما سمعوا صَوْتَه اعْصَوْصَبُوا أَي اجْتَمَعُوا وصاروا عِصابةً واحِدةً وجَدُّوا في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَ الشَّرُّ : اشْتَدَّ كأَنه من الأَمْرِ العَصِيبِ وهو الشديدُ . ويقال للرجل الذي سَوَّدَه قَوْمُه : قد عَصَّبُوه فهو مُعَصَّبٌ وقد تَعَصَّبَ ومنه قول المُخَبَّلِ في الزِّبْرِقانِ : رَأَيْتُك هَرَّيْتَ العِمامةَ بعدَما أَراكَ زَماناً حاسِراً لم تَعَصَّبِ وهو مأْخوذٌ من العِصابة وهي العمامة . وكانت التِّيجانُ للملوك والعمائمُ الحُمْرُ للسادة من العرب قال الأَزهري : وكان يُحْمل إِلى البادية من هَراةَ عمائم حُمْرٌ يَلْبَسُها أَشرافُهم . ورجل مُعَصَّبٌ ومُعَمَّم أَي مُسَوَّدٌ قال عمرو بن كلثوم : وسَيِّدِ مَعْشَرٍ قد عَصَّبُوه بتاجِ المُلْكِ يَحْمي المُحْجَرينا فجعل المَلِكَ مُعَصَّباً أَيضاً لأَنَّ التاج أَحاطَ برأْسه كالعِصابة التي عَصَبَتْ برأْسِ لابسها . ويقال : اعتَصَبَ التاجُ على رأْسه إِذا اسْتَكَفَّ به ومنه قول قَيْس الرُّقَيَّاتِ : يَعْتَصِبُ التَّاجُ فَوْقَ مَفْرِقه على جَبينٍ كأَنه الذَّهَبُ وفي الحديث : أَنه شَكا إِلى سَعْدِ بنِ عُبادة عَبْدَ الله بنَ أُبَيَ فقال : اعْفُ عنه يا رسول الله فقد كان اصْطَلَحَ أَهلُ هذه البُحَيرة على أَن يُعَصِّبُوه بالعِصابة فلما جاءَ الله بالإِسلام شَرِقَ لذلك . يُعَصِّبُوه أَي يُسَوِّدُوه ويُمَلِّكُوه وكانوا يسمون السيدَ المُطاعَ : مُعَصَّباً لأَنه يُعَصَّبُ بالتاج أَو تُعَصَّبُ به أُمورُ الناس أَي تُرَدُّ إِليه وتُدارُ به . والعمائم تِيجانُ العرب وتسمى العصائبَ واحِدتها عِصابَةٌ . و اعْصَوْصَبَ اليومُ والشَّرُّ : اشْتَدَّ وتَجَمَّع . وفي التنزيل : { هذا يومٌ عَصِيبٌ } . قال الفراءُ : يوم عَصِيبٌ و عَصَبْصَبٌ : شديد وقيل : هو الشديد الحرِّ وليلة عَصِيبٌ كذلك . ولم يقولوا : عَصَبْصَبة . قال كراع : هو مشتق من قولك : عَصَبْتُ الشيءَ إِذا شَدَدْتَه وليس ذلك بمعروف أَنشد ثعلب في صفة إِبل سُقِيَتْ : يا رُبَّ يومٍ لك من أَيامِها عَصَبْصَبِ الشَّمْسِ إِلى ظَلامِها وقال الأَزهري : هو مأْخوذ من قولك : عَصَبَ القومَ أَمْرٌ يَعْصِبُهم عَصْباً إِذا ضَمَّهم واشْتَدَّ عليهم قال ابن أَحمر : يا قومِ ما قَومي على نَأْيِهِم إِذْ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرْ وقوله : ما قَومي على نأْيِهِم تَعَجُّبٌ مِنْ كَرَمهم . وقال : نِعْمَ القومُ هُمْ في المَجاعة إِذ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرٌّ أَي أَطافَ بهم وشَمِلَهم بَرْدُها . وقال أَبو العَلاءِ : يومٌ عَصَبْصَبٌ باردٌ ذو سَحابٍ كثير لا يَظْهَرَ فيه من السماءِ شيءٌ . و عَصَبَ الفَمُ يَعْصِبُ عَصْباً و عُصُوباً : اتَّسَخَت أَسنانُه من غُبار أَو شِدَّةِ عَطَشٍ أَو خَوْفٍ وقيل : يَبِسَ رِيقُه . وفُوه عاصبٌ و عَصَبَ الريقُ بِفيه بالفتح يعْصِبُ عَصْباً و عَصِبَ : جَفَّ ويَبِس عليه قال ابن أَحمر : يُصَلِّي على مَنْ ماتَ مِنَّا عَرِيفُنا ويَقْرَأُ حتى يَعْصِبَ الرِّيقُ بالفَمِ ورجل عاصِبٌ : عَصَبَ الريقُ بفيه قال أَشْرَسُ بن بَشَّامة الحَنْظَلِيُّ : وإِنْ لَقِحَتْ أَيْدِي الخُصوم وجَدْتَني نَصُوراً إِذا ما اسْتَيْبَسَ الرِّيقَ عاصِبُه لَقِحَتْ : ارتفعت شَبَّه الأَيْدِيَ بأَذنابِ اللَّواقِحِ من الإِبل . و عَصَبَ الريقُّ فاه يَعْصِبُه عَصْباً : أَيْبَسَه قال أَبو محمد الفَقْعَسِيُّ : يَعْصِبُ فاه الريقُ أَيَّ عَصْبِ عَصْبَ الجُبابِ بشِفاهِ الوَطْبِ الجُبابُ : شِبْه الزُّبْدِ في أَلبانِ الإِبل . وفي حديث بَدْرٍ : لما فَرَغَ منها أَتاه جبريلُ وقد عَصَبَ رأْسه الغُبارُ أَي رَكِبه وعَلِقَ به مِنْ عَصَبَ الريقُ فاه إِذا لَصِقَ به . ورَوى بعضُ المُحَدِّثين : أَن جبريل جاءَ يوم بَدْرٍ على فرس أُنْثَى وقد عَصَم بثَنيَّتيه الغُبارُ . فإِن لم يكن غلطاً من المُحَدِّثِ فهي لغة في عَصَب والباءُ والميم يتعاقبان في حروف كثيرة لقرْب مخرجيهما . يقال : ضَرْبةُ لازِبٍ ولازمٍ وسَبَّدَ رأْسه وسَمَّدَه . و عَصَبَ الماءَ : لَزِمه عن ابن الأَعرابي وأَنشد : وعَصَبَ الماءَ طِوالٌ كُبْدُ و عَصَبَتِ الإِبلُ بالماء إِذا دارَتْ به قال الفراءُ : عَصَبَتِ الإِبل و عَصِبَتْ بالكسر إِذا اجتمعت . و العَصْبة و العَصَبة و العُصْبة الأَخيرة عن أَبي حنيفة : كل ذلك شجرة تلتوي على الشَّجَرِ وتكون بينها ولها ورَقٌ ضَعِيف والجمع عَصْبٌ و عَصَبٌ قال : إِنَّ سُلَيْمَى عَلِقَتْ فُؤَادي تَنَشُّبَ العَصْب فُروعَ الوادي وقال مَرَّة : العَصْبةُ ما تَعَلَّقَ بالشجر فَرَقِيَ فيه و عَصَبَ به . قال : وسمعتُ بعضَ العرب يقول : العَصْبَةُ هي اللَّبْلابُ . وفي حديث الزبير بن العَوّام لما أَقْبَلَ نحو البَصْرة وسُئِل عن وَجْهِه قال : عَلِقْتُهم إِني خُلِقْتُ عُصْبَهْ قتادةً تَعَلَّقَتْ بنُشْبَه قال شمر : وبلغني أَن بعضَ العرب قال : غَلَبْتُهم إِني خُلِقْتُ عُصْبه قتادةً مَلْويَّةً بنُشْبه قال : و العُصْبة نَبات يَلْتَوي على الشجر وهو اللَّبْلابُ . والنُّشْبةُ من الرجال : الذي إِذا عَلِقَ بشيءٍ لم يَكَدْ يُفارِقه . ويقال للرجل الشديد المِراسِ : قَتادةٌ لُوِيَتْ بعُصْبةٍ . والمعنى : خُلِقْتُ عُلْقةً لخُصومي فوضع العُصْبة موضع العُلْقة ثم شَبَّه نَفْسَه في فَرْطِ تَعَلُّقِه وتَشَبُّثِه بهم بالقَتادة إِذا اسْتَظْهَرَتْ في تَعَلُّقها واسْتَمْسَكَتْ بنُشْبةٍ أَي شيءٍ شديد النُّشُوبِ والباءُ التي في قوله بنُشْبةٍ للاستعانة كالتي في كتبت بالقلم وأَما قول كُثَيِّرٍ : بادِيَ الرَّبْعِ والمعارِفِ منها غَيْرَ رَسْمٍ كعُصْبةِ الأَغْيالِ فقد رُوِيَ عن ابن الجَرَّاح أَنه قال : العُصْبةُ هَنَة تَلْتَفُّ على القَتادَةِ لا تُنزَع عنها إِلاَّ بعد جَهْدٍ وأَنشد : تَلَبَّسَ حُبُّها بِدَمِي ولحمي تَلَبُّسَ عُصْبةٍ بفُروعِ ضالِ و عَصَبَ الغبارُ بالجَبل وغيره : أَطافَ . و العَصَّابُ : الغَزَّالُ قال رُؤْبة : طَيَّ القَسامِيِّ بُرودَ العَصَّابْ القَسامِيُّ : الذي يَطْوِي الثيابَ في أَوَّلِ طَيِّها حتى يَكْسِرها على طَيِّها . و عَصَبَ الشيءَ : قَبَضَ عليه . و العِصابُ : القَبْضُ أَنشد ابن الأَعرابي : وكنَّا يا قُرَيشُ إِذا عَصَبْنَا تَجِيءُ عِصابُنا بدَمٍ عَبِيطِ عِصابُنا : قَبْضُنا على من يُغادِي بالسُّيُوف . و العَصْبُ في عَرُوض الوافر : إِسكانُ لامِ مُفاعَلتن ورَدُّ الجُزْءِ بذلك إِلى مَفاعيلن . وإِنما سمي عَصْباً لأَنه عُصِبَ أَن يَتَحَرَّكَ أَي قُبِضَ . وفي حديث عليَ كرَّم الله وجهَه : فِرُّوا إِلى الله وقُوموا بما عَصَبَه بكم أَي بما افترَضَه عليكم وقَرَنَه بكم من أَوامره ونواهيه . وفي حديث المهاجرين إِلى المدينة : فنزلوا العُصْبَة موضع بالمدينة عند قُباء وضَبَطَهُ بعضُهم بفتح العين والصاد
عصلب
العَصْلَبُ ( 1 )
( 1 قوله « العصلب إلخ » ضبط بضم العين واللام وبفتحهما بالأصول كالتهذيب والمحكم والصحاح وصرح به المجد ) والعَصْلَبيُّ والعُصْلُوبُ كُلُّه الشديدُ الخَلْق العظيمُ زاد الجوهري مِنَ الرجال وأَنشد قد حَسَّها الليلُ بعَصْلَبيِّ أَرْوَعَ خَرَّاج من الدَّوِّيِّ مُهاجِرٍ ليس بأَعْرابيِّ والذي ورد في خطبة الحجاج قد لَفَّها الليلُ بعَصْلَبيِّ والضمير في لَفَّها للإِبل أَي جَمَعها الليلُ بسائِقٍ شديدٍ فضربه مثلاً لنفسه ورعيته الليث العَصْلَبيُّ الشديد الباقي على المشي والعمل قال وعَصْلَبَتُهُ شِدَّةُ غَضَبه ورجل عُصْلُبٌ مُضْطرب [ ص 609 ]

عضب
العَضْبُ القطع عَضَبَه يَعْضِبُه عَضْباً قَطَعه وتدعو العربُ على الرجل فتقول ما له عَضَبَه اللّهُ ؟ يَدْعونَ عليه بقَطْعِ يده ورجله والعَضْبُ السيفُ القاطع وسَيْفٌ عَضْبٌ قاطع وُصِف بالمصدر ولسانٌ عَضْبٌ ذَلِيقٌ مَثَلٌ بذلك وعَضَبَه بلسانه تَناوَلَه وشَتمه ورجل عَضَّابٌ شَتَّام وعَضُبَ لسانُه بالضم عُضُوبة صار عَضْباً أَي حَديداً في الكلام ويُقال إِنه لَمَعْضُوب اللسانِ إِذا كان مَقْطُوعاً عَيِيِّاً فَدْماً وفي مَثَل إِنَّ الحاجةَ ليَعْضِبُها طَلَبُها قَبْلَ وقْتِها يقول يَقْطَعُها ويُفْسدها ويقال إِنك لتَعْضِبُني عن حاجتي أَي تَقْطَعُني عنها والعَضَبُ في الرُّمْحِ الكسرُ ويُقال عَضَبْتُه بالرُّمْحِ أَيضاً وهو أَن تَشْغَلَه عنه وقال غيره عَضَبَ عليه أَي رجع عليه وفلان يُعاضِبُ فلاناً أَي يُرادُّه وناقة عَضْباءُ مَشْقُوقة الأُذُن وكذلك الشاة وجَملٌ أَعْضَبُ كذلك والعَضْباءُ من آذانِ الخَيْل التي يُجاوز القَطْعُ رُبْعَها وشاة عَضْباءُ مكسورة القَرْن والذَّكر أَعْضَبُ وفي الصحاح العَضْباءُ الشاةُ المكسورةُ القَرْنِ الداخلِ وهو المُشاشُ ويقال هي التي انكسر أَحدُ قَرْنيها وقد عَضِبَتْ بالكسر عَضَباً وأَعْضَبَها هو وعَضَبَ القَرْنَ فانْعَضَبَ قَطَعه فانْقَطَعَ وقيل العَضَبُ يكون في أَحد القَرْنَينِ وكَبْشٌ أَعْضَبُ بَيِّنُ العَضَبِ قال الأَخطل
إِنَّ السُّيُوفَ غُدُوَّها ورَوَاحَها ... تَرَكَتْ هَوَازنَ مثلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ
ويُقال عَضِبَ قَرْنُه عَضَباً وفي الحديث عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بالأَعْضَبِ القَرْنِ والأُذُنِ قال أَبو عبيد الأَعْضَبُ المكسورُ القَرْنِ الداخلِ قال وقد يكون العَضَبُ في الأُذن أَيضاً فأَما المعروف ففي القَرْن وهو فيه أَكثر والأَعْضَبُ من الرجال الذي ليس له أَخٌ ولا أَحَدٌ وقيل الأَعْضَبُ الذي مات أَخوه وقيل الأَعْضَبُ من الرجال الذي لا ناصِرَ له والمَعضوبُ الضعِيفُ تقول منه عَضَبَه وقال الشافعي في المناسك وإِذا كان الرجل مَعْضُوباً لا يَسْتَمْسِكُ على الراحلة فَحَجَّ عنه رجلٌ في تلك الحالة فإِنه يُجْزِئه قال الأَزهري والمَعْضُوب في كلام العرب المَخْبُولُ الزَّمِنُ الذي لا حَرَاكَ به يقال عَضَبَتْهُ الزَّمانةُ تَعْضِبُه عَضْباً إِذا أَقْعَدَتْه عن الحَرَكة وأَزمَنَتْه وقال أَبو الهيثم العَضَبُ الشَّللُ والعَرَجُ والخَبَلُ ويقال لا يَعْضِبُكَ اللّهُ ولا يَعْضِبُ اللّهُ فلاناً أَي لا يَخْبِلُه اللّه والعَضْبُ أَن يكون البيتُ من الوافر أَخْرَمَ والأَعْضَب الجُزءُ الذي لَحِقَه العَضَبُ فينقل مفاعلتن إِلى مفتعلن ومنه قولُ الحُطَيْئَة
إِن نَزَلَ الشتاءُ بدار قَومٍ ... تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشتاءُ
والعَضْباءُ اسم ناقة النبي صلى اللّه عليه وسلم اسم لها عَلَمٌ وليس من العَضَب الذي هو الشَّقُّ في الأُذُن إِنما هو اسم لها سميت به وقال الجوهري هو لقبها قال ابن الأَثير لم تكن مَشْقُوقَة الأُذُن قال وقال بعضهم إِنها كانت مشقوقةَ الأُذُن والأَولُ أَكثر وقال الزمخشري هو منقول من قولهم ناقة عَضْباءُ وهي القصيرةُ اليَد ابن الأَعرابي يقال للغلام الحادِّ الرأْس الخَفيفِ [ ص 610 ] الجسم عَضْبٌ ونَدْبٌ وشَطْبٌ وشَهْبٌ وعَصْبٌ وعَكْبٌ وسَكْبٌ الأَصمعي يقال لولد البقرة إِذا طَلَعَ قَرنُه وذلك بعدما يأْتي عليه حَولٌ عَضْبٌ وذلك قَبْلَ إِجْذاعِه وقال الطائفيُّ إِذا قُبِضَ على قَرنه فهو عَضْبٌ والأُنثى عَضْبةٌ ثم جَذَعٌ ثم ثَنيٌّ ثم رَباعٌ ثم سَدَسٌ ثم التَّمَمُ والتَّمَمَةُ فإِذا اسْتَجْمَعَتْ أَسنانُه فهو عَمَمٌ

عطب
العَطَبُ الهلاك يكون في الناس وغيرهم عَطِبَ بالكسر عَطَباً وأَعْطَبه أَهْلَكه والمَعاطِبُ المَهالِكُ واحدُها مَعْطَبٌ وعَطِبَ الفَرَسُ والبعيرُ انْكَسَرَ أَو قامَ على صاحِبه وأَعْطَبْته أَنا إِذا أَهلكته وفي الحديث ذِكْرُ عَطَبِ الهَدْيِ وهو هَلاكُه وقد يُعَبَّر به عن آفةٍ تَعتَريه تمنعه عن السير فيُنْحَرُ واستعمل أَبو عبيد العَطَبَ في الزَّرْع فقال فنَرَى أَنَّ نَهْيَ النبي صلى اللّه عليه وسلم عن المُزارعة إِنما كان لهذه الشروط لأَنها مجهولة لا يُدْرَى أَتَسْلَم أَم تَعْطَبُ والعَوْطَبُ الداهيةُ والعَوْطَبُ لُجَّةُ البَحْرِ قال الأَصمعي هما من العَطَب وقال ابن الأَعرابي العَوْطَبُ أَعْمَقُ موضع في البحر وقال في موضع آخر العَوْطَبُ المُطْمَئِنُّ بين المَوجَتَيْن والعُطُبُ والعُطْبُ القُطْنُ مثل عُسُرٍ وعُسْر واحِدتُهُ عُطْبة وفي التهذيب العَطْبُ لِينُ القُطْن ( 1 )
( 1 قوله « العطب لين إلخ » أي بفتح فسكون بضبط المجد والصاغاني والتهذيب وأما القطن نفسه فهو العطب بضم أوله وسكون ثانيه وفتحه كما ضبطوه ) والصُّوفِ وفي حديث طاووسٍ أَو عِكْرمة ليس في العُطْب زكاة هو القطْن قال الشاعر
كأَنه في ذُرَى عَمائِمهم ... مُوَضَّعٌ من مَنادِفِ العُطُب
والعُطْبة قطعة منه ويقال عَطَبَ يَعْطُبُ عَطْباً وعُطُوباً لان وهذا الكَبْشُ أَعْطَبُ من هذا أَي أَلْيَنُ وعَطَّبَ الكَرمُ بَدَتْ زَمَعاتُه والعُطْبة خِرقة تؤْخَذُ بها النارُ قال الكميت
ناراً من الحَرب لا بالمَرْخِ ثَقَّبَها ... قَدْحُ الأَكُفِّ ولم تُنْفَخْ بها العُطَبُ
ويقال أَجد ريح عُطْبةٍ أَي قُطْنةٍ أَو خِرقَةٍ مُحتَرِقةٍ والتَّعْطِيبُ علاجُ الشَّراب لتطِيبَ ريحُه يقال عَطَّبَ الشَّرَابَ تَعْطِيباً وأَنشد بيت لبيد
إِذا أَرْسَلَت كفُّ الوليدِ عِصَامَهُ ... يَمُجُّ سُلافاً من رَحِيقٍ مُعَطَّبِ
ورواه غيره من رحِيق مُقَطَّبِ قال الأَزهري وهو المَمْزوجُ ولا أَدري ما المُعَطَّب

عظب
عَظَبَ الطّائِرُ يَعْظِبُ عَظْباً حَرَّكَ زِمِكَّاهُ بِسُرْعَة وحَظَبَ على العَمل وعَظَبَ ( 2 )
( 2 قوله « وحظب على العمل وعظب إلخ » العظب بمعنى الصبر على الشيء من بابي ضرب ونصر وما قبله من باب ضرب فقط وبمعنى سمن من باب فرح كما ضبطوه كذلك وصرح به المجد ) يَعْظِبُ عَظْباً وعُظُوباً لَزِمَهُ وصَبَر عليه وعَظَّبَه عليه مَرَّنَه وصَبَّره وعَظَبَتْ يَدُه إِذا غَلُظَتْ على العمل وعَظَبَ جِلْدُه إِذا يَبِسَ وإِنه لَحَسَنُ العُظُوبِ على المُصِيبة إِذا نزلتْ به يعني أَنه حَسَنُ التَّصبُّر جميلُ العَزاء وقال مُبْتكرٌ الأَعرابي عَظَبَ [ ص 611 ] فلانٌ على ماله وهو عاظِبٌ إِذا كان قائماً عليه وقد حَسُنَ عُظُوبُه عليه والمُعَظِّبُ والمُعَظَّبُ المُعَوّدُ للرِّعْيَةِ والقيامِ على الإِبل الملازمُ لعمله القَوِيُّ عليه وقيل اللازم لكل صَنْعة ابن الأَعرابي والعَظُوبُ السَّمِينُ يقال عَظِبَ يَعْظَبُ عَظَباً إِذا سَمِن وفي النوادر كُنْتُ العام عَظِباً وعاظِباً وعَذِباً وشَطِفاً وصَامِلاً وشَذِياً وشَذِباً وهو كُلُّه نُزُولُهُ الفَلاةَ ومَواضِعَ اليَبِيس والعُنْظَبُ والعُنْظُبُ والعُنْظابُ والعِنْظابُ الكسر عن اللحياني والعُنظُوبُ والعُنْظُباء كُلُّه الجَرَادُ الضَّخْمُ وقيل هو ذَكَرُ الجراد الأَصْفَر وفتح الظاء في العُنْظَب لغة والأُنثى عُنْظُوبة والجمع عَناظِبُ قال الشاعر
غَدا كالعَمَلَّسِ في خافَةٍ ... رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعُنْجُدِ
العَملَّسُ الذئبُ والخَافَةُ خريطةٌ من أَدَمٍ والعُنْجُدُ الزَّبيبُ وقال اللحياني هو ذكر الجَرادِ الأَصْفَرِ قال أَبو حنيفة العُنْظُبانُ ذَكَر الجَراد
وعُنْظُبة موضع قال لبيد
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بسَفْحِ الشُّرْبُبَهْ ... من قُلَلِ الشِّحْرِ فَذاتِ العُنْظُبهْ
جَرَّتْ عَلَيها إِذ خَوَتْ من أَهْلِها ... أَذْيالَها كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ
العَصُوفُ الريح العاصفة والحَصِبَةُ ذات الحَصْباءِ

