كتاب : المبسوط
المؤلف : محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي

نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ، فَقَالَ : قَدْ قَضَيْت لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إثْبَاتِ حَقِّ الرُّجُوعِ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَإِذَا قَبَضَ الْوَصِيُّ دَيْنًا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَى إنْسَانٍ كَتَبَ لَهُ الْبَرَاءَةَ بِمَا قَبَضَ ، وَلَمْ يَكْتُبْ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلٍّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ لِلْمَيِّتِ مَالًا سِوَى ذَلِكَ فَيَكُونُ بِمَا يَكْتُبُ عَلَيْهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلٍّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مُبْطِلًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ ؛ وَلِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا يَقْبِضُهُ فَإِنَّمَا يَكْتُبُ لَهُ الْبَرَاءَةَ عَمَّا هُوَ أَمِينٌ فِيهِ ، وَهُوَ مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ يَدُهُ .
وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّ هَذَا جَمِيعُ مَا لَهُ عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّهُ مُجَازِفٌ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِ الْمَقْبُوضِ جَمِيعَ مَا لَهُ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ الْمُوصِي بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِمَا أَقَرَّ بِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ مُسْقِطٌ لِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ ، وَهُوَ يَمْلِكُ الْإِسْقَاطَ فَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ شَيْءٍ مِنْ حَقِّ الْوَرَثَةِ ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِاسْتِيفَاءَ ، ثُمَّ هَذَا مِنْ الْوَصِيِّ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ ، وَمِنْ الْمُوصِي إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ إبْرَاءُ الْوَصِيِّ الْغَرِيمَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقُولَ : بَرِئْت الْآنَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي كَانَ عَلَيْك فَحِينَئِذٍ هُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ بِبَرَاءَتِهِ بِفِعْلٍ مِنْ الْمَطْلُوبِ مُتَّصِلٌ بِالطَّالِبِ ، وَذَلِكَ إيفَاءُ الْمَالِ ، وَفِي قَوْلِهِ بَرِئْت كَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هُوَ لَفْظُ إبْرَاءٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْكَفَالَةِ ، وَإِذَا أَخَذَ الصَّبِيُّ مَالَ الْوَرَثَةِ إلَى رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا ، وَكَذَلِكَ إنْ حَطَّ شَيْئًا عَنْ الْغَرِيمِ ؛ لِأَنَّ هَذَا إسْقَاطٌ فِي الدَّيْنِ الْوَاجِبِ لَا بِعَقْدٍ هُوَ ثَابِتٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَيَكُونُ فِي الْإِسْقَاطِ كَأَجْنَبِيٍّ

آخَرَ وَالتَّأْخِيرُ إسْقَاطُ الْمُطَالَبَةِ إلَى مُدَّةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرَاءِ فَإِذَا احْتَالَ بِهِ عَلَى إنْسَانٍ أَمْلَأَ مِنْ الْغَرِيمِ فَهُوَ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إسْقَاطُ حَقِّهِمْ بَلْ فِيهِ تَصَرُّفٌ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُمْ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ الْمَلِيءِ يَكُونُ أَقْوَى مِنْهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى لَهُمْ عَيْنًا .
وَإِنْ كَانَ الَّذِي احْتَالَ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَالْغَرِيمُ مَلِيئًا فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ وَالْمَالُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِقُرْبَانِ مَا لَهُمْ عَلَى الْأَصْلَحِ وَالْأَحْسَنِ ، وَكَذَلِكَ إذَا صَالَحَ عَلَى حَقِّ الْيَتِيمِ ، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ خَيْرًا لَهُ يَوْمَ صَالَحَ فَهُوَ جَائِزٌ ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا لَهُ لَمْ يَجُزْ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِلْيَتِيمِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَصَالَحَ الْوَصِيُّ عَلَى مَالٍ يَسْتَوْفِيهِ لِلْيَتِيمِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لِلْيَتِيمِ بَيِّنَةٌ فَالصُّلْحُ شَرٌّ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إثْبَاتِهِ فَإِنَّ مَبْنَى الصُّلْحِ عَلَى الْحَطِّ وَالتَّجَوُّزِ بِدُونِ الْحَقِّ ، وَكَذَلِكَ إنْ ابْتَاعَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَتَاعِهِمْ شَيْئًا ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ ، فَإِنْ ابْتَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ ، وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ ، وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ، فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فَأَمَّا الْأَبُ إذَا فَعَلَ هَذَا مَعَ نَفْسِهِ يَجُوزُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ .
وَفِي قَوْلِ زُفَرَ لَا

يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْوَكِيلِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَضَادِّ الْأَحْكَامِ ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَزِيدًا مُسْتَنْقِصًا مُسْلِمًا مُتَسَلِّمًا طَالِبًا مُطَالِبًا ، ثُمَّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ هُوَ مُتَّهَمٌ ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى التُّهْمَةِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَا يُعَامِلُ الْأَجْنَبِيَّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ فَكَذَلِكَ لَا يُعَامِلُ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْأَبَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي حَقِّ وَلَدِهِ ؛ لِأَنَّ لَهُ مِنْ الشَّفَقَةِ عَلَيْهِ مَا يُؤْثِرُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ مَعَ نَفْسِهِ وَتَصَرُّفُهُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ سَوَاءً فِي انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ ، ثُمَّ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ يَكُونُ نَائِبًا مَحْضًا فِي جَانِبِ الصَّغِيرِ ؛ وَلِهَذَا لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُمْكِنُهُ الْتِزَامُ سَبَبِ إلْزَامِ الْعُهْدَةِ إيَّاهُ بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِذَا صَارَ نَائِبًا فِي جَانِبِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى تَضَادِّ الْأَحْكَامِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ ، وَأَمَّا وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْوَصِيَّيْنِ إنَّمَا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِي الْأَبِ لِمَعْنَى وُفُورِ شَفَقَتِهِ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الْوَصِيِّ فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مَعَ نَفْسِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ لِهَذَا .
وَلَوْ كَانَ هُوَ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفِ مَعَ نَفْسِهِ لَمَلَكَ مِثْلَ قِيمَتِهِ كَمَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ اسْتَحْسَنَا إذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ فِي تَصَرُّفِهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى وُفُورِ الشَّفَقَةِ وَإِيثَارِهِ الصَّبِيَّ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتَّصَرُّفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَقْصُودَ فِيهِ سِوَى الْمَالِيَّةِ فَبِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى يُلْتَحَقُ بِمَنْ هُوَ وَافِرُ الشَّفَقَةِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ

يُجْعَلَ نَائِبًا فِي جَانِبِ الصَّبِيِّ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْعُهْدَةَ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَالْأَبِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يَنْفِي التُّهْمَةَ عَنْهُ وَلَا مَا يَكُونُ جَائِزًا لِنُقْصَانِ تَفْوِيتِ الْمَقْصُودِ بِالْعَيْنِ عَلَى الصَّبِيِّ ، وَإِذَا نَفَّذَ الْوَصِيُّ أُمُورَ الْمَيِّتِ وَسَلَّمَ الْبَاقِيَ إلَى الْوَارِثِ ، وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى الْوَارِثِ كِتَابَ بَرَاءَةٍ لِلْوَصِيِّ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَنْ مَا سَلَّمَ إلَيْهِ جَمِيعَ حَقِّهِ فَلَعَلَّهُ أَخْفَى بَعْضَ ذَلِكَ أَوْ أَتْلَفَهُ فَإِنَّ الْخِيَانَةَ مِنْ الْأَوْصِيَاءِ ظَاهِرَةٌ وَأَدَاءَ الْأَمَانَةِ مِنْهُمْ نَادِرٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْبَرَاءَةَ إلَّا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ بِعَيْنِهِ فَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ عَلَى طَرِيقَةِ الْقِيَاسِ مَنْ اسْتَوْفَى حَقَّ نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ الْبَرَاءَةَ لِغَيْرِهِ ، وَلَكِنْ لِأَجْلِ النَّظَرِ لِلْوَصِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْبَرَاءَةَ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَصَوَّرُ هُوَ بِهِ ، وَذَلِكَ فِي أَنْ يَكْتُبَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ بِعَيْنِهِ قَالَ : وَإِذَا أَعْطَى الْوَصِيُّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ ، وَهُوَ كَبِيرٌ نَصِيبَهُ مِمَّا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمِيرَاثِ ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ جَحَدَ وَقَالَ : لَمْ يَكُنْ عِنْدِي غَيْرُ هَذَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَلْفٍ أُخْرَى حِصَّةَ الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِوُصُولِ الْأَلْفَيْنِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ دَفْعِهِ أَلْفًا إلَى أَحَدِهِمَا إقْرَارَهُ أَنَّ الْمَدْفُوعَ نَصِيبُهُ أَقَرَّ بِأَنَّ عِنْدَهُ مِثْلَ ذَلِكَ لِلصَّغِيرِ فَالثَّابِتُ بِضَرُورَةِ النَّصِّ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ فَكَانَ فِي الْجُحُودِ بَعْدَ ذَلِكَ مُنَاقِضًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ لِلصَّغِيرِ أَلْفًا أُخْرَى ، وَإِذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ

وَسَائِرَ الْمِيرَاثِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْكِبَارِ مِنْ الْعَقَارِ وَإِنَّمَا يَبِيعُ حِصَّةَ الصِّغَارِ خَاصَّةً ، وَكَذَلِكَ لَا يَبِيعُ إلَّا بِقَدْرِ الدَّيْنِ مِنْ الْعَقَارِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَالْقِيَاسُ هَذَا ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى نَصِيبِ الصَّغِيرِ دُونَ نَصِيبِ الْكَبِيرِ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِاخْتِلَاطِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ ، وَكَذَلِكَ وِلَايَتُهُ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا صَغِيرَ فِي وِلَايَتِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ وَأَبُو حَنِيفَةَ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ : لَمَّا ثَبَتَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ فِي بَيْعِ الْبَعْضِ ثَبَتَتْ فِي الْكُلِّ ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ بِسَبَبِ الْوِصَايَةِ لَا تَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ فِي بَيْع الْبَعْضِ إضْرَارًا بِالصَّغِيرِ وَالْكَبِير جَمِيعًا ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُت بِهِ نَصِيبُ الْكَبِيرِ وَالْأَشْقَاصُ لَا يُشْتَرَى بِمَا يُشْتَرَى بِهِ الْجُلُّ فَكَانَ فِي بَيْع الْكُلِّ تَوَفُّرُ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمْ وَلِلْوَصِيِّ وِلَايَةٌ فِي نَصِيبِ الْكَبِيرِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى تَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ يَمْلِك الْحِفْظ وَبَيْع الْمَنْقُولَات حَالّ غِيبَته لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَة لَهُ قَالَ ، وَإِذَا أَوْصَى بِالثُّلُثِ فِي أَشْيَاء يُشْتَرَى بِهِ وَيَتَصَدَّق بِهَا وَالْوَرَثَة كُلّهمْ كِبَار فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيع الْعَقَار كُلّه فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْفِيرِ الْمَنْفَعَة عَلَى الْوَرَثَةِ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيع مِنْ الْعَقَار غَيْر الثُّلُث ؛ لِأَنَّ ثُبُوت الْوِلَايَة لَهُ بِسَبَبِ الْوَصِيَّة فَيَقْتَصِر عَلَى مَعْدِن الْوَصِيَّة ، وَهُوَ الثُّلُثُ ، فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَة كِبَارًا كُلّهمْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْن وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءِ ، فَإِنْ كَانَتْ الْكِبَار غُيَّبًا أَوْ بَعْضهمْ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيع

الْحَيَوَان وَالْعُرُوض ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِك حِفْظَ التَّرِكَة إلَى أَنْ يَحْضُرُوا فَيَقْتَسِمُوا وَبَيْع الْحَيَوَان وَالْعُرُوض مِنْ الْحِفْظ ؛ لِأَنَّهُ يَخْشَى عَلَيْهَا التَّلَف وَحِفْظُ الثَّمَنِ أَيْسَر وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَة بَيْع الْعَقَار ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّة بِنَفْسِهَا فَبَيْعهَا لَيْسَ مِنْ الْحِفْظ .
وَإِنْ كَانُوا حُضُورًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيع شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُسْلَم الْكُلّ إلَيْهِمْ لِيَنْظُرُوا فِيهِ لِأَنْفُسِهِمْ بِالْبَيْعِ أَوْ الْقِسْمَة بَيْنهمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ النَّظَر لِأَنْفُسِهِمْ إذَا كَانُوا حُضُورًا فَلَا حَاجَة إلَى نَظَّرَ الْوَصِيّ لَهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا فَأَجْر الْوَصِيّ عَبْدًا أَوْ دَابَّة فَهُوَ جَائِز ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَاب النَّظَر وَالْحِفْظ ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَة أَقْرَب إلَى الْهَلَاك مِنْ الْعَيْن ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى وَقْتَيْنِ فَفِي اسْتِبْدَال ذَلِكَ بِمَا يَبْقَى لَهُمْ ، وَهِيَ الْأُجْرَة تُوَفِّر الْمَنْفَعَة عَلَيْهِمْ وَمَا اشْتَرَى الْوَصِيّ لِلرَّقِيقِ مِنْ الْكِسْوَة فَلَا ضَمَان عَلَى الْوَصِيّ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ أُمَّيْنِ حَافِظ لَهُمْ بِحَقِّ فَهَلَاكه فِي يَده كَهَلَاكِهِ فِي أَيْدِيهمْ ، وَإِذَا قَسَمَ الْوَصِيّ الْمَال بَيْنهمْ وَهُمْ كِبَار فَأَعْطَى نَصِيب الْحُضُور مِنْهُمْ وَأَمْسَكَ نَصِيب الْغَائِب فَهُوَ جَائِز ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعُرُوض يَمْلِك الْبَيْع فِي نَصِيب الْغَائِب فَيَمْلِك الْقِسْمَة أَيْضًا ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ فِي قَسَمَتْهُ مَعْنَى الْحِفْظ فِي حَقّ الْغَائِب ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَيَّز بِالْقِسْمَةِ مُلْكه مِنْ مِلْك غَيْره

وَإِذَا قَسَمَ الْوَصِيَّانِ مَالَ الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً فَقَالَ أَحَدُهُمَا الَّذِي عِنْدِي لِفُلَانٍ خَاصَّةً وَاَلَّذِي عِنْدَك لِفُلَانٍ فَقِسْمَتُهُمَا بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ فِي التَّصَرُّفِ كَوَصِيٍّ وَاحِدٍ وَالْوَصِيُّ الْوَاحِدُ لَوْ قَاسَمَ نَفْسَهُ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ فَكَذَلِكَ الْوَصَايَا ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَسْتَبِدُّ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَهُمَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَسْتَبِدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَإِذَا اجْتَمَعَا فِي تَصَرُّفٍ كَانَا فِي ذَلِكَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ وَقَدْ اجْتَمَعَا فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ فَهُمَا فِيهِ كَوَصِيٍّ وَاحِدٍ .
وَلَوْ غَابَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ فَقَاسَمَ الْآخِرُ الْوَرَثَةَ وَأَعْطَى الْكِبَارَ حِصَّتَهُمْ وَأَمْسَكَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى إذَا ضَاعَتْ حِصَّةُ الصَّغِيرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا قَبَضَ الْكِبَارُ بِحِصَّتِهِ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَجُوزُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ ، وَهَذَا يُقْدِمُ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ بَيْعِ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ وَشِرَائِهِ لِلْيَتِيمِ بِدُونِ رِضَا صَاحِبِهِ ، وَإِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُل فَأَمَرَهُ الْوَصِيُّ أَنْ يُقْرِضَهَا أَوْ يَهَبَهَا أَوْ يُسْلِفَهَا فَأَمْرُهُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مُبَاشَرَةَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَعْتَبِرُ أَمَرَهُ بِهِ وَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَهْلِكُ لِلْمَالِ بِدَفْعِهِ إلَى الْغَيْرِ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ مِنْهُ ، وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى رَجُلٍ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ جَازَ وَبَرِئَ مِنْهَا ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ بِهَذَا يَصِيرُ مُوَكِّلًا لِلْقَابِضِ بِالْقَبْضِ ، وَهُوَ يَمْلِكُ الْقَبْضَ بِنَفْسِهِ فَيَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ .
يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ بِنَفْسِهِ وَدَفَعَهُ إلَى هَذَا الرَّجُلِ وَدِيعَةً كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا مِنْهُ فَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَ مَنْ فِي يَدِهِ بِأَنْ

يَدْفَعَهُ إلَيْهِ .
وَلَوْ أَمَرَهُ الْوَصِيُّ بِأَنْ يَعْمَلَ بِالْمَالِ مُضَارَبَةً أَوْ يَشْتَرِيَ بِهِ مَتَاعًا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا ؛ لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ فَيُعْتَبَرُ أَمْرُهُ فِيهِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِآخَرَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ ، وَلَا شَيْءَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ خَاصَّةً فَوَصِيَّةُ الْمَشْهُودِ لَهُ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ وَوَصِيَّةُ الْمُقَرِّ لَهُ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ لَهُ وَمَحَلُّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ .
وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ مُسْتَحَقًّا لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَبْقَ لِلْمُقَرِّ لَهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِالثُّلُثِ وَصِيَّةً وَالِاسْتِحْقَاقُ بِالْوَصِيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَحِلِّهَا قَالَ : وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ ، ثُمَّ قَالَ : بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ : أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ لَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ إبْطَالَ اسْتِحْقَاقِهِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ لَا بَلْ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِقَامَةِ الثَّانِي مَقَامَهُ وَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ وَمَا بَقِيَ الثُّلُثُ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ لَا يَمْلِكُ الْمُقِرُّ إيجَابَهُ لِغَيْرِهِ فَإِقْرَارُهُ لِلثَّانِي صَادَفَ مَحَلًّا هُوَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِهِ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهِ .
قَالَ وَلَوْ أَقَرَّ إقْرَارًا مُتَّصِلًا فَقَالَ : أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ ، وَأَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ جَعَلْتُ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَكَ الثَّانِيَ مَعَ الْأَوَّلِ فِي الثُّلُثِ وَالْعَطْفُ لِلِاشْتِرَاكِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُتَّصِلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إذَا كَانَ فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ يَتَوَقَّفُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ وَيَصِيرُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمَا مَعًا بِخِلَافِ مَا

إذَا لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ مُتَّصِلًا ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ الْمُغَيِّرَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ يَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِقْرَارِ قَالَ : وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ حَتَّى يَدْفَعَ مِثْلَهُ إلَى الثَّانِي ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي أَقَرَّ أَنَّ الثُّلُثَ كَانَ مُسْتَحَقًّا لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَقَدْ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِاخْتِيَارِهِ فَصَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْمَدْفُوعِ ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ كَالْقَائِمِ فِي حَقِّهِ فَلَزِمَهُ دَفْعُ مِثْلِهِ إلَى الثَّانِي ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ مَا اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ فَإِنَّ الدَّفْعَ كَانَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَمَحَلُّ الْوَصِيَّةِ تَعَيَّنَ فِيمَا قَضَى بِهِ الْقَاضِي لِلْأَوَّلِ فَيَكُونُ هُوَ شَاهِدًا لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ .
وَالشَّاهِدُ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ هُوَ الَّذِي دَفَعَ بِنَفْسِهِ فَكَانَ مُسْتَهْلِكًا ، وَتَعْيِينُهُ فِي حَقِّ الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الثَّانِي كَأَنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ فِي يَدِهِ عَلَى حَالِهِ ، وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةِ أَلْفٍ بِعَيْنِهَا ، وَهُوَ الثُّلُثُ ، ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ ، ثُمَّ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْقُدُ الْأَلْفَ لِلْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ ، وَالْمَالُ فَارِغٌ عَنْ حَقِّ الْغَيْرِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي يَتَعَيَّنُ الْمَدْفُوعُ إلَى الْأَوَّلِ مَحَلًّا لِلْوَصِيَّةِ ، وَلَا يَكُونُ لِلثَّانِي عَلَى الْوَارِثِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ فِي يَدِهِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْوَارِثَ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي كَانَ شَاهِدًا لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لَا مُقِرًّا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَشَهَادَةُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ جَائِزَةٌ

كَمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ غَيْرِ الْوَارِثِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ بَلْ عَلَيْهِ فِيهَا ضَرَرٌ .

قَالَا : وَإِذَا شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِالثُّلُثِ فَدَفَعَا ذَلِكَ إلَيْهِ ، ثُمَّ شَهِدَا إنَّمَا كَانَ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ ، وَقَالَا : أَخْطَأْنَا فَإِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ تَمَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَعْمَلُ رُجُوعُهَا فِي حَقِّهِ ، وَهُمَا ضَامِنَانِ لِلثُّلُثِ يَدْفَعَانِهِ إلَى الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا صَحِيحٌ ، وَقَدْ أَقَرَّا أَنَّهُمَا اسْتَهْلَكَا مَحَلَّ حَقِّ الثَّانِي بِالدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ فَكَانَا ضَامِنَيْنِ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُونَا دَفَعَا شَيْئًا أَجَزْتُ شَهَادَتَهُمَا لِلْآخَرِ ، وَأَبْطَلْتُ وَصِيَّةَ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ مَا ثَبَتَ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ ، وَقَدْ شَهِدَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَوَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُمَا خِلَافَ الْأَوَّلِ فَقَدْ صَارَا ضَامِنَيْنِ هُنَاكَ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا قَصَدَا بِشَهَادَتِهِمَا لِلثَّانِي إسْقَاطَ الضَّمَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا

قَالَ : وَإِذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةً وَالْمَالُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَأَخَذَ كُلُّ إنْسَانٍ أَلْفًا ، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَجَحَدَ الْآخَرَانِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْطِيه ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يُعْطِيهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْمُقِرَّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ حَقٌّ ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ، فَإِذَا كَانَا اثْنَيْنِ فَالْمُقِرُّ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ فِي التَّرِكَةِ وَحَقَّ الْمُقِرِّ لَهُ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ : لَهُ الثُّلُثُ وَصِيَّةٌ وَالثُّلُثَانِ بَيْنِي وَبَيْنَ آخَرَ نِصْفَانِ ، وَإِذَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُمَا سَوَاءٌ يَقْسِمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ أَقَرَّا بِأَخٍ آخَرَ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّ حَقَّ الْجَاحِدِ فِي ثُلُثِ الْمَالِ ، وَقَدْ أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ فَمَا أَخَذَهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ كَالتَّاوِي فَلَا يَكُونُ ضَرَرُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، وَكَذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُقِرُّ يَزْعُمُ أَنَّ لِلْمَقَرِّ لَهُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا ، وَحَقُّهُ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَحَقِّي فِي سَهْمَيْنِ فَيَجْعَلُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِ .
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْجَاحِدَ مَعَ مَا أَخَذَ يُجْعَلُ كَالْمَعْدُومِ ، وَكَأَنَّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ ، وَهُوَ الْوَارِثُ ، فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الثُّلُثَ إلَى الْمُقِرِّ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ .
يُوَضِّحُهُ أَنَّا لَوْ أَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ فَأَمَرْنَاهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ، ثُمَّ أَقَرَّ الِابْنُ الْآخَرُ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ الْآخَرِ ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ أَيْضًا فَيُؤَدِّي إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي نِصْفِ الْمَالِ ، وَالْوَصِيَّةُ لَا تَنْفُذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ ؛ فَلِهَذَا أَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ .
وَلَوْ كَانَ

الْمَالُ أَلْفًا عَيْنًا ، وَأَلْفًا دَيْنًا عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَقَرَّ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى لِهَذَا بِالثُّلُثِ أَخَذَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفِ ثُلُثَهَا ، وَكَانَ لِلْمُقِرِّ ثُلُثَاهَا ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ أَنَّ حَقَّ الْمُقَرِّ لَهُ فِي ثُلُثِ كُلِّ أَلْفٍ ، وَكَانَ مَنَعَهُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ حَقَّهُ فِي الدَّيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِنْ الْعَيْنِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ ؛ فَلِهَذَا يُعْطِيهِ ثُلُثَ الْعَيْنِ الَّذِي فِي يَدِهِ ، وَفِي الْقِيَاسِ يُعْطِيهِ نِصْفَ ذَلِكَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ .
وَلَوْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ عَيْنًا فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا ، ثُمَّ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِيَالِهِ الرَّجُلَ غَيْرَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ صَاحِبُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يَأْخُذُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ ، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْقِيَاسِ أَحْسَنُ مِنْ الْقِيَاسِ ، وَأَنَّ الْقِيَاسَ فِي هَذَا فَاحِشٌ قَبِيحٌ يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ بِهِ يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيذ الْوَصِيَّة ةِ فِي نِصْفِ الْمَالِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الْمَيِّتَ لَوْ تَرَكَ امْرَأَةً وَابْنًا فَأَخَذَتْ الْمَرْأَةُ الثُّمُنَ ، ثُمَّ أَقَرَّتْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِالثُّلُثِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ لَهُ يَأْخُذ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهَا .
وَلَوْ أَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ لَكَانَ يَأْخُذُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَحَقُّهَا فِي وَاحِدٍ ، وَهُوَ ثُمُنُ مَا بَقِيَ فَبِهَذَا وَنَحْوِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْقِيَاسِ هَهُنَا قَبِيحٌ قَالَ : وَلَوْ تَرَكَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَاقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ ، ثُمَّ غَابَ أَحَدُهُمَا فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَاضِرِ بِوَصِيَّةٍ بِالثُّلُثِ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ عَلَى السَّوَاءِ فَأَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ هَهُنَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ

الْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّ هَهُنَا وَصِيَّةُ الْمَشْهُودِ لَهُ ثَبَتَتْ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ حَتَّى إذَا رَجَعَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَاهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ فَلَا يُجْعَلُ هُوَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ كَالْمَعْدُومِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ .
يُوَضِّحُهُ : أَنَّ هَهُنَا لَوْ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَيْضًا عَلَى الْغَائِبِ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا إلَّا الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلَا يُؤَدِّي هَذَا إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ عَلَى مَا بَيَّنَّا .

وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِوَصِيَّةٍ لِرَجُلٍ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ بِعِتْقٍ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الدَّيْنِ جَمِيعُ التَّرِكَةِ ، وَقَدْ بَقِيَ فِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ ، وَأَصْلُ هَذَا الْفَرْقِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ فَإِنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنٍ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ إقْرَارِهِ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ بِاعْتِبَارِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ ، وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ ، وَهُوَ فَارِغٌ حِينَ الْإِقْرَارِ لَهُ ، إنَّمَا أَقَرَّ لِلثَّانِي وَالْمَحَلُّ مَشْغُولٌ بِحَقِّ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ الْمَحَلُّ مِنْ حَقِّ الْأَوَّلِ كَالرَّاهِنِ إذَا أَقَرَّ بِالْمَرْهُونِ لِإِنْسَانٍ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ اسْتَوَيَا ؛ لِأَنَّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ ، وَإِذَا قَالَ الْوَارِثُ : لِفُلَانٍ كَذَا مِنْ الدَّيْنِ وَلِفُلَانٍ كَذَا مِنْ الْوَدِيعَةِ ، الْوَدِيعَةُ بِعَيْنِهَا ، وَهُوَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِيهَا ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ أَقَرَّ هُنَاكَ بِدَيْنٍ شَاغِلٍ لِمَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَكُونُ هَذَا بِمَعْنَى إقْرَارِهِ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ فَكَأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا بِتَقْدِيمِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ عَلَيْهَا ، وَالْإِقْرَارُ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ ، وَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنَيْنِ فِي كَلَامٍ مَوْصُولٍ ، إنْ بَدَأَ الْوَدِيعَةِ ، ثُمَّ بِالدَّيْنِ بُدِئَ الْوَدِيعَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا ، وَلَا دَيْنَ هُنَاكَ فَصَارَتْ عَيْنُهَا مُسْتَحَقَّةً لِلْمُقَرِّ لَهُ ، ثُمَّ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لَا

فِيمَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَرِكَتِهِ .
وَإِذَا أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا ، ثُمَّ بِوَدِيعَةٍ أُخْرَى بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْعَيْنَ بِنَفْسِهِ بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ ، وَالْإِقْرَارُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْأَوَّلُ ، وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّيْنَيْنِ ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ ثُبُوتِ الدَّيْنَيْنِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّرِكَةِ فَكَانَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ ، وَهَهُنَا لَيْسَ مُوجِبَ ثُبُوتِ الْوَدِيعَةِ بِأَعْيَانِهِمَا الشَّرِكَةُ بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُمَا فِي شَيْءٍ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ مَا أُقِرَّ لَهُ بِهِ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ فَلِهَذَا كَانَ الْمُتَّصِلُ وَالْمُنْقَطِعُ فِي هَذَا سَوَاءً حَتَّى إنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِوَدِيعَتَيْنِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا فَهُوَ وَالْإِقْرَارُ بِدَيْنَيْنِ سَوَاءٌ .

قَالَ : وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَقِيَّتُهُمْ لَزِمَهُ فِي نَصِيبِهِ جَمِيعُ الدَّيْنِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ ، فَإِنَّا نَجْعَلُ فِي مَوْضِعَيْنِ الْجَاحِدَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ كَالْمَعْدُومِ ، وَكَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْمُقِرُّ ، وَالتَّرِكَةُ مَا فِي يَدُهُ .
وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ مِمَّا فِي يَدِهِ إذَا كَانَ يَفِي بِذَلِكَ ، وَلَا يُؤْمَرُ بِأَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ بِالْوَصِيَّةِ إلَّا الثُّلُثَ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ .
وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا ، فَقَالَ : هَذِهِ الْوَدِيعَةُ لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ : هِيَ لِفُلَانٍ ، ثُمَّ قَالَ : بَعْدَ مَا سَكَتَ وَلِفُلَانٍ مَعَهُ فَإِنَّهَا لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ الرُّجُوعَ عَنْهُ ، وَلَا الْإِشْرَاكَ لِغَيْرِهِ فِيهِ .
وَلَوْ قَالَ : هِيَ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ لِهَذَا الْآخَرِ ، وَأَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلثَّانِي مِثْلَهَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا بِالدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ بِزَعْمِهِ ، وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَهْلِكٍ شَيْئًا ، إنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ ، وَعَلَى الْمَيِّتِ ، وَقَدْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا شَيْئًا .

