كتاب : المبسوط
المؤلف : محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي
وَإِذَا نَفَذَتْ إجَازَتُهُمَا قُلْنَا : الْمِائَةُ الْعَيْنُ تُقْسَمُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ مِائَةٌ فِي دِرْهَمٍ ، وَحَقُّ كُلِّ ابْنٍ فِي خَمْسِينَ فَتُقْسَمُ الْمِائَةُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِلْمُوصَى لَهُ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَثُلُثُهَا لِلِابْنِ ، وَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ، وَإِنَّمَا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي نِصْفِهَا فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ حِصَّتَهُ ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ، وَأَدَّى خَمْسِينَ فَاقْتَسَمَهَا الِابْنُ وَالْمُوصَى لَهُ أَثْلَاثًا لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَاهَا ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَيَصِلُ إلَيْهِ كَمَالُ حَقِّهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، وَيُسَلَّمُ لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا .
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِنِصْفِ الْعَيْنِ ، وَنِصْفِ الدَّيْنِ فَأَجَازَ الْوَارِثَانِ ذَلِكَ فَإِجَازَةُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلَةٌ ، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَيْ الْمَالِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ نِصْفُهُ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ الْعَيْنِ حَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ ، وَقَدْ أَجَازَ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَصِيَّتَهُ ، وَإِجَازَتُهُ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّهِ فَيَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْعَيْنِ وَنِصْفِ الدَّيْنِ ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَالِابْنُ إنَّمَا يَضْرِبُ فَلِهَذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَاهَا ، وَلِلِابْنِ ثُلُثُهَا .
فَإِنْ قِيلَ : فَإِذَا سَلَّمَ لِلِابْنِ ثُلُثَهَا ، وَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ ثُلُثُهَا قُلْنَا السَّالِمُ لِلِابْنِ ثُلُثُ الْعَيْنِ فِي الصُّورَةِ ، وَفِي الْحُكْمِ نِصْفُ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ إجَازَتِهِ فَيَكُونُ كَالسَّالِمِ لَهُ فِي حُكْمٍ ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ
الدَّيْنِ فِي الْحُكْمِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا .
وَلَوْ أَجَازَ لَهُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَصِيَّتَهُ ، وَأَجَازَ أَيْضًا مَا أَجَازَ لَهُ أَخُوهُ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِإِجَازَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ نِصْفَ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ وَنِصْفُهُ فِي الْعَيْنِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إجَازَةَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فِي الْعَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِحَقِّ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الِابْنُ الْآخَرُ إجَازَتَهُ لَكَانَ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ فَإِذَا أَجَازَ إجَازَتَهُ أَخَذَ مَعَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَثُلُثَا حِصَّتِهِ مِنْ الْإِجَازَةِ فِي الْمِائَةِ الْعَيْنِ فَتَكُونُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا .
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ تُقْسَمُ الْمِائَةُ الْعَيْنُ أَثْلَاثًا ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ حِصَّةَ إجَازَتِهِ فِي الْمِائَةِ الْعَيْنِ ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ ، وَيُقْسَمُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ، وَهُوَ ثُلُثُ الْمِائَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيُسَلَّمُ لَهُ أَيْضًا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ وَثُلُثًا .
وَالنِّصْفُ الَّذِي أَخَذَهُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَأْخُذُهُ أَيْضًا بِالْإِجَازَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ ، وَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهُ عِوَضًا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ ، وَقَدْ أَجَازَ وَصِيَّتَهُ فِيهِ فَيَكُونُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِيهِ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّهِ فَإِذَا ضَمَّ ذَلِكَ إلَى مَا أَخَذَهُ كَانَ لَهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فَإِذَا ثَبَتَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ ، وَدَفَعَ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِمَا خَمْسِينَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ حِصَّةَ الْإِجَازَةِ فِي الدَّيْنِ قَدْ وَصَلَتْ إلَيْهِ فَبَقِيَ حَقُّهُمَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ سَوَاءٌ فَإِذَا اقْتَسَمَا هَذِهِ الْخَمْسِينَ
نِصْفَيْنِ سَلَّمَ لِلْمُوصَى لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كَمَالَ حَقِّهِ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسُونَ .
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَجَازَ أَوْ لَمْ يُجِزْ فَهُوَ سَوَاءٌ ، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَسْتَغْنِي عَنْ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ ثُلُثِ الْمَالِ بِالْوَصِيَّةِ ، وَهُوَ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ بِالثُّلُثِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْمَالِ ، وَمَا يَتْوِي مِنْهُ .
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَبِثُلُثِ الدَّيْنِ لِرَجُلٍ فَأَجَازَ أَخَذَ مِنْ الْعَيْنِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَثُلُثًا .
قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَاعْلَمْ بِأَنَّ إجَازَتَهُمَا هَاهُنَا فِي الِابْتِدَاءِ مُعْتَبَرَةٌ ، وَفِي الِانْتِهَاءِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ ثُمَّ نِصْفُ الْعَيْنِ ، وَهُوَ خَمْسُونَ سَالِمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِلَا مِنَّةِ الْإِجَازَةِ يَبْقَى إلَى تَمَامِ حَقِّهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ حَقِّهِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ ، وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ ، وَمَا يُسَلَّمُ لَهُ بِالْإِجَازَةِ يَكُونُ مِنْ جِهَةِ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ إلَّا أَنَّ إجَازَةَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْعَيْنِ ، وَإِجَازَةُ الِابْنِ الْآخَرِ مُعْتَبَرَةٌ فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ ثَمَانِيَةً وَثُلُثًا فَلِهَذَا كَانَ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ فَإِنْ أَجَازَ الِابْنُ الْآخَرُ مَا أَجَازَ لَهُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ أَيْضًا أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمِائَةِ الْعَيْنِ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ لِأَنَّ حِصَّةَ الْمَدْيُونِ إنَّمَا كَانَتْ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْإِجَازَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الِابْنِ الْآخَرِ فَإِذَا رَضِيَ بِهِ الِابْنُ الْآخَرُ أَخَذَ كَمَالَ حَقِّهِ فَقَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ حَقِّهِ ، وَقَدْ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، وَحَقُّهُ فِيمَا تَعَيَّنَ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَعَنَ عِيسَى فِي هَذَا الْفَصْلِ وَقَالَ إنَّهُ أَعْطَى الْمُوصَى لَهُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ ، وَلَمْ يَفْعَلْ مِثْلَ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ لَا فِي
الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ ، وَلَا فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ، وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا لِإِظْهَارِ تَأْثِيرِ الْإِجَازَةِ فَإِنَّ إجَازَتَهُمَا بَعْدَ خُرُوجِ الدَّيْنِ لَغْوٌ فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ جَمِيعُ وَصِيَّتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ صَارَتْ مِنْهُ الْإِجَازَةُ لَغْوًا أَصْلًا وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَهُنَاكَ الْإِجَازَةُ مُؤَثِّرَةٌ بَعْدَ خُرُوجِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِنِصْفِ الْمَالِ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إذَا خَرَجَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ ، وَأَمْسَكَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ كَمَالَ حَقِّهِ ، وَأَعْطَى ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ إلَى أَخِيهِ ، وَقَدْ سَلَّمَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَالَ حَقِّهِ .
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِنِصْفِ مَالِهِ فَأَجَازَ الِابْنُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، وَلَمْ يُجِزْ الْآخَرُ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ ، وَلَا تَتَعَيَّنُ إجَازَتُهُ فِيهِ ، وَلِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ جَمِيعَ مِيرَاثِهِ ، وَلَكِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ نِصْفَ الْعَيْنِ فَإِذَا خَرَجَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ كَمَالَ حَقِّهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الِابْنِ الْمَدْيُونِ بِسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَ الْمَالُ كُلُّهُ عُلِمَتْ إجَازَتُهُ فِي حِصَّتِهِ ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَا دِرْهَمٍ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَيَبْقَى لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا أَجَازَا ، وَقَدْ سَلَّمَ الِابْنُ الْآخَرُ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا لَمْ يُجِيزَا .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ابْنَيْنِ ، وَلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَتَرَكَ دَارًا تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الدَّارِ ، وَلِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدَّارِ فِي يَدِ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى الْقَاضِي الْأَمْرَ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمَالَ الْعَيْنَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَنَصِيبُ الْمَدْيُونِ مِنْهُ يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنُ الْآخَرُ قَضَاءً بِمَا لَهُمَا عَلَيْهِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ ، وَهَا هُنَا نَصِيبُهُ مِنْ الدَّارِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْقَى ، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ يَأْخُذُهُ لِمَا فِي أَخْذِهِ مِنْ مَعْنَى الْبَيْعِ ، وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَحْدَهُ ، وَلَكِنَّهُ يُوقَفُ فِي أَيْدِيهِمَا لِمَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ، وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ مَحْبُوسٌ بِالْقَبْضِ وَالِابْنُ مَحْبُوسٌ بِالْجَعْلِ ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ ذَلِكَ إلَى الِابْنِ الْمَدْيُونِ ازْدَادَ نَصِيبُهُ عَلَى نَصِيبِ الِابْنِ الْآخَرِ مِنْ التَّرِكَةِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ثُمَّ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَيَقُولُ الْقَاضِي لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ أَدِّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ الَّتِي لَهُمَا عَلَيْك ، وَإِلَّا بِعْنَا ثُلُثَ الدَّارِ الَّذِي صَارَ لَك ، وَأَوْفَيْنَا هَؤُلَاءِ حُقُوقَهُمْ ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ لِلنَّظَرِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْجَانِيَيْنِ ، وَذَلِكَ فِيمَا قُلْنَا فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا ثُلُثَيْ الْأَلْفِ أَخَذَ ثُلُثَ الدَّارِ ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِمَا كَمَالُ حَقِّهِمَا ، وَيَصِلُ إلَيْهِ كَمَالَ حَقِّهِ أَيْضًا .
وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْقَاضِي فَأَخَذَا ثَمَنَهُ نِصْفَيْنِ .
قِيلَ : هَذَا قَوْلُهُمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَا يَبِيعُ الْقَاضِي نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ لِأَنَّ لَهُمَا عَلَيْهِ دَيْنًا ، وَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَبِيعُ عَلَى الْمَدْيُونِ
مَالَهُ ، وَقِيلَ : بَلْ هُوَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ ، وَلِلْقَاضِي فِي التَّرِكَةِ وِلَايَةُ الْبَيْعِ لِمَكَانِ الدَّيْنِ فَيَبِيعُ نَصِيبَهُ ، وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ حَقَّهُمَا فِيمَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ لَهُمْ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَالٍ تَرَكَهُ الْمَيِّتُ سِوَى الدَّرَاهِمِ فَهُوَ وَالدَّارُ سَوَاءٌ لِأَنَّ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ هَذَا الْمَالِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ .
وَكَذَلِكَ الْمَالُ لَوْ كَانَ دَنَانِيرَ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ يَقُولُ يَأْخُذُونَ ذَلِكَ قَضَاءً مِمَّا لَهُمَا عَلَيْهِ ، وَهَذَا مَذْهَبُهُ أَيْضًا فِي صَاحِبِ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ يَأْخُذُ النَّقْدَيْنِ وَدَيْنَهُ مِنْ النَّقْدِ الْآخَرِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ مَشَايِخِنَا أَيْضًا لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ .
وَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَأَخَذَ الدَّنَانِيرِ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ يَكُونُ مُبَادَلَةً فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي عَلَيْهِ مُبَهْرَجَةً ، وَمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ أَجْوَدُ مِنْهَا لِأَنَّهُمَا لَوْ اسْتَوْفَيَا نَصِيبَهُ مَكَانَ مَا عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَدْيُونِ فِي الْجَوْدَةِ .
وَلَوْ اسْتَوْفَيَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ الَّتِي فِي الدَّارِ فَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ أَجْوَدُ مِمَّا خَلَّفَهُ الْمَيِّتُ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَرَضِيَا بِأَخْذِ نَصِيبِ الْمَدْيُونِ قِصَاصًا فَلَهُمَا ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا تَجَوَّزَا بِدُونِ حَقِّهِمَا ، وَأَسْقَطَا حَقَّهُمَا فِي الْجَوْدَةِ .
وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِذَلِكَ كَانَتْ كَجِنْسٍ آخَرَ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُمَا لَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الرِّبَا ، وَقَدْ انْعَدَمَ الرِّضَا مِنْهُمَا بِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ قَضَاءً مِنْ حَقِّهِمَا بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ
فَيُرْفَعُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهُ لَهُمْ فَيُوفِيَهُمْ حَقَّهُمْ .
وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَتَرَكَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدَارًا تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ فَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَسْتَوْفِي حِصَّتَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَيُمْنَعُ الْمَدْيُونُ مِنْ حِصَّتِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ نَصِيبِهِ مَكَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِانْعِدَامِ الْمُجَانَسَةِ ، وَلَا يَتَمَكَّنُ الْمَدْيُونُ مِنْ أَخْذِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَلِّمُ لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يُسَلِّمُ لِأَخِيهِ فَيَبْقَى نَصِيبُهُ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى أَخِيهِ فَإِنْ أَعْتَقَ الِابْنَ الْمَدْيُونَ الْعَبْدَ نَفَذَ الْعِتْقُ مِنْ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِنَصِيبِهِ ، وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا عَنْهُ لِحَقِّ أَخِيهِ فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي إذَا أَعْتَقَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَمَوْلَى الْإِبَاقِ إذَا أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْجُعْلِ فَإِذَا أَنْفَذَ الْعِتْقَ فِي نَصِيبِهِ كَانَ الشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ فِي نَصِيبِهِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي عَبْدٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ يُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الِابْنِ الْآخَرِ لِأَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ مَا تَعَلَّقَ بِمَالِيَّتِهِ .
وَإِنْ كَانَ هُوَ مَحْبُوسًا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِبَاقِ وَالْمَبِيعُ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ إذَا أَعْتَقَهُ الرَّاهِنُ ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فَإِنَّ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةَ فِي الدَّيْنِ ، وَكَانَ مُتَعَلِّقًا بِمَالِيَّتِهِ ، وَتِلْكَ الْمَالِيَّةُ سَلِمَتْ لِلْعَبْدِ فَلِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْبِسَ نَصِيبَ أَخِيهِ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ نِصْفَ الدَّيْنِ لِأَنَّ قَبْلَ إعْتَاقِ الْعَبْدِ كَانَ حَقُّ الْحَبْسِ ثَابِتًا لَهُ فِي هَذَا النِّصْفِ مِنْ الدَّارِ فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ .
وَإِنْ أَعْطَاهُ نِصْفَ الدَّارِ لِسَكَنِهِ ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ نِصْفَ الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ
لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَارَ مُسْقِطًا حَقَّهُ فِي الْحَبْسِ وَالسَّاقِطُ يَكُونُ مُتَلَاشِيًا فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِعَادَةَ كَالْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ دَيْنًا عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ ، وَهُوَ مُعْسِرٌ وَأَعْتَقَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ سَعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَقَّهُمَا فِي سِعَايَتِهِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ حَقِّهِ مِمَّا عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ مِنْ السِّعَايَةِ ، وَلَكِنَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ يُسَلَّمُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمُعْتَقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةً فَالْعَبْدُ مُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْمَالِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَالَ الْمُعَيَّنَ يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ نِصْفَيْنِ ، وَسِعَايَتُهُ بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْعَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُمْسِكُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، وَيُؤَدِّي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ بَيْنَ الِابْنِ الْمُعْتَقِ نِصْفَيْنِ حَتَّى يَسْلَمَ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ .
وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ فِي مِائَتَيْنِ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَانِ ، وَلَوْ كَانَ الْغُلَامُ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ يَسْعَى الْعَبْدُ أَيْضًا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ سِعَايَتَهُ فِي حُكْمِ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ وَالدَّيْنِ تَاوٍ فَيَسْعَى فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ كَمَالَ حَقِّهِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَأَدَّى مِائَةً وَخَمْسِينَ فَيَقْسِمُ مِائَةً مِنْ ذَلِكَ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْعَبْدَ نِصْفَيْنِ ، وَمَا بَقِيَ لِلِابْنِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الْعَيْنُ تَبَيَّنَ أَنَّ رَقَبَةَ الْعَبْدِ كَانَ رُبُعَ مَالِ الْمَيِّتِ فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ فِي جَمِيعِهِ مَجَازًا ، وَيَكُونُ لِكُلِّ ابْنٍ نِصْفُ ثَلَثِمِائَةٍ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ .
وَقَدْ أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ،
وَيُسَلِّمُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي الْحَاصِل مِائَةٌ ، وَخَمْسُونَ ، وَقَدْ أَمْسَكَ الْمَدْيُونُ مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ .
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَتَرَكَ مِائَةً دَيْنًا عَلَى امْرَأَتِهِ وَمِائَةً عَيْنًا ، وَقَدْ أَوْصَى مِنْ مَالِهِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا لِرَجُلٍ ، وَلِآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ مَالِهِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ تَبْطُلُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَاقِي بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مَا يَفْضُلُ عَنْ حَقِّ ذَوِي السِّهَامِ ، وَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لِاسْتِغْرَاقِ الْوَصِيَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ ثُمَّ الْعَيْنُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالدِّرْهَمِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا أَرْبَعَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ لِأَنَّا نُصَحِّحُ السِّهَامَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ فَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ ثُمَّ يُزَادُ لِلْوَصِيَّتَيْنِ مِثْلُ نِصْفِهِ أَرْبَعَةً ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَوْفِيَةٌ حَقَّهَا مِمَّا عَلَيْهَا يَبْقَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَإِذَا قُسِمَتْ الْمِائَةُ الْعَيْنُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ كَانَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَجَزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُمَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ ، وَلِلِابْنِ مَا بَقِيَ ، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ ، وَجُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ إذَا ضَمَمْت ذَلِكَ إلَى مِائَةٍ كَانَ ثُلُثُهُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ بِرُبْعِ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا ، وَثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ فَقَدْ انْكَسَرَ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا فَالسَّبِيلُ أَنْ يَضْرِبَ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فِي أَحَدَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَلَثَمِائَةٍ وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ يَضْرِبُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا إذَا ضَرَبْت ذَلِكَ فِي أَحَدَ عَشَرَ يَكُونُ مِائَتَيْنِ
وَعِشْرِينَ ثُمَّ بَيْنَ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ مُوَافَقَةٌ بِنِصْفِ الْعُشْرِ فَإِذَا اقْتَصَرَتْ مِنْ ثَلَثِمِائَةٍ عَلَى نِصْفِ عُشْرِهَا يَكُونُ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ فَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ، وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى هَذَا فَالثُّلُثَانِ اثْنَانِ وَخَمْسُونَ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ يُطْرَحُ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَنِصْفٌ ، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ أَحَدَ عَشَرَ فَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ ، وَبَيْنَ الِابْنِ يَضْرِبُ فِيهِ الِابْنُ بِحَقِّهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَجِبُ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهَا ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ ثُمَّ تَنْفُذُ الْوَصِيَّتَانِ فِي ثُلُثِ الْمَالِ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالْعِشْرِينَ بِعِشْرِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ بِالْخُمُسِ فَيَقْتَسِمَانِ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ .
هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا أَنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ ، وَبَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ غَلَطٌ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا مُفَسَّرًا .
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ لَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَتَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَيْنًا ، وَعَلَى أَجْنَبِيَّيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةٌ دَيْنًا فَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجْنَبِيَّيْنِ بِمَا عَلَيْهِ ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ الْمِائَةِ الْعَيْنِ فَأَدَّى أَحَدُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ مَا عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُفْلِسٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْمِائَةُ الْعَيْنُ وَالْمِائَةَ الَّتِي عَلَى الِابْنِ تُقْسَمُ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ثَلَاثَةٌ لِلْمُؤَدِّي ، وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى أَحَدُ الْغَرِيمَيْنِ صَارَ مَا عَلَى الِابْنِ عَيْنًا فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ لِلِابْنِ الْآخَرِ نِصْفُ الدَّيْنِ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ ، وَيُسَلِّمُ لِلْمَدْيُونِ مِثْلَ ذَلِكَ وَهُوَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ الْمُوصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَاَلَّذِي لَمْ يُؤَدِّ مُسْتَوْفٍ وَصِيَّتَهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُغَيَّرَ سِهَامُهُ فَيُجْعَلُ كُلُّ مِائَةٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فَيُسَلِّمُ ، وَكُلُّ غَرِيمٍ بِثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْغَرِيمِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ يَبْقَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ ثَلَاثَمِائَةٍ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ كُلُّ مِائَةٍ عَلَى سِتَّةٍ فَيَكُونُ كُلُّ سَهْمٍ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ يُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ ، وَلِلْغَرِيمِ الْمُؤَدِّي خَمْسِينَ ، وَلِلْآخَرِ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الْمَالِ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ، وَإِذَا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمْ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ مِائَةً وَسِتَّةَ عَشَرَ اسْتَقَامَ .
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَيْهِ ، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَلَمْ يُؤَدِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا
فَالْمِائَةُ الْعَيْنُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالِابْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ الْغَرِيمَيْنِ لَا يَقَعُ لَهُمَا وَصِيَّةً مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَحَلُّ حَقِّهِمَا بِالْأَدَاءِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُوصَى لَهُ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ فَهَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّخْرِيجِ سَوَاءٌ لِأَنَّ مَحَلَّ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ تَعَيَّنَ بِالْأَدَاءِ فَيَتَعَيَّنُ لَهُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى أَيْضًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلْمُوصَى عَلَى صَاحِبِهِ مِثْلَ مَا لِصَاحِبِهِ فِيمَا أَدَّى فَيَأْخُذُهُ قِصَاصًا بِهِ ، وَبِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ يَتَعَيَّنُ مَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا ، وَبَيْنَ وَصِيَّتِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا عَلَيْهِ .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ مِائَةً دَيْنًا ، وَتَرَكَ ثَوْبًا يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَثُلُثُ الثَّوْبِ لِلْمُوصَى لَهُ ، وَثُلُثٌ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَثُلُثٌ مَوْقُوفٌ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَدْيُونُ مَا عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ نَظِيرِ هَذَا أَنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ أَخْذِ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فَصَالَحَهُمَا .
وَلَوْ تَرَكَ مَعَ الثَّوْبِ مِائَةً عَيْنًا وَالثَّوْبُ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ، وَلِآخَرَ بِالثَّوْبِ فَإِنَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْسَمُ الْعَيْنُ وَالثَّوْبُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ، وَهَذِهِ مِنْ أَدَقِّ الْمَسَائِلِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ لِاجْتِمَاعِ قِسْمَتَيْنِ فَإِنَّ الْعَيْنَ تَحْتَاجُ إلَى قِسْمَةٍ عَلَى حِدَةٍ لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ وَالثَّوْبُ يَحْتَاجُ إلَى قِسْمَةِ عَلَى حِدَةٍ ، وَقَدْ اجْتَمَعَ فِي الثَّوْبِ وَصِيَّتَانِ وَصِيَّةٌ بِجَمِيعِهَا ، وَوَصِيَّةٌ بِثُلُثِهِ وَالْقِسْمَةُ عِنْدَهُ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ فَيَكُونُ الثَّوْبُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ثُمَّ الْمِائَةُ الْعَيْنُ تَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا كُلُّ خَمْسِينَ مِنْهَا سِتَّةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ فَيَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصِي لَهُمَا خَمْسَةٌ ، وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُتَعَيَّنُ مِائَةً وَخَمْسِينَ ظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ نِصْفِهِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فَيَكُونُ تِسْعَةَ أَسْهُمٍ ، وَلِصَاحِبِ الثَّوْبِ خَمْسَةٌ فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالثُّلُثَانِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ ، وَيُضْرَبُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْمُوصِي لَهُمَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فَتَكُونُ قِسْمَةُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَالثَّوْبُ ثُلُثُ الْعَيْنِ فَإِذَا صَارَ الْكُلُّ عَلَى سِتَّةً وَعِشْرِينَ كَانَ الثَّوْبُ
مِنْ ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ ، لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ الثَّوْبِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ يَأْخُذُ ذَلِكَ يَبْقَى مِنْ الثَّوْبِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثَانِ يُضَمُّ ذَلِكَ إلَى الْمِائَةِ الْعَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ فَأَمَّا الْمِائَة فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا يَضْرِبُ الِابْنُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْمُوصَى لَهُ بِثَمَانِيَةٍ .
وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ فَيُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ بِثَمَانِيَةٍ وَالِاثْنَانِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا مُجَانَسَةَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَبَيْنَ الدَّرَاهِمِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يُوقَفَ ذَلِكَ فِي يَدِ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَبِيعَهُ الْقَاضِي لِحَقِّ الْمُوصِي لَهُمَا فَإِنْ قِيلَ : فَلِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ قُلْنَا لَا كَذَلِكَ فَإِنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يُوقَفُ مِنْ الثَّوْبِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ سَالِمًا لِلْمَدْيُونِ فِي الْحَالِ كَانَ السَّالِمُ لَهُ فِي الْعَيْنِ عِوَضَهُ مِمَّا عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ فَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمُتَعَيَّنُ مِنْ الدَّيْنِ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ أَدَّى الْمَدْيُونُ وَإِلَّا بِيعَ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّوْبِ فَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدٍ وَسَبْعِينَ سَهْمًا بِاعْتِبَارِ حَقِّهِمَا فِيمَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ ذَلِكَ حَتَّى أَدَّى الِابْنُ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ الْأُولَى تَنْتَقِضُ ، وَيُقْسَمُ الْمَالُ كُلُّهُ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الثَّوْبَ يَكُونُ بَيْنُ الْمُوصِي لَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَالْمِائَتَانِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ كُلَّ خَمْسِينَ عَلَى سِتَّةٍ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَمَانِيَةٌ ، وَلَهُ مِنْ الثَّوْبِ سَهْمٌ فَذَلِكَ تِسْعَةٌ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ خَمْسَةٌ
فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ وَالثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا خَمْسَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ كُلِّهِ مِنْ الثَّوْبِ ثُمَّ يُضَمُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ إلَى الْمِائَتَيْنِ فَيَقْسِمُهُمَا الِاثْنَانِ ، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ عَلَى سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ تِسْعَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ تُسْعُ ذَلِكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ وَثَمَانِيَةُ أَتْسَاعِهِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الِابْنُ مَا عَلَيْهِ قُسِمَتْ الْمِائَةُ الْعَيْنُ وَالثَّوْبُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الثَّوْبِ وَصِيَّتَانِ وَالْقِسْمَةُ عِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْعَوْلِ فَيَكُونُ الثَّوْبُ عَلَى سِتَّةٍ ، وَيَسْتَقِيمُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَلَكِنْ فِي الِانْتِهَاءِ يَنْكَسِرُ بِالْإِنْصَافِ فَجَعَلْنَاهُ عَلَى سِتَّةٍ لِهَذَا يَضْرِبُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فِي الثَّوْبِ بِسِتَّةٍ ، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ بِسَهْمَيْنِ فَتَكُونُ سِهَامُ الثَّوْبِ ثَمَانِيَةً ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ فَتُجْعَلُ كُلُّ خَمْسٍ عَلَى سِتَّةٍ فَتَكُونُ سِهَامُ الْمِائَةِ الْعَيْنِ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَسِهَامُ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ تِسْعَةً فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ ذَلِكَ تِسْعَةٌ إذَا ضَمَمْته إلَى ثَمَانِيَةٍ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَهُوَ سِهَامُ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ إلَّا أَنَّهُ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ .
وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى ثَلَاثِينَ وَالثَّوْبُ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ فَتَكُونُ عَشَرَةً لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةً يُضَمُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ إلَى الْمِائَةِ الْعَيْنِ لِلْقِسْمَةِ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَأَمَّا الْمِائَةُ
الْعَيْنُ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَيَضْرِبُ فِي ذَلِكَ بِتِسْعَةٍ وَالِابْنُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ، وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ لِأَنَّهُ يَضْرِبُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ بِثَلَاثِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِتِسْعَةٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يُوقَفُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ لَهُمَا ، وَإِنْ خَرَجَتْ الْمِائَةُ الدَّيْنُ فَقَدْ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ الْأُولَى ، وَيَجِبُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِأَنَّ الثَّوْبَ يَكُونُ عَلَى أَرْبَعَةٍ ثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ ، وَكُلُّ خَمْسِينَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ لَا عَوْلَ فِيهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَيَحْصُلُ لَهُ خَمْسَةٌ ، وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَالثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الْمَالُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ثَلَاثَةٌ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ كُلِّهِ فِي الثَّوْبِ ثُمَّ يُضَمُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ إلَى الْمِائَتَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ خَمْسَةٌ خُمُسُ ذَلِكَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ وَالْبَاقِي بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَثَلَثَمِائَةٍ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا ، وَتَرَكَ كُرَّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِالْكُرِّ ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ وَثُلُثِ الْكُرِّ فَإِنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ أَنَّ الْمِائَتَيْنِ وَالْكُرَّ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الْكُرِّ وَصِيَّتَانِ بِجَمِيعِهِ وَثُلُثِهِ وَالْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَهُ كَانَ الْكُرُّ عَلَى سِتَّةٍ ، وَكُلُّ مِائَةٍ مِنْ الْعَيْنِ كَذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْهَا ، وَسَهْمَانِ مِنْ الْكُرِّ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ خَمْسَةٌ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى عَشَرَةٍ .
وَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ فِي الْعَيْنِ خَاصَّةً فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى عَشَرَةٍ وَالثُّلُثَانِ عِشْرُونَ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ ، وَهُوَ عَشَرَةٌ ، وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْمُوصَى لَهُمَا عَلَى عِشْرِينَ سَهْمًا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ الرُّبْعُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ كُلِّهِ فِي الْكُرِّ وَالرُّبْعُ ثَلَثُمِائَةٍ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْكُلِّ فِي الْحَاصِلِ ثُمَّ يُضَمُّ مَا بَقِيَ إلَى الْكُرِّ إلَى الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَمَا أَصَابَ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ خُمُسُ ذَلِكَ فِي الْكُرِّ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِ فِيهِمَا ، وَخُمُسُ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْكُرِّ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الرُّبْعِ الْبَاقِي ، وَمِنْ الْمِائَتَيْنِ سِتُّونَ دِرْهَمًا ، وَيَكُونُ لِلِابْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ نِصْفَيْنِ فَتُوقَفُ حِصَّةُ الْمَدْيُونِ مِنْ الْكُرِّ فِي يَدِ أَخِيهِ حَتَّى يَبِيعَهُ الْقَاضِي أَوْ يُؤَدِّيَ مَا
عَلَيْهِ .
فَإِذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ الْأُولَى ، وَصَارَ الْمَالُ كُلُّهُ عَيْنًا فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْكُرِّ وَالْآخَرُ سُدُسَ الْكُرِّ وَثُلُثَ الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ لِأَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ دُونَ ثُلُثِ الْمَالِ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهُمَا ، وَقِسْمَةُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَالْقِسْمَةُ فِي الْكُرِّ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ فَتَكُونُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْعَيْنِ سَهْمَانِ لِأَنَّا نَجْعَلُ كُلَّ مِائَةٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ كَذَلِكَ فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى سِتَّةٍ كَانَ الثُّلُثَانِ اثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ وَيُقْسَمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ ، وَبَيْنَ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الثُّلُثِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ ، لِلْمُوصَى لَهُمَا سَهْمَانِ ، وَلِلِابْنِ سَهْمَانِ ، وَفِي الْحَاصِلِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْكُرِّ ثَلَثُمِائَةٍ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْكُرِّ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ رُبْعُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ الْكُرِّ وَالْمِائَتَيْنِ أَثْلَاثًا فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا الرُّبْعَ الْبَاقِيَ مِنْ الْكُرِّ بِحِصَّتِهِ ، وَيُسَلَّمُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ مِقْدَارَ حَقِّهِ ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ذَلِكَ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَثُلُثَانِ ، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ لِلِابْنِ .