عقب
عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه وعُقْباهُ وعُقْبانُه آخِرُه قال خالدُ ابن زُهَيْر الهُذلي
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخافةً ... فتِلْكَ الجوازِي عُقْبُها ونُصُورُها
يقول جَزَيْتُكَ بما فَعَلْتَ بابن عُوَيْمر والجمعُ العَواقِبُ والعُقُبُ والعُقْبانُ والعُقْبَى كالعاقبةِ والعُقْبِ وفي التنزيل ولا يَخافُ عُقْباها قال ثعلب معناه لا يَخافُ اللّهُ عز وجل عاقِبةَ ما عَمِلَ أَن يَرجعَ عليه في العاقبةِ كما نَخافُ نحنُ والعُقْبُ والعُقُبُ العاقبةُ مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ ومِنْه قوله تعالى هو خَيْرٌ ثواباً وخَيْرٌ عُقْباً أَي عاقِبةً وأَعْقَبه بطاعته أَي جازاه والعُقْبَى جَزاءُ الأَمْر وقالوا العُقبى لك في الخَيْر أَي العاقبةُ وجمع العَقِبِ والعَقْبِ أَعقابٌ لا يُكَسَّر على غير ذلك الأَزهري وعَقِبُ القَدَم وعَقْبُها مؤَخَّرُها مؤنثة مِنْه وثلاثُ أَعْقُبٍ وتجمع على أَعْقاب وفي الحديث أَنه بَعَثَ أُمَّ سُلَيْم لتَنْظُرَ له امرأَةً فقال انْظُري إِلى عَقِبَيْها أَو عُرْقُوبَيها قيل لأَنه إِذا اسْوَدَّ عَقِباها اسودَّ سائرُ جَسَدها وفي الحديث نَهَى عن عَقِبِ الشيطانِ وفي رواية عُقْبةِ الشيطانِ في الصلاة وهو أَن يَضَعَ أَلْيَتَيْه على عَقِبَيْه بين السجدتين وهو الذي يجعله بعض الناس الإِقْعاءَ وقيل أَن يَترُكَ عَقِبَيْه غيرَ مَغْسُولَين في الوُضوءِ وجمعُها أَعْقابٌ وأَعْقُبٌ أَنشد ابن الأَعرابي فُرْقَ المَقاديمِ قِصارَ الأَعْقُبِ [ ص 612 ] وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا عليّ إِني أُحِبُّ لكَ ما أُحِبُّ لنَفْسي وأَكْرَه لك ما أَكره لنفسي لا تَقْرَأْ وأَنت راكعٌ ولا تُصَلِّ عاقِصاً شَعْرَك ولا تُقْعِ على عَقِبَيْك في الصلاة فإِنها عَقِبُ الشيطان ولا تَعْبَثْ بالحَصَى وأَنت في الصلاة ولا تَفْتَحْ على الإِمام وعَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً ضَرَب عَقِبَه وعُقِبَ عَقْباً شَكا عَقِبَه وفي الحديث وَيْلٌ للعَقِبِ من النار ووَيْلٌ للأَعْقابِ من النار وهذا يَدُلُّ على أَن المَسْحَ على القَدَمَيْن غيرُ جائز وأَنه لا بد من غَسْلِ الرِّجْلَيْن إِلى الكَعْبين لأَنه صلى اللّه عليه وسلم لا يُوعِدُ بالنار إِلا في تَرْكِ العَبْد ما فُرِضَ عليه وهو قَوْلُ أَكثرِ أَهلِ العلم قال ابن الأَثير وإِنما خَصَّ العَقِبَ بالعذاب لأَنه العُضْوُ الذي لم يُغْسَلْ وقيل أَراد صاحبَ العَقِب فحذف المضاف وإِنما قال ذلك لأَنهم كانوا لا يَسْتَقْصُون غَسْلَ أَرجلهم في الوضوءِ وعَقِبُ النَّعْلِ مُؤَخَّرُها أُنْثى ووَطِئُوا عَقِبَ فلانٍ مَشَوْا في أَثَرِه وفي الحديث أَن نَعْلَه كانتْ مُعَقَّبةً مُخَصَّرةً مُلَسَّنةً المُعَقَّبةُ التي لها عَقِبٌ ووَلَّى على عَقِبِه وعَقِبَيه إِذا أَخَذَ في وجْهٍ ثم انثَنَى والتَّعْقِيبُ أَن يَنْصَرِفَ من أَمْرٍ أَراده وفي الحديث لا تَرُدَّهم على أَعْقابِهِم أَي إِلى حالتهم الأُولى من تَرْكِ الهِجْرَةِ وفي الحديث ما زالُوا مُرْتَدِّين على أَعقابهم أَي راجعين إِلى الكفر كأَنهم رجعوا إِلى ورائهم وجاءَ مُعَقِّباً أَي في آخرِ النهارِ وجِئْتُكَ في عَقِبِ الشهر وعَقْبِه وعلى عَقِبِه أَي لأَيامٍ بَقِيَتْ منه عشرةٍ أَو أَقَلَّ وجِئتُ في عُقْبِ الشهرِ وعلى عُقْبِه وعُقُبِه وعُقْبانِه أَي بعد مُضِيِّه كلِّه وحكى اللحياني جِئتُك عُقُبَ رمضانَ أَي آخِرَه وجِئْتُ فلاناً على عَقْبِ مَمَرِّه وعُقُبه وعَقِبِه وعَقْبِه وعُقْبانِه أَي بعد مُرورِه وفي حديث عمر أَنه سافر في عَقِب رمضانَ أَي في آخره وقد بَقِيَتْ منه بقية وقال اللحياني أَتَيْتُك على عُقُبِ ذاك وعُقْبِ ذاك وعَقِبِ ذاكَ وعَقْبِ ذاكَ وعُقْبانِ ذاك وجِئتُكَ عُقْبَ قُدُومِه أَي بعده وعَقَبَ فلانٌ على فلانة إِذا تزوّجها بعد زوجها الأَوَّل فهو عاقِبٌ لها أَي آخِرُ أَزواجها والمُعَقِّبُ الذي أُغِيرَ عليه فَحُرِب فأَغارَ على الذي كان أَغارَ عليه فاسْتَرَدَّ مالَه وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة فرس
يَمْلأُ عَيْنَيْكَ بالفِناءِ ويُرْ ... ضِيك عِقاباً إِنْ شِيتَ أَو نَزَقا
قال عِقَاباً يُعَقِّبُ عليه صاحبُه أَي يَغْزُو مرةً بعد أُخرى قال وقالوا عِقاباً أَي جَرْياً بعد جَرْيٍ وقال الأَزهري هو جمع عَقِبٍ وعَقَّبَ فلانٌ في الصلاة تَعْقيباً إِذا صَلَّى فأَقامَ في موضعه ينتظر صلاةً أُخرى وفي الحديث من عَقَّبَ في صلاةٍ فهو في الصلاة أَي أَقام في مُصَلاَّه بعدما يَفرُغُ من الصلاة ويقال صلَّى القَوْمُ وعَقَّبَ فلان وفي الحديث التَّعْقيبُ في المساجد انتظارُ الصلواتِ بعد الصلوات وحكى اللِّحْيانيُّ صلينا عُقُبَ الظُّهْر وصلينا أَعقابَ الفريضةِ تَطَوُّعاً أَي بعدها وعَقَبَ هذا هذا إِذا جاءَ بعده وقد بَقِيَ من الأَوَّل شيءٌ وقيل عَقَبَه إِذا جاءَ بعده وعَقَبَ [ ص 613 ] هذا هذا إِذا ذَهَبَ الأَوَّلُ كلُّه ولم يَبْقَ منه شيء وكلُّ شيءٍ جاءَ بعد شيء وخَلَفَه فهو عَقْبُه كماءِ الرَّكِيَّةِ وهُبوبِ الريح وطَيَرانِ القَطا وعَدْوِ الفَرس والعَقْبُ بالتسكين الجَرْيُ يجيء بعدَ الجَري الأَوَّل تقول لهذا الفرس عَقْبٌ حَسَن وفَرَسٌ ذُو عَقِب وعَقْبٍ أَي له جَرْيٌ بعد جَرْيٍ قال امْرُؤُ القَيْس
على العَقْبِ جَيَّاشٌ كأَنَّ اهتِزامَهُ ... إِذا جاشَ فيه حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَل ( 1 )
( 1 قوله « على العقب جياش إلخ » كذا أنشده كالتهذيب وهو في الديوان كذلك وأنشده في مادتي ذبل وهزم كالجوهري على الذبل والمادة في الموضعين محررة فلا مانع من روايته بهما )
وفرسٌ يَعْقوبٌ ذو عَقْبٍ وقد عَقَبَ يَعْقِبُ عَقْباً وفرس
مُعَقِّبٌ في عَدْوِه يَزْدادُ جودةً وعَقَبَ الشَّيْبُ يَعْقِبُ ويَعْقُبُ عُقُوباً وعَقَّبَ جاءَ بعد السَّوادِ ويُقال عَقَّبَ في الشَّيْبِ بأَخْلاقٍ حَسَنةٍ والعَقِبُ والعَقْبُ والعاقِبةُ ولَدُ الرجلِ ووَلَدُ ولَدِه الباقونَ بعده وذَهَبَ الأَخْفَشُ إِلى أَنها مؤنَّثة وقولهم ليستْ لفلانٍ عاقبةٌ أَي ليس له ولَد وقولُ العَرَبِ لا عَقِبَ له أَي لم يَبْقَ له وَلَدٌ ذَكَر وقوله تعالى وجَعَلَها كَلمةً باقِيَةً في عَقِبِه أَرادَ عَقِبَ إِبراهيم عليه السلام يعني لا يزال من ولده من يُوَحِّدُ اللّه والجمع أَعقاب وأَعْقَبَ الرجلُ إِذا ماتَ وتَرك عَقِباً أَي ولداً يقال كان له ثلاثةُ أَولادٍ فأَعْقَبَ منهم رَجُلانِ أَي تَرَكا عَقِباً ودَرَجَ واحدٌ وقول طُفَيْل الغَنَوِيِّ
كَريمةُ حُرِّ الوَجْهِ لم تَدْعُ هالِكاً ... من القَومِ هُلْكاً في غَدٍ غيرَ مُعْقِبِ
يعني أَنه إِذا هَلَكَ من قَوْمِها سَيِّدٌ جاءَ سَيِّدٌ فهي لم تَنْدُبْ سَيِّداً واحداً لا نظير له أَي إِنّ له نُظَراء من قومِه وذهب فلانٌ فأَعْقَبه ابنُه إِذا خَلَفه وهو مثْلُ عَقَبه وعَقَبَ مكانَ أَبيه يَعْقُب عَقْباً وعاقِبة وعَقَّبَ إِذا خَلَف وكذلك عَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً الأَوّل لازم والثاني مُتَعَدّ وكلُّ من خَلَف بعد شيء فهو عاقبةٌ وعاقِبٌ له قال وهو اسم جاءَ بمعنى المصدر كقوله تعالى ليس لوَقْعَتها كاذبةٌ وذَهَبَ فلانٌ فأَعْقَبَه ابنُه إِذا خَلَفه وهو مثلُ عَقَبه ويقال لولد الرجل عَقِبُه وعَقْبُه وكذلك آخرُ كلِّ شيء عَقْبُه وكل ما خَلَف شيئاً فقد عَقَبَه وعَقَّبه وعَقَبُوا من خَلْفِنا وعَقَّبُونا أَتَوا وعَقَبُونا من خَلْفِنا وعَقَّبُونا أَي نَزَلُوا بعدما ارتَحَلْنا وأَعْقَبَ هذا هذا إِذا ذَهَبَ الأولُ فلم يَبْقَ منه شيءٌ وصارَ الآخَرُ مكانَه والمُعْقِبُ نَجْمٌ يَعْقُب نَجْماً أَي يَطْلُع بعده وأَعْقَبَه نَدَماً وغَمّاً أَوْرَثَه إِياه قال أَبو ذُؤَيْب
أَودَى بَنِيَّ وأَعْقَبُوني حَسْرَةً ... بعدَ الرُّقادِ وعَبْرَةً ما تُقْلِعُ
ويقال فَعَلْتُ كذا فاعْتَقَبْتُ منه نَدامةً أَي وجَدْتُ في عاقِبَتِه ندامةً ويقال أَكَلَ أُكْلَةً فأَعْقَبَتْه سُقماً أَي أَورَثَتْه ويقال لَقِيتُ منه عُقْبةَ الضَّبُع كما يقال لَقيتُ منه اسْتَ الكَلْب أَي لقِيتُ منه الشِّدَّة وعاقَبَ بين الشَّيْئَيْنِ إِذا جاءَ بأَحَدهما مَرَّةً وبالآخَر أُخْرَى ويقال فلان عُقْبَةُ بني فلانٍ أَي آخِرُ من بَقيَ منهم ويقال للرجل إِذا كان مُنْقَطِعَ الكلام لو كان له [ ص 614 ] عَقْبٌ لَتَكلم أَي لو كان له جوابٌ والعاقِبُ الذي دُون السَّيِّدِ وقيل الذي يَخْلُفُه وفي الحديث قَدِمَ على النبي صلى اللّه عليه وسلم نَصارى نَجْرَانَ السَّيِّدُ والعاقِبُ فالعاقِبُ مَن يَخْلُفُ السَّيِّدَ بعده والعاقِبُ والعَقُوبُ الذي يَخْلُف من كان قبله في الخَيْرِ والعاقِبُ الآخر وقيل السَّيِّدُ والعاقبُ هُمَا مِنْ رُؤَسائِهم وأَصحاب مراتبهم والعاقبُ يتلو السيد وفي الحديث أَنا العاقِبُ أَي آخر الرسل وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لي خمسةُ أَسماء أَنا مُحَمَّدٌ وأَنا أَحمدُ والمَاحِي يَمْحُو اللّه بي الكُفْرَ والحاشِرُ أَحْشُر الناسَ على قَدَمِي والعاقِبُ قال أَبو عبيد العاقِبُ آخِرُ الأَنبياء وفي المحكم آخرُ الرُّسُل وفلانٌ يَسْتَقي على عَقِبِ آلِ فُلان أَي في إِثْرهم وقيل على عُقْبتهم أَي بَعْدَهم والعَاقِبُ والعَقُوب الذي يَخْلُف مَنْ كان قبله في الخَيْر والمُعَقِّبُ المُتَّبِعُ حَقّاً له يَسْتَرِدُّه وذهب فلانٌ وعَقَّبَ فلانٌ بعْدُ وأَعْقَب والمُعَقِّبُ الذي يَتْبَعُ عَقِبَ الإِنسانِ في حَقٍّ قال لبيدٌ يصفُ حماراً وأَتانَهُ
حتَّى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ وهاجَهُ ... طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ
وهذا البيتُ استشهد به الجوهري على قوله عَقَّبَ في الأَمْر إِذا تَرَدَّد في طلبه مُجِدّاً وأَنشده وقال رفع المظلوم وهو نعتٌ للمُعَقِّبِ على المعنى والمُعَقِّبُ خَفْضٌ في اللفظ ومعناه أَنه فاعل ويقال أَيضاً المُعَقِّبُ الغَريمُ المُماطل عَقَّبَني حَقِّي أَي مَطَلَني فيكون المظلومُ فاعلاً والمُعَقِّبُ مفعولاً وعَقَّبَ عليه كَرَّ ورَجَع وفي التنزيل وَلَّى مُدْبراً ولم يُعَقِّبْ وأَعْقَبَ عن الشيءِ رَجَعَ وأَعْقَبَ الرجلُ رَجَعَ إِلى خَيْر وقولُ الحرث بن بَدْر كنتُ مَرَّةً نُشْبه وأَنا اليومَ عُقْبه فسره ابن الأَعرابي فقال معناه كنتُ مَرَّةً إِذا نَشِبْتُ أَو عَلِقْتُ بإِنسان لَقِيَ مني شَرّاً فقد أَعْقَبْتُ اليومَ ورَجَعْتُ أَي أَعْقَبْتُ منه ضَعْفاً وقالوا العُقْبَى إِلى اللّه أَي المَرْجِعُ والعَقْبُ الرُّجُوع قال ذو الرمة
كأَنَّ صِياحَ الكُدْرِ يَنْظُرْنَ عَقْبَنا ... تَراطُنَ أَنْباطٍ عليه طَغَامُ
معناه يَنْتَظِرْنَ صَدَرَنا ليَرِدْنَ بَعْدَنا والمُعَقِّبُ المُنْتَظِرُ والمُعَقِّبُ الذي يغْزُو غَزوةً بعد غَزْوةٍ ويَسير سَيْراً بعدَ سيرٍ ولا يُقِيمُ في أَهله بعد القُفُولِ وعَقَّبَ بصلاةٍ بعدَ صلاةٍ وغَزاةٍ بعد غزاةٍ وَالى وفي الحديث وإِنَّ كلَّ غازيةٍ غَزَتْ يَعْقُبُ بعضُها بعضاً أَي يكونُ الغَزوُ بينهم نُوَباً فإِذا خَرَجَتْ طائفةٌ ثم عادت لم تُكَلَّفْ أَن تَعودَ ثانيةً حتى تَعْقُبَها أُخْرى غيرُها ومنه حديث عمر أَنه كان يُعَقِّبُ الجيوشَ في كل عام وفي الحديث ما كانتْ صلاةُ الخَوْفِ إِلا سَجْدَتَيْن إِلا أَنها كانت عُقَباً أَي تُصَلي طائفةٌ بعد طائفة فهم يَتَعاقبُونَها تَعاقُبَ الغُزاةِ ويقال للذي يغْزو غَزْواً بعدَ غَزْوٍ وللذي يتقاضَى الدَّيْنَ فيعودُ إِلى غريمه في تقاضيه مُعَقِّبٌ وأَنشد بيت لبيد طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ والمُعَقِّبُ الذي يَكُرُّ على الشيءِ ولا يَكُرُّ أَحدٌ على ما أَحكمَه اللّهُ وهو قول سلامة بن جَنْدل [ ص 615 ] إِذا لم يُصِبْ في أَوَّلِ الغَزْوِ عَقَّبا أَي غَزا غَزوةً أُخْرى وعَقَّبَ في النافِلَةِ بعدَ الفَريضَةِ كذلك وفي حديث أَبي هريرة كان هو وامرأَته وخادِمُه يَعْتَقِبونَ الليل أَثلاثاً أَي يَتَناوَبُونه في القيام إِلى الصلاة وفي حديث أَنس بن مالك أَنه سُئِلَ عن التَّعْقِيبِ في رَمَضانَ فأَمَرَهم أَن يُصَلُّوا في البُيوت وفي التهذيب فقال إِنهم لا يَرْجِعُون إِلا لخير يَرْجُونَه أَو شَرٍّ يَخافُونَه قال ابن الأَثير التَّعْقِيبُ هو أَن تَعْمَلَ عَمَلاً ثم تَعُودَ فيه وأَراد به ههنا صلاةَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه النافلة بعد التراويح فكَرِهَ أَن يُصَلُّوا في المسجد وأَحَبَّ أَن يكون ذلك في البيوت وحكى الأَزهري عن إِسحق بن راهويه إِذا صَلَّى الإِمامُ في شهر رمضان بالناس تَرْويحةً أَو تَرويحتين ثم قام الإِمام من آخر الليل فأَرسل إِلى قوم فاجْتمعوا فصَلى بهم بعدما ناموا فإِن ذلك جائز إِذا أَراد به قيامَ ما أُمِرَ أَن يُصَلى من التَّرويح وأَقلُّ ذلك خَمْسُ تَرويحات وأَهلُ العراق عليه قال فاما أَن يكون إِمام صلى بهم أَوَّلَ الليل الترويحات ثمَّ رَجَعَ آخِرَ الليل ليُصليَ بهم جماعةً فإِن ذلك مكروه لما روي عن أَنس وسعيد بن جبير من كراهيتهما التَّعْقِيبَ وكان أَنس يأْمُرُهم أَن يُصَلُّوا في بُيوتهم وقال شمر التَّعْقِيبُ أَن يَعْمَلَ عَمَلاً من صلاة أَو غيرها ثم يعود فيه من يومه يقال عَقَّبَ بصلاة بعد صلاة وغزوة بعد غزوة قال وسمعت ابن الأَعرابي يقول هو الذي يفعلُ الشيءَ ثم يَعُود إِليه ثانيةً يقال صَلى من الليل ثم عَقَّبَ أَي عاد في تلك الصلاة وفي حديث عمر أَنه كان يُعَقِّبُ الجُيوشَ في كل عام قال شمر معناه أَنه يَرُدُّ قوماً ويَبْعَثُ آخرين يُعاقِبُونَهم يقال عُقِّبَ الغازيةُ بأَمثالهم وأُعْقِبُوا إِذا وُجِّه مكانَهم غيرُهم والتَّعْقِيبُ أَن يَغْزُوَ الرجلُ ثم يُثَنِّي من سَنَته قال طفيل يصف الخيل
طِوالُ الهَوادي والمُتُونُ صَلِيبةٌ ... مَغاويرُ فيها للأَميرِ مُعَقَّبُ
والمُعَقَّبُ الرجلُ يُخْرَجُ ( 1 )
( 1 قوله « والمعقب الرجل يخرج إلخ » ضبط المعقب في التكملة كمعظم وضبط يخرج بالبناء للمجهول وتبعه المجد وضبط في التهذيب المعقب كمحدّث والرجل يخرج بالبناء للفاعل وكلا الضبطين وجيه ) من حانةِ الخَمَّار إِذا دَخَلَها مَن هو أَعْظَمُ منه قدراً ومنه قوله
وإِنْ تَبْغِني في حَلْقةِ القَوْمِ تَلْقَني ... وإِنْ تَلْتَمِسْني في الحَوانِيتِ تَصْطَدِ
أَي لا أَكونُ مُعَقَّباً وعَقَّبَ وأَعْقَبَ إِذا فَعَلَ هذا مرَّةً وهذا مَرَّةً والتَّعْقِيبُ في الصَّلاةِ الجلوسُ بعد أَن يَقْضِيَها لدُعاءٍ أَو مَسْأَلة وفي الحديث من عَقَّبَ في صلاة فهو في الصلاةِ وتَصَدَّقَ فلانٌ بصَدقةٍ ليس فيها تَعْقِيبٌ أَي استثناء وأَعْقَبَه الطائفُ إِذا كان الجُنُون يُعاوِدُه في أَوْقاتٍ قال امرؤُ القيس يصف فرساً
ويَخْضِدُ في الآريّ حَتى كأَنَّه ... به عُرَّةٌ أَو طائفٌ غيرُ مُعْقِبِ
وإِبلٌ مُعاقِبةٌ تَرْعَى مرةً في حَمْضٍ ومرةً في خُلَّةٍ وأَما التي تَشْرَبُ الماءَ ثم تَعُودُ إِلى المَعْطَنِ ثم تَعُودُ إِلى الماءِ فهي العواقِبُ عن ابن الأَعرابي وعَقَبَتِ الإِبلُ من مكانٍ إِلى مكانٍ تَعْقُبُ عَقْباً وأَعْقَبَتْ كلاهما تحوّلَتْ [ ص 616 ] منه إِليه تَرْعَى ابن الأَعرابي إِبلٌ عاقِبةٌ تَعْقُب في مَرْتَعٍ بعد الحَمْضِ ولا تكون عاقبةً إِلا في سنةٍ جَدْبة تأْكل الشَّجَر ثم الحَمْضَ قال ولا تكون عاقِبةً في العُشْبِ والتَّعاقُبُ الوِرْدُ مَرَّةً بعد مرة والمُعَقِّباتُ اللَّواتي يَقُمْنَ عند أَعْجازِ الإِبل المُعْتَرِكاتِ على الحَوْض فإِذا انصرفت ناقةٌ دخلت مكانَها أُخرى وهي الناظراتُ العُقَبِ والعُقَبُ نُوَبُ الوارِدَة تَرِدُ قِطْعةٌ فتَشْرَبُ فإِذا وَرَدَتْ قِطْعةٌ بعدها فشربت فذلك عُقْبَتُها وعُقْبَةُ الماشية في المَرْعَى أَن تَرْعَى الخُلَّةَ عُقْبةً ثم تُحَوَّل إِلى الحَمْضِ فالحَمْضُ عُقْبَتُها وكذلك إِذا حُوِّلَتْ من الحَمْض إِلى الخُلَّة فالخُلَّة عُقْبَتُها وهذا المعنى أَراد ذو الرمة بقوله يصف الظليم
أَلْهاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبَتُه ... من لائحِ المَرْوِ والمَرعى له عُقَبُ
وقد تقدّم والمِعْقَابُ المرأَة التي من عادتها أَن تَلِدَ ذكراً ثم أُنْثَى ونخلٌ مُعاقِبةٌ تَحْمِلُ عاماً وتُخْلِفُ آخر وعِقْبةُ القَمَرِ عَوْدَتُه بالكسر ويقال عَقْبةُ بالفتح وذلك إِذا غاب ثم طَلَع ابن الأَعرابي عُقْبَةُ القمر بالضم نَجْمٌ يُقارِنُ القَمَرَ في السَّنةِ مَرَّةً قال
لا تَطْعَمُ المِسْكَ والكافورَ لِمَّتُه ... ولا الذَّريرَةَ إِلا عُقْبةَ القَمَرِ
هو لبعض بني عامر يقول يَفْعَلُ ذلك في الحَوْلِ مَرَّةً ورواية اللحياني عِقْبَة بالكسر وهذا موضع نظر لأَن القمر يَقْطَعُ الفَلَك في كل شهر مرة وما أَعلم ما معنى قوله يُقارن القمر في كل سنة مرة وفي الصحاح يقال ما يَفْعَلُ ذلك إِلا عُقْبةَ القَمر إِذا كان يفعله في كل شهر مرةً والتَّعاقُبُ والاعْتِقابُ التَّداوُل والعَقِيبُ كلُّ شيءٍ أَعْقَبَ شيئاً وهما يَتَعاقَبانِ ويَعْتَقِبانِ أَي إِذا جاءَ هذا ذَهَب هذا وهما يَتَعاقَبانِ كلَّ الليل والنهار والليلُ والنهارُ يَتَعاقَبانِ وهما عَقيبان كلُّ واحدٍ منهما عَقِيبُ صاحبه وعَقِيبُك الذي يُعاقِبُك في العَمَل يَعْمَلُ مرَّةً وتَعْمَلُ أَنت مَرَّةً وفي حديث شُرَيْح أَنه أَبْطَلَ النَّفْحَ إِلا أَن تَضْرِبَ فتُعاقِبَ أَي أَبْطَلَ نَفْحَ الدابة برجلها وهو رَفْسُها كانَ لا يُلْزِمُ صاحِبَها شيئاً إِلا أَن تُتْبِعَ ذلك رَمْحاً وعَقَبَ الليلُ النهارَ جاءَ بعدَه وعاقَبه أَي جاءَ بعَقِبه فهو مُعاقِبٌ وعَقِيبٌ أَيضاً والتَّعْقِيبُ مثله وذَهَبَ فلانٌ وعَقَبَهُ فلانٌ بعدُ واعْتَقَبَه أَي خَلَفَه وهما يُعَقِّبانِه ويَعْتَقِبانِ عليه ويَتَعاقَبانِ يَتَعاونانِ عليه وقال أَبو عمرو النَّعامَةُ تَعْقُبُ في مَرْعًى بعد مَرْعًى فمرَّةً تأْكل الآءَ ومَرة التَّنُّوم وتَعْقُبُ بعد ذلك في حجارة المَرْوِ وهي عُقْبَته ولا يَغِثُّ عليها شيء من المَرْتَع وهذا معنى قول ذي الرمة
وعُقْبَتُه ... من لائِحِ المَرْوِ والمَرْعَى له عُقَبُ
وقد ذُكِرَ في صدر هذه الترجمة واعْتَقَبَ بخير وتَعَقَّبَ أَتى به مرَّةً بعد مرة وأَعْقَبه اللّهُ بإِحسانِه خَيْراً والاسم منه العُقْبَى [ ص 617 ] وهو شِبْهُ العِوَضِ واسْتَعْقَبَ منه خيراً أَو شَرّاً اعْتاضَه فأَعْقَبَه خَيْراً أَي عَوَّضَهُ وأَبدله وهو بمعنى قوله
ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِبْه بطاعَتِه ... كما أَطاعَكَ وادْلُلْهُ على الرَّشَدِ
وأَعْقَبَ الرجلُ إِعْقاباً إِذا رَجَع من شَرٍّ إِلى خير واسْتَعْقَبْتُ الرجلَ وتَعَقَّبْتُه إِذا طَلَبْتَ عورته وعَثْرَته وتقول أَخَذْتُ من أَسِيري عُقْبةً إِذا أَخَذْتَ منه بَدَلاً وفي الحديث سَأُعْطيكَ منها عُقْبَى أَي بَدَلاً عن الإِبقاءِ والإِطلاق وفي حديث الضيافة فإِن لم يَقْرُوه فله أَن يُعْقِبَهُم بمثْل قِراهُ أَي يأْخذ منهم عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه من القِرَى وهذا في المُضْطَرِّ الذي لا يَجِدُ طعاماً ويخاف على نفسه التَّلَفَ يقال عَقَبَهم وعَقَّبهم مُشَدَّداً ومخففاً وأَعْقَبَهم إِذا أَخذ منهم عُقْبَى وعُقْبةً وهو أَن يأْخذ منهم بدلاً عما فاته وتَعَقَّبَ من أَمره نَدِمَ وتقول فعلتُ كذا فاعْتَقَبْتُ منه ندامة أَي وجدْتُ في عاقبته ندامة وأَعْقَبَ الرجلَ كان عَقِيبَه وأَعْقَبَ الأَمْرَ إِعْقاباً وعُقْباناً ( 1 )
( 1 قوله « وعقباناً » ضبط في التهذيب بضم العين وكذا في نسختين صحيحتين من النهاية ويؤيده تصريح صاحب المختار بضم العين وسكون القاف وضمها اتباعاً فانظر من أين للشارح التصريح بالكسر ولم نجد له سلفاً وكثيراً ما يصرح بضبط تبعاً لشكل القلم في نسخ كثيرة التحريف كما اتضح لنا بالاستقراء وبالجملة فشرحه غير محرر ) وعُقْبَى حسَنةً أَو سيئة وفي الحديث ما مِنْ جَرْعةٍ أَحْمَدَ عُقْبَى مِن جَرْعَةِ غَيْظٍ مَكْظُومَةٍ وفي رواية أَحمد عُقْباناً أَي عاقبة وأُعْقِبَ عِزُّه ذُلاًّ أُبْدِلَ قال
كم من عزيزٍ أُعْقِبَ الذُّلَّ عِزُّه ... فأَصْبَحَ مَرْحُوماً وقد كان يُحْسَدُ
ويقال تَعَقَّبْتُ الخَبَرَ إِذا سأَلتَ غيرَ من كنتَ سأَلته أَوَّل مرة ويقال أَتَى فلانٌ إِليَّ خيراً فعَقَبَ بخير منه وأَنشد فَعَقَبْتُم بذُنُوبٍ غيرَ مَرّ ويقال رأَيتُ عاقبةً من طَيْر إِذا رأَيتَ طَيْراً يَعْقُبُ بعضُها بعضاً تَقَعُ هذه فتطير ثم تَقَعُ هذه مَوْقِعَ الأُولى وأَعْقَبَ طَيَّ البئر بحجارة من ورائها نَضَدَها وكلُّ طريق بعضُه خلف بعضٍ أَعْقابٌ كأَنها مَنْضُودة عَقْباً على عَقْبٍ قال الشماخ في وَصْفِ طرائقِ الشَّحْمِ على ظهر الناقة
إِذا دَعَتْ غَوْثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ ... أَعقابُ نَيٍّ على الأَثْباجِ مَنْضُودِ
والأَعْقابُ الخَزَفُ الذي يُدْخَلُ بين الآجُرِّ في طَيِّ البئر لكي يَشْتَدَّ قال كُراع لا واحد له وقال ابن الأَعرابي العُقابُ الخَزَفُ بين السافات وأَنشد في وصف بئر ذاتَ عُقابٍ هَرِشٍ وذاتَ جَمّ ويُروى وذاتَ حَمّ أَراد وذاتَ حَمْءٍ ثم اعْتَقَدَ إِلْقاءَ حركة الهمزة على ما قبلها فقال وذاتَ حَمّ وأَعقابُ الطَّيِّ دوائرُه إِلى مؤَخَّره وقد عَقَّبْنا الرَّكِيَّةَ أَي طوَيْناها بحَجَر من وراءِ حجر والعُقابُ حجر يَسْتَنْثِلُ على الطَّيِّ في البئر أَي يَفْضُل وعَقَبْتُ الرجلَ أَخذتُ من ماله مثلَ ما أَخَذَ [ ص 618 ] مني وأَنا أَعْقُب بضم القاف ويقال أَعْقَبَ عليه يَضْرِبُه وعَقَبَ الرَّجُلَ في أَهله بغاه بشَرٍّ وخَلَفَه وعَقَبَ في أَثر الرجل بما يكره يَعْقُبُ عَقْباً تناوله بما يكره ووقع فيه والعُقْبةُ قدرُ فَرسخين والعُقْبَةُ أَيضاً قَدْرُ ما تَسِيرُه والجمعُ عُقَبٌ قال خَوْداً ضِناكاً لا تَسِير العُقَبا أَي إِنها لا تَسير مع الرجال لأَنها لا تَحْتَملُ ذلك لنَعْمتها وتَرَفِها كقول ذي الرمة
فلم تَسْتَطِعْ مَيٌّ مُهاواتَنا السُّرَى ... ولا لَيْلَ عِيسٍ في البُرِينَ خَواضِعُ
والعُقْبةُ الدُّولةُ والعُقْبةُ النَّوْبةُ تقول تَمَّتْ عُقْبَتُكَ والعُقبة أَيضاً الإِبل يَرْعاها الرجلُ ويَسْقيها عُقْبَتَه أَي دُولَتَه كأَنَّ الإِبلَ سميت باسم الدُّولَة أَنشد ابن الأَعرابي
إِنَّ عليَّ عُقْبَةً أَقْضِيها ... لَسْتُ بناسِيها ولا مُنْسِيها
أَي أَنا أَسُوقُ عُقْبَتِي وأُحْسِنُ رَعْيَها وقوله لستُ بناسِيها ولا مُنْسِيها يقول لستُ بتاركِها عَجْزاً ولا بِمُؤَخِّرِها فعلى هذا إِنما أَراد ولا مُنْسِئِها فأَبدل الهمزةَ ياء لإِقامة الرِّدْفِ والعُقْبةُ الموضع الذي يُرْكَبُ فيه وتَعاقَبَ المُسافرانِ على الدابة رَكِبَ كلُّ واحد منهما عُقْبةً وفي الحديث فكان الناضِحُ يَعْتَقِبُه مِنَّا الخَمْسةُ أَي يَتَعاقَبُونه في الرُّكوبِ واحداً بعدَ واحدٍ يُقال جاءَتْ عُقْبةُ فلانٍ أَي جاءَتْ نَوْبَتُه ووقتُ رُكوبه وفي الحديث مَنْ مَشى عن دابته عُقْبةً فله كذا أَي شَوْطاً ويُقال عاقَبْتُ الرجلَ مِن العُقْبة إِذا راوَحْتَه في عَمل فكانت لك عُقْبةٌ وله عُقْبةٌ وكذلك أَعْقَبْتُه ويقول الرجل لزَمِيله أَعْقِبْ وعاقِبْ أَي انْزِلْ حتى أَرْكَبَ عُقْبتِي وكذلك كلُّ عَمل ولما تَحَوَّلَتِ الخِلافةُ إِلى الهاشميين عن بني أُمَيَّة قال سُدَيْفٌ شاعرُ بني العباسِ أَعْقِبِي آلَ هاشِمٍ يا مَيَّا يقول انْزِلي عن الخِلافةِ حتى يَرْكَبَها بَنُو هاشم فتكون لهم العُقْبةُ عليكم واعْتَقَبْتُ فلاناً من الرُّكُوبِ أَي نَزَلْتُ فرَكِبَ وأَعْقَبْتُ الرجلَ وعاقَبْتُه في الراحلة إِذا رَكِبَ عُقْبةً ورَكِبْتَ عُقْبةً مثلُ المُعاقَبةِ والمُعاقَبةُ في الزِّحافِ أَن تَحْذِفَ حَرْفاً لثَباتِ حَرْفٍ كأَنْ تَحْذِفَ الياء من مفاعيلن وتُبْقي النونَ أَو تَحْذِفَ النون وتُبْقي الياء وهو يقع في جملة شُطُورٍ من شطور العَروض والعرب تُعْقِبُ بين الفاء والثاء وتُعاقِبُ مثل جَدَثٍ وجَدَفٍ وعاقَبَ رَاوَحَ بين رِجْليْه
وعُقْبةُ الطائر مسافةُ ما بين ارتفاعه وانْحطاطِه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
وعَرُوبٍ غَيْر فاحشةٍ ... قد مَلَكْتُ وُدَّها حِقَبا
ثم آلتْ لا تُكَلِّمُنا ... كلُّ حَيٍّ مُعْقَبٌ عُقَبا
معنى قوله مُعْقَبٌ أَي يصير إِلى غير حالته التي كانَ عليها وقِدْحٌ مُعَقَّبٌ وهو المُعادُ في الرِّبابة مَرَّةً بعد مَرَّة تَيمُّناً بفَوْزِه وأَنشد بمَثْنى الأَيادِي والمَنيحِ المُعَقَّبِ [ ص 619 ] وجَزُورٌ سَحُوفُ المُعَقَّب إِذا كان سميناً وأَنشد بجَلْمَة عَلْيانٍ سَحُوفِ المُعَقَّبِ وتَعَقَّبَ الخَبَر تَتَبَّعَه ويقال تَعَقَّبْتُ الأَمْرَ إِذا َدَبَّرْته والتَّعَقُّبُ التَّدَبُّرُ والنظرُ ثانيةً قال طُفَيْل الغَنَوِيّ
فلَنْ يَجدَ الأَقْوامُ فينا مَسَبَّةً ... إِذا اسْتَدْبَرَتْ أَيامُنا بالتَّعَقُّب
يقول إِذا تَعَقَّبوا أَيامَنا لم يَجِدُوا فينا مَسَبَّة ويقال لم أَجد عن قولك مُتَعَقَّباً أَي رُجوعاً أَنظر فيه أَي لم أُرَخِّصْ لنفسي التَّعَقُّبَ فيه لأَنْظُرَ آتِيه أَم أَدَعُه وفي الأَمر مُعَقَّبٌ أَي تَعَقُّبٌ قال طُفَيْل
مَغَاويرُ من آلِ الوَجِيهِ ولاحقٍ ... عَناجيجُ فيها للأَريبِ مُعَقَّبُ
وقوله لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه أَي لا رادَّ لقضائِه وقوله تعالى وَلَّى مُدْبِراً ولم يُعَقِّبْ أَي لم يَعْطِفْ ولم يَنْتَظِرْ وقيل لم يمكُثْ وهو من كلام العرب وقال قتادة لم يَلْتَفِتْ وقال مجاهد لم يَرْجِعْ قال شمر وكُلُّ راجع مُعَقِّبٌ وقال الطرماح وإِنْ تَوَنَّى التَّالِياتُ عَقَّبا
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه أَي رَجَعَ واعْتَقَبَ الرجلَ خيراً أَو شرّاً بما صَنَع كافأَه به والعِقابُ والمُعاقَبة أَن تَجْزي الرجلَ بما فَعل سُوءًا والاسمُ العُقُوبة وعاقَبه بذنبه مُعاقَبة وعِقَاباً أَخَذَه به وتَعَقَّبْتُ الرجلَ إِذا أَخَذْتَه بذَنْبٍ كان منه وتَعَقَّبْتُ عن الخبر إِذا شَكَكْتَ فيه وعُدْتَ للسُّؤَال عنه قال
طُفَيل
تَأَوَّبَنِي هَمٌّ مع الليلِ مُنْصِبُ ... وجاءَ من الأَخْبارِ ما لا أُكَذِّبُ
تَتابَعْنَ حتى لم تَكُنْ لِيَ ريبةٌ ... ولم يَكُ عمَّا خَبَّرُوا مُتَعَقَّبُ
وتَعَقَّبَ فلانٌ رَأْيَه إِذا وَجَد عَاقِبَتَه إِلى خَيْر وقوله تعالى وإِنْ فاتكم شيءٌ من أَزواجكم إِلى الكفار فعَاقَبْتُم هكذا قرأَها مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَع وفَسَّرَها فَغَنِمْتم وقرأَها حُمَيْد فعَقَّبْتُم بالتشديد قال الفراء وهي بمعنى عَاقَبْتُم قال وهي كقولك تَصَعَّرَ وتَصَاعَرَ وتَضَعَّفَ وتَضَاعَفَ في ماضي فَعَلْتُ وفاعَلْتُ وقُرِئَ فعَقَبْتُم خفيفةً وقال أَبو إِسحق النحوي من قرأَ فَعاقَبْتُم فمعناه أَصَبْتُموهم في القتال بالعُقُوبة حتى غَنِمْتم ومن قرأَ فَعَقَبْتم فمعناه فَغَنمتم وعَقَّبْتُم أَجودُها في اللغة وعَقَبْتُم جَيِّدٌ أَيضاً أَي صارَتْ لكم عُقْبَى إِلا أَن التشديد أَبلغ وقال طرفة فَعَقَبْتُمْ بِذُنُوبٍ غَيْرَ مَرّ قال والمعنى أَن من مَضَت امرأَتُه منكم إِلى مَنْ لا عَهْدَ بينكم وبينه أَو إِلى مَنْ بينكم وبينه عهدٌ فنَكَثَ في إِعْطاءِ المَهْرِ فغَلَبْتُمْ عليه فالذي ذهبت امرأَتُه يُعْطَى من الغنيمة المَهْرَ مِن غير أَن يُنْقَصَ من حَقِّهِ في الغنائم شيءٌ يُعْطَى حَقَّه كَمَلاً بعد إِخْراج مُهورِ النساء والعَقْبُ والمُعاقِبُ المُدْرِكُ بالثَّأْر وفي التنزيل العزيز وإِنْ عاقَبْتُم فَعاقِبُوا بمثل ما عُوقِبْتُم به وأَنشد ابن الأَعرابي
ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً ... جَزاءَ العُطاسِ لا يَمُوتُ المُعاقِبُ
أَي لا يَمُوتُ ذِكْرُ ذلك المُعاقِبِ بعد موته [ ص 620 ] وقوله جَزَاءَ العُطاسِ أَي عَجَّلْنا إِدْراكَ الثَّأْرِ قَدْرَ ما بين التشميت والعُطاسِ وعن الأَصمعي العَقْبُ العِقَابُ وأَنشد لَيْنٌ لأَهْلِ الحَقِّ ذُو عَقْبٍ ذَكَرْ ويُقال إِنه لَعَالِم بعُقْمَى الكلام وعُقْبَى الكلام وهو غامضُ الكلام الذي لا يعرفه الناس وهو مثل النوادر وأَعْقَبه على ما صَنَع جازاه وأَعْقَبه بطاعته أَي جازاه والعُقْبَى جَزاءُ الأَمر وعُقْبُ كُلِّ شيء وعُقْباه وعُقْبانُه وعاقِبَتُه خاتِمتُه والعُقْبى المَرْجِعُ وعَقَبَ الرجلُ يَعْقُبُ عَقْباً طَلب مالاً أَو غيره ابن الأَعرابي المِعْقَبُ الخِمار وأَنشد كمِعْقَبِ الرَّيْط إِذْ نَشَّرْتَ هُدَّابَهْ قال وسُمِّيَ الخِمار مِعْقَباً لأَنه يَعْقُبُ المُلاءة يكون خَلَفاً مِنْها والمِعْقَبُ القُرْطُ والمِعْقَبُ السائِقُ الحاذِقُ بالسَّوْق والمِعْقَب بعير العُقَبِ والمِعْقَبُ الذي يُرَشَّحُ للخِلافة بعد الإِمام والمُعْقِبُ النَّجْمُ ( 1 )
( 1 قوله « والمعقب النجم إلخ » ضبط في المحكم كمنبر وضبط في القاموس كالصحاح بالشكل كمحسن اسم فاعل )
الذي يَطْلعُ فيَرْكَبُ بطُلُوعه الزَّميلُ المُعاقِبُ ومنه قول الراجز كأَنها بَيْنَ السُّجُوفِ مِعْقَبُ أَو شادِنٌ ذو بَهْجَةٍ مُرَبِّبُ أَبو عبيدة المِعْقَبُ نجْمٌ يَتَعاقَبُ به الزَّميلانِ في السفر إِذا غابَ نجمٌ وطَلَعَ آخَر رَكِبَ الذي كان يمشي وعُقْبَةُ القِدْرِ ما الْتَزَقَ بأَسْفَلِها من تابلٍ وغيره والعُقْبة مَرقَة تُرَدُّ في القِدْرِ المستعارة بضم العين وأَعْقَبَ الرجُلَ رَدَّ إِليه ذلك قال الكُمَيْت
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ ولم يكنْ ... لعُقْبةِ قِدْرِ المُستَعِيرين مُعْقِبُ
وكان الفراء يُجيزها بالكسر بمعنى البَقِيَّة ومن قال عُقْبة بالضم جعله من الاعْتِقاب وقد جعلها الأَصمعي والبصريون بضم العين وقَرارَةُ القِدْرِ عُقْبَتُها والمُعَقِّباتُ الحَفَظةُ من قوله عز وجل له مُعَقِّباتٌ ( 2 )
( 2 قوله « له معقبات إلخ » قال في المحكم أي للإنسان معقبات أي ملائكة يعتقبون يأتي بعضهم بعقب بعض يحفظونه من أمر اللّه أي مما أمرهم اللّه به كما تقول يحفظونه عن أمر اللّه وبأمر اللّه لا أنهم يقدرون أن يدفعوا عنه أمر اللّه )
من بين يديه ومن خَلْفِه يَحْفَظونه والمُعَقِّبات ملائكةُ الليل والنهار لأَنهم يَتَعاقبون وإِنما أُنِّثَتْ لكثرة ذلك منها نحو نَسّابة وعَلاَّمةٍ وهو ذَكَرٌ وقرأ بعض الأَعراب له مَعاقِيبُ قال الفراء المُعَقِّباتُ الملائكةُ ملائكةُ الليلِ تُعَقِّبُ ملائكةَ النهار وملائكةُ النهار تُعَقِّبُ ملائكةَ الليل قال الأَزهري جعل الفراءُ عَقَّبَ بمعنى عاقَبَ كما يقال عاقَدَ وعَقَّدَ وضاعَفَ وضَعَّفَ فكأَنَّ ملائكة النهارِ تحفظ العباد فإِذا جاءَ الليل جاءَ معه ملائكة الليل وصَعِدَ ملائكةُ النهار فإِذا أَقبل النهار عاد من صَعِدَ وصَعِدَ ملائكةُ الليل كأَنهم جَعَلُوا حِفْظَهم عُقَباً أَي نُوَباً وكلُّ من عَمِلَ عَمَلاً ثم عاد إِليه فقد عَقَّبَ وملائكةٌ مُعَقِّبَةٌ ومُعَقِّباتٌ جمعُ الجمع وقول النبي صلى اللّه عليه وسلم مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائلُهُنَّ وهو أَن يُسَبِّحَ في دُبر صلاته ثلاثاً وثلاثين تسبيحةً ويَحْمَده ثلاثاً وثلاثين تحميدةً ويكبره أَربعاً وثلاثين تكبيرة سُمِّيَتْ مُعَقِّباتٍ لأَنها [ ص 621 ] عادَتْ مرةً بعد مرة أَو لأَنها تُقال عَقِيبَ الصلاة وقال شمر أَراد بقوله مُعَقِّباتٌ تَسْبِيحات تَخْلُفُ بأْعْقابِ الناسِ قال والمُعَقِّبُ من كل شيءٍ ما خَلَفَ بِعَقِبِ ما قبله وأَنشد ابن الأَعرابي للنمر ابن تَوْلَبٍ
ولَسْتُ بشَيْخٍ قد تَوَجَّهَ دالفٍ ... ولكنْ فَتًى من صالحِ القوم عَقَّبا
يقول عُمِّرَ بعدَهم وبَقي والعَقَبة واحدة عَقَباتِ الجبال والعَقَبةُ طريقٌ في الجَبَلِ وَعْرٌ والجمع عَقَبٌ وعِقابٌ والعَقَبَة الجبَل الطويلُ يَعْرِضُ للطريق فيأْخُذُ فيه وهو طَويلٌ صَعْبٌ شديدٌ وإِن كانت خُرِمَتْ بعد أَن تَسْنَدَ وتَطُولَ في السماءِ في صُعود وهُبوط أَطْوَلُ من النَّقْبِ وأَصْعَبُ مُرْتَقًى وقد يكونُ طُولُهما واحداً سَنَدُ النَّقْبِ فيه شيءٌ من اسْلِنْقاء وسَنَدُ العَقَبة مُسْتَوٍ كهيئة الجِدار قال الأَزهري وجمع العَقَبَةِ عِقابٌ وعَقَباتٌ ويقال من أَين كانتْ عَقِبُكَ أَي من أَين أَقْبَلْتَ ؟ والعُقابُ طائر من العِتاقِ مؤنثةٌ وقيل العُقابُ يَقَع على الذكر والأُنثى إِلا أَن يقولوا هذا عُقابٌ ذكَر والجمع أَعْقُبٌ وأَعْقِبةٌ عن كُراع وعِقْبانٌ وعَقابينُ جمعُ الجمع قال عَقابينُ يومَ الدَّجْنِ تَعْلُو وتَسْفُلُ وقيل جمع العُقاب أَعْقُبٌ لأَنها مؤنثة وأَفْعُلٌ بناء يختص به جمعُ الإِناث مثل عَناقٍ وأَعْنُقٍ وذراع وأَذْرُعٍ وعُقابٌ عَقَنْباةٌ ذكره ابن سيده في الرباعي وقال ابن الأَعرابي عِتاقُ الطير العِقْبانُ وسِباعُ الطير التي تصيد والذي لم يَصِدْ الخَشاشُ وقال أَبو حنيفة من العِقبان عِقبانٌ تسمى عِقبانَ الجِرْذانِ ليست بسُودٍ ولكنها كُهْبٌ ولا يُنْتَفَعُ بريشها إِلاَّ أَن يَرْتاشَ به الصبيانُ الجمامِيحَ والعُقابُ الراية والعُقابُ الحَرْبُ عن كراع والعُقابُ عَلَم ضَخْمٌ وفي الحديث أَنه كان اسم رايته عليه السلام العُقابَ وهي العَلَمُ الضَّخْمُ والعرب تسمي الناقةَ السوداءَ عُقاباً على التشبيه والعُقابُ الذي يُعْقَدُ للوُلاة شُبِّهَ بالعُقابِ الطائر وهي مؤنثة أَيضاً قال أَبو ذؤيب
ولا الراحُ راحُ الشامِ جاءَتْ سَبِيئَةً ... لها غايةٌ تَهْدِي الكرامَ عُقابُها
عُقابُها غايَتُها وحَسُنَ تكرارُه لاختلاف اللفظين وجَمْعُها عِقْبانٌ والعُقابُ فرس مِرْداس بن جَعْوَنَةَ والعُقابُ صَخْرة ناتئةٌ ناشِزَةٌ في البئر تَخْرِقُ الدِّلاءَ وربما كانت من قِبَلِ الطَّيِّ وذلك أَن تَزُولَ الصَّخْرَةُ عن موضعها وربما قام عليها المُسْتَقي أُنثى والجمع كالجَمْعِ وقد عَقَّبها تَعْقِيباً سَوّاها والرجُل الذي يَنْزِلُ في البئر فيَرْفَعُها يقال له المُعَقِّبُ ابن الأَعرابي القَبِيلَة صَخْرَةٌ على رأْس البئر والعُقابانِ من جَنَبَتَيْها يَعْضُدانِها وقيل العُقابُ صخرة ناتئة في عُرْضِ جَبل شِبْهُ مِرْقاة وقيل العُقابُ مَرْقًى في عُرْضِ الجَبَل والعُقابانِ خَشَبتان يَشْبَحُ الرجلُ بينهما الجِلْدَ والعُقاب خَيْطٌ صغيرٌ يُدْخَلُ في خُرْتَيْ حَلْقَةِ القُرْطِ يُشَدُّ به وعَقَبَ القُرْطَ شَدَّه بعَقَبٍ خَشْيةَ أَن يَزِيغَ قال سَيّارٌ الأَبانِيُّ [ ص 622 ]
كأَنَّ خَوْقَ قُرْطِها المَعْقوبِ ... على دَباةٍ أَو على يَعْسُوبِ
جَعلَ قُرْطَها كأَنه على دَباة لقِصَرِ عُنُقِ الدَّباة فوصَفَها بالوَقصِ والخَوْقُ الحَلْقَةُ واليَعْسوبُ ذكر النحل والدَّباةُ واحدةُ الدَّبى نَوْعٌ من الجَراد قال الأَزهري العُقابُ الخيطُ الذي يَشُدُّ طَرَفَيْ حَلْقَةِ القُرْط والمِعْقَبُ القُرْطُ عن ثعلب واليَعْقُوبُ الذَّكَرُ من الحَجَل والقَطَا وهو مصروف لأَنه عربيّ لم يُغَيَّرْ وإِن كان مَزيداً في أَوَّله فليس على وزن الفعل قال الشاعر عالٍ يُقَصِّرُ دونه اليَعْقُوبُ والجمع اليعاقيبُ قال ابن بري هذا البيت ذكره الجوهري على أَنه شاهد على اليَعْقُوبِ لذَكَر الحَجَل والظَّاهر في اليَعْقُوبِ هذا أَنه ذَكَر العُقاب مِثْل اليَرْخُوم ذَكَرِ الرَّخَم واليَحْبُورِ ذَكَرِ الحُبارَى لأَن الحَجَلَ لا يُعْرَفُ لها مِثلُ هذا العُلُوِّ في الطَّيران ويشهد بصحة هذا القول قول الفرزدق
يوماً تَرَكْنَ لإِبْراهِيمَ عافِيَةً ... من النُّسُورِ عليهِ واليَعاقيب
فذكر اجْتماعَ الطير على هذا القَتِيل من النُّسور واليَعاقيب ومعلوم أَن الحَجَلَ لا يأْكل القَتْلى وقال اللحياني اليَعْقُوبُ ذَكَرُ القَبْجِ قال ابن سيده فلا أَدْرِي ما عَنى بالقَبْجِ أَلحَجَلَ أَم القَطا أَم الكِرْوانَ والأَعْرَفُ أَن القَبْجَ الحَجَلُ وقيل اليَعاقِيبُ من الخَيل سميت بذلك تشبيهاً بيَعاقِيبِ الحَجَل لسُرْعتها قال سلامة بن جَنْدَل
وَلَّى حَثِيثاً وهذا الشَّيْبُ يَتْبَعُه ... لو كان يُدْرِكُه رَكْضُ اليعاقِيبِ ( 1 )
( 1 قوله « يتبعه » كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يطلبه وجوّز في ركض الرفع والنصب )
قيل يعني اليَعاقِيبَ من الخَيْل وقيل ذكور الحجَل
والاعْتِقابُ الحَبْسُ والمَنْعُ والتَّناوُبُ واعتَقَبَ الشيءَ حَبَسه عنده واعْتَقَبَ البائِعُ السِّلْعَة أَي حَبَسها عن المُشتري حتى يقبضَ الثمن ومنه قول إِبراهيم النَّخَعِيّ المُعْتَقِبُ ضامِنٌ لما اعْتَقَبَ الاعْتِقابُ الحَبس والمنعُ يريد أَنَّ البائع إِذا باع شيئاً ثم منعه المشتريَ حتى يَتْلَفَ عند البائع فقد ضَمِنَ وعبارة الأَزهري حتى تَلِفَ عند البائِع هَلكَ من ماله وضمانُه منه وعن ابن شميل يقال باعني فلانٌ سِلْعَةً وعليه تَعْقِبةٌ إِن كانت فيها وقد أَدْرَكَتْني في تلك السِّلْعة تَعْقِبَةٌ ويقال ما عَقَّبَ فيها فعليك في مالك أَي ما أَدركني فيها من دَرَكٍ فعليك ضمانُه وقوله عليه السلام لَيُّ الواجِد يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وعِرْضَه عُقُوبَتُه حَبْسُه وعِرْضُه شِكايتُه حكاه ابن الأَعرابي وفسره بما ذكرناه واعْتَقَبْتُ الرجُلَ حَبَسْتُه وعِقْبَةُ السَّرْو والجَمالِ والكَرَمِ وعُقْبَتُه وعُقْبُه كلُّه أَثَرهُ وهيئتُه وقال اللحياني أَي سِيماهُ وعلامته قال والكَسْرُ أَجْوَدُ ويُقال على فلان عِقْبةُ السَّرْوِ والجَمال بالكسر إِذا كان عليه أَثَرُ ذلك والعِقْبَةُ الوَشْيُ كالعِقْمةِ وزعم يَعْقُوبُ أَن الباءَ بدل من الميم وقال اللحياني العِقْبة ضَرْبٌ من ثِياب الهَوْدَجِ مُوَشًّى [ ص 623 ] ويُقال عَقْبة وعَقْمَة بالفتح والعَقَبُ العَصَبُ الذي تُعْمَلُ منه الأَوتار الواحدة عَقَبَةٌ وفي الحديث أَنه مضغ عَقَباً وهو صائم قال ابن الأَثير هو بفتح القاف العَصَبُ والعَقَبُ من كل شيءٍ عَصَبُ المَتْنَيْنِ والسّاقين والوَظِيفَين يَخْتَلِطُ باللحم يُمْشَقُ منه مَشْقاً ويُهَذَّبُ ويُنَقَّى من اللحم ويُسَوَّى منه الوَتَر واحدته عَقَبةٌ وقد يكون في جَنْبَيِ البعير والعَصَبُ العِلْباءُ الغليظ ولا خير فيه والفرق بين العَقَبِ والعَصَبِ أَن العَصَبَ يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَة والعَقَب يَضْرِبُ إِلى البياض وهو أَصْلَبُها وأَمْتَنُها وأَما العَقَبُ مُؤَخَّرُ القَدَم فهو من العَصَب لا من العَقَب وقال أَبو حنيفة قال أَبو زياد العَقَبُ عَقَبُ المَتْنَيْنِ من الشاةِ والبَعيرِ والناقة والبقرة وعَقَبَ الشيءَ يَعْقِبه ويَعْقُبه عَقْباً وعَقَّبَه شَدَّه بعَقَبٍ وعَقَبَ الخَوْقَ وهو حَلْقَةُ القُرْطِ يَعْقُبُه عَقْباً خافَ أَن يَزيغَ فَشَدَّه بعَقَبٍ وقد تقدَّم أَنه من العُقاب وعَقَبَ السَّهْمَ والقِدْحَ والقَوْسَ عَقْباً إِذا لَوَى شيئاً من العَقَبِ عليه قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ
وأَسْمَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... به عَلَمانِ من عَقَبٍ وضَرْسِ
( يتبع )