قَالَ : وَلَوْ قَالَ : أُوصِي إلَى هَذَا بِالثُّلُثِ وَلِهَذَا عَلَى أَبِي دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْمَالِ أَجَزْتُ الدَّيْنَ ، وَأَبْطَلْتُ الْوَصِيَّةَ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَفِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ أَوَّلِ كَلَامِهِ اسْتِحْقَاقُ الْمُقِرِّ لَهُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ فِي الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا ، وَمُوجِبُ آخِرِ كَلَامِهِ أَنْ يَكُونَ اسْتِحْقَاقُ الْوَصِيَّةِ مُؤَخَّرًا عَنْ الدَّيْنِ ، وَالْبَيَانُ مُعْتَبَرٌ صَحِيحٌ إذَا كَانَ مَوْصُولًا ( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ قَالَ : أُوصِي إلَى فُلَانٍ بِالثُّلُثِ ، وَأُعْتِقُ هَذَا الْعَبْدَ ، وَهُوَ الثُّلُثُ صَدَّقْتُهُ فِي الْعِتْقِ ، وَأَبْطَلْتُ الْوَصِيَّةَ ؛ لِأَنَّهَا بَيَانٌ مُعْتَبَرٌ فَالْعِتْقُ الْمُنَفَّذُ مُقَدَّمٌ فِي الثُّلُثِ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا ، إنْ فَصَلَ مِنْ الْإِقْرَارَيْنِ أَجَزْتُ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَصِحُّ مَفْصُولًا فَيَبْقَى مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ ، وَقَدْ فَسَدَ رِقُّ الْعَبْدِ بِإِقْرَارِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ السِّعَايَةِ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ .
وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَأَنَّهُ قَدْ أَجَازَهُ بَعْدُ مَوْتِ أَبِيهِ ، ثُمَّ مَاتَ الْوَارِثُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَهُ الْمُوصَى لَهُ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ يُبْدَأُ بِهَا مِنْ مَالِ أَبِيهِ قَبْلَ دَيْنِ الْوَارِثِ ؛ لِأَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالْإِجَازَةِ كَالْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي ذَلِكَ حِينَ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ وَاسْتِحْقَاقُ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ إجَازَةِ الْوَارِثِ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْمُوَرِّثِ فَتَمَّ اسْتِحْقَاقُهُ بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ بِهِ ، ثُمَّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ إنَّمَا يَشْغَلُ تَرِكَتَهُ لَا مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِعَيْنِهِ

لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ قَدْ اسْتَهْلَكَ مَالَ أَبِيهِ فَهُوَ دَيْنٌ فِيمَا تَرَكَ الْوَارِثُ يُحَاصُّ صَاحِبُهُ صَاحِبَ دَيْنِ الْوَارِثِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ مَا اسْتَهْلَكَهُ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ، ثُمَّ بِدَيْنٍ ، ثُمَّ مَاتَ تَحَاصَّ الْغُرَمَاءُ فِي تَرِكَتِهِ قَالَ : وَإِذَا شَهِدَ وَارِثَانِ عَلَى الْوَصِيَّةِ جَازَتْ وَشَهَادَتُهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِمَا فَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ أَقَرَّا ، وَلَمْ يَشْهَدَا بِالْحِصَّةِ فَشَهَادَتُهُمَا فِي نَصِيبِهِمَا ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ شَهَادَتُهُمَا بِدُونِ صِفَةِ الْعَدَالَةِ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمَا ، إنَّمَا هِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا ، وَلَا يُقَالُ إذَا شَهِدَا فِي الِابْتِدَاءِ ، وَهُمَا عَدْلَانِ فَهُمَا مُتَّهَمَانِ فِي إخْرَاجِ الْكَلَامِ مَخْرَجَ الشَّهَادَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ لَزِمَهُمَا فِي نَصِيبِهِمَا خَاصَّةً ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ فِي الْوَصِيَّةِ يَتَأَتَّى هَذَا الْإِشْكَالُ فَإِنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَوْ أَقَرَّا لَمْ يَلْزَمْهُمَا إلَّا مِقْدَارُ حِصَّتِهِمَا ، إنَّمَا هَذَا الْإِشْكَالُ فِي الدَّيْنِ ، وَمَعَ هَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُمَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ نَصِيبِهِ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ فِي إخْرَاجِهِمَا الْكَلَامَ مَخْرَجَ الشَّهَادَةِ ، وَلَوْ شَهِدَا ، وَهُمَا عَدْلَانِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَعَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ أَجَازُوهَا بَعْدَ الْمَوْتِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجُرَّا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ إلَى أَنْفُسِهِمَا شَيْئًا .
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِهَذَا الرَّجُلِ ، وَشَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ لِهَذَا وَجَعَلَهُ لِهَذَا الْآخَرِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ ، وَلَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا شَيْئًا .
وَلَوْ لَمْ يَشْهَدَا عَلَى الرُّجُوعِ ، وَلَكِنْ شَهِدَا

بِالثُّلُثِ لِلْآخَرِ تَحَاصَّا فِي الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهَا فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حَقِّهِمَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّ لِلثُّلُثِ عَلَيْهِمَا وَاحِدًا أَوْ مَثْنَى .
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا الْأَجْنَبِيِّ ، وَشَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ ؛ لِهَذَا الْوَارِثِ ، وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ لِلْأَجْنَبِيِّ ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثَ سَبَبُهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِيهِ فَشَهَادَتُهُمَا عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَبِدُونِ الْإِجَازَةِ لَا مُزَاحَمَةَ لِلْوَارِثِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ .

قَالَ : وَلَوْ شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ ، وَجَعَلَهَا لِهَذَا الْوَارِثِ ، وَأَنَّهُمَا مَعَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ قَدْ سَلَّمُوا لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا تُقْبَلْ شَهَادَةِ الْوَارِثِينَ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوَرَثَةَ بِالْإِجَازَةِ قَدْ أَخْرَجُوا الثُّلُثَ مِنْ حَقِّ أَنْفُسِهِمْ فَهَذِهِ شَهَادَةٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ التُّهْمَةُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيِّ ؛ وَجْهُ قَوْلِهِ الْآخَرِ : أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ عَلَيْهِمَا فَهُمَا يُبْطِلَانِ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقَ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ فَيُتَّهَمَانِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ لِلثَّانِي مَعَ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى يَكُونَ تَحْوِيلًا مِنْ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلْأَوَّلِ ثَابِتٌ مِنْ غَيْرِ إجَازَتِهِمْ ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لِلثَّانِي لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِجَازَتِهِمْ وَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلثَّانِي مَعَ إجَازَتِهِمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ : لَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ مُعْتَمِدًا عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا شَيْئًا بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِهَا لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ .

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ وَارِثًا وَاحِدًا وَثَلَاثَةَ أَعْبُدَ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَقَالَ : ذَلِكَ الْوَارِثُ أَعْتَقَ أَبِي هَذَا فِي مَرَضِهِ ، ثُمَّ قَالَ : بَعْدَ ذَلِكَ لَا بَلْ هَذَا ، ثُمَّ قَالَ : لَا بَلْ هَذَا فَإِنَّهُمْ يُعْتَقُونَ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ لِلْأَوَّلِ عَتَقَ كُلُّهُ إذْ لَيْسَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى الثُّلُثِ ، ثُمَّ بِالْكَلَامِ الثَّانِي رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ ، وَأَقَرَّ لِلثَّانِي وَرُجُوعُهُ بَاطِلٌ وَلَكِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ الْأَوَّلَ بِإِقْرَارِهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْقَائِمِ فِي حَقِّهِ فَيُعْتَقُ الثَّانِي كُلُّهُ بِإِقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ ، إنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَصِيَّةً وَدَفَعَهُ إلَيْهِ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ فَنَفْسُ الْإِقْرَارِ بِهِ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ فِي الْمَالِ .
وَلَوْ قَالَ فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ : أَعْتَقَ أَبِي هَذَا وَهَذَا ، وَإِذَا سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ فَيَتَوَقَّفُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمْ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَقَالَ : أَعْتَقَهُمْ الْمَيِّتُ فَيُعْتِقُ ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ .
وَلَوْ قَالَ : أَعْتَقَ أَبِي هَذَا ، ثُمَّ سَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا ، ثُمَّ سَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا عَتَقَ الْأَوَّلُ كُلُّهُ وَنِصْفُ الثَّانِي وَثُلُثُ الثَّالِثِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثُّلُثِ لِلْأَوَّلِ فِي الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَيُعْتَقُ كُلُّهُ ، ثُمَّ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي أَقَرَّ أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ نِصْفَانِ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ لِلثَّانِي بِنِصْفِ الثُّلُثِ صَحِيحًا فَيُعْتَقْ نِصْفُهُ وَإِبْطَالُهُ اسْتِحْقَاقَ الْأَوَّلِ فِي النِّصْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ يُجْعَلُ هُوَ فِي حَقِّ الثَّانِي كَالْمُسْتَهْلِكِ لِذَلِكَ النِّصْفِ ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي الْكَلَامِ لِلثَّالِثِ أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمْ

أَثْلَاثٌ فَيَصِحُّ إيجَابُ الثُّلُثِ لِلثَّالِثِ ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْ شَيْءٍ عَمَّا أَوْجَبَهُ لِلْأَوَّلَيْنِ بَلْ يُجْعَلُ هُوَ كَالْمُسْتَهْلِكِ لِمَا زَادَ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّ الْأَوَّلَيْنِ فِي حَقِّ الثَّالِثِ .
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا فِي مَرَضِهِ ، وَهُوَ الثُّلُثُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَاَلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ حُرٌّ وَيَسْعَى الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ فِي قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ، وَقَدْ صَارَ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ كُلُّهُ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ دَبَّرَ هَذَا الْعَبْدَ فِي مَرَضِهِ ، ثُمَّ سَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ : وَأَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يُعْتَقُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَيُعْتَقُ مِنْ الْآخَرِ نِصْفُ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالتَّدْبِيرِ لَهُ وَإِقْرَارَهُ بِالْعِتْقِ فِي مَرَضِهِ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ أَنَّ الْأَوَّلَ يُعْتَقُ كُلُّهُ ، وَأَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ الثَّانِي نِصْفُهُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْوَارِثِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ هَذَا ، وَهُوَ يُنْكِرُ أُخِذَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ إقْرَارِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَلَوْ عَايَنَا إقْرَارَهُ بِذَلِكَ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ كُلُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلٌ ، وَالْقَوْلُ فِيمَا يُعَادُ ، وَيُكَرَّرُ وَحُكْمُ الْإِقْرَارِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ وَاحِدٌ فِي حَقِّهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْ الْإِقْرَارِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ

الشَّهَادَةِ فَهَذَا قِيَاسُهُ .

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ كَذَا ، وَكَذَا وَيُعْتَقُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا قَالَ إنْ كَانَ الَّذِي شُرِطَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا أَوْ دُونِهَا بِمِقْدَارِ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ عَنْ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ حَطَّ عَنْهُ ثُلُثَ الْمَالِ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ اعْتِبَارًا لِمَا أَوْصَى بِهِ بِمَالٍ نَقَدَهُ فِي مَرَضِهِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ بِبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَلَوْ أَوْصَى بِبَيْعِهِ مِنْ مَعْلُومٍ بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَجَبَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ فَإِنْ حَطَّ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ فِي قِيمَتِهِ يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَنْفَعَةُ الْمُوصِي أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الْوَلَاءُ ، إنَّمَا جَعَلْنَا هَذَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ أَدَاءَ مَا يَقُومُ مَقَامَ مَالِيَّةِ رَقَبَةٍ فِي تَوَفُّرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ فَإِنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَالِيَّةِ ، وَذَلِكَ يَسْلَمْ لَهُمْ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَإِنْ أَعْتَقَ مَعَ هَذَا عَبْدًا عَلَى غَيْرِ جُعْلٍ بُدِئَ بِالْعِتْقِ مِنْ غَيْرِ جُعْلٍ ، ثُمَّ أَعْتَقْنَا هَذَا الْآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى مَا بَيَّنَّا ؛ لِأَنَّ مَا نَفَذَ مِنْ الْعِتْقِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مُقَدَّمُ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِتْقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّ مَا بَعْدَهُ صَارَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ ، وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّنْفِيذِ وَمَا أَوْصَى بِهِ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ؛ فَلِهَذَا قَدَّمْنَا الْعِتْقَ الْمُنَفَّذَ فِي ثُلُثِهِ ، وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يَخْدُمَ عَبْدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَرَثَتَهُ سَنَةً ، ثُمَّ يُعْتَقُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالرَّقَبَةِ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ ، ثُمَّ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ لِلْعَبْدِ مُرَتَّبَةٌ

عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهَا ، فَإِذَا بَطَلَتْ الْأُولَى لِعَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ تَبْطُلُ الثَّانِيَةُ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا .
فَإِذَا صَحَّتْ الْأُولَى بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَهُمْ كِبَارٌ يَجِبُ تَنْفِيذُ الْأُخْرَى جَزْمًا عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ سَنَةً كَمَا أَوْصَى بِهِ ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَخْدُمَ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ سَنَةً ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَهَذَا جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ إيثَارُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ ، وَلَكِنَّهُ إيفَاءُ مَا كَانَ مِنْ اسْتِخْدَامِ الْوَرَثَةِ إيَّاهُ سَنَةً بَعْدَ مَوْتِهِ ، ثُمَّ أَوْصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَجِبُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ سَلَامَةَ خِدْمَتِهِ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لَا بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ، وَالْإِرْثُ لَا يُرَدُّ لِكَرَاهَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ قِيلَ الْخِدْمَةُ لَا تُوَرَّثُ قُلْنَا نَعَمْ مَقْصُودًا وَلَكِنَّهَا تُوَرَّثُ تَبَعًا لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ وَلَمَّا لَمْ يَجِبْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ فِي الْحَالِ صَارَتْ الرَّقَبَةُ مَعَ الْخِدْمَةِ مَمْلُوكَةً لَهُمْ إرْثًا عَلَى أَنْ يُعَادَ إلَى الْمَيِّتِ حُكْمًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ ، وَهُوَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ لِتَسْلِيمِ الْوَلَاءِ لَهُ ، ثُمَّ مَقْصُودُ مَنْ كَرِهَ مِنْهُمْ إبْطَالَ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ ، وَالْوَارِثُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَخْدُمَ فُلَانًا سَنَةً ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ وَفُلَانٌ غَيْرُ وَارِثٌ فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ وَصِيَّتَيْنِ تَصِحُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدَةً فَيَصِحُّ تَرَتُّبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَيْضًا ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَ الْخِدْمَةَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ هَهُنَا تُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْوَصِيَّةِ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ حَقُّ الرَّدِّ فِي الْمُوصَى بِهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالرَّقَبَةِ بَعْدَ هَذَا .
وَإِذَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ الْأُولَى بِرَدِّهِ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ حُكْمًا ؛

لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا مُرَتَّبَةً عَلَى الْأُولَى ، وَقَدْ فَاتَ شَرْطُهَا حِينَ رَدِّ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قُتِلَ ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ سَنَةٍ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّ الْإِرْثَ لَا يَجْرِي فِي مُجَرَّدِ الْمَنْفَعَةِ فَوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ لَا يَخْلُفُهُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ إذَا خَدَمَ فُلَانًا سَنَةً أَوْ إنْ خَدَمَ سَنَةً فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّ الشَّرْطَ يَفُوتُ بِمَوْتِ فُلَانٍ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ غَائِبًا فَقَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ فَالْخِدْمَةُ تَكُونُ لَهُ مِنْ يَوْمِ قَدِمَ ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى ذَكَرَ سَنَةً مُنَكَّرَةً ، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ السَّنَةِ الَّتِي تَعْقُبُ مَوْتَهُ ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمُوصَى بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ ، وَلَوْ قَالَ : يَخْدُمُ فُلَانًا هَذِهِ السَّنَةَ ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَلَمْ يَقْدُمْ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخِدْمَةِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا فَإِنَّهُ عَيَّنَ الْوَصِيَّةَ لِلْمَنَافِعِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي السَّنَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا ، وَذَلِكَ يَفُوتُ بِمُضِيِّهَا ، وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ أَيْضًا لِفَوَاتِ شَرْطِهِ ، وَلَوْ قَالَ : يَخْدُمُ فُلَانًا سَنَةً ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ فُلَانًا يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ عَتَقَ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي تَسْلِيمِ الْعَبْدِ إلَى الْمُوصَى لَهُ لِيَخْدُمَهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ قَصْرُ يَدِ الْوَارِثِ عَنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لِمَكَانِ الْوَصِيَّةِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ ضِعْفُ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ فَقُلْنَا يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا ، وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ حَتَّى يَمْضِيَ ثَلَاثُ سِنِينَ فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا كَمَالَ حَقِّهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَيُتِمُّ بِهِ شَرْطَ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ ، فَيُعْتَقُ ثُلُثَهُ وَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يَخْدُمَ وَرَثَتَهُ

سَنَةً ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَصَالَحُوهُ مِنْ الْخِدْمَةِ عَلَى دَرَاهِمَ وَعَجَّلُوا عِتْقَهُ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ مُسْتَحَقَّةٌ لَهُمْ بِالْمِيرَاثِ فَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِالْمَالِ ، وَيُجْعَلُ وُصُولُ الْبَدَلِ إلَيْهِمْ كَوُصُولِ الْمُبْدَلِ بِأَنَّهُ يَخْدُمُهُمْ سَنَةً فَيُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثُهُ ، ثُمَّ هُمْ أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ عَنْ الْخِدْمَةِ بِعِوَضٍ ، وَلَوْ أَسْقَطُوهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَعَجَّلُوا الْعِتْقَ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ صَارَ رَاضِيًا بِالْتِزَامِ وَلَائِهِ ، فَكَذَلِكَ إذَا أَسْقَطُوهُ بِعِوَضٍ .
وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ، وَأَغَلَّتْ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا ، فَذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ ، وَتُعْتَقُ هِيَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ لَا تَسْرِي إلَى الْوَلَدِ ، وَلَا إلَى الْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ ، وَالْوَرَثَةُ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ لَهُمَا فِيمَا هُوَ فَارِغٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ لَهُمْ فِيهَا قَدْ تَقَرَّرَ ، وَالْبَاقِي لِمِلْكِ الْمَيِّتِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّا نَجْعَلُهَا كَالْبَاقِيَةِ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ حُكْمًا لِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ إلَى تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهَا ، وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ هِيَ مَمْلُوكَةٌ لِلْوَرَثَةِ ، إنْ جَنَتْ جِنَايَةً فَذَلِكَ إلَى الْوَارِث إنْ شَاءَ دَفَعَهَا بِالْجِنَايَةِ ، وَأَبْطَلَ الْعِتْقَ ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهَا بِالْأَرْشِ ، وَأَعْتَقَهَا عَنْ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ لَهَا فِي حُكْمِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ اخْتَارَ دَفْعَهَا دَفَعَ بِهِ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ ، وَهُوَ مِلْكُ الْمَيِّتِ ، إنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَقَدْ طَهُرَتْ عَنْ الْجِنَايَةِ وَبَقِيَتْ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا كَانَتْ ، وَالْوَارِثُ مُتَبَرِّعٌ فِي الْفِدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِذَا أَعْتَقَهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَنْفِيذِ عِتْقِهِ ، ثُمَّ عِتْقُهَا

مُسْتَحَقٌّ عَنْ الْمَيِّتِ ، وَمَا اُسْتُحِقَّ فِي عَيْنٍ بِجِهَةٍ فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ أُتِيَ بِهِ يَقَعُ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ حِصَّةُ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ قِيمَةِ الْخِدْمَةِ لِاحْتِبَاسِ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَتَّى نَفَذَ الْعِتْقُ فِيهِ مِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ .
وَذَلِكَ مُتَقَوِّمٌ فِيمَا هُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا ، وَإِذَا كَانَ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ إذَا كَانَ يُخْرِجُ قِيمَتَهَا مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ هَذَا تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ ، وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ بِمَنْزِلَةِ جَمَاعَتِهِمْ فِي تَنْفِيذِ جَمِيعِ وَصِيَّةِ الْمُوصِي فِي الْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، إنْ دَبَّرَهَا وَارِثٌ عَنْ نَفْسِهِ ، ثُمَّ مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ الْمَيِّتِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهَا بِشَرْطٍ آخَرَ ، وَقَدْ يُوجَدُ الشَّرْطُ ، إنْ لَمْ يَمُتْ فَتَدْبِيرُهُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَمْلِكُ تَدْبِيرَهَا عَنْ نَفْسِهِ أَيْضًا وَلَيْسَ فِي التَّدْبِيرِ تَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِإِنْسَانٍ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ : اعْتِقْهَا عَنْ الْمَيِّتِ فَأَعْتَقَهَا أَوْ اُحْتُضِرَ الْوَصِيُّ فَأَوْصَى إلَى آخَرَ أَنْ يُعْتِقَهَا عَنْ الْمَيِّتِ جَازَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِالْعِتْقِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ إذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ نَائِبٌ مَحْضٌ ، وَالْآمِرُ مَا أَنَابَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي الْوَصِيَّةِ إلَى الْغَيْرِ وَلِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِنَفْسِهِ ، وَفِي أَمْرِهِ غَيْرَهُ بِذَلِكَ وَإِيصَائِهِ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ تَحْصِيلُ مَقْصُودِ الْمُوصِي فَيَصِحُّ ذَلِكَ مِنْ الْوَصِيِّ .
وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ كَالْمُنْفَصِلِ فِي حُكْمِ مَقْصُودِ الْمُعْتِقِ فِيهِ فَإِنْ أَعْتَقَ الْأُمَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْهُ ، وَمَا فِي بَطْنِهَا حُرٌّ عَنْ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ تَابِعٌ لِلْأُمِّ فِي الْعِتْقِ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْمُعْتِقُ

فِيهَا .
وَلَوْ أَعْتَقَ الْجَنِينَ أَحَدُهُمَا عَتَقَ عَنْ الْمَيِّتِ فَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ الْأُمَّ أَحَدُهُمْ ، وَقَدْ صَارَتْ الْأُمُّ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِالْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّهَا فَارِغَةٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ ، فَإِذَا أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمْ يُخَيَّرُ شُرَكَاؤُهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي عِتْقِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ الْمَمْلُوكَ الْمُشْتَرَكَ ، إنْ دَبَّرَهَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ فَتَدْبِيرُهُ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنْهَا ، وَمِنْ ضَرُورَةِ نُفُوذِ التَّدْبِيرِ مِنْهُ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا نُفُوذُهُ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يَنْفَصِلُ عَنْهَا فِي حُكْمِ التَّدْبِيرِ كَمَا لَا يَنْفَصِلُ فِي حُكْمِ الْعِتْقِ ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ مِنْهَا وَتَبْطُلُ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ فِي الْجَنِينِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْمُوصِي حُكْمًا لِيُعْتَقَ عَنْهُ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ ، وَيَنْفُذُ التَّدْبِيرُ مِنْ الَّذِي دَبَّرَ فِي بَعْضِ الْجَنِينِ عَنْ نَفْسِهِ بِتَقَرُّرِ مِلْكِهِ ، وَيَسْتَحِقُّ وَلَاءَهُ ضَرُورَةً فَيَفُوتُ بِهِ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ .
وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ جَارِيَتَهُ فُلَانَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ ، وَهِيَ الثُّلُثُ فَبَاعَهَا الْوَرَثَةُ فَبَيْعُهُمْ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ حُكْمًا مَشْغُولَةٌ بِحَاجَتِهِ فَبَيْعُهُمْ إيَّاهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَبَيْعِهِمْ إيَّاهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ كَبَيْعِ الْوَرَثَةِ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرَقَةَ بِالدَّيْنِ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَهَذَا أَيْضًا كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ إبْطَالَ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ أَصْلًا فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي ، فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ ، وَالْمُشْتَرِي مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْوَرَثَةِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْوَصِيَّةِ حِينَ اشْتَرَاهَا وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ إلَّا أَنَّ هَهُنَا لَا قِيمَةَ لَهَا ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ لِلْوَرَثَةِ ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَيْهِمْ لِأَجْلِ الْغُرُورِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إيجَابِهَا ، وَعَلَيْهِ

الْعُقْرُ لَهُمْ ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَإِيجَابُ الْعُقْرِ مُقَيَّدٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَغْرَمُ مِنْ الْعُقْرِ عَلَى الْبَائِع بِسَبَبِ الْغُرُورِ ، وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ ، وَتُؤْخَذُ الْجَارِيَةُ وَتُعْتَقُ عَنْ الْمَيِّتِ بَعْدَ سَنَةٍ كَمَا أَوْصَى .
وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ جَارِيَتِهِ ، وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ ، وَلَهُ أَلْفَانِ فَهَلَكَتْ الْأَلْفَانِ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهَا الْوَصِيُّ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ يُعْتَقُ ثُلُثُهَا وَتَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا ؛ لِأَنَّ مَا هَلَكَ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْوَرَثَةِ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ، وَهُوَ وَالْهَالِكُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي سَوَاءٌ ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْجَارِيَةُ فَلَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُث فَيُعْتَقُ ثُلُثُهَا وَتَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابُ الْوَصِيَّةِ إذَا لَمْ يَقْبَلْهَا الْمُوصَى لَهُ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ وَرَدِّهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي ؛ لِأَنَّ أَوَانَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ مَا بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْقَبُولِ وَالرَّدِّ قَبْلَ أَوَانِهِ ، فَإِذَا مَاتَ الْمُوصِي فَإِنْ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَالْمِلْكُ لَهُ فِي الْمُوصَى بِهِ قَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ إبْطَالَهُ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ ، وَهُوَ الْمِلْكُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ ، إنْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَطَلَتْ بِرَدِّهِ عِنْدَنَا وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا تَبْطُلُ ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زُفَرَ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالْوَصِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ بِالْإِرْثِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَقِبَ الْمَوْتِ ، ثُمَّ الْإِرْثُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْوَارِثِ فَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ هَاهُنَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ ، وَهُوَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ صَارَ خَلَفًا عَنْ الْمُوصِي فِي مِلْكِ الْمُوصَى بِهِ كَالْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ وَجْهُ قَوْلِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَنَّ هَذَا تَمْلِيكُ الْمَالِ بِالْعَقْدِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَبُولِ أَوْ مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ كَالتَّمْلِيكِ لِسَائِرِ الْعُقُودِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْمُوصَى لَهُ ابْتِدَاءً ؛ وَلِهَذَا لَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ ، وَلَا يَصِيرُ مَغْرُورًا فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُوصِي ، وَالْمِلْكُ الْمُتَجَدِّدُ يَسْتَدْعِي شَيْئًا مُبْتَدَأً ، وَأَحَدٌ لَا يَمْلِكُ تَتْمِيمَ سَبَبِ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ ، فَإِنَّهُ يَبْقَى لِلْوَارِثِ الْمِلْكُ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا لِلْمُوَرِّثِ حَتَّى يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ ، وَلَا يَصِيرُ مَغْرُورًا فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُوَرِّثُ ، وَالْبَقَاءُ لَا يَسْتَدْعِي سَبَبًا مُبْتَدَأً أَوْ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ إدْخَالُ الشَّيْءِ فِي مِلْكِهِ قَصْدًا مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ

وَفِي الْمِيرَاثِ الْمِلْكُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْ الْمُوَرِّثِ ( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ ، وَلِلشَّرْعِ هَذِهِ الْوِلَايَةُ ، فَأَمَّا مَا هُنَا فَإِنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ بِإِيجَابِ الْمُوصِي بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ قَبْلَ مَوْتِهِ ، وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَبُولِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ لِانْعِدَامِ وِلَايَةِ الْمُوصِي عَلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ لِمَنْفَعَةِ الْمُوصَى لَهُ .
وَلَوْ أَثْبَتْنَا الْمِلْكَ لَهُ قَبْلَ قَبُولِهِ تَضَرَّرَ بِهِ ، فَإِنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ أَعْمَى تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إذَا أَثْبَتَ الْمِلْكَ لَهُ .
وَلَوْ أَوْصَى بِدِنَانٍ مُسْكِرَةٍ أَوْ بِزِبْلٍ اجْتَمَعَتْ فِي دَارِهِ .
وَلَوْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ بِغَيْرِ قَبُولِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ نَقْلُهَا شَاءَ أَوْ أَبَى ، وَفِي هَذِهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ مَا لَا يَخْفَى ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِآنِيَةٍ أَوْ بِمَمْلُوكٍ لَهُ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ مَمْلُوكٍ قَدْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إنْ مَلَكَهُ ، لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ قَبُولِهِ لَكَانَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ ، وَلَاؤُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُلْزِمَهُ الْوَلَاءَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ .
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِزَوْجَتِهِ أَوْ مِلْكِهَا بِدُونِ قَبُولِهِ نَفَذَ نِكَاحُهُ وَلَيْسَ لِلْمُوصِي وِلَايَةُ إفْسَادِ نِكَاحِهِ ؛ فَلِهَذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ مَا لَمْ يَقْبَلْ ، وَكَذَلِكَ إنْ أَوْصَى بِأُمِّ وَلَدِهِ فَمَا لَمْ يَقْبَلْهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصَى لَهُ بِالْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي حَتَّى مَاتَ فَفِي الْقِيَاسِ وَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْقَبُولِ ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ إنَّمَا يَخْلُفُونَهُ بِالْقِيَامِ فِي الْمِلْكِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَهَا هُنَا الْمِلْكُ مَا كَانَ ثَابِتًا لَهُ فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ ، إنَّمَا كَانَ الثَّابِتُ لَهُ حَقُّ

الْقَبُولِ ، وَهُوَ حَقٌّ مُتَأَكِّدٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرُهُ إبْطَالَهُ فَيَقُومُ وَارِثُهُ فِيهِ مَقَامَهُ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ مَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَارِثُ وَهَذَا لِأَنَّ مَوْتَ الْمُوصَى لَهُ مُنَافٍ لِلْوَصِيَّةِ لَا مُتَمِّمٌ لَهَا .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ ، وَهَا هُنَا الْوَصِيَّةُ مَا كَانَتْ تَامَّةً قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ الَّذِي هُوَ الْمُنَافِي مُتَمِّمًا لِلْوَصِيَّةِ وَلَكِنَّا نَدَعُ الْقِيَاسَ فِي هَذَا ، وَنَجْعَلُهَا مِنْ مَالِ الْمُوصَى لَهُ اسْتِحْسَانًا حَتَّى إذَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ تُعْتَقُ ، وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ أُمِّ وَلَدِهِ تَصِيرُ مَمْلُوكَةً لِوَرَثَتِهِ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ قَدِيمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَكَّنُ هُوَ ، وَلَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ إبْطَالِهِ ، إنَّمَا بَقِيَ حَقُّ الرَّدِّ لِلْمُوصَى لَهُ ، وَذَلِكَ يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ كَالْمُشْتَرِي إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ، ثُمَّ مَاتَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَمَّ الْمِلْكُ ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ ، وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَتِمُّ الْمِلْكُ ، فَهَذَا مِثْلُهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ حَقَّ الرَّدِّ إنَّمَا كَانَ ثَابِتًا لَهُ لِحَاجَتِهِ إلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَقَدْ انْتَهَتْ حَاجَتُهُ بِمَوْتِهِ ، وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ حَيًّا لَمْ يَعْلَمْ بِالْوَصِيَّةِ ، وَكَانَ يَطَؤُهَا بِالنِّكَاحِ حَتَّى وَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا ، ثُمَّ عَلِمَ بِالْوَصِيَّةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى وَطْئِهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوَصِيَّةِ لَا يَكُونُ دَلِيلَ الْقَبُولِ وَالرِّضَا مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ ، وَالنِّكَاحُ كَانَ قَائِمًا بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْقَبُولِ وَحِلُّ الْوَطْءِ ثَابِتٌ لَهُ بِحُكْمِ النِّكَاحِ ؛ فَلِهَذَا نَفَى خِيَارَهُ فِي الْقَبُولِ إذَا عَلِمَ بِالْوَصِيَّةِ ، فَإِنْ قَبِلَهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا ، وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ ، وَأَوْلَادُهُ أَحْرَارٌ إنْ كَانُوا يَخْرُجُونَ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّهُمْ حَدَثُوا بَعْدَ تَمَامِ الْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَةِ

