كتاب : المبسوط
المؤلف : محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي

يَكُونَ مُثْبَتًا عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ زَادَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبَةَ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي سِتَّمِائَةٍ ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ فَضَاعَ فِي يَدِ الْمُوصِي ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ فِيمَا قَبَضَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ فِي تَصَرُّفِهِ بِالْكِتَابَةِ وَقَبْضِ الْبَدَلِ ، وَلِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَتْبَعَ مَالَ الِابْنِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِثُلُثِ أَرْبَعِمِائَةٍ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ قِيمَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ وَقْتَ الْكِتَابَةِ ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ ثُلُثِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَمِائَةٍ فَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ التَّضْمِينِ ، وَالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ ، وَإِنْ رَجَعَ ذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ رَجَعَ الْوَصِيُّ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ ثُلُثِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَيَسْعَى لِلصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ

وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَبْدَانِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَكَاتَبَهُمَا فِي مَرَضِهِ كِتَابَةً وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ، وَأَدَّى الْبَاقِي الْمُكَاتَبَةَ إلَى السَّيِّدِ ، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ الْمُكَاتَبَةَ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَرْجِعُونَ عَلَى الْحَيِّ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَذَلِكَ تَمَامُ ثُلُثَيْ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ حَابَاهُمَا بِقَدْرِ أَلْفٍ فَذَلِكَ وَصِيَّةٌ لَهُمَا تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمَرِيضِ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ فِي ضِمْنِ الْكِتَابَةِ ، وَالْكِتَابَةُ قَائِمَةٌ بِبَقَاءِ مَنْ يُؤَدِّي الْبَدَلَ ، وَهُوَ الْمُكَاتَبُ الْآخَرُ ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ تَلْزَمُ بِنَفْسِهَا فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْعِتْقِ الْمُقَدَّمِ فِي مَرَضِهِ ، فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ فَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ بَدَلُ الْكِتَابَةِ ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَنِصْفُ رَقَبَةِ الْبَاقِي قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَاَلَّذِي مَاتَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ وَيُؤَدِّي بِمَوْتِهِ نِصْفَ رَقَبَتِهِ ، فَإِنَّمَا يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَارِثِ ، وَالْعَبْدِ الْقَائِمِ عَلَى خَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ نِصْفَ الثُّلُثِ سَهْمٌ مِنْ سَهْمَيْنِ وَلِلْوَارِثِ أَرْبَعَةٌ ، فَإِذَا قَسَّمْنَا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا لِلْعَبْدِ مِنْ رَقَبَتِهِ بِقَدْرِ ثَلَثِمِائَةٍ ، وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَحَصَلَ لِلْوَرَثَةِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ ، وَقَدْ سُلِّمَ لِلْوَصِيِّ بِالْعَبْدِ الْقَائِمِ ثَلَثُمِائَةٍ ، وَالْمَيِّتُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِثْلَ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ فَيُقْتَسَمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُكَاتَبَيْنِ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَبَقِيَ الْآخَرُ فَأَدَّى الْمُكَاتَبَةَ ، وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَلْفَا دِرْهَمٍ ، وَعَبْدٌ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فَأَوْصَى أَنْ يُبَاعَ الْعَبْدُ مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُبَاعُ تِسْعَةُ

أَعْشَارِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الْعَبْدِ وَصِيَّتَانِ وَصِيَّةٌ بِالْبَيْعِ ، وَهُوَ مِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِالرَّقَبَةِ فِي الْقِسْمَةِ وَوَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ ، فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَلِلْآخَرِ سُدُسُهُ ، وَإِذَا صَارَ الْعَبْدُ عَلَى سِتَّةٍ فَكُلُّ أَلْفٍ مِنْ الْأَلْفَيْنِ يَكُونُ عَلَى سِتَّةٍ أَيْضًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ ذَلِكَ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَمَبْلَغُ سِهَامِ الْوَصَايَا عَشَرَةٌ ، فَذَلِكَ ثُلُثُ الْمَالِ وَجُمْلَةُ سِهَامِ الْمَالِ ثَلَاثُونَ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ ، وَهُوَ الْعُشْرُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَخَمْسَةٌ ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ يُبَاعُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا كَمَا أَمَرَ بِهِ الْمُوصَى ، وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ ، فَإِنَّمَا يُبَاعُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ إنْ رَغِبَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ لِتُنَفَّذَ لَهُ الْمُحَابَاةُ فِيهِ وَقِيمَةُ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ ؛ فَلِهَذَا يُبَاعُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعَبْدِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ خُمْسُ الْأَلْفَيْنِ أَيْضًا ، وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ ، وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ، وَهُوَ حِصَّةُ نِصْفِ الْعَبْدِ الَّذِي نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ بِالْبَيْعِ مَعَ الْمُحَابَاةِ ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ ذَلِكَ خَمْسُونَ ، وَقَدْ فَرَغَ مِنْ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الْبَيْعِ فَيُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ، فَإِذًا قَدْ سَلَّمَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فِي الْحَاصِلِ خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَنَفَّذْنَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمُحَابَاةِ الْوَصِيَّةَ بِقَدْرِ أَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ، فَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَحَصَلَ لِلْوَرَثَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، فَقَدْ حَصَلَ لَهُمْ مِنْ الثَّمَنِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْأَلْفَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَبْدٌ

يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ فِي مَرَضِهِ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ بِسَنَةِ سِتَّةٍ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ ، ثُمَّ مَاتَ وَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا ، فَتَخْرِيجُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَنْبَنِي عَلَى فَصْلَيْنِ فِيهِمَا الْخِلَافُ : أَحَدُهُمَا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُحَابَاةَ الْمُتَقَدِّمَةَ تُقَدَّمُ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا فِي الثُّلُثِ ، وَالثَّانِي : أَنَّ مَنْ بَاعَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا يُسَاوِي قِيمَتَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِثَلَاثَةِ أَلْفٍ سَنَةً فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ : إنَّمَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ فِي ثُلُثِ الثَّمَنِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ : التَّأْجِيلُ صَحِيحٌ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الثَّمَنِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْفَصْلَيْنِ ثُمَّ التَّخْرِيجُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ نَقُولَ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي ، فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَالَّةً وَسَلَّمَ لَهُ التَّأْجِيلَ فِي مِقْدَارِ أَلْفٍ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَصْلًا ، فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَيَبْقَى صَاحِبُ الثُّلُثِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَ الْعَبْدِ ، وَإِنْ أَوْصَى بِالْبَيْعِ فَأَدَّى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَالَّةً إلَى الْوَرَثَةِ ثُمَّ خَلَّفَ الْأَلْفَ الْبَاقِيَةَ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ الَّتِي مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ ، وَقَدْ فَرَغَتْ مِنْ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الْمُحَابَاةِ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ فَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَالتَّأْجِيلُ صَحِيحٌ لَهُ فِي رُبْعِ الثَّمَنِ ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُسَلَّمُ لِلْوَارِثِ مِنْ ذَلِكَ أَلْفَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مَا بَقِيَ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ ثَلَاثَةُ أَلْفٍ فَرُبْعُهُ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي هَذَا الْقَدْرِ ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ

بِالثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ يَضْرِبُ بِالْجَمِيعِ ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ ، وَالْمَالُ اثْنَيْ عَشَرَ ، فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهُ التَّأْجِيلُ فِي مِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَهُوَ الرُّبْعُ وَيُؤَدِّي أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ مِنْهَا أَلْفَانِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ، وَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ الْبَاقِي ، وَهُوَ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الثُّلُثِ ، وَقَدْ فَرَغَ مِنْ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الْمُحَابَاةِ فَيُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ التَّأْجِيلُ صَحِيحٌ فِي مِقْدَارِ الْأَلْفَيْنِ ، وَفِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ثُلُثِ الْأَلْفِ الثَّالِثَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ ثُلُثُ هَذِهِ الْأَلْفِ فَيَضْرِبُ فِيهِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ بِسَهْمٍ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ بِثَلَاثَةٍ فَيُؤَدَّى رُبْعُ هَذَا الثُّلُثِ مَعَ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ رُبْعُ هَذَا الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَثُلُثَا الْقِيمَةِ لِلْوَرَثَةِ ، وَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَدَّى مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ تَمَامُ الْأَلْفِ مَعَ مَا اسْتَوْفَى ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ، فَلَعَلَّ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ فَيُقِرُّ لِوَارِثٍ لَهُ أَوْ لِوَصِيٍّ بِمَالٍ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا حَضَرَ الرَّجُلَ الْمَوْتُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ فَأَوْصَى رَجُلٌ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِرَجُلٍ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَنَا .
بَلَغَنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : يَا مَعْشَرَ هَمْدَانَ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلَةٍ أَحْرَى أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ مِنْهَا لَا يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ مِنْكُمْ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلْيَضَعْ مَالَهُ حَيْثُ أَحَبَّ ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَيِّتُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ ، أَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ ؛ لِأَنَّ مَنْ سَمَّيْنَا وَارِثٌ لَهُ فَعَقْدُ الْمُوَالَاةِ عِنْدَ تَسَبُّبِ الْإِرْثِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ ، فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ إلَّا فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ مِنْ مَالِهِ .
، وَإِذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَخٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ بِابْنِ ابْنٍ لَهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ أَوْ مَوْلَى مُوَالَاةٍ ، فَالْمِيرَاثُ لِلْعَمَّةِ أَوْ الْخَالَةِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُقَرُّ بِهِ شَيْئًا مَعَ وَارِثٍ مَعْرُوفٍ لَهُ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَارِثُ مِنْ الْقَرَابَةِ وَغَيْرِهِمْ كَانَ مَالُهُ لِهَذَا الْمُقَرِّ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْئَيْنِ بِالنَّسَبِ وَبِاسْتِحْقَاقِ مَالِهِ بَعْدَهُ ، وَهُوَ فِي النَّسَبِ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ إنَّمَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي ذَلِكَ وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إيجَابَهُ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ابْتِدَاءً ؛ فَلِهَذَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ ، وَلَوْ أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ لِرَجُلٍ مَعَ ذَلِكَ كَانَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ ثُلُثُ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ لَمَّا انْتَفَتْ عَنْ إقْرَارِهِ

الْتَحَقَ الْمُقَرُّ بِهِ بِالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ مَعَهُ ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى مَنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ لِلرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةِ وَمَنْ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ .

وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِابْنِ ابْنٍ أَوْ بِأَخٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ بِهِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَنْكَرَهُ الْمَرِيضُ وَقَالَ : لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ ثُمَّ أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ ، فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِ وَكَانَ إقْرَارُهُ بِمَنْزِلَةِ إيجَابِ الْمَالِ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ ، وَرُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ صَحِيحٌ ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الرَّاجِعِ عَمَّا أَوْجَبَهُ لَهُ ، فَلِهَذَا سُلِّمَ الْمَالُ كُلُّهُ لَهُ ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَالِهِ لِأَحَدٍ كَانَ مَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ دُونَ الْمُقَرِّ بِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُقَرِّ بِهِ قَدْ بَطَلَ بِجُحُودِهِ .
فَإِنْ قِيلَ : كَلَامُهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ فَكَيْف يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ ؟ ، قُلْنَا : لَا كَذَلِكَ ، بَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ إيجَابِ الْمَالِ لَهُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ ، وَهُوَ الْوَصِيَّةُ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لَوْ كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَالَ إلَّا بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمَرِيضُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَكِنْ لَهُ عَمَّةٌ أَوْ مَوْلَى نِعْمَةٍ ، فَأَقَرَّتْ الْعَمَّةُ أَوْ مَوْلَى النِّعْمَةِ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ بِعَمٍّ أَوْ بِابْنِ عَمٍّ ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ أَخَذَ الْمُقَرُّ بِهِ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْمَعْرُوفَ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَالِهِ ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ ، وَلَوْ جُدِّدَ الْإِقْرَارُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ بِهِ ، فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ .

وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِزَوْجٍ وَابْنَةٍ لَهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الزَّوْجِ ، فَصَدَّقَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا أَقَرَّتْ بِهِ لَهُ خَاصَّةً ، وَجَحَدَ صَاحِبُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهَا فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ صَحِيحٌ ، وَإِقْرَارَهَا بِالِابْنَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الزَّوْجِ ، فَيَأْخُذُ الزَّوْجُ النِّصْفَ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَحِقُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهَا بِالِابْنَةِ فِيمَا بَقِيَ فَيَكُونُ لَهَا النِّصْفُ الْبَاقِي ، وَلَوْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِيمَا أَقَرَّتْ بِهِ مِنْ نَسَبِ الِابْنَةِ ، وَجَحَدَتْ الِابْنَةُ الزَّوْجَ كَانَ لِلزَّوْجِ رُبْعُ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ فَالْتَحَقَتْ بِالِابْنَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ تَصْدِيقِهِ فِي حَقِّهِ فَيَكُونُ لَهُ رُبْعُ الْمَالِ ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ .
وَلَوْ أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا أَوْ صِحَّتِهَا بِزَوْجٍ وَابْنَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَصَدَّقَهَا كُلُّ وَاحِدٍ فِيمَا أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ خَاصَّةً ، فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ صَحِيحٌ وَلِمَنْ سَمَّى الزَّوْجُ مِنْ جَمِيعِ مَنْ سَمَّيْنَا غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الزَّوْجِ فَيَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ الْمَالِ ، ثُمَّ الْبَاقِي يُقَسَّمُ بَيْنَ مَنْ بَقِيَ عَلَى تِسْعَةٍ ؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي أَنَّ إقْرَارَهَا لَهُمْ بِالنَّسَبِ لَا يَصِحُّ فَيُجْعَلُ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعْرُوفٌ بِالنَّسَبِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ ، وَلَوْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ كَانَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ : لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ سِتَّةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمَانِ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ سَهْمٌ لِلْأُخْتِ ، وَقَدْ أَخَذَ الزَّوْجُ كَمَالَ حَقِّهِ فَيَطْرَحُ سِهَامًا وَيُقَسِّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ : لِلِابْنَةِ سِتَّةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِمْ لَمْ يُصَدِّقُوهَا وَلَمْ يُكَذِّبُوهَا حَتَّى مَاتَتْ ثُمَّ صَدَّقُوهَا بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَفِي

قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْجَوَابُ كَذَلِكَ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ بَعْدَ مَوْتِهَا بَاطِلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيُقَسَّمُ الْمِيرَاثُ كُلُّهُ عَلَى سِتَّةٍ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ مَا أَقَرَّ إلَّا بِالثَّلَاثَةِ سِوَى الزَّوْجِ فَيَكُونُ لِلِابْنَةِ نِصْفُ ثَلَاثَةٍ مِنْ سِتَّةٍ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ ، وَهُوَ سَهْمَانِ .
وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ ، وَهُوَ غَلَطٌ ، فَإِنَّ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ فَيَكُونُ لِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ ، وَهُوَ سَهْمَانِ ، وَلَوْ كَانُوا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فِي حَيَاتِهَا وَتَكَاذَبُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ إلَّا الزَّوْجَ فَإِنَّهُ أَقَرَّ بِالْأُمِّ كَانَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَالْبَاقِي عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ كَمَا بَيَّنَّا ، ثُمَّ يُضَمُّ لِلْأُمِّ نَصِيبُهَا إلَى نَصِيبِ الزَّوْجِ فَيَقْتَسِمَانِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ : لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ صَدَّقَ بِهَا فَالْتَحَقَتْ فِي حَقِّهِ بِأُمٍّ مَعْرُوفَةٍ فَمَا يَحْصُلُ فِي أَيْدِيهمَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا عَلَى خَمْسَةٍ : لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ ، وَفِي هَذَا بَعْضُ الشُّبْهَةِ ؛ لِأَنَّ بِوُجُوبِ الْأُمِّ لَا يَتَحَوَّلُ نَصِيبُ الزَّوْجِ إلَى الرُّبْعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْرِبُ هُوَ بِالنِّصْفِ سِتَّةً ، وَلَكِنْ نَقُولُ : الزَّوْجُ إنَّمَا يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَرَكَتْ زَوْجًا ، وَإِمَّا فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ .
فَإِنْ قِيلَ : فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا فِي أَيْدِيهمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ أَخَذَتْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مَعَ الزَّوْجِ قُلْنَا : هِيَ بِالْأُمِّيَّةِ تَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ ، ثُمَّ الْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهَا ، وَلَا يُعْتَبَرُ الرَّدُّ فِي الْمُزَاحَمَةِ عِنْدَ ضِعْفِ الْمَالِ ؛ فَلِذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا

عَلَى خَمْسَةٍ

، وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ فَصَدَّقَهُ الْأَخُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَوْصَى بِمَالِهِ لِرَجُلٍ آخَرَ ، ثُمَّ مَاتَ ، فَقَالَ الْأَخُ : لَسْتُ لَهُ بِأَخٍ وَكَانَ إقْرَارُهُ لِي بَاطِلًا ، فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْمُوصَى لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِمَالِهِ لِأَحَدٍ ، فَالْمَالُ كُلُّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْأَخَ صَارَ رَادًّا لِمَا أَوْجَبَهُ لَهُ حِينَ أَنْكَرَ الْأُخُوَّةَ

وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَابْنَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَصَدَّقَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي نَفْسِهَا وَكَذَّبَتْهُ فِي الْبَقِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ فَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَالِابْنَةِ صَحِيحٌ فَالْتَحَقَتَا بِالْمَعْرُوفَتَيْنِ ، فَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ لِلْأُمِّ ، وَالْأُخْتِ ؛ لِأَنَّ الِابْنَةَ بَعْدَ ثُبُوتِ نَسَبِهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ ، وَإِذَا أَقَرَّ بِابْنِ ابْنٍ أَوْ بِأَخٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ثُمَّ قُتِلَ عَمْدًا ، فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ بِهِ فِي الْقَوَدِ قَوْلٌ وَلَكِنَّهُ إلَى الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُوصَى لَهُ ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقَوَدِ وَلِأَنَّ إقْرَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ بِهِ ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ فِي الْقِصَاصِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ أَوْفَى بِذِمَّةٍ لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ .
فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ لَهُ بِنَسَبٍ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ النَّسَبُ بِإِقْرَارِهِ ، وَلَكِنَّ الرَّأْيَ إلَى الْإِمَامِ فَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَى الْقِصَاصَ ، وَإِنْ شَاءَ صَالَحَ الْقَاتِلَ عَلَى الدِّيَةِ ، فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ فَالدِّيَةُ لِلْمُقَرِّ بِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَثْبُتُ فِي سَائِرِ الْأَقْوَادِ ، فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقَرِّ بِهِ ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ أَقَرَّ بِبَعْضِ مَنْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ كَانَ الْقَوَدُ لِلْمُقَرِّ بِهِ ، وَإِذَا صَدَّقَهُ بِنَسَبِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ الثَّابِتَ بِإِقْرَارِهِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ ، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ مَاتَ ، فَالْقَوَدُ إلَيْهَا وَإِلَى الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ صَحِيحٌ فَتَلْتَحِقُ بِامْرَأَةٍ مَعْرُوفَةٍ ، فَيَكُونُ لَهَا رُبْعُ الْقَوَدِ ، وَالْبَاقِي لِلْإِمَامِ إنْ شَاءَ اسْتَوْفَيَا ، وَإِنْ شَاءَ صَالَحَا عَلَى الذِّمَّةِ أَوْ أَكْثَرَ

مِنْهَا ، فَإِنْ صَالَحَا عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ الذِّمَّةِ كَانَ رُبْعُ ذَلِكَ لَهَا ؛ لِأَنَّ صُلْحَهَا صَحِيحٌ فِي نَصِيبِهَا ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيُصَالِحُ الْإِمَامُ فِيهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ ، وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَقَرَّ الْأَخُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مَوْتِهِ بِابْنَةِ ابْنِ ابْنِ الْمَيِّتِ ، ثُمَّ أَنْكَرَهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ سَوَاءٌ فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهَا بِنِصْفِ مِيرَاثِهِ ، وَذَلِكَ مُلْزِمٌ إيَّاهُ وَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَإِنْ أَعْطَاهَا نِصْفَ الْمَالِ ثُمَّ أَقَرَّ بِابْنَةِ ابْنِ الْمَيِّتِ ، فَإِنْ دَفَعَ إلَى الْأُولَى بِغَيْرِ قَضَاءٍ دَفَعَ إلَى هَذِهِ نِصْفَ جَمِيعِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِنِصْفِ الْمَالِ دُونَ الْأُولَى ، وَمَا دَفَعَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ فَيُجْعَلُ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ ، وَلَوْ كَانَ دَفَعَ إلَى تِلْكَ بِقَضَاءٍ دَفَعَ إلَى هَذِهِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ بِزَعْمِهِ خَلَفَ ابْنَةَ ابْنٍ وَابْنَةَ ابْنِ ابْنٍ وَأَخًا : فَلِابْنَةِ الِابْنِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْرَى السُّدُسُ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ سَهْمَانِ لِلْأَخِ وَمَا دَفَعَهُ إلَى الْأُولَى زِيَادَةً عَلَى حَقِّهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالتَّاوِي فَتَضْرِبُ الثَّانِيَةُ فِيمَا بَقِيَ بِثُلُثِهِ ، وَهُوَ سَهْمَانِ ؛ فَلِهَذَا يُعْطِيهَا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهَا هِيَ الْمُسْتَحِقَّةُ لِلنِّصْفِ ، وَأَنَّ لِلْأَخِ مَا بَقِيَ بَعْدَ السُّدُسِ ، وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا وَلَهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَقَرَّ الْأَخُ بِابْنَةٍ لِلْمَقْتُولِ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْخَصْمُ فِي الدِّيَةِ يُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْضِرُ مَعَهُ الِابْنَةَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا .
فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالدَّمِ تَرَكَا جَمِيعًا الْقَتْلَ أَوْ أَمَرَا مَنْ يَقْتُلُ بِحَضْرَتِهِمَا وَلَا يَقْتُلُ حَتَّى يَحْضُرَا ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ

مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحِيحٌ فِي نَصِيبِهِ بِاعْتِبَارِ زَعْمِ صَاحِبِهِ فَلَا يَقْتُلُ إلَّا بِحَضْرَتِهِمَا ، فَأَمَّا الْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ صَحِيحٌ مِنْ الْأَخِ ، وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ الْبَيِّنَةَ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى التَّوْكِيلِ بِإِثْبَاتِ الْقَوْلِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ ، وَلَوْ كَانَ الْأَخُ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ أَيْضًا الْبَيِّنَةَ حَتَّى يَحْضُرَ الِابْنُ ، وَالْأَخُ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ الْأَخَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّمِ فِي الْحُكْمِ ، وَقَدْ زَعَمَ الْأَخُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ هُوَ الِابْنُ ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَحْضُرَا جَمِيعًا لِإِثْبَاتِ الْقَوَدِ بِالْبَيِّنَةِ ، ثُمَّ إمَّا أَنْ يَتَوَلَّيَا قَتْلَهُ أَوْ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ فَيَقْتُلُهُ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ

وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأَخَاهُ لِأُمِّهِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، وَصَدَّقَهُ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ بِأَنَّهُ أَخُوهُ مِنْ أُمِّهِ ، وَصَدَّقَهُ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ بِأَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ الْأَخِ لِأَبٍ فَيُقَاسِمهُ مَا فِي يَدِهِ نِصْفَيْنِ ، وَلَا يَدْخُلُ مَعَ الْأَخِ لِأُمٍّ ؛ لِأَنَّ فِي يَدِ الْأَخِ لِأُمٍّ السُّدُسَ ، وَهُوَ لَا يَنْقُصُ مِنْ السُّدُسِ ، وَإِنْ كَثُرَتْ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبِ ، وَقَدْ زَعَمَ الْأَخُ لِأَبٍ أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ، وَهُوَ سُدُسَانِ وَنِصْفٌ ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ الْأَخُ لِأُمٍّ بِأَنَّ لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ السُّدُسَ ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَا يُزَاحِمُهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ

وَإِذَا هَلَكَتْ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَخَاهَا لِأَبِيهَا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَخُوهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا ، وَصَدَّقَهُ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْأَخُ بِأَنَّهُ أَخُوهَا لِأَبِيهَا ؛ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ نِصْفَانِ ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الزَّوْجِ لَا يَتَغَيَّرُ بِالْأَخِ مِنْ الْأَبِ ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ الزَّوْجُ لَهُ بِمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعُصُوبَةِ فِي يَدِ الْأَخِ لِأَبٍ ، وَهُوَ مُصَدِّقٌ بِالْعُصُوبَةِ لَهُ مُكَذِّبٌ لَهُ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ التَّرْجِيحِ عَلَيْهِ ؛ فَلِهَذَا كَانَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ أَنَّهُ أَخُوهَا لِأُمِّهَا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا يُقِرُّ لَهُ بِالسُّدُسِ بِالْفَرِيضَةِ وَيَصِلُ إلَيْهِ سُدُسٌ وَنِصْفُ سُدُسٍ بِإِقْرَارِ الْأَخِ لِأَبٍ ، وَإِنْ كَانَ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ وَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ أَخَذَ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ الْأَخِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ أَخًا لِأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ وَزَوْجًا ، فَيَكُونُ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخِ لِأُمٍّ السُّدُسُ سَهْمٌ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ سَهْمَانِ لِلْأَخِ لِأَبٍ ، فَفِي هَذَا إقْرَارٌ بِأَنَّ حَقَّهُ فِي التَّرِكَةِ مِثْلُ نِصْفِ حَقِّ الْمُقِرِّ ؛ فَلِهَذَا يُعْطِيه ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فَيَضُمُّهُ إلَى نَصِيبِ الزَّوْجِ فَيَقْتَسِمَانِهِ أَثْلَاثًا لِلزَّوْجِ ثُلُثَاهُ وَلِلْمُقَرِّ بِهِ ثُلُثُهُ ؛ لِأَنَّ لِلْمَيِّتِ بِزَعْمِ الزَّوْجِ أَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَزَوْجًا ، فَالْفَرِيضَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ : لِلزَّوْجِ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ أَخٍ سَهْمٌ فَعَلَى هَذَا يُقَسَّمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ، فَالْمُرَادُ يَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ هَذَا الْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَهُوَ مَا إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ أَنْ يَأْخُذَ هُوَ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْأَخِ لِأَبٍ وَيَضُمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الزَّوْجِ وَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ لَهَا بِزَعْمِ الزَّوْجِ أَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ وَزَوْجًا

فَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالزَّوْجِ نِصْفَيْنِ عَلَى سَهْمَيْنِ فَمَا يَصِلُ إلَيْهِمَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى اعْتِبَارِ زَعْمِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

كِتَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إمْلَاءً بَدَأَ الْكِتَابَ بِمَا ذُكِرَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ عَبْدَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ : يُسْتَسْعَى فِي قِيمَتِهِ وَبِهِ نَأْخُذُ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ ، فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ قِيمَتِهِ ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ ، فَقَدْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَوَجَبَ عَلَى الْعَبْدِ رَدُّ رَقَبَتِهِ ، وَلَكِنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ نُفُوذِهِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَالرَّدَّ ، فَيَكُونُ رَدُّهُ بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِي أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَوْلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ سَعَى فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ لِلْغُرَمَاءِ ، وَفِي ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ مَا بَقِيَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ ، فَإِنَّمَا سَلِمَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ

وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا قِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ ، وَلَا مَالَ لِلْمَوْلَى سِوَاهُ ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِلْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ يُسَلَّمُ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ، فَإِنْ عَجَّلَ الْعَبْدُ مِنْ السِّعَايَةِ لِمَوْلَاهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَهَا الْمَوْلَى عَلَى نَفْسِهِ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ ثُلُثُ الْمِائَةِ الْبَاقِيَةِ ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْهَا ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةَ تَظْهَرُ فِيمَا أَدَّى ، وَهُوَ قَدْرُ الثُّلُثَيْنِ مِنْهُ فَيَخْرُجُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا مِنْ ثُلُثِهِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ فَأَدَّاهَا إلَى الْمَوْلَى لَمْ يُعْتَبَرْ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ ، فَكَذَلِكَ إذَا أَدَّى ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إلَى الْمَوْلَى ، وَمَا أَنْفَقَهُ الْمَوْلَى عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى غَيْرَ مَمْنُوعٍ مِنْ إنْفَاقِ الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ ، فَإِنَّ حَاجَتَهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حَاجَةِ وَرَثَتِهِ ، وَمَا أَنْفَقَهُ لَيْسَ بِقَائِمٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَلَا يُحْتَسَبُ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّمَا يَبْقَى مَالُهُ ثُلُثَ الْعَبْدِ ، قَدْ أَوْصَى لَهُ بِذَلِكَ فَيَسْلَمُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثُ هَذَا الثُّلُثِ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْهِ ، وَهُوَ مَعْنَى تَعْلِيلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَتْرُكْ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَلَوْ كَانَ عَجَّلَ لَهُ قِيمَتَهُ كُلَّهَا ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى ، وَهِيَ عِنْدَهُ رَدَّ عَلَى الْعَبْدِ مِنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِثَلَثِمِائَةٍ ، وَمَالُ الْمَوْلَى عِنْدَ مَوْتِهِ ثَلَثُمِائَةٍ ، وَهُوَ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ بِاعْتِبَارِ الْمُعَاوَضَةِ تَخْرُجُ رَقَبَتُهُ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَحْسُوبَةً مِنْ مَالِهِ ، فَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ إنَّمَا أَدَّاهُ مِنْ كَسْبٍ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى مُكَاتَبٍ

أَوْ حُرٍّ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِكَسْبِهِ .
وَلَوْ أَنَّ الْمَوْلَى أَنْفَقَ مِنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ ، فَقَدْرُ مَا أَنْفَقَهُ لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِهِ ، وَإِنَّمَا مَالُهُ مَا بَقِيَ فَيُرَدُّ ثُلُثُهُ عَلَى الْعَبْدِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ، وَلَوْ أَنْفَقَهَا كُلَّهَا ، ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ وَصِيَّةٌ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَحَاجَتُهُ فِي النَّفَقَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ ، وَالْمُوصَى لَهُ ، وَهُوَ حُرٌّ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ سَلِمَتْ بِعِوَضٍ لَهُ فِيهِ وَفَاءٌ ، وَهُوَ مَا إذَا أَدَّاهُ مِنْ قِيمَتِهِ فَهُوَ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ مِنْ كَسْبٍ هُوَ خَالِصُ حَقِّهِ ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَأَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ ، وَلَوْ تَرَكَ الْمَوْلَى مَالًا أَوْ اكْتَسَبَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ، ثُمَّ مَاتَ ، وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لِلْعَبْدِ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَهُ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ وَقِيمَةُ رَقَبَتِهِ ثَلَثُمِائَةٍ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ عِنْدَ مَوْتِهِ ، وَلَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ لَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ كَانَ الدَّيْنُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ يَبْدَأُ بِهِ لِكَوْنِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ ، ثُمَّ يَكُونُ لِلْعَبْدِ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ

وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ ، وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَاكْتَسَبَ الْعَبْدُ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّيِّدِ وَتَرَكَ ابْنَةً ، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ سِوَى مَالِهِ قَبْلَ الْعَبْدِ مِنْ السِّعَايَةِ ، وَالْمِيرَاثِ ، فَإِنَّ لِلْمَوْلَى مِنْ الْأَلْفِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا : سِعَايَةُ الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ، وَمِيرَاثُهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَمَانُونَ ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى أَصْلٍ مِنْهَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ الْمُنَفَّذِ فِي الْمَرَضِ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مُسْلِمًا إلَى الْعَبْدِ بِنَفْسِهِ وَلَزِمَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فِي الْمَرَضِ مَقْبُوضَةٍ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْمُوصِي ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ فَيُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَهُ ، وَمِنْهَا أَنَّ كُلَّمَا ظَهَرَ زِيَادَةٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ يَزْدَادُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ ، فَيَزْدَادُ حَقُّهُ بِزِيَادَةِ مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا يَزْدَادُ الْوَارِثُ ، وَمِنْهَا أَنَّ الْمُوصَى بِهِ يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِ الْمُوصِي لَهُ وَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ ، وَمِنْهَا أَنَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ آخِرُ الْعَصَبَاتِ يَرِثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ ، وَمِنْهَا أَنَّ سَهْمَ الدَّوْرِ سَاقِطٌ ؛ لِأَنَّهُ سَاعٍ بِالْفَسَادِ ، فَالسَّبِيلُ طَرْحُهُ ، وَإِنَّمَا يُطْرَحُ مِنْ قَبْلِ خُرُوجِ الدَّوْرِ مِنْ قَبْلِهِ .
ثُمَّ فِي تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا اعْتِبَارُ الدَّوْرِ فِي مَالِ الْمَوْلَى ، وَالْبَاقِي اعْتِبَارُهُ فِي مَالِ الْعَبْدِ فَيَبْدَأُ بِالتَّخْرِيجِ عَلَى اعْتِبَارِ الدَّوْرِ مِنْ

جَانِبِ الْمَوْلَى ، فَنَقُولُ : أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرْتَفِعُ مِنْ الْأَلْفِ مِقْدَارُ قِيمَتِهِ لِلْمَوْلَى بِطَرِيقِ السِّعَايَةِ وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُ مُكَاتَبٌ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ مَا لَمْ يُحْكَمْ بَحْرِيَّته ، وَالْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ بَعْدَ أَدَاءِ السِّعَايَةِ مِنْ مَالِهِ وَيُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ بِأَنْ يَظْهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ ؛ فَلِهَذَا يَعْزِلُ لِلْمَوْلَى بِجِهَةِ السِّعَايَةِ ثَلَثَمِائَةٍ يَبْقَى سَبْعُمِائَةٍ ، فَهُوَ مَالُ الْعَبْدِ مِيرَاثٌ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ ، فَيَصِيرُ مَالُ الْمَوْلَى سِتَّمِائَةٍ وَخَمْسِينَ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ ، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ هَذَا السَّهْمُ يَكُونُ مَالُ الْعَبْدِ مَقْسُومًا بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ فَانْكَسَرَ بِالْأَنْصَافِ فَأُضَعِّفُهُ فَيَكُونُ سِتَّةً : سَهْمَانِ لِلْعَبْدِ بِالْوَصِيَّةِ وَيَعُودُ أَحَدُهُمَا إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ فَيَصِيرُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ ، وَحَقُّهُمْ فِي أَرْبَعَةٍ فَهَذَا السَّهْمُ الْخَامِسُ هُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى نِصْفُ مَا يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ بِالْوَصِيَّةِ فَلَا يَزَالُ يَدُورُ هَكَذَا فَيُطْرَحُ السَّهْمُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ، وَلِلْعَبْدِ سَهْمَانِ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ أَحَدُهُمَا فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَالَ الْمَوْلَى ، وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ صَارَ عَلَى خَمْسَةٍ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ وَوَصِيَّةُ الْعَبْدِ خُمُسَا ذَلِكَ ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ كَانَ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ بِقَدْرِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَيَأْخُذُ الْمَوْلَى مِنْ الْأَلْفِ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ يَبْقَى تِسْعُمِائَةٍ وَسِتُّونَ بَيْنَ

الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ فَحَصَلَ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى خَمْسُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .
وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْمُسْتَسْعَى حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ بِدَيْنِهِ ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ ثُلُثَا قِيمَتِهِ بِطَرِيقِ السِّعَايَةِ ، فَيَأْخُذُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَوْلَى يَبْقَى ثَمَانِ مِائَةٍ فَيَسْتَقِيمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالِابْنَةِ نِصْفَانِ ، لِلْمَوْلَى أَرْبَعُمِائَةٍ ، ثُمَّ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ ، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ ذَلِكَ السَّهْمُ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَانِ بِالْمِيرَاثِ فَيَكُونُ الْأَرْبَعُمِائَة فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ، لِلْعَبْدِ مِنْهُ سَهْمَانِ بِالْوَصِيَّةِ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْمَوْلَى أَحَدُهُمَا بِالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَبِاعْتِبَارِهِ يَزْدَادُ مَالُ الْمَوْلَى عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي تَخْرِيجِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيُطْرَحُ هَذَا السَّهْمُ مِنْ حَقِّ وَرَثَةِ الْمَوْلَى يَبْقَى فِي ثَلَاثَةٍ ، وَحَقُّ الْعَبْدِ فِي سَهْمَيْنِ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ ، ثُمَّ يَعُودُ أَحَدُ السَّهْمَيْنِ بِالْمِيرَاثِ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَيَسْلَمُ لَهُمْ أَرْبَعَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ .
وَتَبَيَّنَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْعَبْدِ بِالْوَصِيَّةِ خُمُسَا هَذِهِ الْأَرْبَعِمِائَة ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ ، قَدْ سَلِمَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ قَبْلَ هَذَا مِائَةٌ فَذَلِكَ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي مِقْدَارِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَطَرِيقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ نَجْعَلَ مَالَ الْمَوْلَى عَلَى سِتِّمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا وَدِرْهَمًا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ فِي دِينَارٍ ، ثُمَّ يَعُودُ نِصْفُ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى فَيَصِيرُ فِي

يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى دِرْهَمٌ وَنِصْفُ دِينَارٍ ، وَحَاجَتُهُ إلَى دِينَارَيْنِ ؛ لِأَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي دِينَارٍ فَنِصْفُ دِينَارٍ بِمِثْلِهِ قِصَاصٌ يَبْقَى فِي يَدِهِ دِرْهَمٌ يَعْدِلُ دِينَارًا وَنِصْفًا فَأَضْعِفْهُ لِلْكَسْرِ فَيَصِيرُ دِرْهَمَيْنِ تَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ ، ثُمَّ اقْلِبْ الْفِضَّةَ وَاجْعَلْ آخِرَ الدَّرَاهِمِ آخِرَ الدَّنَانِيرِ ، وَآخِرَ الدَّنَانِيرِ آخِرَ الدَّرَاهِمِ فَيَصِيرُ كُلُّ دِينَارٍ بِمَعْنَى اثْنَيْنِ وَكُلُّ دِرْهَمٍ بِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ عُدْ إلَى الْأَصْلِ فَقُلْ : كُنَّا جَعَلْنَا الْمَالَ دِينَارًا ، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَدِرْهَمًا ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَتَكُونُ خَمْسَةً ، ثُمَّ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي دِينَارٍ ، وَذَلِكَ خُمُسَا مَالَ الْمَوْلَى وَحَصَلَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ دِرْهَمٌ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفُ دِينَارٍ ، وَهُوَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً ضِعْفَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ : السَّبِيلُ أَنْ تَأْخُذَ مَالًا مَجْهُولًا فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ ، ثُمَّ يَعُودُ نِصْفُ ذَلِكَ الشَّيْءِ إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ ، فَيَصِيرُ فِي يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى مَالٌ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ، وَهُوَ حَقُّ الْوَرَثَةِ غَيْرَ أَنَّ الْمَالَ نَاقِصٌ نِصْفَ شَيْءٍ فَأَجْبِرْهُ بِأَنْ تَزِيدَ عَلَيْهِ نِصْفَ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ نِصْفَ شَيْءٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ شَيْئَانِ وَنِصْفٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي شَيْءٍ ، وَشَيْءٌ مِنْ شَيْئَيْنِ وَنِصْفٍ خُمُسَاهُ ، فَظَهَرَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ إنَّمَا تَنْفُذُ فِي خُمُسَيْ مَالِ الْمَوْلَى ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَطَرِيقُ الْخَطَأَيْنِ فِيهِ : أَنْ نَجْعَلَ مَالَ الْمَوْلَى خَمْسَةَ أَسْهُمٍ وَنُنَفِّذُ الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمٍ ، ثُمَّ نِصْفُ ذَلِكَ السَّهْمِ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى فَيَصِيرُ فِي يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ ، وَحَاجَتُهُ إلَى سَهْمَيْنِ ؛ لِأَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمٍ فَظَهَرَ الْخَطَأُ بِزِيَادَةِ سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ فَعُدْ إلَى

الْأَصْلِ وَنَفِّذْ الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمٍ وَنِصْفٍ ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى نِصْفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَهْمٍ فَيَصِيرُ فِي يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَرُبْعٌ ، وَحَاجَتُهُ إلَى ثَلَاثَةٍ ؛ لِأَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمٍ وَنِصْفٍ فَظَهَرَ الْخَطَأُ بِزِيَادَةِ سَهْمٍ وَرُبْعٍ ، وَكَانَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ ، فَلَمَّا زِدْنَا فِي الْوَصِيَّةِ نِصْفَ سَهْمٍ ذَهَبَ نِصْفُ الْخَطَأِ فَاَلَّذِي يُذْهِبُ مَا بَقِيَ نِصْفُ سَهْمٍ آخَرَ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ أَحَدُهُمَا بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى فَيَصِيرُ فِي يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى أَرْبَعَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَإِنْ شِئْت قُلْت : مَالُ الْمَوْلَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي سَهْمٍ مِنْهُ ، ثُمَّ يَعُودُ نِصْفُهُ بِالْمِيرَاثِ إلَيْهِ فَحَصَلَ فِي يَدِ وَارِثِهِ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ ، وَحَاجَتُهُ إلَى سَهْمَيْنِ فَظَهَرَ الْخَطَأُ بِزِيَادَةِ نِصْفِ سَهْمٍ فَيَعُودُ إلَى الْأَصْلِ وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي سَهْمٍ وَنِصْفٍ ، فَقَدْ ظَهَرَ الْخَطَأُ الثَّانِي بِنُقْصَانِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ ، وَكَانَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ نِصْفِ سَهْمٍ ، فَلَمَّا زِدْنَا فِي الْوَصِيَّةِ نِصْفَ سَهْمٍ أَذْهَبَ ذَلِكَ الْخَطَأَ وَجَلَبَ خَطَأَ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ سَهْمٍ ، فَإِنَّمَا يَزِيدُ فِي الْوَصِيَّةِ مَا يُذْهِبُ ذَلِكَ الْخَطَأَ وَلَا يَجْلِبُ خَطَأً آخَرَ وَذَلِكَ خُمُسَا النِّصْفِ ، وَهُوَ سَهْمٌ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي سَهْمٍ وَخُمْسِ سَهْمٍ وَخُمْسٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ خُمُسَاهُ ، وَإِذَا أَرَدْت إزَالَةَ الْكَسْرِ فَاضْرِبْهُ فِي خَمْسَةٍ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، خُمُسَاهُ سِتَّةٌ نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى ثَلَاثَةٌ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى اثْنَا عَشَرَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سِتَّةٍ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .
وَأَمَّا الطَّرِيقُ الْآخَرُ الَّذِي يَكُونُ الدَّوْرُ فِيهِ مِنْ جَانِبِ

مَالِ الْعَبْدِ ، بَيَانُهُ : أَنَّهُ دَفَعَ مِنْ الْأَلْفِ بِالسِّعَايَةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِلْمَوْلَى يَبْقَى ثَمَانُمِائَةٍ فَهُوَ مَالُ الْعَبْدِ نِصْفُهُ لِلْمَوْلَى بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ ، ثُمَّ يَعُودُ ثُلُثُ ذَلِكَ النِّصْفِ بِالْوَصِيَّةِ إلَى الْعَبْدِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ مَالَهُ يَكُونُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِحَاجَتِنَا إلَى نِصْفٍ يَنْقَسِمُ أَثْلَاثًا ، وَإِذَا عَادَ سَهْمٌ بِالْوَصِيَّةِ إلَى الْعَبْدِ يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ وَهَذَا هُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ هَذَا الدَّوْرُ بِزِيَادَةِ هَذَا السَّهْمِ فِي نَصِيبِ الِابْنَةِ فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهَا سَهْمًا يَبْقَى حَقُّهَا فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّ الْمَوْلَى فِي ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ نَعُودُ بِالْوَصِيَّةِ سَهْمًا إلَى الِابْنَةِ فَيَسْلَمُ لَهَا ثَلَاثَةٌ مِمَّا أَخَذَهُ الْمَوْلَى بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي يَبْقَى فِي يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى خُمُسَا ثَمَانِمِائَةٍ ، وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ ، كُلُّ خُمُسٍ مِائَةٌ وَسِتُّونَ ، فَإِذَا ضَمَمْت ثَلَثَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ إلَى مِائَتَيْنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمَوْلَى فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ خَمْسَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَهُوَ السَّلَمُ لِوَارِثِ الْمَوْلَى .
وَطَرِيقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ نَجْعَلَ مَالَ الْعَبْدِ دِينَارًا وَدِرْهَمًا ثُمَّ نُعْطِي الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ دِينَارًا وَيَعُودُ بِالْوَصِيَّةِ إلَى الِابْنَةِ ثُلُثُ ذَلِكَ فَيَصِيرُ فِي يَدِهَا دِرْهَمٌ وَثُلُثُ دِينَارٍ ، وَحَاجَتُهَا إلَى دِينَارٍ مِثْلَ مَا سَلِمَ لِلْمَوْلَى ، فَثُلُثُ دِينَارٍ بِمِثْلِهِ قِصَاصٌ يَبْقَى مَعَهَا دِرْهَمٌ يَعْدِلُ ثُلُثَيْ دِينَارٍ فَانْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ فَاضْرِبْهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ دِينَارَيْنِ ، ثُمَّ اقْلِبْ الْفِضَّةَ وَعُدْ إلَى الْأَصْلِ فَنَقُولُ كُنَّا جَعَلْنَا مَالَهُ دِينَارًا .
وَذَلِكَ بِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ وَدِرْهَمًا ، وَذَلِكَ بِمَعْنَى اثْنَيْنِ فَيَكُونُ خَمْسَةً ، ثُمَّ أَعْطَيْنَا الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ دِينَارًا فَاسْتَرْجَعْنَا مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثَ دِينَارٍ فَيَصِيرُ فِي

يَدِ الِابْنَةِ ثُلُثُ دِينَارٍ ، وَهُوَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ ، وَدِرْهَمٌ ، وَهُوَ بِمَعْنَى اثْنَيْنِ ، فَذَلِكَ مِثْلُ مَا أَعْطَيْنَا الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ شَيْئًا ، وَيَسْتَرْجِعُ مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثَ ذَلِكَ فَيَصِيرُ مَعَ الِابْنَةِ مَالٌ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئًا ؛ لِأَنَّا أَعْطَيْنَا الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ شَيْئًا فَأَخَذَ الْمَوْلَى بِثُلُثَيْ شَيْءٍ وَرَدَّ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ ثُلُثَيْ شَيْءٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ شَيْءٌ وَثُلُثَا شَيْءٍ ، وَكُنَّا قَدْ أَعْطَيْنَا الْمَوْلَى شَيْئًا فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ مَالِ الْعَبْدِ وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا ، وَطَرِيقُ الْخَطَأِ مَنْ فِيهِ أَنْ نَجْعَلَ مَالَ الْعَبْدِ سَهْمَيْنِ ، ثُمَّ نُعْطِي الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ أَحَدَهُمَا وَنَسْتَرْجِعُ مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثَ سَهْمٍ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الِابْنَةِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ وَحَاجَتُهَا إلَى سَهْمٍ مِثْلَ مَا سَلِمَ لِلْمَوْلَى فَظَهَرَ أَنَّ الْخَطَأَ بِزِيَادَةِ ثُلُثِ سَهْمٍ فَنَعُودُ إلَى الْأَصْلِ وَنُعْطِي الْمَوْلَى سَهْمًا وَثُلُثًا ، ثُمَّ نَسْتَرْجِعُ مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثَ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ سَهْمٍ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الِابْنَةِ سَهْمٌ وَتُسْعٌ ، وَحَاجَتِهَا إلَى سَهْمٍ وَثُلُثٍ فَظَهَرَ الْخَطَأُ الثَّانِي بِنُقْصَانِ تُسْعَيْ سَهْمٍ وَكَانَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ ثُلُثِ سَهْمٍ ، فَلَمَّا زِدْنَا فِي نَصِيبِ الْمَوْلَى ثُلُثَ سَهْمٍ أَذْهَبَ ذَلِكَ الْخَطَأَ وَجَلَبَ إلَيْنَا خَطَأَ تُسْعَيْ سَهْمٍ ، فَالسَّبِيلُ أَنْ نَزِيدَ مَا يُذْهِبُ ذَلِكَ الْخَطَأَ وَلَا يَجْلِبُ خَطَأً آخَرَ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثُّلُثِ فَإِنَّمَا نُعْطِي الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ سَهْمًا وَثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ ثُلُثِ سَهْمٍ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ، فَإِنْ أَرَدْت إزَالَةَ الْكَسْرِ فَاضْرِبْ سَهْمَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَلَاثِينَ أَعْطَيْنَا الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَاسْتَرْجَعْنَا مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ سِتَّةً فَيَحْصُلُ لِلِابْنَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِثْلُ مَا كُنَّا أَعْطَيْنَا الْمَوْلَى ، وَإِنَّمَا يَسْلَمُ

لِوَارِثِ الْمَوْلَى اثْنَا عَشَرَ ، وَاثْنَا عَشَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ خُمُسَاهُ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ وَمَنْ اخْتَارَ التَّطْوِيلَ مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُخَرِّجُ كُلَّ مَسْأَلَةٍ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ وَلَكِنْ لَا فَائِدَةَ فِي هَذَا التَّطْوِيلِ فَيَقْتَصِرُ فِي تَخْرِيجِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ هَذَا عَلَى بَيَانِ طَرِيقِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى ، وَمِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ وَرُبَّمَا يَذْكُرُ فِي بَعْضِهَا طَرِيقَ الْجَبْرِ لِلْإِيضَاحِ أَيْضًا

وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدًا قِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَدَّاهَا إلَى الْمَوْلَى ، وَأَنْفَقَهَا الْمَوْلَى عَلَى نَفْسِهِ ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَمَوْلَاهُ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ : فَلِابْنَةِ الْعَبْدُ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفِ سِتُّمِائَةٍ وَلِوَرَثَةِ الْمَوْلَى أَرْبَعُمِائَةٍ وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي طَرِيقِ تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ أَدَّى السِّعَايَةَ وَعَتَقَ وَمَا أَنْفَقَهُ الْمَوْلَى لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِهِ فَإِنَّمَا مَالُ الْمَوْلَى مَا وَرِثَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَقَطْ .
وَعَلَى طَرِيقِ الَّذِي يَعْتَبِرُ الدَّوْرَ فِي جَانِبِ الْمَوْلَى نَقُولُ : الْعَبْدُ تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ نِصْفَهُ ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ مِيرَاثُهُ لِلْمَوْلَى ، ثُمَّ نُنَفِّذُ وَصِيَّةَ الْعَبْدِ فِي ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ مِنْ ثُلُثِهِ وَنَقْسِمُ ذَلِكَ السَّهْمَ نِصْفَيْنِ فَيَصِيرُ مَالُ الْمَوْلَى عَلَى سِتَّةٍ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِي سَهْمَيْنِ وَيَعُودُ أَحَدُهُمَا بِالْمِيرَاثِ إلَيْهِ فَيَزْدَادُ حَقُّ وَرَثَتِهِ بِسَهْمٍ ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَتِهِ يَبْقَى سَهْمٌ وَيَبْقَى لَهُمْ ثَلَاثَةٌ ، وَلِلْعَبْدِ سَهْمَانِ فَيَكُونُ مَالُهُ عَلَى خَمْسَةٍ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ فِي خَمْسَةٍ ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، ثُمَّ يَعُودُ مِائَةٌ بِالْمِيرَاثِ إلَيْهِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا وَصِيَّتَهُ فِي مِائَتَيْنِ ، وَإِذَا تَبَيَّنَّ وَصِيَّةُ الْعَبْدِ بِقَدْرِ مِائَتَيْنِ يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى مَالِهِ ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالِابْنَةِ نِصْفَيْنِ لِلْمَوْلَى سِتُّمِائَةٍ ، ثُمَّ يَرُدُّ مِائَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةُ الْعَبْدِ يَبْقَى لَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَيُسَلِّمُ لِلِابْنَةِ سِتَّمِائَةٍ مِثْلَ مَا يُسَلِّمُ لِلْمَوْلَى ، فَإِنْ اعْتَبَرَتْ الْمِيرَاثَ فَقَدْ اسْتَوَتْ ، وَإِنْ اعْتَبَرَتْ الْوَصِيَّةَ فَقَدْ نَفَذَتْ وَصِيَّةُ الْمَوْلَى فِي مِائَتَيْنِ وَسَلِمَ لِوَرَثَتِهِ

أَرْبَعُمِائَةٍ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ نَجْعَلُ لِلْمَوْلَى مَالًا وَنُنَفِّذُ وَصِيَّتَهُ فِي شَيْءٍ ، ثُمَّ يَعُودُ نِصْفُ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ فِي يَدِ وَارِثِهِ مَالًا إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَبَعْدَ الْجَبْرِ ، وَالْمُقَابَلَةِ ، الْمَالُ الْكَامِلُ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي شَيْءٍ ، وَشَيْءٌ مِنْ شَيْئَيْنِ وَنِصْفِ خُمُسَاهُ فَظَهَرَ أَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ فِي خُمُسَيْ مَالِ الْمَوْلَى ، وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، وَإِنْ اعْتَبَرَتْ سَهْمَ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ ، فَالطَّرِيقُ فِيهِ أَنْ نَقُولَ : لَمَّا لَمْ يَبْقَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ مِنْ السِّعَايَةِ فَمَالُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَهُوَ مَقْسُومٌ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ ، ثُمَّ النِّصْفُ الَّذِي لِلْمَوْلَى يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِحَاجَتِنَا إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ الْكَامِلُ سِتَّةً ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْوَصِيَّةِ سَهْمٌ إلَى الِابْنَةِ فَيَزْدَادُ نَصِيبُهَا بِسَهْمٍ فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهَا سَهْمًا وَنَجْعَلُ الْأَلْفَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ : ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْمَوْلَى ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثُ ذَلِكَ ، وَهُوَ مِائَتَانِ فَيَسْلَمُ لِلِابْنَةِ سِتُّمِائَةٍ وَلِوَارِثِ الْمَوْلَى أَرْبَعُمِائَةٍ نِصْفُ مَا نَفَذَتْ فِيهِ وَصِيَّتُهُ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ نَقُولُ : قَدْ وَجَبَ عَلَى الْمَوْلَى رَدُّ شَيْءٍ مِمَّا أَخَذَ لِعِلْمِنَا أَنَّ لَهُ مَالًا لَا يَجِبُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ مِنْهُ فَنَأْمُرُ الْوَرَثَةَ بِاسْتِقْرَاضِ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ لِنَضُمَّهُ إلَى مَالِ الْعَبْدِ ، وَذَلِكَ الْمُسْتَقْرِضُ نَجْعَلُهُ شَيْئًا فَيَكُونُ مَالُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَيْئًا بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ لِلْمَوْلَى خَمْسُمِائَةٍ وَنِصْفُ شَيْءٍ ، ثُمَّ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ ، وَهُوَ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ فَأَجْبِرْهُ بِنِصْفِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَصَارَتْ

الْخَمْسُمِائَةِ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ ، فَالشَّيْءُ مِنْهُ يَكُونُ مِائَتَيْنِ ، فَظَهَرَ أَنَّ وَصِيَّةَ الْعَبْدِ كَانَتْ بِقَدْرِ مِائَتَيْنِ

وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدَهُ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ ثَلَثَمِائَةٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَامْرَأَتَهُ وَمَوْلَاهُ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى ، فَلِوَرَثَةِ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ مِائَتَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ ، وَلِلِابْنَةِ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَتُسْعُ دِرْهَمٍ وَلِلْمَرْأَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَتُسْعَا دِرْهَمٍ .
أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ الثَّلَثَمِائَةِ كُلَّهَا مَالُ الْمَوْلَى فِي الظَّاهِرِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ وَمَا تَرَكَ إلَّا مِقْدَارَ قِيمَتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ لَا يُورَثُ عَنْهُ قَبْلَ أَدَاءِ السِّعَايَةِ ، ثُمَّ هَذِهِ الثَّلَثُمِائَةِ تُجْعَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ تُنَفَّذُ وَصِيَّةُ الْعَبْد فِي سَهْمٍ مِنْهَا ، ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ السَّهْمُ مِيرَاثًا عَنْهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ لِلْمَرْأَةِ سَهْمٌ وَلِلِابْنَةِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمَوْلَى ثَلَاثَةٌ ، وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ ، فَالثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ تَعُودُ الثَّلَاثَةُ إلَى الْمَوْلَى فَيَزْدَادُ مَالُهُ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ، وَهِيَ السِّهَامُ الدَّائِرَةُ ، وَبِطَرْحِهَا مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْمَوْلَى يَبْقَى حَقُّهُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَحَقُّ الْعَبْدِ فِي ثَمَانِيَةٍ ، فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثَمَانِيَةٍ وَيَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى ثَلَاثَةٌ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى سِتَّةَ عَشَرَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ فَظَهَرَ أَنَّ السَّالِمَ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا مِنْ ثَلَثِمِائَةٍ ، مِقْدَارُ ذَلِكَ بِالدَّرَاهِمِ مِائَتَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ ؛ لِأَنَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ تَكُونُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، فَإِنَّهُ ثُلُثَا أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَسُبْعُ الْمِائَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَا دِرْهَمٍ وَسُبْعَاهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا

وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ ، وَلِلْمَرْأَةِ وَاحِدٌ ، وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَا دِرْهَمٍ وَلِلِابْنَةِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ الْمِائَةِ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَسُبْعُ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ قَالَ فَجَمِيعُ الْمَالِ الَّذِي تَرَكَ الْعَبْدُ ثَلَثُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ يُرِيدُ بِهِ أَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ الْمِائَةِ ، وَالْمُوصَى بِهِ مَحْسُوبٌ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ الْمِائَةِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ نَقُولُ : تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ فِي شَيْءٍ ، ثُمَّ يُقَسَّمُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ فَيَعُودُ إلَى الْمَوْلَى ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ شَيْءٍ فَيَصِيرُ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ مَالٌ إلَّا خَمْسَةَ أَثْمَانِ شَيْءٍ يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ وَبَعْدَ الْجَبْرِ ، وَالْمُقَابَلَةِ الثَّلَثُمِائَةِ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَخَمْسَةُ أَثْمَانِ شَيْءٍ انْكَسَرَ بِالْأَثْمَانِ فَاضْرِبْ شَيْئَيْنِ وَخَمْسَةَ أَثْمَانٍ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ إحْدَى وَعِشْرِينَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الثَّلَثَمِائَةٍ تَكُون عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ ، وَمَعْرِفَةُ الْوَصِيَّةِ أَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي شَيْءٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي ثَمَانِيَةٍ فَظَهَرَ أَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ كَانَ فِي ثَمَانِيَةٍ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَدْفَعُ إلَى الْمَوْلَى مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ مِائَتَا دِرْهَمٍ بِقَدْرِ السِّعَايَةِ وَيَبْقَى لَهُ مِائَةٌ ، ثُمَّ هَذِهِ الْمِائَةُ تُقَسَّمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ : ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْلَى ، ثُمَّ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي سَهْمٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ، ثُمَّ ذَلِكَ السَّهْمُ يَصِيرُ مِيرَاثًا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ فَيَعُودُ ثَلَاثَةٌ إلَى الْمَوْلَى ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ وَرَثَةِ الْمَوْلَى يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَحَقُّ الْعَبْد فِي ثَمَانِيَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ

بِالْمِيرَاثِ إلَيْهِمْ ثَلَاثَةٌ فَيَسْلَمُ لَهُمْ سِتَّةَ عَشَرَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَسْتَقِيمُ ، فَإِنَّمَا كَانَ الْعَمَلُ عِنْدَهُمَا فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الْمِائَةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعَمَلِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَإِذَا تَأَمَّلَتْ تَبَيَّنَ لَك أَنَّ الْجَوَابَ مُتَّفِقٌ مَعَ اخْتِلَافِ التَّخْرِيجِ ، وَإِنْ اعْتَبَرْت سَهْمَ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ قُلْت : السَّبِيلُ أَنْ يُؤَدِّيَ سِعَايَتَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ يَبْقَى لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ هَذِهِ الْمِائَةُ تُجْعَلُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ : ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَوْلَى ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالْوَصِيَّةِ إلَى الِابْنَةِ ، وَالْمَرْأَةِ وَهَذَا هُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمَا سَهْمًا يَبْقَى حَقُّهُمَا فِي أَرْبَعَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهِمَا بِالْوَصِيَّةِ فَيَصِيرُ لَهُمَا خَمْسَةٌ ، وَهُوَ مِقْدَارُ حَقِّهِمَا مِنْ الْمِيرَاثِ : أَرْبَعَةٌ لِلِابْنَةِ وَسَهْمٌ لِلْمَرْأَةِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْمِائَةَ صَارَتْ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ ، وَالْمِائَتَانِ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الْجُمْلَةُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ ، وَصَلَ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى مَرَّةً أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَمَرَّةً سَهْمَيْنِ فَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ مِقْدَارُ حَقِّهِمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِائَتَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ يُجْعَلُ لِلْمَوْلَى مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ ، ثُمَّ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهِ ، وَهُوَ شَيْءٌ يَبْقَى مِائَةٌ إلَّا شَيْئَيْنِ يَعْدِلُ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُمَا إلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ لَمَّا سَلِمَ لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ فَأَجْبِرْ الْمِائَةَ بِشَيْئَيْنِ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ شَيْئَيْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمِائَةَ الَّتِي هِيَ مَالٌ يَعْدِلُ سَبْعَةَ أَشْيَاءَ ، وَإِنَّ السَّالِمَ لِلْمَوْلَى مِنْ هَذَا الْمَالِ الْحَاصِلِ شَيْئَانِ ، وَذَلِكَ سُبْعَاهُ مَعَ الْمِائَتَيْنِ فَيَكُونُ

مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَامْرَأَةً وَمَوْلَاهُ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالثَّلَثُمِائَةِ مَقْسُومَةٌ عَلَى سَبْعَةٍ وَسِتِّينَ سَهْمًا : لِلْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ سَهْمًا وَخَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِمَّا بَقِيَ بِمِيرَاثِهِ وَلِلِابْنَتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ، أَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ الثَّلَثَمِائَةِ كُلَّهَا مَالُ الْمَوْلَى مِنْ حَيْثُ الِاعْتِبَارُ فَيَكُونُ لِلْعَبْدِ ثَلَاثَةٌ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ، ثُمَّ هَذَا الثُّلُثُ يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا بَيْنَ وَرَثَةِ الْعَبْدِ : لِلِابْنَتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمَوْلَى خَمْسَةٌ ، فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَكُونُ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ ، ثُمَّ يَعُودُ خَمْسَةٌ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى فَيَزْدَادُ مَالُهُ بِهَذِهِ الْخَمْسَةِ ، وَهِيَ الدَّائِرَةُ فَنَطْرَحُهَا مِنْ أَصْلِ حَقِّهِ يَبْقَى حَقُّهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ ، وَحَقُّ الْعَبْدِ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَسِتُّونَ ، ثُمَّ يَعُودُ خَمْسَةٌ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَيَسْلَمُ لَهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ السَّبِيلُ أَنْ نَأْخُذَ مَالًا مَجْهُولًا وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي شَيْءٍ ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ إلَى الْمَوْلَى خَمْسَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فِي يَدِ وَرَثَةِ الْمَوْلَى مَالًا إلَّا تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ شَيْءٍ يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ ، وَبَعْدَ الْجَبْرِ ، وَالْمُقَابَلَةِ ، الْمَالُ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَتِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ شَيْءٍ فَقَدْ انْكَسَرَ بِجُزْءٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا ، فَالسَّبِيلُ أَنْ نَضْرِبَ شَيْئَيْنِ وَتِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ

ذَلِكَ سَبْعَةً وَسِتِّينَ ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ صَارَ عَلَى سَبْعَةٍ وَسِتِّينَ سَهْمًا ، وَمَعْرِفَةُ الْوَصِيَّةِ أَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي شَيْءٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَظَهَرَ أَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ كَانَ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ سَبْعَةٍ وَسِتِّينَ ، وَإِنْ جَعَلْتَ السَّهْمَ الدَّائِرَ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ فَالسَّبِيلُ فِيهِ أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ الثَّلَثِمِائَةِ سِعَايَةَ الْعَبْدِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ يَبْقَى مِائَةٌ ، فَهُوَ مَالُ الْعَبْدِ وَمِيرَاثٌ فِيمَا بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِلْمَوْلَى خَمْسَةُ أَسْهُمٍ بِالْمِيرَاثِ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ بِثُلُثِ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ ، وَهُوَ سَهْمٌ وَثُلُثَا سَهْمٍ فَيَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ فَيَصِيرُ مَالُ الْعَبْدِ ، وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَلَى اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثُلُثِ سَهْمٍ ، وَالْمِائَتَانِ اللَّتَانِ لِلْمَوْلَى ضِعْفُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثَانِ ، فَالْكُلُّ إذًا سَبْعَةٌ وَسِتُّونَ ، ثُمَّ ادْفَعْ إلَى الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ ، ثُمَّ يُرْجَعُ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ سَهْمٌ وَثُلُثَانِ إلَى الْعَبْدِ بِالْوَصِيَّةِ فَيَصِيرُ تِسْعَةَ عَشَرَ : لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمِ وَلِلِابْنَتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْمَوْلَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِثْلَا مَا كَانَ لِلْعَبْدِ وَصِيَّةٌ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ نَقُولُ : السَّبِيلُ فِيهِ أَنْ نَجْعَلَ لِلْعَبْدِ مَالًا ، ثُمَّ نَدْفَعُ إلَى الْمَوْلَى مِنْهُ بِالْمِيرَاثِ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ ، ثُمَّ يُرْجَعُ بِالْوَصِيَّةِ شَيْءٌ وَثُلُثَا شَيْءٍ فَيَصِيرُ لِلْعَبْدِ مَالٌ إلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَثُلُثَ شَيْءٍ ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ تِسْعَةَ عَشَرَ شَيْئًا ؛ لِأَنَّا قَدْ جَعَلْنَا لِلْمَوْلَى خَمْسَةَ أَشْيَاءَ فَحَاجَةُ الِابْنَتَيْنِ ، وَالْمَرْأَةِ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ فَأَجْبِرْ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَثُلُثِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ يَعْدِلُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثُلُثًا فَقَدْ انْكَسَرَ بِأَثْلَاثٍ

فَاضْرِبْهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ سَبْعَةً وَسِتِّينَ فَلَمَّا صَارَ الْمَالُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثُلُثًا ، قَدْ جَعَلْنَا الْمِيرَاثَ لِلْمَوْلَى خَمْسَةً ، ثُمَّ يُسْتَرْجَعُ بِالْوَصِيَّةِ سَهْمٌ وَثُلُثَا سَهْمٍ صَارَتْ تِسْعَةَ عَشَرَ لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنَتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا

وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَدَّى الْعَبْدُ مِائَةً إلَى الْمَوْلَى فَأَكَلَهَا ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ ثَلَثَمِائَةٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَمَوْلَاهُ ، فَلِلْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِالسِّعَايَةِ وَمِائَةٌ بِالْمِيرَاثِ ، وَإِنَّمَا صَارَ هَكَذَا ؛ لِأَنَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ مَدْفُوعٌ إلَى الْمَوْلَى ، فَإِنَّ الْعَبْدَ قَدْ أَدَّى مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَإِنَّمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ سِعَايَتِهِ مِائَتَانِ ، فَإِذَا أَدَّيْنَا إلَى الْمَوْلَى مِائَتَيْنِ بَقِيَ مَالُ الْعَبْدِ مِائَةٌ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالِابْنَةِ نِصْفَانِ ، لِلْمَوْلَى نِصْفُ ذَلِكَ فَيَكُونُ حَاصِلُ مَالِ الْمَوْلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَاجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِحَاجَتِنَا إلَى ثَلَاثَةٍ تَنْقَسِمُ نِصْفَيْنِ ، ثُمَّ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي سَهْمَيْنِ وَيَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ سَهْمٌ فَيَزْدَادُ مَالُهُ سَهْمٌ ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَيَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَةِ الْمَوْلَى سَهْمًا فَيَصِيرُ مَالُهُ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْعَبْدِ سَهْمَانِ ، ثُمَّ يَرْجِعُ سَهْمٌ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى أَرْبَعَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمَيْنِ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، فَظَهَرَ أَنَّ وَصِيَّةَ الْعَبْدِ خُمُسَا مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، فَإِذَا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ خَمْسُونَ فَيَصِيرُ لِوَرَثَتِهِ مِائَتَانِ مِثْلُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ وَيَبْقَى لِلِابْنَةِ مِائَةٌ ، وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ السَّبِيلُ أَنْ تُجْبَرَ الْوَصِيَّةُ فِي شَيْءٍ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى نِصْفُهُ بِالْمِيرَاثِ فَيَصِيرُ لِلْمَوْلَى مَالٌ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَبَعْدَ الْجَبْرِ مَا لَا يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا فَأَضْعِفْهُ لِلْكَسْرِ بِالنِّصْفِ فَيَصِيرُ خَمْسَةً ، وَالشَّيْءُ يَصِيرُ شَيْئَيْنِ فَظَهَرَ أَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي خُمُسَيْ مَالِ

الْمَوْلَى ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ كَمَا بَيَّنَّا ، وَإِنْ أَرَدْت أَنْ تَطْرَحَ سَهْمَ الدَّوْرِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ ، فَالسَّبِيلُ أَنْ تَقُولَ : يَدْفَعُ إلَى الْمَوْلَى مِنْ الثَّلَثِمِائَةِ ثُلُثَ الْمِائَتَيْنِ ، وَهُوَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ أَدَّى الْمِائَةَ ، وَإِنَّمَا بَقِيَتْ الْوَصِيَّةُ فِي رَقَبَتِهِ بِقَدْرِ مِائَتَيْنِ فَيَدْفَعُ إلَى الْمَوْلَى ثُلُثَا ذَلِكَ وَيَبْقَى مَالُ الْعَبْدِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ فَيَكُونُ ذَلِكَ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى فَاجْعَلْ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ، ثُمَّ اطْرَحْ مِنْ نَصِيبِ الْعَبْدِ سَهْمًا فَيَصِيرُ مَالُ الْعَبْدِ خَمْسَةً لِلْمَوْلَى ثَلَاثَةٌ وَلِابْنَةِ الْعَبْدِ سَهْمَانِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهَا سَهْمٌ بِالْوَصِيَّةِ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً مِثْل مَا كَانَ لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ وَيَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا عَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ أَيْضًا إذَا تَأَمَّلْت .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَعْطَى الْمَوْلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَكَلَهَا الْمَوْلَى ، فَلِلْمَوْلَى مِنْ هَذِهِ الثَّلَثِمِائَةِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا بِالسِّعَايَةِ وَمِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ بِالْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُ مَالَ الْمَوْلَى وَمَالُ الْمَوْلَى مِائَةٌ يَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ السِّعَايَةِ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ بِالْمِيرَاثِ ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ ، ثُمَّ نَجْعَلُ ذَلِكَ عَلَى سِتَّةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى ثَلَاثَةٍ تَنْقَسِمُ نِصْفَيْنِ ، ثُمَّ نَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ الْمَوْلَى سَهْمًا كَمَا ذَكَرْنَا فَيَصِيرُ مَالُ الْمَوْلَى عَلَى خَمْسَةٍ خُمُسَا ذَلِكَ لِلْعَبْدِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَخُمُسَا الْمِائَتَيْنِ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا فَظَهَرَ أَنَّ وَصِيَّتَهُ ثَمَانُونَ ، وَأَنَّ الْبَاقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ بِقَدْرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا نَدْفَعُ مِنْ الثَّلَثِمِائَةِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى بِالسِّعَايَةِ يَبْقَى مِائَتَانِ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالِابْنَةِ نِصْفَيْنِ فَيَحْصُلُ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَبِالسِّعَايَةِ عِشْرُونَ فَذَلِكَ مِائَةٌ

وَسِتُّونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَمَانِينَ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَإِنْ جَعَلْتَ السَّهْمَ السَّاقِطَ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ قُلْت : قَدْ أَدَّى الْعَبْدُ مِائَتَيْنِ ، فَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ فِي رَقَبَتِهِ بِقَدْرِ مِائَةٍ فَيُدْفَعُ إلَى الْمَوْلَى ثُلُثَا الْمِائَةِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ يَبْقَى مَالُ الْعَبْدِ مِائَتَانِ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَاجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى سِتَّةٍ ، ثُمَّ اطْرَحْ مِنْ نَصِيبِ الْعَبْدِ سَهْمًا وَاقْسِمْ عَلَى خَمْسَةٍ : ثَلَاثَةٌ لِلْمَوْلَى وَسَهْمَانِ لِلِابْنَةِ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا سَهْمٌ بِالْوَصِيَّةِ فَيَسْلَمُ لَهَا ثَلَاثَةٌ مِثْلَ مَا سَلِمَ لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَعْطَى مَوْلَاهُ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَكَلَهَا ، ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَثَمِائَةٍ وَابْنَتَهُ وَمَوْلَاهُ فَلَا سِعَايَةَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَحْتَسِبُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَكَلَ الْمَوْلَى ، وَإِنَّمَا مَالُ الْمَوْلَى مَا يَرِثُهُ مِنْ الْعَبْدِ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَاجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى خَمْسَةٍ بَعْدَ طَرْحِ السَّهْمِ الدَّائِرِ ، فَلِلْعَبْدِ خُمُسَا ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَذَلِكَ سِتُّونَ دِرْهَمًا ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْمَوْلَى نِصْفُ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ فَإِنَّمَا يَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا ، وَذَلِكَ خُمُسَا الثَّلَثِمِائَةِ فِي الْحَاصِلِ وَيَسْلَمُ لِلِابْنَةِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ، قَدْ سَلِمَ لِلْمَوْلَى مِثْلُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّا نَفَّذْنَا وَصِيَّتَهُ فِي شَيْئَيْنِ ، قَدْ سَلِمَ لِوَرَثَتِهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَاسْتَقَامَتْ الْقِسْمَةُ ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَدَّى إلَى الْمَوْلَى خَمْسَمِائَةٍ فَأَنْفَقَهَا الْمَوْلَى عَلَى نَفْسِهِ ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ خَمْسَمِائَةٍ وَابْنَتَهُ وَمَوْلَاهُ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَلِلْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَلِلِابْنَةِ مَا بَقِيَ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى فِي الْحَاصِلِ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا سِوَى مَا وَرِثَ مِنْ الْعَبْدِ ، وَمِيرَاثُهُ مِنْهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ إلَّا أَنَّهُ

يَقْضِي مِنْ مَالِهِ دَيْنُهُ أَوَّلًا ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ قَبْلَ الْعَبْدِ فِي ثَلَثِمِائَةٍ ، قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَالْمِائَتَانِ دَيْنٌ عَلَيْهِ ، فَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ بَقِيَ لِلْمَوْلَى خَمْسُونَ ، قَدْ ظَهَرَ لِلْعَبْدِ زِيَادَةُ مَالٍ ، وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ الَّذِي اسْتَوْفَاهُ بِالدَّيْنِ فَيَكُونُ نِصْفُ ذَلِكَ لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَصَارَ مَالُ الْمَوْلَى فِي الْحَاصِلِ مِائَةٌ وَخَمْسِينَ ، ثُمَّ نَجْعَلُ ذَلِكَ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ وَبَعْدَ طَرْحِ السَّهْمِ الدَّائِرِ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْعَبْدِ خُمُسَا ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَخُمُسَا مِائَةٍ وَخَمْسِينَ يَكُونُ شَيْئَيْنِ ، فَظَهَرَ أَنَّ وَصِيَّةَ الْعَبْدِ سِتُّونَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ نِصْفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ فَيَصِيرُ فِي يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي شَيْئَيْنِ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا .
وَإِنْ اعْتَبَرْت الْمِيرَاثَ قُلْت : إنَّهُ قَدْ وَرِثَ فِي الْمِيرَاثِ ثَلَثَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ مَرَّةً مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمَرَّةً مِائَةً وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ ، فَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ ، وَلِلِابْنَةِ مِثْلُ ذَلِكَ فَكَانَ الْعَبْدُ مَاتَ فِي الْحَاصِلِ عَنْ سَبْعِمِائَةٍ وَسِتِّينَ ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ وَفِي يَدِهِ خَمْسُمِائَةٍ ، قَدْ سَلِمَ لَهُ مِائَتَانِ بِاقْتِضَاءِ الدَّيْنِ وَسِتُّونَ بِالْوَصِيَّةِ فَذَلِكَ سَبْعُمِائَةِ وَسِتُّونَ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ .
وَلَوْ أَعْتَقَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَابْنًا يُحْرِزُ مِيرَاثَهُ ، ثُمَّ مَاتَ ابْنُ الْعَبْدِ وَتَرَكَ ابْنَةً ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَلِلْمَوْلَى مِنْ الْأَلْفِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِالسِّعَايَةِ وَنِصْفُ مَا بَقِيَ بِالْمِيرَاثِ ، فَيَجْتَمِعُ لَهُ خَمْسُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ فِي مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا مَاتَ عَنْ ابْنٍ فَلَا شَيْءَ

لِلْمَوْلَى مِنْ مِيرَاثِهِ ، ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ عَنْ ابْنَةٍ فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ ، وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَابْنَةً سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْمَالِ يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى فِي الْفَصْلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابُ عِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَثُمِائَةٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ، وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ اكْتَسَبَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ الْمَوْلَى ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَبَقِيَ الْعَبْدُ الْآخَرُ وَلَمْ يَسْعَ بِشَيْءٍ فَعَلَيْهِ سِعَايَةٌ فِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا ، وَمِيرَاثُهُ تِسْعُمِائَةٍ وَسِتُّونَ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى رَقَبَةُ الْحَيِّ ، وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ ، وَتَرِكَةُ الْمَيِّت هِيَ أَلْفٌ ، فَإِنَّهُ إنْ مَاتَ حُرًّا فَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ الْمَوْلَى ، وَإِنْ مَاتَ عَبْدًا فَكَسْبُهُ لِلْمَوْلَى ؛ وَلِأَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ لِلْمَوْلَى بِطَرِيقِ اقْتِضَاءِ دَيْنِ السِّعَايَةِ وَبَعْضَهُ بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ ، ثُمَّ نَجْعَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى سِتَّةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى ثُلُثٍ يَنْقَسِمُ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ ، ثُمَّ السَّهْمُ الَّذِي هُوَ لِلْمَيِّتِ يَعُودُ إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ فَيَزْدَادُ حَقُّهُ بِسَهْمٍ ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَتَتَرَاجَعُ السِّهَامُ إلَى خَمْسَةٍ : لِلْعَبْدَيْنِ سَهْمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمٌ وَخُمْسُ الْأَلْفِ وَثَلَثِمِائَةِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ فَيَسْلَمُ لِلْحَيِّ مِنْ رَقَبَتِهِ هَذَا الْمِقْدَارُ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَيَصِيرُ فِي يَدِ وَارِثِ الْمَوْلَى أَلْفٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ، قَدْ سَلِمَ لِلْمَيِّتِ بِالْوَصِيَّةِ أَيْضًا مِائَتَانِ وَسِتُّونَ ، فَحَصَلَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لَهُمَا فِي خَمْسِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَسَلِمَ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى ضِعْفُ ذَلِكَ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا .
وَطَرِيقَةٌ أُخْرَى فِيهِ : أَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ سِتَّةٍ لِكُلِّ عَبْدٍ سَهْمٌ وَلِوَرَثَةِ الْمَوْلَى أَرْبَعَةٌ ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ فَاطْرَحْ سَهْمَهُ يَبْقَى خَمْسَةٌ : لِلْعَبْدِ الْبَاقِي سَهْمٌ وَاحِدٌ ، وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ فَصَارَ الْمَالُ أَلْفًا وَثَلَثَمِائَةٍ ، فَإِذَا قَسَمْتهَا عَلَى خَمْسَةٍ

كَانَ لِلْحَيِّ سَهْمٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ ، وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ ، قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ فَيَكُونُ جَمِيعُ مَالِ الْمَوْلَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَسِتِّينَ بِأَنْ تَضُمَّ مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ إلَى الثَّلَثِمِائَةٍ الْبَاقِيَةِ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا فِي ثُلُثِ ذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ وَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى أَلْفٌ وَأَرْبَعُونَ

وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ عِنْدَ الْمَوْت قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَثُمِائَةِ ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَمَوْلَاهُ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى ، فَالْمِائَةُ كُلُّهَا لِلْمَوْلَى بِالسِّعَايَةِ ، وَيَسْعَى الْحَيُّ فِي مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى هُنَا أَرْبَعُمِائَةٍ ، فَإِنَّ رَقَبَةَ الْبَاقِي ثَلَثُمِائَةٍ ، وَالْمِائَةُ الَّتِي تَرَكَهَا الْمَيِّتُ كُلُّهَا مَالُ الْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ السِّعَايَةِ ؛ لِأَنَّ ثُلُثَهُ فَوْقَ هَذَا الْمِقْدَارِ ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ ، ثُمَّ هَذِهِ الْأَرْبَعُمِائَة تُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةٍ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ سِتَّةٍ يُطْرَحُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ وَيَبْقَى خَمْسَةٌ ، فَإِنَّمَا لِلْعَبْدِ الْبَاقِي خُمْسُ أَرْبَعِمِائَةٍ وَذَلِكَ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا ، قَدْ تَبَيَّنَّ أَنَّ الْآخِرَ مُسْتَوْفٍ بِالْوَصِيَّةِ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ مَالِهِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ وَالثُّلُثَانِ ثَلَثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ ، قَدْ أَخَذَ وَارِثُ الْمَوْلَى مِائَةَ دِرْهَمٍ فَيَسْعَى الْحَيُّ لَهُمْ فِي مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا حَتَّى يَصِلَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالُ حَقِّهِ ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَيِّتُ تَرَكَ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا ، أَخَذَ الْمَوْلَى مِائَةً مِنْهَا بِالسِّعَايَةِ وَمِائَةً وَخَمْسَةً وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ ، وَنِصْفُ الْبَاقِي سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ بِالْمِيرَاثِ وَيَسْعَى الْحَيُّ فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَخَمْسَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَوْ تَرَكَ زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ ، كَانَ نِصْفُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِلِابْنَةِ وَنِصْفُهُ لِلْمَيِّتِ بِالْمِيرَاثِ ، فَإِذَا كَانَ فِيمَا تَرَكَ نُقْصَانٌ عَنْ قِيمَتِهِ نَجْعَلُ ذَلِكَ النُّقْصَانِ عَلَيْهِمَا أَيْضًا وَالنُّقْصَانُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ فَخَمْسَةٌ

وَعِشْرُونَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الِابْنَةِ فَيَكُونُ مَالُ الْمَيِّتِ فِي الْحَاصِلِ خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ : ثَلَثُمِائَةٍ قِيمَةُ الْحَيِّ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ تَرَكَهُ الْمَيِّتُ يَسْتَوْفِيهِ بِطَرِيقِ السِّعَايَةِ إلَى أَنْ تَتَبَيَّنَ وَصِيَّتُهُ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِمَّا يَسْلَمُ لِلِابْنَةِ إذْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهَا فَإِذَا عَرَفْنَا مِقْدَارَ مَالِهِ قُلْنَا : السَّبِيلُ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ عَلَى سِتَّةٍ إلَّا أَنَّ السَّهْمَ الَّذِي هُوَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ يَعُودُ نِصْفُهُ إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ فَيَنْكَسِرُ بِالْإِنْصَافِ فَنَجْعَلُهُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ ثَمَانِيَةٌ مِنْ ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ سَهْمَانِ ، ثُمَّ أَحَدُ السَّهْمَيْنِ مِنْ نَصِيبِ الْمَيِّتِ يَعُودُ إلَى الْمَوْلَى ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَنَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ يَبْقَى أَحَدَ عَشَرَ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى سَبْعَةٌ وَلِكُلِّ عَبْدٍ سَهْمَانِ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ مِنْ نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَيَسْلَمُ لَهُمْ ثَمَانِيَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةٍ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ نَصِيبَ الْحَيِّ سَهْمَانِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى ، وَمَالُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَسَبْعُونَ ، فَإِذَا قَسَمْتَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ كَانَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ ، قَدْ سَلِمَ لِلْمَيِّتِ بِالْوَصِيَّةِ مِثْلُ ذَلِكَ ، فَإِذَا جَمَعْتَ بَيْنَ مَا سَلِمَ لَهُمَا بِالْوَصِيَّةِ وَبَيْنَ مَا وَصَلَ إلَى الْوَرَثَةِ بِالسِّعَايَةِ ، وَالْمِيرَاثِ ، اسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ السِّعَايَةُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسَةِ أَجْزَاءٍ يَأْخُذُ الْمَوْلَى ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ يَبْقَى مِنْ تَرِكَتِهِ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ وَسِتَّةُ أَجْزَاءٍ ، نِصْفُ ذَلِكَ لِلِابْنَةِ ، وَنِصْفُهُ لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا

وَثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ ، فَإِنْ قِيلَ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَبِرَ نُقْصَانَ تَرِكَتِهِ عَنْ قِيمَتِهِ بِالزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّ فِي الزِّيَادَةِ حَقًّا لِلْمَوْلَى وَالِابْنَةِ جَمِيعًا لَوْ وُجِدَتْ وَضَرَرًا بِانْعِدَامِهَا يَكُونُ عَلَيْهِمَا ، فَأَمَّا إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ حَقُّ الْمَوْلَى إذَا وُجِدَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ السِّعَايَةُ فِي كَمَالِ قِيمَتِهِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ مِنْ نُقْصَانِ ذَلِكَ عَلَى الِابْنَةِ ، بَلْ يَكُونُ كُلُّهُ عَلَى الْمَوْلَى ، فَإِنَّمَا يَبْقَى مَالُهُ خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قُلْنَا : هُوَ فِي الصُّورَةِ كَذَلِكَ ، فَأَمَّا فِي الْحَقِيقَةِ هَذَا النُّقْصَانُ مِنْ حَقِّهِمَا ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّا نُسَلِّمُ الْمَيِّتَ بِالْوَصِيَّةِ هَذَا الْقَدْرَ وَزِيَادَةً وَمَا يُسَلَّمُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ يَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ ؛ فَلِهَذَا جَعَلْنَا الْجُبْرَانَ بِذَلِكَ النُّقْصَانِ عَلَيْهِمَا .
وَلَوْ تَرَكَ الْعَبْدُ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَمَوْلَاهُ ، فَإِنَّ قِيمَةَ الْحَيِّ ، وَالْمَيِّتِ تُقَسَّمُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى هُنَا سِتُّمِائَةٍ ، فَإِنَّ الْمَيِّتَ خَلَّفَ ثَلَثَمِائَةٍ ، وَذَلِكَ كَأَنَّهُ لِلْمَوْلَى بِسِعَايَتِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَقِيمَةُ الْحَيِّ أَيْضًا ثَلَثُمِائَةٍ فَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ ، وَهِيَ مَقْسُومَةٌ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يُطْرَحُ السَّهْمُ الدَّائِرُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ، وَهُوَ الَّذِي يَعُودُ إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ نَصِيبِ السِّعَايَةِ إذَا قَسَمَنَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا قُلْنَا : يَسْلَمُ لِلْحَيِّ سَهْمَانِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ سِتِّمِائَةٍ ، فَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ وَيَسْلَمُ لِلْمَيِّتِ مِثْلُ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ مِنْ تَرِكَتِهِ ، وَيَأْخُذُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَوْلَى بِالسِّعَايَةِ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهِمْ مَا سَلِمَ لِلْمَيِّتِ بِالْوَصِيَّةِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ

فَإِذَا ظَهَرَ التَّخْرِيجُ مِنْ حَيْثُ السِّهَامُ فَالتَّخْرِيجُ مِنْ حَيْثُ الدَّرَاهِمُ سَهْلٌ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ نَقُولُ : يُسَلِّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثَيْ الَّذِي كَانَ وَصِيَّةً لِلْمَيِّتِ يَعُودُ نِصْفُهُ بِالْمِيرَاثِ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى ، فَتَصِيرُ فِي أَيْدِيهِمْ سِتُّمِائَةِ الْأَشْيَاءِ وَنِصْفُ شَيْءٍ ، ثُمَّ يَعْدِلُ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَأَجْبِرْ بِشَيْءٍ وَنِصْفِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَقُولُ مِثْلَهُ ، فَظَهَرَ أَنَّ السِّتَّمِائَة تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ وَنِصْفًا ، قَدْ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأَضْعِفْهُ فَيَكُونُ أَحَدَ عَشَرَ ، فَظَهَرَ أَنَّ السِّتَّمِائَة الَّذِي هُوَ مَالُ الْمَوْلَى يَعْدِلُ أَحَدَ عَشَرَ ، وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْ ذَلِكَ سَهْمَانِ كَمَا بَيَّنَّا .

وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ اثْنَانِ مِنْهُمْ مُدَبِّرَانِ فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمْ فِي صِحَّتِهِ ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْمُدَبِّرَيْنِ قَبْلَ السِّعَايَةِ ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ الْمُدَبِّرِ الْبَاقِي الثُّلُثُ وَخُمْسُ مَا بَقِيَ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ قِيمَتِهِ وَيَسْعَى الْآخَرُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُنَفَّذَ فِي صِحَّتِهِ يَشِيعُ فِيهِمْ جَمِيعًا بِالْمَوْتِ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ ، وَمَالُ الْمَوْلَى عِنْدَ الْمَوْتِ ثُلُثَا رَقَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيَسْلَمُ لِلْمُدَبِّرِ ثُلُثُ مَالِهِ بِالْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، فَيَكُونُ مَالُهُ عَلَى سِتَّةٍ ، قَدْ مَاتَ أَحَدُ الْمُدَبِّرَيْنِ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْمُدَبِّرُ الْآخَرُ فِيمَا بَقِيَ بِسَهْمٍ ، وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَقَدْ وَقَعَ الْكَسْرُ مَرَّةً بِالْأَثْلَاثِ وَمَرَّةً بِالْأَخْمَاسِ ، فَالسَّبِيلُ أَنْ نَضْرِبَ ثَلَاثَةً فِي خَمْسَةً فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَنَجْعَلُ كُلَّ رَقَبَةٍ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ قَدْ سَلِمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ خَمْسَةٌ وَبَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الْمُدَبِّرَيْنِ يَبْقَى مَالُ الْمَوْلَى عِشْرُونَ : عَشَرَةٌ مِنْ رَقَبَةِ الْمُدَبِّرِ الْقَائِمِ وَعَشَرَةٌ مِنْ رَقَبَةِ الْقِنِّ ، فَإِنَّمَا يَسْلَمُ لِلْمُدَبِّرِ الْبَاقِي خُمْسُ ذَلِكَ ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ ، فَإِذَا سَلِمَ لَهُ مَرَّةً خَمْسَةٌ وَمَرَّةً أَرْبَعَةٌ يَبْقَى مِنْ رَقَبَتِهِ سِتَّةٌ ، فَإِنَّمَا يَسْعَى هُوَ فِي سِتَّةِ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ قِيمَتِهِ ، فَإِنْ شِئْت سَمَّيْت ذَلِكَ خُمُسَيْ قِيمَتِهِ ، وَإِنْ شِئْت سَمَّيْته أَرْبَعَةَ أَعْشَارِ قِيمَتِهِ وَيَسْعَى الْآخَرُ فِي عَشَرَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لَهُ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْمُدَبِّرِ الْقَائِمِ فِي أَرْبَعَةٍ ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمَيِّتَ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِثْلَ ذَلِكَ فَحَصَلَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ

لَهُمَا فِي ثَمَانِيَةٍ مِثْلَ نِصْفِ مَا سَلِمَ لِلْوَرَثَةِ .
وَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ الْبَاتُّ فِي مَرَضِهِ سَعَى الْمُدَبِّرُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَسَعَى الْآخَرُ فِي ثَمَانِيَةِ أَتْسَاعِ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الْبَيَانِ شَاعَ فِيهِمْ ، فَإِنَّمَا يَسْلَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ ثُلُثُهُ وَلَا يَزْدَادُ حَقُّ الْمُدَبِّرِ بِهَذَا ؛ لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِجَمِيعِ رَقَبَتِهِ فَبَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى يَضْرِبُ الْمُدَبِّرُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِ رَقَبَتِهِ ، وَالْقِنُّ بِثُلُثِ رَقَبَتِهِ ، فَإِذَا جَعَلْتَ كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبْعَةٍ ، وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ، قَدْ مَاتَ أَحَدُ الْمُدَبِّرَيْنِ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا بَقِيَ لِسِهَامِ حَقِّهِ الْوَرَثَةَ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَالْمُدَبِّرَ الْبَاقِيَ بِثَلَاثَةٍ ، وَالْقِنَّ بِسَهْمٍ فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، وَالْمَالُ رَقَبَتَانِ كُلُّ رَقَبَةٍ عَلَى تِسْعَةٍ ، فَقَدْ سَلِمَ لِلْمُدَبِّرِ ثَلَاثَةٌ ، وَهُوَ الثُّلُثُ مِنْ رَقَبَتِهِ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَيَسْلَمُ لَلْقِنِّ سَهْمٌ ، وَهُوَ تُسْعُ رَقَبَتِهِ وَيَسْعَى فِي ثَمَانِيَةِ أَتْسَاعِ قِيمَتِهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْمُدَبِّرِ الْمَيِّتِ مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلْحَيِّ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ

وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدَانِ فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَلْبَتَّةَ ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ السَّيِّدِ ، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْهُمَا يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ الْمَوْلَى يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُزَاحِمًا لِلْآخَرِ فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ عَلَى مَا عُرِفَ أَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ وَالطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِي الْقَائِمِ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا ، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا يَسْعَى الْبَاقِي فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ يَشِيعُ فِيهِمَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ ، فَصَارَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى سَهْمَيْنِ ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْآخَرُ فِي رَقَبَتِهِ بِسَهْمٍ ، وَالْوَرَثَةُ ؛ فَلِهَذَا يَسْلَمُ لَهُ خُمْسُ رَقَبَتِهِ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَرَضِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : الْأَصْلُ فِي مَسَائِلَ هَذَا الْبَابِ أَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ بِالْأَجَلِ يَكُونُ مُعْتَبَرًا مِنْ ثُلُثِهِ بِمَنْزِلَةِ تَبَرُّعِهِ بِأَصْلِ الْمَالِ بِالْهِبَةِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ تَقَعُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَ الْمَالِ عِنْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ بِسَبَبِ الْأَجَلِ ، كَمَا تَقَعُ الْحَيْلُولَةُ بِسَبَبِ الْهِبَةِ ، وَالْإِبْرَاءِ وَلِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَقُّ الْوَرَثَةِ وَتَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِالتَّأْجِيلِ بَاطِلٌ كَتَصَرُّفِهِ بِالْإِسْقَاطِ وَأَصْلُ إجْرَائِهِ إذَا جَمَعَ فِي تَبَرُّعِهِ بَيْنَ الْمَالِ ، وَالْأَجَلِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ التَّبَرُّعُ بِأَصْلِ الْمَالِ حَتَّى إذَا اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَ لَمْ يَصِحَّ تَأْجِيلُهُ فِي شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ تَبَرُّعٌ مِنْ حَيْثُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الْمَالِ ، وَالْمُحَابَاةُ تَبَرُّعٌ بِأَصْلِ الْمَالِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّبَرُّعَ بِأَصْلِ الْمَالِ أَقْوَى وَلَا مُزَاحَمَةَ بَيْنَ الضَّعِيفِ ، وَالْقَوِيِّ فِي الثُّلُثِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ : إذَا سَلَّمَ الْمَرِيضُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي عَشَرَةِ أَكْرَارِ حِنْطَةٍ إلَى رَجُلٍ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَنَقَدَ الدَّرَاهِمَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ حِلِّ الْأَجَلِ ، وَالطَّعَامُ يُسَاوِي مِائَةً ، فَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ عَجَّلَ ثُلُثَيْ الطَّعَامِ ، فَكَانَ الثُّلُثُ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِمْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا إنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ أَنْ يُؤَخِّرُوا عَنْهُ الطَّعَامَ إلَى أَجَلِهِ ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ كَانَ بِالْأَجَلِ ، فَإِنَّمَا صَحَّ فِي ثُلُثِ مَالِهِ ، وَعَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَيْ الطَّعَامِ إلَّا أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ ، فَإِنَّهُ مَا رَضِيَ بِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِحُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ حَلِّ الْأَجَلِ ، فَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِ بِهِ فَقَدْ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ

، وَذَلِكَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِانْعِدَامِ تَمَامِ الرِّضَى فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَيَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ أَنْ يُؤَخِّرُوا عَنْهُ الطَّعَامَ إلَى أَجَلٍ ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا نَفَّذُوا التَّأْجِيلَ فِي جَمِيعِ الطَّعَامِ فَقَدْ سَلِمَ لَهُ شَرْطُ عَقْدِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ .
وَإِنْ لَمْ يَتَخَيَّرْ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ حَلَّ الْأَجَلُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مُوجِبُ الْعَقْدِ هُنَا ، فَإِنَّ الْأَجَلَ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَتَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ ، أَمَّا لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ لَهُ عَنْ الْأَجَلِ أَوْ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمَّا صَارَ فِي مَعْنَى التَّحَوُّلِ إلَى التَّرِكَةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ ، وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ الْأَجَلَ ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْتِ رَبِّ السَّلَمِ فَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ ، فَالطَّعَامُ حَالٌّ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ

وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَمَاتَ رَبُّ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ حَيٌّ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ عَلَى الْوَرَثَةِ رَأْسَ الْمَالِ كُلِّهِ وَأَبْطَلَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِمْ سُدُسَ رَأْسِ الْمَالِ وَأَدَّى الطَّعَامَ كُلَّهُ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ فِي تَبَرُّعِهِ هُنَا بَيْنَ الْأَجَلِ ، وَالْمَالِ ، وَتَبَرُّعُهُ بِالْمَالِ اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَ وَزَادَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ بِالْأَجَلِ فِي شَيْءٍ وَيَسْلَمُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ثُلُثُ الْمَالِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ يَبْقَى سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الطَّعَامَ فِي الْحَالِ ، وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ رَأْسُ الْمَالِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ حَتَّى يُسَلِّمَ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ الْمَالِ فِي الْحَالِ ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ ، فَإِذَا اخْتَارَ الْفَسْخَ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ جَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ كَانَتْ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ ، فَلَا يَبْقَى بَعْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ ، وَلَا يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ تَبَرُّعُهُ فِي الْأَجَلِ ، وَالْمَالِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ الثُّلُثِ فَيُعْطِي ثُلُثَيْ الطَّعَامِ فِي الْحَالِ وَثُلُثَ الطَّعَامِ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ وَتَسْلَمُ لَهُ ثُلُثُ الْخَمْسِينَ وَيُرَدُّ ثُلُثُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْحَالِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ، وَهَذَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّوَزُّعَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ أَصْلِ الْمَالِ ، وَالْأَجَلِ ، ثُمَّ لَوْ جَعَلْنَا هَكَذَا ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَوَجَبَ قَضَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ وَجَبَ رَدُّ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَرُدُّوا ذَلِكَ حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ ، فَإِنَّ عَقْدَ السَّلَمِ يُنْتَقَضُ فِي الْمَرْدُودِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَعُودَ الْعَقْدُ فِيهِ بِدُونِ التَّجْدِيدِ ، وَعَلَى هَذَا

لَوْ كَانَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ رَجُلَيْنِ ، فَإِنَّ الطَّرِيقَ فِي التَّخْرِيجِ وَاحِدٌ

وَلَوْ أَسْلَمَ الْمَرِيضُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةً ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ حَلّ الْأَجَلِ فَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ وَأَدَّى الْكُرَّ كُلَّهُ لِمَا بَيَّنَّا بِأَنَّ تَبَرُّعَهُ بِأَصْلِ الْمَالِ فِي الثُّلُثِ مُقَدَّمٌ وَإِذَا تَبَرَّعَ بِقَدْرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ مَالِهِ عَشَرَةٌ ، فَإِذَا أَدَّى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الطَّعَامَ فِي الْحَالِ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَرَدَّ ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ ، وَهُوَ عَشَرَةٌ حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا لَهُ الْوَصِيَّةَ فِي عَشَرَةٍ ، وَإِنْ اخْتَارَ فَسْخَ الْعَقْدِ لِتَغَيُّرِ شَرْطِهِ رَدَّ جَمِيعَ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ كَانَتْ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَدَّى الْكُرَّ كُلَّهُ وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى يَسْلَمَ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَا مَالِ الْمَيِّتِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثَا دِرْهَمٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَرْبَعِينَ ، ثُمَّ رَدَّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ وَكُرًّا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيَبْقَى السَّالِمُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ .
وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا رَدَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثَا يَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ كُرٌّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ ، فَذَلِكَ ثُلُثَا مَالِ الْمَيِّتِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْمُحَابَاةَ لَهُ فِي سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ سَلِمَ لَهُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ بِكُرٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةَ دِرْهَمٍ رَدَّ سِتَّةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ هَذَا مَعَ كُرٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيَكُونَ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ ، وَهُوَ ثُلُثَاهُ مَالُ الْمَيِّتِ وَيَسْلَمُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ بِكُرٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيَكُونَ السَّالِمَ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ

ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِ الْمَيِّتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابُ هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهَا ، ثُمَّ مَاتَ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ وَلَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ ، وَهِيَ وَارِثَةٌ ، وَلَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَهُ وَلَهَا عُصْبَةٌ ، وَلَا مَالَ لِلْمَرْأَةِ غَيْرُ هَذِهِ الْمِائَةِ ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِنْهَا إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ سِتِّينَ دِرْهَمًا لِبُطْلَانِ الْهِبَةِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا بِالْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّهَا حِينَ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ وَارِثَةً لَهُ فَصَحَّ هِبَتُهُ لَهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ، فَإِنْ قِيلَ : الْهِبَةُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ وَمَوْتُ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْمُوصِي مُبْطِلٌ لِوَصِيَّةٍ صَحِيحَةٍ ، فَكَيْفَ يَكُونُ مُصَحِّحًا لِوَصِيَّةٍ بَاطِلَةٍ ؟ قُلْنَا : الْهِبَةُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ فِي أَنَّهُ تَبَرُّعٌ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ ، فَأَمَّا الْمِلْكُ بِهِ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْقَبْضِ وَمَوْتُ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْمُوصِي إنَّمَا يُبْطِلُ وَصِيَّتَهُ لِكَوْنِ التَّمْلِيكِ فِيهَا مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَأَمَّا هَذِهِ هِبَةٌ مُنَفَّذَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهَا قَبْلَهُ ، ثُمَّ وَجْهُ تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ مَالَ الزَّوْجِ فِي الْأَصْلِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، وَهِبَتُهُ لَهَا صَحِيحٌ فِي ثُلُثِهَا ، ثُمَّ نِصْفُ ذَلِكَ الثُّلُثِ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الزَّوْجِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَجْعَلَ الْمِائَةَ عَلَى سِتَّةٍ تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ أَحَدُهُمَا إلَى الزَّوْجِ فَيَزْدَادُ مَالُهُ وَهَذَا هُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ ، فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ سَهْمًا يَبْقَى لِوَارِثِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ سَهْمَانِ فَتَكُونُ الْمِائَةُ عَلَى خَمْسَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ بِالْمِيرَاثِ إلَى وَارِثِ الزَّوْجِ فَيَسْلَمُ لَهُ أَرْبَعَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمَيْنِ فَاسْتَقَامَ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ بُطْلَانَ الْهِبَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الْمِائَةِ ، وَذَلِكَ

سِتُّونَ دِرْهَمًا وَتَنْفِيذُ الْهِبَةِ فِي خُمْسِ الْمِائَةِ ، وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ ، ثُمَّ يَعُودُ نِصْفُهُ إلَى وَارِثِ الزَّوْجِ ، وَهُوَ عِشْرُونَ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي أَرْبَعِينَ وَتَبْقَى لِعُصْبَتِهَا عِشْرُونَ دِرْهَمًا .
فَإِنْ اعْتَبَرْت طَرْحَ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ ، فَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ أَنْ نَقُولَ : مَالُهَا مَا نَفَذَتْ الْهِبَةُ فِيهِ ، وَهُوَ ثُلُثُ الْمِائَةِ ، نِصْفُ ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ يَكُونُ لِلزَّوْجِ ، ثُمَّ تُنَفَّذُ لَهَا الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ وَفِي الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ يُعْتَبَرُ مَالُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ ، فَصَارَ هَذَا النِّصْفُ عَلَى هَذِهِ ثَلَاثَةً ، وَالنِّصْفُ الَّذِي لِعَصَبَتِهَا أَيْضًا عَلَى ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ مِنْ نَصِيبِ الزَّوْجِ إلَى عَصْبَتِهَا فَيَزْدَادُ مَالُهَا بِذَلِكَ ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَيَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ عَصَبَتِهَا يَبْقَى حَقُّ عَصْبَتِهَا فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّ الزَّوْجِ فِي ثَلَاثَةٍ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ إلَى الْعَصَبَةِ فَيَسْلَمُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ ثُلُثَ الْمِائَةِ صَارَ عَلَى خَمْسَةٍ ، وَالسَّالِمَ لِلزَّوْجِ خُمُسَاهُ ، وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ، إذَا ضَمَمْته إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ يَكُونُ مِائَتَيْنِ ، وَالسَّالِمُ لِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ ثُلُثِ الْمَالِ ، وَذَلِكَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا كُلُّ خُمْسٍ سِتَّةٌ وَاثْنَانِ .
وَلَوْ كَانَ وَهَبَ لَهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا رَجَعَ إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ وَأَرْبَعُونَ بِالْمِيرَاثِ ، وَوَجْهُ التَّخْرِيجِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ : أَنَّ الْمِائَتَيْنِ مَالُ الزَّوْجِ وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الزَّوْجِ يَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَتَنْفُذُ الْهِبَةُ فِي خُمْسِهَا ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَيُرَدُّ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ ثَلَاثَةُ

أَخْمَاسِهَا وَذَلِكَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَبِمِيرَاثِ الزَّوْجِ مِنْهَا أَرْبَعِينَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَمَانِينَ فَاسْتَقَامَ ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ مَالُهَا ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ وَيَنْقَسِمُ هَذَا الثُّلُثُ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ نَصِيبِ عَصَبَتِهَا عَلَى خَمْسَةٍ فَاَلَّذِي يَسْلَمُ لِعَصْبَتِهَا فِي الْحَاصِلِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ ذَلِكَ وَثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ كُلُّ خُمْسٍ مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا أَرْبَعُونَ هُوَ لِعَصْبَةِ الْمَرْأَةِ وَخُمُسَاهَا سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ مَعَ ثُلُثَيْ الْمِائَتَيْنِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ مِائَةً وَسِتِّينَ ، وَلَوْ كَانَ وَهَبَ لَهَا ثَلَثَمِائَةٍ ، وَهِيَ جَمِيعُ مَالِهِ أَخَذَ وَرَثَةُ الزَّوْجِ مِائَةً وَثَمَانِينَ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ وَسِتِّينَ بِالْمِيرَاثِ عَنْهَا ؛ لِأَنَّ مَالَهُ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ يَنْقَسِمُ أَخْمَاسًا ، فَإِنَّمَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ ثَلَثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ ثَلَثِمِائَةٍ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ، التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا ، وَكَذَلِكَ عَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا .
وَلَوْ كَانَ وَهَبَ لَهَا خَمْسَمِائَةٍ وَمَاتَتْ قَبْلَهُ كَانَ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ ثَلَثُمِائَةٍ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ وَمِائَةٌ بِالْمِيرَاثِ وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ وَاضِحٌ أَيْضًا ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْمَسْأَلَةُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ سِتُّمِائَةٍ وَبِمِيرَاثِ الزَّوْجِ مِنْهَا مِائَتَانِ وَطَرِيقُ التَّخْرِيج أَنْ يَقْسِمَ مَالَ الزَّوْجِ عَلَى خَمْسَةٍ ، إنْ طَرَحْت السَّهْمَ الدَّائِرَ مِنْ جَانِبِهِ ، وَأَنْ يَقْسِمَ مَالَ الْمَرْأَةِ ، وَهُوَ ثُلُثُ الْمَوْهُوبِ عَلَى خَمْسَةٍ إنْ طَرَحْت السَّهْمَ الدَّائِرَ مِنْ جَانِبِهَا

وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَهُ مِائَةٌ أُخْرَى وَلَا مَالَ لِلْمَرْأَةِ غَيْرُهَا ، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلُهُ وَلَهَا عَصَبَةٌ ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا بِالْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَالِ الزَّوْجِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، فَإِنَّمَا تَنْفُذُ هِبَتُهُ فِي ثُلُثِ جَمِيعِ مَالِهِ ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْمَوْهُوبِ خَاصٌّ بِهِ وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، قِسْمَةُ الْمِائَتَيْنِ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَإِنَّمَا تَنْفُذُ الْهِبَةُ لَهَا فِي خُمُسَيْ الْمِائَتَيْنِ وَذَلِكَ ثَمَانُونَ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ بُطْلَانَ الْهِبَةِ فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ الْمِائَةِ الْمَوْهُوبَةِ لَهَا ، وَأَنَّ مَالَهَا ثَمَانُونَ دِرْهَمًا نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَنِصْفُهُ لِعَصَبَتِهَا ، فَجُمْلَةُ مَا يَسْلَمُ لِوَارِثِ الزَّوْجِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَمَانِينَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَلَوْ تَرَكَ الزَّوْجُ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا سِوَى الْمِائَةِ الْمَوْهُوبَةِ لَهَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْمِائَةِ كُلِّهَا وَيَرْجِعُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الزَّوْجِ خَمْسُونَ ؛ لِأَنَّ مَالَ الزَّوْجِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ يَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْخَمْسِينَ ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ مِقْدَارُ مَا وَهَبَ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ نِصْفُهُ بِالْمِيرَاثِ ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي مِائَةٍ فَاسْتَقَامَ .
وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ وَمِائَةً ؛ لِأَنَّك تَنْظُرُ إلَى خُمُسَيْ مَا تَرَكَ مَعَ مَا وَهَبَ ، فَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ تَخْرُجُ مِنْ خُمُسَيْ ذَلِكَ سَلِمَتْ لَهَا الْهِبَةُ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُجَاوِزْ ثُلُثَ مَالِ الزَّوْجِ فِي الْحَاصِلِ .

وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ، وَلِلْمَرْأَةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ سِوَى ذَلِكَ ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَهُ ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ ، فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي سِتِّينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ مَالَ الزَّوْجِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ الْمِائَةُ الْمَوْهُوبَةُ وَنِصْفُ الْمِائَةِ الْأُخْرَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ عَنْهَا ، ثُمَّ هَذِهِ الْمِائَةُ ، وَالْخَمْسُونَ تَكُونُ مَقْسُومَةً عَلَى خَمْسَةٍ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِهِ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خُمُسَيْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ سِتُّونَ كُلُّ خُمْسٍ ثَلَاثُونَ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ثَلَاثُونَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ مَرَّةً تِسْعُونَ وَمَرَّةً ثَلَاثُونَ ، فَذَلِكَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سِتِّينَ فَاسْتَقَامَ ، وَإِنْ اعْتَبَرْت طَرْحَ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ قُلْت : مَالُهَا مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ صَحِيحَةٌ فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي لِلزَّوْجِ ، ثُمَّ يُقَسَّمُ مَالُهَا بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِهَا عَلَى خَمْسَةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِعَصَبَتِهَا سَهْمَانِ ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْوَصِيَّةِ إلَى الْعَصْبَةِ سَهْمٌ فَيَسْلَمُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ فَظَهَرَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ مِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٌ ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَلِوَارِثِ الزَّوْجِ خُمُسَا ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ فَإِذَا ضَمَمْت ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمِائَةِ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ تَكُونُ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَيَسْتَقِيمُ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْكِتَابِ ، وَلَوْ كَانَ لَهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ سِوَى ذَلِكَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَمَانِينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ مَالَ الزَّوْجِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ وَرِثَ عَنْهَا نِصْفَ مَالِهَا ، ثُمَّ هَذِهِ الْمِائَتَانِ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِهِ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خُمُسَيْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ ، ثُمَّ

يَعُودُ نِصْفُهُ بِالْمِيرَاثِ إلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَمَانِينَ فَاسْتَقَامَ ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْمَرْأَةِ ثَلَثُمِائَةٍ سَلِمَتْ الْهِبَةُ لَهَا فِي جَمِيعِ الْمِائَةِ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَرِثُ عَنْهَا نِصْفَ الثَّلَثَمِائَةِ مِائَةً وَخَمْسِينَ ، قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ سِوَى الْمِائَةِ الْمَوْهُوبَةِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْهِبَةِ بِخُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ .

وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ فِي مَرَضِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَلَا مَالَ لِلْمَرْأَةِ غَيْرُهَا ، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لَهَا فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْهِبَةِ فِي الْمَرَضِ فَيَسْتَرِدُّ مِنْ الْمِائَةِ خَمْسِينَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِهَا أَوَّلًا ، وَيَخْرُجُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِ الزَّوْجِ فِي حُكْمِ الْهِبَةِ يَبْقَى مَالُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِهِ تُقَسَّمُ هَذِهِ الْخَمْسُونَ أَخْمَاسًا فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خُمُسِهَا وَذَلِكَ عِشْرُونَ ، ثُمَّ يَعُودُ نِصْفُ الْعِشْرِينَ بِالْمِيرَاثِ إلَى الزَّوْجِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي عِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ ، وَلَوْ وَهَبَ لَهَا ثَمَانِينَ دِرْهَمًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى الْمَرْأَةِ دَيْنٌ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ مَالَ الزَّوْجِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ كَانَ مَالُ الزَّوْجِ جَمِيعَ الثَّمَانِينَ ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ عَشَرَةٌ يُنْتَقَصُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ بِقَدْرِ نِصْفِ دَيْنِهَا ، وَهُوَ خَمْسَةٌ ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَالَهَا بِالْمِيرَاثِ يَكُونُ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَعَصَبَتِهَا ، وَإِنَّمَا يُقْضَى دَيْنُهَا مِنْ مَالِهَا ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ عَشَرَةٌ كَانَ نِصْفُ هَذِهِ الْعَشَرَةِ لِلزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ، وَإِذَا كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ عَشَرَةٌ عَرَفْنَا أَنَّهُ يُنْتَقَصُ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْعَشَرَةِ ، وَهُوَ خَمْسَةٌ ، ثُمَّ هَذِهِ الْخَمْسَةُ وَالسَّبْعُونَ بِطَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِهِ تَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ الْهِبَةُ لَهَا فِي خُمْسِ ذَلِكَ وَكُلُّ خُمْسٍ خَمْسَةَ عَشَرَ فَخُمُسَاهَا ثَلَاثُونَ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي

ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَتَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي خَمْسِينَ ، ثُمَّ يُقْضَى بِعَشَرَةٍ مِنْ الثَّلَاثِينَ دَيْنُهَا يَبْقَى عِشْرُونَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَعَصَبَتِهَا نِصْفَيْنِ بِالْمِيرَاثِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ سِتُّونَ دِرْهَمًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثِينَ فَاسْتَقَامَ .

وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ ، وَقَدْ قَبَضَتْ الْمِائَةَ ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ قُسِّمَتْ الْمِائَةُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا : لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا سَهْمَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ تَبْطُلُ عِنْدَ عَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا ، فَهُوَ إنْ وَهَبَ لَهَا جَمِيعَ مَالِهِ ، فَإِنَّمَا تَضْرِبُ هِيَ فِي الثُّلُثِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ ، وَكَذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَهْمَيْنِ ، ثُمَّ السَّهْمُ الَّذِي لَهَا يَنْقَسِمُ نِصْفَيْنِ فَيَعُودُ نِصْفُهُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الزَّوْجِ فَانْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأَضْعِفْهُ فَيَكُونُ الثُّلُثُ أَرْبَعَةً وَالثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةً فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الزَّوْجِ أَحَدُ سَهْمَيْهَا ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فَيَعُودُ حَقُّهُمْ إلَى سَبْعَةٍ ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُمَا أَرْبَعَةٌ فَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَلِمَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ وَلِلْمَرْأَةِ سَهْمَانِ ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ أَحَدُ السَّهْمَيْنِ مِنْهَا إلَى الزَّوْجِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ ثَمَانِيَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهَا فِي أَرْبَعَةٍ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ .
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قِسْمَةُ الْمِائَةِ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا : لِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمَانِ ، وَلِوَرَثَةِ الْمَرْأَةِ سِتَّةٌ ، ثُمَّ يَرْجِعُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فَهِيَ تَضْرِبُ بِجَمِيعِ الْمَالِ مِائَةً ، وَالْآخَرُ بِثُلُثِهَا فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ : لَهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ وَالثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ فَيَكُونُ سِهَامُ

الْمَالِ اثْنَيْ عَشَرَ ، ثُمَّ نِصْفٌ نَصِيبُهَا وَذَلِكَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الزَّوْجِ فَيَزْدَادُ مَالُهُ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ، وَهِيَ السِّهَامُ الدَّائِرَةُ فَنَطْرَحُهَا مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ فَيَتَرَاجَعُ حَقُّهُمْ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُمَا فِي ثَمَانِيَةٍ فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ؛ فَلِهَذَا كَانَتْ قِسْمَةُ الْمِائَةِ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لَهَا سِتَّةٌ وَيَعُودُ نِصْفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ سِتَّةَ عَشَرَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي أَوْصَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا لِرَجُلٍ جَازَتْ الْهِبَةُ لَهَا فِي ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ؛ لِأَنَّ مَالَ الزَّوْجِ ، وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ يُجْعَلُ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ هُنَا فِي الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ تُنَفَّذُ الْهِبَةُ لَهَا فِي ثُلُثِ ذَلِكَ ، ثُمَّ ثُلُثُ ذَلِكَ الثُّلُثِ تُنَفَّذُ فِيهِ وَصِيَّتُهَا فِي سَهْمٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَيَبْقَى سَهْمَانِ فَيَعُودُ أَحَدُ السَّهْمَيْنِ إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ وَيَزْدَادُ مَالُهُ بِهَذَا السَّهْمِ ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَتِهِ سَهْمًا يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي خَمْسَةٍ وَحَقُّ الْمَرْأَةِ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَنِصْفٍ ، ثُمَّ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِهِ ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ وَتَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْمَانِهِ ، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ ، ثُمَّ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهَا فِي ثُلُثِ مَالِهَا اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ وَيَبْقَى خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِلزَّوْجِ مِنْهَا بِالْمِيرَاثِ نِصْفُ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفٍ فَاسْتَقَامَ

وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَهُوَ مَرِيضٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُهَا ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَهُ وَتَرَكَتْ ابْنَهَا وَزَوْجَهَا ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ لَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْهِبَةِ لَهَا فِي ثُلُثِ مَالِ الزَّوْجِ ، ثُمَّ يَصِيرُ بَيْنَ ذَلِكَ الزَّوْجِ وَالِابْنِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةً أَرْبَاعًا ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ ، فَإِنَّمَا تُنَفَّذُ الْهِبَةُ لَهَا فِي أَرْبَعَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَنَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ وَرَثَةِ الزَّوْجِ ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فَيَبْقَى حَقُّهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَحَقُّهَا فِي أَرْبَعَةٍ فَذَلِكَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ بِالْمِيرَاثِ إلَى الزَّوْجِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ ثَمَانِيَةٌ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي أَرْبَعَةٍ فَاسْتَقَامَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ صِحَّةَ الْهِبَةِ فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ الْمِائَةِ .
وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُخْتَيْهَا قُسِّمَتْ الْمِائَةُ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا ، وَهُوَ الثُّلُثُ يَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَ الزَّوْجِ ، وَالْأُخْتَيْنِ عَلَى سَبْعَةٍ : لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ فَأَصْلُ الْفَرِيضَةِ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ بِسَهْمٍ ، فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى سَبْعَةٍ كَانَ الْكُلُّ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ ثَلَاثَةٌ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ تَعُودُ بِالْمِيرَاثِ إلَى الزَّوْجِ ، وَهِيَ السِّهَامُ الدَّائِرَةُ فَنَطْرَحُهَا مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَبْقَى لَهُمْ أَحَدَ عَشَرَ وَلَهَا سَبْعَةٌ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمِائَةَ تَنْقَسِمُ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَأَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِي سَبْعَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فَيَسْلَمُ لَهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ .
وَلَوْ كَانَتْ تَرَكَتْ أُخْتَيْهَا وَأَمَّهَا

وَزَوْجَهَا قُسِّمَتْ الْمِائَةُ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا ، وَهُوَ الثُّلُثُ بَيْنَ وَرَثَتِهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمٌ ، وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ كَانَ الْكُلُّ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ تَعُودُ ثَلَاثَةٌ إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ، وَهِيَ السِّهَامُ الدَّائِرَةُ فَنَطْرَحُهُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَتِهِ فَيَتَرَاجَعُ الْحِسَابُ إلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ مَا تَرَكْت مِنْ الْوَرَثَةِ فَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا تَرَكَتْ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَزَوْجًا ، وَالْقِسْمَةُ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ .
وَلَوْ تَرَكَتْ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وَزَوْجًا وَأُمًّا فَالْقِسْمَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّك تُصَحِّحُ فَرْضِيَّتَهَا فَتَجْعَلُ الثُّلُثَ عَلَى سِهَامِ فَرْضِيَّتِهَا وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ ، ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْ نَصِيبِ وَرَثَةِ الزَّوْجِ مَا يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ مِنْهَا وَتَسْتَقِيمُ الْقِسْمَةُ عَلَى مَا بَقِيَ .
وَلَوْ تَرَكَتْ ابْنَتَهَا وَأَبَوَيْهَا وَزَوْجَهَا قُسِّمَتْ الْمِائَةُ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا ، وَهُوَ الثُّلُثُ يَكُونُ مَقْسُومًا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَالثُّلُثَانِ ثَلَاثُونَ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَيُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَتِهِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ يَبْقَى لَهُمْ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَذَلِكَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِنْهُ يَسْتَقِيمُ التَّخْرِيجُ

وَلَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَهِيَ مَرِيضَةٌ وَلَا مَالَ لَهُمَا غَيْرُهَا ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَهَا ، وَهِيَ وَارِثَتُهُ مَعَ عَصَبَتِهِ ، ثُمَّ مَاتَتْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْهِبَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ الْمِائَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ قَبْلَهَا فَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لَهَا فَجَازَتْ هِبَتُهَا لَهُ فِي الثُّلُثِ ، ثُمَّ هَذَا الثُّلُثُ يَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَصَبَةِ الزَّوْجِ أَرْبَاعًا فَعَرَفْت أَنَّ أَصْلَ الْمِائَةِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِحَاجَتِك إلَى ثُلُثٍ يَنْقَسِمُ أَرْبَاعًا ، ثُمَّ سَهْمٌ مِنْ نَصِيبِ الزَّوْجِ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ سِهَامِ وَرَثَتِهَا يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَحَقُّ الزَّوْجِ فِي أَرْبَعَةٍ ، فَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ ، فَإِنَّمَا نَفَّذْنَا الْهِبَةَ لِلزَّوْجِ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا مِنْ الْمِيرَاثِ سَهْمٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهَا ثَمَانِيَةٌ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي أَرْبَعَةٍ فَاسْتَقَامَ .
وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ قُسِّمَتْ الْمِائَةُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ لِلزَّوْجِ فِي ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ الَّذِي هُوَ نَصِيبُ الزَّوْجِ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِ الزَّوْجِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ لَهَا مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنُ ، فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ كَانَ الْكُلُّ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ يَعُودُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ بِالْمِيرَاثِ إلَيْهَا سَهْمٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ سِهَامِ وَرَثَتِهَا ، وَهُوَ سِتَّةٌ يَبْقَى لَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلزَّوْجِ ثَمَانِيَةٌ فَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا صَحَّتْ لِلزَّوْجِ فِي ثَمَانِيَةٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْمِيرَاثِ سَهْمٌ فَيَكُونُ السَّالِمُ لِوَرَثَتِهَا سِتَّةَ عَشَرَ ضِعْفَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ .

وَإِذَا مَرِضَ الزَّوْجُ وَامْرَأَتُهُ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَوَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً لِصَاحِبِهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : إمَّا أَنْ تَمُوتَ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا ، ثُمَّ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجُ أَوَّلًا ، ثُمَّ الْمَرْأَةُ أَوْ مَاتَا مَعًا .
فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي مَاتَتْ أَوَّلًا وَلَا وَلَدَ لَهَا جَازَتْ الْهِبَةُ لَهَا مِنْ مِائَةِ الزَّوْجِ فِي سِتِّينَ دِرْهَمًا وَلَمْ يَجُزْ لِلزَّوْجِ مِنْ مِائَتِهَا شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَرِثَهَا حِينَ مَاتَتْ قَبْلَهُ ، فَإِنَّمَا وَهَبَتْ لِوَارِثِهَا فِي مَرَضِهَا وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ لَا تَرِثُ مِنْ الزَّوْجِ شَيْئًا حَيْثُ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَجَازَتْ الْهِبَةُ لَهَا فِي ثُلُثِ مَالِ الزَّوْجِ ، ثُمَّ الزَّوْجُ يَرِثُ عَنْهَا نِصْفَ مِائَتِهَا فَيَكُونُ مَالُهُ فِي الْحَاصِلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّائِرِ مِنْ جَانِبِهِ تُقَسَّمُ هَذِهِ الْمِائَةُ ، وَالْخَمْسُونَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لَهَا فِي خُمُسَيْ ذَلِكَ وَذَلِكَ سِتُّونَ دِرْهَمًا ، ثُمَّ يَعُودُ بِالْمِيرَاثِ نِصْفُهُ إلَى الزَّوْج فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سِتِّينَ فَاسْتَقَامَ .
وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَاتَ أَوَّلًا لَمْ يُجِزْ لِلْمَرْأَةِ مِنْ مِائَتِهِ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهَا وَارِثَتُهُ وَجَازَ لَهُ مِنْ مِائَةِ الْمَرْأَةِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ مَالَهَا مِائَتُهَا وَرُبْعُ مِائَةِ الزَّوْجِ يَسْلَمُ لَهَا بِالْمِيرَاثِ فَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ، ثُمَّ تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ وَيَنْقَسِمُ ذَلِكَ الثُّلُثِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَصَبَةِ الزَّوْجِ أَرْبَاعًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَالَهَا فِي الْأَصْلِ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي أَرْبَعَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ إلَيْهَا ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَتِهَا يَبْقَى لَهُمْ سَبْعَةٌ وَلِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ فَذَلِكَ أَحَدَ

عَشَرَ ، فَإِنَّمَا يَنْقَسِمُ مَالُهَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا فَكُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ أَحَدَ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ ، وَلَوْ مَاتَا مَعًا جَازَ لَهَا نِصْفُ مِائَتِهِ وَجَازَ لَهُ نِصْفُ مِائَتِهَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَرِثُ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا حِينَ مَاتَا مَعًا فَتَصِحُّ الْهِبَةُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ فَيَكُونُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأَصْلِ ثَلَاثَةً إلَّا أَنَّ سَهْمًا مِنْ ثَلَاثَةٍ يَعُودُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَتَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَارِثٍ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا فَيَبْقَى حَقُّ وَارِثٍ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي سَهْمٍ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي سَهْمٍ ؛ فَلِهَذَا قَسَّمْنَا كُلَّ مِائَةٍ عَلَى سَهْمَيْنِ فَيَسْلَمُ لِوَارِثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ نِصْفُهُ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ وَنِصْفُهُ بِالْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْآخَرِ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .

وَإِذَا تَزَوَّجَ الْمَرِيضُ امْرَأَةً عَلَى مِائَةٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهَا عَصَبَةٌ ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ ، فَإِنَّ الْمُحَابَاةَ لَهَا تَجُوزُ فِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَتَبْطُلُ فِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى مِقْدَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ مُحَابَاةً ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَتَكُونُ وَصِيَّةً لَهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِ الزَّوْجِ حَيْثُ مَاتَتْ قَبْلَهُ وَمَالُ الزَّوْجِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ مِقْدَارُ الْمُحَابَاةِ ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ وَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمِيرَاثِهِ عَنْهَا ، ثُمَّ هَذِهِ الْخَمْسَةُ وَسَبْعُونَ تُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُحَابَاةُ لَهَا فِي خُمُسَيْ ذَلِكَ ثَلَاثِينَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَيَعُودُ إلَيْهِمْ نِصْفُ الثَّلَاثِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ بِالْمِيرَاثِ فَيَكُونُ جُمْلَةُ مَا يَسْلَمُ لَهُمْ سِتُّونَ ، وَقَدْ عَرَفْنَا الْمُحَابَاةَ فِي ثَلَاثِينَ فَاسْتَقَامَ .
وَإِنْ جَعَلْتَ طَرْحَ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ قِبَلَ الْمَرْأَةِ قُلْت : مَالُهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ وَثُلُثُ الْخَمْسِينَ الْأُخْرَى بِالْوَصِيَّةِ فَيَكُونُ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ بَيْنَ عَصَبَتِهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ ، ثُمَّ نَصِيبُ الزَّوْجِ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةٍ ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ مِنْ ذَلِكَ وَصِيَّةٌ لَهَا وَنَصِيبُ الْعَصَبَةِ أَيْضًا عَلَى ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ مِنْ نَصِيبِ الزَّوْجِ إلَى الْعَصَبَةِ فَيَزْدَادُ نَصِيبُهُ فَالسَّبِيلُ أَنْ نَطْرَحَ مِنْ أَصْلِ الْعَصَبَةِ سَهْمًا فَيَتَرَاجَعُ إلَى خَمْسَةٍ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا لِلزَّوْجِ وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَخُمُسَاهُ لِلْعَصَبَةِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى الْعَصَبَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ فَيَسْلَمُ لِلْعَصَبَةِ أَرْبَعُونَ مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا مَرَّةً فِي سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ وَمَرَّةً فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ فَذَلِكَ ثَلَاثُونَ .

وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَهُ عَنْ عَصَبَةٍ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ثُلُثِ الْمِائَةِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَهَا مِنْ الْمِائَةِ الْمَوْهُوبَةِ الثُّلُثُ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَى الزَّوْجِ بِالْمِيرَاثِ ، فَإِنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ فَلَا يَقَعُ فِيهِ الدَّوْرُ ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كَانَتْ وَصِيَّتُهَا ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَنَرُدُّ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ بِنَقْصِ الْهِبَةِ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ مَالَ الزَّوْجِ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ كَانَ جَمِيعُ الْمِائَةِ مَالَ الزَّوْجِ ، قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهَا ، نِصْفُهُ مَقْضِيٌّ مِنْ نَصِيبِ الْعَصَبَةِ ، وَنِصْفُهُ مِنْ نَصِيبِ الزَّوْجِ فَيُجْعَلُ نِصْفُ الْعَشَرَةِ كَأَنَّهُ عَلَى الزَّوْجِ ، ثُمَّ هَذِهِ الْخَمْسَةُ وَالتِّسْعُونَ تُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةٍ ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ يُقْضَى بِعَشَرَةٍ مِنْ ذَلِكَ دَيْنُهَا وَيَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بَيْنَ الزَّوْجِ ، وَالْعَصَبَةِ نِصْفَيْنِ فَيَعُودُ إلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، قَدْ كَانَ وَصَلَ إلَيْهِمْ بِنَقْصِ الْهِبَةِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ فَيَكُونُ ذَلِكَ سِتَّةً وَسَبْعِينَ مِثْلَ مَا نَفَذَ مَا فِيهِ الْهِبَةُ ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ عِشْرُونَ دِرْهَمًا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَنَرُدُّ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الدَّيْنِ ، وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمَعْنَى كَأَنَّهُ عَلَى الزَّوْجِ فَيَبْقَى مَالُهُ تِسْعُونَ دِرْهَمًا ، وَإِنَّمَا تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي خُمُسَيْ ذَلِكَ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ، ثُمَّ يُقْضَى بِعِشْرِينَ مِنْ ذَلِكَ دَيْنُهَا يَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ نِصْفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ ، قَدْ عَادَ إلَيْهِ

بِنَقْصِ الْهِبَةِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ فَذَلِكَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ مِثْلَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ الرَّجُلِ يَهَبُ الْعَبْدَ فِي مَرَضِهِ فَيَجْنِي عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ عَبْدًا لِرَجُلٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثُلُثَيْهِ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي الْمَرَضِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ فَلَا تُنَفَّذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَبَعْدَ رَدِّ الثُّلُثَيْنِ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى بَقِيَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ ادْفَعُوهُ أَوْ افْدُوهُ أَيُّ ذَلِكَ فَعَلُوا رَجَعَ وَرَثَةُ الْمَوْلَى عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِمْ بِجِنَايَةٍ كَانَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ ، وَقَدْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ ، فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ الرَّدُّ جَعَلَ كَأَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَتَرْجِعُ وَرَثَةُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ ، قَدْ كَانُوا يَسْتَفِيدُونَ الْبَرَاءَةَ بِدَفْعِهِ فَكَانُوا مُخْتَارِينَ فِي الْتِزَامِهِ الزِّيَادَةَ بِاخْتِيَارِ الْفِدَاءِ فَلَا يَرْجِعُونَ إلَّا بِالْأَقَلِّ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ يَجْنِي ، ثُمَّ يَرُدُّهُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَيَدْفَعُهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ يَفْدِيهِ ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ ثُلُثَيْهِ إلَى الْوَرَثَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ الْعَبْدَ كُلَّهُ بِالْقَبْضِ فَبَقِيَ مِلْكُهُ مَا بَقِيَ الْقَبْضُ ، وَأَنَّ وُجُوبَ رَدِّ الثُّلُثَيْنِ عَلَى الْوَرَثَةِ لِفَسَادِ الْهِبَةِ فِيهِ وَاشْتِغَالِهِ بِحَقِّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ عِتْقِ الْمَوْلَى فِيهِ .
ثُمَّ إنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَثُلُثَا قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ رَدَّ الثُّلُثَيْنِ عَلَيْهِمْ كَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ، وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِإِعْتَاقِهِ فَعَلَيْهِ رَدُّ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ ،

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَقَرَّرَ فِي جَمِيعِهِ ، وَقَدْ صَارَ مُسْتَهْلِكًا رَقَبَتَهُ عَلَى رَدِّ الْجِنَايَةِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَثُلُثَا قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَتَلَ الْوَاهِبَ قِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ادْفَعْهُ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى أَوْ افْدِهِ ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ كُلَّهُ فَيَكُونُ نِصْفُهُ بِالْجِنَايَةِ وَنِصْفُهُ لَهُمْ بِنَقْضِ الْهِبَةِ ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَصِحُّ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ الثُّلُثَ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِسَهْمٍ فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ سَهْمًا يَبْقَى لَهُ سَهْمٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ فَكَانَ الْعَبْدُ سَهْمَيْنِ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي أَحَدِهِمَا ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ بِالْجِنَايَةِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ سَهْمَانِ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سَهْمٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا تَرَكَ عَبْدًا وَنِصْفَ عَبْدٍ فِي الْحُكْمِ فَثُلُثُ ذَلِكَ يَكُونُ نِصْفُ عَبْدٍ ؛ فَلِهَذَا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي نِصْفِ عَبْدٍ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الْهِبَةِ .
وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ بِالدِّيَةِ عَشَرَةِ آلَافٍ فَيَكُونُ مَالُ الْوَاهِبِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَهُوَ دُونَ الثُّلُثِ ؛ فَلِهَذَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَا قَتَلَ الْمَوْلَى ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ كَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ فَيَغْرَمُ عَشَرَةَ آلَافٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْهِبَةَ صَحَّتْ فِي جَمِيعِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَثُلُثُ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَقَرَّرَ فِيهِ بِالْإِعْتَاقِ فَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِاسْتِهْلَاكِ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ وَقِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا رَقَبَتَهُ عَلَى وَلِيِّ

الْجِنَايَةِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ قِيمَتَانِ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ فَيَسْلَمُ لَهُ ثُلُثَا قِيمَتِهِ وَثُلُثُ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ ، فَإِنْ قِيلَ : لَمَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ قَامَتْ الْقِيمَةُ مَقَامَ الْعَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ كَانَ بَاقِيًا كَانَ يَدْفَعُهُ النِّصْفَ بِالْجِنَايَةِ وَالنِّصْفَ بِنَقْضِ الْهِبَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ بِالْجِنَايَةِ إلَّا نِصْفُ الْعَبْدِ فَهُوَ بِالْإِعْتَاقِ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِمْ إلَّا ذَلِكَ النِّصْفَ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةً وَنِصْفًا ، يَسْلَمُ لَهُ بِالْهِبَةِ ثُلُثُ ذَلِكَ وَيَغْرَمُ قِيمَةً وَاحِدَةً قُلْنَا : عِنْدَ قِيَامِ الْعَبْدِ مَا يُرَدُّ مِنْهُ بِنَقْضِ الْهِبَةِ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ فَيَبْطُلُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى مَالِكِهِ هَدَرٌ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ ؛ لِأَنَّ بِرَدِّ الْقِيمَةِ لَا يَعُودُ شَيْءٌ مِنْ الْعَبْدِ إلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ ، فَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ مِنْ الْمَمْلُوكِ عَلَى مَالِكِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الْجِنَايَةِ كُلِّهَا وَتَبَيَّنَ أَنَّ حَقَّ الْأَوْلِيَاءِ فِي قِيمَةٍ كَامِلَةٍ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ ؛ فَلِهَذَا كَانَ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا .
وَلَوْ قَتَلَ الْوَاهِبَ وَلَمْ يُعْتِقْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ، وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ ، فَالْجَوَابُ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ كُلَّهُ : نِصْفَهُ بِالْجِنَايَةِ وَنِصْفَهُ بِنَقْضِ الْهِبَةِ ، وَحُكْمُ الدَّفْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَكَثْرَةِ قِيمَتِهِ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ آلَافٍ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ وَجَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْوَاهِبِ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ وَالدِّيَةُ ،

وَهِيَ عَشَرَةُ الْآفِّ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَبْدَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ؛ فَلِهَذَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سِتَّةَ آلَافٍ وَاخْتَارَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَدَّ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ رُبْعَهُ وَجَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ يَفْدِيهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الْأَصْلِ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ ، ثُمَّ يُفْدَى ذَلِكَ السَّهْمُ بِمِثْلِهِ وَمِثْلَ ثُلُثِهِ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِثْلَهُ وَمِثْلُ ثُلُثِهِ ، فَإِنَّمَا يُفْدَى كُلُّ سَهْمٍ مِنْ الْعَبْدِ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ ثُلُثِهِ وَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَيُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ بِسَهْمٍ وَثُلُثَيْ سَهْمٍ يَبْقَى لَهُمْ ثُلُثُ سَهْمٍ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ فَاجْعَلْ كُلَّ ثَلَاثَةٍ سَهْمًا فَيَصِيرُ الْعَبْدُ عَلَى أَرْبَعَةٍ : ثَلَاثَةٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَسَهْمٌ لِوِرْثِهِ الْوَاهِبِ بِنَقْضِ الْهِبَةِ ، ثُمَّ يَفْدِي الْمَوْهُوبُ لَهُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ ثُلُثِهِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ سِتَّةٌ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .
وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَذْكُرُ طَرِيقَةً أُخْرَى بَعْدَ هَذَا فَيَقُولُ : السَّبِيلُ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ أَلْفٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ فَقِيمَةُ الْعَبْدِ تَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَالدِّيَةُ ثَلَاثُونَ سَهْمًا ، ثُمَّ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ فَيَفْدِيهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ ، وَذَلِكَ عَشَرَةٌ زِيَادَةٌ تَظْهَرُ فِي جَانِبِ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ فَتُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ نَصِيبِهِمْ فِي الْعَبْدِ ، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ وَعَشَرَةٌ يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي سِتَّةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ عَلَى ثَمَانِيَةٍ ، فَإِنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِي سِتَّةٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ .
تَخْرِيجُهُ مِنْ حَيْثُ الدَّرَاهِمُ أَنَّ قِيمَةَ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ

وَخَمْسُمِائَةٍ ، فَإِذَا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ وَفْدَاهُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ فَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ يَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ مَعَ هَذَا رُبْعُ الْعَبْدِ ، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فَيَكُونُ جُمْلَةُ مَا يَسْلَمُ لَهُمْ تِسْعَةَ آلَافٍ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَاسْتَقَامَ .
وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ : ادْفَعْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ أَوْ افْدِهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ وَهَذَا غَلَطٌ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عِنْدَ الدَّفْعِ يَدْفَعُ الْعَبْدَ كُلَّهُ : نِصْفَهُ بِالْجِنَايَةِ وَنِصْفَهُ بِبَعْضِ الْهِبَةِ ، هَكَذَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي كِتَابِ الدَّوْرِ أَيْضًا ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ وَاخْتَارَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْفِدَاءُ رَدَّ ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِهِ إلَى الْوَرَثَةِ وَيَفْدِي أَرْبَعَةَ أَسْبَاعِهِ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّا نُجَوِّزُ الْهِبَةَ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ سَهْمًا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ وَرُبْعٍ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ كَذَلِكَ ، فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِهَذَا الْقَدْرِ فَيُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَتِهِ سَهْمٌ وَرُبْعٌ يَبْقَى لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَهْمٍ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ ، فَقَدْ انْكَسَرَ بِالْأَرْبَاعِ فَنَضْرِبُ سَهْمًا وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ سَبْعَةً لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَلِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ ثَلَاثَةٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ وَتَكُونُ فِي أَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهِ ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ رُبْعِهِ ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ فَيَحْصُلُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي أَرْبَعَةٍ فَاسْتَقَامَ .
وَعَلَى طَرِيقِ الثَّانِي يَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا ، وَكَذَلِكَ طَرِيقُ الْحِسَابِ .
فَإِنَّ عَلَى طَرِيقِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ يُفْدَى مَا يَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ ، وَهُوَ الدِّينَارُ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِ رُبْعِهِ ،

وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ يُفْدَى الشَّيْءُ الَّذِي تَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ بِشَيْءٍ وَرُبْعِ شَيْءٍ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ وَاضِحٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ .
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ ، فَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ ، وَالْفِدَاءِ ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مِثْلُ الدِّيَةِ فَيَرُدُّ نِصْفَهُ إلَى الْوَرَثَةِ بِنَقْضِ الْهِبَةِ وَيَدْفَعُ نِصْفَهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ يَفْدِيهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا رَدَّ أَرْبَعَةَ أَسْبَاعِهِ إلَى الْوَرَثَةِ وَقِيلَ لَهُ : ادْفَعْ ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِهِ أَوْ افْدِهَا بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ الدِّيَةِ : أَمَّا عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ فَالْجَوَابُ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّا نُجَوِّزُ الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ السَّهْمَ بِثُلُثَيْ سَهْمٍ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ مِثْلُ ثُلُثَيْهِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ سَهْمٍ يَبْقَى لَهُمْ سَهْمٌ وَثُلُثٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ فَقَدْ انْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ فَنَضْرِبُ سَهْمَيْنِ وَثُلُثًا فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ سَبْعَةً : حَقُّ الْوَرَثَةِ فِي أَرْبَعَةٍ ، وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ نَفْدِي هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِسَهْمَيْنِ مِنْ الدِّيَةِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ سِتَّةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةٍ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا .
وَأَمَّا عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ فَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ غَلَطٌ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ نُسِخَ الْأَصْلِ قَالَ تَدْفَعُهُ عَلَى مَا فَسَّرْت لَك يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الدَّفْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْقِيمَةِ وَكَثْرَةِ الْقِيمَةِ فَيَدْفَعُ الْعَبْدَ كُلَّهُ نِصْفَهُ بِنَقْضِ الْهِبَةِ وَنِصْفَهُ بِالدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَلْفًا وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ رَدَّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ إلَى الْوَرَثَةِ وَفَدَى خَمْسَةً بِخُمْسِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِنِصْفِ سَهْمٍ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ هَكَذَا فَيَزْدَادُ مَالُ

الْوَاهِبِ بِنِصْفِ سَهْمٍ فَيَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَتِهِ نِصْفَ سَهْمٍ يَبْقَى لَهُمْ سَهْمٌ وَنِصْفٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ فَأَضْعِفْهُ بِالْكَسْرِ بِالنِّصْفِ فَيَكُونُ خَمْسَةً تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهِ ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَتَجُوزُ فِي خُمْسَيْ قِيمَتِهِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ ، ثُمَّ يَفْدِيهِ بِخُمْسَيْ الدِّيَةِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ يَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا رَدَّ خَمْسَةَ أَثْمَانِ الْعَبْدِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَفَدَى ثَلَاثَةَ أَثْمَانِهِ بِثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ السَّهْمَ بِثُلُثِ سَهْمٍ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ هَكَذَا فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِثُلُثِ سَهْمٍ ، فَإِذَا طَرَحْنَا ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْوَرَثَةِ يَتَرَاجَعُ الْعَبْدُ إلَى ثُلُثَيْنِ وَسَهْمَيْنِ فَيَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً : لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ خَمْسَةٌ ، ثُمَّ يَفْدِي هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِمِثْلِ ثَلَاثَةٍ ، وَهُوَ سَهْمٌ لَهُ وَاحِدٌ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ سِتَّةٌ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةٍ .
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ أَلْفًا رَدَّ عَلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ وَنِصْفَ سُبْعٍ ، وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سُبْعَيْنِ وَنِصْفٍ فَيَفْدِي ذَلِكَ بِسُبْعَيْ الدِّيَةِ وَنِصْفِ سُبْعٍ ؛ لِأَنَّا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِخُمُسِ سَهْمٍ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِهَذَا الْقَدْرِ ، فَإِذَا طَرَحْنَا ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْوَرَثَةِ يَتَرَاجَعُ الْعَبْدُ إلَى سَهْمَيْنِ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ فَيَضْرِبُ ذَلِكَ فِي خَمْسَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ : حَقُّ الْوَرَثَةِ فِي تِسْعَةٍ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي سِتَّةٍ ، وَخَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سُبْعَانِ وَنِصْفُ سُبْعٍ ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِمِثْلِ خَمْسَةٍ ، وَهُوَ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ عَشَرَةٌ ،

وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي خَمْسَةٍ .
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةَ أَلْفٍ رُدَّ عَلَى الْوَرَثَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ وَنَفْدِي الْبَاقِيَ ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ بِعَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ السَّهْمَ بِعَشَرَةٍ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ مِثْلُ عَشَرَةٍ ، فَإِذَا طَرَحْنَا عُشْرَ سَهْمٍ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ يَتَرَاجَعُ الْعَبْدُ إلَى سَهْمَيْنِ وَتِسْعَةِ أَعْشَارٍ فَيُضْرَبُ ذَلِكَ فِي عَشَرَةٍ فَيَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ : حَقُّ الْوَرَثَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَشَرَةٌ ، ثُمَّ تُفْدَى هَذِهِ الْعَشَرَةُ أَسْهُمٍ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي عَشَرَةٍ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ سِتَّةَ آلَافٍ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ الْوَاهِبُ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ، فَعَلَيْهِ قِيمَةٌ وَثُلُثٌ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مَالَ الْوَاهِبِ قِيمَتَانِ فِي الْحَاصِلِ فَيَسْلَمُ لَهُ الثُّلُثُ بِالْوَصِيَّةِ ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ مُخْتَارٌ لِلدِّيَةِ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِحُكْمِ الْهِبَةِ فَتُضَمُّ الدِّيَةُ إلَى الْقِيمَةِ فَتَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا هُوَ مَالُ الْوَاهِبِ ، فَيَسْلَمُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ ، وَهُوَ خَمْسَةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ ، وَيُؤَدِّي إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ عَشَرَةَ آلَافٍ وَثُلُثَيْ أَلْفٍ .
وَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ تِسْعَةَ آلَافٍ فَأَعْتَقَهُ ، وَهُوَ يَعْلَمُ غَرِمَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ وَثُلُثَيْ الْقِيمَةِ ، وَهُوَ مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يَضُمُّ الدِّيَةَ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا يَسْلَمُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ ، وَهُوَ سِتَّةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ وَيَغْرَمُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَثُلُثَ أَلْفٍ ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ سِتَّةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ ، وَثُلُثُ الدِّيَةِ سِتَّةُ آلَافٍ وَثُلُثُ أَلْفٍ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ

آلَافٍ أَوْ أَكْثَرَ فَأَعْتَقَهُ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ ، فَهُوَ سَوَاءٌ ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِثُلُثَيْ الدِّيَةِ وَثُلُثَيْ الْقِيمَةِ كَمَا بَيَّنَّا إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ رَفَعْنَا عَنْهُ ثُلُثَيْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مُقَدَّرَةٌ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ كَانَتْ هَذِهِ قِيمَتُهُ فِي الْجِنَايَةِ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ جَانِيًا .

وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ ، وَقِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ ، وَالْمَوْهُوبَ لَهُ قَتَلَا الْمَوْلَى ، فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ وَيُرَدُّ الْعَبْدُ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَاتِلٌ وَلَا وَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ فَيُرَدُّ الْعَبْدُ كُلُّهُ بِنَقْضِ الْهِبَةِ وَيَغْرَمُ الْمَوْهُوبُ لَهُ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى نِصْفِهِ فَيَغْرَمُ نِصْفَ الدِّيَةِ .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَأَجْنَبِيٌّ قَتَلَا الْمَوْلَى فَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ خَمْسَةُ آلَافٍ ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى نِصْفِهِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ فَيَرُدُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ خُمْسَيْ الْعَبْدِ بِنَقْضِ الْهِبَةِ وَيَفْدِي ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ الدِّيَةِ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، فَإِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ عَشَرَةُ آلَافٍ ، وَالدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ خَمْسَةُ آلَافٍ ، فَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى ، هَذِهِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا تَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهَا ، وَهُوَ سِتَّةُ آلَافٍ ، مِقْدَارُهَا مِنْ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ وَيُرَدُّ الْخُمْسُ بِنَقْضِ الْهِبَةِ : قِيمَةُ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَيَفْدِي بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِهِ نِصْفَ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْد إنَّمَا جَنَى عَلَى نِصْفِ النَّفْسِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ فَإِذَا جَمَعْت مَا وَصَلَ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ كَانَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سِتَّةِ آلَافٍ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ رَدَّ رُبْعَهُ بِنَقْضِ الْهِبَةِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا كَمَا بَيَّنَّا ، وَعِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ إنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ

الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ السَّهْمَ بِالْجِنَايَةِ فَيَزْدَادُ مَالُ الْوَاهِبِ بِسَهْمٍ فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ سَهْمًا يَبْقَى لَهُمْ سَهْمٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَصِحُّ فِي نِصْفِ مَالِهِ وَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ ، وَذَلِكَ مِنْ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَيَرُدُّ رُبْعَ الْعَبْدِ بِنَقْضِ الْهِبَةِ وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ وَيَدْفَعُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ بِالْجِنَايَةِ ، فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَنِصْفُ الدِّيَةِ الَّتِي أَخَذُوهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَبْعَةِ آلَافِ وَخَمْسِمِائَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَرَضِ وَبَيْعِ الْمَكِيلِ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَكِيلِ وَوَزْنِهِ بِمُحَابَاهُ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : اعْلَمْ أَنَّ بِنَاءَ هَذَا الْبَابِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ الْمُحَابَاةَ فِي الْأَصْلِ بِمَنْزِلَةِ الْمُحَابَاةِ فِي الْمَالِ فِي الِاعْتِبَارِ مِنْ الثُّلُثِ ، فَإِنَّ الْمَالَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي تَنْفِيذِ الْمُحَابَاةِ فِيهِ مِنْ الثُّلُثِ فَنَقُولُ : إذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً إلَى أَجَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ السَّلَمُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَجَّلَ ثُلُثَيْ الْكُرِّ ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِالْأَجَلِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ .
وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ سُدُسَ الثَّوْبِ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالْمَالِ هُنَا جَاوَزَتْ الثُّلُثَ فَلَا يَظْهَرُ حُكْمُ الْمُحَابَاةِ بِالْأَجَلِ ، وَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَذَلِكَ سِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَيُرَدُّ الْكُرُّ حَالًّا وَيُرَدُّ سُدُسُ الثَّوْبِ حَتَّى يَسْلَمَ لِلْوَارِثِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْمُحَابَاةَ فِي مِثْلِ نِصْفِهِ تَصِفُهُ وَمَا يُرَدُّ مِنْ الثَّوْبِ يَكُونُ خَطَأً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَذَلِكَ مُسْتَقِيمٌ فِي السَّلَمِ .
وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الثَّوْبِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا رَدَّ ثُلُثَ الثَّوْبِ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ الْعِشْرِينَ ، وَثُلُثُ مَالِهِ عَشَرَةٌ فَيَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الثَّوْبِ حَتَّى يُسْلِمَ لِلْوَرَثَةِ كُرًّا يُسَاوِي عَشَرَةً ، وَثُلُثُ الثَّوْبِ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ مِثْلُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْمُحَابَاةَ .

وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ نَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ سُدُسَ الثَّوْبِ وَسُدُسَ الْعَشَرَةِ فَذَلِكَ الْقَدْرُ مِمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَيْسَ تَنْفِيذُ الْمُحَابَاةِ لَهُ مِنْ أَحَدَ الْمَالَيْنِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ ، فَإِنَّمَا يَرُدُّ السُّدُسَ مِنْهُمَا مِنْ الْكُرِّ حَتَّى يَسْلَمَ لِلْوَارِثِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْمُحَابَاةَ لَهُ فِي سِتَّةٍ وَثُلُثَيْنِ ، وَلَوْ كَانَ أَسْلَمَ ثَوْبًا يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ رَدَّ ثُلُثَ الثَّوْبِ وَثُلُثَ الْعَشَرَةِ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ ، وَثُلُثُ مَالِهِ عَشَرَةٌ فَيَسْلَمُ لَهُ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَيَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ سَهْمًا .
وَلَوْ أَسْلَمَ ثَوْبَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ وَقِيمَةُ الْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي كُرٍّ يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا أَدَّى الْكُرَّ كُلَّهُ وَرَدَّ ثُلُثَ الثَّوْبَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، فَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الثَّوْبَيْنِ جَمِيعًا وَيَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الثَّوْبَيْنِ ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الثَّوْبَيْنِ وَإِلَى قِيمَةِ السَّلَمِ فَيُعْطِي الْمُسْلَمَ إلَيْهِ قِيمَةَ السَّلَمِ وَثُلُثَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مُحَابَاةً لَهُ وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّلَمِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ الصَّرْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا فِي الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ ، فَإِنَّهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَفِي الْأَصْلِ اسْتَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ الْمَسَائِلِ ، وَالْكُلُّ يُخَرَّجُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابُ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ ، وَالْبَيْعِ فِي الْمَرَضِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً ، ثُمَّ أَقَالَهُ السَّلَمَ وَقَبَضَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ فَهُوَ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ مَا حَابَاهُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ أَعَادَ الْكُرَّ بِالْإِقَالَةِ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي بِمُقَابِلَتِهِ وَهُمَا فِي الْمَالِيَّةِ سَوَاءٌ ، وَالْإِقَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي لَا مُحَابَاةَ فِيهِ نَافِذٌ مِنْ الْمَرِيضِ فَكَذَلِكَ الْإِقَالَةُ .
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكُرِّ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ ، ثُمَّ مَاتَ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَكُونُ ثُلُثُهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ جَازَتْ الْإِقَالَةُ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ : أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ نِصْفَ الْكُرِّ وَرُدَّ عَلَيْهِمْ نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ أَخْرَجَ بِالْإِقَالَةِ مِنْ مِلْكِهِ جُزْءًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ، وَالْإِقَالَةُ فِي هَذَا كَالْبَيْعِ فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْمُحَابَاةِ لَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِأَدَاءِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا يُرْفَعُ الشَّيْءُ مِنْ الْمَحَلِّ الْوَارِدِ عَلَيْهِ لَا مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ ، وَلَا يُمْكِنُ إبْطَالٌ فِي الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهَا نَفَذَتْ مِنْ الْمَرِيضِ فِي مِقْدَارِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّلُثِ ، وَإِقَالَةُ السَّلَمِ لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ ؛ لِأَنَّ بِالْإِقَالَةِ يَسْقُطُ طَعَامُ السَّلَمِ ، وَالْمُسْقَطُ يَكُونُ مُتَلَاشِيًا .
وَفَسْخُ الْإِقَالَةِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْقَائِمِ دُونَ الْمُتَلَاشِي فَعَرَفْنَا أَنَّ الْإِقَالَةَ جَازَتْ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ

فَاحْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ فَنَقُولُ : الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ ، وَثُلُثُ مَالِهِ عَشَرَةٌ ، وَلَوْ كَانَتْ ثُلُثُ مَالِهِ نِصْفَ الْمُحَابَاةِ قُلْنَا : تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ وَيَسْلَمُ لِلْوَارِثِ نِصْفُ كُرٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفُ رَأْسِ الْمَالِ ، وَهُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَذَلِكَ عِشْرُونَ فَيُسْلِمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ نِصْفَ كُرٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِخَمْسَةٍ فَتَسْلَمُ لَهُ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ بِثُلُثِ شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ مِنْ السَّلَمِ فَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ كُرٌّ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئًا وَثُلُثًا ؛ لِأَنَّا نَفَّذْنَا الْمُحَابَاةَ فِي ثُلُثَيْ شَيْءٍ فَحَاجَةُ الْوَرَثَةِ إلَى ضِعْفِ ذَلِكَ فَأَجْبِرْ الْكُرَّ بِثُلُثِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْكُرَّ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ، وَقَدْ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي شَيْءٍ وَذَلِكَ نِصْفُ الْكُرِّ فِي الْمَعْنَى ، وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، ثُمَّ أَقَالَهُ فِي شَيْءٍ ، وَذَلِكَ نِصْفُ الْكُرِّ فِي الْمَعْنَى ، وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ فَالْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِقَدْرِ عَشَرَةٍ ، وَهُوَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ مِنْ مَالِهِ .

وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةً فِي كُرٍّ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا ، ثُمَّ أَقَالَهُ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ فَالْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِقَدْرِ عَشَرَةٍ ، وَهُوَ مِقْدَارُ الثُّلُثِ مِنْ مَالِهِ

وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةً فِي كُرٍّ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا ، ثُمَّ أَقَالَهُ فِي مَرَضِهِ ، ثُمَّ مَاتَ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثَيْ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ : أَدِّ ثُلُثَ الْكُرِّ وَرُدَّ عَلَيْهِمْ ثُلُثَيْ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ، وَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ عِشْرُونَ ، فَإِنَّمَا يَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ وَذَلِكَ قَدْرُ ثُلُثَيْ الْمُحَابَاةِ ؛ فَلِذَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثَيْ الْكُرِّ وَيَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ رَأْسِ الْمَالِ سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ ، وَثُلُثُ كُرٍّ قِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَيَسْلَمُ لِلْوَارِثِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَسَلِمَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثُلُثَا كُرٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ وَثَلَاثِينَ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ سَلِمَ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ ، وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ بِنِصْفِ شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِثْلُ نِصْفِهِ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ كُرٌّ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ وَحَاجَتُهُمْ إلَى شَيْءٍ فَيَجْبُرُ الْكَرُّ بِنِصْفِ شَيْءٍ وَيَزِيدُ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْكُرَّ يَعْدِلُهُ شَيْءٌ وَنِصْفُ شَيْءٍ ، وَأَنَّا حِينَ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى ثُلُثَيْ الْكُرِّ .

وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرٍّ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، ثُمَّ أَقَالَهُ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَ مِنْهُ الْعَشَرَةَ فَاسْتَهْلَكَهَا ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثَيْ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ : أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ الْكُرِّ وَارْجِعْ عَلَيْهِمْ بِثُلُثَيْ الْعَشَرَةِ الَّتِي كُنْتَ أَعْطَيْتَهَا الْمَيِّتَ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ فِي الْإِقَالَةِ بِقَدْرِ عِشْرِينَ ، وَمَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ عِشْرُونَ ، فَإِنَّ مَا اسْتَهْلَكَهُ لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِهِ بَلْ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُجِزْ الْإِقَالَةَ ، فَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، وَالْمُحَابَاةُ إنَّمَا تَجُوزُ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَابَاهُ فَبِاعْتِبَارِهِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثِ الْكُرِّ وَيُؤَدِّي الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ كُرٍّ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِثُلُثَيْ الْعَشَرَةِ حِصَّةَ مَا بَطَلَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ فَيُعْطُونَهُ ذَلِكَ مِمَّا أَخَذُوا مِنْ الطَّعَامِ يَبْقَى لَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثُ ، قَدْ سَلِمَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ثُلُثُ كُرٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَثُلُثٍ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ سَلِمَ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ فِيهِ نَقُولُ : الْإِقَالَةُ تَصِحُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ ، ثُمَّ عَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَقْضِيَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِثُلُثِ ذَلِكَ ، وَهُوَ حِصَّتُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَدْفَعُ ثُلُثَ كُرٍّ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ يَبْقَى فِي يَدِ الْوَارِثِ ثُلُثَا شَيْءٍ ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا ، فَاجْبُرْ ثُلُثَيْ كُرٍّ بِثُلُثَيْ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ ثُلُثَيْ الْكُرِّ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ، فَالْكُرُّ الْكَامِلُ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ ، قَدْ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَذَلِكَ بِمَعْنَى ثُلُثَيْ الْكُرِّ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا .

وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا ، ثُمَّ أَقَالَهُ الْمُسْلِمُ ، وَهُوَ مَرِيضٌ ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ : أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَخَمْسَةَ أَتْسَاعِ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، وَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ خَمْسُونَ فَنَنْظُرُ إلَى ثُلُثِ مَالِهِ كَمْ هُوَ مِنْ مِقْدَارِ الْمُحَابَاةِ ، وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثُلُثِ دِرْهَمٍ سَهْمًا ، وَجُمْلَةُ الْمُحَابَاةِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ تَكُونُ خَمْسَةً فَعَرَفْنَا أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحَابَاةِ خَمْسُ أَتْسَاعِ ، وَصِحَّةُ الْإِقَالَةِ بِاعْتِبَارِ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّمَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ : أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَتُسْعَانِ وَخَمْسَةُ أَتْسَاعِ رَأْسِ الْمَالِ ، مِقْدَارُ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ وَتُسْعٌ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثُ مِقْدَارِ ثُلُثَيْ الْمَالِ ، وَيَكُونُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْكُرِّ قِيمَتُهُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَسَبْعَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ بِأَخْذِ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَتُسْعٍ الَّذِي أَعْطَى الْوَرَثَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَبْقَى سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ مُحَابَاةً لَهُ ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُرِّ بِخُمْسَيْ شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ الْكُرِّ كَذَلِكَ فَيَبْقَى فِي يَدِ الْوَارِثِ كُرٌّ إلَّا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسَ شَيْءٍ فَأَجْبِرْ الْكَرَّ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَظَهَرَ أَنَّ الْكُرَّ يَعْدِلُ شَيْئًا وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ ، قَدْ جَوَّزْنَا الْإِقَالَةَ فِي شَيْءٍ

وَشَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ يَكُونُ خَمْسَةَ أَتْسَاعٍ ، فَظَهَرَ أَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا جَازَتْ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْكُرِّ ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْكُرِّ فَالْعَمَلُ فِيهِ كَمَا وَصْفنَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَسْخٌ كَمَا قَبْلَهُ فَلَا تَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ .
وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَالْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْمُسْتَقْبَلِ ، فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَقِيمَةُ الْكُرِّ ثَلَاثُونَ وَتَقَابَضَا ، ثُمَّ أَقَالَهُ إيَّاهُ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْكُرَّ قِيلَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْتَ بِالْخِيَارِ ، فَإِنْ شِئْت أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أُخْرَى ، وَإِنْ شِئْت فَرُدَّ الْكُرَّ وَخُذْ دَرَاهِمَك ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُ لَمَّا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ أَمْكَنَ إثْبَاتُ الزِّيَادَةِ فِي الْبَدَلِ مِنْهُ فَيَكُونُ هَذَا ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ كُرًّا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ سِوَاهُ ، فَهُنَاكَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَشَرَةً أُخْرَى حَتَّى تَسْلَمَ لَهُ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ فَهُنَا أَيْضًا يُخَيَّرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْكُرَّ وَيَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ ، وَإِنَّمَا نَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ السَّلَمِ إذَا كَانَتْ فِيهِ مُحَابَاةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ مُفَسَّرًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكُتُبِ سِوَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَبْدًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَ خَمْسِينَ ، ثُمَّ مَرِضَ الْمُشْتَرِي فَأَقَالَهُ الْبَائِعُ ، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ خَمْسِينَ ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ وَأَخَذَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ حَابَاهُ بِقَدْرِ نِصْفِ مَالِهِ فَلَا يُسْلِمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ إلَّا مِقْدَارَ الثُّلُثِ غَيْرَ أَنَّ إقَالَةَ الْبَيْعِ مُحْتَمِلَةٌ لِلْفَسْخِ بِخِلَافِ إقَالَةِ السَّلَمِ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَائِمٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ ، وَلِهَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ تَحَالَفَا فِي الْبَيْعِ وَتَرَادَّا الْإِقَالَةَ وَفِي السَّلَمِ لَا يَتَحَالَفَانِ فَلِكَوْنِ الْإِقَالَةِ بِغَرَضِ الْفَسْخِ هُنَا أَثْبَتنَا الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ شَرْطُ الْإِقَالَةِ ، فَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْعَبْدَ وَأَخَذَ الْخَمْسِينَ بِطَرِيقِ فَسْخِ الْإِقَالَةِ ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ ، وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ ثُلُثَ الثَّمَنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ ، وَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ مِنْ الثَّمَنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ ، قَدْ سَلَّمَ لِلْبَائِعِ ثُلُثَ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ فَيَكُونُ السَّالِمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ مِثْلَ نِصْفِ مَا سَلِمَ لِلْوَرَثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَرَضِ وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دُيُونٌ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ وَلَا مَالَ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ غَيْرُهَا وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دَيْنٌ كَثِيرٌ ، ثُمَّ مَاتَ فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الثَّلَاثِينَ دِرْهَمًا وَنَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ هُنَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِتَعَيُّنِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ ، فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ السَّلَمَ وَرَدَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ كَانَتْ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ فَلَا تَبْقَى بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى الْعَقْدَ وَأَدَّى الْكُرَّ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالثُّلُثِ بِالْمَالِ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ فَلَا يَسْلَمُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجَلِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي الْكُرَّ كُلَّهُ وَيَرُدُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ مِنْ الْمُحَابَاةِ ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ حَظِّ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ ، وَعَقْدُ السَّلَمِ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَوْا الدَّيْنَ بَعْدَ مَا اخْتَصَمُوا وَقَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمْ بِهَذَا وَفُسِخَ السَّلَمُ لَمْ يُرَدَّ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ لَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ ، فَإِنْ بَدَا الْوَارِثُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ ، وَإِذَا لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ يُفْسَخُ السَّلَمُ إنْ اخْتَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ذَلِكَ ، وَفَسْخُ السَّلَمِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ ؛ فَلِهَذَا لَا يُعَادُ بِخُرُوجِ الدَّيْنِ ، وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ رَدَّ عَشَرَةً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ وَيُنْتَقَضُ الْقَبْضُ فِيهِ مِنْ الْأَصْلِ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنْ اقْتَضَوْا الدَّيْنَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا أَسْلَمَ لِلْمُسْلَمِ

إلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ وَجَازَتْ لَهُ الْمُحَابَاةُ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِالْمَالِ ، وَالْأَجَلِ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ حِينَ وَصَلَ إلَى يَدِ الْوَارِثِ ضِعْفُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ

وَلَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي مَرَضِهِ فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةً وَنَقَدَ الدَّرَاهِمَ ، ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ عَلَى النَّاسِ دَيْنٌ فَاقْتَضَى الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا فَالسَّلَمُ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ مِنْ الْمَالِ بِقَدْرِ عَشَرَةٍ ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ : أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ الْكُرَّ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَيَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ عِشْرُونَ ، وَهِيَ ثُلُثَا مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ الْعَيْنِ فَيَكُونُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا : عَشَرَةٌ قِيمَةُ الْكُرِّ الَّذِي أَدَّى وَعَشَرَةٌ مُحَابَاةٌ ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، وَالْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ : إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ وَرَدَّ الدَّرَاهِمَ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ حَالًّا وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثًا ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ ، وَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَرَدَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ ، وَإِذَا اخْتَارَ النَّقْضَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمُحَابَاةِ فَيَرُدُّ جَمِيعَ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالثَّوَابِ .

بَابُ بَيْعِ الْمَكِيلِ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَكِيلِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ كُرَّ تَمْرٍ فَأَدَّى قِيمَتَهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا بِكُرِّ دَقَلٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ كُرَّهُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ حِينَ لَمْ تَخْرُجْ الْمُحَابَاةُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الْكُرِّ الْفَارِسِيِّ بِنِصْفِ الدَّقَلِ وَرَدَّ نِصْفَ الْكُرِّ الْفَارِسِيِّ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ حَصَلَتْ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ مَالِهِ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ الْمُحَابَاةِ بِزِيَادَةِ الدَّرَاهِمِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا كَانَ فِي بَيْعِ الْمَكِيلِ بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ ، وَالْفَضْلُ رِبًا فَيُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ مَالِهِ كَمْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحَابَاةِ فَيَجُوزُ فِي الْبَيْعِ بِقَدْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَهُنَا الثُّلُثُ مِثْلُ نِصْفِ الْمُحَابَاةِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْكُرِّ فَيَرُدُّ عَلَى الْوَارِثِ نِصْفَ كُرِّ قِيمَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِصْفَ كُرِّ دَقَلٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ وَيَسْلَمُ لِلْمُشْتَرِي نِصْفُ كُرٍّ فَارِسِيٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ بِنِصْفِ كُرِّ دَقَلٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لَهُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ .

وَإِنْ بَاعَهُ كُرًّا قِيمَتُهُ سِتُّونَ بِكُرِّ حَشَفٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَجُوزُ فِي خُمْسِ الْكُرِّ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ ، وَثُلُثُ مَالِهِ عِشْرُونَ فَكَانَ الثُّلُثُ بِقَدْرِ خُمْسَيْ الْمُحَابَاةِ ، فَيَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْفَارِسِيِّ ، وَقِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَخُمْسَا الْحَشَفِ وَقِيمَتُهُ أَرْبَعَةٌ فَذَلِكَ ثُلُثَا تَرِكَةِ الْمَيِّتِ .

وَلَوْ بَاعَهُ كُرًّا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ بِكُرٍّ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ جَازَ الْبَيْعُ فِي خَمْسَةِ أَتْسَاعِ الْكُرِّ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ ، وَثُلُثُ مَالِهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ الْكُرِّ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثُلُثِ سَهْمًا فَيَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ الْجَيِّدِ وَخَمْسَةَ أَتْسَاعِ الْكُرِّ الرَّدِيءِ ، فَإِنْ اعْتَبَرْت قِيمَتَهُمَا فَهِيَ ثُلُثَا تَرِكَةِ الْمَيِّتِ يَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ وَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ إقَالَةِ السَّلَمِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ فِي الْمَرَضِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا جَرَحَ الْعَبْدُ رَجُلًا حُرًّا خَطَأً فَمَاتَ الْحُرُّ مِنْهَا ، قَدْ عَفَى عَنْ هَذَا الدَّمِ فِي مَرَضِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ قِيلَ لِمَوْلَاهُ : أَتَدْفَعُ أَوْ تَفْدِي .
فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَ ثُلُثَهُ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ مُسْتَحَقًّا بِجِنَايَتِهِ وَلَا مَالَ لِلْعَافِي غَيْرُهُ ، وَالْعَفْوُ وَصِيَّةٌ مِنْهُ لِمَوْلَاهُ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَالٌ عَلَى الْمَوْلَى فَيَجُوزُ فِي ثَلَاثَةٍ ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ جَازَ الْعَفْوُ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَيَفْدِي سُدُسَهُ بِسُدُسِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْعَفْوِ فِي جَمِيعِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ إذَا صَحَّحْنَا الْعَفْوَ فِي جَمِيعِهِ وَلَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ فِي الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ يَفْدِيهِ حِينَئِذٍ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ خَارِجًا مِنْ ثُلُثِهِ وَزِيَادَةً .
فَعَرَفْنَا أَنَّ صِحَّةَ الْعَفْوِ هُنَا فِي الْبَعْضِ .
وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَلْفَا دِرْهَمٍ ضِعْفُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ لَكَانَ الْعَفْوُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِهِ فَالسَّبِيلُ أَنْ نَضُمَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ إلَى الدِّيَةِ ، ثُمَّ نُبْطِلُ مِنْ الْعَفْوِ حِصَّةَ ضِعْفِ الْقِيمَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَفْوِ بِاعْتِبَارِ أَنَّا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَضِعْفُ الْقِيمَةِ أَلْفَا دِرْهَمٍ ، فَإِذَا ضَمَمْتَهُ إلَى الدِّيَةِ كَانَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ضِعْفَ الْقِيمَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ هُوَ السُّدُسُ ؛ فَلِهَذَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَبَطَلَتْ فِي السُّدُسِ فَيَفْدِيهِ بِسُدُسِ الدِّيَةِ ، وَذَلِكَ أَلْفٌ وَثُلُثَا أَلْفٍ فَيَسْلَمُ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْعَفْوَ فِي نِصْفِ ذَلِكَ ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ يَجُوزُ الْعَفْوُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ ، ثُمَّ يَفْدِي مَا بَقِيَ مِنْهُ وَهُوَ عَبْدٌ إلَّا شَيْئًا

بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْقِيمَةِ هَكَذَا ، فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَارِثِ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ إلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ؛ لِأَنَّا جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَحَاجَةُ الْوَرَثَةِ إلَى شَيْئَيْنِ فَتُجْبَرُ الْأَمْوَالُ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ وَيَزِيدُ عَلَى مَا نَفَذَ مِثْلَهَا فَكَانَتْ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ اثْنَا عَشَرَ شَيْئًا ، فَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسًا فَانْكَسَرَ بِالْأَخْمَاسِ فَاضْرِبْ شَيْئًا وَخُمْسًا فِي خَمْسَةٍ فَيَكُونُ سِتَّةً فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ سِتَّةٌ ، قَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ فَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي خَمْسَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا جَازَ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ .
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى سَبْعَةً بِسُبْعَيْ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّا نَأْخُذُ ضِعْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَنَضُمُّهُ إلَى الدِّيَةِ فَيَكُونُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، ثُمَّ نَنْظُرُ إلَى ضِعْفِ الْقِيمَةِ كَمْ هُوَ مِنْ الْجُمْلَةِ فَنُبْطِلُ الْهِبَةَ بِقَدْرِهِ ، وَذَلِكَ سُبْعَاهُ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي خَمْسَةِ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ وَتَبْطُلُ فِي السُّبْعَيْنِ فَنَفْدِيهِ بِسُبْعَيْ الدِّيَةِ ، مِقْدَارُهُ أَلْفَانِ وَثَمَانُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ وَسُبْعٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي خَمْسَةِ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ أَلْفٌ وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ مِثْلُ نِصْفِ مَا سَلِمَ لِلْوَرَثَةِ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ تَأْخُذُ مَالًا مَجْهُولًا فَيَجُوزُ الْعَفْوُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَيَبْطُلُ فِي مَالٍ إلَّا شَيْئًا ، ثُمَّ تَفْدِيهِ بِخَمْسَةِ أَمْثَالِهِ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةُ أَمْوَالٍ إلَّا خَمْسَةَ أَشْيَاءَ ، يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ فَأَجْبِرْهُ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ ، وَزِدْ عَلَى مَا يَعْدِلُهُ مِثْلَهُ فَصَارَ خَمْسَةُ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ سَبْعَةَ أَشْيَاءَ ، وَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسَيْ شَيْءٍ .
فَاضْرِبْ ذَلِكَ فِي خَمْسَةٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ يَعْدِلُ سَبْعَةَ

أَشْيَاءَ ، قَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي خَمْسَةٍ فَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ الْعَبْدِ .
فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا وَعَلَى الْمَقْتُولِ دَيْنُ أَلْفٍ ، فَالسَّبِيلُ فِيهِ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاء أَنْ يَضُمَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ إلَى الدِّيَةِ فَيَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ، ثُمَّ يُبْطِلُ الْعَفْوَ بِحِصَّةِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَحِصَّةِ الدَّيْنِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ اثْنَا عَشَرَ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا بَطَلَ فِي الرُّبْعِ فَنَفْدِيهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ فَنَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَيْءٌ لِلْوَرَثَةِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ ، قَدْ أَجَزْنَا الْعَفْوَ فِي ثَلَاثَةٍ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ ، قِيمَتُهُ : سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ : نُجَوِّزُ الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَنُبْطِلُهُ فِي عَبْدٍ إلَّا شَيْئًا ، ثُمَّ نَفْدِي ذَلِكَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ إلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ ، ثُمَّ يُقْضَى الدَّيْنُ بِمَالٍ كَامِلٍ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، قَدْ جَعَلْنَا الْعَبْدَ ، وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ مَالًا كَامِلًا فَيَبْقَى فِي يَدِ الْوَرَثَةِ تِسْعَةُ أَمْوَالٍ إلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ يَعْدِلُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ ، وَبَعْدَ الْجَبْرِ ، وَالْمُقَابَلَةِ تَكُونُ تِسْعَةَ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ اثْنَيْ عَشَرَ شَيْئًا ، فَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا ، فَقَدْ انْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ فَاضْرِبْ شَيْئًا وَثُلُثًا فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً ، قَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي ثَلَاثَةٍ ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَصَحَّ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا صَحَّ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ .
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَكَانَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَوْضُوعَةً ، فَدَى نِصْفَ سُدُسِ الْعَبْدِ بِنِصْفِ سُدُسِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّك تَأْخُذُ نِصْفَ الْقِيمَةِ فَتَضُمَّهُ إلَى الدِّيَةِ فَيَجُوزُ الْعَفْوُ بِحِصَّةِ الدِّيَةِ وَخَمْسَةِ أَسْدَاسٍ ، وَبِحِصَّةِ الْأَلْفِ الْمَوْضُوعِ ، وَذَلِكَ نِصْفُ

سُدُسٍ ، فَإِنَّمَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ سُدُسِ الْعَبْدِ فَيَفْدِيهِ بِنِصْفِ سُدُسِ الدِّيَةِ ، وَذَلِكَ ثَمَانُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَحَصَلَ لِلْوَرَثَةِ هَذَا مَعَ الْأَلْفِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ سُدُسِهِ ، قِيمَةُ ذَلِكَ : تِسْعُمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ ، فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ : نُجَوِّزُ الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَنُبْطِلُهُ فِي عَبْدٍ إلَّا شَيْئًا فَنَفْدِيهِ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَمْوَالٍ إلَّا عَشَرَةَ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ، وَبَعْدَ الْجَبْرِ ، وَالْمُقَابَلَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَالًا يَعْدِلُ اثْنَيْ عَشَرَ شَيْئًا ، فَالْمَالُ الْوَاحِدُ يَعْدِلُ شَيْئًا وَجُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ شَيْءٍ ، فَاضْرِبْهُ فِي أَحَدَ عَشَرَ ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْكَامِلَ يَعْدِلُ اثْنَيْ عَشَرَ ، قَدْ جَوَّزْنَا الْعَفْوَ فِي شَيْءٍ وَضَرَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ فِي أَحَدَ عَشَرَ فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا جَازَ فِي أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَنِصْفُ سُدُسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ قَتْلِ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ ، وَالْوَاهِبِ أَوْ غَيْرِهِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : رَجُلٌ لَهُ عَبْدَانِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةُ آلَافٍ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا لِرَجُلٍ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ الْمَوْهُوبَ قَتَلَ الْوَاهِبَ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ ، وَيُقَالُ لَهُ : ادْفَعْهُ كُلَّهُ أَوْ افْدِهِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ ، فَإِنَّ مَالَهُ فِي الْأَصْلِ عَلَى ثَلَاثَةٍ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ ، ثُمَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ أَوْ يَفْدِيهِ بِمِثْلِهِ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ ، وَالْقِيمَةَ سَوَاءٌ فَيَزْدَادُ فِي نَصِيبِ الْوَرَثَةِ سَهْمٌ ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَنَطْرَحُهُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ ، فَيَبْقَى لَهُمْ سَهْمٌ ، وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ سَهْمٌ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِي سَهْمٍ مِنْ سَهْمَيْنِ ، وَهُوَ الْعَبْدُ الْمَوْهُوبُ كُلُّهُ ، فَإِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدَيْنِ سَوَاءٌ ثُمَّ يَدْفَعُهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ يَفْدِيهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ أَلْفًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ ، فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَصَارَ فِي الْمَعْنَى كَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ بِالْجِنَايَةِ مِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهِ ، فَإِنْ كَانَ وَهَبَ الْآخَرَ لِرَجُلٍ آخَرَ أَيْضًا ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ إلَى الْوَرَثَةِ ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ الْآخَرِ نَقْضًا لِلْهِبَةِ وَيُقَالُ لِمَوْلَى الْقَاتِلِ : ادْفَعْ خَمْسَةً أَوْ افْدِهِ بِخُمْسَيْ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا نِصْفَانِ عَلَى سَهْمَيْنِ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ ، ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْقَاتِلِ يَدْفَعُ سَهْمَهُ أَوْ يَفْدِيهِ بِمِثْلِهِ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ فَيَطْرَحُ السَّهْمَ الدَّائِرَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا فِي سَهْمَيْنِ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ ، ثُمَّ يَدْفَعُ مَوْلَى

الْقَاتِلِ نَصِيبَهُ أَوْ يَفْدِيهِ بِسَهْمٍ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ ، فَاسْتَقَامَ ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا جَازَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي خُمْسَيْ عَبْدِهِ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَبَطَلَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا دَفَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَصِيبَهُ أَوْ فَدَاهُ بِخُمْسَيْ الدِّيَةِ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ لَهُمَا فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ .
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ : تَأْخُذُ مَالًا مَجْهُولًا فَتَجُوزُ الْهِبَةُ لَهُمَا فِي شَيْءٍ ، ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْقَاتِلِ يَدْفَعُ نَصِيبَهُ أَوْ يَفْدِيهِ بِمِثْلِهِ ، وَذَلِكَ نِصْفُ شَيْءٍ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ مَالٌ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ .
وَبَعْدَ الْجَبْرِ ، وَالْمُقَابَلَةِ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ وَنِصْفًا .
إنَّمَا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي شَيْءٍ وَشَيْءٍ مِنْ شَيْئَيْنِ وَنِصْفِ خُمُسَاهُ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا جَازَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي خُمْسَيْ عَبْدِهِ .
وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَأَجْنَبِيٌّ قَتَلَا الْوَاهِبَ غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ خَمْسَةَ آلَافٍ ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نِصْفَ النَّفْسِ بِجِنَايَتِهِ وَيُقَالُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ الْقَاتِلِ : أَتَدْفَعُ أَمْ تَفْدِي ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشْرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَرَدَّ الْبَقِيَّةَ بِنَقْصِ الْهِبَةِ وَيُقَالُ لِمَوْلَى الْقَاتِلِ : افْدِ مَا جَازَ لَك فِيهِ الْهِبَةُ بِخَمْسَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا : الْعَبْدَانِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لَهُمَا فِي ثُلُثِهِ ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عَلَى سَهْمَيْنِ ، ثُمَّ إنَّ مَوْلَى الْقَاتِلِ يَفْدِي سَهْمَهُ بِنِصْفِ سَهْمٍ ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ إنَّمَا جَنَى عَلَى نِصْفِ النَّفْسِ فَحِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ مِثْلُ نِصْفِ قِيمَتِهِ ،

فَالسَّبِيلُ أَنْ نُضَعِّفَهُ لِلْكَسْرِ بِالْإِنْصَافِ فَيَصِيرُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا : لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا سَهْمَانِ وَلِلْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةٌ ، ثُمَّ يَفْدِي الْمَوْهُوبُ لَهُ سَهْمَهُ بِسَهْمٍ مِنْ الدِّيَةِ ، وَهَذَا السَّهْمُ هُوَ الدَّائِرُ فَنَطْرَحُهُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي سَبْعَةٍ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا فِي أَرْبَعَةٍ فَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ ، ثُمَّ مَوْلَى الْقَاتِلِ يَفْدِي بِسَهْمٍ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ لَهُمَا فِي أَرْبَعَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .
إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ : السَّبِيلُ أَنْ نَضْرِبَ أَحَدَ عَشَرَ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ ، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَهْمَيْنِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ، قَدْ ضَرَبْنَا ذَلِكَ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا جَازَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي خَمْسِينَ ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ مَالِهِ لَمَّا صَارَ عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ ، فَكُلُّ عَبْدٍ يَكُون مِائَةً وَعِشْرِينَ ، وَنِصْفُ الدِّيَةِ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ مِنْ مِائَةٍ وَعَشَرَةٍ يَكُونُ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا ، فَتَبَيَّنَّ تَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ .
وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ جَازَتْ الْهِبَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَرَدَّ النِّصْفَ بِنَقْصِ الْهِبَةِ ، وَيَدْفَعُ مَوْلَى الْجَانِي النِّصْفَ بِالْجِنَايَةِ ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ جُمْلَةَ مَالِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا قَدْ انْقَسَمَ ذَلِكَ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا خُمْسُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ آلَافٍ ، وَهُوَ قِيمَةُ نِصْفِ الْعَبْدِ الَّذِي وُهِبَ لَهُ ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ فِي نِصْفِ قِيمَةِ كُلِّ عَبْدٍ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، ثُمَّ يَدْفَعُ مَوْلَى الْقَاتِلِ نِصْفَ

الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ أَلْفًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ لَهُمَا فِي عَشَرَةِ آلَافٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .

فَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدٌ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَلَهُ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَوَهَبَ الْعَبْدَ فِي مَرَضِهِ لِرَجُلٍ وَقَبَضَهُ ، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ رُبْعَ الْعَبْدِ نَقْصًا لِلْهِبَةِ وَيَدْفَعُ أَرْبَاعَهُ أَوْ يَفْدِيهَا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ إنَّمَا تَنْفُذُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ ذَلِكَ ، وَهُوَ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ ، قِيمَةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا جَازَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِمَا رُبْعَ الْعَبْدِ ، وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ ، ثُمَّ يَدْفَعُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ أَوْ يَفْدِي بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ فَيَجْتَمِعُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَبْعَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ .

وَإِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ عَبْدًا لَهُ يُسَاوِي عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ ، فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَتَتَأَخَّرُ عَنْ الدَّيْنِ ، وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِالتَّرِكَةِ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ ؛ لِهَذَا وَتَبْطُلُ الْجِنَايَةُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ تَبَيَّنَّ أَنَّ الْعَبْدَ جَنَى عَلَى مَوْلَاهُ وَجِنَايَةُ الْخَطَأِ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى مَوْلَاهُ هَدَرٌ فَيَكُونُ هَذَا وَمَا لَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ سَوَاءٌ فَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ .
وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعُوا إلَى الْقَاضِي ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَلِكَهُ بِالْقَبْضِ بِحُكْمٍ ، فَلَا يَبْطُلُ مِلْكُهُ بِفَسَادِ السَّبَبِ مَا لَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ ، وَالْعِتْقُ مَتَى صَادَفَ مِلْكَهُ نَفَذَ سَوَاءٌ كَانَ سَبَبُهُ فَاسِدًا أَمْ صَحِيحًا ، وَبِنُفُوذِ الْعِتْقِ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ فَيَجِبُ اعْتِبَارُ الْجِنَايَةِ إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَعْتَقَهُ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُسْتَهْلِكًا لِلْعَبْدِ .
فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عِشْرِينَ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ غَرِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قِيمَتَيْنِ : قِيمَةً كَامِلَةً ، وَهِيَ عَشَرَةُ آلَافٍ بِالِاسْتِهْلَاكِ ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ بِانْتِقَاضِ الْهِبَةِ ، قَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ ، فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ ، وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً بِالْجِنَايَةِ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْجِنَايَةِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لَهُ حِينَ أَعْتَقَهُ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ وَلَكِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ لَا تُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً .
وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ آلَافٍ كَانَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ ، ثُمَّ يَغْرَمُ ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ فِي الْجِنَايَةِ لِلْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْبَاقِيَ مَالُ الْمَيِّتِ فِي الْحَاصِلِ

فَيَسْلَمُ لَهُ الثُّلُثُ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَيَغْرَمُ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ ذَلِكَ .
وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ خَمْسَةَ آلَافٍ وَلَمْ يُعْتِقْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَدَّ عَلَى الْوَرَثَةِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ ، وَيُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ : ادْفَعْ الرُّبْعَ أَوْ افْدِهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ لِمَكَانِ الدَّيْنِ ، يَبْقَى نِصْفُ الْعَبْدِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ النِّصْفُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ كَامِلٍ فِي حَالِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَاهِبِ دَيْنٌ ، قَدْ بَيَّنَّا فِي الْعَبْدِ الْكَامِلِ أَنَّهُ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَالدِّيَةِ سَوَاءً ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَيَدْفَعُ النِّصْفَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ يَفْدِيهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ ، فَهُنَا أَيْضًا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ وَتَبْطُلُ فِي نِصْفٍ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا بَطَلَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَجَازَتْ فِي رُبْعِهِ ، قِيمَتُهُ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ ، فَإِذَا دَفَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ فَدَاهُ حَصَلَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ عَشَرَةُ آلَافٍ فَيَقْضُونَ الدَّيْنَ خَمْسَةَ آلَافٍ لِقَتْلِ الْعَبْدِ الْمَرِيضَ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ : أَتَدْفَعُ أَمْ تَفْدِي ، فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الْعَبْدِ وَرَدَّ خَمْسَةَ أَثَمَانِهِ نَقْضًا لِلْهِبَةِ وَيَصِيرُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ عَبْدًا وَثَلَاثَةَ أَثْمَانِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ بِالْجِنَايَةِ مَالُهُ .
وَطَرِيقُ التَّخْرِيجِ فِيهِ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ ، وَهِيَ خَمْسَةُ آلَافٍ ، قِيمَةُ رُبْعِ الْعَبْدِ وَيَبْقَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَيَجْعَلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعِ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ كَامِلٍ فِي حَالِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَفِي الْعَبْدِ الْكَامِلِ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ ، إنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِهِ فَهُنَا أَيْضًا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ ، وَنِصْفُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهِ ، فَيَحْصُلُ

لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الْعَبْدِ وَيَدْفَعُ إلَيْهِمْ ثَلَاثَةَ أَثْمَانِهِ بِالْجِنَايَةِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ الْعَبْدُ فَيَقْضُونَ مِنْهُ الدَّيْنَ خَمْسَةَ آلَافٍ ، يَبْقَى لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ الْعَبْدِ وَقِيمَتُهُ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَعْشَارِ الْعَبْدِ ، وَرَدَّ سَبْعَةَ أَعْشَارِ الْعَبْدِ إلَى الْوَرَثَةِ نَقْضًا لِلْهِبَةِ ، ثُمَّ يَفْدِيهِ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ .
وَطَرِيقُ التَّخْرِيجِ فِيهِ : أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ فِي رُبْعِ الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ كَعَبْدٍ كَامِلٍ ، ثُمَّ كُلُّ سَهْمٍ تُفْدَى فِيهِ الْهِبَةُ يَفْدِيهِ بِمِثْلِ نِصْفِهِ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِثْلُ نِصْفِ الْقِيمَةِ ، فَإِذَا جَعَلْنَا ثَلَاثَةً عَلَى ثَلَاثَةٍ ، وَجَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ فَدَاهُ بِنِصْفِ سَهْمٍ فَيَظْهَرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ زِيَادَةُ نِصْفِ سَهْمٍ ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَيَطْرَحُ هَذَا مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ وَيَكُونُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ عَلَى سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأَضْعِفْهُ فَيَكُونُ خَمْسَةً ، فَتَجُوزُ الْهِبَةُ لَهُ فِي سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا .
فَإِذَا صَارَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ عَلَى خَمْسَةٍ كَانَ رُبْعُهُ سَهْمًا وَثُلُثَيْنِ ، وَجَمِيعُهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَاضْرِبْهُ فِي ثَلَاثَةٍ لِلْكَسْرِ فَيَكُونُ عِشْرِينَ ، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ ، قَدْ ضَرَبْنَاهُمَا فِي ثَلَاثَةٍ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتَّةٌ مِنْ عِشْرِينَ ثَلَاثَةُ أَعْشَارٍ ؛ فَلِهَذَا قَالَ : يَفْدِي ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهِ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ : ادْفَعْ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهِ أَوْ افْدِهِ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ ، وَهُوَ

غَلَطٌ فِي حَقِّ الدَّفْعِ ، بَلْ الصَّحِيحُ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِهِ .

وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَهُ ، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ وَأَجْنَبِيًّا مَعَهُ ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ ، وَيَضْمَنُ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ وَثُلُثَيْ الْقِيمَةِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ يَتَقَرَّرُ بِالْإِعْتَاقِ ، وَهُوَ بِالْإِعْتَاقِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْجِنَايَتَيْنِ ، فَيَضْمَنُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَمَالَ الدِّيَةِ ، وَلِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الدِّيَةَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ ، وَالْقِيمَةَ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ ، فَظَهَرَ أَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ الدِّيَةُ ، وَالْقِيمَةُ فَيَسْلَمُ لَهُ الثُّلُثُ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ فَيَضْمَنُ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ صَارَ فِي حُكْمِ الْجِنَايَتَيْنِ مُسْتَهْلِكًا رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ ، وَقِيمَتُهُ فِي الْجِنَايَةِ لَا تَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً فَيَغْرَمُ نِصْفَ ذَلِكَ ، وَهُوَ خَمْسَةُ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ ، وَيَغْرَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَثُلُثَيْ خَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً ؛ لِأَنَّ مَالَهُ قِيمَةٌ كَامِلَةٌ ، وَهِيَ الْوَاجِبَةُ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَوْهُوبِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ وَذَلِكَ خَمْسَةُ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً ، فَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ ، وَيَغْرَمُ لِلْوَرَثَةِ الثُّلُثَيْنِ .
وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يُعْتِقْهُ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ نِصْفَهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ نَقْضًا لِلْهِبَةِ ، وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِهِ ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَبِنِصْفِ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ ؛ لِأَنَّ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ يَظْهَرُ أَنَّ مَالَ الْوَاهِبِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا ، وَأَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ ، وَهُوَ

نِصْفُ الْعَبْدِ ، قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَبْدَ فِي الْأَصْلِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ عَلَى سَهْمَيْنِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي أَحَدِ السَّهْمَيْنِ وَيَفْدِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ سَهْمَانِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ ، ثُمَّ يُقَالُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ : ادْفَعُوا النِّصْفَ الَّذِي رُدَّ عَلَيْكُمْ إلَى وَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ افْدُوهُ بِخَمْسَةِ آلَافٍ ؛ لِأَنَّ بِانْتِقَاضِ الْهِبَةِ عَادَ ذَلِكَ النِّصْفُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْوَاهِبِ ، قَدْ جَنَى عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ بِاخْتِيَارِهِ الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ النِّصْفَ فَارِغًا وَرَدَّهُ مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ ، قَدْ اسْتَحَقَّ بِهَا ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ رَدَّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ نَقْضًا لِلْهِبَةِ وَيَدْفَعُ الْخَمْسِينَ بِالْجِنَايَةِ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الْأَصْلِ عَلَى سِتَّةٍ ، فَإِنَّ الثُّلُثَ الَّذِي تَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ مَدْفُوعٌ بِالْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ ، ثُمَّ يَدْفَعُ أَحَدَ السَّهْمَيْنِ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ ، وَهُوَ السَّهْمُ الدَّائِرُ فَيَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ ، وَإِنَّمَا نَجْعَلُ الْعَبْدَ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الْخَمْسِينَ ، ثُمَّ يَدْفَعُ أَحَدَ الْخَمْسِينَ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ فَيَسْلَمُ لَهُمْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي خَمْسِينَ فَاسْتَقَامَ .
وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ : يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ : ادْفَعْ نِصْفَك أَوْ افْدِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ ، وَهُوَ غَلَطٌ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ ، وَالصَّحِيحُ مَا بَيَّنَّا وَبِهِ أَجَابَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا ، وَفِي كِتَابِ الدَّوْرِ ، ثُمَّ يُقَالُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ : ادْفَعُوا الثَّلَاثَةَ الْأَخْمَاسِ الَّتِي رُدَّتْ إلَيْكُمْ إلَى وَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ ، أَوْ افْدُوهُ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ

وَارْجِعُوا بِقِيمَةِ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فَارِغًا وَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ ، قَدْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ .

وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ آلَافٍ فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَهَبَهُ لِآخَرَ ، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ الْأَوَّلَ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي : ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ افْدِهِ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فِي الْحَالِ ، فَإِنْ دَفَعَهُ بِالْجِنَايَةِ جَازَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ ، وَرَجَعَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ بِثُلُثِ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ بِالدَّفْعِ تَبَيَّنَّ أَنَّ مِلْكَ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ عَبْدَانِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ ثُلُثَا عَبْدٍ ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّ ثُلُثِ الْعَبْدِ الْمَقْبُوضِ ، قَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ حِينَ وَهَبَهُ لِغَيْرِهِ فَيَغْرَمُ ثُلُثَ قِيمَتِهِ حَتَّى يَسْلَمَ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ عَبْدٌ وَثُلُثُ عَبْدٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثُلُثَيْ عَبْدٍ ، فَإِنْ فَدَاهُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ الدِّيَةُ ، وَالْعَبْدُ ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةُ آلَافٍ ، فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ ، فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَهُ ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَهَبَهُ لِآخَرَ ، وَهُوَ مَرِيضٌ وَقَبَضَهُ الْآخَرُ ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْأَوَّلَ وَمَاتَ الْوَاهِبُ مِنْ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يَسْلَمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ سُبْعُ الْعَبْدِ وَيَرُدُّ سِتَّةَ أَسْبَاعِهِ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ ، وَيَجِيءُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ فَيَأْخُذُونَ مِنْ ذَلِكَ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ وَيُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ : ادْفَعْ السُّبْعَ الَّذِي فِي يَدِكَ أَوْ افْدِهِ بِسُبْعِ الدِّيَةِ .
هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وَهُوَ صَوَابٌ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ ، فَأَمَّا عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ تَجُوزُ لَهُ

الْهِبَةُ فِي السُّدُسِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، أَمَّا عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ يُجْعَلُ الْعَبْدُ فِي الْأَصْلِ عَلَى تِسْعَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَالثَّلَاثَةُ ثُلُثٌ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ فِي ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ تَجُوزُ الْهِبَةُ مِنْ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي فِي سَهْمٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَيَفْدِي هَذَا السَّهْمَ بِمِثْلِ ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِثْلُ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ فَيَظْهَرُ فِي حَقِّ وَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ زِيَادَةٌ بِثُلُثَيْ سَهْمٍ فَيَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ ، يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي سَهْمٍ وَثُلُثٍ ، وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي فِي سَهْمٍ فَذَلِكَ سَهْمَانِ وَثُلُثٌ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ ثُلُثَ الْعَبْدِ صَارَ عَلَى سَهْمَيْنِ وَثُلُثٍ فَيَكُونُ جَمِيعُ الْعَبْدِ عَلَى سَبْعَةٍ ، فَإِنَّمَا تَصِحُّ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي فِي سَهْمٍ مِنْ سَبْعَةٍ فَيَفْدِي ذَلِكَ بِسُبْعِ الدِّيَةِ وَيَرُدُّ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ عَلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ فِي مَالِ مُوَرِّثِهِمْ ، فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَةُ مِنْهُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ ، وَأَمَّا عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ : الثُّلُثُ الَّذِي جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي سَهْمٍ مِنْهُ ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّانِي ذَلِكَ السَّهْمَ فَيَزْدَادُ حَقُّ وَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ بِسَهْمٍ ، فَيَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ وَيَجْعَلُ الثُّلُثَ عَلَى سَهْمَيْنِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ بِالثَّانِي فِي أَحَدِهِمَا ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ بِالْجِنَايَةِ فَيَحْصُلُ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ سَهْمَانِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ فَاسْتَقَامَ ، وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى سَهْمَيْنِ كَانَ جَمِيعُهُ سِتَّةً ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَصِحُّ فِي سُدُسِ الْعَبْدِ فَيَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ السُّدُسَ بِالْجِنَايَةِ وَيَرُدُّ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ

الْأَوَّلِ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ .
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَتَلَ الْوَاهِبَ الْأَوَّلَ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَوَّلُ مِنْ مَرَضِهِ جَازَتْ الْهِبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ فِي سُدُسِهِ وَرَدَّ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ ، وَيَجِيءُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ فَيَأْخُذُونَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْأَسْدَاسِ ثَلَاثَةَ أَسْدَاسٍ ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَيَبْقَى فِي يَدِ وَرَثَةِ الثَّانِي ثُلُثُ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ ، لَهُ ثُلُثٌ وَالثَّلَاثَةُ ثُلُثٌ ذَلِكَ تِسْعَةٌ ، فَتَصِحُّ الْهِبَةُ مِنْ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي فِي ثَلَاثَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ ذَلِكَ إلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ أَوْ الْفِدَاءِ بِمِثْلِهِ فَيَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ لِمَكَانِ الدَّوْرِ ، يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ الْعَبْدُ عَلَى سِتَّةِ أَسْدَاسِهِ ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ بِنَقْضِ الْأَوَّلِ وَسُدُسَانِ ، وَهُوَ ثُلُثُ الْعَبْدِ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ وَسُدُسُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ ، ثُمَّ يُقَالُ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ : ادْفَعُوا مَا فِي أَيْدِيكُمْ إلَى وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ افْدُوهُ بِمِثْلِهِ ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَالدِّيَةَ سَوَاءٌ ، وَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلُوا فَقَدْ حَصَلَ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ سِتَّةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةٍ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا ، ثُمَّ يَرْجِعُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ الْآخَرِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ فَارِغًا وَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ ، قَدْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِمْ بِذَلِكَ السَّبَبِ ؛ فَلِهَذَا رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ ، سَوَاءً اخْتَارُوا الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ .
وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ الْأَوَّلَ ، وَالْآخَرَ جَمِيعًا وَهُمَا مَرِيضَانِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : إمَّا أَنْ يَخْتَارَ

الْمَوْهُوبُ لَهُ الْآخَرُ وَوَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ الدَّفْعَ ، أَوْ يَخْتَارُوا جَمِيعًا الْفِدَاءَ أَوْ يَخْتَارَ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ الدَّفْعَ ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ الْفِدَاءَ أَوْ يَخْتَارُ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ الْفِدَاءَ ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ الدَّفْعَ ، فَإِنْ اخْتَارُوا جَمِيعًا الْفِدَاءَ قِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ : رُدَّ سِتَّةَ أَثْمَانِ الْعَبْدِ عَلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْآخَرِ نَقْضًا لِلْهِبَةِ وَيَبْقَى فِي يَدِك ثُمُنَاهُ ، ثُمَّ يَجِيءُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ أَثْمَانِ الْعَبْدِ وَيَبْقَى فِي أَيْدِيهِمْ ثُمُنَانِ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْهُمْ فِدَاءَ الثَّمَنَيْنِ رُبْعَ الدِّيَةِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الْأَصْلِ عَلَى تِسْعَةٍ : سِتَّةٌ مِنْ ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ فَارِغٌ عَنْ الْجِنَايَتَيْنِ وَسَهْمَانِ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ ، وَفِيهِمَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَهِيَ الْجِنَايَةُ عَلَى الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ هَدَرٌ ، فَإِنَّهُ جِنَايَةُ الْمَمْلُوكِ عَلَى مَالِكِهِ ، وَسَهْمٌ حَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ ، وَفِيهِ جِنَايَتَانِ ، فَعِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ يَفْدِي الْمَوْهُوبُ لَهُ الْآخَرُ نَصِيبَهُ بِسَهْمٍ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ فَيَزْدَادُ نَصِيبُهُمْ بِهَذَا السَّهْمِ ، فَنَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ سَهْمًا فَيَتَرَاجَعُ الْعَبْدُ إلَى ثَمَانِيَةٍ ، لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ سَهْمٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ سَهْمٌ ، ثُمَّ يَفْدِي سَهْمَهُ بِسَهْمٍ مِنْ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ سَهْمَانِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ فَاسْتَقَامَ ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ : افْدِ مَا فِي يَدِك ، وَذَلِكَ ثُمُنَانِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ بِسَهْمَيْنِ ، وَكَذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ يَفْدُونَ مَا كَانَ فِي

أَيْدِيهِمْ ، وَذَلِكَ ثُمُنَانِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ بِسَهْمَيْنِ فَيَزْدَادُ فِي حَقِّهِمْ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ فَيَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ ، وَإِذَا طَرَحْنَا أَرْبَعَةً مِنْ ثَمَانِيَةٍ يَبْقَى أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْعَبْدَ فِي الْحَاصِلِ يَكُونُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ : سَهْمَانِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ وَسَهْمٌ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الثَّانِي وَسَهْمٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ الْآخَرِ ، ثُمَّ يَفْدِي الْمَوْهُوبُ لَهُ الْآخَرُ الْوَاهِبَ الْأَوَّلَ سَهْمَهُ بِرُبْعِ الدِّيَةِ ، وَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَوَّلُ ، فَيَحْصُلُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ عَشَرَةُ آلَافٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ ، ثُمَّ يَفْدِي الْمَوْهُوبُ لَهُ الْآخَرُ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ أَيْضًا فَيَسْلَمُ لَهُمْ خَمْسَةُ آلَافٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ ، ثُمَّ يَرْجِعُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ الْآخَرِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ بِقِيمَةِ رُبْعِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْآخَرَ قَبَضَهُ فَارِغًا وَرَدَّهُ مَشْغُولًا وَلَمْ يَسْلَمْ لَهُمْ إلَّا بِالْفِدَاءِ ، وَإِنْ اخْتَارُوا جَمِيعًا الدَّفْعَ قِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ : رُدَّ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ عَلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْآخَرِ ، فَيَأْخُذُ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَيَبْقَى فِي يَدَيْ وَرَثَةِ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ فَيَدْفَعُونَهَا بِالْجِنَايَةِ إلَيْهِمْ أَيْضًا وَيَرْجِعُونَ بِقِيمَتِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ ، وَيُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ : ادْفَعْ الْجُزْأَيْنِ اللَّذَيْنِ بَقِيَا فِي يَدِك : أَحَدُهُمَا : إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ ، وَالْآخَرُ : إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ عَلَى تِسْعَةٍ لِمَا بَيَّنَّا ، ثُمَّ السَّهْمُ الَّذِي لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ يَدْفَعُ بِالْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَيْنِ ، فَيُكْسَرُ بِالْإِنْصَافِ فَيَجْعَلُهُ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ : لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ

الْأَوَّلِ اثْنَا عَشَرَ وَلِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ سَهْمَانِ يَدْفَعُهُمَا بِالْجِنَايَتَيْنِ ، فَيَحْصُلُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الثَّانِي خَمْسَةٌ وَحَقُّهُمْ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَطْرَحُ السَّهْمَ الدَّائِرَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ ، يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ وَحَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ فِي سَهْمَيْنِ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ ، وَإِذَا صَارَ ثُلُثُ الْعَبْدِ عَلَى خَمْسَةٍ كَانَ الْكُلُّ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْآخَرُ يَدْفَعُ سَهْمًا مِنْ نَصِيبِهِ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ ، وَوَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ يَدْفَعُونَ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ ، وَهُوَ مَا عَادَ إلَيْهِمْ بِنَقْضِ الْهِبَةِ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ فَيَزْدَادُ حَقُّ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ، فَيَطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ أَرْبَعَةً ، يَبْقَى حَقُّهُمْ فِي سِتَّةٍ ، وَحَقُّ الْآخَرِينَ فِي خَمْسَةٍ ، فَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْعَبْدَ صَارَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ ، وَأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْآخَرَ يَرُدُّ تِسْعَةً عَلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْآخَرِ بِحُكْمِ نَقْضِ الْهِبَةِ ، فَيَأْخُذُ وَرَثَةُ الْوَاهِبَ الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةً فِي يَدِ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْآخَرِ ثَلَاثَةٌ وَيَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْآخَرُ إلَيْهِمْ سَهْمًا فَيَحْصُلُ لَهُمْ أَرْبَعَةٌ ، وَنَفَّذْنَا هِبَةَ مُوَرِّثِهِمْ فِي سَهْمَيْنِ فَاسْتَقَامَ ، ثُمَّ يَدْفَعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْآخَرُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ سَهْمًا ، وَوَرَثَةُ الْوَاهِبِ الثَّانِي يَدْفَعُونَ إلَيْهِمْ ثَلَاثَةً فَيَحْصُلُ لَهُمْ عَشَرَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا هِبَةَ مُوَرِّثِهِمْ فِي خَمْسَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْوَاهِبِ الثَّانِي بِقِيمَةِ الثَّلَاثَةِ الْأَسْهُمِ الَّتِي دَفَعُوا إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْآخَرَ قَبَضَ ذَلِكَ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ فَارِغًا وَرَدَّهُ مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ ، قَدْ اسْتَحَقَّ تِلْكَ الْجِنَايَةَ ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَوْسَطُ الدَّفْعَ ،

وَالْآخَرُ الْفِدَاءَ ، فَهَذَا وَمَا لَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ سَوَاءٌ ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَوْسَطُ الْفِدَاءَ وَالْآخَرُ الدَّفْعَ فَهَذَا وَمَا لَوْ صَارَ الدَّفْعَ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي نَصِيبِ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الثَّانِي إلَّا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِاخْتِيَارِهِمْ الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ .
وَفِي نَصِيبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ جِنَايَتَانِ فَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِاخْتِيَارِهِ الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ يَدْفَعُ نَصِيبَهُ إلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ ، وَعِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ يَفْدِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِ نَصِيبِهِ ؛ فَلِهَذَا يُغَيَّرُ الْحُكْمُ بِاخْتِيَارِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَيْنِ لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى ، فَإِنَّ الثَّانِيَ يَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مِنْهُمَا مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ ، قَدْ تَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْبَاقِي بِحَقِّهِ ، فَيَقُولُ : قَدْ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ نِصْفَيْنِ عَلَى سَهْمَيْنِ ، وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ فَبَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا : الْبَاقِي فِي رَقَبَةِ الْآخَرِ فَهُوَ يَضْرِبُ فِي رَقَبَتِهِ بِسَهْمٍ ، وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ ، فَتَكُونُ رَقَبَتُهُ عَلَى خَمْسَةٍ يَسْلَمُ لَهُ الْخُمْسُ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ .
فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَيِّتُ تَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَضِفْ الْمِائَةَ إلَى قِيمَةِ الْبَاقِي ، ثُمَّ يُجْعَلُ لَهُ الْخُمْسُ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ السِّعَايَةِ فَوْقَ مَا تَرَكَهُ فَيُجْعَلُ مَا تَرَكَ مَالَ الْمَوْلَى ، فَيَكُونُ مَالُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ ، فَيَضْرِبُ فِيهِ الْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ ، وَالْعَبْدُ الْبَاقِي فَيَسْلَمُ لَهُ الْخُمْسُ مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ ، وَيَسْعَى فِي مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ مِنْ قِيمَتِهِ ، فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْحَيِّ فِي ثَمَانِينَ وَلِلْمَيِّتِ فِي مِثْلِهِ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لَهُمَا فِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْ الْعَبْدَيْنِ حَتَّى سَعَى أَحَدُهُمَا فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ مَاتَ أَوْ أَبَقَ أَوْ عَجَزَ عَنْ السِّعَايَةِ ضَمَّ مَا سَعَى فِيهِ إلَى رَقَبَةِ الْآخَرِ ، ثُمَّ جَعَلَ لِلْبَاقِي خُمْسَ ذَلِكَ لِلتَّخْرِيجِ الَّذِي بَيَّنَّا .
وَلَوْ عَجَّلَا لِلْمَرِيضِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا فَاسْتَهْلَكَهَا ، ثُمَّ مَاتَ كَانَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْعَيَا فِي ثُلُثَيْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْمَوْتِ ثُلُثُ رَقَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، قَدْ

وَصَلَ إلَيْهِ عِوَضُ الثُّلُثَيْنِ ، وَمَا اسْتَهْلَكَ إلَّا بَعْدَ جُمْلَةِ مَالِهِ ، فَإِنَّمَا نَفَذَ الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي ثُلُثِ الثُّلُثِ ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ ثُلُثِ قِيمَتِهِ ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهَا عَجَّلَ لَهُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ فَاسْتَهْلَكَهَا ، ثُمَّ مَاتَ ضَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ إلَى رَقَبَةِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ أَرْبَعَمِائَةٍ ، وَهُوَ جَمِيعُ تَرِكَةَ الْمَوْلَى فَثُلُثُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ : لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَيَسْعَى الَّذِي لَمْ يُعَجِّلْ شَيْئًا فِي مِائَتَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ ، وَيَسْعَى الْآخَرُ فِي ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ مِائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي مِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ ، فَإِنْ قِيلَ : لِمَاذَا لَا يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا بَقِيَ مِنْ رَقَبَةِ الَّذِي عَجَّلَ بِسَهْمٍ ، وَاَلَّذِي لَمْ يُعَجِّلْ بِثَلَاثَةٍ ؟ قُلْنَا : لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُوصًى لَهُ بِجَمِيعِ رَقَبَتِهِ ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِوَصِيَّتِهِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، ثُمَّ يَحْتَسِبُ لِلَّذِي عَجَّلَ مَا أَدَّى .
وَلَوْ عَجَّلَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ قِيمَتَهُ لِلْمَوْلَى فَاسْتَهْلَكَهَا ، ثُمَّ مَاتَ سَعَى الْآخَرُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ وَفِي سُدُسِ قِيمَتِهِ لِلْعَبْدِ الَّذِي عَجَّلَ الْقِيمَةَ ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى عِنْدَ مَوْتِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ ، وَهِيَ رَقَبَةُ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ شَيْئًا فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهِ ، وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُونَ ، فَاَلَّذِي لَمْ يُعَجِّلْ يُسْلِمُ لَهُ خَمْسِينَ وَيَسْعَى فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَاَلَّذِي عَجَّلَ ثَلَاثَمِائَةٍ ، قَدْ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ كَانَ السَّالِمُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ خَمْسِينَ ، قَدْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ الْمَوْلَى مِنْهُ فَكَانَ دَيْنًا لَهُ فِي تَرِكَتِهِ ، فَيَأْخُذُ

خَمْسِينَ مِنْ هَذِهِ السِّعَايَةِ بِحِسَابِ دِيَتِهِ ، وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِائَتَانِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي مِائَةٍ ، وَلَوْ عَجَّلَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ قِيمَتَهُ وَعَجَّلَ الْآخَرُ نِصْفَ قِيمَتَهُ فَاسْتَهْلَكَ الْمَوْلَى جَمِيعَ ذَلِكَ ، ثُمَّ مَاتَ سَعَى الَّذِي عَجَّلَ النِّصْفَ فِي ثُلُثِ الْقِيمَةِ لِلْوَرَثَةِ ، وَفِي نِصْفِ سُدُسِ الْقِيمَةِ لِلْعَبْدِ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّ مَالَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ ، فَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُمَا بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثُ ذَلِكَ بَيْنهمَا نِصْفَيْنِ فَيُسَلِّمُ لِلَّذِي عَجَّلَ النِّصْفَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ بِمَا بَقِيَ مِنْ رَقَبَتِهِ وَيَسْعَى فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَأْخُذُ الْعَبْدُ الْآخَرُ بِحِسَابِ دَيْنِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ ، قَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ سَلَّمَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ، فَيَرُدُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَدْرَ .
وَلَوْ كَانَ عَجَّلَ أَحَدُهُمَا لِلْمَوْلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا ، وَعَجَّلَ لَهُ الْآخَرُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَاسْتَهْلَكَ الْمَوْلَى جَمِيعَ ذَلِكَ ، ثُمَّ مَاتَ يَسْعَى الْعَبْدُ الَّذِي عَجَّلَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِلْوَرَثَةِ فَقَطْ ؛ لِأَنَّ مَالَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ ثَلَاثُمِائَةٍ فَيُسَلِّمُ لَهُمَا بِالْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسِينَ ، قَدْ عَجَّلَ أَحَدُهُمَا مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ، وَهُوَ مِقْدَارُ مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ وَعَجَّلَ الْآخَرُ خَمْسِينَ ، فَيَسْعَى لِلْوَرَثَةِ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى يَصِيرَ مُؤَدِّيًا جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ ، فَيُسَلِّمُ لِلْوَرَثَةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي مِائَةٍ .

وَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ ، وَلَهُ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ وَتَرَكَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ عِنْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى يَسْلَمُ لِلْعَبْدِ ثُلُثُ رَقَبَتِهِ بِالْوَصِيَّةِ ، وَتَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ رَقَبَتِهِ ، فَلَمَّا مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ أَحْرَارٍ ، فَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ تَرِكَتِهِ ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْمَوْلَى ، وَلَهُ وَرَثَةٌ يَحُوزُونَ مِيرَاثَهُ ؛ لِأَنَّ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لَا يَعُودُ إلَى السَّيِّدِ بِالْمِيرَاثِ فَلَا يَقَعُ الدَّوْرُ

وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّيِّدِ وَتَرَكَ خَمْسَمِائَةٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَلَهُ أَوْلَادٌ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَلَا وَارِثَ لِلْعَبْدِ غَيْرُ السَّيِّدِ ، فَالْمِائَتَانِ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمَوْلَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلَى مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ بِحِسَابِ دَيْنِهِ ، وَثَلَثُمِائَةٍ الْبَاقِيَةُ مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ تَكُونُ لِلذَّكَرِ مِنْ أَوْلَادِ الْمَوْلَى بِسَبَبِ الْوَلَاءِ هَذَا إذَا كَانَ مَوْتُ الْعَبْدِ بَعْدَ الْمَوْلَى ، فَإِنْ كَانَ مَوْتُ الْعَبْدِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى فَالْخَمْسُمِائَةِ كُلُّهَا بَيْنَ وَرَثَةِ الْمَوْلَى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ صَارَ لِلْمَوْلَى : بَعْضُهُ بِحِسَابِ الدَّيْنِ وَبَعْضُهُ بِحِسَابِ الْمِيرَاثِ فَتَكُونُ الْخَمْسُمِائَةِ كُلُّهَا تَرِكَةِ الْمَوْلَى

وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَتَرَكَ ابْنَتَهُ كَانَتْ الْمِائَتَانِ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى بِحِسَابِ دَيْنِ السِّعَايَةِ وَكَانَتْ الثَّلَثُمِائَةِ بَيْنَ ابْنَةِ الْعَبْدِ وَالذُّكُورِ مِنْ أَوْلَادِ الْمَوْلَى نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ تَرِكَةَ الْعَبْدِ فِي الْحَاصِلِ هَذَا فَيَكُونُ نِصْفُهُ لِابْنَتِهِ وَنِصْفُهُ لِعَصَبَةِ الْمَوْلَى

وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّيِّدِ وَتَرَكَ خَمْسَمِائَةٍ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَمَوْلَاهُ كَانَتْ وَصِيَّةُ الْعَبْدِ مِائَةً وَسِتِّينَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَوْلَى فِي الْحَاصِلِ أَرْبَعُمِائَةٍ ، قِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَثُمِائَةٍ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ مِائَتَانِ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَانِ ، ثُمَّ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ فِي خُمْسَيْ هَذِهِ الْأَرْبَعِمِائَةِ بِاعْتِبَارِ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ نَصِيب الْمَوْلَى كَمَا بَيَّنَّا ، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ وَصِيَّتَهُ خُمْسَا أَرْبَعِمِائَةٍ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ ، فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْمَوْلَى مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ ، وَيَبْقَى مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالِابْنَةِ نِصْفَانِ ، فَيَسْلَمُ لِلِابْنَةِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ وَلِوَرَثَةِ الْمَوْلَى فِي الْحَاصِلِ ثَلَثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ عَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ طَرْحَ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ نَصِيبِ الْعَبْدِ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ هُنَا السَّبِيلُ أَنْ نَرْفَعَ مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ بِالسِّعَايَةِ يَبْقَى ثَلَثُمِائَةٍ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَانِ ، ثُمَّ نَصِيبُ الْمَوْلَى يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِحَاجَتِنَا إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ فَيَكُونُ هَذِهِ الثَّلَثُمِائَةٍ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ثَلَاثَةٌ لِلْمَوْلَى ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ إلَى الِابْنَةِ فَيَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ نَصِيبِهَا يَبْقَى لَهَا سَهْمَانِ ، وَلِلْمَوْلَى ثَلَاثَةٌ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ ، فَهَذِهِ تَكُونُ أَخْمَاسًا خُمُسَاهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْوَصِيَّةِ خُمْسٌ آخَرُ ، وَذَلِكَ سِتُّونَ فَيَسْلَمُ لَهَا مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ، قَدْ كُنَّا أَعْطَيْنَا الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِثْلَ هَذَا فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ .

وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّيِّدِ وَتَرَكَ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ، فَوَصِيَّةُ الْعَبْدِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، أَمَّا عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ ، فَإِنَّ مَالَ الْمَوْلَى خَمْسُمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مَعَ نِصْفِ مَا بَقِيَ ، ثُمَّ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِهِ وَهَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ تَكُونُ أَخْمَاسًا لِلْعَبْدِ : خُمُسَاهَا بِالْوَصِيَّةِ ، وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، فَإِذَا تَبَيَّنَّ أَنَّ وَصِيَّتَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ يَبْقَى عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي مِائَةِ دِرْهَمِ فَيَأْخُذُ الْمَوْلَى ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ مَعَ نِصْفِ مَا بَقِيَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ ، قَدْ نَفَّذْنَا وَصِيَّتَهُ فِي مِائَتَيْنِ ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ تَرْفَعُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ بَقِيَ تَرِكَةُ الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ وَتُقَسَّمُ هَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ نَصِيبِ الِابْنَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ : ثَلَثُمِائَةٍ لِلْمَوْلَى وَمِائَتَانِ لِلِابْنَةِ ، ثُمَّ تَعُودُ مِائَةٌ بِالْوَصِيَّةِ ، فَيَسْلَمُ لَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلْمَوْلَى ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي الْمَرَّتَيْنِ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ .

وَلَوْ تَرَكَ الْعَبْدُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لِوَرَثَةِ السَّيِّدِ ؛ لِأَنَّ عَلَى الْعَبْدِ السِّعَايَةَ فِي الْمِائَتَيْنِ ، قَدْ تَبَيَّنَّ أَنَّ دَيْنَهُ مُحِيطٌ بِتَرِكَتِهِ فَلَا مِيرَاثَ لِوَرَثَتِهِ ، وَلَوْ تَرَكَ ثَلَثَمِائَةٍ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ عِشْرِينَ وَمِائَةً ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الثَّلَثَمِائَةٍ كُلَّهَا مَالُ الْمَوْلَى ، وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبه تُقَسَّمُ أَخْمَاسًا : لِلْعَبْدِ خُمُسَاهَا بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ، يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ بِقَدْرِ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ فَيَأْخُذُ الْمَوْلَى ذَلِكَ أَوَّلًا ، ثُمَّ يَسْلَمُ لَهُ نِصْفُ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ بِالْمِيرَاثِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ .
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يُرْفَعُ ثُلُثَا قِيمَتِهِ يَبْقَى تَرِكَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ فَيُقَسَّمُ ذَلِكَ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى أَخْمَاسًا : لِلْمَوْلَى ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ سِتُّونَ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْوَصِيَّةِ ثُلُثُ ذَلِكَ عِشْرُونَ فَيَسْلَمُ لَهَا سِتُّونَ مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ مَرَّةً فِي مِائَةٍ وَمَرَّةً فِي عِشْرِينَ فَاسْتَقَامَ .
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ تَرَكَ الْعَبْدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مَا ثُلُثُهُ بَيْنَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ إلَّا شَيْئًا ، فَإِنَّ التَّخْرِيجَ فِيهِ كَمَا بَيَّنَّا

وَلَوْ تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ كُلُّهُ مِيرَاثٌ ؛ لِأَنَّ نِصْفَ تَرِكَتِهِ يَكُون لِلْمَوْلَى بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ فَتَبَيَّنَّ أَنَّ جَمِيعَ رَقَبَتِهِ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَوْلَى ؛ فَلِهَذَا لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ

وَلَوْ تَرَكَ الْعَبْدُ ابْنَتَيْنِ وَثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ ، ثُمَّ ذَلِكَ الثُّلُثُ بَيْنَ الِابْنَتَيْنِ ، وَالْمَوْلَى أَثْلَاثًا ، فَالسَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ أَصْلَهُ مِنْ تِسْعَةٍ ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ إلَى الْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَتَطْرَحُهُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِ وَتَجْعَلُ الثَّلَثَمِائَةٍ عَلَى ثَمَانِيَةٍ ، فَإِنَّمَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِ هَذِهِ الثَّلَثِمِائَةٍ ، وَثُمُنُ الثَّلَثِمِائَةِ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ ، فَثَلَاثَةُ أَثْمَانِهِ تَكُونُ مِائَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّ السَّالِمَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ هَذَا الْمِقْدَارُ ، فَيَأْخُذُ الْمَوْلَى مِنْ تَرِكَتِهِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَنِصْفٌ وَيَعُودُ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ فَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي مِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ ، عَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يُرْفَعُ ثُلُثَا قِيمَتِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ يَبْقَى مِائَةٌ ، فَهَذِهِ الْمِائَةُ تُقَسَّمُ بَيْنَ الِابْنَتَيْنِ ، وَالْمَوْلَى أَثْلَاثًا ، ثُمَّ الثُّلُثُ الَّذِي لِلْمَوْلَى يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمِائَةُ عَلَى تِسْعَةٍ ، وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الِابْنَتَيْنِ تَكُونُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ يَسْلَمُ لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ ثَلَاثَةٌ ، ثُمَّ يَعُودُ إلَى الِابْنَتَيْنِ بِالْوَصِيَّةِ سَهْمٌ ، فَيَكُونُ لَهُمَا سِتَّةٌ ، وَذَلِكَ الثُّلُثَانِ مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ وَلِلْمَوْلَى الثُّلُثُ ، وَإِذَا قَسَّمْتَ ذَلِكَ بِالدَّرَاهِمِ ظَهَرَ أَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ فِي مِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ ؛ لِأَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ مَرَّةً فِي مِائَةٍ وَمَرَّةً فِي ثُمُنِ الْمِائَةِ ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ ، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَخْرُجُ لَوْ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَى أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَإِنْ كَانَتْ تَرِكَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَثَمَانَ

مِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ لِابْنَتَيْهِ مِنْ تَرِكَتِهِ الثُّلُثَيْنِ ، وَالْبَاقِي لِلْمَوْلَى ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ؛ فَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ .

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ تَرَكَ ابْنَتَيْهِ وَأُمَّهُ ، وَالْمَوْلَى ، فَإِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ قَدْرَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى كُلُّهُ بِحِسَابِ دَيْنِ السِّعَايَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ نَظَرْتَ إلَى مَا بَقِيَ فَتُقَسِّمُهُ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا ، ثُمَّ نَظَرْتَ إلَى سَهْمٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ فَأَضَفْتَهُ إلَى ثُلُثِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ ، فَذَلِكَ ثُلُثُ تَرِكَةِ الْمَوْلَى ، فَهُوَ الْوَصِيَّةُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ : لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ اثْنَا عَشَرَ ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ الثَّلَاثَةُ وَمَا بَقِيَ ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ يَعُودُ ثُلُثُ ذَلِكَ ، وَهُوَ سَهْمٌ بِالْوَصِيَّةِ إلَى وَرَثَةِ الْعَبْدِ فَاطْرَحْ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ فَيَبْقَى لَهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بَقِيَتْ مِيرَاثُ الْمَوْلَى فَذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ ؛ فَلِهَذَا صَارَ الْبَاقِي بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مَقْسُومًا عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ .
الْوَصِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ سَهْمٌ وَاحِدٌ

وَلَوْ تَرَكَ الْعَبْدُ ابْنَةً وَامْرَأَةً وَمَوْلَاهُ رَفَعْتَ مِنْ تَرِكَتِهِ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ ، ثُمَّ نَظَرْتَ إلَى مَا بَقِيَ فَأَخَذْت سَبْعَةً فَأَضَفْته إلَى ثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَجَعَلْته لِوَصِيَّتِهِ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ : لِلْمَرْأَةِ سَهْمٌ وَلِلِابْنَةِ أَرْبَعَةٌ ، وَالْبَاقِي ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِلْمَوْلَى ، ثُمَّ يَعُودُ سَهْمٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالْوَصِيَّةِ إلَى وَرَثَةِ الْعَبْدِ فَيَطْرَحُ هَذَا السَّهْمَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ ، وَتَجْعَلُ قِسْمَةُ الْبَاقِي عَلَى سَبْعَةٍ

وَلَوْ تَرَكَ الْعَبْدُ ابْنَةً وَأُمًّا وَامْرَأَةً ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا قَسَّمَ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ رَفْعِ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ عَلَى سَبْعَةٍ وَسِتِّينَ سَهْمًا فَنَظَرْتَ إلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ وَالسِّتِّينَ فَأَضَفْتَهَا إلَى ثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَجَعَلْت ذَلِكَ الْوَصِيَّةَ ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ : لِلِابْنَةِ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ ، يَبْقَى خَمْسَةٌ فَهِيَ لِلْمَوْلَى بِالْعُصُوبَةِ ، ثُمَّ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لِلْخَمْسَةِ ثُلُثٌ صَحِيحٌ ، فَيُضْرَبُ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ فِي ثَلَاثَةٍ فَصَارَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ : لِلْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ ، ثُمَّ يَعُودُ ثُلُثُ ذَلِكَ ، وَهُوَ خَمْسَةٌ إلَى وَرَثَةِ الْعَبْدِ بِالْوَصِيَّةِ فَيَطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ ، وَإِذَا طَرَحْت مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ خَمْسَةً يَبْقَى سَبْعَةٌ وَسِتُّونَ .
الْوَصِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةٌ أُخْرَى مَعَ ثُلُثِ الْقِيمَةِ كَمَا بَيَّنَّا

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأُمًّا وَامْرَأَةً كَانَتْ وَصِيَّتُهُ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ وَسَبْعِينَ مَعَ ثُلُثِ رَقَبَته ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ : لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ ، وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ وَبَقِيَ سَهْمٌ وَاحِدٌ فَهُوَ لِلْمَوْلَى ، ثُمَّ ثُلُثُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَصِيَّةٌ ، فَالسَّبِيلُ أَنْ تَضْرِبَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ : لِلْمَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ ، وَيَعُودُ إلَى وَرَثَةِ الْعَبْدِ سَهْمٌ مِنْهُ بِالْوَصِيَّةِ فَيُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ سَهْمٌ يَبْقَى أَحَدٌ وَسَبْعُونَ ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِثُلُثِ رَقَبَتِهِ وَبِجُزْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَسَبْعِينَ مِمَّا بَقِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ رَفْعِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ .

وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْمَوْلَى وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَوَصِيَّةُ الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا ، وَالسِّعَايَةُ مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْمَشْغُولَ بِالدَّيْنِ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ لَا يُعَدُّ مَالًا لِلْمَوْلَى فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ يَبْقَى مَالُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْر مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ : خُمُسَاهُ لِلْعَبْدِ بِالْوَصِيَّةِ ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْمَوْلَى ، ثُمَّ يَعُودُ نِصْفُ الثَّمَانِينَ بِالْمِيرَاثِ إلَى الْمَوْلَى فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ فِي ثَمَانِينَ فَاسْتَقَامَ .
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَجْعَلُ طَرْحَ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ قَالَ : يَرْفَعُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ ، وَهُوَ مِائَةٌ وَثُلُثَا مَا بَقِيَ ، فَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْعَبْدِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَذَلِكَ بَيْنَ الِابْنَةِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَانِ ، ثُمَّ نَصِيبُ الْمَوْلَى يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ فِي ثَلَاثَةٍ فَيُطْرَحُ سَهْمٌ مِنْ قِبَلِ الِابْنَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْوَصِيَّةِ وَيُقَسَّمُ هَذَا الْبَاقِي عَلَى خَمْسَةٍ : خُمُسَاهَا لِلِابْنَةِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمَوْلَى ، ثُمَّ يَعُودُ خُمْسٌ بِالْوَصِيَّةِ إلَيْهَا فَيَسْلَمُ إلَيْهَا مِثْلُ مَا سَلِمَ لِلْمَوْلَى ، وَقَدْ حَصَلَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ مَرَّةً فِي سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ وَمَرَّةً فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ فَذَلِكَ ثَمَانُونَ ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَ الِابْنَةِ امْرَأَةٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ كِلَاهُمَا ، فَهُوَ يَخْرُجُ مُسْتَقِيمًا إذَا تَأَمَّلْتَ عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ وَتَرَكَ الْمَوْلَى أَيْضًا ثَلَثَمِائَةٍ فَوَصِيَّةُ الْعَبْدِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّا نَضُمُّ مَا تَرَكَ الْمَوْلَى إلَى مَا تَرَكَهُ الْعَبْدُ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى قِيمَتِهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ مَالَ الْمَوْلَى ، ثُمَّ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى نُنَفِّذُ الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ فِي خُمْسَيْ ذَلِكَ ، وَخُمْسَا سِتِّمِائَةٍ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ يَبْقَى مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ سِتُّونَ يَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ السِّعَايَةِ وَيَأْخُذُ نِصْفَ الْمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ .
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَقُولُ : وَصِيَّةُ الْعَبْدِ مِنْ ثَلَاثِ مِائَةٍ ، فَإِذَا تَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةٍ ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِمِائَةٍ عَرَفْنَا أَنَّ لَهُ مِائَتَيْنِ فَيَأْخُذُ الْمَوْلَى مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ تَرِكَةِ الْعَبْدِ بِطَرِيقِ السِّعَايَةِ وَنِصْفَ الْمِائَتَيْنِ بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ ، ثُمَّ ثُلُثُ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ وَصِيَّةً فَتَكُونُ هَذِهِ الْمِائَتَانِ بَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ أَخْمَاسًا ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي خُمْسِهَا وَخُمْسُ الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعُونَ فَظَهَرَ أَنَّا نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُ مَرَّةً فِي مِائَتَيْنِ وَمَرَّةً فِي أَرْبَعِينَ فَذَلِكَ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ ، وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِ فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يُخَرَّجُ

وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدًا قِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ فَتَعَجَّلَ الْمَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ جَمِيعَ الْقِيمَةِ فَأَكَلَهَا ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ ابْنَتِهِ وَمَوْلَاهُ ، فَالْوَصِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ مَا تَرَكَ الْعَبْدُ صَارَ مِيرَاثًا بَيْنَ الِابْنَةِ وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ ، فَمَالُ الْمَوْلَى عِنْدَ مَوْتِهِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ، وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ يَقْسِمُ ذَلِكَ أَخْمَاسًا الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ خُمْسَا ذَلِكَ ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، فَتَبَيَّنَّ أَنَّ الْمَوْلَى أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ مِائَةً زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَيَضُمُّ ذَلِكَ إلَى تَرِكَةِ الْعَبْدِ ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ فَيَصِيرُ سِتَّمِائَةٍ بَيْنَ الْأُخْتِ ، وَالْمَوْلَى نِصْفَيْنِ ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ فَيُحْسَبُ لِلْمَوْلَى مَا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَيَأْخُذُ وَرَثَتُهُ مِائَتَيْنِ مِنْ الِابْنَةِ فَيَسْلَمُ لِلِابْنَةِ ثَلَاثُ مِائَةٍ ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى تَعَجَّلَ مِنْ الْعَبْدِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ فَأَكَلَهَا ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ خَمْسَمِائَةٍ فَالْوَصِيَّةُ هُنَا عِشْرُونَ وَمِائَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ لِلْمَوْلَى مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِمِائَةِ ، وَنِصْفُ مَا بَقِيَ بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ فَيَكُونُ مَالُ الْمَوْلَى ثَلَاثَ مِائَةٍ ، وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِمِائَةِ تَكُونُ أَخْمَاسًا الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ خُمْسَاهَا ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَتَبَيَّنَّ أَنَّ السِّعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ كَانَتْ مِائَةً وَثَمَانِينَ ، قَدْ أَخَذَ الْمَوْلَى مِائَتَيْنِ فَمِقْدَارُ عِشْرِينَ مِنْ ذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يَضُمُّ إلَى الْخَمْسِمِائَةِ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ بَيْنَ الِابْنَةِ وَالْمَوْلَى نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَتَانِ وَسِتُّونَ فَيَحْتَسِبُ لِلْمَوْلَى مَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ عِشْرُونَ وَيَأْخُذُ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ مَا بَقِيَ وَأَرْبَعِينَ ، وَيَسْلَمُ لِلِابْنَةِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ ، وَلَوْ كَانَ عَجَّلَ مِائَةَ دِرْهَمٍ

فَاسْتَهْلَكَهَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ لِلْمَوْلَى مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَنِصْفُ مَا بَقِيَ بِالْمِيرَاثِ فَيَكُونُ ثَلَاثَ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ، الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ خُمْسَا ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ ، فَظَهَرَ أَنَّ السِّعَايَةَ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ ، قَدْ أَخَذَ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، يَبْقَى عَلَى الْعَبْدِ مِنْ السِّعَايَةِ سِتُّونَ دِرْهَمًا ، فَيَأْخُذُ الْمَوْلَى ذَلِكَ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ وَنِصْفِ مَا يَبْقَى بِالْمِيرَاثِ ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ فَيَسْلَمُ لِوَرَثَتِهِ مِائَتَانِ وَثَمَانُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ، فَاسْتَقَامَ .
وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْعَبْدُ شَيْئًا مِنْ السِّعَايَةِ حَتَّى مَاتَ ، وَتَرَكَ خَمْسَمِائَةٍ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ سِتِّينَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَرْفَعُ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَنِصْفُ مَا بَقِيَ بِالْمِيرَاثِ ، فَيَكُونُ مَالُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ : خُمْسَاهَا لِلْعَبْدِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا ، فَظَهَرَ أَنَّ السِّعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْمَوْلَى مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ ، يَبْقَى ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ ، بَيْنَ الِابْنَةِ وَالْمَوْلَى نِصْفَانِ ، لِلْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ ، فَيَصِيرُ فِي أَيْدِيهِمْ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَعِشْرُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا وَصِيَّةَ الْعَبْدِ فِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

بَابُ السَّلَمِ فِي الْمَرَضِ ( قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) : وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةً إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ، وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ ، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ السَّلَمِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ 0 وَلَمْ يَحِلَّ ، فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الدَّرَاهِمَ وَنَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ كُلَّهُ حَالًّا ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ حَابَى بِالْأَجَلِ ، فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْأَجَلِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ فِي الِاعْتِبَارِ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ ، وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ هُنَا فَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُ الْأَجَلِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ ، قَدْ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ بِذَلِكَ فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ ، وَإِنْ كَانَ الْكُرُّ قَدْ حَلَّ قَبْلَ مَوْتِ رَبِّ السَّلَمِ ، أَوْ مَاتَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِ رَبِّ السَّلَمِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ بِمَوْتِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَا لِوَرَثَتِهِ هُنَا ، وَلَكِنْ يُجْبَرُونَ عَلَى أَدَاءِ الْكُرِّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مُوجِبُ الْعَقْدِ هُنَا .
وَلَوْ كَانَ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عَشَرَةٌ ، فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الدَّرَاهِمَ وَنَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ هُنَا حَصَلَتْ بِالْمَالِ وَالْأَجَلِ جَمِيعًا فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ ، وَالثُّلُثُ بَعْدَ الدَّيْنِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ فَذَلِكَ الْقَدْرُ سَلَمٌ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالْوَصِيَّةِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ ، فَإِذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ أَدَّى الْكُرَّ حَالًّا ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ نَفَّذْنَاهَا مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَلَا يَسْلَمُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجَلِ فَيُؤَدِّي الْكُرَّ حَالًّا وَيَرُدُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ حَتَّى يُقْضَى الدَّيْنُ بِعَشَرَةٍ وَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ ،

وَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْضِ الْعَقْدِ هُنَا فِي شَيْءٍ لَمَّا أَمْكَنَ رَدُّ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الرِّبَا بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَبَيْعِ الْكُرِّ بِالْكُرِّ عَلَى مَا بَيَّنَّا .
فَلَوْ كَانَ أَسْلَمَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عِشْرُونَ ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ نَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْكُرَّ وَأَدَّى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُ بِقَدْرِ عِشْرِينَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، فَيَسْلَمُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ ، وَذَلِكَ عَشَرَةٌ وَثَبَتَ الْخِيَارُ لَهُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ ، فَإِذَا اخْتَارَ إمْضَاءَ الْعَقْدِ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيُقْضَى دَيْنُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ، وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ عِشْرُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي عَشْرٍ فَاسْتَقَامَ ، وَلَوْ كَانَ السَّلَمُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُرٍّ يُسَاوِي خَمْسِينَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَرْبَعُونَ ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ نَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ ثَلَاثِينَ رَأْسَ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ يَسْلَمُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ بَعْدَ الدَّيْنِ ، وَذَلِكَ عِشْرُونَ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ ، فَإِذَا اخْتَارَ إمْضَاءَ الْعَقْدِ أَدَّى الْكُرَّ وَرَدَّ ثَلَاثِينَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حَتَّى يُقْضَى دَيْنُهُ بِأَرْبَعِينَ وَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعُونَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي عِشْرِينَ وَفِي الْحَاصِلِ يَسْلَمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قِيمَةُ كُرِّهِ وَثُلُثُ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَرَدَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلَيْنِ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً إلَى أَجَلٍ وَقَضَى الدَّرَاهِمَ ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا ، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ السَّلَمِ قَبْلَ حَلّ الْأَجَلِ ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا نِصْفَهُ ؛ لِأَنَّ طَعَامَ السَّلَمِ حَلَّ بِمَوْتِهِ فِي نَصِيبِهِ فَلَمْ يَتَغَيَّرُ مُوجِبُ الْعَقْدِ عَلَى وَرَثَتِهِ ، وَالْحَيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ فِي حَقِّهِ لِتَغَيُّرِ مُوجِبِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى ثُلُثَ مَا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِالْأَجَلِ فِي نَصِيبِهِ ، فَإِنَّمَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لَهُ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ ، وَذَلِكَ ثُلُثَا مَا عَلَيْهِ فَقَدْ سَلَّمَ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ كُرٍّ قِيمَتُهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَبَقِيَ الْكُرُّ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا ، قَدْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمُوا ، فَالْحَيُّ وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ ؛ لِأَنَّهُ حَابَاهُمَا بِقَدْرِ نِصْفِ مَالِهِ وَلَا يُسْلِمُ الْمُحَابَاةَ لَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ فَقَدْ تَغَيَّرَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْطُ الْعَقْدِ ؛ فَلِهَذَا ثَبَتَ لَهُمْ الْخِيَارُ ، فَإِنْ اخْتَارُوا إمْضَاءَ الْعَقْدِ أَدَّوْا الْكُرَّ وَرَدُّوا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْلَمُ لَهُمْ مِنْ الْمُحَابَاةِ مِقْدَارُ ثُلُثِ الْمَالِ ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَيُؤَدِّي الْكُرَّ حَالًّا وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حَتَّى يَسْلَمَ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ، فَيَكُونُ السَّالِمُ لَهُمَا قِيمَةَ الْكُرِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ بِالْوَصِيَّةِ ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِنْهُمَا مَاتَ مُعْسِرًا ، فَالْآخَرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَقَضَ السَّلَمَ ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ نِصْفَ الْكُرِّ وَثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ؛

لِأَنَّ الْمَيِّتَ مِنْهُمَا مَاتَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ ، قَدْ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَكُونُ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَهْمٍ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي أَرْبَعَةٍ ، فَنَصِيبُ الْحَيِّ يُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةٍ يَسْلَمُ لَهُ مِنْ الْخُمْسِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَيُؤَدِّي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ ، وَذَلِكَ نِصْفُ كُرٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَسْلَمُ لِلْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةٌ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْحَيِّ فِي دِرْهَمَيْنِ وَلِلْمَيِّتِ فِي مِثْلِهِ فَاسْتَقَامَ .
وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَلَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَكِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا ، وَقَالَتْ وَرَثَةُ رَبِّ السَّلَمِ : لَا نُجِيزُ هَذَا السَّلَمَ فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ : إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ فِي حِصَّتِهِ وَرَدَّ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى نِصْفَ الْكُرِّ وَرَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَبْعَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ الْحَاضِرُ فِي نَصِيبِهِ بِسَهْمٍ وَوَرَثَةُ رَبِّ السَّلَمِ بِأَرْبَعَةٍ ، فَيَسْلَمُ لَهُ الْخُمْسُ مِمَّا عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ بِالْوَصِيَّةِ فَيَرُدُّ إلَى الْوَرَثَةِ نِصْفَ كُرٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ وَسَبْعَةُ دَرَاهِمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْحَاضِرِ فِي ثَلَاثَةٍ وَلِلْغَائِبِ فِي مِثْلِهِ فَاسْتَقَامَ .
فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمْ بِهَذَا ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِالْخِيَارِ : إنْ شَاءَ رَدَّ الدَّرَاهِمَ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي نَقْضِ السَّلَمِ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى نِصْفَ الْكُرِّ وَرَدَّ ثَلَاثَةً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلِمَ لِلْوَرَثَةِ اثْنَا عَشَرَ ، فَإِنَّمَا يَبْقَى إلَى تَمَامِ حَقِّهِمْ ثَمَانِيَةٌ ، فَإِذَا أَعْطَاهُمْ نِصْفَ الْكُرِّ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ رَدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثَلَاثَةً ، فَقَدْ سَلِمَ لَهُمْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96