( ( ) تابع 3 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه قال ابن بري صوابُ هذا البيت وأَصْفَرَ من قِداحِ النَّبْعِ لأَنَّ سهام المَيْسِرِ تُوصَفُ بالصُّفرة كقول طرفة
وأَصفَرَ مَضبُوحٍ نَظَرْتُ حُوارَه ... على النار واستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ
وعَقَبَ قِدْحَه يَعقُبه عَقْباً انكَسرَ فَشَدَّه بعَقَبٍ وكذلك كلُّ ما انكَسَر فشُدَّ بعَقَبٍ وعَقَبَ فلانٌ يَعقُبُ عَقْباً إِذا طَلَب مالاً أَو شيئاً غيره وعَقِبَ النَّبْتُ يَعقَبُ عَقَباً دَقَّ عُودُه واصفَرَّ وَرقُه عن ابن الأَعرابي وعَقَّبَ العَرفَجُ إِذا اصفَرَّتْ ثمرته وحان يُبسه وكل شيء كانَ بعد شيء فقد عَقَبه وقال
عَقَبَ الرَّذاذُ خِلافَهُم فكأَنما ... بَسَطَ الشَّواطِبُ بينهنَّ حَصيرا
والعُقَيب مخفف الياء موضع وعَقِبٌ موضِعٌ أَيضاً وأَنشد أَبو حنيفة
حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُع ... في ذَنَبانٍ ويَبِيسٍ مُنْقَفِعْ
ومُعَقِّبٌ موضع قال
رَعَتْ بمُعَقِّب فالبُلْقِ نَبْتاً ... أَطارَ نَسِيلَها عنها فَطارا
والعُقَّيْبُ طائر لا يُستعمل إِلاّ مصغراً وكَفْرُتِعْقابٍ وكفرُعاقِبٍ موضعان ورجل عِقَّبانٌ غليظٌ عن كراع قال والجمع عِقْبانٌ قال ولست من هذا الحرف على ثِقَة ويَعْقُوب اسم إِسرائيل أَبي يوسف عليهما السلام لا ينصرف في المعرفة للعجمة والتعريف لأَنه غُيِّرَ عن جهته فوقع في كلام العرب غير معروفِ المذهب وسُمِّيَ يَعْقُوبُ بهذا الاسم لأَنه وُلِدَ مع عِيصَوْ في بطن واحد وُلِدَ عِيصَوْ قبله ويَعْقُوبُ متعلق بعَقِبه خَرَجا معاً فعِيصَوْ أَبو الرُّوم قال اللّه تعالى في قصة إِبراهيم وامرأَته عليهما السلام فَبَشَّرْناها بإِسْحقَ ومن وَرَاءِ إِسْحقَ يَعْقُوبَ قُرِئَ يعقوبُ بالرفع وقُرِئَ يعقوبَ بفتح الباءِ فَمَنْ رَفَع فالمعنى ومن وراءِ إِسحق يعقوبُ مُبَشَّر بِهِ وَمَن فتح يعقوب فإِن أَبا زيد والأَخفش زعما أَنه منصوب وهو في موضِعِ الخفضِ عطفاً على [ ص 624 ] قوله بإِسحق والمعنى بشرناها بإِسحق ومِنْ وراءِ إِسحق بيعقوب قال الأَزهري وهذا غير جائز عند حُذَّاق النحويين من البصريين والكوفيين وأَما أَبو العباس أَحمد بن يحيى فإِنه قال نُصِبَ يعقوبُ بإِضمار فِعْلٍ آخر كأَنه قال فبشرناها بإِسحقَ ووهبنا لها من وراءِ إِسحق يعقوبَ ويعقوبُ عنده في موضع النصب لا في موضع الخفض بالفعل المضمر وقال الزجاج عطف يعقوب على المعنى الذي في قوله فبشرناها كأَنه قال وهبنا لها إِسحق ومِن وراءِ إِسحق يعقوبَ أَي وهبناه لها أَيضاً قال الأَزهري وهكذا قال ابن الأَنباري وقول الفراءِ قريب منه وقول الأَخفش وأَبي زيد عندهم خطأ ونِيقُ العُقابِ موضع بين مكة والمدينة ونَجْدُ العُقابِ موضع بدِمَشْق قال الأَخطل
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ وياسَرَتْ ... بنا العِيسُ عن عَذْراءِ دارِ بني السَّحْبِ

عقرب
العَقْرَبُ واحدةُ العَقارِب من الهَوامِّ يكونُ للذكر والأُنثى بلفظ واحد والغالبُ عليه التأْنيث وقد يقال للأُنثى عَقْرَبة وعَقْرَباءُ ممدود غير مصروف والعُقْرُبانُ والعُقْرُبَّانُ الذَّكَرُ منها قال ابن جني لَكَ فيه أَمْران إِن شئتَ قلتَ إِنه لا اعْتِدادَ بالأَلف والنون فيه فيَبْقَى حينئذ كأَنه عُقْرُبٌّ بمنزلة قُسْقُبٍّ وقُسْحُبٍّ وطُرْطُبٍّ وإِن شئتَ ذهبتَ مَذْهَباً أَصْنَعَ من هذا وذلك أَنه قد جَرَتِ الأَلفُ والنونُ من حيثُ ذكرنا في كثير من كلامهم مُجْرَى ما ليس موجوداً على ما بَيَّنا وإِذا كان كذلك كانت الباءُ لذلك كأَنها حرفُ إِعراب وحرفُ الإِعراب قد يَلحقُه التثقيل في الوقف نحو هذا خالدّ وهو يَجْعَلّ ثم إِنه قد يُطْلَقُ ويُقَرُّ تثقيله عليه نحو الأَضْخَمّا وعَيْهَلّ فَكَأَنَّ عُقْرُباناً لذلك عُقْرُبٌ ثم لحقها التثقيل لتصَوُّرِ معنى الوقف عليها عند اعتقاد حذف الأَلف والنون من بعدها فصارت كأَنها عُقْرُبٌّ ثم لحقت الأَلف والنون فبقي على تثقيله كما بقي الأَضْخَمّا عند انطلاقه على تثقيله إِذْ أُجْرِيَ الوصلُ مُجْرَى الوقفِ فقيل عُقْرُبَّانٌ قال الأَزهري ذَكَرُ العَقارِبِ عُقْرُبانٌ مُخَفَّف الباء وأَرض مُعَقْرِبة بكسر الراءِ ذاتُ عَقارِبَ وكذلك مُثَعْلِبَةٌ ذاتُ ثَعالِبَ وكذلك مُضَفْدِعة ومُطَحْلِبة ومكانٌ مُعَقْرِبٌ بكسر الراء ذو عَقارِبَ وبعضهم يقول أَرضٌ مَعْقَرة كأَنه رَدَّ العَقْرَبَ إِلى ثلاثةِ أَحرف ثم بَنى عليه وعَيْشٌ ذو عَقارِبَ إِذا لم يكن سهلاً وقيل فيه شَرٌّ وخُشُونة قال الأَعْلم
حتى إِذا فَقَدَ الصَّبُو ... حَ يقولُ عيْشٌ ذو عَقارِبْ
والعَقارِبُ المِنَنُ على التشبيه قال النابغة
عليَّ لِعَمْرٍو نِعْمةٌ بعد نِعْمة ... لوالِدِه ليست بذاتِ عَقارِبِ
أَي هَنِيئة غيرُ ممْنُونةٍ والعُقْرُبَّانُ دُوَيبَّة تدخلُ الأُذُنَ وهي هذه الطويلة الصَّفْراء الكثيرة القوائم قال الأَزهري هو دَخَّالُ الأُذُنِ وفي الصحاح هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ وليس ذَنَبهُ كذَنَبِ العَقارِبِ قال إِياسُ بنُ الأَرَتِّ
كأَنَّ مَرْعَى أُمِّكُمْ إِذ غَدَتْ ... عَقْرَبةٌ يَكُومُها عُقْرُبان
ومَرْعَى اسم امِّهم ويُرْوى إِذ بَدَتْ رَوَى [ ص 625 ] ابن بري عن أَبي حاتم قال ليس العُقْرُبانُ ذَكَرَ العَقاربِ إِنما هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ وليس ذَنَبُه كذَنَبِ العَقارِبِ ويَكُومُها يَنكِحُها والعَقارِبُ النَّمائمُ ودَبَّتْ عَقارِبُه منه على المَثَل ويُقالُ للرجل الذي يَقترِضُ أَعراضَ الناسِ إِنه لتَدِبُّ عَقارِبُه قال ذو الإِصبَعِ العَدوانيُّ
تَسرِي عَقارِبه إِلَ ... يَّ ولا تَدِبُّ له عَقارِبْ
أراد ولا تَدِبُّ له مِني عَقَاربي وصُدْغٌ مُعَقْرَبٌ بفتح الراءِ أَي معطوف وشيءٌ مُعَقْرَبٌ مُعوَجٌّ وعَقَارِبُ الشِّتاءِ شدائدُه وأَفرده ابن بري في أَماليه فقال عَقرَبُ الشِّتاءِ صَوْلَتُه وشِدَّةُ بَرْدِهِ والعَقْرَبُ بُرْجٌ من بُرُوجِ السماءِ قال الأَزهري وله من المنازل الشَّوْلةُ والقَلْب والزُّبانى وفيه يقول ساجعُ العرب إِذا طَلَعت العَقرَب حَمِسَ المِذْنَب وقُرَّ الأَشْيَب وماتَ الجُنْدَب هكذا قاله الأَزهري في ترتيب المنازل وهذا عجيب والعَقرَبُ سَيرٌ مَضفُور في طَرَفِه إِبزيمٌ يُشَدُّ به ثَفَرُ الدابةِ في السَّرْجِ والعَقربة حديدة نحو الكُلاَّبِ تُعَلَّقُ بالسَّرْج والرَّحل وعَقرَبُ النَّعل سَيرٌ من سُيُوره وعَقرَبةُ النَّعلِ عَقدُ الشِّراكِ والمُعَقرَبُ الشديدُ الخَلْقِ المُجتَمِعُه وحِمار مُعَقْرَبُ الخَلْقِ مُلَزَّزٌ مُجتَمِع شديد قال العجاج عَرْدَ التراقي حَشْوَراً مُعَقرَبا
والعَقرَبة الأَمَة العاقِلةُ الخَدُومُ وعَقرَباءُ موضع
وعَقرَبُ بنُ أَبي عَقرَبٍ اسم رجل من تُجَّار المدينة مشهورٌ
بالمَطْلِ يُقال في المثل هو أَمْطَلُ من عَقرَبٍ وأَتجر من عَقربٍ حكى ذلك الزبيرُ بن بَكَّار وذكر أَنه عامَلَ الفَضْلَ بن عباس بن عُتْبة بن أَبي لَهَب وكان الفضلُ أَشَدَّ الناسِ اقتِضاءً وَذَكَر أَنه لَزِمَ بَيتَ عَقرَبٍ زماناً فلم يُعْطِهِ شيئاً فقال فيه
قد تَجِرَتْ في سُوقِنا عَقرَبٌ ... لا مَرْحَباً بالعَقْرَبِ التاجِرَهْ
كُلُّ عَدُوٍّ يُتَّقَى مُقْبِلا ... وعَقْرَبٌ يُخْشَى من الدَّابِرَه
إِنْ عادَتِ العَقْرَبُ عُدْنا لها ... وكانَتِ النَّعْلُ لها حاضِرَه
كُلُّ عَدُوٍّ كَيْدُه في اسْتِه ... فغَيْر مَخْشِيٍّ ولا ضائرَه