الْمُوصِي ، وَبَعْدَ تَمَامِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فَكَانُوا بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ الْحَادِثِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا تَمَّ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي ، إنْ رَدَّ الْوَصِيَّةَ فَهِيَ وَأَوْلَادُهَا لِلْوَرَثَةِ وَالنِّكَاحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَائِمٌ ، وَنَسَبُ الْأَوْلَادِ مِنْهُ ثَابِتٌ .
وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ بِثُلُثِهِ فَرَدَّ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ لِلْآخَرِ حِصَّتُهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ إذَا قَبِلَ ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ الرَّادِّ مِنْهُمَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِرَدِّهِ وَلَوْ بَطَلَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ وَارِثًا جَازَ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ فَكَذَلِكَ إذَا بَطَلَتْ بِرَدِّهِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ مَشْرُوطَةٌ فِي الْهِبَةِ لِيَتِمَّ الْقَبْضُ ، وَالْقَبْضُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُقُوعِ الْمِلْكِ فِي الْوَصِيَّةِ ، وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِوَصِيَّةٍ فَقَبِلَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْوَرَثَةِ فَرَدُّهُ جَائِزٌ إذَا قَبِلُوا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ فَسْخٌ لِلْوَصِيَّةِ ، وَهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ ، وَلَوْ تُصُوِّرَ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى الْمَيِّتِ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا إذَا قَبِلَهُ ، فَكَذَلِكَ إذَا رَدَّهَا عَلَى الْوَرَثَةِ الَّذِينَ يَقُومُونَ مَقَامَهُ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ مُعْتَبَرٌ بِالْعَقْدِ فَإِذَا كَانَ أَصْلُ هَذَا الْعَقْدِ يَتِمُّ بِالْإِيجَابِ ، وَالْقَبُولُ كَذَلِكَ يَجُوزُ فَسْخُهُ بِالتَّرَاضِي وَبِهَذَا فَارَقَ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ التَّمْلِيكِ وَالشُّيُوعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مَعَ صِحَّتِهِ ، وَهَذَا فَسَخَ الْوَصِيَّةَ وَالشُّيُوعُ لَا يُؤَثِّرُ فِي فَسْخِ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي أَصْلِ الْوَصِيَّةِ ، إنْ رَدَّهَا عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ الْبَعْضِ فَفِي الْقِيَاسِ هَذَا بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ مِنْهُ لِمَنْ رَدَّهَا عَلَيْهِ فَيَكُونُ التَّمَلُّكُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْإِعْطَاءِ ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فَنَجْعَلُ ذَلِكَ كَالرَّدِّ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ ،

وَكَانَ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَقْدِ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصِي ، وَالرَّدُّ فَسْخٌ لِذَلِكَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصِي أَيْضًا ، وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ يَقُومُ مَقَامَ الْوَرَثَةِ فِي حُقُوقِهِمْ كَجَمَاعَتِهِمْ ، فَكَانَ الرَّدُّ عَلَى أَحَدِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ أَوْ هَذَا فَسْخٌ لِقَبُولِهِ ، وَهُوَ يَنْفَرِدُ بِفَسْخِ الْقَبُولِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ، إنَّمَا كَانَ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ إذَا أَبَوْا ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ ، وَعَنْ مُوَرِّثِهِمْ فَإِذَا رَضُوا بِذَلِكَ أَوْ رَضِيَ بِهِ أَحَدُهُمْ ، وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُمْ فِي فَسْخِ الْقَبُولِ مِنْهُمْ ، وَصَارَ كَأَنَّهُ رَدَّهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ فَيَكُونُ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَوَهَبَهُ الطَّالِبُ لِلْوَرَثَةِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ فَهُوَ هِبَةٌ لَهُمْ كُلِّهِمْ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ لِلْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَنْفَعَةِ بِهَذِهِ الْهِبَةِ لِلْمَيِّتِ ، وَأَنَّهُ يُبَرِّئُ ذِمَّتَهُ لَهَا ، وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا هُوَ مِنْ حَقِّهِ .
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِخَادِمٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَوَهَبَ إنْسَانٌ لِلْخَادِمِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَالْخَادِمُ هِيَ الثُّلُثُ ، ثُمَّ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَلَهُ الْخَادِمُ وَثُلُثُ الْأَلْفِ ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي قَدِيمٌ لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ لِانْعِدَامِ الْقَبُولِ مِنْهُ ، وَالْكَسْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ تَمَامِ السَّبَبِ يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ السَّبَبِ فَإِذَا قَبِلَ فَلَهُ الْخَادِمُ وَثُلُثُ الْأَلْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ جَمِيعُ الْأَلْفِ مِنْ الثُّلُثِ سُلِّمَتْ لَهُ فَكَذَلِكَ يُسَلَّمُ لَهُ ثُلُثُهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ الْمَالِ فَلَهُ الْخَادِمُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثِ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ الْوَلَدِ ، وَالْهِبَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الثُّلُثُ مِنْ الْخَادِمِ وَوَلَدِهَا ، وَمَا وُهِبَ لَهَا بِالْحِصَّةِ لَا

يُقَدَّمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ السَّبَبِ ، وَقَبْلَ تَمَامِ الْمِلْكِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقْتَرِنِ بِأَصْلِ السَّبَبِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا وَلَدَتْ جُعِلَ الْوَلَدُ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ فِي اقْتِسَامِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا .
وَلَوْ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ ، وَأَوْصَى بِالْكُلِّ كَأَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ الْكُلِّ بِالْحِصَّةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مُبْقَاةٌ عَلَى حُكْمِ الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ ثُبُوتُ حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فِي الْوَلَدِ وَالْكَسْبِ لَيْسَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ التَّبَعِيَّةِ لَا يَبْقَى بَعْدَ الِانْفِصَالِ ، وَلَا تُعْتَبَرُ السِّرَايَةُ ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ إلَى غَيْرِ مُتَوَلِّدٍ مِنْ الْأَصْلِ لَا تَكُونُ ، وَالْكَسْبُ غَيْرُ مُتَوَلِّدٍ مِنْ الْأَصْلِ فَعَرَفْنَا أَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي الْوَلَدِ ، وَالْكَسْبِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُجْعَلُ كَالْمَوْجُودِ وَيَصِيرُ كَأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنَاوَلَتْهُ قَصْدًا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ : الْجَارِيَةُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْوَصِيَّةِ وَالْكَسْبُ وَالْوَلَدُ تَبَعٌ فَإِنَّمَا يَبْدَأُ مِنْ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْوَصِيَّةِ ؛ لِأَنَّ اسْتِقْرَارَ الْحُكْمِ يَكُونُ فِي مَحَلِّهِ فَيَكُونُ هُوَ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ الْمَوْجُودُ أُمٌّ فَقَطْ ، وَالْمُوجِبُ إنَّمَا أَوْجَبَ الْوَصِيَّةَ فِيهَا ، ثُمَّ يَثْبُتُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ الْكَسْبِ ، وَالْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَالِانْفِصَالُ لَا يُنَافِي التَّبَعِيَّةَ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ وَلَدَ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَكُونُ مَمْلُوكًا تَبَعًا وَلِهَذَا لَا يَمْنَعُ رَدَّ الْأَصْلِ بِالْعَيْبِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ لَا يَثْبُتُ فِي الْكَسْبِ ، وَالْوَلَدُ الْحَادِثُ قَبْلَ مَوْتِهِ ؛

لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ : الْوَصِيَّةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَضْعَفُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِيهِ تَبَعًا يَكُونُ أَضْعَفُ مِمَّا يَثْبُتُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِيهِ مَقْصُودًا فَيَتَعَيَّنُ لِلْقَوِيِّ مَحَلٌّ أَقْوَى وَلِلضَّعِيفِ مَحَلٌّ يَلِيقُ بِهِ .
يُوَضِّحُهُ : أَنَّا لَوْ أَخَذْنَا بِمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَدَّى إلَى أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ فِي الْأَصْلِ لِمَكَانِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الثُّلُثُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ يَجِبُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي جَمِيعِهَا ، ثُمَّ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا قِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَتِهَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي نِصْفِ الْأُمِّ وَنِصْفِ الْوَلَدِ أَوْ فِي ثُلُثَيْ الْأُمِّ وَثُلُثَيْ الْوَلَدِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ فِي بَعْضِ الْأَصْلِ لِأَجْلِ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي التَّبَعِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّبَعُ مُبْطِلًا لِلْحُكْمِ الثَّابِتِ فِي الْأَصْلِ بِحَالٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ خَمْسُ بَنِينَ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا لِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِ ثُلُثِ مَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ فَتَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ نَقُولَ : السَّبِيلُ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ الْبَنِينَ ثَمَانِيَةً ، وَتَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ سَهْمًا بِثَمَانِيَةٍ ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ ، وَمِثْلُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ ، ثُمَّ يَضْرِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ لِأَجْلِ وَصِيَّتِهِ لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ تَطْرَحُ السَّهْمَ الَّذِي زِدْتَهُ بَقِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَيَكُونُ جَمِيعُ الْمَالِ أَحَدًا وَخَمْسِينَ ، إنَّمَا طَرَحْنَا هَذَا السَّهْمَ الزَّائِدَ لِتَبْيِينِ مِقْدَارِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ ، وَلَا وَصِيَّةَ فِي الثُّلُثَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ السَّهْمِ الزَّائِدِ فِيهِ ؛ فَلِهَذَا طَرَحْنَاهُ فَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سَبْعَةَ عَشَرَ فَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ النَّصِيبِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ تِسْعَةً ، ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ سَهْمًا كَمَا طَرَحْت فِي الِابْتِدَاءِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ ، فَهُوَ النَّصِيبُ فَإِذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ يَبْقَى تِسْعَةٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا يَبْقَى ، وَثُلُثُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سِتَّةٌ نُضِيفُهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَيَكُونُ أَرْبَعِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ فَاسْتَقَامَ ، وَالْعَامَّةُ يُسَمُّونَ هَذَا طَرِيقَ الْحَشْوِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ حَشَا بِهِ كُتُبَهُ وَالْحُسَّابُ يُسَمُّونَهُ طَرِيقَ الْيُتْمِ ، وَالْيُتْمُ هُوَ الْأَصْلُ وَلَكِنَّ كُلَّ مَا يَعْتَمِدُونَهُ فِي كُتُبِ الْحِسَابِ لِكَثْرَةِ مَا يَقَعُ فِيهِ

مِنْ الِاخْتِلَافِ ، وَيَحْتَاجُ إلَى تَغْيِيرِ بَعْضِ الشَّرْطِ فِي كُلِّ نَوْعٍ فَزَعَمُوا أَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي أُحْكِمَ فِيهِ شَرْطٌ وَاحِدٌ يُخَرَّجُ عَلَيْهِ أَنْوَاعُ الْمَسَائِلِ أَوْلَى بِالتَّأَمُّلِ ، وَأَرَادُوا بِذَلِكَ الطَّرِيقِ الْجَبْرَ .
فَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَاخْتَارُوا هَذَا الطَّرِيقَ ؛ لِأَنَّهُ أَلِيقُ بِكَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَطَرِيقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ يَعْتَمِدُهُ أَهْلُ الْحِسَابِ ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مِثْلُ طَرِيقِ الْجَبْرِ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فَهْمِ مَنْ يَكُونُ مُبْتَدِئًا فِي عِلْمِ الْحِسَابِ ، وَبَيَانُ تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ : أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَ الْمَالِ دِينَارًا أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِحَاجَتِك إلَى الْحِسَابِ إذَا رَفَعْتَ مِنْهُ النَّصِيبَ يَكُونُ لِمَا بَقِيَ ثُلُثٌ صَحِيحٌ فَيُعْطِي بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ دِينَارًا وَبِالْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى دِرْهَمًا يُبْقِي مِنْ الثَّلَاثَةِ دِرْهَمًا يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ، وَهُوَ دِينَارٌ أَوْ سِتَّةُ دَرَاهِمَ فَحَصَلَ فِي يَدِك دِينَارَانِ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَحَاجَتُك إلَى خَمْسَةِ دَنَانِيرَ ؛ لِأَنَّك جَعَلْتَ النَّصِيبَ دِينَارًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ ابْنٍ دِينَارٌ فَتَجْعَلُ الدَّنَانِيرَ مِثْلَهَا قِصَاصًا يَبْقَى فِي يَدِك ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ بِعَدْلِ ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ فَاجْعَلْ آخِرَ الدَّرَاهِمِ آخِرَ الدَّنَانِيرِ ، وَآخِرَ الدَّنَانِيرِ آخِرَ الدَّرَاهِمِ ، فَصَارَ كُلُّ دِينَارٍ بِمَعْنَى ثَمَانِيَةٍ ، وَكُلُّ دِرْهَمٍ بِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ عُدْ إلَى الْأَصْلِ ، وَقُلْ قَدْ جَعَلْتُ الثُّلُثَ دِينَارًا وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَجُمْلَتُهُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَعْطَيْنَا بِالنَّصِيبِ دِينَارًا ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ فَثُلُثٌ يَبْقَى دِرْهَمٌ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ، وَحَصَلَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ دِينَارَانِ كُلُّ دِينَارٍ ثَمَانِيَةٌ فَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ كُلُّ دِرْهَمٍ بِثَلَاثَةٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ الْكُلُّ أَرْبَعِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ

بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ .
وَأَمَّا طَرِيقُ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ ، وَهُوَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ الْحُسَّابُ فَهِيَ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ مَالٍ مَجْهُولٍ فَتُعْطِيَ بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا يَبْقَى مَعَك ثُلُثُ مَالٍ إلَّا شَيْءٌ فَتُعْطِي بِالْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ ثُلُثَ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ تُسْعُ مَالٍ إلَّا ثُلُثُ شَيْءٍ يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ فِي يَدِك تُسْعَا مَالٍ إلَّا ثُلُثَا شَيْءٍ يُضَمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَيَصِيرُ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ مَالٍ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ ابْنٍ شَيْءٌ فَاجْبُرْ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ مَالٍ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ ، وَزِدْ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ ثُلُثَيْ شَيْءٍ فَصَارَ مَعَنَا ثَمَانِيَةُ أَتْسَاعِ مَالٍ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثُ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ الْمَالَ نَاقِصٌ تُسْعُهُ ، وَهُوَ ثُمُنُ مَا مَعَنَا فَزِيدَ عَلَيْهِ مِثْلُ ثُمُنِهِ وَيَزِيدُ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ مِثْلَ ثُمُنِهِ أَيْضًا ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ ثُمُنٌ صَحِيحٌ فَانْكَسَرَ بِالْأَثْمَانِ فَاضْرِبْ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ خَمْسَةً ، وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثًا ؛ لِأَنَّ خَمْسَةً فِي ثَمَانِيَةٍ بِأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ فِي ثَمَانِيَةٍ بِخَمْسَةٍ وَثُلُثٍ زِدْ عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ ثُمُنِهِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَثُلُثَانِ فَيَكُونُ أَحَدًا وَخَمْسِينَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ فَالثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ ، وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي ثَمَانِيَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ النَّصِيبَ ثَمَانِيَةٌ إذَا رَفَعْتَهَا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ بَقِيَ تِسْعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى ثَلَاثَةٌ بَقِيَ سِتَّةٌ تَضُمُّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ فَيَكُونُ أَرْبَعِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ .
فَأَمَّا بَيَانُ طَرِيقِ الْخَطَّائِينَ وَتُسَمَّى طَرِيقَ التَّقْدِيرِ

أَيْضًا أَنْ يَجْعَلَ الثُّلُثَ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ ، وَيُعْطِي بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ سَهْمًا ، وَبِالْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى سَهْمًا يَبْقَى سَهْمَانِ يَضُمُّهُمَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ثَمَانِيَةٍ يَكُونُ عَشَرَةً وَحَاجَةُ الْبَنِينَ إلَى خَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ سَهْمًا فَظَهَرَ الْخَطَأُ بِالزِّيَادَةِ خَمْسًا فَعُدْ إلَى الْأَصْلِ وَاجْعَلْ الثُّلُثَ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ ، ثُمَّ أَعْطِ بِالنَّصِيبِ سَهْمَيْنِ وَبِثُلُثِ مَا يَبْقَى سَهْمًا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ سَهْمَانِ ضُمَّهُمَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ عَشَرَةٍ كَانَ اثْنَيْ عَشَرَ وَحَاجَتُنَا إلَى عَشَرَةٍ إلَّا أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ سَهْمَيْنِ فَظَهَرَ الْخَطَأُ الثَّانِي بِزِيَادَةِ سَهْمَيْنِ وَكَانَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ بِالزِّيَادَةِ خَمْسًا فَلَمَّا زِدْنَا سَهْمًا أَذْهَبَ الْخَطَأَ بِثُلُثِهِ وَبَقِيَ مِنْ الْخَطَأِ سَهْمَانِ ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ كُلَّ سَهْمٍ يُؤَثِّرُ فِي ثُلُثِهِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَزِيدَ مَا يُذْهِبُ الْخَطَأَ سَهْمَيْنِ وَذَلِكَ ثُلُثَا سَهْمٍ فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ يُعْطِي بِالنَّصِيبِ سَهْمَيْنِ وَثُلُثَيْنِ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى سَهْمٌ وَيَضُمُّ السَّهْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ، وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ وَثُلُثٌ فَيَصِيرُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ وَثُلُثَانِ مِثْلُ النَّصِيبِ فَإِنْ أَرَدْت تَصْحِيحَ الْحِسَابِ قُلْت قَدْ انْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ وَالسَّبِيلُ أَنْ يَضْرِبَ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ فِي ثُلُثُهُ فَيَصِيرُ سَبْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ الثُّلُثُ ، وَقَدْ كَانَ النَّصِيبُ سَهْمَيْنِ وَثُلُثَيْنِ ضَرَبْت ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ فَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَكَانَ الْمَقْسُومُ بَيْنَ الْبَنِينَ الْخَمْسَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثًا ضَرَبْت ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ وَطَرِيقُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ ، وَهُوَ مِنْ فُرُوعِ الْخَطَأَيْنِ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ أَنَّ الْخَطَأَ الْأَوَّلَ كَانَ بِزِيَادَةِ خَمْسَةٍ وَالْخَطَأَ الثَّانِي كَانَ بِزِيَادَةِ سَهْمَيْنِ فَاضْرِبْ

الْمَالَ الْأَوَّلَ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي ، وَهُوَ سَهْمَانِ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ ، وَاضْرِبْ الْمَالَ الثَّانِي ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَكُونُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ اطْرَحْ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ ، فَإِذَا طَرَحْت ثَمَانِيَةً مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بَقِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ يَأْخُذَ النَّصِيبَ الْأَوَّلَ ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَضْرِبَهُ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَيَأْخُذَ النَّصِيبَ الثَّانِي ، وَذَلِكَ اثْنَانِ يَضْرِبُهُمَا فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ خَمْسَةٌ يَكُونُ عَشَرَةً ، ثُمَّ اطْرَحْ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ ، وَهُوَ النَّصِيبُ وَالتَّخْرِيجُ إلَخْ كَمَا بَيَّنَّا وَطَرِيقُ الْجَامِعِ الْأَكْبَرِ ، وَهُوَ مِنْ فُرُوعِ الْخَطَأَيْنِ أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ أَنَّ الْخَطَأَ الْأَوَّلَ كَانَ بِزِيَادَةِ خَمْسَةٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ تُضَعِّفَ الْمَالَ سِوَى النَّصِيبِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ سَبْعَةً أَعْطِ بِالنَّصِيبِ سَهْمًا يَبْقَى سِتَّةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى ثُلُثُ ذَلِكَ سَهْمَانِ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَحَاجَتُنَا إلَى خَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ سَهْمًا فَظَهَرَ الْخَطَأُ الثَّانِي بِزِيَادَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيَضْرِبُ الْمَالَ الْأَوَّلَ ، وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي ، وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَضْرِبُ الْمَالَ الثَّانِي ، وَهُوَ سَبْعَةٌ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ وَخَمْسَةٌ فَيَكُونُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ ، ثُمَّ اطْرَحْ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ فَإِذَا طَرَحْت خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ مِنْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ يَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ يَطْرَحَ أَقَلَّ الْخَطَأَيْنِ مِنْ أَكْثَرِهِمَا بِلَا ضَرْبٍ ، وَأَقَلُّ الْخَطَأَيْنِ خَمْسَةٌ ، وَأَكْثَرُهُمَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَإِذَا طَرَحْت خَمْسَةً مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَقِيَ ثَمَانِيَةٌ فَهُوَ النَّصِيبُ

وَالتَّخْرِيجُ إلَى آخِرِهِ كَمَا ذَكَرْنَا .
وَطَرِيقُ السُّطُوحِ ، وَهُوَ بُرْهَانُ الْجَبْرِ بِعَمَلِ الْمُهَنْدِسِينَ أَنْ تَأْخُذَ مُرَبَّعًا مُسْتَوِيَ الْأَضْلَاعِ وَالزَّوَايَا فَتَخُطَّ فِي طُولِهِ خَطَّيْنِ فَيَصِيرَ ثَلَاثَةَ سُطُوحٍ ، ثُمَّ فِي عَرْضِهِ ثَلَاثَةَ خُطُوطٍ فَيَصِيرَ فِي كُلِّ سَطْحٍ أَرْبَعَةً ، ثُمَّ تَبْدَأَ بِالسَّطْحِ الَّذِي عَلَى يَمِينِكَ وَتَدْفَعَ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ مِنْ النَّصِيبِ وَتُتِمَّ ذَلِكَ وَتَدْفَعَ الْبَيْتَ الثَّانِي مِنْهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى وَسَمِّ ذَلِكَ قِطْعَةً بَقِيَ مِنْ هَذَا السَّطْحِ بَيْتَانِ هُمَا قِطْعَتَانِ ، وَتَجْمَعُهُمَا إلَى السَّطْحَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ نَصِيبَيْنِ وَثَمَانِ قِطَاعٍ وَحَاجَتُنَا إلَى خَمْسَةِ أَنْصِبَاءٍ فَيُعْطِي نَصِيبَيْنِ إلَى اثْنَيْنِ ، وَيُبْقِي ثَمَانَ قِطَاعٍ بَيْنَ ثَلَاثَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ قِطْعَتَانِ وَثُلُثَا قِطْعَةٍ فَظَهَرَ أَنَّ النَّصِيبَ بِمَعْنَى قِطْعَتَيْنِ وَثُلُثَيْ قِطْعَةٍ ، وَإِنَّا حِينَ أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ النَّصِيبَ بَيْتًا كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى قِطْعَتَيْنِ وَثُلُثَيْ قِطْعَةٍ ، وَإِنَّ الَّذِي حَصَلَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ نَصِيبَانِ كُلُّ نَصِيبٍ قِطْعَتَانِ وَثُلُثَا قِطْعَةٍ فَذَلِكَ خَمْسَةُ قِطَاعٍ مَعَ ثَمَانِ قِطَاعٍ فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قِطْعَةً وَثُلُثَ قِطْعَةٍ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ قِطْعَتَانِ وَثُلُثَا قِطْعَةٍ مِثْلَ مَا أَعْطَيْنَا بِالنَّصِيبِ فَاسْتَقَامَ ، وَهَذَا صُورَتُهُ ، ثُمَّ الْحَاصِلُ بَعْدَ هَذَا أَنْ تُخْرِجَهَا عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ ، وَهُوَ الْأَصْلُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ وَتَدَعَ مَا سِوَى ذَلِكَ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ التَّطَوُّلِ وَالِاشْتِغَالِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ

وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَبِرُبُعِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ الْآخَرِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ تِسْعَةٍ وَسِتِّينَ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ أَحَدَ عَشَرَ وَلِصَاحِبِ رُبُعِ مَا بَقِيَ ثَلَاثَةٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ وَبَيَانُهُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تَأْخُذَ عَدَدَ الْبَنِينَ ، وَهُمْ خَمْسَةٌ فَتَزِيدَ عَلَيْهِ سَهْمًا بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ ، ثُمَّ تَضْرِبَ ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةٍ لِمَكَانِ الْوَصِيَّةِ بِرُبُعِ مَا يَبْقَى فَيَصِيرُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ تَطْرَحَ مِنْهُ سَهْمًا يَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ فَهُوَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ تِسْعَةً وَسِتِّينَ ، فَهُوَ الْمَالُ وَالثُّلُثُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبَهُ فِي أَرْبَعَةٍ ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَصِيرَ اثْنَيْ عَشَرَ ، ثُمَّ تَطْرَحَ مِنْهُ وَاحِدًا يَبْقَى أَحَدَ عَشَرَ فَهُوَ النَّصِيبُ فَإِذَا رَفَعْت مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ أَحَدَ عَشَرَ بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ مَا يَبْقَى ثَلَاثَةٌ يَبْقَى تِسْعَةٌ تَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَأَرْبَعِينَ فَيَكُونَ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ مِثْلُ النَّصِيبِ .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِي ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ مَالٍ مَجْهُولٍ وَتُعْطِيَ بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا ، وَبِالْوَصِيَّةِ بِرُبْعِ مَا يَبْقَى رُبْعَ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ رُبْعُ الثُّلُثِ إلَّا رُبْعَ شَيْءٍ بَقِيَ مَعَك ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ إلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ شَيْءٍ فَتَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَيَصِيرُ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ إلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَاجْبُرْ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ شَيْءٍ فَيَصِيرُ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ شَيْءٍ فَالْمَالُ نَاقِصٌ فَأَكْمِلْهُ بِأَنْ تَزِيدَ عَلَيْهِ جُزْءًا

مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ، وَزِدْ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءٌ صَحِيحٌ فَاضْرِبْ خَمْسَةً وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فِي أَحَدَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ وَرُبُعٍ فَإِنَّ خَمْسَةً فِي أَحَدَ عَشَرَ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فِي أَحَدَ عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ وَرُبُعٌ ، ثُمَّ زِدْ عَلَيْهِ مِثْلَ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءٍ مِنْهُ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيَكُونُ تِسْعَةً وَسِتِّينَ ، وَهُوَ الْمَالُ الْكَامِلُ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا وَضَرَبْنَاهُ فِي أَحَدَ عَشَرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ النَّصِيبَ أَحَدَ عَشَرَ وَالتَّخْرِيجُ إلَى آخِرِهِ كَمَا بَيَّنَّا

وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ ، وَالْآخَرُ بِخُمُسِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، فَأَمَّا تَخْرِيجُهُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ فَأَنْ تَزِيدَ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ وَاحِدًا لِلْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ فَيَكُونُ سِتَّةً ، ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي خَمْسَةٍ لِوَصِيَّتِهِ بِخُمُسِ مَا بَقِيَ فَيَكُونُ ثُلُثَيْنِ ، ثُمَّ تَطْرَحُ مَا زِدْت ، وَهُوَ وَاحِدٌ يَبْقَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَالثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ ، وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ ، وَذَلِكَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبُهُ فِي خَمْسَةٍ ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْهَا وَاحِدًا يَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَهُوَ النَّصِيبُ فَإِذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِخُمُسِ مَا بَقِيَ خُمُسُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى اثْنَا عَشَرَ تَضُمُّهُ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِينَ فَيَصِيرُ سَبْعِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِثْلُ النَّصِيبِ .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ مَالٍ مَجْهُولٍ وَتُعْطِي بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا يَبْقَى ثُلُثُ مَالٍ إلَّا شَيْءٌ وَيُعْطِي بِالْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى خُمُسَ ذَلِكَ ، وَهُوَ خُمُسُ الثُّلُثِ إلَّا خُمُسَ شَيْءٍ بَقِيَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثُّلُثِ إلَّا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ ، وَيَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَتَصِيرُ الْجُمْلَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْمَالِ إلَّا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَاجْبُرْهُ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ جُزْءًا ، ثُمَّ زِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ جُزْءٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ جُزْءٌ صَحِيحٌ فَتَضْرِبُ خَمْسَةَ

وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ وَخُمُسًا ؛ لِأَنَّ خَمْسَةً فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَبْعُونَ ، وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحَدَ عَشَرَ وَخُمُسٌ ، ثُمَّ زِدْ عَلَيْهِ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءٍ مِنْهُ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ فَيَكُونُ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ فَهُوَ الْمَالُ الْكَامِلُ ، الثُّلُثُ مِنْهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا ، وَضَرَبْنَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ النَّصِيبَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ إلَى آخِرِهِ كَمَا بَيَّنَّا

وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَخَمْسِينَ النَّصِيبُ عَشَرَةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةٌ .
وَتَخْرِيجُهُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تَأْخُذَ عَدَدَ الْبَنِينَ خَمْسَةً فَتَزِيدَ عَلَيْهَا سَهْمًا بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ ، ثُمَّ تَضْرِبَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ تَزِيدَ عَلَيْهَا سَهْمًا مِثْلَ مَا زِدْت أَوَّلًا فَيَكُونَ تِسْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَثُلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبَهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونَ تِسْعَةً ، ثُمَّ تَزِيدَ عَلَيْهِ سَهْمًا كَمَا فَعَلْته فِي أَصْلِ الْمَالِ فَيَكُونُ عَشَرَةً ، وَهُوَ النَّصِيبُ الْكَامِلُ إذَا رَفَعْتَهُ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ بَقِيَ تِسْعَةٌ اسْتَرْجِعْ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّصِيبِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ، وَضُمَّ ذَلِكَ إلَى تِسْعَةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ ، ثُمَّ تَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ فَيَكُونُ خَمْسِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةٌ مِثْلُ كَامِلٍ .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِيهِ أَنْ تَأْخُذَ مِثْلَ ثُلُثِ مَالٍ مَجْهُولٍ فَتُعْطِيَ بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا ، ثُمَّ تَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا بَقِيَ ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الثُّلُثِ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ فَيَصِيرُ مَعَك أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ مَالٍ إلَّا شَيْئًا وَثُلُثَ شَيْءٍ تَضُمُّهُ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ، فَيَكُونُ الْجُمْلَةُ مَالًا وَتُسْعَ مَالٍ إلَّا شَيْئًا وَثُلُثَ شَيْءٍ ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَاجْبُرْهُ بِشَيْءٍ وَثُلُثَ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَصَارَ مَالًا وَتُسْعَ مَالٍ يَعْدِلُ سِتَّةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثَ شَيْءٍ ، وَالْمَالُ زَائِدٌ بِعَشَرَةٍ فَاطْرَحْ مِنْهُ عَشْرًا وَاطْرَحْ مِمَّا يَعْدِلُهُ الْعَشْرَ أَيْضًا ، وَلَيْسَ لِسِتَّةٍ وَثُلُثٍ عُشْرٌ صَحِيحٌ فَاضْرِبْ سِتَّةً وَثُلُثًا فِي عَشَرَةٍ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً

وَسِتِّينَ وَثُلُثٌ اطْرَحْ مِنْهُ عَشْرَةُ ، وَهُوَ سِتَّةٌ وَثُلُثٌ ، بَقِيَ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا ، وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي عَشَرَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ النَّصِيبَ الْكَامِلَ عَشَرَةٌ وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ قَالَ : إلَّا رُبْعَ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ كَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ النَّصِيبُ مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَالِاسْتِثْنَاءُ بِثَلَاثَةٍ .
وَتَخْرِيجُهُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ تَزِيدَ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ ، ثُمَّ تَضْرِبَ ذَلِكَ فِي أَرْبَعَةٍ الْوَصِيَّةُ بِرُبْعِ مَا بَقِيَ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ تَزِيدَ عَلَيْهِ سَهْمًا فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ وَالثُّلُثَانِ خَمْسُونَ ، فَالْمَالُ كُلُّهُ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَضْرِبَ النَّصِيبَ ، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ ، ثُمَّ تَزِيدَ عَلَيْهِ سَهْمًا فَالنَّصِيبُ الْكَامِلُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إذَا رَفَعْتهَا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ اثْنَيْ عَشَرَ فَتَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلَ رُبْعِ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَتَضُمُّ ذَلِكَ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ تَضُمُّ ذَلِكَ ثُلُثَيْ الْمَالِ ، وَهُوَ خَمْسُونَ فَيَكُونُ خَمْسَةً وَسِتِّينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِثْلُ نَصِيبٍ كَامِلٍ .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِيهِ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ الْمَالِ ، وَتُعْطِيَ بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا ، ثُمَّ تَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلَ رُبْعِ مَا بَقِيَ فَيَصِيرُ مَعَك خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ إلَّا شَيْئًا وَرُبْعَ شَيْءٍ تَضُمُّهُ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ مَالًا وَاثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ إلَّا شَيْئًا وَرُبْعَ شَيْءٍ ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَاجْبُرْهُ بِشَيْءٍ وَرُبْعِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَصَارَ مَالًا

وَجُزْءًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ يَعْدِلُ سِتَّةَ أَشْيَاءَ وَرُبْعٍ الْمَالُ زَائِدٌ فَاطْرَحْ مِنْ الْجُمْلَةِ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِتَبْيِينِ الْمَالِ الْكَامِلِ ، وَاطْرَحْ مِمَّا يَعْدِلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِسِتَّةٍ وَرُبْعِ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ عُشْرٌ صَحِيحٌ فَاضْرِبْ سِتَّةً وَرُبْعًا فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ وَرُبْعًا ، ثُمَّ اطْرَحْ مِنْهُ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَهُوَ سِتَّةٌ وَرُبْعٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فَهُوَ الْمَالُ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ النَّصِيبَ الْكَامِلَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا .

وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَأُمًّا وَامْرَأَةً وَعَصَبَةً ، وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ إحْدَى ابْنَتَيْهِ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ ، وَالنَّصِيبُ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ اثْنَانِ ، وَالسَّبِيلُ فِي تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ نُصَحِّحَ الْفَرِيضَةَ الْأُولَى بِدُونِ الْوَصِيَّةِ فَنَقُولُ : أَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ سِتَّةٍ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ ، وَلِلْمَرْأَةِ ثُمُنٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَهْمٍ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِمَكَانِ الْكَسْرِ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي ذَلِكَ فَيَجْعَلُ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ سِتَّةٍ ، ثُمَّ يَزِيدُ عَلَيْهَا مِثْلَ نَصِيبِ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ لِوَصِيَّتِهِ بِالنَّصِيبِ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً ، ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ تَطْرَحُ مَا زِدْتَ ، وَذَلِكَ سَهْمٌ بَقِيَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَهُوَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ ، وَالْمَالُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ سَهْمَيْنِ وَتَضْرِبَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونَ سِتَّةً ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ تَطْرَحَ مِنْهَا سَهْمَيْنِ يَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ فَهُوَ النَّصِيبُ ، إذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَبْقَى سِتَّةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ ثُلُثُ ذَلِكَ اثْنَانِ ، بَقِيَ أَرْبَعَةٌ تَضُمُّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ ، لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ مِثْلُ النَّصِيبِ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ سِتَّةٌ وَالْبَاقِي ، وَهُوَ سَهْمَانِ لِلْعَصَبَةِ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ مَالٍ ، وَتُعْطِيَ بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا ، وَبِالْوَصِيَّةِ

بِثُلُثِ مَا يَبْقَى ثُلُثَ الْمَالِ الْبَاقِي يَبْقَى مَعَك تُسْعَا مَالٍ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ تَضُمُّهُ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَيَكُونَ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ مَالٍ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءِ الْبَاقِي ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا وَنَصِيبُ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ ثُلُثُ الْمَالِ ، فَيَظْهَرُ أَنَّ حَاجَتَنَا إلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَاجْبُرْ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ مَالٍ بِثُلُثِ شَيْءٍ ، وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ ثَلَاثَةَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ جُزْءٌ صَحِيحٌ ، وَالْمَالُ نَاقِصٌ فَزِدْ عَلَيْهِ مِثْلَ ثُمُنِهِ ، وَزِدْ عَلَيْهِ مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ ثُمُنٌ صَحِيحٌ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَصِيرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَثُلُثًا ، ثُمَّ زِدْ عَلَيْهِ مِثْلَ ثُمُنِهِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثَانِ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ فَهُوَ الْمَالُ الْكَامِلُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي ثَمَانِيَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ النَّصِيبَ ثَمَانِيَةٌ إذَا رَفَعْتَهُ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ ، لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ سَهْمٌ ، ثُمَّ يَضُمُّ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ سَهْمَانِ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ، وَهُوَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ، لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ فَخَرَجَ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ مُسْتَقِيمًا عَلَى النِّصْفِ مِمَّا أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - .
وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ إلَّا ثُلُثَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سِتِّمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَالنَّصِيبُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ ، وَثُلُثُ الْبَاقِي سِتَّةَ عَشَرَ فَقَدْ طَوَّلَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الْحِسَابَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

لِيُخْرِجَ مِيرَاثَ الْمَرْأَةِ مُسْتَقِيمًا ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى ذَلِكَ فِي مَعْرِفَةِ الْوَصِيَّةِ ، وَالْمَسْأَلَةُ تَخْرُجُ مِنْ دُونِ هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ سِتَّةٍ ، ثُمَّ تَزِيدُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ مِثْلَ نَصِيبِ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ سَهْمَيْنِ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً ، ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمَيْنِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَكُونُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ ، وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ ثَمَانِيَةً وَسَبْعِينَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ سَهْمَيْنِ وَتَضْرِبَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونَ سِتَّةً ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ تَزِيدَ عَلَيْهِ سَهْمَيْنِ فَيَكُونَ عِشْرِينَ فَهُوَ النَّصِيبُ الْكَامِلُ ، إذَا رَفَعْته مِنْ الثُّلُثِ يَبْقَى سِتَّةٌ فَتَسْتَرْجِعَ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا يَبْقَى وَذَلِكَ سَهْمَانِ فَيَصِيرَ مَعَك مِنْ الثُّلُثِ ثَمَانِيَةً تَضُمَّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَكُونَ ذَلِكَ سِتِّينَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ، لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ مِثْلُ النَّصِيبِ الْكَامِلِ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ عَشَرَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلسِّتِّينَ ثُمُنٌ صَحِيحٌ فَلِهَذَا ضَرَبَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَصْلَ الْحِسَابِ ثَمَانِيَةً وَسَبْعِينَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ سِتَّمِائَةٍ ، وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَخَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِهَا .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِيهِ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ مَالٍ فَتُعْطِيَ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا ، وَتَسْتَرْجِعَ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ ذَلِكَ ثُلُثُ الثُّلُثِ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ فَيَكُونُ مَعَك أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ مَالٍ إلَّا شَيْئًا ، وَثُلُثَ شَيْءٍ تَضُمُّهُ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَتَصِيرُ الْجُمْلَةُ مَالًا وَتُسْعَ مَالٍ إلَّا شَيْئًا وَثُلُثَ شَيْءٍ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ ؛ لِأَنَّا

جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا ، وَنَصِيبُ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ ثُلُثُ الْمَالِ وَجَبْرُهُ بِشَيْءٍ وَثُلُثِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَكَانَ مَالًا وَتُسْعَ مَالٍ يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثَ شَيْءٍ ، وَالْمَالُ زَائِدٌ فَاطْرَحْ الزِّيَادَةَ ، وَهُوَ عُشْرُ الْجُمْلَةِ ، وَاطْرَحْ مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا ، وَلَيْسَ لِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثَةٍ عُشْرٌ صَحِيحٌ فَاضْرِبْ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثًا فِي عَشَرَةٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثًا ، ثُمَّ اطْرَحْ مِنْهُ عُشْرَهُ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَثُلُثٌ يَبْقَى تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَهُوَ الْمَالُ الْكَامِلُ ، الثُّلُثُ مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا فَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي عَشَرَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ النَّصِيبَ الْكَامِلَ عَشَرَةٌ إذَا رَفَعْتهَا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ فَتَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا بَقِيَ سَهْمًا فَيَصِيرُ مَعَك مِنْ الثُّلُثِ أَرْبَعَةً تَضُمُّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ فَيَصِيرُ ذَلِكَ ثَلَاثِينَ مَقْسُومَةً بَيْنَ الْوَرَثَةِ ، لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ عِشْرُونَ ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشَرَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ الْكَامِلِ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ خَمْسَةٌ ، وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِلْعَصَبَةِ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ مِنْ نِصْفِ مَا أَخْرَجْنَا عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ .
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَالنَّصِيبُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثُ الْبَاقِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنَّ تَصْحِيحَ الْفَرِيضَةِ هَاهُنَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ مُسْتَقِيمًا فَتَجْعَلُ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ ، وَالْبَاقِي

، وَهُوَ سَهْمٌ لِلْعَصَبَةِ ، ثُمَّ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةً لِوَصِيَّتِهِ بِمِثْلِ نَصِيبِهَا فَيَكُونُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ لِوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ فَيَكُونُ إحْدَى وَثَمَانِينَ ، ثُمَّ تَطْرَحُ مَا زِدْنَا ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَقِيَ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ فَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ ، وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَتَضْرِبَهَا فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونَ تِسْعَةً ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونَ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ تَطْرَحَ ثَلَاثَةً يَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَهُوَ النَّصِيبُ إذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ ثَمَانِيَةً وَسَبْعِينَ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ ، لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ ثُلُثُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَبْقَى سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ تَضُمُّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ مِائَةً وَاثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ لِلْمَرْأَةِ ثُمُنُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِثْلُ مَا أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ بِنَصِيبِهَا وَقِسْمَةُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ مَعْلُومَةٌ كَمَا بَيَّنَّا .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِيهِ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ مَالٍ وَتُعْطِيَ بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا وَبِالْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى ثُلُثَ مَا بَقِيَ يَبْقَى مَعَك تُسْعَا مَالٍ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ تَضُمُّهُ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ مَالٍ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا وَنَصِيبُ الْمَرْأَةِ الثُّمُنُ فَعَرَفْنَا أَنَّ حَاجَةَ الْوَرَثَةِ إلَى ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ فَاجْبُرْ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ مَالٍ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَيَصِيرُ ثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ مَالٍ يَعْدِلُ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ ، وَالْمَالُ نَاقِصٌ فَزِدْ عَلَيْهِ ، مِثْلَ ثُمُنِهِ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ وَلَيْسَ لِثَمَانِيَةٍ

وَثَلَاثِينَ ثُمُنٌ صَحِيحٌ فَاضْرِبْ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ سَبْعَةً وَسِتِّينَ وَثُلُثًا ، ثُمَّ زِدْ عَلَيْهِ مِثْلَ ثُمُنِهِ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ فَيَصِيرُ الْمَالُ ثَمَانِيَةً وَسَبْعِينَ فَهُوَ الْمَالُ الْكَامِلُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا ، وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي ثَمَانِيَةٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ النَّصِيبَ ثَمَانِيَةٌ إذَا رَفَعْتهَا مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ بَقِيَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ ذَلِكَ بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ ، وَالتَّخْرِيجُ فِي الْمِيرَاثِ كَمَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُ بَنِينَ فَأَوْصَى لِأَحَدِهِمْ بِكَمَالِ الرُّبْعِ بِنَصِيبِهِ وَبِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ لِآخَرَ فَأَجَازُوا ، فَالْفَرِيضَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ النَّصِيبُ اثْنَانِ وَيُكَمِّلُهُ الرُّبْعُ وَاحِدٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثُ وَاحِدٌ .
وَتَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقِ الْكِتَابِ أَنْ نَقُولَ : الْمَالُ لَوْلَا الْوَصِيَّةُ بَيْنَ الْبَنِينَ الْخَمْسَةِ عَلَى خَمْسَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمٌ فَإِذَا أَوْصَى لِأَحَدِهِمْ بِكَمَالِ الرُّبْعِ بِنَصِيبِهِ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ مِنْهُ لِلْوَارِثِ ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ ، فَإِذَا أَجَازُوا فَالسَّبِيلُ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الِابْنِ الْمُوصَى لَهُ ، وَهُوَ سَهْمٌ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ ، ثُمَّ يَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ لِوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ فَهُوَ الْمَالُ ، الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَالرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ ، وَهُوَ وَاحِدٌ فَتَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَلَاثَةٌ ، ثُمَّ تَطْرَحْ مِنْهُ وَاحِدًا يَبْقَى اثْنَانِ فَهُوَ النَّصِيبُ ، فَإِذَا دَفَعْت إلَى الِابْنِ الْمُوصَى لَهُ كَمَالَ الرُّبْعِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَاسْتَرْجَعْت مِنْهُ مِقْدَارَ النِّصْف وَذَلِكَ اثْنَانِ

بَقِيَ وَاحِدٌ فَعَرَفْنَا أَنَّ وَصِيَّتَهُ بِتَكْمِلَةِ الرُّبْعِ وَاحِدٌ ، فَإِذَا رَفَعْت ذَلِكَ السَّهْمَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ أَرْبَعَةٍ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ ، لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا يَبْقَى ثُلُثُ ذَلِكَ ، وَهُوَ سَهْمٌ يَبْقَى سَهْمَانِ يَضُمُّهُمَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ عَشَرَةً بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ ، لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ مِثْلُ النَّصِيبِ فَإِذَا ضَمَّ الِابْنُ الْمُوصَى لَهُ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ إلَى السَّهْمِ الَّذِي أَخَذَهُ بِالْوَصِيَّةِ حَصَلَ لَهُ ثَلَاثَةٌ ، وَذَلِكَ كَمَالُ رُبْعِ الْمَالِ بِنَصِيبِهِ ، وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِي ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ ثُلُثَ مَالٍ فَتُعْطِيَ الِابْنَ الْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِكَمَالِ الرُّبْعِ بِنَصِيبِهِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الرُّبْعَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ ؛ فَلِهَذَا تُعْطِيهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ ، ثُمَّ تَسْتَرْجِعُ مِنْهُ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا فَتَضُمُّهُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَتُعْطِي الْمُوصَى لَهُ الْآخَرَ ثُلُثَ مَا يَبْقَى ، وَهُوَ ثُلُثُ شَيْءٍ وَثُلُثَيْ رُبْعِ الثُّلُثِ ، بَقِيَ مَعَنَا ثُلُثَا رُبْعِ الثُّلُثِ وَثُلُثَا شَيْءٍ فَتَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَيَصِيرُ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ وَثُلُثَ جُزْءٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا النِّصْفَ شَيْئًا .
فَقُلْنَا : شَيْءٌ قِصَاصٌ بِمِثْلِهِ يَبْقَى ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مَعَنَا وَثُلُثَا جُزْءٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ يَعْدِلُ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثًا ، وَأَرْبَعَةً وَثُلُثَ مِثْلِ نِصْفِ ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ بِمَعْنَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَأَنَّا فِي الِابْتِدَاءِ أَعْطَيْنَا الِابْنَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ، ثُمَّ اسْتَرْجَعْنَا مِنْهُ بِالنَّصِيبِ شَيْئًا ، وَذَلِكَ بِمَعْنَى جُزْءٍ يَبْقَى لَهُ بِالْوَصِيَّةِ بِالتَّكْمِلَةِ جُزْءٌ وَاحِدٌ فَكَانَ الْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى جُزْءًا وَاحِدًا يَبْقَى جُزْءٌ ، وَإِنْ ضَمَمْنَا ذَلِكَ إلَى

ثُلُثَيْ الْمَالِ ثَمَانِيَةِ أَجْزَاءٍ فَيَكُونُ عَشَرَةً بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ جُزْءَانِ مِثْلُ النَّصِيبِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ مُسْتَثْنًى ، وَهُوَ الشَّيْءُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ لَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَتَرَكَ عَشَرَةً عَيْنًا ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ فَإِنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ ثَلَاثَةٍ الثُّلُثُ وَاحِدٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ وَاحِدٌ فَاطْرَحْ نَصِيبَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، وَاقْسِمْ الْعَيْنَ عَلَى سَهْمَيْنِ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَلِلِابْنِ خَمْسَةٌ وَفِي تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَحَقَّ كُلِّ ابْنٍ فِي سَهْمٍ ، وَالِابْنُ الْمَدْيُونُ مُسْتَوْفٍ حَقَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ وَزِيَادَةً فَهُوَ لَا يُزَاحِمُ الْآخَرِينَ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ وَلَكِنَّ الْعَشَرَةَ الْعَيْنَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ نِصْفَانِ لِاسْتِوَاءِ حَقَّيْهِمَا فِي التَّرِكَةِ ، فَإِذَا أَخَذَ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ خَمْسَةً تَبَيَّنَ أَنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ خَمْسَةٌ ، وَأَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ التَّرِكَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثَ ذَلِكَ خَمْسَةً فَاسْتَقَامَ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا تَيَسَّرَ ذَلِكَ أَمْسَكَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ تَمَامَ نَصِيبِهِ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَأَدَّى ثَلَاثَةً وَثُلُثًا فَكَانَ ذَلِكَ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَيْنِ كَمَا كَانَتْ الْعَشَرَةُ الْعَيْنُ فَأَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مَرَّةً خَمْسَةً وَمَرَّةً دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ثُلُثُ الْعِشْرِينَ وَسَلِمَ لِكُلِّ ابْنٍ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ .
وَطَرِيقٌ آخَرُ أَنَّ الدَّيْنَ فِي حُكْمِ التَّاوِي مَا لَمْ يَخْرُجْ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِسْمَةِ ، وَلَكِنَّ الْعَشَرَةَ الْعَيْنَ تُقْسَمُ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَهَا ثَلَاثَةً وَثُلُثًا ، وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ

نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْطَى لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُمَا عَلَيْهِ هَذَا الْمِقْدَارَ وَزِيَادَةً ، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ مَتَى ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَهُمَا يَأْخُذَانِ ذَلِكَ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ حَقَّيْهِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ إلَّا أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ ، ثُمَّ الْقِسْمَةُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِيهِ أَنَّ جُزْءًا مِنْ الدَّيْنِ قَدْ تَعَيَّنَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ، وَحَاجَتُنَا إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ ذَلِكَ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا ، وَتَضُمَّهُ إلَى الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ فَتَقْسِمَ ذَلِكَ أَثْلَاثًا لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثُ ثُلُثِ شَيْءٍ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ وَحَاجَتُنَا إلَى شَيْئَيْنِ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا وَهُوَ نَصِيبُ أَحَدِ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ حَاجَتُنَا إلَى سِتِّينَ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ قِصَاصٌ بِمِثْلِهِ يَبْقَى فِي يَدِ الِاثْنَيْنِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثَ شَيْءٍ .
وَإِذَا كَانَتْ سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثَ شَيْءٍ عَرَفْنَا أَنَّ الَّذِي يَعْدِلُ الشَّيْءَ مِنْ الدَّرَاهِمِ خَمْسَةٌ ، وَأَنَّا حِينَ جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى خَمْسَةِ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ وَثُلُثَ شَيْءٍ ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ إلَى آخِرِهِ كَمَا بَيَّنَّا ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرُ الثُّلُثِ وَزِيَادَةٌ فَيَجِبُ تَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِاعْتِبَارِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ فَكَانَ هَذَا ، وَالْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ سَوَاءٌ .
وَلَوْ لَمْ يُوصِ لَهُ بِالثُّلُثِ ، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِرُبْعِ مَالِهِ فَالْعَيْنُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ

الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى الْحِسَابِ إذَا رَفَعْنَا مِنْهُ الرُّبْعَ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ نِصْفَيْنِ ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ ، ثُمَّ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ تُطْرَحُ سِهَامُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الْآخَرِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا فَيَضْرِبُ الِابْنُ فِيهَا بِثَلَاثَةٍ وَالْمُوصَى لَهُ بِسَهْمَيْنِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ خُمْسَا الْعَشَرَةِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ ، وَلِلِابْنِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا سِتَّةٌ وَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ سِتَّةٌ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ، فَيَكُونُ الْمُتَعَيِّنُ فِي الْحَاصِلِ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي رُبْعِهَا أَرْبَعَةٍ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ تَمَامَ نَصِيبِهِ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَيُؤَدِّي دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا فَيَقْسِمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الْآخَرِ عَلَى خَمْسَةٍ خُمْسُهَا وَهُوَ دِرْهَمٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَقَدْ أَخَذَ أَرْبَعَةً مَرَّةً وَمَرَّةً دِرْهَمًا ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ كَمَالُ رُبْعِ الْعِشْرِينَ ، وَحَصَلَ لِلِابْنِ الْآخَرِ مَرَّةً سِتَّةٌ وَمَرَّةً دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَسَلَّمَ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَاسْتَقَامَ .
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ لَا يُعْتَبَرُ الدَّيْنُ فِي الْقِسْمَةِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ رُبْعُهَا ، وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ ، وَلِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا ، وَلِلِابْنِ الْمَدْيُونِ مِثْلُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْطِي لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ لَهُمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَيَسْتَوْفِيَانِ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهِمَا وَيَقْتَسِمَانِهِ أَخْمَاسًا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا فِي ذِمَّتِهِ خُمْسَا ذَلِكَ ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَحَصَلَ لَهُ

أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ ، وَرُبْعٌ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَحْصُلُ لَهُ سِتَّةٌ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ ، ثُمَّ الْقِسْمَةُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ يُجْعَلُ الْخَارِجُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا ، وَيُضَمُّ الْعَشَرَةَ إلَى الْعَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لِلْمُوصَى لَهُ رُبْعُهَا دِرْهَمَانِ وَنِصْفُ وَرُبْعُ شَيْءٍ ، وَلِلِابْنَيْنِ مَا بَقِيَ وَحَاجَةُ الِابْنَيْنِ إلَى شَيْئَيْنِ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا ، وَفِي يَدِهِمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَيْءٍ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ قِصَاصًا بِمِثْلِهِ يَبْقَى فِي يَدِهِمَا سَبْعَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ يَعْدِلُ شَيْئًا وَرُبْعَ شَيْءٍ فَظَهَرَ أَنَّ الدَّيْنَ يَعْدِلُ مِنْ الدَّرَاهِمِ سِتَّةً ، وَإِنَّا حِينَ جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنَى سِتَّةِ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِالْخُمْسِ كَانَ لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَلِلِابْنِ ثُلُثَاهُ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ خَمْسَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ خُمْسٌ صَحِيحٌ وَأَقَلُّ ذَلِكَ خَمْسَةٌ ، لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَالْبَاقِي ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَعَلَى إحْدَى الطَّرِيقَيْنِ يَطْرَحُ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ وَيَقْسِمُ الْعَيْنَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الْآخَرِ فَيَضْرِبُ الِابْنُ فِيهَا بِسَهْمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِسَهْمٍ فَلَهُ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ وَلِلِابْنِ ثُلُثَاهَا فَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ ثُلُثَاهَا أَيْضًا سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَأَنَّ جُمْلَةَ الْعَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ خُمْسَ ذَلِكَ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ حِصَّتَهُ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ وَيُؤَدِّي دِرْهَمَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ ، وَهُوَ ثُلُثَا دِرْهَمٍ فَقَدْ أَخَذَ مَرَّةً ثَلَاثَةً وَثُلُثًا وَمَرَّةً ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ

خُمْسُ الْعِشْرِينَ ، وَالْبَاقِي وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ ، وَقَدْ أَخَذَ الِابْنُ مَرَّةً سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ وَمَرَّةً دِرْهَمًا وَثُلُثًا ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ كَمَالُ حَقِّهِ ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ الدَّيْنُ تَاوٍ فَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ خُمْسَهَا دِرْهَمَيْنِ ، وَالِابْنُ خُمْسَهَا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ، وَذَلِكَ مِثْلُ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْطَى ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُمَا يَأْخُذَانِهَا قِصَاصًا مِمَّا لَهُمَا عَلَيْهِ فَيَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ أَثْلَاثًا عَلَى مِقْدَارِ حَقَّيْهِمَا فَلَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثُلُثٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَقَدْ أَخَذَ مَرَّةً دِرْهَمَيْنِ وَمَرَّةً دِرْهَمًا وَثُلُثَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ، وَأَخَذَ الِابْنُ مَرَّةً أَرْبَعَةً وَمَرَّةً دِرْهَمَيْنِ وَثُلُثَيْنِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ يُجْعَلُ الْخَارِجُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا فَتَضُمُّهُ إلَى الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ وَتُعْطِي الْمُوصَى لَهُ خُمْسَ ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ وَخُمْسٌ يَبْقَى فِي يَدِ الِاثْنَيْنِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ ، وَحَاجَتُنَا إلَى شَيْئَيْنِ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ فَيَجْعَلُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ قِصَاصًا بِمِثْلِهَا يَبْقَى فِي يَدِهِمَا ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسَ شَيْءٍ فَظَهَرَ أَنَّ الدَّيْنَ بِعَدْلِ الشَّيْءِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَإِنَّا حِينَ جَعَلْنَا لِلْمُتَعَيَّنِ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا ذَكَرْنَا .
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِأَكْثَرَ إلَى خَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَخَذَ وَصِيَّتَهُ كُلَّهَا مِنْ الْعَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالدَّرَاهِمِ الْمُرْسَلَةِ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ثُلُثَ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ خَمْسَةٌ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمُتَعَيَّنِ خَمْسَةَ عَشَرَ .
وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلَّ

أَمْكَنَ تَنْفِيذُهَا فِي الْحَالِ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ فَكَذَلِكَ وَجَبَ تَنْفِيذُهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَرِيكُ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ ( أَلَا تَرَى ) أَنَّ هُنَاكَ يَزْدَادُ حَقُّهُ بِزِيَادَةِ التَّرِكَةِ وَيُنْتَقَصُ بِنُقْصَانِهَا ؛ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَبِالرُّبْعِ كَانَ لِلِابْنِ نِصْفُ الْعَيْنِ وَنِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ عَلَى سَبْعَةٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ حَازَا الثُّلُثَ ، وَلَكِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَنْفُذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الثُّلُثَ الْمُتَعَيَّنَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ نِصْفُ الْعَيْنِ فَيَعْزِلُ ذَلِكَ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّتَيْنِ ، ثُمَّ يَضْرِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ وَرُبْعُهَا ثَلَاثَةٌ ، فَإِذَا ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَقِّهِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ يَضْرِبُ فِيهَا صَاحِبُ الْعَيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بِخَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ خَمْسَةٍ فَالْمُوصَى لَهُ بِرُبْعِ الْعَيْنِ ، وَالدَّيْنِ يَضْرِبُ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ ، فَيُقْسَمُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ ، ثُمَّ يَحْتَسِبُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَأْخُذُ الِابْنُ نِصْفَهُ وَصَاحِبُ الْوَصِيَّةِ نِصْفَهُ فَيَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ كَمَا فَعَلَاهُ فِي الْقِسْمَةِ الْأُولَى .
وَلَوْ أَوْصَى بِرُبْعِ الْعَيْنِ لِرَجُلٍ وَثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ الْآخَرِ فَإِنَّ لِأَهْلِ الْوَصِيَّةِ نِصْفَ الدَّيْنِ يَضْرِبُ فِيهَا صَاحِبُ رُبْعِ الْعَيْنِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ فَوْقَ ثُلُثِهَا فَيَكُونُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَسُدُسٍ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهَذَا ، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى بِنِصْفِ الْمَالِ كُلِّهِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَأَجَازَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ ، وَلَمْ يُجِزْ الْآخَرُ فَإِنَّ الْعَيْنَ بَيْنَ الِابْنِ وَصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ نِصْفَانِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِإِجَازَةِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ وَالِابْنُ الْآخَرُ لَمْ يُجِزْ الْوَصِيَّةَ فَكَانَ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ فِي الْمُقَاسَمَةِ مَعَهُ كَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ؛ فَلِهَذَا يَقْتَسِمَانِ الْعَيْنَ نِصْفَيْنِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُحْتَسَبُ لِلِابْنِ

الْمَدْيُونِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ خَمْسَةٌ ؛ لِأَنَّهُ مُجِيزٌ لِلْوَصِيَّةِ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُمَا أَجَازَا .
وَلَوْ أَجَازَا كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ عَشَرَةٌ ، وَكُلُّ ابْنٍ خَمْسَةٌ ؛ فَلِهَذَا يُحْتَسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ خَمْسَةٌ ، وَيُؤَدِّي مِمَّا بَقِيَ ، وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَأْخُذُ الِابْنُ مِنْهَا دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِزْ الْوَصِيَّةَ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُمَا لَمْ يُجِيزَا وَتَمَامُ حَقِّهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ خَمْسَةٌ فَيَأْخُذُ الْأَبُ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ كَمَالَ حَقِّهِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا فَحَصَلَ لِلْمُوصَى لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثُ سَبْعَةٍ وَثُلُثَانِ بِلَا مِنَّةِ أَحَدٍ ؛ لِأَنَّهُ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَدِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ حِصَّةُ الْمُجِيزِ فَضْلُ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفَضْلَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَحِصَّةُ الْمُجِيزِ نِصْفُهَا دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ عَيْنًا وَعَشَرَةً عَلَى امْرَأَتِهِ دَيْنًا ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِرْهَمَيْنِ ، وَلِآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَلِآخَرَ بِالرُّبْعِ فَأَبَوْا أَنْ يُجِيزُوا فَإِنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمْنُ بَعْدَ الثُّلُثِ ، وَذَلِكَ سَهْمٌ فَاطْرَحْ نَصِيبَهَا ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا فَوْقَهَا وَاقْسِمْ الْعَيْنَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَبْعَةٌ لِلِابْنِ وَالْأَرْبَعَةُ لِأَهْلِ الْوَصِيَّةِ ، فَإِذَا تَبَيَّنَ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ يَضْرِبُ فِيهَا صَاحِبُ الدَّيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ ، وَصَاحِبُ الرُّبْعِ بِمَا أَصَابَ ثَلَاثَةً ، وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ يَضْرِبُ صَاحِبُ الرُّبْعِ ، ثُمَّ مَا أَصَابَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ فَقَدْ سَمَّى لَهُ الرُّبْعَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنُ كَذَلِكَ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ الْمَرْأَةُ يُحْسَبُ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهَا وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَخَمْسَةُ أَثْمَانٍ وَثُلُثٌ ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا قَدْ اسْتَغْرَقَتْ الثُّلُثَ ، فَإِنَّ مِيرَاثَهَا ثُمْنُ الثُّلُثَيْنِ ، وَثُلُثَا الْمَالِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ، وَثُمْنُ ذَلِكَ دِرْهَمٌ وَخَمْسَةُ أَثْمَانٍ وَثُلُثُ ثُمْنٍ أَوْ ثُمْنُ ثُلُثِ دِرْهَمٍ فَهُمَا سَوَاءٌ وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَكُونُ بَيْنَ الِابْنِ وَصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ بِالرُّبْعِ وَصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ بِالدِّرْهَمَيْنِ مَقْسُومًا عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ ، وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ مِمَّا بَقِيَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصِيَّتَيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُ الْمَالِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَإِحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ دِرْهَمَانِ ، وَالْأُخْرَى الرُّبْعُ خَمْسَةٌ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ جَاوَزَتَا الثُّلُثَ فَلَا يَكُونُ لِصَاحِبٍ مَا بَقِيَ شَيْءٌ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَشَرَةً عَيْنًا وَعَشَرَةً عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ الْعَيْنِ ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْعَيْنَ تُقْسَمُ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ ثُلُثَهَا ، وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُلُثَهَا ، وَيَبْقَى ثُلُثُهَا نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ، فَلَا يُعْطَى ذَلِكَ بَلْ يَضْرِبُ فِيهَا الِابْنُ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَصَاحِبُ الْوَصِيَّةِ بِالدَّيْنِ بِرُبْعِ الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهَا وَزِيَادَةٌ فَيَضْرِبُ هُوَ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ وَيَقْسِمُ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ مِنْ هَذَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى كَمَالَ حَقِّهِ فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَقِيرَاطٌ ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ، وَرُبْعِ الدَّيْنِ ، وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ فَيَكُونُ خَمْسَةً وَخَمْسَةَ أَسْدَاسٍ ، وَذَلِكَ دُونَ جَمِيعِ الْمَالِ فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالَ حَقِّهِ يَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ وَقِيرَاطٌ وَالْقِيرَاطُ نِصْفُ السُّدُسِ ؛ فَلِهَذَا قَالَ : يُمْسِكُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سَبْعَةٌ وَقِيرَاطٌ ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَقْتَسِمُهُ صَاحِبُ رُبْعِ الدَّيْنِ وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا كَانَا اقْتَسَمَا ثُلُثَ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَدْ خَرَجَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنُ بِخِلَافِ هَذَا ، وَمَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ أَدَقُّ نُبَيِّنُ ذَلِكَ إذَا انْتَهَيْنَا إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ لَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ دَيْنًا وَتَرَكَ عَشَرَةً عَيْنًا وَتَرَكَ رَجُلَيْنِ غَرِيمَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فَجَاءَ أَحَدُ الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَيْهِ فَأَدَّاهُ وَالْآخَرُ لَا شَيْءَ لَهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الْعَيْنَ وَالْعَشَرَةَ الَّتِي عَلَى الِابْنِ عَيْنٌ كُلُّهَا تُقْسَمُ عَلَى سِتِّينَ سَهْمًا فَيَأْخُذُ أَهْلُ الْوَصِيَّةِ مَا أَصَابَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثًا ، وَيَأْخُذُ الِابْنَانِ مَا أَصَابَا سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ ، وَالْوَجْهُ فِي تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ : وَصِيَّتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، وَوَصِيَّتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَ مَا يُعْطِيهِ ؛ فَلِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ صَاحِبِهِ ، وَقَدْ ظَفِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجِنْسِ حَقِّهِ مِمَّا هُوَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ مَا فِي ذِمَّتِهِ .
وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ قَضَاءً مِنْ حَقِّهِ ، فَإِذَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ يَتَمَلَّكُهُ أَيْضًا قَضَاءً لِحَقِّهِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ : حِينَ أَدَّى أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ فَقَدْ صَارَ الْمَالُ الْعَيْنُ عِشْرِينَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ جَمِيعَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الِابْنِ الْآخَرِ قَدْ تَعَيَّنَ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَنْفُذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ .
وَإِذَا ضَمَمْنَا مَا عَلَى الِابْنِ إلَى الْعَيْنِ كَانَ ثُلُثُ الْجُمْلَةِ عَشَرَةً وَنَحْنُ نَتَيَقَّنُ أَنَّ مِقْدَارَ الثُّلُثِ يُسَلَّمُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ ؛ فَلِهَذَا تَعَيَّنَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ وَحَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ .
وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا عَلَى

ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثٍ فَالثُّلُثَانِ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثَانِ ، فَالْجُمْلَةُ سَبْعُونَ إلَّا أَنَّهُ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْغَرِيمِ الْمُفْلِسِ ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ وَزِيَادَةً ؛ فَلِهَذَا جَعَلْت الْقِسْمَةَ فِيمَا بَقِيَ وَهُوَ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثَانِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ فَيُحْسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ وَيُسْتَوْفَى الْفَضْلُ مِنْ الْعَيْنِ ، وَيُحْسَبُ لِلْغَرِيمِ الْمُقَدَّمِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثٍ ، وَلِلِاخْتِصَارِ وَجْهٌ بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ سَهْمًا فَيَكُونُ حَقُّ أَصْحَابِ الْوَصَايَا سَبْعَةَ أَسْهُمٍ وَالْجُمْلَةُ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثَيْنِ ، ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْمُقَدَّمِ ثَلَاثَةً ، وَيَقْسِمُ الثُّلُثَانِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَيَكُونُ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ فَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ الْمُؤَدِّي خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ أَحَدَ عَشَرَ فَيَسْتَوْفِي الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ فَيَسْتَوْفِي الْمَدْيُونُ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ فَيُسَلِّمُ لَهُ مَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ عَشَرَةٌ وَيُحْسَبُ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُقَدَّمُ كَمَا عَلَيْهِ خَمْسَةٌ أَيْضًا فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي أَحَدَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ وَيُسَلَّمُ لِلِابْنَيْنِ ضِعْفُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُقْسَمُ الْكُلُّ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا فَيُمْسِكُ الْغَرِيمُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَقْتَسِمُهُ أَهْلُ الْوَصِيَّةِ وَالْوَرَثَةُ عَلَى مَا اقْتَسَمُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَشَرَةً دَيْنًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَعَشَرَةً عَيْنًا ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ فَنَصِيبُ الْعَيْنِ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ هُوَ نَصِيبُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَكَأَنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِ مِمَّا عَلَيْهِ ، فَيَبْدَأُ بِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ وَيَأْخُذُ الْخَمْسَةَ كُلَّهَا ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُقَدَّمٍ فِي التَّنْفِيذِ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَهَا هُنَا مِقْدَارُ الْخَمْسَةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَبِاعْتِبَارِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ ، وَهُوَ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ، فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ذَلِكَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْمَدْيُونِ ، ثُمَّ يَسْتَرِدَّهُ بِاعْتِبَارِ دَيْنِهِ قَبْلَهُ ، فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا عَلَى الْمَدْيُونِ يَحْسِبُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فَيُؤَدِّي الْفَضْلَ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا وَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ كَمَا اقْتَسَمَا الْعَشَرَةَ الْعَيْنَ فَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ مِقْدَارُ ثُلُثَيْ الدَّيْنِ ، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَيُسَلَّمُ لِكُلِّ ابْنٍ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ .
وَلَوْ أَوْصَى مَعَ هَذَا بِثُلُثِ الْعَيْنِ لِآخَرَ فَإِنَّ نِصْفَ الْعَيْنِ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَبِاعْتِبَارِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ ثُلُثُ الْمَالِ نِصْفُ الْعَيْنِ ، ثُمَّ يَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ ، وَصَاحِبُ ثُلُثَيْ الْمَالِ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ، وَيَجِبُ لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَيُؤَدِّي ثَلَاثَةً وَثُلُثًا فَيَأْخُذُ الِابْنُ نِصْفَهَا وَصَاحِبُ الْوَصِيَّةِ نِصْفَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَالَ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ غَلَطٌ ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ فَأَمَّا أَنْ يَضْرِبَ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَوْ بِمَا

تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَةً ، فَأَمَّا أَنْ يَضْرِبَ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ كَمَا يَضْرِبُ بِهِ صَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ فَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ ، وَقَدْ أَجَابَ بِمِثْلِهِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ .
وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الدَّيْنِ ، وَهُوَ صَوَابٌ ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الدَّيْنِ وَثُلُثَ الْعَيْنِ سَوَاءٌ لَكِنَّ مَشَايِخَنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ عَلَى تَصْوِيبِ الْحَاكِمِ فِيمَا ذَكَرَ .
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَجْهٌ صَحِيحٌ أَيْضًا فَإِنَّ نِصْفَ الدَّيْنِ صَارَ فِي حُكْمِ الْمُتَعَيَّنِ وَلَوْ تَعَيَّنَ جَمِيعُهُ لَكَانَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ يَضْرِبُ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، فَإِذَا تَعَيَّنَ نِصْفُهُ فَإِنَّمَا يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثَيْنِ .
يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَقِّ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ لَا يَزِيدُ عَلَى سِتَّةٍ وَثُلُثٍ ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فِي ثُلُثِ الْعَيْنِ مُقَدَّمٌ ، وَإِنَّمَا يَبْقَى لِلِابْنَيْنِ ثُلُثَا الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَالْمُتَعَيِّنُ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّيْنِ قَدْرَ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ الْعَيْنِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ؛ فَلِهَذَا قَالَ : يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ كَمَا يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ ، وَلَكِنَّ هَذَا مُسْتَقِيمٌ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَبَعْدَ خُرُوجِ الدَّيْنِ لَا وَجْهَ لِلْقِسْمَةِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ

أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِثُلُثِ الدَّيْنِ ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَلَوْ تَرَكَ مَعَ هَذَا ثَوْبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِالثَّوْبِ فَإِنَّ نَصِيبَ الثَّوْبِ مِنْ الثَّوْبِ أَرْبَعَةٌ غَيْرَ رُبْعٍ وَنَصِيبَ صَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ غَيْرَ رُبْعٍ ، وَيَكُونُ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ وَثُلُثَاهُ فِي الْعَشَرَةِ ، وَيَأْخُذُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ سَبْعَةً وَنِصْفًا ، وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ وَتَمَامَ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَيَحْسِبُ لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ نَصِيبَهُ ثَمَانِيَةً وَثُلُثًا إلَى آخِرِهِ ، وَوَجْهُ تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ : اجْتَمَعَ فِي الثَّوْبِ وَصِيَّتَانِ وَصِيَّةٌ بِجَمِيعِهِ وَثُلُثِهِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَكُونُ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ ، خَمْسَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ، ثُمَّ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ تَكُونُ عَلَى سِتَّةِ ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ سِهَامُ الْوَصَايَا عَشَرَةٌ .
وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي ضِعْفِ ذَلِكَ عِشْرِينَ إلَّا أَنَّهُ يَطْرَحُ سِهَامَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فِي الْحَالِ وَيَقْسِمُ الْعَيْنَ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فِي الْحَاصِلِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَالثَّوْبُ مَعَ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَانِ ، نِصْفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ كُلِّهِ فِي الثَّوْبِ ، وَنِصْفُهُ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ وَثُلُثَاهُ فِي الْعَشَرَةِ عَلَى حِسَابِ أَصْلِ حَقِّهِ فِي الثَّوْبِ وَالْعَشَرَةِ فَيُسَلَّمُ لَهُ مِنْ الْعَشَرَةِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَمِنْ الثَّوْبِ قَدْرُ دِرْهَمٍ وَرُبْعٍ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ هَذَا كُلُّهُ مُسْتَقِيمٌ إلَّا حَرْفًا وَقَعَ فِيهِ

الْغَلَطُ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ : يَأْخُذُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ وَتَمَامَ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الثَّوْبِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثَّوْبِ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ وَرُبْعَهُ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ تَخْرِيجِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا لَوْ قَسَمْنَا الثَّوْبَ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ يَكُونُ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا هَكَذَا فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ حَتَّى يَأْخُذَهُ الِابْنُ فَعَرَفْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَأْخُذُ سَبْعَةً وَنِصْفًا مِنْ الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَنَقُولُ : جُمْلَةُ الْمَالِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهَا وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَيَكُونُ نَصِيبُ كُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةً وَثُلُثًا أَيْضًا فَيَحْسِبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ وَيُؤَدِّي دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِسْمَةَ فِي الثُّلُثِ ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ ، وَيَضْرِبُ مَعَهُ فِيهَا صَاحِبُ الثَّوْبِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الثَّوْبِ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ وَيَضْرِبُ مَعَهُ الْآخَرُ بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ ذَلِكَ ثُلُثُ الْعِشْرِينَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَسُدُسُ الثَّوْبِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّوْبِ فَيَكُونُ سَبْعَةً وَنِصْفًا فَمَا أَصَابَ صَاحِبُ الثَّوْبِ كَانَ فِي الثَّوْبِ ، وَمَا أَصَابَ الْآخَرُ كَانَ فِي الثَّوْبِ لَهُ مِنْ ذَلِكَ خُمْسُ مَا بَقِيَ مِنْهُ ، وَالْبَاقِي مِنْ نَصِيبِهِ فِي الدَّرَاهِمِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْأَصْلِ كَانَ فِي الثَّوْبِ فِي ثَلَاثَةٍ مِقْدَارُ ذَلِكَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ ، وَفِي الْمَالِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ دِرْهَمٍ وَثُلُثَيْنِ سَهْمًا يَكُونُ ذَلِكَ أَرْبَعَةً فَعَرَفْنَا أَنَّ أَصْلَ حَقِّهِ فِي الْمَحَلَّيْنِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ خُمْسِ نَصِيبِهِ فِي الثَّوْبِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الدَّرَاهِمِ .
وَإِنْ شِئْت قُلْت يَأْخُذُ مِنْ الثَّوْبِ مِثْلَ

ثُلُثِ مَا أَصَابَ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ ، وَهَذَا وَالْأَوَّلُ فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ إذَا تَأَمَّلْت ، وَإِنَّ مِثْلَ ثُلُثِ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ خُمْسُ حَقِّ صَاحِبِ ثُلُثِ الْمَالِ

وَإِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا وَسَيْفًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِالسَّيْفِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فَلِأَهْلِ الْوَصِيَّةِ نِصْفُ الْعَيْنِ يَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ السَّيْفِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ السَّيْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ بِسُدُسِ السَّيْفِ وَثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ السَّيْفِ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيمَةُ السَّيْفِ عَلَى سِتَّةٍ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ لِصَاحِبِ السَّيْفِ وَسُدُسِهِ لِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ ، ثُمَّ صَارَ كُلُّ مِائَةٍ مِنْ الْعَيْنِ عَلَى سِتَّةٍ أَيْضًا فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَتَكُونُ سِهَامُ الْوَصِيَّتَيْنِ عَشَرَةً .
وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَشَرَةً فَالثُّلُثَانِ عِشْرُونَ ، ثُمَّ يَطْرَحُ سِهَامَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ ، لِلْمُوصَى لَهُمَا بِالسَّيْفِ وَقَدْرِ الْخَمْسِينَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ وَلِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ لَهُ قَدْرُ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ الْعَيْنِ وَيُحْسَبُ لِلْمَدْيُونِ مِثْلُهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، ثُمَّ الْمَعْزُولُ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَاءِ حَقِّهِمَا نِصْفُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ لِلْمُوصَى لَهُمَا بِالسَّيْفِ كُلِّهِ فِي السَّيْفِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ السَّيْفِ وَنِصْفُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَاهُ فِي الْمِائَتَيْنِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ عَلَى مِقْدَارِ أَصْلِ حَقِّهِ فِي الْمَحَلَّيْنِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُحْسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَالِ خَمْسُمِائَةٍ وَالسَّيْفُ وَقِيمَتَهُ مِائَةٌ ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهَا وَيُسَلَّمُ لِكُلِّ ابْنٍ

ثُلُثُهَا وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَيُؤَدِّي مِائَةً فَإِذَا أَدَّاهَا اقْتَسَمُوا الثُّلُثَ بَيْنَهُمْ فَيَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ السَّيْفِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ السَّيْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ بِسُدُسِ السَّيْفِ وَثُلُثِ خَمْسِمِائَةٍ فَمَا أَصَابَ صَاحِبُ السَّيْفِ كَانَ فِي السَّيْفِ وَمَا أَصَابَ صَاحِبُ الثُّلُثِ كَانَ فِي السَّيْفِ أَوْ نَقُولُ : الِابْنُ الْآخَرُ يَأْخُذُ مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَحَقُّهُ فِي مِائَتَيْنِ لَمْ يَسْتَقْبِلْ قِسْمَةَ الثُّلُثِ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ .
قَالَ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ : رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ يَضْرِبُ بِثُلُثِ خَمْسِمِائَةٍ خَطَأٌ بَيِّنٌ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فَكَيْفُ يَضْرِبُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ، وَقَوْلُهُ : يَضْرِبُ بِسُدُسِ السَّيْفِ أَيْضًا غَيْرُ سَدِيدٍ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ لَا تَقَعُ عَلَى الْعُرُوضِ ، وَإِنَّمَا تَقَعُ عَلَى النَّقْدِ خَاصَّةً وَقَدْ ذَكَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَقَالَ : لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَبِثُلُثِ كَذَا وَسَمَّى تِلْكَ الْعُرُوضَ .
وَإِذَا حَمَلَ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُمَا تَخْرُجُ الْآنَ مِنْ ثُلُثِ مَا يُعَيَّنُ مِنْ الْمَالِ أَمَّا طَعْنُهُ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَهُ وَأَمَّا طَعْنُهُ فِي اللَّفْظِ الثَّانِي فَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْعَيْنِ فِيمَا هُوَ مُتَعَيِّنٌ بِمَنْزِلَةِ اسْمِ الْمَالِ فِيمَا هُوَ مُتَمَوَّلٌ وَاسْمُ الْمَالِ فِي الْوَصِيَّةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ مَالُ الزَّكَاةِ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ .
وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يَخْتَصُّ بِمَالِ الزَّكَاةِ فَكَذَلِكَ اسْمُ الْعَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مُتَعَيِّنٍ النَّقْدُ وَالنَّسِيئَةُ فِيهِ سَوَاءٌ وَكَأَنَّهُ بَالَغَ فِي الْبَيَانِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَسَمَّى ذَلِكَ الْعُرُوضَ

لِإِزَالَةِ هَذَا الْإِبْهَامِ وَأَمَّا قَوْلُهُ : إذَا خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَقَدْ وَجَبَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِمَا فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ وَبَيَانُهُ أَنَّ جُمْلَةَ الْعَيْنِ مِنْ الْمَالِ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ إنَّمَا يَعْزِلُ ذَلِكَ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا بِالسَّيْفِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَبِثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَعَرَفْنَا أَنَّ بِخُرُوجِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ مِنْ الدَّيْنِ يَجِبُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّتَيْنِ ، وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ نِصْفِ الْعَيْنِ بِسَبَبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً ، وَعَلَى امْرَأَتِهِ عَشَرَةٌ دِينًا وَعَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنٌ عَشَرَةٌ وَتَرَكَ ثَوْبًا يُسَاوِي خَمْسَةً وَأَوْصَى بِالثَّوْبِ لِرَجُلٍ فَإِنَّ الثَّوْبَ يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ إنَّمَا تَسْتَقِيمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ ثَمَانِيَةٌ ، وَلِلْمَرْأَةِ ثُمْنُ مَا بَقِيَ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ ، ثُمَّ تُطْرَحُ سِهَامُ الِابْنِ وَسِهَامُ الْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا فَوْقَ ذَلِكَ يَبْقَى الثَّوْبُ فَيَضْرِبُ فِيهِ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ ، وَهُوَ سَبْعَةٌ وَالْمُوصَى لَهُ بِثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَيُحْسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهَا فَتَسْتَقِيمُ الْقِسْمَةُ إلَى تَيَسُّرِ خُرُوجِ الدَّيْنَيْنِ فَحِينَئِذٍ يُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ جَمِيعُ الثَّوْبِ ؛ لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِالْعَيْنِ وَقِيمَتُهُ دُونَ الثُّلُثِ فَيَكُونُ حَقُّهُ فِيهِ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ ، وَيَبْقَى الْمَالُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِلْمَرْأَةِ الثُّمْنُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ يُمْسِكُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهَا وَيُؤَدِّي سَبْعَةً وَنِصْفًا وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ مِمَّا عَلَيْهِ نَصِيبَهُ وَيُؤَدِّي دِرْهَمًا وَرُبْعًا فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مِثْلِ مَا حَبَسَهُ الْمَدْيُونُ فَاسْتَقَامَ

وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى إحْدَاهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ خَادِمًا تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْخَادِمَ تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ فَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَثُلُثُ مَالِهِ نِصْفُ الْعَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ رَقَبَتِهَا فَيُسَلَّمُ لَهَا ذَلِكَ وَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ ثُمْنُهُ وَلِلِابْنِ سَبْعَةُ أَثْمَانِهِ فَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ الْمَدْيُونَةُ مُسْتَوْفِيَةً مِمَّا عَلَيْهَا مِثْلُ مَا وَصَلَ إلَى الْمَرْأَةِ الْأُخْرَى وَالِابْنُ الْمَدْيُونُ مُسْتَوْفٍ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلُ مَا وَصَلَ إلَى الِابْنِ الْآخَرِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدِّينَيْنِ فَحِينَئِذٍ يُرَدُّ عَلَى الْخَادِمِ مَا أُخِذَ مِنْهَا مِنْ السِّعَايَةِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ ثَلَثُمِائَةٍ وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ فَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ الثُّلُثِ فَيَرُدُّ عَلَيْهَا مَا أُخِذَ مِنْهَا ، وَالْمَالُ الْمَقْسُومُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ثُمْنُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَتَيْنِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَتُمْسِكُ الْمَدْيُونَةُ مِمَّا عَلَيْهَا مِقْدَارَ حَقِّهَا وَتُؤَدِّي سَبْعَةً وَثَمَانِينَ وَنِصْفًا إلَى الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ وَنِصْفًا ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ إلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا دَيْنَ عَلَيْهَا فَقَدْ وَصَلَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالُ حَقِّهِ

قَالَ : وَإِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَتَرَكَ رَجُلَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ وَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِالثُّلُثِ ، ثُمَّ أَدَّى أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَإِنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي عَلَى الِابْنَيْنِ يُجْمَعُ كُلُّهُ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَ صَاحِبِ الثُّلُثِ ، وَاَلَّذِي أَدَّى الْعَشَرَةَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، وَوَصِيَّتُهُ بِمَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ وَبِأَدَاءِ أَحَدِهِمَا صَارَ مَا عَلَى الِابْنَيْنِ فِي حُكْمِ الْمُتَعَيَّنِ أَمَّا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ ؛ فَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَانِ يُسَلَّمُ لَهُمَا وَذَلِكَ مِقْدَارُ مَا عَلَيْهِمَا فَمِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْقِسْمَةِ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَشَرَةَ الَّتِي أَدَّى أَحَدُ الْغَرِيمَيْنِ صَارَتْ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَبَيْن الْمُؤَدِّي أَسْدَاسًا فَبِاعْتِبَارِ الْقِسْمَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ السُّدُسُ ، وَلِلْمُؤَدِّي خَمْسَةٌ وَلِلْآخَرِ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ خَمْسَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى كُلِّ ابْنٍ يَصِيرُ سِتَّةً ، فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ أَرْبَعَةٌ فَجُمْلَةُ مَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سِتَّةٌ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَخَوَيْنِ خَمْسَةٌ ، فَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ هَذَا مَبْلَغُ سِهَامِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ إلَّا أَنَّ نَصِيبَ الْغَرِيمِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ يُطْرَحُ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ يَبْقَى لِلْأَخَوَيْنِ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِلْوَرَثَةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ سَهْمًا أَحَدَ عَشَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَصْحَابِ الْوَصِيَّتَيْنِ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ ، وَلِلْوَرَثَةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اثْنَيْنِ

وَثَلَاثِينَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوْقَ مَا عَلَيْهِ ؛ فَلِهَذَا جُعِلَ مَا عَلَيْهِمَا كَالْمُتَعَيَّنِ فِي الْقِسْمَةِ فَإِذَا قَدَرَ الْآخَرُ عَلَى الْأَدَاءِ يُحْسَبُ لَهُ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنْ يُقْسَمَ الْمَالُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا فَيُمْسِكُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ خَمْسَةً وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا كَمَا بَيَّنَّا فِي الْقِسْمَةِ الْأُولَى

وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً وَخَادِمًا يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ عَلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَأَوْصَى لِلرَّجُلِ بِمَا عَلَيْهِ وَأَوْصَى أَنْ يَعْتِقَ الْخَادِمُ فَإِنَّ الْخَادِمَ يُعْتَقُ مِنْهَا خُمْسُهَا وَتَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا لِلْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ تُقَدَّمُ بِالتَّنْفِيذِ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا فَوَصِيَّةُ الْخَادِمِ مِثْلُ وَصِيَّةِ الرَّجُلِ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا مِثْلُ مَا أَوْصَى بِهِ لِلْآخَرِ فَكَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَهْمَيْنِ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ إلَّا أَنَّهُ يَطْرَحُ سَهْمَ الْمَدْيُونِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ فَوْقَ نَصِيبِهِ وَيَبْقَى الْخَادِمُ فَتَضْرِبُ هِيَ بِسَهْمٍ فِيهَا وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ ؛ فَلِهَذَا يُعْتَقُ خُمْسُهَا وَتَسْعَى لِلْوَرَثَةِ وَتَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا فَإِذَا أَدَّى الْمَدْيُونُ مَا عَلَيْهِ يُحْسَبُ لَهُ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ فِي الْحَاصِلِ ثُلُثُ مَا عَلَيْهِ نِصْفُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْخَادِمِ تَمَامَ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهَا وَيَأْخُذُ الْوَرَثَةُ الْفَضْلَ فَحَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِنْ جِهَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ وَنَفَذَ بِالْوَصِيَّةِ لَهُمَا فِي سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ .
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَبِخِلَافِ هَذَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ، فَقَالَ : إنَّ الْخَادِمَ يَسْعَى فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لَا يَضْرِبُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ وَصِيَّتِهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعِتْقِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فِي الثُّلُثِ ، وَهَهُنَا أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْمَالِ ، وَالْمَدْيُونُ إنَّمَا يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِمِقْدَارِ ثُلُثِ الْمَالِ وَذَلِكَ

سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ ، وَالْخَادِمُ تَضْرِبُ بِجَمِيعِ قِيمَتِهَا ، وَهُوَ مِائَةٌ فَإِذَا جَعَلْتَ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ سَهْمًا صَارَ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ لِلْخَادِمِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْمَدْيُونِ سَهْمَانِ وَالثُّلُثَانِ عَشَرَةٌ ، ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْمَدْيُونِ وَيَضْرِبُ الْوَرَثَةُ فِي الْخَادِمِ بِعَشَرَةٍ ، وَالْخَادِمُ بِثَلَاثَةٍ ؛ فَلِهَذَا قَالَ : تَسْعَى فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا قَسَمْتَ الدُّيُونَ يُصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ ؛ لِأَنَّ لَهُ سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا قَسَمْتَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَانَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثًا فَلِهَذَا يُمْسِكُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَثُلُثَيْنِ ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَإِذَا أَدَّاهُ رَدَّ عَلَى الْخَادِمِ إلَى تَمَامِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي خُمْسِ الْمَالِ فِي الْحَاصِلِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَخُمْسُ الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعُونَ فَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ ، وَأَخَذَ الْوَرَثَةُ مِنْ الْخَادِمِ سِتِّينَ دِرْهَمًا وَمِنْ الْمَدْيُونِ ثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ وَثُلُثًا فَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ضِعْفَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ فَاسْتَقَامَ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَيْنِ عَيْنًا وَأَلْفًا دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ ، وَأَوْصَى لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بِمَا عَلَيْهِ ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِأَلْفٍ مِنْ الْعَيْنِ ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ أَرْبَعَمِائَةٍ ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الْمَدْيُونُ عَلَى سَهْمَيْنِ فَتَكُونُ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ يُطْرَحُ سَهْمُ الْمَدْيُونِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ خُمْسًا وَخُمْسُ الْعَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ ، فَإِذَا خَرَجَ الدَّيْنُ فَالْمُوصَى لَهُ الْمَدْيُونُ يُحْبَسُ مِمَّا عَلَيْهِ مِقْدَارُ حَقِّهِ ، وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ نِصْفُ الثُّلُثِ ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى خَمْسَةٍ لَهُ الْخُمْسُ مِنْهُ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا الْخَمْسَمِائَةِ كَمَالَ حَقِّهِ وَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي أَلْفٍ وَيُسَلِّمُ لِلْوَرَثَةِ أَلْفًا .
وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ دَيْنًا عَلَى أَحَدِ الِابْنَيْنِ كَانَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْأَلْفِ الْعَيْنِ ثُلُثِهَا ؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ مُسْتَوْفٍ حَقَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَيَطْرَحُ نَصِيبَهُ ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ يَبْقَى لِلِابْنِ الْآخَرِ سَهْمَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ سَهْمٌ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْأَلْفِ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ثُلُثُهَا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدِّينَيْنِ فَحِينَئِذٍ يُحْسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَهُوَ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَيُؤَدِّي مَا يَبْقَى فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُوصَى لَهُ الْآخَرُ يُمْسِكُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ لِلِابْنَيْنِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَاحِدٌ فَيُسَلِّمُ فِي الْحَاصِلِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي أَلْفٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ ، وَإِنَّمَا جُعِلَ نَصِيبُ

الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ ثَمَانَمِائَةٍ قَبْلَ أَدَاءِ الْمُوصِي لَهُ الْمَدْيُونِ ؛ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ يُضَمُّ إلَى الْأَلْفِ الْعَيْنِ ، ثُمَّ يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ، وَبَيْنَ الِابْنَيْنِ عَلَى خَمْسَةٍ فَلِلِابْنِ الْمَدْيُونِ خُمْسَا ذَلِكَ ، وَذَلِكَ ثَمَانُمِائَةٍ ؛ فَلِهَذَا قَالَ : يُحْسَبُ لَهُ ثَمَانُمِائَةٍ ، وَيُؤَدِّي مِائَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ ، وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أُخْتًا يَعْنِي بِنْتًا لِلْمَيِّتِ ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْأُخْتَ تَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ بِهَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ عِنْدَنَا ، وَقَالَ : ابْنُ أَبِي لَيْلَى خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَأْخُذُ مِنْهُ الْفَاضِلَ عَلَى نَصِيبِهِ بِزَعْمِهِ بِمَا فِي يَدِهِ وَأَصْلُ التَّرِكَةِ بِزَعْمِهِ عَلَى خَمْسَةٍ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ وَفِي يَدِهِ نِصْفُ الْمَالِ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَالْفَاضِلُ عَلَى نَصِيبِهِ بِزَعْمِهِ نِصْفُ سَهْمٍ مِنْ سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ ، وَذَلِكَ خُمْسُ مَا فِي يَدِهِ .
يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهَا بِسَهْمٍ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ نِصْفُ ذَلِكَ السَّهْمِ فِي يَدِهِ وَنِصْفُهُ فِي يَدِ أَخِيهِ ، وَالْأَخُ يَظْلِمُهَا بِالْجُحُودِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ شَيْئًا مِمَّا لَهَا فِي يَدِ الْجَاحِدِ ، وَإِنَّمَا تَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ مِقْدَارَ مَا لَهَا مِنْ الْحَقِّ فِي يَدِهِ وَذَلِكَ نِصْفُ سَهْمٍ خُمْسُ مَا فِي يَدِهِ .
وَجْهُ قَوْلِنَا إنَّ الَّذِي فِي يَدِ الْمُقِرِّ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِي زَعْمِهَا أَنَّ حَقَّهَا فِي التَّرِكَةِ فِي سَهْمٍ وَحَقَّ الْمُقِرِّ فِي سَهْمَيْنِ ، وَزَعْمُهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا فِي يَدِهِ بِحِصَّتِهِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْجَاحِدَ اسْتَوْفَى زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَلَا يَكُونُ ضَرَرُهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ الْبَعْضِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْجَاحِدُ مَعَ مَا فِي يَدِهِ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ كَالْمَعْدُومِ فَكَأَنَّهُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَهُوَ الْوَارِثُ خَاصَّةً فَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُخْتِهِ أَثْلَاثًا .
وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِأُخْتٍ وَأَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لِأَبِيهِ أَعْطَاهَا سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً فَتَكُونُ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لِلْمَرْأَةِ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَتَضْرِبُ

هِيَ فِيمَا فِي يَدِهِ بِسَهْمَيْنِ ، وَهُوَ بِسَبْعَةٍ فَيُعْطِيهَا سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ وَعَنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَا فَضَلَ نَصِيبُهُ مِمَّا فِي يَدِهِ وَذَلِكَ نِصْفُ الثُّمْنِ .
وَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مَعْرُوفَةٌ سِوَاهَا فَإِنَّ الْمُقِرَّ يُعْطِي هَذِهِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ بِزَعْمِهِ الْفَرِيضَةَ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَهُوَ يَضْرِبُ فِيمَا هُوَ فِي يَدِهِ بِسَبْعَةٍ وَالْمُقِرُّ لَهَا بِسَهْمٍ فَيُعْطِيهَا ثُمْنَ مَا فِي يَدِهِ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا وَزَوْجَةً فَادَّعَتْ الِابْنَةُ أُخْتًا لَهَا أَعْطَتْهَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَتْ أَقَرَّتْ بِأَخٍ لَهَا أَعْطَتْ ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُمَا ضِعْفُ حَقِّهَا

وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتًا فَادَّعَتْ الْأُخْتُ أَخًا ، وَأَقَرَّ بِذَلِكَ الزَّوْجُ وَجَحَدَتْ الْأُمُّ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ عِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ بِزَعْمِ الْأُمِّ تَسْتَقِيمُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ ، وَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لَهَا سَهْمَانِ وَهُوَ الرُّبْعُ وَعَلَى زَعْمِ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا لَا يَسْتَقِيمُ فَانْكَسَرَتْ بِالْأَثْلَاثِ فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلْأَخِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ سَهْمَانِ فَإِقْرَارُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْأُمِّ ، وَجُحُودُهُمَا لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّهَا فَتُجْعَلُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّينَ الْقِسْمَةُ عَلَى الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ فَحَقُّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَفِي حَقِّ الْأُمِّ تُجْعَلُ الْقِسْمَةُ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى ، وَحَقُّهَا رُبْعُ الْمَالِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يُضَمَّ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مِثْلُ ثَلَاثَةٍ حَتَّى لَا يَكُونَ الْمَضْمُومُ رُبْعَ الْمَبْلَغِ ، وَهُوَ نَصِيبُ الْأُمِّ وَمِثْلُ ثَلَاثَةٍ خَمْسَةٌ فَإِذَا ضَمَمْت خَمْسَةً إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَانَ عِشْرِينَ لِلْأُمِّ خَمْسَةٌ فَإِذَا أَخَذَتْ نَصِيبَهَا قُسِمَ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ لِلزَّوْجِ سَبْعَةٌ وَلِلْأَخِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ سَهْمَانِ

وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا فَأَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّ لَهَا أَخًا وَجَحَدَتْ الْأُخْتُ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُعْطِيهِ خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ بِزَعْمِهِ الْفَرِيضَةَ مِنْ سِتَّةٍ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ فَيَقْسِمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِ ؛ فَلِهَذَا يَأْخُذُ خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ مِثْلَ الْأُخْتِ الْمَعْرُوفَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ يَعُولُ بِسَهْمٍ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهَا فِي سَهْمَيْنِ وَحَقَّهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيُعْطِيهَا خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ

وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِأُخْتٍ لِأَبٍ أَعْطَاهَا رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهَا خَلَفَتْ بِزَعْمِهِ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتًا لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ سَهْمٌ فَهِيَ تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِهِ بِسَهْمٍ وَهُوَ بِثَلَاثَةٍ ؛ فَلِهَذَا يُعْطِيهَا رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ لِأُمٍّ ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُقِرِّ لَهُ سَهْمٌ بِزَعْمِهِ ، وَهُوَ السُّدُسُ .
وَإِنْ أَقَرَّ بِهِمَا لِأُمٍّ أَعْطَاهَا خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ : تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخًا وَأُخْتًا لِأُمٍّ فَيَكُونُ لَهُمَا الثُّلُثُ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ وَيَعُولُ بِسَهْمَيْنِ فَحَقُّهُمَا بِزَعْمِهِ فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّهُ فِي ثَلَاثَةٍ ؛ فَلِهَذَا يُعْطِيهَا خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِأُمٍّ فَإِنَّهُ يُعْطِيهَا خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا بِزَعْمِهِ الثُّلُثُ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ وَحَقَّهُ فِي ثَلَاثَةٍ

وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَعْطَاهَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً فَأَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِامْرَأَتَيْنِ أَعْطَاهُمَا أَرْبَعَةً مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا مِمَّا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَلَفَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ وَابْنَيْنِ فَلِلنِّسْوَةِ الثُّمْنُ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا لَا يَسْتَقِيمُ ، وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا يَسْتَقِيمُ فَيَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْنِ فَيَكُونُ سِتَّةً ، ثُمَّ يَضْرِبُ ثَمَانِيَةً فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِنْهُ تَصِحُّ الْقِسْمَةُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ، فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهَا فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ يَضْرِبَانِ بِذَلِكَ فِيمَا فِي يَدِهِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ ؛ فَلِهَذَا أَعْطَاهُمَا أَرْبَعَةً مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مِمَّا فِي يَدِهِ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَبَوَيْنِ فَأَقَرَّتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ بِامْرَأَةٍ أَعْطَتْهَا ثَلَاثَةً مِنْ أَحَدَ عَشَرَ مِمَّا فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ بِزَعْمِهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ ثَمَانِيَةٌ ، وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمْنُ ثَلَاثَةٌ فَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ الَّتِي أَجَابَ فِيهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى الْبَدِيهَةِ فَقَالَ : انْقَلَبَ ثُمْنُهَا تُسْعًا فَإِذَا هِيَ تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ وَحَقَّهَا فِي ثَمَانِيَةٍ فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِهَا بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ

وَلَوْ تَرَكَ امْرَأَةً وَابْنَةً وَأَبَوَيْنِ فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى أَعْطَتْهَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ النِّسَاءِ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِهَا ، وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّ حَقَّهَا فِي التَّرِكَةِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَإِنْ أَقَرَّتْ لَهَا إحْدَى الِابْنَتَيْنِ أَيْضًا فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ ، وَلَا تَأْخُذُ مِنْ الِابْنَةِ شَيْئًا ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ النِّسَاءِ الثُّمْنُ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَذَلِكَ الثُّمْنُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ مُقِرَّةٌ لِلْأُخْرَى بِنَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَأْخُذُ مِنْ الِابْنَةِ شَيْئًا لِذَلِكَ

وَلَوْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ فَأَقَرَّتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ بِامْرَأَةٍ وَصَدَّقَتْهَا الْأُمُّ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ تِسْعِينَ سَهْمًا لِلِابْنَتَيْنِ سِتُّونَ وَلِلْأَبَوَيْنِ ثَلَاثُونَ فَخُذْ نَصِيبَ الْأُمِّ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنَصِيبَ الِابْنَةِ ثَلَاثِينَ ، وَذَلِكَ نِصْفُ الْمَالِ مِنْ الْحَاصِلِ ، وَأَعْطِ الْمَرْأَةَ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةً وَلِلِابْنَةِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ، وَلِلْأُمِّ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَقَدْ طَوَّلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنَةِ ثَمَانِيَةٌ ، وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ تَضْرِبُ فِيهِ الْمَرْأَةُ بِثَلَاثَةٍ وَالْأُمُّ بِأَرْبَعَةٍ وَالِابْنَةُ بِثَمَانِيَةٍ فَتَسْتَقِيمُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ جَحَدَتْ الْأُمُّ وَلَمْ تُقِرَّ قُسِمَتْ مَا فِي يَدِ الِابْنَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ تَطْوِيلٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَيْضًا فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَقِيمُ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ .
وَلَوْ لَمْ تُقِرَّ الِابْنَةُ بِالْمَرْأَةِ وَأَقَرَّتْ الْأُمُّ قَسَمْنَا مَا فِي يَدِهَا عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْمَرْأَةِ تِسْعَةٌ ، وَهَذَا أَيْضًا تَطْوِيلٌ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَقِيمُ مِنْ سَبْعَةٍ ؛ لِأَنَّهَا تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِهَا فَحَقُّهَا أَرْبَعَةٌ وَالْمَرْأَةُ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ

وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأَخًا فَادَّعَى الزَّوْجُ ابْنَةً كَبِيرَةً لَهَا مِنْ غَيْرِهِ قَاسَمَهَا مَا فِي يَدِهِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ ؛ لِلزَّوْجِ سَهْمٌ وَنِصْفٌ وَلِلِابْنَةِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ الرُّبْعُ سَهْمٌ وَنِصْفٌ مِنْ سِتَّةٍ فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِهِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَفِي الْحَاصِلِ تُعْطِيهِ ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ فِي ثَمَانِيَةٍ وَحَقَّهَا فِي أَرْبَعَةٍ فَيُعْطِيهَا ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهَا .
وَإِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ اثْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى ابْنَةٍ لِلِابْنِ بِشَرِكَةٍ أَوْ بِوَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ مَجْهُولَةٍ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِيهِ كُلَّهُ مِنْ نَصِيبِ الْمُقِرِّ عِنْدَنَا ، وَقَالَ : ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَأْخُذُ مِنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبُنَا مَذْهَبُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِقْرَارِ

قَالَ : وَلَوْ أَقَرَّ بِشَرِكَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِشَرِكَةِ النِّصْفِ أَخَذَ مِنْ حِصَّتِهِ الثُّلُثَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَالَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُقِرِّ لَهُ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ فَهُوَ يَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِهِ بِسَهْمٍ وَالْمُقِرُّ لَهُ بِسَهْمَيْنِ فَيُعْطِي ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهِ .
وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِالثُّلُثِ أَخَذَ مِنْهُ النِّصْفَ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَالَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُقِرِّ لَهُ سَهْمٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ فَحَقُّهُ فِيمَا فِي يَدِهِ مِثْلُ حَقِّ الْمُقِرِّ لَهُ بِزَعْمِهِ ؛ فَلِهَذَا أُخِذَ مِنْهُ نِصْفُ مَا فِي يَدِهِ

قَالَ : وَإِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنَانِ وَعَبْدَانِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ فَأَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ الْآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا لَا يَدْرِي أَيَّهمَا هُوَ فَإِنَّ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِعَيْنِهِ يُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثَا نَصِيبِهِ ، وَيَسْعَى لَهُ فِي الثُّلُثِ الْآخَرِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيُعْتَقُ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ الثُّلُثُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَيَسْعَيَانِ لَهُ فِي ثُلُثَيْ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَاَلَّذِي أَقَرَّ بِالْعِتْقِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ، وَذَلِكَ ثُلُثَا رَقَبَتِهِ ، وَإِقْرَارُهُ نَافِذٌ فِي نَصِيبِهِ غَيْرُ نَافِذٍ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَيُعْتَقُ ثُلُثَا نَصِيبٍ وَيَسْعَى لَهُ فِي ثُلُثِ نَصِيبِهِ وَالنِّصْفُ مِنْ الْآخَرِ مَمْلُوكٌ لَهُ وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ الرِّقِّ بِإِقْرَارِ شَرِيكِهِ فَيَسْعَى لَهُ الْآخَرُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَقَدْ أَقَرَّ الْآخَرُ بِالثُّلُثِ مُبْهَمًا ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ بِالْمَوْتِ يَشِيعُ فِيهِمَا فَيَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي نَصِيبِهِ مُبْهَمًا فَيُعْتَقُ ثُلُثُ نَصِيبِهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ فِي ثُلُثَيْ نَصِيبِهِ .
وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ وَأَقَرَّ الْآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ فِي ثُلُثِ نَصِيبِهِ مِنْهُ ، وَلِلَّذِي أَنْكَرَ عِتْقَهُ فِي جَمِيعِ نَصِيبِهِ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ ، وَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِدَامَةُ الرِّقِّ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْآخَرِ بِإِقْرَارِ صَاحِبِهِ .
وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا فِي مَرَضِهِ ، وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمَا هُوَ ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ عَتَقَ مِنْ نَصِيبِ الْمُقِرِّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ نَصِيبِهِ لِإِقْرَارِهِ وَالثُّلُثُ

لَهُمَا وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي نَصِيبِهِ كَامِلًا لِإِنْكَارِهِ عِتْقَهُمَا جَمِيعًا .
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ أَيْضًا عَتَقَ ثُلُثَا الَّذِي شَهِدَا لَهُ وَيَسْعَى الْآخَرُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لَهُمَا ؛ لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَا لَهُ أَوْلَى بِالثُّلُثِ مِنْ الْآخَرِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا لَهُ حُجَّةٌ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ غَيْرِهِمَا .
وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ بِالْعِتْقِ لِأَحَدِهِمَا كَانَ هُوَ أَوْلَى بِالثُّلُثِ مِنْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ ؛ لِأَنَّ رِقَّ الْآخَرِ يَفْسُدُ بِإِقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِعِتْقِهِ ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَتَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لَهُمَا .
وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ فِي صِحَّتِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ فِي مَرَضِهِ عَتَقَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ مِنْ الَّذِي شَهِدَ لَهُ فِي الصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّتِهِ ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ وَيَسْعَى لَلْآخَرِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِإِنْكَارِهِ عِتْقَهُ وَيُعْتَقُ ثُلُثَا نَصِيبِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ فِي الْمَرَضِ مِنْ الَّذِي شَهِدَ لَهُ وَيَسْعَى لَهُ فِي ثُلُثِ نَصِيبِهِ وَلِأَخِيهِ فِي جَمِيعِ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثُّلُثِ لِهَذَا الْآخَرِ ، وَإِقْرَارُهُ فِي نَصِيبِهِ صَحِيحٌ ، وَفِي زَعْمِهِ أَنَّ شَرِيكَهُ صَارَ مُتْلِفًا لِنَصِيبِهِ مِنْ الْآخَرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ ، وَأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ رَقَبَتَانِ فَالثُّلُثُ مِنْهُ ثُلُثَا رَقَبَةٍ ؛ فَلِهَذَا يُعْتَقُ ثُلُثَا نَصِيبِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ فَغَصَبَ فِي مَرَضِهِ مِنْ إنْسَانٍ شَيْئًا ، ثُمَّ قَضَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لَمْ يَكُنْ لِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ فَكَذَلِكَ إذَا رَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْكِي عَيْنَهُ ، وَهَذَا بَدَلُ مَالٍ وَصَلَ إلَى الْمَرِيضِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ فَلَا يَكُونُ لِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ عَلَى الْبَائِعِ سَبِيلٌ ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا حِينَ وَصَلَ إلَيْهِ مَا تَكُونُ مَالِيَّتُهُ مِثْلَ مَالِيَّةِ مَا أَدَّى ، وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَهُ فَأَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي كِسْوَتِهِ وَطَعَامِهِ وَدَوَائِهِ ، ثُمَّ قَضَاهُ فَإِنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ مَا تَكُونُ مَالِيَّتُهُ مِثْلَ مَالِيَّةِ مَا أَدَّى ، ثُمَّ حَاجَتُهُ فِي مَالِهِ تُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ غُرَمَائِهِ .
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَعْطَاهُمَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَكَانَا أُسْوَةَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِثْلُ مَا يَكُونُ مَا أَدَّى فِي صِفَةِ الْمَالِيَّةِ ، فَكَانَ هَذَا إبْطَالًا مِنْهُ لَحِقَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَتَخْصِيصُ بَعْضِ غُرَمَائِهِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَالْمَرِيضُ مَمْنُوعٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الدَّيْنَ وَجَبَ لَهُمَا بِسَبَبٍ لَا تُهْمَةَ فِيهِ فَكَانَ أُسْوَةُ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ فِي مَالِهِ .
وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ لِفُلَانٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ دَيْنَهُمْ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْمَرَضِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْغَيْرِ كَإِقْرَارِهِ بِعَيْنٍ لَهُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَرِيمِهِ ، وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ، وَقَدْ كَانَ الدَّيْنُ فِي الصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ وَقَدْ ثَبَتَ لِلْغَرِيمِ حَقُّ بَرَاءَةِ

ذِمَّتِهِ عِنْدَ إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِمَرَضِهِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّطٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ الْوَاجِبِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ لِحَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَمْلِيكِهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ بَيْعَ الْمَرِيضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْمُحَابَاةِ وَغَيْرِ الْمُحَابَاةِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ مِنْ الشُّفْعَةِ لِلْوَارِثِ وَغَيْرِ الْوَارِثِ وَمَا ذَلِكَ مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ وَأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ وَارِثِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَصْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا وَابْنِ أَبِي لَيْلَى إذَا بَاعَ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ .
جَازَ قَالَ : وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ بِثُلُثِهِ يَضَعُهُ حَيْثُ أَحَبَّ أَوْ يَجْعَلُهُ حَيْثُ أَحَبَّ فَهُمَا سَوَاءٌ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ أَحَبَّ مِنْ وَلَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فِي الْوَضْعِ وَالْجَعْلِ ، وَالْمُوصَى لَهُ وَضَعَهُ فِيهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ أَوْ جَعَلَهُ لَهُ جَازَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ وَالْجَعْلَ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ فِي نَفْسِهِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فَإِنْ جَعَلَهُ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَيَرُدُّ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدًا ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَ الْمُوصِي فَيَنْتَهِي بِهِ مَا فَوَّضَ إلَيْهِ وَيَصِيرُ فِعْلُهُ كَفِعْلِ الْمُوصِي .
وَلَوْ فَعَلَهُ الْمُوصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَكَانَ مَرْدُودًا عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَهَذَا مِثْلُهُ .
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ إلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَنْ شَاءَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ نَفْسَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي وَهُوَ لَا يَكُونُ مُعْطِيًا نَفْسَهُ كَمَا يَكُونُ جَاعِلًا لَهَا وَاضِعًا عِنْدَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَوْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَهُ فِي

نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِيتَاءِ وَالْأَدَاءِ ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالصَّرْفِ إلَى نَفْسِهِ ، وَمَنْ وَجَدَ رِكَازًا لَهُ أَنْ يَضَعَ الْخُمْسَ فِي نَفْسِهِ إذَا كَانَ مَصْرِفًا لَهُ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ جَعْلُ الْخُمْسِ لِمَصَارِفِ الْخُمْسِ وَوَضْعُهَا فِيهِمْ وَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ .
وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ : قَدْ جَعَلْتُ ثُلُثِي لِرَجُلٍ سَمَّيْته فَصَدَّقُوهُ فَقَالَ الْوَصِيُّ : هُوَ هَذَا وَخَالَفَهُ الْوَرَثَةُ لَمْ يُصَدَّقْ الْوَصِيُّ عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا هُوَ خِلَافُ حُكْمِ الشَّرْعِ وَهُوَ إثْبَاتُ الِاسْتِحْقَاقِ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ وَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ لَا تَكُونُ حُجَّةً بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هُنَاكَ أَوْصَى إلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَالْوَاضِعُ يَكُونُ مُتَسَبِّبًا بِالتَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهِ النِّيَابَةِ لَا شَاهِدًا فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَصِيَّةً بِمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِلْوَصِيِّ : اعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْت كَانَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ أَيَّهمْ شَاءَ .
وَلَوْ قَالَ : قَدْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَسَمَّيْته لِلْوَصِيِّ فَصَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ .
وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ أَنْ يَضَعَا ثُلُثَهُ حَيْثُ شَاءَا وَيُعْطِيَاهُ مَنْ شَاءَا وَاخْتَلَفَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أُعْطِيهِ فُلَانًا وَقَالَ الْآخَرُ : لَا بَلْ فُلَانًا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ لَمْ يُجْمِعَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا ، وَإِنَّمَا فَوَّضَ الْمُوصِي الرَّأْيَ فِي الْوَضْعِ إلَيْهِمَا ، وَهَذَا شَيْءٌ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ لِاخْتِيَارِ الْمَصْرِفِ ، وَرَأْيُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ كَرَأْيِ الْمُثَنَّى .
وَلَوْ قَالَ : قَدْ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِي لِفُلَانٍ وَقَدْ سَمَّيْته لِلْوَصِيَّيْنِ فَصَدِّقُوهُمَا ، فَقَالَ : هُوَ هَذَا وَشَهِدَا لَهُ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ وَشَهَادَةُ الْمُثَنَّى حُجَّةٌ تَامَّةٌ .
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ أَبْطَلْت قَوْلَهُمَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَشْهَدُ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ بِهِ صَاحِبُهُ

وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ أَنْ يَعْتِقَ ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ أَنْ يُبَاعَ أَوْ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَهَذَا رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى لِلْمُنَافَاةِ بَيْنَ التَّصَرُّفَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ نِصْفُهُ بَعْدَ مَا أَوْصَى بِبَيْعِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ كَانَتْ الثَّانِيَةُ رُجُوعًا عَنْ الْأُولَى فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ .
وَإِنْ أَضَافَ الثَّانِيَةَ إلَى نِصْفِهِ ؛ لِأَنَّ بَيْنَ التَّصَرُّفَيْنِ فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ مُنَافَاةً .
وَإِنْ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ أَنْ يُبَاعَ لِرَجُلٍ آخَرَ تَحَاصَّا فِيهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ بَدَأَ بِالْبَيْعِ ، ثُمَّ بِالْوَصِيَّةِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَمْلِيكُ أَحَدِهِمَا بِعِوَضٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي عَبْدٍ وَاحِدٍ صَحِيحٍ فَلَا يَكُونُ إقْدَامُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ دَلِيلَ الرُّجُوعِ عَنْ الْأُولَى .
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي حَيَاتِهِ لِعَبْدَيْهِ : أَحَدُكُمَا حُرٌّ جَازَتْ الشَّهَادَةُ إمَّا عِنْدَهُمَا ؛ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْعِتْقُ الْمُبْهَمُ يَشِيعُ فِيهِمَا بِالْمَوْتِ فَتَتَحَقَّقُ الدَّعْوَى مِنْهُمَا ، وَيُجْعَلُ الثَّابِتُ مِنْ إقْرَارِهِ بِشَهَادَتِهِمَا كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ .
وَلَوْ سَمِعَا ذَلِكَ مِنْهُ ، ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فَهَذَا مِثْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى هَذَا مَعَهُمَا فَإِنْ كَذَّبَهُمَا ذَلِكَ الرَّجُلُ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ فِيهَا وَأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ بِشَهَادَتِهِمَا مَنْ يُعِينُهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ .
وَإِنْ ادَّعَاهَا الرَّجُلُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا اسْتِحْسَانًا ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا تَجُوزُ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ .
فَقَالَ : لَوْ سَأَلَا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الرَّجُلَ وَصِيًّا مَعَهُمَا ، وَالرَّجُلُ رَاغِبٌ فِي ذَلِكَ كَانَ عَلَى الْقِيَاسِ لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَهُمَا إلَى ذَلِكَ فَلَا يُتَّهَمَانِ فِي إخْرَاجِ الْكَلَامِ مَخْرَجَ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُكَذِّبًا لَهُمَا فَهُمَا مُتَّهَمَانِ فِي إخْرَاجِ الْكَلَامِ مَخْرَجَ الشَّهَادَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ سَأَلَا ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي لَمْ يُجِبْهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ رَاغِبًا فِيهِ ، ثُمَّ إذَا كَذَّبَهُمَا الرَّجُلُ أَدْخَلْتُ مَعَهُمَا آخَرَ ؛ لِأَنَّ فِي ضِمْنِ شَهَادَتِهِمَا إقْرَارًا مِنْهُمَا يُوصِي آخَرُ مَعَهُمَا لِلْمَيِّتِ ، وَإِقْرَارُهُمَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا فَلَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْأَوْصِيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ صَدَّقَهُمَا وَقَالَ : لَا أَقْبَلُ الْوَصِيَّةَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ الْقَبُولُ وَلَكِنْ يَتَعَذَّرُ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ التَّصَرُّفُ بِدُونِ رَأْيِ الثَّالِثِ فَيُدْخِلُ الْقَاضِي مَعَهُمَا وَصِيًّا ثَالِثًا ، وَهَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا مَا بَيَّنَّا ، وَالثَّانِي : إذَا شَهِدَا ابْنَا الْمَيِّتِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَى هَذَا فَفِي الْقِيَاسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا يُنَصِّبَانِ نَائِبًا عَنْ أَبِيهِمَا وَمَنْ يَتَصَرَّفُ لَهُمَا .
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ فِي حَيَاتِهِ وَالْأَبُ غَائِبٌ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَا بِالْوَصِيَّةِ وَفِي الِاسْتِحْسَان إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُدَّعِيًا لِلْوَصِيَّةِ

تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ فَإِنَّهُمَا لَوْ سَأَلَا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الرَّجُلَ وَصِيًّا وَالرَّجُلُ رَاغِبٌ فِيهِ أَجَابَهُمَا الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ مُدَّعِيًا لِلْوَصِيَّةِ وَبِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُمَا لَوْ سَأَلَاهُ أَنْ يُوَكِّلَ هَذَا الرَّجُلَ عَنْ أَبِيهِمَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةٌ فِي مَالِ أَبِيهِمَا وَالثَّالِثِ : الْمُوصَى لَهُمَا إذَا شَهِدَا أَنَّ الْمُوصِي أَوْصَى إلَى هَذَا فَهُوَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَهُوَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ كَالْوَارِثِ ، وَالرَّابِعُ : غَرِيمَانِ لَهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْصَى إلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الْقِيَاسِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ شَهِدَا فِي حَيَاتِهِ أَنَّهُ وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَنْفَعَةً لَهُمَا فَإِنَّهُمَا يُطَالِبَانِهِ بِقَضَاءِ دَيْنِهِمَا ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُدَّعِيًا لِلْوَصِيَّةِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا بِالْتِمَاسِهِمَا مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ فَلَا يُتَّهَمَانِ فِي إخْرَاجِ الْكَلَامِ مَخْرَجَ الشَّهَادَةِ

وَلَوْ أَنَّ غَرِيمَيْنِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى هَذَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا لَخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ فَإِنَّهُمَا يُنَصِّبَانِ بِشَهَادَتِهِمَا مَنْ يُطَالِبَا بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ .
وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا الْمَيِّتِ الْمُوصَى أَوْ أَبُوهُ ، وَرَجُلٌ آخَرُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ أَبْطَلْته ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لِلْوَصِيِّ بِثُبُوتِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لَهُ ، وَالْوِلَادَةُ تَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ ابْنَا أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَى أَبِيهِمَا ، وَإِلَى هَذَا الْآخَرِ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا ، وَالْمَشْهُودُ بِهِ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَإِذَا بَطَلَ فِي حَقِّ أَبِيهِمَا بَطَلَ فِي حَقِّ الْآخَرِ وَشَهَادَةُ ابْنَيْ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُوصَى عَزَلَهُ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ آخَرَ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَبِيهِمَا بِالْعَزْلِ وَيَشْهَدَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِوِلَايَةِ التَّصَرُّفِ .
وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ ابْنَيْ الْغَرِيمَيْنِ أَوْ غَرِيمَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَزَلَ هَذَا ، وَأَوْصَى بِوِلَايَةِ التَّصَرُّفِ إلَى الْآخَرِ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ بِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ لِلثَّانِي وَبِنَقْلِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ مِنْ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي فَلَا تَتَمَكَّنُ التُّهْمَةُ فِيهِمَا ، وَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ لَا تَفْسُدُ الشَّهَادَةُ ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إلَى الْعَيْنِ قَوْلٌ تَكَرَّرَ فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَشْهُودُ بِهِ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ .
وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَالَ : هُوَ وَكِيلِي فِيمَا تَرَكْت بَعْدَ مَوْتِي جَعَلَهُ وَصِيًّا لَهُ ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَصِيٌّ سَوَاءٌ شَهِدَ بِلَفْظَةِ الْوِصَايَةِ أَوْ بِلَفْظَةِ الْوَكَالَةِ .