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ ، وَتَرَكَ امْرَأَةً وَابْنَيْنِ ، وَتَرَكَ عَلَى امْرَأَتِهِ عَشَرَةً دَيْنًا ، وَعَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ عَشَرَةً دَيْنًا ، وَتَرَكَ سَيْفًا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِالسَّيْفِ فَالسَّيْفُ يُقْسَمُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالْقِسْمُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ يَزْدَادُ بِنِصْفِ الْمُوصَى لَهُ مِثْلُ نِصْفِ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ ، وَنَصِيبُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوْقَ نَصِيبِهِ ، وَيُضْرَبُ الْمُوصَى لَهُ فِي السَّيْفِ بِثَمَانِيَةٍ وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ بِسَبْعَةٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ ، وَسَبْعَةٌ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَيُحْسَبُ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهَا اثْنَيْنِ وَنِصْفٌ ، وَتُؤَدِّي مَا بَقِيَ ، وَيُحْسَبُ لِلِابْنِ الْآخَرِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيُؤَدِّي دِرْهَمًا وَرُبْعًا يَأْخُذُ الِابْنُ ذَلِكَ كُلَّهُ ، وَيَأْخُذُ صَاحِبُ السَّيْفِ جَمِيعَ السَّيْفِ قَالَ عِيسَى ، وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ السَّيْفَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَالِابْنِ مِنْ الدَّيْنِ فَكَيْفَ يَأْخُذُ الِابْنُ مِنْ الدَّيْنِ نَصِيبَهُمَا مِنْ السَّيْفِ قَضَاءً عَمَّا لَهُ عَلَيْهِمَا ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ فِي قِسْمَةِ السَّيْفِ سِهَامَهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يُوقَفُ نَصِيبُ الْمَدْيُونِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ مَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ السَّيْفَ كُلَّهُ مَشْغُولٌ بِالْوَصِيَّةِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِذَا خَرَجَ الدَّيْنُ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ حَقُّ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ خَاصَّةً قَبْلَ خُرُوجِ الدَّيْنِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ حَقُّ الْآخَرِينَ ، وَلَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا سَبَقَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْكُرِّ ، وَقَدْ قَالَ هُنَاكَ يُوقَفُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ الْكُرِّ إلَى أَنْ
يَبِيعَهُ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْجَوَابَيْنِ غَلَطًا هَذَا مَا تَقَدَّمَ ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ ، وَمَا أَصَابَ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ فَهُوَ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مَا وَصَفْت لَك فَكَأَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ يُشِيرُ إلَى التَّوَقُّفِ ، وَيُرِيدُ أَنَّ حِصَّتَهُ تُسَلَّمُ لَهُ وَحِصَّةُ الْآخَرِينَ تَكُونُ مُوَفَّقَةً فِي يَدِهِ .
وَإِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ ، وَتَرَكَ عَلَى أَحَدِ امْرَأَتَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَعَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ مِائَةً ، وَتَرَكَ خَادِمًا يُسَاوِي مِائَةً فَأَعْتَقَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهَا تُنَصَّفُ قِيمَتُهَا لِلْمَرْأَةِ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ تُزَادُ فِي الْوَصِيَّةِ مِثْلَ نِصْفِهِ ثَمَانِيَةٌ ، وَيُطْرَحُ نَصِيبُ الْغَرِيمَيْنِ مِمَّا عَلَيْهِمَا يَبْقَى حَقُّ الْخَادِمِ فِي ثَمَانِيَةٍ ، وَحَقُّ اللَّذَيْنِ لَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا فَلِهَذَا يُسَلَّمُ لِلْخَادِمِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ الثُّمُنِ وَالِابْنُ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ ، وَلَا يُوقَفُ شَيْءٌ مِمَّا يَتَعَيَّنُ لِلْغَرِيمَيْنِ هَاهُنَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْخَادِمِ السِّعَايَةُ وَالسِّعَايَةُ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ فَيَأْخُذُ اللَّذَانِ لَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا نَصِيبَ الْآخَرِينَ مِنْ ذَلِكَ قِصَاصًا بِمَا لَهُمَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنَيْنِ رَدَّ عَلَى الْخَادِمِ مَا أَخَذَ مِنْهَا مِنْ السِّعَايَةِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ ، وَتُمْسِكُ الْمَرْأَةُ الْمَدْيُونَةُ حِصَّتَهَا مِمَّا عَلَيْهَا اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا ، وَتُؤَدِّي سَبْعَةً وَثَمَانِينَ وَنِصْفًا لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ مِمَّا عَلَيْهِ حِصَّتُهُ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَنِصْفٌ ، وَيُؤَدِّي اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا إلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا دَيْنَ عَلَيْهَا فَقَدْ وَصَلَ إلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقُّهُ .
وَإِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ دَيْنًا ، وَتَرَكَ عَلَى رَجُلَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً فَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ أَدَّى أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمِائَةَ وَالْمِائَتَيْنِ الْعَيْنَ الَّتِي عَلَى الِاثْنَيْنِ تُجْمَعُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ كُلُّهُ بَيْنَ الْوَارِثِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَاَلَّذِي أَدَّى الْمِائَةَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ بِأَدَاءِ أَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَصَايَا لَا تَنْفُذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالْقِسْمَةِ أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ الْمِائَةُ عَلَيْهِ ، وَأَكْثَرُ فَيَصِيرُ مَا عَلَى الِابْنَيْنِ عَيْنًا بِهَذَا الطَّرِيقِ ثُمَّ الْمُؤَدِّي يَأْخُذُ نَصِيبَ الْغَرِيمِ الْآخَرِ بِمَا أَدَّى قَضَاءً مِمَّا عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَيَثْبُتُ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَبِقَدْرِ مَا يُجْعَلُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ يُنْتَقَصُ فِيهِ اسْتِيفَاءُ مَا عَلَيْهِ فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا مِثْلَهُ مِمَّا بَقِيَ ، وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ كُلَّهُ عَيْنًا ، وَقَدْ اجْتَمَعَ فِي كُلِّ مِائَةٍ مِمَّا عَلَى الِابْنَيْنِ يَصِيرُ عَلَى سِتَّةِ أَنْصِبَاءَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَكَانَ لَهُ فِي الْحَاصِلِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ ، وَلِكُلِّ غَرِيمٍ خَمْسَةٌ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَتَكُونُ سِهَامُ الْجُمْلَةِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ فَتُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ سِهَامُ الْغَرِيمِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ ، وَيُقْسَمُ ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ ، خَمْسَةً مِنْ ذَلِكَ لِلْمُؤَدِّي فِي الْمِائَةِ الَّتِي أَدَّاهَا صَاحِبُهُ ، وَثَمَانِيَةً
وَثَلَاثِينَ لِلِابْنِ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ سِتَّةٍ يَسْتَوْفِيه مِنْ الْمِائَةِ الْعَيْنِ ، وَيُحْسَبُ لِلِابْنَيْنِ مَا عَلَيْهِمَا بِنَصِيبِهِمَا ، وَيَأْخُذَانِ مَا بَقِيَ ، وَيُؤَدِّي الَّذِي عَلَيْهِ الْمِائَةُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمِائَةِ ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ فَيَسْتَوْفِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً وَتَرَكَ خَادِمًا يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَعَلَى رَجُلٍ مِائَةٌ فَأَوْصَى لِلرَّجُلِ بِمَا عَلَيْهِ ، وَأَوْصَى بِأَنْ يَعْتِقَ الْخَادِمُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ الْخَادِمِ خُمُسُهَا ، وَتَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا لِلْوَرَثَةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ لَا تَكُونُ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الْآخَرِ نِصْفَيْنِ عَلَى سَهْمَيْنِ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ فَيَضْرِبُ الْخَادِمُ فِيهِ بِسَهْمِهِ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ فَلِهَذَا سَعَتْ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ الرَّجُلُ مَا عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يُمْسِكُ مِقْدَارَ حَقِّهِ ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمِائَةِ وَيُؤَدِّي الثُّلُثَيْنِ فَيَدْفَعُ إلَى الْخَادِمِ مِنْ ذَلِكَ تَمَامَ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهَا ، وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ ، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّ الْخَادِمَ تَسْعَى فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالسِّعَايَةِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ .
وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ لَا يَضْرِبُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثُ هَاهُنَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالدَّيْنِ يُضْرَبُ بِهَذَا الْقَدْرِ وَالْخَادِمُ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ قِيمَتِهَا فَإِذَا جَعَلْت الْمِائَةَ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبُ الْغَرِيمِ ثُمَّ يَبْقَى حَقُّ الْخَادِمِ فِي سَهْمَيْنِ ، وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي عَشَرَةٍ فَلِهَذَا قَالَ إنَّهَا تَسْعَى فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ يَحْسِبُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَذَلِكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُرَدُّ عَلَى
الْخَادِمِ مِنْ ذَلِكَ إلَى تَمَامِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ، وَذَلِكَ خُمُسُ الْمَالِ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسٍ الثُّلُثُ هُوَ خُمُسُ الْمَالِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ لِجَارِيَةٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ فَهِيَ حُرَّةٌ لَا سَبِيلَ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَذَّبُوهُ سَعَتْ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ الْمَوْلَى إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ أَوْ لَا يَكُونُ مَعَهَا وَلَدٌ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْ الْوَلَدَ فِي مِلْكِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ ، وَإِمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ أَوْ يَكْذِبُوهُ فَإِنْ صَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ فَهِيَ حُرَّةٌ مَعَ وَلَدِهَا ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الثَّابِتَ بِتَصَادُقِهِمْ فِي حَقِّهِمْ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ فَهِيَ حُرَّةٌ مَعَ وَلَدِهَا سَوَاءٌ كَانَ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ يَكُونُ شَاهِدًا لَهَا ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةُ فِي إثْبَاتُ حُرِّيَّتِهَا ، وَحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِقَوْلِ الْمَوْلَى فِي حَقِّ النَّسَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَوَائِجِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَد فَإِنْ كَانَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي صِحَّتِهِ فَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إعْتَاقَهَا فِي صِحَّتِهِ فَلَا تَتَمَكَّنُ التُّهْمَةُ فِي إقْرَارِهِ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لَهَا فَإِنْ قِيلَ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا أَقَرَّ لَهَا بِالتَّدْبِيرِ فِي صِحَّتِهِ قُلْنَا : نَعَمْ ، وَلَكِنْ بِسَبَبِ انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ يَصِيرُ مَا أَقَرَّ بِهِ كَأَنَّهُ أَنْشَأَهُ ، وَلَوْ أَسْنَدَ الِاسْتِيلَادَ فِي صِحَّتِهِ اُعْتُبِرَتْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَلَوْ أَنْشَأَ التَّدْبِيرَ كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّدْبِيرَ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ ، وَإِنْ كَانَ قَالَ فِي مَرَضِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا فِي إقْرَارِهِ فَإِنَّهُ
لَوْ أَعْتَقَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَتْ مِنْ ثُلُثِهِ فَلَعَلَّهُ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْإِقْرَارِ لِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ عَنْهَا فَلِهَذَا لَا تُصَدَّقُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ، وَتَسْعَى فِي ثُلْثَيْ قِيمَتِهَا ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ قَدْ اشْتَرَاهُمَا فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا فِي صِحَّتِهِ عِتْقًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّهُ يُسْنِدُ إقْرَارَهُ لَهُمَا إلَى وَقْتِ الشِّرَاءِ ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالصِّحَّةِ .
وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا فِي مَرَضِهِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ دَعْوَةُ التَّخْدِيمِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ ، وَإِنَّمَا عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ مَلْكَهُ ، وَذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ فَيَرِثُ ذَلِكَ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْ الْمَيِّتِ بَعْدَ هَذَا الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُ مُكَاتِبٌ فَلَا يَرِثُ شَيْئًا ، وَعِنْدَهُمَا الْمُسْتَسْعَى حُرٌّ فَيَرِثُهُ مَعَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ .
وَإِذَا كَانَ وَارِثًا عِنْدَهُمَا لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً ، وَكَانَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ ، وَهِيَ لَا تَسْعَى فِي شَيْءٍ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ شَاهِدٌ لَهَا فِي حَقِّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فَيَنْزِلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي شَيْءٍ .
وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي أَوْ مُدَبَّرَتِي ثُمَّ مَاتَ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَإِنَّهَا تُعْتَقُ وَتَسْعَى فِي ثُلُثِ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ التَّدْبِيرِ وَأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ ، وَحُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ فَكَانَ الْبَيَانُ إلَيْهِ مَا دَامَ حَيًّا ، وَبِمَوْتِهِ فَاتَ الْبَيَانُ ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيَثْبُتُ حُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَلَامَيْنِ فِي نِصْفِهِ فَيُعْتَقُ نِصْفُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ بِإِقْرَارِهِ بِالِاسْتِيلَادِ فِي صِحَّتِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مِنْهَا إنَّمَا يُعْتَقُ بِالتَّدْبِيرِ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَمَالُهُ نِصْفُ رَقَبَتِهَا فَيُعْتَقُ ثُلُثُ ذَلِكَ النِّصْفِ ، وَتَسْعَى فِي ثُلُثَيْهِ ، وَذَلِكَ ثُلُثُ قِيمَتِهَا فِي الْحَاصِلِ .
وَلَوْ قَالَ : هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي أَوْ حُرَّةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ تُعْتَقُ وَتَسْعَى فِي ثُلُثِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ كَالتَّدْبِيرِ فَكَانَ قَوْلُهُ أَوْ حُرَّةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ كَكَلَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ ، وَإِنَّمَا اعْتِبَارُ الْكَلَامِ بِحُكْمِهِ لَا بِصُورَتِهِ فَلِهَذَا كَانَ هَذَا الْفَصْلُ وَالْأَوَّلُ فِي التَّخْرِيجِ سَوَاءً .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ جَارِيَةٌ ، وَلَهَا ابْنَةٌ ، وَلِابْنَتِهَا ابْنَةٌ ، وَلَهُ عَبْدٌ ، وَجَمِيعُ هَؤُلَاءِ يُولَدُ مِثْلُهُمْ لِمِثْلِهِ فَقَالَ فِي صِحَّتِهِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ وَلَدِي ثُمَّ مَاتَ ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ أَحَدِهِمْ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِالنَّسَبِ مِنْهُمْ مَجْهُولٌ وَالنَّسَبُ فِي الْمَجْهُولِ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ كَالْمُتَعَلِّقِ بِخَطَرِ الْبَيَانِ وَالنَّسَبِ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ إيجَابُهُ فِي الْمَجْهُولِ ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ هَذَا ابْنِي ثُمَّ يُعْتَقُ مِنْ الْغُلَامِ رُبْعُهُ ، وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ ، وَيَرِثُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ ، وَتَسْعَى الْجَارِيَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهَا تُعْتَقُ فِي حَالَيْنِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ فَهِيَ حُرَّةٌ ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَلَدَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ بِالِاسْتِيلَادِ أَيْضًا ، وَلَكِنَّ أَحْوَالَ الْإِصَابَةِ كَحَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ يُعْتَقُ ثُلُثُهَا ، وَتَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا ، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْعُلْيَا مِنْهُمَا تُعْتَقُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ بِأَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَقْصُودَةَ وَابْنَتُهَا أَوْ أُمُّهَا ، وَأَحْوَالُ الْإِصَابَةِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَأَنَّهَا تُعْتَقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ ، وَكَذَلِكَ الصُّغْرَى إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ أَوْ أُمُّهَا أَوْ جَدَّتُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْغُلَامَ فَهِيَ أَمَةٌ فَيُعْتَقُ نِصْفُهَا ، وَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْهُ فِي مَرَضِهِ اقْتَسَمُوا الثُّلُثَ عَلَى ذَلِكَ يَضْرِبُ فِيهِ الْغُلَامُ بِرُبْعِ قِيمَتِهِ وَالْجَارِيَةُ بِثُلُثِ ذَلِكَ ، وَوَاحِدٌ مِنْ الْوَلَدَيْنِ بِالنِّصْفِ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ وَنِصْفٌ ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ ثُمَّ الطَّرِيقُ فِي التَّخْرِيجِ مَعْلُومٌ .
وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لِأَمَةٍ لَهُ حَامِلٍ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مَا فِي بَطْنِك ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَالِابْنَةُ حُرَّةٌ لَا سَبِيلَ عَلَيْهَا لِأَنَّا قُلْنَا بِحُرِّيَّتِهَا فَإِنَّ الْأُمَّ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ فَهِيَ حُرَّةٌ ، وَيُعْتَقُ مِنْ الْأُمِّ نِصْفُهَا لِأَنَّهَا تُعْتَقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا .
وَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا سَعَتْ الْأُمُّ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا وَالِابْنَةُ فِي رُبْعِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ النَّصِيبَ مِنْ الِابْنَةِ يُعْتَقُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ ، وَفِي حَالٍ لَائِمَةٍ لَا يُعْتَبَرُ الْخُرُوجُ مِنْ الثُّلُثِ فِي هَذَا الْوَصْفِ لِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ جَعَلْنَاهُ مَقْصُودًا ، وَفِيمَا هُوَ تَبَعٌ فِيهِ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا ، وَلِأَنَّ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ إنَّمَا يُعْتَقُ حَالَ كَوْنِهِ تَخَلَّقَ فِي الْبَطْنِ ، وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ عِنْدَ ذَلِكَ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ هَذَا النِّصْفَ مَالًا لِلْمَوْلَى يَبْقَى مَالُ الْمَوْلَى فِيهِ وَنِصْفُ الثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ نِصْفُ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِنِصْفِ رَقَبَتِهِ مِنْ الْوَلَدِ النِّصْفُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَالرُّبْعُ مِنْ الثُّلُثِ فَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ .
وَلَوْ أَعْتَقَ مِنْ الْأُمِّ رُبْعَهَا فَتَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ سَعَتْ الِابْنَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْأُمَّ حِينَ مَاتَتْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُسْتَحِقَّةً لِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرِّيَّةِ ، وَإِنَّمَا كَانَ يَسْتَحِقُّ الْوَلَدُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ سَعْيًا بِنَاءً عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا فَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ فِي حَقِّهَا بَقِيَ الْوَلَدُ كُلُّهُ مَالًا لِلْمَوْلَى ، وَقَدْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ ، وَيَسْعَى
فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ .
وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْمَوْتِ قَدْ أَوْقَعَتْ الْعِتْقَ عَلَى الِابْنَةِ سَعَتْ الِابْنَةُ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهَا ، وَتَكُونُ بِالْأَمَانَةِ لِأَنَّ بِتَعَيُّنِ الْمَوْلَى خَرَجَتْ الْأُمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُسْتَحِقَّةً لِشَيْءٍ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ الْوَلَدِ تَبَعًا لَهَا أَيْضًا ، وَكَانَ مَالُ الْمَوْلَى رَقَبَتَهَا ، وَقَدْ عَتَقَتْ الِابْنَةُ فِي مَرَضِهِ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَثُلُثُ مَالِهِ ثُلُثَانِ فِيهِ لِلِابْنَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُوقَعْ ، وَلَكِنَّ الِابْنَةَ مَاتَتْ قَبْلَ السَّيِّدِ سَعَتْ الْأُمُّ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الِابْنَةَ بِمَوْتِهَا خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا أَوْ مُزَاحِمًا لِلْأُمِّ فَيَتَعَيَّنُ الْعِتْقُ فِي الْأُمِّ ، وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمَا جَعَلَتْهَا السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا فَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى فِي مَرَضِهِ ، وَهُمَا حَيَّانِ قَدْ أَوْقَعَتْ الْعِتْقَ عَلَى الْأُمِّ عَتَقَتْ الِابْنَةُ كُلُّهَا بِغَيْرِ سِعَايَةٍ لِأَنَّ بِبَيَانِهِ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِيهَا مِنْ حِينَ أَوْقَعَ وَالِابْنَةُ كَانَتْ فِي بَطْنِهَا عِنْدَ ذَلِكَ فَتَعْتِقُ كُلُّهَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ ، وَعَلَى الْأُمِّ أَنْ تَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ لَا مَالَ لِلْمَوْلَى سِوَى رَقَبَةِ الْأُمِّ .
وَلَوْ لَمْ يُوقِعْ الْعِتْقَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى مَاتَ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ سَعَتْ الِابْنَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي جَمِيعِ مَا كَانَ عَلَى الْأُمِّ مِنْ السِّعَايَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُمَا حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ السِّعَايَةِ ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ نِصْفَ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ تَبَعُ الْأُمِّ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِعِتْقِ الْأُمِّ .
وَالْأُمُّ لَا تُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ السِّعَايَةِ ، وَهِيَ قَبْلَ الْأَدَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ يَسْعَى فِيمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَنَالُ الْعِتْقَ إلَّا بِذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ أَيْضًا مَعَ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَةِ أُمِّهِ لِأَنَّ
النِّصْفَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودٌ مِنْهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ السِّعَايَةِ ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَسْعَى الْوَلَدُ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ عَلَى الْأُمِّ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُمَا حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ ، وَلَيْسَ عَلَى وَلَدِ الْحُرَّةِ السِّعَايَةُ فِي دَيْنِ الْأُمِّ بَعْدَ مَوْتِهَا ، وَلَكِنَّهَا تَسْعَى فِي خُمُسَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّ نِصْفَهَا عَتَقَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ وَالْوَصِيَّةُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي ، وَقَدْ مَاتَتْ الْأُمُّ مُسْتَوْفِيَةٌ ، لِوَصِيَّتِهَا وَهِيَ نِصْفُ الثُّلُثِ ، وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهَا مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ نِصْفُ الْوَلَدِ يَضْرِبُ فِيهِ الْوَلَدُ بِسَهْمٍ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ قِيمَتِهِ ، وَذَلِكَ خُمُسَا جَمِيعِ قِيمَتِهِ ، وَلَوْ لَمْ تَجِبْ الْأُمُّ ، وَمَاتَ الْوَلَدُ سَعَتْ الْأُمُّ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ ، وَقَدْ تَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنَّمَا تَضْرِبُ الْأُمُّ فِي رَقَبَتِهَا بِنِصْفِ الثُّلُثِ ، وَذَلِكَ سَهْمٌ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَمَةٍ لَا مَالَ غَيْرُهَا فِي صِحَّتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ السَّاعَةَ أَوْ إذَا مِتُّ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ حَرْفَ " أَوْ " بَيْنَ كَلَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ ، وَقَدْ فَاتَ الْبَيَانُ لِمَوْتِهِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فَقَدْ عَتَقَ نِصْفُهَا بِالْحُرِّيَّةِ الثَّابِتَةِ فِي صِحَّتِهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي يُعْتَقُ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهَا ثُلُثُ ذَلِكَ النِّصْفِ ، وَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا .
وَلَوْ قَالَ أَنْتِ حُرَّةٌ السَّاعَةَ أَوْ إذَا مَرِضْت فَإِنَّهَا تَعْتِقُ إذَا مَرِضَ ، وَلَا يَعْتِقُ مِنْهَا فِي الصِّحَّةِ شَيْءٌ فَإِذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَصْلٍ قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ مَنْ ذَكَرَ وَقْتَيْنِ ، وَأَضَافَ الْحُرِّيَّةَ إلَى أَحَدِهِمَا بِحَرْفِ " أَوْ " فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي آخِرِ الْوَقْتَيْنِ ، وَمَتَى عَتَقَ بِأَحَدِ فِعْلَيْنِ فَإِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ أَوَّلِهِمَا فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ وَقْتٍ وَفِعْلٍ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْفِعْلُ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ الْفِعْلُ أَوَّلًا جُعِلَ فِي حَقِّ الْمَوْجُودِ كَأَنَّ الْآخَرَ مِثْلُهُ ، وَإِنْ وُجِدَ الْوَقْتُ أَوَّلًا يُجْعَلُ فِي حَقِّ الْمَوْجُودِ كَأَنَّ الْآخَرَ مِثْلُهُ ، فَهُنَا إمَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ مُنَصَّفُ الْعِتْقِ إلَى آخِرِ الْوَقْتَيْنِ فَإِنَّ زَمَانَ الْمَرَضِ وَقْتٌ كَزَمَانِ الصِّحَّةِ فَلَا يَقَعُ إلَّا فِي زَمَانِ الْمَرَضِ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ وَقْتٍ وَفِعْلٍ بِقَوْلِهِ : وَإِذَا مَرِضْت ، فَإِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَرَضِ ، وَعِتْقُ الْمَرَضِ يَكُونُ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَإِنَّ ذَلِكَ تَدْبِيرٌ لَا تَعْلِيقٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ وَالتَّدْبِيرُ وَاقِعٌ فِي الْحَالِ بِعِتْقِ الْبَيَانِ ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ بِهِ الْبَيْعُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ طَعَنَ أَبُو حَازِمٍ فِي هَذِهِ
الْمَسْأَلَةِ ، وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَقَ مِنْهَا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ : وَإِذَا مِتُّ تَعْلِيقٌ بِالشَّرْطِ فِي الظَّاهِرِ وَالْحَقِيقَةِ جَمِيعًا ، وَلَا يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْ الْعِتْقِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ وَاللَّفْظُ مُعْتَبَرٌ فِي التَّعْلِيقِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ قَالَ : أَنْتِ مُدَبَّرَةٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا ، وَمَا كَانَ إلَّا بِاعْتِبَارِ لَفْظَةِ التَّعْلِيقِ فِي أَحَدِ الْفَصْلَيْنِ دُونَ الْآخَرِ .
وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ ، وَمَا كَانَ إلَّا بِاعْتِبَارِ لَفْظِهِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا ، وَلَكِنَّا نَقُولُ : مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَصَحُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ : وَإِذَا مِتُّ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا فِي الصُّورَةِ فَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ مَعْنَى التَّدْبِيرِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ يُمْنَعُ لَهُ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ ، وَبَعْدَمَا غَلَبَ عَلَى صُورَةِ اللَّفْظِ مَعْنًى يَسْقُطُ اعْتِبَارُ تِلْكَ الصُّورَةِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت فَإِنَّهُ يَكُونُ هَذَا تَفْوِيضًا حَتَّى يَقْتَصِرَ عَلَى الْمَجْلِسِ ، وَلَا يَكُونُ يَمِينًا ، وَإِنْ وُجِدَتْ صُورَةُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ مَعْنًى آخَرُ فَهَذَا كَذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ مِتُّ فَأَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لِأَنَّ هُنَاكَ عَلَّقَ بِالْمَوْتِ عِتْقًا مُعَلَّقًا بِالدُّخُولِ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ قَالَ هَاهُنَا أَنْتِ حُرَّةٌ السَّاعَةَ ، وَإِذَا مِتُّ فِي سَفَرِي هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى صُورَةِ الشَّرْطِ مَعْنَى التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ فَيَبْقَى التَّعْلِيقُ مُعْتَبَرًا .
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتِ حُرَّةٌ السَّاعَةَ أَوْ إذَا مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَإِذَا مَاتَ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ عَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِهِ بَتًّا .
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْنِ لَهُ فِي صِحَّتِهِ أَنْتُمَا حُرَّانِ أَوْ أَحَدُكُمَا مُدَبَّرٌ ، وَقِيمَتُهَا سَوَاءٌ ثُمَّ مَاتَ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ ، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسُ قِيمَتِهِ مِنْ وَصِيَّتِهِ ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ بَيْنَ حُرِّيَّةٍ وَتَدْبِيرٍ فَكَانَ الْخِيَارُ إلَيْهِ ، وَقَدْ انْقَطَعَ خِيَارُهُ بِمَوْتِهِ فَيَثْبُتُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَذَلِكَ حُرِّيَّةُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَتَدْبِيرُ نِصْفِ رَقَبَةٍ ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَتَشِيعُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا ، وَيَعْتِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ .
وَكَذَلِكَ تَدْبِيرُ نِصْفِ رَقَبَةٍ يَشِيعُ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ بِالتَّدْبِيرِ يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَمَالُهُ رَقَبَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُسَلَّمُ لَهُمَا بِالتَّدْبِيرِ ثُلُثُ رَقَبَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ، وَيَسْعَى كُلٌّ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتُمَا حُرَّانِ أَوْ مُدَبَّرَانِ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُمَا بِالتَّدْبِيرِ ثُلُثُ رَقَبَةٍ بَلْ مَا أَوْجَبَ لَهُمَا مِنْ التَّدْبِيرِ أَوْ أَكْثَرُ .
وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَنْتُمَا حُرَّانِ أَوْ أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ بَيْنَ تَدْبِيرِ رَقَبَتَيْنِ ، وَحُرِّيَّةِ رَقَبَةٍ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ مَوْتِهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُعْتَقُ نِصْفُ رَقَبَتِهِ بِالْعِتْقِ الثَّابِتِ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبْعُ ، وَيَكُونُ مَالُ الْمَيِّتِ رَقَبَةً وَنِصْفًا فَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِالتَّدْبِيرِ نِصْفُ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَفِي الْحَاصِلِ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ ، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدكُمَا
حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ فَإِنَّ الثَّابِتَ بَعْدَ مَوْتِهِ حُرِّيَّةُ نِصْفِ رَقَبَةٍ ، وَتَدْبِيرُ نِصْفِ رَقَبَةٍ ، وَيَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيهِمَا فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ ، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ .
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ فِي صِحَّتِهِ ، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا : أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ سَعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَالْمُدَبَّرُ فِي سُدُسِ قِيمَتِهِ ، لِأَنَّهُ أَوْجَبَ عِتْقَ رَقَبَةٍ لِأَحَدِهِمَا فَبِمَوْتِهِ ، وَتَشْيِيعِهِ فِيهِمَا فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ ثُمَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَبَّرِ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَمَالُهُ رَقَبَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهُ بِالتَّدْبِيرِ ثُلُثُ رَقَبَةٍ ، وَيَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِي سُدُسِ قِيمَتِهِ ، وَإِنَّمَا يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُ رَقَبَتِهِ ، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا سَعَى الْمُدَبَّرُ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ قَدْ تَوَى بِمَوْتِهِ وَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِ الْمَوْلَى فَإِنَّمَا مَالُهُ نِصْفُ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ فَيَعْتِقُ بِالسُّدُسِ ثُلُثُ ذَلِكَ النِّصْفِ مَعَ النِّصْفِ الَّذِي عَتَقَ مِنْهُ بِالْعِتْقِ الثَّابِتِ فَيَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ .
وَلَوْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ وَبَقِيَ الْعَبْدُ سَعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لِلْعَبْدِ مِنْ الْوَصِيَّةِ فَمَوْتُهُ فِي حَقِّهِ ، وَبَقَاؤُهُ سَوَاءٌ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ مِنْ الْمَوْلَى ، وَلَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، وَمَاتَ السَّيِّدُ كَانَ لِلْعَبْدِ ثُلُثُ الثُّلُثِ ، وَلِلْمُدَبَّرِ ثُلُثَا الثُّلُثِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَالْعَبْدُ يُوصَى لَهُ بِنِصْفِ رَقَبَتِهِ وَالْعَبْدُ يُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ رَقَبَتِهِ ، وَلَا تُزَادُ وَصِيَّتُهُ بِالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ فَكَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَإِنْ قِيلَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَبَّرِ فِي الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ نَصِيبٌ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْقِنِّ فَيَكُونُ هُوَ مُوصًى لَهُ بِجَمِيعِ رَقَبَتِهِ قُلْنَا إنَّهُ لَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ اعْتِبَارِ الْعِتْقِ فِي حَقِّ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَأَمَّا فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَهُوَ مُفِيدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ
اعْتِبَارِ مُزَاحَمَتِهِ مَعَ الْقِنِّ فِي الْعِتْقِ الثَّابِتِ فَلِهَذَا جَعَلْنَا الْعِتْقَ مُوصًى لَهُ بِنِصْفِ رَقَبَتِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا سَعَى الْعَبْدُ فِي سِتَّةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مَاتَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ ، وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى رَقَبَةُ الْعَبْدِ يَضْرِبُ فِيهِ الْعَبْدُ بِحَقِّهِ ، وَهُوَ سَهْمٌ وَالْوَرَثَةُ بِسِتَّةٍ مِقْدَارِ حَقِّهِمْ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَاتَ سَعَى الْمُدَبَّرُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ ، وَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ رَقَبَةُ الْمُدَبَّرِ خَاصَّةً فَيَضْرِبُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ بِحَقِّهِ سَهْمَيْنِ وَالْوَرَثَةُ بِسِتَّةٍ فَيُسَلَّمُ لَهُ الرُّبْعَ ، وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ .
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَالْآخَرُ رَقِيقٌ لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ بَيْنَ كَلَامَيْنِ فَهُوَ صَادِقٌ فِي أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُدَبَّرًا فَيَكُونُ كَلَامُهُ إخْبَارًا لَا إيجَابًا كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ ، وَجَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ ، وَقَالَ : هَذَا الْكَلَامَ لِأَنَّ صِيغَةَ كَلَامِهِ إخْبَارٌ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ إيجَابًا لِلضَّرُورَةِ وَبِالضَّرُورَةِ ، يُصَحَّحُ الْخَبَرُ ، فَإِذَا كَانَ الْمُخْبِرُ بِهِ سَابِقًا فَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى أَنْ نَجْعَلَ كَلَامَهُ إيجَابًا بَلْ يَكُونُ إخْبَارًا عَنْ مَالِ الْمُدَبَّرِ كَمَا هُوَ صِيغَةُ كَلَامِهِ .
وَلَوْ قَالَ لِمُدَبَّرَيْنِ لَهُ وَعَبْدٍ فِي صِحَّتِهِ أَحَدُكُمْ حُرٌّ ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ ثَلَثُمِائَةٍ ثُمَّ مَاتَ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ سَعَى الْعَبْدُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ ، وَكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَبَّرَيْنِ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَمَالُهُ رَقَبَتَانِ فَلَهُمْ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثُلُثَانِ فِيهِ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُهُ الْعِتْقُ الثَّابِتُ فِي ثُلُثِهِ بِالتَّدْبِيرِ ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُدَبَّرَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا سَعَى الْعَبْدُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ عَلَى حَالِهِ وَالْمُدَبَّرُ فِي خُمُسَيْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ تَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ ، وَلَا حَظَّ لِلْعَبْدِ فِي الْوَصِيَّةِ فَهُوَ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ عَلَى حَالِهِ ، وَمَالُ الْمَيِّتِ ثُلُثَا رَقَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ فَيَضْرِبُ الْمُدَبَّرُ الْبَاقِيَ فِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَإِنَّمَا يُسَلِّمُ لِلْمُدَبَّرِ خُمُسَ الْبَاقِي ، وَقِيمَةُ الْبَاقِي أَرْبَعُمِائَةٍ فَخُمُسُهُ ثَمَانُونَ فَقَدْ سَلَّمَ لِلْمُدَبَّرِ بِالْعِتْقِ الثَّابِتِ الثُّلُثَ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَبِالتَّدْبِيرِ ثَمَانُونَ ، وَإِنَّمَا بَقِيَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ ثَلَثِمِائَةٍ خُمُسَاهُ .
وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ أَيْضًا سَعَى الْعَبْدُ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إلَّا ثُلُثَا رَقَبَتِهِ فَهُوَ يَضْرِبُ فِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ فَلِهَذَا سَعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ .
وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَسْبَاعًا لِأَنَّ الْقِنَّ أَصَابَهُ مِنْ هَذَا الْإِيجَابِ ثُلُثُ رَقَبَةٍ فَهُوَ مُوصًى لَهُ بِثُلُثِ رَقَبَةٍ ، وَلَا يُزَادُ حَقُّهُمَا بِالْإِيجَابِ الَّذِي كَانَ فِي الْمَرَضِ فَإِذَا جَعَلْنَا كُلَّ ثُلُثِ رَقَبَةٍ سَهْمًا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
ثُلُثُهُ ، وَلِلْقِنِّ سَهْمٌ .
وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى سَبْعَةٍ فَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَالْمَالُ كُلُّهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ كُلُّ رَقَبَةٍ سَبْعَةٌ ، وَيُسَلَّمُ لِلْقِنِّ سَهْمٌ ، وَهُوَ السُّبُعُ مِنْ رَقَبَتِهِ ، وَيَسْعَى فِي سِتَّةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِ ، وَيَسْعَى الْآخَرُ فِي خَمْسَةِ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْل أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَبَّرَيْنِ فِي سَبْعَةٍ أَعْشَارِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ ، وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنَّ مَالَ الْمَيِّتِ رَقَبَةُ الْمُدَبَّرَيْنِ ، وَهُمَا يَضْرِبَانِ فِي ذَلِكَ بِسِتَّةٍ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ عِشْرِينَ كُلُّ رَقَبَةٍ عَشَرَةٌ يُسَلِّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً ، وَيَسْعَى فِي سَبْعَةٍ .
وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَحَدَ الْمُدَبَّرَيْنِ يَسْعَى الْمُدَبَّرُ الْبَاقِي فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَالْقِنُّ فِي ثَمَانِيَةِ أَتْسَاعِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ رَقَبَتُهُمَا يَضْرِبُ فِيهِ الْقِنُّ بِسَهْمٍ وَالْمُدَبَّرُ بِثَلَاثَةٍ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِكُلِّ رَقَبَةٍ تِسْعَةٌ يُسَلِّمُ لِلْمُدَبَّرِ ثَلَاثَةٌ ، وَذَلِكَ ثُلُثُ رَقَبَتِهِ وَالْقِنُّ سَهْمٌ ، وَذَلِكَ تُسْعُ رَقَبَتِهِ ، وَيَسْعَى فِي ثَمَانِيَةِ أَتْسَاعِ قِيمَتِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَيْضًا سَعَى الْمُدَبَّرُ الْبَاقِي فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ رَقَبَتِهِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ فِي الْحَاصِلِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ رَقَبَتَهُ خَاصَّةً فَيَضْرِبُ الْوَرَثَةُ بِحَقِّهِمْ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَالْمُدَبَّرُ بِحَقِّهِ ثَلَاثَةٌ فَتَكُونُ رَقَبَتُهُ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ، وَقَدْ مَاتَ كُلٌّ مِنْ الْآخَرَيْنِ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ إذَا ضَمَمْت ذَلِكَ الْقَدْرَ إلَى مَا يُسَلَّمُ لِلْبَاقِي اسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُمِائَةٍ فَقَالَ فِي مَرَضِهِ أَحَدُكُمْ حُرٌّ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ لِأَنَّ الَّذِي مَاتَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُزَاحِمًا لِلْبَاقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ الْمُتَّهَمَةِ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبْعُهُ ، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا لَمْ يُنْتَقَصْ مِنْ حَقِّ الْبَاقِينَ شَيْءٌ لِأَنَّ الَّذِي مَاتَ مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ ، وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّ بِوَصِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا جَمَعْتهَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَلِهَذَا لَا يُنْتَقَصُ حَقُّهُمْ بِمَا تَوَى مِنْ السِّعَايَةِ عَلَى الْمَيِّتِ ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْبَاقِينَ أَيْضًا يَسْعَى الْبَاقِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْمَيِّتَيْنِ قَدْ اسْتَوْفَيَا وَصِيَّتَهُمَا ، وَتَوَى مَا عَلَيْهِمَا مِنْ السِّعَايَةِ ، وَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ رَقَبَةُ الْبَاقِينَ ، وَهُمَا يَضْرِبَانِ بِحَقِّهِمَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَهْمٍ وَالْوَرَثَةُ بِحَقِّهِمْ ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَإِنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَتَكُونُ السِّهَامُ عَشَرَةً ، كُلُّ رَقَبَةٍ خَمْسَةٌ فَلِهَذَا يَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ .
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ لِأَمَةٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَهُوَ حُرٌّ ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ جَارِيَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةَ لَا تَدْرِي أَيَّهُمَا أَوَّلُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ فَالِابْنَةُ رَقِيقٌ وَيَعْتِقُ الْغُلَامُ نِصْفُهُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَنِصْفُهُ بِعِتْقِ الْأُمِّ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِرِقِّ الِابْنَةِ كَمَالِ الشَّرْطِ ثُمَّ الْغُلَامُ يَعْتِقُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَالْغُلَامُ حُرٌّ ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا فَالْغُلَامُ حُرٌّ أَيْضًا تَبَعًا لِلْأُمِّ فَلِهَذَا يَعْتِقُ كُلُّهُ ، وَالْجَارِيَةُ تَعْتِقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَهِيَ أَمَةٌ ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا فَهِيَ حُرَّةٌ فَيَعْتِقُ نِصْفُهَا .
طَعَنَ عِيسَى فِي هَذَا الْجَوَابِ ، وَقَالَ : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ شَيْءٌ مِنْ الْأُمِّ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي شَرْطِ عِتْقِهَا فَإِنَّ شَرْطَ عِتْقِهَا وِلَادَةُ الْجَارِيَةِ أَوَّلًا ، وَهَذَا مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَمَا لَمْ يَقَعْ الشَّرْطُ لَا يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْ الْجُزْءِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ قَالَ : إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَمَضَى الْيَوْمُ ، وَمَاتَ الْمَوْلَى وَلَا يَدْرِي أَدَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ لِلشَّكِّ فِيمَا هُوَ شَرْطٌ .
وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ صَحِيحٌ فَإِنَّ شَرْطَ عِتْقِهَا وِلَادَةُ الْجَارِيَةِ ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ كَوْنَ وِلَادَةِ الْغُلَامِ سَابِقًا مَانِعٌ ، وَهَذَا الْمَانِعُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَإِنَّمَا هَذَا اعْتِبَارُ الْأَحْوَالِ فِي الْمَانِعِ لَا فِي الشَّرْطِ فَإِنَّ وِلَادَةَ الْجَارِيَةِ صَارَتْ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَأُعْلِمَ وُجُودُهُ كَانَ أَوَّلًا مَا لَمْ يُعْلَمْ تَقَدُّمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَة فِي مَرَضِهِ يَسْعَى الْغُلَامُ فِي نِصْفِ سُدُسِ
قِيمَتِهِ ، وَتَسْعَى الْأُمُّ فِي ثَلَاثَةِ أَسْدَاسٍ ، وَنِصْفِ سُدُسِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ نِصْفَ رَقَبَةِ الْغُلَامِ لَا يُعَدُّ مَالًا لِلْمَوْلَى فَإِنَّ الْعِتْقَ فِيهِ تَبَعُ الْأُمِّ فَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ رَقَبَتَانِ وَنِصْفٌ ثُمَّ الْغُلَامُ بِنِصْفِ رَقَبَةٍ ، وَكَذَلِكَ الْأُمُّ تَضْرِبُ بِنِصْفِ رَقَبَتِهَا فَإِنَّ وَصِيَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذَا الْمِقْدَارُ فَكَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَهْمَيْنِ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ فَتَكُونُ جُمْلَتُهُ سِتَّةً وَالْمَالُ رَقَبَتَانِ وَنِصْفٌ فَقَدْ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأَضْعَفَهُ فَيَكُونُ خَمْسَةً ثُمَّ سِتَّةٌ عَلَى خَمْسَةٍ لَا يَسْتَقِيمُ ، فَتَضْرِبُ سِتَّةً فِي خَمْسَةٍ فَتَكُونُ ثَلَاثِينَ فَصَارَتْ كُلُّ رَقَبَةٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ الرَّقَبَةُ سِتَّةٌ ، فَأَمَّا الْعَبْدُ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ تَبَعًا لِلْأُمِّ ، وَيُسَلَّمُ لَهُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ كَانَ حَقَّهُ فِي سَهْمٍ ، وَقَدْ ضَرَبْنَاهُ فِي خَمْسَةٍ فَإِنَّمَا يَبْقَى عَلَيْهِ السِّعَايَةِ فِي سَهْمٍ بِالِاثْنَيْ عَشَرَ ، وَذَلِكَ نِصْفُ سُدُسِ قِيمَتِهِ ، وَالْأُمُّ صَارَتْ رَقَبَتُهَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمٍ لَهَا مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةٌ ، وَذَلِكَ سُدُسَانِ وَنِصْفُ سُدُسِ فَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْدَاسٍ وَنِصْفِ سُدُسٍ .
فَإِنْ مَاتَ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا سَعَتْ الْأُمُّ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْغُلَامَ مَاتَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ ، وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ رَقَبَةُ الْأُمِّ وَالِابْنَةِ ، يَضْرِبُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ بِأَرْبَعَةٍ وَالْأُمُّ بِسَهْمٍ فَيَكُونُ أَخْمَاسًا ، وَلَكِنْ إذَا قَسَّمْت خَمْسَةً عَلَى رَقَبَتَيْنِ كَانَ كُلُّ رَقَبَةٍ سَهْمَيْنِ وَنِصْفًا فَأُضْعِفَ فَيَكُونُ كُلُّ رَقَبَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لِلْأُمِّ مِنْ رَقَبَتَيْنِ سَهْمَانِ مِنْ خَمْسَةٍ ، وَتَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا ، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ وَبَقِيَ الْغُلَامُ سَعَى الْغُلَامُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي جَمِيعِ مَا كَانَ عَلَى
أُمِّهِ ، وَعَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فَالنِّصْفُ الَّذِي هُوَ تَبَعُ الْأُمِّ مِنْ الْغُلَامِ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِعِتْقِ الْأُمِّ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى أَدَاءِ سِعَايَةِ الْأُمِّ لِيَسْتَنِدَ الْعِتْقُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ ، فَلِهَذَا فِي جَمِيعِ مَا عَلَى أُمِّهِ كَوَلَدِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِيمَا عَلَى أُمِّهِ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُمَا حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ ، وَلَيْسَ عَلَى وَلَدِ الْحُرَّةِ سِعَايَةٌ فِي دَيْنِ أُمِّهِ ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي خُمُسَيْ نِصْفِ قِيمَةِ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ مُسْتَوْفِيَةً لِوَصِيَّتِهَا ، وَيُعَادُ مَا عَلَيْهَا مِنْ السِّعَايَةِ ، وَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ نِصْفُ رَقَبَةِ الْغُلَامِ مَعَ رَقَبَةِ الِابْنَةِ يَضْرِبُ الْوَرَثَةُ فِي ذَلِكَ بِأَرْبَعَةٍ وَالْغُلَامُ بِسَهْمٍ فَيَكُونُ خَمْسَةً ، وَقَسْمُهُ رَقَبَةٌ وَنِصْفٌ عَلَى خَمْسَةٍ لَا تَسْتَقِيمُ فَالسَّبِيلُ أَنْ يُضَعِّفَ رَقَبَةً وَنِصْفًا فَيَكُون ثَلَاثَةً ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي خَمْسَةٍ فَتَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلِابْنَةِ مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةٌ ، وَنِصْفُ رَقَبَةِ الْغُلَامِ خَمْسَةٌ يُسَلِّمُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ كَانَ حَقَّهُ فِي سَهْمٍ ضَرَبْنَاهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي خُمُسَيْ نِصْفِ رَقَبَتِهِ .
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثَلَثِمِائَةٍ فَقَالَ فِي مَرَضِهِ : أَحَدُكُمْ حُرٌّ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَقَبِلُوا ذَلِكَ جَمِيعًا ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْبَيَانِ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِثُلُثِ الْمِائَةِ لِأَنَّ الْعِتْقَ بِعِوَضٍ يَصِحُّ إيجَابُهُ فِي الْمَجْهُولِ كَالْعِتْقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنَّ الْإِيجَابَ فِي الْمَجْهُولِ كَالْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ وَالْعِتْقُ بِعِوَضٍ يَحْتَمِلُ التَّعَلُّقَ بِالشَّرْطِ كَالْعِتْقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، وَلَمَّا قَبِلُوا جَمِيعًا فَقَدْ وُجِدَ الْقَبُولُ مِمَّنْ يَتَنَاوَلُهُ الْإِيجَابُ فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمْ ، وَكَانَ لِلْمَوْلَى الْخِيَارُ فِي الْبَيَانِ ، وَقَدْ انْقَطَعَ خِيَارُهُ بِمَوْتِهِ فَيَشِيعُ الْعِتْقُ فِيهِمْ جَمِيعًا ، وَيَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ الْمِائَةِ بِحِصَّةِ مَا يُسَلَّمُ لَهُ مِنْ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْمَالَ هَاهُنَا تَبِعَ الْعِتْقَ ، وَثُبُوتُ التَّبَعِ يُثْبِتُ الْمَتْبُوعَ ، ثُمَّ إنَّمَا حَصَلَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ بِقَدْرِ الْمِائَتَيْنِ ، وَذَلِكَ دُونَ الثُّلُثِ فَيُسَلِّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْدَارَ ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ ، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ فَهُوَ دِيَةٌ مَعَ ثُلُثِ الْمِائَةِ هِيَ عِوَضٌ .
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا عَبْدَانِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ ثَلَثُمِائَةٍ فَقَالَ فِي مَرَضِهِ : أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَا ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفٌ بِنِصْفِ الْمِائَةِ لِمَا بَيَّنَّا ، وَالْغُلَامُ الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَةٌ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ ، وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ يُسَلَّمُ لَهُ نِصْفُ رَقَبَتِهِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا ، وَذَلِكَ مِثْلُ قِيمَةِ نِصْفِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لَهُ ، وَيَسْعَى الْآخَرُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ أَيْضًا مَعَ الْخَمْسِينَ فَلَهُ مِنْ قِيمَتِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَصِيَّةً لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ نِصْفَ رَقَبَتِهِ بِخَمْسِينَ ، وَقِيمَةُ نِصْفِ رَقَبَتِهِ مِائَةٌ
وَخَمْسُونَ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ ، وَهَذَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ بِالْإِيجَابِ فَفِي هَذَا الْإِيجَابِ وَصِيَّةٌ لَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ صَاحِبَهُ فَلَا وَصِيَّةَ فِي هَذَا الْإِيجَابِ لِأَحَدٍ فَبِاعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ ثَبَتَتْ الْوَصِيَّةُ بِقَدْرِ الْمِائَةِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْأَرْفَعِ فَإِنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِلْأَوْكَسِ .
وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ فَقَالَ فِي صِحَّتِهِ : أَحَدُكُمْ حُرٌّ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرَانِ حُرَّانِ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَبِلُوا ذَلِكَ فَهُمْ أَحْرَارٌ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْحُرِّيَّةَ لِأَحَدِهِمْ بِعِوَضٍ فِي قَبُولِهِمْ فَقَبِلُوا قَبُولَ مَنْ يَتَنَاوَلُهُ الْإِيجَابُ ، وَنُزُولُ الْعِتْقِ بِعِوَضٍ بِاعْتِبَارِ الْقَبُولِ ، وَقَدْ وُجِدَ ، وَأَعْتَقَ الْآخَرَيْنِ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَدْ تَيَقَّنَّا بِحُرِّيَّتِهِمْ ، وَلَا خِيَارَ لِلْمَوْلَى فِي الْإِيقَاعِ لِأَنَّ إيقَاعَ الْعِتْقِ الْمُتَّهَمِ بِالْبَيَانِ إنَّمَا يَصِحُّ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْإِيجَابَ ، وَبَعْدَمَا عَتَقُوا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى إيجَابَ الدَّيْنِ فِيهِمْ ابْتِدَاءً فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْإِيقَاعِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الَّذِي يَرِثُ الْمَالَ مِنْهُمْ مَجْهُولٌ وَالْقَضَاءُ بِالْمَالِ عَلَى الْمَجْهُولِ غَيْرُ مُمْكِنٍ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ لَوْ قَالُوا لِرَجُلٍ لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَجِبْ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِنَّ هُنَاكَ لِلْمَوْلَى حَقُّ الْبَيَانِ فِي الْعِتْقِ فَيَكُونُ الْمَالُ عَلَيْهِمْ ، وَهَا هُنَا لَيْسَ لِلْمَوْلَى فِي الْعِتْقِ حَقُّ الْبَيَانِ فَيَبْقَى مَقْصُودًا بِالْوُجُوبِ ، وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ عَلَى الْمَجْهُولِ مَقْصُودًا .
وَلَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ حُرٌّ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالثَّالِثُ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَقَبِلُوا جَمِيعًا فَهُمْ أَحْرَارٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُرٌّ قِيلَ مُطْلَقًا فَقَدْ قَبِلَ مَا يَتَنَاوَلُهُ مِنْ الْإِيجَابِ فَيَعْتِقُونَ جَمِيعًا ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةُ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنْ الْمَالِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا الْمُتَيَقَّنَ بِهِ وَالْمُتَعَيَّنُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِقْدَارُ الْمِائَةِ فَقَطْ ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ أَقَرُّوا أَنَّ لِرَجُلٍ عَلَى أَحَدِهِمْ مِائَةً ، وَعَلَى الْآخَرِ مِائَتَيْنِ ، وَعَلَى الثَّالِثِ ثَلَثُمِائَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا مِائَةً فَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْنِ لَهُ فِي مَرَضِهِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَثُمِائَةٍ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْآخَرُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقَبِلَا ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُمَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ ، وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ إلَّا فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ فَيُسَلَّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ قِيمَتِهِ بِالْوَصِيَّةِ ، وَيَسْعَى فِي ثُلْثَيْ قِيمَتِهِ
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتِ حُرٌّ ، وَإِنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَيْنِ فَأَنْتِ حُرٌّ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَلَامَيْنِ صَحِيحٌ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ صَحِيحٌ مِنْ الْمَوْلَى مَا لَمْ يَتْرُكْ الْعِتْقَ مَرَّةً كَانَ أَوْ مَرَّاتٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَيُّ الشَّرْطَيْنِ وُجِدَ عَتَقَ الْعَبْدُ ، فَهَاهُنَا إنْ أَدَّى الْأَلْفَيْنِ عَتَقَ بِالْكَلَامِ الثَّانِي لِوُجُودِ الشَّرْطِ فَإِنْ وَجَدَ الْمَوْلَى إحْدَى الْأَلْفَيْنِ سَتُّوقِيَّةً عَتَقَ الْعَبْدُ بِالْأَلْفِ الْخِيَارِ خَاصَّةً ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ بَدَلُ السَّتُّوقَةِ لِأَنَّ السَّتُّوقَةَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا أَدَّى إلَى الْمَوْلَى أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَأَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ ، وَهُوَ أَدَاءُ الْأَلْفِ سَتُّوقَةً لِلْمَوْلَى إنْ كَانَتْ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ السَّتُّوقَةُ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ دِرْهَمًا عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ بِكَسْبِهِ مِنْ مَوْلَاهُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ فِي الْأَلْفَيْنِ دِرْهَمًا سُتُّوقًا أَوْ وَجَدَهَا تَنْقُصُ مِنْ وَزْنِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ شَيْئًا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ بِأَدَائِهِ تَمَّ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَتِمَّ الشَّرْطُ الثَّانِي فَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ .
وَإِنْ وَجَدَ الْأَلْفَ زُيُوفًا أَوْ بَهْرَجَةً وَاسْتَحَقَّتْ فَعَلَى الْعَبْدِ بَدَلُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ بِالْكَلَامِ الثَّانِي هَاهُنَا فَإِنَّ الزَّيْفَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالْمُسْتَحَقُّ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْعَبْدُ مُؤَدِّيًا الْأَلْفَيْنِ ثُمَّ الْمَالُ الْمَقْبُوضُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الشَّرْطِ فِي حُكْمِ الْعَرَضِ ، فَإِذَا وَجَدَهُ زُيُوفًا اسْتَبْدَلَهُ بِهِ فَإِذَا اسْتَحَقَّتْ رَجَعَ بِمِثْلِهِ بِمَنْزِلَةِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ قِيلَ الْقَبْضُ فِي الْمُسْتَحَقِّ يَنْتَقِصُ مِنْ الْأَصْلِ بِالِاسْتِحْقَاقِ ، وَكَذَلِكَ فِي الزُّيُوفِ بِالرَّدِّ ،
وَلِهَذَا بَطَلَ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا وُجِدَ الْكَسْرُ زُيُوفًا فَرَدَّهُ ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتِقَ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَوْلَى إنَّمَا تَمَّ فِي الْأَلْفِ دِرْهَمٍ .
قُلْنَا : نَعَمْ بِالرَّدِّ يَنْتَقِصُ الْقَبْضُ ، وَلَكِنْ لَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْقَبْضَ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا فَيَنْتَقِضُ بِانْتِقَاصِ الْقَبْضِ مَا يَحْتَمِلُ النَّقْصَ دُونَ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ وَالْعِتْقُ الْوَاقِعُ لَا يَحْتَمِلُهُ النَّقْصُ .
فَبِالرَّدِّ وَالِاسْتِحْقَاقِ لَا يَتَبَيَّنُ مِنْ نُزُولِ الْعِتْقِ مَا لَمْ يَكُنْ بِاعْتِبَارِ أَدَاءِ الْأَلْفَيْنِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا فِي الْمَرَضِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فَوَجَدَ الْوَرَثَةُ الْأَمْرَ عَلَى مَا وَصَفْت لَك إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ إنْ كَانَ حَابَى الْغُلَامَ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْئًا ، وَكَانَ هَذَا الْغُلَامُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ كَانَ الْفَضْلُ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَصْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ أَنَّ الْقَدْرَ الْمُؤَدَّى مِنْ الْمَالِ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ اسْتِحْسَانًا ، وَلِهَذَا يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ إذَا حَابَى الْعَبْدَ فَلَا يُعْتَبَرُ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فِي قَدْرِ الْمُؤَدَّى لِوُجُودِ الْعِوَضِ ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ تُعْتَبَرُ الْوَصِيَّةُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ : إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتِ حُرٌّ ، وَإِنْ أَدَّيْت إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَنْتِ حُرٌّ فَأَدَّاهُمَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِهِمَا لِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ جَمِيعًا وَالْعِتْقُ يَصِيرُ مُضَافًا إلَى الْعِلَّةِ ثُبُوتًا فَكَانَ يَسْتَقِيمُ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى عِلَّتَيْنِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى شَرْطَيْنِ ، فَإِنْ وَجَدَ الْأَلْفَ سَتُّوقَةً أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ نَاقِصَةً أَوْ اُسْتُحِقَّتْ فَعَلَى مَا وَصَفْنَا فِي الْأَلْفَيْنِ يَعْنِي أَنَّ فِي السَّتُّوقِ يَكُونُ الْعِتْقُ وَاقِعًا بِأَدَاءِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ خَاصَّةً ، وَفِي الزُّيُوفِ وَالْمُسْتَحَقِّ يَكُونُ الْعِتْقُ وَاقِعًا بِأَدَائِهِمَا فَيَسْتَبْدِلُ بِالزُّيُوفِ الْمُسْتَحَقَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
بَابُ إقْرَارِ الْوَارِثِ لِوَارِثٍ مَعَهُ فَيُصَدِّقُهُ صَاحِبُهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ ( قَالَ ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَتَرَكَ مَالًا فَأَقَرَّ الِابْنُ لِرَجُلٍ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى النَّسَبِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمَيِّتِ لَا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ إذَا كَانَ الِابْنُ وَاحِدًا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِإِقْرَارِهِ بِابْنٍ آخَرَ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ أَبِيهِ فَإِقْرَارُهُ كَإِقْرَارِ الْأَبِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ { أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعَةَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا تَنَازَعَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَلَدِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَلَدُ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي وَقَالَ سَعْدُ ابْنُ أَخِي عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ أَخِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ لَك يَا عَبْدَ اللَّهِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ } فَقَدْ أَثْبَتَ النَّسَبَ مِنْ زَمْعَةَ بِإِقْرَارِ عَبْدِ اللَّهِ لِأَنَّهُ كَانَ هَذَا الْوَارِثُ دُونَ أُخْتِهِ سَوْدَةَ فَقَدْ كَانَتْ مُسْلِمَةً عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَزَمْعَةُ قُتِلَ كَافِرًا وَعَبْدٌ كَانَ عَلَى دِينِهِ يَوْمَئِذٍ فَكَانَ هُوَ الْوَارِثُ خَاصَّةً .
وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُحْمَلُ هَذَا النَّسَبُ عَلَى غَيْرِهِ بِإِقْرَارِهِ ، وَإِقْرَارُهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْغَيْرِ ، وَبَيَانُهُ أَنَّ الْأُخُوَّةَ لَا تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِوَاسِطَةِ الْأَبِ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ أَبِيهِ لَا يَكُونُ أَخًا لَهُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يُحْمَلُ نَسَبُهُ عَلَى أَبِيهِ ، وَإِنَّمَا يَقُومُ هُوَ مَقَامَ الْأَبِ فِيمَا يَخْلُفُهُ فِيهِ مِنْ الْمَالِ ، وَفِي النَّسَبِ لَا يَخْلُفُهُ فَلَا يَكُونُ قَائِمًا مَقَامَهُ فِي الْإِقْرَارِ ، وَلَا حُجَّةَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ لَكَ قَضَاءٌ بِالْمِلْكِ لِعَبْدٍ فِي ذَلِكَ
الْوَلَدِ فَإِنَّهُ كَانَ وَلَدَ أَمَةِ أَبِيهِ ، وَقَوْلُهُ : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ لِتَحْقِيقِ نَفْيِ النَّسَبِ مِنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَدْ كَانَ عَاهِرًا لَا فِرَاشَ لَهُ ، عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ تِلْكَ الْوَلِيدَةَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِزَمْعَةَ ، وَلَيْسَتْ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ بِسَبَبٍ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَالَ : عِنْدَ أَبِي وَلَدٌ عَلَى فِرَاشِ أَبِي أَقَرَّ بِهِ أَبِي ، فَإِنَّمَا أَقَامَهُ مَقَامَ أَبِيهِ فِي إظْهَارِ إقْرَارِهِ بِقَوْلِهِ ، ثُمَّ ثُبُوتُ النَّسَبِ كَانَ بِإِقْرَارٍ مَعَهُ لَا بِإِقْرَارِ عَبْدٍ ، ثُمَّ نَقُولُ : الْمُقَرُّ لَهُ يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي الْمِيرَاثِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا وَرِثَ مِنْ الْأَبِ لِأَنَّ فِي كَلَامِهِ إقْرَارًا بِشَيْئَيْنِ : بِالنَّسَبِ وَبِالشَّرِكَةِ فِي الْمِيرَاثِ .
وَالنَّسَبُ إنَّمَا يُقَرُّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَمْ يَصِحَّ ، وَالشَّرِكَةُ فِي الْمِيرَاثِ إنَّمَا يُقِرُّ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِجَمِيعِ الْمِيرَاثِ فَصَحَّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الشَّرِكَةُ فِي الْمِيرَاثِ ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ ، وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ : هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ فَإِنْ دَفَعَ النِّصْفَ إلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِابْنٍ آخَرَ لِأَبِيهِ وَكَذَّبَهُ الْأَوَّلُ فِيهِ ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فِي الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَخَذَ الْآخَرُ نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي أَقَرَّ أَنَّ حَقَّهُ وَحَقَّ الثَّانِي فِي الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا مِمَّا دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْمَدْفُوعِ لِأَحَدٍ ، وَيُجْعَلُ مَا أَخَذَهُ الْأَوَّلُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ كَالتَّاوِي فَيَكُونُ ضَرَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ
إلَى الْأَوَّلِ بِدُونِ قَضَاءِ الْقَاضِي أَخَذَ الْآخَرُ ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ لِإِقْرَارِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثُلُثِ الْمَالِ ، وَأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ قَدْرَ السُّدُسِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ ، وَإِنَّمَا دَفَعَهُ بَعْدَ قَضَاءٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا مِنْ نَصِيبِهِ فَيَدْفَعُ إلَى الْآخَرِ مِمَّا بَقِيَ فِي يَدِهِ كَمَالَ حَقِّهِ ، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ مَا دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ حُكْمًا ، وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْبَاقِيَ فِي يَدِهِ ثُلُثَا التَّرِكَةِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّانِي نِصْفَ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْفَرْقِ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ ، وَغَيْرِ قَضَاءٍ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا قَضَى دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ مِنْ التَّرِكَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا .
وَلَوْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا حِصَّةَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الَّذِي قَضَى بَعْضَ الْغُرَمَاءِ دَيْنَهُمْ ، وَعَلَى هَذَا فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ إذَا دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى يُفْصَلُ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الدِّيَاتِ ، وَهُمَا يَسْتَوِيَانِ هُنَاكَ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ ، وَالْفَرْقُ لَهُمْ بِحَرْفٍ ، وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ ، وَلَيْسَ هُنَاكَ حَقٌّ وَاجِبٌ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا سَوَاءٌ دَفَعَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِنَفْسِهِ عَيْنَ مَا يَأْمُرُ الْقَاضِي بِهِ لَوْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَيْهِ ، وَمَتَى كَانَ حَقُّ الثَّانِي ثَابِتًا عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ يُفْصَلُ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ بَيَانُهُ فِيمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ رَجُلٌ زَوَّجَ أُمَّتَهُ وَاسْتَوْفَى صَدَاقَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ ، وَلَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا فَيَضْرِبُ
الْوَارِثُ فِي التَّرِكَةِ ثُمَّ اخْتَارَتْ هِيَ نَفْسَهَا حَتَّى صَارَ الصَّدَاقُ دَيْنًا عَلَى الْمَوْلَى ، وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ لِلتَّرِكَةِ فَإِنْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ فِي التَّرِكَةِ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ ؛ لِأَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الدَّيْنُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا حِينَ تَصَرَّفَ ، وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَاجِبًا حِينَ تَصَرَّفَ ، وَقَدْ سَبَقَ نَظَائِرُهُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ فَهَاهُنَا قَدْ تَبَيَّنَ بِإِقْرَارِهِ أَنَّ حَقَّ الثَّانِي كَانَ ثَابِتًا حِينَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ فَفَصَلَ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ حَقَّ الثَّانِي كَانَ ثَابِتًا حِينَ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ فَلَا يَغْرَمُ الثَّانِي شَيْئًا سَوَاءٌ دَفَعَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ .
وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ ، وَدَفَعَ الرُّبْعَ إلَى الثَّانِي بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِابْنٍ آخَرَ ، وَأَنْكَرَ الْأَوَّلَانِ ، وَأَنْكَرَهُمَا الثَّالِثُ أَيْضًا فَإِنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا مِمَّا دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالتَّاوِي يَبْقَى نِصْفُ التَّرِكَةِ فِي يَدِهِ ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّهُ وَحَقَّ الثَّالِثِ وَالثَّانِي فِي هَذَا النِّصْفِ سَوَاءٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا مِمَّا دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فِي الْمَالِ ، وَقَدْ دَفَعَ إلَى الثَّانِي زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّالِثِ كَمَالَ حَقِّهِ ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَثُلُثُ الْمَدْفُوعِ إلَى الثَّانِي لَمَّا كَانَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ جُعِلَ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ فَكَانَ الْبَاقِي فِي يَدِهِ ثُلُثَيْ النِّصْفِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّالِثِ نِصْفَ ذَلِكَ ،
وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ .
وَلَوْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي ، وَدَفَعَ الثُّلُثَ إلَى الثَّانِي بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ أَقَرَّ بِالثَّالِثِ فَصَدَّقَهُ فِيهِ الْأَوَّلُ ، وَكَذَّبَهُ الثَّانِي وَكَذَبَا جَمِيعًا لِلثَّانِي فَإِنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ قَالَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ : وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَيَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدَيْ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ، وَزَعَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ تَخْرِيجَهُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ طَرِيقًا آخَرَ لِتَخْرِيجِ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَأَجَابَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِنْهُ خُمُسَيْ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدَيْ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ .
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِابْنَيْنِ آخَرَيْنِ لِلْمَيِّتِ وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ، وَمَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْحُودِ نِصْفَانِ .
وَجْهُ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ الْأَوَّلَ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ التَّصْدِيقِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ لَهُ فِي وَقْتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِشَيْءٍ صَارَ كَالِابْنِ الْمَعْرُوفِ ، وَالثَّالِثُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ قَدْ أَقَرَّ بِهِ ، وَصَدَّقَهُ الْأَوَّلُ بِهِ ، ثُمَّ بَيَانُ تَخْرِيجِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الثَّالِثَ مُسَاوٍ لَهُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ دَافِعٌ أَرْبَعَةً ، وَالتَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا مِمَّا دَفَعَهُ إلَى الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ، وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا مِمَّا دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ .
وَإِنْ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُصَدِّقٌ بِهِ فَيُسَلِّمُ لَهُ نَصِيبَهُ فِي الْمَدْفُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ جِهَتِهِ فَيَبْقَى مَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّهُمَا فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ لِهَذَا ثُمَّ يَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ .
وَجْهُ تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَقُولُ لِلثَّالِثِ : أَنَا قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّ حَقِّي فِي سَهْمٍ ، وَحَقَّك فِي سَهْمٍ ، وَحَقَّ الْبَاقِي فِي سَهْمٍ إلَّا أَنَّ السَّهْمَ الَّذِي فِيهِ حَقُّك نِصْفُهُ فِي يَدِي ، وَنِصْفُهُ فِي يَدِ الْأَوَّلِ ، وَذَلِكَ يَصِلُ إلَيْك مِنْ جِهَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِك ، وَلَا غُرْمَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا دَفَعْته إلَى الثَّانِي لِأَنِّي دَفَعْته بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَبَقِيَ مَا فِي يَدَيَّ وَحَقُّك فِيهِ فِي نِصْفِ
سَهْمٍ ، وَحَقِّي فِي سَهْمٍ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَيَكُونُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِهَذَا ، وَجْهُ تَخْرِيجِ الْخَصَّافِ أَنَّ الْمُقِرَّ يَقُولُ لِلثَّالِثِ : أَنَا قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّك رَابِعُ أَرْبَعَةٍ ، وَلَا غُرْمَ لَك عَلَيَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا دَفَعْته إلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ حَقَّك فِي ذَلِكَ النِّصْفُ يَصِلُ إلَيْك مِنْ جِهَتِهِ يَبْقَى حَقُّك فِي سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِك ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ الثَّانِي نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَهْمٌ وَنِصْفٌ ، وَمَا دَفَعْت إلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَى حَقِّهِ إنَّمَا دَفَعْته بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ مَضْمُومًا عَلَيَّ فَأَنَا أَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدَيَّ بِحَقِّي ، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ ، وَأَنْتَ تَضْرِبُ بِحَقِّك وَهُوَ سَهْمٌ فَانْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَتُضْعِفُهُ فَيَكُونُ لِلثَّالِثِ سَهْمَيْنِ ، وَلِلْمُقِرِّ ثَلَاثَةٌ فَصَارَ مَا فِي يَدِهِ عَلَى خَمْسَةٍ فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهُ خُمُسَيْ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ، وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَوَّلَ ، وَأَنْكَرَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ ، وَأَقَرَّ الثَّانِي بِالثَّالِثِ ، وَأَنْكَرَا جَمِيعًا الْأَوَّلَ فَإِنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِ الْمَعْرُوفِ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَهُوَ جَمِيعُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الثَّانِي فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا ، وَأَنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ كَانَ فِي رُبْعِ الْمَالِ ، وَقَدْ دَفَعَ إلَيْهِ النِّصْفَ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَالرُّبْعُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ يَكُونُ مِنْ نَصِيبِهِ خَاصَّةً أَوْ يُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ فَكَانَ فِي يَدِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ كَمَالَ حَقِّهِمَا ، وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ ، وَقَدْ دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ الْمَالِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّالِثِ السُّدُسَ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِي يَدِهِمَا نِصْفُ الْمَالِ
فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لِتَصَادُقِهِمَا ، وَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُسْتَوْفِيًا كَمَالَ حَقِّهِ بِزَعْمِهِ .
وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثَّالِثِ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَى الثَّالِثِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَهُوَ سُدُسُ الْمَالِ ، وَيَغْرَمُ لَهُ أَيْضًا ثُلُثَ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا إلَّا أَنَّهُ دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ الْمَالِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِلثَّالِثِ ، وَقَدْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ النِّصْفَ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَيَكُونُ ضَامِنًا لِلثَّالِثِ مَا دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ ، وَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ ثُلُثَا التَّرِكَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الثَّالِثِ ثُلُثَ الثُّلُثَيْنِ ، وَثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ سُدُسٌ وَثُلُثُ سُدُسٍ ، وَالْبَاقِي فِي يَدِهِ السُّدُسُ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ ذَلِكَ ، وَيَغْرَمُ لَهُ ثُلُثَ سُدُسٍ مِنْ مَالِهِ حَتَّى يَصِيرَ هُوَ مُسْتَوْفِيًا كَمَالَ حَقِّهِ بِزَعْمِهِ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ ، وَأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ مِنْ أَبِيهِ ، وَأَنْكَرَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ فِيمَا فِي يَدِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِيمَا فِي يَدِ أَخِيهِ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِ أَخِيهِ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ آخَرَ مِنْ أَبِيهِ ، وَصَدَّقَهُ فِيهِ الْأَخُ الْمَعْرُوفُ ، وَأَنْكَرَهُ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَوَّلُ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ دَفَعَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَخَذَ مِنْهُ الْمُقَرُّ بِهِ الثَّانِي خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْآخَرِ الْمَعْرُوفِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَ مِنْهُ الْمُقَرُّ بِهِ الثَّانِي خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْآخَرِ الْمَعْرُوفِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَخَذَ الْبَاقِيَ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَخَذَ مِنْهُ خُمُسَ جَمِيعِ مَا كَانَ فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا .
وَجْهُ تَخْرِيجِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا جَمِيعًا ، وَصَدَّقَهُ الْمَعْرُوفُ فِي أَحَدِهِمَا لَكَانَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْهُ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ : أَنَا قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّ حَقَّك فِي رُبْعِ التَّرِكَةِ ، وَنِصْفُ التَّرِكَةِ فِي يَدِ أَخِي ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِنَصِيبِك فَإِنَّمَا يَبْقَى حَقُّك فِيمَا فِي يَدِي فِي الرُّبْعِ ، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَمَا بَقِيَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ
الْمَجْحُودِ نِصْفَانِ فَإِذَا أَقْرَرْتُ بِهِ أَوَّلًا ، وَدَفَعْتُ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدَيَّ فَمَا دَفَعْتُهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ لَا يَكُونُ مَضْمُومًا عَلَيَّ لِأَنِّي دَفَعْته بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيَبْقَى حَقُّك فِيمَا فِي يَدَيَّ فِي سَهْمٍ ، وَحَقِّي فِي سَهْمٍ ، وَنِصْفٍ فَلِهَذَا يُعْطِيهِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَمَا دَفَعَهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ يَكُونُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ ، وَيُجْعَلُ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّانِي جَمِيعَ حَقِّهِ إذْ لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا مَعًا ، وَذَلِكَ رُبْعُ النِّصْفِ ثُمُنُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ .
وَجْهُ تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا مَعًا لَكَانَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ حَقُّك فِي سَهْمٍ ، وَحَقِّي فِي سَهْمٍ ، وَحَقُّ الْمَجْحُودِ فِي سَهْمٍ إلَّا أَنَّ السَّهْمَ الَّذِي هُوَ حَقُّك نِصْفُهُ فِي يَدِي ، وَنِصْفُهُ فِي يَدِ شَرِيكِي ، وَهُوَ مُقِرٌّ لَك بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِي بِنِصْفِ سَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَهْمٍ ، وَالْمَجْحُودُ بِسَهْمٍ فَلِهَذَا يَأْخُذُ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ ، فَإِذَا أَقَرَّ بِالْمَجْحُودِ أَوَّلًا ، وَدَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَضْمُونًا فَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ فِيمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ بِسَهْمٍ ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ سَهْمٍ فَلِهَذَا يَأْخُذُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ .
وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَمَا دَفَعَهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُ إلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا كَانَ يَدْفَعُ أَنْ لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا مَعًا ، وَذَلِكَ خُمُسُ نِصْفِ الْمَالِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمَعْرُوفِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ وَلَوْ تَصَادَقَ الْمُقَرُّ بِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا أَخَذَ الثَّانِي مِنْ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي
أَقَرَّ بِهِ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قِسْمَةِ مَا يَأْخُذُ مَعَ الْآخَرِينَ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِثُلُثِ التَّرِكَةِ نِصْفٌ فِي يَدِهِ ، وَنِصْفٌ فِي يَدِ أَخِيهِ ، وَهُوَ يُقِرُّ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ إلَّا مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَذَلِكَ الثَّالِثُ بِمَنْزِلَةِ ابْنٍ لِلْمَيِّتِ أَقَرَّ بِابْنَتِهِ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فَإِذَا أَخَذَ كُلٌّ ضَمَّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ وَالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا أَنَّ حَقَّهُمْ فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ فَمَا يَصِلُ إلَيْهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا بِاعْتِبَارِ تَصَادُقِهِمْ ، وَإِنَّمَا يَتْوَى بِأَخْذِ الِابْنِ الْآخَرِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ ، وَيَكُونُ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ ، وَمَا يَبْقَى يَبْقَى لَهُمْ بِالْحِصَّةِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ ، وَأُمِّهِ فَاقْتَسَمُوا الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ آخَرَ ، وَصَدَّقَهُ فِيهِ أَحَدُ إخْوَتِهِ الْمَعْرُوفِينَ ، وَتَكَاذَبَ الْمُقَرُّ بِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِذَا كَانَ دَفَعَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَ مِنْهُ الْآخَرُ خُمُسَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَضَمَّهُ إلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ خَاصَّةً فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي رُبْعَ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ يَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : إنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَ مِنْهُ الْآخَرُ خُمُسَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَضَمَّهُ إلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ خَاصَّةً فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي رُبْعَ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ فَضَمَّهُ إلَى مَا فِي يَدِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدَيْهِ .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي خُمُسَ جَمِيعِ الْمَالِ فَضَمَّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ وَجْهُ تَخْرِيجِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُقِرَّ زَعَمَ أَنَّ حَقَّ الثَّانِي فِي خُمُسِ الْمَالِ إلَّا أَنَّ أَحَدَ إخْوَتِهِ الْمَعْرُوفَيْنِ كَذَّبَهُ ، وَصَارَ هُوَ مَعَ مَا أَخَذَ كَالْمَعْدُومِ ، وَإِنَّمَا نَعْتَبِرُ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الْبَاقِيَيْنِ فَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لِلثَّانِي إنَّمَا أَقْرَرْت بِأَنَّ لَك رُبْعَ مَا فِي أَيْدِينَا ، وَاَلَّذِي فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ بِك
يَصِلُ إلَيْك مِنْ جِهَتِهِ ، يَبْقَى حَقُّك فِيمَا فِي يَدِي فِي سَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَذَلِكَ رُبْعُ ثُلُثِ الْمَالِ ، وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ نِصْفَانِ إلَّا أَنِّي دَفَعْت إلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ مَحْسُوبًا عَلَيَّ ، وَإِنَّمَا يَبْقَى مَا فِي يَدِهِ فَأَنْتَ تَضْرِبُ بِسَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَهْمٍ وَنِصْفٍ فَانْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأُضْعِفُهُ فَيَكُونُ لِي ثَلَاثَةٌ ، وَلَك سَهْمَانِ ، فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهُ خُمُسَيْ مَا فِي يَدِهِ .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَمَا دَفَعَ إلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ هُوَ مَحْسُوبٌ عَلَى الدَّافِعِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّانِي جَمِيعَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ ، وَذَلِكَ رُبْعُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ ثُمَّ يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ بِهِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ ، وَوَجْهُ تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُقِرَّ يَقُولُ لِلْمُقَرِّ لَهُ حَقُّك فِي سَهْمٍ ، وَلَكِنَّ نِصْفَ ذَلِكَ السَّهْمِ فِي يَدِي وَنِصْفَهُ فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ لَك ، وَهُوَ يَصِلُ إلَيْك مِنْ جِهَتِهِ فَأَنْتَ تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِي بِنِصْفِ سَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَهْمٍ ، وَالْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ بِسَهْمٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ الَّذِي فِي يَدِي بَيْنَنَا أَخْمَاسًا لَك مِنْهُ الْخُمُسُ ، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا يَبْقَى مَا فِي يَدِهِ يَضْرِبُ فِيهِ الثَّانِي بِسَهْمٍ ، وَالْمُقِرُّ بِسَهْمَيْنِ فَلِهَذَا يَأْخُذُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّانِي كَمَالَ حَقِّهِ مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ خُمُسُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ بِهِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ حَقَّهُمَا سَوَاءٌ ، وَإِنَّمَا خَرَّجَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَذَّبَ بِهِمَا مَعَ مَا أَخَذَ صَارَ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ ،
وَهَذَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ مَا أَخَذَ بِنَسَبِهِ الْمَعْرُوفِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَضْمُونًا عَلَى أَحَدِ سَوَاءٌ كَانَ أَخَذَهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَمْ لَا .
وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ الْآخَرُ أَقَرَّ بِهِ الْإِخْوَةُ الْمَعْرُوفُونَ جَمِيعًا فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِمَا دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَى الثَّانِي ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ دَفَعَ إلَيْهِ خُمُسَ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ فَضَمَّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَخَوَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ فَاقْتَسَمُوهَا أَثْلَاثًا ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَقُولُ لِلثَّانِي حَقُّك فِي خُمُسِ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَاَلَّذِي فِي يَدِ أَخَوَيَّ لَك بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَوَّلِ لِي سَهْمَانِ ، وَلَهُ كَذَلِكَ فَإِنْ دَفَعَك بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَمَا دَفَعَهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّانِي كَمَالَ حَقِّهِ مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ خُمُسُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَخَوَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا عَلَى أَنَّ حَقَّهُمْ سَوَاءٌ فَيَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ أَثْلَاثًا ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إلَّا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنَّهُ قَالَ عَلَى مَذْهَبِهِ التَّخْرِيجُ بِطَرِيقِ السِّهَامِ فَالْمُقَرُّ لَهُ يَقُولُ لِلثَّانِي حَقُّك فِي سَهْمٍ ، وَحَقِّي فِي سَهْمٍ ، وَحَقُّ الْأَوَّلِ فِي سَهْمٍ إلَّا أَنَّ السَّهْمَ الَّذِي حَقُّك ثُلُثُهُ فِي يَدِي ، وَثُلُثَاهُ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ ، وَهُمَا مُقِرَّانِ بِك فَإِنَّمَا تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِي بِثُلُثِ سَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَهْمٍ ، وَالْأَوَّلُ بِسَهْمٍ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا كَانَتْ الْقِسْمَةُ أَسْبَاعًا لِلثَّانِي سُبْعُ مَا فِي يَدِهِ فَإِذَا كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، فَالْمُقِرُّ يَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِهِ بِثَلَاثَةٍ ، وَالثَّانِي بِسَهْمٍ فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا .
وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ فَيَأْخُذُ الثَّانِي مِنْهُ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِمَّا فِي يَدِهِ
، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمَعْرُوفَيْنِ فَيَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَابْنَةً فَأَقَرَّتْ الِابْنَةُ بِأَخٍ لَهَا وَأَنْكَرَهُ أَخُوهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِ الِابْنَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ أَنَّ حَقَّهُ ضِعْفَ حَقِّهَا فَإِنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَابْنَةً ، وَأَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمٌ إلَّا أَنَّ الِابْنَ الْمَعْرُوفَ أَخَذَ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ بِنَسَبِهِ الْمَعْرُوفِ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَضْمُونًا عَلَيْهِمَا ، وَلَكِنْ يُجْعَلُ ذَلِكَ كَالتَّاوِي فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا أَثْلَاثًا فَإِنْ أَعْطَتْهُ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِأُخْتٍ مِنْ أَبِيهَا ، وَصَدَّقَهَا فِيهَا الِابْنُ الْمَعْرُوفُ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَوَّلُ ، وَصَدَّقَتْ هِيَ بِهِ أَيْضًا فَإِنَّهَا تَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ فَتَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدَ الِابْنَةِ وَالْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمُونَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْمَعْرُوفَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ ، وَأَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا حَقُّ هَذِهِ فِي رُبْعِ الْمَالِ ، وَبَعْضُ الْمَالِ فِي يَدِ الِابْنَةِ وَالْمُقَرِّ لَهُ ، وَحَقُّهَا فِي ذَلِكَ يَصِلُ إلَيْهَا لِإِقْرَارِهِمَا بِهِ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِ الِابْنِ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَذَلِكَ رُبْعُ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنَةِ وَالْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ فَيَقْتَسِمُونَهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِتَصَادُقِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ .
وَلَوْ كَانَتْ الْمُقَرُّ بِهَا كَذَّبَتْ بِالْأَوَّلِ أَخَذَتْ مِنْ الِابْنَةِ الْمَعْرُوفَةِ ثَلَاثَةَ أَثْمَانِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهَا إنْ كَانَتْ أَعْطَتْ الْأَوَّلَ بِقَضَاءِ قَاضٍ ، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَخَذَتْ هَذِهِ الْأَخِيرَةُ مِنْهَا سُدُسَ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ فَضَمَّتْهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ فَيَقْتَسِمَانِهِ أَثْلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا
اللَّهُ إذَا أَعْطَتْ الْأَوَّلَ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَتْ الثَّانِيَةُ رُبْعَ مَا فِي يَدِهَا فَضَمَّتْهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَيَقْتَسِمَانِهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ .
وَجْهُ تَخْرِيجِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الِابْنَةَ زَعَمَتْ أَنَّ حَقَّ الثَّانِيَةِ فِي سُدُسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ الْمَيِّتُ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ ابْنَةٍ سَهْمٌ فَإِنَّمَا حَقُّ الثَّانِيَةِ فِي سَهْمٍ مِنْ سِتَّةٍ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ ، وَنَصِيبُهَا فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ يُسَلَّمُ لَهَا مِنْ جِهَتِهِ يَبْقَى حَقُّهَا فِي سَهْمٍ مِمَّا فِي يَدِهَا ، وَمَا بَقِيَ وَهُوَ خَمْسَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ أَثْلَاثًا لِلْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ، وَلِلْمُقِرَّةِ سَهْمٌ وَثُلُثَانِ فَمَا دَفَعَتْ إلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ إنَّمَا دَفَعَتْ بِقَضَاءِ قَاضٍ ، وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ الثَّانِيَةَ تَضْرِبُ فِيمَا بَقِيَ فِي يَدِهَا بِسَهْمٍ .
وَهِيَ بِسَهْمٍ وَثُلُثَيْنِ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا يَصِيرُ حَقُّ الْمُقِرَّةِ خَمْسَةً وَحَقُّ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةً فَلِهَذَا أَخَذْت مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَثْمَانِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهَا ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهَا ، وَإِنَّمَا تَأْخُذُ الثَّانِيَةُ كَمَالَ حَقِّهَا مِمَّا فِي يَدِهَا ، وَذَلِكَ سُدُسُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ فَضَمَّتْ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ ، وَقَاسَمَتْهُ أَثْلَاثًا لِتَصَادُقِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا .
وَوَجْهُ تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمُقِرَّةَ زَعَمَتْ أَنَّ حَقَّ الثَّانِيَةِ فِي سَهْمٍ ، وَلَكِنْ ثُلُثَا ذَلِكَ السَّهْمِ فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا فَإِنَّمَا تَضْرِبُ هِيَ فِيمَا فِي يَدِ الْمُقِرَّةِ بِثُلُثِ سَهْمٍ ، وَالْمُقِرَّةُ بِسَهْمٍ ، وَالْمُقَرُّ بِهِ الْأَوَّلُ بِسَهْمَيْنِ فَإِذَا جَعَلَتْ كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا كَانَ ذَلِكَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ لَهَا عُشْرُ مَا فِي يَدِهَا ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَإِنْ دَفَعَتْ إلَى الْأَوَّلِ
زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ بِقَضَاءِ قَاضٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهَا فَلِهَذَا أَخَذَتْ رُبْعَ مَا فِي يَدِهَا ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهَا فَتَأْخُذُ الثَّانِيَةُ كَمَالَ حَقِّهَا مِمَّا فِي يَدِهَا ، وَذَلِكَ عُشْرُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ابْنَيْنِ وَمَالًا فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا أَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ لَهُ مِنْ أَبِيهِ مَعًا فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فِي أَحَدِهِمَا ، وَتَكَاذَبَ الْمُقَرُّ بِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فَاَلَّذِي أَقَرَّا بِهِ جَمِيعًا يَأْخُذُ مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ بِالْأَخَوَيْنِ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ خَاصَّةً فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُ مِنْهُ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ خَاصَّةً فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ، وَمَا بَقِيَ فِي يَدِ الِابْنِ الْمُقَرِّ بِهِمَا اقْتَسَمَهُ هُوَ ، وَالِابْنُ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَخُوهُ نِصْفَيْنِ ، وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ : وَلَوْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا لَكَانَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعَ مَا فِي يَدِ الْمُقَرِّ بِهِمَا فَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُ فِي أَحَدِهِمَا يَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ رُبْعَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ اعْتِبَارًا لِحَالِ تَصْدِيقِهِ بِهِ خَاصَّةً بِحَالِ تَصْدِيقِهِ بِهِمَا ؛ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ بِالْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ نَصِيبَهُ فِيمَا فِي يَدِهِ وَمُحَمَّدٌ يَعْتَبِرُ السِّهَامَ فَيَقُولُ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ إنَّ حَقَّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي سَهْمٍ ، وَلَكِنَّ نِصْفَ ذَلِكَ السَّهْمِ فِي يَدِ الْمُصَدِّقِ ، وَهُوَ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ فَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِيمَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ بِنِصْفِ سَهْمٍ ، وَالْمُقِرُّ بِسَهْمٍ فَلِهَذَا يَأْخُذُ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ .
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ ، وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُقَدِّمَهَا ، وَلَكِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ فَلِهَذَا بَدَأَ بِالتَّفْرِيعَاتِ عَلَيْهِ هَاهُنَا ثُمَّ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا لِتَكُونَ أَوْضَحَ فِي الْبَيَانِ فَإِنْ تَصَادَقَ الْمُقَرُّ بِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا بَدَأَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بِاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ خَاصَّةً لِتَصَادُقِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ ثَلَاثَ
بَنِينَ ، وَأَنَّ حَقَّهُ فِي ثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ ، وَثُلُثِ مَا فِي يَدِ أَخِيهِ ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ بِالْأَخَوَيْنِ فَيَقْتَسِمُونَهُ ؛ لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا أَنَّ حَقَّهُمْ فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ابْنًا وَامْرَأَةً فَاقْتَسَمَا الْمَالَ ثُمَّ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِابْنَيْنِ لِلْمَرْأَةِ مَعًا ، وَصَدَّقَهَا الِابْنُ فِي أَحَدِهِمَا ، وَتَكَاذَبَ الْمُقَرُّ بِهِمَا فِيمَا فِي يَدِهِمَا فَإِنَّ الِابْنَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ فَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ ، وَرَجَعَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَنْ هَذَا ، وَقَالَ : لَا نَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ شَيْئًا ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ذَكَرَ رُجُوعَ أَبِي يُوسُفَ مَكَانَ رُجُوعِ مُحَمَّدٍ ، وَقَالَ : مَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الِابْنِ الْمَجْحُودِ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لَهُ سَبْعَةٌ ، وَلَهَا ثَلَاثَةٌ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ : ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ لَهَا سَهْمٌ ، وَلِلْمَجْحُودِ سَبْعَةٌ فَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ سَبْعَةً مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَهِيَ تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِمَا فِي سَبْعَةِ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ التَّرِكَةِ ، وَاَلَّذِي فِي يَدِهَا جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَدْفَعُ إلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِمَّا فِي يَدِهَا ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ فَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ حَقَّهُمَا سَوَاءٌ .
وَوَجْهُ رُجُوعِهِمَا عَنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ فِي ثُمُنِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ أَوْ ثَلَاثُ بَنِينَ ، وَلَيْسَ فِي يَدِهَا إلَّا مِقْدَارُ نَصِيبِهَا ، وَهُوَ الثُّمُنُ فَهِيَ إنَّمَا أَقَرَّتْ لِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِأَنَّ نَصِيبَهُ فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ ، وَذَلِكَ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهَا .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الِابْنَ الْمَعْرُوفَ لَوْ
صَدَّقَهَا فِيهِمَا لَمْ يَأْخُذْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِمَا فَكَذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُمَا فِي أَحَدِهِمَا ، وَلَكِنَّ الْمُعَامَلَةَ لَهُ مَعَ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ فَيُقَاسِمُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ نِصْفَيْنِ ، وَتَبْقَى مُعَامَلَةُ الْمَجْحُودِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَنَى الْجَوَابَ عَلَى زَعْمِهَا ، وَهِيَ زَعَمَتْ أَنَّ حَقَّ الْمَجْحُودِ فِي سَبْعَةٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَحَقُّهَا فِي ثُلُثٍ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا فِي يَدِهَا بِحَقِّهِ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى عَشَرَةٍ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَنَى عَلَى زَعْمِ الِابْنِ الْمَجْحُودِ ، وَفِي زَعْمِهِ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً ، وَأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لَهَا سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَيَضْرِبُ هُوَ بِسَبْعَةٍ ، وَهِيَ بِسَهْمَيْنِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ لَمَّا كَذَّبَ الْمَجْحُودَ صَارَ هُوَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ فِي حَقِّ الْمَجْحُودِ كَالْمَعْدُومِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ مَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ ، وَهِيَ الْوَارِثَةُ مَعَ الْمَجْحُودِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ لَهَا الثُّمُنُ ، وَلِلْمَجْحُودِ سَبْعَةُ أَثْمَانِهِ .
وَلَوْ تَصَادَقَ الْمُقَرُّ بِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا أَخَذَ الِابْنُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِهِ لِحَاجَتِهِ إلَى مُقَاسَمَةِ مَا يَأْخُذُ مَعَ الْمُقَرِّ بِهِ الْآخَرِ ثُمَّ فِي زَعْمِ الِابْنِ الْآخَرِ الْمَعْرُوفِ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً ، وَأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ لِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ ، وَاَلَّذِي فِي بَعْضِ التَّرِكَةِ فَيُعْطِيهِ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْمَعُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُقَرِّ بِهِمَا وَالْمَرْأَةِ عَلَى سَبْعَةٍ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ
يُجْمَعُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُقَرِّ بِهِمَا وَالْمَرْأَةِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ امْرَأَةً وَثَلَاثَ بَنِينَ ، وَأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لَهَا ثَلَاثَةٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَيُقْسَمُ مَا وَصَلَ إلَيْهِمْ بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِمْ تَضْرِبُ فِيهِ الْمَرْأَةُ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِمَا بِسَبْعَةٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ثَلَاثَةَ بَنِينَ فَاقْتَسَمُوا الْمَالَ ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِثَلَاثَةِ إخْوَةٍ مَعًا ، وَصَدَّقَهُ أَحَدُ إخْوَتِهِ فِي ابْنَيْنِ مِنْهُمَا ، وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ ، وَتَكَاذَبَ الثَّلَاثَةُ فِي مَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّمَا يُسَمِّي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِيَكُونَ أَوْضَحَ فِي الْبَيَانِ فَاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ بِالثَّلَاثَةِ نُسَمِّيهِ الْأَكْبَرَ ، وَاَلَّذِي صَدَّقَهُ فِي الِاثْنَيْنِ نُسَمِّيهِ الْأَوْسَطَ ، وَاَلَّذِي صَدَّقَهُ فِي وَاحِدٍ نُسَمِّيهِ الْأَصْغَرَ ثُمَّ نُسَمِّي الَّذِي أَقَرُّوا بِهِ جَمِيعًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ ، وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ اثْنَانِ مُخْتَلَفًا فِيهِ ، وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَكْبَرُ خَاصَّةً نُسَمِّيهِ مَجْحُودًا ثُمَّ نَقُولُ : الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْ الْأَكْبَرِ سُدُسَ مَا فِي يَدِهِ ، وَمِنْ الْأَوْسَطِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَصْغَرِ ، وَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأَكْبَرَ زَعَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ سِتَّةَ بَنِينَ ، وَأَنَّ حَقَّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي سُدُسِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ ، وَاَلَّذِي فِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَأَخَذَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ سُدُسَ مَا فِي يَدِهِ لِهَذَا ، وَالْأَوْسَطُ زَعَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ خَمْسَةَ بَنِينَ ، وَأَنَّ حَقَّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي خُمُسِ التَّرِكَةِ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُعْطِيهِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ يَضُمُّ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَصْغَرِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لِتَصَادُقِهِمَا أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ الْأَكْبَرِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ قَدْ كَذَّبَ بِهِ فَهُوَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ فِي حَقِّهِ كَالْمَعْدُومِ فَإِنَّمَا تَبْقَى الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ خَمْسَةٍ فَالْأَكْبَرُ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ فِي خُمُسِ التَّرِكَةِ ، وَأَنَّ التَّرِكَةَ فِي حَقِّهِ مَا فِي يَدِهِ ، وَمَا فِي يَدِ الْأَوْسَطِ ، وَالْأَوْسَطُ مُصَدِّقٌ بِهِ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ هُوَ مِمَّا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ لِهَذَا ثُمَّ
يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوْسَطِ فَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ ، وَمَا بَقِيَ فِي يَدِ الْأَكْبَرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْحُودِ نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فَقَدْ انْكَسَرَ الْحِسَابُ بِالْأَخْمَاسِ وَالْأَسْدَاسِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَضْرِبَ خَمْسَةً فِي سِتَّةٍ فَتَكُونَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ تُضْعِفَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَى الْمُقَاسَمَةِ بِالْإِنْصَافِ فَمِنْهُ تَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ .
وَإِنْ كَانَ الْأَصْغَرُ إنَّمَا أَقَرَّ بِاَلَّذِي أَنْكَرَهُ الْأَوْسَطُ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ اللَّذَيْنِ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوْسَطُ يَأْخُذَانِ مِنْ الْأَكْبَرِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ يُكَذِّبُ بِهِمَا فَيُجْعَلُ هُوَ كَالْمَعْدُومِ فِي حَقِّهِمَا ، وَإِنَّمَا يَبْقَى الْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِمَا الْأَكْبَرُ ، وَالْأَوْسَطُ مَعَ مَا فِي يَدِهِمَا فَفِي زَعْمِ الْأَكْبَرِ أَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْخُمُسِ ، وَأَنَّ مَالَهُمَا فِي يَدِ الْأَوْسَطِ وَاصِلٌ إلَيْهِمَا مِنْ جِهَتِهِ فَإِنَّمَا يَأْخُذَانِ مِمَّا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ مَا أَقَرَّ لَهُمَا بِهِ ، وَذَلِكَ خُمُسَا مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمَّانِهِ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوْسَطِ وَيَقْتَسِمَانِهِ أَثْلَاثًا لِتَصَادُقِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَأْخُذُ الِابْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الثَّالِثُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ ؛ لِأَنَّ الْأَكْبَرَ زَعَمَ أَنَّ حَقَّهُ فِي سَهْمٍ ، وَحَقِّي فِي سَهْمٍ إلَّا أَنَّ السَّهْمَ الَّذِي هُوَ حَقُّهُ نِصْفُهُ فِي يَدِي وَنِصْفُهُ فِي يَدِ الْأَصْغَرِ فَإِنَّ الْأَوْسَطَ فِي حَقِّهِ كَالْمَعْدُومِ ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ بِهِ فَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ فِيمَا فِي يَدِهِ بِنِصْفِ سَهْمٍ ، وَالْأَكْبَرُ بِسَهْمٍ فَلِهَذَا يَأْخُذُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الثَّالِثِ ، وَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ لِتَصَادُقِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مُقَاسَمَةُ الْأَوَّلَيْنِ مَعَ الْأَوْسَطِ أَثْلَاثًا ، وَهُمَا مُكَذِّبَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا قُلْنَا نَعَمْ ، وَلَكِنَّ الْأَوْسَطَ مُقِرٌّ بِهِمَا ، وَاَلَّذِي فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلُ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ
، وَإِنَّمَا حَاجَتُهُمَا إلَى الْمُقَاسَمَةِ مَعَ الْأَوْسَطِ ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِتَكَاذُبِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا ، وَبِتَصَادُقِهِمَا فَإِنْ كَانَ الثَّلَاثَةُ الْمُقَرُّ بِهِمْ صَدَّقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ ، وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ الثَّالِثُ هُوَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ اللَّذَيْنِ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوْسَطُ فَإِنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ هَاهُنَا يَبْدَأُ بِالْأَصْغَرِ لِحَاجَتِهِ إلَى مُقَاسَمَةِ صَاحِبِهِ بِتَصْدِيقِهِ بِهِمَا فَيَأْخُذُ مِنْ الْأَصْغَرِ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ أَرْبَعَةَ بَنِينَ ، وَأَنَّ حَقَّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي رُبْعِ مَا فِي يَدِ الْآخَرِينَ ، وَذَلِكَ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِمَا فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهُ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ، وَيَأْخُذُ الْأَوْسَطُ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوْسَطَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي خُمُسِ كُلِّ جُزْءٍ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُعْطِيهِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ ، وَيَأْخُذُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ الْأَوْسَطِ فِي حَقِّهِ ؛ لِأَنَّ لَهُ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ، وَرُبْعَ مَا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ ، وَالْأَكْبَرُ مُصَدِّقٌ بِهِ فَلِهَذَا يَأْخُذُ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ يَجْمَعَانِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ ، وَهُوَ الْأَكْبَرُ فَيَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ مَعَ الْمَجْحُودِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِتَصَادُقِهِمْ أَنَّ حَقَّهُمْ فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ .
وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الثَّالِثُ يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ ، وَهُوَ الْأَصْغَرُ مُقِرٌّ لَهُ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّ الْأَوْسَطَ فِي حَقِّهِ كَالْمَعْدُومِ ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهُ ، وَإِذَا صَارَ هُوَ كَالْمَعْدُومِ فَفِي زَعْمِهِ أَنَّ الِابْنَ لِلْمَيِّتِ هُوَ الْأَكْبَرُ ، وَهَذَا الَّذِي هُوَ أَقَرَّ بِهِ فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ، وَيَأْخُذُ اللَّذَانِ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوْسَطُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْأَوْسَطِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ فِي حَقِّهِمَا كَالْمَعْدُومِ فَإِنَّهُ مُكَذِّبٌ بِهِمَا يَبْقَى
الْبَنُونَ أَرْبَعَةٌ فِي زَعْمِ الْأَوْسَطِ هُوَ وَالْأَكْبَرُ ، وَعَلَى هَذَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ رُبْعُ التَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِذَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ بِزَعْمِهِ عَرَفْنَا أَنَّهُمَا أَخَذَا مِمَّا فِي يَدِهِ النِّصْفَ ثُمَّ يَجْمَعُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ فَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِتَصَادُقِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً فَاقْتَسَمُوا مَالَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الِابْنَانِ جَمِيعًا بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ ، وَكَذَّبَتْهُمَا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ مِنْ الِابْنَيْنِ سَهْمًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّهُمَا أَقَرَّا أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ ، وَمَا أَخَذَتْهُ الْمَعْرُوفَةُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهَا فَإِنَّمَا أَخَذَتْ ذَلِكَ الْمَعْرُوفَ ، وَلَا يَغْرَمُ الِابْنَانِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَلَكِنْ يُقْسَمُ مَا فِي يَدِهِمَا بَيْنَهُمَا ، وَبَيْنَ الْمُقِرِّ لِهَذَا هِيَ تَضْرِبُ بِسَهْمٍ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَبْعَةٍ فَلِهَذَا أَخَذَتْ مِنْهُمَا سَهْمًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ بَيْنَهُمْ .
وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا ابْنَيْنِ فَاقْتَسَمَا الْمَالَ ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِامْرَأَةٍ ، وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ أَخَذَتْ تَسْعَى مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ امْرَأَةً وَابْنَيْنِ ، وَأَنَّ لَهَا سَهْمَيْنِ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَهِيَ تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِهِ بِسَهْمَيْنِ ، وَهُوَ بِسَبْعَةٍ فَلِهَذَا أَخَذَتْ تَسْعَى مَا فِي يَدِهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ إلَيْهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى ، وَصَدَّقَهُ فِيهَا أَخُوهُ ، وَتَكَاذَبَتْ الْمَرْأَتَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَأْخُذَانِ مِمَّا فِي يَدِ الْمُقَرِّ بِهِمَا جُزْءًا مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا وَثُمُنَ جُزْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ فَيُجْمَعُ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْآخَرِ ، وَيُقَاسِمُهُ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لَهَا سَهْمَانِ ، وَلَهُ سَبْعَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا أَخَذَ مِنْهُ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِمَّا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْآخَرِ ، وَيُقَاسِمُهُ أَتْسَاعًا فَأَمَّا تَخْرِيجُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَهُوَ أَنَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ أَنَّ حَقَّ الثَّانِيَةِ فِي نِصْفِ ثُمُنِ مَا فِي يَدَيْهِ ، وَذَلِكَ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ جُزْءًا ،
وَحَقَّ الْأَوَّلِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ مَا دُفِعَ إلَى الْأَوَّلِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهَا كَانَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ، وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَإِذَا أَخَذَتْ الثَّانِيَةُ سَهْمًا مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ يَبْقَى هُنَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَبَيْنَ الْأُولَى لِلْمُقِرِّ سَبْعَةٌ ، وَلِلْأُولَى سَهْمٌ فَظَهَرَ أَنَّ حَقَّ الْأَوَّلِ كَانَ فِي ثُمُنِ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَسَبْعَةِ أَثْمَانٍ فَإِنَّ ثُمُنَ ثَمَانِيَةٍ وَاحِدٌ ، وَثُمُنَ سَبْعَةٍ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ فَإِذَا رُفِعَتْ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَسَبْعَةِ أَثْمَانٍ يَبْقَى عَشْرٌ وَثُمُنٌ ، هَذَا حَقُّ الْمُقِرِّ فَيُضْرَبُ فِيمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُمُنٍ وَالثَّانِيَةُ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَيَصِيرُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا وَثُمُنِ جُزْءٍ ، وَقَدْ انْكَسَرَ بِالْأَثْمَانِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَضْرِبَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَثُمُنًا فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِائَةً وَثَلَاثَةَ عَشَرَ كَانَ حَقُّ الثَّانِيَةِ فِي سَهْمٍ ضَرَبْته فِي ثَمَانِيَةٍ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَهُوَ لَهَا فَإِذَا أَخَذَتْ ذَلِكَ ضَمَّتْ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْآخَرِ ، وَتَقَاسَمَهُ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ ؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْآخَرَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ ، وَامْرَأَةً فَيَكُونُ لَهَا سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَلِهَذَا يُقْسَمُ مَا فِي يَدِهِ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لَهَا سَهْمَانِ ، وَلَهُ سَبْعَةٌ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِمَّا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَيُقَاسِمُهُ أَتْسَاعًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ مِمَّا فِي يَدِ شَرِيكِي ، وَهُوَ يَقْرَبُك فَإِنَّمَا تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِي بِنِصْفِ سَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَبْعَةٍ فَانْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَيُضْعِفُهُ فَيَصِيرُ حَقُّهَا سَهْمًا ، وَحَقُّ الْمُقِرِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَلِهَذَا أَخَذَتْ مِنْهُ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ جُزْءًا فَضَمَّتْ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ فَيُقَاسِمُهُ أَتْسَاعًا .
وَلَوْ كَانَ دَفَعَ إلَى
الْأَوَّلِ نَصِيبَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَخَذَتْ الْأُخْرَى مِنْهُ نِصْفَ ثُمُنِ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّهَا فِي نِصْفِ ثُمُنِ الْمَالِ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ ، وَمَا دُفِعَ إلَى الْأُخْرَى زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ إنَّمَا دُفِعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَيَكُونُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ ، وَيُجْعَلُ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ فَيُعْطِي الثَّانِيَةَ كَمَالَ حَقِّهَا مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَذَلِكَ نِصْفُ الثُّمُنِ فَيَضُمُّهُ إلَى الْآخَرِ ، وَيُقَاسِمُهُ أَتْسَاعًا لِمَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ تَصَادَقَتْ الْمَرْأَتَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا مِنْ الِابْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهَا وَحْدَهَا ثُمُنَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّهَا فِي ثُمُنِ الْمَالِ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ فَيَدْفَعُ ثُمُنَ ذَلِكَ إلَيْهَا بِحُكْمِ إقْرَارِهِ ثُمَّ يَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُقَرِّ بِهِمَا ، وَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْمَرْأَتَيْنِ سَهْمَانِ ، وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ ، وَامْرَأَتَيْنِ ، وَالْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لِلْمَرْأَتَيْنِ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَيُجْعَلُ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا لِلِابْنِ سَبْعَةٌ ، وَلِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ ، وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ أَخَذَتْ مِنْ الَّذِي أَقَرَّ بِهَا خُمُسَ مَا فِي يَدَيْهِ ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّ قِسْمَةَ التَّرِكَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلْمَرْأَةِ الرُّبْعُ سَهْمَانِ ، وَلِكُلِّ أَخٍ ثَلَاثَةٌ فَزَعْمُهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ فَهُوَ يَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدَيْهِ بِثَلَاثَةٍ ، وَالْمَرْأَةُ بِسَهْمَيْنِ فَلِهَذَا أَخَذَتْ مِنْهُ خُمُسَ مَا فِي يَدَيْهِ فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ لَهُمَا وَلِلْمَيِّتِ ، وَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِيهِ ، وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ بِهِ الْمَرْأَةَ فَإِنْ كَانَ دَفَعَ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبَهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَ مِنْهُ الْأَخُ خُمُسَيْ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَيَجْمَعُهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَخِ ، وَمُقَاسَمَةُ نِصْفٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِأَخْذِ ثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُقِرَّ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّ الْبَاقِي فِي رُبْعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْمَيِّتُ خَلَّفَ امْرَأَةً ، وَثَلَاثَةَ إخْوَةٍ فَيَكُونُ لِلْمَرْأَةِ الرُّبْعُ ، وَلِكُلِّ أَخٍ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَهُوَ يَقُولُ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَمَّا لَوْ أَقْرَرْت بِك وَبِالْمَرْأَةِ مَعًا كَيْفَ تَأْخُذُ مِنِّي رُبْعَ مَا فِي يَدِي سَهْمًا مِنْ أَرْبَعَةٍ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَنِصْفٌ ، وَقَدْ أَخَذَتْ هِيَ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهَا ، وَإِنَّمَا أَخَذَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيَّ فَأَنْتَ تَضْرِبُ فِيمَا بِيَدِي بِسَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَهْمٍ وَنِصْفٍ فَهَذَا الطَّرِيقُ يُعْطِيهِ سَهْمًا مِنْ سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ مِمَّا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَذَلِكَ خُمُسَا مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الْكَسْرُ بِالْإِنْصَافِ فَإِذَا أَضْعَفْته يَكُونُ خَمْسَةً .
وَأَمَّا مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَيَقُولُ الْمُقِرُّ يَقُولُ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنَا قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّ حَقَّك فِي سَهْمٍ وَحَقِّي فِي سَهْمٍ وَحَقَّ الْمَرْأَةِ فِي سَهْمٍ ، وَلَكِنَّ السَّهْمَ الَّذِي هُوَ حَقُّك نِصْفُهُ فِي يَدِي وَنِصْفُهُ فِي يَدِ شَرِيكِي ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِك
، وَمَا دَفَعْته إلَى الْمَرْأَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا عَلَيَّ فَأَنْتَ تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِي بِنِصْفِ سَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَهْمٍ فَلِهَذَا يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ، وَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْمَرْأَةِ نَصِيبَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَخَذَ مِنْهُ الْمُقَرُّ بِهِ جَمِيعَ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّهُ فِي رُبْعِ كُلِّ شَيْءٍ ، وَمَا دَفَعَهُ إلَى الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ ، وَيُجْعَلُ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ فَلِهَذَا يُعْطِيهِ رُبْعَ جَمِيعِ نَصِيبِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَيُقْسَمُ نِصْفَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَخُ الْمُقَرُّ بِهِ قَدْ صَدَّقَ بِالْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأَخِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَحْدَهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَحْدَهُ زَعَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا خَلَّفَ ثَلَاثَ إخْوَةٍ ، وَأَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَهُوَ مُقِرٌّ لِهَذَا الْأَخِ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَالْأَخِ الْمَقَرِ بِهِمَا فَيَقْتَسِمُوهُ أَثْلَاثًا ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَادَقُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ حَقَّهُمْ فِي الذِّكْرِ سَوَاءٌ ، وَأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبْعَ التَّرِكَةِ فَمَا يَصِلُ إلَى يَدِهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِاعْتِبَارِ تَصَادُقِهِمْ
وَلَوْ هَلَكَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِامْرَأَتَيْنِ مَعًا وَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِي أَحَدِهِمَا وَكَذَّبَهُ فِي الْأُخْرَى ، وَتَكَاذَبَتْ الْمَرْأَتَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الِاثْنَانِ تَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِمَا نِصْفَ ثُمُنِ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ ، وَأَنَّ حَقَّ كُلِّ امْرَأَةٍ فِي نِصْفِ الثُّمُنِ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَتَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ ثُمُنِ ذَلِكَ ، وَتَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ الْآخَرِ وَتُقَاسِمُهُ أَتْسَاعًا ؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْآخَرَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً ، وَأَنَّ لِلْمَرْأَةِ سَهْمَيْنِ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَمَا تَحَصَّلَ فِي يَدِهِمَا مِنْ التَّرِكَةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى زَعْمِهِمَا يَضْرِبُ فِيهِ الِابْنُ بِسَبْعَةٍ وَالْمَرْأَةُ بِسَهْمَيْنِ ، وَيُقَاسِمُ الِابْنُ الْمُقِرُّ بِهِمَا الْمَرْأَةَ الْبَاقِيَةَ مَا فِي يَدَيْهِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ حَقُّهَا فِي سَهْمٍ ، وَحَقُّهُ فِي سَبْعَةٍ فَمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ الِاثْنَانِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَخٍ لَهُمَا مِنْ أَبِيهِمَا ، وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَتَانِ ، وَأَنْكَرَهُمَا هُوَ أَيْضًا ، وَقَدْ كَانَ الِاثْنَانِ دَفَعَا إلَى الْمَرْأَتَيْنِ نَصِيبَهُمَا بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ نَصِيبِهِ بَعْدَ الثُّمُنِ ؛ لِأَنَّهُمَا زَعَمَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ ، وَأَنَّ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ، وَقَدْ دَفَعَا إلَى الْمَرْأَتَيْنِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِمَا بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِمَا فَإِنَّمَا يَدْفَعَانِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الثُّلُثَ مِمَّا أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الثُّمُنِ بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِ ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ مَا دَفَعَا إلَى الْمَرْأَتَيْنِ زِيَادَةً
عَلَى حَقِّهِمَا كَانَ بِقَضَاءٍ فَلَا يَكُونُ مَضْمُومًا عَلَيْهِمَا فَلِهَذَا يَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ، وَفِي الْمُخْتَصَرِ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَصْلِ ذَكَرَ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي اجْتَمَعَ عَلَيْهَا ابْنَانِ تَأْخُذُ مِنْ الَّذِي أَقَرَّ بِهِمَا جَمِيعًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ سَهْمًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِمَّا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُقَرِّ بِهِمَا خَاصَّةً فَيَقْتَسِمَانِهِ عَلَى تِسْعَةٍ ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَهُ فِي اعْتِبَارِ السِّهَامِ ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا قَدْ أَقْرَرْت لَك بِأَنَّ حَقَّك فِي سَهْمٍ ، وَحَقَّ الْأُخْرَى فِي سَهْمٍ ، وَحَقِّي فِي سَبْعَةٍ ، وَلَكِنَّ السَّهْمَ الَّذِي هُوَ حَقُّك نِصْفُهُ فِي يَدِ أَخِي ، وَهُوَ مُصَدِّقٌ بِك فَإِنَّك تَضْرِبِينَ فِيمَا فِي يَدِي بِنِصْفِ سَهْمٍ ، وَالْأُخْرَى بِسَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَبْعَةٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَنِصْفٍ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأُضْعِفُهُ فَيَكُونُ سَبْعَةَ عَشَرَ فَهَذَا الطَّرِيقُ تُؤْخَذُ مِنْهُ سَهْمَانِ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا
وَلَوْ هَلَكَ ، وَتَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِثَلَاثِ نِسْوَةٍ لِأَبِيهِ ، وَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْهُنَّ ، وَصَدَّقَهُ الثَّالِثُ فِي إحْدَى هَاتَيْنِ ، وَتَكَاذَبَ النِّسْوَةُ فِيمَا بَيْنَهُنَّ فَإِنَّمَا نُسَمِّي الْمَرْأَةَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْبَنُونَ مُجْمَعًا عَلَيْهَا ، وَاَلَّتِي أَقَرَّ بِهَا اثْنَانِ مُخْتَلَفًا فِيهَا ، وَالثَّالِثَةَ مَجْحُودَةً ، وَالِابْنَ الَّذِي أَقَرَّ بِثَلَاثِ نِسْوَةٍ الْأَكْبَرَ ، وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِامْرَأَتَيْنِ الْأَوْسَطَ ، وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِوَاحِدَةٍ الْأَصْغَرَ ثُمَّ نَقُولُ : الْمَجْمُوعُ عَلَيْهَا تَأْخُذُ مِنْ الْأَكْبَرِ ثُلُثَ ثُمُنِ نَصِيبِهِ ، وَمِنْ الْأَوْسَطِ نِصْفَ ثُمُنِ نَصِيبِهِ فَتَضُمُّهُ فِيهَا مِنْ الْأَكْبَرِ جُزْءًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ نَصِيبِهِ فَتَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْحُودَةِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لَهَا سَهْمٌ ، وَلَهُ سَبْعَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ .
وَوَجْهُ تَخْرِيجِهِ أَنَّ الْأَكْبَرَ أَقَرَّ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ وَثَلَاثَ بَنِينَ ، وَأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الثُّمُنِ فَالْمُجْمَعُ عَلَيْهَا تَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ مِقْدَارَ مَا أَقَرَّ لَهَا بِهِ فِي يَدِهِ ، وَذَلِكَ ثُلُثُ ثُمُنِ نَصِيبِهِ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَتَأْخُذُ مِنْ الْأَوْسَطِ نِصْفَ ثُمُنِ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوْسَطَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ امْرَأَتَيْنِ ، وَأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الثُّمُنِ فَالْمُجْمَعُ عَلَيْهَا تَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِهِ نِصْفَ الثُّمُنِ بِاعْتِبَارِ إقْرَارِهِ ثُمَّ يَضُمُّ جَمِيعَ مَا أَخَذَتْ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَصْغَرِ فَيُقَاسِمُهُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَصَادَقَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ثَلَاثَ بَنِينَ وَامْرَأَةً وَاحِدَةً ، وَأَنَّ لَهَا ثَلَاثَةً مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا يُقْسَمُ بِاعْتِبَارِ تَصَادُقِهِمَا يَضْرِبُ فِيهِ الِابْنُ بِسَبْعَةٍ ،
وَالْمَرْأَةُ بِثَلَاثَةٍ ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهَا تَأْخُذُ مِنْ الْأَكْبَرِ جُزْءًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْأَصْغَرَ يُكَذِّبُ بِهَا .
وَلَا تُعْتَبَرُ سِهَامُهُ فِي حَقِّهَا يَبْقَى حَقُّ الْأَكْبَرِ فِي سَبْعَةٍ ، وَحَقُّ الْأَوْسَطِ فِي سَبْعَةٍ ، وَحَقُّ النِّسْوَةِ فِي ثَلَاثَةٍ فَإِذَا جُمِعَتْ هَذِهِ السِّهَامُ كَانَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ فَإِنَّمَا أَقَرَّ لَهَا بِسَهْمٍ مِنْ سَبْعَةٍ فَلِهَذَا أَخَذَتْ مِمَّا فِي يَدِهِ جُزْءًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوْسَطِ ، وَيُقَاسِمُهُ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأَوْسَطِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْأَوْسَطِ أَنَّ الثُّمُنَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ نِصْفَانِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَنِصْفٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَيَضْرِبُ هُوَ فِيمَا حَصَلَ فِي أَيْدِيهِمَا بِسَبْعَةٍ ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهَا بِسَهْمٍ وَنِصْفٍ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأُضْعِفُهُ فَيَكُونُ سَبْعَةَ عَشَرَ لَهَا ثَلَاثَةٌ ، وَلَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ الْمَجْحُودَةُ تُقَاسِمُ الْأَكْبَرَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْأَكْبَرِ أَنَّ حَقَّهَا فِي سَهْمٍ ، وَحَقَّهُ فِي سَبْعَةٍ فَمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا فَيَكُونُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ لَهَا سَهْمٌ ، وَلَهُ سَبْعَةٌ .
وَأَمَّا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَالْمُجْمَعُ عَلَيْهَا تَأْخُذُ مِنْ الْأَكْبَرِ سَهْمًا مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا وَنِصْفَ سَهْمٍ فَتَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوْسَطِ وَالْأَصْغَرِ فَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا أَخَذَتْ مِنْ الْأَكْبَرِ هَذَا الْمِقْدَارَ ؛ لِأَنَّ الْأَكْبَرَ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهَا فِي ثُلُثِ الثُّمُنِ ، وَحَقَّ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فِي نِصْفِ ثُمُنٍ ، وَحَقَّ الْمَجْحُودَةِ فِي ثُمُنٍ ، وَحَقَّهُ فِي سَبْعَةِ أَثْمَانٍ ، وَثُلُثُ الثُّمُنِ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَنِصْفُ الثُّمُنِ سَهْمٌ وَنِصْفٌ ، وَالثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ فَحَقُّهُ فِي أَحَدٍ وَعِشْرِينَ ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ ،
وَحَقُّ الْمَجْحُودَةِ فِي ثُلُثٍ ، وَحَقُّ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فِي سَهْمٍ وَنِصْفٍ ، وَحَقُّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي سَهْمٍ فَإِذَا جُمِعَتْ هَذِهِ السِّهَامُ كَانَتْ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَنِصْفًا فَلِهَذَا أَخَذَتْ مِمَّا فِي يَدِهِ سَهْمًا مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَنِصْفٍ ثُمَّ يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِينَ نِصْفَيْنِ لِيَتَيَسَّرَ مُعَامَلَتُهُمَا فِي الْمُقَاسَمَةِ مَعَهَا ، وَتَأْخُذُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا مِمَّا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ سَهْمًا وَنِصْفًا مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَنِصْفِ سَهْمٍ لِمَا أَنَّ حَقَّهُمَا فِي يَدِهِ هَذَا الْمِقْدَارُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ مُكَذِّبٌ بِهَا فَإِذَا أَخَذَتْ ذَلِكَ ضَمَّتْ إلَى مَا فِي يَدَيْ الْأَوْسَطِ ثُمَّ تَأْخُذُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَوْسَطِ سَهْمًا وَنِصْفًا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا نِصْفَ الثُّمُنِ ، وَأَنَّ حَقَّ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فِي ثَلَاثَةٍ ، وَحَقَّهُ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ فَإِذَا جُمِعَتْ هَذِهِ السِّهَامُ كَانَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَنِصْفًا فَيَأْخُذُ مِنْهُ سَهْمًا وَنِصْفًا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَنِصْفٍ لِهَذَا ، وَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَصْغَرِ فَيُقَاسِمُهُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لَهَا ثَلَاثَةٌ ، وَلَهُ سَبْعَةٌ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ حَقَّهُمَا فِي ثُمُنِ الْمَالِ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَأَنَّ حَقَّهُ فِي سَبْعَةٍ فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا ثُمَّ يُقَاسِمُ الْأَوْسَطُ مَعَ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ حَقَّ الْأَوْسَطِ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَحَقَّهَا فِي ثَلَاثَةٍ فَيُقَاسِمُ الْأَكْبَرُ الْمَجْحُودَةَ مَا بَقِيَ عَلَى ثَمَانِيَةٍ لِتَصَادُقِهِمَا أَنَّ حَقَّهَا فِي سَهْمٍ ، وَحَقَّهُ فِي سَبْعَةٍ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْأَصْغَرُ هِيَ الَّتِي أَنْكَرَهَا الْأَوْسَطُ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَخَذَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مِنْ الْأَكْبَرِ جُزْءًا مِنْ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوْسَطَ مُكَذِّبٌ بِهَا فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ سِهَامِهِ فِي حَقِّهَا ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ
مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ فَلِهَذَا أَخَذَتْ مِنْهُ سَهْمًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَضَمَّتْ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَصْغَرِ فَيُقَاسِمُهُ عَلَى عَشَرَةٍ لَهَا ثَلَاثَةٌ ، وَلَهُ سَبْعَةٌ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى هَذَا ، وَاللَّتَانِ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوْسَطُ تَأْخُذَانِ مِنْ الْأَكْبَرِ جُزْأَيْنِ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ مُكَذِّبٌ بِهِمَا فَلَا تُعْتَبَرُ سِهَامُهُ فِي حَقِّهِمَا ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ يَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ فَلِهَذَا أَخَذْنَا مِنْهُ سَهْمَيْنِ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ ثُمَّ يَضُمَّانِ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوْسَطِ ، وَيُقَاسِمُهُمَا عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لِلْمَرْأَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأَوْسَطِ سَبْعَةٌ ؛ لِأَنَّ الْأَوْسَطَ مُقِرٌّ بِأَنَّ حَقَّهُمَا فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَهُوَ الثُّمُنُ ، وَحَقُّهُ فِي سَبْعَةٍ فَإِنْ تَصَادَقَ النِّسْوَةُ فِيمَا بَيْنَهُنَّ ، وَاَلَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْآخَرُ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوْسَطُ فَإِنَّ الْمَجْحُودَةَ تَأْخُذُ مِنْ الْأَصْغَرِ ثُمُنَ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهَا بِثُمُنِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَتَأْخُذُ مِنْهُ ثُمُنَ مَا فِي يَدِهِ ، وَتَأْخُذُ مِنْ الْأَوْسَطِ نِصْفَ ثُمُنِ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوْسَطَ أَقَرَّ بِأَنَّ الثُّمُنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَى نِصْفَانِ لَهَا نِصْفُ ثُمُنِ التَّرِكَةِ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُعْطِيهَا نِصْفَ ثُمُنِ ذَلِكَ ، وَتَأْخُذُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا مِنْ الْأَوْسَطِ جُزْءًا وَنِصْفًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ مُكَذِّبٌ بِهَا فَتُطْرَحُ سِهَامُهُ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ ، وَقَدْ أَقَرَّ لَهَا بِنِصْفِ الثُّمُنِ ، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ فَلِهَذَا أَخَذَتْ مِمَّا فِي يَدِهِ سَهْمًا وَنِصْفًا مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا ثُمَّ يُجْمَعُ مَا فِي يَدِ النِّسْوَةِ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ فَيَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لِلنِّسْوَةِ ثَلَاثَةٌ ،
وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَمَا يُجْمَعُ فِي أَيْدِيهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا تَصَادَقُوا وَلَوْ كَانَ الْأَصْغَرُ إنَّمَا أَقَرَّ بِاَلَّتِي أَنْكَرَهَا الْأَوْسَطُ ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا أَخَذَتْ تِلْكَ مِنْ الْأَصْغَرِ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوْسَطَ مُكَذِّبٌ بِهَا فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ نَصِيبِهَا فِي حَقِّهِ ، وَقَدْ أَقَرَّ الْأَصْغَرُ لِهَذِهِ بِثُمُنٍ كَامِلٍ فَلِهَذَا تَأْخُذُ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ يُكَذِّبُ بِهِمَا فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ سِهَامِهِ فِي حَقِّهِمَا ، وَالْأَوْسَطُ أَقَرَّ لِهَاتَيْنِ بِثُمُنٍ كَامِلٍ فَلِهَذَا تَأْخُذَانِ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ نَصِيبِهِ ثُمَّ يُجْمَعُ مَا فِي يَدِ النِّسَاءِ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَكْبَرِ ، وَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ عَلَى عَشَرَةٍ لَهُ سَبْعَةٌ ، وَلِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ ؛ لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَأَنَّ لِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةً ، وَلِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ فَمَا يُجْمَعُ فِي أَيْدِيهِمْ يَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ عَلَى مَا تَصَادَقُوا عَلَيْهِ .