عقنب
عُقابٌ عَقَنْباةٌ وعَبَنْقاة وقَعَنْباة وبَعَنْقاة على القَلْبِ حديدةُ المَخالِبِ وفي التهذيب هي ذاتُ المَخالِبِ المُنْكَرةِ الخَبيثة قال الطِّرِمَّاحُ وقيل هو لجِرانِ العَوْدِ
عُقابٌ عَقَنْباةٌ كأَنَّ وَظِيفَها ... وخُرْطُومَها الأَعْلى بِنارٍ مُلَوَّحُ
وقيل هي السريعة الخَطْفِ المُنْكَرةُ وقال ابن الأَعرابي كلُّ ذلك على المبالغة كما قالوا أَسَدٌ أَسِدٌ وكَلْبٌ كَلِبٌ وقال الليث العَقَنْباةُ الداهِيةُ من العِقْبان وجَمْعُه عَقَنْبَيات

عكب
العَكَبُ تَداني أَصابِعِ الرِّجْلِ بعضِها إِلى بَعْضٍ والعَكَبُ غِلَظٌ في لَحْيِ الإِنسان وشَفته وأَمةٌ عَكْباءُ عِلْجةٌ جافِيةُ الخَلْقِ من آمٍ عُكُبٍ [ ص 626 ] وعَكَبَتِ الطيرُ تَعْكُبُ عُكُوباً عَكَفَتْ وعَكَبَتِ القِدْرُ تَعْكُبُ عُكُوباً إِذا ثارَ عُكَابُها وهو بُخارُها وشِدَّةُ غَلَيانِها وأَنشد
كأَنَّ مُغِيراتِ الجُيُوشِ التَقَتْ بها ... إِذا اسْتَحْمَشَتْ غَلْياً وفاضَتْ عُكُوبُها
والعُكَابُ الدُّخَانُ والعَكْبُ الغُبارُ ومِنْه قيل لِلأَمةِ عَكْباء والعَكُوبُ والعَكُّوبُ بالفتح الغُبار قال بِشْرُ بنُ أَبي خازِمٍ
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها ... على كُلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عَكُوبُها
والمَعْلُوبُ الطريقُ الذي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْهِ والعاكُوبُ لغة فيه عن الهَجَرِيِّ وأَنشد
وإِنْ جاءَ يوماً هاتِفٌ مُتَنَجِّدُ ... فَلِلْخَيْلِ عاكوبٌ من الضَّحْلِ سانِدُ
والعاكِبُ كالعَكُوب قال
جاءَتْ مَعَ الرَّكْبِ لها ظَباظبُ ... فَغَشِيَ الذَّادَة منها عاكِبُ
واعْتَكَبَ المكانُ ثار فيه العَكُوبُ والعاكِبُ من الإِبل الكثيرةُ وللإِبل عُكُوبٌ على الحَوْضِ أَي ازدحام واعْتَكَبَتِ الإِبل اجتمعت في موضع فأَثارَتْ الغُبار فيه قال
إِنّي إِذا بَلَّ النَّفِيُّ غارِبي ... واعْتَكَبَتْ أَغْنَيْتُ عنكَ جانِبي
والعاكِبُ الجمعُ الكثير والعُكُوبُ عُكُوفُ الطير المجتمعة وعُكُوبُ الوِرْدِ وعُكُوبُ الجماعَةِ وعَكَفَتِ الخيلُ عُكوفاً وعَكَبَتْ عُكُوباً بمعنًى واحد وطير عُكُوبٌ وعُكُوفٌ وأَنشد الليث لمُزاحم العُقَيْلِيّ
تَظَلُّ نُسُورٌ من شَمَامٍ عليهمُ ... عُكُوباً مع العِقْبانِ عِقْبانِ يَذْبُلِ
قال والباء لغة بني خَفَاجَة من بني عُقَيْل والبيتُ لمُزَاحِم العُقَيْلي ابن الأَعرابي غلام عَصْبٌ وعَضْبٌ بالصاد والضاد وَعَكْبٌ إِذا كانَ خَفيفاً نَشيطاً في عَمَله والعِكَابُ والعُكْبُ والأَعْكُبُ كله اسم لجمع العَنْكَبُوتِ وليس بجَمْع لأَن العَنْكَبُوتَ رباعِيٌّ والعِكَبُّ الذي لأُمِّه زَوْجٌ ورجلٌ عِكَبٌّ مثال هِجَفّ أَي قَصير ضَخْمٌ جافٍ وكذلك الأَعْكَبُ والعِكَبُّ العِجْليُّ شاعر وعِكَبٌّ وعُكَابة اسمانِ وعُكَابة أَبو حيّ من بَكْرٍ وهو عُكَابة بن صَعْب بن عَليِّ بن بَكْرِ بن وائل وأَما قول المنخَّل اليَشْكُرِيّ
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ ... ويَطْعُنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
فهو عِكَبٌّ اللَّخْمِيُّ صاحبُ سِجْنِ النُّعْمان بن المنذر والعَكْبُ الشِّدَّةُ في الشَّرِّ والشَّيْطَنَةُ ومنه قيل للمارد من الجِنِّ والإِنس عِكَبٌّ وَوَجَدْتُ في بعض نسخ الصحاح المقروءة
على عدَّة مشايخ حاشيةً بخط بعض المشايخ وعِكَبٌّ اسم إِبليس ( 1 )
( 1 قوله « وعكب اسم ابليس » قال شارح القاموس وهو قول ابن الأعرابي نقله القزاز في جامعه وأنشد
رأيتك أكذب الثقلين رأياً ... أبا عمرو وأعصى من عكب
فليت اللّه أبدلني بزيد ... ثلاثة أعنز أو جرو كلب
ومثله قال ابن القطاع في كتاب الأوزان وفي بعض الأمثال من يطع عكباً يمس مكباً قاله شيخنا )
[ ص 627 ]

عكدب
قال الأَزهري ( 1 )
( 1 قوله « عكدب قال الأزهري إلخ » إن كان مراده في التهذيب كما هو المتبادر فليس فيه إلا كعدبة بتقديم الكاف بهذا المعنى ولم يتعرض لها أحد بتقديم العين أصلاً كالمجد تبعاً للمحكم والتكملة التابعة للأزهري وإن تعرّض لها شارح القاموس فهو مقلد لما وقع في اللسان من غير سلف ) يقال لبيْت العَنْكَبُوتِ العُكْدُبة

عكشب
الأَزهري عَكْبَشَهُ وعَكْشَبه شَدَّه وَثاقاً

علب
عَلِبَ النباتُ عَلَباً فهو عَلِبٌ جَسَأَ وفي الصحاح عَلِبَ بالكسر واسْتَعْلَبَ البَقْلَ وجَدَه عَلِباً واسْتَعْلَبَتِ الماشيةُ البَقْلَ إِذا ذَوَى فأَجَمَتْهُ واسْتَغْلَظَته وعَلِبَ اللحمُ عَلَباً واسْتَعْلَب اشْتَدَّ وغَلُظَ وعَلَبَ أَيضاً بالفتح يَعْلُبُ غَلُظَ وصَلُبَ ولم يكن رَخْصاً ولحمٌ عَلِبٌ وعَلْبٌ وهو الصُّلْبُ وعَلِبَ عَلَباً تَغَيَّرَتْ رائحتُه بعد اشتداده وعَلِبَتْ يَدُه غَلُظَتْ واسْتَعْلَبَ الجلدُ غَلُظَ واشْتدَّ والعَلِبُ المكانُ الغليظُ الشَّديدُ الذي لا يُنْبِتُ البَتَّةَ وفي التهذيب العِلْبُ من الأَرض المكانُ الغليظُ الذي لو مُطِرَ دهراً لم يُنْبِتْ خَضراء وكلّ موضع صُلْبٍ خَشنٍ من الأَرض فهو عِلْبٌ والاعْلِنْباءُ أَن يُشرِفَ الرَّجُلُ ويُشْخِصَ نفسَه كما يفعلُ عند الخُصومة والشَّتم يقال اعْلَنْبَى الديكُ والكلبُ والهِرُّ وغيرُها إِذا انتَفَشَ شَعَرُه وتَهَيَّأَ للشَّرِّ والقتال وقد يُهْمزُ وأَصله من عِلْباءِ العُنُق وهو مُلحَقٌ بافْعَنْلَلَ بياء والعُلْبُ والعَلِبُ الضَّبُّ الضَّخْمُ المُسِنُّ لشدَّته وتيْسٌ عَلِبٌ ووَعْلٌ عَلِبٌ أَي مُسِنٌّ جاسِئٌ ورجل عِلْبٌ جافٍ غَليظٌ ورجل عِلْبٌ لا يُطْمَع فيما عنده من كلمة أَو غيرها وإِنه لَعِلْبُ شَرٍّ أَي قويّ عليه كقولك إِنه لَحِكُّ شَرٍّ ويقال تَشَنَّجَ عِلْباءُ الرجُل إِذا أَسنَّ والعِلباءُ ممدود عَصَبُ العُنُق قال الأَزهري الغليظُ خاصة قال ابن سيده وهو العَقَبُ وقال اللحياني العِلْباءُ مذكر لا غير وهما عِلْباوانِ يميناً وشمالاً بينهما مَنْبِتُ العُنُق وإِن شئت قلت عِلْباءَان لأَنهما همزة مُلحقةٌ شُبهت بهمزة التأْنيث التي في حمراء أَو بالأَصلية التي في كساء والجمع العَلابيُّ وعَلَبَ السيفَ والسِّكِّينَ والرُّمْحَ يَعْلُبه ويَعْلِبُه عَلْباً فهو مَعْلُوبٌ وعَلَّبَه حَزَمَ مَقْبِضَه بعِلْباءِ البعير فهو مُعَلَّبٌ ومنه الحديث لقد فَتَحَ الفُتُوحَ قومٌ ما كانتْ حِلْية سُيُوفِهم الذَّهَبَ والفضةَ إِنما كانت حِلْيتُها العَلابيَّ والآنكَ هو جمعُ العِلْباء وهو العَصَبُ قال وبه سُمِّي الرجلُ عِلْباءً ابن الأَثير هو عَصَبٌ في العُنق يأْخذ إِلى الكاهل وكانت العربُ تَشُدُّ على أَجْفانِ سُيوفها العَلابيَّ الرَّطْبةَ فَتَجِفُّ عليها وتَشُدُّ بها الرِّماح إِذا تَصَدَّعَتْ فَتَيْبَسُ وتَقْوَى عليه ومنه قول الشاعر
فظَلَّ لثِيرانِ الصَّرِيم غَماغِمٌ ... يُدَعِّسُها بالسَّمْهَرِيِّ المُعَلَّبِ
ورمح مُعَلَّبٌ إِذا جُلِزَ ولُوِيَ بعَصَبِ العِلْباء قال القُتَيْبي وبلغني أَن العَلابيَّ الرَّصاصُ قال ولستُ منه على يقين قال الجوهري العَلابيُّ الرَّصاصُ أَو جنس منه قال الأَزهري ما علمت أَحداً قاله وليس بصحيح وفي حديث عُتْبة [ ص 628 ] كنت أَعْمِدُ إِلى البَضْعَةِ أَحْسِبُها سَناماً فإِذا هي عِلْباءُ عُنُقٍ وعَلِبَ البعيرُ عَلَباً وهو أَعْلَبُ وعَلِبٌ وهو داءٌ يأْخذه في عِلْباوَيِ العُنُقِ فتَرِمُ منه الرَّقَبةُ وتَنْحنِي والعِلابُ سمة في طُول العُنق على العِلْباءِ وناقة مُعَلَّبة وعَلْبَى عَبْدَه إِذا ثَقَبَ عِلْباءَه وجَعَل فيه خيطاً وعَلْبَى الرجلُ انْحَطَّ عِلْباواهُ كِبَراً قال
إِذا المَرْءُ عَلْبَى ثم أَصبَح جِلْدُه ... كرَحْضِ غَسيلٍ فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ
التَّيَمُّنُ أَن يُوضَع على يمينه في القبر وعِلْباء اسم رجل سُمِّيَ بِعِلْباءِ العُنُق قال إِنّي لِمَنْ أَنْكرنِي ابنُ اليَثْرِبِ قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَملِ وابْناً لِصَوْحانَ على دِينِ علِي أَراد ابنَ اليَثْرِبِيِّ والجَمَلِيِّ وعلِيّ فخفف بحذف الياءِ الأَخيرة والعُلْبةُ قَدَحٌ ضخْم من جلود الإِبل وقيل العُلْبة من خشب كالقَدَحِ الضَّخْمِ يُحْلَبُ فيها وقيل إِنها كهيئةِ القَصْعَةِ مِن جِلد ولها طَوْق من خشب وقيل مِحْلَبٌ من جلد وفي حديث وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم وبين يديه رَكْوَة أَو عُلْبةٌ فيها ماءٌ العُلْبة قدحٌ من خشب وقيل من جلدٍ وخشبٍ يُحْلَبُ فيه ومنه حديث خالد أَعطاهم عُلْبَةَ الحالبِ أَي القَدَحَ الذي يُحْلَبُ فيه والجمعُ عُلَبٌ وعِلابٌ وقيل العِلابُ جِفانٌ تُحْلَبُ فيها الناقةُ قال
صاحِ يا صاحِ هل سمعْتَ بِراعٍ ... ردَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في العِلابِ ؟
ويُرْوى في الحِلاب والمُعَلِّب الذي يَتَّخِذُ العُلْبة قال الكُمَيْتُ يصف خيلاً
سَقَتْنا دِماءَ القَوْمِ طَوْراً وتارةً ... صَبُوحاً له أَقتارُ الجلُودِ المُعَلَّبِ ( 1 )
( 1 قوله « له أقتار الجلود المعلب » كذا أنشده في المحكم وضبط لام المعلب بالفتح والكسر )
قال الأَزهري العُلْبةُ جِلدة تُؤْخَذُ من جَنْبِ جِلْدِ البعير إِذا
سُلِخَ وهو فَطِيرٌ فتُسَوَّى مستديرةً ثم تُمْلأُ رَمْلاً سهلاً ثم تُضَمُّ أَطرافُها وتُخَلّ بخلالٍ ويُوكَى عليها مقبوضةً بحَبْل وتُتْرَكُ حتى تَجِفَّ وتَيْبَسَ ثم يُقْطَعُ رأْسُها وقد قامت قائمةً لجَفافِها تُشْبِه قصعةً مُدَوَّرَةً كأَنها نُحِتَتْ نَحْتاً أَو خُرِطَتْ خَرْطاً ويُعَلِّقُها الراعي والراكبُ فَيَحْلُب فيها ويَشْرَبُ بها وللبَدَوِيِّ فيها رِفْقُ خِفَّتِها وأَنها لا تنكسر إِذا حَرَّكها البعيرُ أَو طاحت إِلى الأَرض وعَلَبَ الشيءَ يَعْلُبه بالضم عَلْباً وعُلُوباً أَثَّرَ فيه ووسَمَه أَو خَدَشَه والعَلْبُ أَثَرُ الضَّرْبِ وغيره والجمع عُلُوبٌ يقال ذلك في أَثر المِيسَمِ وغيره قال ابن الرِّقاعِ يصف الرِّكاب
يَتْبَعْنَ ناجِيةً كأَنَّ بدَفِّها ... من غَرْضِ نَسْعَتِها عُلُوبَ مَواسِمِ
وقال طَرَفة
كأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ في دَأَياتِها ... مَوارِدُ من خَلْقاءَ في ظَهر قَرْدَدِ
وكذلك التَّعْلِيبُ قال الأَزهَري العَلْبُ تأْثير كأَثرِ العِلابِ قال وقال شمر أَقْرَأَني ابن الأَعرابي لطُفَيْلٍ [ ص 629 ] الغَنَوِيّ
نهُوضٌ بأَشْناقِ الدِّياتِ وحَمْلِها ... وثِقْلُ الذي يَجْنِي بمَنْكِبِه لَعْبُ
قال ابن الأَعرابي لَعْبٌ أَراد به عَلْبٌ وهو الأَثَرُ وقال أَبو نصر يقول الأَمْرُ الذي يَجنِي عليه وهو بمنكبه خَفيفٌ وفي حديث ابن عمر أَنه رأَى رجُلاً بأَنْفه أَثر السُّجود فقال لا تَعْلُبْ صُورتَك يقول لا تُؤَثر فيها أَثراً بشِدّةِ اتِّكائِك على أَنفِك في السُّجود وطريقٌ مَعْلوبٌ لاحِبٌ وقيل أَثَّرَ فيه السابلةُ قال بشر
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها ... على كُلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عَكُوبُها
العَكوب بالفتح الغُبارُ يقول كنا مقتدرين عليهم وهم لنا أَذِلاَّء كاقتدار الكلاب على جرائها والمَعْلوبُ الطريق الذي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْه ومثله المَلْحُوبُ والعِلْبةُ غُصنٌ عظيم تُتَّخَذ منه مِقْطَرةٌ قال
في رِجْلِهِ عِلْبةٌ خَشْناءُ من قَرَظٍ ... قد تَيَّمَتْه فَبالُ المَرْءِ مَتْبُولُ
ابن الأَعرابي العُلَبُ جمع عُلْبة وهي الجَنْبة والدَّسْماءُ والسَّمْراءُ قال والعِلْبة والجمع عِلَبٌ أُبْنَةٌ غليظة من الشجر تُتَّخَذ منها المِقْطرة وقال أَبو زيد العُلُوبُ مَنابِتُ السِّدْرِ والواحِدُ عِلْبٌ وقال شمر يقال هؤُلاء عُلْبُوبةُ القومِ أَي خِيارُهم وعَلِبَ السيفُ عَلَباً تَثَلَّمَ حَدُّه والمَعْلُوب اسمُ سَيْفِ الحَرِثِ بن ظالم المُرِّيِّ صفةٌ لازمَة فإِما أَن يكون من العَلْبِ الذي هو الشَّدُّ وإِما أَن يكون من التَّثَلُّم كأَنه عُلِبَ قال الكميت
وسَيْفُ الحَرِث المَعْلُوبُ أَرْدَى ... حُصَيْناً في الجَبابِرة الرَّدِينا
ويقال إِنما سماه مَعْلُوباً لآثار كانت في مَتْنِه وقيل لأَنه كان انْحَنَى من كثرة ما ضَرَبَ به وفيه يقول أَنا أَبو لَيْلى وسَيْفِي المَعْلُوبْ وعِلْباءٌ اسم رجل قال امرؤُ القيس
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً ... ولو أَدْرَكْتُه صَفِرَ الوِطابُ
وعُلَيْبٌ وعِلْيَبٌ وادٍ معروفٌ على طريق اليمن وقيل موضع والضم أَعلى وهو الذي حكاه سيبويه وليس في الكلام فُعْيَلٌ بضم الفاءِ وتسكين العين وفتح الياء غيره قال ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ
والأَثْل من سَعْيَا وحَلْيةَ مَنْزِلٍ ... والدَّوْمَ جاءَ به الشُّجُونُ فَعُلْيَبُ
واشْتَقَّه ابنُ جني من العَلْبِ الذي هو الأَثَرُ والحَزُّ وقال أَلا ترى أَن الوادِيَ له أَثَرٌ ؟

علنب
التهذيب في الخماسي اعْلَنْبأَ بالحِمْلِ أَي نَهَضَ به ابن سيده واعْلَنْبَى الديك والكلبُ والهِرُّ تَهَيَّأَ للشر وقد يهمز

علهب
العَلْهَبُ التَّيْسُ من الظباءِ الطويلُ القَرْنَيْن من الوَحْشيَّة والإِنْسِيَّة قال وعَلْهَباً من التُّيُوسِ عَلاَّ [ ص 630 ] عَلاًّ أَي عَظِيماً وقد وُصِفَ به الظَّبْيُ والثورُ الوَحْشِي وأَنشد الأَزهري مُوَشَّى أَكارِعُه عَلْهَبا والجمعُ عَلاهِبةٌ زادوا الهاءَ على حَدِّ القَشاعِمَةِ قال
إِذا قَعِسَتْ ظُهورُ بَناتِ تَيْمٍ ... تَكَشَّفُ عن عَلاهِبةِ الوُعُولِ
يقولُ بطونُهن مثل قُرونِ الوُعُول ابن شميل يقال للذكر من الظِّباء تَيْسٌ وعَلْهَبٌ وهَبْرَجٌ والعَلْهَبُ الرجلُ الطويلُ وقيل هو المُسِنُّ من الناس والظِّباءِ والأُنثى بالهاءِ

عنب
العِنَبُ معروف واحدتُه عِنَبة ويُجْمَعُ العِنبُ أَيضاً على أَعناب وهو العِنَباءُ بالمدّ أَيضاً قال تُطْعِمْنَ أَحياناً وحِيناً تَسْقِينْ العِنَباءَ المُتَنَقَّى والتِّينْ كأَنها من ثَمَر البساتِينْ لا عَيْبَ إِلاَّ أَنَّهنَّ يُلْهِينْ عن لَذَّةِ الدنيا وعن بعضِ الدِّينْ ولا نظير له إِلاَّ السِّيَراءُ وهو ضَرْبٌ من البرود هذا قول كراع قال الجوهري الحَبَّةُ من العِنَبِ عِنَبةٌ وهو بناء نادر لأَن الأَغْلَبَ على هذا البناء الجمعُ نحو قِرْد وقِرَدة وفِيلٍ وفِيَلة وثَوْر وثِوَرَة إِلاَّ أَنه قد جاءَ للواحد وهو قليل نحو العِنَبة والتِّوَلة والحِبَرة والطِّيبَة والخِيَرة والطِّيَرة قال ولا أَعرف غيره فإِن أَردتَ جمعَه في أَدنى العدد جمعته بالتاءِ فقلت عِنَبات وفي الكثير عِنَبٌ وأَعنابٌ والعِنَبُ الخَمْر حكاها أَبو حنيفة وزعم أَنها لغة يمانية كما أَنّ الخمرَ العِنَبُ أَيضاً في بعض اللغات قال الراعي في العنب التي هي الخمر
ونازَعَني بها إِخوانُ صِدْقٍ ... شِواءَ الطَّيْرِ والعِنَبَ الحَقِينَا
ورجل عَنَّابٌ يبيع العِنَب وعانِبٌ ذو عِنَب كما يقولون تامِرٌ ولابِنٌ أَي ذو لَبَن وتَمْر ورجل مُعَنَّبٌ بفتح النون طويل وإِذا كان القَطِرانُ غليظاً فهو مُعَنَّبٌ وأَنشد
لو أَنّ فيه الحَنْظَلَ المُقَشَّبا ... والقَطِرانَ العاتِقَ المُعَنَّبا
والعِنَبةُ بَثْرة تَخْرُجُ بالإِنسان تُعْدِي ( 1 )
( 1 قوله « تعدي » كذا بالمحكم بمهملتين من العدوى وفي شرح القاموس تغذي بمعجمتين من غذي الجرح إِذا سال ) وقال الأَزهري تَسْمَئِدُّ فتَرِمُ وتَمْتَلِئُ ماء وتُوجِع تأْخُذُ الإِنسانَ في عَيْنه وفي حَلْقه يقال في عينه عِنَبة والعُنَّابُ من الثَّمَر معروف الواحدة عُنَّابةٌ ويقال له السَّنْجَلانُ بلسان الفرس وربما سمي ثَمر الأَراك عُنَّاباً والعُنَّابُ العَبِيراءُ والعُنَابُ الجُبَيْلُ ( 2 )
( 2 قوله « والعناب الجبيل إلخ » هذا وما بعده بوزن غراب وما قبله بوزن رمان كما في القاموس وغيره ) الصغير الدقيقُ المنتصبُ الأَسْوَدُ والعُنَابُ النَّبكةُ الطويلةُ في السماءِ الفاردة المُحدَّدةُ الرأْس يكون أَسودَ وأَحمر وعلى كل لون يكون والغالبُ عليه السُّمْرة وهو جبلٌ طويل في السماءِ لا يُنْبت شيئاً مُسْتدير قال والعُنابُ واحدٌ قال ولا تَعُمّه أَي لا تَجْمعه ولو جَمَعْتَ لقلتَ العُنُب قال الراجز كَمَرَةٌ كأَنها العُنابُ [ ص 631 ]
والعُنَاب وادٍ والعُنَابُ جبل بطريق مكة قال المَرَّار
جَعَلْنَ يَمينَهُنّ رِعانَ حَبْسٍ ... وأَعْرَضَ عن شَمائِلها العُنَابُ ( 1 )
( 1 قوله « رعان حبس » بكسر الحاء وفتحها كما ضبط بالشكل في المحكم وبالعبارة في ياقوت وقال هو جبل لبني أسد ثم قال قال الأصمعي في بلاد بني أسد الحبس والقنان وأبان أي كسحاب فيهما إلى الرمة والحميان حمى ضرية وحمى الربذة والدو والصمان والدهناء في شق بني تميم فارجع إليه )
والعُنَابُ بالتخفيف الرجلُ العظيمُ الأَنْفِ قال
وأَخْرَقَ مَبْهُوتِ التَّراقِي مُصَعَّدِ ال ... بَلاعِيمِ رِخْوِ المَنْكِبَيْنِ عُنَاب
والأَعْنَبُ الأَنفُ الضَّخْم السَّمِجُ والعُنَابُ العَفَلُ وعُنابُ المرأَة بَظْرُها قال
إِذا دَفَعَتْ عنها الفَصيلَ برجْلِها ... بَدَا من فُروجِ البُرْدَتَيْنِ عُنابُها
وقيل هو ما يُقْطَعُ من البَظْرِ وظَبْيٌ عَنَبَانٌ نشيطٌ قال
كما رأَيتَ العَنَبانَ الأَشْعَبا ... يوماً إِذا رِيعَ يُعَنِّي الطَّلَبا
الطَّلَب اسمُ جمع طالبٍ وقيل العَنَبانُ الثَّقيلُ من الظِّباءِ فهو ضِدّ وقيل هو المُسِنُّ من الظِّباءِ ولا فعل لهما وقيل هو تَيْسُ الظِّباءِ وجمعُه عِنْبانٌ والعُنْبَبُ كثرةُ الماءِ وأَنشد ابن الأَعرابي
فَصَبَّحَتْ والشمسُ لم تَقَضَّبِ ... عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ العُنْبَبِ
ويروى تُقَضِّبِ ويُرْوَى نَجُوج وعُنْبَبٌ موضع وقيل وادٍ ثلاثيٌّ عند سيبويه وحمله ابن جني على أَنه فُنْعَل قال لأَنه يَعُبُّ الماءَ وقد ذكر في عبب وعَنَّابٌ اسم رجل وعَنَّابُ بن أَبي حارثة ( 2 )
( 2 قوله « وعناب بن أبي حارثة » كذا في الصحاح أيضاً وقال الصاغاني هو تصحيف والصواب عتاب بمثناة فوقيه وتبعه المجد ) رجلٌ من طَيٍّ والعُنابةُ اسم موضع قال كثير عزة
وقُلْتُ وقد جَعَلْنَ بِراقَ بَدْرٍ ... يَميناً والعُنابةَ عن شِمالِ
وبئر أَبي عِنَبة بكسر العين وفتح النون وردت في الحديث وهي بئر معروفة بالمدينة عَرَضَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَصحابَه عندَها لمَّا سار إِلى بَدْرٍ وفي الحديث ذكر عُنابةَ بالتخفيف قارةٌ سوداءُ بين مكة والمدينة كان زينُ العابدين يسكنها

عندب
الأَزهري المُعَنْدِبُ الغَضْبانُ وأَنشد
لَعَمْرُكَ إِنِّي يومَ واجَهْتُ عِيرَها ... مُعِيناً لَرَجْلٌ ثابتُ الحِلْمِ كاملُه
وأَعرَضْتُ إِعراضاً جميلاً مُعَنْدِباً ... بعُنْقٍ كَشُعْرورٍ كثيرٍ مَواصِلُه
قال الشُّعْرورُ القِثَّاء وقالتِ الكِلابية المُعَنْدِبُ الغَضْبانُ قال وهي أَنشدتني هذا الشعر لعبد يُقال له وفِيقٌ

عندلب
العَنْدَلِيبُ طائرٌ يُصَوِّتُ أَلواناً وسنذكره في ترجمة عندل لأَنه رباعي عند الأَزهري