قَالَ : وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْمُوصَى لِلْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي شَهَادَتِهِ بِإِثْبَاتِ حَقِّ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الْوَصِيُّ لِلْمَيِّتِ شَهَادَةً بَعْدَ أَنْ يُدْرِكَ وَرَثَتُهُ وَيَقْبِضُوا مَا لَهُمْ لَمْ أُجِزْ شَهَادَتَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَ ذَلِكَ جَازَ قَبْضُهُ عَلَيْهِمْ فَكَانَ هُوَ الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ فَلَا شَهَادَةَ لَهُ فِيمَا كَانَ خَصْمًا فِيهِ .
وَلَوْ شَهِدَ الْوَصِيُّ لِوَارِثٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِمَا وَابْنِ أَبِي لَيْلَى رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِلْكَبِيرِ ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِلصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَهِدَ لِلصَّغِيرِ فَهُوَ الَّذِي يَقْبِضُ .
وَإِذَا شَهِدَ لِلْكَبِيرِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ فِيمَا لِلْكَبِيرِ الْحَاضِرِ فَلَا تَتَمَكَّنُ التُّهْمَةُ فِي شَهَادَتِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ : كَانَ هُوَ الْخَصْمُ فِيمَا شَهِدَ بِهِ حِينَ كَانَ هَذَا الْكَبِيرُ صَغِيرًا فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا فِيهِ .
وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ فِي الشَّهَادَاتِ وَأَمَّا فِيمَا لَيْسَ مِنْ الْمِيرَاثِ فَإِنَّ شَهَادَةَ الْوَصِيِّ لِلصَّغِيرِ لَا تُقْبَلُ عَلَى الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْقَابِضُ ، وَتَجُوزُ لِلْكَبِيرِ ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ إنَّمَا صَارَ خَصْمًا بِقَبُولِهِ الْوِصَايَةَ فِيمَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ فَأَمَّا فِيمَا لِلْوَارِثِ الْكَبِيرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ ، فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ

وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ وَشَهِدَ رَجُلَانِ لِلشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ ، وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ أَحَدُهَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالِاتِّفَاقِ ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ لَهُمَا بِالثُّلُثِ ، وَيَشْهَدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ فَشَهَادَةُ كُلِّ فَرِيقٍ لَاقَتْ مَحَلًّا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ بِالِاتِّفَاقِ ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ الرَّجُلَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُمَا بِهَذَا الْعَبْدِ وَيَشْهَدَ الْآخَرُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ فَالشَّهَادَةُ تُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ يُثْبِتُ الْحَقَّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَا شَرِكَةَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ عَلَى الْخِلَافِ ، وَهُوَ فَصْلُ الدَّيْنِ فَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ : حَقُّ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ ؛ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِهَا فَشَهَادَةُ كُلِّ فَرِيقٍ تُلَاقِي مَحَلًّا مُشْتَرَكًا فَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إثْبَاتِ الدَّيْنِ بَعْدَ الْمَوْتِ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ التَّرِكَةِ وَبِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ فِيهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ قَالَا : كُلُّ فَرِيقٍ إنَّمَا يَشْهَدُ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ بِالدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ .
وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً ، فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدُوا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ بِالْمَوْتِ لَا يَتَحَوَّلُ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى التَّرِكَةِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ التَّرِكَةَ لَوْ هَلَكَتْ لَا

يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ ، وَأَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَسْتَخْلِصَ التَّرِكَةَ لِنَفْسِهِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا تَتَمَكَّنُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ هَهُنَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ ، فَإِنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ ثَبَتَ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ حَتَّى لَا يَبْقَ بَعْدَ هَلَاكِ التَّرِكَةِ

وَلَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ التَّرِكَةَ لِنَفْسِهِ وَيَقْضِيَ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَكَانَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ ثَابِتَةً فِي التَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ شَهَادَتِهِمَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ ابْنَا هَذَيْنِ لِهَذَيْنِ وَابْنَا هَذَيْنِ لِهَذَيْنِ فَهَذَا ، وَالْأَوَّلُ فِي الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ كَمَا تَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَةِ الشَّرِيكِ لِنَفْسِهِ تَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَةِ ابْنِهِ لَهُ وَلَوْ شَهِدَ الْمَيِّتُ أَوْ غَيْرُهُمَا بِدَيْنٍ لِرَجُلَيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ ، ثُمَّ شَهِدَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ عَلَى الْمَيِّتِ فَهُوَ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُمَا يَضُرَّانِ أَنْفُسَهُمَا فَإِنَّ دَيْنَهُمَا قَدْ ثَبَتَ فِيهَا وَبِشَهَادَتِهِمَا يُثْبِتَانِ مَنْ يُزَاحِمُهُمَا فِي التَّرِكَةِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ تَتَمَكَّنُ تُهْمَةُ الْمُوَاضَعَةِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ لِنَفْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِشَهَادَتِهِ ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِثْلُ ذَلِكَ هَهُنَا

وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيَّانِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ بِوَصِيَّةٍ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ لِخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ فَإِنْ دَفَعَا ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَا بِهِ ، ثُمَّ شَهِدَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا ضَامِنَيْنِ لِمَا دَفَعَا بِغَيْرِ حُجَّةٍ فَهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا يَدْفَعَانِ الضَّمَانَ عَنْ أَنْفُسِهِمَا ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ ابْنَيْهِمَا أَوْ أَبَوَيْهِمَا لَا تُقْبَلُ بَعْدَ الدَّفْعِ ؛ لِأَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ الضَّمَانَ بِشَهَادَتِهِمَا عَنْ أَبِيهِمَا أَوْ ابْنَيْهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا فَهُوَ كَمَا قَالَ : يُعْطَى مِمَّنْ ثُلُثُهُ دِينَارٌ إلَّا دِرْهَمًا ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْطَى مَا سُمِّيَ لَهُ أَوَّلًا وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِخِلَافِ الْجِنْسِ لَغْوٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِإِخْرَاجِ مَا وَرَاءَهُ .
وَلَوْلَاهُ لَكَانَ الْكَلَامُ مُتَنَاوِلًا لَهُ ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَلَا يَكُونُ هَذَا اسْتِثْنَاءً عَلَى الْحَقِيقَةِ بَلْ يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا بِمَعْنَى لَكِنْ فَمَعْنَاهُ أَوْصَيْت لَهُ بِالدِّينَارِ وَلَكِنْ لَمْ أُوصِ لَهُ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا عَلَى شَيْءٍ وَهُمَا يَقُولَانِ : الْمُجَانَسَةُ فِي الْمِقْدَارِ ثَابِتَةٌ مَعْنًى مِنْ حَيْثُ إنَّهَا ثَبَتَتْ فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا صَحِيحًا ، وَإِنَّمَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى بِطَرِيقِ الْمَعْنَى دُونَ الصُّورَةِ فَكَانَ اعْتِبَارُ الْمَعْنَى فِيهِ مُرَجِّحًا ؛ فَلِهَذَا صَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْمُقَدَّرِ مِنْ الْمُقَدَّرِ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ صُورَةً فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ : كُرُّ حِنْطَةٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ كُرُّ شَعِيرٍ إلَّا مَخْتُومَ حِنْطَةٍ نَقَصَ مِنْ الشَّعِيرِ قِيمَةُ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : لَهُ دَارِي هَذِهِ أَوْ عَبْدِي هَذَا إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةُ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَجُوزُ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الدَّارَ وَالْعَبْدَ لَيْسَا بِمُقَدَّرَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا يَشْتَرِطَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مُقَدَّرًا وَالْمُسْتَثْنَى هُنَا مُقَدَّرٌ ، وَكَأَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ الِاسْتِثْنَاءَ فَاعْتِبَارُ الْمَالِيَّةِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ يُعْرَفُ بِالتَّسْمِيَةِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْقَدْرِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ مُقَدَّرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُقَدَّرٍ أَوْ يَقُولُ : هَذَا فِي مَعْنَى وَصِيَّةٍ بِبَيْعِ

الدَّارِ وَالْعَبْدِ مِنْهُ بِمِائَةٍ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ : جَعَلْت مِلْكَ هَذِهِ الدَّارِ وَمَالِيَّتَهَا مُحَابَاةً إلَّا بِقَدْرِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنِّي لَا أَخْلُفُهَا لَهُ بِعِوَضٍ .
وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ قِيمَتُهَا أَلْفًا ، فَأَوْصَى بِبَيْعِهَا مِنْهُ بِمِائَةٍ جَازَتْ الْمُحَابَاةُ مِنْ الثُّلُثِ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ التَّمْلِيكَ مُضَافٌ إلَى جَمِيعِ الدَّارِ وَهَهُنَا إلَى مَا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى مَعْنًى وَقِيمَةُ مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الدَّارِ يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ وَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ

وَلَوْ قَالَ : أَوْصَيْت لَهُ بِمَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ أَوْ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَى الْعِشْرِينَ أَوْ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إلَى الْعِشْرِينَ فَهُوَ سَوَاءٌ ، وَلَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ تَمَامُ الْعِشْرِينَ اسْتِحْسَانًا وَرَوَى زُفَرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : بِمَا بَيْنَ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَدْخُلُ الْغَايَتَانِ اسْتِحْسَانًا فَلَهُ الْمِائَتَانِ ، وَفِي رِوَايَةِ زُفَرَ لَا يَدْخُلُ الْغَايَتَانِ فَلَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ تَدْخُلُ الْغَايَةُ الْأُولَى لِلضَّرُورَةِ ، وَلَا تَدْخُلُ الْغَايَةُ الثَّانِيَةُ فَلَهُ مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ فِي الْإِقْرَارِ .

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةٍ فَلَهُ عَشَرَةٌ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ عِشْرُونَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ حَرْفَ فِي بِمَعْنَى حَرْفِ الْوَاوِ أَوْ بِمَعْنَى حَرْفِ مَعَ وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ لَهُ مِائَةٌ بِطَرِيقِ الْحِسَابِ ، فَإِنَّك إذَا سَأَلْت وَاحِدًا مِنْ الْحُسَّابِ كَمْ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ يَقُول : مِائَةٌ وَلَكِنَّا نَقُولُ : لَهُ عَشَرَةٌ ؛ لِأَنَّ حَرْفَ فِي لِلظَّرْفِ وَالْعَشَرَةُ لَا تَصْلُحُ ظَرْفًا لِلْعَشَرَةِ فَيَلْغُو آخِرُ كَلَامِهِ ، وَيُجْعَلُ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَمَعَ مَجَازًا وَبِالْمَجَازِ لَا يَثْبُتُ تَمْلِيكُ الْمَالِ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِالسَّكِّ وَالضَّرْبِ مِنْ حَيْثُ الْحِسَابُ تَكْثُرُ السِّهَامُ لَا أَصْلُ الْمَالِ فَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ .
وَإِنْ ضَرَبْتهَا فِي عَشَرَةٍ أَوْ فِي مِائَةٍ تَكْثُرُ السِّهَامُ فِيهَا ، وَلَا يَزْدَادُ وَزْنُهَا .
وَلَوْ قَالَ : بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ جَعَلْت لَهُ مِائَةَ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةً ؛ لِأَنَّ لِذَوِي الْمِسَاحَاتِ طُولًا وَعَرْضًا فَقَوْلُهُ : فِيهَا عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ لِبَيَانِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مِائَةَ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةٍ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ فَلَيْسَ فِيهَا لَا طُولٌ ، وَلَا عَرْضٌ ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهَا بِالْوَزْنِ وَبِأَوَّلِ كَلَامِهِ صَارَ مِقْدَارُ الْوَزْنِ مَعْلُومًا فَيَكُونُ آخِرُ كَلَامِهِ خَالِيًا عَنْ الْفَائِدَةِ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِثَوْبٍ سَبْعٌ فِي أَرْبَعٍ جَعَلْت لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّ لِلثَّوْبِ طُولًا وَعَرْضًا فَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِيهِ بَيَانُ الطُّولِ وَالْعَرْضِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ لِبَيَانِ طُولِهِ ، وَالْأَقَلُّ لِبَيَانِ الْعَرْضِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ اسْمَ الثَّوْبِ لَا يَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَنُقْصَانِهِمَا ، وَإِنَّمَا يَتَغَيَّرُ الْوَصْفُ فَكَانَ قَوْلُهُ : سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ بَيَانًا لِصِفَةِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ الثَّوْبِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ فَبِزِيَادَةِ الْمِقْدَارِ يَتَبَدَّلُ الِاسْمُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْمِائَةِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِحَالٍ ، وَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ : لَهَا عَشْرُ مَرَّاتٍ عَشَرَةٌ فِي الْعَادَةِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا إلْغَاءُ آخِرِ الْكَلَامِ فِيهِ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحِنْطَةٍ فِي جُوَالِقَ أَعْطَيْته الْحِنْطَةَ دُونَ الْجُوَالِقِ ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُ مَظْرُوفًا فِي ظَرْفٍ ، فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمَظْرُوفَ خَاصَّةً ، وَذَكَرَ الْجُوَالِقَ لِتَعْيِينِ مَحَلِّ الْجُوَالِقِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ حَرْفَ فِي لِلظَّرْفِ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : أَوْصَى لَهُ بِكَذَا ، وَلَا يُقَالُ أَوْصَى لَهُ فِي كَذَا ، فَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْوَصِيَّةَ بِهَذَا اللَّفْظِ مَا اتَّصَلَ بِهِ حَرْفُ الْبَاءِ ، وَهُوَ الْحِنْطَةُ دُونَ مَا اتَّصَلَ بِهِ حَرْفُ فِي ، وَهُوَ الْجُوَالِقُ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَذَا الْجِرَابِ الْهَرَوِيِّ أَعْطَيْته الْجِرَابَ وَمَا فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَلَ حَرْفَ الْبَاءِ بِالْجِرَابِ وَالْجِرَابُ الْهَرَوِيُّ اسْمٌ لِلْجِرَابِ الْمَمْلُوءِ بَيَانًا دُونَ الْجِرَابِ فَارِغًا

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَذَا الدَّنِّ الْخَلِّ أَعْطَيْته الدَّنَّ وَمَا فِيهِ كَأَنَّهُ قَالَ : بِهَذَا الدَّنِّ وَالْخَلِّ فَيَكُونُ حَرْفُ الْبَاءِ مُتَّصِلًا بِهِمَا جَمِيعًا مَعْنًى ؛ وَلِأَنَّهُ وَصَلَ هَذَا الْحَرْفَ بِالدَّنِّ وَسَمَّى الدَّنَّ الْخَلَّ ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِهِ حَقِيقَةً إذَا كَانَ مَمْلُوءًا خَلًّا .
وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَيْفٍ أَعْطَيْته السَّيْفَ بِجَفْنِهِ وَحَمَائِلِهِ ؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّيْفِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَرْجٍ أَعْطَيْته السَّرْجَ وَمَا حَمَلَ مِنْ مَتَاعِهِ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِقُبَّةٍ أَعْطَيْته عِيدَانَ الْقُبَّةِ مِنْ غَيْرِ كِسْوَةٍ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَلْعِيدَانِ ( أَلَا تَرَى ) أَنَّ فِي الْعَادَةِ لَا يَكُونُ مَعَ الْقُبَّةِ كِسْوَةٌ ، وَلَكِنْ كُلُّ مَالِكٍ يَتَّخِذُ كِسْوَةَ الْقُبَّةِ لِنَفْسِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يُرِيدُهُ بِخِلَافِ السَّرْجِ وَالسَّيْفِ .
وَلَوْ أَوْصَى بِقُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ أَعْطَيْته الْقُبَّةَ بِالْكَنُودِ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ عَادَةً ( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَا يَتَّخِذُ كُلُّ مَالِكٍ لَلْعِيدَانِ إلَّا كَنُودًا آخَرَ عَادَةً .
وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِحَجَلَةٍ فَلَهُ الْكِسْوَةُ دُونَ الْعَوْدِ ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْحَجَلَةِ يَتَنَاوَلُ الْكِسْوَةَ بِدُونِ الْعِيدَانِ وَالْعِيدَانُ بِدُونِ الْكِسْوَةِ لَهَا اسْمٌ آخَرُ وَهِيَ الْقُبَّةُ فَلِهَذَا لَا يَسْتَحِقُّ بِاسْمِ الْقُبَّةِ الْكِسْوَةَ ، وَلَا بِاسْمِ الْحَجَلَةِ الْعِيدَانَ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَلَّةٍ زَعْفَرَانٍ أَعْطَيْته الزَّعْفَرَانَ دُونَ السَّلَّةِ وَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ أَنْ يَسْتَحِقَّ السَّلَّةَ ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ حَرْفَ الْبَاءِ بِالسَّلَّةِ وَلَكِنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ لِعُرْفِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ إذَا قَالُوا : سَلَّةُ زَعْفَرَانٍ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ بَيَانَ مِقْدَارِ الزَّعْفَرَانِ لَا حَقِيقَةَ السَّلَّةِ كَمَا يُقَالُ : كَيْلُ حِنْطَةٍ وَكَيْلُ شَعِيرٍ .
وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَذَا الْعَسَلِ ، وَهُوَ فِي زِقٍّ أَعْطَيْتُهُ الْعَسَلَ دُونَ الزِّقِّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : بِهَذَا السَّمْنِ أَوْ الزَّيْتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ الْمَظْرُوفَ وَبِتَسْمِيَةِ الْمَظْرُوفِ لَا يَسْتَحِقُّ الظَّرْفَ ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْوِعَاءِ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِمَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ ، ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِالْمَعْدُومِ وَلَمْ يَعْلَمْ وُجُودَهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصَى حَقِيقَةً ، وَلَا حُكْمًا ، وَوُجُوبُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ فَمَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ مَعْلُومَةَ الْوُجُودِ عِنْدَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ لَا تَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِهِ صَحِيحَةً وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ أَدْنَى مُدَّةِ الْحَبَلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَلَدُ مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا فِي بَطْنِ الْحَيَوَانِ لَا تَصِحُّ قَبْلَ الْوُجُودِ ، وَإِسْنَادُ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتٍ سَابِقٍ يَكُونُ لِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِ نِسْبَةٍ ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ هَهُنَا .
وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَجَبَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِوُجُودِهِ عِنْدَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ ، وَهُوَ حَالَةُ الْمَوْتِ

وَلَوْ قَالَ : إنْ كَانَ فِي بَطْنِ فُلَانَةَ جَارِيَةٌ فَلَهَا وَصِيَّةُ أَلْفٍ .
وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ فَلَهُ وَصِيَّةُ أَلْفَيْنِ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا ، ثُمَّ وَلَدَتْ غُلَامًا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ فَلَهَا جَمِيعُ الْوَصِيَّةِ ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِوُجُودِ الَّذِي انْفَصَلَ قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصَى وَهُمَا تَوْأَمَانِ خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَمِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا فِي وَقْتِ الْحُكْمِ بِوُجُودِ الْآخَرِ فِيهِ وَالْوَصِيَّةُ أُخْتُ الْمِيرَاثِ وَفِي الْمِيرَاثِ الْجَنِينُ فِي الْبَطْنِ وَالْمَوْلُودُ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا فَكَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ ، ثُمَّ شَرْطُ الْوَصِيَّةِ بِالْأَلْفِ وُجُودُ الْجَارِيَةِ فِي بَطْنِهَا ، وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطَانِ .
وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ أَوْ جَارِيَتَيْنِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَذَلِكَ إلَى الْوَرَثَةِ يُعْطُونَ أَيَّ الْغُلَامَيْنِ شَاءُوا أَوْ أَيَّ الْجَارِيَتَيْنِ شَاءُوا ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْوَصِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا وَمِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ الْمُسْتَدْرَكَةِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثَلَاثَةٍ لِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ وَالْبَيَانُ إلَى الْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ

وَلَوْ قَالَ : إنْ كَانَ الَّذِي فِي بَطْنِك غُلَامٌ فَلَهُ أَلْفَانِ .
وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةٌ فَلَهَا أَلْفٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا فِي بَطْنِهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك أَوْ جَمِيعِ مَا فِي بَطْنِك وَلَمْ يَكُنْ جَمِيعُ مَا فِي بَطْنِهَا عَلَى إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا عَلَّقَ اسْتِحْقَاقَ الْوَصِيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : إنْ كَانَ حَمْلُك فَهُوَ اسْمُ جَمِيعِ الْمَذْكُورِ لِجَمِيعِ الْمَجْهُولِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } ، ثُمَّ الْعِدَّةُ لَا تَنْقَضِي إلَّا بِوَضْعِ جَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ

وَإِذَا تَرَكَ امْرَأَةً حُبْلَى فَأَوْصَى رَجُلٌ لِمَا فِي بَطْنِهَا وَصِيَّةً ، ثُمَّ وَضَعَتْ الْوَلَدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ وَجَبَتْ لَهُ الْوَصِيَّةُ ؛ لِأَنَّا نُسْنِدُ الْعُلُوقَ إلَى حَالِ حَيَاتِهِ لِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِ نَسَبِ الْوَلَدِ مِنْهُ .
وَإِذَا أَسْنَدْنَا فَقَدْ حَكَمْنَا بِكَوْنِ الْوَلَدِ مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ حِينَ أَوْجَبَ لَهُ الْوَصِيَّةَ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ عِلْمِنَا حَقِيقَةً .
وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ إلَّا بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْحَيَاةِ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ، وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ حِينَ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ حَيًّا ، ثُمَّ مَاتَ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ فِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ الَّذِي انْفَصَلَ مَيِّتًا لَا يُجْعَلُ وَلَدًا فِي حُكْمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَكَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ .
وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا حَيٌّ ، وَالْآخَرُ مَيِّتٌ فَالْوَصِيَّةُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْهُمَا حَيَّيْنِ ؛ لِأَنَّهُ تَمَّ اسْتِحْقَاقُ الْوَصِيَّةِ لَهُمَا فَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ نَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ وَأَمَّا إذَا انْفَصَلَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا فَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا يَصِحُّ ضَمُّهُ إلَى الْحَيِّ فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا لِلْحَيِّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ وَهُمَا مُنْفَصِلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَحْسَنُ سِهَامِ وَرَثَتِهِ سِهَامٌ يُزَادُ ذَلِكَ عَلَى الْفَرِيضَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْسَنُ السِّهَامِ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ : لَهُ السُّدُسُ فَيَتَنَاوَلُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي سِهَامِ وَرَثَتِهِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُزَادُ عَلَى الْفَرِيضَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِسَهْمٍ كَسَهْمِ أَحَدِهِمْ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ إلَّا أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ رُدَّ إلَى الثُّلُثِ إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ ؛ لَا لِأَنَّ السَّهْمَ لَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ بَلْ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَنْفُذُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بِدُونِ الْإِجَازَةِ .
وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ التَّرِكَةَ بِمَوْتِهِ تَصِيرُ سَهْمًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمٌ فَتَسْمِيَةُ السَّهْمِ لِلْمُوصَى لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إنَّمَا تَتَنَاوَلُ أَحَدَ تِلْكَ السِّهَامِ ، وَلَا يَثْبُتُ إلَّا أَقَلُّهَا ؛ لِأَنَّ فِي كَوْنِ الْأَقَلِّ مُرَادًا تَيَقُّنٌ وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ شَكٌّ وَأَبُو حَنِيفَةَ اعْتَبَرَ السُّدُسَ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ سُئِلَ عَمَّنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَقَالَ : لَهُ السُّدُسُ وَهَكَذَا نَقَلَ عَنْ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالُوا : السَّهْمُ السُّدُسُ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ لَفْظَةَ السَّهْمِ إنَّمَا تَتَنَاوَلُ سَهْمَ مَنْ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ وَرَثَتِهِ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ لَا بِاعْتِبَارِ سَبَبٍ عَارِضٍ وَذَلِكَ الْقَرَابَةُ دُونَ الزَّوْجِيَّةِ فَمَا يَكُونُ عَارِضًا فِي مُزَاحَمَةِ مَا هُوَ أَصْلِيٌّ كَالْمَعْدُومِ وَسِهَامُ مَنْ يَسْتَحِقُّ بِالْقَرَابَةِ السُّدُسَ أَوْ الثُّلُثَ أَوْ النِّصْفَ فَأَمَّا الرُّبْعُ وَالثُّمْنُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالزَّوْجِيَّةِ فَيَتَنَاوَلُ اللَّفْظُ أَدْنَى مَا يُسْتَحَقُّ مِنْ السِّهَامِ بِالْقَرَابَةِ وَهُوَ السُّدُسُ حَتَّى لَا يُزَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْقُصُ

عَنْهُ إذَا كَانَ فِي سَهْمِ وَرَثَتِهِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ لَهُ مِثْلَ سَهْمِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ فَلَا يُسْتَحَقُّ إلَّا الْمُتَيَقِّنُ بِهِ ، وَهُوَ الْأَقَلُّ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ السَّهْمَ دُونَ الثُّلُثِ عَرَفْنَا أَنَّهُ مَالِكُ أَدَاءِ الثُّلُثِ لَا النِّصْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِالنِّصْفِ فَيَتَعَيَّنُ السُّدُسُ مُرَادًا لَهُ .
يُوَضِّحُهُ أَنَّ أَعْدَلَ الْأَعْدَادِ فِي خُرُوجِ سِهَامِ الْفَرَائِضِ مِنْهُ السِّتَّةُ فَإِنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مَا يُسْتَحَقُّ مِنْ السِّهَامِ بِالْقَرَابَةِ الْأَصْلِيَّةِ كَالسُّدُسِ وَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الدَّرَاهِمَ تَجْرِي عَلَى الْأَسْدَاسِ فَيُجْعَلُ لِلسُّدُسِ سَبِيلًا عَلَى حِدَةٍ ، وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ لَلثُّمْنِ ، وَلَا لِلرُّبْعِ فَعَرَفْنَا أَنَّ السُّدُسَ عَدْلٌ فِي هَذَا الْبَابِ فَيُسْتَحَقُّ ذَلِكَ بِالتَّسْمِيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْسَنَ سِهَامِ وَرَثَتِهِ دُونَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُزَادُ ذَلِكَ الْقَدْرُ عَلَى سِهَامِ الْفَرِيضَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكَ وَرَثَتِهِ بِسَهْمٍ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَحْوِيلَ سَهْمِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ إيجَابُ مِثْلِ أَحَدِ السِّهَامِ لَهُ ، وَمِثْلُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِنَصِيبٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضِ مَالِهِ أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ مَالِهِ أَعْطَاهُ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى لَهُ شَيْئًا مَجْهُولًا وَلَيْسَ لَنَا عِبَارَةٌ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّى لِيَصْرِفَ مِقْدَارَ الْمُسَمَّى بِالرُّجُوعِ إلَى عِبَارَةِ الْمُوصِي ، وَجَهَالَةُ الْمُوصَى بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ وَالْوَارِثُ فِي الْبَيَانِ يُقَامُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ بِخِلَافِ السَّهْمِ فَقَدْ وَجَدْنَا هُنَاكَ عِيَارًا مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّى عِنْدَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ يُمْكِنُ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ مِقْدَارَ الْوَصِيَّةِ وَذَلِكَ سِهَامُ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ إلَّا شَيْئًا أَوْ إلَّا قَلِيلًا أَوْ إلَّا يَسِيرًا أَوْ بِزُهَاءِ أَلْفٍ أَوْ بِعَامَّةِ هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ جُلِّ هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ بِعِظَمِ هَذِهِ الْأَلْفِ ، وَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَهُ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَهُوَ إلَى الْوَرَثَةِ يُعْطُونَ مِنْهُ مَا شَاءُوا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ مُسْتَثْنًى مَجْهُولٍ ، وَأَنَّ جَهَالَتَهُ تُوجِبُ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَكِنَّ الْوَصِيَّةَ فِي الْمَجْهُولِ صَحِيحَةٌ ، ثُمَّ فِي الْعَادَةِ الْمُسْتَثْنَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَكُونُ دُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ، وَالْكَلَامُ الْمُقَيَّدُ بِالِاسْتِثْنَاءِ يَكُونُ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِنِصْفِ الْأَلْفِ ، وَزِيَادَةٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ بَيَانِ الزِّيَادَةِ إلَى الْوَرَثَةِ ، ثُمَّ عَادَ إلَى بَيَانِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ

قَالَ : إذَا أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ وَلَهُ ابْنَتَانِ وَامْرَأَةٌ وَأَبَوَانِ فَلَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثِينَ سَهْمًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْفَرِيضَةَ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ بَعْدَ الْعَوْلِ وَأَخَسُّ السِّهَامِ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ فَيُزَادُ لِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ نَصِيبِهَا فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثِينَ وَكَانَ لَهُ عَشَرَةُ بَنِينَ وَعَشَرَةُ بَنَاتٍ فَلَهُ سَهْمٌ مِنْ أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ عَلَى ثَلَاثِينَ سَهْمًا وَأَخَسُّ السِّهَامِ سَهْمُ بِنْتٍ فَيُزَادُ ذَلِكَ عَلَى سِهَامِ الْفَرِيضَةِ لِلْمُوصَى لَهُ .
وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ لَهَا أَبَوَانِ وَابْنَتَانِ وَزَوْجٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ وَنِصْفٍ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ مِنْ بَعْدِ الْعَوْلِ مِنْ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلزَّوْجِ الرُّبْعُ سَهْمٌ وَنِصْفٌ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ فَزِدْنَا عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ أَخَسِّ السِّهَامِ ، وَذَلِكَ سَهْمٌ

وَلَوْ تَرَكَتْ الْمَرْأَةُ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَأُمًّا وَزَوْجًا جَعَلْت لَهُ سَهْمًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْفَرِيضَةَ بَعْدَ الْعَوْلِ مِنْ عَشَرَةٍ لِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ سَهْمَانِ وَلِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ سَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ

وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأَخَوَيْنِ وَأَوْصَتْ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهَا فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ السُّدُسُ ؛ لِأَنَّ سَهْمَ أَحَدِ الْوَرَثَةِ زَائِدٌ عَلَى السُّدُسِ فَلَهُ السُّدُسُ ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَخَوَيْنِ فَرِيضَةٌ مَعْلُومَةٌ ، وَإِنَّمَا الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا أَعْدَلُ الْأَعْدَادِ كَمَا بَيَّنَّا وَفِي قَوْلِهِمَا لَهُ الْخُمْسُ ؛ لِأَنَّ أَخَسَّ الْأَنْصِبَاءِ الرُّبْعُ ، وَهُوَ نَصِيبُ أَحَدِ الْأَخَوَيْنِ فَيُزَادُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَهُوَ الْخُمْسُ

وَلَوْ تَرَكَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَأُمًّا وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ فَأَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ جَعَلْت لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ سَهْمًا مِنْ تِسْعَةِ أَسْهُمٍ وَنِصْفٍ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَنِصْفٍ بَعْدَ الْعَوْلِ لِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ سَهْمَانِ وَلِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلْمَرْأَةِ سَهْمٌ وَنِصْفٌ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ ، ثُمَّ يُزَادُ لِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ أَخَسِّ السِّهَامِ سَهْمًا ؛ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَنِصْفٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

بَابُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الشَّرْطِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِأَمَتِهِ أَنْ تُعْتَقَ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ ، ثُمَّ مَاتَ فَقَالَتْ : لَا أَتَزَوَّجُ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبُولُهَا الِامْتِنَاعَ مِنْ التَّزَوُّجِ وَقَدْ قَبِلَتْ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهَا عَلَى مَالٍ عَتَقَتْ بِنَفْسِ الْقَبُولِ فَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهَا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ تَجِبُ الْوَصِيَّةُ لَهَا بِنَفْسِ الْقَبُولِ فَتُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ .
يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْمَوْلَى بِهَذَا اللَّفْظِ انْعِدَامَ التَّزَوُّجِ مِنْهَا أَبَدًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِمَوْتِهَا ، وَبَعْدَ مَوْتِهَا لَا يُتَصَوَّرُ عِتْقُهَا فَعَرَفْنَا أَنَّ مُرَادَهُ انْعِدَامُ التَّزَوُّجِ عَقِيبَ مَوْتِهِ ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ حِينَ قَبِلَتْ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَتُعْتَقُ ، ثُمَّ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّزَوُّجِ لَا يَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ نِكَاحُهَا وَلَمْ تَبْطُلْ وَصِيَّتُهَا ؛ لِأَنَّهَا قَدْ عَتَقَتْ وَالْعِتْقُ بَعْدَ مَا نَفَذَ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى فِي هَذَا الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا لِوَرَثَتِهِ فَفَوَاتُهُ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا السِّعَايَةَ كَمَا لَوْ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ أَوْ تُصَلِّيَ تَطَوُّعًا يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْقَدْرَ الْمَشْرُوطَ امْتِنَاعُهَا مِنْ الزَّوَاجِ عَقِيبَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْقُبْ ذَلِكَ .
وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : هِيَ حُرَّةٌ إنْ ثَبَتَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا تَرْجِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ ، فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ سَاعَةً بَعْدَ مَوْتِهِ فَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ ثُلُثِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ ثَبَاتُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ إلَى وَقْتِ مَوْتِهَا ، فَإِنَّ الْجَزَاءَ وَهُوَ الْعِتْقُ لَا يُتْرَكُ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّفْظُ إذَا تَعَذَّرَ فِيهِ اعْتِبَارُ الْأَقْصَى يُعْتَبَرُ الْأَدْنَى وَذَلِكَ فِي أَنْ تَثْبُتَ عَلَى الْإِسْلَامِ سَاعَةً بَعْدَ مَوْتِهِ ، ثُمَّ ظَاهِرُ مَا قَالَ

يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ يَتَنَجَّزُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَنْجِيزٍ ، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ ذَلِكَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَأَمَّا إذَا أَضَافَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ حَتَّى تُعْتَقَ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إذَا لَمْ يَتَنَجَّزْ بِنَفْسِ الْمَوْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْفِيذِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِي هَذَا مِنْ الْكَلَامِ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ .

وَلَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ أَوْ قَالَ : إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ عَلَى أَنْ تَثْبُتَ مَعَ وَلَدِي فَقَبِلَتْ وَفَعَلَتْ مَا شَرَطَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهَا الْوَصِيَّةُ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وُجُودُ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ لِعِلْمِنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْأَقْصَى فَيَتِمُّ اسْتِحْقَاقُهَا بِقَبُولِهَا لِوُجُودِ ذَلِكَ الْأَدْنَى مِنْهَا ، ثُمَّ لَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ وَصِيَّتُهَا

وَلَوْ أَوْصَى لِخَادِمَةٍ أَنْ تُقِيمَ مَعَ أَبِيهِ أَوْ مَعَ ابْنَيْهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَا ، ثُمَّ هِيَ حُرَّةٌ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ ، فَإِنْ كَانَا كَبِيرَيْنِ خَدَمَتْهُمَا حَتَّى تَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةُ وَيُصِيبَ الْغُلَامُ خَادِمًا أَوْ مَالًا يَبْلُغُ خَادِمًا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ خِدْمَتِهَا .
وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ تَخْدُمُهُمَا حَتَّى يُدْرِكَا فَإِذَا أَدْرَكَا عَتَقَتْ ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَتَفَاهَمُ النَّاسُ فِي مُخَاطَبَاتِهِمْ ، وَهُوَ شَرَطَ عَلَيْهَا الْخِدْمَةَ إلَى غَايَةٍ ، وَهُوَ اسْتِغْنَاؤُهُمَا عَنْ خِدْمَتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ تِلْكَ الْغَايَةِ ، وَهِيَ اسْتِغْنَاءُ الْكَبِيرِ عَنْ خِدْمَتِهَا فَإِذَا كَانَا صَغِيرَيْنِ فَاسْتِغْنَاؤُهُمَا يَكُونُ بِالْإِدْرَاكِ ؛ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ ذَلِكَ يَتَمَكَّنَانِ مِنْ الْقِيَامِ بِخِدْمَتِهِمَا فَإِذَا وُجِدَتْ تِلْكَ الْغَايَةُ فَقَدْ وُجِدَ مَا شُرِطَ عَلَيْهَا فَيَجِبُ إعْتَاقُهَا مِنْ ثُلُثِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا أُعْتِقَتْ وَسَعَتْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِلْوَرَثَةِ ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْنِيَا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ بِالْعِتْقِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ .

وَإِذَا أَوْصَى النَّصْرَانِيُّ بِخَادِمَةٍ لَهُ بِالْعِتْقِ إنْ ثَبَتَتْ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَلَى الْإِسْلَامِ فَثَبَتَتْ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ سَاعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ ، فَإِنْ تَغَيَّرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ وَصِيَّتُهَا وَعِتْقُهَا مَاضٍ .
وَإِنْ أَسْلَمَتْ عَقِيبَ مَوْتِهِ بِلَا فَصْلٍ وَلَمْ تَثْبُتْ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ ، فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ ثَبَاتُهَا عَلَى مَا شَرَطَ عَلَيْهَا ، وَهُوَ أَنْ تَثْبُتَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، فَإِنْ ثَبَتَتْ عَلَى ذَلِكَ سَاعَةً فَقَدْ تَمَّ الشَّرْطُ .
وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ فَقَدْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ

وَلَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَبَدًا أَوْ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِحَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْدَ تَصْرِيحِهِ بِالتَّأْبِيدِ أَوْ بَعْدَ التَّوْقِيتِ نَصًّا بَلْ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَوَصِيَّتُهَا بَاطِلَةٌ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتِقُوهَا إنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِنْدِ وَلَدِي إلَى شَهْرٍ أَوْ قَالَ : هِيَ حُرَّةٌ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ شَهْرًا فَإِذَا تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الشَّهْرِ أَوْ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ وَلَدِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ لَهَا لِفَوَاتِ الشَّرْطِ

وَلَوْ أَوْصَى لَهَا بِالْعِتْقِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فُلَانًا بِعَيْنِهِ فَقَبِلَتْ ذَاكَ عَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِهِ ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الشَّرْطَ مُطْلَقًا فَيَتَنَاوَلُ الْأَدْنَى وَيَتِمُّ بِوُجُودِ ذَلِكَ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ سَاعَةً فَيَجِبُ إعْتَاقُهَا وَبَعْدَ مَا عَتَقَتْ لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا إلَى الرِّقِّ .
وَلَوْ أَوْصَى لَهَا بِالْعِتْقِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فُلَانًا بِعَيْنِهِ أَبَدًا فَقَبِلَتْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّا عِلْمنَا أَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَقْصِدْ تَأْخِيرَ عِتْقِهَا امْتِنَاعَهَا عَنْ التَّزَوُّجِ أَبَدًا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْعِتْقُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ شَرْطٌ وَإِنَّمَا شَرَطَ قَبُولَهَا ذَلِكَ وَامْتِنَاعَهَا مِنْ التَّزَوُّجِ بَعْدَ مَوْتِهِ سَاعَةً وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ ، ثُمَّ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمَوْلَى فِي هَذَا الشَّرْطِ فَفَوَاتُهُ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا السِّعَايَةَ فِي شَيْءٍ بَعْدَ مَا عَتَقَتْ .
وَإِنْ كَانَ فُلَانًا ذَلِكَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَأَبَتْ أَنْ تُزَوِّجَهُ نَفْسَهَا فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا ؛ لِأَنَّ فِي التَّزَوُّجِ بِهِ مَنْفَعَةُ الْوَارِثِ وَاشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ لِوَارِثِهِ عَلَيْهَا كَاشْتِرَاطِهِ مَنْفَعَةً لِنَفْسِهِ .
وَلَوْ أَعْتَقَهَا فِي حَيَاتِهِ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ فَأَبَتْ كَانَتْ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهَا ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُوجِبُهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهَا يَلْزَمُهَا رَدُّ مَا بِمُقَابَلَتِهِ وَالْعِتْقُ بَعْدَ مَا نَفَذَ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ فَكَانَ الرَّدُّ بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ عَلَيْهَا

وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ عَلَى أَنْ لَا يُفَارِقَ وَلَدَهُ أَبَدًا ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُمْ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ وَصِيَّةِ الْأَبِ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ جَازَ عِتْقُ الْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ عَيْنٌ مُحِيطٌ لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْآخَرِ .
وَإِذَا نَفَذَ الْعِتْقُ مِنْهُمْ ضَمِنُوا الدَّيْنَ لِلْغُرَمَاءِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ وَقَدْ أَتْلَفُوا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِالْإِعْتَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ وَصِيَّةِ الصَّبِيِّ وَالْوَارِثِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) وَإِذَا أَوْصَى الصَّبِيُّ بِوَصِيَّةٍ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ أَوْ بَعْدَهُ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : وَصِيَّتُهُ بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْخَيْرِ وَيَكُونُ مُسْتَحْسَنًا عِنْدَ أَهْلِ الصَّلَاحِ صَحِيحَةٌ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا ، وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي الْمَجْنُونِ وَاسْتَدَلَّ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ وَصِيَّةَ غُلَامٍ يَفَاعٍ أَوْ قَالَ : يَافِعٌ ، وَهُوَ الَّذِي قَارَبَ الْبُلُوغَ وَلَمْ يَبْلُغْ بَعْدُ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ أَوَانَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالْمَوْتِ يَسْتَغْنِي هُوَ عَنْ الْمَالِ ، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي حَيَاتِهِ لِمَعْنَى النَّظَرِ لَهُ حَتَّى يَبْقَى لَهُ الْمَالُ فَيَصْرِفُهُ إلَى حَوَائِجِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَمَعْنَى النَّظَرِ لَهُ فِي تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ إذَا مَاتَ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يَكْتَسِبُ الزُّلْفَى وَالدَّرَجَةَ بَعْدَ مَا اسْتَغْنَى عَنْ الْمَالِ بِنَفْسِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ أَحَبُّ الْمِيرَاثِ وَالصَّبِيُّ فِي الْإِرْثِ عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسَاوٍ لِلْبَالِغِ فَكَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ قَالَ : وَلَا يَلْزَمُنِي عَلَى قَوْلِي هَذَا أَنَّ إسْلَامَهُ لَا يَصِحُّ بِنَفْسِهِ ، وَأَنَّ قَبُولَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلصَّبِيِّ إذَا أَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ لَهُ بِوَلِيِّهِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عَقْلُهُ وَرُشْدُهُ .
وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ بِوَلِيِّهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ عَقْلُهُ وَرُشْدُهُ تَوْفِيرًا لِلْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ يَحْصُلُ لَهُ بِغَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَأَمَّا اكْتِسَابُ الْأَجْرِ بِالْوَصِيَّةِ فَلَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ لَهُ بِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ عَقْلِهِ فِيهِ وَأَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ يَقُولُونَ : هَذَا تَمْلِيكُ الْمَالِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ عَقْلِهِ فِيمَا يَنْفَعُهُ دُونَ مَا

يَضُرُّهُ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ عَقْلُهُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّهُ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْوَضْعِ فَكَذَلِكَ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ فِيهِ ضَرَرٌ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْوَضْعِ .
وَإِنْ تَصَوَّرَ فِي الْوَصِيَّةِ مَنْفَعَةً فَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ ، وَفِي التَّصَرُّفَاتِ يُعْتَبَرُ أَصْلُ الْوَضْعِ لَا الْأَحْوَالِ ( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَنْفَعُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِأَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ الْفَقِيرَةَ وَيَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا الْمُوسِرَةِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ هَذَا فَهَذَا مِثْلُهُ ، وَكَمَا أَنَّ مَنْفَعَةَ الْوَصِيَّةِ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا لَهُ بِوَلِيِّهِ فَمَنْفَعَةُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مِنْ حَيْثُ الْأَجْرُ وَصِلَةِ الرَّحِمِ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِوَلِيِّهِ ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ الْغُلَامُ بَالِغًا وَلَكِنَّهُ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْبُلُوغِ وَمِثْلُهُ يُسَمَّى يَافِعًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَمْ يَسْتَفْسِرْ وَصِيَّتَهُ كَانَتْ بِعَمَلِ الْقُرْبَةِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الصَّبِيُّ : إذَا أَدْرَكْت ، ثُمَّ مِتُّ فَثُلُثِي لِفُلَانٍ فَهُوَ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الصَّبِيِّ هَدَرٌ فِي التَّبَرُّعَاتِ كَمَا هُوَ هَدَرٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ، ثُمَّ لَا يَصِحُّ مِنْهُ إضَافَةُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إلَى مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ غَيْرُهُمَا فَكَذَلِكَ إضَافَةُ التَّبَرُّعِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إذَا قَالَ : إذَا أُعْتِقْتُ فَثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ لِفُلَانٍ ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مُخَاطَبٌ لَهُ قَوْلٌ مُلْزِمٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيَصِحُّ إضَافَةُ التَّبَرُّعِ إلَى حَالَةِ حَقِيقَةِ مِلْكِهِ فَأَمَّا الصَّبِيُّ فَغَيْرُ مُخَاطَبِ وَلَيْسَ لَهُ قَوْلٌ مُلْزِمٌ فِي التَّبَرُّعَاتِ أَصْلًا فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ ، ثُمَّ أَدَّى فَعَتَقَ ، ثُمَّ مَاتَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هِيَ

صَحِيحَةٌ ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ

إذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ : كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فِيمَا اسْتَقْبَلَ فَهُوَ حُرٌّ ، ثُمَّ عَتَقَ فَمَلَكَ مَمْلُوكًا .
وَإِذَا أَوْصَى الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ بِمَالِهِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ حُكْمَنَا لَا يُجْرَى عَلَى وَرَثَتِهِ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ امْتِنَاعَ نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَحِقَ الْوَرَثَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ إذَا أَجَازُوا كَانَ نَافِذًا ، وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ حَقٌّ مَرْعِيٌّ عِنْدَنَا ؛ لِأَنَّ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ فِي هَذَا بِسَبَبِ الْأَمَانِ ، وَالْأَمَانُ كَانَ لِحَقِّهِ لَا لِحَقِّ وَرَثَتِهِ وَمِنْ حَقِّهِ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ لَا إبْطَالُهَا .
وَإِنْ أَوْصَى بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ أَجَزْتُ وَصِيَّتَهُ وَرَدَدْت الْبَاقِيَ عَلَى وَرَثَتِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُسْتَأْمَنِ أَيْضًا لَا لِحَقِّ وَرَثَتِهِ ، وَمِنْ حَقّه تَسْلِيمُ مَالِهِ إلَى وَرَثَتِهِ إذَا فَرَغَ عَنْ حَاجَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى مِقْدَارِ مَا أَوْصَى بِهِ فَارِغٌ عَنْ ذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ .
وَإِنْ شَهِدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَجَزْتُ ذَلِكَ .
وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ مِلَّتِهِ ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ مَقْبُولَةٌ .
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ بِوَصِيَّةٍ جَازَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِي دَارِنَا فَهُوَ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِمَنْزِلَةِ الذِّمِّيِّ بِدَلِيلِ عُقُودِ التَّمْلِيكَاتِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ وَذَكَر فِي الْأَمَالِي أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِلْمُسْتَأْمَنِ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي دَارِنَا صُورَةً فَهُوَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ حُكْمًا حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ

إطَالَةِ الْمَقَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَوَصِيَّةُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ تَأْثِيرًا فِي قَطْعِ الْعِصْمَةِ وَالْمُوَالَاةِ وَمُحَمَّدٌ قَالَ : الْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ بِالتَّمْلِيكِ ابْتِدَاءً بَعْدَ الْمَوْتِ فَتُعْتَبَرُ بِالتَّبَرُّعِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ فَكَذَلِكَ هَذَا .
وَإِنْ أَوْصَى الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِوَصِيَّةٍ ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ ، وَصَارُوا ذِمَّةً ، ثُمَّ اخْتَصَمُوا فِي تِلْكَ الْوَصِيَّةِ ، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا أَجَزْتُهَا .
وَإِنْ كَانَتْ قَدْ اُسْتُهْلِكَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَبْطَلْتُهَا مِنْ قِبَلِ أَنِّي لَا آخُذُ أَهْلَ الْحَرْبِ بِمَا اغْتَصَبَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضِ فَالْمُسْتَهْلِكُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَهْلِكُ لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ وَمَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَالْإِسْلَامُ الْمَوْجُودُ مِنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودَ بِمَنْزِلَةِ الْمُقْتَرِنِ بِالْعَقْدِ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الذِّمِّيِّ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ الْتَزَمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ فَكَمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَصِيَّةِ ، وَالْوَصِيَّةَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ لَا تَجُوزُ مِنْ الْمُسْلِمِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ وَرَثَتِهِ فَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ مِنْ الذِّمِّيِّ .
وَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ أَهْلِ مِلَّتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي حُكْمِ الْإِرْثِ فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ

وَإِنْ أَوْصَى لِحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَجُزْ لَتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا ؛ وَلِهَذَا لَا يَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا

وَإِنْ أَوْصَى الذِّمِّيُّ لِلْبِيعَةِ أَوْ لِلْكَنِيسَةِ أَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهَا فِي إصْلَاحِهَا أَوْ أَوْصَى أَنْ يُبْنَى بِمَالِهِ بِيعَةٌ أَوْ كَنِيسَةٌ أَوْ بَيْتُ نَارٍ أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُذْبَحَ لِعِيدِهِمْ أَوْ لِلْبِيعَةِ أَوْ لِبَيْتِ نَارِهِمْ ذَبِيحَةً جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ .
( وَوَصَايَا أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ) : مِنْهَا أَنْ يُوصِيَ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ كَالْوَصِيَّةِ بِالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْإِسْرَاجِ فِي الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ فَهَذَا يَجِبُ تَنْفِيذُهُ مِنْ ثُلُثِهِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا يَجِبُ تَنْفِيذُهُ إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُسْلِمًا فَإِنَّهُمْ يَتَقَرَّبُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ بِزَعْمِهِمْ .
وَإِنْ كَانُوا لَا يُثَابُونَ عَلَى ذَلِكَ .
وَوَجْهٌ مِنْهَا أَنْ يُوصَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا مَعْصِيَةٌ عِنْدَهُمْ كَالْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ وَالْغَزْوِ إلَى الرُّومِ إذَا كَانَ الْمُوصِي مِنْهُمْ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَبْطُلُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ الْقُرْبَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا أُمِرْنَا أَنْ نَبْنِيَ الْأَحْكَامَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لِأَقْوَامٍ مُعَيَّنِينَ يَصْرِفُونَهُ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ فَحِينَئِذٍ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لِأَعْيَانِهِمْ لَا لِمَعْنَى الْقُرْبَةِ ، وَهُوَ نَظِيرُ الْمُسْلِمِ يُوصِي بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لِلْمُغَنِّيَاتِ أَوْ لِلنَّائِحَاتِ ، فَإِنْ كَانُوا أَقْوَامًا بِعَيْنِهِمْ يُحْصَوْنَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ وَإِلَّا بَطَلَتْ .
وَوَجْهٌ مِنْهَا أَنْ يُوصِيَ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَجْهِ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ حَتَّى يُقَالَ : إنَّهَا وَقَعَتْ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ كَانَ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُسْتَبْهِمَةً فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ .
وَإِنْ كَانَ لِأَقْوَامٍ مُعِينِينَ

فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ مِنْهُ لَهُمْ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا كَمَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ : الْمُوصِي فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ قَصَدَ التَّقَرُّبَ إلَى رَبِّهِ فَيَجِبُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ .
وَإِنْ كَانَ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مَعْصِيَةً فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ إصْرَارَهُ عَلَى الْكُفْرِ وَاشْتِغَالَهُ بِالْوَصِيَّةِ مَعْصِيَةٌ مِنْهُ ، وَهُوَ غَيْرُ مُثَابٍ عَلَى مَا يُوصِي بِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ ، وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِأَنَّ نَبْنِيَ أَحْكَامَهُمْ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّا نُجَوِّزُ التَّصَرُّفَ مِنْهُمْ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِمْ ، وَإِنَّمَا نَعْتَبِرُ مَا يُظْهِرُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَعْتَبِرَ حَقِيقَةَ مَا يُضْمِرُونَ فِي ذَلِكَ ، وَلِهَذَا يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ فِي الْخُصُومَاتِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ فِيمَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ اعْتِقَادِهِمْ لَا اعْتِقَادِ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ فِيمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ .
وَإِنْ بَنِي فِي حَيَاتِهِ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ ، ثُمَّ مَاتَ كَانَ مِيرَاثًا أَمَّا عِنْدهمَا ؛ فَلِأَنَّ هَذِهِ مَعْصِيَةٌ ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ وَالْوَقْفُ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ ، وَلَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْمُسْلِمِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَقَرُّبٌ بِتَحْرِيرِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ وَجَعْلِهَا لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا ( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ يُعِدُّهَا لِعِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا بُقْعَةُ الْبِيَعِ فَإِنَّمَا يَعُدُّهَا لِلتَّبَرُّكِ وَعِبَادَةِ الشَّيَاطِينِ ، فَلَا تَتَحَرَّرُ بِهِ عَنْ مِلْكِهِ ؛ فَلِهَذَا تَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ .

وَوَصِيَّةُ الذِّمِّيِّ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ الشَّاةِ وَالْعَصِيرِ فِي حَقِّنَا .
وَلَوْ أَوْصَى الذِّمِّيُّ إلَى الْمُسْلِمِ فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَخْلُفُ الْمُوصِي وَكَمَا أَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ يَمْنَعُ الْخِلَافَةَ بِسَبَبِ الْإِرْثِ فِي الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ ، فَكَذَلِكَ يَمْنَعُ الْخِلَافَةَ فِي التَّصَرُّفِ بِجِهَةِ الْإِيصَاءِ إلَيْهِ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ : تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ بِجِهَةِ الْإِيصَاءِ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْوَصِيَّةِ كَتَفْوِيضِ التَّصَرُّفِ إلَيْهِ فِي الْوَكَالَةِ فِي حَيَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَ بَيْعَ ذَلِكَ مَنْ يَثِقُ بِأَمَانَتِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ شَرْعًا وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ .
وَإِذَا شَهِدَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِدَيْنٍ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْوَصِيُّ مُسْلِمٌ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْوَصِيِّ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى وَرَثَتِهِ ، وَهِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ ذِمِّيًّا لَوْ وَكَّلَ بِخُصُومَتِهِ مُسْلِمًا فَشَهِدَ عَلَيْهِ شُهُودٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ ، قَالَ : وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ بِمَا تَوَلَّاهُ الْوَصِيُّ مِنْ عُقُودِهِ ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ الْعَقْدَ لِغَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ مُبَاشَرَتِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةٍ هِيَ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ

وَلَوْ أَوْصَى الذِّمِّيُّ لِلْمُسْلِمِ أَوْ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ بِوَصِيَّةٍ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَنَا اعْتِبَارًا لِلتَّبَرُّعِ بِالتَّمْلِيكِ بَعْدَ الْوَفَاةِ بِالتَّبَرُّعِ حَالَةَ الْحَيَاةِ

وَلَوْ أَوْصَى الْمُسْلِمُ بِبَيْتٍ لَهُ يُبْنَى مَسْجِدًا فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ ثُلُثِهِ ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّبَ بِتِلْكَ الْبُقْعَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى حِينَ جَعَلَهَا مُعَدَّةً لِإِقَامَةِ الطَّاعَةِ فِيهَا .
وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ جَازَ فَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بَعْدَ مَوْتِهِ .
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُرَمَّ مَسْجِدٌ مَبْنِيٌّ أَوْ يُلْقَى فِيهِ حَصًى أَوْ يُجَصَّصَ أَوْ يُعَلَّقَ عَلَيْهِ أَبْوَابٌ فَهُوَ جَائِزٌ مِنْ ثُلُثِهِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فِيمَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لِلْمَسْجِدِ ، وَذَكَر فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ فَيَقُولُ : لِمَرَمَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِعِمَارَتِهِ أَوْ لِمَصَالِحِهِ فَإِنَّ مُطَلَّقَ قَوْلِهِ لِلْمَسْجِدِ يُوجِبُ التَّمْلِيكَ مِنْ الْمَسْجِدِ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ ، وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ مِنْ ثُلُثِهِ ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَيِّدُ مُطَلَّقَ لَفْظِهِ ، وَفِي الْعُرْفِ إنَّمَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ مَرَمَّةُ الْمَسْجِدِ أَوْ عِمَارَتُهُ .
وَإِنْ جَعَلَ السُّفْلَ مَسْجِدًا وَالْعُلُوَّ مَسْكَنًا أَوْ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَهُوَ مِيرَاثٌ يُبَاعُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَسَاجِدِ الْكَعْبَةَ وَتِلْكَ الْبُقْعَةُ جُعِلَتْ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَحَرَّرَتْ عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَكُلُّ مَا يَكُونُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَهُوَ نَافِذٌ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَاهُ فَلَيْسَ بِمَسْجِدٍ وَعَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ إنْ جَعَلَ السُّفْلَ مَسْجِدًا دُونَ الْعُلُوِّ جَازَ .
وَإِنْ جَعَلَ الْعُلُوَّ مَسْجِدًا دُونَ السُّفْلِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَالُهُ قَرَارٌ وَتَأْبِيدٌ ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ كُلَّهُ حِينَ قَدِمَ بَغْدَادَ وَرَأَى ضِيقَ الْمَنَازِلِ بِأَهْلِهَا ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْحَبْسَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ

وَإِذَا أَوْصَى الْمُسْلِمُ بِبِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَتَقَرَّبُ إلَيَّ اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ ، وَهُوَ لَمْ يَقَعْ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ

وَلَوْ أَوْصَى الْمُسْلِمُ بِغَلَّةِ جَارِيَةٍ تَكُونُ فِي نَفَقَةِ الْمَسْجِدِ وَمَرَمَّتِهِ فَانْهَدَمَ الْمَسْجِدُ وَقَدْ اجْتَمَعَ مِنْ غَلَّتِهَا شَيْءٌ أُنْفِقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي بِنَائِهِ ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ تَقَعُ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ ، وَمِنْ الْمَصَالِحِ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الِانْهِدَامِ .
وَلَوْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ وَلَيْسَ بِيَدِهِ غَلَّةٌ مُجْتَمِعَةٌ فَإِنِّي أَبْنِي الْمَسْجِدَ ثَانِيًا وَأُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهَا يَعْنِي بِطَرِيقِ الِاسْتِقْرَاضِ فَيُقْضَى ذَلِكَ مِنْ غَلَّتِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
وَإِنْ شَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى بِنَاءِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

بَابُ الْوَصِيَّةِ بِسُدُسِ دَارِهِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ : ثُلُثِي لِفُلَانٍ أَوْ سُدُسِي لِفُلَانٍ ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ فَهُوَ فِي الْقِيَاسِ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَحُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ مُرَادَهُ الْهِبَةُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ مُطْلَقَ هَذَا اللَّفْظِ يَتَنَاوَلُ الْهِبَةَ ، وَالْمَوْهُوبُ مَجْهُولٌ غَيْرُ مَقْبُوضٍ ، وَذَلِكَ دُونَ هِبَةِ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ حَقِيقَةَ هَذَا اللَّفْظِ يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ نَفْسَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ : ثُلُثِي وَسُدُسِي وَنَفْسُهُ لَا تَحْتَمِلُ الْإِيجَابَ لِلْغَيْرِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَنَّهُ مَالٌ أَمْ لَا وَأَيُّ مِقْدَارِ مَالِهِ ، وَمِنْ أَيِّ جِنْسِ مَالِهِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَجَعَلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً مِنْ جَمِيعِ تَرِكَتِهِ كَمَا سُمِّيَ ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ تُسْقِطُ اعْتِبَارَهُ بِدَلِيلِ الْعُرْفِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَنَفْسَجًا يُنْصَرَفُ إلَى الدَّيْنِ دُونَ الْوَرِقِ بِدَلِيلِ الْعُرْفِ ، وَالْعُرْفُ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ بِإِطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ فِي الْمَرَضِ إيجَابُ الْوَصِيَّةِ فِي ثُلُثِ الْمَالِ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِثُلُثِي أَيْ بِالثُّلُثِ الَّذِي جَعَلَ لِي الشَّرْعُ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ } الْحَدِيثُ

وَإِذَا قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ : فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ ، وَلَيْسَ هَذَا بِإِقْرَارٍ ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ مَا جَعَلَهُ لِفُلَانٍ إلَى نَفْسِهِ أَوَّلًا فِيهِ ، تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ إيجَابُهُ لَهُ لَا الْإِخْبَارُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ، وَبِذِكْرِ هَذَا اللَّفْظِ فِي حَالَةِ الْوَصِيَّةِ يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْوَصِيَّةُ دُونَ الْهِبَةِ ، وَالشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتِمَّةُ الْقَبْضِ وَأَصْلُ الْقَبْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ .
وَلَوْ قَالَ : لَهُ السُّدُسُ فِي دَارِي فَهَذَا إقْرَارٌ ؛ لِأَنَّ اللَّامَ لِثَبَاتِ الْمِلْكِ فَقَدْ أَخْبَرَ بِمِلْكِهِ فِي سُدُسٍ مُنَكَّرٍ وَجَعَلَ دَارِهِ ظَرْفًا لِذَلِكَ السُّدُسِ فَلَا يَصِيرُ هُوَ بِإِضَافَةِ الظَّرْفِ إلَى نَفْسِهِ بِمُضِيفِ مِلْكِ السُّدُسِ إلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا مِنْهُ ابْتِدَاءً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ ذَرَّةٌ فِي كَفِّي لِفُلَانٍ أَوْ نَوَاةٌ فِي كُمِّي لِفُلَانٍ

وَلَوْ قَالَ : لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي لَمْ يَكُنْ هَذَا إقْرَارًا ، وَهُوَ وَصِيَّةٌ إذَا كَانَ ذَكَر فِي وَصِيَّتِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي مَالِي ؛ لِأَنَّ حَرْفَ " فِي " لِلظَّرْفِ وَحَرْفَ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ فَإِذَا جَعَلَ الْأَلْفَ بَعْضًا مِنْ مَالِهِ كَانَ مُضِيفًا الْأَلْفَ إلَى نَفْسِهِ ، ثُمَّ مُوجِبًا لِفُلَانٍ

وَإِنْ قَالَ : عَبْدِي هَذَا لِفُلَانٍ أَوْ دَارِي هَذِهِ لِفُلَانٍ فَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ فِي الْقِيَاسِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهَا فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ هَذَا اللَّفْظِ لِلتَّمْلِيكِ فِي الْحَالِ فَفِي الْعَبْدِ وَالدَّارِ يُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَقْصُودِهِ مَعَ اعْتِبَارِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ فِيهَا يَصِحُّ ، وَفِي قَوْلِهِ سُدُسُ دَارِي لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَقْصُودِهِ مَعَ مُرَاعَاةِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ ؛ فَلِهَذَا حَمَلْنَا ذَلِكَ عَلَى الْوَصِيَّةِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96