وَإِذَا تَرَكَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا ، وَأَبَوَيْهَا فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِثَلَاثِ بَنِينَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَصَدَّقَتْهُ الْأُمُّ فِي اثْنَيْنِ مِنْهُمْ ، وَصَدَّقَهُ الْأَبُ فِي الثَّالِثِ ، وَتَكَاذَبَ الْبَنُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّ الِابْنَيْنِ اللَّذَيْنِ أَقَرَّتْ بِهِمَا الْأُمُّ يَأْخُذَانِ مِنْ الزَّوْجِ الثُّلُثَ مِنْ نَصِيبِهِ ، وَثُلُثَ خُمُسِ نَصِيبِهِ فَيَضُمَّانِهِ إلَى نَصِيبِ الْأُمِّ ، وَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ ، وَيَأْخُذُ الِابْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ مِنْ الزَّوْجِ السُّدُسَ مِنْ نَصِيبِهِ فَيَجْمَعُهُ إلَى نَصِيبِ الْأَبِ ، وَيُقَاسِمُهُ عَلَى سَبْعَةٍ لِلِابْنِ خَمْسَةٌ ، وَلِلْأَبِ سَهْمَانِ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ يَأْخُذُ الِابْنَانِ اللَّذَانِ صَدَّقَتْ بِهِمَا الْأُمُّ مِنْ الزَّوْجِ خُمُسَ نَصِيبِهِ ، وَثُلُثَ خُمُسِ نَصِيبِهِ أَمَّا أَصْلُ الْفَرِيضَةِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَمِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي لِلْأَبِ فَإِذَا اقْتَسَمُوا بِهَذِهِ الصِّفَةِ ثُمَّ وُجِدَ الْإِقْرَارُ كَمَا بَيَّنَّا فَيُبْدَأُ بِالِابْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ فَنَقُولُ يَأْخُذُ مِنْ الزَّوْجِ السُّدُسَ مِنْ نَصِيبِهِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ ، وَزَوْجًا ، وَأَبَوَيْنِ أَصْلُهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ أَرْبَعَةٌ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ خَمْسَةٌ بَيْنَ الْبَنِينَ لَا يَنْقَسِمُ أَثْلَاثًا فَيَضْرِبُ اثْنَيْ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ ، وَلِلْأَبَوَيْنِ اثْنَا عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةٌ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْبَنِينَ الثَّلَاثِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْأُمِّ فِي حَقِّ هَذَا الِابْنِ ؛ لِأَنَّهَا كَذَّبَتْ بِهِ فَلِذَا طَرَحْنَا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ الثُّلُثَ فَلِهَذَا أَخَذَ مِنْ الزَّوْجِ سُدُسَ مَا
فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَبِ ، وَيُقَاسِمُهُ عَلَى سَبْعَةٍ بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ الْوَرَثَةُ زَوْجٌ ، وَأَبَوَانِ ، وَابْنٌ ، وَالْقِسْمَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ ، وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ خَمْسَةٌ لِلِابْنِ ، وَالِابْنُ يَضْرِبُ فِيمَا ، وَصَلَ إلَيْهِمَا بِخَمْسَةٍ ، وَالْأَبُ بِسَهْمَيْنِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ فَأَمَّا الِابْنَانِ اللَّذَانِ صَدَّقَتْ بِهِمَا الْأُمُّ فَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ يَأْخُذَانِ مِنْ الزَّوْجِ خُمُسَ نَصِيبِهِ ، وَثُلُثَ خُمُسِ نَصِيبِهِ ، وَثُلُثَ خُمُسِ نَصِيبِهِ ، وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ .
وَالصَّحِيحُ ثُلُثَيْ خُمُسِ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا يُطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الِابْنِ فِي الْمُقَاسَمَةِ مَعَ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَ بِهِمَا ، وَفِي زَعْمِ الزَّوْجِ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي عَشَرَةِ أَسْهُمٍ ، وَهُمَا يَأْخُذَانِ عَشَرَةً مِنْ ثَلَاثِينَ مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَذَلِكَ خُمُسُ نَصِيبِهِ ، وَثُلُثَا خُمُسِ نَصِيبِهِ صَارَ عَلَى خُمُسٍ فَخُمُسُهُ سِتَّةٌ ، وَثُلُثَا خُمُسِهِ أَرْبَعَةٌ فَذَلِكَ عَشَرَةٌ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ يَأْخُذَانِ مِنْهُ ثُلُثَ نَصِيبِهِ ، وَثُلُثَ خُمُسِ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ لَهُ لَوْ أَخَذْنَا مِنْك عَشَرَةً فَقَطْ كُنْت عَلَى جَمِيعِ حَقِّك ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لَك خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَفِي يَدِك نِصْفُ الْمَالِ فَقَدْ صَارَ عَلَى ثَلَاثِينَ فَجَمِيعُ الْمَالِ يَكُونُ سِتِّينَ الرُّبْعُ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَقَدْ وَافَقْنَا عَلَى أَنَّ الْأَبَ أَخَذَ فَوْقَ حَقِّهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ السُّدُسُ ، وَقَدْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَلَا يَجُوزُ ضَرَرُ الزِّيَادَةِ عَلَيْنَا خَاصَّةً بَلْ يَكُونُ عَلَيْنَا ، وَحَقُّك عَلَى مَا زَعَمْت فِي تِسْعَةٍ فَادْفَعْ أَنْتَ تِسْعَةً وَنَحْنُ نَدْفَعُ عَشَرَةً ، وَيَبْقَى فِي يَدِك سِتَّةٌ ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِك صَارَ عَلَى ثَلَاثِينَ ، وَقَدْ دَفَعْت إلَى الِابْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ خَمْسَةً ، وَإِلَيْنَا عَشَرَةً ، وَدَفَعْت أَنْتَ تِسْعَةً يَبْقَى سِتَّةٌ فَهَذِهِ السِّتَّةُ
تُقْسَمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَك عَلَى اعْتِبَار أَصْلِ حَقِّنَا ، وَحَقُّك فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَحَقُّنَا فِي عَشَرَةٍ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ لَهُمَا ، وَحَقُّ الِابْنِ الْآخَرِ مَعَ حَقِّي لِأَنِّي مُقِرٌّ لَهُ ، وَقَدْ أَخَذَ هُوَ مِنِّي فَيَصِيرُ حَقُّنَا فِي الْأَصْلِ عِشْرِينَ ، وَحَقُّكُمَا عَشَرَةً فَتُقْسَمُ هَذِهِ السِّتَّةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِلِابْنَيْنِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ جَمِيعَ مَا أُخِذَ مِنْ الزَّوْجِ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا مِنْ ثَلَاثِينَ ، وَذَلِكَ ثُلُثُ نَصِيبِهِ ، وَثُلُثُ خُمُسِ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ نَصِيبِهِ عَشَرَةٌ ، وَثُلُثَ خُمُسِ نَصِيبِهِ سَهْمٌ ثُمَّ يَضُمَّانِ ذَلِكَ إلَى نَصِيبِ الْأُمِّ ، وَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّ بِزَعْمِهِمْ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ زَوْجًا ، وَأَبَوَيْنِ ، وَالِابْنَيْنِ ، وَأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ سِتَّةٌ ، وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَبِ كَذَلِكَ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ عَشَرَةٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَانِ .
فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا اجْتَمَعَ فِي أَيْدِيهِمْ بِخَمْسَةٍ ، وَالْأُمُّ بِأَرْبَعَةٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَإِنْ تَصَادَقَ الْبَنُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ ، وَيَأْخُذُ الْآخَرَانِ مِنْ الْأُمِّ نِصْفَ نَصِيبِهَا فَيُقْسَمُ جَمِيعُ ذَلِكَ مَعَ مَا فِي يَدِ الزَّوْجِ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، وَعِشْرِينَ سَهْمًا أَمَّا الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ فِي يَدِ الْأَبِ ثُلُثَ التَّرِكَةِ ، وَقَدَّمَ أَنَّ حَقَّهُ السُّدُسُ ، وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَى السُّدُسِ مِمَّا فِي يَدِهِ نَصِيبُ الِابْنِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ ، وَذَلِكَ نِصْفُ نَصِيبِهِ ، وَاَللَّذَانِ أَقَرَّتْ بِهِمَا الْأُمُّ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ يَأْخُذَانِ مِنْهَا نِصْفَ نَصِيبِهَا أَيْضًا ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا مِثْلُ حَقِّ الْأَبِ ، وَقَدْ أَقَرَّتْ هِيَ أَيْضًا بِابْنَيْنِ لِلْمَيِّتِ كَمَا أَقَرَّ الْأَبُ بِابْنٍ فَكَمَا أَنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ
الْأَبُ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ فَكَذَلِكَ يَأْخُذَانِ هَذَانِ مِنْ الْأُمِّ نِصْفَ نَصِيبِهَا لِيَكُونَ الْبَاقِي لَهَا مِثْلَ نِصْفِ مَا بَقِيَ لِلْأَبِ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ قَالَ لَا يَأْخُذُ وَرَثَةُ الْأُمِّ شَيْئًا ، وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّ فِي يَدِ الْأُمِّ سُدُسَ التَّرِكَةِ ، وَلَا يَنْقُصُ نَصِيبُهَا عَنْ السُّدُسِ مَعَ الْبَنِينَ كَيْفَ يَأْخُذَانِ مِنْهَا شَيْئًا ، وَبَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ اتِّفَاقٌ أَنَّ حَقَّهَا السُّدُسُ ، وَإِنَّمَا يُفَضَّلُ الْأَبُ عَلَى الْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ فَأَمَّا بَعْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ فَحَقُّهَا مِثْلُ حَقِّهِ ، وَقَدْ بَقِيَ فِي يَدِ الْأَبِ سُدُسُ التَّرِكَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا مِنْ التَّرِكَةِ السُّدُسَ ، وَنَصِيبُ هَذَانِ يَصِلُ إلَيْهِمَا مِنْ مَحَلِّهِ لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ مِنْ الزَّوْجِ وَالِابْنِ الثَّالِثِ لَهُمَا فَلِهَذَا لَا يَأْخُذَانِ مِنْهَا شَيْئًا ، وَلَكِنْ يُقْسَمُ مَا اجْتَمَعَ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَالْبَنِينَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِاعْتِبَارِ زَعْمِهِمْ ، وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، وَأَنَّ لِلزَّوْجِ تِسْعَةً ، وَلِلْبَنِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا جَمَعْت ذَلِكَ كَانَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ .
وَلَوْ لَمْ يَتَصَادَقُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَلَكِنْ اللَّذَانِ أَقَرَّتْ الْأُمُّ بِهِمَا صَدَّقَ الْأُمَّ أَحَدُهُمَا بِاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ وَكَذَّبَا جَمِيعًا بِالْبَاقِي ، وَكَذَّبَا بِهِمَا فَإِنَّ اللَّذَيْنِ تَصَادَقَا فِيمَا بَيْنَهُمَا يَأْخُذَانِ مِنْ الزَّوْجِ ثُلُثَ نَصِيبِهِ فَيَجْمَعَانِهِ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَبِ فَيَقْسِمُونَهُ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ لِلْأَبِ ، وَعَشَرَةٌ لِلِابْنَيْنِ نِصْفَانِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَفِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ زِيَادَةٌ ، وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهُ قَالَ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ الْأُمُّ مِنْ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ تَصَادَقَا يَأْخُذُ سَهْمًا أَوَّلًا رُبْعَ مَا فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ تَزْعُمُ أَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَأَنَّ حَقَّ هَذَا فِي جَمِيعِهِ إلَّا أَنَّ الْأَبَ قَدْ كَذَّبَ
بِهِ فَيُطْرَحُ نَصِيبُ الْأَبِ فِي حَقِّهِ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ يَبْقَى عِشْرُونَ فَحَقُّهُ فِي خَمْسَةٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَخَمْسَةٌ مِنْ عِشْرِينَ هُوَ الرُّبْعُ فَلِهَذَا أَخَذَ مِنْهَا رُبْعَ مَا فِي يَدِهَا ثُمَّ يَأْخُذَانِ مِنْ الزَّوْجِ ثُلُثَ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ بِزَعْمِ الزَّوْجِ الْقِسْمَةَ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ إلَّا أَنَّهُ يُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةٌ ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُكَذِّبُ بِأَحَدِهِمَا ، وَالْأَخَ بِالْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُطْرَحَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا فِي مُقَاسَمَةِ الزَّوْجِ مَعَ هَذَيْنِ فَإِذَا طَرَحْنَا سِتَّةً يَبْقَى ثَلَاثُونَ فَيَأْخُذَانِ مِنْهُ عَشَرَةً مِنْ ثَلَاثِينَ ، وَهُوَ الثُّلُثُ ، وَيَجْمَعَانِ ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَبِ فَيَقْسِمُونَهُ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ بِزَعْمِهِمَا الْقِسْمَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأَبِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ فَلِهَذَا يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا ، وَالْأَبُ يُكَذِّبُ بِأَحَدِهِمَا قُلْنَا نَعَمْ ، وَلَكِنْ لَوْ اعْتَبَرْنَا الْمُقَاسَمَةَ بَيْنَ الْأَبِ ، وَبَيْنَ الَّذِي صَدَّقَ بِهِ خَاصَّةً أَدَّى إلَى الدُّورِ ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الَّذِي صَدَّقَ بِهِ الْأَبُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ ، وَلَكِنَّهُ يُقَاسِمُ الْآخَرَ لِتَصَادُقِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ فَيُقَاسِمُهُ لِلتَّصَادُقِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَزَالُ يَدُورُ هَكَذَا فَلِضَرُورَةِ الدَّوْرِ قُلْنَا بِأَنَّ الْأَبَ يُقَاسِمُهُمَا خُمُسًا ، وَهَذَا لِأَنَّ نَصِيبَ الْأَبِ لَا يَخْتَلِفُ بِعَدَدِ الْبَنِينَ سَوَاءٌ كَانَ الِابْنُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ كَانَ لِلْأَبِ السُّدُسُ فَلِهَذَا جَعَلْنَا تَصْدِيقَهُ فِي أَحَدِهِمَا كَتَصْدِيقِهِ فِيهِمَا فِي الْمُقَاسَمَةِ إذَا تَصَادَقَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَأْخُذُ الِابْنُ الْبَاقِيَ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ وَنِصْفَ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ نَصِيبِ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُكَذِّبُ بِهِ فَيُطْرَحُ نَصِيبُهُ فِي الْمُقَاسَمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ لِلزَّوْجِ قَدْ دَفَعْت إلَى
أَبٍ الْأَخَوَيْنِ عَشَرَةً فَلَوْ دَفَعْت إلَيَّ خَمْسَةً فَقَطْ تَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَذَلِكَ رُبْعُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْك مِنْ ضَرْبِ النُّقْصَانِ شَيْءٌ ، وَقَدْ دَفَعْت عِشْرِينَ فَادْفَعْ أَنْتَ تِسْعَةً تَبْقَى سِتَّةٌ فَهَذِهِ السِّتَّةُ تُقْسَمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَك عَلَى مِقْدَارِ حَقِّنَا وَحَقِّك .
وَإِنَّمَا حَقُّك فِي التَّرِكَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَصَلَ إلَيْك ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ حَقِّك يَبْقَى حَقُّك فِي خُمُسَيْنِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ ، وَحَقُّنَا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ بِزَعْمِك خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَصَلَ إلَيْنَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَبْقَى عَشَرَةٌ ، وَذَلِكَ خُمُسَا نَصِيبِنَا ، وَقَدْ أَخَذَ الِابْنَانِ حَقَّهُمَا ، وَزِيَادَةً تَبْقَى قِسْمَةُ هَذِهِ السَّنَةِ بَيْنِي وَبَيْنَك فَأَنَا أَضْرِبُ بِخُمُسَيْ حَقِّي ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ ، وَأَنْتَ تَضْرِبُ بِسِتَّةٍ فَتَكُونُ قِسْمَةُ هَذِهِ السِّتَّةِ بَيْنَنَا أَرْبَاعًا لِي رُبْعُهُ وَرُبْعُ سِتَّةِ سَهْمٍ وَنِصْفٍ فَإِذَا أَخَذْت مِنْهُ سَهْمًا وَنِصْفًا مَعَ الْخَمْسَةِ يَكُونُ سِتَّةً وَنِصْفًا فَلِهَذَا قَالَ يَأْخُذُ سِتَّةً وَنِصْفًا مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ نَصِيبِ الزَّوْجِ قَالَ الْحَاكِمُ غَلَطٌ فِي هَذَا الْجَوَابِ فِي نِصْفِ سَهْمٍ ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ فَقَطْ هَكَذَا قَالَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ بَعْضُ نَصِيبِهِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا مُصَدِّقَةٌ فَلَا يَضْرِبُ فِي السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ مَعَهُ بِسَهْمَيْنِ ، وَلَكِنْ إنَّمَا يَضْرِبُ بِسَهْمٍ وَخُمُسٍ ، وَالزَّوْجُ يَضْرِبُ بِسِتَّةٍ فَتَكُونُ قِسْمَةُ هَذِهِ السِّتَّةِ بَيْنَهُمَا أَسْدَاسًا لِلِابْنِ مِنْهُ سَهْمٌ ، وَقَدْ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةً فَظَهَرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ سِتَّةً فَقَطْ فَيَضُمُّهُ إلَى نَصِيبِ الْأُمِّ ، وَيُقَاسِمُهَا عَلَى تِسْعَةٍ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلِابْنِ خَمْسَةٌ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ ، وَعِشْرِينَ وَأَنَّ نَصِيبَ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ ، وَنَصِيبَ الِابْنِ خَمْسَةٌ فَمَا يَجْتَمِعُ فِي أَيْدِيهِمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ .
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ ، وَتَرَكَ ابْنًا فَأَقَرَّ الِابْنُ بِأَخٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ فَأَعْطَاهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنَ الْمُقَرَّ لَهُ أَقَرَّ بِأَخٍ لَهُمَا ، وَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْآخَرِ أَنَا ابْنُ الْمَيِّتِ ، وَأَمَّا أَنْتَ فَلَسْت لَهُ بِابْنٍ فَقَدْ كَذَّبَ الْأَخُ الِابْنَ الْمَعْرُوفَ فِيك لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ ، وَلَا يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِ هَذَا الْمُقِرِّ إلَّا نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ إذَا أَقَرَّ بِامْرَأَةٍ ، وَدَفَعَ إلَيْهَا نَصِيبَهَا ثُمَّ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِابْنٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ أَنَا ابْنُ الْمَيِّتِ ، وَأَمَّا أَنْتِ فَلَسْت بِامْرَأَةٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهَا جَمِيعَ مَا فِي يَدِهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً فَأَقَرَّ ابْنُهَا بِزَوْجٍ ، وَدَفَعَ إلَيْهِ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِابْنٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ بِهِ أَنَا ابْنٌ لَهَا ، وَأَنْتِ لَسْت بِزَوْجٍ لَهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا يَأْخُذُ الْمُقَرُّ بِهِ الْآخَرُ مِنْ الْمُقِرِّ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى نَسَبِ الْمُقَرِّ بِهِ الْآخَرِ ، وَلَمْ يُوجَدْ التَّصَادُقُ فِي حَقِّ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ فَمَنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ يَكُونُ أَوْلَى بِالْمَالِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ ، وَلَهُ ابْنَانِ قَدْ كَانَا عَبْدَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ عَتَقْنَا جَمِيعًا قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ ، وَقَالَ الْآخَرُ أَمَّا أَنَا فَعَتَقْت قَبْلَ مَوْتِهِ ، وَأَمَّا أَنْتَ فَإِنَّمَا عَتَقْت بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمَالُ كُلُّهُ لِلَّذِي اتَّفَقَ أَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِهِ ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ فِي الْفَصْلَيْنِ لَا يَأْخُذُ الْمُقَرُّ بِهِ الْآخَرُ إلَّا مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِمَّا فِي يَدِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْذِيبُهُ بِهِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ اسْتِحْقَاقُك إنَّمَا يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ إقْرَارِي فَإِذَا كُنْت غَيْرَ وَارِثٍ كَمَا زَعَمْت لَا يَثْبُتُ لَك بِإِقْرَارِي
شَيْءٌ ، وَأَنْتَ تَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَمِنْ ضَرُورَةِ أَخْذِك الشَّيْءَ مِنْ التَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ إقْرَارِي الْحُكْمَ بِقَرَابَتِي ، وَنَفَذَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْذِيبُك فِي ، وَأَمَّا وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَ وَالْمَرْأَةَ إنَّمَا يَأْخُذَانِ الْمِيرَاثَ بِسَبَبٍ لَيْسَ بِقَائِمٍ فِي الْحَالِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ ، وَإِنَّمَا يَأْخُذَانِ بِنِكَاحٍ قَدْ كَانَ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ فَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ بِهِ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ الْحُكْمُ بِهِ فِي حَقِّ الثَّانِي ، وَقَدْ كَذَّبَ الثَّانِي بِهِمَا فَلَا تَكُونُ لَهُمَا الْمُزَاحَمَةُ مَعَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّرِكَةِ فَأَمَّا ذُو الْقَرَابَةِ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ التَّرِكَةَ بِسَبَبٍ قَائِمٍ فِي الْحَالِ ، وَهُوَ سَبَبٌ لَا يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ بَعْدَ ثُبُوتٍ ، وَقَدْ جَرَى الْحُكْمُ بِهِ حِينَ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَكْذِيبُ الثَّانِي فِي حَقِّهِ فَلِهَذَا لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوَّلِ إلَّا نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُقِرَّ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ بِأَخٍ ، وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْأَلْفَيْنِ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْأَلْفَيْنِ إلَّا الثُّلُثَيْنِ ؛ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ بَعْدَمَا جَرَى الْحُكْمُ فِي الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّا لَوْ أَبْطَلْنَا حَقَّ صَاحِبِ الْأَلْفِ بِهَذَا التَّكْذِيبِ فَأَقَرَّ صَاحِبُ الْأَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ لِآخَرَ ، وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِدَيْنِ صَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ نَأْخُذُ مِنْهُ خُمُسَيْ الْأَلْفِ حَتَّى تَنَاسَخَ ذَلِكَ عَشَرَةً ثُمَّ إنَّ الْعَاشِرَ أَقَرَّ لِلْأَوَّلِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ هُوَ الْأَلْفَ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذُونَ مِنْهُ حَتَّى يَدُورَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا ، وَلَا يَزَالُ يَدُورُ كَذَلِكَ فَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ تَكْذِيبَهُ لَا يُعْتَبَرُ بَعْدَمَا حَكَمْنَا
بِدَفْعِهِ ، وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ثَلَاثَةَ بَنِينَ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِابْنَيْنِ ، وَصَدَّقَهُ الْآخَرَانِ فِي أَحَدِهِمَا ، وَتَكَاذَبَ الِابْنَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْ الَّذِي أَقَرَّ بِهِمَا خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِمَا يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ خَمْسَةَ بَنِينَ ، وَأَنَّ حَقَّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي خُمُسِ التَّرِكَةِ ، وَفِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُعْطِيهِ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الْآخَرَيْنِ لَوْ صَدَّقَاهُ فِيهِمَا كَانَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهُ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ فَتَكْذِيبُهُمَا بِالْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ الْمُقِرُّ يَقُولُ لِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ حَقِّي فِي سَهْمٍ وَحَقُّ الْمَجْحُودِ فِي سَهْمٍ ، وَحَقُّك فِي سَهْمٍ إلَّا أَنَّ ثُلُثَيْ سَهْمِك فِي يَدِ الْآخَرِينَ ، وَقَدْ صَدَّقَا بِك مُتَحَمِّلًا عَلَى ثُلُثَيْ مَا بِيَدِك فَأَنْتَ تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِي بِثُلُثِ سَهْمٍ ، وَأَنَا بِسَهْمٍ ، وَالْمَجْحُودُ بِسَهْمٍ فَجَعَلْنَا كُلَّ ثَلَاثَةٍ سَهْمًا فَلِهَذَا نَأْخُذُ سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ فَنَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِينَ ، وَيَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ أَثْلَاثًا لِتَصَادُقِهِمْ عَلَى أَنَّ حَقَّهُمْ فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ .
وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِابْنَيْنِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُ إخْوَتِهِ فِي أَحَدِهِمَا ، وَكَذَّبَهُ الثَّالِثُ فِيهِمَا ، وَتَكَاذَبَا فِيمَا بَيْنَهُمَا أَخَذَ الِابْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الِاثْنَانِ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِمَا رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ الَّذِي كَذَّبَ بِهِمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُقَاسَمَةِ بَيْنَ الْمُقِرِّ ، وَالْمُقَرِّ بِهِ ، وَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُهُ يُجْعَلُ كَأَنَّ الْمَعْرُوفَ اثْنَانِ ، وَالتَّرِكَةَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِابْنَيْنِ ، وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي أَحَدِهِمَا ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي هَذَا بِعَيْنِهِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ
الْمُقِرِّ رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ فَكَذَلِكَ فِي هَذَا الْفَصْلِ ، وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْإِعَادَةِ بَيَانُ أَنَّهُ لَا يُقَيَّدُ بِاَلَّذِي أَنْكَرَهُمَا جَمِيعًا ، وَلَا يَدْخُلُ نَصِيبُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ فَرِيضَتِهِمَا فَيَكُونُ إيضَاحًا لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ .
وَإِذَا تَرَكَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا ، وَأُخْتَهَا ، وَأُمَّهَا فَأَقَرَّتْ الْأُخْتُ بِأَخٍ لَهَا ، وَصَدَّقَهَا فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ ، وَكَذَّبَتْهَا الْأُمُّ فَإِنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَاهُنَا فَرِيضَتَانِ فَرِيضَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِدُونِ اعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ ، وَفَرِيضَةٌ مَجْهُولَةٌ بِاعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ فَالْمُقَاسَمَةُ بَيْنَ الْمُقِرَّةِ ، وَسَائِرِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْمَعْرُوفَةِ ، وَبَيْنَ الْمُقِرَّةِ ، وَالْمُصَدِّقِ ، وَالْمُقَرِّ بِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْمَجْهُولَةِ فَأَمَّا الْفَرِيضَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَهِيَ عَوْلِيَّةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ؛ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمَانِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ ، وَهُوَ الرُّبْعُ ، وَالْفَرِيضَةُ الْمَجْهُولَةُ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَخِ ، وَالْأُخْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَثْلَاثًا لَا يَسْتَقِيمُ فَيَضْرِبُ سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ ، وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَخِ ، وَالْأُخْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَمَا فِي يَدِ الزَّوْجِ ، وَالْأُخْتِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ التَّرِكَةِ تَكُونُ مَقْسُومَةً عَلَى الْفَرِيضَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَإِذَا صَارَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ عَلَى عِشْرِينَ سَهْمًا لِلْأُمِّ مِنْ ذَلِكَ الرُّبْعُ خَمْسَةٌ بِاعْتِبَارِ الْفَرِيضَةِ الْمَعْرُوفَةِ ، وَلِلزَّوْجِ مِنْ الْبَاقِي تِسْعَةٌ ، وَمَا بَقِيَ هُوَ سِتَّةٌ بَيْنَ الْأَخِ ، وَالْأُخْتِ لِلْأَخِ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْأُخْتِ سَهْمَانِ فَإِنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ أَيْضًا فَإِنَّ الْأُخْتَ قَدْ أَقَرَّتْ لِلزَّوْجِ بِأَمْرٍ هُوَ أَكْثَرُ لِنَصِيبِهِ لَوْ صَدَّقَهَا فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْهَا فَالْفَرِيضَةُ مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا ، وَبَيَانُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ بِاعْتِبَارِ الْفَرِيضَةِ
الْمَعْرُوفَةِ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ ، وَبِاعْتِبَارِ الْفَرِيضَةِ الْمَجْهُولَةِ عَلَى مَا أَقَرَّتْ الْأُخْتُ بِهِ لِلزَّوْجِ نِصْفُ الْمَالِ كَامِلًا فَعَرَفْنَا أَنَّهَا أَقَرَّتْ لِلزَّوْجِ بِالزِّيَادَةِ فَإِذَا كَذَّبَهَا الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ كَانَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَرْبَعِينَ ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ الْمَجْهُولَةَ مِنْ سِتَّةٍ ، وَالْفَرِيضَةَ الْمَعْرُوفَةَ عَوْلِيَّةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَقَدْ صَارَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ عِشْرِينَ كَمَا بَيَّنَّا فَالزَّوْجُ يَدَّعِي أَنَّ حَقَّهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانٍ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ ، وَالْأُخْتُ تُقِرُّ لَهُ بِتِسْعَةٍ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَمَا زَادَ عَلَى سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ إلَى تَمَامِ تِسْعَةٍ ، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ قَدْ أَقَرَّتْ الْأُخْتُ بِهِ لِلزَّوْجِ ، وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأُضْعِفُ الْحِسَابَ فَيَكُونُ مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا لِلْأُمِّ كَمَالُ الرُّبْعِ ، وَهُوَ عَشَرَةٌ يَبْقَى ثَلَاثُونَ فَالْأُخْتُ تَزْعُمُ أَنَّ لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَالزَّوْجُ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَيَأْخُذُ الْأَخُ ، وَالْأُخْتُ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ قَدْ أَقَرَّ الْأَخُ ، وَالْأُخْتُ بِهَا لِلزَّوْجِ ، وَالزَّوْجُ كَذَّبَهُمَا فَتَكُونُ مَوْقُوفَةً فِي يَدِ الْأُخْتِ حَتَّى يُصَدِّقَهَا الزَّوْجُ فَيَأْخُذُ مَا أَقَرَّتْ بِهِ ، وَلَيْسَ لِلْأَخِ ، وَالْأُمِّ عَلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ اسْتَوْفَتْ كَمَالَ حَقِّهَا ، وَالْأَخُ كَذَلِكَ اسْتَوْفَى كَمَالَ حَقِّهِ بِزَعْمِهِ .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ، وَأَبَوَيْهِ فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِابْنَيْنِ لِلْمَيِّتِ ، وَصَدَّقَهَا الْأَبُ فِي أَحَدِهِمَا ، وَكَذَّبَتْهُمَا الْأُمُّ فِيهِمَا ، وَتَكَاذَبَا فِيمَا بَيْنَهُمَا أَخَذَ الِابْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ مِنْ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا مِنْ نَصِيبِهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَأْخُذُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَثُلُثَ سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ، وَثُلُثَ سَهْمٍ ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ الْمَعْرُوفَةَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمَرْأَةِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ، وَالْبَاقِي لِلْأَبِ ، وَالْفَرِيضَةُ الْمَجْهُولَةُ عَلَى مَا أَقَرَّتْ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ ثَمَانِيَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةٌ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَانِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَانْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأُضْعِفُهُ فَيَكُونُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ لِلْمَرْأَةِ سِتَّةٌ ، وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَلِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْأُمِّ فِي مُقَاسَمَةِ الِابْنِ الَّذِي صَدَّقَ بِهِ الْأَبُ مَعَ الْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ كَذَّبَتْ بِهِ فَإِذَا طَرَحْنَا ثَمَانِيَةً مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَبْقَى أَرْبَعُونَ فَقَدْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ حَقَّ هَذَا الِابْنِ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ التَّرِكَةِ ، وَفِي يَدِهَا جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُعْطِيهَا مِقْدَارَ حَقِّهَا مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ أَرْبَعِينَ فَيَضُمُّهُ إلَى نَصِيبِ الْأَبِ ، وَيُقَاسِمُهُ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْأَبِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ ، وَلَهُ مَا بَقِيَ ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنًا وَاحِدًا ، وَأَنَّ لِلْأَبِ أَرْبَعَةً ، وَلِلِابْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَمَا يَصِلُ إلَيْهِمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى اعْتِبَارِ
زَعْمِهِمَا ، وَيُقَاسِمُ الِابْنُ الْبَاقِي الْمَرْأَةَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لَهَا سِتَّةٌ ، وَلَهُ الْبَاقِي ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ، وَأَنَّ لِلْمَرْأَةِ سِتَّةً ، وَلِلِابْنِ الْبَاقِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَمَا بَقِيَ فِي يَدِهَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الِابْنَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ يَأْخُذُ مِنْ يَدَيْ الْمَرْأَةِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ ، وَثُلُثَ سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ، وَثُلُثٍ ؛ لِأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّ حَقَّ هَذَا الِابْنِ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَلَكِنْ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي يَدِهَا ، وَثُلُثَا ذَلِكَ فِي يَدِ الْأَبِ ؛ لِأَنَّ فِي يَدِهَا رُبْعَ التَّرِكَةِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْمَعْرُوفَةِ ، وَفِي يَدِ الْأَبِ نِصْفُ التَّرِكَةِ ، وَقَدْ صَدَّقَ الْأَبُ بِهَذَا الِابْنِ فَيَكُونُ مُحْتَمِلًا عَنْهَا ثُلُثَيْ نَصِيبِهِ ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثَانِ فَإِنَّمَا يَبْقَى حَقُّهُ فِيمَا فِي يَدِهَا فِي أَرْبَعَةٍ وَثُلُثٍ ، وَحَقُّ الِابْنِ الْآخَرِ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَحَقُّ الْمَرْأَةِ فِي سِتَّةٍ فَإِذَا جُمِعَتْ هَذِهِ السِّهَامُ كَانَتْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ وَثُلُثًا فَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَثُلُثًا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثٍ ثُمَّ يُقَاسِمُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ مَنْ أَقَرَّ بِهِ كَمَا بَيَّنَّا فِي تَخْرِيجِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ تَصَادَقَ الِابْنَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَخَذَ الِابْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا مِنْ نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ الْأَبُ أَنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ إلَّا أَنَّهُ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْأُمِّ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ ؛ لِأَنَّهَا مُكَذِّبَةٌ بِهِ يَبْقَى عِشْرُونَ فَفِي زَعْمِ الْأَبِ أَنَّ لِلِابْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا مِنْ نَصِيبِهِ فَنَأْخُذُ مِنْهُ هَذَا الْمِقْدَارَ ، وَنَضُمُّهُ إلَى نَصِيبِ الْمَرْأَةِ فَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّهُمْ تَصَادَقُوا عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ
مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ، وَأَنَّ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ سِتَّةٌ ، وَنَصِيبَ كُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَمَا تَحَصَّلَ فِي أَيْدِيهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ يَضْرِبُ فِيهِ كُلَّ ابْنٍ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَالْمَرْأَةُ بِسِتَّةٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا ، وَقِيلَ هَذَا الْجَوَابُ غَلَطٌ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِابْنَ إنَّمَا يَأْخُذُ مِنْ الْأَبِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَثُلُثَ سَهْمٍ مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَدَّعِي الزِّيَادَةَ عَلَى سُدُسِ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ ابْنًا وَفِي يَدِهِ نِصْفُ التَّرِكَةِ ، وَقَدْ صَارَ عَلَى عِشْرِينَ فَيَكُونُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ أَرْبَعِينَ سَهْمًا السُّدُسُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَإِذَا كَانَ الْأَبُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى الِابْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي جَمِيعَ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ، وَحَكَى الْحَاكِمُ هَذَا الطَّعْنَ عَنْ السَّرِيِّ ، وَقَالَ صَوَابُهُ أَنْ يَأْخُذَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ إنَّمَا الصَّوَابُ أَنْ يَأْخُذَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَثُلُثًا كَمَا بَيَّنَّا .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ابْنَيْنِ وَعَبْدَيْنِ ، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأُخْتٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ ، وَأَنْكَرَهَا صَاحِبُهُ أَخَذَتْ مِنْ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ خُمْسَهُ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ ، وَابْنَةً ، وَأَنَّ حَقَّهَا فِي خُمُسِ كُلِّ عَبْدٍ فَيُعْطِيهَا خُمُسَ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ ، وَيَضْمَنُ لَهَا الْمُقِرُّ سُدُسَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِ أَخِيهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ كَانَ فِي يَدِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي يَدِ الْجَاحِدِ فِي الْأَصْلِ ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِنَصِيبِهَا مِنْ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ إلَى الْجَاحِدِ بِاخْتِيَارِهِ ، وَنَصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ النِّصْفَ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ لَكَانَ يُعْطِيهَا ثُلُثَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ إقْرَارِهِ فَيَضْمَنُ لَهَا ثُلُثَ النِّصْفِ بِاعْتِبَارِ إخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ ، وَذَلِكَ سُدُسُ جَمِيعِ قِيمَتِهِ
وَلَوْ تَرَكَ دَارَيْنِ وَابْنًا وَابْنَةً فَاقْتَسَمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارًا ثُمَّ أَقَرَّتْ الِابْنَةُ بِأَخٍ لَهَا مِنْ أَبِيهَا ، وَكَذَّبَهَا فِيهِ أَخُوهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهَا خُمُسَيْ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهَا ؛ لِأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ وَابْنَةً ، وَأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ خَمْسَةٍ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ فَنُعْطِيهِ خُمُسَيْ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهَا لِهَذَا ، وَتَضْمَنُ لَهُ خُمُسَيْ قِيمَةِ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ أَخِيهَا ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ ذَلِكَ الدَّارِ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ كَانَ فِي يَدِهَا ، وَقَدْ دَفَعَتْ إلَى أَخِيهَا بِاخْتِيَارِهَا فَكَانَتْ ضَامِنَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ بِزَعْمِهَا ، وَنَصِيبُهُ ثُلُثَا تِلْكَ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي يَدِهَا أَمَرْت بِدَفْعِ ثُلُثَيْهِ إلَى الْأَخِ فَلِهَذَا ضَمِنَتْ لَهُ خُمُسَيْ قِيمَةِ تِلْكَ الدَّارِ .
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ إبِلًا ، وَبَقَرًا ، وَابْنَيْنِ فَاقْتَسَمَا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الْإِبِلَ بِنَصِيبِهِ ، وَالْآخَرُ الْبَقَرَ بِنَصِيبِهِ ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ، وَأُخْتٍ مَعًا ، وَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِي الْأُخْتِ ، وَكَذَّبَهُ فِي الْأَخِ ، وَتَكَاذَبَ الْمُقَرُّ بِهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الِابْنَةَ تَأْخُذُ مِنْ الْمُقَرِّ بِهَا سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ فَيُسَلَّمُ لَهَا ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ ، وَابْنَةً فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ سَبْعَةٍ ، وَنَصِيبُهَا السُّبْعُ فَلِهَذَا يُعْطِيهَا سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ ، وَلَا يَضْمَنُ لَهَا شَيْئًا مِمَّا دَفَعَهُ إلَى الِابْنِ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْآخَرَ يُصَدِّقُ بِهَا فَيَصِلُ إلَيْهَا نَصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهَا الَّذِي أَقَرَّ بِهَا خَاصَّةً بِخُمُسِ مَا صَارَ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ابْنَيْنِ ، وَابْنَةً وَأَنَّ نَصِيبَهَا الْخُمُسَ فَلِهَذَا يُعْطِيهَا خُمُسَ مَا صَارَ لَهُ ، وَيَضْمَنُ لَهَا أَيْضًا ثُلُثَ سُبْعِ قِيمَةِ مَا صَارَ لِأَخِيهِ ، وَهُوَ الْمُقِرُّ بِهَا ، وَقِيلَ هَذَا غَلَطٌ ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَضْمَنَ لَهَا ثُلُثَيْ سُبْعِ قِيمَةِ مَا صَارَ لِأَخِيهِ الْمُقِرِّ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَ نِصْفَ ذَلِكَ إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ .
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ لَكَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا ثُلُثَ ذَلِكَ النِّصْفِ فَيَكُونُ غَارِمًا لَهَا قِيمَةَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ ، وَصَلَ إلَيْهَا سُبْعُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْأَخِ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ سُبْعٌ وَثُلُثٌ ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ فَسُبْعُهُ ثَلَاثَةٌ ، وَثُلُثُهُ سَبْعَةٌ فَإِذَا صَارَ النِّصْفُ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَحَقُّهَا بِزَعْمِهِ فِي ثُلُثِ النِّصْفِ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهَا السُّبْعُ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ نِصْفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ فِي يَدِ أَخِيهِ وَنِصْفُ ذَلِكَ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى أَخِيهِ فَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الدَّافِعِ ضَمَانُ
هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ ضَمَانُ أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ، وَسُبْعُ الْكُلِّ سِتَّةٌ فَأَرْبَعَةٌ تَكُونُ ثُلُثَيْ السَّبْعِ فَلِهَذَا يَضْمَنُ لَهَا ثُلُثَيْ سُبْعِ قِيمَةِ مَا صَارَ لِأَخِيهِ ، وَيَأْخُذُ الْأَخُ الْمُقَرُّ بِهِ مِمَّا صَارَ لِلْمُقِرِّ سُبْعَيْهِ ؛ لِأَنَّ لِلْمَيِّتِ بِزَعْمِهِ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَابْنَةً ، وَالْقِسْمَةُ مِنْ سَبْعَةٍ لِلْأَخِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمَانِ فَلِهَذَا نُعْطِيهِ سُبْعَيْ مَا صَارَ لَهُ فَإِنْ قِيلَ الْأَخُ الْآخَرُ مُكَذِّبٌ لَهُ فَلِمَاذَا لَا يُطْرَحُ نَصِيبُهُ فِي الْمُقَاسَمَةِ مَعَهُ عَلَى قِيَاسِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ قُلْنَا ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِمَّا دَفَعَ إلَى أَخِيهِ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ جِنْسِ الْمَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُطْرَحَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ : وَيَضْمَنَ لَهُ خُمُسَ مَا صَارَ لِأَخِيهِ ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى أَخِيهِ بِاخْتِيَارِهِ .
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ لَكَانَ يُعْطِيهِ خُمُسَ ذَلِكَ النِّصْفِ ؛ لِأَنَّ بِزَعْمِهِ أَنَّ لِلْأُخْتِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمًا ، وَالْبَاقِي مِنْهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَخِ نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمَانِ ، وَخُمُسَا النِّصْفِ خُمُسُ الْجَمِيعِ فَلِهَذَا يَضْمَنُ لَهُ خُمُسَ مَا صَارَ لِأَخِيهِ قَالَ الْحَاكِمُ هَذَا الْحَرْفُ غَلَطٌ ، وَصَوَابُهُ أَنَّهُ يَضُمُّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِمَّا صَارَ فِي يَدِ أَخِيهِ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عِصْمَةَ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْهِ لَكَانَ يُعْطِي الْأُخْتَ سُبْعَ ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَّا ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ سِتَّةُ أَسْبَاعٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ ، وَإِذَا صَارَ النِّصْفُ عَلَى سَبْعَةٍ كَانَ الْجَمِيعُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَعَرَفْنَا أَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ بِزَعْمِهِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَإِنَّمَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الْقَدْرَ لِصَاحِبِهِ يَدْفَعُهُ إلَى أَخِيهِ بِاخْتِيَارِهِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
( بَابُ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِوَارِثٍ فَيُجِيزُ ذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ ) ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِ مَالِهِ ، فَأَجَازَ ذَلِكَ لَهُ أَخُوهُ أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ بِالْوَصِيَّةِ ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ إنَّمَا تَمْتَنِعُ بِقَوْلِهِ : لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ } إلَى أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ فَإِذَا وُجِدَتْ الْإِجَازَةُ فَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ، وَالْإِرْثُ يَنْبَغِي عَنْ الْمُسْتَحِقِّ بِالْوَصِيَّةِ يَبْقَى مَا لَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي فَيَكُونُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ بِالْمِيرَاثِ ، فَإِنْ قِيلَ : لِمَاذَا لَمْ يُجْعَلْ الْمِيرَاثُ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ حَتَّى يَأْخُذَ نِصْفَ الْمَالِ بِالْمِيرَاثِ وَالنِّصْفَ الْبَاقِيَ بِالْوَصِيَّةِ لِإِجَازَةٍ كَمَا قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ فِي امْرَأَةٍ لَا وَارِثَ لَهَا إلَّا زَوْجُهَا فَأَوْصَتْ لَهُ بِنِصْفِ مَالِهَا ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ النِّصْفَ بِالْمِيرَاثِ ، ثُمَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بِالْوَصِيَّةِ قُلْنَا : لِأَنَّ هُنَاكَ بَعْضَ الْمَالِ فَارِغٌ عَنْ الْمِيرَاثِ ، فَإِيجَابُهَا بِالْوَصِيَّةِ يَنْصَرِفُ إلَى ذَلِكَ الْفَاضِلِ وَهَا هُنَا جَمِيعُ الْمَالِ مَشْغُولٌ بِالْمِيرَاثِ ، فَلَيْسَ الْبَعْضُ يَصْرِفُ الْإِيجَابَ بِالْوَصِيَّةِ إلَيْهِ بِأَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ ؛ فَلِهَذَا أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ بِالْوَصِيَّةِ أَوَّلًا .
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى مَعَ هَذَا بِنِصْفِ مَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْوَارِثَانِ ، فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَأْخُذُ نِصْفَ الْمَالِ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْوَارِثَيْنِ نِصْفَ الْمَالِ وَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ قَدْ زَالَ بِإِجَازَةِ الْوَارِثَيْنِ .
وَمَا أَوْجَبَهُ بِالْوَصِيَّةِ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ ؛ فَلِهَذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعَ
الْمَالِ بِالْوَصِيَّةِ ، ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ الْأَجْنَبِيُّ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ بِلَازِمَةِ الْإِجَازَةِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ يَبْقَى فِي يَدِ الِابْنَيْنِ ثَمَانِيَةٌ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةٌ ، وَقَدْ بَقِيَ إلَى تَمَامِ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ سَهْمَانِ ، فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمٌ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْلَمَ لَهُ نِصْفُ الْمَالِ .
بَقِيَ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الِابْنَيْنِ ثَلَاثَةٌ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَيَأْخُذُ فَضْلَ مَا فِي يَدِ أَخِيهِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَ لَهُ الْوَصِيَّةَ ، وَقَدْ بَقِيَ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ ثَلَاثَةٌ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ أَخِيهِ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ لِيَكُونَ مِيرَاثًا لَهُمَا .
وَلَوْ كَانَ الِابْنُ الَّذِي لَمْ يُوصَ أَجَازَ جَمِيعَ وَصِيَّةِ أَبِيهِ وَلَمْ يُجِزْ الْآخَرُ وَصِيَّةَ الْأَجْنَبِيِّ ، يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ بِغَيْرِ إجَازَةٍ ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ وَوَصِيَّةَ الْأَجْنَبِيِّ أَقْوَى مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَالضَّعِيفَ لَا يُزَاحِمُ الْقَوِيَّ ؛ فَلِهَذَا أَخَذَ الثُّلُثَ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَيَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ أَرْبَعَةٌ ، وَقَدْ بَقِيَ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ سَهْمَانِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمٌ فَيَأْخُذُ مِنْ الْمُجِيزِ سَهْمًا وَاحِدًا وَيُسَلِّمُ لِلِابْنِ الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ كُلَّهَا ؛ لِأَنَّ فِي يَدِهِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ ، وَالْبَاقِي إلَى تَمَامِ وَصِيَّتِهِ سَهْمَانِ يَأْخُذُهُمَا مِنْ أَخِيهِ الْمُجِيزِ يَبْقَى فِي يَدِ الْمُجِيزِ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ أَيْضًا لِيَكُونَ بِمُقَابَلَةِ مَا سَلَّمَهُ الْمُجِيزُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ بِإِجَازَتِهِ أَوْ يُمْسِكُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي فِي يَدِهِ سَهْمًا بِمُقَابَلَةِ مَا سَلَّمَهُ الْمُجِيزُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ يَبْقَى فِي يَدِهِ ثَلَاثَةٌ وَفِي يَدِ الْمُجِيزِ ثَلَاثَةٌ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَجَازَ لَهُ الْوَصِيَّةَ وَيَخْرُجُ الْمُجِيزُ مِنْ الْمِيرَاثِ .
وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِنِصْفِ مَالِهِ وَأَوْصَى لِأَحَدِ ابْنَيْهِ بِكَمَالِ النِّصْفِ مَعَ نَصِيبِهِ ، فَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَارِثَانِ أَخَذَ الْأَجْنَبِيُّ أَرْبَعَةً بِغَيْرِ إجَازَةٍ ثُمَّ يَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ مَا بَقِيَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا سَهْمًا بِالْإِجَازَةِ حَتَّى يُسَلَّمَ لَهُ نِصْفُ الْمَالِ ، وَيَأْخُذُ الِابْنُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ أَخِيهِ سَهْمَيْنِ بِكَمَالِ النِّصْفِ بِنَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ سَهْمَانِ فَيَأْخُذُهُمَا مِنْ أَخِيهِ بِاعْتِبَارِ إجَازَتِهِ وَصِيَّتَهُ .
فَإِنْ قِيلَ : لِمَاذَا لَمْ يُعْتَبَرْ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ أَخِيهِ ثَلَاثَةً قُلْنَا : لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ سَهْمًا لِلْأَجْنَبِيِّ بِإِجَازَةِ وَصِيَّتِهِ وَمَا سُلِّمَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَحْسُوبٌ عَلَى مِيرَاثِهِ ؛ فَلِهَذَا أَخَذَ مِنْ أَخِيهِ سَهْمَيْنِ فَيُجْعَلُ لَهُ كَمَالُ النِّصْفِ بِنَصِيبِهِ فَيُسَلَّمُ لِلْأَجْنَبِيِّ سِتَّةٌ وَلِلِابْنِ الْمُوصَى خَمْسَةٌ وَيَبْقَى لِلِابْنِ الْآخَرِ سَهْمٌ ، وَلَوْ أَجَازَ الِابْنُ الَّذِي لَمْ يُوصَ لَهُ الْأَجْنَبِيَّ وَلَمْ يُجِزْ لِأَخِيهِ وَلَمْ يُجِزْ أَخُوهُ لِلْأَجْنَبِيِّ ، أَخَذَ الْأَجْنَبِيُّ ثُلُثَ الْمَالِ بِغَيْرِ الْإِجَازَةِ مِنْهُ وَأَخَذَ مِنْ الَّذِي أَجَازَ لَهُ سَهْمًا وَاحِدًا ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ بِالْإِجَازَةِ مِنْ نَصِيبِهِ هَذَا الْمِقْدَارُ فَيَأْخُذُهُ ، وَلَا يَأْخُذُ بِالنَّصِيبِ الْآخَرِ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِزْ لَهُ الْوَصِيَّةَ فَيَصِيرُ فِي يَدِهِ خَمْسَةٌ وَفِي يَدِ الِابْنِ الْمُجِيزِ لِلْأَجْنَبِيِّ ثَلَاثَةٌ وَفِي يَدِ الِابْنِ الْمُوصَى لَهُ أَرْبَعَةٌ نَصِيبُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ .
وَإِذَا تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ : إمَّا أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَوْ لَا يُجِيزُونَهُ ، فَإِنْ أَجَازُوا فَالْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ : لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ سَهْمٌ
وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ الْوَرَثَةِ أَثْلَاثًا ؛ لِأَنَّا نَأْخُذُ عَدَدَ الْبَنِينَ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَنَزِيدُ عَلَيْهِ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ سَهْمًا ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَابْنٍ بَالِغٍ لَهُ ثُمَّ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ تَزِيدُ عَلَى مَا فِي يَدِنَا ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ مِثْلُ نِصْفِهِ ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ فَتَكُونُ سِتَّةَ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَيْنَ الْبَنِينَ أَثْلَاثًا ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا ، فَالْقِسْمَةُ مِنْ تِسْعَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَالثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ سَهْمٌ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِجَازَةِ أَوْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ فِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُمَا وَفِي حَالِ الْإِجَازَةِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ضِعْفُ مَا لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمَانِ ، وَوَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ مِثْلُ نَصِيبِ الْبَنِينَ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ نَصِيبَهُ سَهْمَانِ وَوَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ مِنْ تِسْعَةٍ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ ؛ فَلِهَذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَالْمَالُ كُلُّهُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ .
وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَاحِدًا ، فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ وَأَوْصَى لِآخَرَ أَيْضًا بِمِثْلِ نَصِيبِهِ ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ لَهُمَا جَمِيعًا ، فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الِابْنِ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا أَوْجَبَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ أَحَّدَ ، وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ الِابْنُ الْمَعْرُوفُ فَكَانُوا بِمَنْزِلَةِ ثَلَاثَةِ بَنِينَ ، فَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ، وَلَوْ أَجَازَ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَجَازَ لِلْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لِلْأَوَّلِ سُدُسَا جَمِيعِ الْمَالِ وَلِلْآخَرِ سُدُسُ الْمَالِ
وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سُدُسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا ثُلُثَ الْمَالِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَبَقِيَ فِي يَدِ الِابْنِ ثُلُثَا الْمَالِ أَرْبَعَةٌ مِنْ سِتَّةٍ ، فَحِينَ أَجَازَ لِأَحَدِهِمَا فَقَدْ سَوَّاهُ بِنَفْسِهِ فَيَضُمُّ مَا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ سَهْمٌ إلَى مَا فِي يَدِ ابْنِهِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَنِصْفُ الْمَالِ انْكَسَرَ بِالْأَنْصَافِ ، فَيَكُونُ الْمَالُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ : فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ وَفِي يَدِ الِابْنِ ثَمَانِيَةٌ ، فَإِذَا ضَمَمْنَا مَا فِي يَدِ الَّذِي أَجَازَ لَهُ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ يَكُونُ ذَلِكَ عَشَرَةً بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ ثُمَّ لَمَّا أَجَازَ صَحَّتْ إجَازَتُهُ فِيمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ لَا فِي إبْطَالِ شَيْءٍ مِمَّا صَارَ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ ، وَهُوَ بِهَذِهِ الْإِجَازَةِ سَوَّى الثَّانِيَ بِنَفْسِهِ فَيَضُمُّ مَا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ سَهْمَانِ إلَى مَا فِي يَدِ الِابْنِ فَيَكُونُ سَبْعَةً بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ ، فَيُضَعِّفُهُ لِلْبِنَاءِ بِالْأَنْصَافِ ، فَتَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ لِلْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةٌ ، وَهُوَ سُدُسَانِ وَنِصْفُ سُدُسٍ ، كُلُّ سُدُسٍ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلثَّانِي سَبْعَةٌ ، وَهُوَ سُدُسٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سُدُسٍ ، وَيَبْقَى لِلِابْنِ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَابِلًا لِلْمُوصَى لَهُ فَاخْتَارَ الْوَارِثُ لَهُمَا مَعًا أَوْ أَجَازَ لِلْقَابِلِ أَوَّلًا فَهُوَ سَوَاءٌ ، وَالْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْقَابِلِ إنَّمَا لَا تَجُوزُ لِحَقِّ الْوَارِثِ فَيَزُولُ الْمَانِعُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ لَهُمَا مَعًا أَوْ لِلْقَابِلِ أَوَّلًا وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ الْآخَرَ قَدْ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ مِنْ غَيْرِ مُزَاحَمَةِ الْقَابِلِ فِيهِ .
وَإِجَازَتُهُ لَهُمَا أَوْ لِلْقَابِلِ فِي الْحَقِيقَةِ تَكُونُ إجَازَةً لِلْقَابِلِ ، وَإِنْ أَجَازَ لِلَّذِي لَمْ يَقْبَلْ أَوَّلًا ثُمَّ أَجَازَ لِلْقَابِلِ أَخَذَ الْأَوَّلُ نِصْفَ
الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزَاحِمَهُ الْقَابِلُ فِيهِ ، فَإِنَّ الضَّعِيفَ لَا يُزَاحِمُ الْقَوِيَّ وَحِينَ أَجَازَ وَصِيَّتَهُ لَهُ فَقَدْ سَوَّاهُ بِنَفْسِهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ فَصَارَ هُوَ مُسْتَحِقًّا لِنِصْفِ الْمَالِ كَامِلًا ، ثُمَّ إجَازَتُهُ لِلْقَابِلِ تَعْمَلُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ الْأَوَّلِ ، وَقَدْ سَوَّاهُ بِنَفْسِهِ فِيمَا بَقِيَ ، وَالْبَاقِي نِصْفُ الْمَالِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبْعُ ،
وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَأَوْصَى لِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ، فَأَجَازَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَجَازَا جَمِيعًا بَعْدَ ذَلِكَ لِلْبَاقِي ، فَإِنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ الَّذِي أَجَازَ لَهُ أَحَدُهُمَا اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا : تِسْعَةٌ مِنْهَا بِغَيْرِ إجَازَةٍ وَثَلَاثَةٌ مِنْ نَصِيبِ الَّذِي أَجَازَ لَهُ خَاصَّةً وَسَهْمَانِ مِنْ نَصِيبِ الَّذِي أَجَازَ لِصَاحِبِهِ قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ أَجَازَا لَهُمَا الْوَصِيَّتَيْنِ كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا ، وَلَوْ لَمْ يُجِيزَا كَانَ لِلْمُوصَى لَهُمَا ثُلُثُ الْمَالِ فَثُلُثُ الْمَالِ سَالِمٌ لَهُمَا بِغَيْرِ إجَازَةٍ ، وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَانِ ، فَيَكُونُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سَبْعَةٍ ثُمَّ حِينَ أَجَازَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا فَقَبُولُ إجَازَتِهِ لِأَحَدِهِمَا مُعْتَبَرَةٌ بِإِجَازَتِهِمَا لَهُ ، وَلَوْ أَجَازَا لَهُ لَكَانَ يَضُمُّ نَصِيبَهُ ، وَهُوَ سَهْمٌ إلَى نَصِيبِهِمَا ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لَا يَسْتَقِيمُ ، فَيَضْرِبُ سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ : فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ سِتَّةٌ ، وَفِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُمَا ثَلَاثَةٌ ، ثُمَّ يَضُمُّ مَا فِي يَدِهِ مِنْهُمْ خَمْسَةً ، فَحِينَ أَجَازَ الْآخَرُ ضَمَمْنَا مَا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ إلَى مَا فِي أَيْدِيهِمَا ، وَهُوَ عَشْرٌ فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لَا يَسْتَقِيمُ ، فَيَضْرِبُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ ، فَتَكُونُ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ .
وَمِنْهُ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُمَا الثُّلُثُ ، وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تِسْعَةٌ وَفِي يَدِ كُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَحِينَ أَجَازَ أَحَدُهُمَا لِأَحَدِ الْمُوصَى لَهُمَا يَعْتَبِرُ إجَازَتَهُ بِإِجَازَتِهِمَا ، وَلَوْ أَجَازَ كَانَ يَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً حَتَّى يَصِيرَ لَهُ خَمْسَةٌ وَيَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
خَمْسَةَ عَشَرَ ، فَإِذَا أَجَازَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ بِمَا فِي يَدِهِ ثَلَاثَةً حِصَّتَهُ مِنْ الْإِجَازَةِ ، فَتَكُونُ لَهُ اثْنَا عَشَرَ ، ثُمَّ لَمَّا أَجَازَ الْآخَرُ ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الَّذِي أَجَازَ لَهُ خَاصَّةً ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِثْلَ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ هَذَا أَوَّلُ مُجِيزٍ فِي حَقِّهِ وَيَأْخُذُ مِنْ الْآخَرِ سَهْمَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا أَجَازَا لِلْأَوَّلِ ، ثُمَّ أَجَازَا لِلْآخَرِ لَكَانَ يَضُمُّ مَا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ تِسْعَةٌ إلَى مَا فِي أَيْدِيهِمَا ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الَّذِي يُسَلَّمُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ بِهَذِهِ الْإِجَازَةِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمَانِ ، فَيُجْعَلُ فِيمَا يَأْخُذُ هُوَ مِنْ الَّذِي أَجَازَا لِلْأَوَّلِ ، ثُمَّ أَجَازَا لَهُ ، فَإِذَا أَخَذَ مِنْهُ سَهْمَيْنِ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا : تِسْعَةٌ بِغَيْرِ إجَازَةٍ وَثَلَاثَةٌ مِنْ الَّذِي أَجَازَ لَهُ خَاصَّةً وَسَهْمَانِ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرِ .
وَلَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبْعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ ، فَأَجَازُوا فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُ أَصْلَ الْحِسَابِ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِمَكَانِ الْوَصِيَّةِ بِالرُّبْعِ ، فَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ سَهْمَانِ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ ، لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ فَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مِثْلُ النَّصِيبِ سَهْمٌ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً ، وَقِسْمَةُ الثَّلَاثِ عَلَى أَرْبَعَةٍ لَا يَسْتَقِيمُ ، فَيَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي أَرْبَعَةٍ فَتَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ ، لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ أَرْبَعَةٌ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ رُبْعُ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَمَا بَقِيَ ، وَهُوَ تِسْعَةٌ بَيْنَ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ حَالَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ بِحَالَةِ الْإِجَازَةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ
كُلَّ مَا وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِسِهَامِ حَقِّهِ غَيْرِ الْإِجَازَةِ ، وَحَقُّ صَاحِبِ الرُّبْعِ أَرْبَعَةٌ وَحَقُّ صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ .
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ اسْتَحَقَّ رُبْعَ الْمَالِ ، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ رُبْعُ الْمَالِ فَعَرَفْنَا أَنَّ حَقَّهُمَا فِيمَا أُوجِبَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ
، وَلَوْ تَرَكَ خَمْسَةَ بَنِينَ ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ ، فَأَجَازُوا فَالْفَرِيضَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ : الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْمَالِ يَأْخُذُ النِّصْفَ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ الْبَنِينَ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ عَلَى سِتَّةٍ ؛ لِأَنَّك تَأْخُذُ عَدَدَ الْبَنِينَ وَتَزِيدُ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ النِّصْفِ سَهْمًا ، فَإِذَا صَارَ النِّصْفُ عَلَى سِتَّةٍ كَانَ الْكُلُّ اثْنَيْ عَشَرَ ، لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ سِتَّةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ سَهْمٌ ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ : فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ : الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ تَبْطُلُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا فَيَتَرَاجَعُ حَقُّ صَاحِبِ النِّصْفِ إلَى الثُّلُثِ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ بَيْنَ الْبَنِينَ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ فِي ثَلَاثَةٍ يَضْرِبُ بِذَلِكَ فِي الثُّلُثِ ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ فِي سَهْمٍ يَضْرِبُ بِهِ فِي الثُّلُثِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ : الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ سِهَامَ الْمَالِ تِسْعَةٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ ، فَإِنَّا نَجْعَلُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ لِابْتِدَاءِ الثُّلُثِ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ لِتَبْيِينِ نَصِيبِ الْآخَرِ بِقِسْمَةِ الثُّلُثَيْنِ النِّصْفَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي الثُّلُثِ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ يَضْرِبُ بِسَهْمٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ وَنِصْفٍ ، فَأُضَعِّفُهُ لِلْكَسْرِ بِالْأَنْصَافِ فَيَكُونُ أَحَدَ عَشَرَ ، لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ تِسْعَةٌ وَلِلْآخَرِ سَهْمَانِ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ : الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَنِصْفٍ ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ يَأْخُذُ الثُّلُثَ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ مَقْسُومٌ بَيْنَ الْبَنِينَ أَخْمَاسًا ،
فَإِذَا صَارَ الثُّلُثَانِ عَلَى خَمْسَةٍ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ سَبْعَةً وَنِصْفًا ، فَانْكَسَرَ فَأُضَعِّفُهُ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةٌ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ عَشَرَةٌ بَيْنَ الْبَنِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمَانِ وَوَصِيَّةُ صَاحِبِ النَّصِيبِ مِثْلُ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ يَضْرِبُ فِي الثَّالِثِ بِنِصْفِ الْمَالِ ، وَهُوَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ ؛ لِأَنَّ سِهَامَ الْمَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ يَضْرِبُ بِسَهْمَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ وَنِصْفٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَلِلْآخَرِ سَهْمَانِ
وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ ابْنَيْهِ فَأَجَازُوا فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ مِنْ سِتَّةٍ وَلِصَاحِبِ الْمِثْلِ سَهْمٌ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ يَأْخُذُ النِّصْفَ ثُمَّ يَقْسِمُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بَيْنَ الِابْنَيْنِ ، وَصَاحِبُ النِّصْفِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ؛ لِأَنَّا نَزِيدُ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ وَاحِدًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ ، فَإِذَا صَارَ النِّصْفُ ثَلَاثَةً كَانَ الْكُلُّ سِتَّةً : لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِصَاحِبِ الْمِثْلِ سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ .
وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ يَتَرَاجَعُ إلَى الثُّلُثِ ، فَيَأْخُذُ الثُّلُثَ ، وَيُقَسَّمُ الثُّلُثَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ بَنِينَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ ، وَإِذَا صَارَ ثَلَاثَةً كَانَ الْمَالُ أَرْبَعَةً وَنِصْفًا فَأُضَعِّفُهُ لِلْكَسْرِ فَيَكُونُ تِسْعَةً ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ فِي الثُّلُثِ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ بِسَهْمَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ ، وَالْمَالُ كُلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ : الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ يُعْزَلُ لَهُ الثُّلُثُ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِتَبِينَ وَصِيَّةُ الْآخَرِ فَيَكُونُ الْمَالُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ وَبَعْدَ التَّضْعِيفِ يَكُونُ تِسْعَةً ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِأَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ ، وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِسَهْمَيْنِ ، وَهُوَ ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ وَنِصْفٍ ، فَإِذَا أَضْعَفْته كَانَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ تِسْعَةٌ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَةٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّك إذَا عَزَلْت
ثُلُثَ الْمَالِ وَقَسَّمْت الثُّلُثَيْنِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ بِنِصْفِ ذَلِكَ ، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ ، وَالْآخَرُ إنَّمَا يَضْرِبُ بِنَصِيبِ أَحَدِ الِابْنَيْنِ ، وَهُوَ سَهْمٌ فَيَكُون الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ التَّضْعِيفِ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْمِثْلِ سَهْمَانِ
وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثَيْ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَأَجَازُوا فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمِثْلِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْخُذُ سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ لَمْ يُجِيزُوا كَانَ نَصِيبُهُ هَذَا الْمِقْدَارَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ إجَازَتَهُمْ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ لِتَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ لَا الْإِضْرَارِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا : إنَّ نَصِيبَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ هَذَا ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ تَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ بِثَلَاثَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمِثْلِ بِسَهْمَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا الْإِجَازَةَ فِي حَقِّهِ لَكَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ تِسْعَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثَيْنِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الْمِثْلِ سَهْمٌ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْنٍ ثَالِثٍ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ ، وَالْإِجَازَةُ فِي قَوْلِهِ : خَيْرٌ لَهُمَا ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُجِيزُوا كَانَتْ الْفَرِيضَةُ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا : إنَّهُ يَقُولُ : الثُّلُثُ وَيُقَسَّمُ الثُّلُثَانِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَيُزَادُ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ سَهْمٌ فَيَصِيرُ عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ ، وَبَعْدَ التَّضْعِيفِ يَكُونُ تِسْعَةً ثُمَّ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَصَاحِبُ النَّصِيبِ بِوَصِيَّتِهِ ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ ، وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الْإِجَازَةِ مَنْفَعَةً لَهُمَا ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمًا ، فَأَمَّا
الْوَارِثُ مَا قَصَدَ بِالْإِجَازَةِ إلَّا تَوْفِيرَ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِضْرَارُ مُضَافًا إلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ .
وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي حَالَةِ الْإِجَازَةِ مَذْهَبُهُ كَمَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا : ثُلُثَاهُ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْمَالَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ، وَإِنَّا نَقُولُ : الثُّلُثُ وَنَجْعَلُ الْبَاقِيَ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ وَصِيَّةَ صَاحِبِ الْمِثْلِ سَهْمٌ ، ثُمَّ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ يَضْرِبُ بِسَهْمَيْنِ فِي الثُّلُثِ وَصَاحِبُ الْمِثْلِ يَضْرِبُ بِسَهْمٍ ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ الثَّالِثِ لَوْ كَانَ فِيهِ رُبْعُ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ ، وَمِثْلَ نَصِيبِ الثَّالِثِ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّالِثِ سَهْمًا فَيَكُونُ أَرْبَعَةً ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ رُبْعُ الْمَالِ ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْخَامِسِ ، ثُمَّ الْبَاقِي ، وَهُوَ الْخَمْسَةُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا سَهْمَيْنِ وَنِصْفًا مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ، فَإِذَا زِدْت عَلَى خَمْسَةٍ مَرَّةً سَهْمًا وَمَرَّةً سَهْمَيْنِ وَنِصْفًا فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا تُضَعِّفُهُ فَيَكُونُ سَبْعَةَ عَشَرَ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ سَهْمٌ أُضَعِّفُهُ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمَانِ ، وَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا نِصْفًا سَهْمَيْنِ وَنِصْفًا أُضَعِّفُهُ فَيَكُونُ خَمْسَةً ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ عَشْرٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَانِ وَأَخَذَ مِنْهُمَا خَمْسَةً مِثْلَ مَا أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ، وَلَوْ قُسِّمَتْ هَذِهِ الْعَشَرَةُ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمَانِ مِثْلُ مَا أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْخَامِسِ ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ رَابِعٍ لَوْ
كَانَ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ لَوْ كَانَ ، فَأَجَازُوا كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْخَامِسِ أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَلِلْآخَرِ خُمْسُ الْبَاقِي ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ هَاهُنَا وَصِيَّتَانِ بِمِثْلِ نَصِيبِ رَابِعٍ وَبِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ فَيَضْرِبُ مُخْرَجَ الرُّبْعِ فِي مُخْرَجِ الْخُمْسِ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فِي خَمْسَةٍ فَيَكُونُ عِشْرِينَ ثُمَّ يَزِيدَانِ عَلَيْهِ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ رَابِعٍ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ الْخُمْسُ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَتَكُونُ تِسْعَةً ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الرَّابِعِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةً ، وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَانِ .
وَإِنْ قَسَّمْت الْبَاقِيَ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي هَذَا الْفَصْلِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِالْإِجَازَةِ وَعَدَمِ الْإِجَازَةِ ، وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يُجِيزُوا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِحَقِّهِ .
وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ سَهْمَانِ وَحَقُّ الْآخَرِ خَمْسَةٌ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَسْبَاعًا لِهَذَا
، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ لَوْ كَانَ فَأَجَازُوا ، فَالْقِسْمَةُ مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ فَقَدْ جَعَلْنَا هُنَاكَ الْمَالَ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَكَانَ الْمَقْسُومُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ عِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ فِي هَذَا الْفَصْلِ ، وَالْوَصِيَّةُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا تَزِيدُ عَلَى الْمَالِ مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ، وَهُوَ عَشَرَةٌ فَيَكُونُ عَلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَثْلَاثًا ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِسِهَامِ حَقِّهِ أَحَدُهُمْ بِعَشَرَةٍ ، وَالْآخَرُ بِخَمْسَةٍ ، وَالْآخَرُ بِأَرْبَعَةٍ ؛ فَلِهَذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ
، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ ، فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ رَابِعٍ ، وَمِثْلُ نَصِيبِ الرَّابِعِ سُبْعُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ ، وَالْمُوصَى لَهُ يُمْسِكُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا أَثْلَاثًا ، وَالْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَأْخُذُ الثُّلُثَ ثُمَّ يُوجَدُ عَدَدُ الْأَرْبَعَةِ فَيُزَادُ عَلَيْهِ وَاحِدٌ لِتَبْيِينِ نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الرَّابِعِ فَيَكُونُ خَمْسَةً : لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الرَّابِعِ سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمَانِ فَيُزَادُ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا سَهْمَانِ .
فَإِذَا قَدَّرْنَا عَلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الرَّابِعِ سَهْمٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا سَهْمَانِ ، فَيَصِيرُ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الرَّابِعِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمٌ ، وَهُوَ سُبْعُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ أَحَدِهِمَا أَثْلَاثًا ، فَإِذَا صَارَ ثُلُثَيْ الْمَالِ عَلَى سَبْعَةٍ كَانَ الْكُلُّ عَشَرَةً وَنِصْفًا تُضَعِّفُهُ لِلْكَسْرِ فَيَكُونُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ : لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَبْعَةٌ ، وَلِصَاحِبِ نَصِيبِ الرَّابِعِ سَهْمَانِ ، وَلِلثَّالِثِ أَرْبَعَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِسِهَامِ حَقِّهِ ، أَحَدُهُمْ بِسَبْعَةٍ ، وَالْآخَرُ بِأَرْبَعَةٍ ، وَالْآخَرُ بِسَهْمَيْنِ فَيَكُونُ جُمْلَةُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ سَادِسٍ لَوْ كَانَ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ أُمٍّ لَوْ كَانَتْ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ السَّادِسِ يَأْخُذُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا وَهَذَا تَطْوِيلٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَإِنَّ نَصِيبَ الْأُمِّ مِنْ هَذِهِ التَّرِكَةِ السُّدُسُ وَمِثْلُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ فَالْوَصِيَّةُ بِمِثْلِ نَصِيبِ السَّادِسِ ،
وَالْوَصِيَّةُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ لَوْ كَانَتْ سَوَاءً فِي الْمِقْدَارِ ، فَإِنَّمَا يُزَادُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمٌ عَلَى سِتَّةٍ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ : لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُمَا سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ سَهْمٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْكِتَابِ خَرَّجَهُ مِنْ خَمْسَةِ أَمْثَالٍ ، وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ سَهْمًا وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ خَمْسَةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ وَبَيْنَ سَهْمٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ
، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَّا ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ ، فَإِنَّهُ رَدٌّ عَلَى الْوَارِثِينَ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سَبْعَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَةٌ وَيُرَدُّ مِنْهَا ثُلُثُ الْمَالِ عَلَى الْوَرَثَةِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ ؛ لِأَنَّك تَأْخُذُ عَدَدَ الِابْنَيْنِ فَتَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ سَهْمَانِ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ لِمَكَانِ الِاسْتِثْنَاءِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : إلَّا الثُّلُثَ فَيَكُونُ تِسْعَةً ، فَهَذَا هُوَ الْمَالُ .
وَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ بِأَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ وَهُمْ سَهْمٌ ، فَتَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً ثُمَّ تَزِيدُ عَلَيْهِ سَهْمَيْنِ لِمَكَانِ الِاسْتِثْنَاءِ ؛ لِأَنَّ بِسَبَبِ الْمُسْتَثْنَى يَزْدَادُ مَالُ الْوَارِثِ ، وَكُلَّمَا ازْدَادَ مَالُ الْوَارِثِ ازْدَادَ النَّصِيبُ فَظَهَرَ أَنَّ النَّصِيبَ أَرْبَعَةٌ ، فَإِذَا دَفَعْت إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ أَرْبَعَةً فَفِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ ، ثُمَّ يُسْتَرْجَعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَتَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْوَارِثِ فَيَصِيرُ ثَمَانِيَةً بَيْنَ الِابْنَيْنِ : لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ .
وَعَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَجْعَلُ الْمَالَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا فَتُعْطِي بِالنَّصِيبِ دِينَارًا وَتَسْتَرْجِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ ثُلُثَ دِينَارٍ وَثُلُثَ دِرْهَمٍ فَيَصِيرُ مَعَك دِرْهَمٌ وَثُلُثُ دِينَارٍ ، وَحَاجَةُ الْوَرَثَةِ إلَى دِينَارَيْنِ ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا النَّصِيبَ دِينَارًا بِمِثْلِهِ قِصَاصًا يَبْقَى فِي يَدِك دِرْهَمٌ وَثُلُثٌ يَعْدِلُ دِينَارًا وَثُلُثَيْ دِينَارٍ ، فَتَضْرِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَلَاثَةٍ لِلْكَسْرِ ، فَتَصِيرُ الدَّنَانِيرُ خَمْسَةً وَالدَّرَاهِمُ أَرْبَعَةً ، ثُمَّ نَنْقُلُ الْفِضَّةَ وَنَجْعَلُ آخِرَ الدَّرَاهِمِ آخِرَ الدَّنَانِيرِ وَآخِرَ الدَّنَانِيرِ آخِرَ الدَّرَاهِمِ فَصَارَ كُلُّ دِينَارٍ بِمَعْنَى أَرْبَعَةٍ وَكُلُّ دِرْهَمٍ بِمَعْنَى خَمْسَةٍ ثُمَّ نَعُودُ إلَى الْأَصْلِ ، فَنَكُونُ
كَأَنَّا جَعَلْنَا الْمَالَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا ، فَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَأَعْطَيْنَا بِالنَّصِيبِ دِينَارًا ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ النَّصِيبَ أَرْبَعَةٌ مِنْ تِسْعَةٍ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا
وَلَوْ تَرَكَ خَمْسَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى لِأَحَدِهِمْ بِكَمَالِ الثُّلُثِ مَعَ نَفْسِهِ وَأَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَأْخُذُ سُبْعَ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُزَاحَمَةَ لِلْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ مَعَ الْوَصِيَّةِ لِلْأَجْنَبِيِّ ، فَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ كَمَالَ حَقِّهِ كَأَنَّهُ لَمْ يُوصَ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ ، وَثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ هُوَ الثُّلُثُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ أُوصِيَ لَهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُوصَ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الثُّلُثِ ، فَكَذَلِكَ هَاهَهُنَا يَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْمَالِ ، ثُمَّ إنْ أَجَازُوا فَلِوَارِثِ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ مِمَّا بَقِيَ كَمَالَ حَقِّهِ الثُّلُثَ مَعَ نَصِيبِهِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ تِسْعَةٍ ، فَإِذَا أَخَذَ هُوَ ثَلَاثَةً وَلِلْأَجْنَبِيِّ سَهْمٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ فَتُقَسَّمُ بَيْنَ الْبَنِينَ بِالسَّوِيَّةِ أَرْبَاعًا ، انْكَسَرَ بِالْأَرْبَاعِ فَاضْرِبْ تِسْعَةً فِي أَرْبَعَةٍ فَتَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ : لِلْأَجْنَبِيِّ أَرْبَعَةٌ ، وَلِلْوَارِثِ اثْنَا عَشَرَ يَبْقَى عِشْرُونَ بَيْنَ الْبَنِينَ الْأَرْبَعَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمِيرَاثَ لِلِابْنِ الْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ ، وَالْوَصِيَّةَ لَهُ سَبْعَةٌ ، وَقَدْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ .
وَلَوْ أَوْصَى لِأَحَدِهِمْ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَلِأَجْنَبِيٍّ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ ، فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ ، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ تِسْعَةٍ كَمَا بَيَّنَّا ، وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ عَلَى سِتَّةٍ ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَزِيدَ عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ بَيْنَهُمَا لِتَبْيِينِ مِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ ، فَيُجْعَلُ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ النَّصِيبِ سَهْمَانِ : سَهْمٌ بِمِيرَاثِهِ وَسَهْمٌ بِوَصِيَّتِهِ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بَيْنَ الْبَنِينَ أَرْبَاعًا
، وَإِذَا أَرَدْت تَصْحِيحَ الْحِسَابِ احْتَجْت إلَى ضَرْبِ تِسْعَةٍ فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ : لِلْأَجْنَبِيِّ سِتَّةٌ وَلِلِابْنِ الْمُوصَى لَهُ سِتَّةَ عَشَرَ : ثَمَانِيَةٌ بِالْمِيرَاثِ وَثَمَانِيَةٌ بِالْوَصِيَّةِ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ بَنِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ .
وَلَوْ أَوْصَى لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ يُجِيزُوا أَخَذَ الْأَجْنَبِيُّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي مُزَاحَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِلْأَجْنَبِيِّ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَهُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الثُّلُثِ كَمَا يَسْتَحِقُّ الْعَصَبَةُ جَمِيعَ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ ، ثُمَّ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى الْمِيرَاثِ إنْ لَمْ يُجِيزُوا ، فَإِنْ أَجَازُوا أَخَذَ الْوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ مِنْ الْبَاقِي بِاعْتِبَارِ إجَازَتِهِمْ ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى الْمِيرَاثِ
، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَمْ يُوصِ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ لَهُ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الثُّلُثِ بَاقٍ إذَا لَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ آخَرَ ، وَلَوْ تَرَكَ ثَلَثَمِائَةٍ وَأَوْصَى لِأَحَدِ ابْنَيْهِ بِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَأَجَازُوا ، أَخَذَ الْأَجْنَبِيُّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُزَاحَمَةَ لِلْوَارِثِ مَعَهُ وَأَخَذَ الْوَارِثُ مِائَةَ دِرْهَمٍ لِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَصِيَّتَهُ ، وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ
وَلَوْ تَرَكَ سِتَّمِائَةٍ وَأَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ أَخَذَ صَاحِبُ الْمَالِ مِائَةً ، وَالْآخَرُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ وَصِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ ، وَصَاحِبُ الْمَالِ الْمُسَمَّى مِنْ الثُّلُثِ مُقَدَّمٌ عَلَى صَاحِبِ مَا بَقِيَ كَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْفَرِيضَةِ فِي الْمِيرَاثِ مُقَدَّمٌ عَلَى صَاحِبِ مَا بَقِيَ كَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْفَرِيضَةِ فِي الْمِيرَاثِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَصَبَةِ ؛ فَلِهَذَا يَأْخُذُ صَاحِبُ الْمِائَةِ مِنْ الثُّلُثِ مِائَةً ، ثُمَّ لِصَاحِبِ مَا بَقِيَ قَدْرُ الْبَاقِي ، فَإِنْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْوَصِيَّةِ وَصِيَّتَهُ ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي حِينَ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ أَخَذَ الْآخَرُ جَمِيعَ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الثُّلُثِ بَاقٍ ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يُوصَ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ ، وَلَوْ هَلَكَ نِصْفُ الْمَالِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، كَانَ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ مَا بَقِيَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَصَاحِبِ الْمِائَةِ أَثْلَاثًا ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ ، وَهُوَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ الْآخَرِ يَضْرِبُ بِمِائَةٍ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ، وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ مَا بَقِيَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ
، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ ، فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِرُبْعِ مَالِهِ ، فَأَجَازَ ذَلِكَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَسْبَاعًا بِغَيْرِ إجَازَةٍ ، وَيَكُونُ نِصْفُ رُبْعِ الْمَالِ مِنْ نَصِيبِ الِابْنِ الَّذِي أَجَازَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ .
وَأَصْلُ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّهُمَا يُغْلِقَانِ الَّذِي أَجَازَ لَهُمَا الْوَصِيَّةَ عَلَى حَسْبِ مَا يُغْلِقَانِهِ ، إنْ لَوْ أَجَازَا جَمِيعًا وَيُقَابِلَانِ الَّذِي لَمْ يُجِزْ وَصِيَّتَهُمَا عَلَى حَسْبِ مَا يُقَابِلَانِهِ إنْ لَمْ يُجِزْ ، فَنَقُولُ : لَوْ أَجَازَا الْوَصِيَّتَيْنِ جَمِيعًا لَكَانَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَأْخُذُ الثُّلُثَ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ يَأْخُذُ الرُّبْعَ فَيُحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ ، فَثُلُثُهُ أَرْبَعَةٌ وَرُبْعُهُ ثَلَاثَةٌ ، وَلَوْ لَمْ يُجِيزَا لَكَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا ، فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى سَبْعَةٍ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ عِنْدَ إجَازَتِهِمَا الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ يَأْخُذُ الرُّبْعَ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ رُبْعٌ صَحِيحٌ فَيُضْرَبُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ ، فَأَمَّا ثُلُثُ الْمَالِ ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَأْخُذَانِهِ بِلَا مِنَّةِ الْإِجَازَةِ فَيَقْتَسِمَانِهِ أَسْبَاعًا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ ثُمَّ نَقُولُ : قَدْ بَقِيَ إلَى تَمَامِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ اثْنَا عَشَرَ ، فَلَوْ أَجَازَا لَهُ الْوَصِيَّةَ لَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ نِصْفَ ذَلِكَ ، وَهُوَ سِتَّةٌ ، وَقَدْ بَقِيَ إلَى تَمَامِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ تِسْعَةٌ فَلَوْ أَجَازَا لَهُ الْوَصِيَّةَ لَكَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ .
فَإِذَا أَجَازَ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ
لَهُمَا جَمِيعًا ، وَلَمْ يُجِزْ الْآخَرُ فَإِنَّهُمَا يَأْخُذَانِ مِنْ نَصِيبِ الْمُجِيزِ ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مِقْدَارَ حَقِّهِمَا إنْ لَوْ أَجَازَا ، وَذَلِكَ عَشَرَةٌ وَنِصْفٌ فَيَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ أَسْبَاعًا فَلِكُلِّ سُبْعٍ مِنْهُ سَهْمٌ وَنِصْفٌ فَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ ، وَهُوَ سِتَّةٌ ، وَلَوْ كَانَ الِابْنَانِ أَجَازَا وَصِيَّةَ صَاحِبِ الرُّبْعِ وَلَمْ يُجِيزَا وَصِيَّةَ صَاحِبِ الثُّلُثِ ، فَإِنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا أَسْبَاعًا كَمَا بَيَّنَّا ، ثُمَّ يَأْخُذُ صَاحِبُ الرُّبْعِ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ نَصِيبِ الِابْنَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ أَجَازَا لَهُ الْوَصِيَّةَ فَيُسَلَّمُ لَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ كَمَالُ الرُّبْعِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ ، وَيُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ الثُّلُثِ ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلَوْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ، وَالْآخَرُ لِصَاحِبِ الرُّبْعِ ، فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَسْبَاعٌ كَمَا بَيَّنَّا ، ثُمَّ يَأْخُذُ صَاحِبُ الثُّلُثِ مِنْ نَصِيبِ الَّذِي أَجَازَ لَهُ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَالْبَاقِي إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ اثْنَا عَشَرَ فَيَأْخُذُ نِصْفَ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَهُوَ سِتَّةٌ ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ أَجَازَا جَمِيعًا لَهُ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةً ، فَكَذَلِكَ إذَا أَجَازَ لَهُ أَحَدُهُمَا ، وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الرُّبْعِ مِنْ نَصِيبِ الَّذِي أَجَازَ نِصْفَ مَا بَقِيَ إلَى الرُّبْعِ ، وَالْبَاقِي مِنْ حَقِّهِ إلَى تَمَامِ الرُّبْعِ تِسْعَةٌ ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ ذَلِكَ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَجَازَا لَهُ الْوَصِيَّةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الْمَالِ يَنْقُصُ أَوْ يَزِيدُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثُ جَوَارٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَثُمِائَةٍ ، فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَارِيَةٍ مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا ، ثُمَّ مَاتَ فَلَمْ يُقَسِّمْ الْوَرَثَةُ ، وَالْمُوصَى لَهُ حَتَّى زَادَتْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ فَصَارَتْ سِتَّمِائَةٍ أَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي مِائَةً أَوْ وَطِئَهَا رَجُلٌ بِشُبْهَةٍ غَرِمَ عُقْرَهَا مِائَةً أَوْ اكْتَسَبَتْ مِائَةً فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مُبْقَاةٌ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَجِلُّ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ أَيْضًا ، وَيَكُونُ حُصُولُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَحُصُولُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ سَوَاءً فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَدَنِهَا فَلِلْمُوصَى لَهُ تَمَامُ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ مِنْهَا ، وَمَالُهُ صَارَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ فَلِلْمُوصَى لَهُ مِقْدَارُ الثُّلُثِ أَرْبَعُمِائَةٍ ، وَذَلِكَ ثُلُثَا الْجَارِيَةِ الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِهَا وَثُلُثُهَا لَهُ مَعَ الْجَارِيَتَيْنِ الْأُخْرَتَيْنِ ، وَإِنْ كَانَا ضَامِنًا لَهَا فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ لَهُ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا وَتَمَامُ الثُّلُثِ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ حَتَّى تَقَعَ الْقِسْمَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ : لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ مِنْ الْجَارِيَةِ ، وَمِنْ الزِّيَادَةِ لَا يَبْدَأُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْوَصَايَا ، وَالْمَقْصُودُ هَاهُنَا بَيَانُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَالُ الْمَيِّتِ حَتَّى تَقَعَ الْقِسْمَةُ لَا حِينَ يُوصِي وَلَا حِينَ يَمُوتُ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي الثُّلُثِ بِمَنْزِلَةِ حَقِّ الْوَرَثَةِ فِي الثُّلُثَيْنِ ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ سَلَامَةُ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ ، فَكَذَلِكَ سَلَامَةُ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ دَيْنٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَجَبَ تَنْفِيذُهُ مِنْ الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا .
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَمَةٌ تُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ لَا
مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَأَوْصَى بِهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ فَبَاعَهَا الْوَارِثُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُ ، نَفَذَ بَيْعُهَا فِي ثُلُثَيْهَا ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ صَارَ أَحَقَّ بِثُلُثِهَا ، وَالْوَارِثَ أَحَقُّ بِثُلُثَيْهَا ، فَإِذَا كَانَتْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَدًا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ ثُمَّ أَحْضَرَ الْمُوصَى لَهُ مِائَةً يَأْخُذُ ثُلُثَ الْجَارِيَةِ ، وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي ثُلُثَاهَا وَثُلُثَا الْوَلَدِ ، وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ التُّسْعُ مِنْ الْوَلَدِ وَيَرُدُّ التُّسْعَيْنِ إلَى الْوَارِثِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي يَفُوتُ فِي ثُلُثَيْهَا فَيُقَرَّرُ فِي ثُلُثَيْ الْوَلَدِ أَيْضًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي ، وَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ الْجَارِيَةُ وَثُلُثُ الْوَلَدِ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْجَارِيَةِ ، وَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ الْوَلَدِ ، وَذَلِكَ تُسْعُ الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ وَيَرُدُّ التُّسْعَيْنِ إلَى الْوَارِثِ ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الثُّلُثِ بِمَا تَنَاوَلَتْهُ الْوَصِيَّةُ فَيَكُونُ مَرْدُودًا عَلَى الْوَارِثِ ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ ، وَالْكَسْبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ يُبْدَأُ بِالْجَارِيَةِ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ بِالْوَلَدِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ زَادَتْ فِي بَدَنِهَا حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي سِتَّمِائَةٍ صَارَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ مِنْ الْمَالِ أَرْبَعَمِائَةٍ ؛ لِأَنَّ فِي ثُلُثَيْ الْجَارِيَةِ يَعْتَبِرُ الْقِسْمَةَ وَقْتَ الْبَيْعِ مِنْ الْوَارِثِ ، فَإِنَّ بَيْعَهُ مِنْ الْوَارِثِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِهْلَاكِ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُبْقًى عَلَى حُكْمِ الْمَيِّتِ ، فَالزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِي ثُلُثَيْهَا لَا تَكُونُ مَحْسُوبَةً مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ يَبْقَى مَالُ الْمَيِّتِ ثُلُثَهَا ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثُلُثَا ثُلُثِ الْجَارِيَةِ ، قِيمَةُ ذَلِكَ مِائَةٌ
وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ، وَلِلْوَارِثِ ثُلُثُ ثُلُثَيْهَا ، قِيمَةُ ذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ ، فَإِذَا ضَمَمْته إلَى الْمِائَتَيْنِ اسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَلَوْ لَمْ تَزِدْ الْجَارِيَةُ ، وَلَكِنَّهَا نَقَصَتْ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَهَا وَرَجَعَ عَلَى الْوَارِثِ مِنْ قِيمَتِهَا بِأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَةِ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ مَا صَارَ لِلْوَارِثِ مُسْتَهْلَكًا لَهُ ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَثُلُثُ الْجَارِيَةِ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ، فَإِنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُشْتَرِي ، فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَثُلُثٌ ، وَمِقْدَارُ ذَلِكَ مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَ الْجَارِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ بِأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَةِ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ حَتَّى يَكُونَ السَّالِمُ لَهُ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ : قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ ، فَأَوْصَى بِعَبْدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَأَعْتَقَ الْوَارِثُ الْعَبْدَيْنِ الْآخَرَيْنِ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِتَّمِائَةٍ ثُمَّ جَاءَ الْمُوصَى لَهُ فَطَلَب حَقَّهُ ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُوصَى لَهُ بِهِ ثُلُثَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ بِالْإِعْتَاقِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْعَبْدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ ، فَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُمْ يَوْمئِذٍ ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ سِتُّمِائَةٍ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ ، وَذَلِكَ ثُلُثَا هَذَا الْعَبْدِ ، قِيمَتُهُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثُلُثُهُ لِلْوَرَثَةِ قِيمَتُهُ مِائَتَانِ مِنْ السِّتِّمِائَةِ مَعَ الثَّمَانِمِائَةِ ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ لَمْ يُعْتِقْهُمَا ، وَلَكِنَّ الْمُوصَى لَهُ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِهِ ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَبِيدِ حَتَّى صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسَاوِي مِائَةً فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْوَارِثُ الْعَبْدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَيَضْمَنُ لَهُ مِائَةً وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا بِالْإِعْتَاقِ الْعَبْدَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمئِذٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ مَالُ الْمَيِّتِ خَمْسَمِائَةٍ يُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ مِائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ ، وَيَقُومُ لِلْوَارِثِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ ثَلَثِمِائَةٍ ، فَيَأْخُذُهُ الْوَارِثُ مَعَ الْعَبْدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ حَتَّى يُسَلَّمَ لَهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَبْدٌ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ ، فَأَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ فَكَاتَبَ الْوَصِيُّ الْعَبْدَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدَّاهَا إلَى الْوَصِيِّ ، ثُمَّ جَاءَ الْمُوصَى لَهُ يَطْلُبُ حَقَّهُ فَيَكُونُ الْوَصِيُّ فِي الْكِتَابَةِ قَائِمًا مَقَامَ الصَّغِيرِ ، وَحِينَ تَنْفُذُ مِنْهُ الْكِتَابَةُ فِي ثُلُثَيْهِ صَارَ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا ، وَإِنَّمَا أَدَّى الْأَلْفَ مِنْ كَسْبٍ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ ، قُلْنَا : الْكَسْبُ لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ، وَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ الْعَبْدُ وَثُلُثُ الْكَسْبِ فَيَكُونُ جُمْلَةُ ذَلِكَ سِتَّمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا يُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ ، وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَأَحَدَ عَشَرَ وَتُسْعٌ يَأْخُذُهَا مِنْ مَالِ الِابْنِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَيَرْجِعُ الْمُوصِي عَلَى الْعَبْدِ فَيَسْتَسْعِيهِ الِابْنُ فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِقَدْرِ الثُّلُثَيْنِ مِنْهُ فَيُخْرِجُ الْبَاقِيَ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ ، فَإِنْ تَمَكَّنَتْ السِّعَايَةُ فِي يَدِ الْمُوصِي قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ حَضَرَ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ مَالَ الِابْنِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ ، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهُ ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مُعْتَقٌ بِاسْتِيفَاءِ الْوَصِيِّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ ، وَقَدْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ فَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْعَتَاقِ أَنَّ الصِّبَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبُ ضَمَانِ الْعَيْنِ ، وَالْمُوصَى لَهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ فِي نَصِيبِ الصَّغِيرِ بِالْكِتَابَةِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ كَفِعْلِ الصَّبِيِّ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ زَادَتْ بَعْدَ أَدَائِهِ الْمُكَاتَبَةَ ، لَمْ يُنْظَرْ إلَى الزِّيَادَةِ وَلَا إلَى النُّقْصَانِ بَعْدَ الْأَدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَتَقَ بَعْضُهُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