عنظب
الليث العُنْظُبُ الجَرادُ الذَّكَر الأَصمعي الذَّكَرُ من الجَراد هو الحُنْظُبُ والعُنْظُبُ [ ص 632 ] وقال الكسائي هو العُنْظُب والعُنْظَابُ والعُنْظُوبُ وقال أَبو عمرو هو العُنْظُبُ فأَما الحُنْظَبُ فذَكَرُ الخَنافس وقال اللحياني يقال عُنْظُبٌ وعُنْظَبٌ وعُنْظابٌ وعِنْظابٌ وهو الجراد الذكر وقد تقدّم في عظب

عنكب
العَنْكَبُوتُ دُوَيْبَّة تَنْسُجُ في الهواءِ وعلى رأْس البئر نَسْجاً رقيقاً مُهَلْهَلاً مؤَنثة وربما ذُكِّرت في الشعر قال أَبو النجم مما يُسَدِّي العَنْكَبُوتُ إِذ خَلا قال أَبو حاتم أَظنه إِذ خَلا المَكانُ والموضعُ وأَما قوله كأَنَّ نَسْجَ العَنْكَبُوتِ المُرْمِلِ
فإِنما ذَكَّره لأَنه أَراد النَّسْجَ ولكنه جَرَّه على الجِوارِ قال الفراء العَنْكَبُوت أُنثى وقد يُذَكِّرها بعض العرب وأَنشد قوله
على هَطَّالِهم منهم بُيوتٌ ... كأَنَّ العَنْكَبُوتَ هو ابْتَناها ( 1 )
( 1 قوله « على هطالهم » قال في التكملة هطال كشداد جبل )
قال والتأْنيث في العنكبوت أَكثر والجمع العَنْكبوتاتُ وعَنَاكِبُ وعَنَاكِيبُ عن اللحياني وتصغيرها عُنَيْكِبٌ وعُنَيْكِيبٌ وهي بلغة اليمن عَكَنْباةٌ قال
كأَنما يَسْقُطُ من لُغامِها ... بَيْتُ عَكَنْباةٍ على زِمامِها
ويقال لها أَيضاً عَنْكَباه وعَنْكَبُوه وحكى سيبويه عَنْكَباء مستشهداً على زيادة التاءِ في عَنْكَبُوتٍ فلا أَدري أَهو اسمٌ للواحد أَم للجمع وقال ابن الأَعرابي العَنْكَبُ الذَّكَرُ منها والعَنْكَبةُ الأُنثى وقيل العَنْكَبُ جنس العَنْكَبُوت وهو يذكر ويؤَنث أَعني العَنْكَبُوتَ قال المُبَرِّدُ العَنْكَبُوتُ أُنثى ويذكَّر والعَنْزَروت أُنثى ويذكر والبُرْغُوثُ أُنثى ولا يذكر وهو الجمل الذَّلول وقول ساعدة بن جؤَية
مَقَتَّ نِساءً بالحجاز صَوالِحاً ... وإِنَّا مَقَتْنا كلَّ سَوْداءَ عَنْكَبِ
قال السُّكَّرِيُّ العَنْكَبُ هنا القصيرة وقال ابن جني يجوز أَن يكون العَنْكَبُ ههنا هو العَنْكَبُ الذي ذكر سيبويه أَنه لغة في عَنْكَبُوت وذَكَر معه أَيضاً العَنْكَباء إِلاَّ أَنه وُصِفَ به وإِن كان اسماً لما كان فيه معنى الصفة من السَّوادِ والقِصَر ومثلُه من الأَسماءِ المُجْراة مُجْرَى الصفة قوله لَرُحْتَ وأَنتَ غِربالُ الإِهابِ والعنكبوت دودٌ يتولد في الشُّهْد ويَفْسُدُ عنه العَسل عن أَبي حنيفة الأَزهري يقال للتَّيْس إِنه لمُعَنْكَبُ القَرْنِ حتى صار كأَنه حَلْقةٌ والمُشَعْنَِبُ المُسْتقيم الفراء في قوله تعالى مَثَلُ الذين اتَّخَذوا من دون اللّه أَولياء كمَثل العنكبوت اتَّخَذَتْ بيتاً قال ضَرَبَ اللّهُ بيتَ العَنْكَبُوتِ مثلاً لِمَنِ اتَّخَذَ من دون اللّه وَليّاً أَنه لا ينفعُه ولا يضرُّه كما أَن بيت العنكبوت لا يَقيها حَرّاً ولا بَرْداً ويقال لبيتِ العنكبوتِ العُكْدُبةُ

عهب
عِهِبَّى المُلْكِ وعِهِبَّاؤُه زمانه وعِهِبَّى الشَّبابِ وعِهِبَّاؤُه شَرْخُه يقال أَتيته في رُبَّى شَبابه وحِدْثَى شَبابه وعِهِبَّى شَبابه وعِهِبَّاءِ [ ص 633 ] شبابِه بالمد والقصر أَي أَوّله وأَنشد
عَهْدي بسَلْمَى وهي لم تَزَوَّجِ ... على عِهِبَّى عَيْشِها المُخَرْفَجِ
أَبو عمرو يقال عَوْهَبَه وعَوْهَقَه إِذا ضَلَّله وهو العِيهابُ
والعِيهاقُ بالكسر أَبو زيد عَهِبَ الشيءَ وغَهِبَه بالغين المعجمة إِذا جَهِلَه وأَنشد
وكائنْ تَرَى من آمِلٍ جَمْعَ هِمَّةٍ ... تَقَضَّتْ لَيالِيه ولم تُقْضَ أَنْحُبُهْ
لُمِ المَرْءَ إِنْ جاءَ الإِساءة عامِداً ... ولا تُحْفِ لَوْماً إِن أَتى الذَّنْبَ يَعْهَبُهْ
أَي يَجْهَلُه وكأَنَّ العَيْهَبَ مأْخوذٌ من هذا وقال الأَزهري المعروف في هذا الغين المعجمة وسيُذكر في موضعه والعَيْهَبُ الضعيفُ عن طَلَبِ وِتْرِه وقد حكي بالغين المعجمة أَيضاً وقيل هو الثقيل من الرجال الوَخِمُ قال الشُّوَيْعِرُ
حَلَلْتُ به وِتْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتي ... إِذا ما تَناسَى ذَحْلَهُ كلُّ عَيْهَبِ
قال ابن بري الشُّوَيْعِرُ هذا محمد بن حُمْرانَ ابن أَبي حُمْران الجُعْفِيِّ وهو أَحد من سُمِّي في الجاهلية بمحمد وليس هو الشويعر الحنفي والشويعر الحنفي اسمه هانئ بن تَوبة الشَّيْباني وقد تكلمنا على المُحَمَّدِين في ترجمة حمد ورأَيت في بعض حواشي نسخ الصحاح الموثوق بها وكساءٌ عَيْهَبٌ أَي كثير الصُّوفِ

عيب
ابن سيده العَابُ والعَيْبُ والعَيْبَةُ الوَصْمة قال سيبويه أَمالوا العابَ تشبيهاً له بأَلف رَمَى لأَنها منقلبة عن ياء وهو نادر والجمع أَعْيابٌ وعُيُوبٌ الأَول عن ثعلب وأَنشد
كَيْما أَعُدَّكُمُ لأَبْعَدَ منكُمُ ... ولقد يُجاءُ إِلى ذوي الأَعْيابِ
ورواه ابن الأَعرابي إِلى ذوي الأَلباب والمَعابُ والمَعِيبُ العَيْبُ وقول أَبي زُبَيْدٍ الطَّائيّ
إِذا اللَّثى رَقَأَتْ بعدَ الكَرى وذَوَتْ ... وأَحْدَثَ الرِّيقُ بالأَفْواه عَيَّابا
يجوز فيه أَن يكون العَيَّابُ اسماً للعَيْبِ كالقَذَّافِ والجَبَّانِ ويجوز أَن يُريدَ عَيْبَ عَيَّابٍ فحَذَفَ المضاف وأَقام المضاف إِليه مُقامه وعابَ الشيءُ والحائِطُ عَيْباً صار ذا عَيْبٍ وعِبْتُه أَنا وعابه عَيْباً وعاباً وعَيَّبه وتَعَيَّبه نَسَبه إِلى العَيب وجعله ذا عَيْبٍ يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى قال الأَعشى
وليس مُجِيراً إِنْ أَتى الحَيَّ خائفٌ ... ولا قائِلاً إِلاَّ هُوَ المُتَعَيَّبا
أَي ولا قائلاً القولَ المَعِيبَ إِلاَّ هو وقال أَبو الهيثم في قوله تعالى فأَرَدْتُ أَن أَعِيبَها أَي أَجْعَلَها ذاتَ عَيْب يعني السفينةَ قال والمُجاوِزُ واللازم فيه واحد ورجل عَيَّابٌ وعَيَّابة وعُيَبة كثير العَيْبِ للناس قال
اسْكُتْ ولا تَنْطِقْ فأَنْتَ خَيّابْ ... كُلُّك ذو عَيْبٍ وأَنتَ عَيَّابْ
وأَنشد ثعلب
قال الجَواري ما ذَهَبْتَ مَذْهَبا ... وعِبْنَني ولم أَكُنْ مُعَيَّبا
[ ص 634 ] وقال
وصاحِبٍ لي حَسَنِ الدُّعابه ... ليس بذي عَيْبٍ ولا عَيَّابَه
والمَعايبُ العُيوبُ وشيءٌ مَعِيبٌ ومَعْيُوبٌ على الأَصل وتقول ما فيه مَعابة ومَعابٌ أَي عَيْبٌ ويقال موضعُ عَيْبٍ قال الشاعر
أَنا الرَّجُلُ الذي قد عِبْتُموه ... وما فيهِ لعَيَّابٍ مَعابُ
لأَن المَفْعَلَ من ذواتِ الثلاثة نحو كالَ يَكِيلُ إِن أُريد به الاسم مكسور والمصدرُ مفتوحٌ ولو فتحتَهما أَو كسرتَهما في الاسم والمصدر جميعاً لجازَ لأَن العرب تقول المَسارُ والمَسِيرُ والمَعاشُ والمَعِيشُ والمَعابُ والمَعِيبُ وعابَ الماءُ ثَقَبَ الشَّطَّ فخرج مُجاوزَه والعَيْبة وِعاءٌ من أَدَم يكون فيها المتاع والجمع عِيابٌ وعِيَبٌ فأَما عِيابٌ فعلى القياس وأَما عِيَبٌ فكأَنه إِنما جاءَ على جمع عِيبة وذلك لأَنه مما سبيله أَن يأْتي تابعاً للكسرة وكذلك كلُّ ما جاءَ من فعله مما عينه ياء على فِعَلٍ والعَيْبَةُ أَيضاً زَبِيل من أَدَم يُنْقَلُ فيه الزرعُ المحصودُ إِلى الجَرين في لغة هَمْدان والعَيْبَةُ ما يجعل فيه الثياب وفي الحديث أَنه أَمْلى في كتابِ الصُّلْح بينه وبين كفار أَهل مكة بالحُدَيْبية لا إِغْلالَ ولا إِسلالَ وبيننا وبينهم عَيْبةٌ مَكفوفةٌ قال الأَزهري فسر أَبو عبيد الإِغْلالَ والإِسلالَ وأَعرضَ عن تفسير العَيْبة المكفُوفةِ ورُوِيَ عن ابن الأَعرابي أَنه قال معناه أَن بيننا وبينهم في هذا الصلح صَدْراً مَعْقُوداً على الوفاءِ بما في الكتاب نَقِيّاً من الغِلِّ والغَدْرِ والخِداعِ والمَكْفُوفةُ المُشرَجَةُ المَعْقُودة والعربُ تَكني عن الصُّدُور والقُلُوب التي تَحْتوي على الضمائر المُخْفاةِ بالعِيابِ وذلك أَن الرجلَ إِنما يَضَعُ في عَيْبَته حُرَّ مَتاعِه وصَوْنَ ثيابه ويَكتُم في صَدْرِه أَخَصَّ أَسراره التي لا يُحِبُّ شُيوعَها فسُمِّيت الصدور والقلوبُ عِياباً تشبيهاً بعِيابِ الثياب ومنه قول الشاعر
وكادَتْ عِيابُ الوُدِّ منَّا ومِنكُمُ ... وإِن قيلَ أَبناءُ العُمومَة تَصْفَرُ
أَرادَ بعِيابِ الوُدِّ صُدُورَهم قال الأَزهري وقرأْتُ بخَطِّ شَمِر وإِنَّ بيننا وبينهم عَيْبَةً مَكْفُوفةً قال وقال بعضهم أَراد به الشَّرُّ بيننا مَكْفُوف كما تُكَفُّ العَيْبةُ إِذا أُشرِجَتْ وقيل أَراد أَن بينهم مُوادَعَةً ومُكافَّة عن الحرب تَجْريانِ مُجْرى المَوَدَّة التي تكون بين المُتَصافِينَ الذين يَثِقُ بعضُهم ببعض وعَيْبةُ الرجل موضعُ سِرِّه على المَثل وفي الحديث الأَنصارُ كَرِشي وعَيْبَتي أَي خاصَّتي وموضعُ سِرِّي والجمع عِيَبٌ مثل بَدْرَةٍ وبِدَرٍ وعِيابٌ وعَيْباتٌ والعِيابُ المِنْدَفُ قال الأَزهري لم أَسمعه لغير الليث وفي حديث عائشة في إِيلاءِ النبي صلى اللّه عليه وسلم على نسائه قالت لعمر رضي اللّه عنهما لمَّا لامَها ما لي ولكَ يا ابنَ الخَطَّاب عليك بعَيْبَتِكَ أَي اشْتَغِلْ بأَهْلِكَ ودَعْني والعائبُ الخاثر من اللبن وقد عاب السِّقاءُ

غبب
غِبُّ الأَمْرِ ومَغَبَّتُه عاقبتُه وآخِرُه وغَبَّ الأَمرُ صارَ إِلى آخره وكذلك غَبَّتِ [ ص 635 ] الأُمورُ إِذا صارتْ إِلى أَواخرها وأَنشد غِبَّ الصَّباحِ يَحمَدُ القومُ السُّرى ويقال إِن لهذا العِطرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً أَي عاقبةً وغَبَّ بمعنى بَعُدَ وغِبُّ كلِّ شيءٍ عاقبتُه وجئتُه غِبَّ الأَمر أَي بَعْدَه والغِبُّ وِرْدُ يوم وظِمءُ آخرَ وقيل هو ليوم وليلتين وقيل هو أَن تَرعى يوماً وتَرِدَ من الغَدِ ومن كلامهم لأَضرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمارِ وظاهرةَ الفَرس فغِبُّ الحمار أَن يَرعى يوماً ويَشرَبَ يوماً وظاهرةُ الفرَس أَن تَشرَبَ كلَّ يوم نصفَ النهار وغَبَّتِ الماشيةُ تَغبُّ غَبّاً وغُبوباً شَرِبَت غِبّاً وأَغَبَّها صاحبُها وإيلُ بني فلان غابَّةٌ وغَوابُّ الأَصمعي الغِبُّ إِذا شَرِبَت الإِبلُ يوماً وغَبَّتْ يوماً يقال شَرِبَتْ غِبّاً وكذلك الغِبُّ من الحُمَّى ويقال بنو فلان مُغِبُّون إِذا كانت إِبلُهم تَرِدُ الغِبَّ وبعيرٌ غابٌّ وإِبلٌ غوابُّ إِذا كانت تَرِدُ الغِبَّ وغَبَّتِ الإِبلُ بغير أَلف تَغِبُّ غِبّاً إِذا شَرِبَتْ غِبّاً ويقال للإِبل بعد العِشر هي تَرْعى عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً ثم كذلك إِلى العِشرين والغِبُّ من وِرْدِ الماءِ فهو أَن تَشرَبَ يوماً ويوماً لا وأَغَبَّتِ الإِبلُ مِنْ غِبِّ الوِرْدِ والغِبُّ من الحُمَّى أَن تأْخذ يوماً وتَدَعَ آخرَ وهو مشتق من غِبِّ الوِرْدِ لأَنها تأْخذ يوماً وتُرَفِّه يوماً وهي حُمَّى غِبٌّ على الصفة للحُمَّى وأَغَبَّته الحُمَّى وأَغَبَّتْ عليه وغَِبَّتْ غِبّاً وغَبّاً ورجل مُغِبٌّ أَغَبَّتْهُ الحُمَّى كذلك رُوي عن أَبي زيد على لفظ الفاعل ويقال زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً ويقال ما يُغِبُّهُم بِرِّي وأَغبَّتِ الحُمَّى وغَبَّتْ بمعنًى وغَبَّ الطعامُ والتمرُ يَغِبُّ غَبّاً وغِبّاً وغُبُوباً وغُبُوبَةً فهو غابٌّ باتَ ليلةً فَسَدَ أَو لم يَفْسُدْ وخَصَّ بعضُهم به اللحمَ وقيل غَبَّ الطعامُ تغيرتْ رائحته وقال جرير يهجو الأَخطل
والتَّغْلَبِيَّةُ حين غَبَّ غَبِيبُها ... تَهْوي مَشافِرُها بشَرِّ مَشافِر
أَراد بقوله غَبَّ غَبِيبُها ما أَنْتَنَ من لُحوم مَيْتتها وخَنازيرها ويسمى اللحم البائتُ غابّاً وغَبِيباً وغَبَّ فلانٌ عندنا غَبّاً وغِبّاً وأَغَبَّ باتَ ومنه سمي اللحمُ البائتُ الغابَّ ومنه قولهم رُوَيْدَ الشِّعرِ يُغِبَّ ولا يكونُ يُغِبُّ معناه دَعْه يمكثْ يوماً أَو يومين وقال نَهْشَل بنُ جُرَيٍّ
فلما رَأَى أَنْ غَبَّ أَمْرِي وأَمْرُه ... ووَلَّتْ بأَعجازِ الأُمورِ صُدُورُ
التهذيب أَغَبَّ اللحمُ وغَبَّ إِذا أَنْتَن وفي حديثِ الغِيبةِ فقاءَتْ لحماً غابّاً أَي مُنْتِناً وغَبَّتِ الحُمَّى من الغِبِّ بغير أَلف وما يُغِبُّهم لُطْفِي أَي ما يتأَخر عنهم يوماً بل يأْتيهم كلَّ يوم قال على مُعْتَفِيه ما تُغِبُّ فَواضلُه وفلانٌ ما يُغِبُّنا عَطاؤُه أَي لا يأْتينا يوماً دون يوم بل يأْتينا كلَّ يوم ومنه قول الراجز وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُّ أَي كلَّ ساعةٍ والغِبُّ الإِتيانُ في اليومين ويكون أَكثر [ ص 636 ] وأَغَبَّ القومَ وَغَبَّ عنهم جاءَ يوماً وترك يوماً وأَغَبَّ عَطاؤُه إِذا لم يأْتنا كلَّ يوم وأَغَبَّتِ الإِبلُ إِذا لم تأْتِ كلَّ يوم بلَبن وأَغَبَّنا فلانٌ أَتانا غِبّاً وفي الحديث أَغِبُّوا في عِيادَة المريض وأَرْبِعُوا يقول عُدْ يوماً ودَعْ يوماً أَو دَعْ يومين وعُدِ اليومَ الثالثَ أَي لا تَعُدْهُ في كل يوم لِما يجده من ثِقَل العُوَّاد الكسائي أَغْبَبْتُ القومَ وغَبَبْتُ عنهم من الغِبِّ جئْتُهم يوماً وتركتهم يوماً فإِذا أَردت الدَّفْعَ قلت غَبَّبْتُ عنهم بالتشديد أَبو عمرو غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زائراً يوماً بعد أَيام ومنه قوله زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً وقال ثعلب غَبَّ الشيءُ في نفسه يَغِبُّ غَبّاً وأَغَبَّني وَقَعَ بي وغَبَّبَ عن القوم دَفَع عنهم والغِبُّ في الزيارة قال الحسن في كل أُسبوع يقال زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً قال ابن الأَثير نُقِل الغِبُّ من أَوراد الإِبل إِلى الزيارة قال وإِن جاءَ بعد أَيام يقال غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زائراً بعد أَيام وفي حديث هشام كَتَبَ إِليه يُغَبِّب عن هَلاك المسلمين أَي لم يُخْبِرْه بكثرة من هَلَك منهم مأْخوذ من الغِبِّ الوِرْدِ فاستعاره لموضع التقصير في الإِعلام بكُنْه الأَمر وقيل هو من الغُبَّةِ وهي البُلْغَةُ من العَيْش قال وسأَلتُ فلاناً حاجةً فَغَبَّبَ فيها أَي لم يبالغ والمُغَبَّبةُ الشاةُ تُحْلَبُ يوماً وتُتْرَك يوماً والغُبَبُ أَطْعمة النُّفَساءِ عن ابن الأَعرابي والغَبِيبَةُ من أَلبان الغنم مثلُ المُرَوَّبِ وقيل هو صَبُوحُ الغنم غُدْوةً يُتْركُ حتى يَحْلُبوا عليه من الليل ثم يَمْخَضُوه من الغَدِ ويقال للرائب من اللبن الغَبِيبةُ الجوهري الغَبِيبةُ من أَلبان الإِبل يُحْلَبُ غُدْوة ثم يُحْلَبُ عليه من الليل ثم يُمْخَضُ من الغد ويقال مياهٌ أَغْبابٌ إِذا كانت بعيدة قال
يقول لا تُسْرِفُوا في أَمْرِ رِيِّكُمُ ... إِنَّ المِياهَ بجَهْدِ الرَّكْبِ أَغْبابُ
هؤُلاءِ قومٌ سَفْر ومعهم من الماءِ ما يَعْجِزُ عن رِيِّهِم فهم يَتَواصَوْن بترك السَّرَفِ في الماءِ والغَبِيبُ المسيلُ الصغير الضَّيِّقُ من مَتْنِ الجبل ومَتْنِ الأَرض وقيل في مُسْتَواها والغُبُّ الغامِضُ من الأَرض قال
كأَنَّها في الغُبِّ ذِي الغِيطانِ ... ذِئابُ دَجْنٍ دائم التَّهْتانِ
والجمع أَغبابٌ وغُبوبٌ وغُبَّانٌ ومن كلامهم أَصابنا مطرٌ سال منه الهُجَّانُ والغُبَّانُ والهُجَّانُ مذكور في موضعه والغُبُّ الضاربُ من البحر ( 1 )
( 1 قوله « والغب الضارب من البحر » قال الصاغاني هو من الأسماء التي لا تصريف لها ) حتى يُمْعِنَ في البَرِّ وغَبَّبَ فلانٌ في الحاجة لمْ يبالغ فيها وغَبَّبَ الذئبُ على الغنم إِذا شَدَّ عليها ففَرَسَ وغَبَّبَ الفَرَسُ دَقَّ العُنُقَ والتَّغْبِيبُ أَن يَدَعَها وبها شيءٌ من الحياة وفي حديث الزهري لا تُقْبل شهادةُ ذي تَغِبَّة قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في رواية وهي تَفْعِلَة مِن غَبَّب الذِّئبُ في الغَنم إِذا عاثَ فيها أَو مِنْ غَبَّبَ مبالغة في غَبَّ الشيءُ إِذا فَسَد والغُبَّةُ البُلْغة من العَيْش كالغُفَّة أَبو عمرو غَبْغَبَ إِذا خان في شِرائه وبَيعِه [ ص 637 ] الأَصمعي الغَبَبُ والغَبْغَبُ الجِلْدُ الذي تحت الحَنَك وقال الليث الغَبَبُ للبقر والشاءِ ما تَدَلَّى عند النَّصيل تحت حَنَكها والغَبْغَبُ للدِّيكِ والثور والغَبَبُ والغَبْغَبُ ما تَغَضَّنَ من جلد مَنْبِتِ العُثْنُونِ الأَسْفَلِ وخَصَّ بعضُهم به الدِّيَكة والشاءَ والبقر واستعاره العجاج في الفَحل فقال بذاتِ أَثناءٍ تَمَسُّ الغَبْغَبا يعني شِقْشِقة البعير واستعاره آخر للحِرْباءِ فقال
إِذا جَعلَ الحِرْباءُ يَبْيَضُّ رأْسُه ... وتَخْضَرُّ من شمسِ النهار غَباغِبُهْ
الفراءُ يقال غَبَبٌ وغَبْغَبٌ الكسائي عجوز غَبْغَبُها شِبْر وهو الغَبَبُ والنَّصِيلُ مَفْصِلُ ما بين العُنُقِ والرأْس من تحت اللِّحْيَيْن والغَبْغَبُ المَنْحَر بمنًى وقيل الغَبْغَبُ نُصُبٌ كانَ يُذْبَحُ عليه في الجاهلية وقيل كلُّ مَذْبَحٍ بمنًى غَبْغَبٌ وقيل الغَبغَبُ المَنْحَر بمنًى وهو جَبَل فَخَصَّصَ قال الشاعر والراقِصات إِلى مِنًى فالغَبْغَبِ وفي الحديث ذكر غَبْغَبٍ بفتح الغينين وسكون الباءِ الأُولى موضع المنحر بمنى وقيل الموضع الذي كان فيه اللاتُ بالطائف التهذيب أَبو طالب في قولهم رُبَّ رَمْيةٍ من غير رامٍ أَوَّلُ من قاله الحَكَمُ بنُ عَبْدِيَغُوثَ وكان أَرْمَى أَهلِ زمانه فآلى لَيَذْبَحَنَّ على الغَبْغَب مَهاةً فَحَمَل قوسَه وكنانتَه فلم يَصْنَعْ شيئاً فقال لأَذْبَحَنَّ نَفْسِي فقال له أَخوه اذْبَحْ مكانها عَشْراً من الإِبل ولا تَقْتُلْ نَفْسَك فقال لا أَظلم عاترةً وأَتْرُكُ النافرةَ ثم خرجَ ابنُه معه فرمَى بقرةً فأَصابها فقال أَبوه رُبَّ رَمْيةٍ من غَير رامٍ وغُبَّةُ بالضم فَرْخُ عُقابٍ كان لبني يَشْكُر وله حديث واللّه تعالى أَعلم

غثلب
غَثْلَبَ الماءَ جَرَعَه ( 1 )
( 1 قوله « غثلب الماء جرعه إلخ » انفرد بهذه العبارة صاحب المحكم فذكرها في رباعي الغين المعجمة وتبعه ابن منظور هنا وكذلك شارح القاموس وذكرها المجد في العين المهملة تبعاً للصاغاني التابع للتهذيب فلعله سمع بهما ) جَرْعاً شديداً

غدب
الغُدبة لحمة غَليظة شبيهة بالغُدَّةِ ورجلٌ غُدُبٌّ جافٍ غليظٌ

غرب
الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق وهو المَغْرِبُ وقوله تعالى رَبُّ المَشْرِقَيْن ورَبُّ المَغْرِبَيْنِ أَحدُ المَغْرِبين أَقْصَى ما تَنْتَهي إِليه الشمسُ في الصيف والآخَرُ أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِليه في الشتاءِ وأَحدُ المَشْرقين أَقْصى ما تُشرِقُ منه الشمسُ في الصيف وأَقْصَى ما تُشْرِقُ منه في الشتاءِ وبين المغرب الأَقْصَى والمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وثمانون مَغْرباً وكذلك بين المَشْرقين التهذيب للشمس مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ فأَحدُ مشرقيها أَقْصَى المَطالع في الشتاءِ والآخَرُ أَقصى مَطالعها في القَيْظ وكذلك أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى المَغارب في الشِّتاءِ وكذلك في الجانب الآخر وقوله جَلَّ ثناؤُه فلا أُقْسِمُ برَبِّ المَشارق والمَغارِب جَمعَ لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ من موضع وتَغْرُبُ في موضع إِلى انتهاءِ السنة وفي التهذيب أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يوم ومَغْرِبَه فهي مائة وثمانون مَشْرقاً ومائة وثمانون مغْرِباً [ ص 638 ] والغُرُوبُ غُيوبُ الشمس غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً غابَتْ في المَغْرِبِ وكذلك غَرَبَ النجمُ وغَرَّبَ ومَغْرِبانُ الشمسِ حيث تَغرُبُ ولقيته مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عند غُروبها وقولُهم لقيته مُغَيْرِبانَ الشمسِ صَغَّروه على غير مُكَبَّره كأَنهم صغروا مَغرِباناً والجمع مُغَيْرِباناتُ كما قالوا مَفارِقُ الرأْس كأَنهم جعلوا ذلك الحَيِّز أَجزاءً كُلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ منها جُزْءٌ فَجَمَعُوه على ذلك وفي الحديث أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم في آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم كما بين صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ الشمس أَي إِلى وَقتِ مَغِيبها والمَغرِبُ في الأَصل مَوْضِعُ الغُروبِ ثم استُعْمِل في المصدر والزمان وقياسُه الفتح ولكن استُعْمِل بالكسر كالمَشْرِق والمسجِد وفي حديث أَبي سعيدٍ خَطَبَنا رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم إِلى مُغَيربانِ الشمسِ والمُغَرِّبُ الذي يأْخُذُ في ناحية المَغْرِبِ قال قَيْسُ بنُ المُلَوّح
وأَصْبَحْتُ من لَيلى الغَداة كناظِرٍ ... مع الصُّبْح في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ
وقد نَسَبَ المُبَرِّدُ هذا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري وغَرَّبَ القومُ ذَهَبُوا في المَغْرِبِ وأَغْرَبُوا أَتَوا الغَرْبَ وتَغَرَّبَ أَتَى من قِبَلِ الغَرْب والغَرْبيُّ من الشجر ما أَصابته الشمسُ بحَرِّها عند أُفُولها وفي التنزيل العزيز زَيْتُونةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ والغَرْبُ الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ غَرْباً وغَرَّبَ وأَغْرَبَ وغَرَّبه وأَغْرَبه نَحَّاه وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم يُحْصَنْ وهو نَفْيُه عن بَلَده والغَرْبة والغَرْبُ النَّوَى والبُعْد وقد تَغَرَّب قال ساعدة بن جُؤَيَّة يصف سحاباً
ثم انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً ... مِنْه لنَجْدٍ طَائفٌ مُتَغَرِّبُ
وقيل مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِبَل المَغْرب ويقال غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها قال ذو الرمة أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ ويُروى التَّقْريبُ ونَوًى غَرْبةٌ بعيدة وغَرْبةُ النَّوى بُعْدُها قال الشاعر
وشَطَّ وليُ النَّوَى إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ ... تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا
النَّوَى المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَأْتِيَه في سَفَرك ودارُهم غَرْبةٌ نائِيَةٌ وأَغْرَبَ القومُ انْتَوَوْا وشَأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ بفتح الراءِ بعيد قال الكميت
عَهْدَك من أُولَى الشَّبِيبةِ تَطْلُبُ ... على دُبُرٍ هيهاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ
وقالوا هل أَطْرَفْتَنا من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ أَي هل من خَبَر جاءَ من بُعْدٍ ؟ وقيل إِنما هو هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ وقال يعقوب إِنما هو هل جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ ؟ يعني الخَبَر الذي يَطْرَأُ عليك من بلَدٍ سوَى بلدِك وقال ثعلب ما [ ص 639 ] عِنْدَه من مُغَرِّبةِ خَبرٍ تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِي ذلك عنه أَي طَريفةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قال لرجل قَدِمَ عليه من بعض الأَطْرافِ هل من مُغَرِّبةِ خَبَر ؟ أَي هل من خبَرٍ جديدٍ جاءَ من بلدٍ بعيدٍ ؟ قال أَبو عبيد يقال بكسر الراءِ وفتحها مع الإِضافة فيهما وقالها الأُمَوِيُّ بالفتح وأَصله فيما نُرَى من الغَرْبِ وهو البُعْد ومنه قيل دارُ فلانٍ غَرْبةٌ والخبرُ المُغْرِبُ الذي جاءَ غريباً حادثاً طريفاً والتغريبُ النفيُ عن البلد وغَرَبَ أَي بَعُدَ ويقال اغْرُبْ عني أَي تباعَدْ ومنه الحديث أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزاني التغريبُ النفيُ عن البلد الذي وَقَعَتِ الجِنايةُ فيه يقال أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه والتَّغَرُّبُ البُعْدُ وفي الحديث أَن رجلاً قال له إِنَّ امرأَتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِس فقال غرِّبْها أَي أَبْعِدْها يريدُ الطلاق وغَرَّبَت الكلابُ أَمْعَنَتْ في طلب الصيد وغَرَّبه وغَرَّبَ عليه تَرَكه بُعْداً والغُرْبةُ والغُرْب النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ قال المُتَلَمِّسُ
أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بن مالكٍ ... رِسالةَ مَن قد صار في الغُرْبِ جانِبُهْ
والاغْتِرابُ والتغرُّب كذلك تقول منه تَغَرَّبَ واغْتَرَبَ وقد غَرَّبه الدهرُ ورجل غُرُب بضم الغين والراء وغريبٌ بعيد عن وَطَنِه الجمع غُرَباء والأُنثى غَريبة قال
إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ ... سُهَيْلٌ أَذاعَتْ غَزْلَها في الغَرائبِ
أَي فَرَّقَتْه بينهنّ وذلك أَن أَكثر من يَغْزِل بالأُجرة إِنما هي غريبةٌ وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم سُئِلَ عن الغُرباء فقال الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِي وفي حديث آخر إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريباً وسيعود غريباً كما بَدأَ فطوبَى للغُرباءِ أَي إِنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده لقلة المسلمين يومئذ وسيعودُ غريباً كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء فطُوبى للغُرَباء أَي الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في أَوّل الإِسلام ويكونون في آخره وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلاً وآخراً ولُزومهم دينَ الإِسلام وفي حديث آخر أُمَّتِي كالمطر لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها قال وليس شيءٌ من هذه الأُحاديث مخالفاً للآخر وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا قليلاً وهم في آخر الزمان يَقِلُّون إِلاَّ أَنهم خيارٌ ومما يَدُلُّ على هذا المعنى الحديثُ الآخر خِيارُ أُمَّتِي أَوَّلُها وآخِرُها وبين ذلك ثَبَجٌ أَعْوَجُ ليس منكَ ولَسْتَ منه ورَحَى اليدِ يُقال لها غَريبة لأَنّ الجيران يَتعاورُونها بينهم وأَنشد بعضُهم
كأَنَّ نَفِيَّ ما تَنْفِي يَداها ... نَفِيُّ غريبةٍ بِيَدَيْ مُعِينِ
والمُعينُ أَن يَسْتعينَ المُدير بيد رجل أَو امرأَة يَضَعُ يده على يده إِذا أَدارها واغْتَرَبَ الرجلُ نَكَح في الغَرائبِ وتَزَوَّجَ إِلى غير أَقاربه وفي الحديث اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا أَي لا يتزوّج الرجلُ القرابة القريبةَ فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً والاغْتِرابُ افتِعال من الغُرْبة أَراد تَزَوَّجُوا إِلى الغرائب من النساءِ غير الأَقارب فإِنه [ ص 640 ] أَنْجَبُ للأَولاد ومنه حديث المُغِيرة ولا غريبةٌ نَجِيبةٌ أَي إِنها مع كونها غريبةً فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد وفي الحديث إِنّ فيكم مُغَرِّبين قيل وما مُغَرِّبون ؟ قال الذين يَشترِكُ فيهم الجنُّ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دخل فيهم عِرْقٌ غريبٌ أَو جاؤُوا من نَسَبٍ بعيدٍ وقيل أَراد بمشاركة الجنّ فيهم أَمْرَهم إِياهم بالزنا وتحسينَه لهم فجاء أَولادُهم عن غير رِشْدة ومنه قولُه تعالى وشارِكْهُم في الأَموال والأَولاد ابن الأَعرابي التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِيضٍ والتغريبُ أَن يأْتِيَ ببَنينَ سُودٍ والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ وهو الجَلِيدُ والثَّلْج فيأْكلَه وأَغْرَبَ الرجلُ صار غريباً حكاه أَبو نصر
وقِدْحٌ غريبٌ ليس من الشجر التي سائرُ القِداحِ منها ورجل غريبٌ ليس من القوم ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً بضم الغين والراءِ وتثنيته غُرُبانِ قال طَهْمانُ بن عَمْرو الكِلابيّ
وإِنيَ والعَبْسِيَّ في أَرضِ مَذْحِجٍ ... غَريبانِ شَتَّى الدارِ مُخْتلِفانِ
وما كان غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِيَّةً ... ولكننا في مَذْحِجٍ غُرُبانِ
والغُرباءُ الأَباعِدُ أَبو عمرو رجل غَريبٌ وغَريبيٌّ وشَصِيبٌ وطارِيٌّ وإِتاوِيٌّ بمعنى والغَريبُ الغامِضُ من الكلام وكَلمة غَريبةٌ وقد غَرُبَتْ وهو من ذلك وفرس غَرْبٌ مُتَرامٍ بنفسه مُتَتابعٌ في حُضْره لا يُنْزِعُ حتى يَبْعَدَ بفارسه وغَرْبُ الفَرَسِ حِدَّتُه وأَوَّلُ جَرْيِه تقول كَفَفْتُ من غَرْبه قال النابغة الذبياني
والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِها ... كالطَّيْرِ يَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ
قال ابن بري صوابُ انشادِهِ والخيلَ بالنصب لأَنه معطوف على المائة من قوله
الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها ... سَعْدانُ تُوضِحَ في أَوبارِها اللِّبَدِ
والشُّؤْبُوبُ الدَّفْعةُ من المَطر الذي يكون فيه البَرَدُ والمَزْعُ سُرْعةُ السَّيْر والسَّعْدانُ تَسْمَنُ عنه الإِبل وتَغْزُر أَلبانُها ويَطِيبُ لحمها وتُوضِحُ موضع واللِّبَدُ ما تَلَبَّدَ من الوَبر الواحدةُ لِبْدَة التهذيب يقال كُفَّ من غَرْبك أَي من حِدَّتك والغَرْبُ حَدُّ كلِّ شيء وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه وكذلك غُرابه وفرسٌ غَرْبٌ كثيرُ العَدْوِ قال لبِيد
غَرْبُ المَصَبَّةِ مَحْمودٌ مَصارِعُه ... لاهي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ
أَراد بقوله غرْبُ المَصَبَّة أَنه جَوَادٌ واسِعُ الخَيْر والعَطاء عند المَصَبَّة أَي عند إِعْطاءِ المال يُكْثِرُه كما يُصَبُّ الماءُ وعينٌ غَرْبةٌ بعيدةُ المَطْرَح وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح العين والأُنثى غَربةُ العين وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بقوله
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ ... غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ المَسَامْ
وأَغْرَبَ الرجلُ جاءَ بشيءٍ غَريب وأَغْرَب عليه وأَغْرَب به صَنَع به صُنْعاً قبيحاً الأَصمعي أَغْرَب الرجلُ في مَنْطِقِه إِذا لم يُبْقِ شَيْئاً إِلاَّ تكلم [ ص 641 ] به وأَغْرَبَ الفرسُ في جَرْيه وهو غاية الاكثار وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه من مرضٍ أَو غيره قال الأَصمعي وغيره وكُلُّ ما وَاراك وسَتَرك فهو مُغْرِبٌ وقال ساعدة الهُذَليُّ
مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم يُبْصِرُها ... من المَغارِبِ مَخْطُوفُ الحَشَا زَرِمُ
وكُنُسُ الوَحْش مَغارِبُها لاسْتتارها بها وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ على الإِضافة عن أَبي عليّ طائرٌ عظيم يَبْعُدُ في طَيرانه وقيل هو من الأَلْفاظِ الدالةِ على غير معنى التهذيب والعَنْقاءُ المُغْرِبُ قال هكذا جاءَ عن العَرَب بغير هاء وهي التي أَغْرَبَتْ في البلادِ فَنَأَتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ وقال أَبو مالك العَنْقاءُ المُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة في أَعْلى الجَبَل الطويل وأَنْكر أَن يكون طائراً وأَنشد
وقالوا الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ حَلَّقَتْ ... به المُغْرِبُ العَنْقاءُ إِنْ لم يُسَدَّدِ
ومنه قالوا طارَتْ به العَنْقاءُ المُغْرِبُ قال الأَزهري حُذفت هاء التأْنيث منها كما قالوا لِحْيةٌ ناصِلٌ وناقة ضامر وامرأَة عاشق وقال الأَصمعي أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غريب وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه حتى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه وهو مُغْرِبٌ وفي الحديث طارتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبٌ أَي ذَهَبَتْ به الداهيةُ والمُغْرِبُ المُبْعِدُ في البلاد وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كان لا يَدْري مَن رَماه وقيل إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي وقيل إِذا تَعَمَّد به غيرَه فأَصابه وقد يُوصَف به وهو يسكَّن ويحرك ويضاف ولا يضاف وقال الكسائي والأَصمعي بفتح الراءِ وكذلك سَهْمُ غَرَضٍ وفي الحديث أَن رجلاً كان واقِفاً معه في غَزاةٍ فأَصَابَه سَهْمُ غَرْبٍ أَي لا يُعْرَفُ راميه يقال سَهْمُ غرب وسهمٌ غَربٌ بفتح الراءِ وسكونها بالإِضافة وغير الإِضافة وقيل هو بالسكون إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي وبالفتح إِذا رماه فأَصاب غيره قال ابن الأَثير والهروي لم يثبت عن الأَزهري إِلا الفتح والغَرْبُ والغَرْبة الحِدَّةُ ويقال لِحَدِّ السيف غَرْبٌ ويقال في لسانه غَرْبٌ أَي حِدَّة وغَرْبُ اللسانِ حِدَّتُه وسيفٌ غَرْبٌ قاطع حديد قال الشاعر يصف سيفاً غَرْباً سريعاً في العِظامِ الخُرْسِ ولسان غَرْبٌ حَديدٌ وغَرْبُ الفرس حِدَّتُه وفي حديث ابن عباس ذَكَر الصِّدِّيقَ فقال كانَ واللّهِ بَرّاً تَقِيّاً يُصَادَى غَرْبُه
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) غرب الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ وفي رواية يُصَادَى منه غَرْبٌ الغَرْبُ الحِدَّةُ ومنه غَرْبُ السيف أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى ومنه حديث عمر فَسَكَّنَ من غَرْبه وفي حديث عائشة قالت عن زينب رضي اللّه عنها كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ ما خَلا سَوْرَةً من غَرْبٍ كانت فيها وفي حديث الحَسَن سُئل عن القُبلة للصائم فقال إِني أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّباب أَي حِدَّته والغَرْبُ النَّشاط والتَّمادِي واسْتَغْرَب في الضَّحِك واسْتُغْرِبَ أَكْثَرَ منه وأَغْرَبَ اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فيه واسْتَغْرَبَ عليه الضحكُ كذلك وفي الحديث أَنه ضَحِكَ حتى استَغْرَبَ أَي بالَغَ فيه يُقال أَغْرَبَ في ضَحِكه واسْتَغْرَبَ وكأَنه من الغَرْبِ البُعْدِ [ ص 642 ] وقيل هو القَهْقهة وفي حديث الحسن إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً في الصلاة أَعادَ الصلاةَ قال وهو مذهب أَبي حنيفة ويزيد عليه إِعادةَ الوضوء وفي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة أَعُوذُ بك من كل شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ وكُلِّ نَبَطِيٍّ مُسْتَعْرِبٍ قال الحَرْبيُّ أَظُنُّه الذي جاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ كأَنه من الاسْتِغْراب في الضَّحِك ويجوز أَن يكون بمعنى المُتَناهِي في الحِدَّةِ من الغَرْبِ وهي الحِدَّةُ قال الشاعر
فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلاَّ تَبَسُّماً ... ولا يَنْسُبُونَ القولَ إِلاَّ تَخَافِيَا
شمر أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه والغَرْبُ الرَّاوِيَةُ التي يُحْمَلُ عليها الماء والغَرْبُ دَلْو عظيمة من مَسكِ ثَوْرٍ مُذَكَّرٌ وجمعهُ غُروبٌ الأَزهري الليث الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ وأَنشد في يوم غَرْبٍ وماءُ البئر مُشْتَرَكُ قال أُراه أَراد بقوله في يوم غَربٍ أَي في يوم يُسْقَى فيه بالغَرْبِ وهو الدلو الكبير الذي يُسْتَقَى به على السانية ومنه قول لبيد
فصَرَفْتُ قَصْراً والشُّؤُونُ كأَنها ... غَرْبٌ تَخُبُّ به القَلُوصُ هَزِيمُ
وقال الليث الغَرْبُ في بيت لبيدٍ الرَّاوية وإِنما هو الدَّلْو الكَبيرةُ وفي حديث الرؤيا فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ فاسْتَحالَتْ في يَدِه غَرْباً الغَرْبُ بسكون الراءِ الدلو العظيمة التي تُتَّخَذُ من جلدِ ثَوْرٍ فإِذا فتحت الراء فهو الماء السائل بين البئر والحوض وهذا تمثيل قال ابن الأَثير ومعناه أَن عمر لما أَخذ الدلو ليستقي عَظُمَتْ في يده لأَن الفُتُوح كان في زمنه أَكْثَرَ منه في زمن أَبي بكر رضي اللّه عنهما ومعنى اسْتَحالَتْ انقلبتْ عن الصِّغَر إِلى الكِبَر وفي حديث الزكاة وما سُقِيَ بالغَرْبِ ففيه نِصْفُ العُشْر وفي الحديث لو أَنَّ غَرْباً من جهنم جُعِلَ في الأَرض لآذى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه ما بين المَشْرق والمغرب والغَرْبُ عِرْقٌ في مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِي ولا يَنْقَطِع وهو كالناسُور وقيل هو عرقٌ في العين لا ينقطع سَقْيُه قال الأَصمعي يقال بعينه غَرْبٌ إِذا كانت تسيل ولا تَنْقَطع دُمُوعُها والغَرْبُ مَسِيلُ الدَّمْع والغَرْبُ انْهِمالُه من العين والغُرُوبُ الدُّموع حين تخرج من العين قال
ما لكَ لا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو ... إِلاَّ لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي
واحِدُها غَرْبٌ والغُروبُ أَيضاً مَجارِي الدَّمْعِ وفي التهذيب مَجارِي العَيْنِ وفي حديث الحسن ذَكَر ابنَ عباس فقال كان مِثَجّاً يَسِيلُ غَرْباً الغَرْبُ أَحدُ الغُرُوبِ وهي الدُّمُوع حين تجري يُقال بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها ولم ينقطعْ فشَبَّه به غَزَارَة علمه وأَنه لا ينقطع مَدَدُه وجَرْيُه وكلُّ فَيْضَة من الدَّمْع غَرْبٌ وكذلك هي من الخمر واسْتَغْرَبَ الدمعُ سال وغَرْبَا العين مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها وللعين غَرْبانِ مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها والغَرْبُ بَثْرة تكون في العين تُغِذُّ ولا تَرْقأُ [ ص 643 ] وغَرِبَت العينُ غَرَباً وَرِمَ مَأْقُها وبعينه غَرَبٌ إِذا كانت تسيل فلا تنقطع دُموعُها والغَرَبُ مُحَرَّك الخَدَرُ في العين وهو السُّلاقُ وغَرْبُ الفم كثرةُ ريقِه وبَلَلِه وجمعه غُرُوبٌ وغُروبُ الأَسنانِ مَناقِعُ ريقِها وقيل أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها قال
عَنترة
إِذْ تَستَبِيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ ... عَذْبٍ مُقَبَّلُه لَذِيذ المَطْعَمِ وغُروبُ الأَسنانِ الماءُ الذي يَجرِي عليها الواحد غَرْبٌ وغُروبُ الثَّنايا حدُّها وأُشَرُها وفي حديث النابغة تَرِفُّ غُروبُه هي جمع غَرْب وهو ماء الفم وحِدَّةُ الأَسنان والغَرَبُ الماءُ الذي يسيل من الدَّلْو وقيل هو كلُّ ما انصَبَّ من الدلو من لَدُنْ رأْسِ البئر إِلى الحوضِ وقيل الغَرَبُ الماءُ الذي يَقْطُر من الدِّلاءِ بين البئر والحوض وتتغير ريحُه سريعاً وقيل هو ما بين البئر والحوض أَو حَوْلَهُما من الماءِ والطين قال ذو الرمة
وأُدْرِكَ المُتَبَقَّى من ثَميلَتِه ... ومن ثَمائِلها واسْتُنشِئَ الغَرَبُ
وقيل هو ريح الماء والطين لأَنه يتغير ريحُهُ سريعاً ويقال للدَّالج بين البئر والحوْض لا تُغْرِبْ أَي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما فتَوْحَل وأَغْرَبَ الحَوضَ والإِناءَ ملأَهما وكذلك السِّقاءَ قال بِشْر بن أَبي خازِم
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ غَداةَ تَحَمَّلُوا ... سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَليجٍ مُغْرَبِ
وأَغربَ الساقي إِذا أَكثر الغَرْبَ والإِغرابُ كثرةُ المال وحُسْنُ الحال من ذلك كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه وحُسنَ الحال يَمْلأُ نفسَ ذي الحال قال عَدِيُّ بن زيد العِبادِيّ
أَنتَ مما لَقِيتَ يُبْطِرُكَ الإِغ ... رابُ بالطَّيشِ مُعْجَبٌ مَحبُورُ
والغَرَبُ الخَمْرُ قال
دَعِيني أَصْطَبِحْ غَرَباً فأُغْرِبْ ... مع الفِتيانِ إِذ صَبَحوا ثُمُودا
والغَرَبُ الذَّهَبُ وقيل الفضَّة قال الأَعشى
إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقاة ... تَرامَوْا به غَرَباً أَو نُضارا
نَصَبَ غَرَباً على الحال وإِن كان جَوْهراً وقد يكون تمييزاً ويقال الغَرَب جامُ فِضَّةٍ قال الأَعشى
فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ كما ... دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا
قال ابن بري هذا البيت للبيد وليس للأَعشى كما زعم الجوهري والرَّكاء بفتح الراءِ موضع قال ومِن الناسِ مَن يكسر الراء والفتح أَصح ومعنى دَعدَعَ مَلأَ وصَفَ ماءَينِ التَقَيا من السَّيل فملآ سُرَّة الرَّكاءِ كما ملأَ ساقي الأَعاجِمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً قال وأَما بيت الأَعشى الذي وقع فيه الغَرَبُ بمعنى الفضة فهو قوله تَرامَوا به غَرَباً أَو نُضارا والأَزهر إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فيه الخمرُ وانكبابُه إِذا صُبَّ منه في القَدَح وتَراميهم بالشَّراب هو مُناوَلةُ بعضهم بعضاً أَقداحَ الخَمْر والغَرَبُ [ ص 644 ] الفضة والنُّضارُ الذَّهَبُ وقيل الغَرَبُ والنُّضار ضربان من الشجر تُعمل منهما الأَقْداحُ التهذيب الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى منه الأَقْداحُ البِيضُ والنُّضار شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقداح صُفْر الواحدةُ غَرْبَةٌ وهي شَجَرة ضَخْمةٌ شاكة خَضراءُ وهي التي يُتَّخَذُ منها الكُحَيلُ وهو القَطِرانُ حِجازية قال الأَزهري والأَبهَلُ هو الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ منه ابن سيده والغَرْبُ بسكون الراءِ شجرة ضَخْمة شاكة خَضْراءُ حِجازِيَّة وهي التي يُعْمَلُ منها الكُحيلُ الذي تُهْنأُ به الإِبلُ واحِدَتُه غَرْبة والغَرْبُ القَدَح والجمع أَغْراب قال الأَعشى
باكَرَتْهُ الأَغْرابُ في سِنَةِ النَّوْ ... مِ فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ
ويُروى باكَرَتْها والغَرَبُ ضَرْبٌ من الشجر واحدته غَرَبَةٌ قاله الجوهري ( 1 )
( 1 قوله « قاله الجوهري » أي وضبطه بالتحريك بشكل القلم وهو مقتضى سياقه فلعله غير الغرب الذي ضبطه ابن سيده بسكون الراء ) وأَنشد عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لا الغَرَبُ قال وهو اسْبِيدْدارْ بالفارسية والغَرَبُ داء يُصِيبُ الشاةَ فيتَمَعَّط خُرْطُومُها ويَسْقُطُ منه شَعَرُ العَين والغَرَبُ في الشاة كالسَّعَفِ في الناقة وقد غَرِبَت الشاةُ بالكسر والغارِبُ الكاهِلُ من الخُفِّ وهو ما بين السَّنام والعُنُق ومنه قولهم حَبْلُكِ على غارِبكِ وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته في الجاهلية قال لها حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ قال الأَصمعي وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها أُلْقِيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها المَرْعى قال معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ اعمَلي ما شِئْتِ والغارِب أَعْلى مُقَدَّم السَّنام وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ وتقول أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير لا يُمْنَعُ من شيءٍ فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّيَ سَبِيلُك فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى وورد في الحديث في كنايات الطلاق حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح والغارِبانِ مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه وغَوارِبُ الماءِ أَعاليه وقيل أَعالي مَوْجِه شُبِّهَ بغَوارِبِ الإِبل وقيل غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه الليث الغارِبُ أَعْلى المَوْج وأَعلى الظَّهر والغارِبُ أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام وبعيرٌ ذُو غارِبَين إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً وأَكثرُ ما يكون هذا في البَخاتِيِّ التي أَبوها الفالِجُ وأُمها عربية وفي حديث الزبير فما زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج الغاربُ مُقَدَّمُ السَّنام والذِّرْوَةُ أَعلاه أَراد أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ والأَصل فيه أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ لِيَزُمَّه ويَنْقاد له جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه ويَمسَحُ غاربَه ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْتَأْنِسَ ويَضَعَ فيه الزِّمام [ ص 645 ] والغُرابانِ طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِيانِ أَعالي الفَخِذَين وقيل هما رُؤُوس الوَرِكَين وأَعالي فُرُوعهما وقيل بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة وقيل هما عَظْمانِ شاخصانِ يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ والغُرابانِ من الفَرس والبعير حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى والجمع غِربانٌ قال الراجز يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ وقال ذو الرمة
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائلَ بَعْدما ... تَقَوَّبَ عن غِرْبان أَوْراكها الخَطْرُ
أَراد تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ فقلبه لأَن المعنى معروف كقولك لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي وقيل الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها أَنشد ابن الأَعرابي
سأَرْفَعُ قَوْلاً للحُصَينِ ومُنْذِرٍ ... تَطِيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ المَواسم
قال الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم والغِرْبانُ غِرْبانُ الإِبِلِ والغُرابانِ طَرَفا الوَرِك اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ والمعنى أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى المَواسم وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها وهذا كما قال الآخر
وإِنَّ عِتاقَ العِيسِ سَوْفَ يَزُورُكُمْ ... ثَنائي على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ
فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور وقيل إِنما خصَّ الأَعْجازَ والأَوْراكَ لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها وشدَّها على عَجُز بعيره والغُرابُ حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ والغُرابُ الطائرُ الأَسْوَدُ والجمع أَغْرِبة وأَغْرُبٌ وغِرْبانٌ وغُرُبٌ قال وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ وغَرابِينُ جمعُ الجمع والعرب تقول فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ وأَحْذَرُ من غُرابٍ وأَزْهَى من غُرابٍ وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ قالوا وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِير غُرابُها ويقولون وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ وذلك أَنه يتَّبِعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِيه ويقولون أَشْأَمُ من غُرابٍ وأَفْسَقُ من غُراب ويقولون طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه ومنه قوله ولمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ وفي الحديث أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ لمَا فيه من البُعْدِ ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور وفي حديث عائشة لمّا نَزَلَ قولُه تعالى ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان جمع غُراب كما قال الكميت كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ وقوله
زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ ... فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا
إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه وقوله [ ص 646 ]
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) غرب الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ فَطَيَّرَه الشَّيْبُ لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِي الشعرُ مُبْيَضّاً وغُرابٌ غاربٌ على المبالغة كما قالوا شِعْرٌ شاعِرٌ ومَوتٌ مائِتٌ قال رؤبة فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا والغُرابُ قَذالُ الرأْس يقال شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه وغُرابُ الفأْسِ حَدُّها وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً
فأَنْحَى عليها ذاتَ حَدٍّ غُرابُها ... عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ مُشارِزُ
وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف والغرابُ اسم فرسٍ لغَنِيٍّ على التشبيه بالغُرابِ من الطَّيرِ ورِجْلُ الغُراب ضَرْبٌ من صَرِّ الإِبلِ شديدٌ لا يَقْدِرُ الفَصِيلُ على أَن يَرْضَعَ معه ولا يَنْحَلُّ وأَصَرَّ عليه رِجْلَ الغرابِ ضاقَ عليه الأَمْرُ وكذلك صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ قال الكُمَيْتُ
صَرَّ رِجْلَ الغُرابِ مُلْكُكَ في النا ... سِ على من أَرادَ فيه الفُجُورا
ويروى صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ ورجلَ الغرابِ مُنْتَصِبٌ على المَصْدَر تقديره صَرّاً مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الغراب وإِذا ضاقَ على الإِنسان معاشُه قيل صُرَّ عليه رِجْلُ الغُرابِ ومنه قول الشاعر
إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ ... ذَكَرْتُكَ فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِيرُ
وأَغرِبةُ العَرَبِ سُودانُهم شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ في لَوْنِهِم والأَغْرِبَةُ في الجاهلية عَنْترةُ وخُفافُ ابن نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ وأَبو عُمَيرِ بنُ الحُبابِ السُّلَمِيُّ أَيضاً وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ وهشامُ ابنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ إِلا أَنَّ هشاماً هذا مُخَضْرَمٌ قد وَلِيَ في الإِسلام قال ابن الأَعرابي وأَظُنُّهُ قد وَلِيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر ومن الإِسلاميين عبدُاللّه بنُ خازم وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الحُبابِ السُّلَمِيُّ وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِيّ ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ ومَطَرُ ابن أَوْفى المازِنيّ وتأَبَّطَ شَرّاً والشّنْفَرَى ( 1 )
( 1 ليس تأبّط شراً والشنفرى من الإسلاميين وإنما هما جاهليّان )
وحاجِزٌ قال ابن سيده كل ذلك عن ابن الأَعرابي قال ولم يَنْسُبْ حاجزاً هذا إِلى أَب ولا أُم ولا حيٍّ ولا مكانٍ ولا عَرَّفَه بأَكثر من هذا وطار غرابُها بجَرادتِكَ وذلك إِذا فات الأَمْرُ ولم يُطْمَعْ فيه حكاهُ ابنُ الأَعرابي وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ شديدُ السوادِ وقولُ بِشْر بن أَبي خازم
رأَى دُرَّة بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها ... سُخامٌ كغِرْبانِ البَريرِ مُقَصَّبُ
يعني به النضيج من ثَمَر الأَراك الأَزهري وغُرابُ البَرِيرِ عُنْقُودُه الأَسْوَدُ وجمعه غِرْبانٌ وأَنشد بيت بشر بن أَبي خازم ومعنى يَحْفِلُ لَوْنَها يَجْلُوه والسُّخَامُ كُلُّ شيءٍ لَيِّن من صوف أَو قطن أَو غيرهما وأَراد به شعرها والمُقَصَّبُ المُجَعَّدُ وإِذا قلت غَرابيبُ سُودٌ تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلاً من غَرابيبِ لأَن توكيد الأَلوان لا يتقدَّم وفي الحديث إِن اللّه يُبْغِضُ الشيخَ الغِرْبِيبَ هو [ ص 647 ] الشديدُ السواد وجمعُه غَرابيبُ أَراد الذي لا يَشيبُ وقيل أَراد الذي يُسَوِّدُ شَيْبَه والمَغارِبُ السُّودانُ والمَغارِبُ الحُمْرانُ والغِرْبِيبُ ضَرْبٌ من العِنَب بالطائف شديدُ السَّوادِ وهو أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه وأَشَدُّه سَواداً والغَرَبُ الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرس مع ابْيضاضِها وعينٌ مُغْرَبةٌ زَرْقاءُ بيضاءُ الأَشْفارِ والمَحاجِر فإِذا ابْيَضَّتْ الحَدَقةُ فهو أَشدُّ الإِغرابِ والمُغْرَبُ الأَبيضُ قال مُعَوية الضَّبِّيُّ
فهذا مَكاني أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً ... وحتى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلَّمُ
ومعناه أَنه وَقَعَ في مكان لا يَرْضاه وليس له مَنْجًى إِلاّ أَن يصير القارُ أَبيضَ وهو شِبه الزفت أَو تُكَلِّمَه الجبالُ وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة ابن الأَعرابي الغُرْبةُ بياض صِرْفٌ والمُغْرَبُ من الإِبل الذي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه وحَدَقَتاه وهُلْبُه وكلُّ شيء منه وفي الصحاح المُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ من كل شيءٍ قال الشاعر
شَرِيجَانِ من لَوْنَيْنِ خِلْطانِ منهما ... سَوادٌ ومنه واضِحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ
والمُغْرَبُ من الخَيل الذي تَتَّسِعُ غُرَّتُه في وجهِه حتى تُجاوِزَ عَيْنَيْه وقد أُغْرِبَ الفرسُ على ما لم يُسمَّ فاعله إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه عينيه وابْيَضَّت الأَشفارُ وكذلك إِذا ابيضتْ من الزَّرَق أَيضاً وقيل الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ مما يَلي الخاصرةَ وقيل المُغْرَب الذي كلُّ شيء منه أَبيضُ وهو أَقْبَحُ البياض والمُغْرَبُ الصُّبْح لبياضه والغُرابُ البَرَدُ لذلك وأُغْرِبَ الرجلُ وُلِدَ له وَلدٌ أَبيضُ وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه عن الأَصمعي والغَرْبِيُّ صِبْغٌ أَحْمَرُ والغَرْبيُّ فَضِيخُ النبيذِ وقال أَبو حنيفة الغَرْبِيُّ يُتَّخَذُ من الرُّطَب وَحْده ولا يَزال شارِبُه مُتَماسِكاً ما لم تُصِبْه الريحُ فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ وأَصابتْه الريحُ ذَهَبَ عقلُه ولذلك قال بعضُ شُرَّابه
إِنْ لم يكنْ غَرْبِيُّكُم جَيِّداً ... فنحنُ باللّهِ وبالرِّيحِ
وفي حديث ابن عباس اخْتُصِمَ إِليه في مَسِيلِ المَطَر فقال المَطَرُ غَرْبٌ والسَّيْلُ شَرْقٌ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَأُ من غَرْبِ القِبْلَة والعَيْنُ هناك تقول العربُ مُطِرْنا بالعَيْن إِذا كان السحابُ ناشئاً من قِبْلة العِراق وقوله والسَّيْلُ شَرْقٌ يريد أَنه يَنْحَطُّ من ناحيةِ المَشْرِقِ لأَن ناحيةَ المشرق عاليةٌ وناحية المغرب مُنْحَطَّة قال ذلك القُتَيْبي قال ابن الأَثير ولعله شيء يختص بتلك الأَرض التي كان الخِصَام فيها وفي الحديث لا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظاهرين على الحق قيل أَراد بهم أَهلَ الشام لأَنهم غَرْبُ الحجاز وقيل أَراد بالغرب الحِدَّةَ والشَّوْكَةَ يريد أَهلَ الجهاد وقال ابن المدائني الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ وأَراد بهم العَرَبَ لأَنهم أَصحابها وهم يَسْتَقُون بها وفي حديث الحجاج لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ قال ابن الأَثير هذا مَثَلٌ ضَرَبه لنَفْسه مع رعيته يُهَدِّدُهم وذلك أَن الإِبل إِذا وردت الماء فدَخَلَ [ ص 648 ] عليها غَريبةٌ من غيرها ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حتى تَخْرُجَ عنها وغُرَّبٌ اسم موضع ومنه قوله في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ ابن سيده وغُرَّبٌ بالتشديد جبل دون الشام في بلاد بني كلب وعنده عين ماء يقال لها الغُرْبة والغُرُبَّةُ وهو الصحيح والغُراب جَبَلٌ قال أَوْسٌ
فَمُنْدَفَعُ الغُلاَّنِ غُلاَّنِ مُنْشِدٍ ... فنَعْفُ الغُرابِ خُطْبُه فأَساوِدُهْ
والغُرابُ والغَرابةُ مَوْضعان ( 1 )
( 1 قوله « والغراب والغرابة موضعان » كذا ضبط ياقوت الأول بضمه والثاني بفتحه وأنشد بيت ساعدة ) قال ساعدةُ ابنُ جُؤَيَّةَ
تذَكَّرْتُ مَيْتاً بالغَرابةِ ثاوِياً ... فما كانَ لَيْلِي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ
وفي ترجمة غرن في النهاية ذِكْرُ غُران هو بضم الغين وتخفيف الراء وادٍ قريبٌ من الحُدَيْبية نَزَلَ به سيدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مسيره فأَما غُرابٌ بالباءِ فجبل بالمدينة على طريق الشام والغُرابُ فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ والغُرابِيُّ ضَرْبٌ من التمر عن أَبي حنيفة

غسلب
الغَسْلَبة انْتِزاعُكَ الشيءَ من يَدِ الإِنسان كالمُغْتَصِبِ له

غشب
الغَشْبُ لغة في الغَشْم قال ابن دريد وأَحسب أَن الغَشَبَ موضع لأَنهم قد سَمَّوْا غَشَبِيّاً فيجوز أَن يكون منسوباً إِليه

غشرب
الغَشَرَّبُ الأَسد ورجلٌ غُشارِبٌ جَريءٌ ماضٍ والعين لغة في ذلك وقد تقدّم

غصب
الغَصْبُ أَخْذُ الشيءِ ظُلْماً غَصَبَ الشيءَ يَغْصِبُه غَصْباً واغْتَصَبَه فهو غاصِبٌ وغَصَبه على الشيءِ قَهَره وغَصَبَه منه والاغْتِصَابُ مِثْلُه والشَّيْءُ غَصْبٌ ومَغْصُوب الأَزهري سمعت العرب تقول غَصَبْتُ الجِلْدَ غَصْباً إِذا كَدَدْتَ عنه شَعَرَه أَو وَبَره قَسْراً بِلا عَطْن في الدِّباغِ ولا إِعْمالٍ في نَدًى أَو بَوْلٍ ولا إِدراج وتكرّر في الحديثِ ذِكْرُ الغَصْبِ وهو أَخْذُ مالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدْواناً وفي الحديث أَنه غَصَبَها نَفْسَها أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً فاستعاره للجِماعِ

غضب
الغَضَبُ نَقِيضُ الرِّضَا وقد غَضِبَ عليه غَضَباً ومَغْضَبَةً وأَغْضَبْتُه أَنا فَتَغَضَّبَ وغَضِبَ له غَضِبَ على غيره من أَجله وذلك إِذا كان حَيّاً فإِن كان ميتاً قلت غَضِبَ به قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة يَرْثِي أَخاه عَبْدَاللّه
فإِن تُعْقِب الأَيامُ والدَّهْرُ فاعْلَمُوا ... بني قَارِبٍ أَنَّا غِضَابٌ بمَعْبَدِ ( 2 )
( 2 قوله « فاعلموا » كذا أنشده في المحكم وأنشده في الصحاح والتهذيب تعلموا )
وإِنْ كانَ عبدُاللّه خَلَّى مَكانَه ... فما كانَ طَيَّاشاً ولا رَعِشَ اليَدِ
قوله مَعْبد يعني عبدَاللّه فاضْطُرَّ ومَعْبَدٌ مشتق من العَبْدِ
فقال بمَعْبَدٍ وإِنما هو عَبْدُاللّه ابن الصِّمَّة أَخوه وقوله تعالى غير المَغْضوبِ عليهم يعني اليهود [ ص 649 ] قال ابن عرفة الغَضَبُ من المخلوقين شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم ومنه محمود ومذموم فالمذموم ما كان في غير الحق والمحمود ما كان في جانب الدين والحق وأَما غَضَبُ اللّه فهو إِنكاره على من عصاه فيعاقبه وقال غيره المفاعيل إِذا وَلِيَتْها الصفاتُ فإِنك تُذَكِّر الصفات وتجمعها وتؤنثها وتترك المفاعيل على أَحوالها يقال هو مَغْضُوبٌ عليه وهي مَغْضُوبٌ عليها وقد تكرر الغضب في الحديث مِن اللّه ومِن الناس وهو مِن اللّه سُخْطُه على مَن عَصاه وإِعْراضُه عنه ومعاقبته له ورجلٌ غَضِبٌ وغَضُوبٌ وغُضُبٌّ بغير هاء وغُضُبَّة وغَضُبَّة بفتح الغين وضمها وتشديد الباء وغَضْبانُ يَغْضَبُ سريعاً وقيل شديد الغَضَب والأُنثى غَضْبَى وغَضُوبٌ قال الشاعر هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ( 1 )
( 1 قوله « وحب من إلخ » ضبط في التكملة حب بفتح الحاء ووضع عليها صح )
والجمع غِضَابٌ وغَضَابَى عن ثعلب وغُضابَى مثل سَكْرَى وسُكارى قال
فإِنْ كُنْتُ لم أَذكُرْكِ والقومُ بَعْضُهُمْ ... غُضَابَى على بَعْضٍ فَما لي وذَائِمُ
وقال اللحياني فلانٌ غَضْبانُ إِذا أَردتَ الحالَ وما هو بغَاضِبٍ عليك أَن تَشْتِمَهُ قال وكذلك يقال في هذه الحروف وما أَشبهها إِذا أَردتَ افْعَلُ ذاك إِن كنتَ تُرِيدُ أَن تفعل ولغة بني أَسد امرأَةٌ غَضْبَانةٌ ومَلآنة وأَشباهُها وقد أَغْضَبَه وغاضَبْتُ الرجلَ أَغْضَبْتُه وأَغْضَبَنِي وغَاضَبه راغَمه وفي التنزيل العزيز وذا النُّون إِذ ذَهَبَ مُغَاضِباً قيل مُغاضِباً لربه وقيل مُغاضِباً لقومه قال ابن سيده والأَوَّل أَصَحُّ لأَن العُقُوبة لم تَحِلَّ به إِلاَّ لمُغاضَبَتِه رَبَّه وقيل ذَهَبَ مُراغِماً لقومه وامرأَةٌ غَضُوبٌ أَي عَبُوس وقولهم غَضَبَ الخَيْلِ على اللُّجُم كَنَوْا بغَضَبِها عن عَضِّها على اللُّجُم كأَنها إِنما تَعَضُّها لذلك وقوله أَنشده ثعلب
تَغْضَبُ أَحْياناً على اللِّجامِ ... كغَضَبِ النارِ على الضِّرَامِ
فسره فقال تَعَضُّ على اللِّجامِ من مَرَحِها فكأَنها تَغْضَبُ وجَعَلَ للنار غَضَباً على الاستعارة أَيضاً وإِنما عَنى شِدَّةَ التهابها كقوله تعالى سَمِعُوا لها تَغَيُّظاً وزَفيراً أَي صَوْتاً كصَوْتِ المُتَغَيِّظ واستعاره الراعي للقِدْرِ فقال
إِذا أَحْمَشُوها بالوَقودِ تَغَضَّبَتْ ... على اللَّحْمِ حتى تَتْرُكَ العَظْمَ بادِيا
وإِنما يريد أَنها يَشتَدُّ غَلَيانُها وتُغَطْمِطُ فيَنضَجُ ما فيها حتى يَنْفَصِلَ اللحمُ من العظم وناقة غَضُوبٌ عَبُوسٌ وكذلك غَضْبى قال عنترة
يَنْباعُ من ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ ... زَيَّافةٍ مِثلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ
وقال أَيضاً
هِرٌّ جَنِيبٌ كلَّما عَطَفَتْ له ... غَضْبى اتَّقاها باليَدَيْنِ وبالفَمِ
والغَضُوبُ الحَيَّة الخبيثة والغُضابُ الجُدَرِيُّ وقيل هو داء آخر يَخرُجُ وليس بالجُدَرِيِّ [ ص 650 ] وقد غَضِبَ جِلدُه غَضَباً وغُضِبَ كلاهما عن اللحياني قال وغُضِبَ بصيغة فعل المفعول أَكثر وانه لَمَغْضُوبُ البَصَر أَي الجِلدِ عنه وأَصْبَح جِلدُه غَضَبةً واحدةً وحكى اللحياني غَضَبةً واحدةً وغَضْبةً واحدةً أَي أَلبَسَه الجُدَرِيُّ الكسائي إِذا أَلبَسَ الجُدَرِيُّ جِلدَ المَجدُورِ قيل أَصبحَ جِلدُه غَضْبةً واحدةً قال شمر روى أَبو عبيد هذا الحرف غَضْنةً بالنون والصحيح غَضْبةً بالباء وجَزْم الضاد وقال ابن الأَعرابي المَغْضُوبُ الذي قَد رَكِبَه الجُدَرِيُّ وغُضِبَ بَصَرُ فلان إِذا انْتَفَخَ من داءٍ يُصيبه يقال له الغُضابُ والغِضابُ والغَضْبةُ بَخْصةٌ تكون في الجَفْنِ الأَعْلى خِلْقةً وغَضِبَتْ عينُه وغُضِبَتْ ( 1 )
( 1 قوله وغضبت عينه وغضبت » أي كسمع وعني كما في القاموس وغيره ) وَرِمَ ما حَوْلها الفراء الغُضابيُّ الكَدِرُ في مُعاشَرته ومُخالَقته مأْخوذ من الغُضاب وهو القَذَى في العينين والغَضْبةُ الصَّخْرةُ الصُّلْبةُ المُرَكَّبةُ في الجَبلِ المُخالِفَةُ له قال أَو غَضْبة في هَضْبةٍ ما أَرْفَعا وقيل الغَضْبُ والغَضْبةُ صَخْرة رقيقة والغَضْبةُ الأَكَمة والغَضْبة قِطْعةٌ من جِلْدِ البعير يُطْوَى بعضُها إِلى بعض وتُجْعَلُ شبيهاً بالدَّرَقة التهذيب الغَضْبةُ جُنَّة تُتَّخذ من جُلود الإِبل تُلْبَسُ للقتال والغَضْبةُ جِلْدُ المُسِنِّ من الوُعُول حين يُسْلَخ وقال البُرَيْقُ الهُذَليُّ
فَلَعَمْرُ عَرْفِكَ ذِي الصُّماحِ كما ... غَضِبَ الشِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ
ورجل غُضَابٌ غَلِيظُ الجِلْدِ والغَضْبُ الثَّوْرُ والغَضْبُ الأَحمر الشديد الحُمْرة وأَحمرُ غَضْبٌ شديدُ الحُمْرة وقيل هو الأَحْمر في غِلَظٍ ويُقَوِّيه ما أَنشده ثعلب
أَحْمَرُ غَضْبٌ لا يُبالي ما اسْتَقَى ... لا يُسْمِعُ الدَّلْوَ إِذا الوِرْدُ التَقَى
قال لا يُسْمِعُ الدَّلْوَ لا يُضَيِّقُ فيها حتى تَخفَّ لأَنه قَوِيٌّ على حَمْلها وقيل الغَضْبُ الأَحْمَرُ من كل شيء وغَضُوبُ والغَضُوبُ اسم امرأَة وأَنشد بيت ساعدة بن جؤية
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ من يَتَجَنَّبُ ... وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
وقال
شابَ الغُرابُ ولا فُؤَادُكَ تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ ولا عِتابك يُعْتِبُ
فمَن قال غَضُوب فعلى قولِ مَنْ قال حارث وعَبَّاس ومَن قال الغَضُوب فعلى من قال الحارث والعباس ابن سيده وغَضْبَى اسم للمائة من الإِبل حكاه الزجاجي في نوادره وهي معرفة لا تُنوَّن ولا يَدخلُها الأَلف واللام وأَنشد ابن الأَعرابي
ومُسْتَخْلِفٍ من بَعْدِ غَضْبَى صَريمةً ... فأَحْرِ به لِطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيا
وقال أَراد النون الخفيفة فوقف ووجدت في بعض النسخ حاشية هذه الكلمة تصحيف مِن الجوهري ومِن جماعة وأَنها غَضْيا بالياءِ المثناة من تحتها مقصورة كأَنها شبهت في كثرتها بمنبت ونسب هذا التشبيه ليعقوب وعن أَبي عمرو الغَضْيا [ ص 651 ] واستشهد بالبيت أَيضاً والغِضَابُ مكان بمكة قال ربيعة بنُ الحَجْدَر الهذلي
أَلا عادَ هذا القلبَ ما هو عائدُه ... وراثَ بأَطْرافِ الغِضابِ عَوائدُه

غطرب
الغطْرَبُ الأَفْعى عن كراع

غلب
غَلَبه يَغْلِبُه غَلْباً وغَلَباً وهي أَفْصَحُ وغَلَبةً ومَغْلَباً ومَغْلَبةً قال أَبو المُثَلَّمِ
رَبَّاءُ مَرْقَبةٍ مَنَّاعُ مَغْلَبةٍ ... رَكَّابُ سَلْهبةٍ قَطَّاعُ أَقْرانِ
وغُلُبَّى وغِلِبَّى عن كراع وغُلُبَّةً وغَلُبَّةً الأَخيرةُ عن اللحياني قَهَره والغُلُبَّة بالضم وتشديد الباءِ الغَلَبةُ قال المَرَّار
أَخَذْتُ بنَجْدٍ ما أَخَذْتُ غُلُبَّةً ... وبالغَوْرِ لي عِزٌّ أَشَمُّ طَويلُ
ورجل غُلُبَّة أَي يَغْلِبُ سَريعاً عن الأَصمعي وقالوا أَتَذْكر أَيامَ الغُلُبَّةِ والغُلُبَّى والغِلِبَّى أَي أَيامَ الغَلَبة وأَيامَ من عَزَّ بَزَّ وقالوا لمنِ الغَلَبُ والغَلَبةُ ؟ ولم يقولوا لِمَنِ الغَلْبُ ؟ وفي التنزيل العزيز وهم من بَعْدِ غَلَبِهم سَيَغْلِبُون وهو من مصادر المضموم العين مثل الطَّلَب قال الفراءُ وهذا يُحْتَمَلُ أَن يكونَ غَلَبةً فحذفت الهاءُ عند الإِضافة كما قال الفَضْلُ بن العباس بن عُتْبة اللِّهْبيّ
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا ... وأَخْلَفُوكَ عِدَا الأَمْرِ الذي وَعَدُوا
أَراد عِدَةَ الأَمر فحذف الهاءَ عند الإِضافة وفي حديث ابن مسعود ما اجْتَمَعَ حلالٌ وحرامٌ إِلا غَلَبَ الحَرامُ الحَلالَ أَي إِذا امْتَزَجَ الحرامُ بالحَلال وتَعَذَّرَ تَمْييزهما كالماءِ والخمر ونحو ذلك صار الجميع حراماً وفي الحديث إِنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبي هو إِشارة إِلى سعة الرحمة وشمولها الخَلْقَ كما يُقال غَلَبَ على فلان الكَرَمُ أَي هو أَكثر خصاله وإِلا فرحمةُ اللّه وغَضَبُه صفتانِ راجعتان إِلى إِرادته للثواب والعِقاب وصفاتُه لا تُوصَفُ بغَلَبَةِ إِحداهما الأُخرى وإِنما على سبيل المجاز للمبالغة ورجل غالِبٌ مِن قوم غَلَبةٍ وغلاَّب من قوم غَلاَّبينَ ولا يُكَسَّر ورجل غُلُبَّة وغَلُبَّة غالِبٌ كثير الغَلَبة وقال اللحياني شديد الغَلَبة وقال لَتَجِدَنَّه غُلُبَّة عن قليل وغَلُبَّةَ أَي غَلاَّباً والمُغَلَّبُ المَغْلُوبُ مِراراً والمُغَلَّبُ من الشعراءِ المحكوم له بالغلبة على قِرْنه كأَنه غَلَب عليه وفي الحديث أَهلُ الجنةِ الضُّعَفاءُ المُغَلَّبُونَ المُغَلَّبُ الذي يُغْلَبُ كثيراً وشاعر مُغَلَّبٌ أَي كثيراً ما يُغْلَبُ والمُغَلَّبُ أَيضاً الذي يُحْكَمُ له بالغَلَبة والمراد الأَوَّل وغُلِّبَ الرجلُ فهو غالِبٌ غَلَبَ وهو من الأَضداد وغُلِّبَ على صاحبه حُكِمَ له عليه بالغلَبة قال امرؤُ القيس
وإِنَّكَ لم يَفْخَرْ عليكَ كفاخِرٍ ... ضَعِيفٍ ولم يَغْلِبْكَ مِثْلُ مُغَلَّبِ
وقد غالبَه مُغالبة وغِلاباً والغِلابُ المُغالَبة وأَنشد بيت كعب بن مالك
هَمَّتْ سَخِينَةُ أَن تُغالِبَ رَبَّها ... ولَيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلاَّبِ
[ ص 652 ] والمَغْلبة الغَلَبة قالت هِنْدُ بنتُ عُتْبة تَرْثي أَباها
يَدْفَعُ يومَ المَغْلَبَتْ ... يُطْعِمُ يومَ المَسْغَبَتْ
وتَغَلَّبَ على بلد كذا استولى عليه قَهْراً وغَلَّبْتُه أَنا عليه تَغْليباً محمدُ بنُ سَلاَّمٍ إِذا قالت العرب شاعر مُغَلَّبٌ فهو مغلوب وإِذا قالوا غُلِّبَ فلانٌ فهو غالب ويقال غُلَّبَتْ ليْلى الأَخْيَليَّة على نابِغة بني جَعْدَة لأَنها غَلَبَتْه وكان الجَعْدِيُّ مُغَلَّباً وبعير غُلالِبٌ يَغْلِبُ الإِبل بسَيْرِه عن اللحياني واسْتَغْلَبَ عليه الضحكُ اشتدَّ كاسْتَغْرَبَ والغَلَبُ غِلَظُ العُنق وعِظَمُها وقيل غِلَظُها مع قِصَرٍ فيها وقيل مع مَيَلٍ يكون ذلك من داءٍ أَو غيره غَلِبَ غَلَباً وهو أَغْلَبُ غليظُ الرَّقَبة وحكى اللحياني ما كان أَغْلَبَ ولقد غَلِبَ غَلَباً يَذْهَبُ إِلى الانتقال عما كان عليه قال وقد يُوصَفُ بذلك العُنُق نفسه فيقال عُنُق أَغْلَبُ كما يقال عُنقٌ أَجْيَدُ وأَوْقَصُ وفي حديث ابن ذي يَزَنَ بِيضٌ مَرازبةٌ غُلْبٌ جَحاجحة هي جمع أَغْلَب وهو الغليظ الرَّقَبة وهم يَصِفُون أَبداً السادةَ بغِلَظِ الرَّقبة وطُولِها والأُنثى غَلْباءُ وفي قصيد كعب غَلْباءُ وَجْناءُ عُلْكومٌ مُذَكَّرَةٌ وقد يُسْتَعْمَل ذلك في غير الحيوان كقولهم حَديقةٌ غَلْباءُ أَي عظيمةٌ مُتكاثفة مُلْتفَّة وفي التنزيل العزيز وحَدائِقَ غُلْباً وقال الراجز أَعْطَيْت فيها طائِعاً أَوكارِها حَديقةً غَلْباءَ في جِدارِها الأَزهري الأَغْلَبُ الغَلِيظُ القَصَرَةِ وأَسَدٌ أَغْلَبُ وغُلُبٌّ غَلِيظُ الرَّقَبة وهَضْبةٌ غَلْباءُ عَظِيمةٌ مُشْرِفة وعِزَّةٌ غَلْباءُ كذلك على المثل وقال الشاعر
وقَبْلَكَ ما اغْلَولَبَتْ تَغْلِبٌ ... بغَلْباءَ تَغْلِبُ مُغْلَولِبينا
يعني بِعِزَّة غَلْباءَ وقَبيلة غَلْباءُ عن اللحياني عَزيزةٌ ممتنعةٌ وقد غَلِبَتْ غَلَباً واغْلَولَبَ النَّبْتُ بَلَغَ كلَّ مَبْلَغٍ والتَفَّ وخَصَّ اللحيانيُّ به العُشْبَ واغْلَوْلَبَ العُشْبُ واغْلَولَبَتِ الأَرضُ إِذا التَفَّ عُشْبُها واغْلَولَبَ القومُ إِذا كَثُرُوا من اغْلِيلابِ العُشْبِ وحَديقَةٌ مُغْلَوْلِبَة ملْتفّة الأَخفش في قوله عز وجل وحدائقَ غُلْباً قال شجرة غَلْباءُ إِذا كانت غليظة وقال امرؤُ القيس
وشَبَّهْتُهُمْ في الآلِ لمَّا تَحَمَّلُوا ... حَدائِقَ غُلْباً أَو سَفِيناً مُقَيَّرا
والأَغْلَبُ العِجْليُّ أَحَدُ الرُّجَّاز وتَغْلِبُ أَبو قبيلة وهو تَغْلِبُ بنُ وائل بن قاسط بنِ هِنْبِ بنِ أَفْصَى بن دُعْمِيِّ بن جَديلَةَ ابن أَسَدِ بن ربيعةَ بن نِزار بن مَعَدِّ بن عَدْنانَ وقولهم تَغْلِبُ بنتُ وائِل إِنما يَذْهَبُون بالتأْنيث إِلى القبيلة كما قالوا تميمُ بنتُ مُرٍّ قال الوليد بن عُقْبة وكان وَليَ صَدَقات بني تَغْلِبَ
إِذا ما شَدَدْتُ الرأْسَ مِنِّي بِمِشْوَذٍ ... فَغَيَّكِ عَنِّي تَغْلِبَ ابنةَ وائِل
وقال الفرزدق
لولا فَوارِسُ تَغْلِبَ ابْنةِ وائِلٍ ... ورَدَ العَدُوُّ عليك كلَّ مَكانِ
[ ص 653 ] وكانت تَغْلِبُ تُسَمَّى الغَلْباءَ قال الشاعر
وأَوْرَثَني بَنُو الغَلْباءِ مَجْداً ... حَديثاً بعدَ مَجْدِهِمُ القَديمِ
والنسبة إليها تَغْلَبيٌّ بفتح اللام اسْتِيحاشاً لتَوالي الكسرتين مع ياءِ النسب وربما قالوه بالكسر لأَن فيه حرفين غير مكسورين وفارق النسبة إِلى نَمِر وبنو الغَلْباءِ حَيٌّ وأَنشد البيت أَيضاً وأَوْرَثَني بنُو الغَلْباءِ مَجْداً وغالِبٌ وغَلاَّبٌ وغُلَيْبٌ أَسماءٌ وغَلابِ مثل قَطامِ اسم امرأَة مِن العرب مَنْ يَبْنِيه على الكسرِ ومنهم من يُجْريه مُجْرى زَيْنَبَ
وغالِبٌ موضعُ نَخْلٍ دون مِصْرَ حَماها اللّه عز وجل قال كثير عزة
يَجُوزُ بِيَ الأَصْرامَ أَصْرامَ غالِبٍ ... أَقُولُ إِذا ما قِيلَ أَيْنَ تُريدُ
أُريدُ أَبا بكرٍ ولَوْ حالَ دُونَه ... أَماعِزُ تَغْتالُ المَطِيَّ وَبِيدُ
والمُغْلَنْبي الذي يَغْلِبُكَ ويَعْلُوكَ

غنب
ابن الأَعرابي الغُنَبُ داراتُ أَوساطِ الأَشْداقِ قال وإِنما يكون في أَوساط أَشداقِ الغِلْمانِ المِلاح ويقال بَخَصَ غُنْبَتَه وهي التي تكون في وَسَط خَدِّ الغُلام المَلِيح

غندب
الغُنْدُبة والغُنْدُوبُ لحمة صُلْبة حَوالي الحُلْقوم والجمع غَنادِبُ قال رؤبة
إِذا اللَّهاةُ بَلَّتِ الغَباغِبا ... حَسِبْتَ في أَرْآدِه غَنادِبا
وقيل الغُنْدُبَتانِ شِبْهُ غُدَّتَيْنِ في النَّكَفَتَيْنِ في كل نَكَفَةٍ غُنْدُبةٌ والمُسْتَرَطُ بين الغُنْدُبَتَيْنِ وقيل الغُنْدُبَتانِ لَحْمَتان قد اكتَنَفتا اللَّهاةَ وبينهما فُرْجَةٌ وقيل هما اللَّوْزَتانِ وقيل غُنْدُبَتا العُرْشَيْنِ اللَّتانِ تَضُمَّانِ العُنُقَ يميناً وشِمالاً وقيل الغُنْدُبَتانِ عُقْدَتانِ في أَصْلِ اللسان واللَّغانِينُ الغَنادِبُ بما عليها من اللحم حول اللَّهاةِ واحدَتُها لُغْنُونَةٌ وهي النَّغانِغُ واحدَتُها نُغْنُغةٌ

غهب
الليث الغَيْهَبُ شِدَّةُ سَوادِ الليل والجَملِ ونحوه يقال جَمَلٌ غَيْهَبٌ مُظْلِم السَّواد قال امرؤُ القيس
تَلافَيْتُها والبُومُ يَدْعُو بها الصَّدَى ... وقد أُلْبِسَتْ أَقْراطُها ثِنْيَ غَيْهَبِ
وقد اغْتَهَبَ الرجلُ سار في الظُّلمة وقال الكميت
فذَاكَ شَبَّهْته المُذَكَّرَةَ الْ ... وَجْناءَ في البِيدِ وهي تَغْتَهِبُ
أَي تُباعِدُ في الظُّلَم وتَذْهَبُ اللحياني أَسْوَدُ غَيْهَبٌ وغَيْهَمٌ شَمر الغَيْهَبُ من الرجال الأَسْوَدُ شُبِّه بغَيْهب الليل وأَسودُ غَيْهَبٌ شديدُ السواد وليلٌ غَيْهَبٌ مُظْلِم وفي حديث قُسٍّ أَرْقُبُ الكَوْكَب وأَرْعَى الغَيْهَب الغَيْهَبُ الظُّلْمة والجمع الغَياهِبُ وهو الغَيْهَبانُ وفرسٌ أَدْهَمُ غَيْهَبٌ إِذا اشْتَدَّ سواده أَبو عبيد أَشَدُّ الخَيْلِ دُهْمةً الأَدْهَمُ الغَيْهَبِيُّ وهو أَشَدُّ الخيل سَواداً والأُنثى غَيْهَبةٌ والجمع غَياهِبُ قال والدَّجُوجِيُّ [ ص 654 ] دون الغَيْهَبِ في السَّوادِ وهو صافي لَوْنِ السَّواد وغَهِبَ عن الشيءِ غَهَباً وأَغْهَبَ عنه غَفَل عنه ونَسِيَه والغَهَبُ بالتحريك الغَفْلَة وقد غَهِبَ بالكسر وأَصاب صَيْداً غَهَباً أَي غَفْلة من غير تعمد وفي الحديث سُئِلَ عَطاءٌ عن رجل أَصابَ صَيْداً غَهَباً وهو محرم فقال عليه الجَزاءُ الغَهَبُ بالتحريك أَن يُصِيبَ الشيءَ غَفْلَةً من غير تَعَمُّدٍ وكساءٌ غَيْهَبٌ كثير الصُّوف والغَيْهَبُ الثَّقِيلُ الوَخِمُ وقيل هو البليد وقيل الغَيْهَب الذي فيه غَفْلة أَو هَبْتَةٌ وأَنشد
حَلَلْتُ بهِ وِتْري وأَدْرَكْتُ ثُؤرَتي ... إِذا ما تَناسَى ذَحْلَهُ كلُّ غَيْهَبِ
وقال كَعْبُ بن جُعَيْلٍ يَصِفُ الظَّليمَ
غَيْهَبٌ هَوْهاءة مُخْتَلِطٌ ... مُسْتَعارٌ حِلْمُه غَيْرُ دَئِلْ
والغَيْهَبُ الضعيفُ من الرجال والغَيْهَبانُ البَطْنُ والغَيْهَبةُ الجَلَبة في القتال

غيب
الغَيْبُ الشَّكُّ وجمعه غِيابٌ وغُيُوبٌ قال
أَنْتَ نَبيٌّ تَعْلَمُ الغِيابا ... لا قائلاً إِفْكاً ولا مُرْتابا
والغَيْبُ كلُّ ما غاب عنك أَبو إِسحق في قوله تعالى يؤمنون بالغَيْبِ أَي يؤمنون بما غابَ عنهم مما أَخبرهم به النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم من أَمرِ البَعْثِ والجنةِ والنار وكلُّ ما غابَ عنهم مما أَنبأَهم به فهو غَيْبٌ وقال ابن الأَعرابي يؤمنون باللّه قال والغَيْبُ أَيضاً ما غابَ عن العُيونِ وإِن كان مُحَصَّلاً في القلوب ويُقال سمعت صوتاً من وراء الغَيْب أَي من موضع لا أَراه وقد تكرر في الحديث ذكر الغيب وهو كل ما غاب عن العيون سواء كان مُحَصَّلاً في القلوب أَو غير محصل وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْباً وغِياباً وغَيْبَةً وغَيْبُوبةً وغُيُوباً ومَغاباً ومَغِيباً وتَغَيَّب بَطَنَ وغَيَّبه هو وغَيَّبه عنه وفي الحديث لما هَجا حَسَّانُ قريشاً قالت إِن هذا لَشَتْمٌ ما غابَ عنه ابنُ أَبي قُحافة أَرادوا أَن أَبا بكر كان عالماً بالأَنْساب والأَخبار فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ ويدل عليه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم لحسَّانَ سَلْ أَبا بكر عن مَعايِب القوم وكان نَسَّابةً عَلاَّمة وقولهم غَيَّبه غَيَابُه أَي دُفِنَ في قَبْرِه قال شمر كلُّ مكان لا يُدْرَى ما فيه فهو غَيْبٌ وكذلك الموضع الذي لا يُدْرَى ما وراءه وجمعه غُيُوبٌ قال أَبو ذؤيب يَرْمِي الغُيُوبَ بعَيْنَيْهِ ومَطْرِفُه مُغْضٍ كما كَشَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ وغابَ الرجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ سافرَ أَو بانَ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي ولا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّةٍ ولا عِدَةً في الناظِرِ المُتَغَيَّبِ إِنما وَضعَ فيه الشاعرُ المُتَغَيَّبَ موضعَ المُتَغَيِّبِ قال ابن سيده وهكذا وجدته بخط الحامض والصحيح المُتَغَيِّب بالكسر والمُغَايَبةُ خلافُ المُخاطَبة وتَغَيَّبَ عني فلانٌ وجاءَ في ضرورة الشعر تَغَيَّبَنِي قال امرؤُ القيس
فظَلَّ لنا يومٌ لَذيذٌ بنَعْمةٍ ... فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبُ
[ ص 655 ] وقال الفراءُ المُتَغَيِّبُ مرفوع والشعر مُكْفَأٌ ولا يجوز أَن يَرِدَ على المَقيلِ كما لا يجوز مررت برجل أَبوه قائم وفي حديث عُهْدَةِ الرَّقيقِ لا داءَ ولا خُبْنَة ولا تَغْييبَ التَّغْيِيب أَن لا يَبيعه ضالَّةً ولا لُقَطَة وقومٌ غُيَّبٌ وغُيَّابٌ وغَيَبٌ غائِبُون الأَخيرةُ اسم للجمع وصحت الياءُ فيها تنبيهاً على أَصل غابَ وإِنما ثبتت فيه الياء مع التحريك لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ وإِن كان جمعاً وصَيَدٌ مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ لأَنه يجوز أَن تَنْوِيَ به المصدر وفي حديث أَبي سعيد إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِيمٌ وإِن نَفَرنا غَيَبٌ أَي رجالُنا غائبون والغَيَبُ بالتحريك جمع غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ وامرأَةٌ مُغِيبٌ ومُغْيِبٌ ومُغِيبةٌ غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها ويقال هي مُغِيبةٌ بالهاء ومُشْهِدٌ بلا هاء وأَغابَتِ المرأَةُ فهي مُغِيبٌ غابُوا عنها وفي الحديث أَمْهِلُوا حتى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبةُ هي التي غاب عنها زوجُها وفي حديثِ ابنِ عَبَّاس أَنَّ امرأَةً مُغِيبةً أَتَتْ رَجُلاً تَشْتَري منه شيئاً فَتَعَرَّضَ لها فقالتْ له وَيْحَكَ إِني مُغِيبٌ فتَرَكها وهم يَشْهَدُون أَحْياناً ويَتَغايَبُونَ أَحْياناً أَي يَغِيبُون أَحْياناً ولا يقال يَتَغَيَّبُونَ وغابَتِ الشمسُ وغيرُها من النُّجوم مَغِيباً وغِياباً وغُيوباً وغَيْبُوبة وغُيُوبةً عن الهَجَري غَرَبَتْ وأَغابَ القومُ دخلوا في المَغِيبِ وبَدَا غَيَّبانُ العُود إِذا بَدَتْ عُروقُه التي تَغَيَّبَتْ منه وذلك إِذا أَصابه البُعَاقُ من المَطر فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حتى ظَهَرَتْ عُروقُه وما تَغَيَّبَ منه وقال أَبو حنيفة العرب تسمي ما لم تُصِبْه الشمسُ من النَّبات كُلِّه الغَيْبانَ بتخفيف الياء والغَيَابة كالغَيْبانِ أَبو زياد الكِلابيُّ الغَيَّبانُ بالتشديد والتخفيف من النبات ما غاب عن الشمس فلم تُصِبْه وكذلك غَيَّبانُ العُروق وقال بعضهم بَدَا غَيْبانُ الشَّجرة وهي عُرُوقها التي تَغَيَّبَتْ في الأَرض فحَفَرْتَ عنها حتى ظَهَرَتْ والغَيْبُ من الأَرض ما غَيَّبك وجمعه غُيُوب أَنشد ابن الأَعرابي
إِذَا كَرِهُوا الجَمِيعَ وحَلَّ منهم ... أَراهطُ بالغُيُوبِ وبالتِّلاعِ
والغَيْبُ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض وجمعه غُيوب قال لبيد يصف بقرة أَكل السبعُ ولدها فأَقبلت تَطُوف خلفه
وتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ فَراعَها ... عن ظهرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقامُها
تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصيادين فراعها أَي أَفزعها وقوله والأَنيسُ سَقامُها أَي انّ الصيادين يَصِيدُونها فهم سَقامُها ووقَعْنا في غَيْبة من الأَرض أَي في هَبْطةٍ عن اللحياني ووَقَعُوا في غَيابةٍ من الأَرض أَي في مُنْهَبِط منها وغَيابةُ كلِّ شيء قَعْرُه منه كالجُبِّ والوادي وغيرهما تقول وَقَعْنا في غَيْبةٍ وغَيَابةٍ أَي هَبْطة من الأَرض وفي التنزيل العزيز في غَياباتِ الجُبِّ وغابَ الشيءُ في الشيءِ غِيابةً وغُيُوباً وغَياباً وغِياباً وغَيْبةً وفي حرفِ أُبَيٍّ في غَيْبةِ الجُبِّ [ ص 656 ] والغَيْبَةُ من الغَيْبُوبةِ والغِيبةُ من الاغْتِيابِ واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِياباً إِذا وَقَع فيه وهو أَن يتكلم خَلْفَ إنسان مستور بسوء أَو بما يَغُمُّه لو سمعه وإِن كان فيه فإِن كان صدقاً فهو غِيبةٌ وإِن كان كذباً فهو البَهْتُ والبُهْتانُ كذلك جاء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا يكون ذلك إِلا من ورائه والاسم الغِيبةُ وفي التنزيل العزيز ولا يَغْتَبْ بعضُكم بعضاً أَي لا يَتَناوَلْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْبِ بما يَسُوءُه مما هو فيه وإِذا تناوله بما ليس فيه فهو بَهْتٌ وبُهْتانٌ وجاء المَغْيَبانُ عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ورُوِيَ عن بعضهم أَنه سمع غابه يَغِيبُهُ إِذا عابه وذكَر منه ما يَسُوءُه ابن الأَعرابي غابَ إِذا اغْتَابَ وغابَ إِذا ذكر إِنساناً بخيرٍ أَو شَرٍّ والغِيبَةُ فِعْلَةٌ منه تكون حَسَنةً وقَبِيحةً وغائِبُ الرجلِ ما غابَ منه اسْمٌ كالكاهِل والجامل أَنشد ابن الأَعرابي
ويُخْبِرُني عن غَائبِ المَرْءِ هَدْيُه ... كفَى الهَدْيُ عَمَّا غَيَّبَ المَرْءُ مُخبرا
والغَيْبُ شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ وشاة ذاتُ غَيْبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَغَيُّبه عن العين وقول ابن الرِّقَاعِ يَصِفُ فرساً
وتَرَى لغَرِّ نَساهُ غَيْباً غامِضاً ... قَلِقَ الخَصِيلَةِ مِن فُوَيْقِ المفصل
قوله غَيْباً يعني انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بلحمتين عند سِمَنِه فجرى النَّسا بينهما واسْتَبان والخَصِيلَةُ كُلُّ لَحْمة فيها عَصَبة والغَرُّ تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه وسئل رجل عن ضُمْرِ الفَرس قال إِذا بُلَّ فَريرهُ وتَفَلَّقَتْ غُرورُه وبدا حَصِيرُه واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه والشاكلة الطِّفْطِفَةُ والفرير موضعُ المَجَسَّة من مَعْرَفَتِه والحَصِيرُ العَقَبة التي تَبْدُو في الجَنْبِ بين الصِّفَاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع الهَوَازنيُّ الغابة الوَطَاءة من الأَرض التي دونها شُرْفَةٌ وهي الوَهْدَة وقال أَبو جابر الأَسَدِيُّ الغابَةُ الجمعُ من الناسِ قال وأَنشدني الهَوَازِنيُّ
إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغَابٍ ... حَسِبْتَ رِماحَهُمْ سَبَلَ الغَوادي
والغابة الأَجَمَةُ التي طالتْ ولها أَطْراف مرتفعة باسِقَة يقال ليثُ غابةٍ والغابُ الآجام وهو من الياء والغابةُ الأَجَمة وقال أَبو حنيفة الغابةُ أَجَمة القَصَب قال وقد جُعِلَتْ جماعةَ الشجر لأَنه مأْخوذ من الغَيابةِ وفي الحديث ان مِنْبَر سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان من أَثْلِ الغابةِ وفي رواية من طَرْفاءِ الغابة قال ابن الأَثير الأَثْلُ شجر شبيهٌ بالطَّرْفاءِ إِلاَّ أَنه أَعظم منه والغابةُ غَيْضَةٌ ذات شجر كثير وهي على تسعةِ أَميال من المدينة وقال في موضع آخر هي موضعٌ قريبٌ مِن المدينة مِن عَواليها وبها أَموال لأَهلها قال وهو المذكور في حديث في حديث السِّباق وفي حديث تركة ابن الزبير وغير ذلك والغابة الأَجمة ذاتُ الشجر المُتَكاثف لأَنها تُغَيِّبُ ما فيها والغابةُ من الرِّماحِ ما طال منها وكان لها أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة وقيل هي المُضْطَرِبةُ من الرماحِ في الريح وقيل هي الرماحُ إِذا اجْتَمَعَتْ قال ابن سيده وأُراه على التشبيه بالغابة التي هي الأَجمة والجمعُ من كل ذلك غاباتٌ [ ص 657 ] وغابٌ وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهَه كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ أَضافه إِلى الغابات لشدّتِه وقوّته وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى وغابةُ اسم موضع بالحجاز

فرب
التَّفْريبُ والتَّفْريمُ بالباء والميم تَضْييقُ المرأَة فَلْهَمَها بعَجَم الزبيب وفي الحديث ذكر فِرْياب بكسر الفاء وسكون الراء مدينة ببلاد التُّرْك وقيل أَصلها فِيرِيابٌ بزيادة ياء بعد الفاء ويُنسَبُ إِلَيْها بالحذف والاثبات

فرقب
الفُرْقُبِيَّةُ والثُّرْقُبِيَّة ثيابُ كَتَّانٍ بيضٌ حكاها يعقوب في البدل ثوب فُرْقُبيٌّ وثُرْقُبيٌّ بمعنى واحد وفي حديث إِسلام عمر رضي اللّه عنه فأَقبل شيخٌ عليه حِبَرةٌ وثوب فُرْقُبيٌّ وهو ثوب أَبيض مِصْرِيٌّ من كَتَّانٍ قال الزمخشري الفُرْقُبِيَّةُ والثُّرْقُبِيَّة ثياب مصرية من كَتَّان ويُرْوَى بقافين منسوب إِلى قُرْقُوبٍ مع حذف الواو في النسب كسابُرِيٍّ في سابُورٍ الفراء زهير الفُرْقُبيُّ رجل من أَهل القرآن منسوب إِلى موضع والفُرْقُبُ الصِّغار من الطير نحوٌ من الصَّعْوِ

فرنب
الفِرْنِبُ الفأْرة والفِرْنِبُ وَلَد الفَأْرة من اليَرْبُوع وفي التهذيب الفِرْنِبُ الفأْر وأَنشد
يَدِبُّ بالليلِ إِلى جارِهِ ... كَضَيْوَنٍ دَبَّ إِلى فِرْنِبِ

قأب
قَأَب الطعامَ أَكَله وقَأَبَ الماءَ شَرِبه وقيل شَرِبَ كلَّ ما في الإِناء قال أَبو نُخَيْلَة
أَشْلَيْتُ عَنْزِي وَمَسَحْتُ قَعْبي ... ثم تَهَيَّأْتُ لِشُرْبِ قأْبِ
وقَئِبْتُ من الشَّراب أَقْأَبُ قَأْباً إِذا شَرِبْتَ منه الليث قَئِبْتُ من الشَّراب وقَأَبْتُ لغة إِذا امْتَلأْتَ منه الجوهري قَئِبَ الرجلُ إِذا أَكثر من شرب الماء وقَئِبَ من الشراب قَأْباً مثل صَئِبَ أَكثر وتَمََّلأَ ورجل مِقْأَبٌ على مِفْعَل وقَؤُوبٌ كثير الشُّرْب ويقال إِناء قَوْأَبٌ وقَوْأَبيٌّ كثير الأَخْذ للماء وأَنشد مُدٌّ من المِدَادِ قَوْأَبيٌّ قال شمر القَوْأَبيُّ الكثير الأَخْذِ

قبب
قَبَّ القومُ يَقِبُّون قَبّاً صَخِبُوا في خُصومة أَو تَمَارٍ وقَبَّ الأَسَدُ والفَحْلُ يَقِبُّ قَبّاً وقَبِيباً إِذا سَمِعْتَ قَعْقَعةَ أَنْيابه وقَبَّ نابُ الفحل والأَسَد قَبّاً وقَبِيباً كذلك يُضيفُونه إِلى النَّابِ قال أَبو ذؤيب
كأَنَّ مُحَرَّباً من أُسْدِ تَرْجٍ ... يُنازِلُهُمْ لنابَيْهِ قَبِيبُ
وقال في الفحل أَرَى ذو كِدْنةٍ لنابَيْهِ قَبِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « أرى ذو كدنة إلخ » كذا أنشده في المحكم أيضاً )
وقال بعضهم القَبِيبُ الصوتُ فعَمَّ به وما سمعنا العام قابَّةً أَي صوتَ رَعْدٍ يُذْهَبُ به إِلى القبيب ذَكَرَه ابن سيده ولم يَعْزُه إِلى أَحد وعزاه الجوهري إِلى الأَصمعي وقال ابن السكيت لم يَرْوِ أَحدٌ هذا الحرف غير الأَصمعي قال والناسُ على خلافه [ ص 658 ] وما أَصابتهم قابَّةٌ أَي قَطْرَة قال ابن السكيت ما أَصابَتْنا العامَ قَطْرَةٌ وما أَصابتنا العامَ قابَّةٌ بمعنًى واحد الأَصمعي قَبَّ ظهرُه يَقِبُّ قُبوباً إِذا ضُرِبَ بالسَّوْطِ وغيره فجَفَّ فذلك القُبوبُ قال أَبو نصر سمعت الأَصمعي يقول ذُكِرَ عن عمَر أَنه ضَرَبَ رجلاً حدّاً فقال إِذا قَبَّ ظهرُه فرُدُّوه إِليَّ أَي إِذا انْدَمَلَتْ آثارُ ضَرْبه وجفَّتْ مِنْ قَبَّ اللحم والتَّمْرُ إِذا يَبِسَ ونَشِفَ وقَبَّه يَقُبُّه قَبّاً واقْتَبَّه قَطَعَه وهو افْتَعَل وأَنشد ابن الأَعرابي
يَقْتَبُّ رَأْسَ العَظْمِ دونَ المَفْصِلِ ... وإِنْ يُرِدْ ذلك لا يُخَصِّلِ
أَي لا يجعله قِطَعاً وخَصَّ بعضُهم به قَطْعَ اليد يقال اقْتَبَّ فلانٌ يَدَ فُلان اقْتِباباً إِذا قَطَعها وهو افتعال وقيل الاقْتِتابُ كلُّ قَطْعٍ لا يَدَعُ شيئاً قال ابن الأَعرابي كان العُقَيْلِيُّ لا يَتَكَلَّمُ بشيءٍ إِلاَّ كَتَبْتُه عنه فقال ما تَرَكَ عندي قابَّةً إِلا اقْتَبَّها ولا نُقارةً إِلا انْتَقَرَها يعني ما تَرَكَ عندي كلمةً مُسْتَحْسنةً مُصْطَفاةً إِلاَّ اقْتَطَعَها ولا لَفْظَةً مُنْتَخَبة مُنْتَقاةً إِلاَّ أَخَذها لذاته والقَبُّ ما يُدْخَلُ في جَيْبِ القَمِيصِ من الرِّقاعِ والقَبُّ الثَّقْبُ الذي يجري فيه المِحْوَرُ من المَحالَةِ وقيل القَبُّ الخَرْقُ الذي في وَسَط البَكَرة وقيل هو الخشبة التي فوق أَسنان المَحالة وقيل هو الخَشَبَةُ المَثْقُوبة التي تَدور في المِحْوَر وقيل القَبُّ الخَشَبة التي في وَسَط البَكَرة وفوقها أَسنان من خشب والجمعُ من كل ذلك أَقُبٌّ لا يُجاوَزُ به ذلك الأَصمعي القَبُّ هو الخَرْقُ في وَسَط البَكَرَة وله أَسنان من خشب قال وتُسَمَّى الخَشَبَةُ التي فوقها أَسنانُ المَحالة القَبَّ وهي البكَرة وفي حديث علي رضي اللّه عنه كانتْ دِرْعُه صَدْراً لا قَبَّ لها أَي لا ظَهْر لها سُمِّيَ قَبّاً لأَن قِوامها به من قَبِّ البَكَرَة وهي الخشبةُ التي في وسطها وعليها مَدارُها والقَبُّ رئيسُ القوم وسَيِّدُهم وقيل هو المَلِكُ وقيل الخَليفة وقيل هو الرَّأْسُ الأَكْبر ويُقال لشيخ القوم هو قَبُّ القَوْمِ ويقال عليك بالقَبِّ الأَكْبر أَي بالرأْس الاَكبر قال شمر الرأْسُ الأَكبر يُرادُ به الرئيسُ يقال فلانٌ قَبُّ بَني فلانٍ أَي رئيسُهم والقَبُّ ما بَين الوَرِكَينِ وقَبُّ الدُّبُر مَفْرَجُ ما بين الأَلْيَتَيْنِ والقِبُّ بالكسر العَظم الناتئ من الظهر بين الأَلْيَتَيْن يقال أَلزِقْ قِبَّكَ بالأَرض وفي نسخة من التهذيب بخط الأَزهري قَبَّكَ بفتح القاف والقَبُّ ضَرْبٌ من اللُّجُم أَصْعَبُها وأَعظمها والأَقَبُّ الضامر وجمعه قُبٌّ وفي الحديثِ خَيرُ الناسِ القُبِّيُّون وسئل أَحمد بن يحيى عن القُبِّيِّينَ فقال إِنْ صَحَّ فهم الذين يَسْرُدُونَ الصَّوْمَ حتى تَضْمُرَ بُطُونُهُم ابن الأَعرابي قُبَّ إِذا ضُمِّر للسِّباق وقَبَّ إِذا خَفَّ والقَبُّ والقَبَبُ دِقَّةُ الخَصْر وضُمُورُ البَطْن ولُحوقه قَبَّ يَقَبُّ قَبَباً وهو أَقَبُّ والأُنثى قَبَّاءُ بيِّنة القَبَبِ قال الشاعر يصف فرساً
اليَدُّ سابحَةٌ والرِّجْلُ طامِحةٌ ... والعَيْنُ قادِحةٌ والبطنُ مَقْبُوبُ ( 1 )
( 1 قوله « والعين قادحة » بالقاف وقد أنشده في الأساس في مادة ق د ح بتغيير في الشطر الأول )
[ ص 659 ]
أَي قُبَّ بَطْنُه والفعل قَبَّه يقُبُّه قَبّاً وهو شِدَّة الدَّمْجِ للاستدارة والنعت أَقَبُّ وقَبّاءُ وفي حديث علي رضي اللّه عنه في صفة امرأَة إِنها جَدّاءُ قَبّاءُ القَبّاءُ الخَميصةُ البَطْنِ والأَقَبُّ الضّامِرُ البَطْنِ وفي الحديث خيرُ الناس القُبِّيُّون سُئل عنه ثعلب فقال إِن صَحَّ فهم القوم الذين يسْرُدون الصومَ حتى تَضْمُر بُطُونُهُم وحكى ابن الأَعرابي قَبِبَتِ المرْأَةُ بإِظهار التَّضْعيف ولها أَخواتٌ حكاها يعقوب عن الفراء كَمَشِشَتِ الدابةُ ولَحِحَتْ عينُه وقال بعضهم قَبَّ بَطْنُ الفَرس فهو أَقَبُّ إِذا لَحِقَت خاصرتاه بحالِبَيْه والخَيْلُ القُبُّ الضَّوامِرُ والقَبْقَبةُ صوت جَوْف الفرس وهو القَبِيبُ وسُرَّةٌ مَقْبوبةٌ ومُقَبَّبةٌ ضامرة قال جاريةٌ من قَيْسٍ بنِ ثَعْلَبهْ بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّبه كأَنها حِلْيةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ وقَبَّ التَّمْرُ واللحمُ والجِلْدُ يَقِبُّ قُبوباً ذَهَبَ طَراؤُه ونُدُوَّتُه وذَوَى وكذلك الجُرْحُ إِذا يَبِسَ وذهَبَ ماؤُه وجَفَّ وقيل قَبَّت الرُّطَبةُ إِذا جَفَّتْ بعضَ الجُفوف بعْدَ التَّرْطِيب وقَبَّ النَّبْتُ يَقُبُّ ويَقِبُّ قَبّاً يَبِسَ واسم ما يَبِسَ منه القَبِيبُ كالقَفِيفِ سواءً والقَبيبُ من الأَقِط الذي خُلِطَ يابسُه برَطْبِه وأَنْفٌ قُبابٌ ضَخْم عظيم وقَبَّ الشيءَ وقَبَّبَهُ جَمَعَ أَطرافَهُ والقُبَّةُ من البناء معروفة وقيل هي البناء من الأَدَم خاصَّةً مشتقٌّ من ذلك والجمع قُبَبٌ وقِبابٌ وقَبَّبها عَمِلَها وتَقبَّبها دَخَلَها وبيتٌ مُقَبَّبٌ جُعِلَ فوقه قُبَّةٌ والهوادجُ تُقَبَّبُ وقَبَبْتُ قُبَّة وقَبَّبْتها تَقبيباً إِذا بَنَيْتَها وقُبَّةُ الإِسلام البَصْرة وهي خِزانة العرب قال
بَنَتْ قُبَّةَ الإِسلامِ قَيْسٌ لأَهلِها ... ولو لم يُقيموها لَطالَ الْتِواؤُها
وفي حديث الاعتكاف رأَى قُبَّةً مضروبةً في المسجد القُبَّة من الخِيام بيتٌ صغير مستدير وهو من بيوت العرب والقُبابُ ضَرْبٌ من السَّمَك ( 1 )
( 1 قوله « والقباب ضرب » بضم القاف كما في التهذيب بشكل القلم وصرح به في التكملة وضبطه المجد بوزن كتاب ) يُشْبِه الكَنْعَد قال جرير
لا تَحْسَبَنَّ مِراسَ الحَرْبِ إِذ خَطَرَتْ ... أَكْلَ القُبابِ وأَدْمَ الرُّغْفِ بالصَّيرِ
وحِمارُ قَبَّانَ هُنَيٌّ أُمَيْلِسُ أُسَيْدٌ رأْسُه كرأْسِ الخُنْفُساءِ طُوالٌ قَوائمهُ نحوُ قوائم الخُنْفُساء وهي أَصغر منها وقيل عَيْرُ قَبّانَ أَبْلَقُ مُحَجَّلُ القَوائم له أَنْفٌ كأَنف القُنْفُذ إِذا حُرِّكَ تماوَتَ حتى تَراه كأَنه بَعْرةٌ فإِذا كُفَّ الصَّوْتُ انْطَلَق وقيل هو دويبة وهو فَعْلانُ مِن قَبَّ لأَنَّ العرب لا تصرفه وهو معرفة عندهم ولو كان فعّالاً لصرفته تقول رأَيت قَطِيعاً من حُمُرِ قَبّانَ قال الشاعر
يا عَجباً لقد رأَيتُ عَجبا ... حمارَ قَبّانَ يَسُوقُ أَرْنبا
وقَبْقَبَ الرجلُ حَمُقَ والقَبْقَبةُ والقَبِيبُ صوتُ جَوْف الفرس والقَبْقَبةُ والقَبْقابُ صوتُ أَنياب الفحل وهديرُه وقيل هو ترجيع الهَدِير وقَبْقَبَ الأَسدُ والفحل قَبْقَبةً إِذا هَدَر [ ص 660 ] والقَبْقابُ الجمل الهَدَّار ورجلٌ قَبقابٌ وقُباقِبٌ كثير الكلام أَخطأَ أَو أَصابَ وقيل كثير الكلام مُخَلِّطُه أَنشد ثعلب أَو سَكَتَ القومُ فأَنتَ قَبقابْ وقَبْقَبَ الأَسد صَرَفَ نابَيْه والقَبْقَبُ سير يَدُور على القَرَبُوسَين كليهما وعند المولدين سير يَعْتَرض وراء القَرَبُوس المؤخر والقَبْقَبُ خَشَبُ السَّرْج قال يُطيِّرُ الفارسَ لولا قَبْقَبُه والقَبْقَبُ البطْنُ وفي الحديث من كُفِيَ شَرَّ لَقْلَقِه وقَبْقَبِه وذَبْذَبِه فقد وُقِيَ وقيل للبَطْنِ قَبْقَبٌ مِن القَبْقَبَةِ وهي حكاية صوت البَطْنِ والقَبْقابُ الكذَّابُ والقَبْقابُ الخَرَزَة التي تُصْقَلُ بها الثِّياب والقَبْقابُ النعل المتخذة من خَشَب بلغة أَهل اليمن والقَبْقابُ الفرج يُقال بَلَّ البَوْلُ مَجامِع قَبْقابِه وقالوا ذَكَرٌ قَبْقابٌ فوَصَفُوه به وأَنشد أَعرابي في جارية اسمها لَعْساء لَعْساءُ يا ذاتَ الحِرِ القَبْقابِ فسُئِلَ عن معنى القَبْقابِ فقال هو الواسع الكثير الماء إِذا أَوْلَج الرجلُ فيه ذَكَرَهُ قَبْقَبَ أَي صَوَّتَ وقال الفرزدق
لكَمْ طَلَّقَتْ في قَيْسِ عَيْلانَ من حِرٍ ... وقد كان قَبْقاباً رِماحُ الأَراقِمِ
وقُباقِبٌ بضم القاف العام الذي يلي قابِلَ عامِك اسم عَلَم للعام وأَنشد أَبو عبيدة العامُ والمُقْبِلُ والقُباقِبُ وفي الصحاح القُباقِبُ بالأَلف واللام تقول لا آتيكَ العامَ ولا قابِلَ ولا قُباقِبَ قال ابن بري الذي ذكره الجوهري هو المعروف قال أَعني قوله إِنّ قُباقِباً هو العام الثالث قال وأَما العام الرابع فيقال له المُقَبْقِبُ قال ومِنهم مَن يجعل القابَّ العامَ الثالث والقُباقِبَ العامَ الرابع والمُقَبْقِبَ العامَ الخامسَ وحُكِيَ عن خالدِ بن صَفْوان أَنه قال لابْنِهِ إِنك لا تُفْلِحُ العامَ ولا قابِلَ ولا قابَّ ولا قُباقِبَ ولا مُقَبْقِبَ زاد ابن بري عن ابن سيده في حكاية خالد انظر قابَّ بهذا المعنى وقال ابن سيده فيما حكاه قال كلُّ كلمة منها اسم السنة بعد السنة وقال حكاه الأَصمعي وقال ولا يَعْرِفون ما وراء ذلك والقَبَّابُ والمُقَبْقِبُ الأَسد وقَبْ قَبْ حكاية وَقْعِ السيف وقِبَّةُ الشاة أَيضاً ذاتُ الأَطْباقِ وهي الحِفْثُ وربما خففت

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88